CoMMaNdo
22-08-2008, 11:47 PM
> في تمام الخامسة والربع، شاهدنا من شباك أحد المكاتب الإعلامية بجاردن سيتي دخاناً كثيفاً ونيراناً تندلع في مبني قريب وتوقعنا أنه مجلس الشعب أو إحدي الوزارات، وعلي الفور نزلنا إلي الشارع لمعرفة ما يحدث، ورأينا النيران تندلع في المبني الخلفي لمجلس الشوري، قمنا بالدوران حول المنطقة بأكملها من شارع قصر العيني إلي الشيخ ريحان إلي مجلس الشعب، إلي شارع الفلكي للوصول لأفضل نقطة نستطيع من خلالها تصوير ما يحدث، وتوقفنا في شارع الشيخ ريحان أمام مدخل قاعة إيوارت بالجامعة الأمريكية، حيث يوجد الباب الجانبي لمجلس الشوري،
وكان أول ما رصدناه هو دخول ثلاث سيارات إسعاف، ثم خروج اثنين منها محملين بمصابين، وشاهدنا سيدة أربعينية تبكي وتقول «يارب يكونوا لحقوه» وسألناها هو مين يا حاجة، فقالت إن شاباً، كان واقفاً فوق المبني بيصرخ، وأنه رمي نفسه من فوق، حاولنا التحقق من المعلومة، فأفاد بعض الشهود أنهم شاهدوا شخصاً يلقي بنفسه من فوق المبني، وأفاد آخرون أنهم شاهدوا فعلاً شخصاً فوق سطح المبني يصرخ ويحاول القفز، لكنهم لم يشاهدوه يقفز، ولم نستطع التحقق من المعلومة.
تزايد الازدحام، ووقف الأمن عاجزاً تماماً عن فض الجماهير، بدا بوضوح أن رجال الأمن عاجزون عن التعامل مع الموقف، العصبية هي السمة السائدة عليهم، عصبية مرتبطة بعدم قدرتهم علي السيطرة علي الموقف، والناس تتعامل معهم باستخفاف ولا تستجيب لمطالبهم بإخلاء المكان، ويطلقون بعض العبارات الساخرة مثل «اتشطروا ع الحريق الأول وبعدين ابقوا اتشطروا علينا»، أغرب ما في الأمر هو أن الناس بدا عليهم الفرحة، والشماتة أيضاً، ولا تتوقف أبداً تعليقات قاسية من نوع «خليه يولع هي كانت بلدنا»، أو «ولسه الفوضي اللي جاية مش هتتلم»، لكن ما ردده الجميع بلا استثناء هو أن الحريق يشبه حريق القاهرة سنة 1952 الأكيد أن الكل يشعر أن هذا النظام ينتهي، وإلا ما كان هذا الحس الجماعي أن حريق مجلس الشوري يشبه حريق القاهرة.
حالة العصبية التي اتسم بها الأمن، بدت واضحة أيضاً علي رجال الإطفاء بدا أن الحدث أكبر من استعداداتهم، لاحظنا ذلك حينما بدأوا في محاولة إطفاء الحريق، مع أول محاولاتهم للإطفاء، كان ضغط المياه ضعيفاً والمياه لا تصل إلي المبني، سخر الجمهور من المشهد، وقال البعض مازحين «سيبونا.. عليها وإحنا نطفيها».
في السادسة وخمس وأربعين دقيقة وصلت أولي سيارات الأمن المركزي بعد أن أصبح المكان يعج بالآلاف من المواطنين، حاولوا احتجاز الناس علي الأرصفة بعد أن فاض بهم شارع قصر العيني وشارع مجلس الشعب، نجحوا في ذلك جزئياً، لكن حركة السيارات ظلت شبه متوقفة في شارع قصر العيني، واضطرت سيارات المطافئ والإسعاف إلي أن تأتي من جهة عكسية من ميدان التحرير إلي شارع قصر العيني، لا تفهم لماذا لم يغلق رجال المرور شارع قصر العيني من أول السيدة زينب بدلاً من هذه الفوضي العارمة.
حاولنا دخول ساحة المجلس للتصوير من أقرب نقطة ممكنة، لم يسمح لنا ولا لأي قناة فضائية، سمحوا فقط لقناة النيل للأخبار، صعدنا إلي سطح أحد المباني المواجهة للمجلس في شارع قصر العيني، ووجدنا المئات من الناس أيضاً فوق أسطح المباني، النيران تزيد، سيارات الإطفاء عددها كبير جداً، حاولنا حصرها، فرصدنا وجود 38 عربة إطفاء، فجأة استمعنا إلي صوت كأنه صوت طائرة عمودية «هليكوبتر» نظرنا فوجدنا طائرة هليكوبتر قادمة فعلاً، توقعنا أن يكون أحد كبار المسئولين قد أتي بنفسه للوقوف علي حجم الحدث، لكننا وجدناها تحلق فوق المبني وتشارك في الإطفاء بواسطة خزان مياه معلق بها، اختلفنا، هل تقوم برش المبني بالمياه، أم بالبودرة كانت تعليقات الناس الساخرة: بترشوا علينا مش ع الحريق وكانت قناعة معظمنا أنها بودرة طبعاً لأنها كما نعتقد هي الأكثر فاعلية في إطفاء الحرائق، عموماً لم تستمر حيرتنا طويلاً ــ فقد رصدنا بأعيننا أن الطائرة ذهبت لملء الخزان بالمياه من نهر النيل! ولم نملك سوي الضحك، فالمشهد بدا كوميديا بصراحة، وأحد الأفراد يعلق «فلاحة بتملا من الترعة»، و«هي تملأ من النيل» بعد أن انتهينا من تصوير الهليكوبتر، عدنا إلي الشارع مجدداً لرصد ما يحدث وذلك في حدود التاسعة مساءً، كانت أعداد الناس قد تضاعفت والأمن عاجز عن التعامل معهم أيضاً، مظاهر الفرحة بادية علي وجوه معظم الناس وتعليقات من نوع بــ «الشفا» من الواضح أن الأمن أو الشرطة لم يعد لهما نفس السطوة السابقة، الناس تتعامل مع أوامر إخلاء المكان باستخفاف شديد، ولا يستجيبون إطلاقاً لندائهم الشهير «إمشي يلا من هنا»، يحاول رجال الشرطة التعامل معهم بعنف، لكنه لا يأتي بنتيجة فيتعامل بطريقة أكثر تأدباً، ولا يأتي بنتيجة أيضاً، وحقيقة الأمر، والشيء الذي يحتاج إلي تحليل فعلاً من قبل خبراء الاجتماع والسياسة والتاريخ وعلم النفس أيضاً، هو لماذا بدا الجميع ــ ممن كانوا يشاهدون الحدث ــ وكأنهم سعداء بما يحدث، ولماذا بدا الكثيرون شامتون، في الزحام، تلتقي بشكل عابر ببعض النشطاء السياسيين المعروفين ــ من الشباب تحديداً ــ تقابلهم فرادي، الغريب أن كلاً منهم فكر في نفس الفكرة التي دارت بخلد الجميع، كلاً منهم ردد مقولة «يا سلام لو مائة أو مائتين ناشط تجمعوا دلوقتي في ميدان طلعت حرب ولا قصر النيل؟.
سبحان الله كل النشطاء فكروا في نفس الفكرة، وعبروا عنها، لا أحد منهم يعلم أن الآخرين أيضاً فكروا بنفس الأسلوب، والأغرب أن لا أحد أيضاً، كان لديه الاستعداد أن يحول الفكرة إلي فعل حقيقي.
حقيقة عشرات الأسئلة طرحت نفسها من خلال ما رصدناه، وردود أفعال الناس علي ما يحدث أمس الأول، لا يجب أن يمر مرور الكرام علي المحللين والخبراء، والسؤال مرة أخري : هل كان الناس سعداء بالحريق أم كانت لديهم حالة من عدم الاهتمام؟.
وكان أول ما رصدناه هو دخول ثلاث سيارات إسعاف، ثم خروج اثنين منها محملين بمصابين، وشاهدنا سيدة أربعينية تبكي وتقول «يارب يكونوا لحقوه» وسألناها هو مين يا حاجة، فقالت إن شاباً، كان واقفاً فوق المبني بيصرخ، وأنه رمي نفسه من فوق، حاولنا التحقق من المعلومة، فأفاد بعض الشهود أنهم شاهدوا شخصاً يلقي بنفسه من فوق المبني، وأفاد آخرون أنهم شاهدوا فعلاً شخصاً فوق سطح المبني يصرخ ويحاول القفز، لكنهم لم يشاهدوه يقفز، ولم نستطع التحقق من المعلومة.
تزايد الازدحام، ووقف الأمن عاجزاً تماماً عن فض الجماهير، بدا بوضوح أن رجال الأمن عاجزون عن التعامل مع الموقف، العصبية هي السمة السائدة عليهم، عصبية مرتبطة بعدم قدرتهم علي السيطرة علي الموقف، والناس تتعامل معهم باستخفاف ولا تستجيب لمطالبهم بإخلاء المكان، ويطلقون بعض العبارات الساخرة مثل «اتشطروا ع الحريق الأول وبعدين ابقوا اتشطروا علينا»، أغرب ما في الأمر هو أن الناس بدا عليهم الفرحة، والشماتة أيضاً، ولا تتوقف أبداً تعليقات قاسية من نوع «خليه يولع هي كانت بلدنا»، أو «ولسه الفوضي اللي جاية مش هتتلم»، لكن ما ردده الجميع بلا استثناء هو أن الحريق يشبه حريق القاهرة سنة 1952 الأكيد أن الكل يشعر أن هذا النظام ينتهي، وإلا ما كان هذا الحس الجماعي أن حريق مجلس الشوري يشبه حريق القاهرة.
حالة العصبية التي اتسم بها الأمن، بدت واضحة أيضاً علي رجال الإطفاء بدا أن الحدث أكبر من استعداداتهم، لاحظنا ذلك حينما بدأوا في محاولة إطفاء الحريق، مع أول محاولاتهم للإطفاء، كان ضغط المياه ضعيفاً والمياه لا تصل إلي المبني، سخر الجمهور من المشهد، وقال البعض مازحين «سيبونا.. عليها وإحنا نطفيها».
في السادسة وخمس وأربعين دقيقة وصلت أولي سيارات الأمن المركزي بعد أن أصبح المكان يعج بالآلاف من المواطنين، حاولوا احتجاز الناس علي الأرصفة بعد أن فاض بهم شارع قصر العيني وشارع مجلس الشعب، نجحوا في ذلك جزئياً، لكن حركة السيارات ظلت شبه متوقفة في شارع قصر العيني، واضطرت سيارات المطافئ والإسعاف إلي أن تأتي من جهة عكسية من ميدان التحرير إلي شارع قصر العيني، لا تفهم لماذا لم يغلق رجال المرور شارع قصر العيني من أول السيدة زينب بدلاً من هذه الفوضي العارمة.
حاولنا دخول ساحة المجلس للتصوير من أقرب نقطة ممكنة، لم يسمح لنا ولا لأي قناة فضائية، سمحوا فقط لقناة النيل للأخبار، صعدنا إلي سطح أحد المباني المواجهة للمجلس في شارع قصر العيني، ووجدنا المئات من الناس أيضاً فوق أسطح المباني، النيران تزيد، سيارات الإطفاء عددها كبير جداً، حاولنا حصرها، فرصدنا وجود 38 عربة إطفاء، فجأة استمعنا إلي صوت كأنه صوت طائرة عمودية «هليكوبتر» نظرنا فوجدنا طائرة هليكوبتر قادمة فعلاً، توقعنا أن يكون أحد كبار المسئولين قد أتي بنفسه للوقوف علي حجم الحدث، لكننا وجدناها تحلق فوق المبني وتشارك في الإطفاء بواسطة خزان مياه معلق بها، اختلفنا، هل تقوم برش المبني بالمياه، أم بالبودرة كانت تعليقات الناس الساخرة: بترشوا علينا مش ع الحريق وكانت قناعة معظمنا أنها بودرة طبعاً لأنها كما نعتقد هي الأكثر فاعلية في إطفاء الحرائق، عموماً لم تستمر حيرتنا طويلاً ــ فقد رصدنا بأعيننا أن الطائرة ذهبت لملء الخزان بالمياه من نهر النيل! ولم نملك سوي الضحك، فالمشهد بدا كوميديا بصراحة، وأحد الأفراد يعلق «فلاحة بتملا من الترعة»، و«هي تملأ من النيل» بعد أن انتهينا من تصوير الهليكوبتر، عدنا إلي الشارع مجدداً لرصد ما يحدث وذلك في حدود التاسعة مساءً، كانت أعداد الناس قد تضاعفت والأمن عاجز عن التعامل معهم أيضاً، مظاهر الفرحة بادية علي وجوه معظم الناس وتعليقات من نوع بــ «الشفا» من الواضح أن الأمن أو الشرطة لم يعد لهما نفس السطوة السابقة، الناس تتعامل مع أوامر إخلاء المكان باستخفاف شديد، ولا يستجيبون إطلاقاً لندائهم الشهير «إمشي يلا من هنا»، يحاول رجال الشرطة التعامل معهم بعنف، لكنه لا يأتي بنتيجة فيتعامل بطريقة أكثر تأدباً، ولا يأتي بنتيجة أيضاً، وحقيقة الأمر، والشيء الذي يحتاج إلي تحليل فعلاً من قبل خبراء الاجتماع والسياسة والتاريخ وعلم النفس أيضاً، هو لماذا بدا الجميع ــ ممن كانوا يشاهدون الحدث ــ وكأنهم سعداء بما يحدث، ولماذا بدا الكثيرون شامتون، في الزحام، تلتقي بشكل عابر ببعض النشطاء السياسيين المعروفين ــ من الشباب تحديداً ــ تقابلهم فرادي، الغريب أن كلاً منهم فكر في نفس الفكرة التي دارت بخلد الجميع، كلاً منهم ردد مقولة «يا سلام لو مائة أو مائتين ناشط تجمعوا دلوقتي في ميدان طلعت حرب ولا قصر النيل؟.
سبحان الله كل النشطاء فكروا في نفس الفكرة، وعبروا عنها، لا أحد منهم يعلم أن الآخرين أيضاً فكروا بنفس الأسلوب، والأغرب أن لا أحد أيضاً، كان لديه الاستعداد أن يحول الفكرة إلي فعل حقيقي.
حقيقة عشرات الأسئلة طرحت نفسها من خلال ما رصدناه، وردود أفعال الناس علي ما يحدث أمس الأول، لا يجب أن يمر مرور الكرام علي المحللين والخبراء، والسؤال مرة أخري : هل كان الناس سعداء بالحريق أم كانت لديهم حالة من عدم الاهتمام؟.