حمدى حسام
10-03-2015, 09:46 AM
العصافير تقتُل في عهد الانقلاب العسكري
http://www.masralarabia.com/%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%82%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%AA/339-%D8%B1%D9%8A%D9%87%D8%A7%D9%85-%D8%AD%D9%85%D8%A7%D8%AF/516215-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B5%D8%A7%D9%81%D9%8A%D8%B1-%D8%AA%D9%82%D8%AA%D9%8F%D9%84-%D9%81%D9%8A-%D8%B9%D9%87%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%86%D9%82%D9%84%D8%A7%D8%A8-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B3%D9%83%D8%B1%D9%8Ahttp://www.masralarabia.com/images/thumbs/250/cat_339.jpg ريهام حماد
يرتكب النظام المجزرة البشعة تلو الأخرى، وحينما يضطر إلى تبرير وحشيته أمام الرأي العام العالمي، الذي لن يقتنع بالتبريرات المضحكة التي يخصصها النظام للاستهلاك المحلي، فإنه يسارع إلى تأكيد أنه أحرص ما يكون على حقوق الإنسان، ولكن، وآه من "ولكن"، الوقت لم يحن بعد لتطبيق مبادئ حقوق الإنسان. إذاً النظام المسكين ي*** المواطنين العزل في الشوارع ويقتحم بيوتهم فجراً ويعذب الشباب داخل المعتقلات، لأنه قد دُفع دفعاً إلى خوض حرب ضد الإرهاب الوحشي، مما يضطره إلى مخالفة إيمانه الراسخ بأهمية الحفاظ على حياة المواطنين جميعاً دون تفرقة.
يعدنا النظام دوماً بأن مصر ستصبح قد الدنيا بعد أن تم إنقاذها من الحكم الإرهابي المتوحش الذي استرخص حياة المصريين، ويدعي أنه يريد بناء الإنسان المصري الحر، فهل يؤمن النظام حقاً بحقوق الإنسان وهل يريد أن تنشأ الأجيال الجديدة على تقديس هذه المبادئ؟
بعض التأمل لقصة وردت في مقرر اللغة العربية للصف الثالث الابتدائي، كما قرأتها كاملة في أحد الكتب الخارجية، يجيبك عن هذا السؤال.
تحكي القصة عن ملك العصافير الذي كان جالساً في حديقة كثيفة الأشجار، قبل أن يدخل عليه أحد الحراس ويبلغه أن مجموعة من الصقور تقترب منهم. يستشير الملك رئيس الوزراء في هذه المشكلة فيشير عليه بأن يتركوا المكان وأن يعودوا إليه بعد رحيل الصقور. ولكن يستنكر الملك هذا الحل ويخبره بأن الصقور إذا دخلت مكاناً لا تخرج منه. تقترح عليهم عصفورة أن يجمعوا طعاماً يكفيهم أياماً وأن يختبئوا في الأعشاش فإن جاء الصقور وجدوا المكان خاوياً، ولكن يرفض الملك هذا الاقتراح أيضاً.
يقترح أخيراً حكيم العصافير مشاورة الحمام واليمام والهداهد والبلابل، فهم حلفاء العصافير وأعداء الصقور، وفي هذه الأثناء يدخل أحد حراس الملك مع أحد الصقور حاملاً رسالة من الصقور مفادها أن الصقور ستأخذ صغار العصافير طعاماً ويرحلوا سالمين، ينصح حكيم العصافير الملك بأن يتظاهر بالموافقة ريثما يعدون العدة لمواجهة الصقور.
يطير إذا حكيم العصافير إلى ملك الهداهد الذي جمع الطيور الحلفاء لكي يستمعوا إلى خطة حكيم العصافير والتي سعدوا بها جميعاً، حتى أن الحمامة هتفت بحماس: "نحن معك يا سيدي، نموت من أجل الدفاع عن الأوطان"، فماذا كانت هذه الخطة؟
نتعرف على الخطة حينما ينتقل بنا الدرس إلى مشهد دخول ملك الصقور ومعه مجموعة من صقوره إلى خيمة ملك العصافير، حيث يرحب به ملك العصافير بحفاوة في وطنه الثاني، ويستأذنه في أن يسمح له بالاحتفال به قبل أن يقدم لهم صغار العصافير كما اتفقا سابقاً. ينشد البلابل أغانٍ عن حب الوطن، فيصفق جميع الطيور إلا الصقور (لاحظ دلالة المشهد)، ثم يستأذن ملك العصافير لإحضار الصغار، وهنا تبدأ الطيور في تنفيذ الخطة، فيخرج جميع العصافير ووزرائهم من الخيمة ويغلقونها من الخارج، ثم يشعلون النيران بها وسط صراخ الصقور "أنقذونا، أنقذونا"، ووسط سعادة الملك بمشورة حكيم العصافير وسعادة الطيور الذين غنوا جميعاً في صوت واحد نشيد بلادي بلادي !!
هذه هي القصة التي يدرسونها لأطفال مصر طلبة الصف الثالث الابتدائي، وهكذا يزرعون في وجدان الصغار أن جمع أعدائهم في خيمة وغلق الخيمة عليهم ثم إحراقهم أحياء هو عمل شجاع، هكذا يعلمونهم أنك تستطيع أن تحرق خصومك ثم تغني الأناشيد الوطنية وأنت مطمئن مرتاح البال.
اختفت القصص التي تحث على التخطيط ودراسة العدو ومواجهته بشرف وقتاله بشجاعة والاستشهاد بشرف ليحل محلها معاني التآمر والاستسهال والوحشية والحرق، تحولت الحمامة من رمز للسلام إلى كائن يبتهج بال*** والحرق، تحول هدهد سليمان إلى مرسال التآمر، فهل تستطيع أي أم مصرية أن تشعر بالاطمئنان على نفسية وعقلية أطفالها وهم يربون على مثل هذه القصص؟ هل هذا هو سبيل بناء الأمم الراقية؟
في مقدمة القصة يسرد الكتاب أهداف الدرس وأهم أفكاره ومهارات التفكير المرجو تحقيقها، فهل تدري ما هي "القضايا المتضمنة" التي وردت في مقدمة الدرس؟ إنها: حقوق الإنسان! ستقول لي: ولكن أين هي حقوق الإنسان في هذه القصة؟ سأجيبك: لا توجد، وهذه تماماً هي الإجابة النموذجية التي يريد من كتب هذه القصة إيصالها إلى الأطفال، تخيل معي حال مدرس اللغة العربية وهو يحاول أن يشرح للأطفال دور حقوق الإنسان في هذه القصة البائسة، لن يجد شيئاً ليقال سوى أنه في وقت الحروب لا مجال لتطبيق حقوق الإنسان، ففي زمن الحرب لا صوت يعلو فوق صوت المعركة، إنها المقولة الكاذبة التي اختلقوها على لسان ديفيد كاميرون رئيس الوزراء البريطاني والتي لم يتفوه بها قط: "حينما يتعلق الأمر بالحرب على الإرهاب فلا يحدثني أحد عن حقوق الإنسان"!
إن هذا النظام القاتل يرتعب من هزيمته الحتمية أمام الثورة، ويعلم تماماً انعدام شعبيته بين أوساط الأجيال الصاعدة التي ترى حقيقته بوضوح والتي لا تنخدع بإعلامه المترهل ولا بشعاراته الجوفاء السائرة دوماً عكس اتجاه الزمن، فيستميت من أجل تشويه فطرة هذه الأجيال، ويحاول أن يقنعها بأنه ليس مجرماً، فحتى العصافير قد تستعذب ال*** ان استلزم الأمر، ولا يدري أنه بذلك كله يوسع من دوائر احتقار الشعب لألاعيبه الرخيصة ويعجل بنهايته القادمة لا محالة.
http://www.masralarabia.com/%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%82%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%AA/339-%D8%B1%D9%8A%D9%87%D8%A7%D9%85-%D8%AD%D9%85%D8%A7%D8%AF/516215-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B5%D8%A7%D9%81%D9%8A%D8%B1-%D8%AA%D9%82%D8%AA%D9%8F%D9%84-%D9%81%D9%8A-%D8%B9%D9%87%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%86%D9%82%D9%84%D8%A7%D8%A8-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B3%D9%83%D8%B1%D9%8Ahttp://www.masralarabia.com/images/thumbs/250/cat_339.jpg ريهام حماد
يرتكب النظام المجزرة البشعة تلو الأخرى، وحينما يضطر إلى تبرير وحشيته أمام الرأي العام العالمي، الذي لن يقتنع بالتبريرات المضحكة التي يخصصها النظام للاستهلاك المحلي، فإنه يسارع إلى تأكيد أنه أحرص ما يكون على حقوق الإنسان، ولكن، وآه من "ولكن"، الوقت لم يحن بعد لتطبيق مبادئ حقوق الإنسان. إذاً النظام المسكين ي*** المواطنين العزل في الشوارع ويقتحم بيوتهم فجراً ويعذب الشباب داخل المعتقلات، لأنه قد دُفع دفعاً إلى خوض حرب ضد الإرهاب الوحشي، مما يضطره إلى مخالفة إيمانه الراسخ بأهمية الحفاظ على حياة المواطنين جميعاً دون تفرقة.
يعدنا النظام دوماً بأن مصر ستصبح قد الدنيا بعد أن تم إنقاذها من الحكم الإرهابي المتوحش الذي استرخص حياة المصريين، ويدعي أنه يريد بناء الإنسان المصري الحر، فهل يؤمن النظام حقاً بحقوق الإنسان وهل يريد أن تنشأ الأجيال الجديدة على تقديس هذه المبادئ؟
بعض التأمل لقصة وردت في مقرر اللغة العربية للصف الثالث الابتدائي، كما قرأتها كاملة في أحد الكتب الخارجية، يجيبك عن هذا السؤال.
تحكي القصة عن ملك العصافير الذي كان جالساً في حديقة كثيفة الأشجار، قبل أن يدخل عليه أحد الحراس ويبلغه أن مجموعة من الصقور تقترب منهم. يستشير الملك رئيس الوزراء في هذه المشكلة فيشير عليه بأن يتركوا المكان وأن يعودوا إليه بعد رحيل الصقور. ولكن يستنكر الملك هذا الحل ويخبره بأن الصقور إذا دخلت مكاناً لا تخرج منه. تقترح عليهم عصفورة أن يجمعوا طعاماً يكفيهم أياماً وأن يختبئوا في الأعشاش فإن جاء الصقور وجدوا المكان خاوياً، ولكن يرفض الملك هذا الاقتراح أيضاً.
يقترح أخيراً حكيم العصافير مشاورة الحمام واليمام والهداهد والبلابل، فهم حلفاء العصافير وأعداء الصقور، وفي هذه الأثناء يدخل أحد حراس الملك مع أحد الصقور حاملاً رسالة من الصقور مفادها أن الصقور ستأخذ صغار العصافير طعاماً ويرحلوا سالمين، ينصح حكيم العصافير الملك بأن يتظاهر بالموافقة ريثما يعدون العدة لمواجهة الصقور.
يطير إذا حكيم العصافير إلى ملك الهداهد الذي جمع الطيور الحلفاء لكي يستمعوا إلى خطة حكيم العصافير والتي سعدوا بها جميعاً، حتى أن الحمامة هتفت بحماس: "نحن معك يا سيدي، نموت من أجل الدفاع عن الأوطان"، فماذا كانت هذه الخطة؟
نتعرف على الخطة حينما ينتقل بنا الدرس إلى مشهد دخول ملك الصقور ومعه مجموعة من صقوره إلى خيمة ملك العصافير، حيث يرحب به ملك العصافير بحفاوة في وطنه الثاني، ويستأذنه في أن يسمح له بالاحتفال به قبل أن يقدم لهم صغار العصافير كما اتفقا سابقاً. ينشد البلابل أغانٍ عن حب الوطن، فيصفق جميع الطيور إلا الصقور (لاحظ دلالة المشهد)، ثم يستأذن ملك العصافير لإحضار الصغار، وهنا تبدأ الطيور في تنفيذ الخطة، فيخرج جميع العصافير ووزرائهم من الخيمة ويغلقونها من الخارج، ثم يشعلون النيران بها وسط صراخ الصقور "أنقذونا، أنقذونا"، ووسط سعادة الملك بمشورة حكيم العصافير وسعادة الطيور الذين غنوا جميعاً في صوت واحد نشيد بلادي بلادي !!
هذه هي القصة التي يدرسونها لأطفال مصر طلبة الصف الثالث الابتدائي، وهكذا يزرعون في وجدان الصغار أن جمع أعدائهم في خيمة وغلق الخيمة عليهم ثم إحراقهم أحياء هو عمل شجاع، هكذا يعلمونهم أنك تستطيع أن تحرق خصومك ثم تغني الأناشيد الوطنية وأنت مطمئن مرتاح البال.
اختفت القصص التي تحث على التخطيط ودراسة العدو ومواجهته بشرف وقتاله بشجاعة والاستشهاد بشرف ليحل محلها معاني التآمر والاستسهال والوحشية والحرق، تحولت الحمامة من رمز للسلام إلى كائن يبتهج بال*** والحرق، تحول هدهد سليمان إلى مرسال التآمر، فهل تستطيع أي أم مصرية أن تشعر بالاطمئنان على نفسية وعقلية أطفالها وهم يربون على مثل هذه القصص؟ هل هذا هو سبيل بناء الأمم الراقية؟
في مقدمة القصة يسرد الكتاب أهداف الدرس وأهم أفكاره ومهارات التفكير المرجو تحقيقها، فهل تدري ما هي "القضايا المتضمنة" التي وردت في مقدمة الدرس؟ إنها: حقوق الإنسان! ستقول لي: ولكن أين هي حقوق الإنسان في هذه القصة؟ سأجيبك: لا توجد، وهذه تماماً هي الإجابة النموذجية التي يريد من كتب هذه القصة إيصالها إلى الأطفال، تخيل معي حال مدرس اللغة العربية وهو يحاول أن يشرح للأطفال دور حقوق الإنسان في هذه القصة البائسة، لن يجد شيئاً ليقال سوى أنه في وقت الحروب لا مجال لتطبيق حقوق الإنسان، ففي زمن الحرب لا صوت يعلو فوق صوت المعركة، إنها المقولة الكاذبة التي اختلقوها على لسان ديفيد كاميرون رئيس الوزراء البريطاني والتي لم يتفوه بها قط: "حينما يتعلق الأمر بالحرب على الإرهاب فلا يحدثني أحد عن حقوق الإنسان"!
إن هذا النظام القاتل يرتعب من هزيمته الحتمية أمام الثورة، ويعلم تماماً انعدام شعبيته بين أوساط الأجيال الصاعدة التي ترى حقيقته بوضوح والتي لا تنخدع بإعلامه المترهل ولا بشعاراته الجوفاء السائرة دوماً عكس اتجاه الزمن، فيستميت من أجل تشويه فطرة هذه الأجيال، ويحاول أن يقنعها بأنه ليس مجرماً، فحتى العصافير قد تستعذب ال*** ان استلزم الأمر، ولا يدري أنه بذلك كله يوسع من دوائر احتقار الشعب لألاعيبه الرخيصة ويعجل بنهايته القادمة لا محالة.