مشاهدة النسخة كاملة : قادة غيروا الدنيا
aymaan noor 23-01-2016, 04:31 AM قادة غيروا الدنيا
قادة غيروا الدنيا، نتناول حياة قادة الإسلام وأعلام المسلمين في المجال العسكري والسياسي، الذين قادوا المعارك ببصيرة حربية مذهلة، فغيروا الدنيا
aymaan noor 23-01-2016, 04:31 AM عقبة بن نافع
هو عقبة بن نافع بن عبد القيس من القادة العرب والفاتحين لبلاد الله في صدر الإسلام، واشتهر تاريخيًّا باسم «مرنك إفريقية»، وهو الاسم العربي لشمال قارة إفريقيا.
نشأة عقبة بن نافع
وُلِدَ عقبة بن نافع –رضي الله عنه- في حياة الرسول –صلى الله عليه وسلم- بعام واحد قبل الهجرة، أُمُّه من قبيلة المعز من بني ربيعة؛ أي أنها من العدنانيين؛ ولذلك وُلِدَ عقبة ونشأ في بيئة إسلامية، وهو صحابي بالمولد؛ لأنه وُلِدَ على عهد النبي –صلى الله عليه وسلم، وهو يمُتُّ بصلة قرابة لعمرو بن العاص من ناحية الأُمِّ، وقيل: إنهما ابني خالة.
وقد نشأ عقبة بن نافع تحت شمس الصحراء المحرقة، وفي جوها اللافح الذي يشبُّ فيها الرجال أقوياء. وأبوه نافع بن عبد القيس الفهري، أحد أشراف مكة وأبطالها المعدودين، وكان اسم عقبة يُطلق على عدد قليل من الفرسان الشجعان.
نبوغ عقبة بن نافع
برز اسم عقبة مبكِّرًا في ساحة أحداث حركة الفتح الإسلامي، التي بدأت تتَّسع بقوَّة في عهد الخليفة عمر بن الخطاب –رضي الله عنه؛ حيث اشترك هو وأبوه نافع في الجيش الذي توجَّه لفتح مصر بقيادة عمرو بن العاص، الذي توسَّم فيه خيرًا وشأنًا في حركة الفتح، فأرسله إلى بلاد النوبة لفتحها، فلاقى هناك مقاومة شرسة من النوبيين، ولكنَّه مهَّد السبيل أمام مَنْ جاء بعده لفتح البلاد، فأسند إليه مهمَّة قيادةِ دوريةٍ استطلاعيةٍ لدراسة إمكانية فتح الشمال الإفريقي، وتأمين الحدود الغربية والجنوبية لمصر ضد هجمات الروم وحلفائهم البربر، ثم شارك معه في المعارك التي دارت في إفريقية (تونس حاليًا)، فولَّاه عمرو –رضي الله عنه- برقة بعد فتحها، وعاد إلى مصر.
تعاقب عدَّة ولاة على مصر بعد عمرو بن العاص؛ منهم: عبد الله بن أبي السرح، ومحمد بن أبي بكر، ومعاوية بن خديج.. وغيرهم، أقرَّ جميعُهم عقبةَ بن نافع في منصبه كقائد لحامية برقة.
فتوحات عقبة بن نافع
ظلَّ عقبة بن نافع –رضي الله عنه- في منصبه كقائد لحامية برقة خلال عهدي عثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب –رضي الله عنهما، ونأى عن أحداث الفتنة الكبرى التي وقعت بين المسلمين، وصبَّ اهتمامه على الجهاد في سبيل الله، ونَشْرِ الإسلام بين قبائل البربر، ورَدِّ غزوات الروم، فلمَّا استقرَّت الأمور عام (41 هـ= 661م) وأصبح معاوية بن أبي سفيان خليفة للمسلمين، وأصبح معاوية بن حديج واليًا على مصر، أرسل عقبة إلى الشمال الإفريقي في حملة جديدة لمواصلة الفتح الإسلامي، الذي توقَّفت حركته أثناء الفتنة.
كانت هناك عدَّة بلاد قد خلعت طاعة المسلمين بعد اشتعال الفتنة بين المسلمين؛ منها ودَّان وإفريقية وجرمة وقصور خاوار، فحارب عقبة تلك القرى وأبادهم أشدَّ إبادة، بعد ذلك خلف معاويةٌ عقبةَ على إفريقية، وبعث إليه عشرة آلاف فارس، فأوغل بهم في بلاد المغرب، حيث تغلغل في الصحراء بقوَّات قليلة وخفيفة؛ لشنِّ حرب عصابات خاطفة في أرض الصحراء الواسعة ضدَّ القوات الرومية النظامية الكبيرة، التي لا تستطيع مجاراة المسلمين في الحرب الصحراوية، واستطاع عقبة وجنوده أن يُطَهِّروا منطقة الشمال الإفريقي من الحاميات الرومية المختلفة والقبائل البربرية المتينة. حتَّى أتى واديًا فأُعجب بموقعه، وبنى به مدينته المشهورة وسمَّاها القيروان؛ أي محطّ الجند؛ ذلك أنها تُعتبر قاعدة الجيش الإسلامي المتقدِّمة في المغرب الكبير. كما بنى بها جامعًا لا يزال حتى الآن يُعرف باسم جامع عقبة، وفي سنة (55هـ= 675م) عزله معاوية وولَّى بدلاً منه أبا المهاجر بن دينار، وهو رجل مشهور بالكفاءة وحُسن القيادة، فما كان ردُّ فعل القائد المظفَّر -الذي فتح معظم الشمال الإفريقي، وحقَّق بطولات فائقة- عندما جاءه خبر العزل إلَّا أن امتثل فورًا للأمر، وانتظم في سلك الجندية.
استطاع أبو المهاجر -القائد الجديد- أن يُحَقِّق عدَّة مكاسب استراتيجية في الشمال الإفريقي على حساب التواجد الرومي بهذه المناطق، واستطاع -أيضًا- أن يستميل زعيم قبائل البربر كسيلة بن لمزم، وكان كسيلة شديد التأثير على قومه، قوي الشخصية، محبوبًا في قومه، مطاعًا منهم، وكان نصرانيًّا متمسِّكًا بدينه، وكان نجاح أبي المهاجر في إقناعه بالإسلام مكسبًا كبيرًا للإسلام والمسلمين، ولكنَّ القائد المحنك عقبة صاحبَ النظرة الثاقبة الخبيرة بطبائع البربر، لم يطمئن لإسلام كسيلة؛ خاصة وأنه قد أسلم بعد وقوعه في أسر المسلمين، وبعدما ذاق حرَّ سيوفهم، وقد صدق هذا الحدس فيما بعدُ كما سيأتي.
عودة الأسد عقبة بن نافع
بعد وفاة معاوية وفي خلافة ابنه يزيد بن معاوية أعاد عقبةَ مرَّة ثانية إلى الولاية سنة (62هـ= 682م)، فولَّاه المغرب، فقصد عقبةُ القيروانَ، فعاد الأسد الضاري عقبة بن نافع إلى قيادة الجهاد ببلاد المغرب، وانتقل أبو المهاجر إلى صفوف الجنود مجاهدًا مخلصًا.
قرَّر عقبة بن نافع استئناف مسيرة الفتح الإسلامي من حيث انتهى أبو المهاجر، وكانت مدينة طنجة هي آخر محطات الفتح أيام أبي المهاجر، وهنا أشار أبو المهاجر على عقبة ألَّا يدخل مدينة طَنْجَة؛ لأن كسيلة زعيم البربر قد أسلم، ولكنَّ عقبة كان يشكُّ في نوايا وصحَّة إسلام كسيلة؛ فقرَّر الانطلاق لمواصلة الجهاد مرورًا بطنجة وما حولها؛ خاصة وأن للروم حاميات كثيرة في المغرب الأوسط.
الإعصار المدمر
انطلق عقبة وجنوده من مدينة القيروان لا يقف لهم أحد، ولا يدفعهم أي جيش؛ فالجميع يفرُّون من أمامهم، وكلَّما اجتمع العدوُّ في مكان، انقضَّ عقبة ورجاله عليهم كالصاعقة المحرقة؛ ففتح مدينة باغاية، ثم نزل على مدينة تلمسان، وهي من أكبر المدن في المغرب الأوسط، وبها جيش ضخم من الروم وكفار البربر، وهناك دارت معركة شديدة؛ استبسل فيها الروم والبربر في القتال، وكان يومًا عصيبًا على المسلمين، حتى أنزل الله –عز وجل- نصره على المؤمنين، واضطر الأعداء للتراجع إلى منطقة الزاب.
سأل عقبة عن أعظم مدينة في الزاب فقيل له: أربة. وهي دار ملكهم، وكان حولها ثلاثمائة وستون قرية عامرة، ففتحها عقبة، والروم يفرُّون من أمامه كالفئران المذعورة، ورحل عقبة بعدها إلى مدينة تاهرت؛ فأرسلت الحامية الرومية استغاثة إلى قبائل البربر الوثنية، فانضمُّوا إليهم، فقام عقبة في جيشه خطيبًا بارعًا بعبارات فائقة تُلَخِّص رسالة المجاهد في سبيل الله؛ فقال: «أيها الناس إن أشرفكم وخياركم الذين رضي الله تعالى عنهم وأنزل فيهم كتابه، بايعوا رسول الله –صلى الله عليه وسلم- بيعة الرضوان على قتال مَنْ كفر بالله إلى يوم القيامة، وهم أشرفكم والسابقون منكم إلى البيعة، باعوا أنفسهم من ربِّ العالمين بجنَّته بيعة رابحة، وأنتم اليوم في دار غربة، وإنما بايعتم ربَّ العالمين، وقد نظر إليكم في مكانكم هذا، ولم تبلغوا هذه البلاد إلَّا طلبًا لرضاه، وإعزازًا لدينه، فأبشروا فكُلَّما كثر العدوُّ كان أخزى لهم وأذلَّ إن شاء الله تعالى، وربُّكم لا يسلمكم فالقوهم بقلوب صادقة، فإن الله –عز وجل- قد جعل بأسه على القوم المجرمين». وبهذه الكلمات الموجزة استثار عقبة حميَّة رجاله، وأعطى درسًا بليغًا للأجيال من بعده عن حقيقة دعوة المجاهد.
التقى المسلمون بأعدائهم وقاتلوهم قتالاً شديدًا، وكانت نتيجته معروفة بعدما وصلت معنويات المسلمين إلى قمم الجبال، وانتصر المسلمون كما هي عادتهم، وسار عقبة حتى نزل على طنجة فلقيه أحد قادة الروم واسمه جوليان فخضع لعقبة ودفع له الجزية، فسأله عقبة عن مسألة فتح الأندلس، فقال له جوليان: أتترك كفار البربر خلفك وترمى بنفسك في بحبوحة الهلاك مع الفرنج؟ فقال عقبة: «وأين كفار البربر؟» فقال: «في بلاد السوس, وهم أهل نجدة وبأس». فقال عقبة: «وما دينهم؟». قال: «ليس لهم دين فهم على المجوسية».
فتوجَّه إليهم عقبة كالإعصار الكاسح الذي يُدَمِّر كل شيء بإذن الله، واخترق هذه البلاد كلها هازمًا لكل قبائل البربر، حتى وصل بخيله إلى المحيط الأطلنطي فاخترق عقبة بفرسه ماء المحيط، ثم قال بقلب المؤمن الصادق الغيور، الذي بذل واستفرغ كل جهده وحياته لخدمة الإسلام: «يا رب لولا هذا البحر لمضيتُ في البلاد مجاهدًا في سبيلك، اللهم اشهد أني قد بلغت المجهود، ولولا هذا البحر لمضيت في البلاد أقاتل مَنْ كفر بك حتى لا يُعبد أحد دونك (1).
وبهذه النفوس الصادقة والقلوب المؤمنة والعزائم الفائقة انتشر الإسلام في ربوع الأرض.
استشهاد عقبة بن نافع
حقَّق عقبة غايته من حركة الفتح الإسلامي بالشمال الإفريقي؛ فلقد أخضع قبائل البربر، وأوقع بها بأسًا شديدًا، حتى وصل إلى أقصى بلاد المغرب، واقتحم المحيط بفرسه، وبعدها قرَّر عقبة العودة إلى القيروان، فلمَّا وصل إلى طنجة أَذِنَ لمَنْ معه من الصحابة أن يتفرَّقُوا ويقدموا القيروان أفواجًا؛ ثقة منه بما نال من عدوِّه، ومال عقبة مع ثلاثمائة من أصحابه إلى مدينة «تهوذة»، فلما رآه الروم في قلَّة من أصحابه طمعوا فيه، وأغلقوا باب الصحن وشتموه وهو يدعوهم إلى الإسلام، وعندها أظهر كسيلة مكنون صدره، الذي كان منطويًا على الكفر والغدر والحسد، واستغلَّ قلَّة جند عقبة واتفق مع الروم على الغدر بعقبة، وأرسل إلى إخوانه البربر الوثنيين وجمع جموعًا كثيرة للهجوم على عقبة ومَنْ معه، وقد أُطلق على تلك الموقعة اسم معركة ممس.
كان أبو المهاجر في ركب عقبة، ولكنَّ عقبة قد غضب منه فقيَّده، فلما رأى أبو المهاجر هجوم كسيلة ومَنْ معه، أنشد أبيات أبي محجن الثقفي المشهورة:
كَفَى حَزَنًا أَنْ ترتدي الخَيْلُ بِالْقَنَا وَأُتْرَكُ مَشْــــــدُودًا عَلَيَّ وَثَاقِيَا
إِذَا قُمْـتُ عَنَّانِي الحَدِيدُ وَأُغْلِقَتْ مَصَارِعُ مِنْ دُونِي تُصِمُّ المُنَادِيَا
ففكَّ عقبة وثاقه، وقال له: «الحق بالقيروان، وقُمْ بأمر المسلمين، وأنا أغتنم الشهادة». فقال أبو المهاجر: «وأنا -أيضًا- أُريد الشهادة». وكسر عقبة والمسلمون أجفان سيوفهم، واقتتلوا مع البربر حتى استُشهد عقبة وكلُّ مَنْ معه في أرض الزاب بتهوذة، وذلك سنة (63 هـ= 683م).
كان عقبة بن نافع –رضي الله عنه- مثالاً في العبادة والأخلاق والورع والشجاعة والحزم، والعقلية العسكرية الاستراتيجية الفذَّة، والقدرة الفائقة على القيادة بورع وإيمان وتقوى وتوكُّل تامٍّ على الله –عز وجل- فأحبَّه رجالُه وأحبَّه أمراء المؤمنين، وكان مستجاب الدعوة، مظفَّر الراية، فلم يُهزم في معركة قط، طبَّق في حروبه أحدث الأساليب العسكرية والجديدة في تكتيكات القتال؛ مثل مبدأ المباغتة، وتحشيد القوَّات، وإقامة الحاميات، وتأمين خطوط المواصلات، واستخدام سلاح الاستطلاع.
ونستطيع أن نقول بمنتهى الحيادية: إن البطل عقبة بن نافع قد حقَّق أعمالاً عسكرية باهرة، بلغت حدَّ الروعة والكمال، وأنجز في وقت قليل ما لا يُصَدِّقه عقلٌ عند دراسته من الناحية العسكرية البحتة، وترك باستشهاده أثرًا كبيرًا في نفوس البربر، وأصبح من يومها يُلَقَّب بـ «سيدي عقبة».
محمد محمود بدر 23-01-2016, 10:45 AM خالد بن الوليد
https://upload.wikimedia.org/wikipedia/commons/thumb/e/ed/Khalid_Bin_Al-Walid1.png/280px-Khalid_Bin_Al-Walid1.png
مدين تخطيط اسم خالد بن الوليد ملحق به دعاء الرضا عنه
الميلاد 592م
خالد بن الوليد بن المغيرة المخزومي القرشي
الوفاة 642 م / 21 هـ حمص
مكان الدفن جامع خالد بن الوليد
الخدمة العسكرية في الخدمة10 هـ / 632 م – 16 هـ / 638 م
اللقب أبو سليمان وسيف الله المسلول
القيادات حروب الردة فتح العراق فتح الشام
الأوسمة لقب ب سيف الله المسلول تعديل
معارك خالد بن الوليد
خالد بن الوليد بن المغيرة المخزومي القرشي (توفي سنة 21 هـ / 642م) صحابي وقائد عسكري مسلم، لقّبه الرسول بسيف الله المسلول. اشتهر بحسن تخطيطه العسكري وبراعته في قيادة جيوش المسلمين في حروب الردة وفتح العراق والشام، في عهد خليفتي الرسول أبي بكر وعمر في غضون عدة سنوات من عام 632 حتى عام 636. يعد أحد قادة الجيوش القلائل في التاريخ الذين لم يهزموا في معركة طوال حياتهم، فهو لم يهزم في أكثر من مائة معركة أمام قوات متفوقة عدديًا من الإمبراطورية الرومية البيزنطية والإمبراطورية الساسانية الفارسية وحلفائهم، بالإضافة إلى العديد من القبائل العربية الأخرى. اشتهر خالد بانتصاراته الحاسمة في معارك اليمامة وأُلّيس والفراض، وتكتيكاته التي استخدمها في معركتي الولجة واليرموك.
قبل إسلامه، لعب خالد بن الوليد دورًا حيويًا في انتصار قريش على قوات المسلمين في غزوة أحد، كما شارك ضمن صفوف الأحزاب في غزوة الخندق. ومع ذلك، اعتنق خالد الدين الإسلامي بعد صلح الحديبية، شارك في حملات مختلفة في عهد الرسول، أهمها غزوة مؤتة وفتح مكة. وفي عام 638، وهو في أوج انتصاراته العسكرية، عزله الخليفة عمر بن الخطاب من قيادة الجيوش لأنه خاف أن يفتتن الناس به ، فصار خالد بن الوليد في جيش الصحابي أبو عبيدة عامر بن الجراح وأحد مقدميه ، ثم انتقل إلى حمص حيث عاش لأقل من أربع سنوات حتى وفاته ودفنه بها.
نسبه
هو : خالد بن الوليد بن المغيرة بن عبد الله بن عمرو بن مخزوم بن يقظة بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن قريش بن كنانة، المكنّى بأبي سليمان، وقيل: أبو الوليد. يلتقي في النسب مع الرسول في مرة بن كعب الجد السادس للرسول.
أبوه : الوليد بن المغيرة سيد بني مخزوم أحد بطون قريش، رفيع النسب والمكانة حتى أنه كان يرفض أن توقد نار غير ناره لإطعام الناس خاصة في مواسم الحج وسوق عكاظ، وأحد أغنى أغنياء مكة في عصره حتى أنه سمّي "بالوحيد" و"بريحانة قريش"، لأن قريش كانت تكسو الكعبة عامًا ويكسوها الوليد وحده عامًا.
أمه: لبابة الصغرى بنت الحارث الهلالية من بني هلال بن عامر بن صعصعة من هوازن، وهي تلتقي في النسب مع الرسول في مضر بن نزار الجد السابع عشر للرسول.
جده لأبيه : المغيرة بن عبد الله سيد بني مخزوم، الذي كان الرجل من بني مخزوم يؤثر الانتساب إليه تشرفًا، والذي كان له من الأبناء الكثير، أشهرهم الوليد أبي خالد و"الفاكه" الذي كان له من كرمه بيت ضيافة يأوى إليه بغير استئذان، و"أبو حنيفة" أحد الأربعة الذين أخذوا بأطراف رداء الرسول يوم أن اختلفت قريش عند بناء الكعبة، و"أبو أمية" الملقب "بزاد الركب" لأنه كان يكفي أصحابه مئونتهم في السفر، وهو أبو أم المؤمنين أم سلمة والصحابي المهاجر بن أبي أمية، و"هشام" قائد بني مخزوم في حرب الفجار، والذي أرخت قريش بوفاته، ولم تقم سوقًا بمكة ثلاثًا لحزنها عليه، وهو أبو أبو جهل، و"هاشم" جد الصحابي عمر بن الخطاب لأمه.
جدته لأمه : هند بنت عوف بن زهير بن الحرث، التي قيل عنها أنها "أكرم عجوز في الأرض أصهاراً"، فهي أم أم المؤمنين ميمونة بنت الحارث وأم المؤمنين زينب بنت خزيمة وأم الفضل "لبابة الكبرى بنت الحارث" زوج العباس بن عبد المطلب و"أروى بنت عميس" الخثعمية زوج حمزة بن عبد المطلب وأسماء بنت عميس زوج جعفر بن أبي طالب ثم أبي بكر الصديق ثم علي بن أبي طالب.
إخوته : ستة أخوة وقيل تسعة بين ذكور وإناث، منهم الصحابيان الوليد بن الوليد وهشام بن الوليد، إضافة إلى عمارة بن الوليد الذي عرضته قريش بدلاً على أبي طالب ليسلمهم محمدًا، وهو ما رفضه أبو طالب.
قبيلته : بنو مخزوم وهي البطن الذي كان له أمر القبة التي كانت تضرب ليجمع فيها ما يجهّز به الجيش، وأعنة الخيل وهي قيادة الفرسان في حروب قريش. كان لمخزوم عظيم الأثر في قريش، فقد كانوا في ثروتهم وعدتهم وبأسهم من أقوى بطون قريش وهو ما كان له أثره في اضطلاعهم وحدهم ببناء ربع الكعبة بين الركنين الأسود واليماني، واشتركت قريش كلها في بناء بقية الأركان، وقد اشتهر منهم الكثير في الجاهلية والإسلام ومنهم الشاعر عمر بن أبي ربيعة والتابعي سعيد بن المسيب.
نشأته
وفقًا لعادة أشراف قريش، أرسل خالد إلى الصحراء، ليربّى على يدي مرضعة ويشب صحيحًا في جو الصحراء. وقد عاد لوالديه وهو في سن الخامسة أو السادسة. مرض خالد خلال طفولته مرضًا خفيفًا بالجدري، لكنه ترك بعض الندبات على خده الأيسر. وتعلم خالد الفروسية كغيره من أبناء الأشراف، ولكنه أبدى نبوغًا ومهارة في الفروسية منذ وقت مبكر، وتميز على جميع أقرانه، كان خالد صاحب قوة مفرطة كما عُرف بالشجاعة والجَلَد والإقدام، والمهارة وخفة الحركة في الكرّ والفرّ. واستطاع "خالد" أن يثبت وجوده في ميادين القتال، وأظهر من فنون الفروسية والبراعة في القتال ما جعله من أفضل فرسان عصره.
صفته
كان خالد طويلاً بائن الطول، عظيم الجسم والهامة، يميل إلى البياض، كث اللحية، شديد الشبه بعمر بن الخطاب، حتى أن ضعاف النظر كانوا يخلطون بينهما.
خالد في عهد الرسول محمد
قبل إسلامه
غزوة أحد
لا يعرف الكثير عن خالد خلال فترة الدعوة للإسلام في مكة. وبعد هجرة الرسول من مكة إلى المدينة المنورة، دارت العديد من المعارك بين المسلمين وقريش. لم يخض خالد غزوة بدر أولى المعارك الكبرى بين الفريقين، والتي وقع فيها شقيقه الوليد أسيرًا في أيدي المسلمين. وذهب خالد وشقيقه هشام لفداء الوليد في يثرب، إلا أنه وبعد فترة قصيرة من فدائه، أسلم الوليد وهرب إلى يثرب.
كانت غزوة أحد أول معارك خالد في الصراع بين القوتين، والتي تولى فيها قيادة ميمنة القرشيين. لعب خالد دورًا حيويًا لصالح القرشيين، فقد استطاع تحويل دفة المعركة، بعدما استغل خطأ رماة المسلمين، عندما تركوا جبل الرماة لجمع الغنائم بعد تفوق المسلمين في بداية المعركة. انتهز خالد ذلك الخطأ ليلتف حول جبل الرماة ويهاجم بفرسانه مؤخرة جيش المسلمين، مما جعل الدائرة تدور على المسلمين، وتحوّل هزيمة القرشيين إلى نصر.
شارك خالد أيضًا في صفوف الأحزاب في غزوة الخندق، وقد تولى هو وعمرو بن العاص تأمين مؤخرة الجيش في مائتي فارس، خوفًا من أن يتعقبهم المسلمون. كما كان على رأس فرسان قريش الذين أرادوا أن يحولوا بين المسلمين ومكة في غزوة الحديبية.
إسلامه
بينما كان المسلمون في مكة لأداء عمرة القضاء في عام 7 هـ، وفقًا للاتفاق الذي أبرم في صلح الحديبية، أرسل الرسول إلى الوليد بن الوليد، وسأله عن خالد، قائلاً له: «ما مثل خالد يجهل الإسلام، ولو كان جعل نكايته وحده مع المسلمين على المشركين كان خيرًا له، ولقدمناه على غيره.» أرسل الوليد إلى خالد برسالة يدعوه فيها للإسلام ولإدراك ما فاته. وافق ذلك الأمر هوى خالد، فعرض على صفوان بن أمية ثم على عكرمة بن أبي جهل الانضمام إليه في رحلته إلى يثرب ليعلن إسلامه، إلا أنهما رفضا ذلك. ثم عرض الأمر على عثمان بن طلحة العبدري، فوافقه إلى ذلك. وبينما هم في طريقهم إلى يثرب، التقوا عمرو بن العاص مهاجرًا ليعلن إسلامه، فدخل ثلاثتهم يثرب في صفر عام 8 هـ معلنين إسلامهم، وحينها قال الرسول: "إن مكة قد ألقت إلينا أفلاذ كبدها".
فلما وصل المدينة المنورة، قصّ خالد على أبي بكر رؤية رأها في نومه كأنه في بلاد ضيقة مجدبة، فخرج إلى بلاد خضراء واسعة، فقال له: "مخرجك الذي هداك الله للإسلام، والضيق الذي كنت فيه من الشرك".
سيف الله المسلول
غزوة مؤتة
في عام 8 هـ، وجّه الرسول جيشًا لقتال الغساسنة، بعد أن اعترض شرحبيل بن عمرو الغساني عامل قيصر الروم على البلقاء الحارث بن عمير الأزدي رسول الرسول محمد إلى صاحب بصرى، وقتـله. انضم خالد حديث العهد بالإسلام إلى ذلك الجيش ذي الثلاث آلاف مقاتل. اختار النبي زيد بن حارثة لقيادة الجيش، على أن يخلفه جعفر بن أبي طالب إن قتـل، ثم عبد الله بن رواحة إن قتـل جعفر، وإن قتـل الثلاثة يختار المسلمون قائدًا من بينهم.
عند وصول الجيش إلى مؤتة، وجد المسلمون أنفسهم أمام جيش مائتي ألف مقاتل نصفهم من الروم والنصف الآخر من الغساسنة. فوجئ المسلمون بالموقف، وأقاموا لليلتين في معان يتشاورون أمرهم. أشار البعض بأن يرسلوا للرسول ليشرحوا له الموقف، وينتظروا إما المدد أو الأوامر الجديدة. عارض ابن رواحة ذلك، وأقنع المسلمين بالقتال. بدأت المعركة، وواجه المسلمين موقفًا عصيبًا، حيث قتـل القادة الثلاثة على التوالي، عندئذ اختار المسلمون خالدًا ليقودهم في المعركة. صمد الجيش بقية اليوم، وفي الليل نقل خالد ميمنة جيشه إلى الميسرة، والميسرة إلى الميمنة، وجعل مقدمته موضع الساقة، والساقة موضع المقدمة. ثم أمر طائفة بأن تثير الغبار ويكثرون الجلبة خلف الجيش حتى الصباح. وفي الصباح، فوجئ جيش الروم والغساسنة بتغيّر الوجوه والأعلام عن تلك التي واجهوها بالأمس، إضافة إلى الجلبة، فظنوا أن مددًا قد جاء للمسلمين. عندئذ أمر بالانسحاب وخشي الروم أن يلاحقوهم، خوفًا من أن يكون الانسحاب مكيدة. وبذلك، نجح خالد في أن يحفظ الجيش من إبادة شاملة.حارب خالد ببسالة في غزوة مؤتة، وكسرت في يده يومئذ تسعة أسياف. وبعد أن عاد إلى يثرب، أثنى عليه الرسول ولقّبه بسيف الله المسلول.
وبعد شهور، نقضت قريش أحد شروط الصلح، عندما هاجم بكر بن مناة بن كنانة حلفاء قريش بني خزاعة حلفاء الرسول. عندئذ توجه الرسول في جيش من عشرة آلاف مقاتل إلى مكة، وقسم الجيش إلى أربعة أقسام تولى بنفسه قيادة أحدها وأمّر الزبير بن العوام وسعد بن عبادة وخالد بن الوليد على الثلاثة الأخرى، وأمرهم أن يدخلوا مكة كلٌ من باب. فدخلوها كل من الباب الموكل إليه، ولم يلق أحدهم قتالاً إلا كتيبة خالد، حيث قاتله عكرمة بن أبي جهل وسهيل بن عمرو وصفوان بن أمية في جند جمعوه لقتال المسلمين، واستطاع خالد أن يظفر بهم، وقتـل منهم عددًا. ثم أرسله الرسول في سرية من ثلاثين فارسًا لهدم العزى صنم جميع بني كنانة، فهدمها ثم رجع إلى الرسول، فأخبره فسأله الرسول إن كان قد رأى شيءًا؟، فرد بالنفي، فطلب منه الرسول أن يعود لأنه لم يهدمها. فرجع خالد وهو متغيظ فجرد سيفه، فخرجت إليه امرأة عريانة سوداء ناشرة الرأس، فضربها خالد فشقها نصفين ورجع إلى الرسول. فأخبره فقال: "نعم تلك العزى، وقد يئست أن تعبد ببلادكم أبدا!".
سرية خالد بن الوليد إلى بني جذيمة
بعد الفتح، أرسل الرسول السرايا لدعوة القبائل إلى الإسلام، فأرسل خالد بن الوليد قائدًا على 350 من المهاجرين والأنصار وبني سليم في سرية إلى "بني جذيمة بن عامر بن عبد مناة بن كنانة"، ولم يأمره بقتال. وهنا كانت أول زلاّت خالد حيث قاتلهم، وأصاب منهم، رغم معارضة من كان معه من الصحابة، ومنه سالم مولى أبي حذيفة وعبد الله بن عمر بن الخطاب، فلما وصل الخبر إلى الرسول رفع يديه إلى السماء ثم قال: "اللهم إني أبرأ إليك مما صنع خالد بن الوليد".
وأرسل الرسول عليًا إلى بني جذيمة، لدفع ديّة قتـلاهم.
ورغم هذا الخطأ، أشركه الرسول بعد ذلك في غزوة حنين، حيث جعله الرسول يومئذ قائدًا على بني سليم، وأصيب يومها إصابات بليغة. كما شارك خالد أيضًا في غزوة تبوك تحت قيادة الرسول، ومن هناك أرسله الرسول في سرية إلى دومة الجندل، فدخلها وأسر صاحبها أكيدر بن عبد الملك الذي صالحه الرسول على الجزية، وهدم صنمهم "وُدّ".في عام 10 هـ، بعث الرسول خالد بن الوليد في شهر ربيع الأول في سرية من أربعمائة مقاتل إلى بني الحارث بن كعب بنجران، وأمره أن يدعوهم إلى الإسلام قبل أن يقاتلهم ثلاثًا، فإن استجابوا له يقبل منهم ويقيم فيهم ويعلمهم دينهم، وإن لم يفعلوا يقاتلهم. لبّى بنو الحارث بن كعب النداء وأسلموا، فأقام خالد فيهم يعلمهم الإسلام. ثم كتب خالد إلى الرسول بذلك، فأمره أن يقيم فيهم يعلمهم، ثم ليقبل معه وفدهم، فوفدوا عليه يعلنون إسلامهم.
*** يتبع ***
محمد محمود بدر 23-01-2016, 10:56 AM خالد في عهد أبي بكر وعمر
حروب الردة
بنو أسد وطليحة بن خويلد
بعد وفاة الرسول، انتقضت معظم القبائل العربية عدا أهل مكة والطائف والقبائل المجاورة لمكة والمدينة والطائف على سلطان أبي بكر الخليفة الجديد للمسلمين. اختلفت أسباب الانتقاض، فمنهم من ارتد عن الدين الإسلامي، ومنهم من ظل على دين الإسلام مع رفضهم أداء فريضة الزكاة، ومنهم من التف حول مدعي النبوة في القبائل العربية.
استغل مانعي الزكاة من قبائل عبس وذبيان وغطفان خروج بعث أسامة بن زيد الذي كان قد أوصى به الرسول قبل وفاته، وحاولوا مهاجمة المدينة. وبعد أن استطاع الخليفة صد الهجوم، وإرساله من يطارد فلول المنهزمين. عقد أبو بكر أحد عشر لواءً، لمحاربة المرتدين ومانعي الزكاة في جميع أرجاء جزيرة العرب. أمّر أبو بكر خالد بن الوليد أحد تلك الجيوش قوامه 4,000 مقاتل، ووجهه إلى إخضاع طيئ ثم محاربة مدعي النبوة طليحة بن خويلد وقبيلته بني أسد، ثم التوجه لإخضاع بني تميم. إلا أنه وقبل أن يتحرك الجيش، وصل عدي بن حاتم الطائي بأموال زكاة طيئ، لتنضم بذلك طئ لجيش خالد.
اجتمعت قبائل أسد وفزارة وسليم وفلول عبس وذبيان وبكر حول طليحة بن خويلد الذي ادعى النبوة، توجه إليهم خالد بجيشه، واشتبك معهم في بُزاخة، وهزمهم وفرّ طليحة إلى الشام.أمر خالد بعد ذلك بمطاردة فلول المنهزمين، ثم أمر بإحراق الأسرى بالنيران ونكّل بهم، وأرسل رؤسائهم مكبّلين بالأصفاد إلى الخليفة لينظر ماذا يفعل بهم، لما ألحقوا بمن بقوا على دينهم من أذى، وليكون ذلك ردعًا لمن سيلقاه بعد ذلك.
https://upload.wikimedia.org/wikipedia/commons/thumb/e/e4/%D9%85%D8%B9%D8%A7%D8%B1%D9%83_%D8%AE%D8%A7%D9%84% D8%AF_%D8%A8%D9%86_%D8%A7%D9%84%D9%88%D9%84%D9%8A% D8%AF_%D9%81%D9%8A_%D8%AD%D8%B1%D9%88%D8%A8_%D8%A7 %D9%84%D8%B1%D8%AF%D8%A9.PNG/250px-%D9%85%D8%B9%D8%A7%D8%B1%D9%83_%D8%AE%D8%A7%D9%84% D8%AF_%D8%A8%D9%86_%D8%A7%D9%84%D9%88%D9%84%D9%8A% D8%AF_%D9%81%D9%8A_%D8%AD%D8%B1%D9%88%D8%A8_%D8%A7 %D9%84%D8%B1%D8%AF%D8%A9.PNG
خط سير خالد بن الوليد في حروب الردة.
التفت الفلول حول أم زمل التي كانت لها ثارات عند المسلمين، فقد قتـل زيد بن حارثة أمها أم قرفة في سريته إلى بني فزارة، لتحريضها قومها على قتال المسلمين. فقاتلهم خالد في معركة كبيرة في ظفر، وهزمهم وقتـل أم زمل.
بنو تميم
توجه خالد بعد ذلك بجيشه إلى بني تميم. لم تكن بنو تميم على موقف واحد، فمنهم بطون إيتاء الزكاة وإتباع خليفة رسول الله، ومنهم من رأي عكس ذلك، وبقي فريق ثالث في حيرة من أمرهم. فلما وصل جيش خالد البطاح وهي منزل بنو يربوع، لم يجد بها أحدًا. كان سيدهم مالك بن نويرة ممن كانوا تحيروا في أمرهم، وكان قد أمر قومه بأن يتفرقوا. بثّ خالد السرايا، وأمرهم بأن يأتوه بكل من لم يجب داعية الإسلام، وإن امتنع أن يقتـلوه. وكان قد أوصاهم أبو بكر أن يؤذّنوا إذا نزلوا منزلاً، فإن أذن القوم فكفوا عنهم وإن لم يؤذنوا فاقتـلوا، وإن أجابوكم إلى داعية الإسلام فسائلوهم عن الزكاة، فإن أقروا فاقبلوا منهم وإن أبوا فقاتلوهم. عندئذ، جاءه الجند بمالك بن نويرة في جماعة من قومه، اختلفت السرية فيهم، فشهد أبو قتادة الأنصاري أنهم أقاموا الصلاة، وقال آخرون: إنهم لم يؤذنوا ولا صلوا. أمر خالد بقتـل ابن نويرة، واختلف الرواة في سبب قتـل خالد مالكًا، فمنهم من قال أن الأسرى قتـلوا لأن الليلة كانت باردة، وقد أمر خالد بأن يدفئوا الأسرى، وكانت تعني في لغة كنانة القتـل، فقتـلهم الحراس.
ومنهم من قال أنه دارت بين خالد ومالك حوارًا استنتج منه خالد أن مالكًا ينكر الزكاة، فقتـله بذلك. وفي نفس ليلة مقتـل مالك، تزوج من أم تميم ليلى بنت المنهال زوجة مالك، وهو ما أنكره العديد من الصحابة، حتى أن أبو قتادة ترك الجيش وعاد إلى المدينة مقسمًا ألا يجمعه لواء مع خالد بن الوليد. استنكر الصحابة في المدينة فعل خالد، وأرسل أبو بكر في طلب خالد. كان عمر بن الخطاب ممن أغضبه فعل خالد، حتى أنه طلب من الخليفة أن يعزل خالد، إلا أن أبي بكر رفض ذلك، قائلاً: "ما كنت لأشيم سيفًا سلّه الله على الكافرين".عنّف أبو بكر خالدًا على فعله، ثم صرفه إلى جيشه، وودي مالكًا وردّ سبي بني يربوع.
مسيلمة الكذاب
معركة اليمامة
https://upload.wikimedia.org/wikipedia/ar/thumb/a/ac/%D9%8A%D8%A7%D9%85%D8%AD%D9%85%D8%AF%D8%A7%D9%87.g if/220px-%D9%8A%D8%A7%D9%85%D8%AD%D9%85%D8%AF%D8%A7%D9%87.g if
«يَا مُحمّدَاه» شعار المسلمين الذي جعل ينادي به خالد بن الوليد في معركة اليمامة.
ادعى مسيلمة بن حبيب النبوة، واستطاع أن يجمع حوله أربعين ألفًا من قومه بني حنيفة وغيرهم، ممن أقروا بنبوته. وكان في شهادة "الرجَّال بن عنفوة" الذي كان الرسول قد بعثه مع وفد بني حنيفة، حين وفدوا عليه ليعلنوا إسلامهم في عام الوفود ليعلمهم الدين، بأن محمدًا قد أشركه في النبوة، أكبر الدعم له في إدعائه، مما زاد من خطورة فتنته على المسلمين. لذا، فقد وجّه له أبو بكر لواءً بقيادة عكرمة بن أبي جهل، ثم أردفه بلواء آخر بقيادة شرحبيل بن حسنة.
تسرّع عكرمة في قراره بمواجهة جيش مسيلمة وحده قبل أن يدركه جيش شرحبيل بن حسنة، مما عرّضه لهزيمة نكراء. حين وصل شرحبيل بجيشه، أدرك صعوبة الموقف، لذا أرسل للخليفة ليُعلمه بما كان. حينئذ، كان خالد قد فرغ من أمر بني تميم، فأمره أبو بكر بالتوجه من البطاح إلى اليمامة، لقتال مسيلمة الكذاب متنبي بني حنيفة. حين وصل خالد بجيشه إلى ثنية اليمامة، أدرك جيشه سرية من بني حنيفة، فأمر بقتـلهم واستبقى رئيسهم مجاعة بن مرارة، لعله يخلُص منه بما ينفعه، وقيّده بالحديد في خيمته، وجعل على حراسته زوجته أم تميم.
نزل مسيلمة بجيشه في عقرباء على أطراف اليمامة. ثم التقى الجمعان، وكانت الغلبة في البداية لبني حنيفة، فتراجع المسلمون حتى دخلوا فسطاط خالد، وكادوا أن يبطشوا بأم تميم لولا أن أجارها مجاعة بن مرارة، لما وجد منها من حسن معاملة. حينئذ، ثارت الحمية في قلوب المسلمين، فأظهر المهاجرون والأنصار بطولاتٍ قلبت دفة المعركة لصالحهم، فتقهقرت بنو حنيفة يحتمون بحديقة مسوّرة منيعة الجدران تسمى بـ "حديقة الرحمن". أدرك المسلمون أنهم إن لم يسرعوا بالظفر بهم، فقد يطول الحصار، فطلب البراء بن مالك من رفقائه أن يحملوه ليتسوّر الحديقة وتبعه بعض زملائه، واستطاعوا فتح باب الحديقة، وأعمل المسلمون القتـل في بني حنيفة، وقتـل وحشي بن حرب مسيلمة، مما فتّ في عضد بني حنيفة. ومن يومها، أصبحت الحديقة تسمى "بحديقة الموت".
بعد أن انتهت المعركة تحرك خالد بجيشه، ليفتح حصون اليمامة، وكان خالد قد وثق بمجاعة لإجارته لأم تميم. وكان مجاعة قد أرسل للحصون التي لم يكن بها سوى النساء والأطفال والشيوخ ومن لا يستطيعون القتال بأن يلبسوا الدروع. أقنع مجاعة خالدًا بأن الحصون مملوءة بالرجال، ونظر خالد فوجد جيشه قد أنهكته الحروب، وقتـل منه الكثير حتى أنه قُدر قتـلى المسلمون يوم اليمامة بمائتين وألف منهم 360 من المهاجرين والأنصار، لذا رأى خالد أن يصالحهم على أن يحتفظ المسلمون بنصف السبى والغنائم. عندئذ طلب منه مجاعة أن يذهب ليعرض على قومه الأمر، ثم عاد زاعمًا بأنهم لم يقبلوا العرض، فخفّضه خالد إلى الربع. وحين دخل المسلمون الحصون، لم يجد المسلمون سوى النساء والأطفال والعجزة، غضب خالد لخداعه، إلا أنه وجدها شجاعة من مجاعة، استطاع بها أن يحفظ بها من بقي من قومه، فأجاز الصلح.
بعد أن تم لخالد النصر، طلب من مجاعة أن يزوجه ابنته، فلبّى مجاعة طلبه. تسبب ذلك في إثارة غضب الخليفة وكبار الصحابة، لأنه لم يختار الوقت المناسب لذلك، فقد كانت المدينة في حالة حزن على فقدانهم لألف ومائتي شهيد بينهم 39 من حفظة القرآن الكريم، وهو ما استدعى جمعهم للقرآن. أرسل أبو بكر لخالد فعنّفه أشد مما عنفه يوم زواجه من أم تميم، فتألم خالد لغضب أبي بكر. بعد اليمامة، انتهت مهمة خالد في حروب الردة، فاتخذ له بيتًا في أحد أودية اليمامة، عاش فيه مع زوجتيه.
دوره في فتح العراق
مع انتهاء حروب الردة، بلغ أبا بكر أن المثنى بن حارثة الشيباني ورجال من قومه أغاروا على تخوم فارس حتى بلغ مصب دجلة والفرات، فسأل عنه فأثنى عليه الصحابة. ولم يلبث أن أقبل المثنى على المدينة، طالبًا منه أن يستعمله على من أسلم من قومه، فأقر له أبو بكر بذلك.
رأى أبو بكر بأن يمدّ المثنى بمدد ليتابع غزواته، لذا أمر خالد بأن يجمع جنده في اليمامة، وألا يستكره أحدًا منهم، ويتوجه إلى العراق. كما أمر عياض بن غنم بأن يتوجه إلى دومة الجندل ليخضع أهلها، ثم يتوجه إلى الحيرة، وأيهما بلغ الحيرة أولاً تكون له القيادة. وجد خالد أن جيشه قد قلّ عدده، فطلب المدد من الخليفة، فأمدّه بالقعقاع بن عمرو التميمي. تعجّب الناس من هذا المدد، فقال لهم أبو بكر: "لا يُهزم جيش فيه مثل هذا".
https://upload.wikimedia.org/wikipedia/ar/thumb/e/eb/%D9%85%D8%B9%D8%A7%D8%B1%D9%83_%D8%AE%D8%A7%D9%84% D8%AF_%D8%A8%D9%86_%D8%A7%D9%84%D9%88%D9%84%D9%8A% D8%AF_%D9%81%D9%8A_%D9%81%D8%AA%D8%AD_%D8%A7%D9%84 %D8%B9%D8%B1%D8%A7%D9%82.PNG/250px-%D9%85%D8%B9%D8%A7%D8%B1%D9%83_%D8%AE%D8%A7%D9%84% D8%AF_%D8%A8%D9%86_%D8%A7%D9%84%D9%88%D9%84%D9%8A% D8%AF_%D9%81%D9%8A_%D9%81%D8%AA%D8%AD_%D8%A7%D9%84 %D8%B9%D8%B1%D8%A7%D9%82.PNG
معارك خالد بن الوليد في فتح العراق.
أدرك خالد المثنى قبل أن يصل إليه عياض بعشرة الآف مقاتل، لينضم إليه ثمانية الآف مقاتل هم جند المثنى.[95] كانت أول معارك خالد في العراق أمام جيش فارسي بقيادة "هرمز" في معركة ذات السلاسل. في بداية المعركة، طالب هرمز أن يبارز خالد، وكان قد دبّر مكيدة بأن يتكاتل عليه جنده فيقتـلوه، فيفتّ ذلك في عضد المسلمين فينهزموا. لم يعط هرمز خالد قدره، فقد قتـله خالد قبل أن تكتمل المكيدة، وأدرك القعقاع جند الفرس قبل أن يغدروا بخالد، ليثبت بذلك للمسلمين صحة وجهة نظر الخليفة فيه. بعد ذلك، شدّ المسلمون على الفرس وهزموهم، وأمر خالد المثنى بمطاردة الفلول.استمر المثنى يطارد الفلول، إلى أن ترامى إلى أذنه زحف جيش آخر بقيادة "قارن بن قريانس"، فأرسل إلى خالد، فلحقه خالد بالجيش، والتحم الجيشان وللمرة الثانية يهزم جيش خالد جيشًا فارسيًا ويقتـل قادته في معركة عرفت بمعركة المذار.
أدرك الفرس صعوبة موقفهم، فقرروا أن يستعينوا بأوليائهم من العرب من بني بكر بن وائل، والتقى الجيشان في معركة الولجة والتي استخدم فيها خالد نسخة مطورة من تكتيك الكماشة، حيث استخدم مجموعتين من الجند ليكمنوا للفرس. استثارت الهزيمة غضب الفرس وأوليائهم من العرب، فاجتمعوا في أُلّيس بجيش عظيم، واشتبك معهم جيش المسلمين في معركة عظيمة تأرجحت وطالت بين الفريقين، فتوجه خالد بالدعاء إلى ربه، ونذر أن يجري النهر بدماء أعدائه إن انتصر المسلمون. في النهاية، انتصر المسلمون وفر الفرس والعرب، وأمر خالد بأسرهم، ليبرّ بنذره. ثم أمر بحبس النهر، وضرب رقاب الأسرى ثم أجرى النهر فتحوّل دمًا.
كانت الخطوة التالية لتأمين النصر هي فتح الحيرة عاصمة العراق العربي، فتوجه بجيشه إليها وحاصرها، ولما لم يجدوا مهربًا قبلوا بأن يؤدوا الجزية. وبعد أن أراح جيشه، سار خالد على تعبئته إلى الأنبار وعلى مقدمته الأقرع بن حابس، فحاصرها وقد تحصن أهل الأنبار وخندقوا حولهم، فطاف خالد بالخندق بحثًا عن أضيق مكان فيه، ثم أمر بنحر ضعاف الإبل وإلقائها في ذلك الموضع، وعبرهم عليها جيشه ففتح بذلك الحصن. اتجه خالد بعد ذلك إلى عين التمر، حيث واجه جيشًا من الفرس والعرب من قبائل بني النمر بن قاسط وتغلب وإياد بقيادة "عقة بن أبي عقة" في معركة عين التمر وانتصر عليهم،وبذلك أصبح معظم العراق العربي تحت سيطرة المسلمين.
كان عياض بن غنم ما زال في حربه في دومة الجندل منذ بعثه الخليفة لقتالهم، حيث طال حصاره لعام ولم يظفر بهم. يأس الخليفة من الموقف، فأمده بالوليد بن عقبة، وحين وصل إليه الوليد أيقن صعوبة موقف عياض، فأشار عليه بأن يرسل إلى خالد بن الوليد يستنصره. لم يتردد عياض فأرسل لخالد، وكان قد همّ بالرحيل عن عين التمر. لذا، فقد توجه خالد إليه بجيشه، فجعل دومة بينه وبين جند عياض، ونجح في افتضاض الحصن في معركة دومة الجندل.انتهز أهل العراق فرصة غياب خالد، فثاروا على الحاميات الإسلامية، ووصل الخبر لخالد في دومة الجندل، فلم يطق البقاء وعاد واستطاع اخضاعهم مرة أخرى في معارك المصّيخ والثني والزميل.
واصل خالد زحفه شمالاً حتى بلغ الفراض، وهي موقع على تخوم العراق والشام، وأقام فيها شهرًا لا يفصله عن الروم سوى مجرى الفرات. أرسل قائد الروم لخالد يطالبه بالاستسلام، إلا أن خالد قال له أنه ينتظره في أرض المعركة.ثم بعث إليه الروم يخيرونه إما أن يعبر إليهم أو يعبروا إليه، فطالبهم بالعبور. استغل خالد عبور الروم إليه، وحاصرهم بجناحيه مستغلاً وجود النهر خلفهم، وهزمهم هزيمة ساحقة. كانت معركة الفراض آخر معارك خالد بن الوليد في العراق. أمر خالد جيشه بالعودة إلى الحيرة، وقرر أن يؤدي فرضة الحج في سرّية تامة دون حتى أن يستأذن الخليفة. وبعد أن أتم حجه علم الخليفة فلامه ونهاه عن تكرار فعله مرة أخرى.
***يتبع ***
محمد محمود بدر 23-01-2016, 11:03 AM دوره في فتح الشام
اليرموك
بعد أن افتتح المسلمين دومة الجندل، أصبح الطريق ممهدًا للتحرك لغزو الشام. أرسل خالد بن سعيد قائد المسلمين على تخوم الشام إلى أبي بكر يستأذنه في منازلة الروم. وبعد أن استشار أبو بكر أهل الرأي، شجّعته انتصارات المسلمين في العراق على الإقدام على خطوة مشابهة في الشام، فأذن لخالد بن سعيد. لم يحالف الحظ جيش خالد بن سعيد بعد أن نجح الروم في استدراجه وهزموا جيشه، وفر في كتيبة من جنده بعد مقتـل ابنه، تاركًا عكرمة يتقهقر بالجيش.
لم يُضعف ذلك من عزم الخليفة، فوجّه أربعة جيوش دفعة واحدة إلى الشام، بقيادة أبي عبيدة الجراح ويزيد بن أبي سفيان وشرحبيل بن حسنة وعمرو بن العاص ووجه كل منهم لوجهة مختلفة، إلا أن الروم جيّشوا لهم في كل موضع جيوشًا تفوقهم عددًا. وجد القادة أنهم إن قاتلوا منفردين فسيهزموا لا محالة، لذا أرسل أبو عبيدة إلى أبي بكر يطلب المدد. ضاق أبو بكر بالموقف، فقرر أن يرسل إلى خالد بن الوليد يأمره أن يستخلف المثنى بن حارثة الشيباني في نصف الجند، ويسير بالنصف الآخر إلى الشام ليمدّ جيوش المسلمين. ضاق خالد بالأمر، إذ كان يرجو أن يظل بالعراق حتى يفتح المدائن، إلا أنه امتثل للأمر.
كان أمام خالد طريقين للوصول لقوات المسلمين في الشام، الأول عبر دومة الجندل، والثاني يمر بالرقة. ولما كانت حاجة قوات المسلمين في الشام ملحّة لمدده، تجنب خالد طريق دومة الجندل لطوله، وسوف يستغرق أسابيع للوصول إلى الشام. كما قرر أن يتجنب الطريق الآخر لأنه سيمر على الحاميات الرومانية في شمال الشام. اختيار خالد طريقًا وعرًا لكنه أقصر عبر بادية الشام. اتخذ خالد من "رافع بن عميرة الطائي" دليلاً له الذي نصحهم بالاستكثار من الماء، لأنهم سيسيرون لخمس ليال دون أن يردوا بئرًا. استخدم خالد بطون الإبل لتخزين الماء لشرب الجياد، وبذلك نجح خالد في اجتياز بادية الشام في أقصر وقت ممكن. ثم أخضع الغساسنة بعد أن قاتلهم في مرج راهط، ومنها انحدر إلى بصرى ففتحها.
وعندئذ جاءته الأنباء بأن جيشًا روميّا قد احتشد في أجنادين، فأمر خالد جيشه بالتوجه إلى أجنادين، وراسل قادة الجيوش الأخرى بموافاته في أجنادين. ولما تم اجتماعهم هناك، جعل أبو عبيدة بن الجراح على المشاة في القلب، ومعاذ بن جبل على الميمنة، سعيد بن عامر بن جذيم القرشي على الميسرة، وسعيد بن زيد على الخيل. بدأت المعركة بمهاجمة ميسرة الروم لميمنة المسلمين، ولكن معاذ بن جبل ورجاله صمدوا أمام الهجوم، ثم شنت ميمنة الروم هجومًا على ميسرة المسلمين، فثبتوا كذلك. عند ذلك أمر قائد الروم برمي الأسهم، عندئذ بدأ هجوم المسلمين، واستبسلوا ففر الروم منهزمين.
ثم بلغ خالد أن الروم قد حشدوا جيشًا آخر يشرف على 240 ألف جندي في اليرموك، فتوجهت جيوش المسلمين إليهم. وأظهر خالد أحد تكتيكاته الجديدة، فقسم جيشه فرقًا كل منها ألف رجل، وجعل على ميمنته عمرو بن العاص ومعه شرحبيل بن حسنة، وعلى الميسرة يزيد بن أبي سفيان، وعلى القلب أبا عبيدة، وجعل على رأس كل فرقة بطلاً من أبطال المسلمين أمثال القعقاع وعكرمة وصفوان بن أمية. ثم رسم خالد خطة لاستدراج الروم بعيدًا عن مواقعهم التي حفروا أمامها الخنادق فكلف عكرمة بن أبي جهل والقعقاع بن عمرو التميمي الهجوم بفرقتيهما فجرًا حتى يبلغا خنادق الروم وبعد ذلك يتظاهران بالانهزام ويتقهقرآن. ونفذ القائدان المهمة بنجاح، فلم رأهم الروم يتراجعون، هاجمهم الروم. أظهر المسلمون بسالة في القتال، واستمر القتال إلى الغروب، وأخيرًا تمكن المسلمون من الفصل بين فرسان الروم ومشاتهم، فأمر خالد بمحاصرة الفرسان. فلما ضاق فرسان الروم بالقتال وأصابهم التعب، فتح المسلمون أمامهم ثغرة أغرتهم بالخروج منها طالبين النجاة، تاركين المشاة لمصيرهم. اقتحم المسلمون عليهم الخنادق، وقتـلوا منهم ألوف. كان انتصار اليرموك بداية نهاية سيطرة الروم على الشام.
تفرقت الجيوش بعد ذلك، فتوجه كلٌ إلى وجهته التي كان أبو بكر قد وجهه إليها، فتوجه خالد مع أبي عبيدة إلى دمشق ففتحوها بعد حاصروها وصالحوا أهلها على الجزية. وبينما هم هناك إذ أقبل رسول يحمل خبر وفاة أبي بكر وتولى عمر بن الخطاب الخلافة، ومعه كتاب إلى أبي عبيدة يولّيه إمارة الجيش ويعزل خالد، إلا أنه ظل تحت قيادة أبي عبيدة، كأحد قادته. وبعد أن إطمأن أبو عبيدة إلى مقام المسلمين، تقدم بقواته ومعه خالد إلى فحل، وقد كان قد أرسل بعض جنده لحصارها خلال محاصرته لدمشق، فهزم حاميتها ومن لجأ إليهم من جند الروم الفارين من أجنادين، وقد أظهر خالد بن الوليد وضرار بن الأزور يوم فحل بطولات ذكرها لهم المؤرخون.
كتب عمر بن الخطاب إلى أبي عبيدة يأمره بغزو حمص. انتهز هرقل قيصر الروم انشغال المسلمين في فحل، فأرسل جيشًا بقيادة توذر (تيودوروس) لاستعادة دمشق. وبينما كان جيش المسلمين في طريقهم إلى حمص، التقى الجيش البيزنطي في منتصف الطريق في مرج الروم. خلال الليل، أرسل توذر نصف جيشه إلى دمشق لشن هجوم مفاجئ على حامية المسلمين. وفي الصباح، وجد المسلمون أن جيش الروم قد قلّ عدده، فتوقع خالد أن يكون الروم قد وجهوا جزء من جيشهم لمهاجمة دمشق. استأذن خالد أبا عبيدة، وانطلق في فرقة من الفرسان ليدرك جيش الروم المتوجّه لدمشق. استطاع خالد أن يهزم هذا الجيش الرومي بعدما حُصر الروم بين قوات خالد وحامية المدينة. عاد خالد لينضم لقوات أبي عبيدة، وحاصر معه حمص إلى أن سلّم أهلها طالبين الصلح، فصالحهم أبو عبيدة على شروط وخراج صلح دمشق، ثم سلمت حماة واللاذقية وعلى نفس الشروط.
واجه عمرو بن العاص وشرحبيل بن حسنة صعوبات في مواجهة الروم في فلسطين وجنوب الشام، لذا أرسلا إلى عمر فأمر أبا عبيدة وخالد بالتوجه إليهم للدعم، واستطاعت قوات المسلمين تطهير البلاد ثم توجهوا إلى القدس آخر المعاقل البيزنطية في جنوب الشام، التي فرّ إليها العديد من الناجين من معركة اليرموك، وحاصروها. لم تقبل المدينة بالتسليم، إلا للخليفة شخصيًا. بعد القدس، توجه جيش أبو عبيدة وخالد، لاستكمال فتح شمال الشام. وجه أبو عبيدة خالد إلى قنسرين المدينة منيعة الحصون، فوجد بها جيشًا روميًا عظيمًا، فقاتلهم خالد وهزمهم في معركة قنسرين، وفرّت الفلول لتتحصن بالمدينة طالبين الصلح كصلح حمص، إلا أن خالد رفض ورأى أن يعاقبهم لمقاومتهم للمسلمين. لحق جيش أبوعبيدة بن الجراح بقوات خالد بن الوليد في قنسرين بعد فتحها ليتابعا زحفهما إلى حلب، حيث استطاعا فتحها.
كان الهدف التالي للمسلمين أنطاكية عاصمة الجزء الآسيوي من الإمبراطورية البيزنطية. وقبل أن يسيروا إليها، قرر أبو عبيدة وخالد عزل المدينة عن الأناضول، بالاستيلاء على جميع القلاع التي قد توفر الدعم الاستراتيجي إلى أنطاكية، وأهمها أعزاز في الشمال الشرقي من أنطاكية. وقد خاض الروم المدافعون عن أنطاكية معركة يائسة مع جيش المسلمين خارج المدينة بالقرب من نهر العاصي، لكنها انتهت بهزيمتهم، وتراجعهم إلى أنطاكية، فحاصرها المسلمون. فقد الروم الأمل في وصول المدد من الامبراطور، فاستسلمت أنطاكية على أن يُسمح لجند الروم بالمرور إلى القسطنطينية بأمان.
وجّه أبو عبيدة خالد شمالاً، بينما توجّه جنوبًا وفتح اللاذقية وجبلة وطرطوس والمناطق الساحلية الغربية من سلسلة جبال لبنان الشرقية. استولى خالد على الأراضي حتى "نهر كيزيل" في الأناضول. قبل وصول المسلمين إلى أنطاكية، كان الإمبراطور هرقل قد غادرها إلى الرها، لترتيب الدفاعات اللازمة في بلاد ما بين النهرين وأرمينيا، ثم غادرها متوجها إلى عاصمته القسطنطينية. وفي طريقه إلى القسطنطينية، نجا بصعوبة من قبضة خالد الذي كان في طريقه منصرفًا من حصار مرعش إلى منبج.
بعد الهزائم الساحقة المتتالية لقوات هرقل في تلك المعارك، أصبحت فُرصُه لتصحيح أوضاعه قليلة، بعدما أصبحت موارده العسكرية المتبقية ضعيفة، لذا لجأ إلى طلب مساعدة من المسيحيين العرب من بلاد ما بين النهرين الذين حشدوا جيشًا كبيرًا توجهوا به نحو حمص، قاعدة أبو عبيدة في شمال الشام، وأرسل إليهم جندًا عبر البحر من الإسكندرية. أمر أبو عبيدة كل قواته في شمال الشام بموافاته في حمص، بعدما حاصرتها القبائل العربية المسيحية. فضّل خالد خوض معركة مفتوحة خارج المدينة، إلا أن أبا عبيدة أرسل إلى عمر يطلب رأيه. بعث عمر إلى سعد بن أبي وقاص بأن يسيّر جندًا لغزو منازل تلك القبائل العربية المسيحية في بلادها، وأن يبعث القعقاع بن عمرو في أربعة آلاف فارس مددًا لأبي عبيدة. بل وسار عمر بنفسه من المدينة على رأس ألف جندي. دوت تلك الأنباء في العراق والشام، فرأت تلك القبائل أن تسرع بالرجوع إلى منازلها، تاركين جند الروم في مواجهة مصيرهم أمام قوات المسلمين الذين هزموا تلك القوات هزيمة نكراء، قبل أن تصل قوات المدد من العراق أو المدينة. ثم أرسل أبو عبيدة خالد في قوة لمهاجمة القبائل من الخلف، وكانت تلك آخر محاولات هرقل لإستعادة الشام.
بعد تلك المعركة، أمر عمر باستكمال غزو بلاد ما بين النهرين. فبعث أبو عبيدة خالد وبعث سعد عياض بن غنم لغزو شمال بلاد ما بين النهرين. ففتحا الرها وديار بكر وملطية ثم اجتاحا أرمينية حتى بلغ خالد آمد والرها، وهو يفتح البلاد ويستفئ الغنائم، ثم عاد إلى قنسرين وقد اجتمع له من الفئ شيء عظيم.
اختلفت روايات المؤرخين حول ترتيب وقائع فتح الشام، فمثلاً روى الطبري أن معركة اليرموك كانت المعركة التالية لفتح بصرى، أما البلاذري فقد روى أنها كانت آخر معارك فتح الشام، وأنها تمت في عهد عمر بن الخطاب.
*** يتبع ***
محمد محمود بدر 23-01-2016, 11:10 AM العزل
تحدث الناس بفعال خالد في أرمينية، وتحدثوا بانتصاراته في الشام والعراق، فتغنّى الشعراء بفعاله، فوهبهم خالد من ماله وأغدق عليهم، وكان ممن وهبهم خالد الأشعث بن قيس الذي وهبه خالد عشرة الآف درهم. بلغ عمر في المدينة خبر جائزة خالد للأشعث، فكتب عمر إلى أبي عبيدة أن يستقدم خالد مقيدًا بعمامته، حتى يعلم أأجاز الأشعث من ماله أم من مال المسلمين، فإن زعم أنها من مال المسلمين، فتلك خيانة للأمانة. وإن زعم أنها من ماله، فقد أسرف، وفي كلتا الحالتين يُعزل خالد من قيادته للجيوش. تحيّر أبو عبيدة، فترك تنفيذ تلك المهمة لبلال بن رباح رسول الخليفة بالكتاب. أرسل أبو عبيدة يستدعي خالد من قنسرين، ثم جمع الناس وسأل بلال خالدًا عما إذا كانت جائزته للأشعث من ماله أم من مال المسلمين؟. فأجاب خالد أنها من ماله الخاص، فأعلنت براءته.فاجأ أبو عبيدة خالدًا بأن الخليفة قد عزله، وأنه مأمور بالتوجه للمدينة.
ذهب خالد للمدينة المنورة للقاء عمر، محتجًا على ما اعتبره ظلمًا، إلا أن عمر أصر على قراره. كثر اللغط في الأمصار حول عزل عمر لخالد، فأذاع في الأمصار:
https://upload.wikimedia.org/wikipedia/commons/thumb/3/33/Cquote2.png/15px-Cquote2.png إني لم أعزل خالدًا عن سخطة ولا خيانة، ولكن الناس فتنوا به، فخفت أن يوكلوا إليه ويُبتلوا به. فأحببت أن يعلموا أن الله هو الصانع، وألا يكونوا بعرض فتنة.
https://upload.wikimedia.org/wikipedia/commons/thumb/6/6b/Cquote1.png/15px-Cquote1.png كانت تلك هي نهاية مسيرة خالد العسكرية الناجحة.
وفاته
في غضون أقل من أربع سنوات من عزله، توفي خالد عام 21 هـ / 642 م، ودفن في حمص، حيث كان يعيش منذ عُزل. قبره اليوم في الجامع المعروف باسمه "جامع خالد بن الوليد". وقد شهد خالد عشرات المعارك بعد إسلامه، وقد روي أنه قال على فراش الموت:
https://upload.wikimedia.org/wikipedia/commons/thumb/3/33/Cquote2.png/15px-Cquote2.png لقد شهدت مئة زحف أو زهاءها، وما في بدني موضع شبر، إلا وفيه ضربة بسيف أو رمية بسهم أو طعنة برمح وها أنا ذا أموت على فراشي حتف أنفي، كما يموت البعير فلا نامت أعين الجبناء.
https://upload.wikimedia.org/wikipedia/commons/thumb/6/6b/Cquote1.png/15px-Cquote1.png
https://upload.wikimedia.org/wikipedia/commons/thumb/0/0b/%D8%B6%D8%B1%D9%8A%D8%AD_%D8%AE%D8%A7%D9%84%D8%AF_ %D8%A8%D9%86_%D8%A7%D9%84%D9%88%D9%84%D9%8A%D8%AF. jpg/451px-%D8%B6%D8%B1%D9%8A%D8%AD_%D8%AE%D8%A7%D9%84%D8%AF_ %D8%A8%D9%86_%D8%A7%D9%84%D9%88%D9%84%D9%8A%D8%AF. jpg
ضريح خالد بن الوليد في المسجد الذي يحمل اسمه في حمصhttps://upload.wikimedia.org/wikipedia/commons/thumb/b/b6/Khaled_Ebn_El-Walid_Mosque3.jpg/555px-Khaled_Ebn_El-Walid_Mosque3.jpg
مسجد خالد بن الوليد في حمص حيث دُفن القائد المًسلم
https://upload.wikimedia.org/wikipedia/ar/thumb/f/f0/%D9%85%D9%82%D9%88%D9%84%D8%A9_%D8%AE%D8%A7%D9%84% D8%AF_%D8%A8%D9%86_%D8%A7%D9%84%D9%88%D9%84%D9%8A% D8%AF_%D9%82%D8%A8%D9%84_%D9%85%D9%88%D8%AA%D9%87. JPG/400px-%D9%85%D9%82%D9%88%D9%84%D8%A9_%D8%AE%D8%A7%D9%84% D8%AF_%D8%A8%D9%86_%D8%A7%D9%84%D9%88%D9%84%D9%8A% D8%AF_%D9%82%D8%A8%D9%84_%D9%85%D9%88%D8%AA%D9%87. JPG
مقولة خالد بن الوليد قبل موته
حزن المسلمون لموت خالد أشد الحزن، وكان الخليفة عمر من أشدهم حزنًا، حتى أنه مر بنسوة من بني مخزوم يبكينه، فقيل له: ألا تنهاهن؟. فقال: " وما على نساء قريش أن يبكين أبا سليمان، ما لم يكن نقع أو لقلقة (يعني صياح وجلبة) على مثله تبكي البواكي ".
ملامح من شخصيته
عسكريًا
معارك خالد بن الوليد
خاض خالد نحو مائة معركة، سواء من المعارك الكبرى أو المناوشات الطفيفة، خلال مسيرته العسكرية، دون أن يهزم، مما جعل منه واحدًا من خيرة القادة عبر التاريخ. ينسب إلى خالد العديد من التكتيكات الناجحة التي استخدمها المسلمون في معاركهم الكبرى خلال الفتوحات الإسلامية. اعتمد خالد في معاركه على مهاجمة قادة أعدائه مباشرةً، لتوجيه ضربات نفسية لمعنويات أعدائه وجعل صفوفهم تضطرب. كما اعتمد في بعض معاركه على تكتيك الحرب النفسية، مثلما فعل يوم مؤتة عندما أوهم الروم بأن المدد متواصل إليه. كما كان من انجازاته استخدام أسلوب المناوشات بوحدات صغيرة من الجند في المعارك، لاستنفاد طاقة أعدائه، ومن ثم شن هجمات بفرسانه على الأجنحة، مثلما فعل في معركة الولجة التي استخدم فيها نسخة غير مألوفة من تكتيك الكماشة، حيث كان عادةً ما يركّز على إبادة قوات أعدائه، بدلاً من تحقيق الانتصارات العادية.
استخدم خالد التضاريس متى أمكنه ذلك لضمان التفوق الاستراتيجي على أعدائه. فخلال معاركه في العراق، تعمّد في البداية أن يبقى دائمًا قريبًا من الصحراء العربية، حتى يكون من السهل على قواته الانسحاب في حالة الهزيمة، وهم أدرى الناس بالصحراء. إلا أنه بعد أن دمّر القوات الفارسية وحلفاءها توغّل في عمق الحيرة. كما استغل اتخاذ الروم لمعسكرهم المنحصر من ثلاث جهات بالمرتفعات في اليرموك، لينفذ استراتيجيته ويبيد الروم. كما برع خالد في استخدام تكتيك الهجوم المفاجئ، والذي شتّت به قوات أعدائه في جنح الليل في معارك المصّيخ والثني والزميل.
كما اعتمد خالد في بعض الأحيان على الفكر غير التقليدي، مثلما فعل عندما اجتاز بادية الشام حين كان متجهًا إلى الشام مددًا لجيوش المسلمين، فقطع بذلك طريق الإمدادات على قوات الروم في أجنادين قبل مواجهتها لجيوش المسلمين.
اعتمد خالد أيضًا في تكتيكاته على الفرسان، الذين استخدمهم لتنفيذ أساليب الكر والفر لتطبيق خططه الحربية، فهاجم بهم تارةً الأجنحة وتارةً قلب جيوش أعدائه ملحقًا بهم هزائم كارثية.
من أسرار تفوقه العسكري أيضًا، اعتماده على استخدام العيون من السكان المحليين في المناطق التي حارب فيها، ليأتوه بأخبار أعدائه.
دينيًا
خالد بن الوليد صحابي وسيف الله المسلول، وقد روى الحديث عن النبي، وحدث عنه ابن خالته عبد الله بن عباس وقيس بن أبي حازم والمقدام بن معدي كرب وجبير بن نفير وشقيق بن سلمة وآخرون له، إلا أن أحاديثه قليلة. وفي عهد الرسول، بعثه النبي إلى بني الحارث بن كعب أميرًا وداعيًا. ويروى أنه أخذ شعر ناصية رسول الله حين حلق رأسه في حجة الوداع، فجعلها في مقدمة قلنسوته، فكان لا يلقى عدوًا إلا هزمه.
تعرض خالد للعديد من الانتقادات منذ أسلم، بدءً من سريته إلى بني جذيمة ليدعوهم إلى الإسلام، والتي لم يبعثه الرسول فيها مقاتلاً، فخرج في ثلاثمائة وخمسين رجلاً، من المهاجرين والأنصار وبني سليم، فلما وصل إليهم وجدهم يحملون السلاح. فسألهم عن الإسلام، فقالوا أنهم أسلموا، وسألهم ما بالهم يحملون السلاح، فقالوا أن بينهم وبين قوم من العرب عداوة، فخافوا أن يكون جند المسلمين هم هؤلاء القوم، فارتاب منهم خالدًا وقد كان بنو جذيمة أهل غارات حتى أنهم عُرفوا "بلعقة الدم"، وكان من قتـلاهم في الجاهلية الفاكه بن المغيرة عم خالد، وعوف بن عبد عوف أبو عبد الرحمن بن عوف، فأمرهم بوضع السلاح، فوضعوه. ثم قال لهم استأسروا، فاستأسروا، ثم نادى خالد بضرب أعناقهم، فلبّى بنو سليم، بينما رفض المهاجرون والأنصار الأمر، وشكوه إلى الرسول، بل واتهمه عبد الرحمن بن عوف بأن قتـلهم بثأر عمه الفاكه. حين بلغ الرسول ما فعل خالد، غضب غضبًا شديدًا لفعل خالد، ورفع يديه داعيًا إلى الله قائلاً: "اللهم إني أبرأ إليك مما صنع خالد"، وبعث عليا ليودي لهم قتـلاهم.
ثاني الانتقادات التي وجهت لخالد، كانت يوم قتـل مالك بن نويرة في حروب الردة، وإن كانت الروايات قد اختلفت في سبب مقتـله، فذكر الطبري في تاريخه أن مقتـله كان لخطأ في الفهم ممن تولّوا حراستهم من بني كنانة، وأن مالك أُسر هو ورجال من قومه من بني يربوع في ليلة باردة، فأشفق عليهم خالد، فنادى : "دفئوا أسراكم". وكانت تعني في لغة كنانة القتـل، فظنوا أن خالد يعني قتـلهم فقتـلوهم. بينما ذهب ابن كثير في البداية والنهاية وأبو الفرج الأصفهاني في كتاب الأغاني إلى أن خالدًا دعا إليه مالكًا ليناظره ليرى أهو على دين الإسلام أم أنه ارتد ومنع الزكاة، وفيما هما يتناظران راجع مالك خالدًا، فقال: "ما أخال صاحبكم إلا وقد كان يقول كذا وكذا". قال خالد: "أو ما تعدّه لك صاحبًا؟"، ثم أمر بقتـله. وقد روى ابن خلكان أن مالك قال أنه يأتي الصلاة دون الزكاة، وهو ما رفضه خالد قائلاً أنهما معًا لا تقبل واحدة دون أخرى. بل وغالى اليعقوبي في تاريخه أنه قتـل مالك ليتزوج من امرأته أم تميم.
أثارت تلك الحادثة ثورة من اللغط في المدينة، بعدما ذهب إليها أبو قتادة الأنصاري ومتمم بن نويرة أخو مالك، ليشكيا خالد للخليفة أبي بكر. احتج أبو قتادة الذي كان من رؤساء الجند الذين أسروا مالك ورفاقه، بأن مالك ومن معه أقر بالإسلام وأجابوا داعية الإسلام. وحين علم بعض الصحابة ذلك، غضبوا أيما غضب من ذلك، حتى أن عمر بن الخطاب طالب الخليفة بعزل خالد، وقال: "إن في سيف خالد رهقًا (إي ظلم وطغيان) وحق عليه أن يُقيده". إلا أن أبا بكر لم يستجب لرأي عمر، معللاً بأن خالد تأول فأخطأ، وأن ما كان ليشيم سيفًا سلّه الله على الكافرين.[175] وفي ذات الوقت أرسل إلى خالد ليقص عليه ما فعل، فعنّفه أبو بكر على تزوجه بامرأة رجل لم يجف دم زوجها، وأمر بأداء دية مالك لأخيه متمم، ورد سبي بني يربوع.
مرة أخرى يتعرض خالد للانتقاد خلال حروب الردة، وذلك يوم أن تزوج ابنة مجاعة بن مرارة بعد نهاية المعركة. وقد روى الطبري أن فعله هذا أثار غضب أبا بكر، فكتب إليه: "لعمري يا بن أم خالد إنك لفارغ. تنكح النساء وبفناء بيتك دم ألف ومائتي رجل من المسلمين لم يجفف بعد!".
انتقاد آخر تعرض له خالد هذه المرة من قبل بعض المؤرخين يوم نهر الدم، حيث رأوا أن في أفعاله بعد المعركة من قتـله للأسرى ليجري النهر دمًا وحشية لا تليق بقائد فاتح، بينما رأى آخرون أنها كانت في نطاق استخدامه لأساليب الحرب النفسية، وأنها أثرت أيما أثر في نفوس الفرس ومن والاهم من العرب.
أسرته
تزوج خالد بن الوليد ابنة أنس بن مدرك الأكلبي الخثعمي فولدت له:
سليمان بن خالد الذي قتـل أثناء فتح مصر.
المهاجر بن خالد الذي قتـل يوم صفين وهو يقاتل في صف علي بن أبي طالب.
عبد الرحمن بن خالد والي حمص من قبل الخليفة عثمان بن عفان، والذي شارك في يوم صفين في صف معاوية بن أبي سفيان، والذي شارك أيضًا في حصار الأمويين للقسطنطينية بين عامي 674 و 678 م.
وكثر ولد خالد بن الوليد حتى قيل إنهم وصلوا أربعين رجلا وكانوا كلهم بالشام؛ ثم قضوا كلهم في طاعون عمواس؛ فلم يبق لأحد منهم عقب
الأستاذة ام فيصل 23-01-2016, 03:26 PM موضوع اكثر من رائع هذه الشخصيات مثل عقبة بن نافع وخالد بن الوليد
كنا ندرسها في سن مبكرة وبالتحديد في الصف الخامس الابتدائي ولكنها ليست بهذا التفصيل
ولكي اكون صريحة الموضوع طويل شوية ويحتاج مني وقت اطول للاطلاع علية
جهد مشكور وبارك الله فيكم وجزاكم الله خيراتقبلو مروري وتحياتي
aymaan noor 23-01-2016, 08:23 PM ماشا الله مستر محمد محمود بدر على هذه المعلومات الغزيرة والقيمة
شكرا لك على هذه المشاركات
جزاك الله خيرا وبارك الله فيك
aymaan noor 23-01-2016, 08:25 PM موضوع اكثر من رائع هذه الشخصيات مثل عقبة بن نافع وخالد بن الوليد
كنا ندرسها في سن مبكرة وبالتحديد في الصف الخامس الابتدائي ولكنها ليست بهذا التفصيل
ولكي اكون صريحة الموضوع طويل شوية ويحتاج مني وقت اطول للاطلاع علية
جهد مشكور وبارك الله فيكم وجزاكم الله خيراتقبلو مروري وتحياتي
جزيل الشكر والتقدير لحضرتك أستاذتنا الفاضلة أم فيصل
نشرف دائما بتعليقاتك و تواضعك الجم
جزاك الله خيرا وبارك الله فيك
aymaan noor 23-01-2016, 11:36 PM عمرو بن العاص
http://islamstory.com/sites/default/files/styles/300px_node_fullcontent_img/public/14/03/11/shapeamr.jpg
هو عمرو بن العاص بن وائل بن هاشم بن سعيد بن سهم القرشي السهمي، فاتح مصر، وهو من أشهر قادة العرب العسكريين والسياسيين؛ لما كان يتمتَّع به من دهاء وذكاء شديدين.
عمرو بن العاص قبل إسلامه
يكنى عمرو بن العاص رضي الله عنه بأبي عبد الله وأبي محمد. كان يحترف التجارة؛ فقد كان يُسافر بتجارته إلى الشام واليمن ومصر والحبشة، كما كان من فرسان قريش وأبطالهم المعدودين مذكورًا بذلك فيهم، وكان -أيضًا- شاعرًا حسن الشعر، حُفظ عنه الكثير في مشاهد شتَّى, كما كان معدودًا -أيضًا- من دهاة العرب وشجعانهم وذوي آرائهم؛ ولذلك أرسلته قريش إلى النجاشي ملك الحبشة ليرُدَّ عليهم مَنْ هاجر من المسلمين إلى بلاده، ولكن لم يستجب له النجاشي وردَّه خائبًا.
إسلام عمرو بن العاص
دخل عمرو بن العاص رضي الله عنه الإسلام سنة ثمان للهجرة بعد فشل قريش الذريع في غزوة الأحزاب وقبل الفتح بنحو ستة أشهر؛ حيث قَدِمَ هو وخالد بن الوليد وعثمان بن طلحة المدينة مسلمين، فلمَّا دخلوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم ونظر إليهم، قال: «رَمَتْكُمْ مَكَّةُ بِأَفْلَاذِ كَبِدِهَا». وكان قد همَّ بالإقبال إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في حين انصرافه من الحبشة ثم لم يعزم له إلى ذلك الوقت، وقال عمرو بن العاص رضي الله عنه: فلما جعل الله الإسلام في قلبي أتيتُ النبي صلى الله عليه وسلم، فقلتُ: ابْسُطْ يَمِينَكَ فَلأُبَايِعْكَ. فبسط يمينه، قال: فقبضتُ يدي، قال صلى الله عليه وسلم: «مَا لَكَ يَا عَمْرُو؟» قال: قلتُ: أردتُ أنْ أشترطَ. قال: «تَشْتَرِطُ بِمَاذَا؟» قلتُ: أنْ يُغْفَرَ لِي. قال: «أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ الإِسْلاَمَ يَهْدِمُ مَا كَانَ قَبْلَهُ؟ وَأَنَّ الهِجْرَةَ تَهْدِمُ مَا كَانَ قَبْلَهَا؟ وَأَنَّ الحَجَّ يَهْدِمُ مَا كَانَ قَبْلَهُ؟» . ولمَّا أسلم كان النبي صلى الله عليه وسلم يُقَرِّبه ويُدنيه لمعرفته وشجاعته، وقد بعث إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول له: «خُذْ عَلَيْكَ ثِيَابَكَ وَسِلَاحَكَ، ثُمَّ ائْتِنِي». قال عمرو: فأتيته وهو يتوضَّأ فصعَّد فيَّ النظر ثم طأطأه، فقال: «إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أَبْعَثَكَ عَلَى جَيْشٍ فَيُسَلِّمَكَ اللهُ وَيُغْنِمَكَ، وَأَرْغَبُ لَكَ مِنَ المَالِ رَغْبَةً صَالِحَةً». قال: قلتُ: يا رسول الله؛ ما أسلمتُ من أجل المال، ولكني أسلمتُ رغبة في الإسلام، وأن أكون مع رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقال: «يَا عَمْرُو؛ نِعْمَ المَالُ الصَّالِحُ لِلْمَرْءِ الصَّالِحِ» . ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: « إِنَّ عَمْرَو بْنَ العَاصِ مِنْ صَالحِي قُرَيْشٍ . وزاد في رواية أحمد: «نِعْمَ أَهْلُ الْبَيْتِ عَبْدُ اللهِ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ، وَأُمُّ عَبْدِ اللهِ .
وقد أخرج الحاكم في المستدرك عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله –صلى الله عليه وسلم: «ابْنَا الْعَاصِ مُؤْمِنَانِ هِشَامٌ وَعَمْرٌو .
وكان عمرو بن العاص رضي الله عنه مجاهدًا شجاعًا، يحبُّ الله ورسوله، ويعمل على رفع لواء الإسلام ونشره في مشارق الأرض ومغاربها، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعرف لعمرو شجاعته وقدرته الحربية؛ فكان يُوَلِّيه قيادة بعض الجيوش والسرايا، وكان يُحبُّه ويُقَرِّبه، وقد وجَّه رسول الله –صلى الله عليه وسلم- سريَّة إلى ذات السلاسل في جُمَادَى الآخرة سنة ثمان من الهجرة، وجعل أميرها عمرو بن العاص رضي الله عنه، وقد جعل النبي صلى الله عليه وسلم عمرو بن العاص واليًا على عمان، فظلَّ أميرًا عليها حتى تُوُفِّيَ النبي صلى الله عليه وسلم.
فتوحات عمرو بن العاص
بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم وفي خلافة أبي بكر الصديق رضي الله عنه شارك عمرو بن العاص في حروب الردة وأبلى فيها بلاءً حسنًا، ثم قام أبو بكر رضي الله عنه بتوليته أميرًا على أحد الجيوش الأربعة التي اتجهت إلى بلاد الشام لفتحها، فانطلق عمرو بن العاص إلى فلسطين على رأس ثلاثة آلاف مجاهد، ثم وصله مدد آخر فأصبح عداد جيشه سبعة آلاف، وشارك في معركة اليرموك مع باقي الجيوش الإسلامية، وذلك عقب وصول خالد بن الوليد من العراق بعد أن تغلَّب على جيوش الفرس، وبِنَاءً على اقتراح خالد بن الوليد تم توحيد الجيوش معًا على أن يتولَّى كل قائد قيادة الجيش يومًا من أيام المعركة، وبالفعل تمكَّنت الجيوش المسلمة من هزيمة جيش الروم في معركة اليرموك تحت قيادة خالد بن الوليد وعمرو بن العاص وأبي عبيدة بن الجراح.. وغيرهم، وتمَّ فتح بلاد الشام. انتقل بعد ذلك عمرو بن العاص ليُكمل مهامَّه في مدن فلسطين؛ ففتح منها: غزَّة، وسَبَسْطِيَة، ونَابُلُس، ويُبْنَى، وعمواس، وبيت جيرين، ويافا، ورفح.
كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه إذا ذُكر أمامه حصار بيت المقدس وما أبدى فيه عمرو بن العاص من براعة يقول: «لقد رمينا أرطبون الروم بأرطبون العرب .
ثم تولَّى عمرو بن العاص إمارة فلسطين، وكان عُمر رضي الله عنه يحبُّه ويعرف له قدره وذكاءه، فكان يقول عنه: «ما ينبغي لأبي عبد الله أن يمشي على الأرض إلاَّ أميرًا .
عمرو بن العاص وفتح مصر
كان عمرو بن العاص رضي الله عنه يتمنَّى أن يفتح الله على يديه مصر، فظلَّ يُحدِّث عمر بن الخطاب رضي الله عنه عنها حتى أقنعه، فأمَّره الفاروق قائدًا على جيش المسلمين لفتح مصر وتحريرها من أيدي الروم.
وبالفعل قام ابن العاص بإعداد العدد والعتاد من أجل التوجُّه لفتح مصر، فسار على رأس جيش مكَّون من أربعة آلاف مقاتلٍ فقط، ولكن بعد أن قام الخليفة باستشارة كبار الصحابة في الأمر رأوا ألَّا يدخل المسلمون في حرب قاسية، وقام عمر بن الخطاب رضي الله عنه بكتابة رسالة إلى عمرو بن العاص جاء فيها: «إذا بلغتكَ رسالتي قبل دخولك مصر فارجع، وإلَّا فسِرْ على بركة الله». وحين وصل البريد إلى عمرو بن العاص وفطن إلى ما في الرسالة، لم يتسلَّمْهَا حتى بلغ العريش، فتسلَّمها وفضَّها ثم سأل رجاله: «أنحن في مصر الآن أم في فلسطين؟» فأجابوا: «نحن في مصر». فقال: «إذن نسير في سبيلنا كما يأمر أمير المؤمنين».
توالت انتصارات عمرو بن العاص رضي الله عنه فدخل بجيشه إلى مدينة الفرما، والتي شهدت أول اشتباك بين الروم والمسلمين، ثم فتح بِلْبِيس وقهر قائدها الروماني أرطبون، الذي كان قائدًا للقدس وفرَّ منها، وبعد أن وصل المدد لجيش عمرو تابع فتوحاته إلى أم دنين، ثم حاصر حصن بابليون حيث المقوقس حاكم مصر من قِبَل هرقل لمدَّة سبعة أشهر، وبعد أن قَبِلَ المقوقس دفع الجزية غضب منه هرقل واستدعاه إلى القسطنطينية ونفاه، فانتهز المسلمون الفرصة وهاجموا حصون بابليون؛ مما اضطر الروم إلى الموافقة على الصلح ودفع الجزية.
توالت فتوحات عمرو بن العاص بعد ذلك في المدن المصرية الواحدة تلو الأخرى؛ حتى بلغ أسوار الإسكندرية، فحاصرها وبها أكثر من خمسين ألفًا من الروم، وخلال فترة الحصار هذه مات هرقل وجاء أخوه بعده مقتنعًا بأنه لا أمل له في الانتصار على المسلمين، فاستدعى المقوقس من منفاه، وكلَّفه بمفاوضة المسلمين للصلح.
وفي اتفاقية الصلح جاء عدد من البنود؛ منها: أن تُدفع الجزية عن كل رجل ديناران، ما عدا الشيخ العاجز والصغير، وأن يرحل الروم بأموالهم ومتاعهم عن المدينة، وأن يحترم المسلمون حين يدخلونها كنائس المسيحيين فيها، وأن يُرسل الروم مائة وخمسين مقاتلاً وخمسين من أمرائهم رهائن لتنفيذ الشروط. وقام عمرو بن العاص بإرسال رسول إلى الخليفة عمر رضي الله عنه ليُبَلِّغَه بشارة الفتح.
عمرو بن العاص حاكما لمصر
قضى عمرو بن العاص في فتح مصر ثلاث سنوات، وقد استقبله أهلها بالكثير من الفرح والترحيب؛ لما عانوه من قسوة الروم وظلمهم، وقد كانوا خير العون لعمرو بن العاص ضد الروم، وكان عمرو –رضي الله عنه- يقول لهم: يا أهل مصر؛ لقد أخبرنا نبينا أن الله سيفتح علينا مصر، وأوصانا بأهلها خيرًا؛ حيث قال الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم: «إِذَا افْتَتَحْتُمْ مِصْرَ فَاسْتَوْصُوا بِالْقِبْطِ خَيْرًا؛ فَإِنَّ لهُمْ ذِمَّةً وَرَحِمًا» .
وقد كان عهد ولاية عمرو على مصر عهد رخاء وازدهار، فكان يحبُّ شعبها ويُحبُّونه، وكانوا ينعمون في ظلِّ حكمه بالعدل والحرية، وفيها قام بتخطيط مدينة الفسطاط، وأعاد حفر خليج تراجان الموصِّل إلى البحر الأحمر لنقل الغنائم إلى الحجاز بحرًا، وأنشأ بها جامعًا سُمِّيَ باسمه، وما يزال جامع عمرو بن العاص قائمًا إلى الآن بمصر.
اللقاء الثاني بين الروم والمسلمين
كان الأقباط في فترة حكم الروم يُعانون من قسوتهم واضطهادهم، وإجبارهم على ترك مذهبهم واعتناق المذهب الرومي، فجاءت إحدى المواقف المهمة والتي أكَّدت على مدى احترام المسلمين للديانات الأخرى؛ فقد كان للأقباط رئيس ديني يُدعى بنيامين حين تعرَّض للقهر من الروم فاضطر إلى الفرار منهم، وعندما علم المسلمون بالأمر بعد الفتح أرسلوا إليه ليُبَلِّغُوه أنه في أمان، وعندما عاد أحسنوا استقباله وأكرموه، وولَّوْهُ رئاسة القبط، وهو الأمر الذي نال استحسان وإعجاب الأقباط بالمسلمين، فأحسنوا التعامل معهم.
جاءت المعركة الثانية بين المسلمين والروم بعد أن علم ملك الروم أن الحامية الإسلامية بالإسكندرية قليلة العدد، فانتهز هذه الفرصة وأرسل ثلاثمائة سفينة محمَّلة بالجنود، وتمكَّن من اختراق الإسكندرية واحتلالها، وعقد العزم على السير إلى الفسطاط، وعندما علم عمرو بن العاص بذلك عاد من الحجاز سريعًا، وجمع الجيش من أجل لقاء الروم ودحرهم، وبالفعل تمكَّن عمرو من قيادة جيشه نحو النصر؛ فكانت الغلبة لجيش المسلمين، ولم يكتفِ ابن العاص بهذا؛ بل سارع بملاحقة الروم الهاربين باتجاه الإسكندرية، وفرض عليها حصارًا وفتحها، وكسر شوكة الروم وأخرجهم منها، كما قام بمساعدة أهل الإسكندرية لاسترداد ما فقدوه نتيجة لظلم الروم والفساد الذي قاموا به أثناء فترة احتلالهم للمدينة.
دور عمرو بن العاص في فتنة معاوية وعلي
أثناء خلافة عثمان بن عفان رضي الله عنه قام بعزل عمرو رضي الله عنه عن ولاية مصر، وولَّى عليها عبد الله بن سعد العامري، عاد بعدها عمرو إلى المدينة المنورة، وبعد م*** عثمان بن عفان، سار عمرو بن العاص إلى معاوية بن أبي سفيان وشهد معه معركة صفين، ولما اشتدَّت الحرب على معاوية أشار عليه عمرو بن العاص بما عُرف عنه من دهاء بطلب التحكيم؛ ورُفعت المصاحف طلبًا للهدنة، ولما رَضِيَ علي بن أبي طالب بالتحكيم، وُكِّل عمرو بن العاص حكمًا عن معاوية بن أبي سفيان، كما وُكِّل أبو موسى الأشعري حكمًا عن علي بن أبي طالب. اتفق الحكمان أن يجتمع مَنْ بقي حيًّا من العشرة المبشرين بالجنة ويُقَرِّرُوا مصير ***ة عثمان، ولم يكن قد بقي منهم إلَّا سعد بن أبي وقاص وعلي بن أبي طالب وسعيد بن زيد، وهذا القرار لم يُنَفِّذْه علي. ثم إن معاوية أرسله على جيش إلى مصر فأخذها من محمد بن أبي بكر، ثم ولَّاه معاوية على مصر حتى وفاته.
وفاة عمرو بن العاص
توفي عمرو بن العاص رضي الله عنه سنة (43هـ= 663م)، وقد تجاوز عمره 90 عامًا، وقد روى عن النبي صلى الله عليه وسلم 39 حديثًا. وحين حضرته الوفاة، ومَرِضَ مرض الموت، دخل عليه ابنه عبد الله رضي الله عنهما، فوجده يبكي، فقال له: يا أبتاه! أما بَشَّرك رسول الله صلى الله عليه وسلم بكذا؟ أما بَشَّرك رسول الله صلى الله عليه وسلم بكذا؟ فأقبل بوجهه فقال: إني كنتُ على أطباق ثلاث (أحوال ثلاث)، لقد رَأَيْتُنِي وما أحدٌ أشدَّ بغضًا لرسول الله صلى الله عليه وسلم مني، ولا أَحَبَّ إليَّ أن أكون قد استمكنتُ منه ف***تُه، فلو متُّ على تلك الحال لكنتُ من أهل النار، فلمَّا جعل الله الإسلام في قلبي أتيتُ النبي صلى الله عليه وسلم فقلتُ: ابسط يمينك فلأبايعك. فبسط يمينه، قال: فقبضتُ يدي، فقال: «مَا لَكَ يَا عَمْرُو؟» قال: قلتُ: أردتُ أن أشترط. قال: «تَشْتَرِطُ بِمَاذَا؟» قلتُ: أن يُغفر لي. قال: «أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ الْإِسْلَامَ يَهْدِمُ مَا كَانَ قَبْلَهُ؟ وَأَنَّ الْهِجْرَةَ تَهْدِمُ مَا كَانَ قَبْلَهَا؟ وَأَنَّ الحَجَّ يَهْدِمُ مَا كَانَ قَبْلَهُ؟».
وما كان أحدٌ أحبَّ إليَّ من رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أجلَّ في عيني منه، وما كنتُ أطيق أن أملأ عيني منه إجلالًا له، ولو سُئِلْتُ أن أصفه ما أطقتُ؛ لأنني لم أكن أملأ عيني منه إجلالًا له، ولو متُّ على تلك الحال لرجوتُ أن أكون من أهل الجنة، ثم وَلِينَا أشياء ما أدري ما حالي فيها، فإذا أنا متُّ، فلا تَصْحَبْنِي نَائِحَةٌ وَلَا نَارٌ، فإذا دفنتموني فَشُنُّوا (صبُّوا) عليَّ التراب شنًّا، ثم أقيموا حول قبري قدر ما تنحر جزور (الوقت الذي تُ*** فيه ناقة)، وَيُقْسَمُ لحمها؛ حتى أستأنس بكم، وأنظر ماذا أُرَاجِعُ (أُجاوب) بِهِ رُسُلَ رَبِّي .
الأستاذة ام فيصل 23-01-2016, 11:55 PM متابعة مع حضراتكم
جزاكم الله خيرا
تحياتي
عبد المقصود عطا 06-02-2016, 01:47 AM رضى الله عن عقبة بن نافع
وشكر لك مجهودك الكبير
aymaan noor 07-02-2016, 08:16 PM متابعة مع حضراتكم
جزاكم الله خيرا
تحياتي
شكرا على الاهتمام والمتابعة أستاذتى الفاضلة أم فيصل
جزاك الله خيرا وبارك الله فيك
aymaan noor 07-02-2016, 08:17 PM رضى الله عن عقبة بن نافع
وشكر لك مجهودك الكبير
الشكر لله و لحضرتك لمرورك الكريم
جزاك الله خيرا وبارك الله فيك
aymaan noor 07-02-2016, 08:18 PM سعد بن أبي وقاص
http://islamstory.com/sites/default/files/styles/300px_node_fullcontent_img/public/14/03/10/shape6575.jpg
سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه من أوائل من دخلوا في الإسلام، وكان عمره عندئذ سبعة عشر عاما، ولم يسبقه في الإسلام إلا أبو بكر الصديق وعلي بن أبي طالب وزيد بن حارثة، وهو أحد العشرة المبشرين بالجنة.
نشأة سعد بن أبي وقاص
وُلِدَ سعد بن أبي وقاص في مكة سنة 23 قبل الهجرة، نشأ سعدٌ في قريش من سادة العرب وأعزِّهم، واشتغل في بري السهام وصناعة القسيِّ، وهذا عمل يُؤَهِّل صاحبه للائتلاف مع الرمي، وحياة الصيد والغزو، وكان يمضي وقته وهو يُخالط شباب قريش وسادتهم، ويتعرَّف على الدنيا من خلال معرفته على الحجيج الوافد إلى مكة المكرمة في أيام الحجِّ ومواسمها المتباينة الأهداف والمتنوعة الغايات.
نسب سعد بن أبي وقاص الشريف
أبوه ابن سيد بني زهرة: مالك بن وهيب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة عامر بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان. ومالك هذا هو ابن عم آمنة بنت وهب أم رسول الله –صلى الله عليه وسلم، وخال حمزة وصفية ابني عبد المطلب.
أُمُّه: حمنة بنت سفيان بن أمية الأكبر بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة عامر بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان.
فهو من بني زهرة أهل آمنة بنت وهب أُمِّ الرسول صلى الله عليه وسلم؛ فقد كان الرسول يعتزُّ بهذه الخُئُولة، فقد ورد أنه كان جالسًا مع نفر من أصحابه فرأى سعد بن أبي وقاص مقبلاً، فقال لمن معه: «هَذَا خَالِي فَلْيُرِنِي امْرُؤٌ خَالَهُ» .
إسلام سعد بن أبي وقاص
دخل سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه الإسلام وهو ابن سبع عشرة سنة، وكان إسلامه مبكِّرًا، ويتحدث عن نفسه فيقول: «.. وَلَقَدْ مَكَثْتُ سَبْعَةَ أَيَّامٍ، وَإِنِّي لَثُلُثُ الإِسْلاَمِ . يعني أنه كان ثالث أوَّل ثلاثة سارعوا إلى الإسلام، وقد أعلن إسلامَه مع الذين أعلنوه بإقناع أبي بكر الصديق إيَّاهم؛ وهم: عثمان بن عفان، والزبير بن العوام، وعبد الرحمن بن عوف، وطلحة بن عبيد الله.
محاولات ردّه عن الإسلام
أخفقت جميع محاولات ردِّه وصدِّه عن الإسلام؛ فلجأت أُمُّه إلى وسيلة لم يكن أحدٌ يشُكُّ في أنها ستَهزم رُوح سعدٍ وتردُّ عزمه إلى وثنية أهله وذويه، لقد أعلنت أُمُّه صومها عن الطعام والشراب؛ حتى يعود سعدٌ إلى دين آبائه وقومه, ومضت في تصميم مستميت تواصل إضرابها عن الطعام والشراب حتى قاربت على الهلاك. وحين كانت تُشرف على المو، أخذه بعض أهله إليها ليُلقي عليها نظرة وداعٍ؛ آملين أن يرقَّ قلبه حين يراها في سكرة الموت. وذهب سعد ورأى مشهد أُمِّه وهي تتعذَّب، ولكن إيمانه بالله ورسوله كان قد تفوَّق على كل شيء، وقال لها: «تعلمين والله يا أُمَّة لو كانت لكِ مائة نفس، فخرجت نفسًا نفسًا ما تركتُ ديني هذا لشيء، فكُلِي إن شئت أو لا تأكلي». وعدلت أُمُّه عن صومها، ونزل الوحي يُحَيِّي موقف سعد، ويُؤَيِّده فيقول: {وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} [لقمان:15].
مكانة سعد بن أبي وقاص عند رسول الله
عن سعيد بن المسيب، عن سَعدٍ رضي الله عنه، قال: قُلْتُ: يا رسول الله! مَنْ أنا؟ قال: «سَعْدُ بْنُ مَالِكِ بْنِ وُهَيْبِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ زُهْرَةَ، مَنْ قَالَ غَيْرَ هَذَا فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللهِ .
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: أَرِقَ رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات ليلة فقال: «لَيْتَ رَجُلًا صَالِحًا مِنْ أَصْحَابِي يَحْرُسُنِي اللَّيْلَةَ». قالت: فسمعنا صَوْت السِّلاح، فقال رسول الله: «مَنْ هَذَا؟». قال سعد بن أبي وقاص: أنا يا رسول الله! جئتُ أحرسك. فنام رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى سمعتُ غَطِيطَهُ .
وقال سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه: اشتكيتُ بمكة، فدخل عليَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم يعودني، فمسح وجهي وصدري وبطني، وقال: «اللَّهُمَّ اشْفِ سَعْدًا».
فما زِلْتُ يُخَيَّلُ إليَّ أَنِّي أَجدُ برد يده صلى الله عليه وسلم على كبدي حتى الساعة .
الدعوة المجابة
كان سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه إذا رمى عدوًّا أصابه، وإذا دعا اللهَ دعاءً أجابه، وكان الصحابة يردُّون ذلك إلى دعوة الرسول صلى الله عليه وسلم له: «اللَّهُمَّ سَدِّدْ رَمَيْتَهُ، وَأَجِبْ دَعْوَتَهُ» . ويُرْوَى أنه رأى رجلاً يسبُّ طلحة وعليًّا والزبير فنهاه فلم ينتهِ، فقال له: «إذن أدعو عليك». فقال الرجل: «أراك تهدِّدني كأنك نبي!». فانصرف سعدٌ وتوضَّأ وصلَّى ركعتين، ثم رفع يديه قائلاً: «اللهم إن كنتَ تعلم أن هذا الرجل قد سبَّ أقوامًا سبقت لهم منك الحسنى، وأنه قد أسخطك سبُّه إيَّاهم، فاجعله آية وعبرة». فلم يمضِ غير وقت قصير حتى خرجت من إحدى الدُّور ناقة نادَّة (شاردة) لا يردُّها شيء، حتى دخلت في زحام الناس، ثم اقتحمت الرجل فأخذته بين قوائمها، وما زالت تتخبَّطه حتى مات.
جهاد سعد بن أبي وقاص
يُعتبر سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه أول مَنْ رمى بسهم في سبيل الله، وأنه الوحيد الذي افتداه الرسول صلى الله عليه وسلم بأبويه؛ فقال له يومَ أحد: «ارْمِ سَعْدُ فِدَاكَ أَبِي وَأُمِّي». ويقول علي بن أبي طالب رضي الله عنه: ما سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يفدي أحدًا بأبويه إلا سعدًا، فإني سمعته يوم أحد يقول: «ارْمِ سَعْدُ فِدَاكَ أَبِي وَأُمِّي» . وقد كان سعد يُعَدُّ من أشجع فرسان العرب والمسلمين، وكان له سلاحان: رمحه ودعاؤه، وكان مجاهدًا في غزوة بدر، وشارك في غزوة أحد، وتفرَّق الناس أول الأمر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ووقف سعد يُجاهد ويقاتل، فلمَّا رآه الرسول صلى الله عليه وسلم يرمي جعل يُحَرِّضه ويقول له: «يا سَعْدُ؛ ارْمِ فِدَاكَ أَبِي وَأُمِّي». وظلَّ سعدٌ يفتخر بهذه الكلمة طوال حياته.
فتوحات سعد بن أبي وقاص
قاد سعد بن أبي وقاص المسلمين في معركة القادسية حيث خرج في ثلاثين ألف مقاتل، وكان عدد الفرس أكثر من مائة ألف من المقاتلين المدرَّبين المدجَّجين بأنواعٍ متطوِّرة من عتاد وسلاح، وكان يتولَّى قيادة الفرس رستم، وقبل المعركة كانت هناك رسائل بين سعدٍ وأمير المؤمنين الخليفة الراشد الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه؛ منها: «يا سعد بن وهيب.. لا يغرَّنَّك من الله أن قيل: خال رسول الله وصاحبه. فإن الله ليس بينه وبين أحد نسب إلَّا بطاعته.. والناس شريفهم ووضيعهم في ذات الله سواء.. الله ربهم, وهم عباده.. يتفاضلون بالعافية, ويدركون ما عند الله بالطاعة، فانظر الأمر الذي رأيتَ رسول الله صلى الله عليه وسلم منذ بُعِثَ إلى أن فارَقَنَا عليه فالزمه؛ فإنه الأمر». ثم يقول له: «اكتب إليَّ بجميع أحوالكم, وكيف تنزلون، وأين يكون عدوُّكم منكم.. واجعلني بكتبك إليَّ كأني أنظر إليكم!».
ويكتب سعد إلى أمير المؤمنين فيصف له كل شيء؛ حتى إنه ليكاد يُحَدِّد له موقف كل جندي ومكانه، وقد أوصى عمر سعدًا بدعوتهم إلى الإسلام، ويُنَفِّذ سعد وصية عمر، فيُرسل إلى رستم قائد الفرس نفرًا من أصحابه يدعونه إلى الله وإلى الإسلام.
وكان المرض قد اشتدَّ على سعد، وملأت الدمامل جسده؛ حتى ما كان يستطيع أن يجلس، مفضلاً أن يعلو صهوة جواده ويخوض عليه معركة، عندئذٍ وقف في جيشه خطيبًا، مستهلاً خطابه بالآية الكريمة: {وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُون} [الأنبياء: 105]، وبعد فراغه من خطبته، صلَّى بالجيش صلاة الظهر، ثم استقبل جنوده مكبِّرًا أربعًا: الله أكبر.. الله أكبر.. الله أكبر.. الله أكبر.. واستطاع جيش سعد هزيمة الفرس وقائدها رستم، ووصل الجيش إلى المدائن.
وكانت موقعة المدائن بعد موقعة القادسية بقرابة عامين؛ حيث جرت خلالهما مناوشات مستمرَّة بين الفرس والمسلمين, وقد استطاع سعد هزيمة الفرس؛ وذلك بقيادة الجيش وعبور نهر دجلة، وقد جهَّز كتيبتين؛ الأولى: واسمها كتيبة الأهوال، وأمَّر سعدٌ عليها عاصم بن عمرو التميمي، والثانية: اسمها الكتيبة الخرساء، وأمَّر عليها القعقاع بن عمرو التميمي، وقد نجحا في العبور وهزيمة الفرس.
إمارة العراق
ولَّاه الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه إمارة العراق، فراح سعد رضي الله عنه يبني ويُعمِّر في الكوفة، وذات يوم اشتكاه أهل الكوفة لأمير المؤمنين؛ فقالوا: «إن سعدًا لا يُحسن الصلاة». واستدعاه عمر رضي الله عنه إلى المدينة فلَّبى مسرعًا، ويضحك سعدًا حين علم بشكوى أهل الكوفة قائلاً: «والله إني لأُصَلِّي بهم صلاة رسول الله، أُطيل في الركعتين الأوليين وأقصر في الآخرين». وحين أراد عمر بن الخطاب أن يُعيده إلى الكوفة ضحك سعدٌ قائلاً: «أتأمرني أن أعود إلى قوم يزعمون أَنِّي لا أُحسن الصلاة؟!» وفضَّل البقاء في المدينة.
وعندما حضرت عمرَ رضي الله عنه الوفاةُ بعد أن طعنه المجوسي جعل الأمر من بعده إلى الستة الذين مات النبي وهو عنهم راضٍ؛ وأحدهم سعد بن أبي وقاص، وقال عمر: إن وليها سعد فذاك، وإن وليها غيره فليستعن بسعد.
اعتزاله الفتنة
اعتزل سعد رضي الله عنه الفتنة الكبرى بين علي بن أبي طالب ومعاوية بن أبي سفيان، وأمر أهله وأولاده ألَّا ينقلوا إليه شيئًا من أخبارها، وقد ذهب إليه ابن أخيه هاشم بن عتبة بن أبي وقاص يقول له: «يا عم، ها هنا مائة ألف سيف يروك أحقَّ الناس بهذا الأمر». فيُجيبه سعدٌ رضي الله عنه: «أُريد من مائة ألف سيف سيفًا واحدًا؛ إذا ضربتُ به المؤمن لم يصنع شيئًا، وإذا ضربتُ به الكافر قطع». فيتركه هاشم وعزلته، وحين انتهى الأمر لمعاوية بعد الاتفاق الشائك الذي تمَّ بعد معركة صفين، واستقرَّت بيده مقاليد الحكم سأل سعدًا: «ما لكَ لَمْ تُقاتِل معنا؟»
فأجابه: «إني مررت بريح مظلمة، فقلتُ: أخ.. أخ.. واتَّخذت من راحلتي حتى انجلت عني».
فقال معاوية: «ليس في كتاب الله أخ.. أخ.. ولكن قال الله: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ المُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللهِ} [الحجرات:9]. وأنت لم تكن مع الباغية على العادلة، ولا مع العادلة على الباغية».
فأجابه سعد رضي الله عنه قائلاً: ما كنتُ لأقاتل رجلاً قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أَنْتَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى، إِلَّا أَنَّهُ لَا نَبِيَّ بَعْدِي .
وفاة سعد بن أبي وقاص
كان عمر سعد بن أبي وقاص طويلًا، وأفاء الله عليه من المال الكثير؛ لكنه حين أدركته الوفاة دعا بجبة من صوف بالية، وقال: «كفنوني بها؛ فإني لقيت بها المشركين يوم بدر، وإني أريد أن ألقى بها الله عز وجل أيضًا». وكان رأسه بحِجْر ابنه الباكي، فقال له: «ما يُبكيك يا بني؟! إن الله لا يُعَذِّبني أبدًا، وإني من أهل الجنة».
لقد كان إيمانه بصدق بشارة رسول الله صلى الله عليه وسلم كبيرًا، كانت وفاته سنة خمس وخمسين من الهجرة النبوية، وكان آخر المهاجرين وفاة، ودُفِن في البقيع.
tarek ameer 20-10-2016, 04:24 PM جزاك الله خيراً
|