abomokhtar
17-06-2017, 09:47 AM
الواقع الذي نعيشُه اليوم يَشهد على اختفاء الدِّين مِن حياتنا اليوميَّة، وذلك ناتج عن قُصورٍ في فَهم الإسلام الذي حصَرناه في الشَّعائر التعبُّديَّةِ فقط؛ مِن صلاةٍ وصيام، وزكاة وحجٍّ، في حين لا نجد تَطبيقًا لتوجيهات الإسلام في حياتنا اليوميَّة في مختلِف المجالات على تنوُّعها وتعدُّدِها، وحتى إن وجدنا تطبيقاتٍ لهذه التوجيهات فستكون بنسبةٍ قليلة فقط رغم وجود عدد كَبير ممَّن يحرصون على أداء الشَّعائرِ حِرصًا شديدًا، خصوصًا الصَّلاةَ التي هي عمادُ الدِّين، لكن في المقابل نرى تفريطًا في المعاملات؛ كأنَّ الله الذي نقف بين يديه في الصَّلاة خمس مرَّاتٍ في اليوم لا يرانا ولا يكون معنا بعد فراغنا مِن الصلاة، كأنَّنا مصابون بانفصامٍ في الشخصيَّة.
*
ما يؤكِّد هذا الانفصام والفَهم الخاطئ للدِّين هو ما تفعله بعضُ الممثِّلات أو المغنِّيات خلال إجراء حوارات تلفزيونيَّة أو إذاعيَّة؛ مِن تفاخر بكونها مسلِمة، وأنَّها حجَّتْ مرَّتين أو أكثر، وأنَّها تُصلِّي وتصوم، رغم كونها تلعب أدوارًا تمثيليَّة مخلَّة بالآداب، أو تصوِّر (فيديو كليب) فاضحًا، معتقدة أنَّها أدَّتْ واجبها الدِّينيَّ كاملاً؛ لأنَّها فهِمتْ أنَّ الإسلام هو الصلاة والزكاة والحج لا غير، وهذا هو الإفلاس.
*
يقول عليه الصلاة والسلام: ((أتَدرون ما المفلِسُ؟))، قالوا: المفلس فينا مَن لا دِرهم له ولا مَتاع، فقال: ((إنَّ المفلِس مِن أمَّتي مَن يأتي يومَ القيامة بصلاةٍ وصيامٍ وزكاة، ويأتي وقد شَتم هذا، وقذَف هذا، وأكَل مال هذا، وسفك دم هذا، وضرب هذا، فيُعطَى هذا مِن حسناته، وهذا مِن حسناته، فإن فنيَتْ حسناتُه قبل أن يُقضى ما عليه أُخِذ مِن خطاياهم فطُرحتْ عليه ثمَّ طُرح في النار))؛ [أخرجه مسلم والترمذي عن أبي هريرة].
*
الحديث يوضِّح مسألةً خطيرة يواجهُها المسلمُ، وهي ضَياعُ حسناته التي جمَعها مِن خلال العبادة الشعائريَّة نتيجة تَفريطه في العبادة التعامليَّة؛ فالشَّتم وأكلُ مالِ الناس بالباطل سواء مِن خلال المعاملات التجاريَّة أو الربويَّة وغيرها مِن فنون الخداع التي لا يتوقَّف أصحابها عن الإبداع فيها، وفي الإرث بالاستيلاء على نَصيب باقي الوَرَثة أو حرمان النِّساء مِن حقِّهم في التركة بغير وجه حقٍّ، وغيرها الكثير والكثير، هي قاصمة الظَّهر، وللأسف عمَّتْ بها البلوى، وأصبحَتْ الغالبيَّةُ تعمل بمبدأ (الغاية تبرِّر الوسيلة)، ولا يَلتفتون إن كانت هذه الغاية والوسيلة تُرضيان الربَّ أو تسخطانه ما داموا يُصلُّون ويزكُّون.
*
قال تعالى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا ﴾ [النساء: 58]، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ألَا لا إيمانَ لِمن لا أمانةَ له، ولا دِين لِمن لا عَهدَ له))؛ [أحمد عن أنس بن مالك]، أي: إنَّ مَن خان الأمانةَ - وهي مِن المعاملات - خالف اللهَ في أمره، ولا إيمانَ له حسب الحديث، ومنه نَستنتجُ أنَّ الشعائر مِن الدِّين وليست كل الدين.
*
فَهْمُنا العَقيم للإسلام جعَل الكثيرين ينفِّرون مِن الدِّين، نصلِّي ونصوم، ومنَّا مَن يحج كلَّ عام مرة، لكننا نغشُّ ونكذب ونحتال، فلو صحَّتْ معاملاتنا لأحبَّ الناس دينَنا.
*
وفي هذا يقول الشيخ محمد راتب النابلسي: "المشكلة الآن: إخواننا الأجانب يُسلِمون، هم صادقون مع الله عز وجل، يتألَّقون تألُّقًا في بلادهم، ثمَّ يأتون إلى الشَّرق - منبع الدين - فيتفاجؤون؛ يجدون الكذب، تأتي فتاة مثلًا أمريكيَّة، ألمانيَّة تسلم، تتألَّق في بلدها تألُّقًا، تأتي إلى الشرق فتقول: ليس معقولًا هؤلاء المسلمات يا شيخنا؟ لذلك أنا أقول: لو جاؤوا إلى الشَّرق قبل أن يُسلِموا لَما أسلَموا؛ لكنَّهم يسلمون نظريًّا، يتوهَّمون أنَّنا نحن في الشَّرق في استقامة، وأخلاق، يجدون العكسَ؛ لا يوجد عندنا استقامة، نحن عندنا شَعائر إسلاميَّة، عندنا شعائر صارخة فقط، أمَّا استقامة فلا يوجد أبدًا"؛ [شرح الحديث الشريف - إتحاف المسلم – الدرس ( 16 - 44)، الدين المعاملة].
*
لذا أقول لكَ أخي الكريم:
• عليك نفسَك، لا تبِع دينَك بثَمَن بَخْس؛ فالدِّين معاملة، وإنَّنا لم نُنصر لأنَّنا لسنا أهلًا للنَّصر، ولا أقول لك: لا تُصلي؛ بل صَلِّ وصُم، لكن هذا ليس كل الدين.
محمد رزوك
*
ما يؤكِّد هذا الانفصام والفَهم الخاطئ للدِّين هو ما تفعله بعضُ الممثِّلات أو المغنِّيات خلال إجراء حوارات تلفزيونيَّة أو إذاعيَّة؛ مِن تفاخر بكونها مسلِمة، وأنَّها حجَّتْ مرَّتين أو أكثر، وأنَّها تُصلِّي وتصوم، رغم كونها تلعب أدوارًا تمثيليَّة مخلَّة بالآداب، أو تصوِّر (فيديو كليب) فاضحًا، معتقدة أنَّها أدَّتْ واجبها الدِّينيَّ كاملاً؛ لأنَّها فهِمتْ أنَّ الإسلام هو الصلاة والزكاة والحج لا غير، وهذا هو الإفلاس.
*
يقول عليه الصلاة والسلام: ((أتَدرون ما المفلِسُ؟))، قالوا: المفلس فينا مَن لا دِرهم له ولا مَتاع، فقال: ((إنَّ المفلِس مِن أمَّتي مَن يأتي يومَ القيامة بصلاةٍ وصيامٍ وزكاة، ويأتي وقد شَتم هذا، وقذَف هذا، وأكَل مال هذا، وسفك دم هذا، وضرب هذا، فيُعطَى هذا مِن حسناته، وهذا مِن حسناته، فإن فنيَتْ حسناتُه قبل أن يُقضى ما عليه أُخِذ مِن خطاياهم فطُرحتْ عليه ثمَّ طُرح في النار))؛ [أخرجه مسلم والترمذي عن أبي هريرة].
*
الحديث يوضِّح مسألةً خطيرة يواجهُها المسلمُ، وهي ضَياعُ حسناته التي جمَعها مِن خلال العبادة الشعائريَّة نتيجة تَفريطه في العبادة التعامليَّة؛ فالشَّتم وأكلُ مالِ الناس بالباطل سواء مِن خلال المعاملات التجاريَّة أو الربويَّة وغيرها مِن فنون الخداع التي لا يتوقَّف أصحابها عن الإبداع فيها، وفي الإرث بالاستيلاء على نَصيب باقي الوَرَثة أو حرمان النِّساء مِن حقِّهم في التركة بغير وجه حقٍّ، وغيرها الكثير والكثير، هي قاصمة الظَّهر، وللأسف عمَّتْ بها البلوى، وأصبحَتْ الغالبيَّةُ تعمل بمبدأ (الغاية تبرِّر الوسيلة)، ولا يَلتفتون إن كانت هذه الغاية والوسيلة تُرضيان الربَّ أو تسخطانه ما داموا يُصلُّون ويزكُّون.
*
قال تعالى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا ﴾ [النساء: 58]، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ألَا لا إيمانَ لِمن لا أمانةَ له، ولا دِين لِمن لا عَهدَ له))؛ [أحمد عن أنس بن مالك]، أي: إنَّ مَن خان الأمانةَ - وهي مِن المعاملات - خالف اللهَ في أمره، ولا إيمانَ له حسب الحديث، ومنه نَستنتجُ أنَّ الشعائر مِن الدِّين وليست كل الدين.
*
فَهْمُنا العَقيم للإسلام جعَل الكثيرين ينفِّرون مِن الدِّين، نصلِّي ونصوم، ومنَّا مَن يحج كلَّ عام مرة، لكننا نغشُّ ونكذب ونحتال، فلو صحَّتْ معاملاتنا لأحبَّ الناس دينَنا.
*
وفي هذا يقول الشيخ محمد راتب النابلسي: "المشكلة الآن: إخواننا الأجانب يُسلِمون، هم صادقون مع الله عز وجل، يتألَّقون تألُّقًا في بلادهم، ثمَّ يأتون إلى الشَّرق - منبع الدين - فيتفاجؤون؛ يجدون الكذب، تأتي فتاة مثلًا أمريكيَّة، ألمانيَّة تسلم، تتألَّق في بلدها تألُّقًا، تأتي إلى الشرق فتقول: ليس معقولًا هؤلاء المسلمات يا شيخنا؟ لذلك أنا أقول: لو جاؤوا إلى الشَّرق قبل أن يُسلِموا لَما أسلَموا؛ لكنَّهم يسلمون نظريًّا، يتوهَّمون أنَّنا نحن في الشَّرق في استقامة، وأخلاق، يجدون العكسَ؛ لا يوجد عندنا استقامة، نحن عندنا شَعائر إسلاميَّة، عندنا شعائر صارخة فقط، أمَّا استقامة فلا يوجد أبدًا"؛ [شرح الحديث الشريف - إتحاف المسلم – الدرس ( 16 - 44)، الدين المعاملة].
*
لذا أقول لكَ أخي الكريم:
• عليك نفسَك، لا تبِع دينَك بثَمَن بَخْس؛ فالدِّين معاملة، وإنَّنا لم نُنصر لأنَّنا لسنا أهلًا للنَّصر، ولا أقول لك: لا تُصلي؛ بل صَلِّ وصُم، لكن هذا ليس كل الدين.
محمد رزوك