بوابة الثانوية العامة المصرية

بوابة الثانوية العامة المصرية (https://www.thanwya.com/vb/index.php)
-   أرشيف المنتدى (https://www.thanwya.com/vb/forumdisplay.php?f=513)
-   -   موسوعة الأخلاق الإسلامية (https://www.thanwya.com/vb/showthread.php?t=511314)

محمد رافع 52 17-11-2013 12:48 AM

ذم الكِبْر في واحة الشعر

قال منصور الفقيه:

تتيهُ وجسمُك مِن نطفةٍ *** وأنت وعاءٌ لما تعلمُ

وقال آخر:

جمعت أمرين ضاع الحزمُ بينهما *** تيهَ الملوكِ وأخلاقَ المماليكِ

وقال آخر:

وَكم ملكٍ قاسي العقابِ مُمَنَّعٍ *** قديرٍ على قبضِ النُّفُوسِ مُطاعِ


أَراهُ فيعديِنِي من الكِبْرِ ما به *** فأُكْرِمُ عَنه شيمتِي وطِباعِي

وقال آخر:

كم جاهلٍ متواضعٍ *** سترَ التواضعُ جهلَه


ومميزٍ في علمِه *** هدم التكبرُ فضلَه


فدعِ التكبرَ ما حييتَ *** ولا تصاحبْ أهلَه


فالكِبْرُ عيبٌ للفتى *** أبدًا يُقبِّحُ فعلَه

وأنشد ثعلب:

ولا تأنفا أن تسألا وتسلما *** فما حُشِيَ الإنسانُ شرًّا من الكِبْرِ

وقال محمود الوراق:

التِّيهُ مَفسدةٌ للدِّينِ منقصةٌ *** للعَقلِ مجلبةٌ للذمِّ والسخَطِ


مَنْعُ العطاءِ وبَسْطُ الوجهِ أحسنُ مِن *** بَذْلِ العطاءِ بوَجْهٍ غيرِ منبسطِ

وقال أيضًا:

بِشْرُ البخيلِ يكادُ يُصْلِحُ بُخلَه *** والتِّيهُ مَفْسدةٌ لكلِّ جوادِ


ونقيصةٌ تبْقَى على أيامِه *** ومَسبَّةٌ في الأهلِ والأولادِ

وقال آخر في الكِبْر:

مع الأرضِ يا بنَ الأرضِ في الطَّيرانِ *** أَتأْمُلُ أن ترْقى إلى الدبَرَانِ


فواللهِ ما أبصرتُ يومًا مُحلِّقًا *** ولو حَلَّ بين الجَدْي والسَّرطانِ


حَمَاهُ مكانُ البُعدِ مِن أَن تَنالَه *** بسَهْمٍ من البَلْوى يدُ الحَدثانِ

وقال الحيص بيص:

فتى لم يكنْ جَهْمًا ولا ذا فَظاظةٍ *** ولا بالقَطوبِ الباخلِ المتكبر


ولكن سَموحًا بالودادِ وبالنَّدى *** ومبتسمًا في الحادثِ المتنمِّرِ




محمد رافع 52 17-11-2013 12:51 AM

الكذب

معنى الكذب لغةً واصطلاحًا
معنى الكذب لغةً:
الكَذِب نقيض الصِّدْقِ، كَذَبَ يَكْذِبُ كَذِبًا وكِذْبًا. فهو كَاذِب وكَذَّاب وكَذُوب، تقول: كذَّبت الرجل، إذا نسبته إلى الكذب، وأكْذَبتُه إذا أخبرت أن الذي يحدث به كذب .
معنى الكذب اصطلاحًا:
هو الإخبار بالشيء على خلاف ما هو عليه سواء كان عمدًا أم خطئًا .
وقال النووي: (الإخبار عن الشيء على خلاف ما هو، عمدًا كان أو سهوًا، سواء كان الإخبار عن ماض أو مستقبل) .

محمد رافع 52 17-11-2013 12:54 AM

الفرق بين الكذب وبعض الألفاظ المترادفة

- الفرق بين الخرص والكذب:
(أنَّ الخرص هو الحزر، وليس من الكذب في شيء، والخرص ما يحزر من الشيء، يقال: كم خرص نخلك، أي: كم يجئ من ثمرته، وإنما استعمل الخرص في موضع الكذب؛ لأنَّ الخرص يجري على غير تحقيق، فشُبِّه بالكذب، واستُعمل في موضعه.
وأما التكذيب فالتصميم، على أنَّ الخبر كذب بالقطع عليه، ونقيضه التصديق) .
- الفرق بين الكذب والافتراء والبهتان:
(الكذب: هو عدم مطابقة الخبر للواقع، أو لاعتقاد المخبر لهما على خلاف في ذلك.
والافتراء: أخص منه؛ لأنَّه الكذب في حق الغير بما لا يرتضيه، بخلاف الكذب فإنه قد يكون في حق المتكلم نفسه، ولذا يقال لمن قال: فعلت كذا ولم أفعل كذا. مع عدم صدقه في ذلك: هو كاذب، ولا يقال: هو مفتر، وكذا من مدح أحدًا بما ليس فيه، يقال: إنه كاذب في وصفه، ولا يقال: هو مفتر؛ لأنَّ في ذلك مما يرتضيه المقول فيه غالبًا.
وقال سبحانه حكاية عن الكفار: افْتَرَى عَلَى اللّهِ كَذِبًا [الأنعام: 93]؛ لزعمهم أنه أتاهم بما لا يرتضيه الله سبحانه مع نسبته إليه.
وأيضًا قد يحسن الكذب على بعض الوجوه، كالكذب في الحرب، وإصلاح ذات البين، وعدة الزوجة، كما وردت به الرواية، بخلاف الافتراء.
وأما البهتان: فهو الكذب الذي يواجه به صاحبه على وجه المكابرة له) .
- الفرق بين الكذب والإفك:
(الكذب: اسم موضوع للخبر الذي لا مخبر له على ما هو به، وأصله في العربية التقصير، ومنه قولهم: كذب عن قرنه في الحرب. إذا ترك الحملة عليه، وسواء كان الكذب فاحش القبح، أو غير فاحش القبح.
والإفك: هو الكذب الفاحش القبح، مثل الكذب على الله ورسوله، أو على القرآن، ومثل قذف المحصنة، وغير ذلك مما يفحش قبحه، وجاء في القرآن على هذا الوجه، قال الله تعالى: وَيْلٌ لِّكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ [الجاثية: 7]) .
- الفرق بين الخُلف والكذب:
(الكذب فيما مضى، وهو أن تقول: فعلت كذا، ولم تفعله، والخلف لما يستقبل، وهو أن تقول: سأفعل كذا. ولا تفعله) .

فاى 11 17-11-2013 05:37 PM

بارك الله فيك

محمد رافع 52 17-11-2013 09:05 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة فاى 11 (المشاركة 5595280)
بارك الله فيك

جزاك الله عنا خيراً

محمد رافع 52 20-11-2013 11:29 PM


أولًا: في القرآن الكريم

- قال الله تعالى: إِنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ اللّهِ وَأُوْلـئِكَ هُمُ الْكَاذِبُونَ [النحل: 105].
(إِنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ على الله وعلى رسوله شِرارُ الخلق، الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ اللّهِ من الكفرة والملحدين المعروفين، بالكذب عند الناس) .
- وقال سبحانه: وَيْلٌ لِّكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ [الجاثية: 7].
(أي: كذَّاب في مقاله، أثيم في فعاله. وأخبر أنَّ له عذابًا أليمًا، وأنَّ مِن وَرَائِهِمْ جَهَنَّمُ [الجاثية: 10] تكفي في عقوبتهم البليغة) .
- وقال عزَّ وجلَّ: هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلَى مَن تَنَزَّلُ الشَّيَاطِينُ تَنَزَّلُ عَلَى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ يُلْقُونَ السَّمْعَ وَأَكْثَرُهُمْ كَاذِبُونَ [الشعراء: 221-223].
- وقال سبحانه: لَوْلا جَاؤُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاء فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَاء فَأُوْلَئِكَ عِندَ اللَّهِ هُمُ الْكَاذِبُونَ [النور: 13]
- وقال في وصف المنافقين: أَلَمْ تَر إِلَى الَّذِينَ نَافَقُوا يَقُولُونَ لإِخْوَانِهِمُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ وَلا نُطِيعُ فِيكُمْ أَحَدًا أَبَدًا وَإِن قُوتِلْتُمْ لَنَنصُرَنَّكُمْ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ لَئِنْ أُخْرِجُوا لا يَخْرُجُونَ مَعَهُمْ وَلَئِن قُوتِلُوا لا يَنصُرُونَهُمْ وَلَئِن نَّصَرُوهُمْ لَيُوَلُّنَّ الأَدْبَارَ ثُمَّ لا يُنصَرُونَ [الحشر: 11-12].
قال السعدي في قوله: وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ: (في هذا الوعد الذي غروا به إخوانهم، ولا يستكثر هذا عليهم، فإنَّ الكذب وصفهم، والغرور والخداع مقارنهم، والنفاق والجبن يصحبهم، ولهذا كذبهم الله بقوله، الذي وجد مخبره كما أخبر الله به، ووقع طبق ما قال، فقال: لَئِنْ أُخْرِجُوا من ديارهم جلاءً ونفيًا لا يَخْرُجُونَ مَعَهُمْ لمحبتهم للأوطان، وعدم صبرهم على القتال، وعدم وفائهم بوعدهم) .

محمد رافع 52 20-11-2013 11:32 PM

ثانيًا: في السنة النبوية

- عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النَّبي صلى الله عليه وسلم، قال: ((آية المنافق ثلاث: إذا حدَّث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا ائتمن خان)) .
- وعنه أيضًا رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((كفى بالمرء كذبًا أن يحدِّث بكلِّ ما سمع)) .
قال ابن الجوزي: (فيه تأويلان، أحدها: أن يروي ما يعلمه كذبًا، ولا يبينه فهو أحد الكاذبين، والثاني: أنَّ يكون المعنى بحسب المرء أن يكذب؛ لأنَّه ليس كلُّ مسموع يصدق به، فينبغي تحديث الناس بما تحتمله عقولهم) .
- وعن ثابت بن الضحاك رضي الله عنه، عن النَّبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من حلف بملة غير الإسلام كاذبًا متعمدًا فهو كما قال، ومن *** نفسه بحديدة عُذِّب بها في نار جهنم)) .
(ومعنى الحديث النهي عن الحلف بما حلف به من ذلك، والزجر عنه، وتقدير الكلام: من حلف بملة غير الإسلام، كاذبًا متعمدًا، فهو كما قال، يعنى فهو كاذب حقًّا؛ لأنَّه حين حلف بذلك ظنَّ أنَّ إثم الكذب واسمه ساقطان عنه؛ لاعتقاده أنَّه لا حرمة لما حلف به، لكن لما تعمد ترك الصدق في يمينه، وعدل عن الحق في ذلك، لزمه اسم الكذب، وإثم الحلف، فهو كاذب كذبتين: كاذب بإظهار تعظيم ما يعتقد خلافه، وكذب بنفيه ما يعلم إثباته، أو بإثبات ما يعلم نفيه. فإن ظنَّ ظانٌّ أنَّ في هذا الحديث دليلًا على إباحة الحلف بملة غير الإسلام صادقًا، لاشتراطه في الحديث أن يحلف به كاذبًا، قيل له: ليس كما توهمت؛ لورود نهي النَّبي صلى الله عليه وسلم، عن الحلف بغير الله، نهيًا مطلقًا، فاستوى في ذلك الكاذب والصادق، وفي النهي عنه) .
- وعن أبي محمد، الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما، قال: حفظت من رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((دع ما يريبك إلى ما لا يريبك؛ فإنَّ الصدق طمأنينة، والكذب ريبة)) .
قال ابن رجب: (يشير إلى أنَّه لا ينبغي الاعتماد على قول كلِّ قائل، كما قال في حديث وابصة: ((وإن أفتاك الناس وأفتوك)) . وإنما يعتمد على قول من يقول الصدق، وعلامة الصدق أنَّه تطمئن به القلوب، وعلامة الكذب؛ أنه تحصل به الريبة، فلا تسكن القلوب إليه، بل تنفر منه.
ومن هنا كان العقلاء في عهد النَّبي صلى الله عليه وسلم إذا سمعوا كلامه وما يدعو إليه، عرفوا أنه صادق، وأنه جاء بالحق، وإذا سمعوا كلام مسيلمة، عرفوا أنه كاذب، وأنه جاء بالباطل، وقد روي أن عمرو بن العاص سمعه قبل إسلامه يدعي أنه أنزل عليه: يا وبر يا وبر، لك أذنان وصدر، وإنك لتعلم يا عمرو. فقال: والله إني لأعلم أنك تكذب) .

محمد رافع 52 20-11-2013 11:34 PM

أقوال السلف والعلماء في الكذب

- قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: (لأن يضعني الصدق- وقلَّما يضع- أحبُّ إليَّ من أن يرفعني الكذب، وقلَّما يفعل) .
- وقال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: (أعظم الخطايا الكذب، ومن يعفَّ يعفُ الله عنه) .
- وروي عنه أيضًا أنه قال: (الكذب لا يصلح منه جدٌّ ولا هزل) .
- وكان ابن عباس يقول: (الكذب فجور، والنَّمِيمَة سحرٌ، فمن كذب فقد فجر، ومن نمَّ فقد سحر) .
- وقال ابن عمر: (زعموا زاملة الكذب) .
- وقال الأحنف: (ما خان شريفٌ، ولا كذب عاقلٌ، ولا اغتاب مؤمنٌ. وكانوا يحلفون فيحنثون، ويقولون فلا يكذبون) .
- وقال أيضًا: (اثنان لا يجتمعان أبدًا: الكذب والمروءة) .
- وقال ميمون بن ميمون: (من عُرف بالصدق جاز كذبه، ومن عُرف بالكذب لم يجز صدقه) .
- وقال ابن القيم: (إياك والكذب؛ فإنه يفسد عليك تصور المعلومات على ما هي عليه، ويفسد عليك تصويرها وتعليمها للناس) .

محمد رافع 52 20-11-2013 11:36 PM

آثار الكذب

1- الكذب يقرب البعيد، ويبعد القريب خلاف الواقع.
3- الكذب يذهب بالمروءة.
4- الكذب يعرض صاحبه للإهانة.
5- (الكاذب يصور المعدوم موجودًا، والموجود معدومًا. والحقَّ باطلًا، والباطل حقًّا، والخير شرًّا والشرَّ خيرًا، فيفسد عليه تصوره وعلمه عقوبة له، ثم يصور ذلك في نفس المخاطب) .
6- الكذب يهدي إلى الفجور.
7- الكذاب لا تسكن القلوب إليه بل تنفر منه.
8- الكذاب لا يفلح أبدًا.
9- الكذب من علامات النفاق.
10- الكذاب توعده الله بجهنم.

محمد رافع 52 20-11-2013 11:39 PM

حكم الكذب وما يباح منه

قال النووي: (قد تظاهرتْ نصوصُ الكتاب والسنة على تحريم الكذب في الجملة، وهو من قبائح الذنوب وفواحش العيوب. وإجماعُ الأمة منعقدٌ على تحريمه مع النصوص المتظاهرة، فلا ضرورة إلى نقل أفرادها، وإنما المهمُّ بيان ما يُستثنى منه، والتنبيه على دقائقه) .
ثم قال: (وقد ضبط العلماءُ ما يُباح منه. وأحسنُ ما رأيتُه في ضبطه، ما ذكرَه الإِمامُ أبو حامد الغزالي فقال: الكلامُ وسيلةٌ إلى المقاصد، فكلُّ مقصودٍ محمودٍ يُمكن التوصلُ إليه بالصدق والكذب جميعًا، فالكذبُ فيه حرامٌ؛ لعدم الحاجة إليه، وإن أمكنَ التوصل إليه بالكذب، ولم يمكن بالصدق، فالكذبُ فيه مباحٌ إن كان تحصيل ذلك المقصود مباحًا، وواجبٌ إن كان المقصود واجبًا، فإذا اختفى مسلم من ظالم، وسأل عنه، وجبَ الكذبُ بإخفائه، وكذا لو كان عندَه أو عندَ غيره وديعة، وسأل عنها ظالمٌ يُريدُ أخذَها، وجبَ عليه الكذب بإخفائها، حتى لو أخبرَه بوديعةٍ عندَه فأخذَها الظالم قهرًا، وجبَ ضمانُها على المودع المخبر، ولو استحلفَه عليها، لزمَه أن يَحلفَ ويورِّي في يمينه، فإن حلفَ ولم يورِّ، حنثَ على الأصحِّ، وقيل: لا يحنثُ. وكذلك لو كان مقصودُ حَرْبٍ، أو إصلاحِ ذاتِ البين، أو استمالة قلب المجني عليه في العفو عن الجناية لا يحصل إلا بكذب، فالكذبُ ليس بحرام، وهذا إذا لم يحصل الغرضُ إلا بالكذب، والاحتياطُ في هذا كلِّه أن يورِّي، ومعنى التورية أن يقصدَ بعبارته مقصودًا صحيحًا ليس هو كاذبًا بالنسبة إليه، وإن كان كاذبًا في ظاهر اللفظ.
ولو لم يقصد هذا، بل أطلق عبارةَ الكذب، فليس بحرام في هذا الموضع.
قال أبو حامد الغزالي: وكذلك كلُّ ما ارتبط به غرضٌ مقصودٌ صحيح له أو لغيره، فالذي له، مثل أن يأخذَه ظالم، ويسألَه عن ماله ليأخذَه، فله أن ينكرَه، أو يسألَه السلطانُ عن فاحشةٍ بينَه وبينَ الله تعالى ارتكبَها، فله أن ينكرَها ويقول: ما زنيتُ، أو ما شربتُ مثلًا.
وقد اشتهرتِ الأحاديث بتلقين الذين أقرُّوا بالحدود الرجوع عن الإِقرار.
وأما غرضُ غيره، فمثل أن يُسأَل عن سرِّ أخيه فينكرَهُ ونحو ذلك، وينبغي أن يُقابِلَ بين مَفسدةِ الكذب والمفسدةِ المترتبة على الصدق، فإن كانت المفسدةُ في الصدق أشدَّ ضررًا، فله الكذبُ، وإن كان عكسُه، أو شكَّ، حَرُم عليه الكذب، ومتى جازَ الكذب، فإن كان المبيحُ غرضًا يتعلَّق بنفسه، فيستحبُّ أن لا يكذبَ، ومتى كان متعلقًا بغيره، لم تجزِ المسامحةُ بحقِّ غيره، والحزمُ تركه في كلِّ موضعٍ أُبيحَ، إلا إذا كان واجبًا) .
وهذه بعض الحالات التي يباح فيها الكذب، وهي:
1- (في الحرب؛ لأنَّ الحرب خدعة، ومقتضياتها تستدعي التمويه على الأعداء، وإيهامهم بأشياء قد لا تكون موجودة، واستعمال أساليب الحرب النفسية ما أمكن، ولكن بصورة ذكية لبقة.
2- في الصلح بين المتخاصمين؛ حيث إنَّ ذلك يستدعي أحيانًا أن يحاول المصلح تبرير أعمال كل طرف وأقواله بما يحقق التقارب ويزيل أسباب الشقاق، وأحيانًا ينسب إلى كل من الأقوال الحسنة في حق صاحبه ما لم يقله، وينفي عنه بعض ما قاله؛ وهو ما يعوق الصلح ويزيد شقة الخلاف والخصام.
3- في الحياة الزوجية؛ حيث يحتاج الأمر أحيانًا إلى أن تكذب الزوجة على زوجها، أو يكذب الزوج على زوجته، ويخفي كل منهما عن الآخر ما من شأنه أن يوغر الصدور، أو يولد النفور، أو يثير الفتن والنزاع والشقاق بين الزوجين، كما يجوز أن يزف كل منهما للآخر من معسول القول ما يزيد الحب، ويسر النفس، ويجمل الحياة بينهما، وإن كان ما يقال كذبًا؛ لأن هذا الرباط الخطير يستحق أن يهتم به غاية الاهتمام، وأن يبذل الجهد الكافي ليظل قويًا جميلًا مثمرًا) .
فعن أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط وكانت من المهاجرات الأول اللاتي بايعن النَّبي صلى الله عليه وسلم أخبرته: أنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقول: ((ليس الكذاب الذي يصلح بين الناس، ويقول خيرًا، وينمي خيرًا)). قال ابن شهاب: ولم أسمع يرخص في شيء مما يقول الناس كذب، إلا في ثلاث: الحرب، والإصلاح بين الناس، وحديث الرجل امرأته، وحديث المرأة زوجها .

محمد رافع 52 20-11-2013 11:44 PM

صور الكذب

للكذب صور كثيرة منها:
1- الكذب على الله تعالى ورسوله:
وهذا أعظم أنواع الكذب، (والكذب على الله نوعان:
النوع الأول أن يقول: قال الله كذا، وهو يكذب.
والنوع الثاني: أن يفسر كلام الله بغير ما أراد الله، لأن المقصود من الكلام معناه، فإذا قال: أراد الله بكذا كذا وكذا، فهو كاذب على الله، شاهد على الله بما لم يرده الله عزَّ وجلَّ، لكن الثاني إذا كان عن اجتهاد وأخطأ في تفسير الآية، فإنَّ الله تعالى يعفو عنه؛ لأنَّ الله قال: وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ [الحج: 78] وقال: لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا [البقرة: 286] وأما إذا تعمَّد أن يفسِّر كلام الله بغير ما أراد الله، اتباعًا لهواه أو إرضاء لمصالح أو ما أشبه ذلك، فإنَّه كاذب على الله عزَّ وجلَّ) .
وقال تعالى: وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللّهِ كَذِبًا أَوْ قَالَ أُوْحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ [الأنعام: 93].
(يقول تعالى: لا أحد أعظم ظلمًا، ولا أكبر جرمًا، ممن كذب على الله. بأن نسب إلى الله قولًا أو حكمًا، وهو تعالى بريء منه، وإنما كان هذا أظلم الخلق، لأنَّ فيه من الكذب، وتغيير الأديان أصولها، وفروعها، ونسبة ذلك إلى الله ما هو من أكبر المفاسد.
ويدخل في ذلك، ادعاء النبوة، وأنَّ الله يوحي إليه، وهو كاذب في ذلك، فإنه -مع كذبه على الله، وجرأته على عظمته وسلطانه يوجب على الخلق أن يتبعوه، ويجاهدهم على ذلك، ويستحل دماء من خالفه وأموالهم.
ويدخل في هذه الآية، كل من ادعى النبوة، كمسيلمة الكذاب، والأسود العنسي، والمختار، وغيرهم ممن اتصف بهذا الوصف) . وقال صلى الله عليه وسلم: ((لاَ تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يُبْعَثَ دَجَّالُونَ كَذَّابُونَ قَرِيبًا مِنْ ثلاثين كلُّهم يزعم أنَّه رسول الله)) .
قال الله تعالى: وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُواْ عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُم مُّسْوَدَّةٌ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِّلْمُتَكَبِّرِينَ [الزمر: 60].
وقال سبحانه: فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ [الأعراف: 37].
وقوله تعالى: قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَن تُشْرِكُواْ بِاللّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَن تَقُولُواْ عَلَى اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ [الأعراف: 33].
وقال الرسول صلى الله عليه وسلم ((من كذب علي متعمدًا فليتبوأ مقعده من النار)) .
وقال: ((من حدث عني بحديث يرى أنه كذب فهو أحد الكذابين)) .
(وأكثر الناس كذبًا على رسول الله هم الرافضة الشيعة، فإنه لا يوجد في طوائف أهل البدع أحد أكثر منهم كذبًا على رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما نص على هذا علماء مصطلح الحديث رحمهم الله، لما تكلموا على الحديث الموضوع قالوا: إن أكثر من يكذب على الرسول هم الرافضة الشيعة، وهذا شيء مشاهد ومعروف لمن تتبع كتبهم) .
2- الكذب على الناس بادِّعاء الإيمان:
(كذب يظهر الإنسان فيه أنَّه من أهل الخير والصلاح، والتقى والإيمان، وهو ليس كذلك، بل هو من أهل الكفر والطغيان - والعياذ بالله - فهذا هو النفاق، النفاق الأكبر الذين قال الله فيهم: وَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ آمَنَّا بِاللّهِ وَبِالْيَوْمِ الآخِرِ وَمَا هُم بِمُؤْمِنِينَ [البقرة: 8] لكنَّهم يقولون بألسنتهم، ويحلفون على الكذب وهم يعلمون، وشواهد ذلك في القرآن والسنة كثيرة، إنهم - أعني المنافقين أهل الكذب يكذبون على الناس في دعوى الإيمان وهم كاذبون، وانظر إلى قول الله تعالى في سورة (المنافقون) حيث صدر هذه السورة ببيان كذبهم حيث قال تعالى: إِذَا جَاءكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ [المنافقون: 1] أكدوا هذه الجملة بكم مؤكد؟ بثلاثة مؤكدات، (نشهد) (إن) (اللام) ثلاثة مؤكدات، يؤكدون أنهم يشهدون أنَّ محمدًا رسول الله، فقال الله تعالى: وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ [المنافقون: 1] في قولهم (نشهد إنك لرسول الله) هذا أيضًا من أنواع الكذب، وهو أشدُّ أنواع الكذب على الناس؛ لأنَّ فاعله والعياذ بالله منافق) .
3- الكذب في الحديث بين الناس:
(الكذب في الحديث الجاري بين الناس يقول: قلت لفلان كذا. وهو لم يقله. قال فلان كذا. وهو لم يقله. جاء فلان. وهو لم يأت وهكذا، هذا أيضًا محرم ومن علامات النفاق، كما قال النَّبي صلى الله عليه وسلم: ((آية المنافق ثلاث: إذا حدث كذب))...) .
4- الكذب لإضحاك الناس:
روي عن النَّبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((ويل للذي يحدث بالحديث، ليضحك به القوم فيكذب، ويل له، ويل له)) .
قال المناوي في شرحه للحديث: (كرره إيذانًا بشدة هلكته؛ وذلك لأنَّ الكذب وحده رأس كلِّ مذموم، وجماع كلِّ فضيحة، فإذا انضم إليه استجلاب الضحك الذي يميت القلب، ويجلب النسيان، ويورث الرعونة كان أقبح القبائح، ومن ثم قال الحكماء: إيراد المضحكات على سبيل السخف نهاية القباحة) .
قال ابن عثيمين: (وهذا يفعله بعض الناس ويسمونها النكت، يتكلم بكلام كذب ولكن من أجل أن يضحك الناس، هذا غلط، تكلم بكلام مباح من أجل أن تدخل السرور على قلوبهم، وأما الكلام الكذب فهو حرام) .
(والحكمة من هذا المنع أنَّه يجر إلى وضع أكاذيب ملفقة على أشخاص معينين، يؤذيهم الحديث عنهم، كما أنه يعطي ملكة التدرب على اصطناع الكذب، وإشاعته فيختلط في المجتمع الحق بالباطل، والباطل بالحق) .
5- المبالغة في الإطراء والمدح:
(تمدح الناس مدرجة إلى الكذب، والمسلم يجب أن يحاذر حينما يثني على غيره، فلا يذكر إلا ما يعلم من خير، ولا يجنح إلى المبالغة في تضخيم المحامد، وطيِّ المثالب، ومهما كان الممدوح جديرًا بالثناء، فإنَّ المبالغة في إطرائه ضرب من الكذب المحرم) .
فعن المقداد رضي الله عنه، قال: ((أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نحثو في وجوه المداحين التراب)) .
قال النووي: (اعلم أنَّ مدح الإنسان والثناء عليه بجميل صفاته قد يكون في حضور الممدوح، وقد يكون بغير حضوره، فأمَّا الذي في غير حضوره، فلا منع منه إلا أن يجازف المادح، ويدخل في الكذب، فيحرم عليه بسبب الكذب لا لكونه مدحًا، ويستحب هذا المدح الذي لا كذب فيه إذا ترتب عليه مصلحة، ولم يجرَّ إلى مفسدة، بأن يبلغ الممدوح فيفتتن به، أو غير ذلك) .
6- كذب التاجر في بيان سلعته:
عن عبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنهما: ((أن رجلًا أقام سلعة في السوق، فحلف فيها، لقد أعطى بها ما لم يعطه، ليوقع فيها رجلًا من المسلمين))، فنزلت: إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلاً [آل عمران: 77] .
وقال صلى الله عليه وسلم: ((ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة، ولا ينظر إليهم: رجل حلف على سلعة لقد أعطي بها أكثر مما أعطي وهو كاذب، ورجل حلف على يمين كاذبة بعد العصر؛ ليقتطع بها مال رجل مسلم...)) .
8- الكذب على الأولاد:
فكثيرًا ما يكذب الوالدان على أولادهما الصغار؛ رغبةً في التخلص منهم، أو تخويفًا لهم؛ كي يكفُّوا عن العبث واللعب، أو حفزًا لهم كي يجِدُّوا في أمر ما، أو غير ذلك .
9- شهادة الزور:
(الحيف في الشهادة من أشنع الكذب، فالمسلم لا يبالي إذا قام بشهادة ما أن يقرر الحقَّ، ولو على أدنى الناس منه وأحبهم إليه، لا تميل به قرابة ولا عصبية، ولا تزيغه رغبة أو رهبة.
وتزكية المرشحين لمجالس الشورى، أو المناصب العامة، نوع من أنواع الشهادة فمن انتخب المغموط في كفايته وأمانته، فقد كذب وزوَّر، ولم يقم بالقسط) .
فعن أبي بكرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟ ثلاثًا، قلنا: بلى. قال: الإشراك بالله، وعقوق الوالدين، و*** النفس. وكان متكئًا فجلس، وقال: ألا وقول الزور، وشهادة الزور. فما زال يكررها حتى قلنا: ليته سكت)) .
10- المبالغة في المعاريض:
لا ريب أنَّ في المعاريض مندوحةً عن الكذب، ولكن هناك من يبالغ في المعاريض، ويتوسَّع فيها توسُّعًا يخرجه عن طوره، ويجعله يدخل فيها ما ليس منها، فتجده يقلب الحقائق، وينال من الآخرين، ويُلبس عليهم، ويحصل على مآربه بالمراوغة والمخاتلة، مما يوقعه في الكذب، فَتُفْقَدُ الثقة به، وبحديثه .
11- الكذب السياسي:
الكذب الذي يقوم على القاعدة الميكافيلية التي تقول: (إن الغاية تبرر الوسيلة) أو (الغاية تسوغ الواسطة). وهذه القاعدة يأخذ بها غالبية السياسيين .

محمد رافع 52 20-11-2013 11:46 PM

أسباب الوقوع في الكذب

(دوافع الكذب كثيرة، منها الخوف من النقد، والخوف من العقاب أو العتاب، ومنها إيثار المصلحة العاجلة، ومنها قلة مراقبة الله والخوفِ منه، ومنها اعتياد الكذب وإلفه، ومنها البيئة والمجتمع، ومنها سوء التربية إلى غير ذلك من دوافع الكذب) .
قال الماوردي: (وأما دواعي الكذب فمنها:
- اجتلاب النفع واستدفاع الضر، فيرى أن الكذب أسلم وأغنم، فيرخص لنفسه فيه اغترارًا بالخدع، واستشفافًا للطمع. وربما كان الكذب أبعد لما يؤمِّل، وأقرب لما يخاف؛ لأنَّ القبيح لا يكون حسنًا، والشر لا يصير خيرًا. وليس يجنى من الشوك العنب ولا من الكرم الحنظل...
وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: لأن يضعني الصدق وقلَّما يفعل، أحب إليَّ من أن يرفعني الكذب وقلَّما يفعل.
وقال بعض الحكماء: الصدق منجيك وإن خفته، والكذب مرديك وإن أمنته.
وقال الجاحظ: الصدق والوفاء توأمان، والصبر والحلم توأمان، فيهن تمام كلِّ دين، وصلاح كلِّ دنيا، وأضدادهنَّ سبب كلِّ فرقة، وأصل كلِّ فساد.
- ومنها: أن يؤثر أن يكون حديثه مستعذبًا وكلامه مستظرفًا، فلا يجد صدقًا يعذب ولا حديثًا يستظرف، فيستحلي الكذب الذي ليست غرائبه معوزة، ولا ظرائفه معجزة.
وهذا النوع أسوأ حالًا مما قبل؛ لأنه يصدر عن مهانة النفس، ودناءة الهمة.
وقد قال الجاحظ: لم يكذب أحد قط إلا لصغر قدر نفسه عنده.
وقال ابن المقفع: لا تتهاون بإرسال الكذبة من الهزل، فإنها تسرع إلى إبطال الحق.
- ومنها: أن يقصد بالكذب التشفي من عدوه، فيسمه بقبائح يخترعها عليه، ويصفه بفضائح ينسبها إليه.
ويرى أن معرة الكذب غنم، وأن إرسالها في العدو سهم وسم.
وهذا أسوأ حالًا من النوعين الأوَّلَين؛ لأنَّه قد جمع بين الكذب المعر، والشر المضر.
ولذلك ورد الشرع برد شهادة العدو على عدوه.
- ومنها: أن تكون دواعي الكذب قد ترادفت عليه حتى ألفها، فصار الكذب له عادة، ونفسه إليه منقادة، حتى لو رام مجانبة الكذب عسر عليه؛ لأنَّ العادة طبع ثان.
وقد قالت الحكماء: من استحلى رضاع الكذب عسر فطامه.
وقيل في منثور الحكم: لا يلزم الكذاب شيءٌ إلا غلب عليه) .

محمد رافع 52 20-11-2013 11:51 PM

1- كذبة إبريل

يقوم بعض الناس في الدول الغربية في اليوم الأول من شهر إبريل بإطلاق الأكاذيب، وقلدهم في ذلك بعض المسلمين، ويُطلقون على من يُصدِّق هذه الأكاذيب اسم ضحية كذبة إبريل.
ويقصدون بفعلهم هذا المزاح، ولا شك أن هذا من الكذب الحرام، ويضاف إليه أنه من التشبه بالكفار، وقد قال صلى الله عليه وسلم: ((من تشبه بقوم فهو منهم)) .
قال ابن عثيمين: (أُحذِّر إخواني المسلمين مما يصنعه بعض السفهاء من كذبة إبريل، هذه الكذبة التي تلقوها عن اليهود، والنصارى، والمجوس، وأصحاب الكفر، فهي مع كونها كذبٌ، والكذب محرم شرعًا؛ ففيها تشبه بغير المسلمين، والتشبه بغير المسلمين محرم، وقد قال النَّبي صلى الله عليه وسلم: ((من تشبه بقومٍ فهو منهم)) قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله إسناده جيد، وأقل أحواله التحريم، وإن كان ظاهره يقتضي كفر المتشبه بهم، وهي مع تضمنها لهذين المحظورين فيها إذلالٌ للمسلم أمام عدوه؛ لأنَّ من المعلوم بطبيعة البشر أن المقلد يفخر على من قلده، ويرى أنه أقدر منه، ولذلك ضعف مقلده حتى قلده فهي فيها إذلالٌ للمؤمن بكونه ذليلًا، وتبعًا للكفار، المحظور الرابع: أن غالب هذه الكذبة الخبيثة تتضمن أكلًا للمال بالباطل، أو ترويعًا للمسلم، فإنه ربما يكذب فيكلم أهل البيت ويقول: إن فلانًا يقول: ترى عندنا جماعة اليوم فيطبخون غداءً كثيرًا ولحمًا وما أشبه ذلك، أو ربما يخبرهم بأمرٍ يروعهم، كأن يقول: قيِّمكم دعسته سيارة. وما أشبه ذلك من الأمور التي لا تجوز بدون أن تكون بهذه الحال، فعلى المسلم أن يتقي الله سبحانه وتعالى وأن يكون عزيزًا بدينه فخورًا به) .

محمد رافع 52 20-11-2013 11:52 PM

2- الكذب الأبيض والأسود

يظن بعض الناس أن هناك كذبًا أبيض وهو حلال، وكذبًا أسود وهو حرام، والأمر ليس كذلك، فالكذب كله حرام، قال ابن عثيمين: (والكذب حرام وكلما كانت آثاره أسوأ، كان أشد إثمًا، وليس في الكذب شيء حلالًا وأما ما ادعاه بعض العامة، حيث يقولون: إن الكذب نوعان: أسود، وأبيض، فالحرام هو الأسود، والحلال هو الأبيض، فجوابه: أن الكذب كله أسود، ليس فيه شيء أبيض، لكن يتضاعف إثمه بحسب ما يترتب عليه، فإذا كان يترتب عليه أكل مال المسلم أو غرر على مسلم صار أشد إثمًا، وإذا كان لا يترتب عليه أي شيء من الأضرار فإنه أخف ولكنه حرام) .

محمد رافع 52 20-11-2013 11:55 PM

علامات تدل على الكذاب

قال ابن أبي الدنيا: (واعلم أن للكذاب قبل خبرته أمارات دالة عليه.
فمنها: أنك إذا لقَّنته الحديث تَلَقَّنَه، ولم يكن بين ما لقنته وبين ما أورده فرق عنده.
ومنها: أنك إذا شككته فيه تشكَّك حتى يكاد يرجع فيه، ولولاك ما تخالجه الشك فيه.
ومنها: أنك إذا رددت عليه قوله حصر وارتبك، ولم يكن عنده نصرة المحتجين، ولا برهان الصادقين. ولذلك قال علي بن أبي طالب: الكذاب كالسراب.
ومنها: ما يظهر عليه من ريبة الكذابين وينم عليه من ذلة المتوهمين؛ لأنَّ هذه أمور لا يمكن الإنسان دفعها عن نفسه؛ لما في الطبع من آثارها. ولذلك قالت الحكماء: العينان أنم من اللسان. وقال بعض البلغاء: الوجوه مرايا تريك أسرار البرايا.
وقال بعض الشعراء:

تريك أعينهم ما في صدورهم *** إنَّ العيون يؤدي سرَّها النظر

وإذا اتسم بالكذب نسبت إليه شوارد الكذب المجهولة، وأضيفت إلى أكاذيبه زيادات مفتعلة، حتى يصير الكاذب مكذوبًا عليه، فيجمع بين معرة الكذب منه ومضرة الكذب عليه) .

محمد رافع 52 20-11-2013 11:58 PM

ما قيل في المعاريض

عن عمران بن حصين أنه قال: (إنَّ في المعاريض لمندوحة عن الكذب) .
وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: (ما في المعاريض ما يغنى الرجل عن الكذب) .
(والمعاريض: أن يريد الرجل أن يتكلم الرجل بالكلام الذي إن صرح به كان كذبًا، فيعارضه بكلام آخر يوافق ذلك الكلام في اللفظ، ويخالفه في المعنى، فيتوهم السامع أنَّه أراد ذلك) .
قال النووي: (اعلم أنَّ هذا الباب من أهم الأبواب، فإنه مما يكثر استعماله، وتعم به البلوى، فينبغي لنا أن نعتني بتحقيقه، وينبغي للواقف عليه أن يتأمله ويعمل به) .
وقال أيضًا: (واعلم أن التورية والتعريض معناهما: أن تطلق لفظًا هو ظاهر في معنى، وتريد به معنى آخر يتناوله ذلك اللفظ، لكنه خلاف ظاهره، وهذا ضرب من التغرير والخداع.
قال العلماء: فإن دعت إلى ذلك مصلحة شرعية راجحة على خداع المخاطب، أو حاجة لا مندوحة عنها إلا بالكذب، فلا بأس بالتعريض، وإن لم يكن شيء من ذلك فهو مكروه وليس بحرام، إلا أن يتوصل به إلى أخذ باطل أو دفع حقٍّ، فيصير حينئذ حرامًا، هذا ضابط الباب) .
أمثلة للمعاريض:
(لما هَزم الحجاجُ عبدَ الرحمن بن الأشعث وقتَل أصحابَه وأسرَ بعضهم، كتب إليه عبدُ الملك بن مَرْوان أن يَعْرِض الأسرى على السيف، فمَن أقرَّ منهم بالكفر خلَّى سبيلَه، ومَن أبَى يَقْتله، فأُتي منهم بعامر الشعبي، ومطرِّف بن عبد الله بن الشِّخِّير وسعيد بن جُبَير؟ فأمَّا الشعبي ومطرِّف فذَهبا إلى التعريض والكناية، ولم يُصرِّحا بالكفر، فَقبِل كلامهما وعفا عنهما؟ وأمَّا سعيد ابن جُبير فأبى ذلك ف***.
وكان مما عرَّض به الشعبي، فقال: أَصلح الله الأمير، نَبا المنزل، وأَحْزَن بنا الجَناب، واستَحلَسْنا الخوفَ، واكتَحلنا السهرَ، وخَبطتنا فتنةٌ لم نكن فيها برَرَة أتقياء، ولا فَجَرة أقوياء. قال: صدقَ والله، ما بَرُّوا بخروجهم علينا ولا قَوُوا. خَلِّيا عنه.
ثم قُدِّم إليه مُطرِّف بن عبد الله، فقال له الحجَّاج: أَتُقِرُّ على نفسِك بالكفر؟ قال: إنَّ مَن شقَّ العصا، وسَفَك الدماء، ونكث الـبَيْعة، وأخاف المسلمين لجديرٌ بالكفر. قال: خلِّيا عنه. ثمّ قُدِّم إليه سعيد بن جُبير، فقال له: أتقِرُّ على نفسك بالكُفر؟ قال: ما كفرتُ بالله مذ آمنت به؟ قال: اضربوا عُنقه) .
وقال النخعي: (إذا بلغ الرجل عنك شيء قلته فقل: الله يعلم ما قلت من ذلك من شيء. فيتوهم السامع النفي، ومقصودك الله يعلم الذي قلته) .
(وكان النخعي إذا طلبه رجل قال للجارية: قولي له اطلبه في المسجد.
وقال غيره: خرج أبي في وقت قبل هذا.
وكان الشعبي يخط دائرة ويقول للجارية: ضعي أصبعك فيها، وقولي: ليس هو هاهنا) .

محمد رافع 52 21-11-2013 12:01 AM

الأمثال والحكم في الكذب

- (إنَّ الكَذُوب قد يَصْدُق: يقال في الرجل المعروف بالكذب تكون منه الصدقة الواحدة أحيانًا) .
- (جاء بالحَظِر الرطب : إذا جاء بكثرة الكذب) .
- (عند النوى يكذبك الصادق: قالوا: يضرب مثلًا للرجل يُعرف بالصدق ثم يحتاج إلى الكذب) .
- (أكذب من دبَّ ودرَج: أي: أكذب الكبار والصغار، دبَّ؛ لضعف الكِبر، ودرج؛ لضعف الصغر، وقيل: بل معناه: أكذب الأحياء والأموات. والدبيب: للحي، والدروج: للميت يقال: درج القوم. إذا انقرضوا) .
ما قيل في الحكم:
- (قيل في منثور الحكم: الكذاب لصٌّ؛ لأنَّ اللص يسرق مالك، والكذاب يسرق عقلك.
- وقال بعض البلغاء: الصادق مصان خليل، والكاذب مهان ذليل) .
- (وقيل لكذوب: أصدقت قط؟ قال: أكره أن أقول لا فأصدق) .
- (ويقال: الأذلاء أربعة: النمام، والكذاب، والمدين، والفقير) .
الألفاظ المرادفة للكذب:
من الألفاظ المرادفة للكذب: (الميْن، والزُّور، والتَّخرُّص، والإفك، والباطل، والخطل، والفند، والتَّزيَّد، واللفت، والانتحال، والبَهت) .

محمد رافع 52 21-11-2013 12:16 AM

ذم الكذب في واحة الشعر

قال الشاعر:

لا يكذبُ المرءُ إِلا من مهانتِه *** أو عادةِ السوءِ أو من قلةِ الأدبِ


لَبعضُ جيفةِ كلبٍ خيرُ رائحةٍ *** من كذبةِ المرءِ في جدٍّ وفي لعبِ

وقال آخر:

لا عُذْرَ للسيدِ حين يكذبُ *** إِذ ليس يرجو أحدًا أو يرهبُ


وليس معذورًا إِذا ما يغضَبُ *** إِذا العقابُ عندَه لا يصعبُ

وقال آخر:

الكذبُ عارٌ وخيرُ القولِ أصدقُهُ *** والحقُّ ما مسَّه مِن باطلٍ زهقا

وقال آخر:

الكذبُ راقَكَ أنه متجملٌ *** والصدقُ ساءكَ أنه عريانُ


من ساءَ من مرضٍ عضالٍ طبعهُ *** يستقبحُ الأيامَ وهي حسانُ

وقال آخر:

الكذبُ مرديك وإن لم تخفْ *** والصدقُ منجيك على كلِّ حالِ


فانطقْ بما شئتَ تجدْ غبَّه *** لم تُبتخسْ وزنة مثقالِ

وقال آخر:

إِنَّ الكريمَ إِذا ما كانَ ذا كذبٍ *** شانَ التكرمَ منه ذلكَ الكذبُ


الصدقُ أفضلُ شيءٍ أنت فاعلهُ *** لا شيءَ كالصدقِ لا فخرٌ ولا حسبُ

وقال آخر:

إِذا عُرِف الكذابُ بالكذبِ لم يزلْ *** لدى الناسِ كذابًا وإِن كان صادقًا


ومن آفةِ الكذابِ نسيانُ كذبِهِ *** وتلقاهُ ذا ذهنٍ إذا كان حاذقًا

محمد رافع 52 21-11-2013 12:20 AM

http://dorar.net/images/headers/akhlaq.jpg
الكَسَل
معنى الكَسَل لغةً واصطلاحًا

معنى الكَسَل لغةً:
الكَسَل: التَّثَاقُل عمَّا لا يَنْبَغِي أن يُتَثاقل عنه. والفعل: كَسِلَ يَكْسَل كَسَلًا، ورجلٌ كَسْلان، وامرأةٌ كَسْلَى، وكسْلانة: لغةً رَدِيئَة. ويُقَال: فلانٌ لا تُكْسِله المكَاسِلُ، يقول: لا تُثْقِلُهُ وُجُوهُ الكَسَل، وامرأةٌ مِكْسالٌ، وهي التي لا تكاد تبرحُ مجلسها .
معنى الكَسَل اصطلاحًا:
قال أبو حيَّان: (الكَسَل: التَّثاقُل، والتَّثبُّط، والفُتُور عن الشَّيء) .
وقال المناويُّ: (الكَسَل: التَّثاقُل والتَّراخي عمَّا ينبغي مع القُدْرة، أو هو عدم انبعاث النَّفس لفعل الخير) .
- الفرق بين العَجْز والكَسَل:
قال ابن حجر: (الفرق بين العَجْز والكَسَل: أنَّ الكَسَل تَرْكُ الشَّيء مع القُدْرَة على الأخذ في عمله، والعَجْز: عدم القُدْرَة) .
وقال ابن القيِّم: (والعَجْز والكَسَل قرينان، وهما مِن أسباب الألم؛ لأنَّهما يستلزمان فوات المحبوب، فالعَجْز يستلزم عدم القُدْرَة، والكَسَل يستلزم عدم إرادته، فتتألَّم الرُّوح لفواته بحسب تعلُّقها به، والْتِذَاذِها بإدراكه لو حصل.
وقال -أيضًا-: وأمَّا الكَسَل فيتولَّد عنه الإضاعة والتَّفريط والحِرْمَان وأشدُّ النَّدامة، وهو منافٍ للإرادة.... والعَجْز والكَسَل قرينان، فإن تخلَّف مصلحة العبد وكماله ولذَّته وسروره عنه إمَّا أن يكون مصدره عدم القُدْرَة فهو العَجْز، أو يكون قادرًا عليه، لكن تخلَّف لعدم إرادته فهو الكَسَل، وصاحبه يُلَام عليه ما لا يُلَام على العَجْز، وقد يكون العَجْز ثمرة الكَسَل، فيُلَام عليه -أيضًا-، فكثيرًا ما يَكْسَل المرء عن الشَّيء الذي هو قادرٌ عليه وتَضْعُف عنه إرادته، فيفضي به إلى العَجْز عنه ... وإلَّا فالعَجْز الذي لم تُخْلَق له قُدْرَةٌ على دفعه، ولا يدخل معجوزه تحت القُدْرَة لا يُلَام عليه. قال بعض الحكماء في وصيَّته: إيَّاك والكَسَل والضَّجر؛ فإنَّ الكَسَل لا ينهض لمَكْرُمة، والضَّجر إذا نَهِض إليها لا يصبر عليها، والضَّجر متولَّدٌ عن الكَسَل والعَجْز) .

هبــة أحمـد 22-11-2013 12:14 PM

جزاك الله خيرااااااااااااا

محمد رافع 52 24-11-2013 02:41 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة سارة 77 (المشاركة 5601565)
جزاك الله خيرااااااااااااا

بارك الله فيكِ

محمد رافع 52 24-11-2013 02:46 AM

ذَمُّ الكَسَل والنهي عنه
أولًا: في القرآن الكريم

- قال الله: إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُواْ إِلَى الصَّلاَةِ قَامُواْ كُسَالَى يُرَآؤُونَ النَّاسَ وَلاَ يَذْكُرُونَ اللّهَ إِلاَّ قَلِيلاً [النَّساء: 142].
- وقال:وَمَا مَنَعَهُمْ أَن تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلاَّ أَنَّهُمْ كَفَرُواْ بِاللّهِ وَبِرَسُولِهِ وَلاَ يَأْتُونَ الصَّلاَةَ إِلاَّ وَهُمْ كُسَالَى وَلاَ يُنفِقُونَ إِلاَّ وَهُمْ كَارِهُونَ [التَّوبة: 54].
قال الطَّبري: (وأمَّا قوله وَإِذَا قَامُواْ إِلَى الصَّلاَةِ قَامُواْ كُسَالَى يُرَآؤُونَ النَّاسَ [النساء: 142]، فإنَّه يعني: أنَّ المنافقين لا يعملون شيئًا مِن الأعمال التي فرضها الله على المؤمنين على وجه التَّقرُّب بها إلى الله؛ لأنَّهم غير موقنين بمعاد ولا ثواب ولا عقاب، وإنَّما يعملون ما عملوا مِن الأعمال الظَّاهرة إبقاءً على أنفسهم، وحِذَارًا مِن المؤمنين عليها أن يُقْتَلوا أو يُسْلَبوا أموالهم. فهم إذا قاموا إلى الصَّلاة -التي هي مِن الفرائض الظَّاهرة- قاموا كُسَالَى إليها، رياءً للمؤمنين ليحسبوهم منهم وليسوا منهم؛ لأنَّهم غير معتقدي فرضها ووجوبها عليهم، فهم في قيامهم إليها كُسَالَى) .
قال البغويُّ: (وَلاَ يَأْتُونَ الصَّلاَةَ إِلاَّ وَهُمْ كُسَالَى [التَّوبة: 54] متثاقلون؛ لأنَّهم لا يرجون على أدائها ثوابًا، ولا يخافون على تركها عقابًا، فإن قيل: كيف ذَمَّ الكَسَل في الصَّلاة، ولا صلاة لهم أصلًا؟ قيل: الذَمُّ واقعٌ على الكفر الذي يبعث على الكَسَل، فإنَّ الكفر مُكْسِل، والإيمان منشِّط) .
وقال السعدي: (متثاقلين لها متبرِّمين مِن فِعْلِها، والكَسَل لا يكون إلَّا مِن فَقْد الرَّغبة مِن قلوبهم، فلولا أنَّ قلوبهم فارغة مِن الرَّغبة إلى الله وإلى ما عنده، عادمة للإيمان، لم يصدر منهم الكَسَل) .
- قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انفِرُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الأَرْضِ [التَّوبة: 38].
أي: تكاسلتم، ومِلْتُم إلى الأرض والدَّعة والسُّكون فيها .

محمد رافع 52 24-11-2013 02:48 AM

ثانيًا: في السُّنَّة النَّبويَّة

- عن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((يَعْقِد الشَّيطان على قافية رأس أحدكم -إذا هو نام- ثلاث عقد، يضرب كلَّ عقدة: عليك ليلٌ طويلٌ فارقد، فإن استيقظ فذكر الله انحلَّت عقدةٌ، فإن توضَّأ انحلَّت عقدةٌ، فإن صلَّى انحلَّت عقدةٌ، فأصبح نشيطًا طيِّب النَّفس، وإلَّا أصبح خبيث النَّفس كسلانَ)) .
قال النَّوويُّ: (وقوله صلى الله عليه وسلم (وإلَّا أصبح خبيث النَّفس كسلانَ) معناه: لما عليه مِن عُقَد الشَّيطان وآثار تثبيطه واستيلائه مع أنَّه لم يزل ذلك عنه، وظاهر الحديث أنَّ مَن لم يجمع بين الأمور الثَّلاثة -وهي الذِّكر والوضوء والصَّلاة- فهو داخل فيمن يصبح خبيث النَّفس كسلان) .
- عن أنس بن مالك، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول: ((اللَّهمَّ إنِّي أعوذ بك مِن العَجْز، والكَسَل، والجبن، والهرم، والبخل، وأعوذ بك مِن عذاب القبر، ومِن فتنة المحيا والممات)) .

محمد رافع 52 24-11-2013 02:52 AM

أقوال السَّلف والعلماء في الكَسَل

- قال أبو حاتم: (سبب النَّجاح تَـرْك التَّواني، ودواعي الحِرْمَان الكَسَل؛ لأنَّ الكَسَل عدوُّ المروءة، وعذابٌ على الفُتُوَّة، ومِن التَّواني والعَجْز أُنتجت الهلكة، وكما أنَّ الأناة بعد الفرصة أعظم الخطأ، كذلك العجلة قبل الإمكان نفس الخطأ، والرَّشيد مَن رشد عن العجلة، والخائب مَن خاب عن الأناة، والعَجِل مخطئ أبدًا، كما أنَّ المتثبِّت مصيب أبدًا) .
- وقال القنُّوجي: (قيل: مَن دام كسله خاب أمله) .
- وقال بعض الحكماء: (نكح العَجْز التَّواني فخرج منهما النَّدامة، ونكح الشُّؤم الكَسَل فخرج منهما الحِرْمَان) .
- وقال آخر: (ما لزم أحدٌ الدَّعة إلَّا ذلَّ، وحبُّ الهوينا يُكْسِب الذُّلَّ، وحبُّ الكفاية مفتاح العجز) .
- وقال الصَّاحب الطَّالقاني: (إنَّ الرَّاحة حيث تعب الكِرَام أوْدَع، لكنَّها أَوْضَع، والقعود حيث قام الكِرَام أسهل، لكنَّه أسفل) .
- ويقول ابن القيِّم: (إذا جنَّ اللَّيل وقع الحرب بين النَّوم والسَّهر، فكان الشَّوق والخوف في مقدمة عسكر اليقظة، وصار الكَسَل والتَّواني في كتيبة الغفلة، فإذا حمل الغريم حملة صادقة هزم جنود الفُتُور والنَّوم، فحصل الظَّفر والغنيمة، فما يطلع الفجر إلَّا وقد قسِّمت السُّهمان، وما عند النَّائمين خبر) .
- وقال الرَّاغب:(مَن تعوَّد الكَسَل ومال إلى الرَّاحة، فَقَدَ الرَّاحة، فحبُّ الهوينا يُكْسِب النَّصبَ) .
- وقيل: إن أردت أن لا تتعب فاتعب؛ لئلَّا تتعب. وقيل: إيَّاك والكَسَل والضَّجر؛ فإنَّك إن كسلت لم تؤدِّ حقًّا، وإن ضَجِرت لم تصبر على الحقِّ .
- (وقد قيل: الكَسَل مزلقة الرِّبح، وآفة الصَّنَائع، وأَرَضَة البضائع، وإذا رَقَدَت النَّفس في فراش الكَسَل استغرقها نوم الغفلة عن صالح العمل) .

- و(وقف قوم على عالم، فقالوا: إنَّا سائلوك أفمجيبنا أنت؟ قال: سلوا، ولا تكثروا؛ فإنَّ النَّهار لن يرجع والعمر لن يعود، والطَّالب حثيث في طلبه. قالوا: فأوصنا. قال: تزوَّدوا على قَدْرِ سفركم؛ فإنَّ خير الزَّاد ما أبلغ البغية. ثمَّ قال: الأيَّام صحائف الأعمار، فخلِّدوها أحسن الأعمال، فإنَّ الفرص تمرُّ مرَّ السَّحاب، والتَّواني مِن أخلاق الكسالى والخوالف، ومَن استوطن مركب العَجْز عثر به. وتزوَّج التَّواني بالكَسَل فولد بينهما الخسران. ا.هـ .
- وقال بعضهم:


تزوَّجت البطالة بالتَّواني *** فأولدها غلامًا مع غلامه


فأمَّا الابن سمَّوه بفقر *** وأما البنت سمَّوها ندامة


- وقيل: (مَن ركب ظهر التَّفريط والتَّواني والكَسَل نزل بدار العُسْرة والنَّدامة. مَن أدلج في غياهب اللَّيل على نجائب الصَّبر صبح منزل السُّرور، ومَن نام على فراش الكَسَل أصبح مُلْقًا بوادي الأسف) .

محمد رافع 52 24-11-2013 02:55 AM

ما يباح مِن الكَسَل

إذا أحس الإنسان في نفسه بشيء مِن الكَسَل بعد جهد كبير في الطَّاعة، فليرقد حتى يعود إليه نشاطه، كما بيَّن النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم ذلك لزينب حينما دخل المسجد، فإذا حبلٌ ممدودٌ بين ساريتين، فقال: ((ما هذا الحبل؟ قالوا: هذا حبلٌ لزينب، فإذا فَتَرت تعلَّقت به، فقال صلى الله عليه وسلم: لا، حلُّوه، ليصلِّ أحدكم نشاطه، فإذا فَتَرَ فليرقد)) .
وقال: (إنَّ لكلِّ عمل شِرَّة ، والشِّرَّة إلى فَتْرة ، فمَن كانت فَتْرَته إلى سنَّتي فقد اهتدى، ومَن كانت فَتْرَته إلى غير ذلك فقد ضلَّ) .
قال ابن القيِّم: (فتخلُّل الفترات للسَّالكين أمرٌ لازمٌ لا بدَّ منه، فمَن كانت فَتْرَته إلى مُقَاربة وتسديد، ولم تُخْرِجه مِن فرضٍ، ولم تُدْخِله في محرَّمٍ، رُجِي له أن يعود خيرًا ممَّا كان، قال عمر بن الخطَّاب رضي الله عنه وأرضاه: إنَّ لهذه القلوب إقبالًا وإدبارًا، فإذا أقبلت فخذوها بالنَّوافل، وإن أدبرت فألزموها الفرائض.
وفي هذه الفترات والغيوم والحُجُب -التي تَعْرِض للسَّالكين- مِن الحِكَم ما لا يعلم تفصيله إلَّا الله، وبها يتبيَّن الصَّادق مِن الكاذب، فالكاذب ينقلب على عقبيه، ويعود إلى رسوم طبيعته وهواه، والصَّادق ينتظر الفرج ولا ييأس مِن روح الله، ويلقي نفسه بالباب طريحًا ذليلًا مسكينًا مستكينًا، كالإناء الفارغ الذي لا شيء فيه البتَّة، ينتظر أن يضع فيه مالك الإناء وصانعه ما يصلح له، لا بسبب مِن العبد، وإن كان هذا الافتقار مِن أعظم الأسباب، لكن ليس هو منك، بل هو الذي مَنَّ عليك به، وجرَّدك منك وأخلاك عنك، وهو الذي يحول بين المرء وقلبه) .

محمد رافع 52 24-11-2013 02:58 AM

آثار الكَسَل

1- التَّكاسل عن العبادات والطَّاعات، مع ضعف وثِقل أثناء أدائها.
2- الشُّعور بقسوة القلب وخشونته، فلم يعد يتأثَّر بالقرآن والمواعظ، ورانت عليه الذُّنوب والمعاصي، قال سبحانه: كَلاَّ بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِم مَّا كَانُوا يَكْسِبُونَ [المطففين: 14].
3- عدم استشعار المسئوليَّة الملْقَاة على عاتقه، والتَّساهل والتَّهاون بالأمانة التي حمَّله الله إيَّاها، والله سبحانه وتعالى يقول: إِنَّا عَرَضْنَا الأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولاً [الأحزاب: 72].
4- كثرة الكلام دون عمل يفيد الأمَّة وينفع الأجيال، فتجد هذا النَّوع يتحدَّثون عمَّا عملوا سابقًا، وكنَّا وكنَّا! وكنت وكنت! ويتسلَّون بهذا القول عن العمل الجاد المثمر، والله -جلَّ وعلا- يقول: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ كَبُرَ مَقْتًا عِندَ اللَّهِ أَن تَقُولُوا مَا لا تَفْعَلُونَ [الصَّف: 2-3].
5- ضياع الوقت وعدم الإفادة منه، وتزجيته بما لا يعود عليه بالنَّفع، وتقديم غير المهم على المهم، والشُّعور بالفراغ الرُّوحي والوقتي، وعدم البركة في الأوقات.
6- عدم الاستعداد للالتزام بشيء، والتَّهرُّب مِن كلِّ عملٍ جِدِّي؛ خوفًا مِن أن يعود إلى حياته الأولى.
7- خداع النَّفس بالانشغال وهو فارغ، وبالعمل وهو عاطل، ينشغل في جزئيَّات لا قيمة لها ولا أثر يُذْكَر، ليس لها أصل في الكتاب أو السُّنَّة، وإنَّما هي أعمال يقنع نفسه بجدواها، ومشاريع وهميَّة لا تسمن ولا تغني مِن جوع.
8- النَّقد لكلِّ عمل إيجابي؛ تنصُّلًا مِن المشاركة والعمل، وتضخيم الأخطاء والسَّلبيَّات؛ تبريرًا لعجزه وفتوره، تراه يبحث عن المعاذير، ويصطنع الأسباب؛ للتَّخلُّص والفرار: وَقَالُواْ لاَ تَنفِرُواْ فِي الْحَرِّ قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّا لَّوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ [التَّوبة: 81] .

محمد رافع 52 24-11-2013 03:03 AM

أقسام الكَسَل

وينقسم الكَسَل إلى عدَّة أقسام، أهمها :
1- كسلٌ وفُتُورٌ عام في جميع الطَّاعات، مع كُرْهٍ لها وعدم رغبة فيها، وهذه حال المنافقين؛ فإنَّهم مِن أشدِّ النَّاس كسلًا وفتورًا ونفورًا.
قال الله -جل وعلا- فيهم: إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُواْ إِلَى الصَّلاَةِ قَامُواْ كُسَالَى يُرَآؤُونَ النَّاسَ وَلاَ يَذْكُرُونَ اللّهَ إِلاَّ قَلِيلاً [النَّساء: 142]، وقال: وَمَا مَنَعَهُمْ أَن تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلاَّ أَنَّهُمْ كَفَرُواْ بِاللّهِ وَبِرَسُولِهِ وَلاَ يَأْتُونَ الصَّلاَةَ إِلاَّ وَهُمْ كُسَالَى وَلاَ يُنفِقُونَ إِلاَّ وَهُمْ كَارِهُونَ [التَّوبة: 54].
وقال صلى الله عليه وسلم: ((أثقل الصَّلاة على المنافقين: صلاة العشاء وصلاة الفجر، ولو يعلمون ما فيهما؛ لأتوهما ولو حبوًا)) .
ولفظ (أثقل) على صيغة (أفعل) يدلُّ على أنَّ غيرهما ثقيل، وليس الثُّقل مقتصرًا عليهما.
2- كسلٌ وفُـتُور في بعض الطَّاعات، يصاحبه عدم رغبة فيها دون كُرْهٍ لها، أو ضعف في الرَّغبة مع وجودها، وهذه حال كثير مِن فُسَّاق المسلمين وأصحاب الشَّهوات.
وهذان القسمان سببهما مرض في القلب، ويقوى هذا المرض ويضعف بحسب حال صاحبه، فمرض المنافقين أشدُّ مِن مرض الفُسَّاق وأصحاب الشَّهوات، فهم يتمتَّعون بصحَّة في أجسامهم وأبدانهم، قال -سبحانه-: وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ[المنافقون: 4]، ولكن قلوبهم مريضة. قال -سبحانه-: فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَهُمُ اللّهُ مَرَضاً [البقرة: 10].
3- كسلٌ وفُـتُورٌ عامٌّ سببه بدنيٌّ لا قلبيٌّ؛ فتجد عنده الرَّغبة في العبادة، والمحبَّة للقيام بها، وقد يحزن إذا فاتته، ولكنَّه مستمرٌّ في كسله وفُتُوره، فقد تمرُّ عليه اللَّيالي وهو يريد قيام اللَّيل، ولكنَّه لا يفعل- مع استيقاظه وانتباهه- ويقول: سأختم القرآن في كلِّ شهر. وتمضي عليه الأشهر ولم يتمَّه، ويحبُّ الصَّوم، لكنَّه قليلًا ما يفعل. وهذه حال كثيرٍ مِن المسلمين الذين يصابون بهذا الدَّاء، ومنهم أناس صالحون، وآخرون مِن أصحاب الشَّهوة والفِسْق. قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انفِرُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الأَرْضِ [التَّوبة: 38] وقد يؤدِّي هذا النَّوع إلى أن يشترك بعض المصابين به مع النَّوع الثَّاني، وهو الثُّقل القلبي في بعض العبادات.
4- كسلٌ وفُـتُورٌ عارضٌ يشعر به الإنسان بين حين وآخر، ولكنَّه لا يستمر معه، ولا تطول مدَّته، ولا يوقع في معصية، ولا يخرج عن طاعة. وهذا لا يسلم منه أحد، إلَّا أنَّ النَّاس يتفاوتون فيه -أيضًا-، وسببه -غالبًا- أمرٌ عارض، كتعب أو انشغال أو مرض ونحوها.
وهذا النَّوع هو الذي يذكره الصَّحابة -رضي الله عنهم-، ومنه ما رواه مسلم في صحيحه عن حنظلة الأسيدي، وكان مِن كُتَّاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: - لقيني أبو بكر فقال:
((كيف أنت يا حنظلة؟ قال: قلت: نافق حنظلة، قال: سبحان الله! ما تقول؟ قال: قلت: نكون عند رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكِّرنا بالنَّار والجنَّة، حتى كأنَّا رأي عين، فإذا خرجنا مِن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم عافسنا الأزواج والأولاد والضَّيعات، فنسينا كثيرًا.
قال أبو بكر: فو الله إنَّا لنلقى مثل هذا. فانطلقت أنا وأبو بكر حتى دخلنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثمَّ قال له مثلما قال لأبي بكر، فقال رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم: والذي نفسي بيده! إن لو تدومون على ما تكونون عندي وفي الذِّكر؛ لصافحتكم الملائكة على فرشكم وفي طرقكم، ولكن يا حنظلة: ساعة وساعة. ثلاث مرات)) .
وروى أحمد عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: لعبد الله بن قيس: - ((لا تدع قيام اللَّيل، فإنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان لا يدعه، وكان إذا مرض أو كسل صلى قاعدًا)).

محمد رافع 52 24-11-2013 03:07 AM

أسباب الوقوع في الكَسَل

1- النِّفاق يورث الكَسَل في العبادة لا محالة.
2-التَّسويف، وهو داء عضال ومرض قتَّال، إذ إنَّ (سوف) جندٌّ مِن جنود إبليس، قال الشَّاعر:

ولا أؤخر شغل اليوم عن كسلٍ *** إلى غدٍ إن يوم العاجزين غد

3- شِبَع البطن، قال ابن قدامة: (كثرة الأكل تورث الكَسَل والفُتُور) .
4- عدم الذِّكر والوضوء والصَّلاة عند الاستيقاظ كما في الحديث: ((يعقد الشَّيطان على قافية رأس أحدكم -إذا هو نام- ثلاث عقد، يضرب كلَّ عقدة عليك ليلٌ طويلٌ فارقد، فإن استيقظ فذكر الله انحلَّت عقدة، فإن توضَّأ انحلَّت عقدة، فإن صلَّى انحلَّت عقدة، فأصبح نشيطًا طيِّب النَّفس، وإلَّا أصبح خبيث النَّفس كسلان)) .
4- فتح الفم عند التَّثاؤب وعدم دفعه، عن أبي سعيد -رضي الله تعالى عنه- مرفوعًا: ((إذا تثاءب أحدكم فليمسك بيده على فيهِ)) ؛ لأنَّه سبب الكَسَل عن الطَّاعة والحضور فيها، ولذا صار منسوبًا إلى الشَّيطان، كما قال -صلَّى الله تعالى عليه وسلَّم-: ((التَّثاؤب مِن الشَّيطان)) .
5- التَّواكل، وذلك بسبب فهم بعض النَّاس أنَّه لا حاجة للعمل؛ لأنَّ قَدَر الله ماض، سواء عمل أم لم يعمل، فيؤدِّى بهم ذلك التَّواكل إلى العَجْز والكَسَل.
6- السَّهر باللَّيل يوجب الكَسَل بالنَّهار عمَّا تجب الحقوق فيه مِن الطَّاعات ومصالح الدُّنيا والدِّين .
7- حبُّ الرَّاحة والدَّعة، وإيثار البطالة.

محمد رافع 52 24-11-2013 03:12 AM

الوسائل المعينة على ترك الكَسَل

1- اللُّجوء إلى الله بالدعاء والاستعاذة، كما ورد عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول: (اللَّهمَّ إنِّي أعوذ بك مِن العَجْز والكَسَل) .
2- اتِّباع الوسطيَّة: فإنَّ الوسطيَّة منهج حياة، لذا وُصِفَت بها الأمَّة، قال تعالى: وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا [البقرة: 143]، وذُمَّ المتشدِّدون كما في حديث النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم: ((هلك المتنطِّعون، هلك المتنطِّعون، هلك المتنطِّعون)) .
3- المسارعة إلى الخيرات والمسابقة إليها، وقد أثنى الله عز وجل على المؤمنين الذين يسارعون في الخيرات، وأمر بالمسابقة والمسارعة، فقال -سبحانه-: وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ [آل عمران: 133] وقال: سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاء وَالأَرْضِ [الحديد: 21]، وأثنى على الأنبياء فقال: إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ [ الأنبياء: 90]، وقال في سورة الواقعة مبيِّنًا أجر السَّابقين إلى الخيرات والإيمان: وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ أُوْلَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ [الواقعة: 10-11].
4- مجالسة أرباب الجِدِّ والسَّعي: فإنَّ الصُّحبة سارية، والطَّبيعة سارقة، وعليه يُحْمَل قول بعض السَّلف: (استكثر مِن الإخوان ما قدرت؛ فإنَّ لكلِّ مؤمنٍ شفاعة)، في ((تعليم المتعلِّم)) قيل:


عن المرء لا تسأل وأبصر قرينه *** فكلُّ قرين بالمقارن يقتدي


فإن كان ذا شرٍّ فجنبه سرعة *** وإن كان ذا خير فقارنه تهتدي


وينبغي أن يحبَّهم حتى تنعكس منهم أحواله كما قيل، ومِن آثار حبِّ الله تعالى أن يتعدَّى مِن المحبوب إلى مَن يتعلَّق به ويناسبه... وينبغي فيمن تريد صحبته خمس خصال: العقل، وحسن الخُلُق، وترك الفِسْق والابتداع، والحرص على الدُّنيا، ومجانبة الكسالى والبطَّالين، قال الله تعالى: وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ [الكهف: 28] لئلَّا يسري إليه حالهم .
5- تحريك الهمَّة بخوف فوات القَصْد:
فقد (ذكر أحد العلماء علاج الكَسَل -وهو سهل لمن وفَّقه الله- فقال: هو تحريك الهمَّة بخوف فوات القَصْد، وبالوقوع في اللَّوم، أو التَّأسُّف، فإنَّ أَسَف المفرِّط -إذا عاين أجر المجتهد- أعظم مِن كلِّ عقاب، وليفكِّر العاقل في سوء مغبَّة الكَسَل والعَجْز، والاشتغال بالدُّنيا عن الآخرة، فرُبَّ راحة أوجبت حسرات وندمًا، فمَن رأى زميله اجتهد وثابر على دروسه ونجح، زادت حسرته وأسفه، ومَن رأى جاره قد سافر ورجع بالأرباح والفوائد، زادت حسرة أسفه وندامته على لذَّة كسله وعَجْزه.
قال: وقد أجمع الحكماء على أنَّ الحكمة لا تُدرك بالرَّاحة، فمَن تلمَّح ثمرة الكَسَل اجتنبه، ومَن مدَّ فطنته إلى ثمرات الجِدِّ والاجتهاد نسي مشاق الطَّريق، ثمَّ إنَّ اللَّبيب الذَّكي يعلم أنَّه لم يُخْلَق عبثًا، وإنَّما هو في الدُّنيا كالأجير أو كالتَّاجر، ثمَّ إنَّ زمان العمل بالإضافة إلى مدَّة البقاء في القبر كلحظة، ثمَّ إنَّ إضافة ذلك إلى البقاء السَّرمدي -إما في الجنَّة وإما في النَّار- ليس بشيء) .
6- النَّظر في سير المجتهدين الذين يعرفون قيمة العلم النَّافع والعمل الصَّالح والوقت ، وأضرب لذلك مثالًا: كان شيخ الإسلام زكريَّا الأنصاري يصلِّي (النَّوافل مِن قيام -مع كِبَر سنِّه وبلوغه مائة سنة أو أكثر- وهو يميل يمينًا وشمالًا، لا يتمالك أن يقف بغير مَيْل للكِبَر والمرض، فقيل له في ذلك، فقال: يا ولدي، النَّفس مِن شأنها الكَسَل، وأخاف أن تغلبني، وأختم عمري بذلك) .
7- يُعَوَّد في بعض النَّهار المشي والحركة والرِّياضة حتى لا يغلب عليه الكَسَل .
8- ينبغي أن يُمْنَع مِن النَّوم نهارًا؛ فإنَّ ذلك يورث الكَسَل في حقه، ولا يمنع مِن النَّوم ليلًا، لأنَّ منعه مِن النَّوم في اللَّيل يورث الملَالة، ويُضْعِف عن مكابدة النَّوم وشدَّة النُّعاس .

محمد رافع 52 24-11-2013 03:19 AM

ذم الكَسَل في واحة الشِّعر
إذا دُعِيت إلى قوت أَجِبْه ولو *** تُدعى إلى قريةٍ واحذرْ مِن الكَسَلِ


لا تحقرِ النَّاسَ واشكرْ ما قد اصطنعوا *** إنَّ احتقارَك كَبْوٌ بيِّنُ الخللِ

وقال أبو بكر الخوارزمي:

لا تصحبِ الكَسَلانَ في حالاتِه *** كم صالحٍ بفسادِ آخرَ يفسدُ


عدوى البليدِ إلى الجليدِ سريعةٌ *** والجمرُ يُوضعُ في الرمادِ فيخمدُ

وقال آخر:

يا بنيَّ اسمعْ وصايا جمعتْ *** حكمًا خصَّت بها خيرُ الملل


اطلبِ العلمَ ولا تكسلْ فما *** أبعدَ الخيرَ على أهلِ الكَسَل

وقال آخر:

ضيَّعت عمرَك يا مغرورُ في غفلٍ *** قمْ للتَّلاقي فأنت اليوم في مهلِ


بادرْ إلى صالحِ الأعمالِ مجتهدًا *** فالنُّجْحُ في الجِدِّ والحِرْمَانُ في الكَسَلِ


كنْ لا محالةَ في الدُّنيا كمغتربٍ *** على رحيلٍ دنا أو عابرِ السُّبلِ


دارُ الخلودِ مقامًا دارُ آخرةٍ *** إنَّ الإقامةَ في الدُّنيا إلى أجلِ

وقال آخر:

العلمُ نورٌ فلا تهملْ مجالسَه *** واعملْ جميلًا يُرَى فالفضلُ في العملِ


لا ترقدِ اللَّيل ما في النَّومِ فائدةٌ *** لا تكسلنَّ ترى الحِرْمَانَ في الكَسَلِ

وقال آخر:

الجِدُّ بالجِدِّ والحِرْمَان في الكَسَلِ *** فانصبْ تُصِبْ عن قريبٍ غايةَ الأملِ


وقال آخر:

يا أيُّها المغرورُ ما هذا العملْ *** إلى متى هذا التَّراخي والكَسَلْ



لو يعلمُ الإنسانُ قدرَ موتِه *** ما ذاق طولَ الدَّهر طعمَ قوتِه



ما لي أراك لم تُفِد فيك العبرْ *** ويحك هذا القلبُ أقسى مِن حجرْ



وأفلسُ النَّاسِ طويلُ الأملِ *** مضيِّعُ العمرِ كثيرُ الخطلِ



نهارُه ممضيه في البطالة *** وليلُه في النَّومِ بئس الحالة






محمد رافع 52 24-11-2013 03:22 AM


اللُّؤْم

معنى اللُّؤْم لغةً واصطلاحًا

معنى اللُّؤْم لغةً:
لَؤُم الرَّجل -بالضَّم- يَلْؤُمُ لُؤْمًا على فُعْلٍ، ومَلأَمةً على مَفْعَلةٍ، ولآمةً على فَعالةَ، فهو لئيم. وأَلأَمَ إلْئامًا، إذا صنع ما يدعوه النَّاس عليه لئيمًا. والملْأَم والملآم: الذي يَعْذِر اللِّئام .
معنى اللُّؤْم اصطلاحًا:
اللَّئيم هو: الشَّحيح والدَّنيء النَّفس والمهين، واللُّؤْم ضدُّ الكَرَم .
وقال أكثم بن صيفي: (اللُّؤْم: سوء الفِطْنَة وسوء التَّغافل) .
وقال القاضي المهدي: (اللَّئيم: الدَّنيء الأصل، والشَّحيح النَّفس) .

محمد رافع 52 24-11-2013 03:25 AM

الفرق بين اللُّؤْم والبخل

اللَّئيم عند العرب: الشَّحيح المهِين النَّفس الخسيس الآباء، فإن كان الرَّجل شحيحًا، ولم تجتمع فيه هذه الخصال قيل له: بخيل، ولم يُقَل له: لئيم، يقال لكلِّ لئيم: بخيل، ولا يقال لكلِّ بخيل: لئيم، والعامَّة تخطئ فيهما فتسوِّي بينهما .
وقال ابن قتيبة الدِّينوري: (يذهب النَّاس إلى أنَّهما سواء، وليس كذلك؛ إنَّما البخيل: الشَّحيح الضَّنِين، واللَّئيم: الذي جمع الشُّحَّ، ومَهَانة النَّفس، ودناءة الآباء، يقال: كلُّ لئيم بخيل، وليس كلُّ بخيل لئيمًا) .

محمد رافع 52 27-11-2013 10:35 PM

ذَمُّ اللُّؤْم والنَّهي عنه
أولًا: في القرآن الكريم

- قال الله تعالى: عُتُلٍّ بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ [القلم: 13].
قال الماورديُّ: (وفيه تسعة أوجه.. الوجه الثَّامن: هو الفاحش اللَّئيم، قاله معمر) .

محمد رافع 52 27-11-2013 10:36 PM

ثانيًا: في السُّنَّة النَّبويَّة

- عن أبي بن كعب قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((... رحمة الله علينا وعلى موسى، لولا أنَّه عَجِل لرأى العجب... فانطلقا حتى إذا أتيا أهل قرية لئامًا)) .
قال القرطبيُّ: (والمراد به هنا: أنَّهما سألا الضِّيافة، بدليل قوله تعالى: فَأَبَوْا أَن يُضَيِّفُوهُمَا [الكهف: 77]؛ فاستحقَّ أهل القرية أن يُذَمُّوا، ويُنْسَبوا إلى اللُّؤْم كما وصفهم بذلك نبيُّنا صلى الله عليه وسلم) .

محمد رافع 52 27-11-2013 10:39 PM

أقوال السَّلف والعلماء في اللُّؤْم

- كان زيد بن أسلم يقول: (يا ابن آدم! أمرك ربُّك أن تكون كريمًا وتدخل الجنَّة، ونهاك أن تكون لئيمًا وتدخل النَّار) .
- وقال الشَّعبي: (النَّاس مِن نبات الأرض، فمَن دخل الجنَّة فهو كريم، ومَن دخل النَّار فهو لئيم) .
- وقال الشَّافعي: (طُبِع ابن آدم على اللُّؤْم، فمِن شأنه أن يتقرَّب ممَّن يتباعد منه، ويتباعد ممَّن يتقرَّب منه) .
- وقال -أيضًا-: (أصل كلِّ عداوة: اصطناع المعروف إلى اللِّئام) .
- وقال الأصمعيُّ: (قال بزرجمهر الحكيم: احذروا صولة اللَّئيم إذا شبع، وصولة الكريم إذا جاع) .
- وقال ابن القيِّم: (مَن لم يعرف الطَّريق إلى ربِّه ولم يتعرَّفها، فهذا هو اللَّئيم الذي قال الله تعالى فيه: وَمَن يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِن مُّكْرِمٍ [الحج: 18]) .
- وقال ابن أبي سبرة: (قيل لحُبَّى المدنية: ما الجُرْح الذي لا يَنْدَمِل ؟ قالت: حاجة الكريم إلى اللَّئيم ثمَّ يردُّه) .
- وقال بعض الحكماء: (لا تضع معروفك عند فاحش ولا أحمق ولا لئيم؛ فإنَّ الفاحش يرى ذلك ضعفًا، والأحمق لا يعرف قَدْر ما أتيت إليه، واللَّئيم سبخة لا ينبت ولا يثمر، ولكن إذا أصبت المؤمن؛ فازرعه معروفك تحصد به شكرًا) .
- وقال الجاحظ: (اللَّئيم الذي يفسده الإحسان) .
- وقال ابن عبد ربِّه: (قالوا: وَعْدُ اللَّئيم تسويف) .
- وقال أبو حيَّان التَّوحيديُّ: (قيل لرجل: ما اللُّؤْم؟ قال: الاستقصاء على الملهوف) .
- وقال الماورديُّ: (قال بعض الفصحاء: الكريم شكور أو مشكور، واللَّئيم كفور أو مكفور) .
وقال -أيضًا-: (اللَّئيم إذا غاب عاب، وإذا حضر اغتاب) .
- وقال بعض الحكماء: (أربعة مِن علامات اللُّؤْم: إفشاء السِّرِّ، واعتقاد الغَدْر، وغيبة الأحرار، وإساءة الجوار) .
- وقالوا: (اللَّئيم كذوب الوعد، خؤون العهد، قليل الرِّفْد، وقالوا: اللَّئيم إذا استغنى بَطِر، وإذا افتقر قنط، وإذا قال أفحش، وإذا سُئِل بخل، وإن سأل ألحَّ، وإن أُسْدِي إليه صنيعٌ أخفاه، وإن استُكْتِم سرًّا أفشاه، فصديقه منه على حذر، وعدوُّه منه على غرر) .

ريماس20006 27-11-2013 10:40 PM

اجمل من خلق على الارض

محمد رافع 52 27-11-2013 10:41 PM

آثار اللُّؤْم

1- لئام النَّاس أبطؤهم مودَّة، وأسرعهم عداوة، مثل الكُوب مِن الفَخَّار: يُسْرِع الانكسار، ويُبْطِئ الانجبار .
2- اللَّئيم لا يقضي الحاجة ديانةً ولا مروءةً، وإنَّما يقضيها -إذا قضاها- طلبًا للذِّكر والمحْمَدَة في النَّاس .
3- اللِّئام أصبر النَّاس في طاعة أهوائهم وشهواتهم، وأقلُّ النَّاس صبرًا في طاعة ربِّهم.
قال ابن القيِّم: (وأمَّا اللَّئيم فإنَّه يصبر اضطرارًا؛ فإنَّه يحوم حول ساحة الجزع، فلا يراها تُجْدِي عليه شيئًا، فيصبر صبر الموثَق للضَّرب، وأيضًا فالكريم يصبر في طاعة الرَّحمن، واللَّئيم يصبر في طاعة الشَّيطان، فاللِّئام أصبر النَّاس في طاعة أهوائهم وشهواتهم، وأقلُّ النَّاس صبرًا في طاعة ربِّهم، فيصبر على البذل في طاعة الشَّيطان أتمَّ صبرٍ، ولا يصبر على البذل في طاعة الله في أيسر شيء، ويصبر في تحمُّل المشاق لهوى نفسه في مرضاة عدوِّه، ولا يصبر على أدنى المشاق في مرضاة ربِّه، ويصبر على ما يُقَال في عرضه في المعصية، ولا يصبر على ما يُقَال في عرضه إذا أُوذِي في الله، بل يفرُّ مِن الأمر بالمعروف والنَّهي عن المنكر خشية أن يتكلَّم في عرضه في ذات الله، ويبذل عرضه في هوى نفسه ومرضاته، صابرًا على ما يُقَال فيه، وكذلك يصبر على التَّبذُّل بنفسه وجاهه في هوى نفسه ومراده، ولا يصبر على التَّبذُّل لله في مرضاته وطاعته، فهو أصبر شيء على التَّبذُّل في طاعة الشَّيطان ومراد النَّفس، وأعجز شيء عن الصَّبر على ذلك في الله، وهذا أعظم اللُّؤْم، ولا يكون صاحبه كريمًا عند الله ولا يقوم مع أهل الكَرَم إذا نُودِي بهم يوم القيامة على رؤوس الأشهاد ليَعلم أهل الجمع مَن أَوْلَى بالكرم..) .
4- اتِّباع الهفوات والإعراض عن الحسنات:
قال الغزَّالي: (والطَّبع اللَّئيم يميل إلى اتِّباع الهفوات والإعراض عن الحسنات، بل إلى تقدير الهفوة فيما لا هفوة فيه بالتَّنزيل على مقتضى الشَّهوة ليتعلَّل به، وهو مِن دقائق مكايد الشَّيطان) .
5- اللُّؤْم يؤدِّي إلى الفُحْش والسَّبِّ وبذاءة اللِّسان:
قال الغزَّالي: (الفُحْش والسَّبُّ وبذاءة اللِّسان: وهو مذموم ومنهي عنه، ومصدره الخُبْث واللُّؤْم) .
6- اللَّئيم رقيق المروءة:
قال عمر بن الخطَّاب -رضوان الله عليه-: (ما وجدت لئيمًا قطُّ إلَّا وجدته رقيق المروءة) .
7- اللَّئيم يقسو إذا أُلْطِف:
قال علي بن أبي طالب -رضوان الله عليه-: (الكريم يلين إذا استُعْطِف، واللَّئيم يقسو إذا أُلْطِف) .
8- مخالطة اللئيم تفسد الشِّيم:
(قال بعض البلغاء: صلاح الشِّيم بمعاشرة الكرام، وفسادها بمخالطة اللِّئام) .
9- اللُّؤْم يسوق الإنسان إلى أخبث المطامع .
10- اللَّئيم يزيد مع النِّعمة لُؤْمًا .
11- اللَّئيم جاحدٌ للفضيلة.
12- يُسْرِع في السُّؤال، ويُعْرِض عن النَّوال.
13- اللَّئيم كالحيَّة الصمَّاء، لا يوجد عندها إلَّا اللَّدغ والسُّم .
14- اللَّئيم لئيم القَدْرِ إذا طال استطال .
15- أنَّ اللَّئيم تتمكَّن القساوة والجفاء مِن طبعه.

محمد رافع 52 27-11-2013 10:44 PM

صور اللُّؤْم

1- ظُلْم القَرَابة:
قال القاضي المهدي: (لئيم مَن يظلم قرابته: إذا كان الظُّلم كلَّه سيِّئ، فإنَّ مِن أسوأ الظُّلم: ظُلْم القَرَابَة؛ فهو يدلُّ على الخساسة والنَّذالة والدَّناءة) .
2- السَّبُّ وبذاءة اللِّسان:
قال الغزَّالي: (الفُحْش والسَّبُّ وبذاءة اللِّسان: مذموم ومنهي عنه، ومصدره الخُبْث واللُّؤْم) .
3- البخل:
قال ابن قتيبة الدِّينوري: (اللَّئيم: الذي جمع الشُّحَّ، ومَهَانة النَّفس ودناءة الآباء، يقال: كلُّ لئيم بخيل، وليس كلُّ بخيل لئيمًا) .
4- إفشاء السِّرِّ:
قال الغزَّالي: (إفشاء السِّرِّ خيانة؛ وهو حرامٌ إذا كان فيه إضْرَارٌ، ولُؤْمٌ إن لم يكن فيه إضْرَارٌ) .
5- النَّمِيمَة ولو بالصِّدق:
قال الغزَّاليُّ: (اتقوا السَّاعي؛ فلو كان صادقًا في قوله لكان لئيمًا في صدقه حيث لم يحفظ الحُرْمَة، ولم يستر العورة، والسِّعاية هي النَّمِيمَة، إلَّا إنَّها إذا كانت إلى مَن يُخَاف جانبه سُمِّيت سعاية) .
6- التَّطفيل:
قال ابن عبد ربِّه: (ومِن اللُّؤْم: التَّطفيل، وهو التعرُّض للطَّعام مِن غير أن يُدْعى إليه) .
7- كفر النِّعمة:
يقول الأحنف بن قيس في ذلك: (... واعلم أنَّ كفر النِّعمة لُؤْمٌ) .

محمد رافع 52 27-11-2013 10:45 PM

أسباب الوقوع في اللُّؤْم

1- معاشرة اللِّئام:
عن إبراهيم بن شِكلة قال: (إنَّ لكلِّ شيء حياة وموتًا، وإنَّ ممَّا يحيي الكرم مواصلة الكرماء، وإنَّ ممَّا يحيى اللُّؤْم معاشرة اللِّئام) .
2- الحسد، والبخل، والكذب، والغيبة.
3- ضعف الحياء:
قال أبو حاتم: (ابن آدم مطبوعٌ على الكرم واللُّؤْم معًا في المعاملة بينه وبين الله، والعِشْرة بينه وبين المخلوقين، وإذا قَوِيَ حياؤه قَوِيَ كرمه وضَعُف لُؤْمُه، وإذا ضَعُف حياؤه قَوِيَ لُؤْمُه وضَعُف كرمه) .
4- التَّعامل بالخَدِيعَة:
قال عليٌّ رضي الله عنه: (لا تُعَامِل بالخَدِيعَة؛ فإنَّها خُلُق اللِّئام..) .
5- طاعة الشَّيطان واتِّباع الأهواء والشَّهوات:
قال ابن القيِّم: (اللَّئيم يصبر في طاعة الشَّيطان، فاللِّئام أصبر النَّاس في طاعة أهوائهم وشهواتهم، وأقلُّ النَّاس صبرًا في طاعة ربِّهم، فيصبر على البذل في طاعة الشَّيطان أتمَّ صبر، ولا يصبر على البذل في طاعة الله في أيسر شيء) .

محمد رافع 52 27-11-2013 10:47 PM

صفات اللَّئيم

يُوصَف اللَّئيم بصفات سيِّئةٍ منها الظُّلم للضَّعيف، وقِلَّة المروءة، والكِبْر، والخيانة، وغيرها مِن الصِّفات التي لا تليق بالكريم، قال الجاحظ: (ومِن صفة اللَّئيم: أن يظلم الضَّعيف، ويظلم نفسه للقوىِّ، وي*** الصَّريع، ويجهز على الجريح، ويطلب الهارب، ويهرب من الطَّالب، ولا يطلب مِن الطَّوائل إلَّا ما لا خِطار فيه، ولا يتكبَّر إلَّا حيث لا ترجع مضرَّته عليه، ولا يقفو التَّقيَّة ولا المروءة، ولا يعمل على حقيقته.
ومَن اختار أن يبغي تبدَّى، ومَن أراد أن يسمع قوله ساء خُلُقه، إذ كان لا يحفل ببُغْضِ النَّاس له ووحشة قلوبهم منه، واحتيالهم في مباعدته، وقلَّة ملابسته.
وليس يأمن اللَّئيم على إتيان جميع ما اشتمل عليه اسم اللُّؤْم إلَّا حاسد.
فإذا رأيته يعقُّ أباه، ويحسد أخاه، ويظلم الضَّعيف، ويستخفُّ بالأديب، فلا تبعده مِن الخيانة، إذ كانت الخيانة لُؤْمًا، ولا مِن الكذب، إذ كان الكذب لُؤْمًا، ولا مِن النَّمِيمَة، إذ كانت النَّمِيمَة لُؤْمًا، ولا تأمنه على الكفر، فإنَّه أَلْأَم اللُّؤْم، وأقبح الغدر.
ومَن رأيته منصرفًا عن بعض اللُّؤْم، وتاركًا لبعض القبيح، فإيَّاك أن توجِّه ذلك منه على التجنُّب له، والرَّغبة عنه، والإيثار لخلافه، ولكن على أنَّه لا يشتهيه أو لا يقدر عليه، أو يخاف مِن مرارة العاقبة أمرًا يعفي على حلاوة العاجل، لأنَّ اللُّؤْم كلَّه أصلٌ واحدٌ وإن تفرَّقت فروعه، و***ٌ واحدٌ وإن اختلفت صوره، والفعل محمول على غلبته، تابع لسَمْتِه. والشَّكل ذاهب على شكله، منقطعٌ إلى أصله، صائرٌ إليه وإن أبطأ عنه، ونازع إليه وإن حيل دونه. وكذلك تناسب الكرم وحنين بعضه لبعض) .
وقال أبو حاتم: (الكريم مَن أعطاه، شَكَرَهُ. ومَن منعه، عَذَرَه. ومَن قطعه، وَصَلَه. ومَن وصله، فضله. ومَن سأله، أعطاه. ومَن لم يسأله، ابتدأه. وإذا استضعف أحدًا، رَحِمَه. وإذا استضعفه أحد رأى الموت أكرم له منه، واللَّئيم بضدِّ ما وصفنا مِن الخصال كلِّها) .

محمد رافع 52 27-11-2013 10:48 PM

وصف أحوال اللَّئيم

إذا كان ضدًّا للكريم فهو لئيم، فإذا كان رَذْلًا، نذلًا، لا مروءة له، ولا جَلَد، فهو فَسْل.
فإذا كان مع لؤمه وخِسَّته ضعيفًا فهو نُكْسٌ، وغُسٌّ، وجِبْسٌ، وجِبْزٌ، فإذا زاد لُؤْمه وتناهت خِسَّته فهو عُكْلٌ، وقِذَعْلٌ، وزَمَّحٌ، فإذا كان لا يُدْرَك ما عنده مِن اللُّؤْم فهو أَبَلٌّ .

محمد رافع 52 27-11-2013 10:51 PM

الأمثال في اللُّؤْم


- أَلْأَم مِن ابن قَـرْصَع:
هو رجل بمنى كان متعالمـًا باللُّؤْم .
- أَلْأَم مِن أسلم:
هو أسلم بن زرعة جبا أهل خراسان جباية لم يجبها أحد، ثمَّ بلغه أنَّ الفُرْس كانت تضع في فم الميِّت درهمًا، فنبش القبور واستخرج الدَّراهم .
- أَلْأَم مِن ضَبَارَة .
- أَلْأَم مِن جَدْرَةَ:
هو وضَبَارَة كانا مثلين في اللُّؤْم، وعن بعض ملوكهم أنَّه سأل عن أَلْأَم مَن في العرب ليمثل به، فدُلَّ عليهما، فجَدَع أنف جَدْرَة، ففَرَّ ضَبَارَة لـمَّا رأى أن نظيره لقي ما لقي .
- أَلْأَم مِن ذئبٍ:
لأنَّه لا يتجافى عن التَّعرُّض لما يتعرَّض له وقتًا مِن أوقاته، وربَّما عرض للإنسان اثنان فتساندا وأقبلا عليه إقبالًا واحدًا، فإذا أدمى أحدهما وثب عليه الآخر فمزَّقه وأكله وترك الإنسان .
- أَلْأَم مِن راضع:
والرَّاضع هو الذي يأكل الخِلَالة التي تتعلق بطرف الخِلَال لئلَّا تفوته، كأنَّه يرْتَضِع ذلك، وقيل هو الرَّاعي الذي لا يمسك مِحْلَبًا ليعتلَّ للمُعْتر بفقده، فإذا أراد شُرْب اللَّبن رَضَعَه. وقيل: هو الشَّرِه الذي لا يصبر ريثما يَحْتَلِب، فيحمله فَرْط الشَّرَه على الرَّضَع قُبَيْل الحَلْب، وقيل: هو الذي يسأل النَّاس كأنَّه يَرْضَعهم، وقيل: هو الذي لم يزل لئيمًا كأنَّه رَضَع اللُّؤْم مِن ثدي أمِّه، ولكثرة ذلك سَمَّوا اللَّئيم راضعًا، وقالوا: رَضُعَ، كما قالوا: لؤُمَ .
- أَلْأَم مِن سَقْبٍ رَيَّان:
لا تكاد تَدُرُّ النَّاقة إلَّا إذا مَرَى ضرعها الفصيل بلسانه، فإذا كان ريَّان امتنع مِن المرِي إذا أُدْنِي إلى أمِّه لتُحْتَلب، فجعلوا ذلك لؤمًا له .
- أَلْأَم مِن كلب على عِرْق:
قال الشَّاعر:

سَرَتْ ما سَرَتْ مِن ليلها ثم عَرَّجَتْ *** على رَجُلٍ بالعَرْج أَلْأَم مِن كلب


- الهوان للَّئيم مَرْأمَةٌ أي: مَعْطَفَة.
يُضْرَب في الانتفاع باللَّئيم عند إهانته .

محمد رافع 52 27-11-2013 10:58 PM

ذم اللُّؤْم في واحة الشِّعر

قال أبو شراعة القيسي:

إنَّ الغِنَى عن لئامِ النَّاسِ مَكْرُمةٌ *** وعن كرامِهم أدنَى إلى الكرمِ


وقال مؤمل الشَّاعر:

إذا نطق اللَّئيمُ فلا تجبْه *** فخيرٌ مِن إجابتِه السُّكوتُ



لئيمُ القومِ يَشْتُمُني فيحظَ *** ولو دمَه سفكتُ لما حظيتُ



فلستُ مُشَاتِمًا أبدًا لئيمًا *** خَزِيتُ لمِن يُشَاتِمُني خَزِيتُ


وقال آخر:

واحذرْ مصاحبةَ اللَّئيمِ فإنَّه *** يُعْدِي كما يُعْدِي الصَّحيحَ الأجربُ


وقال عبد الله فريج:

واحذرْ مصاحبةَ اللَّئيمِ فإنَّه *** كالقحطِ في أفعالِ خيرٍ مُجْدِب


وقال أبو العتاهية:

وإن امرأً لم يربحِ النَّاسُ نفعَه *** ولم يأمنوا منه الأذى للئيمُ


وأنشد الكريزي:

وما بالُ قومٍ لئامٍ ليس عندهم *** عهدٌ وليس لهم دينٌ إذا ائتمنوا



إن يسمعوا ريبةً طاروا بها فرحًا *** منَّا وما سمعوا مِن صالحٍ دَفَنُوا



صمٌّ إذا سمعوا خيرًا ذُكِرْت به *** وإن ذُكِرْت بسوءٍ عندهم أَذِنُوا


وقال المتوكل الليثي:

إنَّ الأذلَّةَ واللِّئامَ معاشرٌ *** مولاهم المتهضِّمُ المظلومُ



وإذا أهنتَ أخاك أو أفردتَه *** عمدًا فأنت الواهنُ المذمومُ


وقال آخر:

إن اللَّئيمَ وإن أراك بشاشةً *** فالغيبُ منه والفعالُ لئيمُ


قال الشَّاعر:

رأيتُ الحقَّ يعرفُه الكريمُ *** لصاحبِه وينكرُه اللَّئيمُ



إذا كان الفتى حسنًا كريمًا





*** فكلُّ فعالِه حسنٌ كريمُ



إذا ألفيتَه سمجًا لئيمًا *** فكلُّ فعالِه سمجٌ لئيمُ


وقال المتنبي:

إذا أنت أكرمتَ الكريمَ ملكتَه *** وإن أنت أكرمتَ اللَّئيمَ تمرَّدا


قال الشَّاعر:

إذا جاريتَ في خُلقٍ لئيمًا *** فأنت ومَن تجاريه سواءُ


وقال الشَّاعر:

ثقْ بالكريمِ إذا تهلَّل بِشْرُه *** فهو البشيرُ بنيلِ كلِّ مرادِ



والبِشْرُ في وجهِ اللَّئيمِ تملُّقٌ *** فاحذرْ به استدراجَه بفسادِ


وقال الشَّاعر:

ولقد أَمُرُّ على اللَّئيمِ يسبُّني *** فأجوزُ ثمَّ أقولُ لا يعنيني


وقال آخر:

إنَّ الوفاءَ على الكريمِ فريضةٌ *** واللُّؤْمُ مقرونٌ بذي الإخلافِ



وترى الكريمَ لمن يعاشرُ منصفًا *** وترى اللَّئيمَ مجانبَ الإنصافِ

محمد رافع 52 27-11-2013 11:01 PM

http://dorar.net/images/headers/akhlaq.jpg
المكْر والكيد

معنى المكْر والكيد لغةً واصطلاحًا
معنى المكْر لغةً:
المكْر: الاحتيالُ والخَدِيعَة. وقد مَكَرَ به يَمْكُرُ فهو ماكِرٌ ومَكَّارٌ. والمكْر -أيضًا-: المغْرَةُ. وقد مَكَرَهُ فامْتَكَرَ، ومَكَرَ بِهِ: كادَه .
معنى المكْر اصطلاحًا:
قال السيوطي: (المكْر: ما يَقْصد فَاعله في بَاطِنه خلاف ما يَقْتَضِيه ظَاهره) .
وقال الجرجاني: (هو إيصال المكْروه إلى الإنسان مِن حيث لا يشعر) .
وقال الرَّاغب: (المكْر: صرف الغير عمَّا يقصده بحيلة) .
معنى الكَيْد لغةً:
الكَيْد: المكر والخبث، كادَهُ يَكيدُه كَيْدًا ومَكيدَةً. وكذلك المكايَدَةُ. وربَّما سُمِّي الحربُ كَيْدًا. يقال: غزا فلانٌ فلم يَلْقَ كَيْدًا. وكلُّ شيء تعالجه فأنت تكيده .
معنى الكَيْد اصطلاحًا:
قال السيوطي: (الكَيْد: إرَادَةٌ متضمِّنةٌ لاستتار مَا يُرَاد عَمَّن يُرَاد بِه) .
وقال الجرجاني: (الكَيْد: إرَادَةُ مضرَّة الغير خُفْيَة، وهو مِن الخَلْق: الحِيلة السَّيئة، ومِن الله: التَّدبير بالحقِّ لمجازاة أعمال الخَلْق) .

محمد رافع 52 27-11-2013 11:04 PM

الفرق بين المكْر والكَيْد وبعض الصِّفات

- الفرق بين المكْر والكَيْد:
المكْر مِثل الكَيْد في أنَّه لا يكون إلَّا مع تدبُّرٍ وفِكْرٍ، إلَّا أنَّ الكَيْد أقوى مِن المكْر.
الكَيْد يتعدَّى بنفسه، والمكْر يتعدَّى بحرف، فيقال: كادَه يَكِيدُه، ومَكَرَ به، ولا يقال: مَكَرَه والذي يتعدَّى بنفسه أقوى.
المكْر -أيضًا- تقدير ضرر الغير مِن أن يفعل به، أَلَا ترى أنَّه لو قال له: أقدر أن أفعل بك كذا، لم يكن ذلك مَكْرًا، وإنَّما يكون مَكْرًا إذا لم يُعْلِمْه به.
والكَيْد اسم لإيقاع المكْروه بالغير قهرًا، سواءً علم أو لا .
قال الزبيدي: (قال شيخنا: وظاهر كلامهم أن الكيد والمكر مترادفان، وهو الظاهر، وقد فرق بينهما بعض فقهاء اللغة، فقال: الكيد: المضرة، والمكر: إخفاء الكيد وإيصال المضرة، وقيل: الكيد: الأخذ على خفاء، ولا يعتبر فيه إظهار خلاف ما أبطنه، ويعتبر ذلك في المكر. والله أعلم) .
- الفرق بين المكْر والحِيَل:
أنَّ مِن الحِيَل ما ليس بمَكْر، وهو أن يقدِّر نفع الغير لا مِن وجهه، فيُسَمَّى ذلك حيلة مع كونه نفعًا، والمكْر لا يكون نفعًا.
أنَّ المكْر بقدر ضرر الغير مِن غير أن يعلم به، وسواءً كان مِن وجهه أو لا.
والحيلة لا تكون مِن غير وجهه، وسمَّى الله تعالى ما توعَّد به الكفَّار: مكرًا، في قوله تعالى: فَلاَ يَأْمَنُ مَكْرَ اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ [الأعراف: 99]، وذلك أنَّ الماكر يُنْزِل المكْروه بالممْكُور به حيث لا يعلم، فلمَّا كان هذا سبيل ما توعَّدهم به مِن العذاب سمَّاه مكرًا .
- الفرق بين المكْر والغَدْر:
أنَّ الغَدْر نقض العهد الذي يجب الوفاء به.
والمكْر: قد يكون ابتداءً مِن غير عقد .
- الفرق بين الخِدَاع والكَيْد:
الخِدَاع: هو إظهار ما يُبْطِن خلافه، أراد اجتلاب نفعٍ أَو دفع ضرٍّ، ولا يَقْتَضِي أَن يكون بعد تدبُّرٍ ونَظَرٍ وفِكْرٍ، أَلَا ترى أَنَّه يُقَال: خدعه في البيع، إذا غشَّه مِن جَشَع، وأوهمه الإنصاف، وإن كان ذلك بديهةً مِن غير فِكْر ونَظَر، والكَيْد لا يكون إلَّا بعد تدبُّر وفِكْر ونَظَر، ولهذا قال أهل العربيَّة: الكَيْد التَّدْبِير على العَدوِّ، وإرادة إهلاكه، وسُمِّيت الحِيَل التي يَفْعَلهَا أصحاب الحروب بقصد إهلاك أعدائهم: مكايد؛ لأنَّها تكون بعد تدبُّرٍ ونَظَرٍ، ويجيء الكَيْد بمعنى الإرادة، وقوله تعالى: كَذَلِكَ كِدْنَا لِيُوسُفَ [يوسف: 76] أَي أردنَا، ودلَّ على ذلك بقوله: إِلاَّ أَن يَشَاء اللّهُ[يوسف: 76]، و(إن شاء الله) بمعنى المشِيئَة، ويجوز أن يُقَال: الكَيْد: الحِيلَة التي تقرِّب وُقُوع المقصود بِه مِن المكروه، وهو مِن قولهم: كَاد يفعل كذا، أَي قَرُب، إِلَّا أَنه قيل هذا يكَاد، وفي الأولى: يَكِيد؛ للتَّصَرُّف في الكلام، والتَّفرقة بين المعْنيين.
ويجوز أَن يُقَال: إنَّ الفرق بين الخِدَاع والكَيْد أَنَّ الكَيْد اسم لفعل المكْروه بالغير قهرًا، تقول: كايدني فلانٌ، أَي: ضرَّني قهرًا، والخَدِيعَة اسم لفعل المكروه بالغير مِن غير قهر، بل بأن يُرِيد بأنَّه يَنْفَعه، ومنه الخَدِيعَة في المعاملة، وسمَّى الله تعالى قصد أصحاب الفيل مكَّة كيدًا في قوله تعالى: أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ [الفيل: 3]؛ وذلك أنَّه كان على وَجه القَهْر .

محمد رافع 52 01-12-2013 10:24 AM

ذَمُّ المكْر والكَيْد والنهي عنهما
أولًا: في القرآن الكريم

- قال تعالى: وَمَكَرُوا مَكْرًا وَمَكَرْنَا مَكْرًا وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ مَكْرِهِمْ أَنَّا دَمَّرْنَاهُمْ وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ [النَّمل: 50-51].
قال السعدي: (وَمَكَرُوا مَكْرًا دبَّروا أمرهم على *** صالح وأهله على وجه الخُفْية -حتى مِن قومهم- خوفًا مِن أوليائه، وَمَكَرْنَا مَكْرًا بنصر نبيِّنا صالح -عليه السَّلام- وتيسير أمره، وإهلاك قومه المكذِّبين، وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ، فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ مَكْرِهِمْ. هل حصل مقصودهم، وأدركوا -بذلك المكْر- مطلوبهم أم انتقض عليهم الأمر؟ ولهذا قال: أَنَّا دَمَّرْنَاهُمْ وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ أهلكناهم واستأصلنا شأفتهم، فجاءتهم صيحة عذاب، فأهلكوا عن آخرهم) .
وقال ابن عاشور: (سمَّى الله تآمرهم مكرًا؛ لأنَّه كان تدبير ضرٍّ في خفاء. وأكَّد مكرهم بالمفعول المطلق للدِّلالة على قوَّته في *** المكر، وتنوينه للتَّعظيم) .
- وقال سبحانه: وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِن جَاءهُمْ نَذِيرٌ لَّيَكُونُنَّ أَهْدَى مِنْ إِحْدَى الأُمَمِ فَلَمَّا جَاءهُمْ نَذِيرٌ مَّا زَادَهُمْ إِلاَّ نُفُورًا 42اسْتِكْبَارًا فِي الأَرْضِ وَمَكْرَ السَّيِّئِ وَلا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلاَّ بِأَهْلِهِ فَهَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ سُنَّتَ الأَوَّلِينَ فَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلاً وَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلاً [فاطر: 43].
قال ابن كثير: (يخبر تعالى عن قريش والعرب أنَّهم أقسموا بالله جهد أيمانهم، قبل إرسال الرَّسول إليهم: لَئِن جَاءهُمْ نَذِيرٌ لَّيَكُونُنَّ أَهْدَى مِنْ إِحْدَى الأُمَمِ أي: من جميع الأمم الذين أُرْسِل إليهم الرُّسل... قال الله تعالى: فَلَمَّا جَاءهُمْ نَذِيرٌ -وهو: محمد صلى الله عليه وسلم بما أنزل معه مِن الكتاب العظيم، وهو القرآن المبين، مَّا زَادَهُمْ إِلاَّ نُفُورًا، أي: ما ازدادوا إلَّا كفرًا إلى كفرهم، ثمَّ بيَّن ذلك بقوله: اسْتِكْبَارًا فِي الأَرْضِ أي: استكبروا عن اتِّباع آيات الله، اسْتِكْبَارًا فِي الأَرْضِ أي: ومكروا بالنَّاس في صدِّهم إيَّاهم عن سبيل الله، وَلا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلاَّ بِأَهْلِهِ أي: وما يعود وبال ذلك إلَّا عليهم أنفسهم دون غيرهم) .
- وقوله عزَّ وجلَّ: وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكَابِرَ مُجَرِمِيهَا لِيَمْكُرُواْ فِيهَا وَمَا يَمْكُرُونَ إِلاَّ بِأَنفُسِهِمْ وَمَا يَشْعُرُونَ[الأنعام: 123].
قال ابن عاشور: (والمراد بالمكْر هنا تَحُيُّل زعماء المشركين على النَّاس في صرفهم عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم وعن متابعة الإسلام، قال مجاهد: كانوا جَلَسُوا على كلِّ عقبة ينفِّرون النَّاس عن اتِّباع النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم ... ظنًّا منهم بأنَّ صدَّ النَّاس عن متابعته يَضرُّه ويُحْزِنه، وأنَّه لا يعلم بذلك، ولعلَّ هذا العمل منهم كان لـمَّا كَثُر المسلمون في آخر مدَّة إقامتهم بمكَّة قُبَيْل الهجرة إلى المدينة، ولذلك قال الله تعالى: وَمَا يَمْكُرُونَ إِلاَّ بِأَنفُسِهِمْ. فالواو للحال، أي: هم في مكرهم ذلك إنَّما يضرُّون أنفسهم، فأطلق المكر على مآله وهو الضُّر، على سبيل المجَاز المرسَل، فإنَّ غاية المكر ومآله إضرار الممكور به) .
- وقال تعالى: فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَـكِنَّ اللّهَ قَتَلَهُمْ وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَـكِنَّ اللّهَ رَمَى وَلِيُبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلاء حَسَناً إِنَّ اللّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ذَلِكُمْ وَأَنَّ اللّهَ مُوهِنُ كَيْدِ الْكَافِرِينَ [الأنفال: 17-18].
(يقول تعالى لما انهزم المشركون يوم بدر، و***هم المسلمون: فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ بحولكم وقوَّتكم، وَلَـكِنَّ اللّهَ قَتَلَهُمْ حيث أعانكم على ذلك... ذَلِكُمْ النَّصر مِن الله لكم، وَأَنَّ اللّهَ مُوهِنُ كَيْدِ الْكَافِرِينَ أي: مُضْعِف كلِّ مَكْرٍ وكيدٍ يكيدون به الإسلام وأهله، وجاعلٌ مكرَهم مُحِيقًا بهم) .
- وقال- سبحانه-: قَالَ يَا بُنَيَّ لاَ تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُواْ لَكَ كَيْدًا إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلإِنسَانِ عَدُوٌّ مُّبِينٌ [يوسف: 5].
- وقوله تعالى حكايةً عن امرأة العزيز: ذَلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ وَأَنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي كَيْدَ الْخَائِنِينَ [يوسف: 52].

محمد رافع 52 01-12-2013 10:28 AM

ثانيًا: في السُّنَّة النَّبويَّة

- عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: ((أنَّ أناسًا مِن عُكل وعُرَيْنَة قَدِمُوا المدينة على النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، وتكلَّموا بالإسلام، فقالوا: يا نبيَّ الله، إنَّا كنَّا أهل ضرع ، ولم نكن أهل ريف، واستوخموا المدينة، فأمر لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بذود وراع، وأمرهم أن يخرجوا فيه، فيشربوا مِن ألبانها وأبوالها. فانطلقوا حتى إذا كانوا ناحية الحَرَّة، كفروا بعد إسلامهم، و***وا راعي النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، واستاقوا الذَّود، فبلغ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم، فبعث الطَّلب في آثارهم، فأَمَر بهم فسَمَرُوا أعينهم، وقَطَعُوا أيديهم، وتُرِكُوا في ناحية الحرَّة حتى ماتوا على حالهم)) .
- وعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: سمعت سعدًا رضي الله عنه قال: سمعت النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم يقول: ((لا يكيد أهل المدينة أحدٌ إلَّا انماع كما ينماع الملح في الماء)) .
قال المهَلَّب: (وقوله: ((لا يكيد أهل المدينة أحدٌ)). أي: لا يدخلها بمكيدة، ولا يمكن يطلب فيها غرَّتهم، ويفترس عورتهم. وقوله: ((إلَّا انماع)). أي: إلَّا ذاب كما يذوب الملح في الماء) .
وقال العيني: (أنَّ الذي يكيد أهل المدينة يذيبه الله تعالى في النَّار ذوب الرصاص، ولا يستحقُّ هذا ذاك العذاب إلَّا عن ارتكابه إثمًا عظيمًا) .
أقوال السَّلف والعلماء في المكْر والكَيْد:
- قال محمَّد بن كعب القرظي: ثلاث خصال مَن كُنَّ فيه كُنَّ عليه: البَغْي، والنُّكْث، والمكر. وقرأ: وَلا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلاَّ بِأَهْلِهِ [فاطر: 43]، يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا بَغْيُكُمْ عَلَى أَنفُسِكُم [يونس: 23]، فَمَن نَّكَثَ فَإِنَّمَا يَنكُثُ عَلَى نَفْسِهِ [الفتح: 10] .
- وقال ابن قتيبة: (ثلاثٌ مَن كُنَّ فيه كُنَّ عليه: البَغْي، قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا بَغْيُكُمْ عَلَى أَنفُسِكُم [يونس: 23]، والمكر، قال الله تعالى: وَلا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلاَّ بِأَهْلِهِ [فاطر: 43] والنُّكْث، قال عزَّ وجلَّ: فَمَن نَّكَثَ فَإِنَّمَا يَنكُثُ عَلَى نَفْسِهِ .
- وقال ابن القيِّم: (إنَّ المؤمن المتوكِّل على الله إذا كاده الخَلْق، فإنَّ الله يكيد له وينتصر له بغير حول منه ولا قوَّة) .
- وقال: (في قصَّة يوسف -عليه السَّلام- تنبيه على أنَّ مَن كاد غيره كيدًا محرَّمًا فإنَّ الله سبحانه وتعالى لا بدَّ أن يكيده، وأنَّه لا بدَّ أن يكيد للمظلوم إذا صبر على كيد كائده وتلطَّف به) .
- وروى عمرو بن دينار أنَّه قال: (قال قيس بن سعد: لولا الإسلام لمكرت مكرًا لا تطيقه العرب) .

محمد رافع 52 01-12-2013 10:30 AM

حُكْم المكْر

عدَّه أهل العلم - ومنهم ابن حجر الهيتمي- مِن الكبائر، وهم يعنون الضَّرب المذموم منه، وهو المكْر السَّيِّئ.
قال ابن حجر الهيتمي: (عُدَّ هذا كبيرةً، صرَّح به بعضهم، وهو ظاهرٌ مِن أحاديث الغِشِّ ... إذْ كون المكْر والخَدِيعَة في النَّار ليس المراد بهما إلَّا أنَّ صاحبهما فيها، وهذا وعيد شديد) .

محمد رافع 52 01-12-2013 10:32 AM

أقسام المكْر

قال الرَّاغب: (المكْر: صرف الغير عمَّا يقصده بحيلة، وذلك ضربان: مَكْرٌ محمودٌ، وذلك أن يُتَحرَّى بذلك فعلٌ جميل... ومذموم، وهو أن يُتَحرَّى به فعلٌ قبيح) .
وقال ابن القيِّم: (المكْر ينقسم إلى محمود ومذموم، فإنَّ حقيقته إظهار أمرٍ وإخفاء خلافه؛ ليُتَوصَّل به إلى مراده.
فمِن المحمود: مَكْرُه تعالى بأهل المكر، مقابلةً لهم بفعلهم، وجزاءً لهم ب*** عملهم.
قال تعالى: وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللّهُ وَاللّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ [الأنفال: 30] وقال تعالى: وَمَكَرُوا مَكْرًا وَمَكَرْنَا مَكْرًا وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ [النَّمل: 50]) .
وقال الرَّاغب الأصفهاني: (المكْر والخَدِيعَة: متقاربان، وهما اسمان لكلِّ فعل يَقْصِد فاعله في باطنه خلاف ما يقتضيه ظاهره، وذلك ضربان:
1- أحدهما مذموم: وهو الأشهر عند النَّاس والأكثر، وذلك أن يقصد فاعله إنزال مكروه بالمخدوع، وهو الذي قصده النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم بقوله: ((المكر والخَدِيعَة في النَّار))، والمعنى: أنَّهما يؤدِّيان بقاصدهما إلى النَّار.
2- والثَّاني: على عكس ذلك، وهو أن يقصد فاعلهما إلى استجرار المخدوع والممكور به إلى مصلحة لهما، كما يُفْعَل بالصَّبي إذا امتنع مِن تعلُّم خيرٍ .

محمد رافع 52 01-12-2013 10:36 AM

أقسام الكَيْد

وينقسم الكَيْد -أيضًا- إلى قسمين:
1- محمود: وهو ما قُصِد به الخير.
2- مذموم: وهو ما قُصِد به الشَّر.
قال ابن القيِّم: (الكَيْد ينقسم إلى نوعين. قال تعالى: وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ [الأعراف: 183] وقال تعالى: كَذَلِكَ كِدْنَا لِيُوسُفَ مَا كَانَ لِيَأْخُذَ أَخَاهُ فِي دِينِ الْمَلِكِ إِلاَّ أَن يَشَاء اللّهُ [يوسف: 76] وقال تعالى: إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْدًا وَأَكِيدُ كَيْدًا [الطارق: 15-16]) .
وقال الرَّاغب الأصفهاني: (الكَيْد: إرَادَة متضمِّنة لاستتار ما يُرَاد عمَّن يُرَاد به، وأكثر ما يُسْتَعمَل ذلك في الشَّرِّ، ومتى قُصِد به الشَّرُّ فمذموم، ومتى قُصِد به خيرٌ فمحمود، وعلى الوجه المحمود قال - عزَّ وجلَّ-: كَذَلِكَ كِدْنَا لِيُوسُفَ مَا كَانَ لِيَأْخُذَ أَخَاهُ فِي دِينِ الْمَلِكِ إِلاَّ أَن يَشَاء اللّهُ [يوسف: 76] .


جميع الأوقات بتوقيت GMT +2. الساعة الآن 09:57 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.