مشاهدة النسخة كاملة : إلى أي شيء ينظرون؟


abomokhtar
02-03-2016, 08:18 AM
استوقفني قول الله تعالى: ﴿ إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ * عَلَى الْأَرَائِكِ يَنْظُرُونَ ﴾ [المطففين: 22، 23]؛ فدار في عقلي سؤال: إلى أي شيء ينظرون وهم في جنة الله تعالى في قمة الملك والنعيم والسعادة؟ ما الذي شَدَهَ عقولهم وسحر أعينهم؟ على أي شيء يُطلون من تلك الأرائك العالية؟ ماذا رأوا حتى اكتست وجوههم كل تلك النضارة التي وصفهم الله بها بقوله: ﴿ تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ ﴾ [المطففين: 24]؟!

إلى أي شيء ينظرون؟
أهم ينظرون إلى القصور والخيام والغرف التي أعدها الله لهم؛ فسلبت عقولهم بجمالها وبهائها وسعتها وعظمتها التي وصفها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال وهو صلى الله عليه وسلم يسأل عن الجنة: ما بناؤها؟ قال: ((لبنة ذهب، ولبنة فضة، وملاطها المسك، وحصباؤها اللؤلؤ والياقوت، وترابها الزعفران، من يدخلها ينعم ولا يبأس، ويخلد لا يموت، لا تبلى ثيابه، ولا يفنى شبابه))؛ رواه أحمد، وحسنه الألباني.

ويُخبر عن خيامها صلى الله عليه وسلم فيقول: ((إن في الجنة خيمةً من لؤلؤةٍ مجوفة، عرضها ستون ميلًا، في كل زاويةٍ منها أهلٌ ما يرون الآخرين، يطوف عليهم المؤمن، وجنتان من فضةٍ آنيتهما وما فيهما، وجنتان من ذهبٍ آنيتها وما فيهما))؛ رواه البخاري ومسلم.

يا لله ما أجمل المنظر! وما أسعد الحياة! خيمة من لؤلؤة، يُرى ظاهرها من باطنها، وباطنها من ظاهرها، وجنتان من فضة؛ قصورها من فضة، آنيتها من فضة، وكل شيء فيها من فضة، وجنتان من ذهب؛ قصورها من ذهب، آنيتها من ذهب، وكل شيء فيها من ذهب.

إلى أي شيء ينظرون؟
أهم ينظرون إلى خدَمهم من الوالدان كاللؤلؤ بالمئات يسارعون إلى خدمتهم في حركة دائبة لا يملون من التطواف عليهم؛ كما أخبر عنهم جل وعلا بقوله: ﴿ وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ إِذَا رَأَيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤًا مَنْثُورًا ﴾ [الإنسان: 19]؟!

يحدثنا عن منظر هذا التطواف عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما فيقول: "إن أدنى أهل الجنة منزلةً من يسعى عليه ألف خادمٍ، كل خادمٍ على عملٍ ليس عليه صاحبه"، قال: وتلا هذه الآية: ﴿ إِذَا رَأَيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤًا مَنْثُورًا ﴾ [الإنسان: 19]؛ رواه البيهقي، وصححه الألباني.

إلى أي شيء ينظرون؟
أهم ينظرون إلى ما أعد الله لهم من الأطعمة والأشربة التي يطوف بها عليهم الوالدان؛ كما أخبر عن ذلك ربنا جل وعلا بقوله: ﴿ يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِصِحَافٍ مِنْ ذَهَبٍ وَأَكْوَابٍ وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ وَأَنْتُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴾ [الزخرف: 71]، وقال سبحانه: ﴿ يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ * بِأَكْوَابٍ وَأَبَارِيقَ وَكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ * لَا يُصَدَّعُونَ عَنْهَا وَلَا يُنْزِفُونَ * وَفَاكِهَةٍ مِمَّا يَتَخَيَّرُونَ * وَلَحْمِ طَيْرٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ ﴾ [الواقعة: 17 - 21]، وقال سبحانه: ﴿ لَهُمْ فِيهَا فَاكِهَةٌ وَلَهُمْ مَا يَدَّعُونَ ﴾ [يس: 57]؟

ويكشف لنا نبينا صلى الله عليه وسلم جانبًا من ذلك النعيم في الحوار الذي دار بينه وبين اليهودي حين سأله اليهودي فقال: يا أبا القاسم، ألستَ تزعم أن أهل الجنة يأكلون فيها ويشربون؟ - ويقول لأصحابه: إن أقر لي بهذا خصمته - فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((بلى والذي نفس محمدٍ بيده، إن أحدهم ليعطى قوة مائة رجلٍ في المطعم والمشرب والشهوة والجماع))، فقال اليهودي: فإن الذي يأكل ويشرب تكون له الحاجة! فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((حاجتهم عرق يفيض من جلودهم مثل المسك، فإذا البطن قد ضمر))؛ رواه ابن حبان، وصححه الألباني.

ويصِف صلى الله عليه وسلم الطير الذي يأكله أهل الجنة؛ كما أخبر الله بقوله: ﴿ وَلَحْمِ طَيْرٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ ﴾ [الواقعة: 21]، فيقول: ((إن طير الجنة كأمثال البخت، ترعى في شجر الجنة))، فقال أبو بكرٍ: يا رسول الله، إن هذه لطيرٌ ناعمة، فقال: ((أَكَلَتُها أنعمُ منها - قالها ثلاثًا - وإني لأرجو أن تكون ممن يأكل منها))؛ رواه أحمد بإسناد جيد.

إلى أي شيء ينظرون؟
أهم ينظرون إلى حدائق الجنة وأشجارها التي أخبر عنها النبي صلى الله عليه وسلم: ((إن في الجنة شجرةً يسير الراكب في ظلها مائة عام لا يقطعها، إن شئتم فاقرؤوا: ﴿ وَظِلٍّ مَمْدُودٍ * وَمَاءٍ مَسْكُوبٍ ﴾ [الواقعة: 30، 31]؛ رواه البخاري والترمذي؟!

وقال ابن عباس رضي الله عنه: "نخل الجنة جذوعها من زمردٍ خضرٍ، وكربها ذهب أحمر، وسعفها كسوة لأهل الجنة، منها مقطعاتهم وحللهم، وثمرها أمثال القلال، والدلاء أشد بياضًا من اللبن، وأحلى من العسل، وألين من الزبد، ليس فيها عجم (أي نوى)"؛ رواه الحاكم، وصححه الألباني.

وأخبر عن ساق تلك الأشجار فقال صلى الله عليه وسلم: ((ما في الجنة شجرةٌ إلا وساقُها من ذهبٍ))؛ رواه الترمذي.
وأخبر عن ثمرها صلى الله عليه وسلم فقال: ((عُرِضت عليَّ الجنة، فذهبت أتناول منها قطفًا أريكموه، فحيل بيني وبينه))، فقال رجل: يا رسول الله، ما مثل الحبة من العنب؟ قال: ((كأعظمِ دَلْوٍ فَرَتْ أمُّك قط))؛ رواه أبو يعلى، وحسنه الألباني.

وهذا البراء بن عازبٍ رضي الله عنه يفسر قوله تعالى: ﴿ وَذُلِّلَتْ قُطُوفُهَا تَذْلِيلًا ﴾ [الإنسان: 14]، فيقول: "إن أهل الجنة يأكلون من ثمار الجنة قيامًا وقعودًا ومضطجعين [على أي حال شاؤوا]"؛ رواه البيهقي، وصححه الألباني.

ويصِف النبي صلى الله عليه وسلم سدر الجنة فيقول: ((أليس الله يقول: ﴿ فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ ﴾ [الواقعة: 28]؟، خضد الله شوكه، فجعل مكان كل شوكةٍ ثمرةً، فإنها لتنبت ثمرًا، تفتق الثمرة منها عن اثنين وسبعين لونًا من طعامٍ، ما فيها لون يشبه الآخر))؛ رواه ابن أبي الدنيا، وصححه الألباني.

إلى أي شيء ينظرون؟
أهم ينظرون إلى أنهارها وعيونها التي أخبر الله جل وعلا عنها فقال: ﴿ مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى وَلَهُمْ فِيهَا مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ ﴾ [محمد: 15]؟!

ووصف صلى الله عليه وسلم تلك الأنهار في الجنة فقال: ((إن الله عز وجل أحاط حائط الجنة لبنةً من ذهبٍ، ولبنةً من فضةٍ، ثم شقق فيها الأنهار، وغرس فيها الأشجار، فلما نظرت الملائكة إلى حسنها قالت: طوبى لكِ منازل الملوك))؛ رواه البيهقي، وصححه الألباني.

وأخبر عن أحدها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ((الكوثر نهر في الجنة، حافَتَاه من ذهبٍ، ومجراه على الدر والياقوت، تربته أطيب من المسك، وماؤه أحلى من العسل، وأبيض من الثلج))؛ رواه ابن ماجه والترمذي، وصححه الألباني.

وأخبر عنها النبي صلى الله عليه وسلم: ((أنهار الجنة تخرج من تحت تلال - أو من تحت جبال - المسك))؛ رواه ابن حبان، وصححه الألباني.

طوبى ثم طوبى ثم طوبى لمن شرب من تلك الأنهار واغترف.

إلى أي شيء ينظرون؟
أهم ينظرون إلى الحور اللاتي وصفهن الله فقال: ﴿ وَعِنْدَهُمْ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ عِينٌ * كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَكْنُونٌ ﴾ [الصافات: 48، 49]، فيحار الطَّرْف من حسنهن وجمالهن؟!
حُورٌحِسانٌ قد كَملْن خلائقًا
ومحاسنًا من أجمل النسوانِ
حتى يحار الطَّرفُ في الحسن الذي
قد أُلبِسَت فالطَّرْفُ كالحيرانِ
ويقول لَمَّا أن يشاهدَ حُسنَها
سبحان معطي الحسنِ والإحسانِ!

إنها الحوراء التي أخبر عنها النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ((يُرى مخُّ ساقها من وراء لحمها من الحُسن)).
غادة ذات دلال ومرح
يجد الناعت فيها ما اقترحْ
زانها الله بوجه جمعت
فيه أوصاف غريبات المُلحْ
وبعين كحلها من غنجها
وبخد مسكه فيه رشحْ
ناعم تجري على صفحته
نظرة الملك ولألاء الفرحْ


إنها الحوراء التي أخبر النبي صلى الله عليه وسلم عنها بقوله: ((لو اطلعت على أهل الأرض لملأت ما بين المشرق والمغرب ريحًا))، لله تلك الرائحة الطيبة، فكيف بقربها ومؤانستها؟

إنها الحوراء الكاعب التي نهودها كالرمان، لا تتدلى أبدًا، كما وصفها الله فقال: ﴿ وَكَوَاعِبَ أَتْرَابًا ﴾ [النبأ: 33].

إنها الحوراء جميلة الملابس، قد أُلبِست سبعين حلة، فأي لون أردت أن تراه عليها رأيته! أما منديلها الذي تضعه على رأسها فيشع على وجهها نورًا وضياء؛ كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ((ولو اطلعت امرأة من نساء الجنة إلى الأرض لملأت ما بينهما ريحًا، ولأضاءت ما بينهما، ولنصيفها - يعني خمارها - على رأسها خير من الدنيا وما فيها))؛ رواه البخاري ومسلم.

وصفها القائل فقال:
ولله كم من خَيْرةٍ إن تبسَّمت
أضاء لها نورٌ من الفجر أعظمُ
فيا لذةَ الأبصارِ إن هي أقبلت
ويا لذة الأسماع حين تكلَّمُ
ويا خَجْلةَ الغُصنِ الرطيب إذا انثنَتْ
ويا خَجلةَ الفجرينِ حين تبسَّمُ

إنها الحوراء العروب المتحببة إلى زوجها بأجمل عبارات الوداد، وأحسن ألفاظ الحب والغرام، وصفها الله بقوله: ﴿ عُرُبًا أَتْرَابًا ﴾ [الواقعة: 37].

إنها الحوراءُ التي إذا اشتقتَ إلى سماع الغناء قامت تغني عند رأسك، وترقص وتتمايل، فتتحرك الأشجار لرقصها وغنائها، فتصدر صوتًا ما سمع مخلوق بمثله؛ كما أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن في الجنة سوقًا ما فيها بيع، ولا شراء... وإن فيها لمجتمعًا للحور العين، يرفعن بأصواتٍ لم ير الخلائق مثلها، يقلن: نحن الخالدات فلا نبيد، ونحن الراضيات فلا نسخط، ونحن الناعمات فلا نبؤس، فطوبى لمن كان لنا، وكنا لهو))؛ رواه ابن أبي شيبة بسند حسن لغيره.

وحدَّث رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقال: ((إن أزواج أهل الجنة ليغنين أزواجهن بأحسن أصواتٍ ما سمعها أحد قط، إن مما يغنين به:
نحن الخيرات الحسان، أزواج قومٍ كرام، ينظرون بقرة أعيان.

وإن مما يغنين به:
نحن الخالدات فلا نمتنه
نحن الآمنات فلا نخفنه
نحن المقيمات فلا نظعنه))؛ رواه الطبراني، وصححه الألباني.

يقول ابن القيم رحمه الله:
واهًا لذيَّاك السماع فإنه
مُلِئت به الأذنان بالإحسان
واهًا لذيَّاك السماع وطيبِه
من مثل أقمارٍ على أغصان
واهًا لذيَّاك السماع فكم به
للقلب من طربٍ ومن أشجان
واهًا لذيَّاك السماع ولم أقُلْ
ذيَّاك تصغيرًا له بلسان
ما ظن سامعه بصوتٍ أطيب ال
أصوات من حور الجنان حسان
نحن النواعمُ والخوالد خيِّرا
تٌ كاملات الحُسن والإحسان
لسنا نموت ولا نخاف وما لنا
سخط ولا ضِغن من الأضغان
طوبى لِمَن كنا له وكذاك طو
بى للذي هو حظنا لفظانِ
في ذاك آثار روين وذِكرها
في الترمذيِّ ومعجم الطبراني

إنها الحوراءُ التي وصفها الله بقوله: ﴿ إِنَّا أَنْشَأْنَاهُنَّ إِنْشَاءً * فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَارًا ﴾ [الواقعة: 35، 36]؛ أي: إنها كلما وُطِئَتْ عادَتْ بِكْرًا!

ويُجيب رسول الله صلى الله عليه وسلم من قال: أنطَأُ في الجنة؟ قال: ((نعم، والذي نفسي بيده، دَحْمًا دَحْمًا، فإذا قام عنها رجعت مطهَّرةً بِكرًا))؛ رواه ابن حبان، وصححه الألباني.

إنها الحوراء التي وصفها ابن القيم رحمه الله فقال: اللاتي جرى في أعضائهن ماءُ الشباب؛ فللورد والتفاح ما لبسته الخدود، وللرمان ما تضمنته النهود، وللؤلؤ المنظوم ما حوته الثغور، وللرقة واللطافة ما دارت عليه الخصور، تجري الشمس من محاسن وجهها إذا برزت، ويضيء البرق من بين ثناياها إذا ابتسمت، إذا قابلت حِبَّها فقل ما تشاء في تقابل النيرين، وإذا حادثته فما ظنك بمحادثة الحبيبين، يُرى وجهه في صحن خدها، ويرى مخ ساقها من وراء اللحم، لا يستره جلدها ولا عَظْمها ولا حللها، لو اطلعت على الدنيا لملأت ما بين الأرض والسماء ريحًا، ولاستنطقت أفواه الخلائق تهليلًا وتكبيرًا وتسبيحًا، ولتزخرف لها ما بين الخافقين، ولأغمضت عن غيرها كل عين، ولطمسَت ضوء الشمس كما تطمس الشمس ضوء النجوم، ولآمَن مَن على ظهرها بالله الحي القيوم، ونَصِيفها على رأسها خيرٌ من الدينا وما فيها.

إلى أي شيء ينظرون؟
أهم ينظرون إلى وجه ربهم جل وعلا؛ كما أخبرهم جل وعلا بقوله: ﴿ وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ * إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ ﴾ [القيامة: 22، 23].

ويصف رسول الله صلى الله عليه وسلم نظرهم إلى ربهم فيقول: ((إذا دخل أهل الجنة الجنة، يقول الله عز وجل: تريدون شيئًا أزيدكم؟ فيقولون: ألم تبيض وجوهنا؟ ألم تدخلنا الجنة وتنجنا من النار؟! قال: فيكشف الحجاب، فما أُعطُوا شيئًا أحب إليهم من النظر إلى ربهم))، ثم تلا هذه الآية: ﴿ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ ﴾ [يونس: 26]؛ رواه مسلم والترمذي والنسائي.

إن الذي يستعرض هذه الجولة التي أخذتها أعين المنعمين في الجنة يظهر له بوضوح قول الله جل وعلا: ﴿ فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [السجدة: 17]، وقول الله جل وعلا: ((أعددتُ لعبادي الصالحين ما لا عينٌ رأَتْ، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشرٍ))؛ رواه البخاري.

أخي، بعد هذه الجولة، ألا تمني نفسك أن تكون من أصحاب الأرائك والنضرة؟ ألا شوق يحدو الأرواح ويهيج المشاعر وينهض بالعزائم فيدفعها للمسارعة إلى التوبة والعمل والانطراح بين يدي الله، والإلحاح عليه في طلب الفوز بالجنان!

يا مَن يرسل عينه فيما حرم الله، بادِرْ بالتوبة إلى الله، ومَنِّها بهذا النظر، واعرِضْ عليها تلك المشاهد.

أسأل الله العلي العظيم، الحي القيوم، الواحد الأحد، الفرد الصمد، الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوًا أحد، البر الرحيم، أن يدخلنا الفردوس الأعلى من الجنة.


أ. شائع محمد الغبيشي