ابو وليد البحيرى
09-05-2015, 11:28 AM
كلمة غالية جدا من الإمام تقي الدين المقريزي رحمه الله ... يصف حالنا اليوم !!
محمود حافظ
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم , ثم أما بعد ...
علماء السوء !! أحذية السلطان !! لا يزال هذا الصنف من أدعياء العلم موجودون في كل زمان ومكان , وكتب تقي الدين المقريزي (ت 845هـ) رحمه الله يصف حال زمانه ويستغرب من تلك الأحكام التي يصدرها العلماء تزلفا للأمراء والسلاطين وتغييرا لمعالم الدين , والأسوأ من ذلك أن تُعدّ حكما شرعيا !! , ثم انظروا كيف علّق المقريزي رحمه الله في كلمات بسيطة على هذه المأساة.
يقول الإمام تقي الدين المقريزي رحمه الله : " وفي هذا الشهر ادعى على يهودي متزوج أنه زنى بيهودية, فعني به بعض خواص السلطان حتى حكم له بعض نواب القضاة الحنفية برفع الرجم عنه!!, ونفذ حكمه من عداه من القضاة الذين مذهبهم رجمه, فكان هذا من شنيع ما حُكم به في زمننا!. وهو وإن كان مذهب الحنفية أن الكتابي المتزوج لا يُرجم, فإنه لم يحكم به قاض فيما أدركناه.
ولكن خكم بعض نواب القضاة الحنفية في الأيام الأشرفية برسباي بشنعاء, وقد ضرب العفيف النصراني بحضرة السلطان حتى أظهر الإسلام!!. وكان له أولاد بالغون, فكره إسلامهم, وخاف أن يُكرهوا عليه, فرغب إلى من حكم به ببقائهم على النصرانية, وأن لا يدخلوا في دين الإسلام, فجاء من حكمه بطامة لم يُعص الله بأقبح منها. وعُدَّت مع ذلك أنها حكم شرعي !!!.
فيالله!!, ما أخوفني من سوء عاقبة هذه الأحكام, ولله در القائل:
إذا جار الأمير وصاحباه *** وقاضي الحكم داهن في القضاء
فويل ثم ويل ثم ويل *** لقاضي الأرض من قاضي السماء."أ.هـ (1)
فتأمل مقولة المقريزي : فيالله!!, ما أخوفني من سوء عاقبة هذه الأحكام!! .. وكأنه رحمه الله يرى بعين اليقين عقوبة ذلك التلاعب بالدين في خذلان الله للدولة المسلمة , وقد كان بعد ستين سنة تقريبا, سقطت دولة المماليك واستبدل الله بها خير منها وهي الدولة العثمانية !!
وهذا هو وظيفة المؤرخ ان يرى المستقبل بما لديه من مخوزن ضخم من أحداث التاريخ , فيرى مواضع الخلل في الأمة وينبه عليها ويدعو الناس لتفادي ذلك الخلل من موانع التمكين.
نسأل الله تعالى ان يستخدمنا ولا يستبدلنا وأن يقيمنا على ثغر التاريخ كما يحب ويرضى ... آمين آمين آمين
-------------------------------------------------
(1) السلوك في معرفة دول الملوك, للمقريزي (الجزأ الرابع, القسم الثالث ص 1212)
محمود حافظ
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم , ثم أما بعد ...
علماء السوء !! أحذية السلطان !! لا يزال هذا الصنف من أدعياء العلم موجودون في كل زمان ومكان , وكتب تقي الدين المقريزي (ت 845هـ) رحمه الله يصف حال زمانه ويستغرب من تلك الأحكام التي يصدرها العلماء تزلفا للأمراء والسلاطين وتغييرا لمعالم الدين , والأسوأ من ذلك أن تُعدّ حكما شرعيا !! , ثم انظروا كيف علّق المقريزي رحمه الله في كلمات بسيطة على هذه المأساة.
يقول الإمام تقي الدين المقريزي رحمه الله : " وفي هذا الشهر ادعى على يهودي متزوج أنه زنى بيهودية, فعني به بعض خواص السلطان حتى حكم له بعض نواب القضاة الحنفية برفع الرجم عنه!!, ونفذ حكمه من عداه من القضاة الذين مذهبهم رجمه, فكان هذا من شنيع ما حُكم به في زمننا!. وهو وإن كان مذهب الحنفية أن الكتابي المتزوج لا يُرجم, فإنه لم يحكم به قاض فيما أدركناه.
ولكن خكم بعض نواب القضاة الحنفية في الأيام الأشرفية برسباي بشنعاء, وقد ضرب العفيف النصراني بحضرة السلطان حتى أظهر الإسلام!!. وكان له أولاد بالغون, فكره إسلامهم, وخاف أن يُكرهوا عليه, فرغب إلى من حكم به ببقائهم على النصرانية, وأن لا يدخلوا في دين الإسلام, فجاء من حكمه بطامة لم يُعص الله بأقبح منها. وعُدَّت مع ذلك أنها حكم شرعي !!!.
فيالله!!, ما أخوفني من سوء عاقبة هذه الأحكام, ولله در القائل:
إذا جار الأمير وصاحباه *** وقاضي الحكم داهن في القضاء
فويل ثم ويل ثم ويل *** لقاضي الأرض من قاضي السماء."أ.هـ (1)
فتأمل مقولة المقريزي : فيالله!!, ما أخوفني من سوء عاقبة هذه الأحكام!! .. وكأنه رحمه الله يرى بعين اليقين عقوبة ذلك التلاعب بالدين في خذلان الله للدولة المسلمة , وقد كان بعد ستين سنة تقريبا, سقطت دولة المماليك واستبدل الله بها خير منها وهي الدولة العثمانية !!
وهذا هو وظيفة المؤرخ ان يرى المستقبل بما لديه من مخوزن ضخم من أحداث التاريخ , فيرى مواضع الخلل في الأمة وينبه عليها ويدعو الناس لتفادي ذلك الخلل من موانع التمكين.
نسأل الله تعالى ان يستخدمنا ولا يستبدلنا وأن يقيمنا على ثغر التاريخ كما يحب ويرضى ... آمين آمين آمين
-------------------------------------------------
(1) السلوك في معرفة دول الملوك, للمقريزي (الجزأ الرابع, القسم الثالث ص 1212)