مشاهدة النسخة كاملة : لا تعط المشاكل أكبر من حجمها


ابو وليد البحيرى
14-06-2015, 05:23 PM
لا تعط المشاكل أكبر من حجمها (1)




لبنٌ انسكب من أحد الأطفال على "الموكيت".






كوبُ زجاجٍ تحطم بعد أن وقع على السيراميك.


سيلٌ من الشتائم واللعن والسباب.


لا تجزع على شيءٍ يُمكن إعادته كما كان أو قريبًا مما كان.


صحة أولادنا أعظمُ عندنا من كوب ماءٍ يوزع مجانًا في بعض المحلات.


أعصابُنا ليست فداءً لسجاد، أو كنب سوف يُباع يومًا ما بأبخس الأثمان.


نحن نشتري بالمال الأدوية المكلفة؛ طلبًا للعافية، فلماذا نبيع العافية بأشياء تافهةٍ؟!


لبنٌ انسكب من أحد الأطفال على "الموكيت"، كوبُ زجاجٍ تحطم بعد أن وقع على السيراميك - يعقبُه ثورةٌ، وغضبٌ، وسيلٌ من الشتائم، يهز فرائص الجسد، ثم شكايةٌ من هؤلاء الأولاد الأشقياء.
إننا نحن الذين نحوِّل حياتنا إلى جحيمٍ، إننا نحن الذين نحرق أعصابنا بأيدينا، ونشتري الأمراض المستعصية بأغلى الأثمان.


حينما تكونُ صحة أولادنا وراحتهم وقوةُ شخصيتهم أرخصَ من كوب ماءٍ قيمة (3 ريالات)، فهذا دليلٌ على أننا وصلنا إلى مستوًى سيئ، يُعبر عن ضحالةٍ في التفكير، وجهلٍ بمآلات الأمور.


إننا بذلك لا نستحق أن نكون آباء صالحين، أو أمهات رحيمات.


إن كل ما يُمكن أن ينظف، أو يكنس، أو يعود كما كان، أو قريبًا مما كان - لا يليق بالعاقل أن يغتمَّ بسببه، أو يشكو من أولاده ويتهمهم بالشقاء، هكذا الأطفال طُبعوا على عدم تقدير الأمور، مزاحُهم يغلب على جِدهم، يرون ببراءةٍ أن كل شيءٍ هين مهما كان ثمينًا، وكل شيءٍ في البيت يرخُص لهم، ولسان حالهم يقول: "بجبهة العير يُفدى حافرُ الفرس"، وإن كان هذا هو الحقَّ الذي ينبغي أن نُقر به، فأولادُنا أغلى من الموكيت، وأغلى من الملابس الجديدة التي مزقوها ولم يحافظوا عليها، بل أغلى من البيت وما يحتويه.


مشكلتُنا أننا نُريدهم أن يفكِّروا بعقولنا، التي ما بلغناها إلا بعد أن استوى بنا العمرُ، وبعضُنا كان في صغره أسوأ حالاً من أبنائه الآن!


أعلم أنك تقولُ: ولكني لا أرضى بالخطأ ولا أحبه، والعبثُ والإفسادُ لا يُمكن قَبُولُه.


أنا لا أقول لك: دعْهم يعبثُوا، ويُفسدوا، ولستُ أطلُب منك أن تُحب الخطأ أو ترضى به.


ولكن أقول لك: هناك شيئان علينا أن نعيَهما:
أولاً: علينا أن نتعامل مع أبنائنا أو خدمنا برفقٍ؛ فالرفقُ ما كان في شيءٍ إلا زانه، ولا نُزع من شيءٍ إلا شانه، وإلا سوف نندم يومًا من الدهر حين يحدُث لنا أو لهم ما نحن في غنًى عنه، فبعضُ الحماقات التي قد نرتكبها لن يمسحها عبارةُ: "لم أقصد - ما كنتُ أتوقع - كنتُ أريدُ كذا".


والوقايةُ - كما تعلم - خيرٌ من العلاج، والدفعُ أيسرُ من الرفع.


الثاني: علينا أن نُعطي الأمور أحجامها، ونجعل ما يُمكن تصليحُه أو تعديله فداءً لما لا يُمكن تصليحُه أو تعديله، وإذا كان الخطأُ قد وقع، فغضبُك لن يُصلح ما فسد، في حين أنه سوف يكلفك الكثير، والقويُّ من استطاع أن ينتصر على نفسه.


والعاقلُ من أعطى كلَّ شيءٍ قدره.
منقول