abomokhtar
17-05-2017, 07:36 AM
كذب المشركين و(ادعاؤهم الإتيان بمثل القرآن):
قال تعالى: ﴿ وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا قَالُوا قَدْ سَمِعْنَا لَوْ نَشَاءُ لَقُلْنَا مِثْلَ هَذَا إِنْ هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ ﴾ [الأنفال: 31].
جاء في أول السورة الكريمة بيانُ حال المؤمنين عند تلاوة آيات الله، أنهم يزدادون إيمانًا على إيمانهم، وذلك في قوله تعالى: ﴿ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ ﴾ [الأنفال: 2]، أما حال الكافرين عند تلاوة آيات الله تعالى، فلهم شأنٌ آخر، فهم لا يريدون السماع ابتداءً، كما قال تعالى عنهم: ﴿ وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ ﴾ [فصلت: 26]، ثم إذا سمِعوا فإنهم يَكذبون ويقولون: ﴿ قَدْ سَمِعْنَا ﴾؛ لأنهم في الحقيقة لم يسمعوا؛ لأنهم كالدوابِّ تسمع بأذنيها ولكنها لا تعي ولا تفهم ولا تدرك؛ أي: لا تعقل.
*
لقد كذَب هؤلاء المشركون ثلاث كذبات:
• الأولى أنهم قالوا: ﴿ قَدْ سَمِعْنَا ﴾، ولو كانوا صادقين في دعواهم لآمَنوا وأذعنوا؛ لأن مَن سمِع وآمَن إنما هو العاقل الصادق، أما مَن سمِع وعاند واستكبر ولم يؤمن، فهو كالدابَّة الكاذب، فحاصلُ الأمر أنهم لم يسمَعوا، وهم كذلك لم يسمعوا لأنهم أموات: إذ الكفر موتٌ والإسلام حياة، قال تعالى: ﴿ إِنَّمَا يَسْتَجِيبُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ وَالْمَوْتَى يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ ثُمَّ إِلَيْهِ يُرْجَعُونَ ﴾ [الأنعام: 36]، وقال تعالى: ﴿ وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ ﴾ [الأعراف: 179]، فوصف الله تعالى المؤمنين بأنهم يستجيبون لما يسمعون، فهم يسمعون سماع إصغاءٍ وتفهُّم وإرادة الحق، فيقبَلون ما يسمعون، فينتفعون به ويعملون، أما الكفار، فهم موتى، أو بمنزلة الموتى في أنهم لا يقبلون ولا يُصْغون إلى حجة، ولا يستجيبون.
*
إن هؤلاء المشركين لما تُلِيَت عليهم آيات القرآن لم يُطيقوا سماعها:
فمنهم مَن قال: إن محمدًا شاعر وساحر، أو يُعلِّمه بَشَرٌ!
ومنهم مَن اعترف بأنه ليس كذلك، ولكنه لم يستجب!
ومنهم مَن فر وأعرض؛ كيلا يسمع؛ كما تفر الحُمُر الوحشية من صائد أو من أسد!
*
وقد ردَّ القرآن الكريم هذه الافتراءات والأكاذيب وسجَّلها:
• فلما قالوا: شاعر، قال تعالى: ﴿ وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ قَلِيلًا مَا تُؤْمِنُونَ * وَلَا بِقَوْلِ كَاهِنٍ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ * تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ [الحاقة: 41 - 43]، فردَّ الله تعالى قولَهم، ونفى ادعاءهم بأنه شاعر أو يعلِّمه بشرٌ أو كاهن.
*
• ولما قالوا: ساحر، أثبت الله تعالى قولَهم ووعد مَن قال ذلك بعذاب سَقَر، قال تعالى: ﴿ إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ * فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ * ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ * ثُمَّ نَظَرَ * ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ * ثُمَّ أَدْبَرَ وَاسْتَكْبَرَ * فَقَالَ إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ * إِنْ هَذَا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ * سَأُصْلِيهِ سَقَرَ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا سَقَرُ ﴾ [المدثر: 18 - 27] [1].
ومِن هؤلاء المشركين مَن أقرَّ - لما سمع القرآن - أن هذا ليس من كلام بشر، وقال: (والله ما هو بالسِّحر، ولا بالشعر، ولا بالكهانة)؛ كما جاء في قصة عُتبة بن رَبيعة لمَّا أرسله صناديدُ قريش ليُكلِّم النبي صلى الله عليه وسلم، ويعرِض عليه بعض الأمور ليترك ما يدعو إليه، جاء ذلك في تفسير صدر سورة فُصِّلَت: ﴿ وَقَالُوا قُلُوبُنَا فِي أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ وَفِي آذَانِنَا وَقْرٌ وَمِنْ بَيْنِنَا وَبَيْنِكَ حِجَابٌ فَاعْمَلْ إِنَّنَا عَامِلُونَ ﴾ [فصلت: 5].
*
ذكر ابن كثير عن ابن إسحاق في كتاب السيرة: (أن عتبة بن ربيعة، وكان سيدًا في قومِه، جلس إلى النبي صلى الله عليه وسلم يُكلِّمه، فقال: يا بن أخي، إنك منَّا حيث علمتَ من البسطة في العشيرة، والمكان في النسب، وإنك قد أتيتَ قومك بأمر عظيم؛ فرَّقتَ به جماعتهم، وسفَّهت به أحلامهم، وعِبْتَ به آلهتهم ودينهم، وكفَّرتَ به مَن مضى من آبائهم، فاسمَعْ مني أمورًا أعرضُها عليك؛ لعلك تقبَلُ بعضها، حتى إذا فرغ عتبةُ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يسمع منه، قال: ((أفرغت يا أبا الوليد؟))، قال: نعم، قال: ((فاستمع مني))، قال: أفعل، قال: ((بسم الله الرحمن الرحيم ﴿ حم * تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ ﴾ [فصلت: 1 - 3]، حتى انتهى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم إلى السجدة منها فسجَد، فقام عتبة إلى أصحابه، فقال بعضهم لبعض: نحلفُ بالله لقد جاءكم أبو الوليد بوجهٍ غيرِ الوجه الذي ذهب به، فلما جلس إليهم، قالوا: ما وراءك يا أبا الوليد؟ قال: ورائي أني سمعتُ قولًا، والله ما سمعت مثله قط، والله ما هو بالسحر ولا بالشعر ولا بالكهانة، قالوا: سحَرَك والله يا أبا الوليد بلسانِه، قال: هذا رأيي فيه، فاصنعوا ما بدا لكم) [2].
*
• أما الكذبة الثانية، فأنهم قالوا: ﴿ لَوْ نَشَاءُ لَقُلْنَا مِثْلَ هَذَا ﴾ [الأنفال: 31]، وكيف يقولون مثله وهم لم يسمعوه سماعَ تفهُّم وإصغاء؟ نعم لقد بلَغوا درجةً عالية من الفصاحة، وكتبوا المعلَّقات، وبرَعوا في الشعر وبلاغة اللسان، لكن القرآن الكريم تحدَّاهم أن يأتوا بمثله، قال تعالى: ﴿ قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا ﴾ [الإسراء: 88]، فلم يأتوا، فتحدَّاهم بأن يأتوا بعَشْرِ سُورٍ مثله، فعجَزوا؛ قال تعالى: ﴿ أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ﴾ [هود: 13]، ثم تحدَّاهم بأن يأتوا بسورة مثله، فعجزوا؛ قال تعالى: ﴿ أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ﴾ [يونس: 38]، ثم تحدَّاهم بأن يأتوا بسورة من مثلِه، فعجَزوا ولم يفعَلوا، ولا يزال التحدي قائمًا إلى يوم القيامة كما قال تعالى: ﴿ وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ * فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ ﴾ [البقرة: 23، 24] .
*
فهم قالوا: ﴿ لَوْ نَشَاءُ لَقُلْنَا مِثْلَ هَذَا ﴾ [الأنفال: 31]، وطُلِب منهم أن يأتوا بسورةٍ مثله، أو بسورة من مثله، فلم يفعلوا، فقولهم إنما هو قولُ الغافل الذي لا يدري ما يقول، ولا يعي حقيقة ما يصدُرُ عنه، فهو قولٌ بلا حقيقة؛ أي: قول كذب، وقد قالوا هذه المقالة ظنًّا منهم أن القرآن كلامُ محمد صلى الله عليه وسلم، ومِن عنده وليس من عند الله تعالى، وهي شبهةٌ قديمة حديثة، إنها شبهةُ القول ببشرية القرآن، قالها النضر بن الحارث قديمًا، وقالها المستشرقون حديثًا[3]؛ فالنضر بن الحارث كان يُمثِّل الإعلام المضادَّ للدعوة الإسلامية، فقد كان يُلقي على مسامع الناس حكاياتٍ وأحاديثَ تافهةً، لا قيمة لها ولا فائدة منها، ولا معنى يحترم، تعلَّمها في بعثة خارج مكة إلى بلاد فارس، ودرس أخبار "رستم واسفنديار"، وتعلَّم حكايات كَلِيلة ودِمْنة، وكان يجلس إلى الناس يُحدِّثهم ويحكي لهم بعدَ انصراف النبي صلى الله عليه وسلم، ثم يقول: بالله، أيُّنا أحسن قصصًا؟ أنا أو محمد؟[4].
ويقوم بدَوْر النضرِ كثيرٌ مثل النضر - لا نضَّر الله وجوههم، ولا بارك في سَعْيهم - ذهبوا إلى بلاد الغرب في بعثات ليتعلَّموا في معاهدَ إلحاديَّةٍ، على أيدي المستشرقين أعداء الإسلام، ثم يعودون مرة ثانية إلى بلادهم نوَّابًا عن المستشرقين، ومُروِّجين للفكر الغربي، وداعين إلى ثقافة الشذوذ والانحلال، وهم يمثلون الآن الإعلام المضاد للدعوة الإسلامية.
*
ولقد أقرُّوا في أنفسهم أنه كلام الله عز وجل، ولكن الكِبْر منعهم من الإيمان به والإذعان له، ومع شدة إعجابهم به وإقرارهم بأنه ليس بشعر ولا بسحر ولا بكهانة، عجَزوا ولم يستطيعوا أن يقلدوه أو أن يأتوا بمثله، فكان قولهم: ﴿ لَوْ نَشَاءُ لَقُلْنَا مِثْلَ هَذَا ﴾ [الأنفال: 31] كذبًا منهم وافتراءً، خصوصًا أنهم يعلمون حال النبي صلى الله عليه وسلم جيدًا، فقد كان معروفًا لديهم وملقَّبًا عندهم بالصادق الأمين، ولبِث فيهم عمرًا قبل البعثة، كما علِموا أنه لم يتعلَّم من كاهن، وأنه لا يعرف القراءة ولا الكتابة، وقد أثبَت القرآن الكريم هذه الحقيقة؛ قال تعالى: ﴿ وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لَارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ ﴾ [العنكبوت: 48]، ففي قولهم: ﴿ لَوْ نَشَاءُ لَقُلْنَا مِثْلَ هَذَا ﴾ تطاولٌ وتبجح، وغرورٌ كاذب، وسوء أدب.
*
• أما الكذبة الثالثة، فهي أنهم قالوا عن القرآن: (أساطير الأولين)، وقد سجَّل القرآن الكريم هذا القول عنهم في مواضع كثيرة؛ منها قوله تعالى: ﴿ وَقَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا ﴾ [الفرقان: 5]، وقائلُ هذه المقولة هو النضر بن الحارث، وأمثاله ممَّن شايعه كعبدِالله بن أميَّة، ونوفل بن خويلد، وغلاة المشركين[5]!
وإذا كان النضر بن الحارث قد تعلَّم القصص والأشعار في ديار العجم، ثم عاد إلى مكة ليقصَّ على الناس أساطير وأكاذيب، فكيف وأين تعلَّم النبي صلى الله عليه وسلم ما يقولون: إنه أساطير الأولين؟!
*
على أن التناقض والتعارض في أقوال هؤلاء المشركين وأفعالهم وتصرفاتهم - يظهر بصورة فاضحة إذا عُلِم أن معنى (الأساطير): "الأباطيل والأحاديث العجيبة"[6]، والأساطير: (أحاديثُ لا نظام لها)[7]، ولا شك أنهم أهل الفصاحة واللغة ومدلولاتها، وقد شهِد أعلمهم وأكثرهم معرفةً باللغة وبالشعر والكهانة وبالسحر - كعُتْبة بن ربيعة، والوليد بن المُغِيرة - أنه ليس كذلك، وأن نَظْم القرآن وبلاغته وفصاحته، وحُسْن ترتيبه وتركيبه ونظمه - لا ينطبق بأي حال على ما يَعنِيه مدلول كلمة أساطير التي تَعْني الأباطيل والأحاديث العجيبة، والتي لا نظام لها، كما أن الأساطير إنما هي شطحات البشر وخرافاتهم وتخيلاتهم، أما القرآن الكريم، فيقول الله تعالى عنه: ﴿ الر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ ﴾ [هود: 1].
*
وقد عجز الإنس والجن أن يأتوا بمثله أو سورة من مثله، وقد تحداهم الله تعالى وكان التحدِّي موجهًا ومخاطبًا به العرب في مكة، وهم أهل الفصاحة، كما كان التحدِّي في المدينة وكان موجَّهًا لأهل الكتاب وغيرهم، ولم يستطِع هؤلاء ولا هؤلاء أن يأتوا بمثله وعجزوا، فكيف بعد ذلك يقال عن القرآن: "أساطير الأولين"؟!
إنه الكذب والافتراء، والطعن في كتاب الله عز وجل، ووصفُه بما لا يليق به مِن عدم التبجيل والتعظيم والإجلال؛ لذا كان الجزاء العادل لمَن قال ذلك أن يُقتَلَ ليُقطع لسانه، وينال عقابه على ما أجرم في حق القرآن، وهذا مصير كل طاعن في كتاب الله، ومصير كل مستهزئ ومشكِّك في القرآن الكريم، وسينال العقاب الموجع في الآخرة.
[1] جاء في التفاسير أنه الوليد بن المغيرة؛ انظر تفسير ابن كثير، ج4، ص440، مكتبة التراث الإسلامي، حلب.
[2] تفسير القرآن العظيم، ج4، مكتبة التراث، ص 91، السيرة النبوية؛ لابن هشام، ج1، ص 293.
يلاحظ هنا التدرج في التحدي، وقد سار حسب الترتيب العكسي للمصحف الشريف، وانظر رسالة الماجستير للباحث بعنوان: (خصيصة التدرج في الدعوة إلى الله)، كلية أصول الدين، القاهرة، ص108.
[3] انظر: (الإعلام بنقض ما جاء في كتاب مقالة في الإسلام؛ د. علي شاهين، ط1، 1998، دار الطباعة المحمدية، ص189) ومن هؤلاء المستشرقين: الإنجليزي جرجس سال.
[4] انظر: تفسير القرآن العظيم؛ لابن كثير، ج2، ص 304، والسيرة النبوية؛ لابن هشام، ج1، ص 297.
[5] روح المعاني؛ للإمام الألوسي، ج10، ص 319.
[6] المعجم الوجيز، ط1، مادة (س ط ر).
[7] روح المعاني؛ الألوسي، ج5، ص 510.
د. أمين الدميري
قال تعالى: ﴿ وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا قَالُوا قَدْ سَمِعْنَا لَوْ نَشَاءُ لَقُلْنَا مِثْلَ هَذَا إِنْ هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ ﴾ [الأنفال: 31].
جاء في أول السورة الكريمة بيانُ حال المؤمنين عند تلاوة آيات الله، أنهم يزدادون إيمانًا على إيمانهم، وذلك في قوله تعالى: ﴿ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ ﴾ [الأنفال: 2]، أما حال الكافرين عند تلاوة آيات الله تعالى، فلهم شأنٌ آخر، فهم لا يريدون السماع ابتداءً، كما قال تعالى عنهم: ﴿ وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ ﴾ [فصلت: 26]، ثم إذا سمِعوا فإنهم يَكذبون ويقولون: ﴿ قَدْ سَمِعْنَا ﴾؛ لأنهم في الحقيقة لم يسمعوا؛ لأنهم كالدوابِّ تسمع بأذنيها ولكنها لا تعي ولا تفهم ولا تدرك؛ أي: لا تعقل.
*
لقد كذَب هؤلاء المشركون ثلاث كذبات:
• الأولى أنهم قالوا: ﴿ قَدْ سَمِعْنَا ﴾، ولو كانوا صادقين في دعواهم لآمَنوا وأذعنوا؛ لأن مَن سمِع وآمَن إنما هو العاقل الصادق، أما مَن سمِع وعاند واستكبر ولم يؤمن، فهو كالدابَّة الكاذب، فحاصلُ الأمر أنهم لم يسمَعوا، وهم كذلك لم يسمعوا لأنهم أموات: إذ الكفر موتٌ والإسلام حياة، قال تعالى: ﴿ إِنَّمَا يَسْتَجِيبُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ وَالْمَوْتَى يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ ثُمَّ إِلَيْهِ يُرْجَعُونَ ﴾ [الأنعام: 36]، وقال تعالى: ﴿ وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ ﴾ [الأعراف: 179]، فوصف الله تعالى المؤمنين بأنهم يستجيبون لما يسمعون، فهم يسمعون سماع إصغاءٍ وتفهُّم وإرادة الحق، فيقبَلون ما يسمعون، فينتفعون به ويعملون، أما الكفار، فهم موتى، أو بمنزلة الموتى في أنهم لا يقبلون ولا يُصْغون إلى حجة، ولا يستجيبون.
*
إن هؤلاء المشركين لما تُلِيَت عليهم آيات القرآن لم يُطيقوا سماعها:
فمنهم مَن قال: إن محمدًا شاعر وساحر، أو يُعلِّمه بَشَرٌ!
ومنهم مَن اعترف بأنه ليس كذلك، ولكنه لم يستجب!
ومنهم مَن فر وأعرض؛ كيلا يسمع؛ كما تفر الحُمُر الوحشية من صائد أو من أسد!
*
وقد ردَّ القرآن الكريم هذه الافتراءات والأكاذيب وسجَّلها:
• فلما قالوا: شاعر، قال تعالى: ﴿ وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ قَلِيلًا مَا تُؤْمِنُونَ * وَلَا بِقَوْلِ كَاهِنٍ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ * تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ [الحاقة: 41 - 43]، فردَّ الله تعالى قولَهم، ونفى ادعاءهم بأنه شاعر أو يعلِّمه بشرٌ أو كاهن.
*
• ولما قالوا: ساحر، أثبت الله تعالى قولَهم ووعد مَن قال ذلك بعذاب سَقَر، قال تعالى: ﴿ إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ * فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ * ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ * ثُمَّ نَظَرَ * ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ * ثُمَّ أَدْبَرَ وَاسْتَكْبَرَ * فَقَالَ إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ * إِنْ هَذَا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ * سَأُصْلِيهِ سَقَرَ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا سَقَرُ ﴾ [المدثر: 18 - 27] [1].
ومِن هؤلاء المشركين مَن أقرَّ - لما سمع القرآن - أن هذا ليس من كلام بشر، وقال: (والله ما هو بالسِّحر، ولا بالشعر، ولا بالكهانة)؛ كما جاء في قصة عُتبة بن رَبيعة لمَّا أرسله صناديدُ قريش ليُكلِّم النبي صلى الله عليه وسلم، ويعرِض عليه بعض الأمور ليترك ما يدعو إليه، جاء ذلك في تفسير صدر سورة فُصِّلَت: ﴿ وَقَالُوا قُلُوبُنَا فِي أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ وَفِي آذَانِنَا وَقْرٌ وَمِنْ بَيْنِنَا وَبَيْنِكَ حِجَابٌ فَاعْمَلْ إِنَّنَا عَامِلُونَ ﴾ [فصلت: 5].
*
ذكر ابن كثير عن ابن إسحاق في كتاب السيرة: (أن عتبة بن ربيعة، وكان سيدًا في قومِه، جلس إلى النبي صلى الله عليه وسلم يُكلِّمه، فقال: يا بن أخي، إنك منَّا حيث علمتَ من البسطة في العشيرة، والمكان في النسب، وإنك قد أتيتَ قومك بأمر عظيم؛ فرَّقتَ به جماعتهم، وسفَّهت به أحلامهم، وعِبْتَ به آلهتهم ودينهم، وكفَّرتَ به مَن مضى من آبائهم، فاسمَعْ مني أمورًا أعرضُها عليك؛ لعلك تقبَلُ بعضها، حتى إذا فرغ عتبةُ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يسمع منه، قال: ((أفرغت يا أبا الوليد؟))، قال: نعم، قال: ((فاستمع مني))، قال: أفعل، قال: ((بسم الله الرحمن الرحيم ﴿ حم * تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ ﴾ [فصلت: 1 - 3]، حتى انتهى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم إلى السجدة منها فسجَد، فقام عتبة إلى أصحابه، فقال بعضهم لبعض: نحلفُ بالله لقد جاءكم أبو الوليد بوجهٍ غيرِ الوجه الذي ذهب به، فلما جلس إليهم، قالوا: ما وراءك يا أبا الوليد؟ قال: ورائي أني سمعتُ قولًا، والله ما سمعت مثله قط، والله ما هو بالسحر ولا بالشعر ولا بالكهانة، قالوا: سحَرَك والله يا أبا الوليد بلسانِه، قال: هذا رأيي فيه، فاصنعوا ما بدا لكم) [2].
*
• أما الكذبة الثانية، فأنهم قالوا: ﴿ لَوْ نَشَاءُ لَقُلْنَا مِثْلَ هَذَا ﴾ [الأنفال: 31]، وكيف يقولون مثله وهم لم يسمعوه سماعَ تفهُّم وإصغاء؟ نعم لقد بلَغوا درجةً عالية من الفصاحة، وكتبوا المعلَّقات، وبرَعوا في الشعر وبلاغة اللسان، لكن القرآن الكريم تحدَّاهم أن يأتوا بمثله، قال تعالى: ﴿ قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا ﴾ [الإسراء: 88]، فلم يأتوا، فتحدَّاهم بأن يأتوا بعَشْرِ سُورٍ مثله، فعجَزوا؛ قال تعالى: ﴿ أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ﴾ [هود: 13]، ثم تحدَّاهم بأن يأتوا بسورة مثله، فعجزوا؛ قال تعالى: ﴿ أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ﴾ [يونس: 38]، ثم تحدَّاهم بأن يأتوا بسورة من مثلِه، فعجَزوا ولم يفعَلوا، ولا يزال التحدي قائمًا إلى يوم القيامة كما قال تعالى: ﴿ وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ * فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ ﴾ [البقرة: 23، 24] .
*
فهم قالوا: ﴿ لَوْ نَشَاءُ لَقُلْنَا مِثْلَ هَذَا ﴾ [الأنفال: 31]، وطُلِب منهم أن يأتوا بسورةٍ مثله، أو بسورة من مثله، فلم يفعلوا، فقولهم إنما هو قولُ الغافل الذي لا يدري ما يقول، ولا يعي حقيقة ما يصدُرُ عنه، فهو قولٌ بلا حقيقة؛ أي: قول كذب، وقد قالوا هذه المقالة ظنًّا منهم أن القرآن كلامُ محمد صلى الله عليه وسلم، ومِن عنده وليس من عند الله تعالى، وهي شبهةٌ قديمة حديثة، إنها شبهةُ القول ببشرية القرآن، قالها النضر بن الحارث قديمًا، وقالها المستشرقون حديثًا[3]؛ فالنضر بن الحارث كان يُمثِّل الإعلام المضادَّ للدعوة الإسلامية، فقد كان يُلقي على مسامع الناس حكاياتٍ وأحاديثَ تافهةً، لا قيمة لها ولا فائدة منها، ولا معنى يحترم، تعلَّمها في بعثة خارج مكة إلى بلاد فارس، ودرس أخبار "رستم واسفنديار"، وتعلَّم حكايات كَلِيلة ودِمْنة، وكان يجلس إلى الناس يُحدِّثهم ويحكي لهم بعدَ انصراف النبي صلى الله عليه وسلم، ثم يقول: بالله، أيُّنا أحسن قصصًا؟ أنا أو محمد؟[4].
ويقوم بدَوْر النضرِ كثيرٌ مثل النضر - لا نضَّر الله وجوههم، ولا بارك في سَعْيهم - ذهبوا إلى بلاد الغرب في بعثات ليتعلَّموا في معاهدَ إلحاديَّةٍ، على أيدي المستشرقين أعداء الإسلام، ثم يعودون مرة ثانية إلى بلادهم نوَّابًا عن المستشرقين، ومُروِّجين للفكر الغربي، وداعين إلى ثقافة الشذوذ والانحلال، وهم يمثلون الآن الإعلام المضاد للدعوة الإسلامية.
*
ولقد أقرُّوا في أنفسهم أنه كلام الله عز وجل، ولكن الكِبْر منعهم من الإيمان به والإذعان له، ومع شدة إعجابهم به وإقرارهم بأنه ليس بشعر ولا بسحر ولا بكهانة، عجَزوا ولم يستطيعوا أن يقلدوه أو أن يأتوا بمثله، فكان قولهم: ﴿ لَوْ نَشَاءُ لَقُلْنَا مِثْلَ هَذَا ﴾ [الأنفال: 31] كذبًا منهم وافتراءً، خصوصًا أنهم يعلمون حال النبي صلى الله عليه وسلم جيدًا، فقد كان معروفًا لديهم وملقَّبًا عندهم بالصادق الأمين، ولبِث فيهم عمرًا قبل البعثة، كما علِموا أنه لم يتعلَّم من كاهن، وأنه لا يعرف القراءة ولا الكتابة، وقد أثبَت القرآن الكريم هذه الحقيقة؛ قال تعالى: ﴿ وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لَارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ ﴾ [العنكبوت: 48]، ففي قولهم: ﴿ لَوْ نَشَاءُ لَقُلْنَا مِثْلَ هَذَا ﴾ تطاولٌ وتبجح، وغرورٌ كاذب، وسوء أدب.
*
• أما الكذبة الثالثة، فهي أنهم قالوا عن القرآن: (أساطير الأولين)، وقد سجَّل القرآن الكريم هذا القول عنهم في مواضع كثيرة؛ منها قوله تعالى: ﴿ وَقَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا ﴾ [الفرقان: 5]، وقائلُ هذه المقولة هو النضر بن الحارث، وأمثاله ممَّن شايعه كعبدِالله بن أميَّة، ونوفل بن خويلد، وغلاة المشركين[5]!
وإذا كان النضر بن الحارث قد تعلَّم القصص والأشعار في ديار العجم، ثم عاد إلى مكة ليقصَّ على الناس أساطير وأكاذيب، فكيف وأين تعلَّم النبي صلى الله عليه وسلم ما يقولون: إنه أساطير الأولين؟!
*
على أن التناقض والتعارض في أقوال هؤلاء المشركين وأفعالهم وتصرفاتهم - يظهر بصورة فاضحة إذا عُلِم أن معنى (الأساطير): "الأباطيل والأحاديث العجيبة"[6]، والأساطير: (أحاديثُ لا نظام لها)[7]، ولا شك أنهم أهل الفصاحة واللغة ومدلولاتها، وقد شهِد أعلمهم وأكثرهم معرفةً باللغة وبالشعر والكهانة وبالسحر - كعُتْبة بن ربيعة، والوليد بن المُغِيرة - أنه ليس كذلك، وأن نَظْم القرآن وبلاغته وفصاحته، وحُسْن ترتيبه وتركيبه ونظمه - لا ينطبق بأي حال على ما يَعنِيه مدلول كلمة أساطير التي تَعْني الأباطيل والأحاديث العجيبة، والتي لا نظام لها، كما أن الأساطير إنما هي شطحات البشر وخرافاتهم وتخيلاتهم، أما القرآن الكريم، فيقول الله تعالى عنه: ﴿ الر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ ﴾ [هود: 1].
*
وقد عجز الإنس والجن أن يأتوا بمثله أو سورة من مثله، وقد تحداهم الله تعالى وكان التحدِّي موجهًا ومخاطبًا به العرب في مكة، وهم أهل الفصاحة، كما كان التحدِّي في المدينة وكان موجَّهًا لأهل الكتاب وغيرهم، ولم يستطِع هؤلاء ولا هؤلاء أن يأتوا بمثله وعجزوا، فكيف بعد ذلك يقال عن القرآن: "أساطير الأولين"؟!
إنه الكذب والافتراء، والطعن في كتاب الله عز وجل، ووصفُه بما لا يليق به مِن عدم التبجيل والتعظيم والإجلال؛ لذا كان الجزاء العادل لمَن قال ذلك أن يُقتَلَ ليُقطع لسانه، وينال عقابه على ما أجرم في حق القرآن، وهذا مصير كل طاعن في كتاب الله، ومصير كل مستهزئ ومشكِّك في القرآن الكريم، وسينال العقاب الموجع في الآخرة.
[1] جاء في التفاسير أنه الوليد بن المغيرة؛ انظر تفسير ابن كثير، ج4، ص440، مكتبة التراث الإسلامي، حلب.
[2] تفسير القرآن العظيم، ج4، مكتبة التراث، ص 91، السيرة النبوية؛ لابن هشام، ج1، ص 293.
يلاحظ هنا التدرج في التحدي، وقد سار حسب الترتيب العكسي للمصحف الشريف، وانظر رسالة الماجستير للباحث بعنوان: (خصيصة التدرج في الدعوة إلى الله)، كلية أصول الدين، القاهرة، ص108.
[3] انظر: (الإعلام بنقض ما جاء في كتاب مقالة في الإسلام؛ د. علي شاهين، ط1، 1998، دار الطباعة المحمدية، ص189) ومن هؤلاء المستشرقين: الإنجليزي جرجس سال.
[4] انظر: تفسير القرآن العظيم؛ لابن كثير، ج2، ص 304، والسيرة النبوية؛ لابن هشام، ج1، ص 297.
[5] روح المعاني؛ للإمام الألوسي، ج10، ص 319.
[6] المعجم الوجيز، ط1، مادة (س ط ر).
[7] روح المعاني؛ الألوسي، ج5، ص 510.
د. أمين الدميري