![]() |
جزاكِ الله خيرا أختي الغاليه
شكرا لمرورك |
ياااااااااااااااااااااا رب متتاخرش زي كل مرة واعراض الادمان تظهر!!!!!ههههههههههههههه جزاك الله خيرا يارب
|
سلامتك من الادمان مسلمه
الحلقه وصلت |
ـــــــــ*×*ـــ((5))ـــ*×*ـــــــــ أمسكت بذراع راوية في شدة و أنا أرجوها : ـ أرجوك يا راوية، أتوسل إليك يا حبيبتي تعالي معي إلى المستشفى! لا أريد أن أواجه ذاك المتوحش بمفردي!! هزت كتفيها دهشة و قالت : ـ و ما الذي يمكنني فعله من أجلك؟ أتكلم باسمك؟ اعذرها يا سيدي فقد فقدت القدرة على النطق من وقع الصدمة لما طلبتها للزواج!؟ قالت ذلك و انفجرت ضاحكة... ـ أنا لا أمزح يا راوية، تدخلين إليه و تقولين أنك مبعوثة من طرفي... أحسن لو تقولين أنك من طرف الكلية و أن الطالبة مرام تأخرت في إرجاع مطبوعة التقييم... ما رأيك؟ تفكرت راوية قليلا ثم قالت : ـ و هل تظنين من الصعب عليه أن يموه و يقول بأنه سيرسل المطبوعة لاحقا؟ أو يتصل أصلا بالمشرفين على التمارين في الكلية... فقد يكونون من أصدقائه فيتلاعب... لا لا يا مرام، يجب أن تواجهيه بنفسك و ننتهي من الحكاية مرة واحدة... يا إلهي... ألهمني الصبر و الثبات... تنهدت في تسليم، فأردفت راوية مداعبة : ـ ما رأيك في تأجيل العملية إلى ما بعد حفل الافتتاح... ستكون نفسيتك قد تحسنت و قد اكتسبت مناعة جديدة لمواجهة الموقف... حدجتها بنظرة صارمة... إنها لا تتعب من مشاكستي... خاصة أن الموضوع يروق لها... و بالفعل ذهبنا إلى حفل الافتتاح أولا... وصلنا مبكرتين كالعادة... و لم يكن الضيوف قد بدؤوا بالتوافد. لمحت عن بعد دالية تقف رفقة سهير. طبعا، فهي صديقتها المقربة! لكن ما إن رأتنا دالية حتى ركضت إلينا لتحيينا... ـ كنت أعلم أنكما لن تضيعا الفرصة! فأومأت راوية برأسها قائلة : ـ نعم، أكيد فمرام من المهووسين بميدان التنمية البشرية و لديها مختلف الموسوعات قد التي تتصورينها... أشرطة و كتب و محاضرات... و جعلتني أدمن معها! ثم انفجرت ضاحكة و ضحكت دالية، و قد احمر وجهي من الخجل! هداك الله يا راوية... تريد أن تجعل مني موضوع الحديث! ـ لحظة سأعود إليكما... جرت دالية إلى الجانب الآخر من القاعة، فتبعتها بعيني ثم لكزت راوية في بطنها : ـ ما الذي تفعلينه؟ ـ أخدم مصالحك يا ابنتي! الشاب أرسل أخته لتتعرف عليك و تأتيه بمعلومات عنك... فيجب أن يكون الحديث ثريا بحيث يحصل على ما يريد في أقصر وقت ممكن! ـ إنها افتراضاتك يا راوية! أنت من يقول أنه أرسلها في حين أن الفتاة تتصرف بكل عفوية... فلا تحملي القصة أكثر مما تستحق! ـ اسمعي كلامي و لن تندمي... حتى إن كانت تتصرف بعفوية، إذا أعجبت بك فسوف تتحدث عنك أمامه، فيحصل المراد على أية حال! دعيني أتصرف... عادت دالية و عادت راوية تحدثها عن موهبتي في الكتابة، و عن الرياضات التي مارستها، و عن الكتب التي تحويها مكتبتي الشخصية... سرحت بعيدا عنهما للحظات، حين انتبهت من جديد سمعت راوية تقول ضاحكة : ـ و أخيرا تقدم لها رئيس القسم الذي قامت فيه بتمرينها... و هي أكيد سترفض لأنه ليس الشخص المناسب لطموحاتها... تحول لوني إلى الأحمر القاني، و قلت مقاطعة الحديث : ـ متى يبدأ الحفل يا دالية فالقاعة بدأت تمتلئ... ابتسمت و قالت : ـ تركت حسام مع ضيوف الشرف، أكيد لن يتأخروا كثيرا، بضع دقائق فقط... سأنظر إن كان بإمكاني المساعدة بشيء ما... ثم انطلقت من جديد. فأمسكت بخناق راوية و أنا أعنفها : ـ ما الذي كنت تقولينه؟ هل كان من الضروري إثارة موضوع رئيس القسم؟! ـ طبعا يا حبيبتي، ليعلم أنك مرغوب فيك و مطلوبة للزواج و ليس من طرف أي شخص، بل من طرف رئيس قسم!! فعليه أن يبادر سريعا و إلا فستضيعين من بين يديه!! نظرت إليها مذهولة فاستطردت : ـ ألم أقل لك دعي الموضوع علي و سيتم كل شيء كما تريدين... في نفس تلك اللحظة حانت مني التفاتة، فلمحته يقف غير بعيد عنا!! التقيت عيوننا لبرهة، فابتسم ابتسامته المعهودة و حياني باقتضاب ثم... اختفى... لم أره فيما بعد أثناء الحفل... فقد كان يشرف على التنظيم و يتنقل باستمرار في القاعة. انقضى الحفل و انصرفت رفقة راوية... في اتجاه المستشفى!! ـ أليس الوقت متأخرا؟ سأذهب غدا... جرتني راوية بقوة و إصرار : ـ بل ستذهبين الآن حالا و سننتهي من الحكاية برمتها... إنها الساعة الخامسة، سيكون في مكتبه... تنهدت في ألم، لا أريد أن أراه ثانية!!!! دخلنا القسم... كانت هنالك حركة غريبة في الداخل... لمحت رنا فركضت إليها أسألها عم يحصل ـ هناك زيارة خاصة للقسم من طرف وزير الصحة!! ـ وزير الصحة هنا؟! ـ نعم زيارة مفاجأة... تطلعت ناحية المكتب... كان الباب مفتوحا. لمحت عددا من الأشخاص الذين يبدو عليهم الأهمية و الوقار... ممثلو الوزارة بكل تأكيد إنها فرصتك يا مرام!! تركت راوية واقفة عند رنا و انطلقت إلى المكتب... ـ يا مجنونة... إلى أين تذهبين... انتظري... تجاهلت نداء راوية و تقدمت إلى أن وصلت إلى الباب. طرقته بهدوء لأثير انتباه الحاضرين. التفت إلي الجميع و اشتعل وجه رئيس القسم و بادرني : ـ أهلا بك آنسة مرام... ألا ترين أنني في اجتماع مع سيادة الوزير؟! فأجبته في جدية و جرأة : ـ آسفة سيدي على الازعاج، لكنني في حاجة إلى مطبوعة التقييم للكلية، فقد تأخرت في ردها... و المسألة لن تستحق سوى توقيعك سيدي... نظر إليه الوزير و قال : ـ لا بأس... و قع الورقة، فليس هدفنا تعطيل المصالح العامة هنا... تناول رئيس القسم المطبوعة من الدرج حيث حفظها بعناية و وقعها على مضض... ثم سلمها لي في جفاء : ـ تفضلي... تناولتها و أنا لا أصدق عيني و وجدتني أبتسم شاكرة و أقول : ـ شكرا لك سيدي الوزير... دمتم ذخرا للوطن... |
تعليق : اسمحوا لي أن أضع تعليق قبل اليومية الجديدة التالية ،وهي أنني لاحظت أن مرام كلما تقع في مشكلة ما ، سبحان الله أجد إن هذه المشكلة قد حلت من عند الله ، وأظن أن السبب في هذا هو قربها من الله وتوكلها الشديد عليه ، أأسف على المقاطعة ، ولكن هو تعليق صغير أحببت أن أضعه ، ونعود الآن إلى متابعة اليومية الجديدة من الحلقة الخامسة |
الحلــــــــقة الخـــــــــامسة ـــــــــ*×*ـــ((1))ـــ*×*ـــــــــ استيقظت اليوم و أنا أحس بألم شديد في منطقة البطن و أسفل البطن... تمالكت نفسي بصعوبة و جلست في الفراش و أنا أتحسس موضع الألم ، و الألم يزداد...ما الذي يحصل معي؟ لا أتوقف عن التفكير... لشد ما أقلق من الاضطرابات الصحية! أخذت حبة مسكن للألم و قررت أن أتجاهل الأمر. لا عليك يا مرام، إنها حادثة بسيطة... بضع اضطرابات ثم سيسير كل شيء على ما يرام. حاولت أن لا أعير المسألة اهتماما. كنت أتابع محاضرة في نظام المناعة، حين فاجأتني الآلام من جديد... كانت أقوى هذه المرة. تركت الأوراق جانبا، و عضضت على أصابعي بشدة حتى لا أطلق صرخة وسط القاعة الملأى بالطلبة... كانت راوية جالسة إلى جانبي، في تركيز تام مع الدكتور المحاضر... التفتت إلي فجأة لتسألني : ـ هل سمعت ملاحظته الأخيرة؟ لم... ثم انتبهت إلى أنني لم أكن في وضع يسمح لي بإجابتها... ـ مرام، حبيبتي... ما بك؟ هل أنت بخير؟! أجبتها من بين أسناني و أنا أتلوى من الألم : ـ بطني يا راوية، بطني... أحس ألما شديدا... وقفت راوية فزعة و أخذت بذراعي لتقودني إلى خارج القاعة... و قد لحقتنا عيون كثيرة، لاحظت خروجنا المفاجئ قبل انتهاء المحاضرة. شرحت لراوية المشكلة و أنا أغالب دموعي فقالت بحزم : ـ يجب أن تذهبي إلى الطبيب... سأتصل بوالدتك لتأتي بالسيارة... جلست لأستريح و أنا في غاية الإعياء، في حين سارعت راوية تتصل بأمي و تعلمها بحالتي الطارئة. ما لبثت أن رأيت سيارة أمي تظهر من باب الكلية، ثم تتوقف غير بعيد عنا في الساحة. نزلت أمي بسرعة و تركت السيارة مفتوحة... ركضت إلي في هلع شديد و احتضنتني قلقة : ـ ما بال صغيرتي؟! شرحت لها مجددا الأعراض فأخذتني من يدي و قالت : ـ سآخذك فورا إلى الطبيبة ... لست أدري كم لبثنا من الوقت جالستين في قاعة الانتظار، و أمي تمسح على رأسي في حنان و أنا قد استسلمت للآلام التي لم تتوقف... جاء دورنا. استمعت الطبيبة إلى أمي تصف لها الأعراض ثم فحصتني قبل أن تحرر وصفة مكونة من عدد غير قليل من الأدوية ثم قالت : ـ عليك المواظبة على هذا العلاج مدة شهرين... لا تقلقي... تجنبي حمل الأشياء الثقيلة و الوقوف مطولا... حاولي التمدد و الاسترخاء مرة كل 4 ساعات على الأقل لمدة ربع ساعة... و إن شاء الله تكون الحالة قد تحسنت حين نلتقي بعد انتهاء العلاج... نظرت إليها مستفسرة : ـ لكن ما الحالة يا دكتورة؟ أنا أدرس الطب و يمكنني أن أفهم... هزت رأسها مبتسمة و قالت : ـ جميل... لكنني لا أقدر أن أقول لك شيئا غير أن عمل المبيضين ليس منتظما حاليا... سنحاول من خلال العلاج أن نعيد النظام إلى طبيعته... ثم سننظر ما يمكننا فعله... لم يكن كلام الطبيبة مطمئنا أبدا... إنها تخفي عني حقيقة الوضع! يا إلهي... هل سأحرم من الإنجاب؟! |
ـــــــــ*×*ـــ((2))ـــ*×*ـــــــــ أمسكت راوية بيدي بين يديها و هي تبتسم في رقة : ـ اطمئني يا حبيبتي، إنها مجرد اضطرابات و إن شاء الله مع العلاج سيكون كل شيء على ما يرام... أرني ابتسامتك الجميلة! هززت رأسي في عناد و سحبت يدي من بين يديها و أنا أقول مغالبة دموعي : ـ لا يا راوية... الطبيبة لم تشأ أن تخبرني بكل الحقيقة... أنت تعلمين مثلي أن مهنة الطبيب توجب عليه التخفيف عن المريض و عدم تهويل المسألة مهما كانت خطيرة... حفاظا على روحه المعنوية... رمقتني راوية في أسى و قالت : ـ لكن لا يبدو أن طبيبتنا قد أفلحت في الحفاظ على روحك المعنوية... كانت الآلام قد خفت بعد أن بدأت أخذ الأدوية... و كان من الصعب علي حقا أن أتبع تعليمات الطبيبة، نظرا لكثرة الأدوية من جهة، و المحاضرات المتتابعة التي قد تتجاوز الساعات الخمس من جهة أخرى... لكن راوية كانت دائما إلى جانبي، تذكرني بموعد الدواء... و أمي توصلني بالسيارة كل صباح و أجدها في انتظاري آخر النهار... يا لهذا الدلال! كنت واقفة مع راوية في فترة الاستراحة من عصر ذاك اليوم. فجأة أخذت راوية تشدني من قميصي لتثير انتباهي و هي تهمس : ـ مرااااام... انظري من القادم!! التفتت لأراه على قيد خطوات مني... و ابتسامته المتألقة على شفتيه... كان من الواضح أنه يقصدنا!! ألقى التحية، فرددنا ثم ساد صمت رهيب بيننا كأن على رؤوسنا الطير قبل أن يبادر حسام قائلا : ـ آنسة مرام... كنت أريد أن أتحدث معك قليلا، لو سمحت... لن آخذ من وقتك الكثير... وقفت لا أعي ما الذي يجب علي فعله، في حين ابتعدت راوية خطوات و هي تقول : ـ تذكرت... علي أن أحضر حاجياتي... تركتها في قاعة المحاضرة... لن أتأخر عليك... ما الذي تفعله هذه البنت؟؟ كيف تتركني بمفردي معه؟ سوف ترى مني عقابا صارما!! احمر وجهي بشدة، و وقفت مطأطأة الرأس... رفعت عيني ببطء... كان وجهه يكاد ينفجر من الاحمرار... يا إلهي! رحمتك يا رب... ـ آنسة مرام... اعذريني إن كنت أعرضك لموقف محرج... لكن كان يجب أن أتحدث إليك قبل أن أقدم على خطوة جدية... و أخشى أن تكون مشاعري أحادية الجانب... لذا أردت أن أعرف رأيك المبدئي... يا إلهي... هذا ما كان ينقصني الآن... يا إلهي... كم انتظرت هذه اللحظة، و كم تخيلت هذا الموقف في أحلام اليقظة... كم عشتها بكل جوارحي و رأيت نفسي و أنا أهمس في خفر... أنا موافقة! كم حلقت مع الطيور و سرحت بين الفراشات و الدنيا لا تسعني... إنها السعادة التي تمنيتها إنه الرجل الذي انتظرته... لكن الآن... كل شيء تغير... إنه لا يعلم أنني قد لا أكون قادرة على الإنجاب... قد لا أقدر على إسعاده!! و لا يمكنني حتى أن أخبره... و كيف أكاشف رجلا أجنبيا عني بمشاكلي الصحية، بل و بأخص خصوصياتي؟! أي كلمات ستسعفني لأعبر؟ حبست دموعي التي بدأت تطل من نوافذ عيني... و ابتلعت ريقي الذي جف... ـ مرام... أنا معجب بك منذ فترة... معجب بأخلاقك و تدينك و طريقة تفكيرك و ثقافتك... و أريد أن أطلب يدك من والدك... إن كنت موافقة على إنشاء علاقة جدية بيننا... أي موقف يضعني فيه؟! أي حيرة أعيشها؟! أي ذنب جناه المسكين حتى أدخله دوامتي؟! إنه ككل الرجال يطمع في بيت سعيد يملؤه الأطفال بضحكهم البريء... يحلم بولد يملأ عليه حياته... لكنني قد لا أحقق له أمانيه... بل أكون قد خنت ثقته و خدعته إن وافقت دون أن أكون صريحة معه... و هو ما لن يسامحني عليه في المستقبل... و لن أسامح نفسي عليه أبدا! لا يجب أن أظل ساكتة، حتى لا يحسب أن السكوت علامة الرضا... ـ مرام... يبدو أن صمتي قد طال و قد أخذني حواري الداخلي مع نفسي... و خرج صوتي أخيرا، مبحوحا مليئا بالألم : ـ... أنا آسفة... و لكنني غير مستعدة حاليا... أحسست بوقع الصدمة عليه... أحسست بآماله تتبعثر... و أنا التي بعثرتها بكل قسوة... و أحسست بقلبي يتحطم بين ضلوعي... |
ـــــــــ*×*ـــ((3))ـــ*×*ـــــــــ لم تصدق راوية أذنيها حين رويت لها ما حصل بعد أن انصرف حسام مكسور الخاطر ـ هل جننتي يا مرام؟؟ كيف تقابلينه بمثل هذه الطريقة؟ أليست هذه هي اللحظة التي انتظرتها طويلا و تمنيتها من كل قلبك؟؟ كيف تفرطين فيها بكل سهولة؟؟ و الشاب المسكين، صدمته بقسوة كأنك لا تبالين به! ارتميت في حضن راوية و قد تدفقت دموعي غزيرة على خدي ـ لا تلوميني يا راوية فإنني أتعذب أكثر... ربتت على رأسي في أخوة صادقة و همست : ـ أنت مجنونة... تعذبينه و تعذبين نفسك و المسألة لا تستحق! رفعت رأسي و نظرت إليها بعينين تملؤهما الدموع : ـ كيف تقولين أن المسألة لا تستحق؟! كل من يتقدم لخطبة فتاة يتوقعها الفتاة المثالية التي يتمناها... و ينتظر منها أن تكون صادقة معه في كل ما يخصهما معا، و خاصة إن كانت غير قادرة على الإنجاب... تنهدت راوية ثانية و قالت : ـ يا مرام، يا حبيبتي... من قال أنك ستكونين غير قادرة على الإنجاب؟؟ هذا من علم الغيب و الغيب لا يعلمه إلا الله... ـ و لكن الاحتمال كبيرا نظرا للمرض الذي ألم بي... ـ يا مرام اسمعيني... كم من الفتيات السليمات اللاتي لا يشكون شيئا وجدن أنفسهن عقيمات بعد الزواج بدون سابق إنذار... و كم من عقيم، شفيت بعد طول صبر و توكل على الله فأنجبت! كله بتقدير من الله عز و جل... تنهدت في ألم و قلت في يأس : ـ ما الذي كان بإمكاني فعله؟ ـ كان بإمكانك مصارحته بالحقيقة... ـ كيف؟! لم أكن لأجد الكلمات المناسبة! الموضوع خاااااص جدا... لا يمكنني أن أتحدث فيه مع رجل، و أي رجل!! أين الحياء!؟ ـ كان بإمكانك تبليغه موافقتك، ثم تحدثين أخته بالتفاصيل... ـ لكنني أخاف من ردة فعله... أخاف أن يشفق علي و يتغاضى عن الأمر بشهامة منه... كرامتي ستجرح، لا أحب أن يشفق علي يا راوية! أريد أن أكون أميرته التي يحلم بها كما أريده أن يكون فارسي... و أخاف أن يتغاضى الآن... ثم يفكر مليا، فيعدل و يختلق أسبابا أخرى للانفصال بعد أن أكون قد بنيت آمالا عريضة... تناثرت دموعي من جديد و أنا أواصل : ـ و أخاف إن رفض مباشرة... كم ستكون صدمتي عنيفة... في الرجل الذي أراه مثالا للشهامة و الأخلاق العالية... و أخاف أكثر، إن أوهم نفسه بأن مرضي لن يؤثر في قدرتي على الإنجاب... ثم يحصل ما لا نرجوه... ارتفع نحيبي هذه المرة... ـ إني خائفة يا راوية... قد أفقد الكثير في هذه التجربة... أفقد الأمل، أو احترامي حسام أو كرامتي... لذا آثرت الانسحاب... هزت راوية رأسها في عدم موافقة : ـ و ما حصل هو أنك اخترت خسارة حسام نفسه! هل هذا ما تعتبرينه أخف الأضرار!؟ لم أعد أدري ما الصواب و ما الخطأ... يا إلهي رحمتك... ـ اسمعي... يجب أن يفهم حسام الموضوع، هل يرضيك أن يعتقد أنك رفضته لعيب فيه؟! كرامته أيضا جريحة! خاصة أن فتيات كثيرات ينتظرن الفرصة... و من سوء حظك أنك ضيعتها، فقد تقتنصه في لحظات ضعفه و انكساره فتاة أخرى لا تستحقه... و تكونين قد ضيعته من يدك و ضيعت مستقبل الشاب المسكين في نفس الوقت!! ـ لا يا راوية... حسام ليس بهذا الضعف! ابتسمت راوية و هي تحتضنني : ـ إن لم يكن حسام بهذا الضعف، فهو لن يبني حياته الزوجية و مستقبله على الشفقة... و لن يترك المجال لأي عاطفية متطفلة لكي تتحكم في قراره... اتركي له الخيار... أعطه الفرصة... أعطيه الفرصة؟ آه يا قلبي... صراع بين قلبي و عقلي... قلبي يرجو أن يعطيه الفرصة و يرى الأحلام الوردية أمامه... و عقلي يرفض بشدة، لا يفسح المجال للآمال و الافتراضات... و تكلمت أخيرا : ـ و لكنني رفضته يا راوية... كيف أفتح الموضوع ثانية؟! ابتسمت راوية مطمئنة : ـ دعي المسألة علي... نعم، لقد انتصر القلب على العقل... |
ـــــــــ*×*ـــ((4))ـــ*×*ـــــــــ توقفت السيارة أمام الكلية. فتحت الباب و قبلت أمي بسرعة ثم نزلت و هي تتابعني بتوصياتها : ـ لا تنسي موعد دوائك... انتبهي لنفسك جيدا... هززت رأسي موافقة و قطعت الشارع. على الرصيف كانت راوية في انتظاري رفقة... دالية... و على شفتيهما ابتسامتان غامضتان. اقتربت بخطوات مترددة، و قد فهمت أن وجود دالية مع راوية في انتظاري يعني بالتأكيد أنها تحدثت إليها بشأني! سارعت دالية بمعانقتي و هي تهمس : ـ حسام يبلغك سلامه... و يطلب موعدا مع والدك في أقرب وقت... كان لكلماتها وقع حلو في أذني، رافقه خفقان قلبي بشدة... من الفرحة! حسام...!!! يا لعناده! لقد وافق إذن! ترى ما الذي ما أبلغته به راوية؟! لكنه يريدني رغم ما سمع... و رغم كل ما يجهل عني... يا إلهي... أنت الرحيم بعبادك... و لكن... هل أستحق... نظرت إلي راوية في تمعن و قالت : ـ مرام... ما بك واجمة؟ ننتظر ردك... ألست موافقة؟ اغرورقت عيناي بدموعي الحبيسة و أجبت بصوت خفيض : ـ بلى... و لكن... استفسرت دالية في قلق و قد غاضت ابتسامتها : ـ و لكن ماذا؟ ـ ألا ينتظر حتى أنتهي من العلاج، ثم نتأكد... ضحكت راوية في رقة ثم قالت لدالية : ـ إنها تحتاج إلى رأي دكتور في الموضوع... و ليس أي دكتور! ابتسمت دالية بدورها و تأبطت ذراعي و هي تقول : ـ أخبريني أولا هل الموضوع الذي حدثتني به راوية هو السبب الوحيد لرفضك؟ طأطأت رأسي حياء و همست في خفر : ـ نعم! فابتهجت دالية قائلة : ـ الحمد لله! نتكلم في المفيد إذن! أخي... الدكتور حسام... يخبرك يا آنستي بأن الأدوية التي تتناولينها ليست سوى مقويات و معدلات هرمونية ... و ما دام المبيضان ينتجان البويضات فأنت يا أختي سليمة معافاة! و أما عن الإنجاب فهو يقول لك... الذرية الصالحة نعمة من الله، يرزقها من يشاء و يحرمها من يشاء... و ما الأمراض إلا مسببات! كما أنه يقول أن الرسول صلى الله عليه و سلم يقول : (الدنيا متاع و خير متاع الدنيا الزوجة الصالحة) فإن كانت زوجته صالحة فذاك من رضا الله و كفى! و هو على كل حال قد استخار قبل أن يكلمك و كان مطمئنا لاستخارته. فما عليك إلا أن تستخيري أنت أيضا... و إن شاء الله كل شيء يتم على خير... كانت كلماتها الرقيقة تمسح الهموم عن قلبي... لو أن كلامه عن مرضي يكون صحيحا... يا رب! يا الله! ما أحلى إيمانه بالاستخارة... و كم قلبه عامر بتقوى الله... ((و من يتق الله يجعل له مخرجا و يرزقه من حيث لا يحتسب)) أحسست بالصغار أمامه... أين إيماني من إيمانه!؟ كيف أني اهتززت أمام أول ابتلاء ابتلاني به الله تعالى و يئست من الدنيا و الله تعالى يقول في كتابه الحكيم : (( إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون)) يا رب أعوذ بك أن أكون من القوم الكافرين... أعوذ بك من ينسيني ابتلاؤك رحمتك يا رب إني وكلتك أمري كله... و من يتوكل على الله فهو حسبه يا الله كم أنا في حاجة إلى مزيد من التقرب منك... اللهم اكتب لي الخير حيث كان ثم رضني به... انتبهت على صوت دالية تقول مداعبة : ـ و طبعا إن كنت في حاجة إلى المزيد من التوضيحات، فالدكتور حسام ليس لديه مانع البتة في تقديم الشروح اللازمة في أي وقت شئت! تضرج وجهي... فتابعت دالية في مرح : ـ لو رأيت ما فعله بنا حسام في اليومين الماضيين! أمي كانت ستموت من القلق عليه... أغلق الغرفة على نفسه و رفض الطعام! و أخذ يتصرف كالأطفال، لا يرضيه شيء و لا أحد ينجح في رسم الابتسامة على شفتيه... لكن البارحة، انقلب وضعه كأنه كان يمثل علينا!! دخلت عليه بالدواء العجيب فقام كمن لا علة به، حملني بين ذراعيه و كاد يلقي بي من النافذة من شدة الفرح!! لم أر أخي بهذا الجنون من قبل! أفلتت مني ضحكة صغيرة... يا لأسلوب دالية المميز! فهتفت راوية في سعادة : ـ نعم يا مرام... اضحكي! كفاك بكاء و دموعا... ثم نظرت إلى دالية و هي تقول : ـ لو كان حسام اكتفى بالوجوم فمرام أغرقتنا في بحر من الدموع!! لكزت راوية بمرفقي لتصمت... و ضحكتا معا في مرح... في تلك اللحظات كان هنالك شخص رابع يقترب من موقفنا، بخطوات بطيئة مترددة... لم ألتفت... لكنني سمعت دالية تهتف و ابتسامتها تتألق : ـ أهلا أهلا بالدكتور! كأنه كان يراقبنا من مكان قريب، و حين اطمأن إلى استقرار الأوضاع قرر الالتحاق بنا! تقدم منا أكثر حتى وقف بيني و بين أخته، و كل منا يتجنب نظرات الآخر. حيانا في هدوء و أدب... ثم بادرني و أن أحس بنظراته تستقر علي بوداعة : ـ كيف حالك يا مرام؟ رفعت رأسي ببطء شديد، و ابتسامة خجلى ترتسم على شفتي : ـ بخير... كيف حالك أنت؟ ـ يسرني أنك وافقت أخيرا... كانت راوية تتأملنا كأننا لوحة زيتية أو المشهد الأخير من فلم رومانسي... تنتظر أن تكتب ((النهاية)) بخط عريض و على شفتيها ابتسامة حالمة! قاطعتنا دالية بضحكتها الطفولية و هي تهتف : ـ نسيت أن أقول لك يا مرام، أنني سأزوركم الليلة مع ماما... للتعارف و... ثم غمزتنا في مرح... فاحمر وجهانا دفعة واحدة... |
بجد القصة جامدة جدااااااااااااااااااااا ..
بليز كملي بسرعة !! |
ماشي لؤلؤه
من عنيا نورتي الموضوع |
ـــــــــ*×*ـــ((5))ـــ*×*ـــــــــ
اللهم إني أستخيرك بعلمك و أستقدرك بقدرتك، و أسألك بفضلك العظيم فإنك تعلم و لا أعلم و تقدر و لا أقدر، و أنت علام الغيوب اللهم إن كان في هذا الأمر خير لي في ديني و معاشي و عاقبة أمري فاقدره لي و يسره لي ثم بارك لي فيه و إن كان فيه شر لي في ديني و معاشي و عاقبة أمري، عاجله و آجله فاصرفه عني و اصرفني عنه و اكتب لي الخير حيث كان ثم رضني به... انتهيت من صلاة الاستخارة... تناولت المصحف من على الرف و جلست على سجادتي أتلو بعض آيات من ذكر الله الحكيم... كنت أحس براحة و سكينة تتسللان إلى قلبي... اللهم إني فوضت أمري كله إليك، و أنت على كل شيء قدير... سرحت لبضع لحظات... تذكرت زيارة دالية و أمها لنا منذ أيام قليلة مضت... كانت الأمسية رائعة بالفعل... أم حسام كانت في غاية اللطف و الرقة... و دالية أضفت على الجو طابعا مرحا و مسليا، يا لجمال روحها الطفولية! و كم تحدثت أمه عنه بفخر! نعم، من حقها أن تفخر بابن مثله... خفق قلبي في نشوة... و من حقي أن أفخر بأنه سيكون لي... تنهدت و خرجت آهة من صدري... يا رب! غدا أذهب إلى الطبيبة من جديد... لم أعد قلقة مثلما كنت في البداية، لكنني منقبضة بعض الشيء... أتساءل لم اخترت أن أكون طبيبة و قلبي ينقبض عند التفكير في الذهاب إلى طبيب! بل أن سيرة الأطباء لا تعني إلا الهموم و الأمراض و الابتلاءات الصحية و الأزمات النفسية ووو... لكنها مهنة إنسانية... تتطلب الكثير من التضحيات و حسا عاليا بالمسؤولية. ابتسمت و أنا أتخيل نفسي طبيبة تمارس مهنتها... كان الله في عونك يا مرام، حتى تحافظي على ابتسامتك مع كل مريض، و تتحلي بالصبر و تواصلي إتقان عملك من الصباح إلى المساء... عدت من الكلية مسرعة، كانت أمي ترتدي ملابسها فاستعجلتها ـ هيا يا أمي... حان موعد الذهاب... هل أخرجت السيارة؟ جاءني صوتها من الغرفة الداخلية : ـ حالا يا حبيبتي... لا تخافي سنكون في الموعد... ثم إننا كالعادة سنجد أصحاب المواعيد السابقة في قاعة الانتظار! كان الله في عون الدكتورة فكل مريض عندها يأخذ أكثر من وقته... رن جرس الهاتف فرفعت السماعة : ـ السلام عليكم و رحمة الله... ـ و عليكم السلام و رحمة الله و بركاته... كيف حالك يا مرام؟ إنها دالية... ـ الحمد لله... لدي موعد مع الطبيبة الآن... سنخرج بعد لحظات... قالت مشجعة : ـ سيكون كل شيء على ما يرام، لا شيء يستحق القلق... تنهدت فقالت : ـ على فكرة، هناك من يسأل عنك باستمرار... و يبلغك سلامه... لم أره منذ أيام... لم يعد يأتي إلى الكلية كثيرا، فهو يقوم بتربص في الوقت الحالي. ابتسمت و لم أعلق فواصلت... ـ و هو يقول لك بأن تتحلي بالثقة في الله... (صمتت لبضع لحظات ثم واصلت كأن هنالك من يلقنها ما تقول!) و أن الله يبتلي من يحبه... فاثبتي و احتسبي كل لحظة ألم... اسمعي، سأمرره لك! سمعت احتجاجا من الطرف الآخر من الخط و كلمات قليلة لم يصلني إلا صداها... ابتسمت حين جاءني صوته أخيرا في أدب و حياء جمييييل : ـ السلام عليكم و رحمة الله... ـ و عليكم السلام و رحمة الله و بركاته... ـ كيف أنت يا مرام؟ ـ الحمد لله بخير و عافية... كيف يسير تربصك؟ ـ بخير و الحمد لله... شكرا على سؤالك... كيف معنوياتك؟ ـ مرتفعة إن شاء الله... ـ رائع... أردت فقط أن أسلم عليك... و أقول لك لا تنسي أن الله معك... و أنني لن أتخلى عنك... ـ شكرا لك... يا حسام... كانت المرة الأولى أنطق فيها باسمه... لو لم يكن على الهاتف لما قدرت أن أنطق بها... اسم أحس له بوقع خاص على لساني... و يحمر وجهي بمجرد النطق به، كأنه من لغة غريبة محرمة علي... و أتجاوز حدودي إن تكلمتها! و أحسست بنفس وقع الكلمة على أذنيه... فقال بعد صمت قصير : ـ انتبهي إلى نفسك... و إن شاء الله أسمع منك أخبارا سارة هذا المساء... ـ إن شاء الله... ـ السلام عليكم و رحمة الله... ـ و عليكم السلام و رحمة الله و بركاته. وضعت السماعة و تنفست في ارتياح. كانت أمي تنظر إلي و على شفتبها ابتسامة حانية : ـ هيا بنا يا عزيزتي... فحصتني الطبيبة كالعادة و ملامح وجهها خالية من أي تعبير يجيب عن تساؤلاتي ثم قالت طرحت علي بضع أسئلة حول تطور الأعراض في الفترة الماضية : ـ ستقومين ببضع صور بالأشعة... ثم تعودين إلي... خرجنا إلى مخبر الأشعة... و عدنا بعد زهاء الساعة إلى العيادة من جديد... كنت قد بدأت أقلق. ما لزوم صور الأشعة إن كان كل شيء على ما يرام؟ يا رب رحمتك! لم أكن متأكدة من قدرتي على قراءة صور الأشعة لكنني أخرجت الصور و رحت أقلبها باحثة عن أي علامة تطمئنني... أو تؤيد مخاوفي... لكن دون فائدة... و أمي تنظر إلي ضاحكة : ـ هااا... إلى ماذا توصلت طبيبتنا الصغيرة؟ أعدت الصور إلى مكانها و أنا أزفر في قلق : ـ لا شيء... أخيرا دخلنا ثانية على الطبيبة... تناولت الصور و تابعتها بعيون متيقظة و هي تتأمل الصور واحدة إثر الأخرى باهتمام, ثم نظرت إلي و قد ارتسمت على وجهها ابتسامة... أخيرا! ـ الحمد لله على سلامتك... إن شاء الله تكونين قد شفيت تماما! لم أتوقع أن يؤتي العلاج مفعوله بهذه السرعة... لكن جميع الأعراض اختفت فأردت أن أتأكد بالصور... و الحمد لله، كل شيء على ما يرام... تنهدت في ارتياح... و أردت أن أقول لها : ليس العلاج يا عزيزتي ما يمنح الشفاء... إنما هو من الأخذ بالأسباب... لكن الصحة نعمة من الله تعالى يمنحها من يشاء و يحرمها من يشاء... تمت الحلقة الخامسة بحمد الله |
تعليق : جميلة أوي مرام ، جميلة بأدبها ، بحياءها ، بتوكلها على الله ، بمناجاتها لله ، بروحها الطيبة المرحة ، بجد جميلة جدا ، وبحبها جدا جدا ، ولا أخفيكم سرا إنها أثرت في جدا وفي شخصيتي. وفي انتظار تعليقاتكم إخوتي على اليوميه ،،، أترككم في رعاية الله |
جزاكى الله خيرا يا سارة على اليوميات
بس انا كنت نفسى تخلصيها قبل الكلية لانى للاسف ايام الدراسة مش هعرف اكمل |
اقتباس:
جزانا الله وإياكي أختي الغاليه بس الحقيقه والله صعب جدا إنها تكمل الوقتي لإن لسه ليها حلقات كتير بس هحاول انزل كذا حلقه |
الحلــــــــــقة الســــــــــــــادسة ـــــــــ*×*ـــ((1))ـــ*×*ـــــــــ ما أن انفردت بي راوية بعد المحاضرة حتى بادرتني و ابتسامة خبيثة على شفتيها : ـ هاااا... كيف تسير الأمور؟ نظرت إليها في استغراب و أنا أتصنع عدم الفهم : ـ مادا تقصدين؟ عن أية أمور تتحدثين؟ رفعت حاجبيها دهشة و هتفت : ـ مرااااام!!! هل ستخفين عني أخبارك مع حسام؟! و أنا صديقتك المقربة منذ زمن بعيد!؟ ابتسمت و قلت : ـ كان يجب أن توضحي سؤالك منذ البداية... ما أدراني أنك تتكلمين عن حسام!... على أية حال... لا شيء جدير بالذكر... سكتت للحظات قصيرة ثم أردفت : ـ غير أنه... تم تحديد موعد مع والدي... هتفت راوية في استنكار : ـ و تقولين لا شيء جدير بالذكر؟!! ألف مبروك يا حبيبتي!! في تلك اللحظة رن هاتفي الجوال... تناولته، و نظرت إلى الرقم الغريب الذي ظهر على الشاشة ـ من يكون يا ترى؟ ـ أجيبي و ستعرفين... أجبت في هدوء : ـ السلام عليكم و رحمة الله... فوجئت حين أجابني صوت رجل من الطرف الآخر هاتفا : ـ هاااي مرام! كيف حالك؟ ارتسمت علامات الحيرة و الجفول على وجهي، فتطلعت إلي راوية متسائلة فقلت في تشكك : ـ عذرا... من المتحدث؟ ـ أوووو مرام! ألم تعرفيني؟ أنا طارق! لم يبد لي للوهلة الأولى أن الاسم مألوف لدي ... ثم تذكرت أن لي ابن عمة اسمه طارق... سافرت عائلته إلى أمريكا منذ سنوات، و انقطعت علاقتي به تقريبا إلا من مكالمات قصيرة مع عمتي في الأعياد و المناسبات... ـ طارق؟!... طارق ابن عمتي سهام؟؟ جاءتني ضحكته عالية مستهترة : ـ نعم... هو بعينه! جيد أنك تذكرتني أخيرا! اتصلت بمنزلكم و أخذت رقمك من والدتك... ما رأيك في هذه المفاجأة؟! ابتسمت على مضض و قلت : ـ جميل منك أن تفكر في مكالمتي... ثم انتبهت إلى نقطة أثارت استغرابي فاستطردت : ـ لكن الرقم الذي تتصل منه ليس من أمريكا! ارتفعت ضحكته في أذني بصفة منفرة و هو يقول : ـ ذاك النصف الثاني من المفاجأة... فقد عدت لقضاء بضعة أيام في البلد... وصلت اليوم صباحا... سأكون عندكم هذا المساء... ـ هل عمتي سهام و بقية العائلة معك؟ ـ لا لا! جئت بمفردي و سأقضي بضعة أيام عندكم... إن قبلتم استضافتي بالطبع! و انفجر ضاحكا مرة أخرى! ـ اشتقت إليك كثيرا يا عزيزتي... أراك هذا المساء... و لك عندي نصيب آخر من المفاجآت ... باي!!! أغلقت الخط و على وجهي علامات دهشة و استنكار واضحة، فاستفسرت راوية : ـ ما الأمر؟ ما بك منزعجة؟ تنهدت و أنا أقول : ـ إنه ابن عمتي... كنا صديقين حميمين قبل سنوات، قبل التزامي يعني... و هو يكبرني بثلاث سنوات... سافر مع عائلته إلى أمريكا، و لم نتكلم منذ زمن طويل، و هو الآن قادم لقضاء بضعة أيام عندنا... يبدو أن كلانا تغير... لكن في اتجاهات متعاكسة! |
ـــــــــ*×*ـــ((2))ـــ*×*ـــــــــ دخلت من الباب الحديقة... فتناهت إلي أصوات صاخبة، ميزت من بينها صوت أخي ماهر. قطعت الممشى في خطى وئيدة ثم ارتقيت الدرج و قد أخذت الأصوات تتضح أكثر... يبدو أن طارق قد وصل! اقتربت من غرفة الجلوس... ـ السلام عليكم و رحمة الله... ألقيت التحية فالتفت إلي الحضور. كان طارق يجلس مع كل من أمي و أخي الصغير ماهر الذي يبلغ من العمر 18 سنة... وقف طارق و نظر إلي مطولا : ـ مرام؟! واااو... ما الذي فعلته بنفسك؟! لقد تغيرت فعلا... كان ينظر إلى تنّورتي الواسعة و سترتي الفضفاضة و حجابي الذي يغطي كتفي في شيء كبير من العجب... تأملت بدوري قميصه المزركش و سرواله الجينز "المرقّع" و قصّة شعره العجيبة و قلت : ـ أنت أيضا تغيرت كثيرا! كان قد قطع منتصف المسافة التي تفصلنا عندما سمع صوتي أبادر بالتحية، لكنه توقف حائرا ثم قال : ـ أتوقع أنك أصبحت لا تصافحين مثل أمك خالتي زينب... ابتسمت و هززت رأسي موافقة و لوحت له من بعيد... الحمد لله أنه استوعب الدرس دون متاعب! كنا نتفق كثيرا في فترة الطفولة و بداية الشباب، و نفهم بعضنا جيدا... يبدو أنه حافظ على البعض من قدرته على فهم ما يدور برأسي! عاد إلى أريكته و هو لايزال يهز رأسه و يمط شفتيه متعجبا : ـ لم أتوقع أن تتحجبي بهذه السرعة! فأنت مازالت في بداية شبابك و أمامك الفرصة للانطلاق و التمتع بجمالك... شعرك جميل جدا و طويل على ما أذكر... طأطأت رأسي في خجل... فقد كنت أتباهى كثيرا بجمال شعري و طوله خاصة في المناسبات العائلية... اللهم اغفر لي... بادرته أمي قائلة : ـ ألا تحدثنا عن أحوالكم هناك... كيف أمك و أخواتك؟ ـ بخير و الحمد لله... شكرا على سؤالك يا خالتي... سناء خطبت الشهر الماضي. تقدم لها شاب من زملائها في الشركة، أمريكي من أصل سويدي... شاب وسيم و عائلته غنية، كما أنه مهندس ممتاز... تبادلت نظرات طويلة مع أمي التي سارعت بسؤاله : ـ و هل هو مسلم؟ تكدرت ملامحه لكنه تظاهر بعدم الاهتمام و هو يقول في حرج، متحاشيا نظراتنا : ـ الحقيقة لا أعرف شيئا عن ديانته... تعرفين في أمريكا المجتمع لا يضع اعتبارا لمثل هذه الأمور! ما داما متفقين و منسجمين فذاك هو المهم... أما المعتقد فتلك حرية شخصية... اتسعت عيوننا دهشة ... لم أملك أن أعلق، لكن أمي التي بدأ وجهها يحمر سألته ثانية : ـ و ما رأي سهام و محمود في الأمر؟ ـ أمي و أبي؟ عارضا قليلا في البداية... لكن سناء تأثرت كثيرا برفضهما، فتدهورت حالتها الصحية و أضربت عن الطعام ثم حاولت الانتحار... حتى وافقا أخيرا... لم أكن أصدق ما أسمع... سناء؟! إنها تكبر أخاها بسنة واحدة... لم تكن قد ختمت تعليمها الثانوي حين سافرت عائلتها إلى أمريكا بسبب حصول عمي محمود على عقد عمل مغري هناك... كانت فتاة غاية في الجمال... مشاكسة و منطلقة. و أذكر أن مراهقتها لم تمر بهدوء حين كانت في البلد... لكن يبدو أن حالتها ازدادت تعقيدا هناك! فقد انقطعت عن الدراسة بعد أن أتمت بصعوبة بالغة دراستها الثانوية، و التحقت بالعمل كسكرتيرة في شركة مهمة هناك... سألته أنا هاته المرة : ـ و كيف حال سارة؟ ـ سارة... إنها متعبة حقا! بعد كل هذه السنين ترفض التأقلم مع الجو في أمريكا، فهي انطوائية و منعزلة عن أقرانها... و قد لبست الحجاب مؤخرا! مثلك... العيش في أمريكا يستوجب الكثير من المرونة للاندماج في المجتمع و بدء حياة جديدة... و إلا فمشاكل كثيرة ستكون في الانتظار! تنفست الصعداء... الحمد لله أن سارة لم تتغير و حافظت على دينها هناك! فهي أيضا كانت صديقة مقربة لي. يا حبيبتي يا سارة... لم تستطع أن تتعود على نمط العيش الذي لم يناسب طبعها الرقيق و الخجول... التفت إلي ثانية و قال : ـ كنت قد أحضرت لك بعض الهدايا... انظري... جذب حقيبته و أخرج مغلفا خاصا و مدني به. فتحته و العيون تتابعني... كان يحتوي عددا من القمصان الضيقة بدون أكمام ذات الألوان الصاخبة، و سروالا ذا شكل عجيب لا يمت إلى ما أعتبره "الذوق السليم" بصلة! و عددا آخرا من الإكسسوارات... أقراط و أدوات لتزيين الشعر... نظرت إليه مبتسمة، فبادرني قائلا : ـ أردت أن أفاجئك بآخر التقليعات الأمريكية في عالم الأزياء... لكن يبدو أنك لا تريدينها، أو بالأحرى لا أظنها مناسبة "للوكك" الجديد... أعدت إليه المغلف فتسلمه متضاحكا و قال : ـ لا بأس... يبدو أنه ليس من نصيبك! كان يبدو عليه الحزن و الأسف لأن مفاجأته لم ترق لي فقلت مغيرة الموضوع : ـ المهم، طمنا عنك... كيف تسير الأمور معك؟ انشرحت أساريره و هو يقول : ـ لقد تخرجت منذ سنة تقريبا من كلية التجارة... و قد فتحت مؤخرا مكتبا مع بعض أصدقائي للاستيراد و التصدير... و الأمور تسير بشكل مرض و الحمد لله... مرت السهرة في أحاديث عائلية ممتعة و قد استعدنا الكثير من الذكريات المشتركة التي تضحكنا و تسلينا... لكن قلبي كان منقبضا جراء ما وصلت إليه حال أبناء عمتي من أثر التغرب و محاولة الاندماج في مجتمع قيمه مختلفة و أسلوب حياته مختلف... في الصباح استيقظت كالعادة، و استعددت للذهاب إلى الكلية... ظننت أنني كنت أولى المستيقظين، لكن حين دخلت إلى المطبخ وجدت طارق يتناول إفطاره و أمي تقوم بتحضير إفطاري... رفعت حاجبي دهشة و أنا أحييهما فقال : ـ تعودت على الاستيقاظ باكرا مذ بدأت العمل... فعلي اغتنام كل لحظة فيما ينفع! نظرت إليه في إعجاب، ثم تناولت إفطاري على عجل و قمت مغادرة فلحقني قائلا : ـ انتظريني سآتي معك... التفتت إليه مستغربة فقال : ـ أعلم أنك ذاهبة إلى الكلية، سأوصلك ثم أتمشى قليلا في المدينة... نظرت إلى أمي التي هزت رأسها مشجعة و قالت : ـ يوما سعيدا لكما... يا إلهي... كيف سأخرج معه وحدنا و هو ليس من محارمي؟!! |
ـــــــــ*×*ـــ((3))ـــ*×*ـــــــــ خرجت من المنزل في خطوات واسعة و عريضة... أحث السير و أنا لا ألوي على شيء و طارق على إثري يحاول اللحاق بي في سباقي : ـ مرام... على مهلك... انتظريني... قلت دون أن ألتفت : ـ لدي موعد مع صديقتي أمام الكلية... أخاف أن أتأخر عليها... إن كنت تريد التنزه فلا بأس، أراك لاحقا... لحق بي بسرعة و هو يقول : ـ لا، لا... يمكنني أن أتنزه فيما بعد... لكن ظننت أنه يمكننا أن نتحدث على الطريق قليلا... ما الذي يريد أن يحدثني به؟ ألم نتحدث طوال السهرة في الليلة الماضية؟ أم لديه مفاجآت جديدة؟؟ كان يسير إلى جانبي و هو يقول : ـ ربما تغيّر كل منا في شكله... لكننا في الداخل لم نتغيّر... أليس كذلك؟ تطلع إلي و هو يبتسم... تنهدت و أنا أنظر إلى شكله الذي يثير حيرتي : ـ آمل ذلك... فإن لم تكن قد تغيّرت إلى الأفضل فمن أخف الأضرار أن لا تكون قد تغيرت... ضحك بصوت عال و هو يقول : ـ يبدو أنك حكمت علي بأنني لا يمكن أن أكون قد تحسنّت أو نضجت!! ثم أخذ يحدثني عن الشهادات التي تحصل عليها، و عن التربصات التطبيقية التي قام بها في شركات كبرى و كيف أنه اكتسب خبرة يحسد عليها في فترة وجيزة بفضل حبه لعمله و إتقانه له بل إبداعه فيه... كان يتحدث بكل حماسة كأنه يعرض علي مشروعا و أنا سأقوم بتمويله... أو كأنني رئيسته في العمل و هو يحاول إقناعي بجدواه و أهميته!!!... كنت أهز رأسي بين الفينة و الأخرى... لكنني كنت أفكر في طريقة أتخلص بها من رفقته قبل الوصول إلى الكلية! وصلت إلى محطة الحافلات فقاطعته دون أن أدري، لأنني أصلا لم أكن أصغي بانتباه تام لأحاديثه : ـ أظن أنك ستمتطي الحافلة المتجهة إلى مركز المدينة... أما أنا فكليتي في الاتجاه الآخر. لذا أظننا سنفترق هنا... ـ لا يهم... سأوصلك إلى الكلية ثم أعود، فعلى أية حال لا أظن المحلات تفتح قبل ساعة من الآن... جاءت الحافلة فصعدنا. ظل صامتا للحظات كأنه يفكر في العودة إلى حديثه عن مستقبله المهني الواعد و شركته الخاصة... لكنه عدل أخيرا عن رأيه و نظر إلي و هو يقول : ـ مرام... أنت متغيرة من ناحيتي! نظرت إليه مستنكرة : ـ أنا؟ متغيرة من ناحيتك؟؟ لم تقول هذا؟ صحيح أننا لم نلتق منذ سنوات طويلة... لذا من الطبيعي أن يكون كل منا تغير في طريقة تفكيره و نمط عيشه... أنا مثلا حياتي كلها تغيرت منذ ثلاث سنوات... انطلاقتي مع الكلية و الحجاب كانت انطلاقة جديدة... اهتماماتي لا أقول أنها شهدت انقلابا جذريا، لكنني تعمقت أكثر في الثقافة الدينية و تطوير المهارات الذاتية... من الطبيعي أنني لم أعد تلك البنت المشاغبة و التلقائية... لم تعد الروايات البوليسية تشغل كل أوقات فراغي و لا الألعاب الرياضية... و قد يكون مفاجئا أن لا يتغير الإنسان خلال أكثر من 5 سنوات... خاصة في هذه الفترة من العمر، و هي فترة النضج الفكري و العاطفي... فترة حساسة و هامة في حياة كل فرد... و من المهم أن يخرج منها و هو واع بما يريد صنعه في المستقبل... و قد حدد طريقه و أهدافه من الحياة... كان يستمع إلي في اهتمام ثم ابتسم و هو يقول في حنين : ـ كنت دائما بالنسبة إلي مرام الصغيرة التي تشاركني الدعابات و المقالب... و التي أستمتع بالحديث إليها لساعات طويلة... و كنت أتمنى أن أراك بنفس الروح... لكن يبدو أنني أخطأت التقدير... ابتسمت بدوري و أنا أقول : ـ و أنت كنت لي الأخ الأكبر الذي يفهم في كل شيء و يدهشني بأفكاره المبدعة... لكن الزمن لا يتوقف عند اللحظات التي نحبها... و إلا لما كانت الذكريات! يكفي أننا عشنا طفولة مرحة و مسلية و بقيت لنا منها ذكريات جميلة... نزلنا أمام الكلية... تلفتت باحثة عن راوية، لكن لم يكن لها أثر... ـ يبدو أن صديقتك لم تأت بعد... لا يزال أمامنا بعض الوقت حتى تبدأ المحاضرات، ما رأيك في نأخذ كأسين من القهوة في الكافيتيريا؟ هززت رأسي معارضة و أنا أدور بعيني في أنحاء الساحة علني ألمح إحدى الفتيات : ـ شكرا لك... لكن صديقتي قد تأتي في أية لحظة... هز كتفيه مستسلما : ـ كما تشائين... لم يطل صمته قبل أن يقول : ـ أتدرين... كنت طوال الوقت في الطائرة خلال رحلتي من أمريكا أحاول تخيل ملامحك أمامي... كيف تراك تصبحين بعد كل هذه السنين... ابتسمت و أنا أسأله : ـ و كيف كانت النتيجة؟ مال فجأة على أذني و همس : ـ أجمل بكثير مما توقعت... تراجعت في حركة غريزية لأبتعد عنه لكنني لم أعلق على عبارته تلك... رغم أنها لم تكن مناسبة جدا لما أعتبره "علاقة عادية بين أبناء العم"، لأنني حين استدرت لأؤنبه لمحت شخصا ما على قيد خطوات منا... لم أتوقع أن أرى حسام ذاك الصباح في الكلية ... لكن لسوء حظي كان هو من يقف على الرصيف على الجانب الآخر من الشارع... كان ينظر إلى طارق و قد عقد حاجبيه في قلق واضح... لست أدري كم مضى من الوقت على وقوفه هناك... يا إلهي ما الذي يدور برأسه في هذه اللحظات؟! انتظرت أن يقترب منا... أن يستوضح... لكنه أشاح بوجهه و ابتعد في خطوات سريعة... بات واضحا أنه لاحظ معاملة طارق الخاصة لي و التي تدل على قدر من الحميمية بيننا!! |
ـــــــــ*×*ـــ((4))ـــ*×*ـــــــــ أخيرا ظهرت راوية! نظرت إلي من بعيد و هي تتساءل في سرها عن الشاب الذي يقف معي و هو لم يتوقف عن الحديث مذ وصلنا و أنا مشغولة عنه بالمصيبة التي حلّت بي بعد أن رآنا حسام و انصرف غاضبا... انتظرت أن تأتي إلي راوية على الفور، لكنها لعجبي الشديد، غيرت وجهتها و مضت نحو باب الكلية!! ماذا دهاها؟ ألم ترني؟! لكنها نظرت ناحيتي! مستحيل... ـ انتظرني لحظة... انطلقت إثرها دون أن أنتبه إلى أنني قاطعت طارق مرة أخرى خلال حديثه المشوق عن مغامراته في أمريكا... ـ راوية... راوية... انتظري... توقفت لتلقي التحية و أنا ألهث : ـ كنت أنتظرك... ألم تريني؟ ـ بلى و لكنك لم تكوني بمفردك فلم أشأ التدخل... ـ أنا في انتظارك كي تخلصيني من صحبته و أنت لا تريدين التدخل!!! ضحكت راوية و هي تستمع إلى قصتي مع ابن عمتي الذي أصر على مرافقتي... ـ و المصيبة أن حسام رآنا معا... و لم يشأ حتى أن يسلم علي بل انصرف غاضبا! ـ طبعا... كيف كنت ستتصرفين إن كنت لمحته رفقة فتاة أخرى بمفردهما؟ تنهدت و قلت : ـ المصيبة الأكبر هي أن طارق يعتبرني مثل أخته الصغيرة و يعاملني دون تحفظ! نظرت إلي راوية متشككة : ـ مثل أخته الصغيرة؟ هل أنت متأكدة؟! هززت رأسي بشدة و أنا أؤكد : ـ نعم يا راوية... أنت لا تصدقين؟ لقد كان طوال الطريق يحدثني عن طفولتنا و ذكرياتنا المشتركة... و كيف أنه حاول أن يتخيل كيف تغيرت... بدا على راوية عدم الاقتناع : ـ هذا لا يعني شيئا... أنت لا تعرفين شيئا عن نواياه و خبايا نفسه... ثم قالت بصوت مكتوم و هي تنظر ورائي : ـ يا أهلا و سهلا... التفتت فوجدت طارق قد اقترب منا و بادرني في عتاب : ـ أين ذهبت يا مرام؟... ثم ألا تعرفينني بصديقتك؟ عرفتهما بسرعة ثم تظاهرت بالحديث مع راوية حول أحد المراجع الذي يجب أن أمر لاستلامه من المكتبة. التفتت إلى طارق معتذرة و قلت : ـ آسفة يا طارق... أظنني سأدخل إلى المكتبة الآن... أراك لاحقا... ابتسم في تفهم : ـ حسناً... حظا موفقا... و انتبهي إلى نفسك... أراك على الغداء... هزت راوية حاجبيها و هي تقول في ثقة : ـ مرام... أنت في مأزق... نظراته إليك ليست بريئة البتة!!! التقينا دالية في ساحة الكلية فركضت نحوها لأخبرها بما حصل مع حسام. و ختمت روايتي بقولي : ـ لم أتوقع أبدا أن أرى حسام هنا اليوم... أليس يتابع تربّصه في المستشفى المركزية؟ ابتسمت دالية في أسف و قالت : ـ نعم... لكنه جاء خصيصا اليوم ليراك قبل الذهاب إلى المستشفى! يا لأخي المسكين! كان عازما على الاتصال بوالدك هذا المساء لتحديد الموعد... أحسست بالأسى للألم الذي سببته لحسام... لقد أفسدت كل شيء! هل يغير رأيه بشأن لقاء والدي في نهاية الأسبوع؟ ـ أقسم لك يا راوية أنني لم أقصد إيلامه! لا ذنب لي فيما حصل... لم أرده أصلا أن يرافقني خارج المنزل... لكنه أصر و لم أجد وسيلة للخلاص منه... أيدتني راوية قائلة : ـ أفهمي حسام أنه ابن عمتها و لم يرها منذ أكثر من خمس سنوات لذا فهو يتصرف ببعض الغرابة و ليس في قاموسه حدود شرعية للعلاقة بين الأقارب من الجنسين خاصة أنهما أصدقاء طفولة... عدت إلى المنزل بعد يوم متعب نفسيا و جسديا من المحاضرات و من التفكير في وضع حد لطارق حتى لا تتكرر حادثة اليوم في مستقبل الأيام... دخلت إلى المطبخ مباشرة حيث وجدت أمي تعد طعام العشاء ـ هل عاد طارق؟ ـ نعم... إنه مع ماهر في غرفته يجربان لعبة الفيديو التي أحضرها له من أمريكا... هل تريدين الانضمام إليهما؟ هززت رأسي نافية و أنا أقول : ـ لا أبدا... أمي، هناك مشكلة! لا أريد أن يخرج معي طارق بعد الآن! نظرت إلي أمي متعجبة : ـ لكنه ابن عمتك و هو في ضيافتنا... كما أنكما صديقان منذ طفولتكما! ـ نعم يا أمي... كناااا أصدقاء طفولة... لكننا كبرنا الآن... و كلمة صداقة لم يعد لها معنى في هذا السن بين الشاب و الفتاة... كيف يبدو شكلي و أنا أمشي في الشارع مع شاب؟! هل يجب أن أسرد على كل من يمر بي قصة حياتي و أردد : إنه صديق طفولة و لا شيء بيننا!! كما أنه تسبب في مشكلة مع حسام... ـ هل تكلما؟ ـ لا أبدا... حسام انصرف غاضبا لأنه رأى طارق يوشوش في أذني... قلت ذلك و انفجرت باكية... هرعت إلي أمي لتخفف عني فاستطردت و دموعي تسيل على خدي : ـ ما الذي يقوله عني الآن و ماذا يظن بي؟ بل ربما يغير رأيه في مسألة الارتباط برمتها! في تلك اللحظة دخل طارق إلى المطبخ و ما إن رآني باكية حتى جرى إلي و أمسك بيدي و هو يهتف : ـ مرام... حبيبتي... ما بك تبكين؟! سحبت يدي في حدة و صرخت : ـ أرجوك... ابتعد عني! |
عاوزه كذا حلقة عشان التأخير ده
بليز كملي بسرعة http://ehabtawfiqstar.com/upload/upl...a7c6d2da1a.gif |
حاضر يا مروه من عنيا
أنا اسفه ع التأخير بس معلش الكليه هي السبب |
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاكم الله خيرا لمروركم العطر الذي أنار موضوعي أسأل الله النفع والفائده للجميع |
ـــــــــ*×*ـــ((5))ـــ*×*ـــــــــ تراجع طارق إلى الخلف و على وجهه علامات الذهول، و تسمّر في مكانه لا يبدي حراكا... غطيت وجهي بكفي و أجهشت بالبكاء من جديد و أنا أتمتم في أسف : ـ آسفة يا طارق... لم أقصد إهانتك... لكنني في ورطة، و أنت تضعني في مواقف محرجة! نظر إلي غير مصدق : ـ أنا أضعك في مواقف محرجة؟! كيف؟! صدقيني لم أقصدك إيذاءك أبدا! ربتت أمي على كتفي مهدئة ثم قالت وهي تهم بمغادرة المطبخ : ـ أترككما لتحلا سوء التفاهم الذي بينكما في هدوء... ثم ابتعدت في خطوات رشيقة... قلت دون أن أرفع رأسي إليه : ـ طارق... أنت أحرجتني... الآن حين أمسكت يدي... و في الصباح حين خرجت معي من المنزل... و أمام الكلية حين انحنيت لتوشوش في أذني... طارق نحن لم نعد أطفالا... و لم يعد بإمكاننا أن نتعامل مثل الإخوة لأننا كبرنا... و التزامي يمنعني من الخروج مع شاب أو الحديث معه على انفراد... حتى و لو كان ابن عمتي و صديق طفولتي... فالحدود الشرعية هي الحدود الشرعية و لا تقبل الاستثناءات... كانت علامات الدهشة قد اختفت و راح ينصت إلي في انتباه و تفهّم، ثم اقترب مني مجددا و همس مواسيا : ـ أفهمك يا مرام... أفهمك... و آسف حقا لأنني لم أراع مبادئك... صدقيني أنا أقدر تماما ردة فعلك... لكن لماذا لم تصارحيني بانزعاجك في الإبان؟! ظننت أننا اتفقنا على الصراحة بيننا... ابتسمت و أنا أتذكر عهودنا الطفولية... لكننا تغيرنا يا طارق و الدنيا من حولنا تغيرت... الذكريات عفا عنها الزمن و لم تعد تعني شيئا كثيرا في الوقت الحاضر... عدا كونها ذكريات! نبتسم حين نتذكرها ثم نعود إلى الحاضر... لكنك يا صديقي تتوقع أن يتجمد العالم في غيابك، فتجده كما تركته رغم مرور السنين... ربما كانت تلك أحلى سنوات حياتك فتألمت لفقدها لذلك تحاول استعادتها بأية وسيلة حتى و أنت تعلم أن ذلك من ضرب المستحيل! جلس طارق على الكرسي المجاور و هو يردف دون أن يدرك فحوى ابتسامتي التي صاحبت حواري الداخلي : ـ أنت تعلمين أنني لا يمكن أن أسبب لك أدنى أذى عن قصد... لأنك... ثم مستجمعا شجاعته : ـ لأنك... غالية على قلبي... حتى أنني كنت أنتظر اللحظة المناسبة... لأحدثك في أمر ما... أحسست بمصيبة قادمة، تحث الخطو نحوي!!! و لم أكن مستعدة لمواجهتها فقررت الدفاع فورا... و بما أن الهجوم خير وسيلة للدفاع فقد ألقيت عليه قنبلتي... دون رحمة... قاطعته قبل أن يسترسل في كلامه : ـ هنالك شيء آخر يجب أن تعلمه يا طارق... تطلع إلي مستفسرا فواصلت و أنا أتجنب نظراته : ـ هناك شاب تقدم لخطبتي... و قد وافقت عليه مبدئيا... و من المقرر أن يقابل أبي في نهاية الأسبوع... تجلت الصدمة في ملامحه و ابتلع ريقه بصعوبة و هو ينظر إلي محاولا التماسك. لكنني واصلت متجاهلة صدمته... نعم لقد أدركت ما كان ينوي قوله... أدركت أن راوية كانت على حق حين شككت في نواياه تجاهي... و يؤلمني حقا أن أصده بهذه الطريقة... لكنني لم أضع حدا في اللحظة المناسبة، فصارت الردود الرقيقة غير مجدية لأنها تبقى غير حاسمة و قابلة للتأويل... فلأكن واضحة و صريحة... ألم نكن قد اتفقنا على الصراحة؟ فليكن! كما أنها أسهل الطرق و أسلمها لي و له... حتى يتجنب كلانا الحرج الناتج عن المصارحة... و الرفض... لذا كان يجب أن أوقفه قبل أن ينطق و أن أتفادى قدر الإمكان لحظة المواجهة... و استرسلت في الكلام دون أن أواجهه لأعطيه مهلة استيعاب الأمر و تجاوز مفعول الصدمة : ـ ... لكن رؤيته لك معي هذا الصباح أثارت تحفظه... و أخشى أن يغير رأيه... أنت تفهمني يا طارق... و لأنني أعتبرك أخي الأكبر و أعلم أنك تخاف على مصلحتي فقد صارحتك بقلقي... حتى لا يتكرر الموقف و سوء الفهم... فجأة ارتفع رنين الهاتف، فوقفت بسرعة و اتجهت إلى البهو لأرد على المتصل... إنها دالية... ـ مرحبا دالية... كيف حالك؟ أجابت دالية بجدية و اهتمام : ـ اسمعي مرام... لقد تكلمت مع حسام، و هو متضايق جدا من وجود ابن عمتك معكم في البيت! إنه يقول أن أباك مخطئ بالسماح لشاب أعزب أجنبي عنكم بالإقامة عندكم! ـ لكنه ابن عمتي يا دالية... و هو ضيف عندنا و قد جاء من أمريكا لزيارتنا، فلا نملك أن نطرده! ـ نعم... أعلم، لكن الوضع غير مقبول!!! تنهدت في ضيق و هممت بأن أرد على دالية حين سمعت ضوضاء و وقع أقدام في الممر... تطلعت إلى المدخل الذي يمكنني أن أراه من حيث أقف... سمعت صوت أمي أولا : ـ و لكن يا طارق يا بني، كيف تغادرنا هكذا؟! انتظر حتى يعود خالك... ثم ألا تتناول العشاء معنا؟! ـ شكرا يا خالتي... و لكنني قد اتصلت بأيمن ابن خالتي هيام و هو ينتظرني في محطة الحافلات... يجب أن ألحق به... شكرا على ضيافتكم، قضيت معكم وقتا ممتعا... ـ أنت لست غاضبا من مرام؟! ـ لا لا أبدا يا خالتي... كان مجرد اختلاف و قد حلت المشكلة و الحمد لله... لست متضايقا منها أبدا... و آمل أن لا أكون قد ضايقتكم بزيارتي المفاجئة... ـ على الرحب و السعة... عد لزيارتنا قبل سفرك... ـ إن شاء الله يا خالتي... ثم حانت منه التفاتة إلى البهو... رآني فابتسم ابتسامة تجلت مرارتها... و حياني بيده قبل أن ينصرف و يغلق الباب خلفه... كانت علامات الحزن بادية في صوتي و أنا أقول مخاطبة دالية : ـ ها قد انصرف طارق من بيتنا... لم يعد هنالك داع للقلق... تمت الحلقة السادسة بحمد الله |
الحلــــــــــقة الســـــــــــــابعة ـــــــــ*×*ـــ((1))ـــ*×*ـــــــــ استيقظت مبكرة اليوم على غير العادة... جهزت نفسي بسرعة ثم جلست إلى المكتب أقوم بمراجعة أخيرة للدروس التي استغرقت أياما و ليالي طويلة لفهمها و حفظها. ليس بإمكاني أن أراجع كل شيء فوقتي الضيق لا يسمح إطلاقا بالعودة إلى المراجع الكثيرة المكومة على مكتبي... لكنني رحت أقرأ في بضع وريقات دونت عليها ما تعسر علي استيعابه... لكنني لم أستطع التركيز، فقد راح بصري ينتقل بصفة دورية بين الورقة و ساعة الحائط التي تعلن مرور الدقائق سريعا، مما يزيد من توتري... رفعت رأسي و تنهدت اللهم إني أسألك فهم النبيين و حفظ الملائكة المقربين و عدت ألتهم الأسطر التهاما... لم يبق الكثير من الوقت... يجب أن أذهب الآن... طويت وريقاتي و وضعتها في محفظتي. ربما تمكنت من المراجعة لاحقا إذا توفرت لدي بضع دقائق قبل دخول قاعة الامتحان. وصلت إلى الكلية فوجدت راوية صحبة بعض الزميلات يراجعن معا نظام عمل الخلية. استمعت إليهن قليلا... جيد، يمكنني الإجابة بسهولة على هذا الجزء من الدرس. فلأعد إلى أوراقي... أخرجت دفتري و أبحرت فيه قبل أن يوقظني صوت راوية و هي تنظر في الورقة التي بين يدي : ـ اممم... يبدو أنك قد راجعت جيدا... فأنا لم أملك الوقت حتى لأتم الأجزاء الأكثر أهمية من الدرس... فما بالك بالحالات الاستثنائية و التفاصيل الثانوية!!! ابتسمت و أن أهز رأسي : ـ الحمد لله، لقد بدأت المراجعة باكرا... لكن حجم المادة الدراسية ضخم للغاية و لا يمكن الإلمام به مهما حاولت!! فكما ترين، أجد صعوبة مع الكثير من النظريات... وقلبت الأوراق أمامها ثم هززت كتفي في لامبالاة و استطردت : ـ على أية حال، كل منا سيدخل الامتحان بما استقر في رأسه... كثر أم قلّ... و لا سبيل إلى التحسر الآن! نظرت إلي راوية في تمعن ثم ابتسمت قائلة : ـ مرام... هل تجلسين إلى جانبي؟ قلت في غير اكتراث : ـ طيب... فقالت مستفسرة : ـ ماذا راجعت أيضا؟ كي أعلم في أي الأجزاء يمكنني أن أعتمد عليك... نظرت إليها مستغربة ثم ابتسمت و قد أدركت أنها تمزح : ـ قولي أنت أولا! فيم يمكنك مساعدتي... فأنا لا أقدم الخدمات دون مقابل!! قالت في حركة مسرحية : ـ كل معلوماتي تحت أمرك و ملك يدك... يكفي أن ترضي عنا يا آنستي! ثم أردفت ضاحكة : ـ و تعاونوا على البر و التقوى! شاركتها الضحك، ثم دخلنا القاعة سوية. جلسنا في مقعدين متقاربين و أخذنا نستعد... أخرجت الورق و القلم و حفظت الدفتر في الحقيبة. بعد لحظات دخل المشرفون على الامتحان و شرعوا في توزيع أسئلة الامتحان. أغمضت عيني و رحت أستذكر أدعية الامتحان اللهم أدخلني مدخل صدق و أخرجني مخرج صدق و اجعل لي من لدنك سلطانا نصيرا اللهم اشرح لي صدري و يسر لي أمري بسم الله توكلت على الله لا حول و لا قوة إلا بالله... تنفست بعمق ثم نظرت إلي راوية التي بادلتني ابتسامة واثقة و همست كل منا للأخرى : ـ وفقك الله... ثم تناولت الورقة و بدأت العمل... مرت الدقائق تلو الدقائق و أنا لا أكاد أرفع رأسي عن الورقة. الاختبار طويل و الوقت ضيق و كل دقيقة ضائعة تحسب عليّ! توقفت عند سؤال استعصى علي... اللهم علمني ما جهلت و ذكرني ما نسيت... كنت أحاول التركيز قدر الإمكان و استرجاع الدرس في ذاكرتي رويدا رويدا علني أعثر على النقطة التي تدلني على الحل... فجأة تناهى إلي همس خافت... رفعت رأسي فوجدت راوية تناديني! التفتت إليها مستغربة. كانت تمد إلي ورقتها مشيرة إلى السؤال الذي أعياني البحث فيه. لم أفهم قصدها في البداية... لكنها كانت تعرض علي المساعدة! أشرت إليها بأن ترجع ورقتها قبل أن يتفطن المراقب و يمسكها متلبسة! هزت كتفيها و كأنها تقول : كما تشائين... عدت إلى ورقتي من جديد و قد بدأت الرؤية تتضح أمامي و لم ألبث أن وجدت الحل فكتبته في سرعة و على شفتي ابسامة جذلى و انتقلت إلى السؤال الموالي. لم ألبث أن سمعت همسا من جديد... إنها راوية ثانية! كانت تشير إلى سؤال تعسر عليها الإجابة عنها... و لكن... هل تتوقع مني أن أمرر إليها ورقتي لتنقل منها الأجابة؟! إنها بالفعل تطلب الورقة! ـ لا تقلقي سألقي نظرة و أعيدها قريبا... تلفتت فإذا المراقب في ركن بعيد لا يمكنه رؤيتنا منه... يا إلهي ماذا أفعل؟!!! |
ـــــــــ*×*ـــ((2))ـــ*×*ـــــــــ كانت راوية تنتظر ردي أو أن أمد إليها ورقتي... لا يمكن أن أفعل هذا مهما حصل! حتى لو كان المراقب بعيدا عنا فعين الله ترقبنا! صحيح أنني لست من يحاول الغش، لكنني أكون قد ساعدت على الغش! يجب أن أفهم راوية الأمر حتى لا تتكرر الحادثة... لكن الآن... ما العمل؟! ستغضب مني إن تجاهلتها أو رفضته... كما أنه ليس الوقت و لا المكان المناسب لتقديم المواعظ... عقدت حاجبي و نظرت إلى راوية مستفسرة و قد بدا على وجهي علامات عدم فهم قصدها... استمرت تحاول التفسير مشيرة إلى الورقة و محاولة توضيح رقم السؤال بأصابعها... هززت رأسي و كأنني أقول : لا أفهم شيئا من إشاراتك!!! ثم أشحت بوجهي و عدت إلى ورقتي حين لمحت المراقب يقترب... بعد بضع دقائق عادت همسات راوية... لكنني كنت قد قررت تجاهلها تماما، كأنني لم أسمع شيئا... لكنني في نفس الوقت لم أستطع التركيز على الأسئلة التي أمامي، فقد كنت أشفق على راوية التي لم تستطع مراجعة كل الدروس بسبب زفاف أختها... لكن ما حيلتي! اقترب وقت الاختبار على الانتهاء و كانت راوية قد يئست مني و توقفت عن مناداتي منذ زمن... أعلن المراقب انتهاء الاختبار فوقفت لتسليم و رقتي. كانت راوية لا تزال تعصر أفكارها محاولة الإجابة على الأسئلة المتبقية. سلمت ورقتي و خرجت من القاعة و كان عدد من قليل من الطلبة لم يغادر القاعة بعد في محاولات أخيرة يائسة لإيجاد الحل الدي عجز عنه في ساعات في ثواني!! مع تصاعد التوتر من نداء المراقب و تهديده بمغادرة القاعة و حركة المجيئة و الذهاب من طرف الطلبة الذين يسلمون أوراقهم و يجمعون أدواتهم و يتحدثون بصوت عال... وقفت خارج القاعة في انتظار راوية... و أخيرا رأيتها مقبلة و هي تزفر في قلق. توجهت نحوها مبتسمة : ـ و أخيرا خرجت... ألم... بترت عبارتي حين وجدتها تشيح بوجهها تبتعد عني في خطوات سريعة!! تسمرت في مكاني من الدهشة... ما الذي حل بها؟! لحقت بها و أنا أناديها : ـ راوية... راوية... انتظري! لكنها تجاهلتني و بات من الواضح أنها غاضبة مني فعلا! أسرعت و أنا على وشك الركض في الساحة و أمسكت بذراعها لأوقفها : ـ ماذا دهاك؟! توقفي و كلميني! التفتت إلي و قد بدت عيناها محمرتان و هي على وشك البكاء : ـ اتركيني الآن... لست مستعدة للكلام مع أحد! أفلتت ذراعها و قلت بعد تردد قصير : ـ راوية... أنا آسفة بالنسبة للامتحان... لم يكن بإمكاني أن... قاطعتني في شبه صراخ : ـ قلت لا أريد أن أسمع شيئا! كانت تتنفس بسرعة و عصبية... استطردت بعد لحظات : ـ أنت تجاهلتني... و رفضت مساعدتي، مع أنك تعلمين أنني في أمس الحاجة إلى تقدير هذه المادة... هل هذه هي الصداقة في نظرك؟! أمسكت يدها في توسل و شفقة : ـ و لكن يا راوية هذا اسمه غش... هتفت غاضبة : ـ الضرورات تبيح المحظورات!!! ثم ركضت مبتعدة... لم أملك أن ألحق بها ثانية... فلأتركها لتهدأ، ثم سنتحدث باتزان... لمحت دالية أمام الكلية، حييتها بيدي من بعيد فاقتربت مني مبتسمة و هتفت : ـ كنت أبحث عنك... كيف سار الامتحان اليوم؟ ـ الحمد لله... بخير إن شاء الله ـ الحمد لله... أنا أيضا متفائلة بما قدمت... المهم... أنا هنا في مهمة! ثم غمزتني ضاحكة... فتسارعت دقات قلبي... ـ احم احم... الدكتور حسام سيزوركم مساء الغد على الساعة السادسة... و قد كلفني بالقيام ببعض التحريات... ـ تحريات؟! ـ نعم... فهو يريد أن يعرف إن كان والدك على علم بكل التفاصيل، و إن كان يعتبر هذه الزيارة لمجرد التعارف أم أنه ينتظر منه الحديث في موضوع الخطبة مباشرة؟ سكتت قليلا مفكرة : ـ المفروض أن أمي أعلمت أبي بكل التفاصيل... تقريبا... لكن لا أدري إن كان يريد الدخول في لب الموضوع مباشرة قبل أن يتعرف على حسام و يسأل عنه... ضحكت دالية و هي تقول : ـ المشكلة أنه يجهل تماما ما يجب فعله و قوله في مثل هذه المناسبات!! ـ فليسأل والدك! ـ أنت تعلمين أن العادات تتغير من جيل إلى آخر... كما أن والدي مسافر هذه الأيام ـ أليس له صديق خطب مؤخرا؟ قولي له أن يحضر معه أحد أصدقائه أو أقاربه حتى لا يحس بالحرج بمفرده ـ لا أظن... هو لا يريد أن يعرف أحد بالقصة قبل أن تتم الخطبة رسميا... فقد قرر أن يذهب بمفرده! لكن عنده سؤال آخر... هل قاعة الجلوس عندكم مفتوحة أم منفصلة عن بقية الغرف؟ نظرت إليها في دهشة ثم انفجرت ضاحكة : ـ هل يخشى أن ينصت إلى حديثه أحد ما؟! ـ بل قولي يتمنى أن يأتي لنجدته أحد ما إن لم يستطع السيطرة على الموقف!! ضحكنا في مرح و قلت : ـ قولي له أن قاعة الجلوس منفصلة... لكن من يرغب في استراق السمع يمكنه الوقوف في الحديقة أمام إحدى النوافذ أو في الممر... ـ سؤال أخير... هل سيكون هنالك أحد آخر غير والدك في استقباله؟ ـ امم... لست أدري إن كان أخي ماهر سيقحم نفسه في الموضوع... لكن ربما حضر عمي... لست متأكدة... ـ إذن لا يمكنك المساعدة في شيء!! جميع الإجابات لا أدري!! سيقول عني أنني متحرية فاشلة!! ضحكنا من جديد ثم افترقنا قريبا من بيتنا... كنت أفكر في راوية... كيف سأسترضيها؟ دخلت غرفتي و استلقيت على ظهري و غفوت قليلا... اسيقظت بعد فترة وجيزة منتفضة بعد أن رأيت كابوسا مزعجا!! كيف أنام مرتاحة البال و صديقتي المقربة غاضبة مني؟! وقفت بسرعة و طلبت رقمها على الهاتف الجوال... انتظرت لحظات قبل أن يفاجئني صوت أمها!! ـ مرحبا مرام... كيف حالك و كيف حال والدتك؟ راوية متعبة قليلا و قد طلبت مني أن أجيب على الهاتف... ـ سلامتها... هل هي بخير؟ ـ لا تقلقي... مجرد تعب سيزول قريبا... وضعت السماعة في أسف... راوية لا تريد أن تكلمني!! |
بسسسررررررررررررررررعة متتأخرييش
|
من عنيا مش هتأخر إن شاء الله
|
ـــــــــ*×*ـــ((3))ـــ*×*ـــــــــ كان مساءا حزينا ثقيلا على نفسي... لم أنقطع عن التفكير في الأحداث المحيطة بي... تألمت لبعد راوية عني في هذه اللحظات الحاسمة في تاريخ حياتي... فغدا يتقرر مصير علاقتي بحسام لم أتخيل أن يمر حدث كهذا دون أن أتبادل أحاديث طويلة مع راوية حوله في قلق و ترقب و أمل... فنضع جميع التوقعات و نتناقش حولها... فتخفف عني و تطمئنني و تدخل الراحة على قلبي بأسلوبها الهادئ الرصين... إنها صديقتي المقربة منذ سنوات طويلة و هي أكثر من يفهمني و ينصحني و يكون إلى جانبي في وقت الشدة... هي من أستشير في كل أمر، إضافة إلى أمي... و هي من يخرجني من المآزق الحرجة بأفكارها المبدعة و اقتراحاتها المتميزة و هي من يحس بي حين أتضايق، و يسهر على راحتي حين أمرض... كنت في قلق شديد... من قدوم حسام إلى بيتنا مساء الغد... و من غضب راوية مني و هي التي لم تغضبني يوما! جلست في غرفتي متفكرة، و وجهي بين كفي... كيف أتصرف؟! إنها لا تريد الاستماع إلي و لا تجيب على الهاتف... دخلت أمي فوجدتني على تلك الحال. نادتني قائلة : ـ ألا تنضمين إلينا للعشاء؟ والدك ينتظر... رفعت رأسي دون أن يبدو علي الحماس للفكرة : ـ شكرا لك يا أمي... و لكنني لست جائعة... ابتسمت و قالت مداعبة : ـ لست جائعة أم... هناك ما يشغلك...؟ لم أجب و تنهدت في حزن فاستطردت في حنان و هي تقترب لتجلس على حافة الفراش : ـ ما بال صغيرتي قلقة؟ دعي الأمر على الله... فإن كان هنالك نصيب فكل شيء سيسير على أحسن ما يرام... ألم تستخيري؟ إذن لا تشغلي بالك... هززت رأسي مؤكدة : ـ نعم يا أمي فالاستخارة حولت قلقي إلى راحة و أنا متوكلة تماما على الله... لكنني لا أستطيع أن أمنع نفسي من التطلع إلى ما سيحصل بين أبي و بين حسام غدا... صمتت قليلا ثم أردفت : ـ لكن ليس هذا كل شيء... و قصصت عليها مشكلتي مع راوية... ابتسمت أمي و قالت : ـ من العادي أن تحدث خلافات بين الأصدقاء لتغيير رتابة العلاقة... لكن المهم أن لا يأخذ الأمر أكثر مما يستحق من الاهتمام... و أعلم أنك لا تستغنين عن راوية... و راوية لا تستغني عنك, لذلك أنا واثقة من أن الحكاية ستنتهي قريبا على خير... جلست على ركبتي و أنا أقول في حماس و اهتمام : ـ أمي... ألا يمكنك التدخل؟ لم لا تتصلين براوية و تحاولين إقناعها بأن الغش في الامتحان لا يجوز... و أنني لم أقصد ازعاجها أو التخلي عنها... بل أردت مصلحتها... إنها تحترمك و تسمع منك... هزت أمي رأسها علامة عدم الموافقة : ـ لا يا حبيبتي لا... المشكلة بينك و بينها و لا يجب أن تتدخل فيها أطراف أخرى مهما كانت قريبة منكما... حتى تحس راوية بخصوصية علاقتكما و مشاكلكما... و لا تجرح إن انتشرت القصة عن خطئها... خاصة أنني واثقة أنها ما إن تهدأ و تفكر بهدوء ستدرك خطأها. لذا أعطها الفرصة لتراجع نفسها... ـ يعني لا أحاول معاودة الاتصال بها؟ ـ ليس الآن... اتركيها إلى الغد... ستكون قد حصلت على الوقت الكافي للتفكير... كما تكون حالتها النفسية تحسنت من جراء الامتحان الذي تعثرت فيه... ابتسمت و قد بدا لي كلام أمي مقنعا و مطمئن ا أمسكت أمي بيدي و هي تقول : ـ و الآن تعالي لتناول طعام العشاء... أكيد أن شهيتك قد تحسنت! وقفت و ابتسامة صغيرة تعلو شفتي... نعم الصديقة أنت يا أمي... لم يثر أبي الموضوع على العشاء إطلاقا و لم يسألني شيئا عن علاقتي بحسام. أما أخي ماهر فقد كان يزعجني بملاحظاته و تعليقاته السمجة!! كأنه وجد الفرصة ليحرجني و يضايقني... ـ كيف يبدو شكله؟ طويل أم قصير؟ سمين أم نحيف؟ أتصوره نحيفا و قصير القامة... يرتدي نظارات سميكة... مثل أغلب طلبة الطب!! ثم ينفجر ضاحكا فألمزه بمرفقي ليهدأ. و حين يضبطه أبي في شقاوته يتظاهر بأنه يأكل و يكتم ضحكه بصعوبة... استيقظت مبكرة في الغد... و الحقيقة أنني لم أنم كثيرا! مع أنني أعلم أنه لا داعي للقلق... كأنني سأمر بامتحان عسير... لكن حسام هو من سيمر بالامتحان... امتحان أبي!! فأبي لم يكن متحمسا لمسألة الخطوبة في مثل هذا الوقت... و هذه السن. خاصة أن كلانا لم ينه دراسته بعد. حسام بقيت أمامه سنة واحدة لينهي الجزء النظري من الدراسة، ثم يبدأ التدريب المتواصل في المستشفى... و لولا أن أمي أقنعت أبي بأنه شاب متميز و أن عليه أن يلتقيه قبل إعلان رفضه لما أعطى الأمر أهمية أبدا بل لكان أنهى القصة منذ البداية مثلما فعل مع عدد من الخاطبين في السابق متعللا بصغر سني... و الحقيقة أنني لا ألومه، فأنا في السنوات الماضية لم أكن أفكر في مسألة الارتباط أصلا، بل كنت مقتنعة إلى أنني في مرحلة تطور فكري و قد أغير رأيي... كما أن أبي لم يكن ليرفض شابا يراه صالحا لي... بل أظنه كان يتعلل بمسألة السن حتى لا يجرح الشاب و لا يفتح الباب للخاطبين في نفس الوقت... الهاتف يرن... إنها دالية : ـ كيف حالك اليوم؟ هل أنت مستعدة؟ قلت متضاحكة : ـ بل أسأل عن حال الدكتور! هل جهز خطابه جيدا؟ فالاختبار الذي سيجتازه اليوم ليس ككل الاختبارات! ضحكت دالية بدورها و هي تقول : ـ يعني كأنك لست معنية بالاختبار! أراهن على أن راوية عندك ترفع لك المعنويات!! سكتت و قد تلاشت ابتسامتي ـ راوية؟! إنها لم تأت بعد سأتصل بها بعد حين... وضعت السماعة و سارعت للاتصال براوية. فلنر كيف ستستقبلني... |
ـــــــــ*×*ـــ((4))ـــ*×*ـــــــــ استمعت إلى رنين الهاتف من الطرف الآخر في قلق و انتظار... ترى هل ستكون راوية من يرفع السماعة... أم ستولي أمها المهمة مرة ثانية؟! ما لبثت أن سمعت صوتا مبحوحا مترددا يقول : ـ السلام عليكم و رحمة الله... إنه صوت راوية!! ـ و عليكم السلام و رحمة الله و بركاته... راوية ما بال صوتك؟ هل أنت بخير؟ تنحنحت قليلا و هي تقول في بساطة : ـ لا، لا تقلقي... إنها نزلة برد خفيفة... ران صمت ثقيل بيننا قبل أن أهتف دون سابق إنذار : ـ راوية... أنا منفعلة و قلقة جدا... حسام سيقابل أبي اليوم!! هتفت بدورها في حماس : ـ حقا؟! نعم... لقد نسيت الحكاية! ـ أرجوك راوية... هل يمكنك أن تأتي؟ أجابت دون تردد : ـ أنا قادمة حالا! وضعت السماعة و أنا لا أصدق ما حصل... لم أكن أظن أن المشكلة ستنتهي بهذه البساطة... كانت ابتسامتي العريضة تزين وجهي حين دخلت أمي فتطلعت إلي باسمة و غمزت كأنها تقول لي : ـ ألم أقل لك أن بعض الوقت سيحل الإشكال! وصلت راوية بعد حوالي نصف ساعة. سلمت على أمي ثم دخلنا إلى غرفتي كالعادة. نظرت إليها محاولة أن أستطلع ما تفكر فيه... وقفت في منتصف الغرفة مطأطأة الرأس و قالت في خجل : ـ أنا آسفة يا مرام على ردة فعلي العصبية البارحة... أظن أنني بالغت قليلا! عانقتها في فرح و قد أوشكت عيناي أن تدمعا : ـ لا بأس يا حبيبتي المهم أنك فهمت قصدي في النهاية و أنني لا أريد لك إلا الخير... عانقتني في حنان لبرهة... لكنها تراجعت فجأة و نظرت إلي في تحفز كأنها تذكرت أمرا ما : ـ لكن هذا لا يمنع أنه كان بإمكانك إعطائي الجواب ثم شرح الأمر لي!! يعني في تلك الظروف، و مع الاختبار الذي حبس أنفاسي، هل تظنين أنني من الممكن أن أستوعب شيئا من مواعظك؟! ـ و لكن يا راوية يا حبيبتي... الخطأ يبقى خطأ! هل سنعود إلى نفس الجدال الآن؟! ـ طيب... لن نتناقش في المسألة ثانية... جلسنا على الفراش... و فجأة ارتفعت الوسادة في خفة لتصيب رأسي مباشرة في ضربة موفقة من طرف راوية : ـ و بعد كل هذا تنتظرين إلى اليوم لتصالحيني؟! كنت أنتظر مكالمتك طوال الليل! نظرت إليها في دهشة : ـ لكنك رفضت التحدث إلي حين اتصلت البارحة! أشاحت بوجهها و عقدت ذراعيها أمام صدرها : ـ كان يجب أن أتدلل قليلا، لأعرف معزّتي عندك... ثم التفتت إلي في حدة و هي تقول : ـ لكنك تجاهلتني ليلة كاملة! أغرقت في الضحك و أنا أقول : ـ أردت إعطاءك الوقت الكافي لتفكري و تستعيدي هدوءك... لمَ لم تقولي أنك كنت تنتظرين مكالمتي بفارغ الصبر؟! و أنه أصابك السهاد و أنت تفكرين في؟! كنت طرت إليك يا عزيزتي! رنة واحدة على الهاتف الجوال كانت تكون كافية لأفهم! انقضت إلي تهوي على رأسي بالوسادة : ـ و تسخرين مني أيضا!! طيب... أنا المخطئة! كان يجب أن أعذبك حتى أرضى! ثم ارتفع ضحكنا في مرح طفولي عذب... طرق الباب طرقات خفيفة... كان قد مر على قدوم راوية بضع ساعات لم ينقطع حديثنا خلالها... ارتفع صوتي لأسمح للطارق بالدخول أطل وجه أخي ماهر و قال في مشاكسة : ـ أنا ذاهب الآن لاستقبال الدكتور حسام في المحطة و إحضاره إلى هنا... هل تريدين أن أبلغه شيئا ما قبل دخوله الاختبار؟! احمر وجهي فجأة... لكنني تمالكت نفسي بسرعة نظرت إليه في حدة وقلت في لامبالاة : ـ شكرا على مبادرتك اللطيفة... يمكنك الانصراف الآن! وقفت لأغلق الباب خلفه... تناهى إلي صوت حديث قادم من الرواق... كان أبي يتحدث إلى أمي في ضيق : ـ لمَ هو مستعجل إلى هذه الدرجة؟ لا زال أمامهما الكثير من الوقت ليتما دراستهما ثم ليجد عملا مناسبا و يكون قادرا على فتح بيت و إعالة زوجة و أبناء! همست أمي في رجاء : ـ الشاب قادم بعد حين... اسمع منه قبل أن تحكم عليه... ـ لن يغير ذلك في الأمر شيئا... لا يمكن أن أوافق على طالب لم يضمن مستقبله بعد! هل تريدين أن أسلمه مستقبل ابنتي بهذه السهولة؟! ثم استطرد في حزم : ـ ما كان يجب أن يكلف نفسه عناء القدوم... الرفض أمر محتم! أغلقت الباب و عدت إلى راوية و قد اصفر وجهي... بادرتني في قلق : ـ ما بك يا مرام؟ ما بال لونك قد تغير؟ جلست مطرق و قلت : ـ أسأل الله أن يمر لقاء اليوم على خير |
جميييييييييييييييييييييييييييييييييييل
|
بسرعة متتاخريش علينا كدة عشان احنا متشوقين نعرف الباقي بسررررررررررررعة
|
انت فيييييييييييين؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
|
ـــــــــ*×*ـــ((5))ـــ*×*ـــــــــ وصل عمي مراد قبل دقائق من وصول حسام... كنت قد حرضت أمي على إقناع أبي بدعوة أحد أعمامي إلى الجلسة حتى لا يرتبك حسام إدا كان اللقاء تحقيقا صارما وجها لوجه مع أبي! فقام أبي بدعوته لأنه أكثر إخوته قربا منه و أعمقهم صلة بكل ما يحدث في عائلتنا المصغرة... و كنت قد ارتحت نوعا ما لأن عمي تزوج صغيرا في السن بعد تخرجه مباشرة و قد ساعده إخوته كثيرا و أقام مع أهل زوجته لأنه ظروفه المادية حينها لم تكن تسمح له بالحصول على سكن مستقل... و هو الآن سعيد مع زوجته، كما أنني أجدها قريبة مني أكثر من أي واحدة من أزواج أعمامي أو حتى عماتي... كما أن عمي مراد يحبني كثيرا... كل هذه المعطيات جعلتني أطمئن إلى حضوره، فهو أكثر من قد يتفهم وضعيتنا... كنت قد رتبت غرفة الجلوس جيدا و زينتها بالزهور و مسحت الغبار في كل ركن، بل أمعنت النظر من كل زاوية لأتحقق من لمعان الأرضية، و من وضعية الوسادات المتربعة على الأرائك، و من شكل الستائر النصف مسدلة... و من صفاء بلور النوافذ... كان عملا مضنيا حقا! حتى أن أمي أعلنت أن غرفة الجلوس لم تكن يوما بمثل هذا الجمال و الترتيب!! طبعا... فمناسبة اليوم لا تتكرر كثيرا! إنها أول مرة يدخل فيها حسام إلى بيتنا! دخل عمي مراد إلى الغرفة لكنه ما لبث أن هتف : ـ الجو خانق هنا! الطقس حار جدا اليوم!!!!!! هز أبي رأسه موافقا : ـ نعم... لا يمكن أن ندخل الضيف إلى هنا... سنجلس في الحديقة... سارعت أمي بتنظيف المقاعد في الحديقة الأمامية و فرشت غطاء مشرقا الألوان على الطاولة... أما أنا فقد أحسست بخيبة لجهدي الضائع دون طائل!! رن هاتفي الجوال... إنه ماهر... ـ ما الأمر؟ ـ لم أجد العريس!!! ـ لم تجده؟ كيف ذلك؟ قال أنه سيقف عند مدخل المحطة و سيرتدي سترة سوداء... ـ لا يوجد أحد بهذه المواصفات هنا... هل تراه غير رأيه و عدل عن القدوم؟ ـ ما الذي تقوله؟! لا يمكن! انتظر قليلا ربما تأخر... ـ لا يا أختي الحبيبة... ليس لدي وقت أضيعه معك و مع خطيبك الذي لا يحترم مواعيده! لدي مهام كثيرة متعلقة يجب أن أنصرف إليها! ـ انتظر! لن تنصرف هكذا!!!! لكنه أغلق الخط في وجهي!!!! جن جنوني... يا إلهي! ما جنتيه حتى تبتليني بأخ كهذا!!! في تلك اللحظة فتح باب الحديقة الأمامية و سمعت صوت أخي ماهر يتحدث إلى أبي و عمي و بدا أن الجميع يرحبون بضيف ما!!! هكذا إذن! يلعب بأعصابي و يغيظني! سوف يرى!!! ما إن دخل إلى المنزل حتى سارعت أمسك بخناقه و أهزه بشدة : ـ تسخر مني؟! طيب! خذ هذه و هذه... ارتفع ضحكه و هو يتلقى مني اللكمات و الركلات ـ أردت أن أختبر ردة فعلك... حتى حسام كان مغرقا في الضحك!! سارعت راوية للوقوف وراء النافذة المطلة على الحديقة التي كانت نصف مغلقة. كان من الصعب أن ترى بوضوح وجوه الجالسين في الحديقة لأن زاوية النظر حادة لكن الأصوات كانت تصل نوعا ما... لحقت بها ثم تبعتنا أمي و تطاولت أعناقنا في محاولة للإنصات إلى الحديث الذي يدور في الخارج... كان يبدو أنهم يتعارفون في ود و هدوء كأي أشخاص مسالمين وديعين ليست لديهم أفكار مسبقة و لا نوايا خفية... و اتضح بسرعة أن أبي و حسام كانا يتحدثان بتلقائية في مواضيع سياسية و فكرية و اجتماعية عامة... في حين جلس عمي مطرقا و قد غاص في كرسيه المريح... يغمس البسكويت في كأس العصير ببطء... كمحقق ينصت إلى ما يدور حوله باهتمام، متظاهرا باللامبالاة حتى لا يلاحظه أحد! فجأة ساد صمت ثقيل على الجلوس... فحبسنا أنفاسنا خلف النافذة حتى لا يحسوا بوجودنا... و أخيرا بادر أبي قائلا : ـ إذن يا بني... كيف تعرفت على مرام؟! أحسست بتوتر شديد و لم أستطع الإنصات أكثر... فها قد بدأ التحقيق! غادرت القاعة مسرعة و أغلقت على نفسي غرفتي و لبثت أذرعها جيئة و ذهابا في قلق... بعد دقائق قليلة لحقت بي راوية و احتضنتني و هي تهتف في حماس : ـ إنه حقا متحدث بارع! نظرت إليها في لهفة : ـ حقا؟! كيف ذلك؟ ـ عمي لم يقدر على تعجيزه! كلما سأله سؤالا أقام حجاجا متينا و مقنعا... لا بل أنه كان يخمن في كل مرة الجواب الذي ينتظره والدك و يرد عليه و يفسر وجهة نظره في لباقة... حتى أنه لم يتردد و لم يتلعثم... ثقته في نفسه عالية! كما أن ثقافته الدينية و الفكرية لا يختلف فيها اثنان... تنهدت في ارتياح و اتسعت ابتسامتي ـ تعالي يبدو أن الحوار يزداد تشويقا... تركتهما يتناقشان حول معاملة الزوج للزوجة و احترام كل منهما لحقوق الآخر! تبعتها في خطوات سريعة و اتخذنا موقعنا كالعادة... كان حسام يتحدث عن تخطيطه لمستقبله و مشاريعه المهنية و أبي ينصت في اهتمام... ثم قاطعه قائلا : ـ إنها مشاريع طموحة يا بني... أتمنى لك تحقيقها... لكنها تبقى مجرد مشاريع وهمية لا يمكن بناء أسرة على أساسها، فلا شيء منها مضمون... ـ و لكن يا عمي... الأحلام لا تتحقق بين ليلة و ضحاها و يلزمها الكثير من الصبر و العزيمة ((و إن تعلقت همة المرء بما وراء العرش لناله))... كما أنني لا أتصور أنك يا عمي قد بنيت هذا البيت و وفرت كل المرفقات التي فيه قبل الزواج... فالرجل يحتاج إلى زوجة عاقلة إلى جانبه، تشاركه طموحه و تبني معه أحلامه خطوة بخطوة... و بذلك تكتمل سعادتهما... أم أنك ترى من الأفضل أن أعتمد على والدي في توفير السكن و العيادة؟ و لكنني لا أرضى لنفسي أن أعيش عالة على والدي... فهو حقق نجاحه بنفسه و أنا أيضا قادر بإذن الله على تحقيق نجاحي بنفسي... و ماذا إن كان والدي غير قادر على مساعدتي؟ أطرق أبي في اهتمام دون أن يجيب، في حين لم يترك عمي وضعيته المريحة لكنه اكتفى برفع رأسه ليتفحص ملامح الشاب الذي يجلس إلى جانبه، و التي كانت تنطق بمعاني التحدي و الثقة... أما راوية فقد شدت على يدي في حماس و سعادة و هي تهمس : ـ لقد كان رائعا!!! كان قلبي يخفق بشدة... هل سينجح في تغيير وجهة نظر أبي الذي كان عازما على الرفض منذ البداية؟! استمر الحوار طويلا... أكثر مما كان متوقعا، بالنسبة لمن كان يعزم على الرفض! و كان حوارا ممتعا حقا لكل من تابعه... فقد بدا أن التلميذ النجيب نجح في حل أسئلة الاختبار القاسي الذي تعرض له!!! كان الوقت قد تأخر و أوشكت الشمس على التواري وراء الأفق حين أنهيت الجلسة دون التوصل إلى عقد اتفاق يرضي الطرفين! فحسام كان يحاول جاهدا استخراج كلمة موافقة مبدئية من أبي الذي كان مصرا على المحافظة على الغموض... جريت لأختفي في غرفتي رفقة راوية حتى لا أواجه أبي بعد انصراف حسام... و لبثنا ننتظر في قلق النطق بالحكم النهائي... و يبدو أن المفاوضات قد استمرت في قاعة الجلوس بين أعضاء هيئة القضاء الذين انضمت إليهم أمي... مضت أكثر من ساعة قبل أن تدخل علينا أمي فتطلعنا إليها في لهفة و تشوق فقالت مبتسمة : ـ يبدو أنه قد حاز على إعجاب والدك و عمك فكلاهما أعجب به... لكن... اختفت علامات الفرح من وجهي و ارتسم عليه القلق : ـ و لكن ماذا؟ ـ و لكن من الصعب إعطاء موافقة رسمية الآن لأنه لا يزال طالبا... فليتم دراسته أولا، ثم لنا حديث آخر... ـ و لا حتى موافقة مبدئية؟؟ ـ و لا حتى موافقة مبدئية! لا موافقة و لا رفض! ـ و ما رأي عمي في الموضوع؟ ـ في الحقيقة هو من اقترح الهدنة لمدة سنة حتى تتضح الأمور أكثر... طأطأت رأسي في خيبة... فربتت راوية على وجنتي مطمئنة : ـ الحمد لله أنه لم يرفض! ألم يكن ينوي رفضه دون نقاش؟! إذن فهذه علامة طيبة... و قد يغير رأيه في الأيام المقبلة... لا داعي للحزن! ـ نعم معك حق... لم أكن أوقع نتيجة خيرا من هذه على أية حال... ـ هيا اتصلي بدالية أخبريها... لا شك أن حسام ينتظر الجواب على أحر من الجمر... اتصلت براوية و شرحت لها موقف أبي و عمي فابتسمت قائلة : ـ على أية حال هو لم يرفض، مع أن حسام كان يريد خطبة رسمية حتى يمكن من زيارتكم و يتحدث إليك أكثر... لكن لابأس... و قبل أن تغلق الخط هتفت ضاحكة : ـ على فكرة... يبدو أن بعض الفضوليين كانوا يسترقون السمع من وراء النافذة!! |
أختي الغاليه المسلمه الرقيقه نورتي
وبصراحه أنا بعتذر لكِ إني مش بدخل كتير واليوميات وصلت هنزل حبه كتار عشان التأخير |
موضوع جميل جدااا
جعله الله فى ميزان حسناتك منتظرين التكملة وان شاء الله ممتابعين |
ليه المفارقة الطويييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييي يييييييييييييييلة دي!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!
|
ياااااه شكلى جيت متأخرا بجد جميله أوى الحلقات
وأنا أن شاء الله هبقى من أصدقاء البرنامج مستنيا الحلقه الجايه |
حلقات جميله اووووي
ومنتظرينك ترجعي تكملي باقي الحلقات ان شاء الله |
القصة روعة
فيييييييييييييييييييييييييييين الباقى يا اخت سارة كلنا منتظرين |
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
معلش يا جماعه أنا عارفه إني إتأخرت عليكم أوووووي بس معلش الكليه شغلتني الفتره اللي فاتت ولما خلصت حصلت ظروف كده كتيره ومعرفتش أدخل إن شاء الله هكمل اليوميات وتابعوها معايا |
الحــــلقة الثـــــــــــامنة ـــــــــ*×*ـــ((1))ـــ*×*ـــــــــ مرت الأيام التي تلت زيارة حسام لبيتنا بصفة عادية جدا في بيتنا... أبي لم يفتح الموضوع معي إطلاقا، و أنا حاولت قدر الإمكان أن أكون تلقائية و أن لا يبدو علي أدنى تأثر من موقفه تجاه الارتباط... لكنني لاحظت أن أبي صار يطيل النظر إلي كثيرا، و يسرح أثناء الطعام و هو يتابع حركاتي... كأنه يقول في سره : ابنتي كبرت و أنا لا أدري! أكيد أنه صار ينظر إلي بشكل مختلف... لأنه اكتشف أن هناك من ينظر إلي بطريقة مختلفة... و أنني من الممكن أن أكون مرام أخرى غير مرام الابنة المطيعة، الطالبة المجتهدة و الأخت الكبرى... اكتشف أنني قد يكون لي أدوار أخرى في الحياة غير الذهاب إلى الجامعة، و قراءة الكتب و مشاغبة ماهر و التسوق مع أمي... و طبعا ممارسة الطب في المستقبل... و بالطبع كان يتساءل عن طبيعة علاقتي بحسام و عن مقدار تعلقي به... فهو كان يعلم أن حسام جاء إلى منزلنا برضا مني، لكنه كان محتارا لأنني لم أبد أية ردة فعل أمام موقفه الغامض... و لكنني كنت حزينة في داخلي... هل أنا مخطوبة أم لا؟؟؟ هل يمكن لحسام أن يتصل بي على الهاتف أم لا؟؟؟ هل يمكنه زيارتنا في المنزل؟ هل أستطيع محادثته في الجامعة؟ إنه شيء محير فعلا... رغم أنه قد مضى على تعارفنا بضعة أشهر إلا أننا لم نتحدث مباشرة إلا مرات معدودات لا تتجاوز عدد أصابع اليد الواحدة... و كل لقاء لا يتعدى بضع جمل مبتورة، و كلمات مبعثرة... لكنها راسخة في ذاكرتي... تدغدغ قلبي في رقة... لم أره منذ لمحته خلسة من وراء النافذة المواربة... و كنت أهفو إلى سماع أخباره. لكنه لم يعد يأتي إلى الكلية... حتى دالية لا أراها كثيرا، لأننا ندرس في أقسام مختلفة... فلم أعد على اتصال بعالمه... كنت أغادر قاعة المحاضرات حين اقتربت مني سهير مبتسمة و ربتت على كتفي قائلة : ـ كيف حالك يا عروسة؟ و ما أحوال العريس؟! تضرج وجهي في حرج... عروسة؟؟ عريس؟؟ يا ليتنا كنا مخطوبين فقط!! ضحكت و أنا أقول : ـ بعد عمر طويل إن شاء الله! نظرت إلي في دهشة و هي تقول : ـ ما بك يا مرام؟ لماذا هذا الكلام؟ ثم عدلت نظاراتها على أنفها و هي تقول في خبث : ـ لا تقولي أنك مستعجلة على الزواج؟!!!! لوحت بكفي نافية و هتفت : ـ و لم العجلة؟ أمامنا الوقت الكافي... أمسكت بذراعي و هي تقول في فضول ممزوج بلهفة : ـ هااا... حدثيني... كيف تسير علاقتكما؟ تنهدت و هززت كتفي و قلت : ـ لا شيء يذكر... لم أره منذ جاء إلى بيتنا الأسبوع الماضي... ـ أسبوع كامل و لم تتصلا؟!! لا لا لا... حسام مقصر ناحيتك! لم لا يتصل بك على الهاتف إن كان لا يمكنه المجيء إلى الجامعة أو زيارتك في منزلكم؟؟ ـ يتصل بي على الهاتف؟! و لكن يا سهير... نحن لسنا مخطوبين بعد!! سارعت تقول في إلحاح : ـ و لكن والديك على علم بعلاقتكما... و أبوك معجب به أيضا... يعني ليس هنالك اعتراض على علاقتكما في حد ذاتها... المسألة برمتها مسألة وقت حتى يتخرج حسام... سكتت و قد اتضح التردد على وجهي فاستطردت : ـ اطلبي منه أن يتصل على رقم البيت... هكذا الرقابة موجودة... ما رأيك؟ ـ لكنه لم يقترح علي الأمر... فهل من المعقول أن أكون أنا المبادرة؟؟ ـ أراهن على أنه راغب في الأمر أكثر منك... فهو أيضا يريد أن يتعرف عليك أكثر... لكن الأكيد أنه يخشى إحراجك و يتوقع أن لا توافقي... لذا لم يبادر بالاقتراح، لكن أنت بإمكانك أن تسهلي عليه الأمر... أجبت متفكرة : ـ سأنظر في الأمر... عدت إلى المنزل و الفكرة تلح على ذهني... نعم، لم لا يتصل بي على رقم المنزل؟ لن أكون بمفردي في المنزل... فلا يمكن أن تكون خلوة... كما أن أبي و أمي يعرفان أخلاقه و تدينه... فلا يمكن أن نتجاوز الحدود الشرعية في حديثنا... كما أنها الطريقة الوحيدة لنتعرف على بعضنا أكثر... فهل سنقطع اتصالنا ببعضنا البعض طيلة السنوات المقبلة، حتى نتمكن من الزواج؟؟ غير معقول! حتى أننا قد ننسى بعضنا البعض بطول المدة... سارعت باستشارة أمي فوافقت على اتصاله شريطة أن لا نطيل الحديث... كما أنها ستكون في الغرفة المجاورة... قفزت من الفرحة و سارعت أتصل بدالية : ـ أين أنت يا فتاة، لم أرك منذ فترة كأننا لسنا في نفس الكلية!! أجبت ضاحكة : ـ ممرات الكلية طوييييلة كالسراديب... نتوه فيها بسهولة! صمتت قليلا فبادرت دالية مداعبة : ـ أكيد أن مكالمتك ليست لي!! بل تريدين أن تسألي أن أحوال الدكتور!! قلت متصنعة الغضب : ـ يعني كأنه هو يهتم بشأني أو يسأل عني كي أسأل عنه!! ـ اعذريه يا مرام... فهو متعب جدا في التمرين و أمامه امتحانات كثيرة... لكنني أؤكد لك أنك لا تغيبين عن باله لحظة واحدة... فجل الحديث بيننا يدور حولك... ابتسمت في سعادة و قلت مدارية سروري : ـ و لكن أخباري لا تصله حتى... و لا يعلم إن كنت مت أو لازلت بين الأحياء!! ضحكت دالية و قالت : ـ حاااضر... سأبلغه غضبك منه و غيظك من لامبالاته! و لكن ماذا يمكنه أن يفعل أمام موقف والدك؟؟ ترددت قليلا قبل أن أقول في صوت خافت : ـ يمكنه أن يتصل بي على رقم المنزل إن شاء... استشرت أمي و هي موافقة... ـ حسن... سأبلغه ذلك يا حبيبتي... انتظرت على الجمر مكالمة دالية الموالية، و ما إن رن الهاتف حتى ركضت لأجيب : ـ يقول أنه سيتصل بك على الساعة السابعة من مساء الغد... هل الوقت مناسب لك؟ ـ نعم... لا بأس... وضعت السماعة و قد أخذ قلبي يدق في شدة... |
ـــــــــ*×*ـــ((2))ـــ*×*ـــــــــ استيقظت مبكرة على غير العادة بعد ليلة طويلة مليئة بالأحلام السعيدة... تطلعت إلى المنبه الذي لم يرن بعد... إنها الساعة الرابعة!!! ما الذي جعلني أستيقظ في هذا الوقت؟؟ عدت إلى النوم، لكنني لم أستطع أن أغفو ثانية... لبثت تحت الغطاء و الدقائق تمر بطيئة... لم كل هذا القلق يا مرام؟؟ كان قلبي يخفق بشدة في كل مرة أتذكر فيها المكالمة الموعودة... كيف سيكون صوته في الهاتف؟ و كيف سأتحدث معه؟ حتى و إن كانت أمي قريبة و دالية إلى جانبه... فإنني أحس أن خط الهاتف الذي يصل كلماته بأذني، يفصلنا عن كل ما حولنا... بل أنه للمرة الأولى سيكون بيننا حوار خاص!!! فيم سنتحدث يا ترى؟؟ و كيف سأتصرف؟؟ علي أن أكون تلقائية... لكن في نفس الوقت أن أتجنب الضحك و التفكه... و أن أخفض من صوتي... ليس مثلما أتكلم مع راوية أو دالية!! هل سأجد الكلمات المناسبة؟ ماذا إن وجدني ثقيلة الظل؟؟ أو خفيفة طائشة؟؟ يا عزيزتي يا مرام... كوني طبيعية... كوني مرام و كفى... فعليه أن يقبلك كما أنت... و إن لم تعجبه شخصيتك فمن الأفضل أن تقف العلاقة في بدايتها... تنفست بعمق و قد ازداد ارتياحي، ثم قمت فتوضأت و صليت بضع ركعات في ظلمة الليل و جلست أنتظر صلاة الفجر... يا رب... اكتب لي الخير حيث كان ثم رضني به... صار ذاك هو دعائي المفضل مذ عرفت دعاء الاستخارة... كان يوما طويلا علي في الكلية، و كنت أتطلع بين الفينة و الأخرى إلى الساعة... متى تحين الساعة السابعة!!! كانت المحاضرات تنتهي عند الساعة الخامسة، ثم يبقى لدي الوقت لأعود إلى البيت و أستريح قليلا قبل أن يأتي الموعد... كنت أهم بمغادرة الكلية صحبة راوية حين اقتربت منا دالية و هي تلهث : ـ الحمد لله لحقت بك قبل أن تنصرفي... كنت أبحث عنك... نظرت إليها في قلق في حين هتفت راوية في لهفة : ـ أكيد لديك رسالة من حسام؟! قولي قولي... هل أنا مخطئة؟ ابتسمت و هي تقول : ـ نعم بالفعل... فقد اتصل بي ساعة الغداء و طلب مني أن أبلغك شيئا ما... تطلعنا إليها في ترقب و قالت : ـ الحقيقة أنه يعتذر لك... لأنه لن يتمكن من الاتصال بك هذا المساء... خيم علينا الوجوم للحظات قبل أن تسترد دالية أنفاسها و تستطرد قائلة : ـ لم يذكر السبب، لكنه طلب مني عنوان بريدك الالكتروني... قال أنه سيفسر لك بدقة لأنه لا يستطيع أن يمل علي ما يريد تبليغه لك... بادرتها في قلق : ـ دالية... طمئنيني... هل هو بخير؟ ـ لا تقلقي... ليس أمرا متعلقا بصحته أبدا... هو بخير و قد ذهب إلى المستشفى اليوم... ثم تداركت ضاحكة : ـ من أجل التمرين و ليس من أجل العلاج طبعا... لكنه لم يملك الوقت الكافي ليشرح لي على الهاتف لذلك قال بأنه سيرسل إليك... لا داعي للقلق!! عدت إلى البيت مسرعة... و قد صار موعد الساعة السابعة بلا قيمة... و لكن هنالك رسالته منه تنتظرني!!! دخلت إلى غرفتي على عجل و فتحت الحاسوب، و بدا لي أنه استغرق وقتا أطول من العادة ليفتح!! و أخطأت مرتين و أنا أدخل كلمة السر لحسابي الالكتروني... و أخيرا فتحت الرسالة... قرأتها مرتين و أنا مبهورة الأنفاس... السلام عليكم و رحمة الله و بركاته آسف لأنني اضطررت إلى إخلاف و عدي الأول لك بخصوص المكالمة الهاتفية... و لكنك إن قرأت رسالتي هذه إلى النهاية ستلتمسين لي العذر و تتفهمين موقفي، بل إنني واثق أنك ستؤيدينه... بعد أن وافقت البارحة على الاتصال بك، لبثت قلقا لسبب أجهله... ربما لأنني لم أضع المكالمات الهاتفية في حسابي للمرحلة الحالية... لكنني للوهلة الأولى لم أر مانعا طالما أن والدتك موافقة و هي ستكون قريبة منك... لكن رسولنا الكريم صلى الله عليه و سلم علمنا الاستخارة في كل أمور حياتنا، خاصة تلك التي تبعث القلق في نفوسنا... لذا فقد قررت أن أستخير قبل أن أتخذ أية خطوة... استخرت البارحة قبل النوم، لكنني لم أر في نومي أية علامة... فتوكلت على الله و قد قررت أن أتصل بك... لكن اليوم حين وصلت إلى المكتب و فتحت الحاسوب، ظهرت أمامي فجأة نافذة من موقع إسلامي فيها تحذير من الحديث بين الشاب و الفتاة على الهاتف و المسنجر... لست أدري لم اقشعر جسمي حين قرأته، مع أنه يتحدث عن كلام الغزل الذي يحدث بين الشباب الطائش و العلاقات التي تبنى دون معرفة الوالدين، لكنني أحسست أنه رسالة إلي من رب العالمين، بل أنه يحمل الجواب على استخارتي!! مرام أرجو أن تفهميني... ربما ليس حديثنا في حد ذاته من المحرمات، و ربما كنا نجتهد و نجاهد أنفسنا للابتعاد عن المعاصي و نتقصى رضاء الوالدين في كل خطوة... فربما كانت والدتك موافقة لأن الأم بطبعها حنونة و تتجاوز و تخضع لرغبات أبنائها... لكنني لست واثقا من أن والدك سيكون له نفس الموقف!! كما أننا نرجو من علاقتنا هذه أن تكون طريقنا إلى فراديس الجنان و نبتغي أن تكون في سبيل الله و وسيلة لزيادة طاعته... أملنا أن نبني نهضة الأمة من خلال تكوين بيت مسلم، يبارك لنا الله فيه من أول لحظة، يبارك لنا حتى في نوايانا و في دخائل نفوسنا... فهل يليق بمن يحمل مثل هدفنا أن ينصاع إلى رغباته و أحاديث نفسه؟ حتى إن كانت لا تتجاوز الحدود الشرعية، فهي مدخل من مداخل الشيطان... و قد تقودنا إلى رغبات أخرى أكبر منها، مثل المكالمات الخاصة دون علم الأهل لأننا ضمننا موافقتهم و من ثم اللقاء... ألا ترين أن نقنع الآن و نفرح فيما بعد... يوم يباهي بنا الله عباده و ملائكته... و يقول انظرا إلى هذين... كانا يتحريان مرضاتي في كل حركة و سكون... و هل في الدنيا فرحة تساوي فرحة ذاك اليوم؟ لذا فإنني أرى ـ و أظنك توافقينني ـ أن نتجنب كل ما يضعف نفوسنا، خاصة أن للصوت فتنة... على أمل أن يعجل والدك بالموافقة على الخطبة الرسمية... أتركك في أمان الله و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته... كانت ابتسامة سعيدة ترتسم على شفتي... و أنا أعيد قراءة الرسالة للمرة الثالثة... و قد سكنت في عيني نظرة حالمة... رغم أنني لم أحصل على المكالمة الموعودة، إلا أنني أحسست بأن ما حصلت عليه هو أحلى بكثيييير... كنت أحس بالصغار أمامه... فأين تفكيري من تفكيره!! أين انسياقي وراء رغباتي من حسن تدبيره؟! أين تسرعي من حكمته؟! بارك الله لي فيك يا حسام... و حفظك لي من كل سوء... و جمعني بك قريبا على خير... كان شعور عميق بالاطمئنان يتدفق إلى قلبي في دفء... سأكون في أيد أمينة معك... إن شاء الله |
ـــــــــ*×*ـــ((3))ـــ*×*ـــــــــ كان الباب قد أغلق تماما أمام التفكير في المكالمات الهاتفية، فقد كان القرار حاسما حتى أنني لمت نفسي طويلا على جرأتي لتقديمي مثل ذاك الاقتراح... و دعوت الله أن لا يكون حسام قد وجد شيئا في نفسه من تهاوني بالمسألة... أو يكون قد ظن بي الظنون... لكن تلك الرسالة التي تلقيتها من حسام كانت مفتاحا لطريقة جديدة للتواصل... طريقة عرفت معها متعة كبيرة... هي أرقى و أحلى و أبلغ من كلمات الغزل و الهيام... فبعد بضعة أيام وجدت رسالة جديدة منه... كانت تبدو في ظاهرها خاطرة إيمانية عامة... لكنني أحسست بأنه يخاطبني بكل كلمة منها... ربما لأنني أحسست أنه كتبها من أجلي و ليذكرنا أن ما يجمعنا ماهو إلا سعينا لإرضاء الله... و أنه لا يجب أن تخالط نيتنا تلك أية نية أخرى تفقدها إشعاعها في قلوبنا ثم صار يرسل لي يوميا خاطرة إيمانية يتناول فيها مواضيع شتى تلمس شغاف قلبي و تروي ظمأ روحي... فقد اكتشفت أنه ليس فقط ذا ثقافة دينية واسعة بل أنه كاتب متميز أيضا... تصلني أفكاره في أسلوب سلس و بسيط و لكنه ذو معاني عميقة في آن واحد، ما يسمى بالسهل الممتنع! يحدثني عن الحياء فأجد وجنتي قد أشرقتا بحمرة محببة... يصف أخلاق الصحابيات و أمهات المسلمين فتهفو نفسي شوقا للاقتداء بهن... يذكرني بفضل صلاة الضحى فأقوم من فوري إلى سجادتي... يحثني على قيام الليل و قرآن الفجر... فأتلذذ بمناجاة خالقي في الثلث الأخير من الليل... صارت أحلى ساعات نهاري تلك التي أجلس فيها أمام الشاشة أقرأ خاطرته ثم أرد عليها بخاطرة أخرى من بنات أفكاري... و أحلى ساعات ليلي تلك التي أوقظه فيها برنة على هاتفه لندعو الله معا أن يبارك لنا في علاقتنا قبل الزواج و بعده و يجمعنا على الخير و تقوى الله... صرت أراقب نفسي أكثر و أفكر في كل تصرفاتي بطريقة مختلفة... أريد أن أماريه في تحريه للحلال و الحرام قبل كل خطوة، أن أكون ندا له... أن أستحق زوجا مثله... و لا أخيب أمله لأنه اختارني من بين كل البنات اللاتي عرفهن... و من بين كل البنات اللاتي يتطلعن إليه... و أجمل ما في الأمر أنه كان يذكرني في كل مرة بأنه ليس إلا شخصا عاديا له عيوب و مميزات و أنني لا يجب أن أتوقعه كاملا أو إنسانا مثاليا، فيزداد إعجابي به... و يذكرني بتجديد نيتي في كل مرة لتكون خالصة لله وحده... و يؤكد علي بأن أنسى و أنا في مناجاتي وجوده لأنه لن ينفعني بشيء إن أنا خالطت نيتي أية مشاعر أخرى تفقدها صفاءها... فتتناثر دموعي خاشعة أسأل الله أن يرزقني الإخلاص فيتلاشى خيال حسام من أمام عيني لتبقى خشيتي لله و رجائي استجابته وحدها في قلبي... و أخيرا قررت أن أبادر!! فقد كنت أتعلم منه طوال الفترة الماضية... قررت أن أضع برنامجا مشتركا لعباداتنا معا... فوضعت العبادات التالية و ظننت أنني أحطت بكل شيء و أنه لن يضيف عليها شيئا : ذكر الله تعالى 500 مرة في اليوم صلاة الضحى المواظبة على السنن الرواتب قدر الإمكان المحافظة على سنة الأحد عشرة ركعة في كل ليلة، بتقسيمها بين فترتي ما بعد العشاء و ما قبل الفجر على أن يكون معظمها في الثلث الأخير من الليل قراءة جزء من القرآن يوميا لختم القرآن كل شهر صيام الاثنين و الخميس من كل أسبوع إخراج صدقة مرة في الأسبوع... لم أكن قد تعودت على معظم هاته العبادات... لكنني نويت أن ألتزم و أجاهد نفسي قدر الإمكان و لكنه كالعادة كانت له إضافة إلى البرنامج... إضافة متميزة و غاية في الرومانسية! فقد اقترح أن يواظب كل منا على ذكر معين، يذكره كلما خطر الآخر على باله! فنصنع عبادة حتى من تفكيرنا في بعضنا البعض! و يظل يذكرها حتى ينشغل بأمر آخر!!! يا الله... كم خفق قلبي و أنا أقرأ رسالته تلك... و يا لها من فكرة مبدعة لنمنع نفوسنا من الإمعان في خيالاتها و مجاراة رغباتها... فنعوضها بذكر الله! و كلما رأتني أمي أجلس خلف الشاشة، اقتربت مني و على شفتيها ابتسامة فضولية : ـ هااا... ما الأخبار... فيتضرج وجهي في حرج و أفسح لها المجال لتقرأ كتاباته... فتهز رأسها في كل مرة إعجابا و تربت على كتفي مداعبة و هي تقول : ـ يبدو أن السباق الأدبي بينكما متواصل! من سيفوز يا ترى؟! و الحقيقة أنني كنت جد مسرورة لأنني وجدت شخصا يوافقني ميولاتي و ينافسني في مهاراتي التي كنت أتميز بها بين صديقاتي... و كان كل شيء بيننا خاضعا لمنطق المنافسة : و في ذلك فليتنافس المتنافسون... حتى أنه اقترح أن يكون لكل منا دفتر يحاسب فيه نفسه على تقصيره في جدول العبادات... على أن نتحاسب في أول يوم من زواجنا... فيقدم الخاسر هدية للفائز... أو على حد تعبيره : تقدم الخاسرة هدية للفائز! فقد كانت ثقته في نفس عالية... و قد نجح في تمرير روح التحدي إلي... مع أنه لم يكن يزعجني البتة أن أكون خاسرة أمامه... مادامت المنافسة بيني و بين زوجي المستقبلي... و لا شيء يسعدني أكثر من ارتباطي بشخص يتفوق علي في كل شيء فأكون قد سلمت مفاتيح قلبي لزوج يجيد الحفاظ عليها... لكنني وجدت نفسي أعيش نوعا من الإدمان! نعم... إدمان على خواطر حسام... أنتظر كل يوم رسالته بفارغ الصبر... أفتح الحاسوب مرات عديدة في اليوم... و كلما سنحت الفرصة في الكلية انزويت في ركن ما أخط الخاطرة التي سأرسلها إليه... حتى أن راوية صارت تتنهد في غيظ كلما رأتني أتوجه إلى المكتبة وقت الغداء لأنفرد بخواطري... أما في البيت فجلوسي على الحاسوب صار أطول من العادة... فكل خاطرة من خواطره تتطلب مني أن أقرأها مرة و اثنتين و ثلاثة... و قد أعود إليها فيما بعد لأستشف معانيها أكثر و أكثر... و أقلق كثييييرا حين يمر يوم دون أن تصلني منه رسالة على بريدي الالكتروني... فأسارع للاتصال بدالية!! كنت أعيش أياما سعيدة و أوقاتا ممتعة، أحسست فيها أن إيمانياتي ترتفع... أحسست بأنني أزداد قربا من الله و طاعة له... لكن في داخلي... كنت أحس ببعض القلق... إحساس غريب كان يعكر علي صفو الاطمئنان الذي كنت أجده في البداية... إلى أن جاء يوم.... |
كفايه كده النهارده ونكمل الباقي بكرررره إن شاء الله
|
تم تثبيت الموضوع
لمتابعة الحلقات حلقات جميله اووووي ومستنين الباقي اوعي تغيببي عننا تاني في رعاية الله |
بجد تحففففففففففففففففففففففففففففففففففففة
جزاك الله خيرا عليها واتمني ان غيابك ميطولش زي زمان بالتوفيق باذن الله:d:d:d:d |
اعذريني قرأت اول تلات حلقات
وايه الجمال ده بجد رووووووووووووووووووعه معلش مشغوله حاحول اقرأ الباقي تحياتي |
الحمد لله خلصتهم
بجد روووووووووووووووعه ايه الجمال ده كملي ياغاليه الباقي وربنا يجعل كل البنات مرام والشباب حسام |
جزاك الله كل خير فييييييييييييييييييييييييييييين الباقى
|
انا مش قادره اعبر بالكلمات من جمال القصه مفيش كلمات توصف شعورى وانا بقراها من جمالها وحلاوتها بل وفيه عبارات قريتها اكتلر من مره بجد شكراااااااااااااا جزيلا لكى لو فىلا خلاص ملوش لازمه الكلمتين اللى حقولهم
|
جميع الأوقات بتوقيت GMT +2. الساعة الآن 01:49 AM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.