مشاهدة النسخة كاملة : روح الشاعر


ابو وليد البحيرى
29-05-2015, 04:41 PM
روح الشاعر
عيسى بن علي الجرابا


مَا بَيْنَ خَافٍ مِنْ أَسَاهُ وظَاهِرِ *** يَحْيَا عَلَى أَمَلٍ نَدِيٍّ زَاهِرِ


صَقَلَتْهُ أَحْدَاثُ الزَّمَانِ فَصَاغَهَا *** لِلنَّاسِ عِقْدَ لآلِئٍ وَجَوَاهِرِ


يَخْتَارُ مِنْ رَوْضِ الحَيَاة وَيَنْتَقِي *** أَفْوَافَ زَهْرٍ مِنْ هَوَىً وَمَشَاعِرِ


يَشْدُو وَأَسْرَابُ الطُّيُوْرِ تَجَمَّعَتْ *** تُصْغِي لِلَحْنٍ عَبْقَرِيٍّ سَاحِرِ


أَسَرَ القُلُوْبَ جَمَالُ مَا يَشْدُو بِهِ *** وَالقَلْبُ يُوْلَعُ بِالجَمَالِ الآسِرِ


يَغْدُو وَخِنْجَرُ هَمِّهِ يَغْتَالُهُ مَا *** اهْتَمَّ لِلجُرْحِ العَمِيْقِ الغَائِرِ


وَفُؤَادُهُ لِلحُزْنِ أَمْسَى مَسْرَحاً *** تَجْرِي عَلَيْهِ فُصُوْلُ حَظٍّ عَاثِرِ


يَجْتَرُّ آلاماً عِظَاماً لَمْ تَزَلْ *** أَنْيَابُهَا تُدْمِي جَنَاحَ الطَّائِرِ


لَكِنَّهُ كَالصَّقْرِ ظَلَّ مُجَنِّحاً *** يَرْنُو إِلَى الدُّنْيَا بِمُقْلَةِ سَاخِرِ


يَبْكِي وَيَضْحَكُ حَامِلاً هَمَّ الوَرَى *** أَلَماً وَآمَالاً بِقَلْبٍ صَابِرِ


يَهْفُو إِلَى المَاضِي وَبَيْنَ ضُلُوْعِهِ *** ذِكْرَى يَرِقُّ لَهَا فُؤَادُ الذَّاكِرِ


وَيَبِيْتُ مُعْتَبِراً بِهِ مُسْتَعْبِراً مِنْ *** خَشْيَةِ الآتِي وَذُلِّ الحَاضِرِ


وَيَرَى الحَيَاةَ تَنَامُ فِي حِضْنِ الرَّدَى *** مَجْدٌ يُشَيَّدُ فَوْقَ مَجْدٍ غَابِرِ


وَيَعِيْشُ فِيْهَا كَالغَرِيْبِ وَقَلْبُهُ *** أَضْنَاهُ شَوْقُ مُسَافِرٍ لِمُسَافِرِ


وَيَظَلُّ يُسْرِجُ فِكْرَهُ بَيْنَ الدُّجَى *** قَبَساً يَتِيْهُ عَلَى الظَّلامِ الجَائِرِ


أَوَ مَا تَرَاهُ كَشَمْعَةٍ رَقَصَتْ عَلَى *** كَفِّ الرَّدَى تَجْلُو دُرُوْبَ الحَائِرِ؟


فَمُنَاهُ أَنْ تَبْقَى الحَيَاةُ كَرِيْمَةً *** يَحْيَا الأَنَامُ بِهَا حَيَاةَ الظَّافِرِ


مَنْ ذَاكَ؟ قَالَ البَدْرُ يَسْأَلُ نَجْمَةً *** حَيْرَى بِنَبْرَةِ مُسْتَبِدٍّ آمِرِ


وَتَجَمَّعَتْ زُهْرُ النُّجُوْمِ وَقَدْ سَرَى ** رَجْعُ السُّؤَالِ لِيَسْتَقِرَّ بِخَاطِرِي


فَهَمَسْتُ فِي سَمْعِ الزَّمَانِ وَغَرَّدَتْ *** فَرَحاً حُرُوْفُ الشِّعْرِ فَوْقَ دَفَاتِرِي


تَذْوِي الحَيَاةُ وَتَضْمَحِلُّ وَتَنْطَفِي *** أَنْوَارُهَا وَتُضِيْءُ رُوْحُ الشَّاعِر