مشاهدة النسخة كاملة : كيف أعالج ضعف شخصيتي أمام أفراد الأسرة؟


abomokhtar
26-12-2014, 11:04 AM
السؤال

♦ ملخص السؤال:
فتاةٌ تعيش مع أمها وأختها، وتسيطران عليها سيطرة كاملة، وتشكو الفتاة مِن معاملتهما، وتسأل: ماذا تفعل لتعيشَ كما تريد بلا أي ضغوط منهما؟

♦ تفاصيل السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

مشكلتي أنني لا أستطيع أن أتخذَ قرارًا بنفسي، ولا أستطيع التعبير عن آرائي والدفاع عن نفسي، لا أستطيع أن أفصحَ عما في داخلي، وأخاف خوفًا شديدًا مِن أمي وأختي الكبرى؛ لأن أمي تتبع أختي في جميع قراراتها، وهي التي تُقَرِّر عني كل شيء، حتى في الأمور الصغيرة التي تخصني!

لا أملك أصدقاء مقربين، ولا أستطيع أن أشكوَ ما بداخلي لأحد، وفي أغلب الأوقات أبكي لأُفرغ ما بداخلي.

إذا استشرتُ أمي في أمرٍ لي تذهب لأختي لتأخذَ رأيها، وتخبرني بقرارها، إن قالتْ: نعم، فنعم، وإن قالتْ: لا، فلا!

أدفن ما بداخلي وأتألَّم لأبسط الأمور، ودموعي تنزل بسرعة دائمًا، وكثيرًا ما أقف أمام المرآة، وأتخيل أمي وأختي، وأتحدث إليهما بما أريد أن أقوله في الحقيقة.

أخبروني ماذا أفعل في حالتي؟

الجواب

الأخت الكريمة، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

نشكركم على تواصلكم معنا، وثقتكم في شبكتنا.

قرأتُ قصتكِ، وآلمنا وَضْعكِ، ودرجة الكَبْت النفسي الذي تتعرضين له.

في الواقع حالتك تستدعي مزيدًا من المعلومات: هل والدك موجود؟ وما دورُه؟ ما دور إخوانك أيضًا؟ وهل يُمكن الاستناد على أحدهم كمُرتكز دفاعيٍّ عنك؟

لماذا تُعاملك أختك الكبرى بهذا الشكل؟ هل تعرَّضَتْ لعقدة نفسية؟ أو إنه لمجرد قوة شخصيتها؟

لذلك مِن الأفضل أن تتواصلي مع مختصةٍ نفسيةٍ في منطقتكم، وتشرحي لها هذه الظروف لترشدك إلى أقرب الحلول بإذن الله تعالى.

لكن عمومًا سنُوَجِّه لك بعض النصائح العامة لعلها تُفيدك:
• من المهم وضوحُ قانون التعامل مع الوالدة والأخت الكبيرة؛ فقانون التعامل مع الوالدة هو (الطاعة في المعروف)، وهذا يعني أن هناك أمورًا لا يلزم طاعتها فيها إذا كانتْ ستُفوت عليك واجبًا أكبر؛ كصلاة الفرض مثلًا، وقد استدل بعضهم بحديث جريج الراهب، الذي كان يُصَلِّي ودعتْه أمه ولم يجبها، ثم دعتْ عليه، قالوا: هذا في صلاة النافلة، أما صلاة الفرض فلا يجب عليه طاعتها حتى يقضيها.

أما قانون التعامل مع الأخت، فهو: (أحْتَرِمُك، لكن لا تنتقصي من مروءتي)، فلا يجب طاعتها في قضايا تتعارض مع مصلحتك الشخصية، ولا تضرها هي.

• ما تفعلينه من الوقوف أمام المرآة وتخيُّل والدتك وأختك والرد عليهما، هو نوع من التفريغ النفسيِّ، والتدريب على المواجهة، ولا بأس بالاستمرار فيه، بشرط ألا يصبح بديلًا دائمًا عن مواجهتك الحقيقية في انتزاع حقوقك الطبيعية ممن تتعاملين معهم، ولو كانوا أقرب الناس إليك كوالدتك وأختك.

• جرِّبي أن تواجهي أختك في بعض الأمور، خاصة إذا كانتْ شديدة الوضوح، وظاهرة الظلم لك، ووطِّني نفسك على سماع التوبيخ والتقريع منها، وقولي لنفسك: (لا يهم، طالما أتكلم بحق).

خطِّطي لحياتك، وضعي لها أهدافًا، واجعلي أختك ترى معك هذه الأهداف - ولو من بعيدٍ - وضعي مِن جملة أهدافك التخطيط لشراء ملابسك بنفسك، والتخطيط لشراء وجبة تحبينها، أو صديقة تزورينها، وأصري على إنجاز مثل هذه القضايا بدون مساعدة أختك الكبرى.

لا بد من البحث عن مرتكزٍ نفسيٍّ داعمٍ، ونعني به شخصًا يكون بجانبك لتقديم الدعم النفسي؛ لذلك سألتك في البداية عن دور الوالد - إذا كان موجودًا - وكذلك دور الإخوة؛ لأن الذكور عادةً أكثر سيطرة على الإناث في العائلة الواحدة.

في غياب الداعم النفسي لسبب أو لآخر، الجئي إلى الداعم الأكبر، والذي تُقْضَى على يديه الحاجات، ويكشف الكربات عند نُزُول الملمات وحلول الخطوب والمدلهمات، وهو ربُّ الأرض والسموات - جل في علاه، انطرحي بين يديه، وتذلَّلي له بالدعاء والانكسار لديه، في ساعات الليل والنهار، عندها ستشعرين ببرد السكينة يغْمُر قلبك، ويملأ نفسك بِشْرًا وسرورًا.

نسأل الله تعالى أن يُصْلِحَ أمرك، وأن يفتحَ عليك

والله الموفق