الأستاذة ام فيصل
09-04-2016, 08:31 PM
في الذكرى الـ١٣ لسقوط بغداد.. العراق إلى أين؟
تم إنشاءه بتاريخ السبت, 09 نيسان/أبريل 2016 14:24
قبل 13 عاما وتحديدا في التاسع من أبريل/نيسان 2003 سقط تمثال من البرونز لصدام حسين برافعة دبابة أميركية في ساحة الفردوس بقلب العاصمة العراقية بغداد وسط فرح جنوني بين بضع عشرات من العراقيين.
وقد أراد الجنود الأميركيون من إسقاط التمثال ولفه بالعلم الأميركي توجيه رسالة بسيطة للعراقيين، بأن أي مقاومة للاحتلال سيكون مآلها الفشل، أو هكذا استنتج محللون.
ومنذ ذلك تفرق العراقيون أيادي سبأ، فطوائف من الشيعة وأكراد ظنوا أن دخول الأميركيين إلى بغداد تحرير لهم، ورأى سنة فيه خسارتهم.
وفي أعقاب ذلك الغزو ما لبث أن طغى الحزن على العراقيين بمختلف شيعهم وطوائفهم وعرقياتهم، وكان بعضهم قد أطلق العنان لخياله باندياح فجر جديد من الديمقراطية والازدهار.
بيد أن كثيرين من العراقيين شبهوا سقوط بغداد هذه المرة بسقوطها في أيدي المغول بقيادة هولاكو عام 1259 حين كانت المدينة عاصمة الدولة العباسية.
فلم يكن التاسع من أبريل في ذلك العام سوى بداية لمأساة العراق الحقيقية وفصل من أكثر الفصول قتامة في تاريخ الشرق الأوسط الحديث.
كان العراقيون يحلمون ببلد يعمه الاستقرار والأمن والانتعاش الاقتصادي والتنمية الاجتماعية والاقتصادية بعد انهيار نظام حزب البعث، فاستحال الحلم كابوسا لم يفيقوا منه حتى الآن. فلا الأميركيون استطاعوا ترسيخ ديمقراطيتهم في البلد المحتل، ولا ساسة العراق أقاموا دولة القانون التي ما فتئوا يروجون لها.
لم يكن قرار حل الجيش العراقي الذي أصدره الحاكم المدني الأميركي في بغداد آنذاك بول بريمر، سوى بداية دوامة العنف التي قضت وما فتئت تقضي على الأخضر واليابس.
وانقسمت البلاد إلى كيانات أشبه بالكنتونات بين طوائف المجتمع الدينية والعرقية، واضطر مئات الألوف من السكان إلى النزوح عن مناطقهم نجاة بأنفسهم من عنف طاحن أو بفعل فاعل يريد تغييرا ديموغرافيا (سكانيا) للقرى والمدن والنجوع على أسس طائفية وعرقية.
وحصد العنف أرواح عشرات الألوف، وأقعد أضعافهم بإعاقات جسدية ونفسية، وترملت النساء وتيتم الأطفال.
وانتشرت المليشيات والجماعات المسلحة تحت أسماء تخفي طابعا طائفيا، كالحشد الشعبي ومجالس الصحوات. وبات الأكراد قاب قوسين أو أدنى من الانفصال رغم تصريحات بعض المسؤولين في الإقليم الذي يتمتع بحكم ذاتي.
وبات العراق اليوم تتنازعه أطماع دول إقليمية ودولية، وساحة لحروب بالوكالة، ونهبا لجماعات متطرفة كتنظيم الدولة الإسلامية الذي قضم أجزاء واسعة من البلاد بغية إقامة دولة الخلافة فيها.
أما على الجانب الاقتصادي والمعيشي، فقد تفاقم العوز في العراق بعد سقوط بغداد حتى بات أكثر من ربع سكان البلاد يعيشون تحت خط الفقر، حسب إحصاءات حكومية رسمية.
وتراجعت إيرادات الدولة رغم ارتفاع أسعار النفط خلال الفترة بين عامي 2006 و2014. أما السبب في ذلك فهو الفساد الذي استشرى.
فالبلد الذي كان يوما أحد أغنى الدول في المنطقة أمسى اليوم أسيرا لفساد سياسي ومالي انتشر في كل مفاصل الدولة ليضرب حتى بنياته الاجتماعية.
ولما بدأ الشعب في التململ، وتعالت أصوات تنادي باستئصال شأفة الفساد، تحركت قوى تتخوف من انفلات الأوضاع عن السيطرة، فكان أن حشد الزعيم الشيعي مقتدى الصدر قرب المنطقة الخضراء ببغداد لإرغام رئيس الوزراء حيدر العبادي على إجراء إصلاح شامل في حكومته.
واستجاب العبادي بأن تحرك لتشكيل وزارة جديدة من التكنوقراط لامتصاص الغضب الشعبي، تتنظر مصادقة مجلس النواب (البرلمان) عليها.
ويرى مراقبون أن أطفال العراق وشبابه فقدوا كل أمل في مستقبل أفضل، فقد رأى معظمهم النور وقد شاعت أعمال العنف من *** ونهب وسرقات.
وينحي هؤلاء باللائمة في الأساس على الولايات المتحدة التي فتحت بغزوها واحتلالها للعراق صندوق الشرور بكل ما يحتويه من فوضى أسفرت عن ملايين الضحايا بين من قُتل ومن عذب ومن أقعدتهم الإصابات، وأطفال تيتموا وافتقروا.
وكتبت الخليج أونلاين:
ذكرى ضياع العراق/ ١٣ عاماً من الموت البطيء وغياب الدولة
عثر على أسلحة الدمار الشامل أم لم يعثر، نسي العالم هذه الكذبة! فلم يعد الموضوع يذكر إلى جانب ما يعيشه العراق من أزمات في كل مفاصل ومكونات كيان الدولة وكينونتها، منذ احتلاله عام 2003 في مثل هذا اليوم، بحجة الأسلحة التي تهدد أمن العالم وسلامه؛ ما يزال البلد يعاني أزمة في اقتصاده، وثقافته، ومجتمعه، وسلامه الداخلي، فضلاً عن الحروب الدائرة حالياً فوق ترابه، وما ترتب عليها من خسائر فاقت خسائره إبان الغزو، وأعادت الاحتلال الأمريكي "منقذاً"، بعد أن خرج منها يجر توابيت ***اه مندحراً.
- تآمر واعتراف بالخطأ
بعد 13 عاماً من الغزو الأمريكي البريطاني للعراق، تظهر وثائق واعترافات أمريكية يصرّح بها علانية، بعد أن ترفع عنها السرية، أن غزو الولايات المتحدة للعراق افتقد إلى "معلومات محددة حول العديد من الجوانب الرئيسية بالبرنامج العراقي لأسلحة الدمار الشامل"، بحسب باحث أمريكي متخصص.
وتحمّل الوثيقة التي كشف عنها العام الماضي، الإدارة الأمريكية خلال هذه الفترة مسؤولية غزو العراق استناداً إلى معلومات "غير موثقة".
بريطانياً، وبكل بلادة، اعتذر رئيس وزرائها الأسبق، توني بلير، عن غزو بلاده العراق والإطاحة بالرئيس الراحل صدام حسين.
وقال بلير إنه ارتكب خطأ عندما قرر مع الرئيس الأمريكي السابق، جورج بوش، غزو العراق عام 2003، وذلك في أول اعتذار عن الحرب، خلال مقابلة متلفزة في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، على قناة "سي إن إن" الأمريكية.
من جهتها، وبحسب ما كشفت صحيفة النيويورك تايمز الأمريكية، فإن إيران كانت شريكة في التآمر على العراق وفق اتفاق سري بين واشنطن وطهران سبق الغزو الأمريكي، مشيرة إلى أنه ووفقاً لهذا الاتفاق حصلت أمريكا على تعهد إيراني بعدم إطلاق النار على الطائرات الأمريكية، في حال دخلت الأجواء الإيرانية.
ومن الواضح أن إيران وعت منذ اتضاح النيات الأمريكية للغزو، أن مكانها في العراق سيعد الأبرز وسط النفوذ الشيعي الحليف لها، إضافة إلى الدافعين إلى احتلال العراق من المعارضة العراقية في الغرب، والذين كان الشيعة أبرزهم، مثل المتوفى حديثاً أحمد الجلبي، والوزير الحالي المتهم بالفساد حسين الشهرستاني.
معلومات مغلوطة إذن، وخطأ متعمد، أوقعا البلاد في أتون حرب داخلية وصراع سلطة ونفوذ، حولها إلى دولة مليشيات، جلبت من المصائب ما أنهك شعباً بأكمله، بين التشريد والهجرة في الخارج، أو انعدام الأمن والفقر والنزوح داخلياً، إلى جانب الانعكاسات الإقليمية التي يتردد صداها في اليمن وسوريا اليوم.
- الاحتلال وولادة الإرهاب
ساهم احتلال العراق تدريجياً في نشوء التنظيمات المتطرفة والطائفية، وانتهت بظهور تنظيم "الدولة" الذي تصفه أمريكا قبل الجميع بالإرهابي.
ووفق الكاتب الأمريكي بينجامين نورتون، فإن الاحتلال الأمريكي وليس صدام حسين، كان السبب في ظهور تنظيم "الدولة" وصعود نجمه.
وأضاف في مقال له على موقع صالون الأمريكي، أن واشنطن بدأت عقب احتلال العراق بعملية اجتثاث البعث وحلت الحكومة العراقية تماماً، وبقيت طيلة السنوات التي تلت احتلالها العراق "تدعم حكومة استبدادية يقودها الشيعة والمليشيات الشيعية العنيفة والمتوحشة، التي دفعت البلاد إلى أتون حرب طائفية بين السنة والشيعة الذين عاشوا على الدوام كجيران".
- 13 عاماً من الضياع
يكفي نتائج الحرب وما أعقبها، أنها أدت إلى م*** قرابة مليون عراقي وفقاً لدراسة نشرتها منظمة طبية، وهو يعتبر تقديراً متحفظاً قياساً بالواقع.
أما النزوح، فهو أبرز سمات الحياة العراقية اليوم؛ فبسبب المعارك المستمرة والمتنقلة من مكان لآخر، تقول بعثة المنظمة الدولية للهجرة في العراق، إن عدد العراقيين الذين شردهم النزاع في العراق منذ بداية عام 2014، وصل إلى أكثر من ثلاثة ملايين وربع المليون نازح.
وأكدت المنظمة إن النازحين يمثلون أكثر من 500 ألف عائلة عراقية، وأن نسبة 80% من اللاجئين ينحدرون من ثلاثة محافظات هي الأنبار، ونينوى، وصلاح الدين، والتي يسيطر عليها تنظيم "الدولة".
أما المهاجرون واللاجئون في الخارج، فمع غياب إحصائية دقيقة لعددهم، تتحدث تقارير عن وصولهم لأربعة ملايين مهاجر، موزعين على دول العالم كافة.
ويمر العراق بأزمة مالية خانقة من جراء الانخفاض الكبير والمفاجئ في أسعار النفط المصدر للأسواق العالمية الذي بلغ أدنى مستوياته، إضافة إلى تكاليف الحرب على الإرهاب التي أنهكت الحكومة العراقية، وسط عجز حكومي عن اتخاذ أي تدابير وإجراءات ناجحة لسد العجز المالي والإفلاس الحكومي الذي تعيشه.
فنسبة العجز بلغت 30%؛ أي ما يعادل 29 تريليون دينار عراقي في موازنة 2015، وليس هناك حلول لتلافي هذا العجز إلا بتقليل الإنفاق. ويعترف رئيس الوزراء العراقي بأن موارد العراق انخفضت 60%، ويجب وضع ميزانية تتناسب مع ذلك، وهو ما تخطط الحكومة لاقتطاعه من رواتب المتقاعدين والموظفين في الدولة.
وفقد العراق من جراء ظهور تنظيم "الدولة"، قرابة ثلث مساحته، وأنهك الجيش العراقي في معارك فقد خلالها مئات من جنوده، إضافة إلى دمار مدن بأكملها، ففي مدينة الأنبار مثلاً، تتطلب إعادة إعمار الرمادي المدمرة بنسبة 80% من جراء عملية تحريرها من قبضة التنظيم، نحو 6 مليارات دولار.
ووسط عملية سياسية هشّة، ما يزال العراق يعيش أزمات سياسية وتهم فساد مستمرة، واتهامات لكبار مسؤولي الدولة بصلتهم باختفاء المليارات من ميزانية العراق، فضلاً عن صراع صلاحيات في مؤسسات الجيش، وانغماس المليشيات وتورطها في أعمال ال*** والتخريب الطائفي، في انتظار حكومة جديدة أطلق عليها "التكنوقراط" لإنقاذ ما تبقى من "ركام الوطن".
تم إنشاءه بتاريخ السبت, 09 نيسان/أبريل 2016 14:24
قبل 13 عاما وتحديدا في التاسع من أبريل/نيسان 2003 سقط تمثال من البرونز لصدام حسين برافعة دبابة أميركية في ساحة الفردوس بقلب العاصمة العراقية بغداد وسط فرح جنوني بين بضع عشرات من العراقيين.
وقد أراد الجنود الأميركيون من إسقاط التمثال ولفه بالعلم الأميركي توجيه رسالة بسيطة للعراقيين، بأن أي مقاومة للاحتلال سيكون مآلها الفشل، أو هكذا استنتج محللون.
ومنذ ذلك تفرق العراقيون أيادي سبأ، فطوائف من الشيعة وأكراد ظنوا أن دخول الأميركيين إلى بغداد تحرير لهم، ورأى سنة فيه خسارتهم.
وفي أعقاب ذلك الغزو ما لبث أن طغى الحزن على العراقيين بمختلف شيعهم وطوائفهم وعرقياتهم، وكان بعضهم قد أطلق العنان لخياله باندياح فجر جديد من الديمقراطية والازدهار.
بيد أن كثيرين من العراقيين شبهوا سقوط بغداد هذه المرة بسقوطها في أيدي المغول بقيادة هولاكو عام 1259 حين كانت المدينة عاصمة الدولة العباسية.
فلم يكن التاسع من أبريل في ذلك العام سوى بداية لمأساة العراق الحقيقية وفصل من أكثر الفصول قتامة في تاريخ الشرق الأوسط الحديث.
كان العراقيون يحلمون ببلد يعمه الاستقرار والأمن والانتعاش الاقتصادي والتنمية الاجتماعية والاقتصادية بعد انهيار نظام حزب البعث، فاستحال الحلم كابوسا لم يفيقوا منه حتى الآن. فلا الأميركيون استطاعوا ترسيخ ديمقراطيتهم في البلد المحتل، ولا ساسة العراق أقاموا دولة القانون التي ما فتئوا يروجون لها.
لم يكن قرار حل الجيش العراقي الذي أصدره الحاكم المدني الأميركي في بغداد آنذاك بول بريمر، سوى بداية دوامة العنف التي قضت وما فتئت تقضي على الأخضر واليابس.
وانقسمت البلاد إلى كيانات أشبه بالكنتونات بين طوائف المجتمع الدينية والعرقية، واضطر مئات الألوف من السكان إلى النزوح عن مناطقهم نجاة بأنفسهم من عنف طاحن أو بفعل فاعل يريد تغييرا ديموغرافيا (سكانيا) للقرى والمدن والنجوع على أسس طائفية وعرقية.
وحصد العنف أرواح عشرات الألوف، وأقعد أضعافهم بإعاقات جسدية ونفسية، وترملت النساء وتيتم الأطفال.
وانتشرت المليشيات والجماعات المسلحة تحت أسماء تخفي طابعا طائفيا، كالحشد الشعبي ومجالس الصحوات. وبات الأكراد قاب قوسين أو أدنى من الانفصال رغم تصريحات بعض المسؤولين في الإقليم الذي يتمتع بحكم ذاتي.
وبات العراق اليوم تتنازعه أطماع دول إقليمية ودولية، وساحة لحروب بالوكالة، ونهبا لجماعات متطرفة كتنظيم الدولة الإسلامية الذي قضم أجزاء واسعة من البلاد بغية إقامة دولة الخلافة فيها.
أما على الجانب الاقتصادي والمعيشي، فقد تفاقم العوز في العراق بعد سقوط بغداد حتى بات أكثر من ربع سكان البلاد يعيشون تحت خط الفقر، حسب إحصاءات حكومية رسمية.
وتراجعت إيرادات الدولة رغم ارتفاع أسعار النفط خلال الفترة بين عامي 2006 و2014. أما السبب في ذلك فهو الفساد الذي استشرى.
فالبلد الذي كان يوما أحد أغنى الدول في المنطقة أمسى اليوم أسيرا لفساد سياسي ومالي انتشر في كل مفاصل الدولة ليضرب حتى بنياته الاجتماعية.
ولما بدأ الشعب في التململ، وتعالت أصوات تنادي باستئصال شأفة الفساد، تحركت قوى تتخوف من انفلات الأوضاع عن السيطرة، فكان أن حشد الزعيم الشيعي مقتدى الصدر قرب المنطقة الخضراء ببغداد لإرغام رئيس الوزراء حيدر العبادي على إجراء إصلاح شامل في حكومته.
واستجاب العبادي بأن تحرك لتشكيل وزارة جديدة من التكنوقراط لامتصاص الغضب الشعبي، تتنظر مصادقة مجلس النواب (البرلمان) عليها.
ويرى مراقبون أن أطفال العراق وشبابه فقدوا كل أمل في مستقبل أفضل، فقد رأى معظمهم النور وقد شاعت أعمال العنف من *** ونهب وسرقات.
وينحي هؤلاء باللائمة في الأساس على الولايات المتحدة التي فتحت بغزوها واحتلالها للعراق صندوق الشرور بكل ما يحتويه من فوضى أسفرت عن ملايين الضحايا بين من قُتل ومن عذب ومن أقعدتهم الإصابات، وأطفال تيتموا وافتقروا.
وكتبت الخليج أونلاين:
ذكرى ضياع العراق/ ١٣ عاماً من الموت البطيء وغياب الدولة
عثر على أسلحة الدمار الشامل أم لم يعثر، نسي العالم هذه الكذبة! فلم يعد الموضوع يذكر إلى جانب ما يعيشه العراق من أزمات في كل مفاصل ومكونات كيان الدولة وكينونتها، منذ احتلاله عام 2003 في مثل هذا اليوم، بحجة الأسلحة التي تهدد أمن العالم وسلامه؛ ما يزال البلد يعاني أزمة في اقتصاده، وثقافته، ومجتمعه، وسلامه الداخلي، فضلاً عن الحروب الدائرة حالياً فوق ترابه، وما ترتب عليها من خسائر فاقت خسائره إبان الغزو، وأعادت الاحتلال الأمريكي "منقذاً"، بعد أن خرج منها يجر توابيت ***اه مندحراً.
- تآمر واعتراف بالخطأ
بعد 13 عاماً من الغزو الأمريكي البريطاني للعراق، تظهر وثائق واعترافات أمريكية يصرّح بها علانية، بعد أن ترفع عنها السرية، أن غزو الولايات المتحدة للعراق افتقد إلى "معلومات محددة حول العديد من الجوانب الرئيسية بالبرنامج العراقي لأسلحة الدمار الشامل"، بحسب باحث أمريكي متخصص.
وتحمّل الوثيقة التي كشف عنها العام الماضي، الإدارة الأمريكية خلال هذه الفترة مسؤولية غزو العراق استناداً إلى معلومات "غير موثقة".
بريطانياً، وبكل بلادة، اعتذر رئيس وزرائها الأسبق، توني بلير، عن غزو بلاده العراق والإطاحة بالرئيس الراحل صدام حسين.
وقال بلير إنه ارتكب خطأ عندما قرر مع الرئيس الأمريكي السابق، جورج بوش، غزو العراق عام 2003، وذلك في أول اعتذار عن الحرب، خلال مقابلة متلفزة في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، على قناة "سي إن إن" الأمريكية.
من جهتها، وبحسب ما كشفت صحيفة النيويورك تايمز الأمريكية، فإن إيران كانت شريكة في التآمر على العراق وفق اتفاق سري بين واشنطن وطهران سبق الغزو الأمريكي، مشيرة إلى أنه ووفقاً لهذا الاتفاق حصلت أمريكا على تعهد إيراني بعدم إطلاق النار على الطائرات الأمريكية، في حال دخلت الأجواء الإيرانية.
ومن الواضح أن إيران وعت منذ اتضاح النيات الأمريكية للغزو، أن مكانها في العراق سيعد الأبرز وسط النفوذ الشيعي الحليف لها، إضافة إلى الدافعين إلى احتلال العراق من المعارضة العراقية في الغرب، والذين كان الشيعة أبرزهم، مثل المتوفى حديثاً أحمد الجلبي، والوزير الحالي المتهم بالفساد حسين الشهرستاني.
معلومات مغلوطة إذن، وخطأ متعمد، أوقعا البلاد في أتون حرب داخلية وصراع سلطة ونفوذ، حولها إلى دولة مليشيات، جلبت من المصائب ما أنهك شعباً بأكمله، بين التشريد والهجرة في الخارج، أو انعدام الأمن والفقر والنزوح داخلياً، إلى جانب الانعكاسات الإقليمية التي يتردد صداها في اليمن وسوريا اليوم.
- الاحتلال وولادة الإرهاب
ساهم احتلال العراق تدريجياً في نشوء التنظيمات المتطرفة والطائفية، وانتهت بظهور تنظيم "الدولة" الذي تصفه أمريكا قبل الجميع بالإرهابي.
ووفق الكاتب الأمريكي بينجامين نورتون، فإن الاحتلال الأمريكي وليس صدام حسين، كان السبب في ظهور تنظيم "الدولة" وصعود نجمه.
وأضاف في مقال له على موقع صالون الأمريكي، أن واشنطن بدأت عقب احتلال العراق بعملية اجتثاث البعث وحلت الحكومة العراقية تماماً، وبقيت طيلة السنوات التي تلت احتلالها العراق "تدعم حكومة استبدادية يقودها الشيعة والمليشيات الشيعية العنيفة والمتوحشة، التي دفعت البلاد إلى أتون حرب طائفية بين السنة والشيعة الذين عاشوا على الدوام كجيران".
- 13 عاماً من الضياع
يكفي نتائج الحرب وما أعقبها، أنها أدت إلى م*** قرابة مليون عراقي وفقاً لدراسة نشرتها منظمة طبية، وهو يعتبر تقديراً متحفظاً قياساً بالواقع.
أما النزوح، فهو أبرز سمات الحياة العراقية اليوم؛ فبسبب المعارك المستمرة والمتنقلة من مكان لآخر، تقول بعثة المنظمة الدولية للهجرة في العراق، إن عدد العراقيين الذين شردهم النزاع في العراق منذ بداية عام 2014، وصل إلى أكثر من ثلاثة ملايين وربع المليون نازح.
وأكدت المنظمة إن النازحين يمثلون أكثر من 500 ألف عائلة عراقية، وأن نسبة 80% من اللاجئين ينحدرون من ثلاثة محافظات هي الأنبار، ونينوى، وصلاح الدين، والتي يسيطر عليها تنظيم "الدولة".
أما المهاجرون واللاجئون في الخارج، فمع غياب إحصائية دقيقة لعددهم، تتحدث تقارير عن وصولهم لأربعة ملايين مهاجر، موزعين على دول العالم كافة.
ويمر العراق بأزمة مالية خانقة من جراء الانخفاض الكبير والمفاجئ في أسعار النفط المصدر للأسواق العالمية الذي بلغ أدنى مستوياته، إضافة إلى تكاليف الحرب على الإرهاب التي أنهكت الحكومة العراقية، وسط عجز حكومي عن اتخاذ أي تدابير وإجراءات ناجحة لسد العجز المالي والإفلاس الحكومي الذي تعيشه.
فنسبة العجز بلغت 30%؛ أي ما يعادل 29 تريليون دينار عراقي في موازنة 2015، وليس هناك حلول لتلافي هذا العجز إلا بتقليل الإنفاق. ويعترف رئيس الوزراء العراقي بأن موارد العراق انخفضت 60%، ويجب وضع ميزانية تتناسب مع ذلك، وهو ما تخطط الحكومة لاقتطاعه من رواتب المتقاعدين والموظفين في الدولة.
وفقد العراق من جراء ظهور تنظيم "الدولة"، قرابة ثلث مساحته، وأنهك الجيش العراقي في معارك فقد خلالها مئات من جنوده، إضافة إلى دمار مدن بأكملها، ففي مدينة الأنبار مثلاً، تتطلب إعادة إعمار الرمادي المدمرة بنسبة 80% من جراء عملية تحريرها من قبضة التنظيم، نحو 6 مليارات دولار.
ووسط عملية سياسية هشّة، ما يزال العراق يعيش أزمات سياسية وتهم فساد مستمرة، واتهامات لكبار مسؤولي الدولة بصلتهم باختفاء المليارات من ميزانية العراق، فضلاً عن صراع صلاحيات في مؤسسات الجيش، وانغماس المليشيات وتورطها في أعمال ال*** والتخريب الطائفي، في انتظار حكومة جديدة أطلق عليها "التكنوقراط" لإنقاذ ما تبقى من "ركام الوطن".