العشرى1020
18-08-2016, 02:41 PM
فى الوقت الذى تسعى فيه الدولة لإنعاش سوق الاستثمار، لاتزال يد القبائل هى العليا فى المناطق الاستثمارية، فهى تدعى أنها الحارس على تلك الأراضى، ولا بد للمستثمر الجديد أن «يدفع» حتى يستمر مشروعه، وهى ما يطلق عليه كبار القبائل مقابل خفرة أو حراسة، بينما يسميه المستثمرون إتاوات.
يجبر المستثمر فى حالات كثيرة على دفع مقابل مادى للحراسات حتى وإن كانت لدى صاحب المصنع أو الأرض الحراسة الخاصة به، علاوة على إجباره على القبول بتوريد المواد الخام إليه بأسعار مرتفعة، نظير عدم تعرض أحد له بالمناطق الصحرواية.
الصفقة تبدأ عندما يسعى أحد المستثمرين لشراء أى قطعة أرض بالظهير الصحروى للاستثمار فيها، فى هذا التوقيت يأتيه أفراد القبائل ليخبروه بأنهم ورثوا هذه الأرض عن أجدادهم، ولا بد له أن «يدفع» للاستمرار فيها، هذا إلى جانب الثمن الذى سدده للدولة.
وبعد قبول المستثمر مرغماً، يبدأ التفاوض على صفقة جديدة يجبر بموجبها على قبول طلب توفير الحراسة لهذا المكان مقابل مبلغ مالى، يسدد شهريا أو أسبوعيا حسب الاتفاق، كما يكون المستثمر أمام أمر آخر، إذ عليه الموافقة بتوريد مواد البناء إليه بأسعار تقدرها أفراد القبيلة.
ورغم توصل الشركات الصناعية فى السويس وجنوب سيناء فى مايو الماضى إلى حل مع القبائل، هناك تمثل فى تقنين أوضاعهم وإنشاء شركات حراسة فى إطار القانون قائم بالتراضى بين الطرفين، إلا أن كثيرا من المحافظات والمناطق الاستثمارية لا زالت تخضع لـ«إتاوات القبائل».
ويظهر الرصد الذى قامت به «اليوم السابع» أن 11 قبيلة هى المسيطر على زمام الأمور فى المناطق الصحراوية الاستثمارية بجميع أنحاء الجمهورية، أشهرها قبيلتى القطعان والمجمعات فى السلوم، وأولاد على فى مطروح إذ تفرض هذه العائلة سيطرتها حتى وادى النطرون، وبداية من وادى النطرون وصولاً للواحات والفيوم، تسيطر عائلات الربايع وأولاد سليمان والجدتفا والجوابيس، وفى الإسماعلية تسيطر قبيلة الحواطات والمعاذة والترابين والميزينية، وفى أكتوبر وعلى امتداد الطريق الصحروى فى مناطق أبورواش والمنصورية تسيطر قبائل أولاد سليمان والجداتفا والربايع.
المهندس داكر عبد اللاه، رئيس لجنة التشيد بالاتحاد العربى للمجتمعات العمرانية الجديدة، يعترف بأنه يدفع مبالغ مالية ضخمة للقبائل عن كل المشروعات التى تخضع لشركته، فى مقابل حراسات، مشيراً إلى أنه فى حال عدم الدفع تختفى المعدات أو مواد البناء من مقر المشروع، لذا فهو يعتبر ما يدفعه «إتاوات ونصب ممنهج» مضطر إليه.
يقول داكر لـ«اليوم السابع»: إن الاتحاد تلقى عشرات الشكاوى من شركات تعمل فى الظهير الصحروى للقاهرة وضواحيها علاوة على عشرات الشركات فى مختلف المناطق الصناعية الجديدة أو الخاصة بمشروعات البناء، تؤكد تعرضهم لهذا النوع من الابتزاز، وفى حال تأخر أو رفض أحد منهم الدفع، فإن معداته تختفى وعند محاولتهم الاستعانة بالأمن تكون الإجابة: «اتفقوا معاهم بشكل ودى».
رئيس لجنة التشيد بالاتحاد العربى للمجتمعات العمرانية الجديدة، يقول أيضاً: إن «الإتاوت» يتم دفعها شهريا وتصل إلى 50 ألف جنيه أو تزيد بحسب حجم الاستثمار، مؤكداً أن الأمر لا ينحصر فى الإتاوات بل يمتد لفرض دخول هذه القبائل فى مقاولات من الباطن أو بيع المواد الخام للمستثمر بأسعار مرتفعة، وهو ما يحدث فى مدينة السادس من أكتوبر وبرج العرب والعاشر من رمضان ومدينة بدر والقاهرة الجديدة وخليج السويس والمنيا والشيخ زايد وكل الأطراف الصحرواية للقاهرة والجيزة.
وكشف أنه أرسل خطابات إلى رئيس الجمهورية ووزير الداخلية ووزير الدفاع ووزير الإسكان ورئيس مجلس النواب، شرح لهم فيها الأبعاد كاملة، بما فيها أن الداخلية لا تستطيع ردع القبائل، بحجة أنهم يساعدونها فى القبض على الخارجين عن القانون والهاربين بالمناطق الصحرواية وكأن ما يفعلونه ليس خروجاً عن القانون ولا يضر الاستثمارات فى هذه البلد، خصوصا أنهم لا يفرضون الإتاورت على الشركات فقط، بل على استثمارات الأفراد كالمهندسين والأطباء، حسب قوله.
لكن الشيخ حامد عوده سليم هو من أفراد إحدى القبائل بمدينة بدر، يقول: إن الخفرة تقسم بين العائلات على مستوى قبائل العرب ككل فى كل أنحاء الجمهورية، مشيراً إلى أن كل شخص له مكانه « هذا ما ورثناه عن الأجداد».
يقول عوده: إن تحديد المقابل للخفره يتوقف على الاجتهاد وبحسب حجم المشروع، لكنه نفى أن يكون للقبيلة مقابل مادى عند بيع وشراء الأرض فى المناطق الصناعية، لكن فى مناطق صحراوية أخرى، يضع أفراد آخرون أيديهم على الأرض، وعندما يأتى مشترى يحصلون منه على مقابل رمزى بالتراضى لإخلاء الأرض.
ويعرف عوده التراضى بالقانون الحاكم للخفرة بين المستثمر والقبلية، وفى حال نشأ خلاف، يجلس المستثمر وأفراد القبائل لدى أحد كبار العائلات المختصين بالمجالس العرفية لحل الأمر.
واختتم قائلا: «قبل أن تأتى المشروعات كنا عايشين على الله ونفس التقسيم، عندما كانت الأراضى صحراء وورثناها عن جدودنا».
حامد السعيد شيخ آخر يقيم فى صحراء أكتوبر، يقول: إن الأراضى الصحرواية على مستوى الجمهورية عبارة عن أحواذ أو زمام قسمها الأجداد، ويتوارثها الأجيال الجديدة، وفى حال ظهرت منطقة جديدة يذهب إليها كبار العائلات، ويتم تقسيمها بين العائلات، وهو ما يعرف بـ«قانون تقسيم الأراضى بين العائلات فى الجمهورية كلها».
ويقول السعيد: إن هذه القبائل تحل مشاكلها بنفسها، ويرون أن من يقع فى مشكلة ويذهب للحكومة ضعيفا، لأن القبائل لديها حكام عرفون يعتمدون على العادات والتقاليد، لكن مع الغريب تبدأ المعاملات ببيع الأرض كوضع يد، ثم يحدث اتفاق على راتب شهرى مقابل الحراسة، ويكون هذا الاتفاق بعقد، وفى حال أخل المستثمر بالاتفاق يتم وقف المشروع والاستعانة بآخر للحصول على الأرض، بعد أن يأخذ الأول أموالا ويرحل، وهذا فى قانون العائلات المحترمة، لكن هناك عائلات أخرى تجعله يرحل ولا يحصل حتى على أمواله، شرط أن يكون المستثمر هو المخطئ.
ورداً على فكرة الإجبار قال السعيد: إنهم فى أرضهم التى ورثوها هم أولى بالتوريد إلى المشروعات، لكن أصحاب الشركات يشعرون بالغيرة لأننا نورد كل شىء، ونمتلك زمام الأمور لهذا يسيئون لنا، «وسيدنا عمر بن الخطاب قال: استعينوا فى البلاد بأهلها»، مشيراً إلى أن سعر الخفرة يحدده حجم المشروع».
الخبير الأمنى اللواء فاروق حامد، يرى أن اتهام الشرطة بالمشاركة فى مثل هذه الأمور، لا أساس له من الصحة، إذ إن إمكانات الوزارة والأعباء الإضافية عليها لا تسمح لها بالسيطرة الكاملة على هذه الأماكن الصحراوية لذا تترك الأمر لكبار القبائل.
حامد يرى أيضاً أن الحل لتقنين هذه المشكلة هو تعليم العربان الطريق للقانون وإدخالهم فى الحياة المدنية، حيث إن هذه الظاهرة منتشرة فى أماكن متعددة، مشيراً إلى أن العربان يعتبرونها وظيفتهم، فى حين يعتبرها غيرهم بلطجة.
يجبر المستثمر فى حالات كثيرة على دفع مقابل مادى للحراسات حتى وإن كانت لدى صاحب المصنع أو الأرض الحراسة الخاصة به، علاوة على إجباره على القبول بتوريد المواد الخام إليه بأسعار مرتفعة، نظير عدم تعرض أحد له بالمناطق الصحرواية.
الصفقة تبدأ عندما يسعى أحد المستثمرين لشراء أى قطعة أرض بالظهير الصحروى للاستثمار فيها، فى هذا التوقيت يأتيه أفراد القبائل ليخبروه بأنهم ورثوا هذه الأرض عن أجدادهم، ولا بد له أن «يدفع» للاستمرار فيها، هذا إلى جانب الثمن الذى سدده للدولة.
وبعد قبول المستثمر مرغماً، يبدأ التفاوض على صفقة جديدة يجبر بموجبها على قبول طلب توفير الحراسة لهذا المكان مقابل مبلغ مالى، يسدد شهريا أو أسبوعيا حسب الاتفاق، كما يكون المستثمر أمام أمر آخر، إذ عليه الموافقة بتوريد مواد البناء إليه بأسعار تقدرها أفراد القبيلة.
ورغم توصل الشركات الصناعية فى السويس وجنوب سيناء فى مايو الماضى إلى حل مع القبائل، هناك تمثل فى تقنين أوضاعهم وإنشاء شركات حراسة فى إطار القانون قائم بالتراضى بين الطرفين، إلا أن كثيرا من المحافظات والمناطق الاستثمارية لا زالت تخضع لـ«إتاوات القبائل».
ويظهر الرصد الذى قامت به «اليوم السابع» أن 11 قبيلة هى المسيطر على زمام الأمور فى المناطق الصحراوية الاستثمارية بجميع أنحاء الجمهورية، أشهرها قبيلتى القطعان والمجمعات فى السلوم، وأولاد على فى مطروح إذ تفرض هذه العائلة سيطرتها حتى وادى النطرون، وبداية من وادى النطرون وصولاً للواحات والفيوم، تسيطر عائلات الربايع وأولاد سليمان والجدتفا والجوابيس، وفى الإسماعلية تسيطر قبيلة الحواطات والمعاذة والترابين والميزينية، وفى أكتوبر وعلى امتداد الطريق الصحروى فى مناطق أبورواش والمنصورية تسيطر قبائل أولاد سليمان والجداتفا والربايع.
المهندس داكر عبد اللاه، رئيس لجنة التشيد بالاتحاد العربى للمجتمعات العمرانية الجديدة، يعترف بأنه يدفع مبالغ مالية ضخمة للقبائل عن كل المشروعات التى تخضع لشركته، فى مقابل حراسات، مشيراً إلى أنه فى حال عدم الدفع تختفى المعدات أو مواد البناء من مقر المشروع، لذا فهو يعتبر ما يدفعه «إتاوات ونصب ممنهج» مضطر إليه.
يقول داكر لـ«اليوم السابع»: إن الاتحاد تلقى عشرات الشكاوى من شركات تعمل فى الظهير الصحروى للقاهرة وضواحيها علاوة على عشرات الشركات فى مختلف المناطق الصناعية الجديدة أو الخاصة بمشروعات البناء، تؤكد تعرضهم لهذا النوع من الابتزاز، وفى حال تأخر أو رفض أحد منهم الدفع، فإن معداته تختفى وعند محاولتهم الاستعانة بالأمن تكون الإجابة: «اتفقوا معاهم بشكل ودى».
رئيس لجنة التشيد بالاتحاد العربى للمجتمعات العمرانية الجديدة، يقول أيضاً: إن «الإتاوت» يتم دفعها شهريا وتصل إلى 50 ألف جنيه أو تزيد بحسب حجم الاستثمار، مؤكداً أن الأمر لا ينحصر فى الإتاوات بل يمتد لفرض دخول هذه القبائل فى مقاولات من الباطن أو بيع المواد الخام للمستثمر بأسعار مرتفعة، وهو ما يحدث فى مدينة السادس من أكتوبر وبرج العرب والعاشر من رمضان ومدينة بدر والقاهرة الجديدة وخليج السويس والمنيا والشيخ زايد وكل الأطراف الصحرواية للقاهرة والجيزة.
وكشف أنه أرسل خطابات إلى رئيس الجمهورية ووزير الداخلية ووزير الدفاع ووزير الإسكان ورئيس مجلس النواب، شرح لهم فيها الأبعاد كاملة، بما فيها أن الداخلية لا تستطيع ردع القبائل، بحجة أنهم يساعدونها فى القبض على الخارجين عن القانون والهاربين بالمناطق الصحرواية وكأن ما يفعلونه ليس خروجاً عن القانون ولا يضر الاستثمارات فى هذه البلد، خصوصا أنهم لا يفرضون الإتاورت على الشركات فقط، بل على استثمارات الأفراد كالمهندسين والأطباء، حسب قوله.
لكن الشيخ حامد عوده سليم هو من أفراد إحدى القبائل بمدينة بدر، يقول: إن الخفرة تقسم بين العائلات على مستوى قبائل العرب ككل فى كل أنحاء الجمهورية، مشيراً إلى أن كل شخص له مكانه « هذا ما ورثناه عن الأجداد».
يقول عوده: إن تحديد المقابل للخفره يتوقف على الاجتهاد وبحسب حجم المشروع، لكنه نفى أن يكون للقبيلة مقابل مادى عند بيع وشراء الأرض فى المناطق الصناعية، لكن فى مناطق صحراوية أخرى، يضع أفراد آخرون أيديهم على الأرض، وعندما يأتى مشترى يحصلون منه على مقابل رمزى بالتراضى لإخلاء الأرض.
ويعرف عوده التراضى بالقانون الحاكم للخفرة بين المستثمر والقبلية، وفى حال نشأ خلاف، يجلس المستثمر وأفراد القبائل لدى أحد كبار العائلات المختصين بالمجالس العرفية لحل الأمر.
واختتم قائلا: «قبل أن تأتى المشروعات كنا عايشين على الله ونفس التقسيم، عندما كانت الأراضى صحراء وورثناها عن جدودنا».
حامد السعيد شيخ آخر يقيم فى صحراء أكتوبر، يقول: إن الأراضى الصحرواية على مستوى الجمهورية عبارة عن أحواذ أو زمام قسمها الأجداد، ويتوارثها الأجيال الجديدة، وفى حال ظهرت منطقة جديدة يذهب إليها كبار العائلات، ويتم تقسيمها بين العائلات، وهو ما يعرف بـ«قانون تقسيم الأراضى بين العائلات فى الجمهورية كلها».
ويقول السعيد: إن هذه القبائل تحل مشاكلها بنفسها، ويرون أن من يقع فى مشكلة ويذهب للحكومة ضعيفا، لأن القبائل لديها حكام عرفون يعتمدون على العادات والتقاليد، لكن مع الغريب تبدأ المعاملات ببيع الأرض كوضع يد، ثم يحدث اتفاق على راتب شهرى مقابل الحراسة، ويكون هذا الاتفاق بعقد، وفى حال أخل المستثمر بالاتفاق يتم وقف المشروع والاستعانة بآخر للحصول على الأرض، بعد أن يأخذ الأول أموالا ويرحل، وهذا فى قانون العائلات المحترمة، لكن هناك عائلات أخرى تجعله يرحل ولا يحصل حتى على أمواله، شرط أن يكون المستثمر هو المخطئ.
ورداً على فكرة الإجبار قال السعيد: إنهم فى أرضهم التى ورثوها هم أولى بالتوريد إلى المشروعات، لكن أصحاب الشركات يشعرون بالغيرة لأننا نورد كل شىء، ونمتلك زمام الأمور لهذا يسيئون لنا، «وسيدنا عمر بن الخطاب قال: استعينوا فى البلاد بأهلها»، مشيراً إلى أن سعر الخفرة يحدده حجم المشروع».
الخبير الأمنى اللواء فاروق حامد، يرى أن اتهام الشرطة بالمشاركة فى مثل هذه الأمور، لا أساس له من الصحة، إذ إن إمكانات الوزارة والأعباء الإضافية عليها لا تسمح لها بالسيطرة الكاملة على هذه الأماكن الصحراوية لذا تترك الأمر لكبار القبائل.
حامد يرى أيضاً أن الحل لتقنين هذه المشكلة هو تعليم العربان الطريق للقانون وإدخالهم فى الحياة المدنية، حيث إن هذه الظاهرة منتشرة فى أماكن متعددة، مشيراً إلى أن العربان يعتبرونها وظيفتهم، فى حين يعتبرها غيرهم بلطجة.