بوابة الثانوية العامة المصرية

بوابة الثانوية العامة المصرية (https://www.thanwya.com/vb/index.php)
-   حي على الفلاح (https://www.thanwya.com/vb/forumdisplay.php?f=25)
-   -   القيَامة الكبرى (https://www.thanwya.com/vb/showthread.php?t=181723)

خالد مسعد . 27-01-2010 02:36 PM

حقيقة الصّراط ومعتقد أهل السنة فيه
قال السفاريني : " الصراط في اللغة الطريق الواضح . ومنه قول جرير :
أمير المؤمنين على صراط ××× إذا اعوج الموارد مستقيم
وفي الشرع جسر ممدود على متن جهنم ، يرده الأولون والآخرون ، فهو قنطرة بين الجنة والنار " (1) .
وقد بين شارح الطحاوية معقتده في الصراط المذكور في الأحاديث فقال :
" ونؤمن بالصراط ، وهو جسر على جهنم ، إذا انتهى الناس بعد مفارقتهم الموقف إلى الظلمة التي دون الصراط ، كما قالت عائشة رضي الله عنها : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل : أين الناس يوم تبدل الأرض غير الأرض والسماوات ؟ فقال : " هم في الظلمة دون الجسر " (2) .
وقد بيّن السفاريني رحمه الله تعالى – موقف الفرق من الصراط ، وهل هو صراط مجازي أم حقيقي ؟ ثم قرر مذهب أهل الحق الذي دلت عليه النصوص فيه ، فقال : " اتفقت الكلمة على إثبات الصراط في الجملة ، لكن أهل الحق يثبتونه على ظاهره من كونه جسراً ممدوداً على متن جهنم ، أحدّ من السيف وأدق من الشعر ، وأنكر هذا الظاهر القاضي عبد الجبار المعتزلي ، وكثير من أتباعه زعماً منهم أنه لا يمكن عبوره ، وإن أمكن ففيه تعذيب ، ولا عذاب على المؤمنين والصلحاء يوم القيامة ، وإنما المراد طريق الجنة المشار إليه بقوله تعالى : ( سَيَهْدِيهِمْ وَيُصْلِحُ بَالَهُمْ ) [محمد : 5] ، وطريق النار المشار إليه بقوله تعالى : ( فَاهْدُوهُمْ إِلَى صِرَاطِ الْجَحِيمِ ) [الصافات :23] ، ومنهم من حمله على الأدلة الواضحة والمباحات والأعمال الرديئة التي يسأل عنها ويؤاخذ بها ، وكل هذا باطل وخرافات لوجوب حمل النصوص على حقائقها ، وليس العبور على الصراط بأعجب من المشي على الماء أو الطيران في الهواء ، أو الوقوف فيه، وقد أجاب صلى الله عليه وسلم عن سؤال حشر الكافر على وجهه بأن القدرة صالحة لذلك .
وأنكر العلامة القرافي كون الصراط أدق من الشعر وأحد من السيف ، وسبقه إلى ذلك شيخه العز بن عبد السلام ، والحق أن الصراط وردت به الأخبار الصحيحة وهو محمول على ظاهره بغير تأويل كما ثبت في الصحيحين والمسانيد والسنن الصحاح مما لا يحصى إلا بكلفة من أنه جسر مضروب على متن جهنم يمر عليه جميع الخلائق ، وهم في جوازه متفاوتون " (3) .
وذكر القرطبي مذهب القائلين بمجازية الصراط ، المؤولين للنصوص المصرحة به ، فقال :
" ذهب بعض من تكلم على أحاديث وصف الصراط بأنه أدق من الشعر ، وأحدُّ من السيف أن ذلك راجع إلى يسره وعسره على قدر الطاعات والمعاصي ، ولا يعلم حدود ذلك إلا الله تعالى ، لخفائها وغموضها ، وقد جرت العادة بتسمية الغامض الخفي دقيق ، فضرب المثل بدقة الشعر ، فهذا من هذا الباب ، ومعنى قوله : أحد من السيف أن الأمر الدقيق الذي يصعد من عند الله تعالى إلى الملائكة في إجازة الناس على الصراط يكون في نفاذ حد السيف ومضيه إسراعاً منهم إلى طاعته وامتثاله ، ولا يكون له مرد كما أن السيف إذا نفذ بحده وقوة ضاربه في شيء لم يكن له بعد ذلك مرد ، وإما أن يقال : إن الصراط نفسه أحد من السيف وأدق من الشعر فذلك مدفوع بما وصف من أن الملائكة يقومون بجنبيه ، وأن فيه كلاليب وحسكاً ، أي أن من يمر عليه يقطع على بطنه ، ومنهم من يزل ، ثم يقوم ، وفيه أن من الذين يمرون عليه من يعطى النور بقدر موضع قدميه ، وفي ذلك إشارة إلى أن للمارين عليه مواطئ الأقدام ، ومعلوم أن دقة الشعر لا يحتمل هذا كله (4) .
ثم رد عليهم مقالتهم ، فقال : " ما ذكره هذا القائل مردود بما ذكرنا من الأخبار وأن الإيمان يجب بذلك ، وأن القادر على إمساك الطير في الهواء قادر على أن يمسك عليه المؤمن ، فيجريه أو يمشيه ، ولا يعدل عن الحقيقة إلى المجاز إلا عند الاستحالة ، ولا استحالة في ذلك للآثار المروية في ذلك ، وبيانها بنقل الأئمة العدول ، ومن لم يجعل الله له نوراً فما له من نور " (5) .
--------------------------------
(1) لوامع الأنوار البهية : (2/189) .
(2) شرح الطحاوية : ص 469 .
(3) لوامع الأنوار البهية : 2/192 .
(4) التذكرة للقرطبي : 332 .
(5) التذكرة للقرطبي : 333 .

خالد مسعد . 27-01-2010 02:36 PM

عظة المرور على الصّراط
يقول القرطبي : " تفكر الآن فيما يحل بك من الفزع بفؤادك إذا رأيت الصراط ودقته ، ثم وقع بصرك على سواد جهنم من تحته ، ثم قرع سمعك شهيق النار وتغيظها ، وقد كلفت أن تمشي على الصراط ، مع ضعف حالك واضطراب قلبك ، وتزلزل قدمك، وثقل ظهرك بالأوزار ، المانعة لك من المشي على بساط الأرض ، فضلاً عن حدة الصراط.
فكيف بك إذا وضعت عليه إحدى رجليك ، فأحسست بحدته ، واضطررت إلى أن ترفع قدمك الثاني ، والخلائق بين يديك يزلون ، ويعثرون ، وتتناولهم زبانية النار بالخطاطيف والكلاليب ، وأنت تنظر إليهم كيف ينكسون إلى جهة النار رؤوسهم وتعلوا أرجلهم فيا له من منظر ما أفظعه ، ومرتقى ما أصعبه ، ومجاز ما أضيقه " (1) .
وقال أيضاً : (2) " فتوهم نفسك – يا أخي – إذا صرت على الصراط ، ونظرت إلى جهنم تحتك سوداء مظلمة ، قد لظى سعيرها ، وعلا لهيبها ، وأنت تمشي أحياناً ، وتزحف أخرى ، قال :
أبت نفسي تتوب فما احتيالي ××× إذا برز العباد لذي الجلالِ
وقاموا من قبورهم سكارى ××× بأوزار كأمثال الجبال
وقد نصب الصراط لكي يجوزوا ××× فمنهم من يكب على الشمال
ومنهم من يسر لدار عدن ××× تلقاه العرائس بالغوالي
يقول له المهيمن يا وليي ××× غفرت لك الذنوب فلا تبالي
وقال آخر :
إذا مد الصراط على جحيم ××× تصول على العصاة وتستطيل
فقوم في الجحيم لهم ثبور ××× وقوم في الجنان لهم مقيل
وبان الحق وانكشف المغطى ××× وطال الويل واتصل العويل
--------------------------------
(1) التذكرة للقرطبي : 332 .
(2) التذكرة للقرطبي : 330 .


جميع الأوقات بتوقيت GMT +2. الساعة الآن 10:04 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.