الأستاذة ام فيصل
29-12-2016, 02:09 PM
https://up.harajgulf.com/do.php?img=1377688 (http://GulfsUp.com)
**** الزعامات الروحية تقدم نموذجا لثقافة الاعتذار وقيمة التسامح
الاعتذار لا يأتي إلاّ من قويّ إلى قويّ، ومن نبيل إلى نبيل، ذلك أن ضعاف النفس والعقيدة لا يعتذرون بل يكابرون، فتكبر معهم الضغائن والأحقاد، ويحل من بعدهم الدمار والخراب. العرب Lحكيم مرزوقي:قال الروائي البرازيلي باولو كويلو (مواليد 1947) “الصفحُ يُغيّرُ وجهات النظر، بينما النسيانُ يُفقدكَ الدرس”. تحيلنا هذه المقولة إلى فكرة مفادها أن ثقافة التسامح، لا تشترط النسيان، بل تتطلب التذكّر بقصد أخذ العبرة ونزع الألغام التي يمكن لها أن تعترض طريق المستقبل.
الاعتذار يعزز الثقة والوئام بين الأفراد كما بين الشعوب والمجتمعات، فهو بين البشر نبل وتسامح، وبين الشعوب رغبة في التعايش والتعاون. وهو في التدين استغفار وتوبة وتقوى، فالفرق واضح وجليّ بين الخطأ والخطيئة في إطار ثنائية الاختلاف والتقاطع التي تفرّق -وتوحّد في الوقت نفسه- بين علاقة عمودية ذات بعد روحي مع الخالق، وعلاقة أفقية ذات صفة دنيوية إنسانية مع البشر في ما بينهم. لو تأمّلنا في فلسفة الاعتذار وحكمته، لقلنا “ترى.. كم من الأحياء سوف يعتذرون للأموات، وكم من الأموات ينبغي عليهم الاعتذار من الأحياء؟ نعم دائما هناك فرصة ودائما هناك مرة أخرى، لن يفوت الأوان.. وثمة إمكانية لعودة الرصاص من الصدور إلى البنادق” عبر السلام العادل والدائم الذي تصنعه المؤسسات السياسية والدينية والثقافية والاجتماعية. إنّ ما يعرف في قاموس الشعوب بـ“إعادة الاعتبار” هو إنصاف متأخّر للذين ظلموا، أمّا ما يسمّى بـ“إعادة المحاكمة” فهو ثأر متأخّر في أسوأ حالاته، واستمتاع بـ“طبق بارد” في أفضل حالاته.. أمّا الأنبل من ذلك كله، فهو العدالة الانتقالية، والصفح ثم المصافحة ثم السير نحو طريق تحقق السلم والتقدم والتنمية للجميع. الصفحات لا تطوى دون قراءتها، ولا ينبغي أن ينسى مضمونها بعد طيها.. لعل هذا ما قصده باولو كويلو، المتشبع بعقيدته المسيحية وتجربته المطلة على أنفس الذخائر من المخطوطات الصوفية في الأندلس. يكاد التاريخ يعتذر للمعتذرين تقديرا لنبلهم في أحلك ظروفهم، كما فعلت ماري أنطوانيت حين دهست بكعب حذائها قدم جلاّدها وهي تعتلي المقصلة، التفتت إليه وقالت برقّة النبلاء “عذرا، لم أكن أتقصّد ذلك”.. فهل تعتذر منها الثورة الفرنسية التي رفعت شعارات الإخاء والمساواة والعدالة، هذه الشعارات هي نفسها التي جعلت من الزعيم الفرنسي شارل ديغول، يقول للجماهير الغاضبة في مايو 1968 “نعم لقد فهمتكم” ثم يتنحّى، لكن، وفي المقابل هل يكفي أن تعتذر الدولة الفرنسية -وشفهياـ من شعوب المغرب العربي التي امتصّت ثرواتها زهاء عقود طويلة، كي نقرّ لها بإخلاصها لمبدأ التسامح. هل يكفي أن تتحوّل حظائر الاعتقال العنصري إلى متاحف في أفريقيا، وأراضي الهنود الحمر إلى محميات في أميركا، هل يبلسم هذا العالم جرحا فلسطينيا ويرمّم ذائقته السمعية والبصرية التي تربّت على أزيز الرصاص ومشاهد الدمار؟ الاعتذار -كما السلام- لا يأتي إلاّ من قويّ إلى قويّ، ومن نبيل إلى نبيل، ذلك أن ضعاف النفس والعقيدة لا يعتذرون بل يكابرون، فتكبر معهم الضغائن والأحقاد، ويحل من بعدهم الدمار والخراب. الكتب السماوية حافلة بنماذج كثيرة من صور الاعتذار لمن هم أرفع مقاما وأعلى درجة ليقتدي بهم المؤمن في الاعتذار، فلماذا لا يقتدي بهم المتطرفون من الذين تلطخت أيديهم الآن بدماء الأبرياء؟ الأمثلة عديدة ولا تحصى ابتداء من السيد المسيح الذي قال “أحبّ عدوك”، إلى النبي في قصة اعتذاره عند موقف مع رجل كفيف هو عبدالله بن أم مكتوم، وذلك بعد عتاب إلهي في سورة “عبس”. فما كان من النبي إلا أن خلع بردته وألبسها كعب، فآمّنه من خوف بعد أن كان قد أمر بهدر دمه. “قل لي كيف تعتذر، وممّن تعتذر، وعلى ما تعتذر.. أقل لك من أنت” هذا ما ينطبق على عالم السياسة التي تحاول في أرقى أشكالها إنسانية، أن تزاوج بين المبدأ والمصلحة، وهو ما حدث ويحدث في عالمنا المعاصر، فهذه اليابان تعرب عن أسفها للمعاناة التي سببتها للعديد من الدول أثناء الحرب العالمية الثانية، وتلك الحكومة الإيطالية قد أقرت منذ سنوات قليلة بمسؤوليتها الأخلاقية حول الأضرار التي لحقت بليبيا على يد إيطاليا في عهد الاستعمار، أما رئيسة تايوان فقد اعتذرت نيابة عن الحكومة للسكان الأصليين للجزيرة عن 400 عام من الغزو والاستعمار. حملة المطالبة باعتذار بريطاني، لمساعدتها في إنشاء إسرائيل، تتزايد شعبية، فقد نظمت البارونة جيني تونغ، مناسبة أعلنت فيها عن مبادرة تهدف إلى الضغط على الحكومة البريطانية، للاعتراف بدورها قبل قرن في المعاناة الفلسطينية.
**** الزعامات الروحية تقدم نموذجا لثقافة الاعتذار وقيمة التسامح
الاعتذار لا يأتي إلاّ من قويّ إلى قويّ، ومن نبيل إلى نبيل، ذلك أن ضعاف النفس والعقيدة لا يعتذرون بل يكابرون، فتكبر معهم الضغائن والأحقاد، ويحل من بعدهم الدمار والخراب. العرب Lحكيم مرزوقي:قال الروائي البرازيلي باولو كويلو (مواليد 1947) “الصفحُ يُغيّرُ وجهات النظر، بينما النسيانُ يُفقدكَ الدرس”. تحيلنا هذه المقولة إلى فكرة مفادها أن ثقافة التسامح، لا تشترط النسيان، بل تتطلب التذكّر بقصد أخذ العبرة ونزع الألغام التي يمكن لها أن تعترض طريق المستقبل.
الاعتذار يعزز الثقة والوئام بين الأفراد كما بين الشعوب والمجتمعات، فهو بين البشر نبل وتسامح، وبين الشعوب رغبة في التعايش والتعاون. وهو في التدين استغفار وتوبة وتقوى، فالفرق واضح وجليّ بين الخطأ والخطيئة في إطار ثنائية الاختلاف والتقاطع التي تفرّق -وتوحّد في الوقت نفسه- بين علاقة عمودية ذات بعد روحي مع الخالق، وعلاقة أفقية ذات صفة دنيوية إنسانية مع البشر في ما بينهم. لو تأمّلنا في فلسفة الاعتذار وحكمته، لقلنا “ترى.. كم من الأحياء سوف يعتذرون للأموات، وكم من الأموات ينبغي عليهم الاعتذار من الأحياء؟ نعم دائما هناك فرصة ودائما هناك مرة أخرى، لن يفوت الأوان.. وثمة إمكانية لعودة الرصاص من الصدور إلى البنادق” عبر السلام العادل والدائم الذي تصنعه المؤسسات السياسية والدينية والثقافية والاجتماعية. إنّ ما يعرف في قاموس الشعوب بـ“إعادة الاعتبار” هو إنصاف متأخّر للذين ظلموا، أمّا ما يسمّى بـ“إعادة المحاكمة” فهو ثأر متأخّر في أسوأ حالاته، واستمتاع بـ“طبق بارد” في أفضل حالاته.. أمّا الأنبل من ذلك كله، فهو العدالة الانتقالية، والصفح ثم المصافحة ثم السير نحو طريق تحقق السلم والتقدم والتنمية للجميع. الصفحات لا تطوى دون قراءتها، ولا ينبغي أن ينسى مضمونها بعد طيها.. لعل هذا ما قصده باولو كويلو، المتشبع بعقيدته المسيحية وتجربته المطلة على أنفس الذخائر من المخطوطات الصوفية في الأندلس. يكاد التاريخ يعتذر للمعتذرين تقديرا لنبلهم في أحلك ظروفهم، كما فعلت ماري أنطوانيت حين دهست بكعب حذائها قدم جلاّدها وهي تعتلي المقصلة، التفتت إليه وقالت برقّة النبلاء “عذرا، لم أكن أتقصّد ذلك”.. فهل تعتذر منها الثورة الفرنسية التي رفعت شعارات الإخاء والمساواة والعدالة، هذه الشعارات هي نفسها التي جعلت من الزعيم الفرنسي شارل ديغول، يقول للجماهير الغاضبة في مايو 1968 “نعم لقد فهمتكم” ثم يتنحّى، لكن، وفي المقابل هل يكفي أن تعتذر الدولة الفرنسية -وشفهياـ من شعوب المغرب العربي التي امتصّت ثرواتها زهاء عقود طويلة، كي نقرّ لها بإخلاصها لمبدأ التسامح. هل يكفي أن تتحوّل حظائر الاعتقال العنصري إلى متاحف في أفريقيا، وأراضي الهنود الحمر إلى محميات في أميركا، هل يبلسم هذا العالم جرحا فلسطينيا ويرمّم ذائقته السمعية والبصرية التي تربّت على أزيز الرصاص ومشاهد الدمار؟ الاعتذار -كما السلام- لا يأتي إلاّ من قويّ إلى قويّ، ومن نبيل إلى نبيل، ذلك أن ضعاف النفس والعقيدة لا يعتذرون بل يكابرون، فتكبر معهم الضغائن والأحقاد، ويحل من بعدهم الدمار والخراب. الكتب السماوية حافلة بنماذج كثيرة من صور الاعتذار لمن هم أرفع مقاما وأعلى درجة ليقتدي بهم المؤمن في الاعتذار، فلماذا لا يقتدي بهم المتطرفون من الذين تلطخت أيديهم الآن بدماء الأبرياء؟ الأمثلة عديدة ولا تحصى ابتداء من السيد المسيح الذي قال “أحبّ عدوك”، إلى النبي في قصة اعتذاره عند موقف مع رجل كفيف هو عبدالله بن أم مكتوم، وذلك بعد عتاب إلهي في سورة “عبس”. فما كان من النبي إلا أن خلع بردته وألبسها كعب، فآمّنه من خوف بعد أن كان قد أمر بهدر دمه. “قل لي كيف تعتذر، وممّن تعتذر، وعلى ما تعتذر.. أقل لك من أنت” هذا ما ينطبق على عالم السياسة التي تحاول في أرقى أشكالها إنسانية، أن تزاوج بين المبدأ والمصلحة، وهو ما حدث ويحدث في عالمنا المعاصر، فهذه اليابان تعرب عن أسفها للمعاناة التي سببتها للعديد من الدول أثناء الحرب العالمية الثانية، وتلك الحكومة الإيطالية قد أقرت منذ سنوات قليلة بمسؤوليتها الأخلاقية حول الأضرار التي لحقت بليبيا على يد إيطاليا في عهد الاستعمار، أما رئيسة تايوان فقد اعتذرت نيابة عن الحكومة للسكان الأصليين للجزيرة عن 400 عام من الغزو والاستعمار. حملة المطالبة باعتذار بريطاني، لمساعدتها في إنشاء إسرائيل، تتزايد شعبية، فقد نظمت البارونة جيني تونغ، مناسبة أعلنت فيها عن مبادرة تهدف إلى الضغط على الحكومة البريطانية، للاعتراف بدورها قبل قرن في المعاناة الفلسطينية.