مشاهدة النسخة كاملة : مقارنة بين القائد الإيجابي والقائد السلبي


ابو وليد البحيرى
14-05-2015, 01:45 PM
مقارنة بين القائد الإيجابي والقائد السلبي

عبد الستار المرسومى



القائد الإيجابي
القائد السلبي
علاقته مع الله جل جلاله علاقة عبد مع معبود، ومخلوق مع خالق، وهي علاقة صحيحة، ويعتبر الجانب الإيماني هو الأساس الذي يبني عليه شخصيته، لينطلق منها للقيادة الفعالة والإيجابية؛ لذلك تجده يتقرب إلى الله جل جلاله بالأعمال الصالحة، ويتجنب العصيان، ويهتم بالارتقاء بالجانب الروحي لديه، ويتعاهده باستمرار، ويكون هذا الأمر دافعًا له للتميز والإبداع والتنمية.
علاقته مع الله جل جلاله يعتبرها هو علاقة ندٍّ لند، ولا يتردد في إعلان ذلك، بشكل مباشر أو غير مباشر؛ فهو يحارب أولياء الله جل جلاله سرًّا، ويُستفز من كل ما يَمُتُّ للإيمان بصلة، ولو علنًا، ولا يهتم بهذا الجانب للارتقاء بروحه، بل على العكس يعتبر الإيمان وتوابعه من معوقات القيادة، وسببًا في تأخر من يقودهم، ويعيش بسبب ذلك في حالة ضياع بسبب الفراغ الإيماني.
يعترف بإنسانيته (بشريته)، وما يعتري الإنسان من الخطأ والنسيان والتقصير والعجز، ويعتبر ذلك مسألة طبيعية، وليس عيبًا، ويعلنها صراحة أنه بشر، ولكنه يختلف عن الآخرين بالتكليف الوظيفي، ويشابههم بالإنسانية؛ فهو بذلك يطبق قاعدة (القائد الخادم)، وينفي عن نفسه علم الغيب، وهو متواضع، ولا يتوانى في أداء أي عمل، ولو كان رعي الغنم.
يحاول أن يوصل رسالة بأنه أرقى من بقية البشر، وينفي الخطأ والنسيان والتقصير والعجز عن نفسه، وفي بعض تصرفاته وأقواله دلالات على أنه يسعى لأن يكون ربًّا للناس من دون الله جل جلاله، وربما سعى ليكون إلهًا لهم، ويقولها صراحة إن سنحت له الفرصة المناسبة؛ فهو متكبر عالٍ في الأرض، يستنكف أن يباشر أعمالًا يراها لا تليق بشخصه ومقامه.
يُقرُّ بأن ما أوتي من قيادة الناس أو الملك أو رياستهم إنما هو من الله جل جلاله، وهو تكليف وأمانة، وليس تشريفًا، وأنه ابتلاء شخصي لا بد له من اجتيازِه بنجاح.
يعتقد أن توليه أمر القيادة إنما هو استحقاق شخصي، إما بالوراثة، أو باستحقاقه؛ لأنه الأصلح والأمثل والأكفأ بين الناس، وإنما أصبح قائدًا بحُسن تخطيطه وتدبيره.
يتصف بالعلم والحكمة، فيتصرف بهما باتزان وروية، ويوازن بين العقل والعاطفة، ولا يتوانى في طلب العلم من أي كان، وتحت أي ظرف، ويسعى لذلك بجد ومثابرة، ويركز أكثر على آراء مستشاريه الصالحين في المواضيع التي ليس له بها علم، فيعينه علمه على القيادة الإيجابية.
يتصف بالجهل البالغ، وتخفى عليه بسبب جهله أبسط الأمور وأيسرها، بل لا يعي حتى البديهيات، وغالبًا ما يكون متهورًا عاطفيًّا، متشنجًا، عجولًا في اتخاذ القرارات، فيقع في أخطاء كثيرة، وبسبب جهله يرى أنه أعلم الناس وأكثرهم علمًا، ويعتقد أنه ليس بحاجة إلى مستشارين ولا غيرهم.
يستثمر ما تمنحه له القيادة من صلاحيات إدارية ومالية وغيرها في خدمة أمته، فيكون أكثرهم نفعًا لهم، وآخرهم استفادة، وفي حالة تقاطعها مع المهام التي تقع على عاتقه، فإنه يتخلى عنها مباشرة.
يستثمر معطيات القيادة لمنافعه الشخصية، ويستخدمها للفسوق والعصيان، ويكون هو أول المستفيدين وآخر المسؤولين، ولا يتنازل عن أي امتياز شخصي يتحصل عليه من جراء وجوده في القيادة.
يقرِّب البطانة الحكيمة العاقلة الأمينة، التي تأمره بالمعروف وتنهاه عن المنكر، ولا تتردد في تقديم النقد البنَّاء والإيجابي له، وصفة هذه البطانة الصالحة أنهم أقوياء، رحماءُ فيما بينهم، أشداء على الكفار، وكذلك هم متقون، صالحون، صادقون، ويرتبطون معه بقيم المبادئ والأخلاق، وليس بالمصالح والمنافع المادية، ويكون من بين البطانة من ضعفاء الأمة وفقرائها.
يقرِّب بطانة سيئة، يتصفون بأنهم بعيدون عن الله جل جلاله، ضعيفو الرأي، متلونو الشخصية، متقلبو الأهواء، انتهازيون، يوافقونه على ما يريد ويهوى، تربطهم به المصالح والمنافع المادية الشخصية، وليس قيم المبادئ والأخلاق، يؤيدون آراءه وقرارته، وإن كانت خاطئة وغير موفَّقة، ويقدمون له نصائح ومقترحات تزيد من طغيانه وظلمه، وتجر الأمة إلى نتائج وخيمة.
يؤمن بأنه بحاجة إلى مساعد أو معاون أو نائب، أو أكثر، يساعده في القيادة، ويحمل عنه بعض همومها وأعبائها، وينوب عنه إذا غاب، ولا يتوانى عن أن يمنحه تفويضًا ببعض صلاحياته، ويُحدد النائب عن القائد عنده وفق الكفاءة والملائمة، ولا يشترط القرابة؛ ذلك أنه يؤمن بالعمل من أجل القضية وتحقيق أهدافها.
يعمل بشكل منفرد، ولا يعين مساعدًا ولا نائبًا؛ خوفًا من الانقلاب عليه، وإن اضطرته الظروف يعين مساعدًا هزيلًا ضعيفًا، لا يصلح للقيادة؛ فهو فاقد للثقة مع أقرب الناس إليه؛ لذلك فهو يتخذ من أولاده من يهيئه ليكون خليفته من بعده؛ ذلك أنه يعتقد أن القيادة ميراث من حقه وحق ذريته، وليس لأحد فيها شيء.
يتعامل مع رعيته بكل أصنافها وتفاوت مراتبها على أساس الاحترام المتبادل؛ حيث يستمع لصغيرهم وكبيرهم، ويشاورهم، ويعتمد المشاورة كآلية لاتخاذ القرارات، بل ويستشيرهم حتى في قضايا الأمة الإستراتيجية، فضلًا عن الصغيرة منها، ويأخذ أفكارهم بنظر الاعتبار والاهتمام، ويمنحهم كامل الحرية في إبداء آرائهم وممارستها عمليًّا، وحتى العقائدية منها، ولا يعدُّ كل مَن يخالفه في الرأي عدوًّا.
يصادر آراء الآخرين، ويتفرد بالرأي، ويلزمهم باعتماد رأيه، أو أن يرجعوا إليه قبل إبداء أي رأي، ولا يستشير أحدًا، ولو أراد أن يستشيرهم لسبب ما، فإنه يقدم لهم رأيه بطريقة خبيثة، بحيث تأتي الاستشارة من قِبلهم موافقةً لرأيه، وهو لا يحترم أحدًا، ويستخف بآراء الجميع، ويتصور أنهم يعملون خدمًا له، ولا يعيرهم أدنى اهتمام، وليس لديهم أي حرية في أي شيء، ويعدُّ كل من يخالفه في الرأي عدوًّا.
صحيح اللسان، فصيح المقال، واضح البيان، صادق، يستطيع السامع أن يفقه قوله، سواء كان عدوًّا أو صديقًا.
كلامه مشتت، كاذب، متردد في الأقوال، يطلق التصريحات جزافًا، ولا يعي نتيجة تصريحاته الخاطئة.
ليِّن مع من يقودهم، سواء كانوا صغارًا أو كبارًا، ليس بفَظٍّ ولا غليظ، يعفو عنهم إذا أخطؤوا، ويدعو لهم بالخير، ويسعى لإنقاذهم، وهذه الخصال تجعلهم يتمسكون به، ويلتفون حوله، ولا يتخلون عنه.
جبار، قاسي القلب، يبطش برعيته وبمن معه لأتفه الأسباب، ويعاقب من غير مراجعة ولا مساءلة، ولا يعطي فرصة للآخرين للدفاع عن أنفسهم، وهذه الخصال تجعلهم ينفضون عنه في أقرب فرصة.
متوكل على الله جل جلاله في كل أحواله؛ لأنه يستمد القوة من الله تعالى، ويعلم أنه لا طاقة له بشؤون القيادة من غير معية الله جل جلاله.
معتمد على نفسه؛ لأنه يرى أنه يمتلك المهارات والإمكانات الكافية للقيادة؛ فهو يعتقد أنه في غنًى عن معية أيٍّ كان.
يسعى لخدمة رعيته وأمته، فيسعى لأن يوفر لهم كل ما تتطلبه أمور المعيشة من طعام وشراب، ويجيبهم على طلباتهم، وإن كانت كثيرة ومتنوعة ومتعبة، فهو رحمة لهم في الدنيا والآخرة.
لا يهمه إلا نفسه، المهم عنده أن يحقق أهدافه الشخصية، ولو على حساب هلاك رعيته جميعًا، فهو بالتالي نقمة عليهم، يأخذهم إلى هلاك في الدنيا، وعذاب شديد في الآخرة.
قراراته في الغالب صائبة، ويأخذها بعد دراسة الاحتمالات، وتخطيط لها، ويتخذها في الوقت المناسب، وبالتالي فهو يأخذ بيد أمته نحو النجاة والفوز.
قراراته في الغالب خاطئة؛ لأنها مستعجلة وفورية، ومن غير دارسة وتخطيط، وحتى القرارات الصحيحة فإنه يأخذها في الوقت الخطأ، وتكون نتائجها الخسارة.
يسعى لتطور وتقدم أمته، ويستخدم كل ما هو متوفر من العلوم الحديثة، والاكتشافات، و(التكنولوجيا) من أجل تحقيق أهداف الأمة.
لا يهمه تقدَّمت أمتُه أو لا، المهم في هذا الأمر أن يحقق أهدافه الشخصية، ويستخدم (التكنولوجيا) في هذا المعنى.
قوي في الحق، أمين على ما وضع في رقبته من أمور الأمة، لا يفرط فيها مهما كلفه الأمر.
قوي في الباطل، ضعيف مع الحق، يفرط بمقدرات الأمة التي وضعت أمانة في عنقه.
يسعى لأن يكون هو وأهل بيته هم أول من يطبق القوانين والأحكام المتفق عليها، والتي تسير عليها شؤون الجماعة، ولا يتجاوزها.
يحاول أن يُبقيَ وضع الجماعة التي يقودها من غير قوانين وأحكام، من أجل أن يشرع قوانين وفق الحوادث، وعلى هواه ومراده.
يمارس دوره في الحياة وفق المنطق والحق الذي هو في مصلحة الجميع، ويبتعد عن حالات الخداع والشعبذة؛ لأنها تخالف ما يؤمن به، ويحاسب من يمارسها.
يعتمد على المشعبذين والدجالين والسحرة ومَن على شاكلتهم في كثير من أموره، ويخصص لهم المكافآت والأموال مقابل جهودهم المبذولة، ويقربهم منه.
قد يقع القائد الإيجابي في الخطأ؛ فهو قد ينسى، ويغضب، ويخاف، ويخطئ في الحكم على الأشياء، أو في القضاء بين الناس، ولكن هذه الأخطاء القليلة تذوب أمام صدق نواياه وجبال حسانته.
قد يأتي القائد السلبي ببعض التصرفات الصحيحة، أو القرارات الصائبة أحيانًا، ولكنها في الغالب قليلة، وهي تطيش، أما حجم الظلم الذي يمارسه مع رعيته وحجم ونوع الأخطاء التي يرتكبها.
عمله كله بالحق، وهو يدعو إليه، وقَّاف عنده، وحين يُذكَّرُ به يتذكر ويعود إليه، ولا تأخذه العزة بالإثم.
ناكرٌ للحق، حين يتولى أمر الناس يسعى إلى الإفساد، وإهلاك ما فيها، وإذا ذُكِّر لا يتعظ، وتأخذه العزة بالإثم.