ليس بالإنفاق وحده يتطور التعليم http://www.elbadeel.net/templates/alzaama/images/printButton.png (http://www.elbadeel.net/index2.php?option=com_content&task=view&id=37879&pop=1&page=0&Itemid=41) http://www.elbadeel.net/templates/alzaama/images/emailButton.png (http://www.elbadeel.net/index2.php?option=com_content&task=emailform&id=37879&itemid=41) 23/11/2008
تناغمت في الفترة الأخيرة الأصوات والدراسات التي تشخص علة التعليم في عملية الإنفاق، بل اعتبرت أن الإنفاق هو الحل السحري لتطويرالتعليم في مصر. والحقيقة أنه لا أحد ينكر أهمية الإنفاق لتطوير أي مشروع، لكن عندما نتحدث عن التعليم فالأمر مختلف كثيراً، فزيادة الإنفاق - في تصوري- لن نطور التعليم في مصر، وهذا راجع إلي ضرورة وجود أسباب موضوعية لتطوير التعليم في مصرقبل الحديث عن الإنفاق، بمعني ضرورة أن يصبح التعليم احتياجاً مجتمعياً بما تعنيه هذه الكلمة من معاني، فتطوير التعليم يجب أن يأتي في سياق مشروع نهضوي للدولة اجتماعياً واقتصادياً وعلمياً وثقافياً بل سياسياً، أي أن يأتي التعليم كتعبير عن مشروع نهضوي،ويكون في القلب منه كمطلب اجتماعي واقتصادي وعلمي وسياسي، أما أن تكون فلسفة الاقتصاد في مصر قائمة علي اقتصاد المفك -الاقتصادي الخدمي وليس الاقتصاد الإنتاجي- فلن نكون هناك حاجة لتعليم متطور ولن نكون بحاجة ملحة لفنيين، ومهندسين، ومبرمجين، ومصممين ذوي مهارة عالية وكفاءة أعلي، وعندما يكون البحث العلمي زائداً علي الحاجة في مصر والأبحاث العلمية تستدفء أدراج المكاتب فلسنا بحاجة لتعليم متطور يلبي احتياجات البحث العلمي ويخرج باحثاً علي درجة عالية من الإبداع العلمي، لأننا ببساطة مستهلكون للعلم والتكنولوجيا ولسنا مشاركين في إنتاجها، وعندما يكون مشروع الدولة السياسي هو الاستقرار فلسنا بحاجة إلي تعليم ينمي القدرة علي الابتكار والابداع ويقدر قيمة النقد، ويرسخ قيمة الحرية، وعندما تكون ثقافة المجتمع قائمة علي رفض الآخر، والتحزب الاجتماعي، فلسنا أيضاً بحاجة لتعليم يحترم الآخر، ويعكس مكونات المجتمع المصري كله، ولايتقوقع داخل فترة بعينها. إن اختزال تطوير التعليم في الإنفاق هو دعاية حكومية، تهدف إلي التخلص من عبء ميزانية التعليم من الموازنة العامة أو تقليلها وفتح المجال للقطاع الخاص ليزيد أرباحه الاستثمارية ،والتركيز علي قضية الإنفاق في التعليم في بعض الدراسات الأخري- التي صدرت عن أشخاص نعتز بهم ونقدرهم ونثق في إخلاصهم الهائل لهذا الوطن - قد تخدم بشكل غير مباشر دعاة الحزب الوطني، التي تقول إن الدولة غير قادرة علي تحمل أعباء التعليم، ومن الضروري إلقاء العبء علي القطاع الخاص، وبالتالي تمهد لانسحاب الدولة المتسارع من التعليم، وننوه بأن قضية الإنفاق علي التعليم في مصر ليست بالقسوة التي يتصورها الكثير، كما أن الخدمة التعليمية ليست مجانية كما تريد الدولة أن تصور، فالمصريون يدفعون عشرات المليارات علي التعليم بشكل مباشر، كالإنفاق علي الدروس الخصوصية التي تصل في أقل تقدير إلي 15 مليار جنيه، والإنفاق بشكل غير مباشر علي المواصلات والطعام والمصروف اليومي... إلخ، هذا ناهيك عن الدروس الخصوصية الحكومية (المجموعات المدرسية) والتي تستفيد منها الإدارات التعليمية ووزارة التربية والتعليم ونقابة المعلمين، والتطوير التكنولوجي والتأمين الصحي-، أي أن الفقراء يقدمون الدعم للدولة وليس العكس- ومع كل هذا يكون المنتج النهائي للتعليم دون المأمول، لأننا كما قلنا سلفاً لاتتوافر الأسباب الموضوعية لتطوير التعليم، من هنا يمكن القول أن الإنفاق سيمكن الدولة من بناء مزيد من المدارس وإصلاح الأبنية التعليمية المتهالكة، وتوفير معامل حديثة إلي آخر القائمة وهذا مهم وضروري لكن لن يحقق تطويراً بالمعني الحقيقي حتي لو أنفقنا ذهباً، فهناك الكثير من الدول- الدول النفطية- التي أنفقت الكثير علي التعليم، وبالرغم من ذلك لا يمكن أن نقول إن لديها تعليماً متطوراً، إننا بحاجة إلي عقد اجتماعي جديد، لنتمكن من تطوير التعليم وبدون هذا سيكون الحديث عن قضية الإنفاق أشبه بعملية نقل دم لمريض يعاني من نزيف داخلي كما يقال <