بوابة الثانوية العامة المصرية

بوابة الثانوية العامة المصرية (https://www.thanwya.com/vb/index.php)
-   حي على الفلاح (https://www.thanwya.com/vb/forumdisplay.php?f=25)
-   -   التوبة وشروطها *التائبون* (https://www.thanwya.com/vb/showthread.php?t=139067)

Mr. Medhat Salah 22-02-2010 06:42 AM

بارك الله فيك

محمد رافع 52 23-02-2010 12:37 AM


محمد رافع 52 23-02-2010 12:40 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة me5050 (المشاركة 2002739)
بارك الله فيك

جزاكم الله الجنة ونعيمها ورضى عنكم
http://file5.9q9q.net/img/89113812/-------------.gif


أنين المذنبين 24-02-2010 07:18 PM

موضوع جيد
إلى التثبيت أخى

محمد رافع 52 24-02-2010 09:57 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة thenomadic (المشاركة 2008796)
موضوع جيد
إلى التثبيت أخى


بارك الله فيك اخى الكريم
تقبل الله منا ومنك

هالةالقمر 02-03-2010 03:51 AM

كلمات تائب تنهمر لها دموعك
 
بسم الله الرحمن الرحيم كلمات تائب تنهمر لها دموعك هذه كلمات تائب عاد إلى ربه اليوم ستنهمر لها دموعك ويعلم الله حالي عند كتابتها وادعوكم إخواتى وإخواني أن تدعوا بمثل هذه الكلمات التي تمس القلوب الرقيقة: يــــا رب أنا الصغير الذي كبرته .. وأنا العاصي الذي أمهلته .. وأنا المريض الذي عافيته .. وأنا الذليل الذي أكرمته .. وأنا الضعيف الذي قويته .. وأنا المذنـــــب الذي أمهلته .. وأنا الذي بارزك بالمعاصي وأنت سترته .. وأنا الذي لم استحى منك حين عصيتك .. وأنا الذي غرني على سترك وأنــــــت الذي استحييت منى حين دعوتك.. وأنا الذي سأقف بين يديك وحدي .. وأنا الذي سأموت وحدي .. وسأعبر الصراط وحدي .. وأنا الذي سأدخل القبر وحدي.. وأنا الذي سأحاسب وحدي .. أنا الذي غرني بك حلمك .. وأنا الذي لم تفضحه بين خلقك .. وأنا الذي غرني بك كرمك .. وأنا الذرى إذا ضاقت على الأرض بما رحبت لم أجد غيرك .. وأنا الذرى آتيت إليك تلقيتني من بعيد مرحبـــــــــــــا بالتائبين ..أنا يـــــــــــــــــا رب وأنت الذي رايتنى في ظلمات الليل اعصي فلم تفضحني .. وأنت الذي إذا تركتك ناديتنى من قريب .. أوجدت ربا غيري أم وجدت رحيما سوااى .. فكن لي يا رب بعد الحبيب حبيبا وبعد الطبيب طبيبا ولا تحرمني حبك ولا تقطع من قلبي حبك ولا تتركني لنفسي وبعفوك فاتركني وبعزتك فلا تزلني وبقدرتك على فلا تعذبني وبسترك فلا تفضحني وبكرمك فأمهلني فأنا الضعيف الذي خلقته بيديك .. وربيته بنعمتك .. وأمهلته بعفوك .. ولم يعلم أنك الذي أويتة .. وأنك سترت علية عيوبه .. ومحوت ذنوبه .. وسميت نفسك من أجلة الصبور>> فإن ضاقت عليا الأرض بما رحبت وأحيط بى وظننت أنه لا ملجاء منك إلا إليك .. ربى عدت وارتميت في رحمتك وبكيت لبعدي عنك وأنا الآن عــدت إليك ربى فــــهل تقبلني؟؟ هذا والله دعااااء قلب أحرقته الذنوب والمعاصي فناجى ربه بهذه الكلمات واسأل الله إن كان في هذه الكلمات خطاء أو تجاوز فإنه من نفسي والشيطان واسأل الله أن يتجاوز عن زلاتنا وأن يتقبلنا وصالح أعمالنا. وأنت نعم أنت آخى العاصي أما أن الأوان لان تتوب وتعود إلى حبيبك وسندك وعونك أما أن لأوان أن تعود إلى الله . أساءل الله أن يفتت صخور قلبك وان يجعله يلين لكلام الله .فأنا كتبت هذة الكلمات لأذكر نفسي وإياكم بتجديد التوبة.

Rera 02-03-2010 12:00 PM

والله والله والله دعاء جميل جدا ومؤثر جدا

ربنا ده جميل جدا ورحيم جدا جدا جدا
الحمد لله على نعمة الاسلام

وبجد جزاكى الله كل خير

سحس بومب النووى 02-03-2010 12:31 PM

جزاك الله خيرا

اللهم تب علينا فانت التواب الرحيم فان تبت علينا فارضى عنا


اللهم لك الحمد حتى ترضى ولك الحمد اذا رضيت ولك الحمد بعد الرضى

وبارك الله فيك

لوجاينه احمد 02-03-2010 01:12 PM

بارك الله فيكى
الحمد لله على نعمه الاسلام
ويارب يهدينا كلنا ويوفقنا

hend hh 04-03-2010 08:06 PM

جزاااااااااك الله خيراااااااااااااا

مستر رضا الغريب 04-03-2010 09:11 PM

جزاك الله خير وبارك الله فيك

محمد رافع 52 05-03-2010 01:33 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة hend hh (المشاركة 2026535)
جزاااااااااك الله خيراااااااااااااا


اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة مستر رضا الغريب (المشاركة 2026660)
جزاك الله خير وبارك الله فيك



بارك الله فيكم ورضى عنكم
وعفى عنكم وعفاكم

محمد(o) 05-03-2010 06:01 PM

الخطوات العملية لتثبيت التوبة
 
بسم الله الرحمن الرحيم


http://www10.0zz0.com/2009/02/09/00/744960744.gif







فِي كُلِ يومٍ نسمعُ أن فلاناً أو فُلانةً قد أفاقُوا مِن

غفلتِهِمِ وسُباتِهِم وعادُوا إلي الطرِيقِ المُستقِيمِ


وتابُوا إلي الله.

يفرحُ القلبُ ونحمِدُ المولَي عز وجل علَي أن

هداهُم وندعُوا لهُم بالمغفرةِ وبالثباتِ ودوامِ

التوبةِ.

وفجأةٌ وبدونِ أيِ سابِقِ إنذارٍ، نرَي الكثِيِر مِنهُم

قد تقهقرُوا وعادُوا أدراجهُم لِما كانُوا عليهِ،

وكأن لم يتذوقُوا طعمِ التوبةِ ويخطُوا أولَي

خطواتُهُم فِي طريقِ الاستقامة والهِدايةِ.


فما كانَت توبتُهُم هذِهِ إلا توبةً عابِرةٌ ومؤقتةً

تعُوُدُ أسبابِهَا إلي تأثُرٍ بِإحساسٍ مؤقتٍ بالخوفِ

مِن المولي عز وجل وفِي مُقابِلِ ذلِك تابُوا وأنابُوا

واستغفرُوا لذنبِهِم.


وعادةً هذَا التأثُرِ أو الإحساسُ المُؤقتِ بالتوبةِ

يكونُ نِتاجُ عدةِ أمورٍ منهَا علي سبِيلُ المثالِ:


- موتُ أو فقدانِ قريبٍ أو عزِيزٍ.

- مرضُ يُلِمُ بالإنسانِ ذاتهُ أو بعزِيِزٍ عليهِ.


- قراءه بعضُ الكتُبِ أو المقالاتِ المؤثِرةُ، أو

حتَي الاستماع لتلاوةٍ أو لمحاضرةٍ أو سماعُ قصةٍ

مؤثِرةٍ، وكلُ ما شابهَ ذلِك.

- التأثُرِ بافتضاحِ أمرٍ لذاتِ الإنسانُ أو لغيرِهِ.


- حالاتُ الاكتئاب والضِيقِ التِي تُصِيبُ البعضِ

فيشعُرُ معهَا أنهُ قد كرِهَ كُلُ شئٍ وبعُدَ عن كُل

شيءٍ.

- أن يطلُب الطرفُ الأخرُ مِن شرِيكِهِ، الالتزام

بأمرٍ مُعينٍ مِن أمورِ الدِين ويضعهُ شرطاً

للارتباط أو حتَي لاستمرار الحياةُ والمعِيشةُ

بينِهِما.

والكثِيِرُ مِن المُسبِباتِ والأحوالِ التِي يتعرضُ لهَا

الإنسانُ فِي حياتِهِ والتِي قد تدفعُهُ إلي التوبةِ إلي

الله.

ونحنُ هُنا لا ننفِي أبداً أن البعضُ أرادَ اللهُ لهم

شيئاً مما ذكرنَا فكانتَ هذِهِ هِي الأسبابُ التِي

سببهَا المولي عز وجل للتوبةِ النصُوحِ ولكِننا

هُنَا نتـحدثُ عـن فئةٍ مُعينةٍ وهُم مَن تزولُ توبتهُم

بزوالِ

المُسبِبِ ويعُودُون أدراجهُم كما كانَوا هذَا إن لم

يعُودوا مُكابِريِنَ مُعانِديِنَ مُصرِيِنَ علي المعصِيةِ

أكثرُ مٍن ذِي قبلٍ وبالطبعِ، لا يستطِيِعُ أياً مِنا أن

يُنكِرُ، أن مَن وضعَ قدمهُ فِي طريقِ التوبةِ أياً

كانَ السببُ الذِي قدرهُ اللهُ تعَالَي، هُوَ يكُونُ بذلِكَ

قَد بذَرَ أولَ بذرةٍ طيِبةٍ تُثمِرُ جناتٍ وحدائِقَ غناءٍ

تُؤتِي أكُلُهَا كُلِ حينٍ بإذنِ ربِهَا.

إلا أنَ مَن ضعُفة هِمتُهُ ومُقاومتُهُ وهزمهُ شيطانُهُ،

نسِيَ أن هذِهِ البذرةُ تحتاجُ إلي أرضٍ خصبةٍ

وإلي شمسٍ وماءٍ وهواءٍ، تحتاجُ إلي تعبٍ وحُبٍ

وعناءٍ حتَي تُزهِرُ وتُثمِرُ ثُمَ تجنِي ما طابَ لكَ مِن

أطايِبِهَا وقُطوفِهَا وهذَا كلهُ لا يتأتَي إلا بإحاطةِ

هذِهِ التوبةُ بالسياجُ والدرعُ الواقِي الذِي تُحِيطُ بهِ

تلكَ البذرةُ الولِيدةُِ، حتَي تغدُوا قويةً صلبةً

كالقلعةً الحصِينةً لا تُكسَر ولا تُقتحمُ ولا تُهزمُ،

بإذن الله.

وإليكَ أيُهَا التائِبُ هذَا السياجُ الواقِي وأهمُ

الوسائِلُ العملِيةُ التِي تُحافِظُ بِهَا علي بذرةِ توبتِكَ

وتثبتُ بِهَا عليَ الخيرِ الذِي أنتَ فيهِ، بإذنِ الله.


- أجعَل لنفسِكَ وِرداً مِن القرءانِ الكرِيِم يومِياً

وبشكلٍ مُستمِرٍ وهروِل إلي كتابِ اللهِ، فِي أيِ

وقتٍ شعرتُ فيهِ بالضِيِقِ أو بالرغبةِ فِي العودةِ

إلي المعصِيةِ أو حتَي بِمجردِ حنِيِنٍ وسعادةُ

اعترتكَ

إن استرجِعتَ ذكرَاهَا.


- أجعَل لنفسِكَ وِرداً مِن الأذكارِ اليوميةِ وخصِص

وقتَاً لذلِك ولا تتنازلُ عنهَا ولا تتهاونُ فيهَا مهمَا

كانتِ الظرُوُف وكذلِك اجعلُ لسانُكَ دائِماً رطِباً

بذكرِ الله وأكثِر مِن الاستغفار والتهلِيلِ

والتكبِيِر والحمدِ، وكُلِ ما شابهَ ذلِك.


- المُحافظةُ علي الصلواتِ الخمسةِ والخشوعِ

فيهَا والاستزادةُ بِما استطَعتَ وما قدَرَ اللهُ لكَ مِن

السُننِ والنوافِل.


- الدعاءُ والتذلُلُ للمولي عز وجل بالقبُوُلِ


والمغفِرةِ والثباتِ حتَي المماتِ علي التوبةِ

والهِدايةُ.


- هجرُ وتغيِرُ المكانِ الذِيِ كُنتَ تعصِي الله تعَالَي

فيهِ وبالطبعِ فإن هذَا يتوقفُ علي نوعِ المعصِيةِ

التِيِ كُنتَ فِيِهَا وكذلِكَ الهجرُ والابتعاد عَن كُل مَن

كانَ يُشارِكُكَ هذِهِ المعصِيةُ أو حتَي يُشجِعُكَ


عليهَا وأقذِف بعِيداً وبكُلِ ما أوتِيتَ مِن قوةٍ، كلِ

وسيِلةٍ أعانتكَ علي المعصيةِ وعلَي التمادِي فِي

الرذِيلةِ.


- البحثُ الدؤبُ عن الصحبةِ والرفقةِ الصالِحةَ

والتِي تصدُقُكَ القولُ وتشدُ مِن أزرِك، وتأخذُ بيدِكَ

وتكُونُ لكَ هادِياً ودلِيِلاً ونُوراً يُضِيِء لكَ الدربَ

والطرِيِقَ، بإذنِ الله.


- شغلُ أوقاتِ الفراغِ بِكُلِ ما يُفَقِِهُكَ ويُرغِبُكَ فِي

التمسُكِ بأوامرِ ونواهِي الدِيِنِ ويُعمِقُ إحساسُكَ

بجمَالِ ورفعةِ دينٌ هُو نعمةٌ مِن المولَي عز وجلَ

علينَا وبهِ كنَا خيرُ أمةٍ أخرِجت للناسِ دينٌ ليسَ

فِيِهِ حِرمانٌ ولا محروُمٌ فالمولي عز وجل لَم

يُحرِمُ علينَا الشهواتِ، وزينته التِي أخرجَ لعبادِهِ

والطيباتُ مِن الرزقِ، ولكِنهُ كَرمنَا وأكرمنَا فأرادَ

سبحانهُ وتعَالَي أن نحيَا فِي عزةٍ وكرامةٍ ولا

يكونُ


هذَا إلا فِي حلالٍ وبِحلالٍ.

ولا تنسَي أن يكُونَ طرِيِقُكَ فِي التفقُهِ هُوَ

المصادِرِ الموثوقةِ التِي تستسقِي منهَا الحقُ

والصِدقُ، فلا تتخبطُ وتختلُطُ عليكَ الأمورُ وهذَا

الذِي نراهُ يحدُثُ للكثِيِرِ فِي هذَا الزمانِ.

لا تنسَي أيضاً الاستزادة مِن سِيرةِ المُصطفَي

صلي اللهُ عليهِ وسلم وكذلِكَ قصِصِ التائِبِيِن

والعابدِيِن والصالِحِيِن ، فكُلُ هذَا يُعطِيِك الحافِزُ

والطاقةُ التِي تشحذُ الهِمةُ، بإذنِ الله.

- لا تنسَي نصِيبُكَ مِن الدنيا وروِح عن قلبِك

ونفسِكَ بمُمارسةِ الهواياتِ التِي هِي فِي حُدودِ ما

أحلَ اللهُ ولَم يُحرِم وتفاعلُ معَ عائلتُكَ وأصدقائُكَ

الأخيارُ، ولا تُشدِدُ علي نفسُكَ حتَي لا يُشدِدُ الله

عليكَ ولا تعتقدُ أن التوبةُ والالتزام يعنِي التجهُم

والعزلةُ ورفضِ الناسِ والحياةِ والعلم بل أدِي

رسالتُكَ فِي الحياةِ وكُن مُطمئِناً سعِيداً واستمتِع

بكلِ ما أحل اللهُ لكَ.


- أصبِر علَي التمحيصِ والابتلاء والأذى أياً كانَ


فاللهُ تعَالَي يختبرُ التائِبِيِن، ليعلمَ الذِيِنَ صدقُوا

ويعلمُ الكاذبِيِن، سبحانهُ مَن لا تغِيِبُ عنهُ غائبةٌ

فِي السمواتِ والأرضِ ومَن يعلمُ خائِنةَ الأعيُنِ

وما تُخفِي الصُدُورِ واحذَر الفتِن والمُغرياتِ التِي

ستُعرضُ عليكَ، بل وأنهَا ستأتِيكَ علَي طبقٍ مِن

ذهبٍ ولربمَا كُنتَ فِي زمنِ المعصِيةِ أنتَ الباحِثُ

عنهَا.

وأخيِـراً إياكَ أن تقُولَ:

أعودُ ولكِن ليسَ كَمَا كُنتَ بَل بمعصِيةٍ صغِيرةٍ

فأولُ الغيثِ قطرةٌ ومعظمُ النارِ مِن مُستصغرِ

الشررِ

فجاهِد نفسُكَ الأمارةُ بالسوءِ ولجِمُهَا واكبَح

جِماحُهَا وأغلِقِ أبوابَ الماضِي

ومزِق صفحاتهُ واحرِقهَا وقدِمُهَا للرِيِحِ تطِيِرُ بِهَا

وتنثُرُهَا بعِيداً عنكَ

وضُمَ بذرةُ توبتِكَ إلي صدرِكَ وقلبِكَ الطاهِرُ النقِي

واحتضَنهَا

كمَا احتضنكَ أمُكَ، وجِلةٌ فرِحةٌ خافِقٌ قلبُهَا

لولِيِدِهَا

وتذكِر دائِماً بأنَ الأخِرةُ خيرٌ وأبقَي وأنَ العاقبةُ

للمُتقِيِن


وأختِمُ معكَ أخِي التائِبُ بقولِ المولَي عز وجَل

(فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاء

بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) السجدة

محمد محمد حجاج 05-03-2010 10:14 PM

بارك الله فيك ومن أراد من الان لاللتسويف

محمد رافع 52 05-03-2010 10:39 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمد(o) (المشاركة 2028636)
بسم الله الرحمن الرحيم











فِي كُلِ يومٍ نسمعُ أن فلاناً أو فُلانةً قد أفاقُوا مِن


غفلتِهِمِ وسُباتِهِم وعادُوا إلي الطرِيقِ المُستقِيمِ


وتابُوا إلي الله.


يفرحُ القلبُ ونحمِدُ المولَي عز وجل علَي أن

هداهُم وندعُوا لهُم بالمغفرةِ وبالثباتِ ودوامِ

التوبةِ.

وفجأةٌ وبدونِ أيِ سابِقِ إنذارٍ، نرَي الكثِيِر مِنهُم

قد تقهقرُوا وعادُوا أدراجهُم لِما كانُوا عليهِ،

وكأن لم يتذوقُوا طعمِ التوبةِ ويخطُوا أولَي

خطواتُهُم فِي طريقِ الاستقامة والهِدايةِ.


فما كانَت توبتُهُم هذِهِ إلا توبةً عابِرةٌ ومؤقتةً

تعُوُدُ أسبابِهَا إلي تأثُرٍ بِإحساسٍ مؤقتٍ بالخوفِ

مِن المولي عز وجل وفِي مُقابِلِ ذلِك تابُوا وأنابُوا

واستغفرُوا لذنبِهِم.


وعادةً هذَا التأثُرِ أو الإحساسُ المُؤقتِ بالتوبةِ

يكونُ نِتاجُ عدةِ أمورٍ منهَا علي سبِيلُ المثالِ:


- موتُ أو فقدانِ قريبٍ أو عزِيزٍ.

- مرضُ يُلِمُ بالإنسانِ ذاتهُ أو بعزِيِزٍ عليهِ.


- قراءه بعضُ الكتُبِ أو المقالاتِ المؤثِرةُ، أو


حتَي الاستماع لتلاوةٍ أو لمحاضرةٍ أو سماعُ قصةٍ

مؤثِرةٍ، وكلُ ما شابهَ ذلِك.

- التأثُرِ بافتضاحِ أمرٍ لذاتِ الإنسانُ أو لغيرِهِ.


- حالاتُ الاكتئاب والضِيقِ التِي تُصِيبُ البعضِ


فيشعُرُ معهَا أنهُ قد كرِهَ كُلُ شئٍ وبعُدَ عن كُل

شيءٍ.

- أن يطلُب الطرفُ الأخرُ مِن شرِيكِهِ، الالتزام

بأمرٍ مُعينٍ مِن أمورِ الدِين ويضعهُ شرطاً

للارتباط أو حتَي لاستمرار الحياةُ والمعِيشةُ

بينِهِما.

والكثِيِرُ مِن المُسبِباتِ والأحوالِ التِي يتعرضُ لهَا

الإنسانُ فِي حياتِهِ والتِي قد تدفعُهُ إلي التوبةِ إلي

الله.

ونحنُ هُنا لا ننفِي أبداً أن البعضُ أرادَ اللهُ لهم

شيئاً مما ذكرنَا فكانتَ هذِهِ هِي الأسبابُ التِي

سببهَا المولي عز وجل للتوبةِ النصُوحِ ولكِننا

هُنَا نتـحدثُ عـن فئةٍ مُعينةٍ وهُم مَن تزولُ توبتهُم

بزوالِ

المُسبِبِ ويعُودُون أدراجهُم كما كانَوا هذَا إن لم

يعُودوا مُكابِريِنَ مُعانِديِنَ مُصرِيِنَ علي المعصِيةِ

أكثرُ مٍن ذِي قبلٍ وبالطبعِ، لا يستطِيِعُ أياً مِنا أن

يُنكِرُ، أن مَن وضعَ قدمهُ فِي طريقِ التوبةِ أياً

كانَ السببُ الذِي قدرهُ اللهُ تعَالَي، هُوَ يكُونُ بذلِكَ

قَد بذَرَ أولَ بذرةٍ طيِبةٍ تُثمِرُ جناتٍ وحدائِقَ غناءٍ

تُؤتِي أكُلُهَا كُلِ حينٍ بإذنِ ربِهَا.

إلا أنَ مَن ضعُفة هِمتُهُ ومُقاومتُهُ وهزمهُ شيطانُهُ،

نسِيَ أن هذِهِ البذرةُ تحتاجُ إلي أرضٍ خصبةٍ

وإلي شمسٍ وماءٍ وهواءٍ، تحتاجُ إلي تعبٍ وحُبٍ

وعناءٍ حتَي تُزهِرُ وتُثمِرُ ثُمَ تجنِي ما طابَ لكَ مِن

أطايِبِهَا وقُطوفِهَا وهذَا كلهُ لا يتأتَي إلا بإحاطةِ

هذِهِ التوبةُ بالسياجُ والدرعُ الواقِي الذِي تُحِيطُ بهِ

تلكَ البذرةُ الولِيدةُِ، حتَي تغدُوا قويةً صلبةً

كالقلعةً الحصِينةً لا تُكسَر ولا تُقتحمُ ولا تُهزمُ،

بإذن الله.

وإليكَ أيُهَا التائِبُ هذَا السياجُ الواقِي وأهمُ

الوسائِلُ العملِيةُ التِي تُحافِظُ بِهَا علي بذرةِ توبتِكَ

وتثبتُ بِهَا عليَ الخيرِ الذِي أنتَ فيهِ، بإذنِ الله.


- أجعَل لنفسِكَ وِرداً مِن القرءانِ الكرِيِم يومِياً

وبشكلٍ مُستمِرٍ وهروِل إلي كتابِ اللهِ، فِي أيِ

وقتٍ شعرتُ فيهِ بالضِيِقِ أو بالرغبةِ فِي العودةِ

إلي المعصِيةِ أو حتَي بِمجردِ حنِيِنٍ وسعادةُ

اعترتكَ

إن استرجِعتَ ذكرَاهَا.


- أجعَل لنفسِكَ وِرداً مِن الأذكارِ اليوميةِ وخصِص


وقتَاً لذلِك ولا تتنازلُ عنهَا ولا تتهاونُ فيهَا مهمَا

كانتِ الظرُوُف وكذلِك اجعلُ لسانُكَ دائِماً رطِباً

بذكرِ الله وأكثِر مِن الاستغفار والتهلِيلِ

والتكبِيِر والحمدِ، وكُلِ ما شابهَ ذلِك.


- المُحافظةُ علي الصلواتِ الخمسةِ والخشوعِ

فيهَا والاستزادةُ بِما استطَعتَ وما قدَرَ اللهُ لكَ مِن

السُننِ والنوافِل.


- الدعاءُ والتذلُلُ للمولي عز وجل بالقبُوُلِ


والمغفِرةِ والثباتِ حتَي المماتِ علي التوبةِ


والهِدايةُ.


- هجرُ وتغيِرُ المكانِ الذِيِ كُنتَ تعصِي الله تعَالَي

فيهِ وبالطبعِ فإن هذَا يتوقفُ علي نوعِ المعصِيةِ

التِيِ كُنتَ فِيِهَا وكذلِكَ الهجرُ والابتعاد عَن كُل مَن

كانَ يُشارِكُكَ هذِهِ المعصِيةُ أو حتَي يُشجِعُكَ


عليهَا وأقذِف بعِيداً وبكُلِ ما أوتِيتَ مِن قوةٍ، كلِ

وسيِلةٍ أعانتكَ علي المعصيةِ وعلَي التمادِي فِي

الرذِيلةِ.


- البحثُ الدؤبُ عن الصحبةِ والرفقةِ الصالِحةَ

والتِي تصدُقُكَ القولُ وتشدُ مِن أزرِك، وتأخذُ بيدِكَ

وتكُونُ لكَ هادِياً ودلِيِلاً ونُوراً يُضِيِء لكَ الدربَ

والطرِيِقَ، بإذنِ الله.


- شغلُ أوقاتِ الفراغِ بِكُلِ ما يُفَقِِهُكَ ويُرغِبُكَ فِي

التمسُكِ بأوامرِ ونواهِي الدِيِنِ ويُعمِقُ إحساسُكَ

بجمَالِ ورفعةِ دينٌ هُو نعمةٌ مِن المولَي عز وجلَ

علينَا وبهِ كنَا خيرُ أمةٍ أخرِجت للناسِ دينٌ ليسَ

فِيِهِ حِرمانٌ ولا محروُمٌ فالمولي عز وجل لَم

يُحرِمُ علينَا الشهواتِ، وزينته التِي أخرجَ لعبادِهِ

والطيباتُ مِن الرزقِ، ولكِنهُ كَرمنَا وأكرمنَا فأرادَ

سبحانهُ وتعَالَي أن نحيَا فِي عزةٍ وكرامةٍ ولا

يكونُ


هذَا إلا فِي حلالٍ وبِحلالٍ.

ولا تنسَي أن يكُونَ طرِيِقُكَ فِي التفقُهِ هُوَ

المصادِرِ الموثوقةِ التِي تستسقِي منهَا الحقُ

والصِدقُ، فلا تتخبطُ وتختلُطُ عليكَ الأمورُ وهذَا

الذِي نراهُ يحدُثُ للكثِيِرِ فِي هذَا الزمانِ.

لا تنسَي أيضاً الاستزادة مِن سِيرةِ المُصطفَي

صلي اللهُ عليهِ وسلم وكذلِكَ قصِصِ التائِبِيِن

والعابدِيِن والصالِحِيِن ، فكُلُ هذَا يُعطِيِك الحافِزُ

والطاقةُ التِي تشحذُ الهِمةُ، بإذنِ الله.

- لا تنسَي نصِيبُكَ مِن الدنيا وروِح عن قلبِك

ونفسِكَ بمُمارسةِ الهواياتِ التِي هِي فِي حُدودِ ما

أحلَ اللهُ ولَم يُحرِم وتفاعلُ معَ عائلتُكَ وأصدقائُكَ

الأخيارُ، ولا تُشدِدُ علي نفسُكَ حتَي لا يُشدِدُ الله

عليكَ ولا تعتقدُ أن التوبةُ والالتزام يعنِي التجهُم

والعزلةُ ورفضِ الناسِ والحياةِ والعلم بل أدِي

رسالتُكَ فِي الحياةِ وكُن مُطمئِناً سعِيداً واستمتِع

بكلِ ما أحل اللهُ لكَ.


- أصبِر علَي التمحيصِ والابتلاء والأذى أياً كانَ


فاللهُ تعَالَي يختبرُ التائِبِيِن، ليعلمَ الذِيِنَ صدقُوا


ويعلمُ الكاذبِيِن، سبحانهُ مَن لا تغِيِبُ عنهُ غائبةٌ

فِي السمواتِ والأرضِ ومَن يعلمُ خائِنةَ الأعيُنِ

وما تُخفِي الصُدُورِ واحذَر الفتِن والمُغرياتِ التِي

ستُعرضُ عليكَ، بل وأنهَا ستأتِيكَ علَي طبقٍ مِن

ذهبٍ ولربمَا كُنتَ فِي زمنِ المعصِيةِ أنتَ الباحِثُ

عنهَا.

وأخيِـراً إياكَ أن تقُولَ:

أعودُ ولكِن ليسَ كَمَا كُنتَ بَل بمعصِيةٍ صغِيرةٍ

فأولُ الغيثِ قطرةٌ ومعظمُ النارِ مِن مُستصغرِ

الشررِ

فجاهِد نفسُكَ الأمارةُ بالسوءِ ولجِمُهَا واكبَح

جِماحُهَا وأغلِقِ أبوابَ الماضِي

ومزِق صفحاتهُ واحرِقهَا وقدِمُهَا للرِيِحِ تطِيِرُ بِهَا

وتنثُرُهَا بعِيداً عنكَ

وضُمَ بذرةُ توبتِكَ إلي صدرِكَ وقلبِكَ الطاهِرُ النقِي

واحتضَنهَا

كمَا احتضنكَ أمُكَ، وجِلةٌ فرِحةٌ خافِقٌ قلبُهَا

لولِيِدِهَا

وتذكِر دائِماً بأنَ الأخِرةُ خيرٌ وأبقَي وأنَ العاقبةُ

للمُتقِيِن


وأختِمُ معكَ أخِي التائِبُ بقولِ المولَي عز وجَل

(فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاء

بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) السجدة


بارك الله فيك ورضى عنك
تقبل الله منا ومنكم التوبة والغفران

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة المحب للنحو (المشاركة 2029136)
بارك الله فيك ومن أراد من الان لاللتسويف

جزاكم الله خيرا
وبارك فيكم اجمعين

عبير الشذى 07-03-2010 07:03 PM

جزاك الله كل الخير

محمد رافع 52 07-03-2010 09:28 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عبير الشذى (المشاركة 2032961)
جزاك الله كل الخير



اكرمك الله
وبارك فيك
ورضى عنك

محمد رافع 52 07-03-2010 09:35 PM

دعاء التوبة


اللهم يا من لا يصفه نعت الواصفين
ويا من لا يجاوزه رجاء الراجين
ويا من لا يضيع لديه أجر المحسنين
ويا من هو منتهى خوف العابدين
ويا من هو غاية خشية المتقين
هذا مقام من تداولته أيدي الذنوب
وقادته أزمة الخطايا واستحوذ عليه الشيطان
فقصَّر عما أمرت به تفريطا
وتعاطى ما نهيت عنه تعزيزا
كالجاهل بقدرتك عليه
أو كالمنكر فضل إحسانك إليه
حتى إذا انفتح له بصر الهدى
وتقشعت عنه سحائب العمى
أحصى ما ظلم به نفسه وفكر فيما خالف ربه
فرأى كثير عصيانه كثيرا وجليل مخالفته جليلا
فأقبل نحوك مؤملاً لك مستحيياً منك
ووجّه رغبته إليك ثقةً بك
فأمَّك بطمعه يقينا وقصدك بخوفه إخلاصا
قد خلا طمعه من كل مطموع فيه غيرك
وأفرخ روعه من كل محذور منه سواك
فمثَّل بين يديك متضرعا
وغمَّض بصره إلى الأرض متخشعا
وطأطأ رأسه لعزتك متذللا
وأبثَّك من سره ما أنت أعلم به منه
خضوعا وعدَّد من ذنوبه
ما أنت أحصى لها خشوعا
واستغاث بك من عظيم ما وقع به
في علمك وقبيح ما فضحه في حكمك
من ذنوب أدبرت لذاتها فذهبت وأقامت تبعاتها
فلزمت لا ينكر يا إلهي عدلك إن عاقبته
ولا يستعظم عفوك إن عفوت عنه ورحمته
لأنك الرب الكريم الذي لا يتعاظمه غفران الذنب العظيم

محمد رافع 52 07-03-2010 11:27 PM


رحماك ربي بعبد أسير

يذرف الدمع و يخشى المصير

ساقته نفسه نحو الذنوب

و أرهقه التيه بين الدروب

يريد الوصول لبر الأمان

فيمنعه سيره في الظلام

يعيش زمانا كثير الفتن

و يطمع أن تغفر له اللهم

يبحث عن خليل أمين تقي

يأخذ بيده إلى كل نقي

قد آمن أن الدنيا غرور

و أيقن أنها دار مرور

كأنه ضيف في بيت غريب

لا يحق له فيه إلا النصيب

تأخذه عيناه هنا و هناك

فيغض بصره بكل حياء

يطول بقاءه حسب القدر

و تنتهي رحلته في لمح البصر

فإما خلود و نعم المصير

و إما خلود و بأس المصير

محمد رافع 52 09-03-2010 02:05 AM

يا من إذا عظمت على عبده
الذنوب و كثرة العيوب
فقطرة من سحائب كرمك
لا تُبقي له ذنباً
و نظرة من رضاك لا تترك له عيباً
أسألك يا مولاي أن تتوب علينا و تغفر لنا

محمد رافع 52 12-03-2010 01:53 AM


محمد رافع 52 15-03-2010 03:01 PM

إلهنا قد غرقنا في لجج المعاصي والآثام،
وذنوبنا قد كثرت وعمَّت،
ومعاصينا قد عظمت وطمَّت،
وإنا مقرّون بالإساءة على أنفسنا،
نرجو عظيم عفوك الذي عفوت به عن الخاطئين،
وهانحن ببابك واقفون،
ومن عذابك خائفون،
ولثوابك مؤمِّلون،
فانظر يا إلهنا إلينا بعين
العطف والرحمة والإحسان.
فالمذنبون يسألونك المغفرة،
والتائبون يسألونك القبول،
وكلهم ينشد رضاك والجنة،
ويستعيذ من سخطك والنار.
اللهم فحرِّم وجوهنا على النار.
اللهم واحشرنا في زمرة المتقين الأخيار،
وأسعدهنا بدخول الجنة دار القرار،
وحقق لنا آمالنا،
وتقبل منا أعمالنا،
واختم بالصالحات آجالنا.


محمد رافع 52 28-05-2010 07:29 PM

يا صاحب الخطايا


http://www.wathakker.net/designs/images/mawa3ez1.jpg

قال الله تعالى:ـ
{وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ المُؤمِنُونَ لَعَلَّكُم تُفْلِحُونَ}
[النور: ٣١]

قال العلماء: التوبة واجبة من كل ذنب
فإن كانت المعصية بين العبد وبين الله تعالى لا تتعلق بحق آدمي

فلها ثلاث شروط: ـ
أن يقلع عن المعصية -
أن يندم على فعلها -
أن يعزم أن لا يعود إليها أبداً -
وإن كانت المعصية تتعلق بحق آدمي زيد شرط رابع وهو


رد المظالم والحقوق إلى أهلها


http://www.wathakker.net/designs/images/br1_1.gif

محمد رافع 52 29-05-2010 11:44 PM


التوبـة :
وهى أول مراحل الطريق، بل هى المدخل المفضى إليه، والقرين المتنقل فى مدارجه من البداية إلى النهاية.
والتوبة كلمة شائعة على الألسنة، حتى لكأن شيوعها ابتذلها وأطفأ سناها الكريم، ومع أن دلالة الكلمة تجعلها أخطر من أن يجازف بها.
هل يلغو إنسان فيقول: بنيت قصرا، أو يلغو فيقول : ألفت كتابا!!.
إنا بناء قصر شاهق أهون من بناء نفس خربة، وإن تأليف كتاب ثمين أرخص من تأليف نفس فرق الهوى أقطارها.
والتوبة هى هذا البناء والتأليف، فمن الهزل العجاب أن تدور على الألسنة دون تيقظ وإدراك.
وجمهور البشر محتاج إلى التوبة، فقلما ينجون فى حياتهم من العثار والتخليط، وما أكثر الذين يرديهم طيش الغرائز، وضعف الرأى، وقلة التجربة، واضطراب اليقين.
وإذا استثنينا الأنبياء فأغلب بنى آدم تعرضوا لخطايا سيئة، وأخطار لا حصر لها.
أما الأنبياء فإنهم قيادات روحية وفكرية اصطفاها الله من النشأة الأولى وتخيرها من معادن أرقى، فهم ليسوا على غرارنا، وان كانوا من تراب الأرض مثلنا على حد قول الشاعر: فإن تفق الأنام وأنت منهم فإن المسك بعض دم الغزال وقد قال الله لرسوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ : (فاستقم كما أمرت ومن تاب معك)
أى: أن الذين تبعوه جاءوا إليه تائبين.
والتوبة ـ فى نظر الإسلام ـ جهد لابد أن يقوم كل إنسان به، ولن يغنى عنك أحد أبدا فى أدائه.
إذا اتسخ ثوبك فلن ينظفه أن يغسل جيرانك ثيابهم.
وإذا زاغ فكرك، فلن يصلحه إلا أن يهتدى هو إلى الصواب.
واستحقاق الرضوان الأعلى لا يجئ إلا من هذه السبيل، فلا قرابين، ولا شفعاء.
(من اهتدى فإنما يهتدي لنفسه و من ضل فإنما يضل عليها ولا تزر وازرة وزر أخرى).
والخطأ فى حق الله لا يداويه إلا اعتذار المخطئ نفسه.
فلو اعتذر عنه أهل الأرض جميعا، وفى مقدمتهم النبيون، وبقى هو على عوج نفسه فلن يقبل عنه اعتذار، ولن ينفعه استغفار.
لابد أن يجثو المذنب فى ساحة الرحمن ثم يهتف من أعماق قلبه: (رب اغفر وارحم، وأنت خير الراحمين)
ليؤمل ـ بعد ـ فى مغفرة الله ورحمته.
وعلى كل إنسان ساء فعله، واضطربت حاله أن يسارع إلى ربه، متعهدا نفسه بالرعاية والتأديب، مقبلا على شأنه بالترتيب والتهذيب، حتى يستطيع النجاة مما وقع فيه.
وانتهاز اليوم أفضل من انتظار الغد، بل إن كنت فى الصباح فلا ترقب الأصيل.
" لا مكان لتريث، إن الزمن قد يفد بعون يشد به أعصاب السائرين فى طريق الحق، أما أن يهب للمقعد طاقة على الخطو أو الجرى فذاك مستحيل.
لا تعلق بناء حياتك على أمنية يلدها الغيب، فإن هذا الإرجاء لن يعود عليك بخير.
الحاضر القريب الماثل بين يديك، ونفسك هذه التى بين جنبيك، والظروف الباسمة أو الكالحة التى تلتفت حواليك، هى وحدها الدعائم التى يتمخض عنها مستقبلك، فلا مكان لإبطاء أو انتظار، قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: " إن الله يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسىء الليل ".
ثم إن كل تأخير لإنفاذ منهاج تجدد به حياتك، وتصلح به أعمالك لا يعنى إلا إطالة الفترة الكابية التى تبغى الخلاص منها، وبقاءك مهزوما أمام نوازع الهوى والتفريط.
بل قد يكون ذلك طريقا إلى انحدار أشد، وهنا الطامة.
وفى ذلك قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: " النادم ينتظر من الله الرحمة، والمعجب ينتظر المقت، واعلموا عباد الله أن كل عامل سيقدم على عمله ولا يخرج من الدنيا حتى يرى حسن عمله وسوء عمله، وإنما الأعمال بالخواتيم.
والليل والنهار مطيتان فأحسنوا السير عليهما إلى الآخرة.
واحذروا التسويف، فإن الموت يأتى بغتة.
ولا يغترن أحدكم بحلم الله عز وجل، فإن الجنة والنار أقرب إلى أحدهم من شراك نعله ثم قرأ : (فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره * و من يعمل مثقال ذرة شرا يره ).
ما أجمل أن يعيد الإنسان تنظيم نفسه بين الحين والحين، وأن يرسل نظرات ناقدة فى جوانبها ليتعرف عيوبها وآفاتها، وأن يرسم السياسات القصيرة المدى، والطويلة المدى، ليتخلص من هذه الهنات التى تزرى به.

محمد رافع 52 29-05-2010 11:47 PM


فى كل بضعة أيام أنظر إلى أدراج مكتبى لأذهب الفوضى التى حلت به من قصاصات متناثرة، وسجلات مبعثرة، وأوراق أدت الغرض منها.
يجب أن أرتب كل شىء فى وضعه الصحيح، وأن يستقر فى سلة المهملات ما لا معنى للاحتفاظ به!
وفى البيت: ان غرفه وصالاته تصبح مشعثة مرتبكة عقب أعمال يوم كامل، فإذا الأيدى الدائبة تجول هنا وهنا لتنظف الأثاث المغبر وتطرد القمامة الزائدة وتعيد إلى كل شىء رواءه ونظامه.
ألا تستحق حياة الإنسان مثل هذا الجهد؟ ألا تستحق نفسك أن تتعهد شئونها بين الحين والحين لترى ما عراها من اضطراب فتزيله، وما لحقها من إثم فتنفيه عنها مثلما تنفى القمامة من الساحات الطهور؟.
ألا تستحق النفس بعد كل مرحلة تقطعها من الحياة أن نعيد النظر فيما أصابها من غنم أو غرم؟ وأن نرجع إليها توازنها واعتدالها كلما رجتها الأزمات، وهزها العراك الدائب على ظهر الأرض فى تلك الدنيا المائجة؟.
إن الإنسان أحوج الخلائق إلى التنقيب فى أرجاء نفسه، وتعهد حياته الخاصة والعامة بما يصونها من العلل والتفكك.
ذلك أن الكيان العاطفى والعقلى للإنسان قلما يبقى متماسك اللبنات مع حدة الاحتكاك بصنوف الشهوات وضروب المغريات...
فإذا ترك لعوامل الهدم تنال منه فهى آتية عليه لا محالة، وعندئذ تنفرط المشاعر العاطفية والعقلية كما تنفرط حبات العقد إذا انقطع سلكه...
وهذا شأن (... من أغفلنا قلبه عن ذكرنا و اتبع هواه و كان أمره فرطا)
كما يقول الله عز وجل.
وكلمة " فرط " ينبغى أن نتأمل فيها، فالعامة عندنا يسمون حبات العنب الساقطة من عنقودها أو حبات البلح الساقطة من عرجونها "فرطا".
وانتزاع حبات الأذرة من كيزانها المتراصة تمهيدا لطحنها تشتق تسميته من المادة نفسها.
والنفس الإنسانية إذا تقطعت أواصرها ولم يربطها نظام ينسق شئونها، ويركز قواها أصبحت مشاعرها وأفكارها كهذه الحبات المنفرطة السائبة لا خير فيها ولا حركة لها.
ومن ثم نرى ضرورة العمل الدائم لتنظيم النفس وإحكام الرقابة عليها..
والله عز وجل يهيب بالبشرـ قبيل كل صباح ـ أن يجددوا حياتهم مع كل نهار مقبل.
فبعد أن يستريح الأنام من عناء الأمس الذاهب، وعندما يتحركون فى فراشهم ليواجهوا- مع تحرك الفلك- يومهم الجديد.
فى هذه الآونة الفاصلة تستطيع أن تسأل: كم تعثر العالم فى سيره؟ كم مال مع الأثرة؟ كم اقترف من دنية؟ كم أضلته حيرته فبات محتاجا إلى المحبة والحنان؟ فى هذه اللحظة يستطيع كل امرئ أن يجدد حياته، وأن يعيد بناء نفسه على أشعة من الأمل والتوفيق واليقظة.

محمد رافع 52 29-05-2010 11:49 PM


رغبة إلى الله: إن صوت الحق يهتف فى كل مكان ليهتدى الحائرون ويتجدد البالون.
قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ : " إذا مضى شطر الليل أو ثلثاه، ينزل الله تبارك وتعالى إلى السماء الدنيا فيقول: هل من سائل فيعطى؟ هل من داع فيستجاب له؟ هل من مستغفر فيغفر له؟ حتى ينفجر الفجر " .
وفى رواية: " أقرب ما يكون العبد من الرب فى جوف الليل " فإن استطعت أن تكون ممن يذكر الله فى تلك الساعات فكن...!
إنها لحظة إدبار الليل وإقبال النهار، وعلى أطلال الماضى القريب أو البعيد يمكنك أن تنهض لتبنى مستقبلك.
تأمل فى هذه الأبيات التى أضعها بين يديك تهيب بالغافى أن يصحو، وأن يدع دفء الفراش، وأن يتخلص من استرخاء البدن، وأن يدلف إلى بيت الله ليقف فى محرابه مناجيا يؤمل الخير ويرجو الرشاد.
قال الشاعر: قم فى الدجى يا أيها المتعبد قم وادع مولاك الذى خلق الدجى واستغفر الله العظيم بذلة واندم على ما فات، واندب ما مضى واضرع، وقل: يارب عفوك إننى أسفا على عمرى الذى ضيعته يا رب لم أحسب مرارة مصدر يا رب قد ثقلت على كبائر يا رب إن أبعدت عنك فان لى يا رب مالى غير لطفك ملجأ يا رب هب لى توبة أقضى بها أنت الخبير بحال عبدك إنه أنت المجيب لكل داع يلتجى من أى بحر غير بحرك نستقى؟ حتى متى فوق الأسرة ترقد؟ والصبح، وامض فقد دعاك المسجد واطلب رضاه فإنه لا يحقد بالأمس، واذكر ما يجئ به الغد من دون عفوك ليس ما يعضد تحت الذنوب، وأنت فوقى ترصد!
عن زلة قد طاب منها المورد بإزاء عينى لم تزل تتردد!
طمعا برحمتك التى لا تبعد ولعلنى عن بابه لا أطرد!
دينا على، به جلالك يشهد ـ بسلاسل الوزر الثقيل ـ مقيد أنت المجير لكل من يستنجد ولأى باب غير بابك نقصد؟

محمد رافع 52 29-05-2010 11:50 PM


ولا تؤودنك كثرة الخطايا، فلو كانت ركاما أسود كزبد البحر ما بالى الله عز وجل بالتعفية عليها إن أنت اتجهت إليه قصدا وانطلقت إليه ركضا.
" إن الكنود القديم لا يجوز أن يكون عائقا أمام أوبة صادقة (قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم * وأنيبوا إلى ربكم وأسلموا له )
وفى حديث قدسى عن الله عز وجل: " يا ابن آدم إنك ما دعوتنى ورجوتنى غفرت لك على ما كان منك ولا أبالى، يا ابن آدم لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتنى غفرت لك ولا أبالى، يا ابن آدم إنك لو أتيتنى بقراب الأرض خطايا ثم لقيتنى لا تشرك بى شيئا لأتيتك بقرابها مغفرة ".
وهذا الحديث وأمثاله جرعة تحيى الأمل فى الإرادة المخدرة، وتنهض العزيمة الغافية وهى خجلى لتستأنف السير إلى الله، ولتجدد حياتها بعد ماض ملتو مستكين.
لا أدرى لماذا لا يطير العباد إلى ربهم على أجنحة من الشوق بدل أن يساقوا إليه بسياط من الرهبة؟.
إن الجهل بالله، وبدينه، هو علة هذا الشعور البارد أو هذا الشعور النافر ـ بالتعبير الصحيح ـ مع أن البشر لن يجدوا أبر بهم ولا أحنى عليم من الله عز وجل.
وبره وحنوه غير مشوبين بغرض ما، بل هما آثار كماله الأعلى، وذاته المنزهة.
وقصة الإنسان تشير إلى أن الله خلله ليكرمه لا ليهينه، وليسوده فى العالمين لا ليؤخر منزلته أو يضع مقداره (ولقد مكناكم في الأرض وجعلنا لكم فيها معايش قليلا ما تشكرون * ولقد خلقناكم ثم صورناكم ثم قلنا للملائكة اسجدوا لآدم ).
ووظيفة الدين بين الناس أن يضبط مسالكهم وعلائقهم على أسس من الحق والقسط حتى يحيوا فى هذه الدنيا حياة لا جور فيها ولا جهل...
فالدين للإنسان ـ كالغذاء لبدنه ـ ضرورة لوجوده ومتعة لحواسه.
والله عز وجل ـ بشريعته ـ مع الوالد ضد عقوق الولد، ومع المظلوم ضد سطوة الظالم، ومع أى امرئ ضد أن يصاب فى عرضه أو ماله أو دمه!.
فهل فى هذه التعاليم قسوة على البشر ونكال بهم؟ أليست محض الرحمة والخير؟.
وإذا كلف الله أبناء آدم بعد ذلك ببعض العبادات اليسيرة، ليحمدوا فيها آلاءه ويذكروا له حقه، فهل هذه العبادات المفروضة هى التى يتألم الناس من أدائها، ويتبرمون من إيجابها؟.
الحق أن الله لم يرد للناس قاطبة إلا اليسر والسماحة والكرامة، ولكن الناس أبوا أن يستجيبوا لله وأن يسيروا وفق ما رسم لهم فزاغت بهم الأهواء فى كل فج وطفحت الأقطار بتظالمهم وتناكرهم.
ومع هذا الضلال الذى خبطوا فيه، فإن منادى الإيمان ما يزال يهتف بهم أن عودوا إلى بارئكم.
إن فرحته بعودتكم إليه فوق كل وصف.
قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ : " لله أفرح بتوبة عبده المؤمن من رجل نزل فى أرض دوية مهلكة، معه راحلته، عليها طعامه وشرابه فوضع رأسه فنام نومة، فاستيقظ، وقد ذهبت راحلته؟ فطلبها حتى إذا اشتد عليه الحر والعطش أو ما شاء الله، قال: أرجع إلى مكانى الذى كنت فيه فأنام حتى أموت..!!
فوضع رأسه على ساعده ليموت،.
فاستيقظ فإذا راحلته عنده عليها زاده وشرابه، فالله أشد فرحا بتوبة العبد المؤمن من هذا براحلته ".
ألا يبهرك هذا الترحاب الغامر؟ أترى سرورا يعدل هذه البهجة الخالصة؟.
إن أنبل الناس عرقا، وأطهرهم نفسا، قلما يجد فؤادا يتلهف على لقائه بمثل هذا الحنين، فكيف بخطاء أسرف على نفسه، وأساء إلى غيره؟ إنه لو وجد استقبالا يستر عليه ما مضى لكان بحسبه ذلك الأمان المبذول ليستريح ويشكر.
أما أن يفاجأ بهذه الفرحة، وذلك الاستبشار، فذاك ما يثير الدهشة.
لكن الله أبر بالناس وأسر بأوبة العائدين إليه مما يظن القاصرون!!.
وطبيعى أن تكون هذه التوبة نقلة كاملة من حياة إلى حياة، وفاصلا قائما بين عهدين متمايزين كما يفصل الصبح بين الظلام والضياء.
فليست هذه العودة زورة خاطفة، يرتد المرء بعدها إلى ما ألف من فوضى وإسفاف.
وليست محاولة فاشلة ينقصها صدق العزم، وقوة التحمل، وطول الجلد، كلا، كلا، إن هذه العودة الظافرة التى يفرح الله بها، هى انتصار الإنسان على أسباب الضعف والخمول، وسحقه لجراثيم الوضاعة والمعصية، وانطلاقه من قيود الهوى والجحود، ثم استقراره فى مرحلة أخرى من الإيمان والإحسان والنضج والاهتداء.
هذه هى العودة التى يقول الله فى صاحبها: (و إني لغفار لمن تاب و آمن و عمل صالحا ثم اهتدى).
إنها حياة تجددت بعد بلى، ونقلة حاسمة غيرت معالم النفس كما تتغير الأرض الموات بعد مقادير هائلة من المياه والمخصبات.
إن تجديد الحياة لا يعنى إدخال بعض الأعمال الصالحة أو النيات الحسنة وسط جملة ضخمة من العادات الذميمة، والأخلاق السيئة، فهذا الخلط لا ينشئ به المرء مستقبلا حميدا ولا مسلكا مجيداً.
بل إنه لا يدل على كمال أو قبول، فمان القلوب المتحجرة قد ترشح بالخير، والأصابع الكزة قد تتحرك بالعطاء.
والله عز وجل يصف بعض المطرودين من ساحته فيقول: (وما هو بقول شاعر قليلا ما تؤمنون * ولا بقول كاهن قليلا ما تذكرون * تنزيل من رب العالمين).
فالأشرار قد تمر بضمائرهم فترات صحو قليل، ثم تعود بعد ذلك إلى سباتها.
ولا يسمى ذلك اهتداء، إن الاهتداء هو الطور الأخير للتوبة النصوح!!

محمد رافع 52 29-05-2010 11:51 PM

إن البعد عن الله لن يثمر إلا علقما، ومواهب الذكاء والقوة، والجمال والمعرفة تتحول كلها إلى نقم ومصائب عندما تعرى عن توفيق الله وتحرم من بركته.
ولذلك يخوف الله الناس عقبى هذا الاستيحاش منه، والذهول عنه.
قد تكون سائرا فى طريقك فتقبل عليك سيارة تنهب الأرض نهبا، وتشعر كأنها موشكة على حطم بدنك وإتلاف حياتك، فلا ترى بدا من التماس النجاة وسرعة الهرب...
إن الله يريد إشعار عباده تعرضهم لمثل هذه المعاطب والحتوف إذا هم صدفوا عنه، ويوصيهم أن يلتمسوا النجاة ـ على عجل ـ عنده وحده: (ففروا إلى الله إني لكم منه نذير مبين * ولا تجعلوا مع الله إلها آخر إني لكم منه نذير مبين).
وهى عودة تتطلب ـ كما رأيت ـ أن يجدد الإنسان نفسه، وأن يعيد تنظيم حياته، وأن يستأنف مع ربه علاقة أفضل وعملا أكمل وعهدا يجرى على فمه هذا الدعاء، " اللهم أنت ربى لا إله إلا أنت، خلقتنى وأنا عبدك، وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت، أعوذ بك من شر ما صنعت، أبوء لك بنعمتك على وأبوء بذنبى فاغفر لى فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت " أ. هـ.
قال الدكتور زكى مبارك ـ نقلا عن قوت القلوب ـ.
" ولا تنظر أيها التائب إلى صغر الخطيئة ولكن انظر إلى من عصيت.
فقد كانت الصغائر عند الخائفين كبائر، وكان من الصحابة من يقول: إنكم لتعملون أعمالا هى أدق فى أعينكم من الشعر كنا نعدها فى زمن النبى ـ صلى الله عليه وسلم ـ من الموبقات.
وليس معنى ذلك أن الكبائر التى كانت على عهد النبى ـ صلى الله عليه وسلم ـ صارت بعده صغائر، ولكن معناه أنهم كانوا يستعظمون الصغائر لعظمة الله تعالى فى قلوبهم، ولم يكن ذلك الوجدان فى قلوب من بعدهم من المؤمنين.
واختلفت الصوفية فى نسيان ما سلف من الذنوب، فقال بعضهم: حقيقة التوبة أن تنصب ذنبك بين عينيك، وقال آخر: حقيقة التوبة أن تنسى ذنبك، وهذان طريقان لطائفتين، وحالان لأهل مقامين، فأما ذكر الذنوب فطريق المريدين وحال الخائفين، وأما نسيان الذنوب فطريق العارفين وحال المحبين.
قال زكى مبارك ونحن نرجح الرأى الثانى ونريد الأخذ به فى جميع الأحوال فإن تذكر الذنوب الماضية يشل العزيمة ويفت فى عضد التائب، ويخلق جوا جديدا للتعرف على ما سلف من الذنوب، وهو فوق ذلك جهد ضائع وشغل للقلب بما لا يفيد.
وإقامة المناحات على الهفوات الماضية علالة سخيفة يتوهم فريق من الناس أنها تزيد فى طهر القلوب، وهى فى عالم الأخلاق تشبه بعض ما يقع فى عالم القضاء، فلو كان يصح للقضاة أن يتعقبوا ماضى الناس ليأخذوهم بهفوات قدم عليها العهد لاختل الميزان، وذهب جمال الحاضر، وزهد الناس فى فضل المتاب، فإن الأصل فى التوبة أن تكون حجازا بين عهدين، وأن يصبح التائب وكأنه مولود جديد، ولا تنسى أن اجترار الذكريات الماضية سىء الأثر فى نظام الأعصاب، وهو خليق بأن تنهب العافية ويضيع جمال الساعة الحاضرة، وهى العدة الخلقية فى نظام الأعمال " أ. هـ.
والدكتور زكى مبارك مخطئ فى تعصبه للرأى الثانى، ونحن لا نتعصب للرأى الأول بل نختار ما هو أصلح لدعم التوبة، وهجر الآثام، وإلف الطاعات والفضائل.
فإن كان استصحاب الماضى يحرس الإنسان من الانزلاق ويقيه العودة إلى مساخط الله فيجب استصحاب ذلك الماضى.
إنه يشبه التجربة التى تفيد صاحبها دربة على السير، وقدرة على تخطى العوائق.
والنسيان هنا ذريعة إلى الجهل والانحراف.
أما إذا كان الإنسان يكره استعادة صور انقضى عهدها، وامحى أثرها، ويشعر بأنه قد استأنف عهدا حافلا بثمار الخير، ويرى أن نقل الماضى للحاضر تعكير لصفوه وشل لامتداده، فالواجب أن ينسى ما كان، وأن يقبل على حاضره وحده لينميه ويقويه.
إن النفوس مختلفات فى هذا المضمار، وأحسب أن الذين تسوقهم سياد الرهبة أكثر من الذين يحدوهم نداء الرغبة: (قل كل يعمل على شاكلته فربكم أعلم بمن هو أهدى سبيلا).

محمد رافع 52 29-05-2010 11:52 PM


مم يتوب الناس؟:
أما من عدا المؤمنين بالله الأحد، من مشركين ومعطلين، فتوبتهم لا تصح إلا إذا آمنوا بالله جل شأنه، وتركوا المعاصى التى كان يؤزهم عليها جحدهم للألوهية، أو اعتقادهم فى شركاء مع الله.
روى أبو هريرة أن النبى ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: " والذى نفس محمد بيده لا يسمع بى أحد من هذه الأمة، يهودى ولا نصرانى، ثم يموت ولم يؤمن بالذى أرسلت به إلا كان من أصحاب النار " .
قال العلماء: إنما خص اليهود والنصارى بالذكر ـ مع أن الدعوة عامة للملل كلها ـ لأن هؤلاء أحسن من غيرهم حالا فهم أصحاب كتب سماوية، وإذا ثبت هذا الحكم فيهم، فهو فى من دونهم أوجب.
ولا شك أن الشيوعيين والوجوديين وأحزابهم أنزل رتبة من أهل الكتاب على ما فى عقائدهم من دخل.
ونحن نصم بالكفر من عرض عليه الإيمان، واستمكن من الدخول فيه، ثم أبى، أما الذين ضلوا لعدم وجود المعلم الهادى، فوصفهم بالكفر مجاز وإلا فهم جهال.
وعلى كلتا الحالتين فصحة التوبة من هؤلاء أن يدعوا ما هم فيه، وأن يعتنقوا ما أنزل الله فى الرسالة الخاتمة.
وفى حض المثلثين على التوبة يقول الله جل وعلا: (لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة وما من إله إلا إله واحد وإن لم ينتهوا عما يقولون ليمسن الذين كفروا منهم عذاب أليم * أفلا يتوبون إلى الله ويستغفرونه والله غفور رحيم).
وكذلك توبة سائر الملل الأخرى، ما تصح إلا بعد الإيمان بالله الواحد، والاستعداد للقائه، ونبذ ما كانوا عليه من جاهلية، وإمضاء شرائع الإسلام جملة، تمشيا مع مبدأ السمع والطاعة.
قال تعالى: (الر كتاب أحكمت آياته ثم فصلت من لدن حكيم خبير * ألا تعبدوا إلا الله إنني لكم منه نذير وبشير * وأن استغفروا ربكم ثم توبوا إليه …).
وتوبة المسلمين أنفسهم تكون من الذنوب التى لا يجمل بهم ارتكابها لأنها تنافى مقتضى الإيمان، فإذا أزلهم الشيطان إلى إثم فإن ذلك يحسب عليهم، ليؤاخذوا به وصلتهم بالله لا تحميهم من عدله إذا استحقوا العقوبة.
صحيح أن الله أعد النار للكافرين، ولكن المسلمين يدخلونها إذا أسفوا وتهاووا فى الذنوب ولذلك يقول لنا محذرا: (واتقوا النار التي أعدت للكافرين * وأطيعوا الله والرسول لعلكم ترحمون * وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين).
فإذا لم يتقوا، ويطيعوا، ويسارعوا...
فما بد من أن يلقوا وبال أمرهم.
وفى حض المسلمين على التوبة، والبعد عن المعاصى يقول الله عز وجل: (وتوبوا إلى الله جميعا أيها المؤمنون لعلكم تفلحون).
ويقول: (يا أيها الذين آمنوا توبوا إلى الله توبة نصوحا عسى ربكم أن يكفر عنكم سيئاتكم).
وهذه التوبة تستهدف أن يكون المسلمون عنوانا صحيحا لدينهم، ومجلى لفضائله وآدابه.
تدبر قوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ : " المؤمن مرآة المؤمن، يكف عليه ضيعته، ويحوطه من ورائه ".
والجمل الثلاث التى يتكون منها الحديث تبرز مجتمعا متناصحا متعاونا، يعمل المؤمن فيه على تنقية أخيه من العيوب، وعلى ضمان معيشته وصدق حمايته، حاضرا كان أم غائبا.
فإذا تمزقت هذه العرى، ورأيت مجتمعا متناقضا تشيع فيه الأثرة والمظالم فأين يكون الإيمان؟.
وهل يترك الله أمة تصنع ذلك بنفسها ورسالتها من غير عقوبة؟.
والنصوص من الكتاب والسنة متضافرة "على أن ناسا من أهل التوحيد يدخلون النار لعدم وفائهم بحقوقه، ثم يخرجون منها بعد قضاء المدد المحكوم عليهم بها فى هذا السجن اللعين ويلقبون بالجهنميين.
عن أبى سعيد الخدرى عن النبى ـ صلى الله عليه وسلم ـ : " يدخل أهل الجنة الجنة وأهل النار النار، ثم يقول الله تعالى: أخرجوا من كان فى قلبه مثقال حبة من خردل من إيمان، فيخرجون منها قد اسودوا فيلقون فى نهر الحياة فينبتون كما تنبت الحبة فى جانب السيل.
ألم تر أنها تخرج صفراء ملتوية " .
وهذا الحديث ـ وأمثاله كثير فى الصحاح ـ قاطع بأن من أهل الإيمان من يعذب فى النار لسوء عمله...
على أن سوء العمل يتفاوت، وللناس عامة موازين تضبط الخير والشر ضبطا دقيقا.
فمن كانت حسناته أرجح فهو على رجاء المغفرة: (وآخرون اعترفوا بذنوبهم خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا عسى الله أن يتوب عليهم إن الله غفور رحيم).
أما من عبث وغش وأفسد، ومرد على الشر، فلن يدخل الجنة بأقذاره النفسية هذه حتى يلتهب فيها عذاب جهنم.
ونحن نرى أن المسلم يعذب على ذنوبه لأمرين: أولهما أنه أساء فى خاصة نفسه، فالجزاء المرصد له عدل.
والآخر أنه أساء للإسلام نفسه إذا تعاون مع غيره من الرعاع على إظهار الأمة فى صورة تحقر دينها وتصرف الناس عن الثقة فيه والطمأنينة إليه.
وهل كفرت أكل م شتى بالإسلام إلا من سلوك هؤلاء؟.

محمد رافع 52 29-05-2010 11:54 PM

مدارج التوبة:
وأهل الطاعة محتاجون إلى التوبة كما يحتاج إليها أهل الذنوب.
ومن ظن منهم أنه ليس عنده ما يتوب منه، أو ظن أنه مستغن عن المتاب فقد زل.
والتوبة يتطلبها هؤلاء من عدة جهات.
(أ) من الخلل الذى يقع فى الطاعات نفسها، فإن أحدا قلما يأتى بالعبادات المطلوبة مبرأة من كل عيب.
وإن العبد لينظر فى صلاته، أو فى تلاوته كتاب الله مثلا، فيرى أن ضبابا من الغفلة اعترضه فى آونات كثيرة وهو يصلى أو يقرأ.
ومن الممكن أن ترفض له هذه القربات بتهمة ثابتة، وهى سوء الأدب ورداءة التقدم بها بين يدى الله.
ومن أجل ذلك التقصير المستمر شرع الاستغفار فى أعقاب الصلوات ثلاث مرات.
(ب) من ظن بأن هذه الطاعات هى منتهى حق الله عليه، وأنه بأدائها قد فرغت ذمته، ودفع لله ثمن نعمه، وثمن جنته!!.
وبقى على الله أن يبعث ملائكته لتسلم المغرور مفاتيح الجنة التى استحقها بعمله... !!!
وبعض ذوى الطاعات ينتابهم شىء من البلادة وتحجر القلب ارتكانا إلى أشكال العبادات التى فعلوها.
وربما نزلوا بهذه الأوهام والأدواء إلى درك لم ينزل إليه بعض المخطئين، كما شرحنا ذلك فى موضعه من حكم ابن عطاء الله...
(جـ) وصنوف العبادات التى طولب المؤمنون بها كثيرة.
ومن الناس من يفتح له فى ناحية لا يستطيعها غيره لاستعداد زودته الأقدار به من قبل، وليس فى هذا حرج.
إنما الحرج فى أن يستكثر الإنسان من عبادة ما على حين يجب عليه التوسع فى غيرها وتوجيه فضول نشاطه إليها.
فالغنى الذى يستكثر من الصلوات ويقتصد فى الصدقات والنفقات يجب أن يتوب من هذا المسلك.
والعالم البليغ الذى يصوم الاثنين والخميس، ويلوذ بالصمت أو بالإيجاز فى مواطن الزجر والنصح يجب أن يتوب من هذا المسلك.
إن بعض الناس يؤثر عبادة على أخرى لأنها أدنى إلى هواه، وأقرب إلى السلامة، والدين أحكم فى تعاليمه وأدق فى موازينه مما يتوهم هؤلاء.
(د) وحراسة الطاعة بعد أدائها من شتى الآفات ضرورة، كحراسة الزرع من الديدان والأعراض التى تجتاحه.
والرجل يعطى ثم يمتن ، أو يطلب بعطائه الصدارة بين الناس، رجل يحبط ـ بهذا المسلك ـ عمله، ويضيع أجره.
وقد رسم القرآن الكريم صورة هذا المحروم من أجره وهو أفقر الناس إليه فضرب له المثل بشيخ طاعن فى السن له أولاد ضعاف يرتزقون من حديقة لهم، قد تعلقت بها آمالهم.
وبغتة صوح نبتها إثر كارثة جوية أحرقتها...!!!
ذلك مثل العمل الصالح يهلك بسوء التعقيب عليه (أيود أحدكم أن تكون له جنة من نخيل وأعناب تجري من تحتها الأنهار له فيها من كل الثمرات وأصابه الكبر وله ذرية ضعفاء فأصابها إعصار فيه نار فاحترقت كذلك يبين الله لكم الآيات لعلكم تتفكرون)

engi11 07-06-2010 09:29 AM

بارك الله فيكم
وجزاك الله كل الخير ووضعه فى ميزان حسناتك

محمد رافع 52 07-06-2010 09:36 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة engi11 (المشاركة 2237269)
بارك الله فيكم
وجزاك الله كل الخير ووضعه فى ميزان حسناتك

اكرمك الله ورضى عنك وغفر لك ويسر كل امورك

محمد رافع 52 07-06-2012 08:06 AM


محمد رافع 52 07-06-2012 08:07 AM


محمد رافع 52 07-06-2012 08:10 AM


محمد رافع 52 07-06-2012 08:11 AM


محمد رافع 52 07-06-2012 08:15 AM


محمد رافع 52 14-06-2012 09:13 AM


محمد رافع 52 01-11-2012 08:33 AM


محمد رافع 52 01-11-2012 08:34 AM


محمد رافع 52 01-11-2012 08:35 AM


محمد رافع 52 19-12-2012 10:29 AM


محمد رافع 52 02-03-2014 07:32 AM

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم، اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علماً، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين .
من لوازم سلامة العقيدة أن تكون تائباً إلى الله :
http://www.nabulsi.com/images/inside...ar/3365/01.jpg
أيها الأخوة الكرام, مع الدرس السابع والعشرين من دروس العقيدة الإسلامية، ولعلكم لاحظتم أن مفهومات العقيدة الصحيحة: أنه ما ينبغي أن تعتقد، وما ينبغي أن تقول، وليس علم العقيدة هو ما ينبغي أن تعتقد، علم العقيدة ما ينبغي أن تعتقد، وما ينبغي أن تقول، فمن لوازم سلامة العقيدة: أن تكون تائباً إلى الله عز وجل .
الحقيقة: أن التوبة حبل النجاة، التوبة صمام الأمان، التوبة سبيل الخلاص، التوبة هي علاج الضعف البشري، الإنسان ركب من شهوة وعقل، إن غلبت عليه شهوته, فالعلاج هو التوبة، تصوروا أن ديناً ليس فيه توبة, ما الذي يحصل؟ بأقل ذنب يفجر الإنسان، ما مادام باب التوبة مغلقاً, فلابد من متابعة المعصية .

قف عند هذا المعنى لهذه الآية :

حينما يقول الله عز وجل: ﴿قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً﴾
[سورة الزمر الآية: 53]
معنى ذلك: أن التوبة صمام الأمان، والتوبة حبل النجاة، أو قارب النجاة .
ما تختص به هذه الآية :

أيها الأخوة الكرام, لكن الله عز وجل يقول: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحاً﴾
[سورة التحريم الآية: 8]
أجمل ما في هذه الآية: أن التوبة النصوح تنصح بها نفسك، وأعظم نصيحة تقدمها إلى نفسك: أن تتوب من الذنوب قبل فوات الأوان .
مراحل التوبة :
1-علم وحال :
http://www.nabulsi.com/images/inside...ar/3365/02.jpg
التوبة في الحقيقة: علم وحال وعمل، فيها جانب معرفي، وفيها جانب سلوكي، وفيها جانب نفسي، فأنت مثلاً: لا يمكن أن تعالج نفسك من ضغط مرتفع, إلا إذا علمت أن معك ضغطًا مرتفعًا، لا يمكن أن تتوب من ذنب, لا تعرف أنه ذنب، ربما تتوهمه عملاً صالحاً، إذاً: تبدأ التوبة من طلب العلم، ما لم تطلب العلم فلن تتوب، لأن الغارق في المعاصي إن سألته: ما هذه المعاصي؟ يقول: أيّ معاص؟ إنسان تاب الله عليه، وكان في حقل لا يتناسب مع الدين, التقى بإنسان من أرباب هذا الحقل، قال له: لماذا تبت؟ وماذا فعلت حتى تتوب؟ .
فالتوبة لا تبدأ إلا من معرفة الله، ومعرفة منهج الله، فقبل أن تطلب العلم لا تطمع أن تتوب، لأن الأمور عندك مختلطة، القسم الحرام تظنه حلالاً، والفكرة التي تتناقض مع وحي الله, تظنها من الدين .
هناك قصص كثيرة جداً, تشير إلى أن الإنسان إن لم يطلب العلم, يتوهم أن أخطاءه أشياء مألوفة، يفعلها كل الناس، وليس فيها معصية، إذاً: التوبة علم، علم يتبعه حال، التوبة ندم.

أشر إلى ملمح هذا الحديث :

قال عليه الصلاة والسلام: ((التوبة الندم))
والحقيقة: أن في هذا الحديث ملمحًا رائعًا، ذكر النبي عليه الصلاة والسلام أخطر مراحل التوبة، قال شارحو الحديث: الندم يستوجب علماً، ويعقبه عمل، فكأن ضربة النبي عليه الصلاة والسلام كما يقال: ضربة معلم، التوبة ندم؛ يسبقه علم، ويتبعه عمل .إليكم توضيح حقيقة التوبة الندم :
http://www.nabulsi.com/images/inside...ar/3365/03.jpg
الآن كي أوضح هذه الحقيقة: أنت أمام إنسان في بستان, رأى أفعى، ما الذي يحصل ؟ أول شيء بحلق بها، فإذا هي أفعى، فاضطرب الحال، فولى هارباً، أو ***ها، وهذا قانون، علاقة الإنسان بالمحيط الخارجي؛ إدراك، انفعال، سلوك، ولا يمكن أن يكون الإدراك من دون انفعال، ولا يمكن أن يكون الانفعال من دون سلوك .
تعرف أنك متلبس بمعصية كبيرة، تعرف أن هذه المعصية حجاب بينك وبين الله، تعرف أن هذه المعصية قد تقودك إلى الهلاك، تندم أشد الندم، تتألم، تضطرب، تخاف، تعقد العزم على أن تقلع عن هذا الذنب، وألاّ تعود إليه أبداً، وأن تصلح ما مضى .

2-عمل :

http://www.nabulsi.com/images/inside...ar/3365/04.jpg
المرحلة الثالثة التي هي عمل؛ فيها عزيمة، وفيها إقلاع، وفيها إصلاح، الإقلاع فورًا ، والعزيمة مستقبلاً، والإصلاح إذا كان موضوع التوبة متعلقاً بحق من حقوق البشر، والآية التي عدها العلماء أرجى آية في القرآن الكريم:
﴿قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً﴾
[سورة الزمر الآية: 53]

أيها الأخوة الكرام, أحياناً تختلط الأوراق، الله عز وجل غفور رحيم، وقد يغيب عن هذا الذي يقول: إن الله غفور رحيم؛ أنه شديد العقاب، وأرجى آية في القرآن الكريم لو تابعتها:
﴿قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ * وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ * وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ بَغْتَةً وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ﴾
[سورة الزمر الآية: 53-55]
أرجى آية في القرآن الكريم في نهايتها: إن لم تتب, فالعذاب آت لا محالة .
ما محور هذا المقطع؟ :

http://www.nabulsi.com/images/inside...ar/3365/05.jpg
مرة قال طبيب لمريض كلمة رائعة, قال له: معك مشكلة في القلب، إن تلافيتها فهي صغيرة، وإن أهملتها فهي كبيرة، كلام جميل، والذنب أحياناً: إن أردت أن تتوب منه, فالقضية سهلة جداً، وإن أهملته, فهذا الذنب قد ينقلب إلى عادة، ومن أصعب الأشياء: أن يتخلى الإنسان عن عاداته، أنت تبدأ بخاطرة، بفكرة، بهمٍّ، بإرادة، بفعل، بعادة، هذا الذي قاله الله عز وجل:
﴿فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ﴾
[سورة الحديد الآية: 16]
من هنا: أدق معنى نحتاجه في هذا الدرس قوله تعالى: ﴿ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ﴾
[سورة النساء الآية: 17]
لا تجعل مسافة طويلة بين ارتكاب الذنب -لا سمح الله- وبين التوبة منه، هذه المسافة الطويلة تجعلك تألف الذنب، وهذه المسافة الطويلة تجعلك تظن أنه ليس بذنب، لأنك ألفته .

محمد رافع 52 02-03-2014 07:32 AM

قصة كررها الزمان كثيراً :

حدثني أخ ذهب إلى بلاد بعيدة في الغرب، قال لي: المعاصي والآثام التي نعرفها في بلادنا, أنه معاص وآثام كبيرة جداً, هناك هينة جداً على الناس لكثرة ألفتها .
في اللغة أداة توكيد، قال تعالى:
﴿قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً﴾
[سورة الزمر الآية: 53]
فما من ذنب لا يغفر، ولكن هناك أسباب للمغفرة، القصة المألوفة: أن الذي *** تسعة وتسعين رجلاً، ثم جاء ليتوب، سأل راهباً قليل العلم بحقائق النفس، وبأسماء الله، فقال له: هل لي من توبة؟ فقال له: لا، فكمّل به المئة، أما الثاني فقال له: لك توبة، على أن تغادر هذه الأرض .
سؤال :

الآن سأجيب عن أخطر سؤال يطرح، أنا هذا السؤال تواتر كثيراً علي، أنه يُقترف ذنب، ثم يتوب الإنسان منه، ثم يعود، ثم يتوب، ثم يعود، ثم يتوب، يقول لي: إلى متى؟ لأنك ما دمت تعيش في أجواء تدعوك إلى المعصية, فلا بد من أن تعصي، لأنك تغافلت عن قوله تعالى:﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ﴾
[سورة التوبة الآية: 119]
وتغافلت عن قوله تعالى: ﴿وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا﴾
[سورة الكهف الآية: 28]
ابحث عن البيئة التي أنت فيها . هذا ما ركز عليه الإسلام :

http://www.nabulsi.com/images/inside...ar/3365/06.jpg
أنا أقول لكم دائماً أيها الأخوة: عش مع المترفين تتمنَّ الترف، عش مع الساقطين تشتهِ السقوط, عش مع أهل الشهوات ترَ أن الشهوات شيء ممتع جداً، عش مع طلاب العلم ترَ أن طلاب العلم حققوا نجاحاً كبيراً، قل لي من تصاحب, أقل لك: من أنت؟ لذلك: موضوع الحمية الاجتماعية, الإسلام ركز عليه كثيراً، قال تعالى:
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَوَلَّوْا قَوْماً غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ﴾

[سورة الممتحنة الآية: 13]﴿وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ﴾
[سورة المائدة الآية: 51]

أنا لا أرى طالب علم تفوق إلا مع حمية اجتماعية، أما أن يصاحب أي إنسان، فأي إنسان يتكلم كما يشتهي، قد ينطق بالمعصية، قد ينطق بالشهوات، قد يزين لك الشهوات، وهذا الذي يزين لك المعصية, يقوم بدور الشيطان تماماً، قال تعالى:﴿فَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ﴾
[سورة النحل الآية: 63]
يمكن أن نلخص موضوع التوبة: أنه قبل كل شيء طلب علم، فما لم تطلب العلم, فلا تستطيع أن تتوب .
تعليق على هذه القصة :
من عشر سنوات تقريباً, استوقفني بجريدة يومية خبر، أن سائق سيارة استوقفته امرأة، فلما سألها: إلى أين ذاهبة؟ قالت له: إلى حيث تريد، ففهم، وعدّ هذه غنيمةً كبيرة، وبعد أن قضى ما يتمناه منها, أعطته ظرفين؛ الظرف الأول فيه خمسة آلاف دولار، والظرف الثاني فيه رسالة مكتوب فيها: مرحباً بك في نادي الإيدز، والمبلغ مزور، فأودِع في السجن، السجن والرسالة جعلته في نادي الإيدز .
تعليقي على هذه القصة: أن هذا الإنسان لو حضر مجلس علم ما كان بهذه الحالة، ولركل هذه المرأة بقدمه حينما قالت له: خذني حيث تريد .


محمد رافع 52 02-03-2014 07:33 AM

لم يقع الناس في الحرام؟ :

http://www.nabulsi.com/images/inside...ar/3365/07.jpg
يا أيها الأخوة الكرام, أنا متأكد أن الحلال بيّن والحرام بيّن، ولكن السؤال: لمَ يقع الناس في الحرام؟ لأن صحبتهم سيئة، بيئتهم فاسدة، من حولهم ليسوا على ما ينبغي، لذلك في آخر الزمان قال تعالى:
﴿فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ يَنْشُرْ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيُهَيِّئْ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ مِرفَقاً﴾
[سورة الكهف الآية: 16]

العلماء يقولون: من الوسيلة التي أمرنا بها صحبة الصالحين، قال تعالى:﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ﴾
[سورة المائدة الآية: 35]
الوسيلة من معانيها صحبة الصالحين .لا تسوف في التوبة :

قال تعالى:﴿فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَاراً * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَاراً * مَا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَاراً﴾
[سورة نوح الآية: 10-13]
كلما وقرت ربك أكثر, خفت أن تعصيه أكثر، وكأن هناك علاقة بين الخشية والتوبة، والله أعلم هناك مداخل للشيطان لا تعد ولا تحصى، الإنسان إذا استمر في الذنب, يستمرىء متابعة الذنب، وقعت، غداً تتوب، ومن يدري أنك تصل إلى الغد؟ معظم الناس يقول لك: أنا الآن شاب، غداً حينما أتقدم في السن, أتوب إلى الله، وأحج بيت الله الحرام، وأتوب، كم من إنسان لم يستطع أن يصل إلى ما يسمو إليه؟ الموت يأتي بغتةً، والقلب صندوق العمل، من أخطر المشاعر أو من أخطر الأوهام: أن تتوهم أن الوقت طويل، الوقت يمضي سريعاً .
أنا حينما كنت أذكر لكم كثيراً, رجلاً جلست معه ساعة, حدثني فيها عن عشرين سنة قادمة عن خططه، وفي المساء قرأت نعيه على الجدران .
حينما تعلم أن الله سبحانه وتعالى يحب التائبين، حينما تعلم أن الله سبحانه وتعالى يريد أن يتوب علينا، حينما تعلم أن الله سبحانه وتعالى أشد فرحًا بتوبة عبده من الضال الواجد، والعقيم الوالد، والظمآن الوارد، لا شك أن التوبة تغدو إحدى أهم وسائل النجاة من عذاب الله عز وجل .

شعور يعجز اللسان عن وصفه :
سبحانك يا رب، الإنسان إذا تاب, من كرم الله عز وجل: أنه يلقي في روعه أنه قبل توبته، يشعر براحة كبيرة جداً .
أيها الأخوة الكرام, إن الراحة التي يشعر بها التائبون من الصعب أن توصف، والله كأن جبالاً أزيحت عن صدره، كأن كابوساً تحرر منه، كأن ضيقاً خرج منه إلى فضاء الله عز وجل، فالتائب يكون الله معه .

هذا الذي يشدك إلى هذا الدين :
أنا أقول دائماً: الذي يشدك إلى الدين, ليس لأن الدين قدم لك تصورًا صحيحًا للكون والحياة والإنسان، الفكر في الدين رائع، والدين يعطيك تصورًا متناسبًا منسجمًا، فكل شيء في الدين له تفسير، أما لو جلست مع أهل الدنيا فيوجد تفوق بجانب، لكن يوجد خلل بجانب آخر، ويوجد أحياناً تناقض فيما يتصورونه، لكن منهج الله عز وجل، والعقيدة التي تستشف من كتاب الله وسنة نبيه, تؤكد أن هناك تناسقًا بين مخلوقات الله، أما من دون إيمان بالله ينشأ تناقض، وتتفجر أسئلة ليس لها جواب .

ayman5050 08-03-2014 12:11 AM

مشكووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووو ووووووووووووووووووووووووووور

محمد رافع 52 09-03-2014 11:51 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ayman5050 (المشاركة 5774513)
مشكووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووو ووووووووووووووووووووووووووور

بارك الله فيك

upnormal 12-03-2014 04:57 AM

شكرا جزيلا لك

محمد رافع 52 13-03-2014 01:07 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة upnormal (المشاركة 5779384)
شكرا جزيلا لك

جزاك الله عنا خيرا

ahmed970 25-04-2014 02:38 AM

جزاك الله خيراً


جميع الأوقات بتوقيت GMT +2. الساعة الآن 09:32 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.