مشاهدة النسخة كاملة : ترجمة القارئ أبي جعفر المدني (يزيد بن القعقاع)


ابو وليد البحيرى
14-06-2015, 09:51 AM
ترجمة القارئ أبي جعفر المدني (يزيد بن القعقاع) [1]





.... ــ 130هـ




د. طه فارس



أولاً: اسمه ونسبته وكنيته:


يزيد بن القعقاع، وقيل: فيروز بن القعقاع، أبو جعفر، مولى عَبد الله بن عيَّاش بن أَبي ربيعة المخزومي.





ثانياً: مكانته وعلمه:


تابعيٌّ جليل، أحد القُرَّاء العشرة، مشهور كبير القَدْر، إمام أهل المدينة في القراءة، كان أبو جعفر لا يتقدَّمه أحد في عصره، انتهت إليه رياسة القراءة في المدينة، فأقرأ النَّاس دهراً طويلاً، وقد بدأ بالإقراء قبل وقعة الحَرَّة[2]، التي كانت سنة ثلاث وستين للهجرة، ورُوِيَ أنه أقرأ في زمن معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه[3]، وقد كان كذلك مُفتياً مجتهداً، عابداً صوَّاماً قوَّاماً.





قال يعقوب بن جعفر بن أبي كثير الأنصاري[4]: كان إمامَ النَّاسِ بالمدينة أبو جعفر يزيد بن القعقاع[5].





ورُويَ أنَّه دخل على أمِّ سَلَمة زوج النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم وهو صغير، فَمَسحتْ على رأسه ودعت له بالبركة[6].





ورَوَى سليمان بن جمَّاز[7] عنه: أنَّه كان يصوم يوماً ويفطر يوماً، وهو صوم داود عليه السلام، واستمرَّ على ذلك مُدَّة من الزمان، فقال له بعض أصحابه في ذلك، فقال: إنَّمَا فعلتُ ذلك، أروِّض به نفسي لعبادة الله تعالى[8].





ورُوِيَ أنَّه كان يصلِّي في جوف الليل أربعَ تسميات، يقرأ في كلِّ ركعة: بالفاتحة وسورة من طوال المفصَّل، ويدعو عقيبها: لنفسه وللمسلمين ولكلِّ من قرأ عليه، وقرأ بقراءته بعدَهُ وقبلَه[9].





عن نافع بن أبي نُعَيْم قال: كان أبو جعفر يقوم الليل، فإذا أصبح جلس يُقْرِئ النَّاس، فيقع عليه النُّوم، فيقول لهم: خذوا الحصا فَضَعُوه بين أصابعي ثم ضمُّوها، فكانوا يفعلون ذلك[10].





ورَوى عبد الرحمن بن زيد بن أسلم[11] قال: قال رجل لأبي جعفر مولى ابن عيَّاش، وكان في دينه فقيهًا وفي دنياه أبله[12]، هنيئًا لك ما آتاك من القرآن، فقال: ذاك إذا أحللتُ حلاله، وحرَّمتُ حرامَهُ، وعملتُ بما فيه[13].





قال الذهبيُّ: فأمَّا قراءة أبي جعفر فدارت على أحمد بن يزيد الحلوانيِّ عن قالون عن عيسى بن وَرْدَان عن أبي جعفر[14].





قال ابن الجزريِّ: والعجب ممن يطعن في هذه القراءة أو يجعلها من الشواذِّ، وهي لم يكن بينها وبين غيرها من السبع فرق[15].





ثالثاً: شيوخه في القراءة:


رَوَى أبو جعفر القراءة عَن: عبد الله بن عباس، وأبي هُرَيْرة، رضي الله عنهما، وعن مولاه عَبد الله بن عيَّاش بن أَبي ربيعة المخزومي، وكان عبد الله بن عياش قد قرأ على أبيِّ بن كعب رضي الله عنه، وقرأ أبيُّ على النبي صلى الله عليه وسلم.





رابعاً: رواة القراءة عنه:


رَوَى عنه القراءة: نافع بن عبد الرحمن بن أَبي نُعَيْم، وسُلَيْمان بن مسلم بن جمَّاز الزُّهْرِيّ، وأبو الحارث عيسى بن وَرْدَان، وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم مولى عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وابنه يعقوب بن يزيد، وابنته ميمونة، وآخرون.





خامساً: منزلته في الرواية والحديث:


حدَّث أبو جعفر عن: عبد الله بن عباس، وجابر بن عَبد الله، وعبد الله بن عُمَر بن الخطاب، وأبي هُرَيْرة، رضي الله عنهم جميعاً، وزيد بن أسلم وكان من أقرانه، وعن مولاه عبد الله بن عياش بن أبى ربيعة المخزومي، ومروان بن الحَكَم.





وحَدَّث عنه: مالك بن أنس، وإسماعيل بن جعفر، وعبد العزيز الدَّرَاوَرْدِي، وعبد العزيز بن أبي حازم.


قال مالك: كان أبو جعفر رجلاً صالحاً، يفتي النَّاس بالمدينة[16].


وقد وثَّقَه يحيى بن مَعِين، وقال أبو عبد الرحمن النَّسائي: يزيد بن القعقاع ثقة[17].


وَقَال أبو حاتم: صالح الحديث[18].


وَقَال محمد بن سعد: كان ثقة، قليل الحديث[19].


وذكره ابنُ حِبَّان في كتاب "الثِّقات"[20].


وله ذكر في كتاب" الحروف" من" سنن" أبي داود.





سادساً: وفاته:


توفي أبو جعفر في خلافة مروان بن محمد سنة (130هـ) على الأصحِّ، وقيل غير ذلك، وقد رَوى الإمام نافع بن أَبي نُعَيْم قال: لما غُسِّل أبو جعفر يزيد بن القعقاع بعد وفاته نظروا ما بين نحره إلى فؤاده مثل ورقة المصحف، قال: فما شكَّ من حضره أنَّه نور القرآن[21].





وعن سليمان بن مسلم بن جمَّاز قال: رأيتُ أبا جعفر على الكعبة ـ يعني في المنام ـ فقلت: أبا جعفر؟ فقال: نعم، أَقْرِئ إخواني السلامَ، وأخبرهم أنَّ الله جعلني من الشهداء الأحياء المرزوقين، وأقْرِئ أبا حازم[22] السلامَ، وقل له: يقول لك أبو جعفر: الكَيْسُ الكَيْس[23]، فإنَّ الله وملائكته يتراءَون مجلسك بالعشيَّات[24].






[1] السبعة في القراءات ص57ـ58؛ الجرح والتعديل للرازي 9/285؛ الثقات لابن حبان 5/543؛ تهذيب الكمال 22/200ـ202؛ وفيات الأعيان 6/274ـ276؛ معرفة القراء الكبار1/72ـ76؛ سير أعلام النبلاء 5/287ـ288؛ تاريخ الإسلام 8/310؛ النشر في القراءات العشر 1/178؛ غاية النهاية 2/382ـ384؛ تهذيب التهذيب 12/61؛ الأعلام للزركلي 8/186.




[2] ذكر ابن خلكان في وفيات الأعيان 6/276: أن الحرَّة في الأصل: اسم لكلِّ أرض ذات حجارة سود، فمتى كانت بهذه الصفة قيل لها حَرَّة، والحِرَار كثيرة، والمراد بهذه الحَرَّة: حرَّة واقِم، بالقاف المكسورة، وهي بالقرب من المدينة في جهتها، كان يزيد بن معاوية بن أبي سفيان في مُدَّة ولايته قد سيَّر إلى المدينة جيشاً مقدمه مسلم بن عقبة المري فنهبها، وخرج أهلها إلى هذه الحرَّة، فكانت الواقعة بها، وجرى فيها ما يطول شرحه.




[3] سير أعلام النبلاء 5/287.




[4] يعقوب بن جعفر بن أبي كثير الأنصاري المدني، مولى بني زريق، روى القراءة عن الإمام نافع، وعنه عمر الدوري وحمزة بن القاسم، وعلي الكسائي ومحمد بن سعدان، وحدث عن موسى بن يعقوب الزمعي، وعنه محمد بن يحيى بن أبي عمر العدني، أخرج له النسائي في الخصائص. تهذيب الكمال 32/317؛ تاريخ الإسلام 13/482.




[5] السبعة في القراءات ص57؛ النشر 1/178.




[6] السبعة في القراءات ص58؛ معرفة القراء الكبار 1/73.




[7] وهو أحد رواة قراءته، ستأتي ترجمته مفصلة.




[8] غاية النهاية 2/383.




[9] المصدر السابق.




[10] معرفة القراء الكبار1/73.




[11] عبد الرحمن بن زيد بن أسلم، المدني العدوي بالولاء، مولى عمر بن الخطاب رضي الله عنه، قرأ على أبي جعفر، وروى له الترمذي وابن ماجه، وضعَّفه أكثر أئمة الجرح والتعديل في الرواية. الجرح والتعديل للرازي 5/233؛ تهذيب التهذيب 6/161.




[12] الأبله: هو الذي غلبت عليه سلامة الصدر، مع الحرص على أمر الآخرة وقلة الاهتمام بأمور الدنيا. انظر: الصحاح 8/97.




[13] معرفة القراء الكبار1/74.




[14] المصدر السابق.




[15] غاية النهاية 2/383.




[16] وفيات الأعيان 6/275؛ معرفة القراء الكبار 1/74؛ النشر 1/178.




[17] تهذيب الكمال 33/201؛ وفيات الأعيان 6/274.




[18] الجرح والتعديل للرازي 9/285؛ تهذيب الكمال 22/202.




[19] تهذيب الكمال 22/202.




[20] الثقات لابن حبان 5/543؛ تهذيب الكمال 22/200ـ202.




[21] السبعة ص58؛ تهذيب الكمال 33/202؛ معرفة القراء الكبار 1/76؛ النشر 1/178.




[22] سلمة بن دينار المخزومي، أبو حازم، المخزومي بالولاء، ويقال له الأعرج (000-144هـ): عالم المدينة وقاضيها وواعظها، فارسي الأصل، كان زاهدًا عابدًا، ثقة ثبتاً كثير الحديث، قال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم: (ما رأيت أحدًا الحكمة أقرب إلى فيه من أبي حازم)، وأخباره كثيرة. سير أعلام النبلاء 6/96؛ تهذيب التهذيب 4/126؛ الأعلام للزركلي 3/113.




[23] الكيس: خلاف الحمق. الصحاح 5/117.





[24] وفيات الأعيان 6/275؛ معرفة القراء 1/75. والكيس: خلاف الحمق. الصحاح 5/117.

nesma ramdan
04-10-2015, 02:07 AM
رااااااااائع جزاكم الله خيرا ع المجهود الرائع

Busy0
17-01-2016, 08:34 PM
موضوع رررائع
رفع الله قدرك فى الدارين
واجزا لك العطاء
شكرا لطرحك المميز
وانتقائك الهاتف
جعله المولا فى موزين حسناتك
بوركت جهودك