بوابة الثانوية العامة المصرية

بوابة الثانوية العامة المصرية (https://www.thanwya.com/vb/index.php)
-   ركن الغـذاء والـدواء (https://www.thanwya.com/vb/forumdisplay.php?f=567)
-   -   الإعجاز فى خلق السموات (https://www.thanwya.com/vb/showthread.php?t=289596)

عمروعبده 22-02-2011 12:04 PM

"والنهار إذا جلاها"

والنهار إذا جلاهــــــا




قال تعالى : (أَأَنتُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمِ السَّمَاء بَنَاهَا {27} رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوَّاهَا {28} وَأَغْطَشَ لَيْلَهَا وَأَخْرَجَ ضُحَاهَا {29} وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا {30} أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءهَا وَمَرْعَاهَا {31} وَالْجِبَالَ أَرْسَاهَا {32} مَتَاعًا لَّكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ {33}) [سورة النازعات].

هذه الآية الكريمة تمثل القسم الثالث بأقرب النجوم إلينا ألا وهي الشمس التي أنزل الله‏(‏تعالى‏)‏ سورة باسمها في محكم كتابه‏,‏ واستهلها بالقسم أربع مرات بهذا النجم الذي جعله‏(‏ تعالى‏)‏ مصدرا للدفء والنور علي الأرض ولغير ذلك من مصادر الطاقة العديدة‏,‏ التي بدونها لم يكن ممكنا لأي شكل من أشكال الحياة الأرضية أن يوجد‏.‏

من هنا يتضح لنا جانب من جوانب الهدف من هذا القسم المغلظ بالشمس‏,‏ والذي يقول فيه ربنا‏(‏ تبارك وتعالى‏):‏

والشمس وضحاها‏*‏ والقمر إذا تلاها‏*‏ والنهار إذا جلاها‏*‏ والليل إذا يغشاها‏*‏

‏(‏الشمس‏:1‏ ــ‏4)‏

ويتلخص هذا الهدف في تنبيه الغافلين من بني البشر إلي أهمية أقرب النجوم إلينا‏,‏ وإلي روعة الإبداع الإلهي في خلقه‏,‏ ودلالة ذلك علي شيء من صفات هذا الخالق العظيم‏,‏ وعلي أنه‏(‏تعالى‏)‏ هو رب هذا الكون ومليكه‏,‏ وإلهه الأوحد وموجده‏,‏ والمتفرد بالسلطان فيه‏,‏ بغير شريك ولاشبيه ولامنازع‏,‏ وعلي أن الخضوع لجلاله بالعبادة‏,‏ والنزول علي أوامره بالاستسلام والطاعة هما من أوجب واجبات الوجود في هذه الحياة‏,‏ لأنهما يمثلان طوق النجاة للعباد في الدنيا والآخرة‏,‏ وإلا فإن الله‏(‏ تعالى‏)‏ غني عن القسم لعباده‏.‏

وصفات الشمس التي أقسم بها ربنا‏(‏ تبارك وتعالى‏)‏ ضمن سلسلة طويلة من القسم بتسع من آياته في الأنفس والآفاق يأتي جواب القسم بها كلها في قول الحق‏(‏سبحانه‏):‏

(قد أفلح من زكاها‏*‏ وقد خاب من دساها‏) ‏(‏ الشمس‏:10,9).‏

بمعني أن فلاح الإنسان قائم علي تزكية نفسه بتقوى الله تعالى‏,‏ والعمل بكتابه الخاتم وبسنة رسوله الخاتم‏(‏ صلي الله عليه وسلم‏),‏ وبالاستعداد ليوم الرحيل من هذه الدنيا‏,‏ وما يستتبعه من حساب وجزاء‏,‏ وخلود في حياة قادمة‏,‏ إما في الجنة أبدا أو في النار أبدا كما علمنا كل أنبياء الله ورسله وعلي رأسهم خاتمهم أجمعين‏(‏ صلي الله وسلم وبارك عليه وعليهم وعلي من تبعه وتبعهم بإحسان إلي يوم الدين‏).‏

وعلي النقيض من ذلك تكون خيبة الإنسان في الدنيا وخسارته في الآخرة إذا لم يحرص علي الإيمان الصادق‏,‏ والعمل الصالح‏,‏ وداوم علي تزكية النفس ومحاسبتها‏,‏ وذلك لأن الإنسان ـ إنطلاقا من غروره وكبره‏,‏ أو من غبائه وجهله ـ عرضة لغواية الشيطان له علي الكفر بالله‏,‏ أو الإشراك في عبادته‏,‏ أو الخوض في معاصي الله‏,‏ ثم يدركه الأجل قبل توبة نصوح يبرأ بها إلي الله فيكون في ذلك خيبته الكبري‏,‏ وخسرانه المبين‏.‏

وهذا هو المحور الرئيسي لسورة الشمس الذي يدور حول طبيعة النفس الإنسانية‏,‏ واستعداداتها الفطرية لقبول أي من الخير والشر‏,‏ لأن الإنسان مخلوق ذو إرادة حرة تمكنه من الاختيار بين هذين السبيلين‏,‏ وعلي أساس من اختياره بإرادته الحرة يكون جزاؤه في الدنيا والآخرة‏.‏

وتختتم سورة الشمس بنموذج من نماذج الأمم التي عصت أوامر ربها‏,‏ وكذبت رسله فكان عقابها ما أنزل الله‏(‏ تعالى‏)‏ بها من عذاب ونكال تستحقه‏,‏ وأمر الله نافذ لامحالة‏,‏ وهو‏(‏ سبحانه‏)‏ لايخشي أحدا فيما يتخذ من قرار لأنه رب هذا الكون ومليكه الذي لايسأل عما يفعل‏.‏وفي ذلك يقول ربنا‏(‏ تبارك وتعالى‏):‏كذبت ثمود بطغواها‏*‏ إذ انبعث أشقاها‏*‏ فقال لهم رسول الله ناقة الله وسقياها‏*‏ فكذبوه فعقروها فدمدم عليهم ربهم بذنبهم فسواها‏*‏ ولايخاف عقباها‏*‏‏(‏ الشمس‏:11‏ ــ‏15)‏

وفي مقالين سابقين قمنا باستعراض القسم بالآيتين الأولي والثانية من سورة الشمس‏,‏ وفي هذا المقال نستعرض دلالة القسم بالآية الثالثة التي يقول فيها ربنا‏(‏عز من قائل‏):‏

والنهار إذا جلاها‏*(‏ الشمس‏:3)‏

وقبل الدخول إلي ذلك لابد من استعراض لدلالة اللفظين‏(‏ النهار‏)‏ و‏(‏جلاها‏)‏ من الناحية اللغوية‏,‏ ومن تلخيص لآراء عدد من المفسرين السابقين في شرح دلالة هذه الآية الكريمة‏.‏



الدلالة اللغوية لألفاظ الآية الكريمة

من أجل فهم الدلالة اللفظية للآية الكريمة التي نحن بصددها‏.‏

لابد من شرح المعني اللغوي‏,‏ للاسم‏(‏ النهار‏)‏ وللفعل‏(‏ جلاها‏).‏

و‏(‏النهار‏)‏ لغة هو ضد الليل‏,‏ وهو نصف اليوم الذي تشرق فيه الشمس‏,‏ وينتشر النور‏,‏ ويعرف بالفترة الزمنية بين طلوع الشمس وغروبها‏,‏ وإن كان في الشريعة الإسلامية هو الفترة الزمنية من طلوع الفجر الصادق إلي غروب الشمس‏.‏

ولفظة‏(‏ النهار‏)‏ لا تجمع كما لا يجمع كثير من الكلمات العربية من مثل السراب والعذاب‏,‏ وإن كان البعض يحاول جمعه علي‏(‏ أنهر‏)‏ للقليل‏,‏ وعلي‏(‏ نهر‏)‏ للكثير‏,‏ وهو نادر الاستعمال‏.‏

ويقال‏(‏ أنهر‏)‏ أي‏:‏ دخل في النهار‏,‏ و‏(‏أنهر‏)‏ الماء جري وسال‏,‏ و‏(‏النهر‏)‏ ــ بسكون الهاء وفتحها ــ واحد‏(‏ الأنهار‏)‏ وهو مجري الماء الفائض المتدفق‏,‏ و‏(‏النهر‏)‏ أيضا هو السعة تشبيها بنهر الماء‏.‏

وقوله‏(‏ تعالى‏):‏ (إن المتقين في جنات ونهر‏)‏(‏القمر‏:54)‏

فسر أهل العلم‏(‏ نهر‏)‏ هنا بالأنهار أو بالضياء‏(‏ والصواب هو‏:‏ بالنور‏)‏ والسعة‏,‏ والمعني الأول أولي لمواءمته لسياق الآية الكريمة‏.‏

ويقال‏(‏ نهر‏)‏ الماء أي‏:‏ جري في الأرض حافرا مجراه جاعلا منه نهرا‏,‏ ويقال‏http://www.ahlathanwya.com/vb/images/smilies/frown.png‏نهر نهر‏)‏ أي كثير الماء‏,‏ وكل كثير جري فقد‏(‏ نهر‏)‏ و‏(‏استنهر‏),‏ ويقال‏(‏ أنهر‏)‏ الدم أي أساله وأرسله‏,‏ ويستخدم الفعل‏(‏نهر‏)(‏ نهرا‏),‏ و‏(‏انتهر‏)(‏ انتهارا‏)‏ بمعني زجر زجرا بغلظة وشدة‏.‏

ويقال في العربية‏http://www.ahlathanwya.com/vb/images/smilies/frown.png‏ جلا‏)(‏ يجلو‏)(‏ جلاء‏)‏ بمعني أوضح وكشف‏,‏ لأن أصل‏(‏ الجلو‏)‏ هو الكشف الظاهر‏,‏ و‏(‏الجلي‏)‏ هو كل ماهو ضد الخفي‏.‏

يقال‏http://www.ahlathanwya.com/vb/images/smilies/frown.png‏جلا‏)‏ لي الخبر‏(‏ يجلوه‏)(‏ جلاء‏)‏ أي وضحه‏,‏ و‏(‏الجلية‏)‏ هي الأخبار اليقينية‏,‏ و‏(‏تجلي‏)‏ بمعني تكشف‏,.‏ و‏(‏انجلي‏)‏ عنه الهم بمعني انكشف‏,‏ و‏(‏جلاه‏)‏ عنه أي أذهبه‏,‏ ولذلك يقال‏,(‏ جلي‏)‏ السيف‏(‏ جلاه‏)(‏ تجلية‏)‏ أي كشفه ويقال‏(‏ جلا‏)‏ السيف‏(‏ يجلوه‏)(‏ جلاء‏(‏ أي صقله‏,,‏ ويقال‏http://www.ahlathanwya.com/vb/images/smilies/frown.png‏ جلا‏)‏ بصره بالكحل‏(‏جلاء‏)‏‏,‏ ولذلك يقال للكحل‏(‏ الجلاء‏).‏

و‏(‏التجلي‏)‏ قد يكون بالذات كما في قوله‏(‏ تعالى‏):‏ والنهار إذا تجلي‏*‏

‏(‏ الليل‏:2)‏



وقد يكون بالأمر والفعل من مثل قوله تعالى‏:‏ (فلما تجلي ربه للجبل جعله دكا وخر موسي صعقا‏)‏(‏ الأعراف‏:143).‏

ويقال‏(‏ جلا‏)‏ العروس‏(‏ يجلوها‏)(‏ جلاء‏)‏ و‏(‏جلوة‏),‏ و‏(‏اجتلاها‏)‏ بمعني نظر إليها‏(‏ مجلوة‏),‏ ويقال‏:‏ فلان ابن‏(‏ جلا‏)‏ أي مشهور‏.‏

و‏(‏الجلاء‏)‏ هو الأمر‏(‏الجلي‏)‏ أي الواضح البين‏,‏ و‏(‏الجلاء‏)‏ أيضا هو الخروج من البلد والإخراج منه‏,‏ يقال‏:‏ لقد‏(‏ جلوا‏)‏ عن أوطانهم ولقد‏(‏ جلاهم‏)‏ أو‏(‏ أجلاهم‏)‏ غيرهم‏(‏ فأجلوا‏)‏ عنها‏,‏ ويقال كذلك‏http://www.ahlathanwya.com/vb/images/smilies/frown.png‏ أجلوا‏)‏ عن الشيء إذا انفرجوا عنه‏.‏



من أقوال المفسرين

في تفسير قوله‏(‏ تعالى‏):‏والنهار إذا جلاها‏*‏

ذكر ابن كثير‏(‏ يرحمه الله‏)‏ مانصه‏:...‏ قال مجاهد‏http://www.ahlathanwya.com/vb/images/smilies/frown.png‏ والصواب هو أنارها‏),‏ وقال قتادة‏:‏ إذا غشيها النهار‏,‏ وتأول بعضهم ذلك بمعني‏:‏ والنهار إذا جلا الظلمة لدلالة الكلام عليها‏.(‏ قلت‏):‏ ولو أن القائل تأول ذلك بمعني‏(‏ والنهار إذا جلاها‏)‏ أي البسيطة لكان أولي‏,‏ ولصح تأويله في قوله‏(‏ تعالى‏)http://www.ahlathanwya.com/vb/images/smilies/frown.png‏ والليل إذا يغشاها‏)‏ فكان أجود وأقوي‏,‏ والله أعلم‏.‏ ولهذا قال مجاهد‏http://www.ahlathanwya.com/vb/images/smilies/frown.png‏ والنهار إذا جلاها‏)‏ إنه كقوله تعالى‏http://www.ahlathanwya.com/vb/images/smilies/frown.png‏ والنهار إذا تجلي‏),‏ وأما ابن جرير فاختار عود الضمير في ذلك كله علي الشمس لجريان ذكرها‏,...‏

‏*‏ وجاء في الجلالين‏(‏ رحم الله كاتبيه‏)‏ ما نصه‏http://www.ahlathanwya.com/vb/images/smilies/frown.png‏ والنهار إذا جلاها‏)‏ بارتفاعه‏(‏ أي‏:‏ ظهرت فيه‏).‏

‏*‏ وذكر صاحب الظلال‏(‏ رحمه الله رحمة واسعة‏)‏ مانصه‏:‏

ويقسم بالنهار إذا جلاها‏..‏ مما يوحي بأن المقصود بالضحى هو الفترة الخاصة لا كل النهار‏..‏ والضمير في‏(‏ جلاها‏)..‏ الظاهر أنه يعود إلي الشمس المذكورة في السياق‏..‏ ولكن الإيحاء القرآني يشي بأنه ضمير هذه البسيطة‏.‏ وللأسلوب القرآني إيحاءات جانبية كهذه مضمرة في السياق لأنها معهودة في الحس البشري يستدعيها التعبير استدعاء خفيا‏.‏ فالنهار يجلي البسيطة ويكشفها‏.‏ وللنهار في حياة الإنسان آثاره التي يعلمها‏.‏ وقد ينسي الإنسان بطول التكرار جمال النهار وأثره‏.‏ فهذه اللمسة السريعة في مثل هذا السياق توقظه وتبعثه للتأمل في هذه الظاهرة الكبرى‏.‏

‏*‏ وجاء في صفوة البيان لمعاني القرآن‏(‏ رحم الله كاتبه برحمته الواسعة‏)‏ ما نصه‏http://www.ahlathanwya.com/vb/images/smilies/frown.png‏ والنهار إذا جلاها‏)‏ أي جلي الشمس وأظهرها‏,‏ فإنها تتجلي إذا انبسط النهار ومضت منه مدة‏,‏ وهو وقت الضحى والضحاء‏.‏ وقيل‏:‏ جلي الدنيا‏,‏ أي وجه الأرض وما عليه‏.‏

‏*‏ وذكر أصحاب المنتخب في تفسير القرآن الكريم‏(‏ جزاهم الله خيرا‏)‏ ما نصه‏:‏وبالنهار إذا أظهر الشمس واضحة غير محجوبة‏.‏

‏*‏ وجاء في صفوة التفاسير‏(‏ جزي الله كاتبه خيرا‏)‏ ما نصه‏:‏

‏(‏والنهار إذا جلاها‏)‏ أي وأقسم بالنهار إذا جلا ظلمة الأرض بضيائه وكشفها بنوره‏,‏ وقال ابن كثير‏:‏ إذا جلا البسيطة وأضاء الكون بنوره‏.‏

النهار في القرآن الكريم

ورد ذكر النهار في مقابلة الليل في القرآن الكريم سبعا وخمسين‏(57)‏ مرة‏,‏ منها أربع وخمسون‏(54)‏ مرة بلفظ النهار‏,‏ وثلاث‏(3)‏ مرات بلفظ نهارا‏,‏ كذلك وردت ألفاظ الصبح والإصباح‏,‏ وبكرة‏,‏ والفلق والضحى ومشتقاتها بمدلول النهار أو بمدلول أجزاء منه في آيات أخري كثيرة‏,‏ كما وردت كلمة اليوم أحيانا بمعني النهار‏.‏

وذلك من مثل قوله‏(‏ تعالى‏):‏

ــ قال موعدكم يوم الزينة وأن يحشر الناس ضحي‏*‏‏(‏ طه‏:59)‏

ــ يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلي ذكر الله وذروا البيع ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون‏*‏

‏(‏ الجمعة‏:9)‏

ــ أياما معدودات فمن كان منكم مريضا أو علي سفر فعدة من أيام أخر‏..*‏

‏(‏ البقرة‏:184)‏

ــ فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجعتم‏....*‏

‏(‏ البقرة‏:196).‏

ــ فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام‏...*‏

‏(‏ المائدة‏:89).‏

ــ سخرها عليهم سبع ليالي وثمانية أيام حسوما‏...*‏

‏(‏ الحاقة‏:7).‏

ــ‏...‏ وقدرنا فيها السير سيروا فيها ليالي وأياما آمنين‏*‏

‏(‏ سبأ‏:18)‏

والنهار في القرآن الكريم يمتد من الفجر الصادق إلي الغروب وذلك لقول الحق‏(‏ تبارك وتعالى‏):‏

وأقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل‏...*‏‏(‏ هود‏:114)‏



الدلالة العلمية للآية الكريمة

في الآيات الأربع الأولي من سورة الشمس يقول ربنا‏(‏ تبارك وتعالى‏):‏

والشمس وضحاها‏*‏ والقمر إذا تلاها‏*‏ والنهار إذا جلاها‏*‏ والليل إذا يغشاها‏*‏

وضمير الغائب في هذه الآيات يعود علي الشمس كما هو واضح من سياق السورة الكريمة‏,‏ ومن قواعد اللغة العربية‏,‏ ومن شروح المفسرين الذين لم تختلف شروحهم إلا في تفسير قول الله‏(‏ تعالى‏):‏ والنهار إذا جلاها فأعادوا ضمير الغائب هنا مرة إلي الشمس‏,‏ ومرة إلي الظلمة‏,‏ وثالثة إلي البسيطة أي الأرض‏,‏ وذلك لأن الناس قد درجوا عبر التاريخ علي فهم أن طلوع الشمس هو الذي يجلي ظلمة الليل وينير وضح النهار‏.‏

فكيف يمكن أن يكون النهار هو الذي يجلي الشمس؟

ولكن في مطلع الستينيات من القرن العشرين بدأ نشاط ريادة الفضاء‏,‏ وفوجيء هؤلاء الرواد بحقيقة مذهلة مؤداها أن الكون يغشاه الظلام الدامس في غالبية أجزائه‏,‏ وأن طبقة النهار المنيرة عبارة عن حزام رقيق جدا لايتعدي سمكه مائتي كيلو متر فوق مستوي سطح البحر‏,‏ يغلف نصف الأرض المواجه للشمس ويتحرك علي سطحها بمعدل دورانها حول محورها أمام الشمس‏,‏ وأنه بمجرد تجاوز تلك الطبقة الرقيقة من نور النهار تبدو الشمس قرصا أزرق باهتا في صفحة سوداء حالكة السواد‏,‏ وكذلك تتضح مواقع النجوم بنقاط زرقاء باهتة لا تكاد تري‏.‏

وبدراسة هذه الظاهرة المبهرة والتي سبق للقرآن الكريم أن أشار إليها من قبل ألف وأربعمائة سنة بقول الحق‏(‏ تبارك وتعالى‏):‏ ولو فتحنا عليهم بابا من السماء فظلوا فيه يعرجون‏*‏ لقالوا إنما سكرت أبصارنا بل نحن قوم مسحورون‏(‏ الحجر‏:15,14).‏

ــ وبقوله‏(‏ سبحانه‏):‏ وآية لهم الليل نسلخ منه النهار فإذا هم مظلمون‏*‏

‏(‏ يس‏:37).‏

ــ وبقوله‏(‏ عز من قائل‏):‏

أأنتم أشد خلقا أم السماء بناها‏*‏ رفع سمكها فسواها‏*‏ وأغطش ليلها وأخرج ضحاها‏*‏‏(‏ النازعات‏:27‏ ــ‏29)‏

وفي محاولة لتفسير السبب في ظلمة الكون ونور طبقة النهار المحدودة بحدود نصف الأرض المواجه للشمس وبسمك لايتعدي المائتي كيلو متر أتضح أن الغالبية العظمي من أشعة الشمس هي أشعة غير مرئية‏,‏ وأن الجزء المرئي منها لا يري إلا بعد انعكاسه وتشتته لمرات عديدة علي عدد من الأجسام من مثل جزيئات العناصر والمركبات المكونة للطبقة الدنيا من الغلاف الغازي للأرض‏,‏ وما بها من هباءات الغبار‏,‏ وقطيرات الماء‏,‏ وبخاره‏.‏

ولما كان الغلاف الغازي للأرض تتضاءل كثافته بالارتفاع حتى لا تكاد أن تدرك‏,‏ كما يتضاءل محتواه من هباءات الغبار والرطوبة بصفة عامة‏,‏ توقفت عمليات تشتيت ضوء الشمس وعكسه علي المائتي كيلو متر السفلي من هذا الغلاف الغازي فقط والتي يري فيها نور النهار‏,‏ وبقي الكون في ظلام دامس‏,‏ وبقي موقع الشمس علي هيئة قرص أزرق وسط هذا الظلام‏,‏ كما بقيت مواقع النجوم نقاطاً زرقاء باهتة في بحر غامر من ظلمة الكون الشاملة ويؤكد ذلك تناقص ضغط الغلاف الغازي للأرض من نحو الكيلو جرام على السنتيمتر المربع عند مستوى سطح البحر إلى أقل من واحد من المليون من هذا الضغط في الأجزاء العليا من غلاف الأرض الغازي‏,‏وتحت مثل هذه الضغوط التي لا تكاد أن تدرك تبدأ مكونات الجزئيات في هذا الغلاف الغازي في التفكك إلى ذراتها وأيوناتها بفعل الأشعة الكونية القادمة من الشمس ومن غيرها من نجوم السماء‏,‏ ويساعد على قلة الضغط سيادة الغازات الخفيفة من مثل الإيدروجين والهيليوم على حساب الغازات الأثقل نسبياً من مثل الأوكسجين والنيتروجين‏,‏ ويعين علي تخلخل الهواء الارتفاع الشديد في درجات الحرارة التي تصل إلي أكثر من ألفي درجة مئوية في الجزء المسمي بالنطاق الحراري‏,‏ وفي النطاق الخارجي من الغلاف الغازي للأرض‏,‏ وعلي ذلك فإن الجزء المرئي من موجات الإشعاع الشمسي لا تكاد تجد ما تنعكس أو تتشتت عليه فلا تري إلا في المائتي كيلو متر السفلي من الغلاف الغازي للأرض حيث تتوفر جسيمات الانعكاس والتشتت فيتضح هذا النور الأبيض الجميل الذي يميز فترة النهار على الأرض والذي يعطي بتقدير من الله الخالق لكل شيء لونه من مثل السماء‏,‏ والشمس‏,‏ والسحاب‏,‏ وماء البحر وغيره وذلك بسبب تحلل هذا النور الأبيض إلي أطيافه السبعة وامتصاص بعضها‏,‏ وعكس البعض الآخر‏,‏ ومعني ذلك أن النهار وهو الذي يجلي لنا الشمس‏,‏ أي يجعلها واضحة جلية لأحاسيس المشاهدين من أهل الأرض‏,‏ وليس العكس كما ظل الناس يعتقدون عبر التاريخ‏,‏ فلولا طبقة النهار‏(‏ وهي المائتي كيلو متر السفلي من الغلاف الغازي الملاصق لنصف الأرض المواجه للشمس‏)‏ ومابه من كثافة غازية‏,‏ ورطوبة‏,‏ وهباءات غبارية ما تجلت لنا الشمس أبدا‏,.‏ وهذه حقيقة علمية لم يدركها الإنسان إلا بعد ريادة الفضاء‏.‏

ولذلك يصف القرآن الكريم النهار بأنه مبصر في أكثر من آية وذلك من مثل قوله‏(‏ تعالى‏):‏

(ألم يروا أنا جعلنا الليل ليسكنوا فيه والنهار مبصرا إن في ذلك لآيات لقوم يؤمنون‏)(‏النمل‏:86).‏

ويصف الصبح بأنه هو الذي يسفر أي ينير وينكشف فيقول‏(‏ سبحانه‏):‏

(والليل إذ أدبر‏*‏ والصبح إذا أسفر)‏‏(‏ المدثر‏:33).‏

ويصف النهار بأنه هو الذي يتجلي فيقول

‏(‏ عز من قائل‏):‏والليل إذا يغشي‏*‏ والنهار إذا تجلي‏*‏‏(‏ الليل‏:2,1)‏

أشعة الشمس

تنتج الطاقة في الشمس من عملية الاندماج النووي لنوي كل أربع ذرات من غاز الإيدروجين لتنتج نواة واحدة من نوي ذرات الهيليوم‏,‏ ولما كانت كتلة ذرة الإيدروجين تساوي‏1,0078‏ وحدة ذرية فإن كتلة أربع ذرات منها تساوي

‏1,0078*4=4,0312‏ وحدة ذرية‏.‏

ولما كانت كتلة ذرة الهيليوم‏=4,003‏ وحدة ذرية‏.‏ فإن الفرق بين كتلة ذرات الإيدروجين الأربع المندمجة مع بعضها البعض‏,‏ وكتلة ذرة الهيليوم الناتجة عن هذا الاندماج وهو عبارة عن‏00,0282‏ وحدة ذرية ينطلق علي هيئة طاقة مما يشير إلي تساوي كل من المادة والطاقة‏.‏



وتبعث هذه الطاقة في كميات متتابعة تسمي الفوتونات‏(‏ جمع فوتون‏)‏ في موجات كهرومغناطيسية لا تختلف عن بعضها البعض إلا في طول موجة كل منها ومعدل ترددها‏,‏ تعرف باسم أطياف الموجات الكهرومغناطيسية‏.‏

فالطيف الكهرومغناطيسي عبارة عن سلسلة متصلة من مجموعات تلك الأمواج المكونة من الفوتونات والتي لا تختلف فيما بينها إلا في سرعة تردداتها‏,‏ وأطوال موجاتها‏.‏

وتتفاوت موجات الطيف الكهرومغناطيسي في أطوالها بين جزء من مليون مليون جزء من المتر بالنسبة لأقصرها وهي أشعة جاما‏,‏ وبين عدة كيلو مترات بالنسبة لأطولها وهي موجات الراديو‏(‏ أو الموجاات اللاسلكية‏),‏ ويأتي بين هذين الحدين عدد من الموجات التي تترتب حسب تزايد طول الموجة من القصير إلي الطويل علي النحو التالي‏:‏ الأشعة السينية‏,‏ والأشعة فوق البنفسجية‏,‏ والأشعة المرئية‏,‏ والأشعة تحت الحمراء‏.‏

أما الإشعاعات المرئية فيتراوح طولها الموجي بين‏(0,4‏ و‏0,7)‏ ميكرون‏(‏ والميكرون‏=‏ جزء من مليون جزء من المتر‏)‏ وتميز عين الإنسان من أطياف الضوء المرئي‏:‏ الأحمر‏,‏ والبرتقالي‏,‏ والأصفر‏,‏ والأخضر‏,‏ والأزرق‏,‏ والنيلي‏,‏ والبنفسجي‏.‏

والطيف الضوئي في الحقيقة عبارة عن عدد لا نهائي من الألوان المتدرجة في التغير‏,‏ وإن كانت عين الإنسان لا تستطيع أن تميز منها إلا هذه الألوان السبعة فقط‏.‏

والطيف الأحمر هو أطول موجات الضوء المرئي وأقلها تردداً‏,‏ بينما الطيف البنفسجي هو أقصرها وأعلاها تردداً‏.‏

والمسافة بين قمتين متجاورتين للموجة يعرف باسم طول الموجة‏,‏ وعدد مرات ارتفاع وانخفاض الموجة في الثانية الواحدة يعرف باسم تردد الموجة‏,‏ وحاصل ضرب الرقمين ثابت ويساوي سرعة الضوء‏(‏ حوالي‏300,000‏ كيلو متر في الثانية‏).‏

وكل موجات الطيف الكهرومغناطيسي لها صفات الضوء المرئي إلا أنها لا ترى فهي قابلة للانعكاس‏,‏ وقادرة علي الانكسار وعلى التحرك في الفراغ‏,‏ على عكس الموجات الصوتية التي لا تتحرك في الفراغ‏.‏

والأشعة الصادرة من الشمس تمثل كل موجات الطيف الكهرومغناطيسي من أقصرها وهي أشعة جاما إلي أطولها وهي موجات الراديو‏,‏ وأغلبها أشعة غير مرئية لعين الإنسان‏,‏ وهي متداخلة تداخلا شديدا مع بعضها البعض ولذلك لا يري الضوء الأبيض إلا بعد العديد من عمليات الانعكاس والتشتت لأشعة الشمس علي ملايين الجسيمات الصلبة والسائلة والغازية الموجودة في الطبقة الدنيا من الغلاف الغازي للأرض من مثل هباءات الغبار‏,‏ وبخار الماء وقطراته‏,‏ وجزيئات الغازات المختلفة من مثل النيتروجين والأوكسجين وثاني أوكسيد الكربون‏,‏ فالضوء المنظور لابد من انعكاسه وتشتته حتى يمكن لعين الإنسان أن تراه‏.‏

وهنا يتضح لنا جانب من الجوانب العلمية في هذا القسم القرآني‏:‏ والنهار إذا جلاها لأن الذي يجلي الشمس لعين الإنسان هو كثرة انعكاس الضوء الصادر منها إلي الأرض وتشتته على الجسيمات الصلبة والسائلة والغازية الموجودة بتركيز معين في نطاق الجزء الأسفل من الغلاف الغازي للأرض‏(‏ إلي ارتفاع مائتي كيلو متر تقريبا فوق مستوي سطح البحر‏)‏ وباقي المسافة بيننا وبين الشمس‏(‏ والمقدرة بحوالي‏150‏ مليون كيلو متر في المتوسط‏)‏ بل باقي الجزء المدرك لنا من الكون يغرق في ظلام دامس بالنسبة لعين الإنسان التي تري الشمس خارج نطاق طبقة نور النهار قرصا أزرقا في صفحة سوداء‏.‏ وهذه الطبقة الرقيقة من نور النهار تدور مع دوران الأرض حول محورها أمام الشمس وعندما يدخل ضوء الشمس إلي الطبقة الدنيا من الغلاف الغازي للأرض فإنه يتعرض للعديد من عمليات الانعكاس والتشتت‏,‏ فيعطي لكل من السحاب والشمس والسماء والبحر لونه الخاص به‏,‏ وهذا معناه ان النهار هو الذي يجلي لنا الشمس أي يجعلها واضحة جلية لأحاسيس المشاهدين لها من أهل الأرض‏,‏ وليست الشمس هي التي تجلي لنا النهار كما كان يعتقد كل الناس عبر التاريخ حتي بدء رحلات الفضاء في منتصف الستينيات من القرن العشرين‏.‏

وعلي ذلك فإن هذه الآية وحدها تكفي لإقامة الحجة علي أهل عصرنا ـ عصر التقدم العلمي والتقني الذي نعيشه ـ بأن القرآن الكريم لا يمكن أن يكون صناعة بشرية‏,‏ بل هو كلام الله الخالق الذي أنزله بعلمه‏,‏ علي خاتم أنبيائه ورسله‏,‏ وحفظه بحفظه وإرادته وقدرته‏,‏ بنفس لغة وحيه‏(‏ اللغة العربية‏)‏ علي مدي أربعة عشر قرنا وإلي أن يرث الله الأرض ومن عليها‏,‏ محتفظا بروعة أسلوبه وجمال آياته‏,‏ وضبط حروفه وكلماته وسمو دعوته ووضوح اشراقاته بجلال الربوبية المتلألئة بين كلماته‏,‏ وبصدق حديث الخالق عن خلقه‏,‏ وبكمال ما جاء به من دين‏,‏ ودقة ما رواه من سير الأولين‏,‏ وتحقق نبوءاته التي جاءت كعين اليقين‏,‏ وروعة وقعه علي أسماع وعقول وقلوب المستمعين‏,‏ وجميل خطابه إلي كل ذي عقل سليم‏..!!‏

وقد جاء كل ذلك في زمن لم يكن للإنسان فيه نصيب من العلم الكوني‏,‏ وفي بيئة لم يتوافر فيها شيء من ذلك‏,‏ وظل العالم لقرون لا يعرف حقيقة ان النهار هو الذي يجلي لنا الشمس حتي بدأت رحلات الفضاء وفهم عدد محدود من العلماء طبيعة المادة ومساواتها بالطاقة‏,‏ وبناء المركبات من جزيئات المادة‏,‏ وبناء الجزيئات من الذرات‏,‏ وبناء الذرة من نواة في الوسط تحمل أغلب كتلة الذرة وفيها الجسيمات الموجبة‏(‏ البروتونات‏)‏ والمتعادلة‏(‏ النيوترونات‏)‏ ويدور حولها عدد مكافيء من الجسيمات السالبة‏(‏ الاليكترونات‏),‏ ويتكون كل جسيم من هذه الجسيمات من لبنات بناء أقل عرفت باسم اللبنات الأولية للمادة التي بدأ اكتشافها يتوالى حتى تم اكتشاف جسيمات كسرية الشحنة يعرف أحدها باسم الكوارك‏,‏ وتم اكتشاف تلك الكواركات‏

(Quarks)‏ في منتصف الستينيات من القرن العشرين‏,‏ ثم في سنة‏1984‏م تم اقتراح نظرية الأوتار الفائقة‏ (The Superstrings Throry)‏ والتي تفترض أن اللبنات الأولية للمادة تتكون من أوتار متناهية الضآلة‏,‏ فائقة الدقة‏,‏ سريعة الاهتزاز وذلك في محاولة لتوحيد القوي الثلاث في الذرة وهي القوة الكهرومغناطيسية‏,‏ والقوة النووية الشديدة والضعيفة‏,‏ وهناك آمال عريضة لدي علماء العصر في ضم قوي الجاذبية إلي هذه القوي الثلاث في قوة واحدة تعبر عن وحدة الخالق الأعظم‏.‏

ونظرية الأوتار فائقة الدقة التي تصور اللبنات الأولية للمادة علي أنها مكونة من أوتار متناهية الضآلة في الحجم‏,‏ فائقة الدقة في الحركة والاهتزاز‏,‏ تصور تلك الجسيمات علي هيئة حلقات من أوتار رنينية دقيقة جدا بدلا من أن تكون علي هيئة نقاط مادية‏,‏ وأن الاهتزازات الرنينية المختلفة لتلك الأوتار هي التي تحدد ملامح الجسيم الأولي للمادة من حيث الكتلة والشحنة‏,‏ وهي بذلك تؤكد التساوي بين المادة والطاقة وتعتبرهما وجهان لعملة واحدة تؤكد وحدانية الخالق العظيم‏.‏ كما تدعم تحول المادة في قلب الشمس إلي طاقة‏,‏ وانبثاق تلك الطاقة علي هيئة أطياف من الموجات الكهرومغناطيسية المتداخلة والتي تتحلل في النطاق السفلي من الغلاف الغازي للأرض فيعطينا هذا الضوء الأبيض المرئي الذي ينير نهار الأرض ويجلي لنا الشمس‏.‏

فسبحان الذي أنزل هذه الآية القرآنية المعجزة والنهار إذا جلاها

التي تؤكد أن فترة النهار التي تعتري نصف الأرض المواجه للشمس بسمك لا يتعدي المائتي كيلو متر فوق مستوي سطح البحر بما فيها من هباءات الغبار‏,‏ والرطوبة‏,‏ وكثافة الغازات‏,‏ هي التي تعكس موجات الضوء المنظور من أشعة الشمس وتشتته فيظهر لنا بهذا النور الأبيض المبهج ويجلي لنا الشمس‏.‏

وهي حقيقة استغرقت جهود الآلاف من العلماء والعشرات من القرون حتي أمكن لعدد قليل من العلماء أن يتعرفوا عليها‏,‏ وورودها في كتاب الله الذي أنزل من قبل ألف وأربعمائة سنة بهذا الوضوح القطعي لمما يجزم بأن القرآن الكريم هو كلام الله الخالق‏,‏ وأن النبي الخاتم الذي تلقاه كان موصولا بالوحي ومعلما من قبل خالق السماوات والأرض‏,‏ فصلي الله وسلم وبارك عليه وعلي آله وصحبه أجمعين والحمد لله رب العالمين‏.‏

المصدر:

بحث للدكتور زغلول النجار نشر على جريدة الأهرام بتاريخ الاثنين /3/ جمادي الآخر 1423هـ العدد 42252 السنة 2002م

عمروعبده 22-02-2011 12:05 PM

ضيق الصدر عند الصعود في السماء

ضيق الصدر عند الصعود في السماء




إن الإعجاز العلمي في القرآن الكريم يتجلى في الآية الكريمة : {فّمّن يٍرٌدٌ اللَّهٍ أّن يّهًدٌيّهٍ يّشًرّحً صّدًرّهٍ لٌلإسًلامٌ ومّن يٍرٌدً أّن يٍضٌلَّهٍ يّجًعّلً صّدًرّهٍ ضّيٌَقْا حّرّجْا كّأّّنَّمّا يّصَّعَّدٍ فٌي السَّمّاءٌ كّذّلٌكّ يّجًعّلٍ اللَّهٍ الرٌَجًسّ عّلّى الذٌينّ لا يٍؤًمٌنٍونّ} (الأنعام:125).

بدأت منذ حوالي مائتي عام تقريباً ( 1786 م) أبحاث كثيرة في طبقات الجو العليا ، وتأثيرها على الإنسان .

ومن حوالي مائة عام تقريباً ( 1878 م ) ظهرت أبحاث أكثر تقدماً في (فسيولوجيا) الجسم ، وتأثره في طبقات الجو العليا .

وإذا نظرنا إلى القرآن الكريم الذي نزل منذ أكثر من أربعة عشر قرناً على نبينا وسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم نجد قوله تعالى : {فّمّن يٍرٌدٌ اللَّهٍ أّن يّهًدٌيّهٍ يّشًرّحً صّدًرّهٍ لٌلإسًلامٌ ومّن يٍرٌدً أّن يٍضٌلَّهٍ يّجًعّلً صّدًرّهٍ ضّيٌَقْا حّرّجْا كّأّّنَّمّا يّصَّعَّدٍ فٌي السَّمّاءٌ} (الأنعام:125).

قد تضمن الحقائق التي أثبتتها هذه الأبحاث في إيجاز وإعجاز (1).

والقرآن الكريم قد حث على العلم، فأول آية نزلت فيه تدعو للعلم ، فقد جاء فيها الأمر بالقراء ة ، ثم الدعوة للتعلم بالقلم ، قال تعالى : {اقًرأً بٌاسًمٌ رّبٌَكّ الذٌي خّلّقّ (1) خّلّقّ الإنسّانّ مٌنً عّلّقُ (2) \قًرّأً ورّبٍَكّ الأّكًرّمٍ (3) الذٌي عّلَّمّ بٌالًقّلّمٌ (4) عّلَّمّ الإنسّانّ مّا لّمً يّعًلّمً (5)} [العلق].

وفي طب الطيران والفضاء نجد بيانا واضحاً للآية الكريمة السابقة، من خلال عرض مبسط لتكوين الغلاف الجوي وطبقاته وتأثيره (فسيولوجيا) على الإنسان.

تكوين الغلاف الجوي وتقسيمه « فسيولوجياً » :

1 . منطقة كافية « فسيولوجيا » ( من سطح البحر إلى ارتفاع 10000 قدم ( :

يستطيع الإنسان في هذه المنطقة من الغلاف الجوي أن يعيش طبيعياً، فكمية الأوكسجين الموجودة تكفي

« فسيولوجياً » لحياة الإنسان.

2 . منطقة غير كافية « فسيولوجياً » ( من ارتفاع 10000 قدم إلى 50000 قدم ):

حيث لاحظ العلماء أنه يوجد نقص في كمية الأوكسجين في هذه المنطقة ، بالإضافة إلى الانخفاض في الضغط الجوي ، وينتج عن ذلك آثار واضحة على «فسيولوجيا» جسم الإنسان ، فتظهر أعراض نقصان الأوكسجين (هيبوكسيا) وأعراض انخفاض الضغط الجوي (ديسباريزم ) .

3 . منطقة الفضاء التقريبي ( من ارتفاع 50 ألف قدم إلى حوالي 633 ألف قدم ):

حيث لايمكن للإنسان من الناحية « الفسيولوجية » أن يعيش في ارتفاع ( 50000 قدم) فأكثر ، حتى لو تنفس 100% أوكسجين، بل لابد له أن يرتدي ملابس الفضاء المجهزة ، لكي يتحمل الانخفاض في الضغط الجوي ، ونقص الأوكسجين في هذه الارتفاعات.

ظــاهرة نقصان « الأوكسجين » ( هيبوكسيا) :

تحدث هذه الظاهرة لراكب الطائرة بسبب نقصان الأوكسجين في الأنسجة عند فشل الأجهزة في ضبط الضغط داخل الطائرة حينما تكون في الارتفاعات العالية ، ويعبر عن هذا بانخفاض الضغط الجوي للأكسجين، حيث تنخفض كمية الأوكسجين في الهواء المستنشق ، ولا تنضبط كميته .

ويتركب الهواء المستنشق من الآتي :

95ر20% غاز أوكسيجين .

09ر78% غاز نيتروجين.

03ر00% غاز ثاني أوكسيد الكربون .

الباقي: غازات غير هامة بالنسبة لوظائف الجسم .

في هذا الخليط من الغازات - الهواء المستنشق - من المستحسن أن نتكلم عن الضغط الجوي للغاز ، وهو العامل المؤثر لأي غاز في خليط من الغازات ، والضغط الجوي للأوكسجين في الحويصلات الهوائية هو العامل المؤثر الأساسي في الجسم، لأنه هو العامل الذي يتحكم في كمية الأوكسجين التي تصل إلى الدم .

ويجب أن نعلم أنه من الثابت علميا: كلما ارتفعنا في الجو كلما قل الضغط الجوي وبالتالي الضغط الجوي للأوكسجين ، لذلك إذا استنشق أوكسجين نقي 100% على ارتفاع (33700 قدم) فإن الضغط الجوي للأوكسجين في الحويصلات الهوائية يمثل نفس النسبة، كما لو استنشق الهواء على مستوى سطح البحر .

عندما نصل إلى ارتفاعات (40000 قدم) فإن الضغط الجوي للأوكسيجين يهبط بسرعة إلى مستوى يشكل خطورة على الحياة، ولا يدع أجهزة الجسم المختلفة في حالتها الطبيعية.

والارتفاع الحرج الذي يهبط فيه الضغط إلى 87مم/زئبق هو 50000 قدم، وهنا حتى لو تم استنشاق الأوكسيجين 100% فإنه لا يفي بتاتا بحاجة الجسم من الأوكسيجين . (شكل 2).



مراحل أعراض ظاهرة نقص الأوكسجين :

وتنقسم إلى أربعة مراحل تتعلق بالضغط الجوي، ومستوى الارتفاع، ونسبة تركيز الأوكسيجين في الدم.

1 . مرحلة عدم الـتـغيير(من مســتوى ســطــح الـبـحـر إلى ارتفاع 10000 قـدم ) في هذه المرحلة لاتوجد أعراض ظاهرة لنقص الأوكسجين ولاتتأثر الرؤية بالنهار.

2 . مرحلة التكافؤ « الفسيولوجي » ( من ارتفاع 10000 قدم إلى 16000 قدم ).

تعمل أجهزة التكافؤ « الفسيولوجي » في هذه المرحلة على عدم ظهور أعراض نقص الأوكسجين ، إلا إذا طالت مدة التعرض لهذا النقص ، أو قام الفرد بمجهود جسماني في هذه الظروف فتبدأ عملية التنفس في الازدياد عدداً وعمقاً، ويزيد النبض وضغط الدم ، وكذلك سرعة الدورة الدموية .

3 . مرحلة الاختلال « الفسيولوجي » (من ارتفاع 16000 قدم إلى 25000 قدم ).

في هذه المرحلة لاتفي أجهزة التكافؤ «الفسيولوجي » بالمطلوب ، ولاتستطيع توريد الكمية الكافية من « الأوكسجين» للأنسجة ، وهنا يبدأ ظهور الأعراض.

وفي هذه المرحلة نجد تفسيراً واضحاً لضيق الصدر الذي يشعر به الإنسان عندما يصعد إلى هذه الارتفاعات، وهو بيان يتفق مع ما تشير إليه الآية الكريمة من شعور الإنسان بضيق الصدر عندما {يصّعد في السماء} أي: في طبقات الجو العليا .

إن الآية الكريمة ذكرت أن ضيقا يحدث بالصدر عند الصعود في السماء ، أي : الارتفاعات العالية ، وقد وجد الأطباء في أبحاثهم على الطيارين أن الإنسان يشكو في هذه المرحلة من الإجهاد والصداع، والشعور بالرغبة في النوم، وصعوبة التنفس ، وضيق الصدر ، وهذا يتفق مع ما ورد في الآية الكريمة .

إن قوله تعالى : {... يجعلْ صدره ضيقاً } يقدم لنا - بإشارة دقيقة ، وكلمات معجزة - شرحاً لما يحدث «فسيولوجياً» للإنسان في الارتفاعات العالية ، وهي إشارة تسترعي انتباه الطبيب المتخصص في طب الطيران والفضاء، وقد تخفى على القارئ العادي .

والحقائق العلمية في هذه الآية الكريمة لم يصل إليها الأطباء إلا بعد بحث واجتهاد دام عشرات السنين .

4 . المرحلة الحرجة من ارتفاع (25000 قدم) فأعلى في هذه المرحلة يفقد الإنسان الوعي تماماً بسبب فشل الجهاز العصبي .

وما يحدث للإنسان عندما يواصل الارتفاع في طبقات الجو العليا ويصل إلى مرحلة حرجة هو تفسير ماجاء في قوله تعالى : {ضيقاً حرجاً كأنما يصّعّد في السماء} .

ويتحقق التوافق بين معنى الآية الكريمة ، والثابت في حقائق العلم الحديث ، من خلال الدلالة الواضحة في الأعراض التي تصيب الإنسان عند التعرض لنقص « الأوكسجين » في هذه المرحلة من الارتفاع ، فالتغييرات التي تحدث بالصدر ( أي الجهاز التنفسي ، والقلب ) تصل أقصاها .

وبعد هذه الحالة يحدث فشل كامل في وظائفهما «الفسيولوجية » نتيجة العبء الملقى عليهما ، ويصاحبهما فشل في الجهاز العصبي نتيجة التعرض للنقص الشديد في ضغط «الأوكسجين » وكميته الموجودة في الارتفاعات العالية من الغلاف الجوي كما تقدم .

وهنا يتأكد لنا أن القرآن الكريم أخبر عن أمور علمية لم تكن معروفة زمن نزوله على رسول الله [ ، وإنما أظهرها التقدم العلمي فيما بعد .

ظاهرة انخفاض الضغط الجوي ( ديسباريزم ):

وفيها تحدث مجموعة من الأعراض التي تنتج عن تمدد حجم الغازات وزيادتها في جسم الإنسان عند تعرضه لانخفاض الضغط الجوي في الارتفاعات العالية ( السماء ) . وتحدث لركاب الطائرات عندما تفشل أجهزة ضبط الضغط داخل الطائرة.



أعراض ظاهرة انخفاض الضغط الجوي

تنقسم أعراض هذه الظاهرة إلى قسمين :

الأول : أعراض نتيجة تمدد الغازات المحبوسة في تجاويف الجسم ، وهذه يحكمها قانون « بويل للغازات » (1).

الثاني : أعراض نتيجة تصاعد الغازات الذائبة في خلايا الجسم على هيئة فقاعات ـــ وهي أساساً غاز «النيتروجين » - عند تعرض الإنسان للارتفاعات العالية وانخفاض الضغط الجوي ، وهذه يحكمها قانون هنري للغازات (2) ، وغاز النيتروجين الذي يوجد في جسم الإنسان يصل حجمه تقريبا إلى لتر واحد يوجد منه 75 سم3 ذائبة في الدم والباقي في الأنسجة.

ويلاحظ أن الدهون لها قابلية شديدة للنيتروجين (تسعة أضعاف الدم والأنسجة الأخرى ) كذلك يجب أن نلاحظ أن الجهاز العصبي به نسبة عالية من الدهون.

وبهذا يستبين لنا الآثار السلبية الناتجة عن انفلات تلك الغازات على هيئة فقاعات لدى الصعود في أعالي الفضاء.

أعراض القسم الأول ( الغازات المحبوسة ) :

1 . غازات بالجهاز الهضمي :

المعدة : إذا زاد حجم الغازات الموجودة داخل المعدة فإنها تتمدد وتضغط على الرئتين مسببة اضطراباً شديداً في التنفس ، وهو تفسير واضح لضيق الصدر عندما يصعد الإنسان في السماء .

القولون : وتسبب زيادة حجم الغازات بالقولون حدوث آلام شديدة بالبطن مما يتسبب في شعور الإنسان بالضيق.

2 . غازات داخل الرئتين :

تتمدد الغازات في الرئتين عند الارتفاع ويزداد حجمهاوتخرج مع الزفير .

وإذا أغلق الإنسان حلقه أثناء الارتفاع المفاجئ فإن أنسجة الرئتين تصاب بالتهتك وتتمزق بسبب ضغط تلك الغازات المتمددة .

3 . غازات داخل الأسنان والضروس : تُحدث آلاماً شديدة عند تمددها .

4 . غازات بالأذن الوسطى : زداد حجم الغازات في الأذن الوسطى مسببة آلاماً شديدة .

5 . غازات بالجيوب الأنفية : يزداد حجم الغازات في الجيوب الأنفية وتُحدث آلاماً بها.

أعراض القسم الثاني ( الغازات المتصاعدة ) :

وتـظـهـر هذه الأعـراض نتيجـة تصاعـد الغازات الذائــبـة في خلايا الجــــسم ـ النيتروجين ـ على هيئة فقاعات عند الارتفاعات العالية .

1 . آلام المفاصل :

تُحدث الغازات المتصاعدة آلاماً شديدة في المفاصل .

2 . الاخـــتناق :

تحدث آلام شديدة بالصدر ويشعر الإنسان بضيق شديد عند تعرضه للضغط الجوي المنخفض - حين صعوده في الارتفاعات العالية - وقد لوحظ أنه يصاحب هذا الشعور بالضيق في الصدر سعال جاف مؤلم ، وآلام في التنفس العميق ، وهذا نتيجة تصاعد فقاعات «النيتروجين» من أنسجة الرئتين حول الشعيرات الدموية وداخلها، وكذلك تأثر « العصب الحائر » كما ذكرت الآية الكريمة :{ومن يرد أن يضله يجعلْ صدره ضيقاً} .

فقد ذكرت كلمة ( الصدر ) - الذي يحتوي داخله على الجهاز التنفسي ، والقلب ، والجهاز الدوري - على أنه مكان الشعور ( بالضيق ) عند الصعود ( في السماء ) أي : الارتفاعات العالية .

وقد أثبت العلم أن هذا مايحدث لراكب الطائرة عندما يتعرض للضغط الجوي المنخفض في الارتفاعات العالية.

3 . الجلـد : تُحدِث فيه الغازات المتصاعدة تحسّسا ( ارتكاريا ) وفقاعات تحت الجلد .

4 . الجهاز العصبي : تتأثر الرؤية ، ومجال النظر ، وقد يحدث شلل جزئي أو شامل ؛ بسبب تصاعد تلك الغازات.

5 . الهبوط الدوري العصبي : في هذه الحالة يحدث صداع ، وإغماء ، وصدمة عصبية ، وزرقة في الجسم ، وهذه هي نهاية المرحلة الحرجة التي ذكرتها الآية الكريمة {حرجاً كأنما يصّعّد في السماء} وهي تؤدي إلى الوفاة .

وإن هذا الوجه من الإعجاز العلمي في القرآن الكريم من أبرز ما اهتدى إليه الإنسان في العصر الحديث ... عصر العلم والمعرفة .

وكلما انتشر العلم واتسعت مجالاته ظهر من أوجه

الإعجاز العلمي في القرآن الكريم مايجعل الناس على اختلاف ألسنتهم وألوانهم يسارعون إلى الدخول في دين الله أفواجا .

وصدق ربنا الكريم : {إنً هٍوّ إلاَّ ذٌكًرِ لٌَلًعّالّمٌينّ * ولّتّعًلّمٍنَّ نّبّأّهٍ بّعًدّ حٌينُ *} [سورة ص: 87، 88].

المصدر:

بحث علمي للدگتور / صـــلاح الــدين المـغـربي المستشار في طب الطيران معهد طب الطيران ـ فامبرا ـ بريطانيا عضو جمعية طب الطيران والفضاء بالولايات المتحدة كلية الأطباء الملكية ـ لندن ـ كلية الجراحين الملكية ـ بريطانيا

عمروعبده 22-02-2011 12:07 PM

والصبح إذا تنفس إشارة قرآنية إلى عملية التركيب الضوئي

والصبح إذا تنفس




قال الله تعالى في كتابه العزيز : (فَلَا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ {15} الْجَوَارِ الْكُنَّسِ {16} وَاللَّيْلِ إِذَا عَسْعَسَ {17} وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ {18}إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ ) [سورة التكوير].



يقسم الله سبحانه وتعالى بقوله : " والصبح إذا تنفس " والواو هنا للقسم والعظيم لا يقسم إلا بعظيم، ففي هذه آية أقسم الله سبحانه بالصبح إذا تنفس وفي هذه العبارة يشبه الله سبحانه وتعالى عملية بدأ ظهور الشمس في الأفق (الصبح )بإنسان بدأ بأخذ النفس أي أخذ شهيق بعد استراحة أو سبات مؤقت عند الزفير وكما نعلم أن عملية التنفس هي من أهم العمليات الحيوية التي تقوم بها الكائنات الحية حيث يقوم الإنسان من خلال هذه العملية بإدخال الهواء الغني بالأوكسجين إلى الرئتين( الشهيق) حيث تقوم الرئتين بامتصاص الأوكسجين وطرح ثاني أكسيد الكربون وهذه العملية هامة جداً لجسم الإنسان ولا يستطيع إي إنسان أن يستغني عنها أكثر من دقائق معدودة وتوقفها يعني الموت المحقق حيث يستفيد الجسم من الأوكسجين في حرق الغذاء وإنتاج الطاقة التي تبعث الحياة في خلايا الجسم وأنسجته ففي الصباح عند بدأ ظهور الشمس ( الصبح ) تبدأ عملية غاية في الأهمية والتعقيد هي عملية التركيب الضوئي حيث تقوم النباتات بأخذ غاز ثاني أكسيد الكربون ( الغاز المؤذي الذي لا يستطيع الإنسان استهلاكه ) من الهواء وتطرح غاز الأوكسجين بدلاً عنه.

إن الأوكسجين الذي نتنفسه والذي هو المصدر الأساسي للحياة إنه المُنتج الرئيسي في عملية التركيب الضوئي .

إن 30% من الأوكسجين الموجود في الجو تنتجه النباتات على الأرض والـ 70% المتبقية تنتجها النباتات والأحياء الوحيدة الخلية في البحار والمحيطات وهذه العملية لا يمكن ملاحظتها بالعين المجردة، لأن هذه الآلية تستخدم الإلكترونات والذرات والجزيئات ومع ذلك نستطيع رؤية نتائج عملية التركيب الضوئي من خلال الأوكسجين الذي يجعلنا قادرون على التنفس والغذاء الذي يحافظ على حياتنا.

التركيب الضوئي هو نظام معقد يستخدم صيغ كيميائية ووحدات من الوزن على نطاق ضيق جداً، ويحتوي على تجهيزات دقيقة الحساسية جداً.

يوجد ملايين الملايين من المختبرات الكيميائية التي تقوم بهذه العملية في كل النباتات الخضراء حولنا وعلاوة على ذلك تصنع النباتات الأوكسجين الذي نتنفسه والطعام الذي نتناوله ونستمد منها الطاقة ولم تتوقف هذه العلمية منذ ملايين السنين.

العبارة " إذا تنفس " هي دلالة واضحة على عملية التمثيل الضوئي حيث شبه الله سبحانه الصبح وهو بدأ طلوع الشمس في الأفق بإنسان أخذ نفساً وهو إشارة واضحة إلى تلازم إنتاج الأوكسجين مع طلوع الشمس وأن بدأ هذه عملية التنفس الحيوي أو التركيب الضوئي تبدأ مع بدأ طلوع الشمس

وتتأكد أهمية هذه الظاهرة بالطريقة التي أقسم بها الله والطريقة التي حددها الله لعملية التركيب الضوئي.

وإن الإشارة إلى هذه الظاهرة ( التمثيل الضوئي ) وتشبيهها بالتنفس دلالة على أهميتها فهي كأهمية التنفس بالنسبة إلى الإنسان فلا يمكن للأرض الاستغناء عنها فبدونها سوف تتحول الأرض إلى خراب لا حياة فيها كالقمر .

كما أن استعمال (إذا) تدل على تلازم بدأ عملية التركيب الضوئي مع بدأ طلوع الشمس كما أن ترتيب كلمات الآية حيث ذكر الله طلوع ضوء الشمس أولاً ثم بدأ عملية التنفس بشكل مرتب وهذا ما يتطابق مع عملية التركيب الضوئي وإنتاج الضوء فبدون هذا الترتيب لا يمكن أن تتم عملية التنفس الحيوي للنبات أو التركيب الضوئي ثم إنتاج الأوكسجين .

وهناك لفتة رائعة فكما أن الطفل حينما يولد فإنه يبدأ بأخذ شهيق أثناء البكاء للتنفس فالتنفس هو بداية لحياته كذلك النهار حينما يولد يبدأ بالتنفس

عملية التركيب الضوئي التي تقوم بها النباتات وأحياناً تقوم بها بكيريا وأحياء وحيدة الخلية تستخدم أشعة الشمس لكي تنتج سكر ( كاربوهيدات ) من غاز ثاني أوكسيد الكربون والماء وكنتيجة لهذه المعادلة فإن الطاقة في أشعة الشمس تخزن داخل السكر المنتج وهذه الصيغة تلخص المعادلة التي تحدث العملية التي تنتقل بها الطاقة الشمسية الغير مستخدمة إلى طاقة كيميائية قابلة للاستخدام :

® c6h12o6+6o2 عملية التركيب الضوئي 6h2o+6co2®

بقلم فراس نور الحق محرر موسوعة الإعجاز العلمي في القرآن والسنة

تم الاستفادة من أبحاث الداعية التركي هارون يحيى في إعداد هذا البحث

عمروعبده 22-02-2011 12:09 PM

الدخان الكوني

الدخان الكوني




قال الله تعالى http://www.ahlathanwya.com/vb/images/smilies/frown.png ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاء وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ اِئْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ) (فصلت : 11).
في الثلث الأول من القرن العشرين لاحظ الفلكيون عملية توسع الكون التي دار من حولها جدل طويل حتى سلم العلماء بحقيقتها‏,‏ وقد سبق القرآن الكريم بالإشارة إلى تلك الحقيقة قبل ألف وأربعمائة سنة بقول الحق‏(‏تبارك وتعالى‏):‏ (وَالسَّمَاء بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ {47} وَالْأَرْضَ فَرَشْنَاهَا فَنِعْمَ الْمَاهِدُونَ) ‏(‏ الذاريات‏:47)‏.

وكانت هذه الآية الكريمة قد نزلت والعالم كله ينادي بثبات الكون‏,‏ وعدم تغيره‏,‏ وظل هذا الاعتقاد سائدا حتي منتصف القرن العشرين حين أثبتت الأرصاد الفلكية حقيقة توسع الكون‏,‏ وتباعد مجراته عنا‏,‏ وعن بعضها البعض بمعدلات تقترب أحيانا من سرعة الضوء‏(‏ المقدرة بنحو ثلاثمائة ألف كيلو متر في الثانية‏),‏ وقد أيدت كل من المعادلات الرياضية وقوانين الفيزياء النظرية استنتاجات الفلكيين في ذلك‏.‏

وانطلاقا من هذه الملاحظة الصحيحة نادي كل من علماء الفلك‏,‏ والفيزياء الفلكية والنظرية بأننا إذا عدنا بهذا الاتساع الكوني إلى الوراء مع الزمن فلابد أن تلتقي كل صور المادة والطاقة الموجودة في الكون‏(‏المدرك منها وغير المدرك‏)‏ وتتكدس علي بعضها البعض في جرم ابتدائي واحد يتناهى في الصغر إلى ما يقرب الصفر أو العدم‏,‏ وتنكمش في هذه النقطة أبعاد كل من المكان والزمان حتى تتلاشي‏(‏مرحلة الرتق‏).‏
وهذا الجرم الابتدائي كان في حالة من الكثافة والحرارة تتوقف عندهما كل القوانين الفيزيائية المعروفة‏,‏ ومن ثم فإن العقل البشري لا يكاد يتصورهما‏,‏ فانفجر هذا الجرم الأولي بأمر الله‏(‏تعالى‏)‏ في ظاهرة يسميها العلماء عملية الانفجار الكوني العظيم ، ويسميها القرآن الكريم باسم الفتق فقد سبق القرآن الكريم كل المعارف الإنسانية بالإشارة إلى ذلك الحدث الكوني العظيم من قبل ألف وأربعمائة من السنين بقول الحق‏(‏تبارك وتعالى‏)http://www.ahlathanwya.com/vb/images/smilies/frown.png أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاء كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ) ‏(‏الأنبياء‏:30)‏.
وتشير دراسات الفيزياء النظرية في أواخر القرن العشرين إلى أن جرما بمواصفات الجرم الابتدائي للكون عندما ينفجر يتحول إلى غلالة من الدخان الذي تخلقت منه الأرض وكل أجرام السماء‏,‏وقد سبق القرآن الكريم بألف وأربعمائة سنة كل المعارف الإنسانية وذلك بإشارته إلى مرحلة الدخان في قول الحق‏(‏ تبارك وتعالى‏):

(قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَندَادًا ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ {9}وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِن فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاء لِّلسَّائِلِينَ {10} ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاء وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ اِئْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ) ‏(‏فصلت‏:9‏ ــ‏11)‏.
وفي‏8‏ نوفمبر سنة‏1989‏ م أطلقت وكالة الفضاء الأمريكية‏ مركبة فضائية باسم مكتشف الخلفية الاشعاعية للكون وذلك في مدار علي ارتفاع ستمائة كيلومتر حول الأرض بعيدا عن تأثير كل من السحب والملوثات في النطق الدنيا من الغلاف الغازي للأرض‏,‏ وقد قام هذا القمر الصنعي بإرسال ملايين الصور والمعلومات إلى الأرض عن آثار الدخان الأول الذي نتج عن عملية الانفجار العظيم للكون من علي بعد عشرة مليارات من السنين الضوئية‏,‏ وهي حالة دخانية معتمة سادت الكون قبل خلق الأرض والسماوات‏,‏ فسبحان الذي أنزل من قبل ألف وأبعمائة سنة قوله الحق‏:‏ (ثم استوي إلى السماء وهي دخان فقال لها وللأرض إئتيا طوعا أو كرها قالتا أتينا طائعين)‏(‏ فصلت‏:11).‏

دخانية السماء بعد الانفجار الكوني العظيم‏(‏ أي بعد فتق الرتق‏):‏
بعد التسليم بحقيقة توسع الكون‏,‏ وبرد ذلك التوسع إلى الوراء مع الزمن حتي الوصول إلى جرم ابتدائي واحد متناه في الضآلة حجما إلى الصفر أو ما يقرب من العدم‏,‏ ومتناه في الكثافة والحرارة إلى حد لا يكاد العقل الانساني أن يتخيله‏,‏ لتوقف كل قوانين الفيزياء المعروفة عنده‏(‏مرحلة الرتق‏),‏ وبعد التسليم بانفجار هذا الجرم الابتدائي‏(‏ مرحلة الفتق‏)‏ في ظاهرة كونية يسميها العلماء الانفجار الكوني الكبير بدأ كل من علماء الفلك والفيزياء الفلكية والنظرية في تحليل مسار الأحداث الكونية بعد هذا الحدث الكوني الرهيب‏.‏
ومع إيماننا بان تلك الأحداث الموغلة في تاريخ الكون تقع في صميم الغيب الذي أخبر ربنا‏(‏تبارك وتعالى‏)‏ عنه بقوله‏(‏ عز من قائل‏)http://www.ahlathanwya.com/vb/images/smilies/frown.pngما أشهدتهم خلق السماوات والأرض ولا خلق أنفسهم وما كنت متخذ المضلين عضدا)‏(‏ الكهف‏:51)‏، إلا أن السنن التي فطر الله‏(‏ تعالي‏)‏ الكون عليها لها من الاطراد‏,‏ والاستمرار‏,‏ والثبات‏,‏ ما يمكن أن يعين الانسان علي الوصول إلى شيء من التصور الصحيح لتلك الأحداث الغيبية الموغلة في أبعاد التاريخ الكوني علي الرغم من حس الانسان المحدود‏,‏ وقدرات عقله المحدودة‏,‏ ومحدودية كل من زمانه ومكانه‏.‏
كذلك فان التقنيات المتطورة من مثل الصواريخ العابرة لمسافات كبيرة في السماء‏,‏ والأقمار الصنعية التي تطلقها تلك الصواريخ‏,‏ والأجهزة القياسية والتسجيلية الدقيقة التي تحملها قد ساعدت علي الوصول إلى تصوير الدخان الكوني الأول الذي نتج عن عملية الانفجار العظيم‏,‏ والذي وجدت بقايا أثرية له علي أطراف الجزء المدرك من الكون‏,‏ وعلي أبعاد تصل إلى عشرة مليارات من السنين الضوئية لتثبت دقة التعبير القرآني بلفظة دخان التي وصف بها حالة الكون قبل خلق السماوات والأرض‏.‏

الفيزياء الفلكية ودخانية الكون‏:‏
بعد الانفجار العظيم تحول الكون الى غلالة من الدخان الذى خلقت منه الارض والسماوات . و تشير الحسابات الفيزيائية إلى أن حجم الكون قبل الانفجار العظيم كاد يقترب من الصفر‏,‏ وكان في حالة غريبة من تكدس كل من المادة والطاقة‏,‏ وتلاشي كل من المكان والزمان‏,‏ تتوقف عندها كل قوانين الفيزياء المعروفة‏(‏ مرحلة الرتق‏),‏ ثم انفجر هذا الجرم الابتدائي الأولي في ظاهرة كبري تعرف بظاهرة الانفجار الكوني العظيم مرحلة الفتق وبانفجاره تحول إلى كرة من الإشعاع والجسيمات الأولية أخذت في التمدد والتبرد بسرعات فائقة حتي تحولت إلى غلالة من الدخان‏.‏
فبعد ثانية واحدة من واقعة الانفجار العظيم تقدر الحسابات الفيزيائية انخفاض درجة حرارة الكون من تريليونات الدرجات المطلقة إلى عشرة بلايين من الدرجات المطلقة‏[‏ ستيفن و‏.‏ هوكنج‏1988‏ م]
وعندها تحول الكون إلى غلالة من الدخان المكون من الفوتونات والإلكترونات والنيوترينوات واضداد هذه الجسيمات مع قليل من البروتونات والنيوترونات. ولولا استمرار الكون في التوسع والتبرد بمعدلات منضبطة بدقة فائقة لأفنت الجسيمات الأولية للمادة وأضدادها بعضها بعضا‏,‏ وانتهي الكون‏,‏ ولكنه حفظ بحفظ الله الذي أتقن كل شيء خلقه‏.‏ والنيوترونات يمكن أن توجد في الكون علي هيئة ما يسمي باسم المادة الداكنة .وينادي آلان جوث بأن التمدد عند بدء الانفجار العظيم كان بمعدلات فائقة التصور أدت إلى زيادة قطر الكون بمعدل‏2910‏ مرة في جزء من الثانية ‏,‏ وتشير حسابات الفيزياء النظرية إلى الاستمرار في انخفاض درجة حرارة الكون إلى بليون‏(‏ ألف مليون‏)‏ درجة مطلقة بعد ذلك بقليل‏,‏ وعند تلك الدرجة اتحدت البروتونات والنيوترونات لتكوين نوي ذرات الإيدروجين الثقيل أو الديوتريوم التي تحللت إلى الإيدروجين أو اتحدت مع مزيد من البروتونات والنيوترونات لتكون نوي ذرات الهيليوم‏(Helium Nuclei)‏ والقليل من نوي ذرات عناصر أعلي مثل نوي ذرات الليثيوم ونوي ذرات البريليوم ‏,‏ ولكن بقيت النسبة الغالبة لنوي ذرات غازي الأيدروجين والهيليوم‏,‏ وتشير الحسابات النظرية إلى أنه بعد ذلك بقليل توقف إنتاج كل من الهيليوم والعناصر التالية له‏,‏ واستمر الكون في الاتساع والتمدد والتبرد لفترة زمنية طويلة‏,‏ ومع التبرد انخفضت درجة حرارة الكون إلى آلاف قليلة من الدرجات المطلقة حين بدأت ذرات العناصر في التكون والتجمع وبدأ الدخان الكوني في التكدس علي هيئة أعداد من السدم الكونية الهائلة‏.‏

ومع استمرار عملية الاتساع والتبرد في الكون بدأت أجزاء من تلك السدم في التكثف علي ذاتها بفعل الجاذبية وبالدوران حول نفسها بسرعات متزايدة بالتدريج حتي تخلقت بداخلها كتل من الغازات المتكثفة‏,‏ ومع استمرار دوران تلك الكتل الكثيفة في داخل السدم بدأت كميات من غازي الإيدروجين والهيليوم الموجودة بداخلها في التكدس علي ذاتها بمعدلات أكبر‏,‏ مما أدي إلى مزيد من الارتفاع في درجات حرارتها حتي وصلت إلى الدرجات اللازمة لبدء عملية الاندماج النووي فتكونت النجوم المنتجة للضوء والحرارة‏.‏
وفي النجوم الكبيرة الكتلة استمرت عملية الاندماج النووي لتخليق العناصر الأعلي في وزنها الذري بالتدريج مثل الكربون والأوكسيجين وما يليهما حتي يتحول لب النجم بالكامل إلى الحديد فينفجر هذا النجم المستعر‏(Nova)‏ علي هيئة فوق المستعر وتتناثر أشلاء فوق المستعرات وما بها من عناصر ثقيلة في داخل المجرة لتتكون منها الكواكب والكويكبات‏,‏ بينما يبقي منها في غازات المجرة ما يمكن أن يدخل في بناء نجم آخر بإذن الله‏.‏
وتحتوي شمسنا علي نحو‏2%‏ من كتلتها من العناصر الأثقل في أوزانها الذرية من غازي الإيدروجين والهيليوم‏,‏ وهما المكونان الأساسيان لها‏,‏ وهذه العناصر الثقيلة لم تتكون كلها بالقطع في داخل الشمس بل جاءت إليها من بقايا انفجار بعض من فوق المستعرات‏.‏

وعلي الرغم من تكدس كل من المادة والطاقة في أجرام السماء‏(‏ مثل النجوم وتوابعها‏)‏ فان الكون المدرك يبدو لنا متجانسا علي نطاق واسع‏,‏ في كل الاتجاهات‏,‏ وتحده خلفية إشعاعية متساوية حيثما نظر الراصد‏.‏
كذلك فان توسع الكون لم يتجاوز بعد الحد الحرج الذي يمكن أن يؤدي إلى انهياره علي ذاته‏,‏وتكدسه من جديد‏,‏ مما يؤكد أنه محكوم بضوابط بالغة الدقة والاحكام‏,‏ ولا يزال الكون المدرك مستمرا في توسعه بعد أكثر من عشرة مليارات من السنين‏(‏هي العمر الأدني المقدر للكون‏)‏ وذلك بنفس معدل التوسع الحرج‏,‏ ولو تجاوزه بجزء من مئات البلايين من المعدل الحالي للتوسع لانهار الكون علي الفور‏,‏ فسبحان الذي حفظه من الانهيار‏..!!‏

والنظرية النسبية لا يمكنها تفسير ذلك لأن كل القوانين الفيزيائية‏,‏ وكل الأبعاد المكانية والزمانية تنهار عند الجرم الابتدائي للكون قبل انفجاره‏(‏ مرحلة الرتق‏)‏ بكتلته‏,‏ وكثافته وحرارته الفائقة‏,‏ وانعدام حجمه إلى ما يقرب من الصفر‏,‏ ولا يمكن لعاقل أن يتصور مصدرا لخلق هذا الكون بهذا القدر من الإحكام غير كونه أمرا من الخالق‏(‏ سبحانه وتعالى‏) الذي (إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُون)‏(‏ يس‏:82)‏.
فعلي سبيل المثال لا الحصر يذكر علماء الفيزياء أنه إذا تغيرت الشحنة الكهربائية للإليكترون قليلا‏,‏ ما استطاعت النجوم القيام بعملية الاندماج النووي‏,‏ ولعجزت عن الانفجار علي هيئة ما يسمي بفوق المستعر إذا تمكنت فرضا من القيام بعملية الاندماج النووي‏.‏
والمعدل المتوسط لعملية اتساع الكون لابد وأنه قد اختير بحكمة بالغة لأن معدله الحالي لا يزال قريبا من الحد الحرج اللازم لمنع الكون من الانهيار علي ذاته‏.‏
ويقرر علماء الفيزياء النظرية والفلكية أن الدخان الكوني كان خليطا من الغازات الحارة المعتمة التي تتخللها بعض الجسيمات الأولية للمادة وأضداد المادة حتى تشهد هذه الصورة من صور الزوجية السائدة في الكون لله وحده بالتفرد بالوحدانية فوق كافة خلقه‏,‏ ولا توجد كلمة توفي هذه الحالة حقها من الوصف مثل كلمة دخان فسبحان الذي أنزلها في كتابه من قبل ألف وأربعمائة من السنين‏.‏
وقد تكونت من تلك الجسيمات الأولية للمادة في الدخان الكوني الأولي نوي ذرات غازي الإيدروجين والهيليوم‏,‏ وبعد ذلك وصلت إلى الحد الذي يسمح بتكوين ذرات ثابتة لعناصر أكبر وزنا وذلك باتحاد نوي ذرات الإيدروجين والهيليوم‏.‏ وظل هذا الدخان المعتم سائدا ومحتويا علي ذرات العناصر التي خلق منها بعد ذلك كل من الأرض والسماء‏.‏

وتفيد الدراسات النظرية أن الكون في حالته الدخانية كان يتميز بقدر من التجانس مع تفاوت بسيط في كل من الكثافة ودرجات الحرارة بين منطقة وأخرى‏,‏ وذلك نظرا لبدء تحول أجزاء من ذلك الدخان بتقدير من الله‏(‏ تعالي‏)‏ إلى مناطق تتركز فيها كميات كبيرة من كل من المادة والطاقة علي هيئة السدم‏.‏ ولما كانت الجاذبية في تلك المناطق تتناسب تناسبا طردياً مع كم المادة والطاقة المتمركزة فيها‏,‏ فقد أدي ذلك إلى مزيد من تكدس المادة والطاقة والذي بواسطته بدأ تخلق النجوم وبقية أجرام السماء في داخل تلك السدم‏,‏ وتكونت النجوم في مراحلها الأولي من العناصر الخفيفة مثل الإيدروجين والهيليوم‏,‏ والتي أخذت في التحول إلى العناصر الأعلى وزنا بالتدريج مع بدء عملية الاندماج النووي في داخل تلك النجوم حسب كتلة كل منها‏.‏

تصوير الدخان الكوني
في الثامن من نوفمبر سنة‏1989‏ م أطلقت وكالة الفضاء الأمريكية مركبة باسم مكتشف الخلفية الإشعاعية للكون التي ارتفعت إلى مدار حول الأرض يبلغ ارتفاعه ستمائة كيلومتر فوق مستوي سطح البحر‏,‏ وذلك لقياس درجة حرارة الخلفية الإشعاعية للكون‏,‏ وقياس كل من الكثافة المادية والضوئية والموجات الدقيقة في الكون المدرك‏,‏ بعيدا عن تأثير كل من السحب والملوثات في النطق الدنيا من الغلاف الغازي للأرض‏,‏ وقام هذا القمر الصنعي المستكشف بإرسال قدر هائل من المعلومات وملايين الصور لآثار الدخان الكوني الأول الذي نتج عن عملية الانفجار العظيم للكون‏,‏ من علي بعد عشرة مليارات من السنين الضوئية‏,‏ وأثبتت تلك الصور أن هذا الدخان الكوني في حالة معتمة تماما تمثل حالة الإظلام التي سادت الكون في مراحله الأولى‏.‏



هذه الصورة التقطت للإشعاع الخلفي للكون ( Back ground radiation ) البقع الحمراء تمثل المناطق الحارة والزرقاء تمثل المناطق الباردة

ويقدر العلماء كتلة هذا الدخان المعتم بحوالي‏90%‏ من كتلة المادة في الكون المنظور‏,‏ وكتب جورج سموت أحد المسئولين عن رحلة المستكشف تقريرا نشره سنة ‏1992‏ م بالنتائج المستقاة من هذا العدد الهائل من الصور الكونية كان من أهمها الحالة الدخانية المتجانسة التي سادت الوجود عقب الانفجار الكوني العظيم‏,‏ وكذلك درجة الحرارة المتبقية علي هيئة خلفية اشعاعية أكدت حدوث ذلك الانفجار الكبير‏,‏ وكان في تلك الكشوف أبلغ الرد علي النظريات الخاطئة التي حاولت ــ من منطلقات الكفر والإلحاد ــ تجاوز الخلق‏,‏ والجحود بالخالق‏(‏سبحانه وتعالى‏)‏ فنادت كذبا بديمومة الكون بلا بداية ولا نهاية من مثل نظرية الكون المستمر التي سبق أن أعلنها ودافع عنها كل من هيرمان بوندي ‏ وفريد هويل في سنة‏1949‏ م‏,‏ ونظرية الكون المتذبذب‏ التي نادي بها ريتشارد تولمان من قبل‏..‏ فقد كان في إثبات وجود الدخان الكوني والخلفية الإشعاعية للكون بعد إثبات توسع الكون ما يجزم بأن كوننا مخلوق له بداية ولابد أن ستكون له في يوم من الأيام نهاية‏,‏ وقد أكدت الصور التي بثتها مركبة المستكشف‏ للخلفية الإشعاعية والتي نشرت في ابريل سنة‏1992‏ م كل تلك الحقائق‏.‏

تكوين نوى المجرات من الدخان الكوني
كان الجرم الابتدائي للكون مفعما بالمادة والطاقة المكدسة تكديسا رهيبا يكاد ينعدم فيه الحجم إلى الصفر‏,‏ وتتلاشي فيه كل أبعاد المكان والزمان‏,‏ وتتوقف كل قوانين الفيزياء المعروفة لنا كما سبق وأن أشرنا‏(‏ مرحلة الرتق‏),‏ وبعد انفجار هذا الجرم الأولي وبدء الكون في التوسع‏,‏ تمدد الإشعاع وظل الكون مليئا دوما بالطاقة الكهرمغناطيسية‏,‏ علي أنه كلما تمدد الكون قل تركيز الطاقة فيه‏,‏ ونقصت كثافته‏,‏ وانخفضت درجة حرارته‏.‏

وأول صورة من صور الطاقة في الكون هي قوة الجاذبية، وهي قوي كونية بمعني أن كل جسم في الكون يخضع لقوي الجاذبية حسب كتلته أو كمية الطاقة فيه‏,‏ وهي قوي جاذبة تعمل عبر مسافات طويلة‏,‏ وتحفظ للجزء المدرك من الكون بناءه وأبعاده ولعلها هي المقصودة بقول الحق‏(‏ تبارك وتعالى‏)http://www.ahlathanwya.com/vb/images/smilies/smile.png‏ اللّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لأَجَلٍ مُّسَمًّى يُدَبِّرُ الأَمْرَ يُفَصِّلُ الآيَاتِ لَعَلَّكُم بِلِقَاء رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ ‏...)(‏ الرعد‏:2)‏ وقوله‏(‏ عز من قائل‏):‏ ( أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُم مَّا فِي الْأَرْضِ وَالْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَيُمْسِكُ السَّمَاء أَن تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُوفٌ رَّحِيم)‏(‏ الحج‏:65).‏

وقوله‏(‏ سبحانه وتعالى‏):‏ (وَمِنْ آيَاتِهِ أَن تَقُومَ السَّمَاء وَالْأَرْضُ بِأَمْرِهِ ثُمَّ إِذَا دَعَاكُمْ دَعْوَةً مِّنَ الْأَرْضِ إِذَا أَنتُمْ تَخْرُجُونَ)‏(‏ الروم‏:25).‏

وقوله‏(‏ تبارك اسمه‏):‏ (خَلَقَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا ‏...)(‏لقمان‏:10).‏

وقوله‏(‏ تعالي‏):‏ (إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَن تَزُولَا وَلَئِن زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِّن بَعْدِهِ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا ‏)(‏ فاطر‏:41).‏
ويقسم ربنا‏(‏ تبارك وتعالى‏)‏ وهو الغني عن القسم في مطلع سورة الطور بـ السقف المرفوع وهذا القسم القرآني جاء بالسماء المرفوعة بغير عمد مرئية‏..!!‏
والصورة الثانية من صور الطاقة المنتشرة في الكون هي القوي الكهربائية‏/‏المغناطيسية‏(‏ أو الكهرومغناطيسية‏) وهي قوي تعمل بين الجسيمات المشحونة بالكهرباء‏,‏ وهي أقوي من الجاذبية بملايين المرات‏(‏ بحوالي‏4110‏ مرة‏),‏ وتتمثل في قوي التجاذب بين الجسيمات التي تحمل شحنات كهربية مختلفة‏(‏ موجبة وسالبة‏),‏ كما تتمثل في قوي التنافر بين الجسيمات الحاملة لشحنات كهربية متشابهة‏,‏ وتكاد هذه القوي من التجاذب والتنافر يلغي بعضها بعضا‏,‏ وعلي ذلك فان حاصل القوي الكهرومغناطيسية في الكون يكاد يكون صفرا‏,‏ ولكن علي مستوي الجزيئات والذرات المكونة للمادة تبقي هي القوي السائدة‏.‏

والقوي الكهرومغناطيسية هي التي تضطر الاليكترونات في ذرات العناصر إلى الدوران حول النواة بنفس الصورة التي تجبر فيها قوي الجاذبية الأرض‏(‏ وغيرها من كواكب المجموعة الشمسية‏)‏ إلى الدوران حول الشمس‏,‏ وإن دل ذلك علي شيء فإنما يدل علي وحدة البناء في الكون من أدق دقائقه إلى أكبر وحداته‏,‏ وهو ما يشهد للخالق‏(‏ سبحانه وتعالى‏)‏ بالوحدانية المطلقة بغير شريك ولا شبيه ولا منازع‏.‏

ويصور الفيزيائيون القوي الكهرومغناطيسية علي أنها تنتج من تبادل أعداد كبيرة من جسيمات تكاد تكون معدومة الوزن تسمي بالفوتونات والقوي الثالثة في الكون هي القوي النووية القوية وهي القوي التي تمسك باللبنات الأولية للمادة في داخل كل من البروتونات والنيوترونات في نواة الذرة‏,‏ وهذه القوي تصل إلى أقصي قدرتها في المستويات العادية من الطاقة‏,‏ ولكنها تضعف مع ارتفاع مستويات الطاقة باستمرار‏.‏

والقوة الرابعة في الكون هي القوي النووية الضعيفة وهي القوي المسئولة عن عملية النشاط الإشعاعي وفي الوقت الذي تضعف فيه القوي النووية القوية في المستويات العليا للطاقة‏,‏ فان كلا من القوي النووية الضعيفة والقوي الكهرومغناطيسية تقوي في تلك المستويات العليا للطاقة‏.‏

وحدة القوي في الكون
يوحد علماء الفيزياء النظرية بين كل من القوي الكهرومغناطيسية‏,‏ والقوي النووية القوية والضعيفة فيما يسمي بنظرية التوحد الكبرى والتي تعتبر تمهيدا لنظرية أكبر توحد بين كافة القوي الكونية في قوة عظمي‏,‏ واحدة تشهد لله الخالق بالوحدانية المطلقة‏,‏ وعن هذه القوة العظمي انبثقت القوي الكبرى الأربع المعروفة في الكون‏:‏ قوة الجاذبية‏,‏ القوة الكهرومغناطيسية وكل من القوتين النوويتين الشديدة والضعيفة مع عملية الانفجار الكوني الكبير مباشرة‏(‏ الفتق بعد الرتق‏).‏
وباستثناء الجاذبية فان القوي الكونية الأخرى تصل إلى نفس المعدل عند مستويات عالية جدا من الطاقة تسمي باسم الطاقة العظمي للتوحد‏,‏
ومن هنا فان هذه الصور الثلاث للطاقة تعتبر ثلاثة أوجه لقوة واحدة‏,‏ لا يستبعد انضمام الجاذبية إليها‏,‏ باعتبارها قوة ذات مدي طويل جدا‏,‏ تتحكم في أجرام الكون وفي التجمعات الكبيرة للمادة ومن ثم يمكن نظريا غض الطرف عنها من قبيل التبسيط عندما يقصر التعامل علي الجسيمات الأولية للمادة‏,‏ أو حتى مع ذرات العناصر‏.‏
وهذه الصورة من وحدة البناء في الكون‏,‏ ووحدة صور الطاقة فيه‏,‏ مع شيوع الزوجية في الخلق ــ كل الخلق ــ هي شهادة الكون لخالقه‏(‏ سبحانه وتعالى‏)‏ بالتفرد بالوحدانية المطلقة فوق كافة خلقه بغير شبيه ولا شريك ولا منازع‏,‏ وصدق الله العظيم إذ يقول‏:‏ (وَمِن كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ)‏(‏ الذاريات‏:49).‏ ويقول‏:‏ (لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا فَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُون) ‏(‏ الأنبياء‏:22).‏

وسبحانه وتعالى إذ أنزل من قبل ألف وأربعمائة سنة قوله الحق‏: (ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاء وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ اِئْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِين)(‏ فصلت‏:11).‏

المصدر : مقالة للدكتور زغلول النجار نشرت في جريدة الأهرام بتاريخ 4 /6/2001م

مواقع تتحدث عن الغبار الكوني أو الدخان كما ذكره القرآن.

http://antwrp.gsfc.nasa.gov/apod/ap980806.html

www.upload.wikimedia.org

www.uccs.edu

http://www.whyevolution.com/nothing.html

http://www.jpl.nasa.gov/releases/2003/170.cfm

عمروعبده 22-02-2011 12:10 PM

دحي الأرض"

دحي الأرض




يقول الله تعالى في كتابه العزيز : (أَأَنتُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمِ السَّمَاء بَنَاهَا {27} رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوَّاهَا {28} وَأَغْطَشَ لَيْلَهَا وَأَخْرَجَ ضُحَاهَا {29} وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا {30} أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءهَا وَمَرْعَاهَا {31} وَالْجِبَالَ أَرْسَاهَا {32} مَتَاعًا لَّكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ {33})[سورة النازعات ].

جاءت هذه الآية الكريمة في مطلع الربع الأخير من سورة النازعات‏,‏ وهي سورة مكية‏,‏ تعني كغيرها من سور القرآن المكي بقضية العقيدة‏,‏ ومن أسسها الإيمان بالله‏,‏ وملائكته‏,‏ وكتبه ورسله‏,‏ واليوم الآخر‏,‏ وغالبية الناس منشغلين عن الآخرة وأحوالها‏,‏ والساعة وأهوالها‏,‏ وعن قضايا البعث‏,‏ والحساب‏,‏ والجنة‏,‏ والنار وهي محور هذه السورة‏.‏

وتبدأ السورة الكريمة بقسم من الله‏(‏ تعالي‏)‏ بعدد من طوائف ملائكته الكرام‏,‏ وبالمهام الجسام المكلفين بها‏,‏ أو بعدد من آياته الكونية المبهرة‏,‏ علي أن الآخرة حق واقع‏,‏ وأن البعث والحساب أمر جازم‏,‏ وربنا‏(‏ تبارك وتعالي‏)‏ غني عن القسم لعباده‏,‏ ولكن الآيات القرآنية تأتي في صيغة القسم لتنبيه الناس إلي خطورة الأمر المقسم به‏,‏ وأهميته أو حتميته‏.‏

ثم تعرض الآيات لشيء من أهوال الآخرة مثل‏(‏ الراجفة والرادفة‏)‏ وهما الأرض والسماء وكل منهما يدمر في الآخرة‏,‏ أو النفختان الأولي التي تميت كل حي‏,‏ والثانية التي تحيي كل ميت بإذن الله‏,‏ وتنتقل الآيات إلي وصف حال الكفار‏,‏ والمشركين‏,‏ والملاحدة‏,‏ المتشككين‏,‏ العاصين لأوامر رب العالمين في ذلك اليوم الرهيب‏,‏ وقلوبهم خائفة وجلة‏,‏ وأبصارهم خاشعة ذليلة‏,‏ بعد أن كانوا ينكرون البعث في الدنيا‏,‏ ويتساءلون عنه استبعادا له‏,‏ واستهزاء به‏:‏ هل في الامكان ان نبعث من جديد بعد أن تبلي الأجساد‏,‏ وتنخر العظام؟ وترد الآيات عليهم حاسمة قاطعة بقرار الله الخالق أن الأمر بالبعث صيحة واحدة فإذا بكافة الخلائق قيام يبعثون من قبورهم ليواجهوا الحساب‏,‏ أو كأنهم حين يبعثون يظنون أنهم عائدون للدنيا مرة ثانية فيفاجأون بالآخرة‏...‏

وبعد ذلك تلمح الآيات إلي قصة موسي‏(‏ عليه السلام‏)‏ مع فرعون وملئه‏,‏ من قبيل مواساة رسولنا‏(‏ صلي الله عليه وسلم‏)‏ في الشدائد التي كان يلقاها من الكفار‏,‏ وتحذيرهم مما حل بفرعون وبالمكذبين من قومه من عذاب‏,‏ وجعل ذلك عبرة لكل عاقل يخشى الله‏(‏ تعالى‏)‏ ويخاف حسابه‏.‏

ثم تتوجه الآيات بالخطاب إلي منكري البعث من كفار قريش وإلي الناس عامة بسؤال تقريعي توبيخي‏:‏ هل خلق الناس ـ علي ضآلة أحجامهم‏,‏ ومحدودية قدراتهم‏,‏ وأعمارهم‏,‏ وأماكنهم من الكون ـ أشد من خلق السماء وبنائها‏,‏ ورفعها بلا عمد مرئية إلي هذا العلو الشاهق ـ مع ضخامة أبعادها‏,‏ وتعدد أجرامها‏,‏ ودقة المسافات بينها‏,‏ وإحكام حركاتها‏,‏ وتعاظم القوي الممسكة بها؟ ـ وإظلام ليلها‏,‏ وإنارة نهارها؟ وأشد من دحو الأرض‏,‏ وإخراج مائها ومرعاها منها بعد ذلك‏,‏ وإرساء الجبال عليها‏,‏ وإرساء الأرض بها‏,‏ تحقيقا لسلامتهم وأمنهم علي سطح الأرض‏,‏ ولسلامة أنعامهم ومواشيهم‏.‏

وبعد الإشارة إلي بديع صنع الله في خلق السماوات والأرض كدليل قاطع علي إمكانية البعث عاودت الآيات الحديث عن القيامة وسمتها‏(‏ بالطامة الكبرى‏)‏ لأنها داهية عظمي تعم بأهوالها كل شيء‏,‏ وتغطي علي كل مصيبة مهما عظمت‏,‏ وفي ذلك اليوم يتذكر الإنسان أعماله من الخير والشر‏,‏ ويراه مدونا في صحيفة أعماله‏,‏ وبرزت جهنم للناظرين‏,‏ فرآها كل إنسان عيانا بيانا‏,‏ وحينئذ ينقسم الناس إلي شقي وسعيد‏,‏ فالشقي هو الذي جاوز الحد في الكفر والعصيان‏,‏ وفضل الدنيا علي الآخرة‏,‏ وهذا مأواه جهنم وبئس المصير‏,‏ والسعيد هو الذي نهي نفسه عن اتباع هواها انطلاقا من مخافة مقامه بين يدي ربه يوم الحساب‏,‏ وهذا مأواه ومصيره إلي جنات النعيم بإذن الله‏.‏

وتختتم السورة بخطاب إلي رسول الله‏(‏ صلى الله عليه وسلم‏)‏ متعلق بسؤال كفار قريش له عن الساعة متي قيامها؟‏,‏ وترد الآيات بأن علمها عند الله الذي استأثر به‏,‏ دون كافة خلقه‏,‏ فمردها ومرجعها إلي الله وحده‏,‏ وأما دورك أيها النبي الخاتم والرسول الخاتم فهو إنذار من يخشاها‏,‏ وهؤلاء الكفار والمشركون يوم يشاهدون قيامها فإن هول المفاجأة سوف يمحو من الذاكرة معيشتهم علي الأرض‏,‏ فيرونها كأنها كانت ساعة من ليل أو نهار‏,‏ بمقدار عشية أو ضحاها‏,‏ احتقارا للحياة الدنيا‏,‏ واستهانة بشأنها أمام الآخرة‏,‏ ويأتي ختام السورة متوافقا مع مطلعها الذي أقسم فيه ربنا‏(‏ تبارك وتعالي‏)‏ علي حقيقة البعث وحتميته‏,‏ وأهواله وخطورته‏,‏ لزيادة التأكيد علي أنه أخطر حقائق الكون وأهم أحداثه‏,‏ لكي يتم تناسق البدء مع الختام‏,‏ وهذا من صفات العديد من سور القرآن الكريم‏.‏

وهنا يبرز التساؤل عن معني دحو الأرض‏,‏ وعلاقته بإخراج مائها ومرعاها‏,‏ ووضعه في مقابلة مع بناء السماء ورفعها ـ علي عظم هذا البناء وذلك الرفع كصورة واقعة لطلاقة القدرة المبدعة في الخلق‏,‏ وقبل التعرض لذلك لابد من استعراض الدلالة اللغوية للفظة الدحو الواردة في الآية الكريمة‏:‏



الدلالة اللغوية لدحو الأرض

‏(‏الدحو‏)‏ في اللغة العربية هو المد والبسط والإلقاء‏,‏ يقال‏http://www.ahlathanwya.com/vb/images/smilies/frown.png‏ دحا‏)‏ الشيء‏(‏ يدحوه‏)(‏ دحوا‏)‏ أي بسطه ومده‏,‏ أو ألقاه ودحرجه‏,‏ ويقال‏http://www.ahlathanwya.com/vb/images/smilies/frown.png‏ دحا‏)‏ المطر الحصى عن وجه الأرض أي دحرجه وجرفه‏,‏ ويقال‏:‏ مر الفرس‏(‏ يدحو‏)(‏ دحوا‏)‏ إذا جر يده علي وجه الأرض فيدحو ترابها و‏(‏مدحي‏)‏ النعامة هو موضع بيضها‏,‏ و‏(‏أدحيها‏)‏ موضعها الذي تفرخ فيه‏.‏

شروح المفسرين للآية الكريمة‏:‏

في شرح الآية الكريمة‏http://www.ahlathanwya.com/vb/images/smilies/frown.png‏والأرض بعد ذلك دحاها‏)‏ ذكر ابن كثير‏(‏ يرحمه الله‏)‏ مانصه‏:‏ فسره بقوله تعالي‏(‏ أخرج منها ماءها ومرعاها‏),‏ وقد تقدم في سورة فصلت أن الأرض خلقت قبل خلق السماء‏,‏ ولكن إنما دحيت بعد خلق السماء بمعني أنه أخرج ما كان فيها بالقوة إلي الفعل‏,‏ عن ابن عباس‏(‏ دحاها‏)‏ ودحيها أن أخرج منها الماء والمرعي‏,‏ وشقق فيها الأنهار‏,‏ وجعل فيها الجبال والرمال‏,‏ والسبل والآكام‏,‏ فذلك قوله‏http://www.ahlathanwya.com/vb/images/smilies/frown.png‏ والأرض بعد ذلك دحاها‏)....‏

وذكر صاحبا تفسير الجلالين‏(‏ رحمهما الله‏)http://www.ahlathanwya.com/vb/images/smilies/frown.png‏ والأرض بعد ذلك دحاها‏)‏ أي بسطها ومهدها لتكون صالحة للحياة‏,‏ وكانت مخلوقة قبل السماء من غير دحو‏.(‏ أخرج‏)‏ حال بإضمار قد أي‏:‏ دحاها مخرجا‏(‏ منها ماءها ومرعاها‏)‏ بتفجير عيونها‏,‏ و‏(‏مرعاها‏)‏ ما ترعاه النعم من الشجر والعشب‏,‏ وما يأكله الناس من الأقوات والثمار‏,‏ وإطلاق المرعي عليه استعارة‏.‏

وذكر صاحب الظلال‏(‏ يرحمه الله‏):‏ ودحو الأرض تمهيدها وبسط قشرتها‏,‏ بحيث تصبح صالحة للسير عليها‏,‏ وتكوين تربة تصلح للإنبات‏,...,‏ والله أخرج من الأرض ماءها سواء ما يتفجر من الينابيع‏,‏ أو ماينزل من السماء فهو أصلا من مائها الذي تبخر ثم نزل في صورة مطر‏;‏ وأخرج من الأرض مرعاها‏,‏ وهو النبات الذي يأكله الناس والأنعام‏,‏ وتعيش عليه الأحياء مباشرة أو بالواسطة‏..‏

وجاء في‏(‏ صفوة البيان لمعاني القرآن‏):'‏ ودحا الأرض ـ بمعني بسطها ـ وأوسعها‏,‏ بعد ذكر ذلك الذي ذكره من بناء السماء‏,‏ ورفع سمكها‏,‏ وتسويتها‏,‏ وإغطاش ليلها‏,‏ وإظهار نهارها‏,‏ وقد بين الله الدحو بقوله‏http://www.ahlathanwya.com/vb/images/smilies/frown.png‏ أخرج منها ماءها‏)‏ بتفجير العيون‏,‏ وإجراء الأنهار والبحار العظام‏.(‏ ومرعاها‏)‏ أي جميع ما يقتات به الناس والدواب بقرينة قوله بعد‏http://www.ahlathanwya.com/vb/images/smilies/frown.png‏ متاعا لكم ولأنعامكم‏)........‏ وأخبرنا بعد ذلك بأنه هو الذي بسط الأرض‏,‏ ومهدها لسكني أهلها ومعيشتهم فيها‏:‏ وقدم الخبر الأول لأنه أدل علي القدرة الباهرة لعظم السماء‏,‏ وانطوائها علي الأعاجيب التي تحار فيها العقول‏.‏ فبعدية الدحو إنما هي في الذكر لا في الإيجاد‏,‏ وبجعل المشار إليه هو ذكر المذكورات من البناء وما عطف عليها لا أنفسها‏,‏ لايكون في الآية دليل علي تأخر الدحو عن خلق السماوات وما فيها‏.....'.‏

وجاء في‏(‏ صفوة التفاسير‏)http://www.ahlathanwya.com/vb/images/smilies/frown.png‏ والأرض بعد ذلك دحاها‏)‏ أي والأرض بعد خلق السماء بسطها ومهدها لسكني أهلها‏(‏ أخرج منها ماءها ومرعاها‏)‏ أي أخرج من الأرض عيون الماء المتفجرة‏,‏ وأجري فيها الأنهار‏,‏ وأنبت فيها الكلأ والمرعي مما يأكله الناس والأنعام‏'.‏

وجاء في‏(‏ المنتخب في تفسير القرآن الكريم‏):'‏ والأرض بعد ذلك بسطها ومهدها لسكني أهلها‏,‏ وأخرج منها ماءها بتفجير عيونها‏,‏ وإجراء أنهارها‏,‏ وإنبات نباتها ليقتات به الناس والدواب‏..‏

وهذا الاستعراض يدل علي أن المفسرين السابقين يجمعون علي أن من معاني دحو الأرض هو إخراج الماء والمرعي من داخلها‏,‏ علي هيئة العيون وإنبات النبات‏.‏



دحو الأرض في العلوم الكونية

أولا‏ً:‏ إخراج كل ماء الأرض من جوفها‏:‏

كوكب الأرض هو أغني كواكب مجموعتنا الشمسية في المياه‏,‏ ولذلك يطلق عليه اسم‏(‏الكوكب المائي‏)‏ أو‏(‏ الكوكب الأزرق‏)‏ وتغطي المياه نحو‏71%‏ من مساحة الأرض‏,‏ بينما تشغل اليابسة نحو‏29%‏ فقط من مساحة سطحها‏,‏ وتقدر كمية المياه علي سطح الأرض بنحو‏1360‏ مليون كيلومتر مكعب‏(1.36*910);‏ وقد حار العلماء منذ القدم في تفسير كيفية تجمع هذا الكم الهائل من المياه علي سطح الأرض‏,‏ من أين أتي؟ وكيف نشأ؟

وقد وضعت نظريات عديدة لتفسير نشأة الغلاف المائي للأرض‏,‏ تقترح إحداها نشأة ماء الأرض في المراحل الأولي من خلق الأرض‏,‏ وذلك بتفاعل كل من غازي الأيدروجين والأوكسجين في حالتهما الذرية في الغلاف الغازي المحيط بالأرض‏,‏ وتقترح ثانية أن ماء الأرض أصله من جليد المذنبات‏,‏ وتري ثالثة أن كل ماء الأرض قد أخرج أصلا من داخل الأرض‏.‏والشواهد العديدة التي تجمعت لدي العلماء تؤكد أن كل ماء الأرض قد أخرج أصلا من جوفها‏,‏ ولا يزال خروجه مستمرا من داخل الأرض عبر الثورات البركانية‏.‏



ثانيا‏:‏ إخراج الغلاف الغازي للأرض من جوفها‏:‏

بتحليل الأبخرة المتصاعدة من فوهات البراكين في أماكن مختلفة من الأرض اتضح أن بخار الماء تصل نسبته إلي أكثر من‏70%‏ من مجموع تلك الغازات والأبخرة البركانية‏,‏ بينما يتكون الباقي من اخلاط مختلفة من الغازات التي ترتب حسب نسبة كل منها علي النحو التالي‏:‏ ثاني أكسيد الكربون‏,‏ الإيدروجين‏,‏ أبخرة حمض الأيدروكلوريك‏(‏ حمض الكلور‏),‏ النيتروجين‏,‏ فلوريد الإيدروجين‏,‏ ثاني أكسيد الكبريت‏,‏ كبريتيد الإيدروجين‏,‏ غازات الميثان والأمونيا وغيرها‏.‏



ويصعب تقدير كمية المياه المندفعة علي هيئة بخار الماء إلي الغلاف الغازي للأرض من فوهات البراكين الثائرة‏,‏ علما بأن هناك نحو عشرين ثورة بركانية عارمة في المتوسط تحدث في خلال حياة كل فرد منا‏,‏ ولكن مع التسليم بأن الثورات البركانية في بدء خلق الأرض كانت أشد تكرارا وعنفا من معدلاتها الراهنة‏,‏ فإن الحسابات التي أجريت بضرب متوسط ماتنتجه الثورة البركانية الواحدة من بخار الماء من فوهة واحدة‏,‏ في متوسط مرات ثورانها في عمر البركان‏,‏ في عدد الفوهات والشقوق البركانية النشيطة والخامدة الموجودة اليوم علي سطح الأرض أعطت رقما قريبا جدا من الرقم المحسوب بكمية المياه علي سطح الأرض‏.‏



ثالثا‏:‏ الصهارة الصخرية في نطاق الضعف الأرضي هي مصدر مياه وغازات الأرض‏:‏

ثبت أخيرا أن المياه تحت سطح الأرض توجد علي أعماق تفوق كثيرا جميع التقديرات السابقة‏,‏ كما ثبت أن بعض مياه البحار والمحيطات تتحرك مع رسوبيات قيعانها الزاحفة إلي داخل الغلاف الصخري للأرض بتحرك تلك القيعان تحت كتل القارات‏,‏ ويتسرب الماء إلي داخل الغلاف الصخري للأرض‏.‏ عبر شبكة هائلة من الصدوع والشقوق التي تمزق ذلك الغلاف في مختلف الاتجاهات‏,‏ وتحيط بالأرض إحاطة كاملة بعمق يتراوح بين‏150,65‏ كيلومترا‏.‏

ويبدو أن الصهارة الصخرية في نطاق الضعف الأرضي هي مصدر رئيسي للمياه الأرضية‏,‏ وتلعب دورا مهما في حركة المياه من داخل الأرض إلي السطح وبالعكس‏,‏ وذلك لأنه لولا امتصاصها للمياه ما انخفضت درجة حرارة انصهار الصخور‏,‏ وهي إذا لم تنصهر لتوقفت ديناميكية الأرض‏,‏ بما في ذلك الثورات البركانية‏,‏ وقد ثبت أنها المصدر الرئيسي للغلاف المائي والغازي للأرض‏.‏

وعلي ذلك فقد أصبح من المقبول عند علماء الأرض أن النشاط البركاني الذي صاحب تكوين الغلاف الصخري للأرض في بدء خلقها هو المسئول عن تكون كل من غلافيها المائي والغازي‏,‏ ولاتزال ثورات البراكين تلعب دورا مهما في إثراء الأرض بالمياه‏,‏ وفي تغيير التركيب الكيميائي لغلافها الغازي وهو المقصود بدحو الأرض‏.‏

وذلك نابع من حقيقة أن الماء هو السائل الغالب في الصهارات الصخرية علي الرغم من أن نسبته المئوية إلي كتلة الصهارة قليلة بصفة عامة‏,‏ ولكن نسبة عدد جزيئات الماء إلي عدد جزيئات مادة الصهارة تصل إلي نحو‏15%,‏ وعندما تتبرد الصهارة الصخرية تبدأ مركباتها في التبلور بالتدريج‏,‏ وتتضاغط الغازات الموجودة فيها إلي حجم أقل‏,‏ وتتزايد ضغوطها حتى تفجر الغلاف الصخري للأرض بقوة تصل إلي مائة مليون طن‏,‏ فتشق ذلك الغلاف وتبدأ الغازات في التمدد‏,‏ والانفلات من الذوبان في الصهارة الصخرية‏,‏ ويندفع كل من بخار الماء والغازات المصاحبة له والصهارة الصخرية إلي خارج فوهة البركان أو الشقوق المتصاعدة منها‏,‏ مرتفعة إلي عدة كيلومترات لتصل إلي كل أجزاء نطاق التغيرات المناخية‏(8‏ ـ‏18‏ كيلومترا فوق مستوي سطح البحر‏),‏ وقد تصل هذه النواتج البركانية في بعض الثورات البركانية العنيفة إلي نطاق التطبق‏(30‏ ـ‏80‏ كيلومترا فوق مستوي سطح البحر وغالبية مادة السحاب الحار الذي تتراوح درجة حرارته بين‏500,250‏ درجة مئوية يعاود الهبوط إلي الأرض بسرعات تصل إلي‏200‏ كيلومتر في الساعة لأن كثافته أعلي من كثافة الغلاف الغازي للأرض‏.‏

والماء المتكثف من هذا السحاب البركاني الحار الذي يقطر مطرا من بين ذرات الرماد التي تبقي عالقة بالغلاف الغازي للأرض لفترات طويلة يجرف معه كميات هائلة من الرماد والحصي البركاني مكونا تدفقا للطين البركاني الحار علي سطح الأرض في صورة من صور الدحو‏.‏



ومنذ أيام ثار بركان في احدي جزر الفلبين فغمرت المياه المتكونة أثناء ثورته قرية مجاورة آهلة بالسكان بالكامل‏.‏

وقد يصاحب الثورات البركانية خروج عدد من الينابيع‏,‏ والنافورات الحارة وهي ثورات دورية للمياه والأبخرة شديدة الحرارة تندفع إلي خارج الأرض بفعل الطاقة الحرارية العالية المخزونة في أعماق القشرة الأرضية‏.‏

ويعتقد علماء الأرض أن وشاح كوكبنا كان في بدء خلقه منصهرا انصهارا كاملا أو جزئيا‏,‏ وكانت هذه الصهارة هي المصدر الرئيسي لبخار الماء وعدد من الغازات التي اندفعت من داخل الأرض‏,‏ وقد لعبت هذه الأبخرة والغازات التي تصاعدت عبر كل من فوهات البراكين وشقوق الأرض ـ ولا تزال تلعب ـ دورا مهما في تكوين وإثراء كل من الغلافين المائي والغازي للأرض وهو المقصود بالدحو‏.‏



رابعاً‏:‏ دورة الماء حول الأرض‏:‏

شاءت إرادة الخالق العظيم أن يسكن في الأرض هذا القدر الهائل من الماء‏,‏ الذي يكفي جميع متطلبات الحياة علي هذا الكوكب‏,‏ ويحفظ التوازن الحراري علي سطحه‏,‏ كما يقلل من فروق درجة الحرارة بين كل من الصيف والشتاء صونا للحياة بمختلف أشكالها ومستوياتها‏.‏

وهذا القدر الذي يكون الغلاف المائي للأرض موزونا بدقة بالغة‏,‏ فلو زاد قليلا لغطي كل سطحها‏,‏ ولو قل قليلا لقصر دون الوفاء بمتطلبات الحياة عليها‏.‏

ولكي يحفظ ربنا‏(‏ تبارك وتعالي‏)‏ هذا الماء من التعفن والفساد‏,‏ حركه في دورة معجزة تعرف باسم دورة المياه الأرضية تحمل في كل سنة‏380,000‏ كيلو متر مكعب من الماء بين الأرض وغلافها الغازي‏,‏ ولما كانت نسبة بخار الماء في الغلاف الغازي للأرض ثابتة‏,‏ فإن معدل سقوط الأمطار سنويا علي الأرض يبقي مساويا لمعدل البخر من علي سطحها‏,‏ وإن تباينت أماكن وكميات السقوط في كل منطقة حسب الإرادة الإلهية‏,‏ ويبلغ متوسط سقوط الأمطار علي الأرض اليوم‏85,7‏ سنتيمتر مكعب في السنة‏,‏ ويتراوح بين‏11,45‏ متر مكعب في جزر هاواي وصفر في كثير من صحاري الأرض‏.‏ وصدق رسول الله‏(‏ صلي الله عليه وسلم‏)‏ إذ قال‏:‏ ما من عام بأمطر من عام‏ وإذ قال‏:...‏ من قال أمطرنا بنوء كذا أو نوء كذا فقد كفر‏;‏ ومن قال أمطرنا برحمة من الله وفضل فقد آمن‏.‏

وتبخر أشعة الشمس من أسطح البحار والمحيطات‏320,000‏ كيلو متر مكعب من الماء في كل عام وأغلب هذا التبخر من المناطق الاستوائية حيث تصل درجة الحرارة في المتوسط إلي‏25‏ درجة مئوية‏,‏ بينما تسقط علي البحار والمحيطات سنويا من مياه المطر‏284,000‏ كيلو مترا مكعبا‏,‏ ولما كان منسوب المياه في البحار والمحيطات يبقي ثابتا في زماننا فإن الفرق بين كمية البخر من أسطح البحار والمحيطات وكمية ما يسقط عليها من مطر لابد وأن يفيض إليها من القارات‏.‏

وبالفعل فإن البخر من أسطح القارات يقدر بستين ألف كيلو متر مكعب بينما يسقط عليها سنويا ستة وتسعون ألفا من الكيلو مترات المكعبة من ماء المطر والفارق بين الرقمين بالإيجاب هو نفس الفارق بين كمية البخر وكمية المطر في البحار والمحيطات‏(36,000‏ كيلو متر مكعب‏)‏ فسبحان الذي ضبط دورة المياه حول الأرض بهذه الدقة الفائقة‏.‏

ويتم البخر علي اليابسة من أسطح البحيرات والمستنقعات‏,‏ والبرك‏,‏ والأنهار‏,‏ وغيرها من المجاري المائية‏,‏ ومن أسطح تجمعات الجليد‏,‏ وبطريقة غير مباشرة من أسطح المياه تحت سطح الأرض‏,‏ ومن عمليات تنفس وعرق الحيوانات‏,‏ ونتح النباتات‏,‏ ومن فوهات البراكين‏.‏

ولما كان متوسط ارتفاع اليابسة هو‏823‏ مترا فوق مستوي سطح البحر‏,‏ ومتوسط عمق المحيطات‏3800‏ مترا تحت مستوي سطح البحر‏,‏ فإن ماء المطر الذي يفيض سنويا من اليابسة إلي البحار والمحيطات‏(‏ ويقدر بستة وثلاثين ألفا من الكيلومترات المكعبة‏)‏ ينحدر مولدا طاقة ميكانيكية هائلة تفتت صخور الأرض وتتكون منها الرسوبيات والصخور الرسوبية بما يتركز فيها من ثروات أرضية‏,‏ ومكونة التربة الزراعية اللازمة لإنبات الأرض‏,‏ ولو أنفقت البشرية كل ما تملك من ثروات مادية ما استطاعت أن تدفع قيمة هذه الطاقة التي سخرها لنا ربنا من أجل تهيئة الأرض لكي تكون صالحة للعمران‏...!!!.‏



خامسا‏ً:‏ توزيع الماء علي سطح الأرض‏:‏

تقدر كمية المياه علي سطح الأرض بنحو‏1360‏ مليون كيلو متر مكعب‏,‏ أغلبها علي هيئة ماء مالح في البحار والمحيطات‏(97,20%),‏ بينما يتجمع الباقي‏(2,8%)‏ علي هيئة الماء العذب بأشكاله الثلاثة الصلبة‏,‏ والسائلة‏,‏ والغازية‏;‏ منها‏(2,15%‏ من مجموع مياه الأرض‏)‏ علي هيئة سمك هائل من الجليد يغطي المنطقتين القطبيتين الجنوبية والشمالية بسمك يقترب من الأربعة كيلو مترات‏,‏ كما يغطي جميع القمم الجبلية العالية‏,‏ والباقي يقدر بنحو‏0.65%‏ فقط من مجموع مياه الأرض يختزن أغلبه في صخور القشرة الأرضية علي هيئة مياه تحت سطح الأرض‏,‏ تليه في الكثرة النسبية مياه البحيرات العذبة‏,‏ ثم رطوبة التربة الأرضية‏,‏ ثم رطوبة الغلاف الغازي للأرض‏,‏ ثم المياه الجارية في الأنهار وتفرعاتها‏.‏

وحينما يرتفع بخار الماء من الأرض إلى غلافها الغازي فإن أغلبه يتكثف في نطاق الرجع‏(‏نطاق الطقس أو نطاق التغيرات المناخية‏)‏ الذي يمتد من سطح البحر الي ارتفاع يتراوح بين‏16‏ و‏17‏ كيلو مترا فوق خط الاستواء‏,‏ وبين‏6‏ و‏8‏ كيلو مترات فوق القطبين‏,‏ ويختلف سمكه فوق خطوط العرض الوسطي باختلاف ظروفها الجوية‏,‏ فينكمش الي ما هو دون السبعة كيلو مترات في مناطق الضغط المنخفض ويمتد الي نحو الثلاثة عشر كيلو مترا في مناطق الضغط المرتفع‏,‏ وعندما تتحرك كتل الهواء الحار في نطاق الرجع من المناطق الاستوائية في اتجاه القطبين فإنها تضطرب فوق خطوط العرض الوسطي فتزداد سرعة الهواء في اتجاه الشرق متأثرا باتجاه دوران الأرض حول محورها من الغرب الي الشرق‏.‏

ويضم هذا النطاق‏66%‏ من كتلة الغلاف الغازي للأرض‏,‏ وتتناقص درجة الحرارة والضغط فيه باستمرار مع الارتفاع حتي تصل الي نحو‏60‏ درجة مئوية تحت الصفر والي عشر الضغط الجوي العادي عند سطح البحر في قمته المعروفة باسم مستوي الركود الجوي وذلك لتناقص الضغط بشكل ملحوظ عنده‏.‏

ونظرا لهذا الانخفاض الملحوظ في كل من درجة الحرارة والضغط الجوي‏,‏ والي الوفرة النسبية لنوي التكثف في هذا النطاق فإن بخار الماء الصاعد من الأرض يتمدد تمددا ملحوظا مما يزيد في فقدانه لطاقته‏,‏ وتبرده تبردا شديدا ويساعد علي تكثفه وعودته الي الأرض مطرا أو بردا أو ثلجا‏,‏ وبدرجة أقل علي هيئة ضباب وندي في المناطق القريبة من الأرض‏.‏



سادسا‏:‏ دحو الأرض معناه إخراج غلافيها المائي والغازي من جوفها‏:‏

ثبت أن كل ماء الأرض قد أخرجه ربنا‏(‏ تبارك وتعالي‏)‏ من داخل الأرض عن طريق الأنشطة البركانية المختلفة المصاحبة لتحرك ألواح الغلاف الصخري للأرض‏.‏

كذلك فإن ثاني أكثر الغازات اندفاعا من فوهات البراكين هو ثاني أكسيد الكربون‏,‏ وهو لازمة من لوازم عملية التمثيل الضوئي التي تقوم بتنفيذها النباتات الخضراء مستخدمة هذا الغاز مع الماء وعددا من عناصر الأرض لبناء خلايا النبات وأنسجته‏,‏ وزهوره‏,‏ وثماره‏,‏ ومن هنا عبر القرآن الكريم عن إخراج هذا الغاز المهم وغيره من الغازات اللازمة لإنبات الأرض من باطن الأرض تعبيرا مجازيا بإخراج المرعي‏,‏ لأنه لولا ثاني أكسيد الكربون ما أنبتت الأرض‏,‏ ولا كستها الخضرة‏.‏



سابعا‏:‏ من معجزات القرآن الإشارة إلي تلك الحقائق العلمية بلغة سهلة جزلة‏:‏

علي عادة القرآن الكريم فإنه عبر عن تلك الحقائق الكونية المتضمنة إخراج كل من الغلافين المائي والغازي للأرض من داخل الأرض بأسلوب لا يفزغ العقلية البدوية في صحراء الجزيرة العربية وقت تنزله‏,‏ فقال‏(‏ عز من قائل‏):‏

والأرض بعد ذلك دحاها أخرج منها ماءها ومرعاها والعرب في قلب الجزيرة العربية كانوا يرون الأرض تتفجر منها عيون الماء‏,‏ ويرون الأرض تكسي بالعشب الأخضر بمجرد سقوط المطر‏,‏ ففهموا هذا المعني الصحيح الجميل من هاتين الآيتين الكريمتين‏,‏ ثم نأتي نحن اليوم فنري في نفس الآيتين رؤية جديدة مفادها أن الله‏(‏ تعالي‏)‏ يمن علي الأرض وأهلها وعلي جميع من يحيا علي سطحها أنه‏(‏ سبحانه‏)‏ قد هيأها لهذا العمران بإخراج كل من أغلفتها الصخرية والمائية والغازية من جوفها حيث تصل درجات الحرارة الي آلاف الدرجات المئوية مما يشهد لله الخالق بطلاقة القدرة‏,‏ وببديع الصنعة‏,‏ وبكمال العلم‏,‏ وتمام الحكمة‏,‏ كما يشهد للنبي الخاتم والرسول الخاتم الذي تلقي هذا الوحي الخاتم بأنه‏(‏ صلي الله عليه وسلم‏)‏ كان موصولا بالوحي‏,‏ ومعلما من قبل خالق السموات والأرض‏,‏ فلم يكن لأحد من الخلق وقت تنزل القرآن الكريم ولا لقرون متطاولة من بعده إلمام بحقيقة ان كل ماء الأرض‏,‏ وكل هواء الأرض قد أخرجه ربنا‏(‏ تبارك وتعالي‏)‏ من داخل الأرض‏,‏ وهي حقيقة لم يدركها الإنسان الا في العقود المتأخرة من القرن العشرين فسبحان منزل القرآن من قبل أربعة عشر قرنا ووصفه بقوله الكريم‏:‏

قل أنزله الذي يعلم السر في السماوات والأرض إنه كان غفورا رحيما‏(‏ الفرقان‏:6)‏.

وصلي الله وسلم وبارك علي رسولنا الأمين الذي تلقي هذا الوحي الرباني فبلغ الرسالة‏,‏ وأدي الأمانة‏,‏ ونصح الأمة وجاهد في سبيل الله حتي أتاه اليقين‏,‏ والذي وصفه ربنا‏(‏ سبحانه وتعالي‏)‏ بقوله الكريم‏:‏(لكن الله يشهد بما أنزل إليك أنزله بعلمه والملائكة يشهدون وكفي بالله شهيدا‏)(‏ النساء‏:166)‏

المصدر :

بحث نشره الدكتور زغلول النجار على جريدة الأهرام بتاريخ

الاثنين 12 شعبان 1422هـ العدد 41965 29 أكتوبر 2001

عمروعبده 22-02-2011 12:16 PM

طلوع الشمس من مغربها حقيقة علمية أثبتها العلم الحديث

عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ثلاث إذا خرجن، لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا: طلوع الشمس من مغربها. والدجال. ودابة الأرض".

وهذا الحديث متفق عليها، والشمس منذ خلق الله الأرض ومن عليها وهى تطلع من المشرق وتغرب فى المغرب عن طريق دوران اللأرض حول نفسها والذى ينتج عنه تعاقب الليل والنهار, بينما يؤدى دوران الأرض حول الشمس مرة كل عام الى تعاقب الفصول الأربعة. وهذا الأمر يحدث وسارى مع جميع كواكب المجموعة الشمسية. والسؤال هو : كيف ستطلع الشمس من المغرب؟ ما هى المقدمات؟ لطلوع الشمس من المغرب من الناحية العلمية لابد:

أولاًً تتباطأ حركة الأرض تدريجياً عند دورانها حول نفسها حتى تتوقف ثم تبدأ فى الدوران العكسى حول نفسها أيضاً وعندها تطلع الشمس من المغرب بالإضافة لطول بعض الأيام التي تسبق التوقف عن الدوران حول نفسها لأن الحركة ستكون ببطء وفي طريقها للتوقف لأن التوقف لو تم بشكل مفاجيء لدمر وأهلك كل من على الأرض من أحياء وحتى الجبال بل الأرض كلها.
وهذا البطء في الدوران السابق للتوقف والدوران العكسي سيجعل الأيام هذه ليست أربع وعشرون ساعة كالأيام المعتادة بل قد تطول جدا ومن هنا نفهم قول النبي صلي الله عليه وسلم أن بعض ايام الدجال يكون فيها يوم كسنة ويوم كشهر وايام معتادة حتى أن بعض الصحابة سألوا عن أوقات الصلوات وعددها فقال رسول الله قدروها قدرها، والدجال كما هو معلوم سيكون من العلامات الكبرى لقرب قيام الساعة وترتيبه قبل طلوع الشمس من مغربها كما نصت الأحاديث الصحيحة المتفق عليها. وسبحان الله ,فهذا ما حدث تماما مع اقرب الكواكب السيارة إلى الأرض وهو كوكب المريخ .
حدث بالتمام كما حكي لنا رسول الله عن حدوثه عن كوكبنا الأرض.

وعلماء الفضاء ذكروا أن هذا لابد ان يحدث أيضاً مع الأرض وكل الكوكب في مجموعتنا الشمسية.
رسول الله الامي يتحدث في اخص علوم الفضاء بالقرن الواحد والعشرين ... الله اكبر .
وما دام هذا حدث مع اقرب الكواكب لنا فمن سيكون الكوكب التالي انه كوكب الارض يقيناً.

أنها معجزة عظيمة وانذار من الله أعظم.

الخبر نشره موقع www.space.com فى مقالة للكاتب الصحفى جو رايو المتخصص فى علوم الفضاء وهو مدرس ومحاضر بمركز هايدن الفلكى بنيويورك. وجاء فى المقالة التى نشرت فى 25 يوليو تموز 2003: http://www.space.com/spacewatch/mars...de_030725.html

في هذه السطور سنترجم ما ورد في هذا الموقع بشكل حرفي حتى تتبين للقارئ الكريم الحقائق النبوية الصادقة.

"مسار عكسي ! حركة المريخ قريباً ستتحول إلى الوراء.

في أثناء ما كان المريخ يقترب اكثر ويصبح اكثرسطوعا فى كل يوم لمدة شهور عديدة فانه قد اخذ فى التحك بشكل تدريجى تجاه الناحية الشرقية للنجوم الخلفية فى سماء فترة ماقبل الفجر. الا أن ذلك على وشك التغير حيث يبدأ الكوكب الأحمر فى التراجع فى سماؤنا متحركا بشكل ثابت تجاه الغرب.

ويطلق علماء الفلك على هذه التحرك للوراء اسم "تراجع الجسم السماوى وتحركه باتجاه مضاد للاتجاه المألوف عند الأجرام المماثلة ". ويأتى هذا التغيرفى الاتجاه وقد اصبح المريخ بشكل تدريجى مرئياً في الوقت المتأخر من المساء وهو أيضاً يأتي مع الاقتراب التاريخي للمريخ من كوكب الآرض والذى سوف يحدث فى أواخر شهر اغسطس. ....وفى بداية هذا العام كان المريخ يبعد 191 مليون ميل عن كوكب الأرض "306مليون كيلوميتر".فى هذا الاسبوع سوف تتقلص المسافة الى اقل من 40 مليون ميل "64كيلوميتر". ويشع المريخ الان بقوة اكثر 30مرة من غما كان عليه فى يوم رأس السنة.

ومنذ 1يناير كانون الثاني , تقدم المريخ تجاه مسار لناحية الشرق من خلال النجوم الخلفية لدائرة البروج. ولاتبدو الحركة ملحوظة فى صبيحة يوم واحد ولكن يمكن للملاحظين الفطنين اكتشافه من يوم لآخر .

فى الأشهر القليلة الماضية ظهر المريخ وقد اخذ فى التباطؤ في مساره المنحنى تجاه المشرق ، وبدا كما لو انه يتذبذب ,كما لو انه أصبح مترددا.

وفى يوم الأربعاء ,30يوليو تموز, سوف يتوقف هذا المسارالشرقى المنتظم .وبعدها , وفى الشهرين التاليين , سوف يتحرك المريخ للخلف فى مسار معاكس للنجوم الخلفية-تجاه الغرب-

.

فى 29سبتمبر أيلول، سوف يتوقف الكوكب مرة أخرى قبل ان يستأنف مساره الشرقى الطبيعى.

جميع الكواكب تتعرض لهذا التحرك العكسى مرة واحدة او اخرى ..........وسوف يؤكد هذا التحرك العكسى نفسه عندما يصل المريخ لأول نقاطه الثابتة فى30 يوليوتموز.وبعدها يبدأ المريخ فى الانقلاب تجاه الغرب وسوف تدرك الأرض المريخ في 28اغسطس .

وفى نهاية المطاف ,فى 29سبتمبرايلول, فان الحركات المجتمعة للمريخ والآرض سوف توازن الحركة العكسية للمريخ مع وصول المريخ لنقطة ثبات ثانية .وحينئذ سوف يتحول المريخ إلى تجاه المشرق , مستأنفا مساره الطبيعى بين النجوم. "

انتهت مقالة الكاتب الى هنا والتى اوردنا فيها أهم الأشياء المتعلقة بالتحرك العكسى والتباطؤ أو ما أسماه الكاتب بالتردد . وقد يتسائل البعض عن علاقة ذلك بطلوع الشمس من المغرب؟ الإجابة تكمن في مقالة أخرى لنفس الكاتب وموجودة بنفس الموقع http://www.space.com/spacewatch/where_is_mars.html

حيث جاء فى الشرح الذى أورده جو رايو للرسم التوضيحى المرفق بالمقالة ذكر فيه عن العمود السادس من الرسم انه" يوضح الوقت الذى سوف يصل فيه المريخ لأعلى نقطة له في السماء والتى من المنتظر أن تكون فى الجنوب. وقد تم حساب هذا الأوقات لخط العرض 40º شمالا وخط الطول 0º. ولتلحظ ان ذلك لن يكون قبل انتهاء شهر يونيو حزيران وعندها يصل المريخ لاعلى نقطة له فى السماء"من المنتظر ان تكون فى الجنوب"قبل شروق الشمس. ومع نهاية شهر اغسطس اب سوف يشرق من ناحية غروب الشمس , ويصل لاعلى نقطة له فى منتصف الليل ويغرب من ناحية شروق الشمس."

المسار العكسى اذا يؤدى الى انقلاب الوضع كذلك بالنسبة لشروق الشمس وغروبها.وهذا ما سجله العلماء ايضا مع كوكب الزهرة فى الستينات فى مختبر أبحاث الدفع النفاث بجولدستون , كاليفورنيا,بأن الدوران العكسى قد أدى الى أن المراقب لكوكب الزهرة يرى الشمس وهى تشرق من ناحية الغرب وتغرب من ناحية الشرق." المصدر : موسوعة انكارتا, مايكروسوفت 2002"

وكما أوضح ريو سلفا فان " جميع الكواكب تتعرض لهذا التحرك العكسي " أي أن الأرض هي الأخرى ستتحرك بشكل عكسى ان اجلا أو عاجلا وصدق الله ورسوله. يتبقى طول بعض الايام التى تسبق ذلك الشروق وهو ما اخبر به الرسول فى الأحاديث المتعلقة بالدجال و الذى يسبق نزوله طلوع الشمس من المغرب كما هو وارد فى احاديث كثيرة مجمع عليها.

الله أكبر والعزة لله ولرسوله وللمؤمنين . معجزة علمية اخرى من معجزات الرسول"صلى الله عليه وسلم" وتصديق فوق تصديق لحضرة الرسول الكريم.

"هذا بلاغ للناس ولينذرو به" . وليس المقصد من هذه المقالة ان نتكاسل او أن نقول بتحديد وقت قيام الساعة , ولكن الامر محاولة منا لابراز حدث جلل الله وحده يعلم متى سيقع . ودليل فوق الأدلة على معجزات الرسول صلى الله عليه وسلم ."وما ينطق عن الهوى .ان هو الا وحى يوحى".

ترجم البحث عن الإنكليزية السيد أحمد عبد السميع طالب في جامعة الأزهر قسم الترجمة الفورية .

أعداد فراس نور الحق محرر موقع موسوعة الإعجاز العلمي في القرآن

المصدر : موقع الفضاءwww.space.com

وموسوعة إنكارتا (الموسوعة البريطانية

aleman 02-04-2011 10:04 PM

جزاك الله كل خير

الأستاذة / أم أمل 03-04-2011 05:40 AM

جزاك الله خيرا

مسترسمير إبراهيم 11-04-2011 12:03 AM

بارك الله تعالى فى مروركم الكريم ولكم خالص التقدير


جميع الأوقات بتوقيت GMT +2. الساعة الآن 08:00 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.