abomokhtar
04-07-2017, 07:49 AM
انتشر على مواقع التواصل الاجتماعيِّ مقطعٌ لشاب رائع في مقتبل العمر يحكي قصته مع مرضٍ مناعيٍّ أقعَدَه عن الحركة وأصابه بالكثير من الآلام، وجد تشافيه وتعايشه مع الألم عندما فتح المصحف على سورة الشرح، وشعر بأن آياتِها تُحاوره وتجيبه عن تساؤلات تعتمل في داخله في حوار فريد.
*
فحينما كان يتساءل عن العمل والحل لألم صدره، وجد الإجابة في قوله: ﴿ أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ ﴾ [الشرح: 1]، ولكن الألم شديد ومستمرٌّ فتأتيه الإجابة: ﴿ فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا * إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا ﴾ [الشرح: 5، 6].
*
وهكذا عاش حوارًا فريدًا بينه وبين القرآن "كلام الله"، استشعر بعده بطُمأنينة، وفتح له بابًا ليس لتلاوة القرآن فحسب، بل أُشعلت في نفسه طاقة القراءة بوجه عام حتى أنهى 50 كتابًا في ستة أشهر، وجعل من القراءة طريقًا للشفاء ومعايشة للألم الذي لا يزول.
*
إن قصة الشاب "زياد" ذكَّرتني بأيامنا الأولى في حلقات تحفيظ القرآن، حينما كان يعلِّمنا الشيخ سورة الفاتحة وأنها حوار بين الله وبين العبد مصداقًا للحديث الشريف؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: "سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((قال الله تعالى: قسمتُ الصلاة بيني وبين عبدي نصفين ولعبدي ما سأل:
فإذا قال العبد: ﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ [الفاتحة: 2].
قال الله تعالى: حمدني عبدي.
وإذا قال: ﴿ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ﴾ [الفاتحة: 3].
قال الله تعالى: أثنى عليَّ عبدي.
وإذا قال: ﴿ مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ ﴾ [الفاتحة: 4].
قال: مجَّدني عبدي.
فإذا قال: ﴿ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ﴾ [الفاتحة: 5].
قال: هذا بيني وبين عبدي ولعبدي ما سأل.
فإذا قال: ﴿ اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ * صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ ﴾ [الفاتحة: 6، 7].
قال: هذا لعبدي ولعبدي ما سأل))؛ رواه مسلم.
*
وهكذا ينبغي أن يتعامل المسلمُ مع "كلام الله" يتلوه بحياة، فيقف مع معانيه وعِبره أكثرَ مما يقف مع حروفه ورسمه، ويستشعر هذا الحوار فيقف مع التساؤل والاستفهام فيجيب عنه.
*
إذا مَرَّ برحمة طلبها، وإذا مَرَّ بعذاب تعوَّذ منه، يستشعر أنه المخاطَب مباشرة بهذه الآيات وهذا الكلام الربانيِّ، فيعمد إلى الأوامر فيأتمر بها، وإلى النواهي فينتهي عنها، وإلى الأحكام فيعمل على تطبيقها في واقع الحياة.
*
افتح قلبك لآيات الله وكلام الله، افهم وتدبَّرْ، اقرأ بقلبك قبل أن تقرأ عينُك، يومًا ما أتى الأصمعيَّ رجلٌ أعرابيٌّ، طلب منه أن يعلِّمه آياتٍ من كتاب الله، فعمدَ إلى سورة الذاريات، فلما بلغ قولَه تعالى: ﴿ وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ ﴾ [الذاريات: 22] توقَّفَ، فطلب منه المزيد فأكمل قوله تعالى: ﴿ فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ ﴾ [الذاريات: 23]، فصاحَ الأعرابيُّ: يا سبحان الله! من الذي أغضب الجليل حتى حلف؟ ألم يصدِّقوه حتى ألجؤوه إلى اليمين؟!
*
كلنا يمر على هذه الآيات ولم نقف معها وقفة الأعرابيِّ الذي لم يعطها أذنه بقدر ما وعاها بقلبه وعقله ووجدانه، مستحضرًا عظَمةَ المتحدث وجلالَ صاحب الكلام.
*
إن الذي ينتفع بهذا القرآن هو صاحب القلب الحيِّ: ﴿ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُبِينٌ * لِيُنْذِرَ مَنْ كَانَ حَيًّا وَيَحِقَّ الْقَوْلُ عَلَى الْكَافِرِينَ ﴾ [يس: 69، 70].
*
يقول الإمام الطبري في تفسيره: " يُنْذِر مِنْكُم أَيُّهَا النَّاس مَنْ كَانَ حَيَّ القَلْب، يَعْقِل مَا يُقَال لَهُ، وَيَفْهَمُ مَا يُبَيَّن لَهُ، غَيْر مَيِّتِ الفُؤَادِ بَلِيد".
*
إن الذي ينتفع بهذا القرآن هو من يسمع النداء فيلبِّي: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ ﴾ [الأنفال: 24]، ذكر الإمام الطبريُّ عن قتادة قوله في تفسير: ﴿ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ ﴾: "هُوَ هَذَا القُرْآن؛ فِيهِ الحَيَاةُ وَالعِفَّةُ وَالعِصْمَةُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَة".
*
إنَّ الذي ينتفع بهذا القرآن هو من يتعامل معه بكل صفاته، فهو هدى ونور، وشفاء ورحمة، وموعظة وبُشرى، ومباركٌ وعزيز وكريم، وبشير ومَجيد ونذير.
*
جاء في مسند الإمام أحمد عن ابن مسعود رضي الله عنه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما أصاب عبدًا همٌّ ولا حَزَنٌ فقال: اللهم إني عبدك، وابن عبدك، وابن أَمَتِك، ناصيتي بيدِك ماضٍ فيَّ حُكمُك، عدلٌ فيَّ قضاؤك، أسألك بكلِّ اسمٍ هو لكَ، سمَّيْتَ به نفسَكَ، أو أنزلتَه في كتابك، أو علَّمْتَه أحدًا من خلقك، أو استأثرتَ بهِ في علمِ الغيبِ عندك، أن تجعلَ القرآنَ ربيعَ قلبي، ونورَ صدري، وجلاءَ حزني، وذَهابَ همِّي؛ إلا أذهبَ اللهُ حزنَه وهمَّهُ، وأبدله مكانه فرحًا)).
أحمد مخيمر
*
فحينما كان يتساءل عن العمل والحل لألم صدره، وجد الإجابة في قوله: ﴿ أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ ﴾ [الشرح: 1]، ولكن الألم شديد ومستمرٌّ فتأتيه الإجابة: ﴿ فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا * إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا ﴾ [الشرح: 5، 6].
*
وهكذا عاش حوارًا فريدًا بينه وبين القرآن "كلام الله"، استشعر بعده بطُمأنينة، وفتح له بابًا ليس لتلاوة القرآن فحسب، بل أُشعلت في نفسه طاقة القراءة بوجه عام حتى أنهى 50 كتابًا في ستة أشهر، وجعل من القراءة طريقًا للشفاء ومعايشة للألم الذي لا يزول.
*
إن قصة الشاب "زياد" ذكَّرتني بأيامنا الأولى في حلقات تحفيظ القرآن، حينما كان يعلِّمنا الشيخ سورة الفاتحة وأنها حوار بين الله وبين العبد مصداقًا للحديث الشريف؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: "سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((قال الله تعالى: قسمتُ الصلاة بيني وبين عبدي نصفين ولعبدي ما سأل:
فإذا قال العبد: ﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ [الفاتحة: 2].
قال الله تعالى: حمدني عبدي.
وإذا قال: ﴿ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ﴾ [الفاتحة: 3].
قال الله تعالى: أثنى عليَّ عبدي.
وإذا قال: ﴿ مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ ﴾ [الفاتحة: 4].
قال: مجَّدني عبدي.
فإذا قال: ﴿ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ﴾ [الفاتحة: 5].
قال: هذا بيني وبين عبدي ولعبدي ما سأل.
فإذا قال: ﴿ اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ * صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ ﴾ [الفاتحة: 6، 7].
قال: هذا لعبدي ولعبدي ما سأل))؛ رواه مسلم.
*
وهكذا ينبغي أن يتعامل المسلمُ مع "كلام الله" يتلوه بحياة، فيقف مع معانيه وعِبره أكثرَ مما يقف مع حروفه ورسمه، ويستشعر هذا الحوار فيقف مع التساؤل والاستفهام فيجيب عنه.
*
إذا مَرَّ برحمة طلبها، وإذا مَرَّ بعذاب تعوَّذ منه، يستشعر أنه المخاطَب مباشرة بهذه الآيات وهذا الكلام الربانيِّ، فيعمد إلى الأوامر فيأتمر بها، وإلى النواهي فينتهي عنها، وإلى الأحكام فيعمل على تطبيقها في واقع الحياة.
*
افتح قلبك لآيات الله وكلام الله، افهم وتدبَّرْ، اقرأ بقلبك قبل أن تقرأ عينُك، يومًا ما أتى الأصمعيَّ رجلٌ أعرابيٌّ، طلب منه أن يعلِّمه آياتٍ من كتاب الله، فعمدَ إلى سورة الذاريات، فلما بلغ قولَه تعالى: ﴿ وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ ﴾ [الذاريات: 22] توقَّفَ، فطلب منه المزيد فأكمل قوله تعالى: ﴿ فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ ﴾ [الذاريات: 23]، فصاحَ الأعرابيُّ: يا سبحان الله! من الذي أغضب الجليل حتى حلف؟ ألم يصدِّقوه حتى ألجؤوه إلى اليمين؟!
*
كلنا يمر على هذه الآيات ولم نقف معها وقفة الأعرابيِّ الذي لم يعطها أذنه بقدر ما وعاها بقلبه وعقله ووجدانه، مستحضرًا عظَمةَ المتحدث وجلالَ صاحب الكلام.
*
إن الذي ينتفع بهذا القرآن هو صاحب القلب الحيِّ: ﴿ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُبِينٌ * لِيُنْذِرَ مَنْ كَانَ حَيًّا وَيَحِقَّ الْقَوْلُ عَلَى الْكَافِرِينَ ﴾ [يس: 69، 70].
*
يقول الإمام الطبري في تفسيره: " يُنْذِر مِنْكُم أَيُّهَا النَّاس مَنْ كَانَ حَيَّ القَلْب، يَعْقِل مَا يُقَال لَهُ، وَيَفْهَمُ مَا يُبَيَّن لَهُ، غَيْر مَيِّتِ الفُؤَادِ بَلِيد".
*
إن الذي ينتفع بهذا القرآن هو من يسمع النداء فيلبِّي: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ ﴾ [الأنفال: 24]، ذكر الإمام الطبريُّ عن قتادة قوله في تفسير: ﴿ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ ﴾: "هُوَ هَذَا القُرْآن؛ فِيهِ الحَيَاةُ وَالعِفَّةُ وَالعِصْمَةُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَة".
*
إنَّ الذي ينتفع بهذا القرآن هو من يتعامل معه بكل صفاته، فهو هدى ونور، وشفاء ورحمة، وموعظة وبُشرى، ومباركٌ وعزيز وكريم، وبشير ومَجيد ونذير.
*
جاء في مسند الإمام أحمد عن ابن مسعود رضي الله عنه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما أصاب عبدًا همٌّ ولا حَزَنٌ فقال: اللهم إني عبدك، وابن عبدك، وابن أَمَتِك، ناصيتي بيدِك ماضٍ فيَّ حُكمُك، عدلٌ فيَّ قضاؤك، أسألك بكلِّ اسمٍ هو لكَ، سمَّيْتَ به نفسَكَ، أو أنزلتَه في كتابك، أو علَّمْتَه أحدًا من خلقك، أو استأثرتَ بهِ في علمِ الغيبِ عندك، أن تجعلَ القرآنَ ربيعَ قلبي، ونورَ صدري، وجلاءَ حزني، وذَهابَ همِّي؛ إلا أذهبَ اللهُ حزنَه وهمَّهُ، وأبدله مكانه فرحًا)).
أحمد مخيمر