مشاهدة النسخة كاملة : بن خلدون ** نظرة أخري * حياته و كتبه و منهجه * د . عماد الدين خليل .


ابو وليد البحيرى
10-05-2015, 02:29 PM
بن خلدون ** نظرة أخري * حياته و كتبه و منهجه *
د . عماد الدين خليل



بسم الله الرحمن الرحيم



فهذا الموضوع الخاص كان الجزأ الاخير من موضوعي ( فوائد وقفات مع التاريخ الاسلامي لـ د عماد الدين خليل ) ولـ أهمية هذا الموضوع رأيت ان أفرده مستقلا عن هذه السلسله وجزاكم الله خيرا


________________________





( بــــن خلــــدون )





http://up.3dlat.com/uploads/13064559491.jpg







يقول د عزام :



ابن خلدون يعتبر في بعض المراجع مؤسس علم الاجتماع رغم أن هناك بعض الغربين لا يؤيدون ذلك لكن أشتهر بفلسفته في التاريخ واشتهر بفلسفته السياسيه والاجتماعيه بالاضافه الي إبداعات بن خلدون الفلسفيه وابن خلدون كان رجلا سياسيا وقاضيا وفقيها فكان رجلا موسوعيا من الناحيه النظريه والناحيه العمليه وبما أن له في التاريخ جولات ممثلا في موسعته التاريخيه وله في فلسفه التاريخ مقالات مهمه من خلال ( مقدمته ) لعل من المفيد أن نتكلم عنه ونفهم هذا الرجل ونقييم اسهامته وانجازاته .






فيعقب د عماد الدين خليل فيقول :






هذا الرجل يدخل عليه من ابواب شتي لانه عقليه موسوعيه في فكره وفي حياته معا شخصيه جياشه علي أرض الواقع وفي مجال الافكار التي قدمها وهو حيثما أدرت الكاميرا يبدو رجل متفوقا حتي كاشاعر قصائده عزبه وغنائيه وتنطوي علي روح الشعر فضلا عن إلمامه المعهود باللغه واساليبها وقضايا التربيه والتعليم متفوق في نظريه المعرفه وفي فلسفه التاريخ وعلم الاجتماع وفي العلوم الشرعيه باعتباره كان قاضيا وهذه مهمته الاساسيه فحيث ما أدرت المنظور وجدت نفسك أمام رجل متفوق....






وبالتأكيد هذا التفوق لم يأتي من فراغ أو من خلال قفزه مفاجأه لا بالتأكيد هناك الكثير الكثير ممن سبقوه وقدموا اعمالا ومرئيات ووجهات نظر سواء في فلسفه التاريخ وعلم الاجتماع وفي السياقات الاخري التي أشتغل عليها بن خلدون وبالتالي تلقها هذا الرجل في رصيده العقلي ثم أعمل ذهنه في إعاده بنائها في تقديم رؤيه جديده كان هدفها الاساس وضع معايير أكثر علميه أكثر موضوعيه أكثر دقه في تمحيص المرويات التاريخيه .







في كتابه ( المقدمه ) أراد أن يضع معايير ليس لنفسه فقط وإنما لكل المؤرخين الذي رأي فيهم أنهم دخلوا متاهات وقدموا روايات لا يمكن أن يقبلها عقل ولا علم ولا واقع تحتاج الي معايير صارمه لفرز ما يمكن قبوله منها وما لايمكن قبوله ووضع لهذه ( المقدمه ) مقدمه تقريبا من 50 صفحه يعتني فيها بمسأله المعايير التاريخيه هذه ..




أما ( المقدمه ) التي قسمها الي ست ابواب فلا تتمركز فقط في فلسفه التاريخ وانما تمضي الي نظريه المعرفه و نظريات تربويه بعضها يطل علي العصر في غناه وخصوبته وتقدميته وقدم رؤيا في معراف عديده شتي ...








* بن خلدون






جغرافيا هو ابن البيئه الاندلسيه المغربيه والتونسيه وفيما بعد المصريه ايضا فقد تلقي ثقافات وجيشان ذلك العصر الذي كان علي المستوي التاريخي عصر جياش بالمبدعين والباحثين والمصنفين والذي قلناه فيما قبل علي أن الحضاره الاسلاميه لم تنطفئ بسقوط بغداد وأنما شقت طريقها في جغرافيات أخري وتألقت هناك بدأ من الشام مرورا بمصر وانتهاء بالشمال الافريقي والاندلس فهو ابن مرحله كانت اشبهه بمرحله استجابه لتحديات الاعصار المغولي وفضلا عن تحديات داخليه بسبب صراعات عديده أتت علي دول شتي جاءت علي الشمال الافريقي وفي الاندلس وكيانات سياسيه شتي والصراع المعروف بين الفقهاء والفلاسفه كل هذه العوامل أجتمعت علي تشكيل هذا العقل الخصب .








http://upload.wikimedia.org/wikipedia/commons/thumb/3/37/Hacienda_Torre_de_Do%C3%B1a_Maria.jpg/800px-Hacienda_Torre_de_Do%C3%B1a_Maria.jpg


مزرعة هاسيندا توري دي دونيا ماريا بدوس هيرماناس، إشبيلية. كانت ملكيتها لعائلة ابن خلدون










http://upload.wikimedia.org/wikipedia/commons/thumb/0/03/Mosque_Ibn_Khaldoun.jpg/450px-Mosque_Ibn_Khaldoun.jpg



المسجد الذي درس فيه ابن خلدون خلال صباه بالعاصمة التونسية














* بن خلدون







يعتبر علي مستوي التحليل التاريخي والاجتماعي هو مؤسس علم الاجتماع وفلسفه التاريخ فالتاريخ معني بحركه المجتمعات وبالتالي فإن فلسفه التاريخ تلتقي مع علم الاجتماع في سياق واحد وهو تحليل القوانين التي تحرك المجتمعات وتسوقها الي أن تنشأ دولا والتي تسوقها أيضا الي أن تضمحل وتتلاشي وتخرج من التاريخ وليس كما يقال في الادبيات الغربيه في أن ( أوگست كونت August Comte ) الفرنسي هو الذي اسس لعلم الاجتماع وهو الذي جاء بعد قرون طويله من بن خلدون...




ولكن للاسف الشديد قضيه الكشف عن قوانين الحركه التاريخيه الذي تألق فيها بن خلدون وكتب ( مقدمته ) المتفوقه هذه كان يعوزه أن يعترف بأنه ليس أول من قام بعمليه الكشف عن قوانين الحركه التاريخيه وإنما سبق في ذلك بما يقرب من سبعه قرون في النص القرأني القادم من عند الله سبحانه وتعالي والذي لاول مره في التاريخ البشري نتلقي تأسيسات في غايه القيمه علي ان التاريخ لا يتحرك بفوضويه وعلي غير هدي وإنما تضبطه سنن ونواميس كتلك التي تضبط الظواهر الطبيعيه سواء بسواء فإذا اجتمعت مجموعه من السنن والنواميس الايجابيه في مرحله ما لدي أمه أو قبيله أو شعب ما لاستطاعت أن تدفعه لتأسيس دوله وحضاره متفوقه واذا أجتمعت سلبا بإتجاه أخر قادت تلك الحضاره أو الدوله الي التيبس والضمور والافول والخروج من التاريخ .







http://www.marefa.org/images/b/b3/Auguste_Comte.jpg


أوگست كونت August Comte













* بن خلدون







أعطانا إثنتين من المعاييرالمهمة وهما:




1- تمحيص الروايه التاريخيه



2- والثانيه معايير فهم الوقائع التاريخيه وفق سنن وقوانين لم يكن يلتفت إليها الا بعض المؤرخين السابقين .






ويجب أن نشير هاهنا أن بن خلدون ليس فردا في هذا المجال فقد سبقه كل المؤرخين السابقين الذين نجد في طوايا أعمالهم بعض اللمسات والتأشيرات والمعطيات عن كشف لقانون الحركه التاريخيه وبخاصه ( المسعودي ) في ( مروج الذهب ومعادن الجوهر ) وكتابه الاخر ( التنبيه والاشراف ) و ( بن الاثير ) له ايضا لمسات تفسيريه للوقائع التاريخيه و نري ايضا ( مسكويه ) في كتابه ( تجارب ألامم ) كما يدل العنوان يوحي بأن هناك محاوله لفهم العوامل التي تخضع لها تجارب الامم ثم لا ننسي أيضا ( الطرطوشي ) في ( سراج الملوك ) وكل كتب التنظير السياسي مثل ( سيايه نامه ) لــ ( نظام الملك ) و ( الماوردي ) في ( الاحكام السلطانيه ) كلها من مغذيات الفكر الخلدوني ومن السابق علي الفكر الخلدوني فيما قدمته من معطيات ولمسات ولكن بن خلدون جمع هذا كله وأضاف عليه وقدم نظريه تكاد تكون شبه متكامله في البدء والصيروره والمصير فأعطت بن خلدون تميزا مستقلا ..







ولكن كان عليه أن يشير علي أن القرأن الكريم و السباق بعلم الله عز وجل الي السننيه التي تخضع لها الحركه التاريخيه


( قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِكُمْ سُنَنٌ فَسِيرُواْ فِي الأَرْضِ فَانظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ هَذَا بَيَانٌ لِّلنَّاسِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِّلْمُتَّقِينَ وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ إِن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِّثْلُهُ وَتِلْكَ الأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَاء وَاللَّهُ لاَ يُحِبُّ الظَّالِمِينَ )




يعني في هذا المقطع القرأني أربع قوانين من قوانين الحركه التاريخيه .




وفي آيه اخري :




( أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا وَاللَّهُ يَحْكُمُ لَا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ وَهُوَ سَرِيعُ الْحِسَابِ )




وآيه أخري :




( ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الارض )




و ( ولو شاء ربك لجعل الناس أمه واحده)




و (وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ إِلا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ)




التدافع والتداول والتغاير سنن يؤكدها القرأن الكريم في صميم الحركه التاريخيه.








* من أبرز ما شكل عقليه بن خلدون الاحتكاك بالحياه العامه والسياسيه وخاصه وهو كان رجل مؤرخ الذي أعطاه هذا الاحتكاك قدره علي تحليل الظواهر والاشياء فا خبراته الحياتيه ولا اقول العمليه خبرته الحياتيه بعمومها أعطته هذه الامكانيه علي الايغال في تفسير الحوادث والظواهر والاشياء فضلا عن معرفته ومتابعاته في كتب الاقدمين الذين سبقوه وعن إمتلاكه عقليه مدهشه في قدرتها علي الكشف والتحليل .








| جيبون و شبلنجر ونظريتهما |




* هناك بعد ذلك من نحا هذا النحو فعندنا مثلا ( إدوار جيبون ) في ( تدهور وانحلال الامبراطوريه الرومانيه ) و ( شبلنجر ) في ( أفول الحضاره الغربيه ) بما سمونه التفسير الاحيائي للتاريخ أي أن الامم تنهض وتشب وتقف علي قدميها ثم تشيخ وتصفر وتذبل ثم تكون حطاما ثم تخرج من التاريخ والتي سبقهم اليها القرآن الكريم أيضا الي حد كبير فهذا قدر لامفر منه أن كل أمه لابد أن تجتاز هذه المراحل كما يجتازها الانسان فهم قد تـأثروا به وتأثروا أيضا بمعطايتهم وثقافتهم الخاصه فبنوا أعمالهم تلك وكتاب ( جيبون ) رائع في تفسير إنهدام الامبراطوريه الرومانيه في جناحيها الايطالي والبيزنطي الشرقي و ( شبلنجر) أسر عقول كثير ممن قرأو له بموسوعيته هو الاخر وبعمق ثقافته .







http://upload.wikimedia.org/wikipedia/commons/d/de/Edward_Emily_Gibbon.jpg


إدوار جيبون













* بن خلدون يطرح نظريتين :




منها نظريه الاجيال الحاكمه وهي ان كل دوله تعيش 130 سنه أي ثلاث أجيال فوقع في الخطأ وأنا عندما كتبت كتابي عن بن خلدون قلت أن السبب الذي يكمن وراء بعض أخطاء بن خلدون هو أغواء المنهج من أجل أن يكون له منهج بتحديتات صارمه فتقع في الخطأ وتقدم معطيات لا تتوافق مع الوقائع التاريخيه فالدوله العباسيه عاشت 537 سنه ليست ثلاث أجيال ولكن عشرات الاجيال والدوله الامويه أقل من جيلين .


كما أنه يعطي للعامل الجغرافي حجم كبير في تفسير التاريخ وقضيه موقفه من العرب أنهم أذا دخلوا مصرا أفسدوه وخربوه ولم يحدد ماذا يقصد بالعرب أكان يقصد البدو أو العرب المتحضرين فظلت القضيه معلقه علي كل من دافع عنه وقال أنه يقصد البدو فأنا درست القضيه ورأيت انه لا يقصد البدو يقصد العرب تحديدا وقلت أن السبب هو اغواء المنهج .


ومع كل هذا فا بن خلدون من أصول عربيه ليس كما يقال أنه بربريا فهو من أصول يمنيه من قبيله هاجرت من اليمن واستقرت في الشمال الافريقي فلا يحمل أي نزعه شعوبيه علي الاطلاق مخلص لعروبته ولكن اغواء المنهج قاده الي هذا .










| دفاع عن بن خلدون |








* بن خلدون يبقي الابن البار لهذا الدين وثوابت هذا الدين ولثقافه هذا الدين رغم عدم إشارته الي أن القرأن سبقه في إضاءت قوانين الحركه التاريخيه . ليس علي خلاف ما أراد بعض المستشرقين بمحاوله إخراج بن خلدون من بيئته الاسلاميه وجعله ابنا هجينا لبيئات أخري غير إسلاميه علماني أو شعوبي أو ماركسي فــ ( مهدي عامل ) في لبنان في كتابه الصغير انتقي من مقدمه بن خلدون بعض المقاطع وأخرج لنا بن خلدون رجلا ماركسيا وليس هذا فحسب ولكن يلغي أي علاقه بين بن خلدون والدين بل يصطنع عداوه بين بن خلدون والدين .








http://www.memoryatwork.org/public/uploads/pictures/413590.jpg


مهدي عامل












وعندنا كبار المستشرقين ( ناتالي شميت ) و ( موير ) و ( فيسندونج ) كلهم يشيرون في أعمالهم عن بن خلدون علي ان الرجل ليس له علاقه بالجذور والتأثيرات الاسلاميه يعمل خارج هذه المنظومه وإذا ذكر الايات القرانيه والاحاديث النبويه احيانا يذكرها من باب المجامله ودغدغه عواطف القراء .









| بن خلدون إسلاميا |





ومصدر هذا الحركات الاستشراقيه التي تريد في كثير من الاحيان أن تبعد التأثيرات الاسلاميه عن صيروره التاريخ فمن أجل أن يقيموا بن خلدون ويلمعوه بأكثر مما يجب فيخرجوه من الدائره الاسلاميه فمقصدهم أن الاسلام ليس قدير علي إخراج عمالقه كهؤلاء البيئات العلمانيه وحدها هي التي تخرجهم وقد ناقشتهم الواحد تلو الاخر في كتابي الذي تعمدت تسميته بــ ( بن خلدون إسلاميا ) لانه تبين أنه في تحليله في فلسفه التاريخ ولوقائع التاريخ الاسلامي في فصل ثاني ولنظريه المعرفه في فصل ثالث ومعطايته التربويه في مقطع رابع كلها تنبثق من ثوابت وتأسيسات إسلاميه تحديدا فليس ثمه مجال للقول بأنه أشتغل خارج التأثيرات الاسلاميه فتسقط هذه النظريه كليه بمجرد الرجوع الي صلب ( المقدمه ) لكي نري ما فيها ...




وصدر كتابي هذا عام 81 عن المكتب الاسلامي في بيروت وأعيد طبعه بعد أذن ثم كلفتني ( منظمه التربيه العربيه للثقافه والعلوم ) بأن أكتب عن بن خلدون تربويا في مجلد ظهر في أربع أجزاء أستكتب له عدد كبير من الباحثين عن كبار التربويين في تاريخينا فكان حصتي أثنتين ( بن خلدون ) و ( حاجي خليفه ) وكان مرآه لابن خلدون نقل حرفيا كثيرا من قاله بن خلدون ..






والابداع التربوي أكيد لابن خلدون وهو يقارب بنظرياته التربويه أحدث الكشوف التربويه في العصر الحديث والمدارس التربويه في العصر الحديث فهذا الرجل عجيب أمره حتي وهو يعمل في مجال التربيه مربي من طراز اول وهذا الكتاب أسمه ( تاريخ التربيه العربيه الاسلاميه ) يضم بين دفتيه معظم الذين كتبوا في التربيه في تاريخينا بما فيهم ( الغزالي) و ( بن خلدون ) و ( حاجي خليفه ) و( الشاطبي ) والي أخره .








* بن خلدون





عندما ذهب الي مصر في عهد المماليك كان قاضيا للقضاه واستغرق هذا فتره زمنيه ولكن في الدويلات التي عاشها وأحتك بها وتسلم بعض المناصب فيها كانت علاقته في غايه القلق والتغير حتي أتهم في إحدي المرات بأنه يتأمر مع مجموعه إنقلابيه ضد احدي الامارات حتي أعتزل هذه الاعمال في قلعه ( سيجلماسي ) في تونس لكي يتفرغ هناك لكتابه ( مقدمته ) وربما ( تاريخيه ) فلما ذهب الي مصر نكب بذهاب عائلته في البحر غرقا فكانت صدمه شديده له ومع هذا لم تؤثر هذه الحادثه علي شفافيه عقله وذكائه وقدرته علي العمل وكان هذا في عصر المماليك ( البرجيه ) في بدايات القرن التاسع الهجري .








| بن خلدون ومنهجه في نقد المرويات التاريخيه ومخالفه ذلك في كتابته للتاريخ |






* بن خلدون في ( مقدمته ) هناك مقاطع أعتني بها بسرد بعض وقائع التاريخ الاسلامي وتمحيص مرواياتها لكنها ضيقه يمكن في الـ 50 صفحه الاولي من هذه المقدمه ولكنها ذات قيمه بالغه لانه علمنا كيف نرفض التسليم للمرويات وعلمنا كيف نرفض قبول ما تردد علي ألسنه المؤرخين كابر عن كابر وأعمل سلاح النقد والرفض بكل ما يرتطم مع العقل والعلم والواقع وطبيعه المرحله التاريخيه التي تخلقت فيها الاحداث لكن في كتابه الكبير ( العبر ) لم نجد أثرا لمعاييره حيثما قلبنا صفحاته فيكاد يكون نقالا لما أورده الطبري وأبن الاثير وغيرهم من المؤرخين الكبار كانوا يوم ذاك ينقل بعضهم عن البعض الاخر دون أن يشير للمصدر الذي نقل عنه فكانوا يعتبرون العلم مشاعا والي هذه اللحظه هناك الكثيرون ممن يعتبرون العلم مشاعا وقد افاد الناشرون فائده كبري من هذه المقوله التي عززها بعض الفقهاء وأفترسوا حقوق المؤلفين وما أكثر المؤلفين الذين أفترست حقوقهم لكون الناشر وضع في ذاكرته أن العلم مشاع ولا يدفع عليه شئ وهذا من الطرائف المحزنه في تاريخ علاقتنا نحن جميعا علي مدي أربعين سنه مع الناشرين بعضهم ملتزم أشد الالتزام أمانه وأخلاصا لكن الكثير منهم لا..






في العالم الغربي هنالك غطاء قانوني يحمي حق المؤلف وحق الناشر معا أما في ديارنا العربيه لا يوجد حتي الان أي غطاء قانوني وجرت محاولات من قبل إتحادات الكتاب والمؤلفين العرب في أكثر من مؤتمر وندوه من أجل تثبيت حقوق المؤلفين والناشرين والبحث عن غطاء قانوني فلم يصلوا الي نتيجه كالعاده .







وانا دخلت في تجربه مره فــ كتابي ( التفسير الاسلامي للتاريخ ) الذي نشرته ( دار العلم للملايين ) عام 1974 في إحدي البلادان الاسلاميه أفترسه شخص نسبه الي نفسه بنص الكتاب كاملا وأسم مؤلف أخر فعندما أردت أن اقدم شكوي لمتابعه حقي الادبي في هذا الموضوع وصلت الي ربع الطريق وقالوا لي قف فليس هناك اي فرصه لاستعاده حقك وإدانه هذا المجرم اللص الذي سرق كتابك .










| سؤال لماذا لم يلتزم بن خلدون بمعاييره في النقد التاريخي ؟ ! |





* سؤال لماذا لم يلتزم بن خلدون بمعاييره في النقد التاريخي الي هذه اللحظه مازال هذا السؤال معلقا فلم يستطيع أحد أن يجد الجواب المناسب فلعل الرجل ألف كتابه في التاريخ قبل ( المقدمه ) ولعله ألف الكتاب بعد ( المقدمه ) ولكن كثره مطالبه مع جمع ماده الكتاب لانه كتاب غزير وصحيح أنه في أقسامه الاولي يأخذ عن الاخرين ولكن الاقسام القريبه من عصره أو الذي عاصرها هو شخصيا لا يستطيع أحد أن يتجاوز العبر في الاخذ عنه ورجع فيها الي مصادر ومراجع لم تتيسر للمؤرخين في العصر الحديث فهم مضطرون الي العوده الي كتاب ( العبر ) ليسدوا الفجوات المطلوبه والتي لا نكاد أن نجد عشر معشارها في كتب ألاخرين أما الاقسام الاولي التي سبقته الي القرن السادس الهجري مثلا فتكاد تكون مؤخوذه عن من سبقه في تغطيه هذه المرحله الزمنيه .






ولعل زحمه أعماله أو أنه وضع ضمن برنامج عمله أن يرجع الي هذا التاريخ كي ينفذ عليه معايير الجرح والتعديل الخلدونيه الذي وعده به في ( المقدمه ) فلم تتح له اعماله الوظيفيه ورحالاته فعندنا ( رحله بن خلدون شرقا وغرب ) سيره ذاتيه بديعه من السير الذاتيه القليله في مكتبتنا التاريخيه ومقابلته لــ ( تيمور لنك ) هذا الطاغيه المغولي في حوار مؤثر و(تيمور لنك ) كان في موجات المغول الثالثه فنحن عندنا ثلاث موجات للمغول موجه المغول ( الجانكيزيه ) وموجه للمغول لــ ( هولاكو ) الحفيد التي ***ت بغداد ثم موجه ( تيمور لنك ) هذا الرجل الاعرج الذي دوخ العالم وسحق نصف أوربا وسحق نصف العالم الاسلامي وقيل أنه كان يبني المنائر من جماجم ال***ي ولا ندري ما مدي صحه هذا الكلام وكان محسوب علي المسلمين لانه كان مسلما لكن طاغيه جبار فيبدو ان عرجه ولد لديه عقده نقص دفعته الا أن يعكس هذا النقص بأن يكون أقوي رجل في العالم فعقده النقص تتحرك سلبا أو ايجابا فتحركت أيجابا لدي ( بيتهفون ) مثلا الذي أصيب بالصمم فحاول أن يخترق التحدي من مكمنه فيكون أعظم موسيقار في العالم وهي قضيه سمعيه .










https://fbcdn-sphotos-a.akamaihd.net/hphotos-ak-ash3/551115_10150923305038396_1387473925_n.jpg


لوحة رسم لـ تيمور لنك













* بن خلدون في ( مقدمته ) يتناول مقاطع من تاريخ الاسلام منفذا فيها معاييره فيسقط مقوله ان الخلفاء العباسيين كانوا مترفين ويأتي بالادله والمرويات التي تأكد أنهم كانوا يعيشون علي الشظف وحياه متواضعه وبسيطه وكذلك يفعل في قصه (العباسه ) أخت ( الرشيد ) التي أتهمت بعلاقات ما مع ( البرامكه ) واثبت أن الامر ليس كذلك علي الاطلاق ويدافع عن العديد من ثوابت هذا التاريخ وقيمه بتحليل نقدي فيناقش قضيه خروج موسي عليه السلام من مصر بــ بني إسرائيل الي فلسطين في قضيه العدد الذي اصطحبه الي هناك ويفند هذا العدد الذي قيل أنه 600 الف ويقول بأن المراحل التاريخيه التي أجتازها الوجود اليهودي في مصر لا يؤهلم ليبلغوا هذا العدد .








* نقد بن خلدون يعتمد علي معطيات العقل الصرف المحض كما يقول ( كانت ) ويعتمد علي معطيات العلم فينزل ثوابت علم الفيزياء وعلم الطبيعه وعلم الفلك علي بعض المرويات التاريخيه التي تقدم لنا روايات تصدم مع بداهات علم الفلك أو علوم الفيزياء أو الكيمياء ويعتمد بن خلدون ايضا علي المقارنات التاريخيه بمقارنه روايه بروايه من خلال العصر نفسه فعندنا العقل والعلم والتاريخ نفسه هم المعايير التي أعتمدها بن خلدون في جدله مع مروياته القليله أو الظواهر القليله التي ناقشها في مقدمه ( مقدمته ) وكنا نتمني أن ينزل هذا علي كتابه كله في التاريخ فكان سيكون هائلا في أهميته وفي فائدته وفي إرشاده في الذين سيأتون من بعده علي ماهو صحيح وما هو خاطئ في مسار تاريخينا الاسلامي .










http://germanhistorydocs.ghi-dc.org/images/00010371_Immanuel%20Kant.jpg


كـانــت






* بن خلدون يعتمد في معاييره التاريخيه علي نقطه العصبيه القبليه وهي نقطه إرتكاز في فلسفته [ القبيله ] كما أن في التفسير الماركسي للتاريخ [ الطبقه ] هي نقطه الارتكاز وفي تفسير ( شبلنجر ) حركه الحياه مابين الولاده والموت تفسر التاريخ ولدي ( هيجل ) صراع الافكار الاطروحه ونقيضها ولدي ( تيونيبي ) نقطه ارتكازه الاساسيه قدره اي جماعه بشريه علي الاستجابه للتحديات الطبيعيه أو البشريه بالتفوق عليه فهي في طريقها لصنع حضاره خاصه بها وحيثما عجزت عن مقارعه التحدي عجزت عن إنشاء حضاره لها .








بن خلدون يخالف هؤلاء جميعا في أن نقطه الارتكاز في نظريته هي القبيله ذات العصبيه التي يسعي افرادها الي نصرتها والي تمكينها في الارض فعندما تتحول هذه القبيله من التنقل الي الاستقرار في مصر من الامصار تكون قد انشأت دوله أو اماره وسيقدر لهذه الاماره بقدر قوه تلك العصبيه القبليه أن تمتد وتتوسع وان يكون لها مكان في خريطه العالم .





ولكن العصبيه وحدها في النظريه الخلدونيه ليست هي المحركه الا بوازع من الدين وهذا رد علي مقولات المستشرقين و ( مهدي العامر ) واخرين فابن خلدون يقولها بصراحه في أكثر من مقطع من مقدمته ان العصبيه وحدها لاتكفي بمعزل عن الدين فالدين هو الذي يمكن للعصبيه من ان تشدد اواصرها التحاما وتزداد تألقا وبالتالي تمكنها قوه الدفع الديني من أن تنشئ دولا وممالك وحضارات وحيثما ضعف الوازع الديني وضعفت معه العصبيه القبليه حيثما آل الامر لتلك الدوله الي فقدان قوتي تأسيسها والمعروف عند فلاسفه التاريخ أن الدول ممن يؤسسها فلما تضعف قوي التأسيس تضعف تلك الدول وتخرج من الوجود .







مشكله بن خلدون هنا أنه حدد هذه العمليه ونحن في هذا القرن الحادي والعشرين كما سقطت نظريه ( ماركس ) و ( أنجلز ) إنتهت فكره الصراع الطبقي الان عندنا موظفين بدلا من الطبقه العامله الملطخه ثيابها بالقار وبالنفط الاسود عندنا الان موظفين أنيقين هم الذين يشغلون المصانع ويأخذون رواتب عاليه وإنتهت فكره الطبقه اساسا فـ ( ماركس ) و ( أنجلز ) لم يمتلكوا هذه الرؤيه الشامله و بن خلدون كذلك لم يمتلك هذه الرؤيا أنه سيجي وقت من الاوقات سيكون للحزب وليس للقبيله الدور في تأسيس دوله مثلا أو للمجموعه أو للمنظمه أو الي أخره وما قدر أيضا هذا التحديد الزمني الصارم الذي لا مبرر له فكان لو تركها مفتوحه لكان أفضل .










| مقدمة بن خلدون وتحقيقها |




* ( مقدمه ) بن خلدون حققت وأدق تحقيق لها الدكتور ( علي عبد الواحد وافي ) في أجزائه الاربع مع شروحاته الخصبه وتخصيص الجزء الاول من هذه المجلدات الاربعه لنقد نظريه بن خلدون بالنقل عن كبار الباحثين في ما هي المآخذ التي تؤخذ عن بن خلدون في نقاط ويبين جوانب التألق والابداع .










http://photo.goodreads.com/books/1262114841l/7443989.jpg






| مكانة بن خلدون العلمية في تاريخ البشرية |







* لم يتلقي مؤلف أو باحث أو مؤرخ أو اديب في تاريخ البشريه ما تلقاه بن خلدون من بحوث ولا يضاهيه في هذا الا اثنان في عدد ما كتب عنهم وهم محمد صلي الله عليه وسلم وشكسبير الاديب البريطاني المعروف أكثر ثلاثه في تاريخ المكتبات العالميه تلقت أعمال ودرسات وبحوث هم محمد صلي الله عليه وسلم وبن خلدون وشكسبير ولا يزال الباب مفتوحا للكثير مما يمكن أن يقال عن هذا الكتاب ذي المجلد الواحد الذي فجر هذه الاعمال كلها بسبب تأسيسه لعلم لم يكن قد استكمل جوانبه في هذا الوقت وهو علم الاجتماع أو فلسفه التاريخ .







* بن خلدون تأكيدا علي إسلاميته أنه في الفصل الاخير في كتابه يؤكد علي أن المعرفه الحقيقيه لا تتأتي بدون الانبياء كواسطه لنقل الوحي الالهي الي الارض ففكره الوحي والوجود هما الاداتان التي تشكل المعرفه الحقيقيه فهو بذلك يؤكد توجهه الايماني الاسلامي من حيث تاكيده علي نقطه الارتكاز في التشكل المعرفي هو الوحي وكذلك إحدي اللمسات الاساسيه في رؤيته المعرفيه حملته الشامله علي السحر والخرافه وما كان يسمي يوم ذاك بتحويل المعادن الرخيصه الي ذهب ويصف هؤلاء بالمشعوذين لا يركن اليهم وكان يبدأ باحاديث الرسول صلي الله عليه وسلم طالما استشهد بها وبالايات القرانيه لتأكيد مقولاته في هجومه علي التنجيم ويخلص الي القول بأن التنجيم بدأ مع فلاسفه اليونان لا اساس علمي له .






http://upload.wikimedia.org/wikipedia/commons/thumb/9/93/Dar_Ibn_Khaldoun.jpg/800px-Dar_Ibn_Khaldoun.jpg


دار ابن خلدون بالعاصمة التونسيه





http://farm4.staticflickr.com/3205/2450396345_8d484ed368_z.jpg






http://farm4.staticflickr.com/3438/3261678636_81428417b5_z.jpg

منقول