مشاهدة النسخة كاملة : أخي يسب أمي!


abomokhtar
01-02-2015, 08:25 AM
السؤال

♦ ملخص السؤال:
فتاة لديها أخ يسبُّ أمه ويضربها، ولا يحترم أباه المريض، وهي تشكو منه بعد أن أصبحت لا تستطيع النوم خوفاً منه، وتسأل عن كيفية إصلاحه وطريقة العيش معه.

♦ تفاصيل السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا فتاة أعيش مع أسرتي وإخوتي، لدينا أخٌ لم يتم العشرين من عمره، يسبُّ أمي، ولا يحترم أبي المريض، ولا يستطيع أحدٌ فِعل شيءٍ له، وليس لدينا أخوال أو أعمام ليقفَ أمامه أحدٌ!

لم أعد أستطيع النوم خوفاً منه على نفسي وعلى أمي، وبالرغم مِن ذلك فأمي لا تقصِّر معه في شيءٍ، ودومًا تكلِّمه وتطمئن عليه، وتراعي البيت كله.

تعبتُ أنا وإخوتي، ولا نعرف كيف نتصرَّف معه؟ فإذا كلمناه يضربنا ويشتمنا، حاولنا كثيرًا أن نُقْنِعَها بالإبلاغ عنه، لكنها ترفض، وتخاف أن يحدثَ له شيءٌ!

أشيروا علينا بحلٍّ نخفِّف به الضغطَ عن أمي، فهي مُتْعَبَة جدًّا، وحزينة دائماً.

وجزاكم الله خيرًا
الجواب

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
بُنيتي الكريمة، حياكِ الله.

لقد شارَكَت الوالدةُ - حفظها الله وغفر لها - في تكوين تلك الشخصية العدوانية، وتفاقُم الأوضاع الخُلُقية السيئة لشابٍّ يافعٍ لم تكتمل قُدراته الإدراكية، ولم يخرجْ من مرحلة المُراهقة بعدُ، وكانت والدتكم مِن أكبر الأسباب المُعينة على تزايد حالته وتعدد أسباب ثورته!

مرض الوالد لا يمنع أبدًا ولا يعوق الوالدة مِن أداء دورها التربوي الذي يجب أن يتَّسِمَ بالاعتدال والتوسط بين الشدة واللين، ولعل غيابَ دور الوالد - حفظه الله وعافاه - يزيد مِن ضرورة استخدام الشدة بصورة أكبر مِن اللين مع شابٍّ له والدة وأخوات، ويفتقر لأدنى درجات تحمُّل المسؤولية وتفهم حالة البيت بعد مرَض أبيه.

الجزءُ الأكبرُ مِن حلِّ المشكلة بيد الوالدة دون غيرها؛ والتعلُّل بعدم وجود الأقارب من الرجال - كالأخوال والأعمام - لا يعفيها مِن تحمُّل مسؤولية توجيهه وتقويم ما يظهر اعوجاجه مِن أخلاقه، واستخدام بعض الأساليب التي تحُدُّ مِن تَماديه في تلك الأفعال، وليس بالضرورة أن تستدعي تدخُّل الشرطة؛ فهي قادرةٌ بمفردها على إحداث الكثير مِن التغيير الذي يصُبُّ في صالح ولدها إن كانتْ ترغب في صلاحه، وعليكِ أن تُناقشيها في الأمر مِن هذا المنطلق؛ فقلبُ الأم أرق مِن أن يبطشَ بفلذة كبده، وإن طغى وتجبَّر وتجاوَز حدوده، وهو قلبٌ لا يعرف إلا المسامَحة والترفُّق الذي قد يضرُّ أحياناً أكثر مما ينفع!

أخْبِريها أن تقديم المساعدات له وتلبية رغباته ليس مِن مصلحته في شيءٍ، وأنها ستضره في الآخرة أكثر مما سيلحق به من ضرر في الدنيا؛ فالعقوقُ مِن أكبر المعاصي، ومن الكبائر التي لا يغفرها الحكَمُ العدل إلا بالتوبة النصوح، والتمادي في تدليله إعانةٌ له على العقوق، وليس هناك قسوة في رفض طلباته التي تندرج خارج حقوقه الشرعية، بل هو من العلاجات الناجعة والفعَّالة مع شخصيةٍ لم تنضجْ بعدُ، فبقدر محبتها له يجب أن تحرصَ على مصلحته العامة، وإن غفرت وتجاوزت وتنازلتْ عن حقوقها، فهناك مِن الحقوق والتجاوُزات ما لا يغفره الله له إلا إذا أقلع عما يفعل.

ومِن الأمور التي يمكن أن تعاقبَه بها: الحرمان من مصروفه الشخصي، ورفض طلباته الخاصة، والتضييق عليه في حدود المعقول، وإهمال رغباته أو السؤال عنه وعما يحتاج.. وفقْد الشعور بالمودَّة والتلطُّف الذي كان يجد منها سيكون أول رسولٍ له، منذرًا بتغير الحال وتبدُّل المقال، ولعله يُعينه على إعادة حساباته وتغيير بعض مُعتقداته.

دورُكنَّ كأخواتٍ يقتَصِر على تجنُّبه، ومعاملته بشيءٍ مِن الجفاف حال تطاوُله على الوالدة، وإظهار اللين والتلطُّف حين يصدر منه فعل صائب وعملٌ صالح، مِن باب التشجيع، ولا أنصح بمحادثته في الأمر بشكل مباشرٍ إن كانت العلاقةُ بينكما على نحو ما تصفين مِن سوء.

حاولوا البحث عن رُفقة صالحةٍ له، وإدماجه مع الطيبين مِن شباب العائلة أو الجيران، فإن لم يتيسرْ، فلْيَكُن في إسماعه بعض المحاضرات الدينية من خلال التلفاز أو المذياع في البيت برفع صوت الجهاز بشكل مسموع، فقد يسمع في أحد البرامج ما يليّن قلبه، ويُذكره بعقاب الله وخطورة ما يفعل.

أسأل الله أن يهديه وأن يُوَفِّق الوالدة لاتخاذ الفعل اللازم، وأن يُعينها على التصرُّف الأمثل، وأن يُجنبكِ وأهلكِ كل شرٍّ.

والله الموفِّق، وهو الهادي إلى سواء السبيل