بوابة الثانوية العامة المصرية

بوابة الثانوية العامة المصرية (https://www.thanwya.com/vb/index.php)
-   حي على الفلاح (https://www.thanwya.com/vb/forumdisplay.php?f=25)
-   -   الكبائر (https://www.thanwya.com/vb/showthread.php?t=228959)

عمروعبده 18-07-2010 11:33 AM

التكذيب بالقدر
الكبيرة الحادية و الأربعون : التكذيب بالقدر
قال الله تعالى : " إنا كل شيء خلقناه بقدر " قال ابن الجوزي في تفسيره : في سبب نزولها قولان أحدهما ، أن مشركي مكة أتوا رسول الله صلى الله تعالى عليه و آله و سلم يخاصمونه في القدر فنزلت هذه الآية . انفرد بإخراجه مسلم و روى أبو أمامة أن هذه الآية في القدرية . و القول الثاني : أن أسقف نجران جاء إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال : يا محمد تزعم أن المعاصي بقدر و ليس كذلك . فقال صلى الله عليه و سلم : " أنتم خصماء الله " فنزلت هذه الآية :
" إن المجرمين في ضلال و سعر * يوم يسحبون في النار على وجوههم ذوقوا مس سقر * إنا كل شيء خلقناه بقدر " .
و روى " عمر بن الخطاب عن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : إذا جمع الله الأولين و الآخرين يوم القيامة أمر منادياً فنادى نداء يسمعه الأولون و الآخرون : أين خصماء الله ؟ فتقوم القدرية فيؤمر بهم إلى النار " . يقول الله " ذوقوا مس سقر * إنا كل شيء خلقناه بقدر " ، و إنما قيل لهم خصماء الله لأنهم يخاصمون في أنه لا يجوز أن يقدر المعصية على العبد ثم يعذبه عليها . و روى هشام بن حسان عن الحسن قال : و الله لو أن قدرياً صام حتى يصير كالحبل ، ثم صلى حتى يصير كالوتر لكبه الله على وجهه في سقر ، ثم قيل له ذق مس سقر إنا كل شيء خلقناه بقدر . و روى مسلم في صحيحه " من حديث ابن عمر قال ، قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : كل شيء بقدر حتى العجز و الكيس " . و قال ابن عباس : كل شيء خلقناه بقدر مكتوب في اللوح المحفوظ قبل وقوعه قال الله تعالى : " و الله خلقكم و ما تعملون "
قال ابن جرير : فيها وجهان ، أحدهما : أن تكون بمعنى المصدر فيكون المعنى : و الله خلقكم و عملكم و الثاني : أن تكون بمعنى الذي فيكون المعنى : و الله خلقكم و خلق الذي تعملونه بأيديكم من الأصنام ، و في هذه الآية دليل على أن أفعال العباد مخلوقة و الله أعلم . و قال الله تعالى : " فألهمها فجورها و تقواها " الإلهام إيقاع الشيء في النفس . قال سعيد بن جبير : ألزمها فجورها و تقواها . و قال ابن زايد : جعل ذلك فيها بتوفيقه إياها للتقوى و خذلانه إياها للفجور و الله أعلم . و في الحديث عن رسول الله صلى الله عليه و سلم انه قال : " إن الله من على قوم فألهمهم الخير فأدخلهم في رحمته ، و ابتلى قوماً فخذلهم و ذمهم على أفعالهم و لم يستطيعوا غير ابتلاهم فعذبهم و هو عادل " " لا يسأل عما يفعل و هم يسألون " و " عن معاذ ابن جبل رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ما بعث الله نبياً قط و في أمته قدرية و مرجئه ، إن الله لعن القدرية و المرجئة على لسان سبعين نبياً "
و " عن عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : القدرية مجوس هذه الأمة " ، و " عن ابن عمر رضي الله عنهما قال ، قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : لكل أمة مجوس و مجوس هذه الأمة الذين يزعمون أن لا قدر ، و أن الأمر أنف . قال : فإذا لقيتهم فأخبرهم أني منهم بريء و أنهم براء مني " . ثم قال " و الذي نفسي بيده لو أن لأحدهم مثل أحد ذهباً فأنفقه في سبيل الله ما قبل حتى يؤمن بالقدر خيره و شره " . ثم ذكر حديث جبريل و سؤاله النبي صلى الله عليه و سلم قال : " ما الإيمان ؟ قال : أن تؤمن بالله و ملائكته و كتبه و رسله و تؤمن بالقدر خيره و شره " .
قوله أن تؤمن بالله : الإيمان بالله هو التصديق بأنه سبحانه و تعالى موجود موصوف بصفات الجلال و الكمال ، منزه عن صفات النقص ، و أنه فرد صمد خالق جميع المخلوقات ، متصرف فيها بما يشاء يفعل في ملكه ما يريد . و الإيمان بالملائكة هو التصديق بعبوديتهم لله :
" بل عباد مكرمون * لا يسبقونه بالقول و هم بأمره يعملون * يعلم ما بين أيديهم و ما خلفهم و لا يشفعون إلا لمن ارتضى و هم من خشيته مشفقون " .
و الإيمان بالرسل هو التصديق بأنهم صادقون فيما أخبروا به عن الله تعالى أيدهم الله بالمعجزات الدالة على صدقهم ، و أنهم بلغوا عن الله تعالى رسالاته و بينوا للمكلفين ما أمرهم الله به ، و أنه يجب احترامهم ، و أن لا يفرق بين أحد منهم . و الإيمان باليوم الآخر هو التصديق بيوم القيامة و ما اشتمل عليه من الإعادة بعد الموت و النشر و الحشر و الحساب و الميزان و الصراط و الجنة و النار ، و أنهما دار ثوابه و عقابه للمحسنين و المسيئين إلى غير ذلك مما صح به النقل . و الإيمان بالقدر : هو التصديق بما تقدم ذكره ، و حاصله ما دل عليه قوله سبحانه " و الله خلقكم و ما تعملون " ، و قوله " إنا كل شيء خلقناه بقدر " ، و من ذلك قوله صلى الله عليه و سلم في حديث ابن عباس : " و اعلم أن الأمة لو اجتمعوا على أن ينفعوك بشيء لا ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك ، و لو اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك رفعت الأقلام و جفت الصحف " .
و مذهب السلف و أئمة الخلف أن من صدق بهذه الأمور تصديقاً جازماً لا ريب فيه و لا تردد كان مؤمناً حقاً ،سواء كان ذلك عن براهين قاطعة أو اعتقادات جازمة و الله أعلم .
( فصل ) أجمع سبعون رجلاً من التابعين و أئمة المسلمين و السلف و فقهاء الأمصار على أن السنة التي توف عليها رسول الله صلى الله عليه و سلم أولها : الرضا بقضاء الله و قدره ، و التسليم لأمره ، و الصبر تحت حكمه ، و الأخذ بما أمر الله به ، و النهي عما نهى الله عنه ، و إخلاص العمل لله ، و الإيمان بالقدر خيره و شره ، و ترك المراء و الجدال و الخصومات في الدين ، و المسح على الخفين ، و الجهاد مع كل خليفة براً و فاجراً ، و الصلاة على من مات من أهل القبلة .
و الإيمان : قول و عمل و نية ، يزيد بالطاعة و ينقص بالمعصية ، و القرآن كلام الله نزل به جبريل على نبيه محمد صلى الله عليه و سلم غير مخلوق ، و الصبر تحت لواء السلطان على ما كان منه من عدل أو جور ، و لا نخرج على الأمراء بالسيف و إن جاروا و لا نكفر أحداً من أهل القبلة و إن عمل الكبائر إلا إن استحلوها ، و لا نشهد لأحد من أهل القبلة لخير أتى به إلا من شهد له النبي صلى الله عليه و سلم : و الكف عما شجر بين أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم . و أفضل الخلق بعد رسول الله صلى الله عليه و سلم أبو بكر ، ثم عمر ، ثم عثمان ، ثم علي رضي الله عنهم أجمعين و نترحم على جميع أزواج النبي صلى الله عليه و سلم و أولاده و أصحابه رضي الله عنهم أجمعين .
فائدة : فيها من كلام الناس ما هو كفر صرحت به العلماء منها : ما لو سخر باسم من أسماء الله أو بأمره أو وعده أو وعيده كفر ، و لو قال . لو أمرني الله بكذا ما فعلت ، كفر و لو صارت القبلة في هذه الجهة ما صليت إليها ، كفر . و لو قيل له : ألا تترك الصلاة فإن الله يؤاخذك فقال لو آخذني بها مع ما في من المرض و الشدة لظلمني كفر .و لو قال : لو شهد عندي الأنبياء و الملائكة بكذا ما صدقت ، كفر . و لو قيل له قلم أظافرك فإنها سنة فقال لا أفعل و إن كانت سنة ، كفر . و لو قال فلان في عيني كاليهودي ، كفر . و لو قال أن الله جلس للإنصاف أو قام للإنصاف ، كفر . و جاء في وجه : من قال لمسلم لا ختم الله لك بخير أو سلبك الإيمان ، كفر . و جاء أيضاً أن من طلب يمين إنسان فأراد أن يحلف بالله فقال أريد أن تحلف بالطلاق كفر . و اختلفوا في من قال رؤيتي لك كرؤية الموت فقال بعضهم ، يكفر . و لو قال لو كان فلان نبياً ما آمنت به ، كفر . و لو قال إن كان ما قاله صدقاً نجونا ، كفر . و لو صلى بغير وضوء استهزاء أو استحلالاً ، كفر . و لو تنازع رجلان فقال أحدهما لا حول و لا قوة إلا بالله فقال له الآخر لا حول و لا قوة إلا بالله لا تغني من جوع ، كفر . و لو سمع أذان المؤذن فقال إنه يكذب ، كفر . و لو قال : لا أخاف القيامة ، كفر . و لو وضع متاعه فقال : سلمته إلى الله فقال له رجل سلمته إلى من لا يتبع السارق ، كفر . و لو جلس رجل على مكان مرتفع تشبيهاً بالخطيب فسألوه المسائل و هم يضحكون أو قال أحدهم قصعة ثريد خير من العلم ، كفر . و لو ابتلى بمصائب فقال : أخذت مالي و ولدي و ماذا تفعل ، كفر . و لو ضرب ولده أو غلامه فقال له رجل ألست بمسلم ؟ فقال : لا ـ متعمداً ـ كفر . و لو تمنى أن لا يحرم الله الزنا أو القتل أو الظلم ، كفر . و لو شد على وسطه حبلاً فسئل عنه فقال هذا زنار فالأكثرون على أنه يكفر . و لو قال معلم الصبيان : اليهود خير من المسلمين لأنهم يعطون معلمي صبيانهم ، كفر . و لو قال النصراني خير من المجوسي ، كفر . و لو قيل لرجل ما الإيمان فقال لا أدري ، كفر . و من ذلك ألفاظ مستكرهة مستنكرة و هي : لا دين لك ، لا إيمان لك ، لا يقين لك ، أنت فاجر ، أنت منافق، أنت زنديق ، أنت فاسق ، . و من ذا و أشباهه كله حرام و يخشى على العبد بها سلب الإيمان و الخلود في النار .
فنسأل الله المنان بلطفه أن يتوفانا مسلمين على الكتاب و السنة إنه أرحم الراحمين .
( موعظة ) عباد الله ! أين الذين كنزوا الكنوز و جمعوا و ثملوا من الشهوات و شبعوا ، و أملوا البقاء فما نالوا فيها ما طمعوا ، و فنيت أعمارهم بما غروا به و خدعوا ؟ نصب لهم شيطانهم أشراك الهوى فوقعوا ، و جاءهم ملك الموت فذلوا و خضعوا ، و أخرجهم من ديارهم فلا و الله ما رجعوا ، فهم مفترقون في القبور فإذا نفخ في الصور اجتمعوا .
و كيف قرت لأهل العلم أعينهم أو استلذوا لذيذ العيش أو هجموا
و الموت ينذرهم جهراً علانية لو كان للقوم أسماع لقد سمعوا
و النار ضاحية لابد موردهم و ليس يدرون من ينجو و من يقع
قد أمست الطير و الأنعام آمنة و النون في البحر لا يخشى لها فزع
و الآدمي بهذا الكسب مرتهن له رقيب على الأسرار يطلع
حتى يرى فيه يوم الجمع منفرداً و خصمه الجلد و الأبصار و السمع
و إذ يقومون و الأشهاد قائمة و الجن و الأنس و الأملاك قد خشعوا
و طارت الصحف في الأيدي منتشرة فيها السرائر و الأخبار تطلع
فكيف بالناس و الأنباء واقفة عما قليل و ما تدري بما تقع
أفي الجنان و فوز لا انقطاع له أم في الجحيم فلا تبقي و لا تدع
تهوي بسكانها طوراً و ترفعهم إذا رجوا مخرجاً من غمها قمعوا
طال البكاء فلم ينفع تضرعهم هيهات لا رقية تغني و لا جزع

عمروعبده 18-07-2010 11:35 AM

الكذب على الله عز و جل و على رسوله صلى الله عليه و سلم



الكبيرة الرابعة عشرة : الكذب على الله عز و جل و على رسوله صلى الله عليه و سلم


قال الله عز و جل :


" و يوم القيامة ترى الذين كذبوا على الله وجوههم مسودة "


قال الحسن : هم الذين يقولون : إن شئنا فعلنا و إن شئنا لم نفعل قال ابن الجوزي في تفسيره : و قد ذهب طائفة من العلماء إلى أن الكذب على الله و على رسوله كفر ينقل عن الملة ، و لا ريب أن الكذب على الله و على رسوله في تحليل حرام و تحريم حلال كفر محض ، و إنما الشأن في الكذب عليه فيما سوى ذلك .


و قال صلى الله عليه و سلم : " من كذب علي بني له بيت في جهنم " و قال صلى الله عليه و سلم : " و من كذب علي متعمداً فليتبوأ مقعده من النار " و قال صلى الله عليه و سلم : " من روى عني حديثاً و هو يرى أنه كذب فهو أحد الكاذبين " .


و قال صلى الله عليه و سلم : " إن كذبا علي ، ليس ككذب على غيري . من كذب علي معمداً فليتبوأ مقعده من النار " و قال صلى الله عليه و سلم : " من يقل عني ما لم أقله فليتبوأ مقعده من النار " و قال صلى الله عليه و سلم : " يطبع المؤهل على كل شيء إلا الخيانة و الكذب " . نسأل الله التوفيق و العصمة إنه جواد كريم .

عمروعبده 18-07-2010 11:36 AM

القمار



الكبيرة العشرون : القمار


قال الله تعالى : " يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون * إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة فهل أنتم منتهون " .


و الميسر هو القمار بأي نوع كان : نرد أو شطرنج أو فصوص أو كعاب أو جوز أو بيض أو حصى أو غير ، و هو من أكل أموال الناس بالباطل الذي نهى الله عنه بقوله : " و لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل " ، و داخل في قول النبي صلى الله عليه و سلم : " إن رجالاً يتخوضون في مال الله بغير حق فلهم النار يوم القيامة " ، و في صحيح البخاري أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : " من قال لصاحبه تعالى أقامرك فليتصدق " فإذا كان مجرد القول يوجب الكفارة أو الصدقة فما ظنك بالفعل ؟!


فصل : اختلف العلماء في النرد و الشطرنج إذا خليا عن رهن ، اتفقوا على تحريم اللعب بالنرد لما صح عن رسول الله صلى الله عليه و سلم أنه قال : " من لعب بالنردشير فكأنما صبغ يده في لحم الخنزير و دمه " أخرجه مسلم . و قال صلى الله عليه و سلم : " من لعب بالنرد فقد عصى الله و رسوله " . و قال ابن عمر رضي الله عنه ، اللعب بالنرد قمار كالدهن بودك الخنزير .


قال : و أما الشطرنج فأكثر العلماء على تحريم اللعب بها ، سواء كان برهن أو بغيره . أما الرهن فهو قمار بلا خلاف ، و أما الكلام إذا خلا عن الرهن فهو أيضاً قمار حرام عند أكثر العلماء ، و حكي إباحته في رواية عن الشافعي : إذا كان في خلوة و لم يشغل عن واجب و لا عن صلاة في وقتها . و سئل النووي رحمه الله عن العب بالشطرنج أحرام أم جائز ؟ فأجاب رحمه الله تعالى : هو حرام عند أكثر أهل العلم . و سئل أيضاً رحمه الله عن لعب الشطرنج هل يجوز أم لا ، و هل يأثم اللاعب بها أم لا ؟ أجاب رحمه الله : إن فوت به صلاة عن وقتها أو لعب بها على عوض فهو حرام ، و إلا فمكروه عند الشافعي ، و حرام عند غيره ، و هذا كلام النووي في فتاويه .


و الدليل على تحريمه على قول الأكثرين في قول الله تعالى : " حرمت عليكم الميتة و الدم و لحم الخنزير " إلى قوله " و أن تستقسموا بالأزلام " قال سفيان و وكيع بن الجراح : هي الشطرنج ، و قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه : الشطرنج ميس الأعاجم . و مر رضي الله عنه على قوم يلعبون بها فقال : ما هذه التماثيل التي أنتم لها عاكفون ؟ لأن يمس أحدكم جمراً حتى يطفى خير له من أن يمسها . ثم قال : و الله لغير هذا خلقتم . و قال أيضاً رضي الله عنه : صاحب الشطرنج أكذب الناس . يقول أحدهم : قتلت ، و ما قتل . و مات و ما مات . و قال أبو موسى الأشعري رضي الله تعالى عنه : لا يلعب بالشطرنج إلا خاطىء.


و قيل لاسحاق بن راهوية ، أترى في اللعب بالشطرنج بأس ؟ فقال : البأس كله فيه . فقيل له : إن أهل الثغور يلعبون بها لأجل الحرب ، فقال : هو فجور . و سئل محمد بن كعب القرظي عن اللعب بالشطرنج فقال : أدنى ما يكون فيها أن اللاعب بها يعرض يوم القيامة أو قال يحشر يوم القيامة مع أصحاب الباطل .


و سئل ابن عمر رضي الله عنهما عن الشطرنج ، فقال : هي أشر من النرد و تقدم الكلام عن تحريمه . و سئل الإمام مالك بن أنس رحمه الله عن الشطرنج فقال : الشطرنج من النرد . بلغنا عن ابن عباس أنه ولي مالاً ليتيم فوجدها فوجدها في تركة والد اليتيم فأحرقها . و لو كان اللعب بها حلالاً لما جاز له أن يحرقها لكونها مال اليتيم ، و لكن لما كان اللعب بها حراماً أحرقها فتكون من جنس الخمر إذا وجد في مال اليتيم وجبت إراقته كذلك الشطرنج . و هذا مذهب حبر الأمة رضي الله عنه . و قيل لإبراهيم النخعي : ما تقول في اللعب بالشطرنج ؟ فقال : إنها ملعونة .


و روى أبو بكر الأثرم في جامعه " عن واثلة بن الأسقع عن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : إن الله في كل يوم ثلثمائة رضي الله عنه ستين نظرة إلى خلقه ليس لصاحب الشاه فيها نصيب ـ يعني لا عب الشطرنج لأنه يقول شاه مات " . و روى أبو بكر الأجري باسناده " عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : إذا مررتم بهؤلاء الذين يلعبون بهذه الأزلام النرد و الشطرنج و ما كان من اللهو فلا تسلموا عليهم ، فإنهم إذا اجتمعوا و أكبوا عليها جاءهم الشيطان بجنوده فأحدق بهم ، كلما ذهب واحد منهم يصرف بصره عنها لكزه الشيطان بجنوده ، فلا يزالون يلعبون حتى يتفرقوا كالكلاب اجتمعت على جيفة فأكلت منها حتى ملأت بطونها ثم تفرقت ، و لأنهم يكذبون عليها فيقولون : شاه مات ". و روي عنه صلى الله عليه و سلم أنه قال : " أشد الناس عذاباً يوم القيامة صاحب الشاه يعني صاحب الشطرنج ، ألا تراه يقول قتلته ، و الله مات ، و الله افترى ، و كذب على الله " .


و قال مجاهد : ما من ميت يموت إلا مثل له جلساؤه الذين كان يجالسهم فاحتضر رجل ممن كان يلعب بالشطرنج فقيل له : قل لا إله إلا الله فقال : شاهك ثم مات ، فغلب على لسانه ما كان يعتاده حال حياته في اللعب ، فقال عوض كلمة الإخلاص : شاهك . و هذا كما جاء في إنسان آخر ممن كان يجالس شراب الخمر إنه حين حضره الموت فجاءه إنسان يلقنه الشهادة فقال له : اشرب و اسقني ثم مات فلا حول و لا قوة إلا بالله العلي العظيم . و هذا كما جاء في حديث مروي : يموت كل إنسان على ما عاش عليه و يبعث على ما مات عليه . فنسأل الله المنان بفضله أن يتوفانا مسلمين لا مبدلين و لا مغيرين و لا ضالين و لا زائغين إنه جواد كريم .

عمروعبده 18-07-2010 11:38 AM

القاضي السوء



الكبيرة الحادية و الثلاثون : القاضي السوء


قال الله تعالى : " و من لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون " . و قال الله تعالى : " و من لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون " . و قال الله تعالى : " و من لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون " .


روى الحاكم بإسناده و في صحيحه " عن طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال : لا يقبل الله صلاة إمام حكم بغير ما أنزل الله " .


و صحح الحاكم أيضاً من " حديث بريدة رضي الله عنه قال ، قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : القضاة ثلاثة : قاض في الجنة و قاضيان في النار ، قاض عرف الحق فقضى به فهو في الحنة ، و قاض عرف الحق فجار متعمداً فهو في النار ، و قاض قضى بغير علم فهو في النار . قالوا فما ذنب الذي يجهل ؟ قال : ذنبه أن لا يكون قاضياً حتى يعلم " . و " عن أبي هريرة رضي الله عنه قال ، قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : من جعل قاضياً فقد ذبح من غير سكين " . و قال الفضيل بن عياض رحمه الله ، ينبغي للقاضي أن يكون يوماً في القضاء و يوماً في البكاء على نفسه . و قال محمد بن واسع رحمه الله : أول من يدعى يوم القيامة إلى الحساب القضاة . و " عن عائشة رضي الله عنها قالت : سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : يؤتى بالقاضي العدل يوم القيامة فيلقى من شدة الحساب ما يود أنه لم يقض بين اثنين في تمرة " . و " عن معاذ بن جبل رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : إن القاضي ليزل في زلقة في جهنم أبعد من عدن " . و " عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : ليس من وال و لا قاض إلا يؤتى به يوم القيامة حتى يوقف بين يدي الله عز و جل على الصراط ثم تنشر سريرته فتقرأ على رؤوس الخلائق ، فإن كان عدلاً نجاه الله بعدله ، و إن كان غير ذلك انتفض به ذلك الجسر انتفاضاً ، فصار بين كل عضو من أعضائه مسيرة كذا و كذا ، ثم ينخرق به الجسر إلى جهنم " . و قال مكحول : لو خيرت بين القضاء و بين ضرب عنقي لاخترت ضرب عتقي على القضاء و قال أيوب السختياني :إني وجدت أعلم الناس أشدهم هرباً منه . و قيل للثوري : إن شريحاً قد استقضي ، فقال : أي رجل قد أفسدوه ! و دعا مالك بن المنذر محمد بن واسع ليجعله على قضاء البصرة فأبى ، فعاوده و قال : لتجلسن ، و إلا جلدتك . فقال : إن تفعل فإنك سلطان ، و إن ذليل الدنيا خير من ذليل الآخرة ! و قال وهب بن منبه : إذا هم الحاكم بالجور أو عمل به أدخل الله النقص على أهل مملكته حتى في الأسواق و الأرزاق و الزرع و الضرع شيء ، و إذا هم بالخير أو العدل أدخل الله البركة في أهل مملكته كذلك . و كتب عامل من عمال حمص إلى عمر بن عبد العزيز رضي الله تعالى عنه : أما بعد فإن مدينة حمص قد تهدمت و احتاجت إلى اصلاح . فكتب إليه عمر : حصنها بالعدل و نق طرقها من الجور ، و السلام . قال : و يحرم على القاضي أن يحكم و هو غضبان و إذا اجتمع في القاضي قلة علم و سوء قصد و أخلاق زعرة و قلة ورع فقد تم خسرانه و وجب عليه أن يعزل نفسه ، و يبادر بالخلاص . فنسأل الله العفو و العافية و التوفيق لما يحب و يرضى ، إنه جواد كريم .


موعظة : يا من عمره كلما زاد نقص ، يا من يأمن ملك الموت و قد اقتص يا مائلاً إلى الدنيا هل سلمت من النقص ؟ يا مفرطاً في عمره هل بادرت الفرص ؟ يا من إذا ارتقى في منهاج الهدى ثم لاج له الهوى نكص ، من لك يوم الحشر عند نشر القصص . عجباً لنفس أمست بالليل هاجعة ، و نسيت أهوال يوم الواقعة ، و لأن تقرعها المواعظ فتصغي لها سامعة ، ثم تعود الزواجر عنها ضائعة و النفوس غدت في كرم الكريم طامعة ، ليست له في حال من الأحوال طائعة ، و الأقدام سعت في الهوى في طرق شاسعة ، بعد أن وضحت من الهدى سبل واسعة ، و الهمم شرعت في مشارع الهوى متنازعه ، لم تكن موعظة العقول لها نافعة ، و قلوب تضمر التوبة إذا فزعت بزواجر رادعه ، ثم تعود إلى ما لا يحل مراراً متتابعة .

عمروعبده 18-07-2010 11:39 AM

الفرار من الزحف



الكبيرة الخامسة عشرة : الفرار من الزحف


و إذا لم يزد على ضعف المسلمين إلا متحرفاً لقتال أو متحيزاً إلى فئة و إن بعدت ، قال الله تعالى :


" و من يولهم يومئذ دبره إلا متحرفاً لقتال أو متحيزاً إلى فئة فقد باء بغضب من الله و مأواه جهنم و بئس المصير " .


و " عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : اجتنبوا السبع الموبقات . قالوا : و ما هن يا رسول الله ؟ قال : الشرك بالله ، و السحر و قتل النفس التي حرم الله إلا بالحق ، و أكل الربا ، و أكل مال اليتيم ، و التولي يوم الزحف ، و قذف المحصنات الغافلات المؤمنات " .


و عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : لما نزلت : " إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين " .


فكتب الله عليهم أن لا يفر عشرون من مائتين ثم نزلت :


" الآن خفف الله عنكم و علم أن فيكم ضعفاً فإن يكن منكم مائة صابرة يغلبوا مائتين و إن يكن منكم ألف يغلبوا ألفين بإذن الله و الله مع الصابرين " .فكتب أن لا يفر مائة من مائتين . رواه البخاري .

عمروعبده 18-07-2010 11:40 AM

الغلول من الغنيمة




الكبيرة الثانية و العشرون : الغلول من الغنيمة


و هي من بيت المال و من الزكاة قال الله تعالى :


" إن الله لا يحب الخائنين " و قال الله تعالى " و ما كان لنبي أن يغل و من يغلل يأت بما غل يوم القيامة " .


و في صحيح مسلم " عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قام فينا رسول الله صلى الله عليه و سلم ذات يوم فذكر الغلول فعظمه و عظم أمره ، ثم قال لا ألفين أحدكم يجيء يوم القيامة على رقبته بعير له رغاء يقول : يا رسول الله أغثني ، فأقول : لا أملك لك من الله شيئاً قد أبلغتك ، لا ألفين أحدكم يجيء يوم القيامة على رقبته فرس له حمحمة فيقول : يا رسول الله أغثني ، فأقول : لا أملك لك من الله شيئاً قد أبلغتك . لا ألفين أحدكم يجيء يوم القيامة على رقبته شاة لها ثغاء يقول : يا رسول الله أغثني ، فأقول : لا أملك لك من الله شيئاً قد أبلغتك ، لا ألفين أحدكم يجيء يوم القيامة على رقبته نفس لها صياح ، فيقول : يا رسول الله أغثني فأقول لا أملك لك من الله شيئاً قد أبلغتك . لا ألفين أحدكم يجيء يوم القيامة على رقبته رقاع يخفق ، فيقول : يا رسول الله أغثني ، فأقول : لا أملك لك من الله شيئاً قد أبلغتك ، لا ألفين أحدكم يجيء يوم القيامة على رقبته صامت ، فيقول يا رسول الله أغثني فأقول لا أملك لك من الله شيئاً قد أبلغتك ". أخرج هذا الحديث مسلم .


قوله : على رقبته رقاع تخفق ـ أي ثياب و قماش ، قوله : على رقبته صامت ـ أي ذهب أو فضة ، فمن أخذ شيئاً من هذه الأنواع المذكورة من الغنيمة قبل أن تقسم بين الغانمين ، أو من بيت المال بغير إذن الإمام ، أو من الزكاة التي تجمع للفقراء جاء يوم القيامة حامله على رقبته ، كما ذكر الله تعالى في القرآن " و من يغلل يأت بما غل يوم القيامة " .


و لقول النبي صلى الله عليه و سلم : " أدوا الخيط و المخيط و إياكم و الغلول بأنه عار على صاحبه يوم القيامة " و " لقول النبي صلى الله عليه و سلم لما استعمل ابن اللتيبة على الصدقة و قدم ، و قال : هذا لكم و هذا أهدي لي . فصعد النبي صلى الله عليه و سلم المنبر و حمد الله و أثنى عليه إلى أن قال : و الله لا يأخذ أحد منكم شيئاً بغير حقه إلا جاء يوم القيامة يحمله ، فلا أعرف رجلاً منكم لقي الله يحمل بعيراً له رغاء أو بقرة لها خوار أو شاة تيصر ، ثم رفع يده صلى الله عليه و سلم فقال : اللهم هل بلغت ؟ " .


و " عن أبي هريرة قال : خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه و سلم إلى خيبر ففتح علينا فلم نغنم ذهباً و لا ورقاً ، غنمنا المتاع ـ الطعام ـ و الثياب ، ثم انطلقنا إلى الوادي ـ يعني وادي القرى ـ و مع رسول الله صلى الله عليه و سلم عبد وهبه له رجل من بني جذام يدعى رفاعة بن يزيد من بني الضبيب ، فلما نزلنا الوادي قام عبد رسول الله صلى الله عليه و سلم يحل رحله ، فرمي بسهم فكان به حتفه ، فقلنا : هنيئاً له بالشهادة يا رسول الله ، فقال رسول الله : كلا و الذي نفسي بيده إن الشملة لتلتهب عليه ناراً ، أخذها من الغنائم لم تصبها المقاسم . قال ففزع الناس فجاء رجل بشراك أو شراكين فقال : أصبت يوم خيبر . فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم شراك أو شراكان من نار " متفق عليه . و " عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال : كان على ثقل رسول الله صلى الله عليه و سلم رجل يقال له كركرة فمات ، فقال النبي صلى الله عليه و سلم : هو في النار فذهبوا ينظرون إليه فوجدوا عباءة قد غلها " . و " عن زيد بن خالد الجهني أن رجلاً غل في غزوة خيبر فامتنع النبي صلى الله عليه و سلم من الصلاة عليه ، و قال : إن صاحبكم غل في سبيل الله . قال ففتشنا متاعه فوجدنا فيه خرزاً من خرز اليهود ما يساوي درهمين " . و قال الإمام أحمد رحمه الله : ما نعلم أن النبي صلى الله عليه و سلم امتنع من الصلاة على أحد إلا على الغال ، و قاتل نفسه . و جاء عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال : " هدايا العمال غلول " .


و في الباب أحاديث كثيرة و يأتي بعضها في باب الظلم ، و الظلم على ثلاثة أقسام : أحدهما : أكل المال بالباطل ، و ثانيها : ظلم العباد بالقتل و الضرب و الكسر و الجراح ، و ثالثها : ظلم العباد بالشتم و اللعن و السب و القذف . و قد خطب النبي صلى الله عليه و سلم بمنى فقال : " ألا إن دماءكم و أموالكم و أعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا " متفق عليه .


و قال صلى الله عليه و سلم : " لا يقبل الله صلاة بغير طهور و لا صدقة من غلول " . فنسأل الله التوفيق لما يحب و يرضى أنه جواد كريم .

عمروعبده 18-07-2010 11:42 AM

المكاس
الكبيرة السابعة و العشرون : المكاس
و هو داخل في قول الله تعالى : " إنما السبيل على الذين يظلمون الناس و يبغون في الأرض بغير الحق أولئك لهم عذاب أليم " .
و المكاس من أكبر أعوان الظلمة ، بل هو من الظلمة أنفسهم . فإنه يأخذ ما لا يستحق و يعطيه لمن لا يستحق ، و لهذا قال النبي صلى الله عليه و سلم : " المكاس لا يدخل الجنة " . و قال صلى الله عليه و سلم : لا يدخل الجنة صاحب مكس " رواه أبو داود ، و ما ذاك إلا لأنه يتقلد مظالم العباد . و من أين للمكاس يوم القيامة أن يؤدي للناس ما أخذ منهم ؟ إنما يأخذون من حسناته إن كان له حسنات ! و هو داخل في قول النبي صلى الله عليه و سلم : " أتدرون من المفلس قالوا يا رسول الله المفلس فينا من لا درهم له و لا متاع ، إن المفلس من أمتي من يأتي بصلاة و زكاة و صيام و حج ، و يأتي و قد شتم هذا و ضرب هذا و أخذ مال هذا ، فيؤخذ لهذا من حسناته و هذا من حسناته فإن فنيت حسناته قبل أن يقضي ما عليه أخذ من سيئاتهم فطرحت عليه ثم طرح في النار " .
و في حديث المرأة التي طهرت نفسها بالرجم : لقد تابت توبة لو تابها صاحب مكس لغفر له أو لقبلت منه ، و المكاس من فيه شبه من قاطع الطريق و هو من اللصوص . و جابي المكس و كاتبه و شاهده و آخذه من جندي و شيخ و صاحب رواية شركاء في الوزر آكلون للسحت و الحرام ، و صح أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : " لا يدخل الجنة لحم نبت من السحت . النار أولى به " و السحت : كل حرام قبيح الذكر يلزم منه العار .
و ذكره الواحدي رحمه الله في تفسير قول الله تعالى : " قل لا يستوي الخبيث و الطيب " . و عن جابر أن رجلاً قال : يا رسول الله إن الخمر كانت تجارتي ، و إني جمعت من بيعها مالاً ، فهل ينفعني ذلك المال إن عملت فيه بطاعة الله تعالى ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " إن أنفقته في حج أو جهاد أو صدقة لم يعدل عند الله جناح بعوضة . إن الله لا يقبل إلا الطيب ، فأنزل الله تعالى تصديقاً لقول رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم :
" قل لا يستوي الخبيث و الطيب و لو أعجبك كثرة الخبيث " .
قال عطاء و الحسن : الحلال و الحرام فنسأل الله العفو و العافية .
موعظة : أين من حصن الحصون المشيدة و احترس ، و عمر الحدائق فبالغ و غرس ، و نصب لنفسه سرير العز و جلس ، و بلغ المنتهى و رأى الملتمس ، و ظن في نفسه البقاء و لكن خاب الظن في النفس ، أزعجه و الله هازم اللذات و اختلس ، و نازله بالقهر فأنزله عن الفرس ، و وجه به إلى دار البلاء فانطمس ، و تركه في ظلام ظلمة من الجهل و الدنس ، فالعاقل من أباد أيامه فإن العواقب في خلس .ينظر :
تبني و تجمع و الآثار تندرس و تأمل اللبث و الأعمار تختلس
ذا اللب فكر فما في العيش من طمع لا بد ما ينتهي أمر و ينعكس
أين الملوك و أبناء الملوك و من كانوا إذا الناس قاموا هيبة جلسوا
و من سيوفهم في كل معترك تخشى و دونهم الحجاب و الحرس
أضحكوا بمهلكة في وسط معركة
صرعى و صاروا ببطن الأرض و انطمسوا
و عمهم حدث و ضمهم جدث بأتوافهم جثث في الرمس قد حبسوا
كأنهم قط ما كانوا و ما خلقوا و مات ذكرهم بين الورى و نسوا
و الله لو عاينت عيناك ما صنعت أيدي البلا بهم و الدود يفترس
لعاينت منظراً تشجى القلوب له و أبصرت منكراً من دونه البلس
من أوجه ناضرات حار ناظرها في رونق الحسن منها كيف ينطمس
و أعظم باليات ما بها رمق و ليس تبقى لهذا و هي تنتهس
و السن ناطقات زانها أدب ما شأنها شأنها بالافة الخرس
حتام يا ذا النهي لا ترعوي سفها و دمع عينيك لا يهمي و ينبجس
موعظة : يا من يرحل في كل يوم مرحلة ، و كتابه قد حوى حتى الخردلة ما ينتفع بالنذير و النذر متصلة ، و لا يصغي إلى ناصح و قد عذله و دروعه مخرقه و السهام مرسلة ، و نور الهدى قد بدا و لكن ما رآه و لا تأمله و هو يؤمل البقا ، و يرى مصير من قد أمله قد انعكف بعد الشيب على العيب بصبابة و وله . كن كيف شئت فبين يديك الحساب و الزلزلة . و نعم جلدك فلا بد للديدان أن تأكله .
فيا عجبا من فتور مؤمن موقن بالجزاء و المسألة استيقن من غرور وبله . و يحك يا هذا من استدعاك و فتح منزله فقد أولاك لو علمت منزله . فبادر ما بقي من عمرك و استدرك أوله . فبقية عمر المؤمن جوهرة قيمة .

عمروعبده 18-07-2010 11:43 AM

المحلل و المحلل له



الكبيرة الخامسة و الثلاثون : المحلل و المحلل له


صح من حديث " ابن مسعود رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم لعن المحلل المحلل له " . قال الترمذي : و العمل على ذلك عند أهل العلم منهم عمر بن الخطاب و عثمان بن عفان ، و عبد الله بن عمر ، و هو قول الفقهاء من التابعين و رواه الإمام أحمد في مسنده و النسائي في سننه أيضاً باسناد صحيح . و " عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : سئل رسول الله صلى الله عليه و سلم عن المحلل فقال : لا ، إلا نكاح رغبة ، لا نكاح دلسة و لا استهزاء بكتاب الله عز و جل حتى يذوق العسيلة " . و رواه أبو اسحاق الجوزاني . و " عن عقبة بن عامر قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ألا أخبركم بالتيس المستعار ؟ قالوا : بلى يا رسول الله . قال : هو المحلل ، لعن الله المحلل و المحلل له " . رواه ابن ماجه بإسناد صحيح . و عن ابن عمر أن رجلاً سأله فقال : ما تقول في امرأة تزوجتها أحلها لزوجها لم يأمرني و لم يعلم ؟ فقال له ابن عمر : لا ، إلا نكاح رغبة إن أعجبتك أمسكتها و إن كرهتها فارقتها ، و إنا كنا نعد هذا سفاحاً على عهد رسول الله صلى الله عليه و سلم . و أما الآثار عن الصحابة و التابعين فقد روى الأثرم و ابن المنذر عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال : لا أوتي بمحلل و لا محلل إلا رجمتها . و سئل عمر بن الخطاب عن تحليل المرأة لزوجها فقال : ـ ذلك السفاح ـ و عن عبد الله بن شريك العامري قال : سمعت ابن عمر رضي الله عنهما و قد سئل عن رجل طلق ابنة عم له ، ثم ندم و رغب فيها ، فأراد رجل أن يتزوجها ليحلها له . فقال ابن عمر : كلاهما زان و إن مكثا عشين سنة أو نحو ذلك إذا كان يعلم أنه يريد أن يحللها . و عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه سأل رجل فقال : ابن عمي طلق امرأته ثلاثاً ثم ندم فقال : ابن عمك عصى ربه فأندمه ، و أطاع الشيطان فلم يجعل له مخرجا .فقال : كيف ترى في رجل يحلها له ؟ فقال : من يخادع الله يخدعه . و قال إبراهيم النخعي : إذا كان نية أحد الثلاثة الزوج الأول أو الزوج الآخر أو المرأة التحليل فنكاح الآخر باطل و لا تحل للأول و قال الحسن البصري : إذا هم أحد الثلاثة بالتحليل فقد أفسد و قال سعيد بن المسيب إمام التابعين في رجل تزوج امرأة ليحلها لزوجها الأول ، فقال لا تحل . و ممن قال بذلك مالك بن أنس ، و الليث بن سعد ، و سفيان الثوري و الإمام أحمد . و قال اسماعيل بن سعيد : سألت الإمام أحمد عن الرجل يتزوج المرأة و في نفسه أن يحللها لزوجها الأول و لم تعلم المرأة بذلك ؟ فقال : هو محلل و إن أراد بذلك الإحلال فهو ملعون ، و مذهب الشافعي رحمه الله : إذا شرط التحليل في العقد بطل العقد ، لأنه عقد بشرط قطعه دون غايته فبطل كنكاح المتعة ، و إن وجد الشرط قبل العقد فالأصح الصحة ، و إن عقد كذلك و لم يشرط في العقد و لا قبله لم يفسد العقد ، و إن تزوجها على أنه إذا أحلها طلقها ففيه قولان أصحهما أن يبطل . و وجه البطلان أنه شرط يمنع صحته دوام النكاح فأشبه التأقيت و هذا هو الأصح في الرافعي . و وجه الثاني أنه شرط فاسد قارن العقد فلا يبطل كما لو تزوجها بشرط أن لا يتزوج عليها و لا يسافر بها و الله أعلم . فنسأل الله أن يوفقنا لما يرضيه ، و يجنبنا معاصيه ، إنه جواد كريم غفور رحيم .


موعظة : لله در قوم تركوا الدنيا قبل تركها ، و أخرجوا قلوبهم بالنفر عن ظلام شكلها ، التقطوا أيام السلامة فغنموا ، و تلذذوا بكلام مولاهم فاستسلموا لأمره و سلموا ، و أخذوا مواهبه بالشكر و تسلموا ، هجروا في طاعته لذيذ الكرى و هربوا إليه من جميع الورى ، و آثروا طاعته ايثار من علم و دري . و رضوا فلم يعترضوا على ما جرى ، و باعوا أنفسهم فيا نعم البيع و يا نعم الشراء أسلموا إليه سلموا الروح ، و خدموه و الصدر لخدمته مشروح ، و قرعوا بابه و إذا الباب مفتوح ، و واصلوا البكا فالجفن بالدمع مقروح ، و قاموا في الأسحار قيام من يبكي و ينوح ، و صبروا على مقطعات الصوف و لبس المسوح ، و راضوا أنفسهم فإذا المذموم ممدوح . تعرفهم بسيماهم عليهم آثار الصدق تلوح ، قد عبقوا بنشر أنسه رائحة ارتياحهم تفوح ، من طيب الثنا روائح لهم بكل مكان تستنشق ، ممسكة النفحات إلا أنها وحشية لسواهم لا تعبق .

عمروعبده 18-07-2010 11:44 AM

الذبح لغير الله عز و جل
الكبيرة الثامنة و الخمسون : الذبح لغير الله عز و جل
مثل من يقول : بسم الشيطان أو الصنم أو باسم الشيخ فلان . قال الله تعالى : " و لا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه " . قال ابن عباس : يريد الميتة و المنخنقة إلى قوله : " و ما ذبح على النصب " . و قال الكلبي : ما لم يذكر اسم الله عليه أو يذبح لغير الله تعالى . و قال عطاء : ينهي عن ذبائح كانت تذبحها قريش و العرب على الأوثان و قوله : " إنه لفسق " يعني : و إن كل ما لم يذكر اسم الله عليه من الميتة فسق أو خروج عن الحق و الدين . " و إن الشياطين ليوحون إلى أوليائهم ليجادلوكم " أي يوسوس الشيطان لوليه فيلقي في قلبه الجدال بالباطل ، و هو أن المشركين جادلوا المؤمنين في الميتة قال ابن عباس : أوحى الشيطان إلى أوليائه من الأنس كيف تعبدون شيئاً لا تأكلون ما يقتل و أنتم تأكلون ما قتلتم ؟ فأنزل الله هذه الآية " و إن أطعتموهم " يعني في استحلال الميتة " إنكم لمشركون " ، قال الزجاج : و في هذا دليل على أن كل من أحل شيئاً مما حرم الله أو حرم شيئاً مما أحل الله فهو مشرك .
فإن قيل : كيف أبحتم ذبيحة المسلم إذا ترك التسمية و الآية كالنص في التحريم ؟ قلت : إن المفسرين فسروا ما لم يذكر اسم الله عليه في هذه الآية بالميتة و لم يحمله أحد على ذبيحة المسلم إذا ترك التسمية و في الآية أشياء تدل أن الآية في تحريم الميتة و منها قوله " و إنه لفسق " و لا يفسق آكل ذبيحة المسلم التارك للتسمية .
و منها قوله " و إن الشياطين ليوحون إلى أوليائهم ليجادلوكم " و المناظرة إنما كانت في الميتة بإجماع من المفسرين لا في ذبيحة تارك التسمية من المسلمين ، و منها قوله " و إن أطعتموهم إنكم لمشركون " و الشرك في استحلال الميتة لا في استحلال الذبيحة التي لم يذكر اسم الله عليها .
و قد أخبرنا أبو منصور بإسناده " عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : سأل رجل رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال : أرأيت الرجل منا يذبح و ينسى أن يسمي الله تعالى ؟ فقال النبي صلى الله عليه و سلم اسم الله على فم كل مسلم " .
و أخبرنا أبو منصور أيضاً بإسناده " عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : يكفيه اسمه و إن نسي يسمي حين يذبح فليسم و يذكر الله ثم ليأكل " .
و " أخبرنا عمرو بن أبي عمرو بإسناده عن عائشة رضي الله عنها أن قوماً قالوا : يا رسول الله إن قوماً يأتونا باللحم لا ندري أذكر اسم الله عليه أم لا ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : سموا عليه و كلوا " ، هذا آخر كلام الواحدي رحمه الله و قد تقدم قوله صلى الله عليه و سلم : " لعن الله من ذبح لغير الله " .

™Myth D™ 18-07-2010 01:22 PM

بارك اللّة فيك وجزاك اللّة كل خير

love ur life 20-07-2010 12:49 PM

ياريت يكون العرض افضل من كدا للاستفاده .مثلا الكبيرة الاولي ................ الكبيره الثانيه.............وهكذا لكن كدا بصراحه انا مش هقرا الموضوع كامل وجزاكم الله كل خير ر ر ر رررررررررر ررررررر رررررررر

ايه كمال 25-07-2010 02:41 PM


shima'a 25-07-2010 05:39 PM

لا اله الا الله سيدنا محمد رسول الله
جزاك الله خيرا

ChihirO 09-08-2010 11:17 PM

موضوع روعة روعة بارك الله فيك


جميع الأوقات بتوقيت GMT +2. الساعة الآن 08:23 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.