abomokhtar
23-06-2015, 11:45 AM
تأثير الإسلام على الأجواء البلجيكية
المصدر: مدونة الإسلام في أوروبا نقلاً عن موقع بلجيكي
Source: Le Vif/L'Express (French)
مترجم للألوكة من اللغة الإنجليزية
قام موقع "لوفيف لو إكسبريس" البلجيكي Le Vif/L'Express بتقديم مقالة، تناول فيها توصيفًا - من وجهة نظره - لحقيقة الإسلام في بلجيكا، وتأثيره على الأجواء العامة للبلد، فأشار كاتبُه إلى أنه في بعض مناطق "بروكسل" برزتْ ثقافات وشعائر دينية جديدة.
ويقول: فالمطالب الدينية الإسلامية ظهرتْ غير مُرحَّبٍ بها في الحياة العامة، والعمل، والمدارس، والمستشفيات، فالإسلام كعقيدة أو مجموعة من العادات أصبح أكثرَ وضوحًا في "بروكسل".
ولكن لماذا نتكلَّم عن المسلمين على وجه التحديد، في الوقت التي تعج فيه "بروكسل" بخليط من آلاف الاتجاهات الأخرى؟ والإجابة: لما للإسلام من خصائصَ واضحةٍ وظاهرة.
ففي عام 2009 أظهر بحث قامتْ به مؤسسة "كينج بودوين" Baudouin بخصوص الكثافة السكانية للهجرة المغربية: أن 55% من المغاربة البلجيكيين ينسبون أنفسهم لل***يَّة المغربية، مقارنة بنسبة الذين ينسبون أنفسهم لل***ية البلجيكية، والذين بلغت نسبتهم 7%، ومن الجدير بالذكر أنَّ 36% ممن شملهم البحث قد نسبوا أنفسهم للإسلام.
وكذلك، فقد أشار أيضًا البحث الذي أُجري عام 2008 للغرض ذاته، ولكن على شريحة الأتراك: أنَّ 60.4% قد نسبوا أنفسهم للتركية، وأن 31% قد عرَّفوا أنفسهم بأنهم أتراك مسلمون.
ثم ينتقل الكاتب بعد ذلك؛ ليشير إلى أنه من الصعب أنْ يضعف الانتساب لثقافة جديدة الانتماء للثقافة الأصلية في ظلِّ ازدواج ال***يات الذي يعيشه بعض الأفراد.
ثم يقول:
خلافًا "لباريس" التي يعيش المسلمون فيها بالضواحي، فالمسلمون في "بروكسل" يميلون للتجمُّع في المحليات المركزية داخل حدود ضيقة على ضفتي القنال؛ حيث تتعسَّر الظروف الاقتصادية بصورة أكثر من المناطق الأخرى، وحيث تنتشر ظاهرةُ الخروج من التعليم، وتنتشر البطالة، وحيث تقع الصراعات بين الشباب والشرطة، أو البيض والمهاجرين، وكذلك أحيانًا بين النصارى والمسلمين العرب.
وإذا كانت هذه المصادمات كثيرًا ما تقع بسبب الظروف الاقتصادية، فلماذا يتمُّ إقحام الدِّين؟
فيجيب "د. إيريك كورين" - أستاذ الاجتماع بجامعة "بروكسل" - قائلاً: "إن الدين في ذاته لا يقول شيئًا بشأن القضايا الاجتماعية"، ولعلَّه يقصد النصرانية، ويضيف: "ولكن نحتاج للربط بين الدِّين والظواهر الاجتماعية".
ففي فترة الستينيات والسبعينيات كان انتماء المهاجرين للوظائف التي يقومون بها؛ حيث يجدون حلولاً لمشاكلهم الاقتصادية، ويجدون العون المتبادل والحماية داخل مجتمعاتهم، والآن فقد أصبحوا أكثر اعتمادًا على الخطط الاقتصادية التي تؤكد هُويَّتهم الدينية والعِرْقية والثقافية.
ويضيف "د.إيريك": أنه غير صحيح - بل أشد خطرًا - أن يتمَّ التعامل مع هذه الأنشطة الاجتماعية بتعميم التحامل ضد كلِّ الأديان".
وبالرغم من أنَّ المسلمين في بلجيكا يحاولون النجاح في التآلف مع المجتمع، والعمل على تنميته، إلا أنَّ هناك أنشطةً اجتماعية تندرج تحت المفاهيم الدينية تسبِّب نوعًا من المشكلات، وتتركز في نقاط أربع، وتلك النقاط هي:
1- موارد الطعام الحلال، والمصادمة مع غير المسلمين:
يقول الكاتب: إن التواجد الكثيف لأحد المجتمعات يمكن أن يشكِّل بُؤَرًا للمنتمين لهذا المجتمع؛ مما يتسبَّب في علاقات صعبة بين ذلك المجتمع وجيرانه.
فعلى سبيل المثال قد أدى قدوم الأوروبيين إلى منطقة "شومان"، إلى اختفاء طبقة العمالة من الحياة، وكذلك كان تأثير القدوم كبيرًا للمسلمين.
فغير المسلمين يشعرون بالتهميش؛ مما يسبب نوعًا من الإشكال؛ بسبب أنه في الوقت الذي يسعى المسلمون فيه لتوفير ما يحتاجونه من أشياء تتَّبع مقتضيات عقيدتهم، يبحث غير المسلمين عن مجزر لبيع اللحوم غير الحلال، أو عن بار لشرب الخمر.
وإن كان هذا يرجع لحكم قانون السُّوق، والذي يغير من الحياة اليومية لتتوافق مع بعض المفاهيم الاجتماعية، ولكن مع تأسُّف بعض الشرائح الاجتماعية الأخرى وغضبها.
فعلى سبيل المثال: لم تعد الخمور تقدم في مطعم مولينبيك القديم الاجتماعي، ولا المركز الثقافي التابع للمحلية، وكذلك في أحد المقاهي الصغيرة القريبة من قسم الشرطة، والتي تدار من قِبَل الأتراك، وكذلك تجد الناس يتكلمون العربية في الأسواق، وترى الحجاب منتشرًا.
ومن الجدير بالذكر الإشارةُ هنا إلى أن واحدة من المسؤولين الحكوميين - "فرانسوا شيبمانز" - قد صرحت للمجلة منذ عدة أشهر قائلةً: "الواقع أنه لا مشكلة من أن يشبه وسط مولينبيك مراكش، ولكن يجب ألا يسمح له بأن يتحوَّل إلى بيشاور".
وتؤكِّد أنها تعرضتْ للانتقادات من قِبَل زملائها الاشتراكيين، بالرغم من انتمائهم جميعًا لتحالف واحد، وهذا الذي دفعها إلى التأكيد على أنه ليس مقصودها ترسيخ العرقية، ولكن الإشارة إلى خطورة تحكُّم الدين في الحياة والمجتمع.
فالمفاهيم الجديدة التي أصبحت تُفرض على الحياة الاجتماعية باتتْ من الصعب أن تحقِّق احترامَ الآخر ومشاركته، فالفتيات اللاتي لا يرتدينَ الحجاب، ويرتدينَ الملابس القصيرة يُطلِق عليهنَّ البعض اسمَ "العاهرات"، وهذا ما أكدتْه إحدى النساء اللاتي آثَرْنَ العيش ملتزماتٍ بنمط الزي الأوروبي.
فقد يُفاجأ أحد الشباب المصاحب لصديقته في عرض الطريق، بمن يسأله مستنكرًا: ما هذا الذي تفعله؟ وكذلك يتعرض الشواذ والعاهرات إلى اعتداءات من بعض الشباب تحت راية الدفاع عن الإسلام.
وأما في رمضان أو في أوقات الصلاة، فالسيارات الموقوفة بالطريق تُحدِث ازدحامًا كبيرًا، ولا أحد يستطيع التعليق.
ويؤكد "جيو فندرولست" - أحد النُّشطاء الثقافيين، والذي رحَّب برحلات الهجرة في التسعينيات - أن هذا السلوك غير المدني نتج عن عجز السلطة عن توفير مواطنة تستعيد الاحترام المتبادل بين عناصر المجتمع، ومن أجل تدهور الأوضاع يقترح أن يتمَّ إنشاء لجنة من العقلاء؛ للعمل على التعاون فيما بينهم لاستعادة قواعد العيش المشترك.
2- الاتفاقات بين المساجد وعُمَد المدن:
المسجد يقوم بدور أكبرَ من كونه محلاًّ للعبادة؛ فالمسجد يقوم بتوجيه المجتمع المسلم في دور أكبر من دور المجلس التنفيذي الإسلامي ببلجيكا، والسياسيون يدركون ذلك جيدًا، وبرهان ذلك تردد "فيليب مورييه" عدة مرات هذا العام دعمًا للتعاون.
وكذلك فقد عمل "برنارد كليرفايت" - عمدة "شاربيك" - على جذب انتباههم، بالرغم من توقُّفه عن زيارته الخفية للمساجد التي كان يقوم بها أثناء الانتخابات، وبالرغم من عدم شهرة رؤساء المساجد بين العامة، إلا أنهم أصبح لديهم تأثيرٌ كبير على مُجريات الأمور، بالرغم من عدم حصولهم على مشروعية ديمقراطية؛ بل بالاعتماد على أصولهم التي أتوا منها.
وطبقًا لما يقوله "كورين توريكينز" - صاحب "الإسلام في بروكسل" - فهناك محلتان تمنحان المساجد مِنَحًا سنوية؛ حيث تمنح محلية "مولينبيك" 35 ألف يورو؛ ليتمَّ توزيعها عن طريق المجلس الاستشاري لشؤون المساجد، وكذلك محلية "شاربيك" والتي منحت 50 ألف يورو لجمعية المساجد؛ مساهمةً في إعداد الاحتفال بعيد الأضحى.
وكذلك ففي منطقة "بروكسل" وحدها، يوجد 80 مسجدًا، وطبقًا لتصريحات "كورين توريكنز" فإن 80% من الموارد الإسلامية والجمعيات تتمركز في خمس محليات، وهي: "مولينبيك، وأندرلخت، وبروكسل، وسنت جوست، وشاربيك"، تلك المناطق التي يقطنها 75% من الكثافة السكانية الإسلامية، مقارنة بالكثافة السكانية من اليهود والنصارى.
ومن الجدير بالذكر أنَّ بعض المساجد قد تمكَّن المسلمون من استعادتها؛ مما يؤذن بنذير صراعٍ بين المسلمين وغيرهم حول اكتساب المناطق والمباني، وخصوصًا في ظلِّ تأكيد الكنيسة الكاثوليكية على الْتزامها بيع ممتلكاتها للقادمين الجُدد من الكاثوليك أو غيرهم من طوائف النصارى.
3- صدام التاريخ والذكريات:
يتعجب الكاتب من ماهية موقف المسلمين من المتاحف والآثار الدينية، والأعمال المعمارية، التي تمثِّل شهادة التاريخ، والتي لا يعرفونها؛ بل قد يُعادُونها في بعض الأحيان، ويتساءل عن مستقبل "بروكسل" إذا ما خضعتْ للسيطرة الإسلامية، ويؤكِّد أنه سيكون هناك حرج.
وفي ذلك يقول "جيو فندرولست": "لا يمكن أن تبدأ بناء مدينة بقطْع صلتها بتاريخها، ففي ظلِّ الاستمرارية التاريخية يجب أن تعمل المجتمعاتُ الجديدة عمَلَ سابقيها، فعلى سبيل المثال تطبيق قدر من الموروث باتِّباع بعض القِيَم؛ كالديمقراطية، والتضامن.
ولكن وجود الإسلام يتسبَّب في جدلٍ ومعاركَ مع الموروث القديم، فعلى سبيل المثال في الوقت الذي تعترف فيه الحكومة بتعرُّض النصارى لم***ة على أيدي الدولة العثمانية، والتي يسمِّيها علماء المسلمين بالجهاد، نجد وزيرة العدل "لوريت أونكيلنكس" وعضو الحزب الاشتراكي، تسعى عام 2005 لمنع تجريم نفي وقوع م***ة الأرمن، وقد صادف ذلك وقت رغبتها في الحصول على عُمودية "شاربيك"، والتي يقطنها مجتمع تركيٌّ كبير.
ومن ذلك أيضًا أنه قد أُحييتْ مشاعر العداء لليهود، تحت غطاء التضامن مع الفلسطينيين، أو معادة الصِّهْيَونية بمزيج إيراني، وهذا الذي أدَّى لفرض الحماية الأمنية على الاحتفالات اليهودية في "أكول".
وكذلك فإن هناك كثيرًا من القنوات الفضائية التي تقدِّم مادة إعلامية معادية للغرب، وتعزز من التضامن مع الحروب البعيدة، مثل: تلك التي تجري على الأراضي العراقية والفلسطينية والأفغانية.
4 - تقليل مساحة حرية التعبير في الحياة العامة:
يشير الكاتب في هذه النقطة إلى أنه إذا حدث التآلف بين عناصر المجتمع، فإن الحرية ستكون في خطرٍ، ولا يضمن مستقبلها؛ درءًا لتمثيل تلك الاستمرارية اعتداءً على بعض شرائح المجتمع، والتي تتميز بسرعة ردِّ الفعل وقوَّته.
وفي ظلِّ ذلك قد تمَّ إغلاق بعض المعارض الفنية بوسط المدينة؛ لعرضه صورةً مسيئة للإسلام، وعقب وقوع تهديدات، وتقدم بعض الموظفين الحكوميين من أصول المهاجرين بطلب لمنع زفاف للشواذ في الطريق العام.
ويشير الكاتب في خاتمة مقاله إلى أن التصدي للإسلام يُنظر إليه على أنه بَلشفيَّة، وعداء وكراهية - إسلاموفوبيا - وقد يتعرَّض لصرخات استغاثة، وعراك في بعض الأحيان.
رابط الموضوع: http://www.alukah.net/translations/0/88229/#ixzz3dsTjdyv7
المصدر: مدونة الإسلام في أوروبا نقلاً عن موقع بلجيكي
Source: Le Vif/L'Express (French)
مترجم للألوكة من اللغة الإنجليزية
قام موقع "لوفيف لو إكسبريس" البلجيكي Le Vif/L'Express بتقديم مقالة، تناول فيها توصيفًا - من وجهة نظره - لحقيقة الإسلام في بلجيكا، وتأثيره على الأجواء العامة للبلد، فأشار كاتبُه إلى أنه في بعض مناطق "بروكسل" برزتْ ثقافات وشعائر دينية جديدة.
ويقول: فالمطالب الدينية الإسلامية ظهرتْ غير مُرحَّبٍ بها في الحياة العامة، والعمل، والمدارس، والمستشفيات، فالإسلام كعقيدة أو مجموعة من العادات أصبح أكثرَ وضوحًا في "بروكسل".
ولكن لماذا نتكلَّم عن المسلمين على وجه التحديد، في الوقت التي تعج فيه "بروكسل" بخليط من آلاف الاتجاهات الأخرى؟ والإجابة: لما للإسلام من خصائصَ واضحةٍ وظاهرة.
ففي عام 2009 أظهر بحث قامتْ به مؤسسة "كينج بودوين" Baudouin بخصوص الكثافة السكانية للهجرة المغربية: أن 55% من المغاربة البلجيكيين ينسبون أنفسهم لل***يَّة المغربية، مقارنة بنسبة الذين ينسبون أنفسهم لل***ية البلجيكية، والذين بلغت نسبتهم 7%، ومن الجدير بالذكر أنَّ 36% ممن شملهم البحث قد نسبوا أنفسهم للإسلام.
وكذلك، فقد أشار أيضًا البحث الذي أُجري عام 2008 للغرض ذاته، ولكن على شريحة الأتراك: أنَّ 60.4% قد نسبوا أنفسهم للتركية، وأن 31% قد عرَّفوا أنفسهم بأنهم أتراك مسلمون.
ثم ينتقل الكاتب بعد ذلك؛ ليشير إلى أنه من الصعب أنْ يضعف الانتساب لثقافة جديدة الانتماء للثقافة الأصلية في ظلِّ ازدواج ال***يات الذي يعيشه بعض الأفراد.
ثم يقول:
خلافًا "لباريس" التي يعيش المسلمون فيها بالضواحي، فالمسلمون في "بروكسل" يميلون للتجمُّع في المحليات المركزية داخل حدود ضيقة على ضفتي القنال؛ حيث تتعسَّر الظروف الاقتصادية بصورة أكثر من المناطق الأخرى، وحيث تنتشر ظاهرةُ الخروج من التعليم، وتنتشر البطالة، وحيث تقع الصراعات بين الشباب والشرطة، أو البيض والمهاجرين، وكذلك أحيانًا بين النصارى والمسلمين العرب.
وإذا كانت هذه المصادمات كثيرًا ما تقع بسبب الظروف الاقتصادية، فلماذا يتمُّ إقحام الدِّين؟
فيجيب "د. إيريك كورين" - أستاذ الاجتماع بجامعة "بروكسل" - قائلاً: "إن الدين في ذاته لا يقول شيئًا بشأن القضايا الاجتماعية"، ولعلَّه يقصد النصرانية، ويضيف: "ولكن نحتاج للربط بين الدِّين والظواهر الاجتماعية".
ففي فترة الستينيات والسبعينيات كان انتماء المهاجرين للوظائف التي يقومون بها؛ حيث يجدون حلولاً لمشاكلهم الاقتصادية، ويجدون العون المتبادل والحماية داخل مجتمعاتهم، والآن فقد أصبحوا أكثر اعتمادًا على الخطط الاقتصادية التي تؤكد هُويَّتهم الدينية والعِرْقية والثقافية.
ويضيف "د.إيريك": أنه غير صحيح - بل أشد خطرًا - أن يتمَّ التعامل مع هذه الأنشطة الاجتماعية بتعميم التحامل ضد كلِّ الأديان".
وبالرغم من أنَّ المسلمين في بلجيكا يحاولون النجاح في التآلف مع المجتمع، والعمل على تنميته، إلا أنَّ هناك أنشطةً اجتماعية تندرج تحت المفاهيم الدينية تسبِّب نوعًا من المشكلات، وتتركز في نقاط أربع، وتلك النقاط هي:
1- موارد الطعام الحلال، والمصادمة مع غير المسلمين:
يقول الكاتب: إن التواجد الكثيف لأحد المجتمعات يمكن أن يشكِّل بُؤَرًا للمنتمين لهذا المجتمع؛ مما يتسبَّب في علاقات صعبة بين ذلك المجتمع وجيرانه.
فعلى سبيل المثال قد أدى قدوم الأوروبيين إلى منطقة "شومان"، إلى اختفاء طبقة العمالة من الحياة، وكذلك كان تأثير القدوم كبيرًا للمسلمين.
فغير المسلمين يشعرون بالتهميش؛ مما يسبب نوعًا من الإشكال؛ بسبب أنه في الوقت الذي يسعى المسلمون فيه لتوفير ما يحتاجونه من أشياء تتَّبع مقتضيات عقيدتهم، يبحث غير المسلمين عن مجزر لبيع اللحوم غير الحلال، أو عن بار لشرب الخمر.
وإن كان هذا يرجع لحكم قانون السُّوق، والذي يغير من الحياة اليومية لتتوافق مع بعض المفاهيم الاجتماعية، ولكن مع تأسُّف بعض الشرائح الاجتماعية الأخرى وغضبها.
فعلى سبيل المثال: لم تعد الخمور تقدم في مطعم مولينبيك القديم الاجتماعي، ولا المركز الثقافي التابع للمحلية، وكذلك في أحد المقاهي الصغيرة القريبة من قسم الشرطة، والتي تدار من قِبَل الأتراك، وكذلك تجد الناس يتكلمون العربية في الأسواق، وترى الحجاب منتشرًا.
ومن الجدير بالذكر الإشارةُ هنا إلى أن واحدة من المسؤولين الحكوميين - "فرانسوا شيبمانز" - قد صرحت للمجلة منذ عدة أشهر قائلةً: "الواقع أنه لا مشكلة من أن يشبه وسط مولينبيك مراكش، ولكن يجب ألا يسمح له بأن يتحوَّل إلى بيشاور".
وتؤكِّد أنها تعرضتْ للانتقادات من قِبَل زملائها الاشتراكيين، بالرغم من انتمائهم جميعًا لتحالف واحد، وهذا الذي دفعها إلى التأكيد على أنه ليس مقصودها ترسيخ العرقية، ولكن الإشارة إلى خطورة تحكُّم الدين في الحياة والمجتمع.
فالمفاهيم الجديدة التي أصبحت تُفرض على الحياة الاجتماعية باتتْ من الصعب أن تحقِّق احترامَ الآخر ومشاركته، فالفتيات اللاتي لا يرتدينَ الحجاب، ويرتدينَ الملابس القصيرة يُطلِق عليهنَّ البعض اسمَ "العاهرات"، وهذا ما أكدتْه إحدى النساء اللاتي آثَرْنَ العيش ملتزماتٍ بنمط الزي الأوروبي.
فقد يُفاجأ أحد الشباب المصاحب لصديقته في عرض الطريق، بمن يسأله مستنكرًا: ما هذا الذي تفعله؟ وكذلك يتعرض الشواذ والعاهرات إلى اعتداءات من بعض الشباب تحت راية الدفاع عن الإسلام.
وأما في رمضان أو في أوقات الصلاة، فالسيارات الموقوفة بالطريق تُحدِث ازدحامًا كبيرًا، ولا أحد يستطيع التعليق.
ويؤكد "جيو فندرولست" - أحد النُّشطاء الثقافيين، والذي رحَّب برحلات الهجرة في التسعينيات - أن هذا السلوك غير المدني نتج عن عجز السلطة عن توفير مواطنة تستعيد الاحترام المتبادل بين عناصر المجتمع، ومن أجل تدهور الأوضاع يقترح أن يتمَّ إنشاء لجنة من العقلاء؛ للعمل على التعاون فيما بينهم لاستعادة قواعد العيش المشترك.
2- الاتفاقات بين المساجد وعُمَد المدن:
المسجد يقوم بدور أكبرَ من كونه محلاًّ للعبادة؛ فالمسجد يقوم بتوجيه المجتمع المسلم في دور أكبر من دور المجلس التنفيذي الإسلامي ببلجيكا، والسياسيون يدركون ذلك جيدًا، وبرهان ذلك تردد "فيليب مورييه" عدة مرات هذا العام دعمًا للتعاون.
وكذلك فقد عمل "برنارد كليرفايت" - عمدة "شاربيك" - على جذب انتباههم، بالرغم من توقُّفه عن زيارته الخفية للمساجد التي كان يقوم بها أثناء الانتخابات، وبالرغم من عدم شهرة رؤساء المساجد بين العامة، إلا أنهم أصبح لديهم تأثيرٌ كبير على مُجريات الأمور، بالرغم من عدم حصولهم على مشروعية ديمقراطية؛ بل بالاعتماد على أصولهم التي أتوا منها.
وطبقًا لما يقوله "كورين توريكينز" - صاحب "الإسلام في بروكسل" - فهناك محلتان تمنحان المساجد مِنَحًا سنوية؛ حيث تمنح محلية "مولينبيك" 35 ألف يورو؛ ليتمَّ توزيعها عن طريق المجلس الاستشاري لشؤون المساجد، وكذلك محلية "شاربيك" والتي منحت 50 ألف يورو لجمعية المساجد؛ مساهمةً في إعداد الاحتفال بعيد الأضحى.
وكذلك ففي منطقة "بروكسل" وحدها، يوجد 80 مسجدًا، وطبقًا لتصريحات "كورين توريكنز" فإن 80% من الموارد الإسلامية والجمعيات تتمركز في خمس محليات، وهي: "مولينبيك، وأندرلخت، وبروكسل، وسنت جوست، وشاربيك"، تلك المناطق التي يقطنها 75% من الكثافة السكانية الإسلامية، مقارنة بالكثافة السكانية من اليهود والنصارى.
ومن الجدير بالذكر أنَّ بعض المساجد قد تمكَّن المسلمون من استعادتها؛ مما يؤذن بنذير صراعٍ بين المسلمين وغيرهم حول اكتساب المناطق والمباني، وخصوصًا في ظلِّ تأكيد الكنيسة الكاثوليكية على الْتزامها بيع ممتلكاتها للقادمين الجُدد من الكاثوليك أو غيرهم من طوائف النصارى.
3- صدام التاريخ والذكريات:
يتعجب الكاتب من ماهية موقف المسلمين من المتاحف والآثار الدينية، والأعمال المعمارية، التي تمثِّل شهادة التاريخ، والتي لا يعرفونها؛ بل قد يُعادُونها في بعض الأحيان، ويتساءل عن مستقبل "بروكسل" إذا ما خضعتْ للسيطرة الإسلامية، ويؤكِّد أنه سيكون هناك حرج.
وفي ذلك يقول "جيو فندرولست": "لا يمكن أن تبدأ بناء مدينة بقطْع صلتها بتاريخها، ففي ظلِّ الاستمرارية التاريخية يجب أن تعمل المجتمعاتُ الجديدة عمَلَ سابقيها، فعلى سبيل المثال تطبيق قدر من الموروث باتِّباع بعض القِيَم؛ كالديمقراطية، والتضامن.
ولكن وجود الإسلام يتسبَّب في جدلٍ ومعاركَ مع الموروث القديم، فعلى سبيل المثال في الوقت الذي تعترف فيه الحكومة بتعرُّض النصارى لم***ة على أيدي الدولة العثمانية، والتي يسمِّيها علماء المسلمين بالجهاد، نجد وزيرة العدل "لوريت أونكيلنكس" وعضو الحزب الاشتراكي، تسعى عام 2005 لمنع تجريم نفي وقوع م***ة الأرمن، وقد صادف ذلك وقت رغبتها في الحصول على عُمودية "شاربيك"، والتي يقطنها مجتمع تركيٌّ كبير.
ومن ذلك أيضًا أنه قد أُحييتْ مشاعر العداء لليهود، تحت غطاء التضامن مع الفلسطينيين، أو معادة الصِّهْيَونية بمزيج إيراني، وهذا الذي أدَّى لفرض الحماية الأمنية على الاحتفالات اليهودية في "أكول".
وكذلك فإن هناك كثيرًا من القنوات الفضائية التي تقدِّم مادة إعلامية معادية للغرب، وتعزز من التضامن مع الحروب البعيدة، مثل: تلك التي تجري على الأراضي العراقية والفلسطينية والأفغانية.
4 - تقليل مساحة حرية التعبير في الحياة العامة:
يشير الكاتب في هذه النقطة إلى أنه إذا حدث التآلف بين عناصر المجتمع، فإن الحرية ستكون في خطرٍ، ولا يضمن مستقبلها؛ درءًا لتمثيل تلك الاستمرارية اعتداءً على بعض شرائح المجتمع، والتي تتميز بسرعة ردِّ الفعل وقوَّته.
وفي ظلِّ ذلك قد تمَّ إغلاق بعض المعارض الفنية بوسط المدينة؛ لعرضه صورةً مسيئة للإسلام، وعقب وقوع تهديدات، وتقدم بعض الموظفين الحكوميين من أصول المهاجرين بطلب لمنع زفاف للشواذ في الطريق العام.
ويشير الكاتب في خاتمة مقاله إلى أن التصدي للإسلام يُنظر إليه على أنه بَلشفيَّة، وعداء وكراهية - إسلاموفوبيا - وقد يتعرَّض لصرخات استغاثة، وعراك في بعض الأحيان.
رابط الموضوع: http://www.alukah.net/translations/0/88229/#ixzz3dsTjdyv7