mr zidan sabry
08-10-2008, 07:00 AM
ما أجمل التكريم عندما يأتي من المعلم الذي كاد أن يكون رسولا, وما أسوأه عندما يتحول هذا التكريم إلي حفل عائلي واحتفاء شخصي لايمت بصلة للهدف الذي من أجله أقيم. الحكاية التي عشت ساعاتها الطويلة بدأت عندما اصطحبت زوجتي وابنتي طالبة الثانوية لحضور حفل تكريم الطلاب المتفوقين في مادة التاريخ بالثانوية العامة للمرحلتين الأولي والثانية بإحدي دور الحفلات الكبري بشارع صلاح سالم. الحفل ـ كما عرفت من أبنتي ينظمه سنويا وبمبادرة شخصية منه أستاذ مادة التاريخ في السنتر الذي كانت تتلقي فيه الدروس الخصوصية, وهو أحد المراكز العديدة التي يعمل بها الأستاذ ـ للطلاب الذين حصلوا علي المراكز الأولي في شهادة الثانوية العامة وكذلك للطلاب الذين حصلوا علي الدرجة النهائية في مادته ومن بينهم ابنتي, وصلنا إلي قاعة الحفل في الساعة السابعة مساء,
ووجدت عشرات من الطلبة والطالبات وأولياء أمورهم يصطفون علي المقاعد أمام المسرح المفتوح في إنتظار بدء الحفل الذي تأخر أكثر من ثلاث ساعات ظل خلالها أحد الشباب يقفز في الهواء علي خشبة المسرح الكبير ممسكا بالميكروفون مطالبا الأولاد وآباءهم برفع أياديهم في الهواء والتصفيق علي أنغام الموسيقي الصاخبة بمصاحبة الدي جي وملحا علي الأمهات بإطلاق زغرودة بين لحظة وأخري تعبيرا عن الفرحة وكأننا في عرس لاتنقصه إلا راقصة وراح هذا الشخص يكرر كلمات التشويق والترقب إيذانا بظهور المفاجأة المدهشة ومجئ الأستاذ الكبير والعبقري الفذ ملك التاريخ والامبراطور.. الخ. فجأة ساد المكان الصمت, ظهر خلال مجموعة من الشباب يرتدون الملابس الفرعونية يحملون صندوقا كالذي نراه منقوشا علي جدران المعابد الفرعونية للأمراء والملوك, ظن الحاضرون وكاتب هذه السطور منهم ـ أن بداخله يجلس الأستاذ كنوع من الاستعراض الفني من شأنه ان يدخل الفرحة والبهجة علي الأولاد والبنات المتفوقين وأسرهم, إلا أن المفاجأة المحبطة أظهرت أن داخل الصندوق السحري المضاء بالمصابيح الكهربائية المبهرة طفلا صغيرا لم يتجاوز الثلاث سنوات يرتدي ثيابا أنيقة وكرافت,
هو نجل سعادة الأستاذ وليس الأستاذ العبقري, مما أثار الدهشة المصحوبة بحالة من الاستغراب ـ خاصة بعد أن صعدوا به إلي خشبة المسرح حيث تم إنزاله علي أنغام الموسيقي, في هذه الأثناء أعلنت شاشات السينما المنتشرة حول المسرح وفي خارج القاعة الصيفية وصول الأستاذ داخل سيارة جيب سوداء دفع رباعي تتابعه كاميرات التصوير وهو يهبط من الباب الخلفي يحيط به لفيف من السادة الأصدقاء من بينهم مدرب حراس مرمي بأحد النوادي جاء خصيصا لحضور هذه المناسبة تاركا معسكر تدريب ناديه ـ علي حد قوله لجمهور الحاضرين, مرتديا ملابس رياضية, وبعد أن انتهت مراسم الاستقبال للأستاذ العبقري ـ توجه مباشرة نحو درجات قاعة المسرح وسط عاصفة ن التصفيق تنبعث من آلة الدي جي وجمهور المدعوين من الأبناء وأولياء الأمور المغلوبين علي أمرهم ـ تصاحبه الأضواء المبهرة المسلطة عليه وهو في كامل الأناقة مثله مثل نجوم المسرح والسينما, رافعا يديه لتحية الحاضرين بابتسامة تمتزج بالامتنان والعرفان لهؤلاء الناس الذين تكبدوا مشقة الحضور والانتظار الطويل لسيادته! تساؤلات عديدة تزاحمت في صدري وأنا أستمع إلي عبارات الضجر والضيق ممن يجلسون بجواري,
ولأن الفضول دفعني للانتظار حتي النهاية رغم حرارة المكان وارتفاع الرطوبة, فقد تصورت وأمثالي من الآباء أن لحظة تكريم الأبناء والبنات حانت بمجيء الأستاذ, لكن للأسف فوجئنا بأحد المذيعين باحدي قنوات التليفزيون يدير حوارا طويلا ومملا مع الأستاذ عن حياته وطفولته, وكأنه علي الهواء وأمام كاميرات الفيديو التي تنقل الحوار عبر الشاشات, ومن زوايا مختلفة بواسطة كاميرا متحركة علي ذراع طويلة تتحرك فوق الرؤوس, راح خلاله الأستاذ يحكي عن نفسه وتفوق أبنائه من البنات والبنين هذا العام والسنوات الماضية وكيف حقق طلابه المراكز الأولي في الشهادة الثانوية, ثم انتقل المذيع ـ الذي لا أعرف هل جاء مدعوا أم مكلفا من قناته التليفزيونية الأرضية ـ تصاحبه كاميرات تصوير الفيديو بالوقوف أسفل خشبة المسرح وأمام الجمهور لاستكمال الحديث عن الأستاذ وطفله في حوار بدا للسيد المذيع شيقا خاصة وأن الأستاذ ظل حاملا طفله بين يديه يداعب شعره الناعم ويقبل وجنتيه بين لحظة وأخري, بعد ذلك قام الأستاذ بالنداء علي عدد من الطالبات اللاتي حصلن علي الدرجات النهائية من خلال تلقيهن الدروس الخصوصية كسبب في تفوقهن في مادته,
كما تم كذلك سماع شهادات عدد من الطلاب الذكور الذين أجمعوا في الثناء عليه والإشادة بطريقته الرائعة في الشرح وتوصيل المعلومة في يسر وسهولة وشدته في الوقت نفسه مع المتكاسلين منهم, بل والاتصال بأولياء أمورهم بنفسه حرصا منه علي مستقبل أبنائهم. ثم توجه المذبيع التليفزيوني نحو صفوف الاباء والأمهات, وأدار حوارا آخر مع والدة الأستاذ العبقري يسألها عن سر تفوق نجلها وهل كان طالبا متفوقا في الثانوية العامة وكيف كان يذاكر وكيف تفوق وكيف نال هذه الشهرة, والحق أن السيدة والدة الأستاذ مثلها كأي ام اشادت بدأب أبنها ومذاكرته, وإصراره علي التفوق مؤكدة أنه كان يحب الدراسة وتحصيل العلم جدا, ثم التفت السيد المذيع إلي السيدة زوجة الأستاذ يسألها متي يغضب الأستاذ وما الذي يسعده وهل هو عصبي في البيت وما الذي يغضبها منه وهل يتأخر خارج البيت أم لا, ثم بدأ الأستاذ يتكلم ويعرب عن سعادته بالمتفوقين الذين أخذوا دروسا خصوصية علي يديه وفي السناتر التي يعمل بها,
وصال وجال ثم أبدي إعتذاره الشديد لعدم حضور الفنانين والمطربين الذين كانوا سيحيون الحفل الفني الساهر بسبب رافض الدار المشتق منها اسمه دخول كاميرات التليفزيون والفنيين!الغريب أن أحد المستشارين بوزارة التعليم ـ وفقا لما أعلنه مذيع الحفل ـ شهد الحفل وشارك في تكريم الأستاذ والطلاب قال موجها كلامه للأستاذ العبقري أنه في كل عام يمنحه رتبة اللواء إلا أنه مازال عسكري! في الختام تم تسليم الأبناء المتفوقين شهادات تفوق ممهورة بتوقيع الأستاذ الكبير! أما أنا ـ ومثلي آباء وأمهات ـ فخرجت حزينا علي ماوصل إليه حال التعليم في بلدي للدرجة التي أصبح يقيم فيها مدرسون حفلات فنية تتكلف آلاف الجنيهات يرعاها رعاة وشركات إعلانات ـ لمجرد الإعلان والدعاية عن أنفسهم وعن عبقريتهم التي لانراها في المدارس وأنما في السناتر...!
السؤال إذا كان هؤلاء المدرسون يمتلكون القدرة علي منح الجوائز وشهادات التفوق إلي هذه الدرجة. فأين وزارة التربية والتعليم من إنتشار ظاهرة السناتر التي يقبل عليها الطلاب تاركين مدارسهم تنعق فيها الغربان كما تشهد بذلك كشوف الحضور والغياب؟
الحفل نقدمه هدية للوزير الدكتور الجمل الذي يؤكد كل يوم انتهاء عصر السناتر والدروس الخصوصية!
ووجدت عشرات من الطلبة والطالبات وأولياء أمورهم يصطفون علي المقاعد أمام المسرح المفتوح في إنتظار بدء الحفل الذي تأخر أكثر من ثلاث ساعات ظل خلالها أحد الشباب يقفز في الهواء علي خشبة المسرح الكبير ممسكا بالميكروفون مطالبا الأولاد وآباءهم برفع أياديهم في الهواء والتصفيق علي أنغام الموسيقي الصاخبة بمصاحبة الدي جي وملحا علي الأمهات بإطلاق زغرودة بين لحظة وأخري تعبيرا عن الفرحة وكأننا في عرس لاتنقصه إلا راقصة وراح هذا الشخص يكرر كلمات التشويق والترقب إيذانا بظهور المفاجأة المدهشة ومجئ الأستاذ الكبير والعبقري الفذ ملك التاريخ والامبراطور.. الخ. فجأة ساد المكان الصمت, ظهر خلال مجموعة من الشباب يرتدون الملابس الفرعونية يحملون صندوقا كالذي نراه منقوشا علي جدران المعابد الفرعونية للأمراء والملوك, ظن الحاضرون وكاتب هذه السطور منهم ـ أن بداخله يجلس الأستاذ كنوع من الاستعراض الفني من شأنه ان يدخل الفرحة والبهجة علي الأولاد والبنات المتفوقين وأسرهم, إلا أن المفاجأة المحبطة أظهرت أن داخل الصندوق السحري المضاء بالمصابيح الكهربائية المبهرة طفلا صغيرا لم يتجاوز الثلاث سنوات يرتدي ثيابا أنيقة وكرافت,
هو نجل سعادة الأستاذ وليس الأستاذ العبقري, مما أثار الدهشة المصحوبة بحالة من الاستغراب ـ خاصة بعد أن صعدوا به إلي خشبة المسرح حيث تم إنزاله علي أنغام الموسيقي, في هذه الأثناء أعلنت شاشات السينما المنتشرة حول المسرح وفي خارج القاعة الصيفية وصول الأستاذ داخل سيارة جيب سوداء دفع رباعي تتابعه كاميرات التصوير وهو يهبط من الباب الخلفي يحيط به لفيف من السادة الأصدقاء من بينهم مدرب حراس مرمي بأحد النوادي جاء خصيصا لحضور هذه المناسبة تاركا معسكر تدريب ناديه ـ علي حد قوله لجمهور الحاضرين, مرتديا ملابس رياضية, وبعد أن انتهت مراسم الاستقبال للأستاذ العبقري ـ توجه مباشرة نحو درجات قاعة المسرح وسط عاصفة ن التصفيق تنبعث من آلة الدي جي وجمهور المدعوين من الأبناء وأولياء الأمور المغلوبين علي أمرهم ـ تصاحبه الأضواء المبهرة المسلطة عليه وهو في كامل الأناقة مثله مثل نجوم المسرح والسينما, رافعا يديه لتحية الحاضرين بابتسامة تمتزج بالامتنان والعرفان لهؤلاء الناس الذين تكبدوا مشقة الحضور والانتظار الطويل لسيادته! تساؤلات عديدة تزاحمت في صدري وأنا أستمع إلي عبارات الضجر والضيق ممن يجلسون بجواري,
ولأن الفضول دفعني للانتظار حتي النهاية رغم حرارة المكان وارتفاع الرطوبة, فقد تصورت وأمثالي من الآباء أن لحظة تكريم الأبناء والبنات حانت بمجيء الأستاذ, لكن للأسف فوجئنا بأحد المذيعين باحدي قنوات التليفزيون يدير حوارا طويلا ومملا مع الأستاذ عن حياته وطفولته, وكأنه علي الهواء وأمام كاميرات الفيديو التي تنقل الحوار عبر الشاشات, ومن زوايا مختلفة بواسطة كاميرا متحركة علي ذراع طويلة تتحرك فوق الرؤوس, راح خلاله الأستاذ يحكي عن نفسه وتفوق أبنائه من البنات والبنين هذا العام والسنوات الماضية وكيف حقق طلابه المراكز الأولي في الشهادة الثانوية, ثم انتقل المذيع ـ الذي لا أعرف هل جاء مدعوا أم مكلفا من قناته التليفزيونية الأرضية ـ تصاحبه كاميرات تصوير الفيديو بالوقوف أسفل خشبة المسرح وأمام الجمهور لاستكمال الحديث عن الأستاذ وطفله في حوار بدا للسيد المذيع شيقا خاصة وأن الأستاذ ظل حاملا طفله بين يديه يداعب شعره الناعم ويقبل وجنتيه بين لحظة وأخري, بعد ذلك قام الأستاذ بالنداء علي عدد من الطالبات اللاتي حصلن علي الدرجات النهائية من خلال تلقيهن الدروس الخصوصية كسبب في تفوقهن في مادته,
كما تم كذلك سماع شهادات عدد من الطلاب الذكور الذين أجمعوا في الثناء عليه والإشادة بطريقته الرائعة في الشرح وتوصيل المعلومة في يسر وسهولة وشدته في الوقت نفسه مع المتكاسلين منهم, بل والاتصال بأولياء أمورهم بنفسه حرصا منه علي مستقبل أبنائهم. ثم توجه المذبيع التليفزيوني نحو صفوف الاباء والأمهات, وأدار حوارا آخر مع والدة الأستاذ العبقري يسألها عن سر تفوق نجلها وهل كان طالبا متفوقا في الثانوية العامة وكيف كان يذاكر وكيف تفوق وكيف نال هذه الشهرة, والحق أن السيدة والدة الأستاذ مثلها كأي ام اشادت بدأب أبنها ومذاكرته, وإصراره علي التفوق مؤكدة أنه كان يحب الدراسة وتحصيل العلم جدا, ثم التفت السيد المذيع إلي السيدة زوجة الأستاذ يسألها متي يغضب الأستاذ وما الذي يسعده وهل هو عصبي في البيت وما الذي يغضبها منه وهل يتأخر خارج البيت أم لا, ثم بدأ الأستاذ يتكلم ويعرب عن سعادته بالمتفوقين الذين أخذوا دروسا خصوصية علي يديه وفي السناتر التي يعمل بها,
وصال وجال ثم أبدي إعتذاره الشديد لعدم حضور الفنانين والمطربين الذين كانوا سيحيون الحفل الفني الساهر بسبب رافض الدار المشتق منها اسمه دخول كاميرات التليفزيون والفنيين!الغريب أن أحد المستشارين بوزارة التعليم ـ وفقا لما أعلنه مذيع الحفل ـ شهد الحفل وشارك في تكريم الأستاذ والطلاب قال موجها كلامه للأستاذ العبقري أنه في كل عام يمنحه رتبة اللواء إلا أنه مازال عسكري! في الختام تم تسليم الأبناء المتفوقين شهادات تفوق ممهورة بتوقيع الأستاذ الكبير! أما أنا ـ ومثلي آباء وأمهات ـ فخرجت حزينا علي ماوصل إليه حال التعليم في بلدي للدرجة التي أصبح يقيم فيها مدرسون حفلات فنية تتكلف آلاف الجنيهات يرعاها رعاة وشركات إعلانات ـ لمجرد الإعلان والدعاية عن أنفسهم وعن عبقريتهم التي لانراها في المدارس وأنما في السناتر...!
السؤال إذا كان هؤلاء المدرسون يمتلكون القدرة علي منح الجوائز وشهادات التفوق إلي هذه الدرجة. فأين وزارة التربية والتعليم من إنتشار ظاهرة السناتر التي يقبل عليها الطلاب تاركين مدارسهم تنعق فيها الغربان كما تشهد بذلك كشوف الحضور والغياب؟
الحفل نقدمه هدية للوزير الدكتور الجمل الذي يؤكد كل يوم انتهاء عصر السناتر والدروس الخصوصية!