حمدى حسام
06-05-2015, 05:21 PM
"العصفورة" ياسمين النرش
الأربعاء, 06 مايو 2015 13:3
http://www.masralarabia.com/%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%82%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%AA/339-%D8%B1%D9%8A%D9%87%D8%A7%D9%85-%D8%AD%D9%85%D8%A7%D8%AF/581617-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B5%D9%81%D9%88%D8%B1%D8%A9-%D9%8A%D8%A7%D8%B3%D9%85%D9%8A%D9%86-%D8%A7%D9%84%D9%86%D8%B1%D8%B4
http://www.masralarabia.com/images/thumbs/250/cat_339.jpg ريهام حماد
العصافير أنواع، منها ما نعدهرمزًا للحب والوفاء، ومنها الملون المبهج، وإلى جانب ما نحب ونألف من عصافير هناك "عصافير النظام"وهي أيضاً أنواع، فمنها الأمني الذي يروح ويجيء بالأخبار دون القدرة على قراءتها أو فهمها، كالحمار يحمل أسفارا، ومنها عصافير أو بالأحرى غربان "إلهائية" عالية النعيق، تجذب الانتباه لوهلة، دون أن تطرب أحداً، ولا تعني إلا هواة التافه من الأخبار ممن تعمى أبصارهم عن رؤية الأشياء المهمة، تطير وفقاًلسياسة سميناها "بص العصفورة". لكن الغريب أننا أحياناً ما نصنع العصافير ونصر على أن "نبص عليها" دون أن ننفذ إلى جوهر قصتها والذي هو أهم كثيراً من النعيق الزاعق والريش الصاخب الألوان.
ياسمين النرش عصفورة شرسة اخترعها الشعب و"تلّهى" بها دون أن ينفذ إلى جوهر قصتها، بل نسج حولها القصص والأسئلة والافتراضات، هل هي بطلة؟ هل كشفت بجرأتها غير المعهودة جبن الداخلية التي رأينابوضوح في فيديو المطار انها (تخاف متختشيش)؟ هل هي راقصة؟ سيدة أعمال؟(شرشوحة) كما وصفها البعض؟ شجاعة لم تسكت على الظلم وثأرت للكثيرين من جبروت وبطش الداخلية كما قال البعض الآخر؟
القصة باختصار أن سيدة توجهت إلى المطار قاصدة الغردقة لرؤية ابنتها، وبعدما اجتازت أجهزة التفتيش وأتمت إجراءات سفرها فوجئت بمنعها من السفر لتأخرها عن ميعاد الطائرة، فهاجت وماجت وصرخت وتوجهت إلى حمام السيدات لتجد عناصر من الشرطة النسائية تقتادها إلى خارج الحمام وتفتشها وتستخرج من حقائبها –التي تم تفتيشها سابقاً بالفعل- كميات من الحشيش، وعندئذ كأن مسًا من الجن أصابها، بدأت وصلة تهديد ووعيد، أبدعت فيها وشحنت ذاكرتنا لفترة ستطول بمشاهد مدهشة لسيدة "تشرشح" –على حد تعبير ياسمين ذاتها- شرشحة تؤسس خارطة طريق للردح، تستخرج الكنوز من قاموس الفواحش اللفظية والحركية وتصرخ: "انت مش عارف انت بتكلم مين وبنت مين؟"، شاهدنا أغرب ما يمكن أن تقوم به امرأة "محترمة" -كما وصفت نفسها أيضاً- في مواجهة ضابط شرطة التزم– وياللعجب- الصمت والصبر والهدوء، وربما للمرة الأولى نرى ضابطاً يلتزم بالفعل "ضبط النفس" الذي طالما سمعنا عنه دون أن نراه!
الفيديو لافت والمنظر مدهش ويشفي غليل كثير ممن لم يفارق خيالهم بعد مشهد آخر لسيدة مصرية عجوز ترتعد في مواجهة ضابط شرطة، وتنحني على يده تقبلها وتعده ألا تكرر فعلتها مرة أخرى، فعلة السيدة الشنيعة كانت بيع بضائع بأقل القليل لعابري الطريق، حتى تجد قوت يومها، ومن ثم ولأنها "غلبانة" فقد انتهت وصلة الرجال بعبارة فظة من الضابط غليظ القلب: "مش عايز أشوف وشك هنا تاني"، المشهد أيضاً مثير لدهشة من يعلم أن زوجة القائد الإخواني محمد البلتاجي قد نالت حكماً بالحبس لستة أشهر لمجرد أنها قالت في وجه ضابط شرطة: حسبي الله ونعم الوكيل.
أما في فيديو النرش فالأمر مختلف، فقد تحلى الضابط بضبط النفس، وتحمل كل الإهانات، وانتهى الأمر بأن قطاعًا كبيرًا ممن شاهدوا المادة الفيلمية المشار إليها يقولون: "ينصر دينك يا ياسمين فشيتي غلّنا"! ، ولكن ما تناساه هؤلاء أن ياسمين هي الوجه الآخر لضابط الشرطة الذي نهر السيدة المصرية الباكية، والذي لا ينفش ريشه إلا على البسطاء بينما يستكين في مواجهة من يخشاهم، هي ليست بائعة في ميدان ترتعد من الخوف في مواجهة ضابط على الرغم من أنها لم تُجرم، وليست صبياً يافعاً يبكي حظه بينما تصادر منه عربة القصب مصدر رزقه الوحيد.
ياسمين ليست ضد الظلم، ولكنها فقط لن تسمح له بدخول عالمها الخاص، تتحدى الضابط قائلة وهي تضع ساقاً عارية على الأخرى: "ابنتي عمرها سبع سنوات في مدرسة كذا ابقوا روحوا خدوها لو معرفتوش تقبضوا عليا"، هي تعلم تماماً كيف تدير الداخلية الأمور،وتعلم تماماً أصول اللعبة ولا تعترض عليها، ولكنها فقط تعلن بوضوح تام وعلى طريقتها أن أصول اللعبة لا تقتضي أن يسئ العبيد لأسيادهم .. وهي من الأسياد .. لا تسمح لعبد بأن يتطاول عليها ولن تتطاول على أسيادها،وربما لو كان (البطل) في المشهد ضابط جيش وليس ضابط شرطة لرأينا من ياسمين خطبة انفعالية عصماء تستعرض فيها سلسال عائلتها وتعلن أنها ستسكت راضية عما لحقها احتراماً لخير أجناد الأرض وتأييدأ منها لقائد ماسر.
لم تكتحل أعيننا برؤية ياسمين إلا لأن بعض الضباط سربوا الفيديو على أمل أن يتحول الموضوع إلى قضية رأي عام فلا تفلت ياسمين من العقاب، ولكن للأسف، ستفلت ياسمين، وستحلق العصفورة خارج المصيدة، وربمايكون هناك كبش فداء، قد يكون عسكري مسكين سيتهم بأنه هو من دس المخدرات لياسمين في ملابسها وحقائبها، أو صحفي ما سيعاقب على "فبركته" للموضوع وصياغته بشكل يثير البلبلة، أوسيُحظر النشر في الموضوع إن لم ينساه الناس بسرعة، أو حتى سيتم إلهاء الناس بعصفورة أخرى، وستضيع الحكاية وسط غيرها من الحكايات، فالعصافير أكثر مما نتخيل.
المشكلة الحقيقية أن سلسال النفوذ لا ينتهي، والقوي هناك دائماً من هو أقوى منه الذي يخضع له بينما يصفع من هو أدنى منه، علينا أن نتيقن جميعاً إذاً أنه لا عاصم لنا من البطش إلا دولة القانون.
الأربعاء, 06 مايو 2015 13:3
http://www.masralarabia.com/%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%82%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%AA/339-%D8%B1%D9%8A%D9%87%D8%A7%D9%85-%D8%AD%D9%85%D8%A7%D8%AF/581617-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B5%D9%81%D9%88%D8%B1%D8%A9-%D9%8A%D8%A7%D8%B3%D9%85%D9%8A%D9%86-%D8%A7%D9%84%D9%86%D8%B1%D8%B4
http://www.masralarabia.com/images/thumbs/250/cat_339.jpg ريهام حماد
العصافير أنواع، منها ما نعدهرمزًا للحب والوفاء، ومنها الملون المبهج، وإلى جانب ما نحب ونألف من عصافير هناك "عصافير النظام"وهي أيضاً أنواع، فمنها الأمني الذي يروح ويجيء بالأخبار دون القدرة على قراءتها أو فهمها، كالحمار يحمل أسفارا، ومنها عصافير أو بالأحرى غربان "إلهائية" عالية النعيق، تجذب الانتباه لوهلة، دون أن تطرب أحداً، ولا تعني إلا هواة التافه من الأخبار ممن تعمى أبصارهم عن رؤية الأشياء المهمة، تطير وفقاًلسياسة سميناها "بص العصفورة". لكن الغريب أننا أحياناً ما نصنع العصافير ونصر على أن "نبص عليها" دون أن ننفذ إلى جوهر قصتها والذي هو أهم كثيراً من النعيق الزاعق والريش الصاخب الألوان.
ياسمين النرش عصفورة شرسة اخترعها الشعب و"تلّهى" بها دون أن ينفذ إلى جوهر قصتها، بل نسج حولها القصص والأسئلة والافتراضات، هل هي بطلة؟ هل كشفت بجرأتها غير المعهودة جبن الداخلية التي رأينابوضوح في فيديو المطار انها (تخاف متختشيش)؟ هل هي راقصة؟ سيدة أعمال؟(شرشوحة) كما وصفها البعض؟ شجاعة لم تسكت على الظلم وثأرت للكثيرين من جبروت وبطش الداخلية كما قال البعض الآخر؟
القصة باختصار أن سيدة توجهت إلى المطار قاصدة الغردقة لرؤية ابنتها، وبعدما اجتازت أجهزة التفتيش وأتمت إجراءات سفرها فوجئت بمنعها من السفر لتأخرها عن ميعاد الطائرة، فهاجت وماجت وصرخت وتوجهت إلى حمام السيدات لتجد عناصر من الشرطة النسائية تقتادها إلى خارج الحمام وتفتشها وتستخرج من حقائبها –التي تم تفتيشها سابقاً بالفعل- كميات من الحشيش، وعندئذ كأن مسًا من الجن أصابها، بدأت وصلة تهديد ووعيد، أبدعت فيها وشحنت ذاكرتنا لفترة ستطول بمشاهد مدهشة لسيدة "تشرشح" –على حد تعبير ياسمين ذاتها- شرشحة تؤسس خارطة طريق للردح، تستخرج الكنوز من قاموس الفواحش اللفظية والحركية وتصرخ: "انت مش عارف انت بتكلم مين وبنت مين؟"، شاهدنا أغرب ما يمكن أن تقوم به امرأة "محترمة" -كما وصفت نفسها أيضاً- في مواجهة ضابط شرطة التزم– وياللعجب- الصمت والصبر والهدوء، وربما للمرة الأولى نرى ضابطاً يلتزم بالفعل "ضبط النفس" الذي طالما سمعنا عنه دون أن نراه!
الفيديو لافت والمنظر مدهش ويشفي غليل كثير ممن لم يفارق خيالهم بعد مشهد آخر لسيدة مصرية عجوز ترتعد في مواجهة ضابط شرطة، وتنحني على يده تقبلها وتعده ألا تكرر فعلتها مرة أخرى، فعلة السيدة الشنيعة كانت بيع بضائع بأقل القليل لعابري الطريق، حتى تجد قوت يومها، ومن ثم ولأنها "غلبانة" فقد انتهت وصلة الرجال بعبارة فظة من الضابط غليظ القلب: "مش عايز أشوف وشك هنا تاني"، المشهد أيضاً مثير لدهشة من يعلم أن زوجة القائد الإخواني محمد البلتاجي قد نالت حكماً بالحبس لستة أشهر لمجرد أنها قالت في وجه ضابط شرطة: حسبي الله ونعم الوكيل.
أما في فيديو النرش فالأمر مختلف، فقد تحلى الضابط بضبط النفس، وتحمل كل الإهانات، وانتهى الأمر بأن قطاعًا كبيرًا ممن شاهدوا المادة الفيلمية المشار إليها يقولون: "ينصر دينك يا ياسمين فشيتي غلّنا"! ، ولكن ما تناساه هؤلاء أن ياسمين هي الوجه الآخر لضابط الشرطة الذي نهر السيدة المصرية الباكية، والذي لا ينفش ريشه إلا على البسطاء بينما يستكين في مواجهة من يخشاهم، هي ليست بائعة في ميدان ترتعد من الخوف في مواجهة ضابط على الرغم من أنها لم تُجرم، وليست صبياً يافعاً يبكي حظه بينما تصادر منه عربة القصب مصدر رزقه الوحيد.
ياسمين ليست ضد الظلم، ولكنها فقط لن تسمح له بدخول عالمها الخاص، تتحدى الضابط قائلة وهي تضع ساقاً عارية على الأخرى: "ابنتي عمرها سبع سنوات في مدرسة كذا ابقوا روحوا خدوها لو معرفتوش تقبضوا عليا"، هي تعلم تماماً كيف تدير الداخلية الأمور،وتعلم تماماً أصول اللعبة ولا تعترض عليها، ولكنها فقط تعلن بوضوح تام وعلى طريقتها أن أصول اللعبة لا تقتضي أن يسئ العبيد لأسيادهم .. وهي من الأسياد .. لا تسمح لعبد بأن يتطاول عليها ولن تتطاول على أسيادها،وربما لو كان (البطل) في المشهد ضابط جيش وليس ضابط شرطة لرأينا من ياسمين خطبة انفعالية عصماء تستعرض فيها سلسال عائلتها وتعلن أنها ستسكت راضية عما لحقها احتراماً لخير أجناد الأرض وتأييدأ منها لقائد ماسر.
لم تكتحل أعيننا برؤية ياسمين إلا لأن بعض الضباط سربوا الفيديو على أمل أن يتحول الموضوع إلى قضية رأي عام فلا تفلت ياسمين من العقاب، ولكن للأسف، ستفلت ياسمين، وستحلق العصفورة خارج المصيدة، وربمايكون هناك كبش فداء، قد يكون عسكري مسكين سيتهم بأنه هو من دس المخدرات لياسمين في ملابسها وحقائبها، أو صحفي ما سيعاقب على "فبركته" للموضوع وصياغته بشكل يثير البلبلة، أوسيُحظر النشر في الموضوع إن لم ينساه الناس بسرعة، أو حتى سيتم إلهاء الناس بعصفورة أخرى، وستضيع الحكاية وسط غيرها من الحكايات، فالعصافير أكثر مما نتخيل.
المشكلة الحقيقية أن سلسال النفوذ لا ينتهي، والقوي هناك دائماً من هو أقوى منه الذي يخضع له بينما يصفع من هو أدنى منه، علينا أن نتيقن جميعاً إذاً أنه لا عاصم لنا من البطش إلا دولة القانون.