الاهلاوى 2007
31-10-2015, 06:44 PM
سد النهضة تلاعب بمستقبل مصر المائي (http://elw3yalarabi.org/modules.php?name=News&new_topic=18)
الأربعاء, أكتوبر 28, 2015 |
أسماء عبد الفتاح (http://elbadil.com/author/asmaafattah/)
http://elbadil.com/wp-content/uploads/2015/04/%D9%85%D9%88%D9%82%D8%B9-%D8%B3%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D9%86%D9%87%D8%B6%D8%A9.jpg?c63277
لم يكن التخطيط لبناء سد النهضة الإثيوبي وليد
فترة التخبط التي عانت منها مصر بعد ثورة 25
يناير، بل هناك خلفية تاريخية ومحاولات مستميتة
من قبل أديس أبابا لإثبات حقها في بناء سد على
النيل الأزرق الذي يعتبر شريان الحياة الوحيد لمصر،
وكان آخر ما قامت به إثيوبيا قبل ثورة يناير في 26
أبريل 2010، حيث صدر إعلان عن دول منبع حوض
النيل يؤكد نيتها في توقيع اتفاقية إطارية في 15
مايو من نفس العام بمعزل عن مصر والسودان،
للتشاور حول كيفية الاستفادة من مياه نهر النيل
ونقض اتفاقية 1929 التي تحفظ حصة مصر الكاملة.
سعت إثيوبيا مع دول المنبع إلى إلغاء هذه الاتفاقية
التي تعتبرها غير عادلة ووقعتها بريطانيا حينما كانت
تستعمر تلك الدول بالنيابة عنها، وبالإضافة إلى
نصيب مصر الذي يبلغ 55.5 مليار متر مكعب، فإن
الاتفاقية أعطتها حق “الفيتو” على أي مشاريع ري
وسدود تقوم بها دول المنبع، ولأن سياسة مصر
وقتها كانت قوية والأوضاع في البلاد مستقرة، فكان
أكثر الخيارات التي توقعتها دول المنبع عن رد فعل
مصر أنها ستلجأ للحرب في حال أغلقت جميع
الأبواب للوصول إلى اتفاق، خاصة وأن موقف
السودان وقتها كان موافقا لمصر وداعما لرؤية
القاهرة بخلاف ما هو عليه الآن.
قال مليس زيناوي، رئيس الحكومة الإثيوبية وقتها
“إنه سر معلن أن السلطات المصرية لديها قوات
خاصة مدربة على حرب الأدغال، ومصر ليست
معروفة بالأدغال، لذلك فمن المحتمل أن تكون
مدربة للحرب في أدغال دول إفريقيا الشرقية”،
يقصد دول منابع حوض النيل، وبالرجوع إلى التاريخ
نجد أن الاتجاه للحرب من أجل حماية فيضان النيل
نحو مصر ليس جديدا، ففي القرن التاسع عشر
وضعت حكومة محمد علي باشا خطة طوارئ
للتدخل العسكري ضد أي دولة يمكن أن تشكل
خطرا على ذلك، وفي عام 1979 عندما أعلنت
أثيوبيا عن نواياها لإقامة سد لري 90 ألف هكتار
في حوض النيل الأزرق، دعا الرئيس الراحل أنور
السادات الخبراء العسكريين لوضع خطة طوارئ
مهددا بتدمير هذا السد، وعقد اجتماعا طارئا لقيادة
هيئة أركان الجيش المصري.
استغلال إثيوبيا لثورة يناير
بعد ثورة 25 يناير، ووفاة مليس زيناوي، وصعود
هيلي مريام ديسالين خلفا له، تمسكت إثيوبيا ببناء
سد على نهر النيل مستغلة الوضع السياسي
المضطرب في مصر بعد الثورة وقال ديسالين صراحة
“إنه على مصر أن تغادر مرحلة الراحة، وتفكر
بطريقة مختلفة في إثيوبيا، لاسيما أن أديس أبابا
قادرة على المضي قدما في إقامة مشروعاتها
التنموية الناجحة، مثل سد “تانا بليس”، ومشروع
“تيكيزي” لتوليد الطاقة الكهربائية -ناهيك عن سد
النهضة- حتى في ظل اعتراضات مصر، وإن كان لا
مجال لإثيوبيا أن تضر بمصر –حسب قوله– نظرا
لتداخل العلاقات بشكل كبير، لكن يمكن التعاون
بين الجانبين دون أن يسبب أحدهما مشاكل للآخر،
وبعد صعود الإخوان لحكم مصر حاولت القيادة
الجديدة صياغة استراتيجية جديدة تجاه إثيوبيا،
تنطوي على تعميق الاستثمارات الاقتصادية، وزيادة
التبادل التجاري بين البلدين، مستفيدة من التحسن
الذي طرأ على علاقات البلدين، وزيارة الرئيس
المعزول محمد مرسي لأديس أبابا في يوليو 2012
لحضور قمة إثيوبية، أعلنت أديس أبابا بعد مغادرة
الرئيس المصري مباشرة عن تحويل مجرى مياه نهر
النيل، والبدء في بناء سد النهضة، وهو ما يُعد موقفا
مهينا لمصر، وزاد الوضع سوءا فيما بعد الاجتماع
الرئاسي للأمن القومي الذي تناول طرق الرد على
سد النهضة الإثيوبي، وغفلت وقتها بكينام
الشرقاوي عن إخبار المشاركين بأن الاجتماع يبث
على الهواء مباشرة، فتمت إذاعة التصريحات
الأمنية وخطط ضرب السد على الملأ، في فضيحة
أضحكت العالم أجمع على مصر وقتها.
تحول الموقف السوداني
مما زاد الأمر سوءا أيضا تحول موقف السودان من
سد النهضة إلى مؤيد تام لأديس أبابا، بل ومدافع
عن حق إثيوبيا في بناء السد، كما قامت السودان
بتضليل الرأي العام السوداني والدولي بادعاء أن
السد ستكون له فوائد عظيمة على كل من مصر
والسودان وليست له أية أضرار أومخاطر، وأن موقف
مصر ظالم، وأنها تريد أن تستحوذ على حصة أكبر
مما تستحق.
فسر الخبراء السودانيون موقف الخرطوم من سد
النهضة بأنه يعكس توجها للضغط بورقة حلايب
على مصر، مقابل تنازل القاهرة عن المثلث
الحدودي المتنازع عليه بين البلدين في منطقة
حلايب وشلاتين، وكان موقف السودان تجاه القرار
الإثيوبي بخصوص سد النهضة مفاجئا، حيث بدا
موقفها محايدا بعد الثورة، وذلك خلافا للسنوات
الماضية التي شهدت تكتل دولتي المصب “مصر
والسودان”، ضد دول المنبع طبقا لنصوص اتفاقية
عنتيبي، التي تؤسس لتقليل حصتي مصر
والسودان من مياه النيل، وعندما أعلنت أديس أبابا
قرارها وبدأت تنفيذه، أبدت القاهرة تحفظها من
خلال تصريحات لمسؤولين مصريين، لكن الخرطوم
كانت صامتة وكأن الأمر لا يعنيها, ثم تحول من
الحياد إلى تأييد ودعم إثيوبيا تماما والهجوم على
مصر، برغم تحذير الخبراء السودانيين من مخاطر
سد النهضة.
صدمة القاهرة
بعد ثورة 30 يونيو، والإطاحة بالرئيس محمد
مرسي، كان المصريون يأملون أن تنتهي أحلام
إثيوبيا بإقامة هذا السد، وأن الرئيس عبد الفتاح
السيسي الذي رأى المصريون فيه صورة الزعيم
جمال عبد الناصر، سيتخذ قرارا حاسما حتى إن
استدعى الأمر ضرب السد جوًّا حال فشل إقناع
إثيوبيا بالتراجع عن بنائه، ولكن المفاجأة الصادمة
كانت في أن الرئيس السيسي حاول احتواء
الموقف وفتح صفحة جديدة من الاتفاقات
والمفاوضات مع إثيوبيا، مما أثار مخاوف البعض من
توقيع مصر على اتفاقية مبادئ سد النهضة، بعد أن
قرر الرئيس السيسي في 23 مارس
الماضي التوقيع على اتفاقية سد النهضة
التي كان يرفضها الخبراء، وقال أثناء توقيعه على
الاتفاقية إن سد النهضة يعتبر مصدرا للتنمية،
وتناسى أنه يمثل هاجسا ومصدرا لقلق المصريين،
لأن النيل مصدر الحياة، موضحا أن توقيع اتفاق
مبادئ سد النهضة بالعاصمة السودانية الخرطوم
هو الخطوة الأولى للتعاون بين مصر والسودان
وإثيوبيا.
الإعلام يضلل الرأي العام
في الوقت الذي غيرت فيه وسائل الإعلام المصرية
تماما من توجهها المناهض لسد النهضة وبدأت في
الحديث عن منافع السد والتعاون بين البلدين وتأييد
سياسة الرئيس السيسي تجاه تلك الأزمة،
انسحب المكتب الاستشاري الهولندي المكلف
بإعداد الدراسات الفنية حول مشروع السد، مما
تسبب في تعثر المفاوضات الثلاثية بين مصر وإثيوبيا
والسودان، وكأنها لا تريد كشف عيوب السد، مع
الإصرار على المكتب الاستشاري الفرنسي
المشكوك فيه من قبل مصر والسودان، وانسحب
المكتب الاستشاري الهولندي “دلتارس”، الذي
كان يجري الدراسة بالتعاون مع مكتب استشاري
فرنسي آخر، بسبب اعتراض الأول على الشروط
التي وضعتها اللجنة الوطنية الثلاثية، وانسحاب
المكتب الهولندي من شأنه أن يترك الساحة أمام
مكتب “بي آر إل” الفرنسي، الأمر الذي كانت تصر
عليه إثيوبيا، بينما عارضت كل من مصر والسودان
قيام الأخير بإجراء الدراسات الفنية للمشروع
منفردا، وبالرغم من أن مصر لم توافق بعد على
استكمال الدراسات الفنية بواسطة المكتب
الفرنسي منفردا، إلا أنها لم تعد طرح العروض
الفنية على مكاتب الخبرة الدولية مجددا، مما يضيع
الوقت.
وفي الوقت الذي تغير فيه موقف مصر والإعلام
المصري وانتقل للحديث عن فوائد سد النهضة
الذي تعمل أديس أبابا على تشييده، وبدا الحديث
مقتصرا على ضرورة التعاون والتفاوض وكأنه أصبح
أمرا مُسَلما به، ومن المستحيل إقناع إثيوبيا
بالعدول عن بناء السد أو حتى التهديد بحرب
حقيقية لهدمه كما هدد بذلك من قبل كل الزعماء
السابقين.
من ناحية أخرى، قال موقع إثيوميديا، إن مشروع
سد النهضة يسيطر على ما يقرب من ثلثي المياه
التي تعتمد عليها مصر، ولكن إذا ما اتبعنا المسار
الدبلوماسي التفاوضي فإن هذه الدول الثلاث (مصر
السودان إثيوبيا) تحتاج لتحليل فني وتقييم لحالة
الفقراء طبقا لعدة مسائل منها التغير في معدل
هطول الأمطار السنوي، أو الحد الأدنى من
التدفقات المطلوبة للحفاظ على نوعية المياه من
المصب الذي قد يقوضه الاتفاق، مما يؤدي إلى
صراع حاد لا يمكن التنبؤ بعواقبه.
وأكد الموقع الإثيوبي أن السد سيعقد الأمور
فعليا، وسيؤثر على مصر دون شك، حيث إن مصر
تتلقى حاليا كل احتياجاتها من المياه عبر نهر النيل
وهو ما يعادل حوالي 60 مليار متر مكعب سنويا،
أي أعلى قليلا من المنصوص عليه في اتفاق
المعاهدة مع السودان، ما يعني أن نصيب الفرد
حوالي 700 متر مكعب سنويا، والذي سيقل
بالتاكيد بشكل كبير وملحوظ بعد بناء السد، مما
سوف يسبب جفافا طويلا على مصر، وشدد الموقع
الإثيوبي على أن سعة تخزين السد الضخمة
سوف تؤثر سلبا على مصر، ولكن إذا تعاونت الدول
الثلاث فيمكن أن يعملوا معا على الاستفادة من
إنشاء السد، لاسيما إذا وافقت مصر على شراء
الطاقة من السد، وأضاف الموقع أنه يجب أن تصبح
إدارة النهر والسدود قائمة على نظام مشترك
تشاوري بين الدول الثلاث لتحقيق اتفاقات ضمانة
سلامة السد.
وفي ظل هذا التضارب وتلك الأزمة يتأكد لنا أن مصر
في ورطه حقيقية، وأنها مهددة بجفاف نهر النيل،
أونقص حصتها المائية بشكل شديد بعد بناء السد
الإثيوبي كما حدث في نهر الفرات بعد بناء السد
التركي على مصبه، وهو الأمر الذي يتطلب من
القاهرة التحرك بشكل جدي لحل الأزمة ومنع إقامة
السد بكافة السبل المتاحة، وعدم الخضوع لقرارات
إثيوبيا والتسليم بها.
الأربعاء, أكتوبر 28, 2015 |
أسماء عبد الفتاح (http://elbadil.com/author/asmaafattah/)
http://elbadil.com/wp-content/uploads/2015/04/%D9%85%D9%88%D9%82%D8%B9-%D8%B3%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D9%86%D9%87%D8%B6%D8%A9.jpg?c63277
لم يكن التخطيط لبناء سد النهضة الإثيوبي وليد
فترة التخبط التي عانت منها مصر بعد ثورة 25
يناير، بل هناك خلفية تاريخية ومحاولات مستميتة
من قبل أديس أبابا لإثبات حقها في بناء سد على
النيل الأزرق الذي يعتبر شريان الحياة الوحيد لمصر،
وكان آخر ما قامت به إثيوبيا قبل ثورة يناير في 26
أبريل 2010، حيث صدر إعلان عن دول منبع حوض
النيل يؤكد نيتها في توقيع اتفاقية إطارية في 15
مايو من نفس العام بمعزل عن مصر والسودان،
للتشاور حول كيفية الاستفادة من مياه نهر النيل
ونقض اتفاقية 1929 التي تحفظ حصة مصر الكاملة.
سعت إثيوبيا مع دول المنبع إلى إلغاء هذه الاتفاقية
التي تعتبرها غير عادلة ووقعتها بريطانيا حينما كانت
تستعمر تلك الدول بالنيابة عنها، وبالإضافة إلى
نصيب مصر الذي يبلغ 55.5 مليار متر مكعب، فإن
الاتفاقية أعطتها حق “الفيتو” على أي مشاريع ري
وسدود تقوم بها دول المنبع، ولأن سياسة مصر
وقتها كانت قوية والأوضاع في البلاد مستقرة، فكان
أكثر الخيارات التي توقعتها دول المنبع عن رد فعل
مصر أنها ستلجأ للحرب في حال أغلقت جميع
الأبواب للوصول إلى اتفاق، خاصة وأن موقف
السودان وقتها كان موافقا لمصر وداعما لرؤية
القاهرة بخلاف ما هو عليه الآن.
قال مليس زيناوي، رئيس الحكومة الإثيوبية وقتها
“إنه سر معلن أن السلطات المصرية لديها قوات
خاصة مدربة على حرب الأدغال، ومصر ليست
معروفة بالأدغال، لذلك فمن المحتمل أن تكون
مدربة للحرب في أدغال دول إفريقيا الشرقية”،
يقصد دول منابع حوض النيل، وبالرجوع إلى التاريخ
نجد أن الاتجاه للحرب من أجل حماية فيضان النيل
نحو مصر ليس جديدا، ففي القرن التاسع عشر
وضعت حكومة محمد علي باشا خطة طوارئ
للتدخل العسكري ضد أي دولة يمكن أن تشكل
خطرا على ذلك، وفي عام 1979 عندما أعلنت
أثيوبيا عن نواياها لإقامة سد لري 90 ألف هكتار
في حوض النيل الأزرق، دعا الرئيس الراحل أنور
السادات الخبراء العسكريين لوضع خطة طوارئ
مهددا بتدمير هذا السد، وعقد اجتماعا طارئا لقيادة
هيئة أركان الجيش المصري.
استغلال إثيوبيا لثورة يناير
بعد ثورة 25 يناير، ووفاة مليس زيناوي، وصعود
هيلي مريام ديسالين خلفا له، تمسكت إثيوبيا ببناء
سد على نهر النيل مستغلة الوضع السياسي
المضطرب في مصر بعد الثورة وقال ديسالين صراحة
“إنه على مصر أن تغادر مرحلة الراحة، وتفكر
بطريقة مختلفة في إثيوبيا، لاسيما أن أديس أبابا
قادرة على المضي قدما في إقامة مشروعاتها
التنموية الناجحة، مثل سد “تانا بليس”، ومشروع
“تيكيزي” لتوليد الطاقة الكهربائية -ناهيك عن سد
النهضة- حتى في ظل اعتراضات مصر، وإن كان لا
مجال لإثيوبيا أن تضر بمصر –حسب قوله– نظرا
لتداخل العلاقات بشكل كبير، لكن يمكن التعاون
بين الجانبين دون أن يسبب أحدهما مشاكل للآخر،
وبعد صعود الإخوان لحكم مصر حاولت القيادة
الجديدة صياغة استراتيجية جديدة تجاه إثيوبيا،
تنطوي على تعميق الاستثمارات الاقتصادية، وزيادة
التبادل التجاري بين البلدين، مستفيدة من التحسن
الذي طرأ على علاقات البلدين، وزيارة الرئيس
المعزول محمد مرسي لأديس أبابا في يوليو 2012
لحضور قمة إثيوبية، أعلنت أديس أبابا بعد مغادرة
الرئيس المصري مباشرة عن تحويل مجرى مياه نهر
النيل، والبدء في بناء سد النهضة، وهو ما يُعد موقفا
مهينا لمصر، وزاد الوضع سوءا فيما بعد الاجتماع
الرئاسي للأمن القومي الذي تناول طرق الرد على
سد النهضة الإثيوبي، وغفلت وقتها بكينام
الشرقاوي عن إخبار المشاركين بأن الاجتماع يبث
على الهواء مباشرة، فتمت إذاعة التصريحات
الأمنية وخطط ضرب السد على الملأ، في فضيحة
أضحكت العالم أجمع على مصر وقتها.
تحول الموقف السوداني
مما زاد الأمر سوءا أيضا تحول موقف السودان من
سد النهضة إلى مؤيد تام لأديس أبابا، بل ومدافع
عن حق إثيوبيا في بناء السد، كما قامت السودان
بتضليل الرأي العام السوداني والدولي بادعاء أن
السد ستكون له فوائد عظيمة على كل من مصر
والسودان وليست له أية أضرار أومخاطر، وأن موقف
مصر ظالم، وأنها تريد أن تستحوذ على حصة أكبر
مما تستحق.
فسر الخبراء السودانيون موقف الخرطوم من سد
النهضة بأنه يعكس توجها للضغط بورقة حلايب
على مصر، مقابل تنازل القاهرة عن المثلث
الحدودي المتنازع عليه بين البلدين في منطقة
حلايب وشلاتين، وكان موقف السودان تجاه القرار
الإثيوبي بخصوص سد النهضة مفاجئا، حيث بدا
موقفها محايدا بعد الثورة، وذلك خلافا للسنوات
الماضية التي شهدت تكتل دولتي المصب “مصر
والسودان”، ضد دول المنبع طبقا لنصوص اتفاقية
عنتيبي، التي تؤسس لتقليل حصتي مصر
والسودان من مياه النيل، وعندما أعلنت أديس أبابا
قرارها وبدأت تنفيذه، أبدت القاهرة تحفظها من
خلال تصريحات لمسؤولين مصريين، لكن الخرطوم
كانت صامتة وكأن الأمر لا يعنيها, ثم تحول من
الحياد إلى تأييد ودعم إثيوبيا تماما والهجوم على
مصر، برغم تحذير الخبراء السودانيين من مخاطر
سد النهضة.
صدمة القاهرة
بعد ثورة 30 يونيو، والإطاحة بالرئيس محمد
مرسي، كان المصريون يأملون أن تنتهي أحلام
إثيوبيا بإقامة هذا السد، وأن الرئيس عبد الفتاح
السيسي الذي رأى المصريون فيه صورة الزعيم
جمال عبد الناصر، سيتخذ قرارا حاسما حتى إن
استدعى الأمر ضرب السد جوًّا حال فشل إقناع
إثيوبيا بالتراجع عن بنائه، ولكن المفاجأة الصادمة
كانت في أن الرئيس السيسي حاول احتواء
الموقف وفتح صفحة جديدة من الاتفاقات
والمفاوضات مع إثيوبيا، مما أثار مخاوف البعض من
توقيع مصر على اتفاقية مبادئ سد النهضة، بعد أن
قرر الرئيس السيسي في 23 مارس
الماضي التوقيع على اتفاقية سد النهضة
التي كان يرفضها الخبراء، وقال أثناء توقيعه على
الاتفاقية إن سد النهضة يعتبر مصدرا للتنمية،
وتناسى أنه يمثل هاجسا ومصدرا لقلق المصريين،
لأن النيل مصدر الحياة، موضحا أن توقيع اتفاق
مبادئ سد النهضة بالعاصمة السودانية الخرطوم
هو الخطوة الأولى للتعاون بين مصر والسودان
وإثيوبيا.
الإعلام يضلل الرأي العام
في الوقت الذي غيرت فيه وسائل الإعلام المصرية
تماما من توجهها المناهض لسد النهضة وبدأت في
الحديث عن منافع السد والتعاون بين البلدين وتأييد
سياسة الرئيس السيسي تجاه تلك الأزمة،
انسحب المكتب الاستشاري الهولندي المكلف
بإعداد الدراسات الفنية حول مشروع السد، مما
تسبب في تعثر المفاوضات الثلاثية بين مصر وإثيوبيا
والسودان، وكأنها لا تريد كشف عيوب السد، مع
الإصرار على المكتب الاستشاري الفرنسي
المشكوك فيه من قبل مصر والسودان، وانسحب
المكتب الاستشاري الهولندي “دلتارس”، الذي
كان يجري الدراسة بالتعاون مع مكتب استشاري
فرنسي آخر، بسبب اعتراض الأول على الشروط
التي وضعتها اللجنة الوطنية الثلاثية، وانسحاب
المكتب الهولندي من شأنه أن يترك الساحة أمام
مكتب “بي آر إل” الفرنسي، الأمر الذي كانت تصر
عليه إثيوبيا، بينما عارضت كل من مصر والسودان
قيام الأخير بإجراء الدراسات الفنية للمشروع
منفردا، وبالرغم من أن مصر لم توافق بعد على
استكمال الدراسات الفنية بواسطة المكتب
الفرنسي منفردا، إلا أنها لم تعد طرح العروض
الفنية على مكاتب الخبرة الدولية مجددا، مما يضيع
الوقت.
وفي الوقت الذي تغير فيه موقف مصر والإعلام
المصري وانتقل للحديث عن فوائد سد النهضة
الذي تعمل أديس أبابا على تشييده، وبدا الحديث
مقتصرا على ضرورة التعاون والتفاوض وكأنه أصبح
أمرا مُسَلما به، ومن المستحيل إقناع إثيوبيا
بالعدول عن بناء السد أو حتى التهديد بحرب
حقيقية لهدمه كما هدد بذلك من قبل كل الزعماء
السابقين.
من ناحية أخرى، قال موقع إثيوميديا، إن مشروع
سد النهضة يسيطر على ما يقرب من ثلثي المياه
التي تعتمد عليها مصر، ولكن إذا ما اتبعنا المسار
الدبلوماسي التفاوضي فإن هذه الدول الثلاث (مصر
السودان إثيوبيا) تحتاج لتحليل فني وتقييم لحالة
الفقراء طبقا لعدة مسائل منها التغير في معدل
هطول الأمطار السنوي، أو الحد الأدنى من
التدفقات المطلوبة للحفاظ على نوعية المياه من
المصب الذي قد يقوضه الاتفاق، مما يؤدي إلى
صراع حاد لا يمكن التنبؤ بعواقبه.
وأكد الموقع الإثيوبي أن السد سيعقد الأمور
فعليا، وسيؤثر على مصر دون شك، حيث إن مصر
تتلقى حاليا كل احتياجاتها من المياه عبر نهر النيل
وهو ما يعادل حوالي 60 مليار متر مكعب سنويا،
أي أعلى قليلا من المنصوص عليه في اتفاق
المعاهدة مع السودان، ما يعني أن نصيب الفرد
حوالي 700 متر مكعب سنويا، والذي سيقل
بالتاكيد بشكل كبير وملحوظ بعد بناء السد، مما
سوف يسبب جفافا طويلا على مصر، وشدد الموقع
الإثيوبي على أن سعة تخزين السد الضخمة
سوف تؤثر سلبا على مصر، ولكن إذا تعاونت الدول
الثلاث فيمكن أن يعملوا معا على الاستفادة من
إنشاء السد، لاسيما إذا وافقت مصر على شراء
الطاقة من السد، وأضاف الموقع أنه يجب أن تصبح
إدارة النهر والسدود قائمة على نظام مشترك
تشاوري بين الدول الثلاث لتحقيق اتفاقات ضمانة
سلامة السد.
وفي ظل هذا التضارب وتلك الأزمة يتأكد لنا أن مصر
في ورطه حقيقية، وأنها مهددة بجفاف نهر النيل،
أونقص حصتها المائية بشكل شديد بعد بناء السد
الإثيوبي كما حدث في نهر الفرات بعد بناء السد
التركي على مصبه، وهو الأمر الذي يتطلب من
القاهرة التحرك بشكل جدي لحل الأزمة ومنع إقامة
السد بكافة السبل المتاحة، وعدم الخضوع لقرارات
إثيوبيا والتسليم بها.