مشاهدة النسخة كاملة : محتارة أي الخاطبين أختار


abomokhtar
06-03-2015, 02:33 PM
♦ ملخص السؤال:
فتاة تعرَّفتْ إلى شابَّيْنِ وأحبتهما، ثم تركتْهما، ثم عادتْ إلى أحدهما، وتسأل: أنا مُشتتة في الاختيار فكيف أختار؟

♦ تفاصيل السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا فتاة أدرس الطب، في منتصف العشرين مِن عمري، أعاني مِن ضغطٍ شديد عليَّ، ومِن مشكلة شتَّتتْ تركيزي؛ فقد أحببتُ شابًّا عن طريق الإنترنت، ولم نُكْمِلْ بسبب تردُّدي وعدم قبول أهلي وخوفي من الله.

بعد فترة أحبني زميل لي، وطلب الزواج مني، ولم يقبل أهلي، لكنه ألَحَّ إلحاحًا شديدًا، فأخبرتُ أهلي بإلحاحه وسمحوا لي بالتعرف عليه، لكني لم أقبل لعدم قناعتي به!

بعد فترة أخطأتُ وكلَّمْتُه، وقلتُ: لعله يحدث قُرْبٌ بيننا وأقتنع به، لكني ازددتُ منه نفورًا، وفي الوقت نفسه تذكرتُ الشابَّ الأول الذي أحببتُه، وعلمتُ بأنه ارتبط بغيري فحزنتُ، ثم كلمني زميلي وأراد أن يرتبط بي مرة أخرى، فحكيتُ له قصتي مع الشابّ، فحزن جدًّا!

لا أعلم هل أنا مخطئة أو لا؟ ولا أعلم هل ظلمته أو لا؟ فأنا مشتتة في الاختيار! لا أعلم ما سبب ترددي؟ وماذا أفعل تجاه الأشخاص المتقدمين لي؟

وجزاكم الله خيرًا
الجواب

أختي الكريمة، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.


سببُ تردُّدك الشديد أنك لم تُحَدِّدي ماذا تريدين فعلاً وأنت تجيبين عن سؤال: مَن أحببت؟


الحبُّ لا يكون مِن نظرة كما يقولون، بل لا بد مِن شروطٍ وقواعدَ حتى نقول: إننا أحببنا هذا الشخص، وهو يستحقنا ونَسْتَحِقُّه.


إنَّ الطب يتناول الظروف التي تُشَجِّع على حدوث الأمراض، وطرق تفاديها، والوقاية منها، وإنك تدرسين أصعبَ المِهَن وأعقدها، وفيها تتعلمين كيف تفكرين بشكلٍ علميٍّ بَحْت؛ بحيث لا يخدعك أو يغرر بكأحدٌ، يُعَلِّمك هذا كيف تدرسين ظروفَ حياتك الزوجية القادمة، وظروف الخاطب، ومؤهلاته، وتمسُّكه بالدين والقِيَم الإسلامية، والتقارب النفسي والفكري والاجتماعي، وغير ذلك مما ينبغي عليك أن تَضَعيه في اعتبارك، حتى ينجحَ مشروع الزواج، وهو المشروع الأكبر والأهم.


﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ﴾ [الروم: 21].


وإن الله جل جلالُه خلَق الإنسان من عنصرين اثنين: الطين والروح؛ يقول تعالى: ﴿ إِنَّا خَلَقْنَاهُمْ مِنْ طِينٍ لَازِبٍ ﴾[الصافات: 11]، ويقول: ﴿ فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ ﴾ [الحجر: 29]، فالطينُ يُمَثِّل العنصر الأرضي في الإنسان، فإذا غلب عليه هذا العنصر هبط الإنسان، وارتكس إلى الأرض، وغلب عليه طابعه البشري، وإذا غلب جانب الروح - روح الله - سما وارتقى، وحلَّق في أجواء من الروحانية والسلوك السامي، وهو قادرٌ جل جلاله على أن يجعلَ البشر تمامًا كالملائكة روحًا مُتَبَتِّلة للعبادة فحسب، ﴿ لِيَمِيزَ اللَّهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ ﴾ [الأنفال: 37]. فقد فطر فيهم حاجات تُغذِّي عنصر الطين، وشرع لأجلها الزواجَ تلبيةً لما فطر.


فنحن لا نتزوَّج لأن الزواج سنة الحياة فقط، والزواج لا يكون لإنجاب الذرية فقط، فالهدفُ الأولُ من الزواج الاستقرارُ النفسيُّ والجسديُّ بقرب شريكٍ نَأْلَفُه ويألفنا، وفَطَر فينا الأُلْفَة والوُدّ والحب، مما يغذي عنصر الروح ليتكاملَ الإنسان مع هذا الشخص الذي اختاره، وليغذي عُنصري الرُّوح والجسد.


عليك أن تجيبي عن هذه الأسئلة:

• لماذا تريدين الزواج؟


• ما صفات الشخص الذي تجدينه مؤهَّلاً للارتباط بك؟


• هل الحبُّ أو الاعجاب سببٌ كافٍ للارتباط بشخصٍ ما؟


عليك أن تسألي نفسَك هذه الأسئلة، ثم تجيبي عليها، وتتفحصي علاقتك بالأشخاص الذين مرُّوا في حياتك؛ أحببتهم، أو فكرتِ في الارتباط بهم.


وهل هؤلاء الأشخاص مِن أهل التقوى وممن توضع فيهم الثقة؟ وما مناسبة شخصياتهم وظروفهم للارتباط بك؟


هل ترضين أن يتقدَّم أحد بمثل مواصفاتهم لابنتك في المستقبل، إن رزَقك الله بابنةٍ؟


لا بد أن تعرفي قواعدَ الاختيار حبيبتي، وتضعي نفسك فيما يَليق بها، ويسعدها في مُستقبل الأيام بإذن الله، فليس كلُّ شخصٍ يُعْجَب بنا يَصْلُح أن يكونَ شريكَ الحياة!


الدينُ والأخلاقُ أولاً، ولا يمكن التنازُل عن هذين الشرطين، ثم نبحث في مسألة الراحة النفسية، والمال، والمستوى الاجتماعي، والدرجة العلمية... وهكذا.


استخيري الله، وفكِّري في أهدافك مِن الزواج، واستشيري والدتك، أو مَن تثقين برأيهم؛ مِن أهلك أو معارفك.


وفقك الله