مشاهدة النسخة كاملة : الرجل الذي عرف ربه


مخلصة
25-06-2015, 10:27 AM
كان الرجل مريضاً بمرض عِضال لا يُعرَف له علاجاً .. فكلما جلس في مكان قال له الناس - رائحتك كريهة .. ألا تستحم ..


و تردد على الأطباء و فحص الأنف و الجيوب و الحلق و الأسنان و اللثة و الكَبِد و الأمعاء .. و كانت النتيجة .. لا مرض في أي مكان بالجسد .. و لا سبب عضوياً مفهوم لهذه الرائحة .


و كان يتردد على الحمام عدة مرات في اليوم و يغتسل بأغلى العطور فلا تُجدي هذه الوسائل شيئاً ..


و لا يكاد يخرج إلى الناس حتى يتحول إلى قبر مُنتِن يهرب منه الصديق قبل العدو .


و ذهب يبكي لرجل صالح .. و حكى له حكايته .. فقال الرجل الصالح .. هذه ليست رائحة جسدك .. و لكن رائحة أعمالك .


● فقال الرجل مندهشاً : و هل للأعمال رائحة ؟ !


● فقال الرجل الصالح : تلك بعض الأسرار التي يكشف عنها الله الحجاب .. و يبدو أن الله أحبك و أراد لك الخير و أحب أن يُمهِد لك الطريق إلى التوبة .


● فقال الرجل معترفاً : أنا بالحق أعيش على السرقة و الإختلاس و الربا و أزني و أسكَر و أُقارِف المنكرات .


● قال الرجل الصالح : و قد رأيت .. فهذه رائحة أعمالك .


● قال الرجل : و ما الحل ؟


● قال الصالح : الحل أصبح واضحاًَ ، أن تُصلِح أعمالك و تتوب إلى الله توبة نصوحاً .


و تــاب الرجل توبة نصوحاً و أقلع عن جميع المنكرات و لكن رائحته ظلت كما هي .. فعاد يبكي إلى الرجل الصالح ..


● فقال له الرجل الصالح : لقد اصلحت أعمالك الحاضرة ، أما أعمالك الماضية فقد نفذ فيها السهم .. و لا خلاص منها إلا بمغفرة .


● قال الرجل : و كيف السبيل إلى مغفرة ؟


● قال الصالح : إن الحسنات يُذهِبنَ السيئات فتصدق بمالك .. و الحج المبرور يَخرُج منه صاحبه مغفور الذنوب كيوم ولدته أمه .. فاقصد الحج .. و اسجد لله .. و ابك على نفسك بعدد أيام عمرك ..


و تصدَّق الرجل بماله و خرج إلى الحج .. و سجد في كل ركن بالكعبة و بكى بعدد ايام عمره ..


و لكنه ظل على حاله تعافه الكلاب و تهرب منه الخنازير إلى حظائرها .. فآوَى إلى مقبرة قديمة و سكنها و صمم ألا يبرحها حتى يجعل الله له فرجاًَ من كَربِه .


و ما كاد يُغمِض عينيه لينام حتى رأى في الحلم الجُثث التي كانت في المقبرة تجمع أكفانها و ترحل هاربة .. و فتح عينيه فرأى جميع الجُثث قد رحلت بالفعل و جميع اللحود فارغة .. فخَرَ ساجداً يبكي حتى طلع الفجر .. فمر به الرجل الصالح ..


● و قال له : هذا بكاء لا ينفع .. فإن قلبك يمتلئ بالإعتراض .. و أنت لا تبكي إتهاماً لنفسك .. بل تتهم العدالة الإلهية في حقك .


● قال الرجل : لا أفهم !!


● قال الصالح : بالضبط .. إن عدل الله أصبح محل شبهة عندك .. و بهذا قَلَبتَ الأمور فجعلت الله مذنباً و تصورت نفسك بريئاً ..


و بهذا كنت طول الوقت تضيف إلى ذنوبك ذنوباً جديدة في الوقت الذي ظننت فيه أنك تُحسِن العمل .


● قال الرجل : و لكني أشعر بأني مظلوم .


● قال الصالح : لو اطلعت على الغيب لوجدت نفسك تستحق عذاباً أكبر .. و لعرفت أن الله الذي ابتلاك لطف بك .. و لكنك اعترضت على ما تجهل و اتهمت ربك بالظلم .. فاستغفر و حاول أن تُطَهِر قلبك و أسلِم وجهك ..


فإنك إلى الآن و رغم حجك و صومك و صلاتك و توبتك لم تُسلِم بعد .


● قال الرجل : كيف .. ألستُ مسلماً ؟ !


● قال الصالح : نعم لست مسلماً ، فالإسلام هو إسلام الوجه قبل كل شئ ..


و ذلك لا يكون إلا بالقبول و عدم الإعتراض و الإسترسال مع الله فى مقاديره و بأن يستوي عندك المنع و العطاء ، و أن ترى حكمة الله و رحمته في منعه كما تراه فى عطائه ، فلا تغتر بنعمة .. و لا تعترض على حرمان ..


فعدل الله لا يختلف ، و هو عادل دائماً فى جميع الأحوال و رحمته سابغة فى كل ما يُجريه من مقادير ..


فقل لا إله إلا الله ثم استقم . . ذلــك هـو الإســـلام .


● قال الرجل : إنى أقول لا إله إلا الله كل لحظة .


● قال الصــالح : تقولها بلسانك و لا تقولها بقلبك و لا تقولها بموقفك و عملك .


● قال الرجل : كيــف ؟


● قال الصــالح : إنك تناقش الله الحساب كل يوم و كأنك إله مثله ..


تقول له استغفرت فلم تغفر لى .. سجدت فلم ترحمنى .. بكيت فلم تُشفق غلىّ .. صليت و صمت و حججت إليك فما سامحتني .. أين عدلــك ؟


و ربت الرجل الصــالح على كتفيه قــائلاً : يا أخـي ليس هذا توحيداً .


التـوحيـد أن تكون إرادة الله هي عين ما تهوى و فعله عين ما تحب و كأن يدك أصبحت يده و لسانك لسانه .. التوحيد هو أن تقول نعم . و تصدع بالأمر مثل ملائكة العزائم دون أن تسأل لماذا .. لأنه لا إله إلا الله .. لا عادل و لا رحمن و لا رحيم و لا حق سواه .. هو الوجود و أنت العدم .. فكيف يناقش العدم الوجود .. إنما يتلقى العدم المدد من الوجود ساجداً حامداً شاكراً .. لأنه لا وجود غيره .. هو الإيجاب و ما عداه سلب .. هو الحق و ما عداه باطل .


فبكـى الرجل و قد أدرك أنه ما عاش قط و ما عبد ربه قط .


● قال الصــالح : الآن عرفت فالزم .. و قل لا إله إلا الله .. ثم استقـم .. قلها مرة واحدة من أحشائــك .


● فقال الرجل : لا إله إلا الله .


فتضوع الياسمين و انتشر العطر و ملأ العبير الأجواء و كأن روضة من الجنة تنزلت على الأرض .


و تلفت الناس .. و قالوا .. مَن هناك .. مَن ذلك الملاك الذى تلفه سحابة عِطر .


● قال الرجل الصــالح : بل هـو رجـل عــرف ربـه .


..

Free Love
27-06-2015, 09:51 PM
جزاكي الله كل خير

Only Forward
27-06-2015, 11:35 PM
موضوع رائع
بارك الله فيكٍ

الدكتور محمد رزق
30-06-2015, 03:41 PM
موضوع رائع
بارك الله فيكٍ

مخلصة
01-07-2015, 07:47 PM
جزاكي الله كل خير

جزانا وإياكم

مخلصة
01-07-2015, 07:49 PM
موضوع رائع
بارك الله فيكٍ

شكرا للمرور الكريم

مخلصة
01-07-2015, 07:52 PM
موضوع رائع
بارك الله فيكٍ

شكرا للمرور الكريم

نسيــــــم الجنـــــــــة
04-07-2015, 02:08 AM
ربى يبارك فيكى ويسعد ايامك
... :)

مخلصة
04-07-2015, 11:53 PM
ربى يبارك فيكى ويسعد ايامك
... :)






شكرا للمرور الكريم