خارج عن القانون
13-09-2008, 09:32 AM
لعبكة، ليس هناك وصف آخر يمكن أن ينطبق علي المشهد في شوارع المدينة قبل انطلاق مدفع الإفطار «أي شارع وأي مدينة» مزيج من السيارات تتداخل في خطوط طويلة وعريضة وبالورب وسمبوكسات وهو ما يمنع أيهم من الحركة في أي اتجاه، هذا المزيج مصحوب بزحام من أصوات الكلاكسات ومعزوفات متنوعة من السباب والشتيمة من الجميع وللجميع يتلخص التعليق الذي ستسمعه في حال أبديت دهشتك منها في «الدنيا صيام والناس روحها في مناخيرها وكل سنة وأنت طيب»،
في المشهد العشرات من الساخطين من أنهم لن يلحقوا الإفطار في بيوتهم أو في بيوت من عزموهم، ووسطهم العشرات من اللي مش فارقة معاهم يلحقوا إفطارهم أو لا يلحقوه، وبينهم عدد ممن يبحثون بلهفة عن علبة السجائر كي يضمنوا إفطارهم ويستعجل أحدهم المدفع، لا ليفطر بل فقط ليشعل سيجارته، يتداخل كل هؤلاء البشر وكل هذه الأصوات والصور في المشهد لتشعر أن هذه اللعبكة أبدية ويستحيل أن تنتهي حتي بعد المغرب بساعات.
وتلك الحالة العجيبة من اللعبكة تستمر علي مدار الشهر، يقع فيها البشر علي اختلاف أطيافهم، فهذا رجل منهمك في التفكير والبحث عن موارد يغطي بها نفقات مستلزمات رمضان وعزائمه ومن بعده العيد، وهذه سيدة تحاول جاهده البحث عن ترتيب لليوم يمكنها من مشاهدة أكبر عدد من مسلسلات رمضان «اللي أكتر من الهم ع القلب»، بينما يفكر آخر في إيجاد وقت لختم القرآن أكثر من مرة مع الحفاظ علي صلاة التراويح ومشاهدة الكثير من برامج الأساتذة الدعاة والتي تنافس في غزارتها مسلسلات رمضان، وهناك بالطبع من يفكر جاهدًا في الوصول لأفضل الخيمات الرمضانية التي يمكن أن ينبسط فيها لينسي معاناته مع الصيام كل نهار، ويبقي كل منهم طوال الشهر يغني علي ليلاه وكل يتلعبك في لعبكته.
المتلعبكون في الشارع يوميًا قبل الإفطار يمنحونك الشعور بأن العالم سينتهي بإطلاق مدفع الإفطار، لذا يحرصون علي أن يكونوا في أماكنهم المختارة حين يضرب المدفع، وأيضًا المتلعبكون في الشهر يتعاملون وكأن نهاية العالم ستأتي مع الهلال الجديد الذي سيولد في السماء ليعلن نهاية الشهر فيحرص كل منهم علي ملء جعبته بما يقدر عليه من خيرات الشهر «وكل واحد وتعريفه للخيرات بقي».
وفجأة تنتهي اللعبكة ويضرب المدفع ويندهش كل من ينزل إلي الشارع ساعتها من خلو الشارع «أي شارع» من البشر والسيارات والشتيمة، فهذه هي اللحظة التي ستتمكن من أن تستمتع فيها بخلو المدينة «أي مدينة» من الزحام، لن تقابل سوي أولئك الشباب الذين يبحثون في عينيك عن نظرة رضا وتقدير وهم يعطونك بعض التمرات أو مشروبًا ما بكرم وحميمية وصدق «وبالعافية أحيانًا»، وفي هذه اللحظة بالذات يكون كل الذين يسبون ويشتمون من ساعات قليلة علي موائدهم أو في بيوت من عزموهن يأكلون بنهم ولهفة وكأنهم يريحون أعصابهم التي احترقت ويستعيدون التوازن بالأكل والشرب، ويشعل البعض سجائره في حميمية وافتقاد وكأنهم يعيدون أرواحهم إلي أماكنها الطبيعية بعيدًا عن مناخيرهم.
وبعد أيام معدودة ينتهي الشهر وينفض المولد وتنتهي لعبكة كل الناس ويعود كل منهم إلي مكانه الطبيعي وحياته السابقة ، الآلاف التي عرفت طريق المساجد في رمضان تعود لحالها بعد مرور ثلاثين يومًا وينتظرون مرور السنة وقدوم رمضان جديد ليعودوا للمساجد في طقس رمضاني «جميل»، والذين استثقلوا الصيام يعودون لحياتهم كيفما شاءوا، ولا يجد الناس عذرًا يلصقون به النرفزة والسباب حين لا تصير الدنيا صيام، تنتهي اللعبكة دون أن يفهم الكثير من الناس شيئًا، مثلهم مثل ذلك الطفل الذي عرف أن رمضان هو شهر شراء الفانوس والهتاف «وحوي يا وحوي.. إياحة» بدون أن يفهم معني كلمة إياحة، والتي لن أندهش لو عرفت أنها ترجمة لكلمة لعبكة بلغة الأطفال، والله أعلم.. وكل سنة وأنتم...
في المشهد العشرات من الساخطين من أنهم لن يلحقوا الإفطار في بيوتهم أو في بيوت من عزموهم، ووسطهم العشرات من اللي مش فارقة معاهم يلحقوا إفطارهم أو لا يلحقوه، وبينهم عدد ممن يبحثون بلهفة عن علبة السجائر كي يضمنوا إفطارهم ويستعجل أحدهم المدفع، لا ليفطر بل فقط ليشعل سيجارته، يتداخل كل هؤلاء البشر وكل هذه الأصوات والصور في المشهد لتشعر أن هذه اللعبكة أبدية ويستحيل أن تنتهي حتي بعد المغرب بساعات.
وتلك الحالة العجيبة من اللعبكة تستمر علي مدار الشهر، يقع فيها البشر علي اختلاف أطيافهم، فهذا رجل منهمك في التفكير والبحث عن موارد يغطي بها نفقات مستلزمات رمضان وعزائمه ومن بعده العيد، وهذه سيدة تحاول جاهده البحث عن ترتيب لليوم يمكنها من مشاهدة أكبر عدد من مسلسلات رمضان «اللي أكتر من الهم ع القلب»، بينما يفكر آخر في إيجاد وقت لختم القرآن أكثر من مرة مع الحفاظ علي صلاة التراويح ومشاهدة الكثير من برامج الأساتذة الدعاة والتي تنافس في غزارتها مسلسلات رمضان، وهناك بالطبع من يفكر جاهدًا في الوصول لأفضل الخيمات الرمضانية التي يمكن أن ينبسط فيها لينسي معاناته مع الصيام كل نهار، ويبقي كل منهم طوال الشهر يغني علي ليلاه وكل يتلعبك في لعبكته.
المتلعبكون في الشارع يوميًا قبل الإفطار يمنحونك الشعور بأن العالم سينتهي بإطلاق مدفع الإفطار، لذا يحرصون علي أن يكونوا في أماكنهم المختارة حين يضرب المدفع، وأيضًا المتلعبكون في الشهر يتعاملون وكأن نهاية العالم ستأتي مع الهلال الجديد الذي سيولد في السماء ليعلن نهاية الشهر فيحرص كل منهم علي ملء جعبته بما يقدر عليه من خيرات الشهر «وكل واحد وتعريفه للخيرات بقي».
وفجأة تنتهي اللعبكة ويضرب المدفع ويندهش كل من ينزل إلي الشارع ساعتها من خلو الشارع «أي شارع» من البشر والسيارات والشتيمة، فهذه هي اللحظة التي ستتمكن من أن تستمتع فيها بخلو المدينة «أي مدينة» من الزحام، لن تقابل سوي أولئك الشباب الذين يبحثون في عينيك عن نظرة رضا وتقدير وهم يعطونك بعض التمرات أو مشروبًا ما بكرم وحميمية وصدق «وبالعافية أحيانًا»، وفي هذه اللحظة بالذات يكون كل الذين يسبون ويشتمون من ساعات قليلة علي موائدهم أو في بيوت من عزموهن يأكلون بنهم ولهفة وكأنهم يريحون أعصابهم التي احترقت ويستعيدون التوازن بالأكل والشرب، ويشعل البعض سجائره في حميمية وافتقاد وكأنهم يعيدون أرواحهم إلي أماكنها الطبيعية بعيدًا عن مناخيرهم.
وبعد أيام معدودة ينتهي الشهر وينفض المولد وتنتهي لعبكة كل الناس ويعود كل منهم إلي مكانه الطبيعي وحياته السابقة ، الآلاف التي عرفت طريق المساجد في رمضان تعود لحالها بعد مرور ثلاثين يومًا وينتظرون مرور السنة وقدوم رمضان جديد ليعودوا للمساجد في طقس رمضاني «جميل»، والذين استثقلوا الصيام يعودون لحياتهم كيفما شاءوا، ولا يجد الناس عذرًا يلصقون به النرفزة والسباب حين لا تصير الدنيا صيام، تنتهي اللعبكة دون أن يفهم الكثير من الناس شيئًا، مثلهم مثل ذلك الطفل الذي عرف أن رمضان هو شهر شراء الفانوس والهتاف «وحوي يا وحوي.. إياحة» بدون أن يفهم معني كلمة إياحة، والتي لن أندهش لو عرفت أنها ترجمة لكلمة لعبكة بلغة الأطفال، والله أعلم.. وكل سنة وأنتم...