مشاهدة النسخة كاملة : الالتزام


abomokhtar
19-04-2017, 07:11 AM
والالتزام لغة:

الاعتناق، (مختار الصحاح) وفى المعجم الوجيز: لزِمَ لُزُما: ثبت ودام لزم الشيء فلاناً: وجب عليه. لزم العمل: داوم عليه. ألزم الشيء: أثبته وأدامه لازمه ملازمة، لِزَما: داوم عليه. التزم الشيء أو الأمر: أوجبه على نفسه. اللِّزام: الملازم جدا، وفى القرآن: {فَسَوْفَ يَكُونُ لِزَامًا} [ الفرقان: 77]، اللُّزَمَة: من يلزم الشيء فلا يفارقه.

*

و إن معنى الالتزام الحقيقي ليثير في نفس كل منا شجون و تساؤلات.. و يجعله يسأل نفسه سؤالاً مباشراً: هل أنا ملتزم؟ فما هو الالتزام و ما هي علاماته؟

*

إن الالتزام الحقيقي ـ أخي الفاضل ـ ما هو إلا تحقيق لمعنى الإسلام الذي نلتزم به، و إن من أعظم معانيه الاستسلام لله عز وجل.. الاستسلام الكامل في كل شئون الحياة فيجدنا حيث أمرنا ولا يرانا حيث نهانا.. فالفرد الملتزم مستسلم لأمر ربه في عقيدته و عبادته و سلوكه و معاملاته بين الناس. و الأمة الملتزمة مستسلمة لأمر ربها في شرعها و حكمها و علاقتها بسائر الأمم. فالالتزام الحقيقي هو تحقيق قول الله عز وجل: {قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ}، [الأنعام:162-163]، *هو تحقيق رسالة الإنسان في هذه الحياة: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ}، [الذاريات:56] . هو الاستسلام الكامل لأمر الله و رسوله صلى الله عليه و سلم: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ} [الأحزاب:36]، و من علامات هذا الالتزام الاستسلام لأمر الله عز وجل في الظاهر و الباطن.. ففي الباطن: يلتزم المسلم بتوحيد الله عز وجل و بتقوى الله عز وجل و الخوف منه و الرجاء في رحمته.. إلخ و في الظاهر: يلتزم المسلم بأداء ما افترض الله عز وجل عليه من صلاة وصيام و حجاب للمرأة المسلمة..... إلخ وعلى هذا فمن أظهر للناس صلاحاً و هو غير ذلك في خلوته فالتزامه ناقص.. و من أظهرت للناس صلاة و صياماً للنوافل وهي غير مرتدية للحجاب الشرعي فالتزامها ناقص.. و من أظهر للناس ذهاباً و إياباً للمساجد ولسانه غير منضبط فتارة يغتاب و أخرى ينم و ثالثة يكذب فالتزامه ناقص.... لكن هذا الالتزام لا يأتي في يوم وليلة بل يحتاج مجاهدة و محاولة تلو المحاولة و فشل يعقبه نجاحات بفضل الله وعلى قدر إخلاص الإنسان وعلى قدر إرادته وبذله يترقى في مقامات الالتزام بدين الله عز وجل.

*

و أثناء هذه المحاولات المتتالية يعتري الإنسان شيء من الفتور و الإحساس بالملل، و هذا شعور طبيعي ليس بغريب، فقد أخبرنا عنه رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال: «إن لكل عمل شرة، وإن لكل شرة فترة، فمن كانت فترته إلى سنتي فقد أفلح وأنجح، ومن كانت فترته إلى معصية فقد خاب وخسر». ففي بداية الالتزام تكون " الشرة " و العنفوان و القوة كإنسان ظامئ وجد الماء أمامه فشرع ينهل منه الكثير و الكثير، ثم يعقب هذا " الفترة " و هي الفتور و الشعور بالكسل و الملل. فالواجب علينا كما أوضح لنا رسول الله صلى الله عليه و سلم ألا نجعل فترات الفتور تصل بنا إلى المعصية أي أن نجعل لأنفسنا حداً أدنى من العلاقة مع ربنا لا ننزل عن هذا الحد أبداً... قد نعلو عنه في أوقات " الشرة " لكن لا ننزل عن هذا الحد أبداً في أوقات " الفترة ".

*

و على طريق الالتزام وحين يتملك من الإنسان الفتور يحتاج الإنسان أعواناً على الخير و يكون في أشد الاحتياج إلى صاحب يقوي من عزمه، و يشد من أزره، و يذكره بربه، و لذا أرشدنا رسول الله صلى الله عليه و سلم بالصحبة الصالحة فقال لنا: " المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل ". فلابد من مصاحبة الأخيار الأطهار الذين يعينون على طاعة الله عز وجل و البعد عن مصاحبة الفجار الذين ينسى الإنسان معهم دينه و خلقه فالصاحب ساحب. فالمصاحبة تكون للأخيار الأطهار الملتزمون بدينهم، أما غيرهم من غير الملتزمين فالواجب دعوتهم بالحكمة و الموعظة الحسنة و أمرهم بالمعروف و نهيهم عن المنكر، و جذبهم إلى طريق الالتزام لا الانجذاب معهم إلى طريق المعصية. فديننا يأمرنا ألا يكون أحدنا إمعة يقول: أنا مع الناس إن أحسن الناس أحسنا، و إن أساءوا أسأنا، و لكن علينا أن نوطن أنفسنا إن أحسن الناس أحسنا، و إن أساءوا أن نجتنب إساءتهم.

منقول

أبو إسراء A
19-04-2017, 01:51 PM
بارك الله فيك