aboda
03-07-2006, 05:35 PM
:ph34r: لقد أدرك الإمام البنا أبعاد انهزام المسلمين الروحي والحضاري، وفهم سر ابتعادهم عن الإسلام، فدعاهم إلى تطبيق الإسلام وحملَهم على أسلوب في التربية متطابق مع منهج الإسلام، فأولَى الإنسانَ عنايتَه الكبرى، وربَّاه مراعيًا عناصره من روح وفكر وجسد، موازنًا بين هذه العناصر، مبتكرًا في وسائل التربية بما يحقق الغرض ويتناسب مع واقعنا المعاصر.
لذلك جاءت تربية الإمام البنا محقِّقةً للأهداف التي وضعها، والتي تتركز في تحقيق التفاعل بين روح الإسلام وبين أفراد الجماعة؛ بحيث يتحقق من هذا التفاعل تجريدُهم من ذواتهم ومن القِيَم الأرضية كلها، تجريدهم من الاعتزاز بكل ما يُعتزُّ به من حطامٍ وأهواءٍ ليعتزوا بالحق وحده؛ بحيث تتبع ذواتهم الحق، ولا تتبع أهواءهم ومشاعرهم الشخصية، وذلك بأن يتجردوا لله تجردًا خالصًا، وما أحلى وأصدق قوله- رضي الله عنه- في وصف ذلك النموذج الذي عمل على إيجاده وتكوينه: "أستطيع أن أتصوَّر المجاهدَ شخصًا قد أعدَّ عدته وأخذ أهبته وملك عليه الفكر فيما هو فيه نواحي نفسه وجوانب قلبه، فهو دائم التفكير، عظيم الاهتمام، على قدم الاستعداد أبدًا، إن دُعي أجاب، أو نودي لبَّى، غدوه ورواحه وحديثه وكلامه وجده ولعبه لا يتعدى الميدان الذي أعد نفسه له، ولا يتناول سوى المهمة التي وقف عليها حياته وإرادته، يجاهد في سبيلها، تقرأ في قسمات وجهه، وترى في بريق عينيه، وتسمع من فلتات لسانه ما يدلُّك على ما يضطرم في قلبه من جوًى لاصقٍ وألمٍ دفينٍ، وما تفيض به نفسه من عزمة صادقة وهمَّة عالية وغاية بعيدة".
هذا النموذج الذي حدد الإمام البنا خصائصه وملامحه لم يتركه دون توفير كل متطلبات العملية التربوية التي تكفل تكوينه، وهي تدور حول:
أولاً: المنهج الصحيح
وقد وجده الإخوان المسلمون في كتاب الله وسنة رسوله وأحكام الإسلام، بهذا المنهج وتطبيقاته في سيرة النبي الكريم وأصحابه أخَذَ الإخوان أنفسهم بتطبيق ما فهموه من دين الله تطبيقًا لا هَوادةَ فيه.
ثانيًا: القدوة الصالحة
لقد أدرك الإمام البنا خطورةَ هذا العنصر في العملية التربوية، فكان في شخصه مثلاً لهذه القدوة الصالحة، وأخَذَ عزائمَ الإخوان وهممهم بالمنهج الذي رسمه لهم، فأصبحوا أمثلةً يُحتذى بها في الحماس والتضحية والعمل للدعوة، وعلموا أن براعتهم لا تكون في ترديد نظريات التربية والتنظيم والتخطيط، ولكن بترجمة ذلك إلى وقائع محسوسة تسهم في الدفع المباشر والتطوير الفعلي لأجهزة الحركة، كما علم الأخ المسلم أنه في انطلاقه لحمل الناس على أن يقتدوا به محتاجٌ إلى أن يحوز دمعة المتهجِّد، وشجاعة المقاتل، وانتباه الفقيه، ذلك كله بفضل يقظة الضمير وحساسيته الذي أحدثه الإمام البنا في نفوس الإخوان، فجاء عملهم مع الناس متوخيًا الحِرصَ على رابطة القلوب واجتماع الكلمة بين المسلمين.
ثالثًا: البيئة الصالحة
كما أدرك الإمام البنا أهمية هذا العنصر في نجاح العمليه التربوية، فعمل على تهيئة الأجواء المناسبة لتكوين وتربية الأفراد، وذلك بتهيئة الجوِّ الإسلامي حتى تتكون منهم الطليعة المؤمنة التي تأخذ على عاتقها إعلاء كلمة الله، وذلك بما أُتيح لهم من محيط نظام الأُسَر والكتائب والمعسكرات، وفي نطاق مجالات العمل والنشاط في المساجد والمدارس والخدمات الصحية والشركات والبر والخدمات الاجتماعية.
ولقد أخذت جماعة الإخوان المسلمين بوسائل متعددة لبناء وتكوين الأفراد، والتي كان لها عظيمُ الأثر في إعداد وتربية الأجيال المتعاقبة من حمَلة هذه الدعوة المباركة والعاملين المجاهدين من أجل نصرة هذا الدين الحق، ولقد أثبتت الممارساتُ العملية لهذه الوسائل على مرِّ الزمن أنه لا بديلَ ولا غنى عنها، وأنها ما زالت صالحةً لتحقيق التربية السليمة والمتوازنة لأفرادها، ولقد حدَّدت الجماعة لكل وسيلة دورَها في البناء والتكوين، نذكر منها:
أولاً: الأسرة
الأسرة عند الإخوان المسلمين هي اللبنة الأولى في بناء الجماعة وتكوينها، كما أنها أساس التكوين للأفراد وأمثل الأساليب لتربية الفرد تربيةً متكاملةً، تتناول كل جوانب شخصيته، وتصوغ هذه الشخصية صياغةًً إسلاميةً وفق كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وتُعدُّ الأسرةُ من أهم الركائز التي يقوم عليها بناء الجماعة في تربيها وفق نظام أسري؛ من أجل الاستمرارية وإعداد الفرد إعدادًا إسلاميًّا متكاملاً، وفي ذلك يقول الإمام الشهيد حسن البنا: "يحرص الإسلام على تكوين أسر من أهله، يوجههم إلى المثل العليا، ويقوي روابطهم، ويرفع أخوَّتهم من مستوى الكلام والنظريات إلى مستوى الأفعال والعمليات"، ويقول الأستاذ حسن الهضيبي: "وليس نظام الأسر إلا تحقيق معاني الإسلام تحقيقًا عمليًّا بين الإخوان، فإذا هم حقَّقوا ذلك في أنفسهم صحَّ لهم أن ينتظروا ما وعد الله به المؤمنين من نصر.."، ويُعتبر نظام الأسر هو البناء الدقيق للجماعة لكي تستطيع القيام بمسئولياتها وواجباتها تجاه تحقيق النصرة لهذا الدين، وتحقيق العزة والرفعة لأمتنا الإسلامية.
ثانيًا: الكتائب
والكتيبة- كوسيلة تربوية- تعتني بتربية الروح، وترقيق القلب، وتزكية النفس، وتعويد البدن والجوارح على الاستجابة للعبادة بعامة وللتهجد والذكر والتدبر والفكر بصفة خاصة.
ثالثًا: الرحلات
والرحلات- كوسيلة تربوية- تعتني بتقوية البدن، وكذلك الترويح عن النفس، وتوثيق العلاقة بين الأفراد، وتعميق الارتباط بينهم، كما تُعنَى بتدريب الأفراد على الاعتماد على النفس وحسن التصرف وتحمُّل المشاق، والتزام النظام، والحرص على الانضباط، واكتساب الخبرات العملية.
رابعًا: المعسكرات
والمعسكرات- كوسيلة تربوية- تعمل على صبغ حياة الفرد بصبغة إسلامية لفترة تشتمل على عدد من الأيام؛ ليكتسب السلوكيات الإسلامية والآداب القرآنية، ويتدرب على ممارسة الجندية بكل معطياتها، من طاعة ونظام وتحمُّل وانضباط والتزام، كما يتدرب على تحمل المسئوليات العملية والتعرف على أعبائها وواجباتها.
خامسًا: المؤتمرات
والمؤتمرات- كوسيلة تربوية- تتيح للأفراد فرصةً جيدةً للاشتراك في المناقشة والحوار، كما تركِّز بعمق ودقة على تنمية الجانب الفكري والثقافي لدى الأفراد وتنمية الوعي وتعميق المعرفة لديهم تجاه القضايا المطروحة.
سادسًا: الدورات
والدورات- كوسيلة تربوية- تعمل على إكساب وتدريب الأفراد على المهارات الأساسية واللازمة في كافة مجالات وأنشطة الدعوة، كما تعمل على إكساب الخبرات والتجارب العملية بالتواصل الفعَّال مع أهل الاختصاص والخبرة.
سابعًا: الندوات
والندوات- كوسيلة تربوية- تُعنى بدراسة القضايا والمشكلات المطروحة والتعرُّف على جوانبها المختلفة وكيفية التعامل معها، كما تعمل على تعميق وعي الأفراد وتوحيد أفكارهم بما يحقق وحدة التصور والفكر.
إن هذه الوسائل التربوية بتكاملها وشمولها تعبر بصدق عن خصائص منهج التربية عند الإخوان المسلمين، وتدل على عبقرية البناء والتكوين عند الإمام الشهيد حسن البنا، الذي استطاع أن يؤلف ويربِّي الرجال أصحاب الهمم العالية والعزائم الصادقة، والذي سار على نهجه الأتباع والدعاة على مرِّ الأزمنة وفي سائر الاقطار.
وختامًا.. بعد ما تحدثنا عن أن التربية هي طريق النهضة من خلال تناولنا لـ:
- طبيعة الصراع وحقيقة المعركة وأهمية التربية كطريق للنهضة.
- مقومات البناء بشقَّيه النفسي (العقائدي والسلوكي) والتنظيمي.
- خصائص ومكونات العملية التربوية.
- وسائل التربية المتنوعة والمتكاملة.
نستطيع أن نخلص إلى عدة نقاط مهمة:
* إن للتربية عند الإخوان المسلمين أهميةً قصوى لا تدانيها أهميةٌ، ولقد أدرك الإخوان منذ خطواتهم الأولى أن أمثَل الطرق للإصلاح هي طريقة تربية الأفراد وفق منهج الإسلام ونظامه للوصول بهم إلى الغاية والأهداف المنشودة.
* إن منهج الإخوان في التربية اتباعٌ وليس ابتداعًا، فالتربية الإخوانية تنبع من كتاب الله وسنة رسوله، وتستعين بسِيَر الصحابة والتابعين وسِيَر الصالحين المجدِّدين من أئمة الهدى على مرِّ التاريخ الإسلامي كله.
* تعدد وسائل التربية لدى جماعة الإخوان المسلمين تعددًا يؤكد التكامل في تربية الفرد المسلم، وينبئ عن إدراكٍ عميقٍ للمنهج الصحيح الذي يجب أن تقوم عليه التربية الإسلامية.
* إن تربية الأمم وتكوين الشعوب ومناصرة المبادئ وتحقيق الآمال- كما قال الإمام الشهيد حسن البنا- تحتاج إلى القوة النفسية العظيمة التي تتمثل في:
- إرادة قوية لا يتطرق إليها ضعف.
- وفاء لا يعدو عليه تلوُّن أو غدر.
- تضحية عزيزة لا يحُول دونها طمعٌ أو بخلٌ.
- إيمانٌ بالمبدأ ومعرفةٌ به.
* إن سيادة الأرض والتمكين فيها يكون كما قال الله تعالى: ﴿وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمْ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْفَاسِقُونَ(55)﴾ (النور).
نسأل الله العلي القدير أن يمكِّن لهذه الأمة ولحَمَلة هذه الدعوة حتى تسعد البشرية جمعاء.
لذلك جاءت تربية الإمام البنا محقِّقةً للأهداف التي وضعها، والتي تتركز في تحقيق التفاعل بين روح الإسلام وبين أفراد الجماعة؛ بحيث يتحقق من هذا التفاعل تجريدُهم من ذواتهم ومن القِيَم الأرضية كلها، تجريدهم من الاعتزاز بكل ما يُعتزُّ به من حطامٍ وأهواءٍ ليعتزوا بالحق وحده؛ بحيث تتبع ذواتهم الحق، ولا تتبع أهواءهم ومشاعرهم الشخصية، وذلك بأن يتجردوا لله تجردًا خالصًا، وما أحلى وأصدق قوله- رضي الله عنه- في وصف ذلك النموذج الذي عمل على إيجاده وتكوينه: "أستطيع أن أتصوَّر المجاهدَ شخصًا قد أعدَّ عدته وأخذ أهبته وملك عليه الفكر فيما هو فيه نواحي نفسه وجوانب قلبه، فهو دائم التفكير، عظيم الاهتمام، على قدم الاستعداد أبدًا، إن دُعي أجاب، أو نودي لبَّى، غدوه ورواحه وحديثه وكلامه وجده ولعبه لا يتعدى الميدان الذي أعد نفسه له، ولا يتناول سوى المهمة التي وقف عليها حياته وإرادته، يجاهد في سبيلها، تقرأ في قسمات وجهه، وترى في بريق عينيه، وتسمع من فلتات لسانه ما يدلُّك على ما يضطرم في قلبه من جوًى لاصقٍ وألمٍ دفينٍ، وما تفيض به نفسه من عزمة صادقة وهمَّة عالية وغاية بعيدة".
هذا النموذج الذي حدد الإمام البنا خصائصه وملامحه لم يتركه دون توفير كل متطلبات العملية التربوية التي تكفل تكوينه، وهي تدور حول:
أولاً: المنهج الصحيح
وقد وجده الإخوان المسلمون في كتاب الله وسنة رسوله وأحكام الإسلام، بهذا المنهج وتطبيقاته في سيرة النبي الكريم وأصحابه أخَذَ الإخوان أنفسهم بتطبيق ما فهموه من دين الله تطبيقًا لا هَوادةَ فيه.
ثانيًا: القدوة الصالحة
لقد أدرك الإمام البنا خطورةَ هذا العنصر في العملية التربوية، فكان في شخصه مثلاً لهذه القدوة الصالحة، وأخَذَ عزائمَ الإخوان وهممهم بالمنهج الذي رسمه لهم، فأصبحوا أمثلةً يُحتذى بها في الحماس والتضحية والعمل للدعوة، وعلموا أن براعتهم لا تكون في ترديد نظريات التربية والتنظيم والتخطيط، ولكن بترجمة ذلك إلى وقائع محسوسة تسهم في الدفع المباشر والتطوير الفعلي لأجهزة الحركة، كما علم الأخ المسلم أنه في انطلاقه لحمل الناس على أن يقتدوا به محتاجٌ إلى أن يحوز دمعة المتهجِّد، وشجاعة المقاتل، وانتباه الفقيه، ذلك كله بفضل يقظة الضمير وحساسيته الذي أحدثه الإمام البنا في نفوس الإخوان، فجاء عملهم مع الناس متوخيًا الحِرصَ على رابطة القلوب واجتماع الكلمة بين المسلمين.
ثالثًا: البيئة الصالحة
كما أدرك الإمام البنا أهمية هذا العنصر في نجاح العمليه التربوية، فعمل على تهيئة الأجواء المناسبة لتكوين وتربية الأفراد، وذلك بتهيئة الجوِّ الإسلامي حتى تتكون منهم الطليعة المؤمنة التي تأخذ على عاتقها إعلاء كلمة الله، وذلك بما أُتيح لهم من محيط نظام الأُسَر والكتائب والمعسكرات، وفي نطاق مجالات العمل والنشاط في المساجد والمدارس والخدمات الصحية والشركات والبر والخدمات الاجتماعية.
ولقد أخذت جماعة الإخوان المسلمين بوسائل متعددة لبناء وتكوين الأفراد، والتي كان لها عظيمُ الأثر في إعداد وتربية الأجيال المتعاقبة من حمَلة هذه الدعوة المباركة والعاملين المجاهدين من أجل نصرة هذا الدين الحق، ولقد أثبتت الممارساتُ العملية لهذه الوسائل على مرِّ الزمن أنه لا بديلَ ولا غنى عنها، وأنها ما زالت صالحةً لتحقيق التربية السليمة والمتوازنة لأفرادها، ولقد حدَّدت الجماعة لكل وسيلة دورَها في البناء والتكوين، نذكر منها:
أولاً: الأسرة
الأسرة عند الإخوان المسلمين هي اللبنة الأولى في بناء الجماعة وتكوينها، كما أنها أساس التكوين للأفراد وأمثل الأساليب لتربية الفرد تربيةً متكاملةً، تتناول كل جوانب شخصيته، وتصوغ هذه الشخصية صياغةًً إسلاميةً وفق كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وتُعدُّ الأسرةُ من أهم الركائز التي يقوم عليها بناء الجماعة في تربيها وفق نظام أسري؛ من أجل الاستمرارية وإعداد الفرد إعدادًا إسلاميًّا متكاملاً، وفي ذلك يقول الإمام الشهيد حسن البنا: "يحرص الإسلام على تكوين أسر من أهله، يوجههم إلى المثل العليا، ويقوي روابطهم، ويرفع أخوَّتهم من مستوى الكلام والنظريات إلى مستوى الأفعال والعمليات"، ويقول الأستاذ حسن الهضيبي: "وليس نظام الأسر إلا تحقيق معاني الإسلام تحقيقًا عمليًّا بين الإخوان، فإذا هم حقَّقوا ذلك في أنفسهم صحَّ لهم أن ينتظروا ما وعد الله به المؤمنين من نصر.."، ويُعتبر نظام الأسر هو البناء الدقيق للجماعة لكي تستطيع القيام بمسئولياتها وواجباتها تجاه تحقيق النصرة لهذا الدين، وتحقيق العزة والرفعة لأمتنا الإسلامية.
ثانيًا: الكتائب
والكتيبة- كوسيلة تربوية- تعتني بتربية الروح، وترقيق القلب، وتزكية النفس، وتعويد البدن والجوارح على الاستجابة للعبادة بعامة وللتهجد والذكر والتدبر والفكر بصفة خاصة.
ثالثًا: الرحلات
والرحلات- كوسيلة تربوية- تعتني بتقوية البدن، وكذلك الترويح عن النفس، وتوثيق العلاقة بين الأفراد، وتعميق الارتباط بينهم، كما تُعنَى بتدريب الأفراد على الاعتماد على النفس وحسن التصرف وتحمُّل المشاق، والتزام النظام، والحرص على الانضباط، واكتساب الخبرات العملية.
رابعًا: المعسكرات
والمعسكرات- كوسيلة تربوية- تعمل على صبغ حياة الفرد بصبغة إسلامية لفترة تشتمل على عدد من الأيام؛ ليكتسب السلوكيات الإسلامية والآداب القرآنية، ويتدرب على ممارسة الجندية بكل معطياتها، من طاعة ونظام وتحمُّل وانضباط والتزام، كما يتدرب على تحمل المسئوليات العملية والتعرف على أعبائها وواجباتها.
خامسًا: المؤتمرات
والمؤتمرات- كوسيلة تربوية- تتيح للأفراد فرصةً جيدةً للاشتراك في المناقشة والحوار، كما تركِّز بعمق ودقة على تنمية الجانب الفكري والثقافي لدى الأفراد وتنمية الوعي وتعميق المعرفة لديهم تجاه القضايا المطروحة.
سادسًا: الدورات
والدورات- كوسيلة تربوية- تعمل على إكساب وتدريب الأفراد على المهارات الأساسية واللازمة في كافة مجالات وأنشطة الدعوة، كما تعمل على إكساب الخبرات والتجارب العملية بالتواصل الفعَّال مع أهل الاختصاص والخبرة.
سابعًا: الندوات
والندوات- كوسيلة تربوية- تُعنى بدراسة القضايا والمشكلات المطروحة والتعرُّف على جوانبها المختلفة وكيفية التعامل معها، كما تعمل على تعميق وعي الأفراد وتوحيد أفكارهم بما يحقق وحدة التصور والفكر.
إن هذه الوسائل التربوية بتكاملها وشمولها تعبر بصدق عن خصائص منهج التربية عند الإخوان المسلمين، وتدل على عبقرية البناء والتكوين عند الإمام الشهيد حسن البنا، الذي استطاع أن يؤلف ويربِّي الرجال أصحاب الهمم العالية والعزائم الصادقة، والذي سار على نهجه الأتباع والدعاة على مرِّ الأزمنة وفي سائر الاقطار.
وختامًا.. بعد ما تحدثنا عن أن التربية هي طريق النهضة من خلال تناولنا لـ:
- طبيعة الصراع وحقيقة المعركة وأهمية التربية كطريق للنهضة.
- مقومات البناء بشقَّيه النفسي (العقائدي والسلوكي) والتنظيمي.
- خصائص ومكونات العملية التربوية.
- وسائل التربية المتنوعة والمتكاملة.
نستطيع أن نخلص إلى عدة نقاط مهمة:
* إن للتربية عند الإخوان المسلمين أهميةً قصوى لا تدانيها أهميةٌ، ولقد أدرك الإخوان منذ خطواتهم الأولى أن أمثَل الطرق للإصلاح هي طريقة تربية الأفراد وفق منهج الإسلام ونظامه للوصول بهم إلى الغاية والأهداف المنشودة.
* إن منهج الإخوان في التربية اتباعٌ وليس ابتداعًا، فالتربية الإخوانية تنبع من كتاب الله وسنة رسوله، وتستعين بسِيَر الصحابة والتابعين وسِيَر الصالحين المجدِّدين من أئمة الهدى على مرِّ التاريخ الإسلامي كله.
* تعدد وسائل التربية لدى جماعة الإخوان المسلمين تعددًا يؤكد التكامل في تربية الفرد المسلم، وينبئ عن إدراكٍ عميقٍ للمنهج الصحيح الذي يجب أن تقوم عليه التربية الإسلامية.
* إن تربية الأمم وتكوين الشعوب ومناصرة المبادئ وتحقيق الآمال- كما قال الإمام الشهيد حسن البنا- تحتاج إلى القوة النفسية العظيمة التي تتمثل في:
- إرادة قوية لا يتطرق إليها ضعف.
- وفاء لا يعدو عليه تلوُّن أو غدر.
- تضحية عزيزة لا يحُول دونها طمعٌ أو بخلٌ.
- إيمانٌ بالمبدأ ومعرفةٌ به.
* إن سيادة الأرض والتمكين فيها يكون كما قال الله تعالى: ﴿وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمْ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْفَاسِقُونَ(55)﴾ (النور).
نسأل الله العلي القدير أن يمكِّن لهذه الأمة ولحَمَلة هذه الدعوة حتى تسعد البشرية جمعاء.