مشاهدة النسخة كاملة : مقامة المتنبي


أحمد حافظ جلال
03-12-2008, 11:41 PM
مقامة الــــــــــمــــــتنبي
"شاعرُ الدنيا وشاغلُ النّاس"
لقيت أبا الطيب أحمد بن الحسين،فقلت له: إلى أين؟
قال:أقصد سيف الدولة في حلب،فعنده سوق عامرة بالأدب.
فقلت ياأبا الطيب،أشعارك كالصيب،ولي إليك حاجة.
فقال:هات ماعندك بغير لجاجة.
قلت:من أنت؟
قال:
أنا الذي نظر الأعمى إلى أدبي
وأسمعت كلماتي من به صممُ
الخيلُ والليلُ والبيداءُ تعرفني
والسّيفُ والرمحُ والقرطاسُ والقلمُ
قلتُ:أما ترى السفهاء ينالون العظماء؟
قال:
وإذا أتتك مذمتي من ناقص
فهي الشهادة لي بأن كاملُ
قلتُ:أراك تعبت في طلبك للمجد؟
قال:
وإذا كانت النفوس كباراً
تعبت في مرادها الأجسامُ
قلتُ:أما ترى أن المجد يتعب؟
قال:
لولا المشقة ساد النّاس كُلُهُمُ
الجودُ يفقرُ والإقدامُ قتّالُ
قلتُ:أرى السلف يتأثرون عند سماع القرآن ونحن لا نتأثر؟
قال:
لا تعذل المشتاق في أشواقه
حتى يكون حشاك في أحشائه
قلتُ:أرى المنافق أحياناً يبكي؟
قال:
إذا اشتبكت دموعٌ في خدود
تبيّن من بكى ممن تباكى
قلتُ:أرى واحداً منالناس يعادل أمة في الفضل؟
قال:
وإن تفق الأنام وأنت منهم
فإن المسك بعض دم الغزال
قلت :بعض اُلنّاس غلب عليه سوء الظن؟
قال:
إذا ساء فعل المرء ساءت ظُنُونُهُ
وصدّق مايعتادهُ من توهم
قلتُ:أعرفُ أغنياء ألسنتهم سخيّه وأيديهم بخيلة؟
قال:
جودُ الرجالِ منَ الأيدي وجودُهُمُ
منَ اللِّسانِ فلا كانوا ولا الجودُ
قُلتُ:أسمع لأعداء الإسلام شُبُهات يُثِرونَها عنه؟
قال :
وللهِ سرٌّ في عُلاك وإنَّما
كلامُ الورى ضَربٌ من الهذيانِ
قلتُ:مارأيك في الدنيا؟
قال:
لحَا الله ذي الدنيا مُناخاً لِراكبِ
فكُلُّ بعيدِ الهمِّ فيها مُعذَّبُ
قلتُ:بعضهم يستطيع أن يكون أفضل فلا يفعل؟
قال:
ولَم أرا في عيوبِ النَّاس عيباً
كنقصِ القادِرينَ على التمامِ
قلتُ: ومن خيرُ جليس؟
قال:
أعزُّ مكان في الدنيا سَرجُ سَابحٍ
وخيرُ جليسٍ في الأنامِ كتابُ
قلتُ:الرأيُ أفضل أم الشجاعة؟
قال:
الرأيُ قبل شجاعة الشجعانِ
هو أولٌ وهي المحلُّ الثاني
قلتُ:مارأيك في الكريم واللئيم؟
قال:
إذا أنتَ أكرمت الكريم ملَكتهُ
وإن أنت أكرمت اللئيم تَمَرَّدا
قلتُ:ماذا تقول في مقام النبي صلى الله عليهِ وسلم؟
قال:
إذا تغلغلَ فكرُ المرءِ في طرفٍ
مِن مجدِهِ غَرِقَت في خواطِرُهُ
قلتُ:هل تنفع العداوة،وتضر الصداقة؟
قال:
ومن العداوة ماينالك نفعه
ومن الصداقة ما يضرُّ ويُؤلِمُ
قلتُ:وبعضهم لا يرى إلا بالمحل العالي؟
قال:
على قدرِ أهلِ العزمِ تأتي العزائمُ
وتأتي على قدرِ الكرامِ المكارِمُ
قلتُ:ومرأيك في الحمَّى؟
قال:
وزائِرتي كأنَّ بها حياءً
فليس تزورُ إلا في الظلامِ
قلتُ:هل من كلمة أخيرة؟
قال:
يامن يَعِز علينا أن نفارقهم
وُجداننا كُلَّ شيء بعدكم عدمُ
قلتُ:وكلمة الوداع؟
قال:
رحلتُ فكم باكٍ بأجفان شادنٍ
عليَّ وكم باكٍ بأجفانٍ ضيغمِ
قلتُ:أما على فراقنا فلا تبكِ!!
قال:
قد كنتُ أشفِقُ من دمعي على بَصَري
فاليوم كُلُّ عزيزٍ بعدكم هانا
بقلم الدكتور الشيخ/عائض القرني
من كتابهِ مقامات عائض القرني
أنصح جميع من يهوى قراءة المقامات الأدبية والأشعار بقراءة هذا الكتاب الأكثر من راااااااااااااااااااااائع

عماد عبد الستار
04-12-2008, 10:43 PM
جزاك الله خيراً علي هذا الإضافة الجميلة.

أحمد حافظ جلال
04-12-2008, 11:10 PM
جزاك الله خيراً علي هذا الإضافة الجميلة.

شكرا لك أخي الكريم علي ردودك الدافعة