مشاهدة النسخة كاملة : المعاناة


ابو وليد البحيرى
24-05-2015, 02:44 PM
المعاناة
عائض بن عبد اللّه القرني




تعجلت يا هذا المشيب بلمتي *** أضيف عزيز أم رسول منيتي
أتيت وأفياء الشباب ندية *** وجئت وأيام السرور تولت
وداهمتني لا العمر باق ما نثني *** أدافع أيامي بعزمي وهمتي
سلام على عهد الشباب وحسرتي *** على عصره الفينان بين أحبتي
وواحسرتي كيف انقضى في عجالة *** ولم أحسو من سلساله كأس صبوتي
ويا وليتا كيف استدار زماننا *** علينا فصرنا بين موت وفرقةِ
وخلفنا عمر الشباب ولم نجد *** له عوض يغني ولا بعض سلوةِ
فأيْن سويعات توّلت بحسنها *** أرق وأبهى من أفانين جنةِ
وأين رعاك الله من كل صاحب *** وأين صباح الخير من أهل قريتي
وأين غنيماتي وكبشي ودرتي *** وأين أهازيج بسحر ونغمةِ
أنام على العشيب الجميل ما نثني *** وقد أخضر بالطيب ثوبي وغترتي
فلا المال يغويني فما لي سكينتي *** وأمني وأخلاقي وعزمتي وعزتي
وما لمست كفي ريالاً وإننا *** لأغنى من الملياردير بغرفتي
إذا نلت قوت اليوم هللت ناعماً *** ووجبتي الكبرى من الأكل كسرتي
وقلبي كقلب الطائر الغر ما به *** من الحقد والأغلال لو بعض ذرة
سليماً من الأضغانِ كالماء طاهراً *** أنام ومجد الحب سيفي ودولتي
ويطربني في الحي صوت مؤذنٍ *** مع هدأة الآفاق من كل سحرةِ
إلى أن تقضانا الصبا فقدته *** فوا ولهي من فقد ذاك وحسرتي
وفاجئني شيب كأن ذيوله *** سيوف تلاقيت بين مودي ولحيتي
وانكسرت أسناني فودع بعضها *** وداع قلىً منها على غير رغبتي
وأصبحت مهموماً حزيناً مكدراً *** أخاً غصص اشتاق طعم المنيةِ
خطوب وأحداث تشيب يافعاً *** وهول عظيم فوق كل مشقةِ
ديون وأطفال وكسب ولوعة *** لو ليوث الغاب فيها لجنت
ألاطف أعدائي وأرحم حاسدي *** وأكرم إخواني وأهل مودتي
وأرتاع من يوم عبوس مقامه *** كخمسين ألف من سنين بحسبة
فرائض إيماني يطالبني بها *** إلهي وخير العالمين بسنةِ
على أن هذا الشيب أقبل بالحجا *** وبالرأي والتجريب في كل أزمةِ
وقار وإجلال ونور وهيبة *** فرحماك يا رب بضعفي وشيبتي
أتيت وعهد الأربعين موفق *** فأصبحت أهنئ العالمين بخلتي
وما كنت في عصر الشيبة خاملاً *** كسولاً معاذ الله فالحزم عدتي
لقد كنت أمضي الليل والحرف صاحبي *** كتابي نديمي في نهاري وخلوتي
وقضيت في علم الحديث شبيبتي *** بمتن وإسناد ومعنى وحكمةِ
حفظت ألوفاً من متون صحيحةِ *** وقاطعت أهل الزيف من كل ملةِ
فطوراً مع التفسير أجلو علومه *** وأكرمني ربي بفهم وفطنةِ
ويوماً مع أهل الحديث وحزبه *** أسانيد كالجوزاء لما استقلتِ
ويوماً مع الفقه الشريف وأهله *** كمالك والنعمان أهل المحجةِ
وإن شئت تاريخاً عبرت بحوره *** لساني شراعي والفؤاد سفينتي
وإن جاءت الآداب والشعر خلتني *** كجرول أو حسان صافي القريحة
حنانيك يا شيبي ترفق فإنني *** عطوف ضعيف كم بكيت بمقلتي
وإياك لا تشمت بنا كل حاسد *** فكم من أناس يضحكون لعثرتي
تلطف بنا فيما بقي من حياتنا *** فإن المنايا أقبلت وأظلتِ
بياضك يا أغلى المحبين بهجة *** ما أعظم وأكرم من أليف وبهجةِ
أحاول أن ألهو فأرتد نادماً *** إذا رعتني بالزجر كل عشيةِ
قفا نبك من ذكرى كتاب منزل *** على خير خلق الله في خير فترةِ
وهات حديثاً من محمد صادقاً *** ألذ وأصفى من زلال بغيمةِ
رواه البخاري أو تلقاه مسلم *** هنالك حقاً كل نعمى ولذةِ
وخذ من كلام الشافعي وأحمد *** شروحاً لذلك اللفظ في حسن حلةِ
فلولا ثلاث هن من عيشة الفتى *** لفارقت أوطاني وأهلي وأسرتي
فمنها سجودي والظلام مخيم *** لربي وذكري للإله وذلتي
وحفظي علوماً كالنجوم بهيةً *** زهت كالثريا في جلالٍ وخشيةِ
وإلقاء درسي في جموع كثرة *** وقد هطلت تلك الدموع وهلتِ
فلا تحسبني خادم المال جاهداً *** لجمع ونفسي للبقاء اطمأنتِ
فما المال إلا كالتراب وإنني *** أراه حقيراً في سموي وهمتي
نعم أحمد الله الكريم فعيشتي *** رخاء ورزقي كالغمامة هلت
هنيئاً مريئاً طيباً لا مراتجياً *** بكسب ولا غشاً لقومي وأمتي
ولكن في الجيب والقلب مفعم *** بعلم على أنواره النفس دُلّتِ
وزهدني في الناس معرفتي بهم *** ومعرفتي بالصحب في كل أزمةِ
فلم ترني الأيام خلاً تسرني *** مباديه إلا عاد حرباً لصحبتي
ولا قلت أرجوه لكشف ملمةِ *** من الدهر إلا كان منه بليتي
فبدلت بالصحب الكتاب فلم أعد *** أحن إلى خل وقد خان خلتي
كذاك أنا في خلتي كمعارفي *** فلا تطلبن في الناس رب مودةِ
وكن واثقاً بالله منتصراً له *** ينجيك بالتسديد في كل غمرةِ
فيا رب يا ذا الجود والفضل والعطا *** سألناك عاملنا بلطف ورحمةِ
وزدنا ثباتاً يا كريم وهب لنا *** رشاداً ووفقنا لحسن نهايةِ
أقول وقد ولى الشباب ولهوه *** ألا ليتني ثمنت كل دقيقةِ
ولكن بحمد الله ظني مبارك *** بربي على نقصي وجهلي وزلتي
إذا لم يكن غير الرجاء لربنا *** فأعمالنا عند الموازين خفتِ
وما كنت ممن يسلب اللهو قلبه *** وما شاقني سرب من الرنم مرةِ
تركت العيون السود للمجد والعلا *** وناي وصنبور الغنا وابن كرمةِ
سيوفي أقلامي وصحبي دفاتر *** ومالي أوراقي وعلمي لذتي
منابر قومي شيبتني فكلما *** صعدت إليها مازج الشيب لمتي
مقامات فضل أبدع القول حاضراً *** ولم أتهيأ للمقال بلحظةِ
أخاطب أعلاماً كباراً أعزة *** وأرتجل الإبداع في كل خطبةِ
فطوراً بآيات الكتاب بيانها *** يهز نياط القلب لما استقرتِ
وطوراً بنهر من حديث مؤنق *** ألذ وأشهى من هضيم نخلةِ
مواعظ لو أن الجماد مكلم *** لصاح لهذا القول نفسي اشرأبتِ
وأبيات شعر يطرب القلب عندها *** كأن حميا النفس من سكرةِ
وأخبار أقوام وتاريخ أمة *** وأحكام تشريع وأنوار ملةِ
فدع ذكرى كسرى والمقوقس إنما *** أحاديثهم زيف وأخبار حسرةِ
ولا تذكر النعمان والفرس والذي *** بنى إرماً أخبارهم كل علةِ
لعمري لقد طفت المعاهد كلها *** وقلبت طرفي بين كل خميلةِ
فلم أرَ إلا قارعاً سن نادم *** على عثرة أو قارضاً كف عثرةِ
فزر معهد المختار في طيبةِ الهدى *** وقل يا رعاك الله يا دار طيبةِ
فوالله لو قد زرته الدهر مرةً *** لأرسلت دمع العين في كل مرةِ
حلفت يميناً غير ذي متنوية *** وسبحان من أرجوه عند أليتي
لما رأت الأفلاك أوضحاً منهجاً *** وأزكى فؤاداً صادقاً عند لهجةِ
من المصطفى خير البرايا جميعها *** عليه صلاة الله في كل لفظةِ
ولا تسمعن قول الذي زاغ قلبه *** وقال قريضاً حاوياً كل سقطةِ
أعيدوا صباحي فهو عند الكواعب *** وردوا رقادي فهو عند حبيبتي
ودع قول أعمى ضيع الله سعيه *** أفوكاً غويّاً ناقلاً كل شنعه
وإني وإن كنت الأخير زمانه *** لآت بما لم تستطع كل ملةِ
ولا تستمع من ذي القروح مقالة *** بها دجل شخص حاملاً كل غدرةِ
حلفت لها بالله حلفة فاجرٍ *** ***ت محباً في الهوى كل فجرةِ
وخذ من زهير أحسن القول إنه *** إذا أحكم الأقوال جاء بحكمةِ
ومن لا يصانع في أمور كثيرةٍ *** يضرسْ بأنياب ويرجع بخيبةِ
وأوصيك بالشعر الذي لا كمثله *** قريض ولم يوصم بنقص وخسةِ
أفاض به من أرض جرجان ماجد *** يُسمى علياً ذو علاء ونجدةِ
أرى الناس من داناهموا هان *** عندهم ومن عزّ وافوهوا بقدر وعزةِ
ولم أتبذل في مطلب العلم مهجتي *** لأخدم من لاقيت لكن لخدمتي
وحيِّ لنا من أرض بلقيس شاعراً *** يقول وقد سامرته بعض ليلة
فإما حياة نظم الوحي سيرها *** وإلا فموت والشهادة منيتي
ونابغة النعمان لما تقاصرت *** به همم غنى وقال بلوعةِ
كليني لهم يا أميمة ناصب *** وليل أقاسيهِ لأهل مودتي
يقول لممدوح له ذي مظالم *** عنيد له في الجور أعظم قصة
فإنك شمس والملوك كواكب *** صهٍ يالها من شمس ظلم وغدرةِ
محمد شمس العالمين وبدرهم *** به سر إسعادي وفوزي وبهجتي
أبو الطيب الهدار صاغ مقالةً *** "غريب من الخلان في كل بلدةٍ"
فيا غربة الإفلاس واللهو والهوى *** سلمنا مع الأيام من شر غربةِ
نريد يقيناً غربة الدين والحجا *** ونيل المعالي والبلوغ لرتبةِ
مع أنبياء الله في دار عزةٍ *** جوار عظيم الشأن يا خير جيرةِ
وأجرى دموعي دعبل بقريضة *** وشجو من الإبداع جاءٍ بزفرةِ
عسى الله أن يختار للخلق أنه *** عظيم الرجا في كل خطب وكربةِ
وأطمع في عفو الإله وفضله *** وزادي رجائي والتذلل بردتي
فليس معي زاد في السعي صالح *** سوى مهجة من هول ما خيف ذلتِ
وليت أبا تمام صير قوله *** كذا فليجل الخطب من كرب أمةِ
وقل لجرير والفرزدق كنتما *** على شبه من سوء فعل وشقوةِ
نقائض ما فيها من الرشد مطلب *** وسب مقيت ذو عيوب وخسةِ
عروبة مَنْ إن كان تاريخ أمتي*** هيام نزار أو هجاء الحطيئةِ
أنا أدبي في الغار جاء بنوره *** إلى أحمد جبريل خير الوصيةِ
رسالتنا في اللوح باهرة السنا *** ودعوتنا شعت يقيناً بمكةِ
نطهر هذا الكون من كل مأثم *** ونصلح دنيا الناس من كل غلطةِ
ولا أرتضي التاريخ قول منجمٍ *** كذوب مصاب بانتكاس وفتنةِ
وليس بتاريخ الجواري ولهوهم *** وناي وعود وانتشاء بخمرةِ
سلاطين ما كان الهدى من نصيبهم*** لهم جبروت من جموح وغفلةِ
سوى الخلفاء الراشدين وحزبهم *** عليهم سلام كلما الورق غنتِ
وما سيرة الحجاج إلا خطيئة *** ومن يرتضيها فهو عين الخطيئةِ
كذا ابن زياد والوليد ومسرف *** مع كل جبار وصاحب سطوةِ
وليس لنا فخر بهم أو محبة *** لسيرتهم كلا فأقبح بسيرةِ
أبو بكر والفاروق رمز علونا *** علي وعثمان بهم خير قصةِ
ويا مثقلاً بالهم والحزن والضنى *** تعال وأقبل يا أريب وصيتي
فكن جليس بيت في صلاح وطاعة *** فراحتك الكبرى بخلوة غرفةِ
ولا تذكر الماضي وكن ذا تفاؤل *** صفوحاً عن الأخطاء أو كل زلةِ
ولا تنتظر شكراً من الناس إنهم *** أساؤوا لدين الله رب البريةِ
وفكر بأفضال الإله فإنه *** أحق بشكرٍ معطياً كل نعمةِ
ولا تحتفل بالنقد يكفيك أنه*** لفضلك تُهجى إذا حظيت برفعةِ
وأكثر من الأذكار واقرأ مرتلاً *** كلام إلهي فهو أعظم حجةِ
وطالع فنون العلم فهي حديقة *** فكن بلبلاً يتلو الوفاء بحديقةِ
أعود بأحلامي لعهد شبيبتي *** فأبكي إلى أن تمطر الخد دمعتي
لقد كنت خلواً من همومٍ وما معي *** سوى الثوب أو نعلي وكنزي بسمتي
سريري حصير والكثيب مخدتي *** وصحني كفي والمجالس قطتي
فلما كبرنا قابلتنا حوادث *** يشيب لها الولدان من هول غمتي
ويحسدنا حتى الذين نحبهم *** ويخذلنا من عاش دهراً بصحبتي
عسى الله أن يهدي خطانا لنوره *** لنبصر شواك الطريق بظلمةِ
فدع كل عيش أو نعيم ولذة *** سوى ماله في العلم أعظم نسبة
فكل علو غير علم إلى ردى *** ولوصلت حتى الثريا لذلت
ويا من هجانا هاك قول *** كلاماً جميلاً من كثير عزةِ
هنيئاً مريئاً غير داء مخامر*** لعزة من أعراضنا ما استحلتِ
وإن فاجأتك الحادثات بهولها *** فكن رجلاً كالطور في صبر عروةِ
فأين أخ أرضاه في الضيم والرخاء *** كريم السجايا مثل رب القصيدة
رأي خلتي من حيث يخفى مكانها *** فكانت قذى عينيه حتى تجلتِ
جزى الله عني بعض قومي محبة *** غداة بنا هل الحوادث زلت
هموا خلطونا بالنفوس والجأوا *** إلى غرفات أدفأت وأظلت
أبو أن يملونا ولو أن أمنا *** تلاقي الذي يلقون منا لملتِ
فلا تجزعن من كربةٍ قد تعاظمت *** كأني بها من بعد حين تولت
فإن بعيد العسر يسران مثلما *** أتى أثر فافرح إذا النفس كلتِ
بلينا زماناً بالشدائد والرخاء *** فكنا قروماً في رخاء وشدةِ
فما زادنا بغياً على ذي قرابةٍ *** غنانا ولم تجزع لفقر وقلةِ
فطالع كتاباً من فؤادي كتبته *** ترى عجباً إن كنت صاحب همةِ
يُسمى بلا تحزن ويكفيه أنه *** سرى مثل نارٍ في هشيم بربوةِ
وطالع مقاماتي بنفس رضيةٍ *** وكن منصفاً لا مجحفاً في القضيةِ
إذا نشر الأقوام أعلام مجدهم *** وتاهوا بأنساب ومال وشهرةِ
فمجدي رعاك الله علم جمعته *** بكدي وتوفيق الكريم وهمتي
ثلاثون عاماً والكتاب مرافقي *** وقد صانني عن كل لهوٍ وغفلةِ
ثلاثون عاماً والدفاتر صحبتي *** وأنسي دواتي واليراع مطيتي
ثلاثون عاماً لكما قلت قد كفى *** لارتاح من داري وأحسو معيشتي
أبت همتي إلا صعوداً إلا العُلا *** إذا انهد جسمي صار في القلب قوتي
مواقف لو أن العظيم استقلها *** لشاب بها من هول خطب وروعةِ
ولكن عون الله أقوى وسيلةٍ *** إلى كل فتح من سمو ورفعةِ
وكم ليلة زار النعاس محاجري *** أناجي حروفي والكتاب مخدتي
فيمسك أحياناً ويسقط تارةً *** أساهر هذا العلم من غير علةِ
وعشت زماناً لا أرى غير منزلي *** أكرر متناً من قرآن وسنةِ
وأتراب سني في هناء ورحلة *** وأما أنا علمي هنائي ورحلتي
تراقصت الأيام تطوي كوالحاً *** كأن مرور الشهر مثل دقيقةِ
يقول لي الأصحاب ما أنت تارك *** كتابك أو تطوي بقبرٍ وحفرةِ
فقلت لهم والله لست بتارك *** كتابي حتى يسحق الموت هامتي
فلا تكترث من فقد شيء فإنه *** ستلحقه عما قريب ببعثه
ألم تر أن الشمس يذهب ضوءها*** إذا كسفت حتى تصير كفحمةِ
ويطوي الخسوف البدر في ليل تمةِ *** ويدركه النقصان حال الأهلةِ
وتهوي النجوم الزهر من كل شاهقةٍ *** ولو أنها فوق الأنام استقلت
ولو أن شخصاً أخلد المجد عمره *** لكان رسول الله خير البريةِ
ولكن أتاه الموت كالناس ذاهباً *** كريماً عزيزاً نابذاً كل ثروةِ
فما حملت من ناقة فوق رحلها *** أبر وأوفى منه في كل حقبةِ
متى تأته تعشو إلى ضوء ناره *** تجد خير نارٍ من جلال وعزةِ
أبو طالب قد قال قولة صادقٍ *** وكان أبياً في نضال ومنعةِ
وأبيض يستسقى الغمام بوجهه *** ثمال اليتامى قول للعطيةِ
وهاك من الأخبار عن سفري وما *** لقيت من الأعلام في كل ديرةِ
وولدت ببالقرنِ الجنوب وأرضنا *** مجللة بالحسن أجمل قريةِ
أوليس حبانا خير ذكر وأننا *** من الأزد أنصار لخير شريعةِ
ترعرعت مع بيت على الدين والحجا *** ونحن أناس أهل دين وفطرةِ
وأجدادنا في العلم شابوا ودرسوا *** ومنهم قضاة أنصفوا بالسويةِ
شوافع أفتوا في الجنوب وعلموا *** خطوطهم في صك وحجةِ
قضيت من التعليم ستاً بقريتي *** مع خير أصحاب وخير عشيرةِ
وواصلت في نجد ثلاثاً كاملاً *** بمعهد علم فيه أهل مروةِ
وفي أرض أبها لي ثلاث بمعهدِ *** زكي كريم في ظلال المحبةِ
وجامعة للعلم قضيت أربعاً *** بها بين أشياخ كرام أحبةِ
ظفرت بماجستير في نجد بعدها *** وقد زاد تحصيلي وعلمي وفطنتي
وقابلت أشياخاً كباراً أعزةِ *** ومن بعدها دكتور في علم سنةِ
لقيت إمام الناس بن باز عالماً *** فأحسن إكرامي وأكرم صحبتي
قرأت عليه من أحاديث مسند *** لأحمد في درس عظيم بغدوةِ
وأنشدت شعراً وشرف منزلي *** وشجعني في سير علمي ودعوتي
وقابلت ذا الفهم العظيم محمداً *** هو ابن العثيمين الذي بعنيزةِ
فأتحفني وأتحف من سر علمه *** وأنشدته في بيته من قريحتي
محمد من ألبانيا قد عرفته *** وجالسته يوم الخميس بمكةِ
وأسمعته شعري ومحض مودتي *** وساءلته ليلاً مسائل سنةِ
ثلاثة أقمار بعصري عرفتهم *** وغيرهم مثل النجوم بظلم