مشاهدة النسخة كاملة : قصة صعود الأقلية الطائفية ... سوريا نموذجًا


ndeem55
14-09-2011, 12:52 PM
قصة صعود الأقلية الطائفية... سوريا نموذجًا
السبت 10 سبتمبر 2011

http://38.121.76.242/memoadmin/media//version4_Basharelasad_340_309_.jpg





بقلم: شريف عبد العزيز الزهيري
shabdaziz************* (http://208.66.70.165/ismemo/mailto:shabdaziz*************)

ـ أكثر من خمسة آلاف قتيل وعشرين ألف جريح ومثلهم في عداد المفقودين، هذه هي الحصيلة التقريبية لضحايا الثورة السورية المباركة التي انطلقت في شهر مارس الماضي حتى الآن، وهي الثورة الأكثر دموية ووحشية بين ثورات المنطقة، وإن كانت ثورة ليبيا أكثر ضحايا، إلا أن ثورة سوريا كانت أكثر بشاعة وشناعة، فمشاهد ال*** المروعة، وآثار ال***** الوحشية على الضحايا حتى الصغار منهم والأطفال مزقت قلوب الناس في كل مكان، وحركت كثيرًا من المؤسسات والهيئات المنددة بهذا العدوان البربري على العزَّل الأبرياء.
ــ هذه الوحشية والقسوة المفرطة التي تتعامل بها الأجهزة الأمنية وأفراد الجيش والمجرمون المرتزقة أو ما يعرف بالبلطجية الشبيحة مع أفراد الشعب العزَّل الأبرياء المطالبين بالحرية والعدالة مثار استغراب واستنكار الجميع؛ إذ كيف يقدم رجل أمن على فعل هذه الشناعات والجرائم بحق أخيه في الوطن والعروبة والدين؟! وكيف يتجرد إنسان من أدنى مشاعر الإنسانية والبشرية ويستحيل سفاحًا مجنونًا ي*** بلا عقل ولا تمييز؟! ولكن عندما نعرف البعد الحقيقي في المجازر والسلاخانات البشرية السورية يزول هذا العجب، فال*** في سوريا شأنه شأن ال*** في العراق وإيران وغيرها من الدول التي يحكم فيها الطائفيون، فال*** وال*** فيها دائمًا وأبدًا على الهوية والطائفة؟ والضحية فيها دائمًا وأبدًا هم أهل السنة.
ـ ما يجري في سوريا الآن هو حصاد طبيعي لحكم الأقليات، فما من بلد تحكمه الأقلية إلا وإننا نجده بلدًا مضطربًا ثائرًا أبعد ما يكون عن الاستقرار؛ وذلك لأن حكم الأقلية حكم غير طبيعي، جاء بدعم خارجي وبعيدًا عن الديمقراطية واختيار الشعب؛ لأن أي شعب على وجه الأرض إذا اختار بنزاهة وحرية فسوف يختار حكومةً وحاكمًا من الأغلبية، وهذا أمر اتفق عليه العقلاء في كل زمان ومكان؛ لذلك عندما تحكم الأقلية فإنها تستبد وتطغى وتفعل كل الموبقات من أجل البقاء في سدة الحكم والحفاظ على مكتسبات طائفتها وأصل وجودها وسط بحر الأغلبية المتلاطم.
ــ سوريا من أوضح الأمثلة على حكم الأقلية ولكنها فاقت غيرها من الأقليات بكونها أقلية طائفية شديدة التعصب، ظلت لقرون تتربص بالمسلمين (الأغلبية) الدوائر، الأقلية الطائفية الحاكمة في سوريا هي الطائفة النصيرية أتباع محمد بن نصير الذي عاصر ثلاثة من أئمة الشيعة الجعفرية؛ علي الهادي (العاشر)، والحسن العسكري (الحادي عشر) والموهوم محمد بن الحسن (الاثنى عشر)، وقد زعم ابن نصير أنه الباب إلى الإمام الحسن العسكري، والحجة من بعده، ووارث علمه، والمرجع للشيعة من بعده، وإن صفة المرجعية والبابية بقيت معه بعد غيبة الإمام المهدي، ثم ادعى بعدها النبوة والرسالة وغلا في حق الأئمة إذ نسبهم إلى الإلوهية.
ــ عقائد النصيرية خليط من عقائد وثنية وشركية وسماوية محرفة، فهي بمثابة كوكتيل أديان وخرافات، استمدوا معتقداتهم من الوثنية القديمة، فقدسوا الكواكب والنجوم وجعلوها مسكنًا لأمير المؤمنين علي رضي الله عنه، ونقلوا عن الأفلاطونية نظرية الفيض النوراني على الأشياء، وأخذوا عن النصرانية عقيدة التثليث فزعموا بأن الله ذات أحدية مركبة من ثلاث أصول لا تتجزأ وهي "المعنى والاسم والباب" كما أخذوا عن المجوس ونقلوا فكرة التناسخ والحلول عن المعتقدات الهندية، كما أن لديهم بعض معتقدات الشيعة الجعفرية؛ لذلك حكم عليهم أهل العلم بالكفر والردة عن الدين، وقال فيهم ابن تيمية رحمه الله مقالته الشهيرة: "هؤلاء القوم المسمون بالنصيرية هم وسائر أصناف القرامطة الباطنية أكفر من اليهود والنصارى، بل وأكفر من كثير من المشركين، وضررهم أعظم من ضرر الكفار المحاربين".
ــ سكنت الطائفة النصيرية شمال الشام وموطنهم جبل النصيرية، وتمتد بلادهم من الشرق إلى سهل حماه وحمص وحلب، ومن الشمال إلى ما وراء أنطاكية على حدود بلاد الأناضول، وهم بذلك يشكلون أقليةً كبيرةً في كلٍّ من سوريا وتركيا، وأقليةً صغيرةً في شمال لبنان، وكانوا يعيشون في عزلة تامة عن محيطهم الإقليمي والوطني إلى زوال الدولة العثمانية.
ـ جاء الفرنسيون ومعهم عهد الانتداب واتفاقيات التقسيم وتكريس الهيمنة، فشهد النصيريون طفرةً كبرى في وجودهم وكيانهم الطائفي، بداية أطلق الفرنسيون عليهم اسم "العلويون" للتعمية على اسمهم الحقيقي الدال على طائفتهم وعقائدهم، وأقطع الفرنسيون النصيريين منطقة "جبال اللاذقية" لتكون وطنًا خاصًّا بهم وذلك سنة 1920، وشجعوا ظهور الأفكار الضالة بينهم، فتبنوا دعوة سليمان المرشد راعي الأبقار الذي ادعى الربوبية وتسبب في فتنة كبيرة في سوريا ومازال له أتباع حتى الآن يعرفون بـ "المواخسة".
ــ الهدف الأساسي لعهد الاحتلال الأوروبي هو تفتيت الأمة الإسلامية وتمزيق المنطقة العربية؛ وذلك بأداة شديدة الفعالية هي ورقة الأقليات وخاصة الطائفية منها، فأسوء مكون وخليط للفوضى والاضطراب هو خليط الأقلية العددية مع الطائفية الموتورة الحاقدة، المشحونة بحقد السنيين، والمدفوعة برغبة عارمة للانتقام والفتك، ومن أجل تحقيق هذا الهدف أقدم النصيريون على إعادة تعديل عقائدهم وأفكارهم ومبادئهم من أجل النهوض والسيطرة والقبض على مقاليد الحكم في سوريا، فأخفوا كل مستبشع فيها، وعدوا أنفسهم من جملة فرق الشيعة.
ــ لقد أدت دويلة النصيريين "العلويين" دورها المرسوم والمعد له سلفًا من قبل الفرنسيين، في تأسيس جيش وشرطة وإداريين وقضاة من العلويين، حتى إذا حان موعد الانتقال لمرحلة الوثوب على سوريا كلها، تم حل الدولة النصيرية في اللاذقية سنة 1936، ودمجت الكوادر النصيرية المدربة والمعدة سلفًا لهذا الدور في أركان الدولة الجديدة، وخرجت فرنسا بعد أن اطمأنت إلى غرسها في مفاصل الدولة الجديدة، وبعد أن نجحت في اقتطاع لبنان من جسد سوريا الكبير لتكون وطنًا للنصارى الموارنة، ثم كان لفرنسا اليد الطولى في الترتيبات لإنشاء حزب البعث، وهذا الحزب أيضًا أدى دوره في استمرار سيطرة النصيريين، على مفاصل الدولة وقهر الشعب وظلمه، وهو الحزب الذي انخدع بشعاراته الكذابة البراقة كثير من أبناء المسلمين فوقعوا في حبائله وصاروا من حيث لا يعلمون أعوانًا للشيطان وأخبث خلق الله - النصيريين والصليبيين -.
ــ وتحت غطاء الحزب تأسست منظمة عسكرية سرية ضمن الجيش السوري وجمعت ثلاثة ضباط علويين وإسماعيليين ثم أضيف إليهم درزي، ويا له من خليط ضم ألد أعداء الإسلام، فالعلويون هم: علي عمران، وصلاح شديد، وحافظ الأسد، والإسماعيليان هما: عبد الكريم الجندي وأحمد المير، والخمسة من منطقة جبال العلويين، والدرزي سليم حاطوم؛ هذه اللجنة قادت انقلاب حزب البعث في سوريا ثم في إدارة الدولة عبر واجهات سنية مجرمة مغفلة كأمين الحافظ ولكن إلى حين.
ـ استعملت اللجنة العسكرية ألعوبتها أمين الحافظ وكان وزيرًا للداخلية في قمع الوطنيين والإسلاميين وخاض في دماء الأبرياء ـ مثلما يحدث الآن ــ وحدثت م***ة 1963 الشهيرة والتي أدت إلى إنهاء دور المعارضة الوطنية والإسلامية ومكنت لحزب البعث، وفي غضون أربعة أشهر استطاع الأسد وزملاؤه في اللجنة أن يقضوا على كل مقاومة منظمة لحكمهم الذي مارسوه من وراء الستار.
ـ بعد ذلك بدأ الأسد في التخلص من خصومه واحدًا بعد الآخر، فأقصى أمين الحافظ نفسه وعلي عمران أحد ضباط اللجنة حيث سبق له أن اختلف مع الأسد بسبب سياسة القمع، وبعد أشهر أطاح بسليم حاطوم الدرزي الوحيد في اللجنة العسكرية، ومن منفاه في الأردن أعلن عن شجبه للتطلعات العلوية وطموحاتها في السيطرة الكاملة، ولكن لم يفد ذلك في وقف طموحات الأسد الذي انفرد بالسلطة تمامًا، بعد أن تخلص من رفاقه تحت مسمى الحركة التصحيحية.
ـ وعندما نشر دستور سوريا في أول سنة 1973 ثارت الاحتجاجات؛ لأن الوثيقة الجديدة حذفت فقرة ديانة الرئيس، وكانت تنص في كل الدساتير السابقة على كونه مسلمًا سنيًّا، وكان أهل سوريا يعدون النصيريين من غير أهل القبلة، وعندها لجأ الأسد إلى صديقه الزعيم الشيعي "موسى الصدر" رئيس المجلس الشيعي الأعلى في لبنان، الذي أصدر فتوى تعد الأولى من نوعها في تاريخ الشيعة الجعفرية: أن "النصيريين العلويين حقًّا طائفةٌ من المسلمين الشيعة"، وكان "موسى الصدر" صديقًا حميمًا وحليفًا سياسيًّا للأسد، وقد مكنه بفضل فتواه من مواجهة منتقديه السنة. وفي المقابل أطلق يد إيران في إعادة تشييع الطائفة العلوية في سوريا.
ــ فلقد أرسلت إيران أحد آياتها وهو "الشيرازي" للتأكد من عقائد النصيرية، وقد اجتمع مع قادة النصيرية، وأعلن بنتيجة اللقاء بيانًا يبدو سياسيًّا أكثر منه دينيًّا، فقد اعتبر كل الفرق المظلومة خلال ثلاثة عشر قرنًا من حكم الدولة السنية فرقًا شيعية بالضرورة وأنه مع كل المظلومين.
وهكذا نشأ التحالف الطائفي الكبير الذي يجلس على رأسه مرشد إيران الولي الفقيه كما يزعمون، وعلى يمينه نظام النصيريين العلويين في سوريا، وعلى يساره الأقليات الشيعية التي تبث الفوضى والاضطرابات في كل مكان في البحرين وفي لبنان وفي اليمن والكويت والسعودية، إنها أوراق ودمى تجتمع بيد الولي الفقيه، في حركة واسعة لتصدير الثورة، وإثارة الفتن، والفتك بأهل السنة في كل مكان.
ــ هذه كانت قصة صعود الأقلية الطائفية إلى سدة الحكم في سوريا، قصة مليئة بالتآمر والدسائس والدماء وال*** والتعاون مع الاحتلال وموالاة الطوائف المعادية للمسلمين؛ لذلك لم يكن مستغربًا أبدًا هذه الوحشية والإصرار العاتي على مواجهة أية مطالب تؤدي للتخلص من حكم هذه الطائفة، فالأسد الصغير لا يدافع عن حكمه أو سلطانه بقدر ما يدافع عن كيانه ووجوده وأقليته الطائفية؛ لذلك وجب الحذر من أية تسوية تبقي هذه الطائفة المذمومة في سدة الحكم في البلاد، أو تلتف مثل الثعبان لتندمج في صفوف المعارضة؛ لأن بقاء هذه الطائفة الأقلية في الحكم ما هو إلا نذير بال*** المستمر للمسلمين وأهل السنة في سوريا.