ابو وليد البحيرى
07-06-2015, 06:36 PM
الأحداث المهمة بين يدي غزوة بدر الكبرى
د. أمين بن عبدالله الشقاوي
"استقر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في المدينة يحيط به المؤمنون من المهاجرين والأنصار، ويراقبه بحذر أولئك الذين لم يسلموا بعد من الأوس والخزرج، يشاركهم في ذلك اليهود ممن كان يسكن المدينة.
وخلت مكة من المؤمنين إلا من حبس ومنع من الهجرة، وأطلق المشركون أيديهم في أموال المهاجرين الذين منعتهم ظروف الهجرة خفية من اصطحاب أموالهم، فغدوا بعد ذلك فقراء، وعلى الرغم من البذل السخي الذي قدمه الأنصار لهم، فإن عزة نفوسهم كانت تمنعهم من مد أيديهم.
ونزلت آيات الإذن بالقتال، فكانت إيذاناً بإعداد العدة لتعلو راية الحق، وتكون كلمة الله هي العليا، وكلمة الذين كفروا هي السفلى، وتتابعت الأحداث المهمة التي بدأت بعقد الألوية، وبعث السرايا المتتابعة، حتى كانت غزوة بدر الكبرى"[1].
وكان الهدف من هذه الغزوات والسرايا التي اتجهت إلى مواقع غربي المدينة، ثلاثة أمور:
أولاً: الاستكشاف والتعرف على الطرق المحيطة بالمدينة، والمسالك المؤدية إلى مكة.
ثانياً: تهديد طريق تجارة قريش إلى الشام، وهي ضربة قوية لاقتصاد مكة.
ثالثاً: عقد المحالفات والموادعات مع القبائل التي تسكن المنطقة لضمان تعاونها، أو حيادها على الأقل في الصراع بين المسلمين وقريش، وهي خطة مهمة يعتبر تحقيقها نجاحاً للمسلمين. لأن الأصل أن هذه القبائل تميل إلى قريش، وتتعاون معها، إذ بينها محالفات تاريخية سماها الله في القرآن بالإيلاف، سعت قريش من خلالها لتأمين تجارتها مع الشام واليمن، ثم إن هذه القبائل لها مصالح وثيقة مع قريش سادنة البيت الحرام، حيث يحج العرب جميعاً إلى مكة، فضلاً عن وحدة العقيدة بين هذه القبائل وقريش، واشتراك الجميع في معاداة الإسلام. فلا شك إذاً في أن تمكن المسلمين من موادعة هذه القبائل، وتحييدها خلال الصراع يعد نجاحاً كبيراً لهم في تلك المرحلة.
رابعاً: إبراز قوة المسلمين في المدينة أمام اليهود، وبقايا المشركين، فالمسلمون صاروا لا يقتصرون على السيادة في المدينة، بل يتحركون لفرض سيطرتهم على أطرافها، وما حولها من القبائل، ويؤثرون في مصالحها وعلاقاتها.
خامساً: إنذار قريش عقبى طيشها، فقد حاربت الإسلام ومازالت تحاربه، ونكلت بالمسلمين في مكة، ثم ظلت ماضية في غيها لا تسمح لأحد من أهل مكة أن يدخل في دين الله، ولا تسمح لهذا الدين أن يجد قراراً في بقعة أخرى من الأرض، فأحب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يشعر كفار قريش وقادتهم بأن هذه الخطة الجائرة ستلحق بهم الأضرار الفادحة، وأنه قد مضى إلى غير عودة ذلك العصر الذي كانوا يعتدون فيه على المؤمنين وهم بمأمن من القصاص[2].
وفيما يلي أحوال هذه الغزوات والسرايا بإيجاز:
1- سرية سيف البحر:
في رمضان سنة (1هـ) بعث في مقامه ذلك حمزة بن عبد المطلب بن هاشم إلى سيف البحر[3]، من ناحية العيص[4]، وكان لواؤه أبيض في ثلاثين رجلاً من المهاجرين؛ ليعترض لعيرات[5] قريش، وأن حمزة لقي أبا جهل بن هشام في ثلاثمائة رجل، فحجز بينهم مجدي بن عمرو الجهني فافترقوا، ولم يكن بينهم قتال، وكان الذي يحمل لواء حمزة أبو مرثد[6].
2- سرية رابغ:
في شوال سنة (1هـ) من الهجرة، بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في مقامه ذلك بالمدينة عبيدة بن الحارث بن عبد المطلب بن عبد مناف، وكان لواؤه أبيض، وأمره بالمسير إلى بطن رابغ[7]، وأن لواءه كان مع مسطح بن أثاثة، فبلغ ثنية المرة وهي بناحية الجحفة[8]، في ستين رجلاً من المهاجرين، ليس فيهم أنصاري، وأنهم التقوا هم والمشركون على ماء يقال له أحياء، فكان بينهم الرمي دون المسايفة، قال: وقد اختلفوا في أمير السرية، فقال بعضهم: كان أبو سفيان بن حرب، وقال بعضهم: كان مكرز بن حفص، قال الواقدي: وقد رأيت الثبت على أبي سفيان بن حرب، وكان في مائتين من المشركين[9].
قال ابن إسحاق:
فكانت راية عبيدة بن الحارث - فيما بلغني - أول راية عقدها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الإسلام لأحد من المسلمين، وبعض العلماء يزعم أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعثه حين أقبل من غزوة الأبواء[10]، قبل أن يصل إلى المدينة[11].
قال ابن كثير:
وحكى موسى بن عقبة عن الزهري[12] أنه بعث حمزة قبل عبيدة بن الحارث، ونص على أن بعثه حمزة كان قبل غزوة الأبواء، فلما قفل عليه الصلاة والسلام من الأبواء، بعث عبيدة بن الحارث في ستين من المهاجرين، وذكر نحو ما تقدم، وقد تقدم عن الواقدي[13] أنه قال: كانت سرية حمزة في رمضان من السنة الأولى، وبعدها سرية عبيدة في شوال منها، والله أعلم[14].اهـ
وقد أورد ابن إسحاق عن حمزة - رضي الله عنه - شعراً يدل على أن رايته أول راية عقدت في الإسلام، لكن قال ابن إسحاق: فإن كان حمزة قال ذلك فهو كما قال، لم يكن يقول إلا حقاً، فالله أعلم أي ذلك كان.
ألا يالقومي للتحلم والجهل http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
وللنقص من رأي الرجال وللعقل http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
وللراكبين بالمظالم لم نطأ http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
لهم حرمات من سوام ولا أهل[15] http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
إلى أن قال:
فما برحوا حتى انتُدبتُ لغارة http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
لهم حيث حلوا أبتغي راحة الفضل http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
بأمر رسول الله أول خافق http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
عليه لواء لم يكن لاح من قبلي http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
3- سرية الخَرَّار[16]:
قال ابن إسحاق:
في ذي القعدة سنة (1هـ) بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سعد ابن أبي وقاص في عشرين رجلاً يعترضون عيراً لقريش[17]، وساق الواقدي بسنده إلى سعد بن أبي وقاص أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال له: " اخرج ياسعد حتى تبلغ الخرار، فإن عيراً لقريش ستمر به". فخرجت في عشرين رجلاً، أو أحد وعشرين على أقدامنا، فكنا نكمن النهار ونسير الليل، حتى صبحناها صبح خمس، فنجد العير قد مرت بالأمس، وقد كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عهد إلي ألا أجاوز الخرار، ولولا ذلك لرجوت أن أدركهم[18].
قال ابن جرير الطبري عن الواقدي: كانت العير ستين، وكان من مع سعد كلهم من المهاجرين[19].
وقال ابن جرير:
وعند ابن إسحاق أن هذه السرايا الثلاث التي ذكرها الواقدي، كلها في السنة الثانية من الهجرة من وقت التاريخ[20].
قال ابن كثير:
"وكلام ابن إسحاق ليس بصريح، فيما قاله ابن جرير لمن تأمله، كما سنورده في أول كتاب المغازي، في أول السنة الثانية من الهجرة، وذلك تلو ما نحن فيه إن شاء الله، إذ يحتمل أن يكون مراده أن هذه السرايا وقعت في السنة الأولى، وسنزيدها بسطاً وشرحاً إذا انتهينا إليها إن شاء الله تعالى، والواقدي عنده زيادات حسنة، وتاريخ محرر غالباً، لأنه من أئمة هذا الشأن الكبار، وهو صدوق في نفسه مكثار - كما بسطنا القول - في عدالته وجرحه في كتابنا الموسوم بالتكميل في معرفة الثقات والضعفاء، والمجاهيل، ولله الحمد والمنة". اهـ[21]
4- غزوة الأبواء في صفر، سنة 2هـ:
قال البخاري - رحمه الله - في كتاب المغازي[22] قال ابن إسحاق: أول ما غزا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الأبواء، ثم بواط، ثم العشيرة، ثم روى عن زيد بن أرقم أنه سئل كم غزا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من غزوة، قال: تسع عشرة، شهد منها زيد سبع عشرة، أولاهن العُشيرة، أو العُسيرة[23].
وفي صحيح مسلم عن بريدة أنه غزا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ست عشرة غزوة[24] وفي رواية له عنه أنه غزا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تسع عشرة غزوة، وقاتل في ثمان منهن[25].
قال ابن جرير الطبري:
"فغزا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في قول جميع أهل السير في ربيع الأول بنفسه غزوة الأبواء، ويقال ودَّان[26] وبينهما ستة أميال، وهي بحذائها، واستخلف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على المدينة حين خرج إليها سعد بن عبادة، وكان صاحب لوائه في هذه الغزوة حمزة بن عبد المطلب، وكان لواؤه فيما ذكر أبيض[27] اهـ.
وقول ابن جرير - رحمه الله -:
إنَّ غزوة الأبواء في شهر ربيع الأول باتفاق أهل السير فيه نظر، فقد ذكر ابن إسحاق، والزرقاني، وابن كثير، أنها كانت في شهر صفر[28].
يتبع
د. أمين بن عبدالله الشقاوي
"استقر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في المدينة يحيط به المؤمنون من المهاجرين والأنصار، ويراقبه بحذر أولئك الذين لم يسلموا بعد من الأوس والخزرج، يشاركهم في ذلك اليهود ممن كان يسكن المدينة.
وخلت مكة من المؤمنين إلا من حبس ومنع من الهجرة، وأطلق المشركون أيديهم في أموال المهاجرين الذين منعتهم ظروف الهجرة خفية من اصطحاب أموالهم، فغدوا بعد ذلك فقراء، وعلى الرغم من البذل السخي الذي قدمه الأنصار لهم، فإن عزة نفوسهم كانت تمنعهم من مد أيديهم.
ونزلت آيات الإذن بالقتال، فكانت إيذاناً بإعداد العدة لتعلو راية الحق، وتكون كلمة الله هي العليا، وكلمة الذين كفروا هي السفلى، وتتابعت الأحداث المهمة التي بدأت بعقد الألوية، وبعث السرايا المتتابعة، حتى كانت غزوة بدر الكبرى"[1].
وكان الهدف من هذه الغزوات والسرايا التي اتجهت إلى مواقع غربي المدينة، ثلاثة أمور:
أولاً: الاستكشاف والتعرف على الطرق المحيطة بالمدينة، والمسالك المؤدية إلى مكة.
ثانياً: تهديد طريق تجارة قريش إلى الشام، وهي ضربة قوية لاقتصاد مكة.
ثالثاً: عقد المحالفات والموادعات مع القبائل التي تسكن المنطقة لضمان تعاونها، أو حيادها على الأقل في الصراع بين المسلمين وقريش، وهي خطة مهمة يعتبر تحقيقها نجاحاً للمسلمين. لأن الأصل أن هذه القبائل تميل إلى قريش، وتتعاون معها، إذ بينها محالفات تاريخية سماها الله في القرآن بالإيلاف، سعت قريش من خلالها لتأمين تجارتها مع الشام واليمن، ثم إن هذه القبائل لها مصالح وثيقة مع قريش سادنة البيت الحرام، حيث يحج العرب جميعاً إلى مكة، فضلاً عن وحدة العقيدة بين هذه القبائل وقريش، واشتراك الجميع في معاداة الإسلام. فلا شك إذاً في أن تمكن المسلمين من موادعة هذه القبائل، وتحييدها خلال الصراع يعد نجاحاً كبيراً لهم في تلك المرحلة.
رابعاً: إبراز قوة المسلمين في المدينة أمام اليهود، وبقايا المشركين، فالمسلمون صاروا لا يقتصرون على السيادة في المدينة، بل يتحركون لفرض سيطرتهم على أطرافها، وما حولها من القبائل، ويؤثرون في مصالحها وعلاقاتها.
خامساً: إنذار قريش عقبى طيشها، فقد حاربت الإسلام ومازالت تحاربه، ونكلت بالمسلمين في مكة، ثم ظلت ماضية في غيها لا تسمح لأحد من أهل مكة أن يدخل في دين الله، ولا تسمح لهذا الدين أن يجد قراراً في بقعة أخرى من الأرض، فأحب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يشعر كفار قريش وقادتهم بأن هذه الخطة الجائرة ستلحق بهم الأضرار الفادحة، وأنه قد مضى إلى غير عودة ذلك العصر الذي كانوا يعتدون فيه على المؤمنين وهم بمأمن من القصاص[2].
وفيما يلي أحوال هذه الغزوات والسرايا بإيجاز:
1- سرية سيف البحر:
في رمضان سنة (1هـ) بعث في مقامه ذلك حمزة بن عبد المطلب بن هاشم إلى سيف البحر[3]، من ناحية العيص[4]، وكان لواؤه أبيض في ثلاثين رجلاً من المهاجرين؛ ليعترض لعيرات[5] قريش، وأن حمزة لقي أبا جهل بن هشام في ثلاثمائة رجل، فحجز بينهم مجدي بن عمرو الجهني فافترقوا، ولم يكن بينهم قتال، وكان الذي يحمل لواء حمزة أبو مرثد[6].
2- سرية رابغ:
في شوال سنة (1هـ) من الهجرة، بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في مقامه ذلك بالمدينة عبيدة بن الحارث بن عبد المطلب بن عبد مناف، وكان لواؤه أبيض، وأمره بالمسير إلى بطن رابغ[7]، وأن لواءه كان مع مسطح بن أثاثة، فبلغ ثنية المرة وهي بناحية الجحفة[8]، في ستين رجلاً من المهاجرين، ليس فيهم أنصاري، وأنهم التقوا هم والمشركون على ماء يقال له أحياء، فكان بينهم الرمي دون المسايفة، قال: وقد اختلفوا في أمير السرية، فقال بعضهم: كان أبو سفيان بن حرب، وقال بعضهم: كان مكرز بن حفص، قال الواقدي: وقد رأيت الثبت على أبي سفيان بن حرب، وكان في مائتين من المشركين[9].
قال ابن إسحاق:
فكانت راية عبيدة بن الحارث - فيما بلغني - أول راية عقدها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الإسلام لأحد من المسلمين، وبعض العلماء يزعم أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعثه حين أقبل من غزوة الأبواء[10]، قبل أن يصل إلى المدينة[11].
قال ابن كثير:
وحكى موسى بن عقبة عن الزهري[12] أنه بعث حمزة قبل عبيدة بن الحارث، ونص على أن بعثه حمزة كان قبل غزوة الأبواء، فلما قفل عليه الصلاة والسلام من الأبواء، بعث عبيدة بن الحارث في ستين من المهاجرين، وذكر نحو ما تقدم، وقد تقدم عن الواقدي[13] أنه قال: كانت سرية حمزة في رمضان من السنة الأولى، وبعدها سرية عبيدة في شوال منها، والله أعلم[14].اهـ
وقد أورد ابن إسحاق عن حمزة - رضي الله عنه - شعراً يدل على أن رايته أول راية عقدت في الإسلام، لكن قال ابن إسحاق: فإن كان حمزة قال ذلك فهو كما قال، لم يكن يقول إلا حقاً، فالله أعلم أي ذلك كان.
ألا يالقومي للتحلم والجهل http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
وللنقص من رأي الرجال وللعقل http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
وللراكبين بالمظالم لم نطأ http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
لهم حرمات من سوام ولا أهل[15] http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
إلى أن قال:
فما برحوا حتى انتُدبتُ لغارة http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
لهم حيث حلوا أبتغي راحة الفضل http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
بأمر رسول الله أول خافق http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
عليه لواء لم يكن لاح من قبلي http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
3- سرية الخَرَّار[16]:
قال ابن إسحاق:
في ذي القعدة سنة (1هـ) بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سعد ابن أبي وقاص في عشرين رجلاً يعترضون عيراً لقريش[17]، وساق الواقدي بسنده إلى سعد بن أبي وقاص أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال له: " اخرج ياسعد حتى تبلغ الخرار، فإن عيراً لقريش ستمر به". فخرجت في عشرين رجلاً، أو أحد وعشرين على أقدامنا، فكنا نكمن النهار ونسير الليل، حتى صبحناها صبح خمس، فنجد العير قد مرت بالأمس، وقد كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عهد إلي ألا أجاوز الخرار، ولولا ذلك لرجوت أن أدركهم[18].
قال ابن جرير الطبري عن الواقدي: كانت العير ستين، وكان من مع سعد كلهم من المهاجرين[19].
وقال ابن جرير:
وعند ابن إسحاق أن هذه السرايا الثلاث التي ذكرها الواقدي، كلها في السنة الثانية من الهجرة من وقت التاريخ[20].
قال ابن كثير:
"وكلام ابن إسحاق ليس بصريح، فيما قاله ابن جرير لمن تأمله، كما سنورده في أول كتاب المغازي، في أول السنة الثانية من الهجرة، وذلك تلو ما نحن فيه إن شاء الله، إذ يحتمل أن يكون مراده أن هذه السرايا وقعت في السنة الأولى، وسنزيدها بسطاً وشرحاً إذا انتهينا إليها إن شاء الله تعالى، والواقدي عنده زيادات حسنة، وتاريخ محرر غالباً، لأنه من أئمة هذا الشأن الكبار، وهو صدوق في نفسه مكثار - كما بسطنا القول - في عدالته وجرحه في كتابنا الموسوم بالتكميل في معرفة الثقات والضعفاء، والمجاهيل، ولله الحمد والمنة". اهـ[21]
4- غزوة الأبواء في صفر، سنة 2هـ:
قال البخاري - رحمه الله - في كتاب المغازي[22] قال ابن إسحاق: أول ما غزا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الأبواء، ثم بواط، ثم العشيرة، ثم روى عن زيد بن أرقم أنه سئل كم غزا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من غزوة، قال: تسع عشرة، شهد منها زيد سبع عشرة، أولاهن العُشيرة، أو العُسيرة[23].
وفي صحيح مسلم عن بريدة أنه غزا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ست عشرة غزوة[24] وفي رواية له عنه أنه غزا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تسع عشرة غزوة، وقاتل في ثمان منهن[25].
قال ابن جرير الطبري:
"فغزا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في قول جميع أهل السير في ربيع الأول بنفسه غزوة الأبواء، ويقال ودَّان[26] وبينهما ستة أميال، وهي بحذائها، واستخلف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على المدينة حين خرج إليها سعد بن عبادة، وكان صاحب لوائه في هذه الغزوة حمزة بن عبد المطلب، وكان لواؤه فيما ذكر أبيض[27] اهـ.
وقول ابن جرير - رحمه الله -:
إنَّ غزوة الأبواء في شهر ربيع الأول باتفاق أهل السير فيه نظر، فقد ذكر ابن إسحاق، والزرقاني، وابن كثير، أنها كانت في شهر صفر[28].
يتبع