بوابة الثانوية العامة المصرية

بوابة الثانوية العامة المصرية (https://www.thanwya.com/vb/index.php)
-   أرشيف المنتدى (https://www.thanwya.com/vb/forumdisplay.php?f=513)
-   -   روضة الشعر و الأدب (https://www.thanwya.com/vb/showthread.php?t=252624)

سماح الشعراوى 01-10-2010 12:12 PM

مع أشعار صلاح جاهين

سماح الشعراوى 01-10-2010 12:14 PM

على اسم مصر




على اسم مصر التاريخ يقدر يقول ما شاء

أنا مصر عندي أحب وأجمل الأشياء
باحبها وهي مالكه الأرض شرق وغرب
وباحبها وهي مرميه جريحة حرب
باحبها بعنف وبرقة وعلى استحياء
واكرهها وألعن أبوها بعشق زي الداء
واسيبها واطفش في درب وتبقى هي ف درب
وتلتفت تلقيني جنبها في الكرب
والنبض ينفض عروقي بألف نغمة وضرب
على اسم مصر
مصر النسيم في الليالي وبياعين الفل
ومرايه بهتانة ع القهوة .. أزورها .. واطل
القى النديم طل من مطرح منا طليت
والقاها برواز معلق عندنا في البيت
فيه القمر مصطفى كامل حبيب الكل
المصري باشا بشواربه اللي ما عرفوا الذل
ومصر فوق في الفراندة واسمها جولييت
ولما جيت بعد روميو بربع قرن بكيت
ومسحت دموعي في كمي ومن ساعتها وعيت
على اسم مصر
مصر السما الفزدقي وعصافير معدية
والقلة مملية ع الشباك .. مندية
والجد قاعد مربع يقرا في الجرنال
الكاتب المصري ذاته مندمج في مقال
ومصر قدامه اكتر كلمة مقرية
قريتها من قبل ما اكتب اسمي بإيديا
ورسمتها في الخيال على أبدع الأشكال
ونزلت أيام صبايا طفت كل مجال
زي المنادي وفؤادي يرتجف بجلال
على اسم مصر
شفت الجبرتي بحرافيش الحسين وبولاق
بإبن البلد ماشي زي النمس في الأسواق
بالفلاحين ع المداخل من بعيد وقريب
بالأرنؤوط بالشراكسة بكل صنف عجيب
مترصصين سور رهيب مزراق
في ريح مزراق
كأنهم لا بشـر ولا خلقـة الخـلاق
ومصر فلاحة تزرق بين رقيب ورقيب
من غير أبو الهول ما ينهض ناهضة شايله حليب
والصبح بدري الجبرتي ينام وقلمه يسيب
على اسم مصر
والمس حجارة الطوابي وادق بكعابي
يرجع لي صوت الصدى يفكرني بعذابي
يا ميت ندامة على أمة بلا جماهير
ثورتها يعملها جيشها ومالها غيره نصير
والشعب يرقص كأنه عجوز متصابي
إنهض من القبر احكي القصة يا عرابي
يطل لي رافع الطهطاوي م التصاوير
شاحب ومجروح في قلبه وجرح قلبه خطير
وعيونه مغرورقين بيصبوا دمع غزير
على اسم مصر
مالك سلامتك بتبكي ليه يا طهطاوي
قال لك عرابي .. انكسر بسلاح أوروباوي
وسلاح أوروبا ماهواش المدافع بس
ده فكر ناقد مميز للثمين والغث
قلناها ميت ألف مرة ألف مرة بصوت جهيرداوي
بس الحماقة لاليها طبيب ولا مداوي
ولا حد م الخلق بالخطر اللي داخل حس
الغفلانين اللي خلوا العقل صابه مس
قالوا الخطر هو فكر أوروبا لو يندس
على اسم مصر
أحسنت في القول صحيح يا ولد يا متنبي
جبت اللي جوه الفؤاد عن مصر متعبى
وحكمت بالعدل لكن بعضنا انظلموا
" يا أمة ضحكت من جهلها الأمم "
العلم كان عندنا من صغره متربي
لكنه هاجر وعدى البحر متخبي
لما الإيران هجموا ثم اليونان هجموا
ثم الرومان دمروا ثم التتار هدموا
ثم الجميع كل واحد جه مسح قدمه
على اسم مصر
والديك الفصيح م البيضه بيصيح
ويقول بالصريح
الفكر فوق في الشمال
يا الله الحقوه يا ولاد
لحقوه ولاد من ولاد الأغنيا الأسياد
وهم راجعين رموه في الباخرة
في البحرونزلوا حكموا في ظل الانجليز والقصر
ومصر في الشمس بتغربل كلام منعاد
عن ابن بنت ابن حنت وطارق ابن زياد
والانجليز راضية بالخطباء وخطب الفخر
خطيب يهز الرؤوس وخطيب يهز الخصر
وخطيب يموت موتة الأبطال قتيل القهر
على اسم مصر
هل مصر موميا جميلة صورتها فوق النعش
يعشقها مجنون ينادي عليها ولا تطلعش
هل مصر نار صفصفت والنفخ فيها محال
والأرض نشعت على رمادها استحال أوصال
سألت أنا الرافعي كان عجٌز ولا بيسمعش
لكن عينيه كانوا يحكولي قصص ما اشبعش
يقولولي ماتخافش مصر بخير وعال
العال مصر الجبرتي
ومصر الرافعي حال غير الحال
انظر محمد فريد أعظم وأرقى مثا
لعلى اسم مصر
أنا اللي مشيت ادوٌر باشتياق وحنين
على مصر .. والمشي خدني من سنين لسنين
لحد ماسنيـنهـا وسنـيني بقم واحد
وعاصرتها يوم بيوم لم فاتني يوم واحد
وحضرت شاهد عيان مولد وموت ملايين
مازعلت من كلمة قد البركة في الجايين
مين هم دول يا جدع .. ما توحد الواحد
البركة فينا وفي السامعين بالواحد
أنا قلتها بنرفزة .. من غيرة الواحد
على اسم مصر
مصر الرمال العتيقة وصهدها الجبار
والنيل كخرطوم حريقه وحيد في وسط النار
في إيدين بشر نمل رايحه وجاية
ع الضفةفيهم مطافي وفيهم كدابين زفة
وفيهم اللي تعالى وقال أنا حكمدار
وكل باب م البيبان مقفول على اسرار
وكل سر بحريقة عايزة تتطفا
من أهلي تندهلي وتقوللي تعا اتدفا
أنا اللي عمري انكتب إلى يوم ما اتوفى
على اسم مصر
القاهرة في اكتئاب والأنس عنها غاب
من عتمة تدخل لعتمة كأنها ف سرداب
أو قرية مرمي عليا ضل هجانةالحظر
م المغربية بأمر مولاناومصر في الليل بتولد
والبوليس ع الباب
صبية ولاٌدة يابا ولحمها جلاب
طلع الصباح زغرطت في السكة فرحانه
على كتفها مولودتها لسه عريانه
وف لحظة كانت جميع الدنيا دريانة
على اسم مصر .

سماح الشعراوى 01-10-2010 12:21 PM

ايليا ابو ماضي

سماح الشعراوى 01-10-2010 12:22 PM

قال السماء كئيبة وتجهما




قال السماء كئيبة ! وتجهماقلت: ابتسم يكفي التجهم في السما !
قال: الصبا ولى! فقلت له: ابتــسم لن يرجع الأسف الصبا المتصرما !!
قال: التي كانت سمائي في الهوى صارت لنفسي في الغرام جــهنما
خانت عــــهودي بعدما ملكـتها قلبي , فكيف أطيق أن أتبســما !
قلـــت: ابتسم و اطرب فلو قارنتهالقضيت عــــمرك كــله متألما
قال: الــتجارة في صراع هائل مثل المسافر كاد يقتله الـــظما
أو غادة مسلولة محــتاجة لدم ، و تنفثـ كلما لهثت دما !
قلت: ابتسم ما أنت جالب دائهاوشفائها, فإذا ابتسمت فربماأيكون غيرك مجرما.
و تبيت فيوجل كأنك أنت صرت المجرما ؟
قال: العدى حولي علت صيحاتهمأَ أُسر و الأعداء حولي في الحمى ؟
قلت: ابتسم, لم يطلبوك بذمهم لو لم تكن منهم أجل و أعظما !
قال: المواسم قد بدت أعلامهاو تعرضت لي في الملابس و الدمى
و علي للأحباب فرض لازم لكن كفي ليس تملك درهما
قلت: ابتسم, يكفيك أنك لم تزلحيا, و لست من الأحبة معدما!
قال: الليالي جرعتني علقما قلت: ابتسم و لئن جرعت العلقما
فلعل غيرك إن رآك مرنماطرح الكآبة جانبا و ترنما
أتُراك تغنم بالتبرم درهماأم أنت تخسر بالبشاشة مغنما ؟
يا صاح, لا خطر على شفتيك أنتتثلما, و الوجه أن يتحطما
فاضحك فإن الشهب تضحك و الدجي متلاطم, و لذا نحب الأنجما !
قال: البشاشة ليس تسعد كائنايأتي إلى الدنيا و يذهب مرغما
قلت ابتسم مادام بينك و الردى شبر, فإنك بعد لن تتبسما

سماح الشعراوى 01-10-2010 12:25 PM

نزار قباني

سماح الشعراوى 01-10-2010 12:27 PM

إغضب !!




إغضبْ كما تشاءُ..

واجرحْ أحاسيسي كما تشاءُ
حطّم أواني الزّهرِ والمرايا
هدّدْ بحبِّ امرأةٍ سوايا..
فكلُّ ما تفعلهُ سواءُ..
كلُّ ما تقولهُ سواءُ..
فأنتَ كالأطفالِ يا حبيبي
نحبّهمْ.. مهما لنا أساؤوا..
إغضبْ!
فأنتَ رائعٌ حقاً متى تثورُ
إغضب!
فلولا الموجُ ما تكوَّنت بحورُ..
كنْ عاصفاً.. كُنْ ممطراً..
فإنَّ قلبي دائماً غفورُ
إغضب!
فلنْ أجيبَ بالتحدّي
فأنتَ طفلٌ عابثٌ..
يملؤهُ الغرورُ..
وكيفَ من صغارها..
تنتقمُ الطيورُ؟
إذهبْ..
إذا يوماً مللتَ منّي..
واتهمِ الأقدارَ واتّهمني..
أما أنا فإني..
سأكتفي بدمعي وحزني..
فالصمتُ كبرياءُ
والحزنُ كبرياءُ
إذهبْ..
إذا أتعبكَ البقاءُ..
فالأرضُ فيها العطرُ والنساءُ..
والأعين الخضراء والسوداء
وعندما تريد أن تراني
وعندما تحتاجُ كالطفلِ إلى حناني..
فعُدْ إلى قلبي متى تشاءُ..
فأنتَ في حياتيَ الهواءُ..
وأنتَ.. عندي الأرضُ والسماءُ..
إغضبْ كما تشاءُ
واذهبْ كما تشاءُ
واذهبْ.. متى تشاءُ
لا بدَّ أن تعودَ ذاتَ يومٍ
وقد عرفتَ ما هوَ الوفاءُ...

سماح الشعراوى 01-10-2010 12:28 PM

قصيدة الحزن




علمني حبك ..أن أحزن
و أنا محتاج منذ عصور
لامرأة تجعلني أحزن
لامرأة أبكي بين ذراعيها
مثل العصفور..
لامرأة.. تجمع أجزائي
كشظايا البللور المكسور
***
علمني حبك.. سيدتي
أسوأ عادات
علمني أفتح فنجاني
في الليلة ألاف المرات..
و أجرب طب العطارين..
و أطرق باب العرافات..
علمني ..أخرج من بيتي..
لأمشط أرصفة الطرقات
و أطارد وجهك..
في الأمطار ، و في أضواء السيارات..
و أطارد طيفك..
حتى .. حتى ..
في أوراق الإعلانات ..
علمني حبك..
كيف أهيم على وجهي..ساعات
بحثا عن شعر غجري
تحسده كل الغجريات
بحثا عن وجه ٍ..عن صوتٍ..
هو كل الأوجه و الأصواتْ
***
أدخلني حبكِ.. سيدتي
مدن الأحزانْ..
و أنا من قبلكِ لم أدخلْ
مدنَ الأحزان..
لم أعرف أبداً..
أن الدمع هو الإنسان
أن الإنسان بلا حزنٍ
ذكرى إنسانْ..
***
علمني حبكِ..
أن أتصرف كالصبيانْ
أن أرسم وجهك ..
بالطبشور على الحيطانْ..
و على أشرعة الصيادينَ
على الأجراس..
على الصلبانْ
علمني حبكِ..
كيف الحبُّ يغير خارطة الأزمانْ..
علمني أني حين أحبُّ..
تكف الأرض عن الدورانْ
علمني حبك أشياءً..
ما كانت أبداً في الحسبانْ
فقرأت أقاصيصَ الأطفالِ..
دخلت قصور ملوك الجانْ
و حلمت بأن تتزوجني
بنتُ السلطان..
تلك العيناها .. أصفى من ماء الخلجانْ
تلك الشفتاها.. أشهى من زهر الرمانْ
و حلمت بأني أخطفها
مثل الفرسانْ..
و حلمت بأني أهديها
أطواق اللؤلؤ و المرجانْ..
علمني حبك يا سيدتي, ما الهذيانْ
علمني كيف يمر العمر..
و لا تأتي بنت السلطانْ..
***
علمني حبكِ..
كيف أحبك في كل الأشياءْ
في الشجر العاري..
في الأوراق اليابسة الصفراءْ
في الجو الماطر.. في الأنواءْ..
في أصغر مقهى..
نشرب فيهِ، مساءً، قهوتنا السوداءْ..
علمني حبك أن آوي..
لفنادقَ ليس لها أسماءْ
و كنائس ليس لها أسماءْ
و مقاهٍ ليس لها أسماءْ
علمني حبكِ..
كيف الليلُ يضخم أحزان الغرباءْ..
علمني..كيف أرى بيروتْ
إمرأة..طاغية الإغراءْ..
إمراةً..تلبس كل كل مساءْ
أجمل ما تملك من أزياءْ
و ترش العطر.. على نهديها
للبحارةِ..و الأمراء..
علمني حبك ..
أن أبكي من غير بكاءْ
علمني كيف ينام الحزن
كغلام مقطوع القدمينْ..
في طرق (الروشة) و (الحمراء)..
***
علمني حبك أن أحزنْ..
و أنا محتاج منذ عصور
لامرأة.. تجعلني أحزن
لامرأة.. أبكي بين ذراعيها..
مثل العصفور..
لامرأة تجمع أجزائي..
كشظايا البللور المكسور..

سماح الشعراوى 01-10-2010 12:29 PM

الحاكم والعصفور




أتجوَّلُ في الوطنِ العربيِّ
لأقرأَ شعري للجمهورْ
فأنا مقتنعٌ
أنَّ الشعرَ رغيفٌ يُخبزُ للجمهورْ
وأنا مقتنعٌ – منذُ بدأتُ –
بأنَّ الأحرفَ أسماكٌ
وبأنَّ الماءَ هوَ الجمهورْ
أتجوَّلُ في الوطنِ العربيِّ
وليسَ معي إلا دفترْ
يُرسلني المخفرُ للمخفرْ
يرميني العسكرُ للعسكرْ
وأنا لا أحملُ في جيبي إلا عصفورْ
لكنَّ الضابطَ يوقفني
ويريدُ جوازاً للعصفورْ
تحتاجُ الكلمةُ في وطني
لجوازِ مرورْ
أبقى ملحوشاً ساعاتٍ
منتظراً فرمانَ المأمورْ
أتأمّلُ في أكياسِ الرملِ
ودمعي في عينيَّ بحورْ
وأمامي كانتْ لافتةٌ
تتحدّثُ عن (وطنٍ واحدْ)
تتحدّثُ عن (شعبٍ واحدْ)
وأنا كالجُرذِ هنا قاعدْ
أتقيأُ أحزاني..
وأدوسُ جميعَ شعاراتِ الطبشورْ
وأظلُّ على بابِ بلادي
مرميّاً..
كالقدحِ المكسورْ

سماح الشعراوى 01-10-2010 12:30 PM

قارئة الفنجان




جَلَسَت والخوفُ بعينيها
تتأمَّلُ فنجاني المقلوب
قالت:
يا ولدي.. لا تَحزَن
فالحُبُّ عَليكَ هوَ المكتوب
يا ولدي،
قد ماتَ شهيداً
من ماتَ على دينِ المحبوب
فنجانك دنيا مرعبةٌ
وحياتُكَ أسفارٌ وحروب..
ستُحِبُّ كثيراً يا ولدي..
وتموتُ كثيراً يا ولدي
وستعشقُ كُلَّ نساءِ الأرض..
وتَرجِعُ كالملكِ المغلوب
بحياتك يا ولدي امرأةٌ
عيناها، سبحانَ المعبود
فمُها مرسومٌ كالعنقود
ضحكتُها موسيقى و ورود
لكنَّ سماءكَ ممطرةٌ..
وطريقكَ مسدودٌ.. مسدود
فحبيبةُ قلبكَ.. يا ولدي
نائمةٌ في قصرٍ مرصود
والقصرُ كبيرٌ يا ولدي
وكلابٌ تحرسُهُ.. وجنود
وأميرةُ قلبكَ نائمةٌ..
من يدخُلُ حُجرتها مفقود..
من يطلبُ يَدَها..
من يَدنو من سورِ حديقتها.. مفقود
من حاولَ فكَّ ضفائرها..
يا ولدي..
مفقودٌ.. مفقود
بصَّرتُ.. ونجَّمت كثيراً
لكنّي.. لم أقرأ أبداً
فنجاناً يشبهُ فنجانك
لم أعرف أبداً يا ولدي..
أحزاناً تشبهُ أحزانك
مقدُورُكَ.. أن تمشي أبداً
في الحُبِّ .. على حدِّ الخنجر
وتَظلَّ وحيداً كالأصداف
وتظلَّ حزيناً كالصفصاف
مقدوركَ أن تمضي أبداً..
في بحرِ الحُبِّ بغيرِ قُلوع
وتُحبُّ ملايينَ المَرَّاتِ...
وترجعُ كالملكِ المخلوع..

سماح الشعراوى 01-10-2010 12:32 PM

رفقاً باعصابي




شَرَّشْتِ ..
في لحمي و أعْصَابي ..
وَ مَلَكْتِني بذكاءِ سنجابِ
شَرَّشْتِ .. في صَوْتي ، و في لُغَتي
و دَفَاتري ، و خُيُوطِ أَثوابي ..
شَرَّشْتِ بي .. شمساً و عافيةً
و كسا ربيعُكِ كلَّ أبوابي ..
شَرَّشْتِ .. حتّى في عروقِ يدي
وحوائجي .. و زجَاج أكوابي ..
شَرَّشْتِ بي .. رعداً .. و صاعقةً
و سنابلاً ، و كرومَ أعنابِ
شَرَّشْتِ .. حتّى صار جوفُ يدي
مرعى فراشاتٍ .. و أعشابِ
تَتَساقطُ الأمطارُ .. من شَفَتِي ..
و القمحُ ينبُتُ فوقَ أهْدَابي ..
شَرَّشْتِ .. حتَّى العظْم .. يا امرأةً
فَتَوَقَّفي .. رِفْقاً بأعصابي ..

سماح الشعراوى 01-10-2010 12:33 PM

حقائب الدموع والبكاء




إذا أتى الشتاء..
وحركت رياحه ستائري
أحس يا صديقتي
بحاجة إلى البكاء
على ذراعيك..
على دفاتري..
إذا أتى الشتاء
وانقطعت عندلة العنادل
وأصبحت ..
كل العصافير بلا منازل
يبتدئ النزيف في قلبي .. وفي أناملي.
كأنما الأمطار في السماء
تهطل يا صديقتي في داخلي..
عندئذ .. يغمرني
شوق طفولي إلى البكاء ..
على حرير شعرك الطويل كالسنابل..
كمركب أرهقه العياء
كطائر مهاجر..
يبحث عن نافذة تضاء
يبحث عن سقف له ..
في عتمة الجدائل ..
*
إذا أتى الشتاء..
واغتال ما في الحقل من طيوب..
وخبأ النجوم في ردائه الكئيب
يأتي إلى الحزن من مغارة المساء
يأتي كطفل شاحب غريب
مبلل الخدين والرداء..
وأفتح الباب لهذا الزائر الحبيب
أمنحه السرير .. والغطاء
أمنحه .. جميع ما يشاء
*
من أين جاء الحزن يا صديقتي ؟
وكيف جاء؟
يحمل لي في يده..
زنابقا رائعة الشحوب
يحمل لي ..
حقائب الدموع والبكاء..

سماح الشعراوى 01-10-2010 12:34 PM

متى يعلنون وفاة العرب




1 -
أحاولُ منذ الطُفولةِ رسْمَ بلادٍ
تُسمّى - مجازا - بلادَ العَرَبْ
تُسامحُني إن كسرتُ زُجاجَ القمرْ...
وتشكرُني إن كتبتُ قصيدةَ حبٍ
وتسمحُ لي أن أمارسَ فعْلَ الهوى
ككلّ العصافير فوق الشجرْ...
أحاول رسم بلادٍ
تُعلّمني أن أكونَ على مستوى العشْقِ دوما
فأفرشَ تحتكِ ، صيفا ، عباءةَ حبي
وأعصرَ ثوبكِ عند هُطول المطرْ...
- 2 -
أحاولُ رسْمَ بلادٍ...
لها برلمانٌ من الياسَمينْ.
وشعبٌ رقيق من الياسَمينْ.
تنامُ حمائمُها فوق رأسي.
وتبكي مآذنُها في عيوني.
أحاول رسم بلادٍ تكون صديقةَ شِعْري.
ولا تتدخلُ بيني وبين ظُنوني.
ولا يتجولُ فيها العساكرُ فوق جبيني.
أحاولُ رسْمَ بلادٍ...
تُكافئني إن كتبتُ قصيدةَ شِعْرٍ
وتصفَحُ عني ، إذا فاض نهرُ جنوني
- 3 -
أحاول رسم مدينةِ حبٍ...
تكون مُحرّرةً من جميع العُقَدْ...
فلايذبحون الأنوثةَ فيها...ولايقمَعون الجَسَدْ...
- 4 -
رَحَلتُ جَنوبا...رحلت شمالا...
ولافائدهْ...
فقهوةُ كلِ المقاهي ، لها نكهةٌ واحدهْ...
وكلُ النساءِ لهنّ - إذا ما تعرّينَ-
رائحةٌ واحدهْ...
وكل رجالِ القبيلةِ لايمْضَغون الطعامْ
ويلتهمون النساءَ بثانيةٍ واحدهْ.
- 5 -
أحاول منذ البداياتِ...
أن لاأكونَ شبيها بأي أحدْ...
رفضتُ الكلامَ المُعلّبَ دوما.
رفضتُ عبادةَ أيِ وثَنْ...
- 6 -
أحاول إحراقَ كلِ النصوصِ التي أرتديها.
فبعضُ القصائدِ قبْرٌ،
وبعضُ اللغاتِ كَفَنْ.
وواعدتُ آخِرَ أنْثى...
ولكنني جئتُ بعد مرورِ الزمنْ...
- 7 -
أحاول أن أتبرّأَ من مُفْرداتي
ومن لعْنةِ المبتدا والخبرْ...
وأنفُضَ عني غُباري.
وأغسِلَ وجهي بماء المطرْ...
أحاول من سلطة الرمْلِ أن أستقيلْ...
وداعا قريشٌ...
وداعا كليبٌ...
وداعا مُضَرْ...
- 8 -
أحاول رسْمَ بلادٍ
تُسمّى - مجازا - بلادَ العربْ
سريري بها ثابتٌ
ورأسي بها ثابتٌ
لكي أعرفَ الفرقَ بين البلادِ وبين السُفُنْ...
ولكنهم...أخذوا عُلبةَ الرسْمِ منّي.
ولم يسمحوا لي بتصويرِ وجهِ الوطنْ...
- 9 -
أحاول منذ الطفولةِ
فتْحَ فضاءٍ من الياسَمينْ
وأسّستُ أولَ فندقِ حبٍ...بتاريخ كل العربْ...
ليستقبلَ العاشقينْ...
وألغيتُ كل الحروب القديمةِ...
بين الرجال...وبين النساءْ...
وبين الحمامِ...ومَن يذبحون الحمامْ...
وبين الرخام ومن يجرحون بياضَ الرخامْ...
ولكنهم...أغلقوا فندقي...
وقالوا بأن الهوى لايليقُ بماضي العربْ...
وطُهْرِ العربْ...
وإرثِ العربْ...
فيا لَلعجبْ!!
- 10 -
أحاول أن أتصورَ ما هو شكلُ الوطنْ؟
أحاول أن أستعيدَ مكانِيَ في بطْنِ أمي
وأسبحَ ضد مياه الزمنْ...
وأسرقَ تينا ، ولوزا ، و خوخا،
وأركضَ مثل العصافير خلف السفنْ.
أحاول أن أتخيّلَ جنّة عَدْنٍ
وكيف سأقضي الإجازةَ بين نُهور العقيقْ...
وبين نُهور اللبنْ...
وحين أفقتُ...اكتشفتُ هَشاشةَ حُلمي
فلا قمرٌ في سماءِ أريحا...
ولا سمكٌ في مياهِ الفُرات...
ولا قهوةٌ في عَدَنْ...
- 11 -
أحاول بالشعْرِ...أن أُمسِكَ المستحيلْ...
وأزرعَ نخلا...
ولكنهم في بلادي ، يقُصّون شَعْر النخيلْ...
أحاول أن أجعلَ الخيلَ أعلى صهيلا
ولكنّ أهلَ المدينةِيحتقرون الصهيلْ!!
- 12 -
أحاول - سيدتي - أن أحبّكِ...
خارجَ كلِ الطقوسْ...
وخارج كل النصوصْ...
وخارج كل الشرائعِ والأنْظِمَهْ
أحاول - سيدتي - أن أحبّكِ...
في أي منفى ذهبت إليه...
لأشعرَ - حين أضمّكِ يوما لصدري -
بأنّي أضمّ تراب الوَطَنْ...
- 13 -
أحاول - مذْ كنتُ طفلا، قراءة أي كتابٍ
تحدّث عن أنبياء العربْ.
وعن حكماءِ العربْ... وعن شعراءِ العربْ...
فلم أر إلا قصائدَ تلحَسُ رجلَ الخليفةِ
من أجل جَفْنةِ رزٍ... وخمسين درهمْ...
فيا للعَجَبْ!!
ولم أر إلا قبائل ليست تُفرّق ما بين لحم النساء...
وبين الرُطَبْ...
فيا للعَجَبْ!!
ولم أر إلا جرائد تخلع أثوابها الداخليّهْ...
لأيِ رئيسٍ من الغيب يأتي...
وأيِ عقيدٍ على جُثّة الشعب يمشي...
وأيِ مُرابٍ يُكدّس في راحتيه الذهبْ...
فيا للعَجَبْ!!
- 14 -
أنا منذ خمسينَ عاما،
أراقبُ حال العربْ.
وهم يرعدونَ، ولايمُطرونْ...
وهم يدخلون الحروب، ولايخرجونْ...
وهم يعلِكونَ جلود البلاغةِ عَلْكا
ولا يهضمونْ...
- 15 -
أنا منذ خمسينَ عاما
أحاولُ رسمَ بلادٍ
تُسمّى - مجازا - بلادَ العربْ
رسمتُ بلون الشرايينِ حينا
وحينا رسمت بلون الغضبْ.
وحين انتهى الرسمُ، ساءلتُ نفسي:
إذا أعلنوا ذاتَ يومٍ وفاةَ العربْ...
ففي أيِ مقبرةٍ يُدْفَنونْ؟
ومَن سوف يبكي عليهم؟
وليس لديهم بناتٌ...
وليس لديهم بَنونْ...
وليس هنالك حُزْنٌ،
وليس هنالك مَن يحْزُنونْ!!
- 16 -
أحاولُ منذُ بدأتُ كتابةَ شِعْري
قياسَ المسافةِ بيني وبين جدودي العربْ.
رأيتُ جُيوشا...ولا من جيوشْ...
رأيتُ فتوحا...ولا من فتوحْ...
وتابعتُ كلَ الحروبِ على شاشةِ التلْفزهْ...
فقتلى على شاشة التلفزهْ...
وجرحى على شاشة التلفزهْ...
ونصرٌ من الله يأتي إلينا...على شاشة التلفزهْ...
- 17 -
أيا وطني: جعلوك مسلْسلَ رُعْبٍ
نتابع أحداثهُ في المساءْ.
فكيف نراك إذا قطعوا الكهْرُباءْ؟؟
- 18 -
أنا...بعْدَ خمسين عاما
أحاول تسجيل ما قد رأيتْ...
رأيتُ شعوبا تظنّ بأنّ رجالَ المباحثِ
أمْرٌ من الله...مثلَ الصُداعِ...ومثل الزُكامْ...
ومثلَ الجُذامِ...ومثل الجَرَبْ...
رأيتُ العروبةَ معروضةً في مزادِ الأثاث القديمْ...
ولكنني...ما رأيتُ العَرَبْ!!...

سماح الشعراوى 01-10-2010 12:35 PM

أيظن




أيظن أني لعبة بيديه؟
أنا لا أفكر في الرجوع إليه
اليوم عاد كأن شيئا لم يكن
وبراءة الأطفال في عينيه
ليقول لي : إني رفيقة دربه
وبأنني الحب الوحيد لديه
حمل الزهور إليّ .. كيف أرده
وصباي مرسوم على شفتيه
ما عدت أذكر .. والحرائق في دمي
كيف التجأت أنا إلى زنديه
خبأت رأسي عنده .. وكأنني
طفل أعادوه إلى أبويه
حتى فساتيني التي أهملتها
فرحت به .. رقصت على قدميه
سامحته .. وسألت عن أخباره
وبكيت ساعات على كتفيه
وبدون أن أدري تركت له يدي
لتنام كالعصفور بين يديه ..
ونسيت حقدي كله في لحظة
من قال إني قد حقدت عليه؟
كم قلت إني غير عائدة له
ورجعت .. ما أحلى الرجوع إليه ..

سماح الشعراوى 01-10-2010 12:38 PM

مع جريدة



أخرجَ من معطفهِ الجريده..
وعلبةَ الثقابِ
ودون أن يلاحظَ اضطرابي..
ودونما اهتمامِ
تناولَ السكَّرَ من أمامي..
ذوَّب في الفنجانِ قطعتين
ذوَّبني.. ذوَّب قطعتين
وبعدَ لحظتين
ودونَ أن يراني
ويعرفَ الشوقَ الذي اعتراني..
تناولَ المعطفَ من أمامي
وغابَ في الزحامِ
مخلَّفاً وراءه.. الجريده
وحيدةً
مثلي أنا.. وحيده

سماح الشعراوى 01-10-2010 12:40 PM

طوق الياسمين




شكراً.. لطوق الياسمين
وضحكت لي.. وظننت أنك تعرفين
معنى سوار الياسمين
يأتي به رجل إليك
ظننت أنك تدركين
*
وجلست في ركن ركين
تتسرحين
وتنقطين العطر من قارورة و تدمدمين
لحناً فرنسي الرنين
لحناً كأيامي حزين
قدماك في الخف المقصب
جدولان من الحنين
وقصدت دولاب الملابس
تقلعين .. وترتدين
وطلبت أن أختار ماذا تلبسين
أفلي إذن ؟
أفلي أنا تتجملين ؟
ووقفت .. في دوامة الأوان ملتهب الجبين
الأسود المكشوف من كتفيه
هل تترددين ؟
لكنه لون حزين
لون كأيامي حزين
ولبسته
وربطت طوق الياسمين
وظننت أنك تعرفين
معنى سوار الياسمين
يأتي به رجل إليك
ظننت أنك تدركين..
هذا المساء
بحانة صغرى رأيتك ترقصين
تتكسرين على زنود المعجبين
تتكسرين
وتدمدمين
قي أذن فارسك الأمين
لحناً فرنسي الرنين
لحناً كأيامي حزين
*
وبدأت أكتشف اليقين
وعرفت أنك للسوى تتجملين
وله ترشين العطور
وتقلعين
وترتدين
ولمحت طوق الياسمين
في الأرض .. مكتوم الأنين
كالجثة البيضاء
تدفعه جموع الراقصين
ويهم فارسك الجميل بأخذه
فتمانعين
وتقهقهين
" لاشيء يستدعي انحناْك
ذاك طوق الياسمين .. "

سماح الشعراوى 01-10-2010 12:41 PM

نهر الأحزان




عيناكِ كنهري أحـزانِ
نهري موسيقى.. حملاني
لوراءِ، وراءِ الأزمـانِ
نهرَي موسيقى قد ضاعا
سيّدتي.. ثمَّ أضاعـاني
الدمعُ الأسودُ فوقهما
يتساقطُ أنغامَ بيـانِ
عيناكِ وتبغي وكحولي
والقدحُ العاشرُ أعماني
وأنا في المقعدِ محتـرقٌ
نيراني تأكـلُ نيـراني
أأقول أحبّكِ يا قمري؟
آهٍ لـو كانَ بإمكـاني
فأنا لا أملكُ في الدنيـا
إلا عينيـكِ وأحـزاني
سفني في المرفأ باكيـةٌ
تتمزّقُ فوقَ الخلجـانِ
ومصيري الأصفرُ حطّمني
حطّـمَ في صدري إيماني
أأسافرُ دونكِ ليلكـتي؟
يا ظـلَّ الله بأجفـاني
يا صيفي الأخضرَ ياشمسي
يا أجمـلَ.. أجمـلَ ألواني
هل أرحلُ عنكِ وقصّتنا
أحلى من عودةِ نيسانِ؟
أحلى من زهرةِ غاردينيا
في عُتمةِ شعـرٍ إسبـاني
يا حبّي الأوحدَ.. لا تبكي
فدموعُكِ تحفرُ وجـداني
إني لا أملكُ في الدنيـا
إلا عينيـكِ ..و أحزاني
أأقـولُ أحبكِ يا قمـري؟
آهٍ لـو كـان بإمكـاني
فأنـا إنسـانٌ مفقـودٌ
لا أعرفُ في الأرضِ مكاني
ضيّعـني دربي.. ضيّعَـني
إسمي.. ضيَّعَـني عنـواني
تاريخـي! ما ليَ تاريـخٌ
إنـي نسيـانُ النسيـانِ
إنـي مرسـاةٌ لا ترسـو
جـرحٌ بملامـحِ إنسـانِ
ماذا أعطيـكِ؟ أجيبيـني
قلقـي؟ إلحادي؟ غثيـاني
ماذا أعطيـكِ سـوى قدرٍ
يرقـصُ في كفِّ الشيطانِ
أنا ألـفُ أحبّكِ.. فابتعدي
عنّي.. عن نـاري ودُخاني
فأنا لا أمـلكُ في الدنيـا
إلا عينيـكِ... وأحـزاني

سماح الشعراوى 01-10-2010 12:42 PM

رسالة من تحت الماء




إن كنتَ صديقي.. ساعِدني
كَي أرحَلَ عَنك..
أو كُنتَ حبيبي.. ساعِدني
كَي أُشفى منك
لو أنِّي أعرِفُ أنَّ الحُبَّ خطيرٌ جِدَّاً
ما أحببت
لو أنِّي أعرفُ أنَّ البَحرَ عميقٌ جِداً
ما أبحرت..
لو أنِّي أعرفُ خاتمتي
ما كنتُ بَدأت...
إشتقتُ إليكَ.. فعلِّمني
أن لا أشتاق
علِّمني
كيفَ أقُصُّ جذورَ هواكَ من الأعماق
علِّمني
كيف تموتُ الدمعةُ في الأحداق
علِّمني
كيفَ يموتُ القلبُ وتنتحرُ الأشواق
*
إن كنت نبياً .. خلصني
من هذا السحر..
من هذا الكفر
حبك كالكفر.. فطهرني
من هذا الكفر..
إن كنتَ قويَّاً.. أخرجني
من هذا اليَمّ..
فأنا لا أعرفُ فنَّ العوم
الموجُ الأزرقُ في عينيك.. يُجرجِرُني نحوَ الأعمق
وأنا ما عندي تجربةٌ
في الحب.. ولا عندي زورق..
إن كنت أعز عليك .. فخذ بيديّ
فأنا عاشقةٌ من رأسي .. حتى قدميّ
إني أتنفَّسُ تحتَ الماء..
إنّي أغرق..
أغرق..
أغرق..

سماح الشعراوى 01-10-2010 12:43 PM

أشهد أن لا أمرأه إلا أنت




أشهدُ أن لا امرأة ً
أتقنت اللعبة إلا أنت
واحتملت حماقتي
عشرة أعوام كما احتملت
واصطبرت على جنوني مثلما صبرت
وقلمت أظافري
ورتبت دفاتري
وأدخلتني روضة الأطفال
إلا أنتِ ..
2
أشهدُ أن لا امرأة ً
تشبهني كصورة زيتية
في الفكر والسلوك إلا أنت
والعقل والجنون إلا أنت
والملل السريع
والتعلق السريع
إلا أنتِ ..
أشهدُ أن لا امرأة ً
قد أخذت من اهتمامي
نصف ما أخذتِ
واستعمرتني مثلما فعلت
وحررتني مثلما فعلت
3
أشهدُ أن لا امرأة ً
تعاملت معي كطفل عمره شهران
إلا أنتِ ..
وقدمت لي لبن العصفور
والأزهار والألعاب
إلا أنتِ ..
أشهدُ أن لا امرأة ً
كانت معي كريمة كالبحر
راقية كالشعر
ودللتني مثلما فعلت
وأفسدتني مثلما فعلت
أشهد أن لا امرأة
قد جعلت طفولتي
تمتد للخمسين .. إلا أنت
4
أشهدُ أن لا امرأة ً
تقدرأن تقول إنها النساء .. إلا أنت
وإن في سُرَّتِها
مركز هذا الكون
أشهدُ أن لا امرأة ً
تتبعها الأشجار عندما تسير
إلا أنتِ ..
ويشرب الحمام من مياه جسمها الثلجي
إلا أنتِ ..
وتأكل الخراف من حشيش إبطها الصيفي
إلا أنت
أشهدُ أن لا امرأة ً
إختصرت بكلمتين قصة الأنوثة
وحرضت رجولتي عليَّ
إلا أنتِ ..
5
أشهدُ أن لا امرأة ً
توقف الزمان عند نهدها الأيمن
إلا أنتِ ..
وقامت الثورات من سفوح نهدها الأيسر
إلا أنتِ ..
أشهدُ أن لا امرأة ً
قد غيرت شرائع العالم إلا أنت
وغيرت
خريطة الحلال والحرام
إلا أنتِ ..
6
أشهدُ أن لا امرأة ً
تجتاحني في لحظات العشق كالزلزال
تحرقني .. تغرقني
تشعلني .. تطفئني
تكسرني نصفين كالهلال
أشهدُ أن لا امرأة ً
تحتل نفسي أطول احتلال
وأسعد احتلال
تزرعني
وردا دمشقيا
ونعناعا
وبرتقال
يا امرأة
اترك تحت شَعرها أسئلتي
ولم تجب يوما على سؤال
يا امرأة هي اللغات كلها
لكنها
تلمس بالذِهْنِ ولا تُقال
7
أيتها البحرية العينين
والشمعية اليدين
والرائعة الحضور
أيتها البيضاء كالفضة
والملساء كالبلور
أشهدُ أن لا امرأة ً
على محيط خصرها . .تجتمع العصور
وألف ألف كوكب يدور
أشهدُ أن لا امرأة ً .. غيرك يا حبيبتي
على ذراعيها تربى أول الذكور
وآخر الذكور
8
أيتها اللماحة الشفافة
العادلة الجميلة
أيتها الشهية البهية
الدائمة الطفوله
أشهدُ أن لا امرأة ً
تحررت من حكم أهل الكهف إلا أنت
وكسرت أصنامهم
وبددت أوهامهم
وأسقطت سلطة أهل الكهف إلا أنت
أشهد أن لا امرأة
إستقبلت بصدرها خناجر القبيلة
واعتبرت حبي لها
خلاصة الفضيله
9
أشهدُ أن لا امرأة ً
جاءت تماما مثلما انتظرت
وجاء طول شعرها أطول مما شئت أو حلمت
وجاء شكل نهدها
مطابقا لكل ما خططت أو رسمت
أشهدُ أن لا امرأة ً
تخرج من سحب الدخان .. إن دخنت
تطير كالحمامة البيضاء في فكري .. إذا فكرت
يا امرأة ..كتبت عنها كتبا بحالها
لكنها برغم شعري كله
قد بقيت .. أجمل من جميع ما كتبت
10
أشهدُ أن لا امرأة ً
مارست الحب معي بمنتهى الحضاره
وأخرجتني من غبار العالم الثالث
إلا أنت
أشهدُ أن لا امرأة ً
قبلك حلت عقدي
وثقفت لي جسدي
وحاورته مثلما تحاور القيثاره
أشهدُ أن لا امرأة ً
إلا أنتِ ..
إلا أنتِ ..
إلا أنتِ ..

سماح الشعراوى 01-10-2010 12:45 PM

السيرة الذاتية لسياف عربي ..!




1
أيها الناس:
لقد أصبحت سلطانا عليكم
فاكسروا أصنامكم بعد ضلال ، واعبدونى...
إننى لا أتجلى دائما..
فاجلسوا فوق رصيف الصبر، حتى تبصرونى
اتركوا أطفالكم من غير خبز
واتركوا نسوانكم من غير بعل .. واتبعونى
إحمدوا الله على نعمته
فلقد أرسلنى كى أكتب التاريخ،
والتاريخ لا يكتب دونى
إننى يوسف فى الحسن
ولم يخلق الخالق شعرا ذهبيا مثل شعرى
وجبينا نبويا كجبينى
وعيونى غابة من شجر الزيتون واللوز
فصلوا دائما كى يحفظ الله عيونى
أيها الناس:
أنا مجنون ليلى
فابعثوا زوجاتكم يحملن منى..
وابعثوا أزواجكم كى يشكرونى
شرف أن تأكلوا حنطة جسمى
شرف أن تقطفوا لوزى وتينى
شرف أن تشبهونى..
فأنا حادثة ما حدثت
منذ آلاف القرون..
2
أيها الناس:
أنا الأول والأعدل،
والأجمل من بين جميع الحاكمين
وأنا بدر الدجى، وبياض الياسمين
وأنا مخترع المشنقة الأولى، وخير المرسلين..
كلما فكرت أن أعتزل السلطة، ينهانى ضميرى
من ترى يحكم بعدى هؤلاء الطيبين؟
من سيشفى بعدى الأعرج، والأبرص، والأعمى..
ومن يحيى عظام الميتين؟
من ترى يخرج من معطفه ضوء القمر؟
من ترى يرسل للناس المطر؟
من ترى يجلدهم تسعين جلدة؟
من ترى يصلبهم فوق الشجر؟
من ترى يرغمهم أن يعيشوا كالبقر؟
ويموتوا كالبقر؟
كلما فكرت أن أتركهم
فاضت دموعى كغمامة..
وتوكلت علىلا الله ...
وقررت أن أركب الشعب..
من الآن.. الى يوم القيامه..
3
أيها الناس:
أنا أملككم
كما أملك خيلى .. وعبيدى
وأنا أمشى عليكم مثلما أمشى على سجاد قصرى
فاسجدوا لى فى قيامى
واسجدوا لى فى قعودى
أولم أعثر عليكم ذات يوم
بين أوراق جدودى ؟؟
حاذروا أن تقرأوا أى كتاب
فأنا أقرأ عنكم..
حاذروا أن تكتبوا أى خطاب
فأنا أكتب عنكم..
حاذروا أن تسمعوا فيروز بالسر
فإنى بنواياكم عليم
حاذروا أن تدخلوا القبر بلا إذنى
فهذا عندنا إثم عظيم
والزموا الصمت، إذا كلمتكم
فكلامى هو قرآن كريم..
4
أيها الناس:
أنا مهديكم ، فانتظرونى
ودمى ينبض فى قلب الدوالى، فاشربونى
أوقفوا كل الأناشيد التى ينشدها الأطفال
فى حب الوطن
فأنا صرت الوطنه.
إننى الواحد، والخالد ما بين جميع الكائنات
وأنا المخزون فى ذاكرة التفاح، والناى،
وزرق الأغنيات
إرفعوا فوق الميادين تصاويرى
وغطونى بغيم الكلمات
واخطبوا لى أصغر الزوجات سناً..
فأنا لست أشيخ..
جسدى ليس يشيخ..
وسجونى لا تشيخ..
وجهاز القمع فى مملكتى ليس يشيخ..
أيها الناس:
أنا الحجاج إن أنزع قناعى تعرفونى
وأنا جنكيز خان جئتكم..
بحرابى .. وكلابى.. سوجونى
لاتضيقوا - أيها الناس - ببطشى
فأنا أقتل كى لاتقتلونى....
وأنا أشنق كى لا تشنقونى..
وأنا أدفنكم فى ذلك القبر الجماعى
لكيلا تدفونى..
5
أيها الناس :
اشتروا لى صحفا تكتب عنى
إنها معروضة مثل البغايا فى الشوارع
إشتروا لى ورقا أخضر مصقولاً كأشعاب الربيع
ومدادا .. ومطابع
كل شىء يشترى فى عصرنا .. حتى الأصابع..
إشتروا فاكهة الفكر .. وخلوها أمامى
واطبخوا لى شاعرا،
واجعلوه، بين أطباق طعامى..
أنا أمى.. وعندى عقدة مما يقول الشعراء
فاشتروا لى شعراء يتغنون بحسنى..
واجعلونى نجم كل الأغلفة
فنجوم الرقص والمسرح ليسوا أبدا أجمل منى
فأنا، بالعملة الصعبة، أشرى ما أريد
أشترى ديوان بشار بن برد
وشفاه المتنبى، وأناشيد لبيد..
فالملايين التى فى بيت مال المسلمين
هى ميراث قديم لأبى
فخذوا من ذهبى
واكتبوا فى أمهات الكتب
أن عصرى عصر هارون الرشيد...
6
يا جماهير بلادى:
ياجماهير العشوب العربية
إننى روح نقى جاء كى يغسلكم من غبار الجاهلية
سجلوا صوتى على أشرطة
إن صوتى أخضر الايقاع كالنافورة الأندلسية
صورونى باسما مثل الجوكندا
ووديعا مثل وجه المدلية
صورونى...
وأنا أفترس الشعر بأسنانى..
وأمتص دماء الأبجدية
صورونى
بوقارى وجلالى،
وعصاى العسكرية
صورونى..
عندما أصطاد وعلا أو غزالا
صورونى..
عندما أحملكم فوق أكتافى لدار الأبدية
يا جماهير العشوب العربية...
7
أيها الناس:
أنا المسؤول عن أحلامكم إذ تحلمون..
وأنا المسؤول عن كل رغيف تأكلون
وعن العشر الذى - من خلف ظهرى - تقرأون
فجهاز الأمن فى قصرى يوافينى
بأخبار العصافير .. وأخبار السنابل
ويوافينى بما يحدث فى بطن الحوامل
أيها الناس: أنا سجانكم
وأنا مسجونكم.. فلتعذرونى
إننى المنفى فى داخل قصرى
لا أرى شمسا، ولا نجما، ولا زهرة دفلى
منذ أن جئت الى السلطة طفلا
ورجال السيرك يلتفون حولى
واحد ينفخ ناياً..
واحد يضرب طبلا
واحد يمسح جوخاً .. واحد يمسح نعلا..
منذ أن جئت الى السلطة طفلا..
لم يقل لى مستشار القصر (كلا)
لم يقل لى وزرائى أبدا لفظة (كلا)
لم يقل لى سفرائى أبدا فى الوجه (كلا)
لم تقل إحدى نسائى فى سرير الحب (كلا)
إنهم قد علمونى أن أرى نفسى إلها
وأرى الشعب من الشرفة رملا..
فاعذرونى إن تحولت لهولاكو جديد
أنا لم أقتل لوجه القتل يوما..
إنما أقتلكم .. كى أتسلى..

سماح الشعراوى 01-10-2010 12:46 PM

قصيدة بلقيس



شُكراً لكم ..
شُكراً لكم . .
فحبيبتي قُتِلَت .. وصار بوُسْعِكُم
أن تشربوا كأساً على قبر الشهيدهْ
وقصيدتي اغْتِيلتْ ..
وهل من أُمَّـةٍ في الأرضِ ..
- إلا نحنُ - تغتالُ القصيدة ؟
بلقيسُ ...
كانتْ أجملَ المَلِكَاتِ في تاريخ بابِِلْ
بلقيسُ ..
كانت أطولَ النَخْلاتِ في أرض العراقْ
كانتْ إذا تمشي ..
ترافقُها طواويسٌ ..
وتتبعُها أيائِلْ ..
بلقيسُ .. يا وَجَعِي ..
ويا وَجَعَ القصيدةِ حين تلمَسُهَا الأناملْ
هل يا تُرى ..
من بعد شَعْرِكِ سوفَ ترتفعُ السنابلْ ؟
يا نَيْنَوَى الخضراءَ ..
يا غجريَّتي الشقراءَ ..
يا أمواجَ دجلةَ . .
تلبسُ في الربيعِ بساقِهِا
أحلى الخلاخِلْ ..
قتلوكِ يا بلقيسُ ..
أيَّةُ أُمَّةٍ عربيةٍ ..
تلكَ التي
تغتالُ أصواتَ البلابِلْ ؟
أين السَّمَوْأَلُ ؟
والمُهَلْهَلُ ؟
والغطاريفُ الأوائِلْ ؟
فقبائلٌ أَكَلَتْ قبائلْ ..
وثعالبٌ قَتَـلَتْ ثعالبْ ..
وعناكبٌ قتلتْ عناكبْ ..
قَسَمَاً بعينيكِ اللتينِ إليهما ..
تأوي ملايينُ الكواكبْ ..
سأقُولُ ، يا قَمَرِي ، عن العَرَبِ العجائبْ
فهل البطولةُ كِذْبَةٌ عربيةٌ ؟
أم مثلنا التاريخُ كاذبْ ؟.
بلقيسُ
لا تتغيَّبِي عنّي
فإنَّ الشمسَ بعدكِ
لا تُضيءُ على السواحِلْ . .
سأقول في التحقيق :
إنَّ اللصَّ أصبحَ يرتدي ثوبَ المُقاتِلْ
وأقول في التحقيق :
إنَّ القائدَ الموهوبَ أصبحَ كالمُقَاوِلْ ..
وأقولُ :
إن حكايةَ الإشعاع ، أسخفُ نُكْتَةٍ قِيلَتْ ..
فنحنُ قبيلةٌ بين القبائِلْ
هذا هو التاريخُ . . يا بلقيسُ ..
كيف يُفَرِّقُ الإنسانُ ..
ما بين الحدائقِ والمزابلْ
بلقيسُ ..
أيَّتها الشهيدةُ .. والقصيدةُ ..
والمُطَهَّرَةُ النقيَّةْ ..
سَبَـأٌ تفتِّشُ عن مَلِيكَتِهَا
فرُدِّي للجماهيرِ التحيَّةْ ..
يا أعظمَ المَلِكَاتِ ..
يا امرأةً تُجَسِّدُ كلَّ أمجادِ العصورِ السُومَرِيَّةْ
بلقيسُ ..
يا عصفورتي الأحلى ..
ويا أَيْقُونتي الأَغْلَى
ويا دَمْعَاً تناثرَ فوق خَدِّ المجدليَّةْ
أَتُرى ظَلَمْتُكِ إذْ نَقَلْتُكِ
ذاتَ يومٍ .. من ضفاف الأعظميَّةْ
بيروتُ .. تقتُلُ كلَّ يومٍ واحداً مِنَّا ..
وتبحثُ كلَّ يومٍ عن ضحيَّةْ
والموتُ .. في فِنْجَانِ قَهْوَتِنَا ..
وفي مفتاح شِقَّتِنَا ..
وفي أزهارِ شُرْفَتِنَا ..
وفي وَرَقِ الجرائدِ ..
والحروفِ الأبجديَّةْ ...
ها نحنُ .. يا بلقيسُ ..
ندخُلُ مرةً أُخرى لعصرِ الجاهليَّةْ ..
ها نحنُ ندخُلُ في التَوَحُّشِ ..
والتخلّفِ .. والبشاعةِ .. والوَضَاعةِ ..
ندخُلُ مرةً أُخرى .. عُصُورَ البربريَّةْ ..
حيثُ الكتابةُ رِحْلَةٌ
بينِ الشَّظيّةِ .. والشَّظيَّةْ
حيثُ اغتيالُ فراشةٍ في حقلِهَا ..
صارَ القضيَّةْ ..
هل تعرفونَ حبيبتي بلقيسَ ؟
فهي أهمُّ ما كَتَبُوهُ في كُتُبِ الغرامْ
كانتْ مزيجاً رائِعَاً
بين القَطِيفَةِ والرخامْ ..
كان البَنَفْسَجُ بينَ عَيْنَيْهَا
ينامُ ولا ينامْ ..
بلقيسُ ..
يا عِطْرَاً بذاكرتي ..
ويا قبراً يسافرُ في الغمام ..
قتلوكِ ، في بيروتَ ، مثلَ أيِّ غزالةٍ
من بعدما .. قَتَلُوا الكلامْ ..
بلقيسُ ..
ليستْ هذهِ مرثيَّةً
لكنْ ..
على العَرَبِ السلامْ
بلقيسُ ..
مُشْتَاقُونَ .. مُشْتَاقُونَ .. مُشْتَاقُونَ ..
والبيتُ الصغيرُ ..
يُسائِلُ عن أميرته المعطَّرةِ الذُيُولْ
نُصْغِي إلى الأخبار .. والأخبارُ غامضةٌ
ولا تروي فُضُولْ ..
بلقيسُ ..
مذبوحونَ حتى العَظْم ..
والأولادُ لا يدرونَ ما يجري ..
ولا أدري أنا .. ماذا أقُولْ ؟
هل تقرعينَ البابَ بعد دقائقٍ ؟
هل تخلعينَ المعطفَ الشَّتَوِيَّ ؟
هل تأتينَ باسمةً ..
وناضرةً ..
ومُشْرِقَةً كأزهارِ الحُقُولْ ؟
بلقيسُ ..
إنَّ زُرُوعَكِ الخضراءَ ..
ما زالتْ على الحيطانِ باكيةً ..
وَوَجْهَكِ لم يزلْ مُتَنَقِّلاً ..
بينَ المرايا والستائرْ
حتى سجارتُكِ التي أشعلتِها
لم تنطفئْ ..
ودخانُهَا
ما زالَ يرفضُ أن يسافرْ
بلقيسُ ..
مطعونونَ .. مطعونونَ في الأعماقِ ..
والأحداقُ يسكنُها الذُهُولْ
بلقيسُ ..
كيف أخذتِ أيَّامي .. وأحلامي ..
وألغيتِ الحدائقَ والفُصُولْ ..
يا زوجتي ..
وحبيبتي .. وقصيدتي .. وضياءَ عيني ..
قد كنتِ عصفوري الجميلَ ..
فكيف هربتِ يا بلقيسُ منّي ؟..
بلقيسُ ..
هذا موعدُ الشَاي العراقيِّ المُعَطَّرِ ..
والمُعَتَّق كالسُّلافَةْ ..
فَمَنِ الذي سيوزّعُ الأقداحَ .. أيّتها الزُرافَةْ ؟
ومَنِ الذي نَقَلَ الفراتَ لِبَيتنا ..
وورودَ دَجْلَةَ والرَّصَافَةْ ؟
بلقيسُ ..
إنَّ الحُزْنَ يثقُبُنِي ..
وبيروتُ التي قَتَلَتْكِ .. لا تدري جريمتَها
وبيروتُ التي عَشقَتْكِ ..
تجهلُ أنّها قَتَلَتْ عشيقتَها ..
وأطفأتِ القَمَرْ ..
بلقيسُ ..
يا بلقيسُ ..
يا بلقيسُ
كلُّ غمامةٍ تبكي عليكِ ..
فَمَنْ تُرى يبكي عليَّا ..
بلقيسُ .. كيف رَحَلْتِ صامتةً
ولم تَضَعي يديْكِ .. على يَدَيَّا ؟
بلقيسُ ..
كيفَ تركتِنا في الريح ..
نرجِفُ مثلَ أوراق الشَّجَرْ ؟
وتركتِنا - نحنُ الثلاثةَ - ضائعينَ
كريشةٍ تحتَ المَطَرْ ..
أتُرَاكِ ما فَكَّرْتِ بي ؟
وأنا الذي يحتاجُ حبَّكِ .. مثلَ (زينبَ) أو (عُمَرْ)
بلقيسُ ..
يا كَنْزَاً خُرَافيّاً ..
ويا رُمْحَاً عِرَاقيّاً ..
وغابَةَ خَيْزُرَانْ ..
يا مَنْ تحدَّيتِ النجُومَ ترفُّعاً ..
مِنْ أينَ جئتِ بكلِّ هذا العُنْفُوانْ ؟
بلقيسُ ..
أيتها الصديقةُ .. والرفيقةُ ..
والرقيقةُ مثلَ زَهْرةِ أُقْحُوَانْ ..
ضاقتْ بنا بيروتُ .. ضاقَ البحرُ ..
ضاقَ بنا المكانْ ..
بلقيسُ : ما أنتِ التي تَتَكَرَّرِينَ ..
فما لبلقيسَ اثْنَتَانْ ..
بلقيسُ ..
تذبحُني التفاصيلُ الصغيرةُ في علاقتِنَا ..
وتجلُدني الدقائقُ والثواني ..
فلكُلِّ دبّوسٍ صغيرٍ .. قصَّةٌ
ولكُلِّ عِقْدٍ من عُقُودِكِ قِصَّتانِ
حتى ملاقطُ شَعْرِكِ الذَّهَبِيِّ ..
تغمُرُني ،كعادتِها ، بأمطار الحنانِ
ويُعَرِّشُ الصوتُ العراقيُّ الجميلُ ..
على الستائرِ ..
والمقاعدِ ..
والأوَاني ..
ومن المَرَايَا تطْلَعِينَ ..
من الخواتم تطْلَعِينَ ..
من القصيدة تطْلَعِينَ ..
من الشُّمُوعِ ..
من الكُؤُوسِ ..
من النبيذ الأُرْجُواني ..
بلقيسُ ..
يا بلقيسُ .. يا بلقيسُ ..
لو تدرينَ ما وَجَعُ المكانِ ..
في كُلِّ ركنٍ .. أنتِ حائمةٌ كعصفورٍ ..
وعابقةٌ كغابةِ بَيْلَسَانِ ..
فهناكَ .. كنتِ تُدَخِّنِينَ ..
هناكَ .. كنتِ تُطالعينَ ..
هناكَ .. كنتِ كنخلةٍ تَتَمَشَّطِينَ ..
وتدخُلينَ على الضيوفِ ..
كأنَّكِ السَّيْفُ اليَمَاني ..
بلقيسُ ..
أين زجَاجَةُ ( الغِيرلاَنِ ) ؟
والوَلاّعةُ الزرقاءُ ..
أينَ سِجَارةُ الـ (الكَنْتِ ) التي
ما فارقَتْ شَفَتَيْكِ ؟
أين (الهاشميُّ ) مُغَنِّيَاً ..
فوقَ القوامِ المَهْرَجَانِ ..
تتذكَّرُ الأمْشَاطُ ماضيها ..
فَيَكْرُجُ دَمْعُهَا ..
هل يا تُرى الأمْشَاطُ من أشواقها أيضاً تُعاني ؟
بلقيسُ : صَعْبٌ أنْ أهاجرَ من دمي ..
وأنا المُحَاصَرُ بين ألسنَةِ اللهيبِ ..
وبين ألسنَةِ الدُخَانِ ...
بلقيسُ : أيتَّهُا الأميرَةْ
ها أنتِ تحترقينَ .. في حربِ العشيرةِ والعشيرَةْ
ماذا سأكتُبُ عن رحيل مليكتي ؟
إنَ الكلامَ فضيحتي ..
ها نحنُ نبحثُ بين أكوامِ الضحايا ..
عن نجمةٍ سَقَطَتْ ..
وعن جَسَدٍ تناثَرَ كالمَرَايَا ..
ها نحنُ نسألُ يا حَبِيبَةْ ..
إنْ كانَ هذا القبرُ قَبْرَكِ أنتِ
أم قَبْرَ العُرُوبَةْ ..
بلقيسُ :
يا صَفْصَافَةً أَرْخَتْ ضفائرَها عليَّ ..
ويا زُرَافَةَ كبرياءْ
بلقيسُ :
إنَّ قَضَاءَنَا العربيَّ أن يغتالَنا عَرَبٌ ..
ويأكُلَ لَحْمَنَا عَرَبٌ ..
ويبقُرَ بطْنَنَا عَرَبٌ ..
ويَفْتَحَ قَبْرَنَا عَرَبٌ ..
فكيف نفُرُّ من هذا القَضَاءْ ؟
فالخِنْجَرُ العربيُّ .. ليسَ يُقِيمُ فَرْقَاً
بين أعناقِ الرجالِ ..
وبين أعناقِ النساءْ ..
بلقيسُ :
إنْ هم فَجَّرُوكِ .. فعندنا
كلُّ الجنائزِ تبتدي في كَرْبَلاءَ ..
وتنتهي في كَرْبَلاءْ ..
لَنْ أقرأَ التاريخَ بعد اليوم
إنَّ أصابعي اشْتَعَلَتْ ..
وأثوابي تُغَطِّيها الدمَاءْ ..
ها نحنُ ندخُلُ عصْرَنَا الحَجَرِيَّ
نرجعُ كلَّ يومٍ ، ألفَ عامٍ للوَرَاءْ ...
البحرُ في بيروتَ ..
بعد رحيل عَيْنَيْكِ اسْتَقَالْ ..
والشِّعْرُ .. يسألُ عن قصيدَتِهِ
التي لم تكتمِلْ كلماتُهَا ..
ولا أَحَدٌ .. يُجِيبُ على السؤالْ
الحُزْنُ يا بلقيسُ ..
يعصُرُ مهجتي كالبُرْتُقَالَةْ ..
الآنَ .. أَعرفُ مأزَقَ الكلماتِ
أعرفُ وَرْطَةَ اللغةِ المُحَالَةْ ..
وأنا الذي اخترعَ الرسائِلَ ..
لستُ أدري .. كيفَ أَبْتَدِئُ الرسالَةْ ..
السيف يدخُلُ لحم خاصِرَتي
وخاصِرَةِ العبارَةْ ..
كلُّ الحضارةِ ، أنتِ يا بلقيسُ ، والأُنثى حضارَةْ ..
بلقيسُ : أنتِ بشارتي الكُبرى ..
فَمَنْ سَرَق البِشَارَةْ ؟
أنتِ الكتابةُ قبْلَمَا كانَتْ كِتَابَةْ ..
أنتِ الجزيرةُ والمَنَارَةْ ..
بلقيسُ :
يا قَمَرِي الذي طَمَرُوهُ ما بين الحجارَةْ ..
الآنَ ترتفعُ الستارَةْ ..
الآنَ ترتفعُ الستارِةْ ..
سَأَقُولُ في التحقيقِ ..
إنّي أعرفُ الأسماءَ .. والأشياءَ .. والسُّجَنَاءَ ..
والشهداءَ .. والفُقَرَاءَ .. والمُسْتَضْعَفِينْ ..
وأقولُ إنّي أعرفُ السيَّافَ قاتِلَ زوجتي ..
ووجوهَ كُلِّ المُخْبِرِينْ ..
وأقول : إنَّ عفافَنا عُهْرٌ ..
وتَقْوَانَا قَذَارَةْ ..
وأقُولُ : إنَّ نِضالَنا كَذِبٌ
وأنْ لا فَرْقَ ..
ما بين السياسةِ والدَّعَارَةْ !!
سَأَقُولُ في التحقيق :
إنّي قد عَرَفْتُ القاتلينْ
وأقُولُ :
إنَّ زمانَنَا العربيَّ مُخْتَصٌّ بذَبْحِ الياسَمِينْ
وبقَتْلِ كُلِّ الأنبياءِ ..
وقَتْلِ كُلِّ المُرْسَلِينْ ..
حتّى العيونُ الخُضْرُ ..
يأكُلُهَا العَرَبْ
حتّى الضفائرُ .. والخواتمُ
والأساورُ .. والمرايا .. واللُّعَبْ ..
حتّى النجومُ تخافُ من وطني ..
ولا أدري السَّبَبْ ..
حتّى الطيورُ تفُرُّ من وطني ..
و لا أدري السَّبَبْ ..
حتى الكواكبُ .. والمراكبُ .. والسُّحُبْ
حتى الدفاترُ .. والكُتُبْ ..
وجميعُ أشياء الجمالِ ..
جميعُها .. ضِدَّ العَرَبْ ..
لَمَّا تناثَرَ جِسْمُكِ الضَّوْئِيُّ
يا بلقيسُ ،
لُؤْلُؤَةً كريمَةْ
فَكَّرْتُ : هل قَتْلُ النساء هوايةٌ عَربيَّةٌ
أم أنّنا في الأصل ، مُحْتَرِفُو جريمَةْ ؟
بلقيسُ ..
يا فَرَسِي الجميلةُ .. إنَّني
من كُلِّ تاريخي خَجُولْ
هذي بلادٌ يقتلُونَ بها الخُيُولْ ..
هذي بلادٌ يقتلُونَ بها الخُيُولْ ..
مِنْ يومِ أنْ نَحَرُوكِ ..
يا بلقيسُ ..
يا أَحْلَى وَطَنْ ..
لا يعرفُ الإنسانُ كيفَ يعيشُ في هذا الوَطَنْ ..
لا يعرفُ الإنسانُ كيفَ يموتُ في هذا الوَطَنْ ..
ما زلتُ أدفعُ من دمي ..
أعلى جَزَاءْ ..
كي أُسْعِدَ الدُّنْيَا .. ولكنَّ السَّمَاءْ
شاءَتْ بأنْ أبقى وحيداً ..
مثلَ أوراق الشتاءْ
هل يُوْلَدُ الشُّعَرَاءُ من رَحِمِ الشقاءْ ؟
وهل القصيدةُ طَعْنَةٌ
في القلبِ .. ليس لها شِفَاءْ ؟
أم أنّني وحدي الذي
عَيْنَاهُ تختصرانِ تاريخَ البُكَاءْ ؟
سَأقُولُ في التحقيق :
كيف غَزَالتي ماتَتْ بسيف أبي لَهَبْ
كلُّ اللصوص من الخليجِ إلى المحيطِ ..
يُدَمِّرُونَ .. ويُحْرِقُونَ ..
ويَنْهَبُونَ .. ويَرْتَشُونَ ..
ويَعْتَدُونَ على النساءِ ..
كما يُرِيدُ أبو لَهَبْ ..
كُلُّ الكِلابِ مُوَظَّفُونَ ..
ويأكُلُونَ ..
ويَسْكَرُونَ ..
على حسابِ أبي لَهَبْ ..
لا قَمْحَةٌ في الأرض ..
تَنْبُتُ دونَ رأي أبي لَهَبْ
لا طفلَ يُوْلَدُ عندنا
إلا وزارتْ أُمُّهُ يوماً ..
فِراشَ أبي لَهَبْ !!...
لا سِجْنَ يُفْتَحُ ..
دونَ رأي أبي لَهَبْ ..
لا رأسَ يُقْطَعُ
دونَ أَمْر أبي لَهَبْ ..
سَأقُولُ في التحقيق :
كيفَ أميرتي اغْتُصِبَتْ
وكيفَ تقاسَمُوا فَيْرُوزَ عَيْنَيْهَا
وخاتَمَ عُرْسِهَا ..
وأقولُ كيفَ تقاسَمُوا الشَّعْرَ الذي
يجري كأنهارِ الذَّهَبْ ..
سَأَقُولُ في التحقيق :
كيفَ سَطَوْا على آيات مُصْحَفِهَا الشريفِ
وأضرمُوا فيه اللَّهَبْ ..
سَأقُولُ كيفَ اسْتَنْزَفُوا دَمَهَا ..
وكيفَ اسْتَمْلَكُوا فَمَهَا ..
فما تركُوا به وَرْدَاً .. ولا تركُوا عِنَبْ
هل مَوْتُ بلقيسٍ ...
هو النَّصْرُ الوحيدُ
بكُلِّ تاريخِ العَرَبْ ؟؟...
بلقيسُ ..
يا مَعْشُوقتي حتّى الثُّمَالَةْ ..
الأنبياءُ الكاذبُونَ ..
يُقَرْفِصُونَ ..
ويَرْكَبُونَ على الشعوبِ
ولا رِسَالَةْ ..
لو أَنَّهُمْ حَمَلُوا إلَيْنَا ..
من فلسطينَ الحزينةِ ..
نَجْمَةً ..
أو بُرْتُقَالَةْ ..
لو أَنَّهُمْ حَمَلُوا إلَيْنَا ..
من شواطئ غَزَّةٍ
حَجَرَاً صغيراً
أو محَاَرَةْ ..
لو أَنَّهُمْ من رُبْعِ قَرْنٍ حَرَّروا ..
زيتونةً ..
أو أَرْجَعُوا لَيْمُونَةً
ومَحوا عن التاريخ عَارَهْ
لَشَكَرْتُ مَنْ قَتَلُوكِ .. يا بلقيسُ ..
يا مَعْشوقتي حتى الثُّمَالَةْ ..
لكنَّهُمْ تَرَكُوا فلسطيناً
ليغتالُوا غَزَالَةْ !!...
ماذا يقولُ الشِّعْرُ ، يا بلقيسُ ..
في هذا الزَمَانِ ؟
ماذا يقولُ الشِّعْرُ ؟
في العَصْرِ الشُّعُوبيِّ ..
المَجُوسيِّ ..
الجَبَان
والعالمُ العربيُّ
مَسْحُوقٌ .. ومَقْمُوعٌ ..
ومَقْطُوعُ اللسانِ ..
نحنُ الجريمةُ في تَفَوُّقِها
فما ( العِقْدُ الفريدُ ) وما ( الأَغَاني ) ؟؟
أَخَذُوكِ أيَّتُهَا الحبيبةُ من يَدِي ..
أخَذُوا القصيدةَ من فَمِي ..
أخَذُوا الكتابةَ .. والقراءةَ ..
والطُّفُولَةَ .. والأماني
بلقيسُ .. يا بلقيسُ ..
يا دَمْعَاً يُنَقِّطُ فوق أهداب الكَمَانِ ..
عَلَّمْتُ مَنْ قتلوكِ أسرارَ الهوى
لكنَّهُمْ .. قبلَ انتهاءِ الشَّوْطِ
قد قَتَلُوا حِصَاني
بلقيسُ :
أسألكِ السماحَ ، فربَّما
كانَتْ حياتُكِ فِدْيَةً لحياتي ..
إنّي لأعرفُ جَيّداً ..
أنَّ الذين تورَّطُوا في القَتْلِ ، كانَ مُرَادُهُمْ
أنْ يقتُلُوا كَلِمَاتي !!!
نامي بحفْظِ اللهِ .. أيَّتُها الجميلَةْ
فالشِّعْرُ بَعْدَكِ مُسْتَحِيلٌ ..
والأُنُوثَةُ مُسْتَحِيلَةْ
سَتَظَلُّ أجيالٌ من الأطفالِ ..
تسألُ عن ضفائركِ الطويلَةْ ..
وتظلُّ أجيالٌ من العُشَّاقِ
تقرأُ عنكِ . . أيَّتُها المعلِّمَةُ الأصيلَةْ ...
وسيعرفُ الأعرابُ يوماً ..
أَنَّهُمْ قَتَلُوا الرسُولَةْ ..
قَتَلُوا الرسُولَةْ ..
ق .. ت .. ل ..و .. ا
ال .. ر .. س .. و .. ل .. ة

سماح الشعراوى 01-10-2010 12:48 PM

صمت



هل تسمعينَ أشواقي
عندما أكونُ صامتاً؟
إنَّ الصمتَ، يا سَيِّدتي،
هو أقوى أسلحتي...
أفضل أن تصمتي وأنت في مملكتي
فالصمت أقوى تعبيراً من النطق
وأفضل من الكلام الهمس

سماح الشعراوى 01-10-2010 01:05 PM

البَرْق




لَنْ أقولَ لَكِ
(أُحبُّكِ)..
إلا مرةً واحدةْ
لأنَّ البَرْقَ لا يُكرّرُ نَفْسَهْ...

سماح الشعراوى 01-10-2010 01:35 PM

المُعَلِّم




لَشَعْرِكِ
فضْلٌ عظيمٌ عليَّ
يشابهُ فَضْلَ السَحَابهْ
فمنهُ تعلّمتُ عِلْمَ الكلامْ
وعنهُ أخذتُ أصولَ الكِتابهْ

سماح الشعراوى 01-10-2010 01:36 PM

طموحُ الوردة




لو كانَ لدى الوردةْ،
مطبعةٌ...
وناشرْ..
لأصْدَرَتْ ديوانَ شِعْر...

سماح الشعراوى 01-10-2010 01:38 PM

ذهبتْ.. ولم تَعُدْ..




في تعاملي مع النساءْ..
كنتُ دائماً
من أنصار المدرسة الإنطباعيَّةْ.
كلُّ امرأةٍ..
حدَّثتُها عن جمال الفِكْر الصوفيّْ
وتجلياتِ جلال الدين الرُوميّْ.
وفريد الدين العطّارْ.
ومحي الدين بن عربيّْ.
ذَهَبتْ... ولم تَعُدْ....

سماح الشعراوى 01-10-2010 08:31 PM

من كتاب : المتشائل.



[ لنبدأ من البداية . كانت حياتي كلها عجيبة . والحياة العجيبة لا تنتهي إلا بهذه النهاية العجيبة . حين سألت صاحبي الفضائي : كيف آويتموني ؟ قال : هل لديك من بديل ؟
فمتى كانت البداية ؟

كانت البداية حينما ولدت مرة أخرى بفضل حمار .
ففي الحوادث كمنوا لنا وأطلقوا الرصاص علينا . فصرعوا والدي ، رحمة الله عليه . أما أنا فوقع بيني وبينهم حمار سائب ، فجندلوه . فنفَقَ عوضـا عني . إنّ حياتي التي عشت في إسرائيل بعد ، هي فضلة هذه الدابة المسكينة .
فكيف علينا أن نقوم حياتي يا أستاذ ؟
غيرَ أنني أراني إنسانا فذا . ألم تقرأ عن كلاب لعقت الماء المشبع بالسم ، فماتت ، لتنبّه أسيادها ولتنقذ حياتهم ؟
وعن الخيول فرّت بفرسانها الجرحى ، تعدو سوابق ريح ، فأنفقها الإجهاد بعد أن بلغت بهم مضارب الأمان ؟
أما أنا فأول إنسان ، على ما اعهد ، أنقذه حمار محرن لا يسابق ريحاً ولا يبغم . فأنا إنسان فذ . وقد يكون الفضائيون اختاروني على ذلك .
علّمني ، بحياتك ، الإنسان الفذ من يكون ؟ أ هوَ الذي يختلف عن الآخرين ؟ ، أم هو الواحد من هؤلاء الآخرين ؟
قلت إنك لم تحس بي أبداً ، ذلك أنك بليد الحس يا محترم . فكم من مرة التقيتَ اسمي في أمهات الصحف ؟ ألم تقرأ عن المئات الذين حبستهم شرطة حيفا في ساحة الحناطير ( باريس حالياً ) يوم انفجار البطيخة ؟ كل عربي ساب في حيفا السقلى على الأثر حبسوه ، من راجل ومن راكب . وذكرت الصحف أسماء الوجهاء الذين حُبسوا سهواً ، وآخرين .

آخرون ؟ - هؤلاء أنا - . الصحف لا تسهو عني . فكيف تزعم انك لم تسمع بي ؟ إنّي إنسان فذ . فلا تستطيع صحيفة ذات اطلاع ، وذات مصادر ، وذات إعلانات ، وذات ذوات ، وذات قرون ، أن تهملني . إنّ معشري يملئون البيدر والدسكرة والمخمرة . أنا الآخرون . أنا فذّ . ]

سماح الشعراوى 01-10-2010 08:33 PM

>> يعقوب صروف >>


من جريدة المقتطف




إننا نميل إلى الحذر ونرى أن يذكر كل أمر بما يستحقه من الإحتمال أو الترجيح أو التحقيق إثباتاً كان أو نفياً ، مدفوعين لإلى ذلبك بماأثرته فينا العلوم الرياضية التي تعلمناها وعلمناها . وقلما يستطيع هذا التدقيق من لم يبحث في الموضوع من كل وجوهه ويعرف كل ملابساته وأوجه القوة والضعف فيه .

سماح الشعراوى 01-10-2010 08:34 PM

الطيب صالح >>

من حفنة تمر




لابدّ إنني كنت صغيراً جداً حينذاك. لست أذكر كم كان عمري تماماً، ولكنني أذكر أن الناس حين كانوا يرونني مع جدي كانوا يربتون على رأسي، ويقرصونني في خدي، ولم يكونوا يفعلون ذلك مع جدي. العجيب أنني لم أكن أخرج أبداً مع أبي، ولكن جدي كان يأخذني معه حيثما ذهب، إلا في الصباح حين كنت أذهب إلى المسجد، لحفظ القرآن. المسجد والنهر والحقل، هذه كانت معالم حياتنا. أغلب أندادي كانوا يتبرمون بالمسجد وحفظ القرآن ولكنني كنت أحب الذهاب إلى المسجد. لابد أن السبب أنني كنت سريع الحفظ، وكان الشيخ يطلب مني دائماً أن أقف وأقرأ سورة الرحمن، كلما جاءنا زائر. وكان الزوار يربتون على خدي ورأسي، تماماً كما كانوا يفعلون حين يرونني مع جدي. نعم كنت أحب المسجد. وكنت أيضاً أحب النهر. حالما نفرغ من قراءتنا وقت الضحى، كنت أرمي لوحي الخشبي، وأجري كالجن إلى أمي، والتهم إفطاري بسرعة شديدة واجري إلى النهر وأغمس نفسي فيه. وحين أكلُّ من السباحة، كنت أجلس على الحافة وأتأمل الشاطئ الذي ينحني في الشرق ويختبئ وراء غابة كثيفة من شجر الطلع. كنت أحب ذلك. كنت أسرح بخيالي وأتصور قبيلة من العمالقة يعيشون وراء تلك الغابة … قوم طوال فحال لهم لحى بيضاء وأنوف حادة مثل أنف جدي. أنف جدي كان كبيراً حاداً. قبل أن يجيب جدي على أسئلتي الكثيرة، كان دائماً يحك طرف أنفه بسبابته. ولحية جدي كانت غزيرة ناعمة بيضاء كالقطن. لم أرَ في حياتي بياضاً أنصع ولا أجمل من بياض لحية جدي. ولابد أن جدي كان فارع الطول، إذ أنني لم أرَ أحداً في سائر البلد يكلم جدي إلا وهو يتطلع إليه من أسفل، ولم أرَ جدي يدخل بيتاً إلا وكان ينحني انحناءة كبيرة تذكرني بانحناء النهر وراء غابة الطلح. كان جدي طويلاً ونحيلاً وكنت أحبه وأتخيل نفسي، حين استوي رجلاً أذرع الأرض مثله في خطوات واسعة. وأظن جدي كان يؤثرني دون بقية أحفاده. ولست ألومه، فأولاد أعمامي كانوا أغبياء وكنت أنا طفلاً ذكياً. هكذا قالوا لي. كنت أعرف متى يريدني جدي أن أضحك ومتى يريدني أن اسكت، وكنت أتذكر مواعيد صلاته، فاحضر له ((المصلاة)) وأملأ له الإبريق قبل أن يطلب ذلك مني. كان يلذ له في ساعات راحته أن يستمع إليّ أقرأ له من القرآن بصوت منغم، وكنت أعرف من وجه جدي أنه أيضاً كان يطرب له. سألته ذات يوم عن جارنا مسعود. قلت لجدي: (أظنك لا تحب جارنا مسعود؟) فأجاب بعد أن حك طرف أنفه بسبابته: (لأنه رجل خامل وأنا لا أحب الرجل الخامل). قلت له: (وما الرجل الخامل؟) فأطرق جدي برهة ثم قال لي: (انظر إلى هذا الحقل الواسع. ألا تراه يمتد من طرف الصحراء إلى حافة النيل مائة فدان؟ هذا النخل الكثير هل تراه؟ وهذا الشجر؟ سنط وطلح وسيال. كل هذا كان حلالاً بارداً لمسعود، ورثه عن أبيه). وانتهزت الصمت الذي نزل على جدي، فحولت نظري عن لحيته وأدرته في الأرض الواسعة التي حددها لي بكلماته. (لست أبالي مَن يملك هذا النخل ولا ذلك الشجر ولا هذه الأرض السوداء المشققة. كل ما أعرفه أنها مسرح أحلامي ومرتع ساعات فراغي). بدأ جدي يواصل الحديث: (نعم يا بنيّ. كانت كلها قبل أربعين عاماً ملكاً لمسعود. ثلثاها الآن لي أنا). كانت هذه حقيقة مثيرة بالنسبة لي، فقد كنت أحسب الأرض ملكاً لجدي منذ خلق الله الأرض. (ولم أكن أملك فداناً واحداً حين وطئت قدماي هذا البلد. وكان مسعود يملك كل هذا الخير. ولكن الحال انقلب الآن، وأظنني قبل أن يتوفاني الله سأشتري الثلث الباقي أيضاً). لست أدري لماذا أحسست بخوف من كلمات جدي. وشعرت بالعطف على جارنا مسعود. ليت جدي لا يفعل! وتذكرت غناء مسعود وصوته الجميل وضحكته القوية التي تشبه صوت الماء المدلوق. جدي لم يكن يضحك أبداً. وسألت جدي لماذا باع مسعود أرضه؟ (النساء). وشعرت من نطق جدي للكلمة أن (النساء) شيء فظيع. (مسعود يا بنيَّ رجل مزواج كل مرة تزوج امرأة باع لي فدناً أو فدانين). وبسرعة حسبت في ذهني أن مسعود لابد أن تزوج تسعين امرأة، وتذكرت زوجاته الثلاث وحاله المبهدل وحمارته العرجاء وسرجه المكسور وجلبابه الممزق الأيدي. وكدت أتخلص من الذكرى التي جاشت في خاطري، لولا أنني رأيت الرجل قادماً نحونا، فنظرت إلى جدي ونظر إليّ. وقال مسعود: ((سنحصد التمر اليوم، ألا تريد أن تحضر؟)) وأحسست أنه لا يريد جدي أن يحضر بالفعل. ولكن جدي هب واقفاً، ورأيت عينه تلمع برهة ببريق شديد، وشدني من يدي وذهبنا إلى حصاد تمر مسعود. وجاء أجد لجدي بمقعد عليه فروة ثور. جلس جدي وظللت أنا واقفاً. كانوا خلقاً كثيراً. كنت أعرفهم كلهم، ولكنني لسبب ما أخذت أراقب مسعوداً. كان واقفاً بعيداً عن ذلك الحشد كأن الأمر لا يعنيه، مع أن النخيل الذي يحصد كان نخله هو، وأحياناً يلفت نظره صوت سبيطة ضخمة من التمر وهي تهوي من علٍ. ومرة صاح بالصبي الذي استوى فوق قمة النخلة، وأخذ يقطع السبيط بمنجله الطويل الحاد: ((حاذر لا تقطع قلب النخلة)). ولم ينتبه أحد لما قال، واستمر الصبي الجالس فوق قمة النخلة يعمل منجله في العرجون بسرعة ونشاط، وأخذ السبط يهوي كشيء ينزل من السماء. ولكنني أنا أخذت أفكر في قول مسعود: ((قلب النخلة)) وتصورت النخلة شيئاً يحس له قلب ينبض. وتذكرت قول مسعود لي مرة حين رآني أعبث بجريد نخلة صغيرة: ((النخل يا بنيّ كالادميين يفرح ويتألم)). وشعرت بحياء داخلي لم أجد له سبباً. ولما نظرت مرة أخرى إلى الساحة الممتدة أمامي رأيت رفاقي الأطفال يموجون كالنمل تحت جذوع النخل يجمعون التمر ويأكلون أكثره. واجتمع التمر أكواماً عالية. ثم رأيت قوماً أقبلوا وأخذوا يكيلونه بمكاييل ويصبونه في أكياس. وعددت منها ثلاثين كيساً. وانفض الجمع عدا حسين التاجر وموسى صاحب الحقل المجاور لحقلنا من الشرق، ورجلين غريبين لم أرَهما من قبل. وسمعت صفيراً خافتاً، فالتفت فإذا جدي قد نام، ونظرت فإذا مسعود لم يغير وقفته ولكنه وضع عوداً من القصب في فمه وأخذ يمضغه مثل شخص شبع من الأكل وبقيت في فمه لقمة واحدة لا يدري ماذا يفعل بها. وفجأة استيقظ جدي وهب واقفاً ومشى نحو أكياس التمر وتبعه حسين التاجر وموسى صاحب الحقل المجاور لحقلنا والرجلان الغريبان. وسرت أنا وراء جدي ونظرت إلى مسعود فرأيته يدلف نحونا ببطء شديد كرجل يريد أن يرجع ولكن قدميه تزيد أن تسير إلى أمام. وتحلقوا كلهم حول أكياس التمر وأخذوا يفحصونه وبعضهم أخذ منه حبة أو حبتين فأكلها. وأعطاني جدي قبضة من التمر فأخذت أمضغه. ورأيت مسعوداً يملأ راحته من التمر ويقربه من أنفه ويشمه طويلاً ثم يعيده إلى مكانه. ورأيتهم يتقاسمونه. حسين التاجر أخذ عشرة أكياس، والرجلان الغريبان كل منهما أخذ خمسة أكياس. وموسى صاحب الحقل المجاور لحقلنا من ناحية الشرق أخذ خمسة أكياس، وجدي أخذ خمسة أكياس. ولم أفهم شيئاً. ونظرت إلى مسعود فرأيته زائغ العينين تجري عيناه شمالاً ويميناً كأنهما فأران صغيران تاها عن حجرهما. وقال جدي لمسعود: ما زلت مديناً لي بخمسين جنيها نتحدث عنها فيما بعد، ونادى حسين صبيانه فجاؤوا بالحمير، والرجلان الغريبان جاءا بخمسة جمال. ووضعت أكياس التمر على الحمير والجمال. ونهق أحد الحمير وأخذ الجمل يرغي ويصيح. وشعرت بنفسي أقترب من مسعود. وشعرت بيدي تمتد إليه كأني أردت أن ألمس طرف ثوبه. وسمعته يحدث صوتاً في حلقه مثل شخير الحمل حين يذبح. ولست أدري السبب، ولكنني أحسست بألم حاد في صدري. وعدوت مبتعداً. وشعرت أنني أكره جدي في تلك اللحظة. وأسرعت العدو كأنني أحمل في داخل صدري سراً أود أن أتخلص منه. ووصلت إلى حافة النهر قريباً من منحناه وراء غابة الطلح. ولست أعرف السبب، ولكنني أدخلت إصبعي في حلقي وتقيأت التمر الذي أكلت.

سماح الشعراوى 01-10-2010 08:35 PM

>> أديب إسحاق >>


من الدرر




أيحسبون ذلك الصوت لا يكون له صدى ..
أم يخافون أن يذهب ذلك الاجتهاد سدى ؟
أم لا يعلمون أن مثل هذا الاجتماع منزهاً من المقاصد الدينية منحصراً في العصبية الجنسية والوطنية ، مؤلفاً من أكثر النحل العربية ، يزلزل الأرض اضطراباً ويستميل الجول جذباً وإرهاباً ..
فتعود للعرب الضالة التي ينشدونها والحقوق التي يطلبونها .

سماح الشعراوى 01-10-2010 08:37 PM

>> الطاهر بن جلون >>

كلمات له




كان القبر زنزانة يبلغ طولها ثلاثة أمتار وعرضها متر ونصف أما سقفها فوطئ جداً يتراوح ارتفاعه بين مائة وخمسين ومائة وستين سنتيمترات . و لم يكن بإمكاني أن أقف فيها.
***
طوال ساعة أو أقل ، أبقيت عيني مفتوحتين ، و فمي فاغراً ، لكي أتجرع ما أمكن من الضوء ، لكي أستنشق الضياء و أختزله في داخلي ، و أحفظه ملاذاّ لي فأستذكره كلما أطبقت العتمة ثقيلة فوق جفني ، ابقيت جذعي عارياً لكي يتشبع جلدي بالضوء و يختزنه كأثمن ما يقتنى .
***
أحلم بأن أسمع كلمات ، بأن أدخلها في رأسي ، و أكسوها بالصور و أجعلها تدور كدولاب مدينة الملاعب و أضن بها و أستذكرها عندما أشعر بالألم ، عندما يستبد بي الخوف من الجنون. هيّا ، لا تكن مقتراً ، إحكِ ، إخترع إذاً ما شئت و لكن إمنحنا شيئاً من مخيلتك .
***
أن نعمر الأشياء مجدداً كأن الحفرة لم تكن هي القبر ، ذلك كان قوام نضالنا ، المتصل ، الدؤوب ، المعاند. ألا نستسلم. ألا نفكر لا في جلادينا و لا فيمن خطط و رسم مسبقاً أدق تفاصيل السبيل الذي سيسلكه الموت ، متباطئاً ، متباطئاً جداً ، الى ان ينتزع أرواحنا دمعة تلو دمعة ، كيما يحل العذاب في الجسد و يخمد ناره وئيداً حتى الإنطفاء الكلي .
***
عندما أتذكر .. ما عدت أخشى الموت من الحنين. حتى إني لم أعد لم أعد محتاجاً الى إحراق الصور و إعادة ترتيبها. صرت أقوى من إختبار الدموع الذي يفضي الى نفق آخر. أرى الى ذكرياتي كأنها ذكريات شخص آخر. و لست ، أنا سوى دخيل متلصص .

***
فلسوف أكون من الناجين ما دامت لي القدرة على الصلاة و على التواصل مع الخالق. لقد بلغت أخيراً عتبة الأبدية ، هناك حيث لا وجود لحقد البشر و خستهم و صغاراتهم. هكذا بلغت ، او كنت أعتقد أني بلغت ، وحدة سامية ، تلك التي ترتقي بي فوق الظلمات و تبعدني عن المتجبرين على كائنات ضعيفة. ما عاد في صدري لأنين. لقد أحيلت جميع أعضاء جسمي كلها الى الصمت ، إلى شكل من أشكال السكون الذي لم يكن تماماً هو الراحة ، و لا الموت .
***
الشيء الوحيد الذي تمكنت من المحافظة عليه هو رأسي ، عقلي. كنت أتخلى لهم عن أعضائي , و رجائي ألا يتمكنوا من ذهني ، من حريتي ، من نفحة الهواء الطلق ، من البصيص الخافت في ليلي. ألوذ بدفاعاتي متغافلاً عن خطتهم. تعلمت أن أتخلى عن جسدي. فالجسد هو ذلك المرئي. كانوا يرونه ، و يستطيعون لمسه و بضْعَه بنصلٍ محمّى بالنار ، بإمكانهم تعذيبه ، و تجويعه ، و تعريضه للعقارب ، للبرد المجمد ، غير إني كنت حريصاً أن يبقى ذهني بمنأى عنهم. كان قوتي الوحيدة .

سماح الشعراوى 01-10-2010 08:38 PM

>> مصطفى صادق الرافعي >>
من كتاب وحي القلم




جاء يوم العيد ، يوم الخروج من الزمن إلى زمن وحدَه لا يستمر أكثرَ من يوم .
زمنٌ قصير ظريف ضاحك ، تفرضهُ الأديان على الناس ، ليكونَ لهم بين الحين والحين يومٌ طبيعي في هذه الحياة التي انتقلت عن طبيعتها .
يوم السلام ، والبِشر ، والضحك ، والوفاء ،والإخاء ، وقول الإنسان للإنسان : وأنتم بخير ! .
يوم الثياب الجديدة على الكل إشعاراً لهم بأنّ الوجهَ الإنسانيّ جديدٌ في هذا اليوم .
يوم الزينةِ التي لا يُراد منها إلا إظهار أثرها على النفسِ ليكون الناسُ جميعاً في يومِ حُـب .
يوم العيد ؛ يوم تقديم الحلوى إلى كل فم لتحلوَ الكلماتُ فيه ...
يوم تعم فيه الناس ألفاظ الدعاء والتهنئة مرتفعةً بقوة إلهية فوق منازعات الحياة .
ذلك اليوم الذي ينظرُ فيه الإنسان إلى نفسه نظرةً تلمح السعادة ، وإلى أهله نظرةً تُبصر الإعزاز ، وإلى دارهِ نظرة تدرك الجمال ، وإلى الناس نظرةً ترى الصداقة .
ومن كل هذه النظرات تستوي له النظرة الجميلة إلى الحياة والعالم ، فتبهج نفسه بالعالم والحياة .
وما أسماها نظرة تكشفُ للإنسان أنّ الكل جمالهُ في الكل .
----------
المصدر : اجتلاء (وحي القلم (ج2))

***
لا يكون السرور دائماً إلا جديداً على النفس ، ولا سرور للنفس إلا من جديد على حالة من أحوالها ؛ فلو لم يكن في كل دينار قوة جديدة غيرُ التي في مثلهِ لما سرّ بالمال أحد ، وما كان الخطر الذي هو له ؛ ولو لم يكن لكل طعام جوع يوردهُ جديداً على المعدة لما هنأ ولامرَأ ، ولو لم يكن الليل بعد نهار ، والنهار بعد ليل ، والفصول كلها نقيضاً على نقيضهِ ، وشيئاً مختلفاً على شيء مختلف .. لما كان في السماء والأرض جمال ، ولا إحساس بهما ؛ والطبيعة التي لا تفلح في جعلكَ معها طفلاً تكون جديداً على نفسك لن تفلح في جعلك مسروراً بها لتكون هيَ جديدة عليك .

***
كما تطلع الشمس بأنوارها فتفجّر ينبوع الضوء المسمى النهار ، يولد النبي فيوجد في الانسانية ينبوع النور المسمى بالدين . وليس النهار إلا يقظة الحياة تحقق أعمالها ، وليس الدين إلا يقظة النفس تحقق فضائلها .
والشمس خلقها الله حاملة طابعهُ الالهي ، في عملها للمادة تحول به وتغيّر ؛ والنبي يرسله الله حاملا مثل ذلك الطابع في عمله تترقى فيه وتسمو .
ورعشان الضوء من الشمس هي قصّة الهداية للكون في كلام من النور ، وأشعّة الوحي في النبي هي قصة الهداية لإنسان الكون في نور من الكلام .
والعامل الإلهي العظيم يعمل في نظام النفس والأرض بأداتين متشابهتين : أجرام النور من الشموس والكواكب ، وأجرام العقل من الرسل والأنبياء .

فليس النبي إنسانا من العظماء يقرأ تاريخه بالفكر معه المنطق ، ومع المنطق الشك ، ثم يدرس بكل ذلك على أصول الطبيعة البشرية العامة ؛ ولكنه إنسان نجميّ يقرأ بمثل " التلسكوب " في الدقة ، معه العلم ، ومع العلم الايمان ؛ ثم يدرس بكل ذلك على أصول طبيعتهِ النورانية وحدها .
والحياة تنشيء علم التاريخ ، ولكن هذه الطريقة في درس الأنبياء ( صلوات الله عليهم ) ، تجعل التاريخ هو ينشيء علم الحياة ؛ فإنما النبي إشراق إلهي على الإنسانية ، يقوّمها في فلكها الأخلاقي ، ويجذبها إلى الكمال في نظام هو بعينهِ صورة لقانون الجاذبية في الكواكب .
------------

سماح الشعراوى 01-10-2010 08:41 PM

مصطفى صادق الرافعي >>

من كتاب رسائل الأحزان




سأكتبُ هذه الكلمات المرتعشة ، وسأبسط رعدة قلبي في ألفاظها ومعانيها ، أكتب عن (..) ذلك الاسم الذي كان سنة كاملة من عمر هذا القلب ، على حين أن السعادة قد تكون لحظات من هذا العمر الذي لا يعدّ بالسنين ولكن بالعواطف ، فلا يسعني لا أن أرد خواطري إلى القلب لتنصبغَ في الدم قبل أن تنصبغ في الحبر ثم تخرج إلى الدنيا من هناك بل ما يخفق وما يزفر وما يئنّ . " من هناك" ! آه . من ترى في الناس يعرف معنى هذه الكلمة ويتسع فكرهُ لهذا الظرف المكاني الذي أشير إليه ؟ إنّ العقل ليمد أكنافه على السموات فيسعها خيالا كما ترى بعينيك في ماء الغدير شبكة السماء كلها محبوكة من خيوط الضوء ، مفصّلة بعقد النجوم . ولكن هناك ؛ في القلب ؛ عند ملتقى سر الحياة وسر محييها ؛ في القلب ؛ عند النقطة التي يتقطع فيها الطرف بينكَ وبين من تحب ، حين تريد الجميلة أن تقول لك أول مرة أحبك ؛ ولا تقولها . هناك ؛ في القلب ؛ وعند موضع الهوى الذي ينشعب فيه خيط من نظرك وخيط من نظرها فيلتبسان فتكوّن منهما عقدة من أصعب وأشد عقد الحياة . هناك ؟ هذا معنى "هناك " .

سأكتب أشياء وأضمر على أخرى لا أبوح بها ، وما دام لكل امريء باطن لا يشركه فيه إلا الغيب وحده ففي كل إنسان تعرفهُ إنسان لا تعرفه . وليست على المعاني والخواطر سمات تميز بعها من بعض كبياض الأبيض وسواد الأسود ؛ فأنا وحدي أعرف سبب الزلزلة التي أصفها ، والناس بعد كأولئك الخياليين القدماء الذين كانوا يقولون متى اهتزّت أثقال الأرض : أن إله المصارعة ينبض قلبه الآن .... وأعرف سبب البركان المنفجر وكانت خرافة الأقدمين عندما تتمزع الأرض من الغيظ وتلعنهم بألفاظ من النار : أن إله الحدادة ينفخُ في الكير ... أنا وحدي أعرف ما اندمج عليه وما يكنّه قلبي المتألم الذي أصبح يضطرب اضطراب الورقة اليابسة في شجرتها نافرة تتململ إن عفت عنها نسمة لا تعفو النسمات ككلها . فسآتيك في رسائلي بالكلام الصحيح والكلام المريض ويتشعب عليك من خبري أمور وأمور ، فلا تحاول أن تهتك سر هذا القلب . وإذا صح أن الانسان انطوى فيه العالم الأكبر فقد صح أن السماء انطوت في قلب الإنسان . ما أبعدكَ عن السماء ! ، انظر .. انظر فإنّ السماء تقول لك أيضاً أنها معنى " هناك " ! . "

سماح الشعراوى 01-10-2010 08:42 PM

أحلام مستغانمي >>

من كتاب نسيان.com




ليشهد الأدب أنّني بلّغت!
"الحبّ مثل الموت وعد لا يردّ و لا يزول"
(محمود درويش)

أكبر لغزين في الحياة هما قطعًا الموت والحبّ.
كلاهما ضربة قدر صاعقة لا تفسير لها خارج ( المكتوب ). لذا، تتغذّى الأعمال الإبداعيّة الكبرى من الأسئلة الوجوديّة المحيّرة التي تدور حولهما .
ذلك أنّ لا أحد يدري لماذا يأتي الموت في هذا المكان دون غيره، ليأخذ هذا الشخص دون سواه، بهذه الطريقة لا بأخرى، و لا لماذا نقع في حبّ شخص بالذات . لماذا هو ؟ لماذا نحن ؟ لماذا هنا ؟ لماذا الآن ؟
لا أحد عاد من الموت ليخبرنا ماذا بعد الموت. لكن الذين عادوا من " الحبّ الكبير " ناجين أو مدمّرين، في إمكانهم أن يقصّوا علينا عجائبه، ويصفوا لنا سحره وأهواله، وأن ينبّهونا إلى مخاطره ومصائبه، لوجه الله .. أو لوجه الأدب.
إذا لم يكن للأدب في حياتنا دور المرشد العاطفيّ من يتولاه إذن ؟
ومن يعدّنا لتلك المغامرة الوجدانيّة الكبرى، التي ستهزّ كياننا عندما لا نكون مهيّئين لها. وستواصل ارتجاجاتها التأثير في أقدارنا و خياراتنا، حتى بعد أن ينتهي الحبّ ويتوقّف زلزاله.
إن كانت الهزّات العاطفيّة قدرًا مكتوبًا علينا، كما كُتبَتْ الزلازل على اليابان، فلنتعلّم من اليابانيين إذن، الذين هزموا الزلزال بالاستعداد له، عندما اكتشفوا أنّهم يعيشون وسط حزامه.
يمرّ زلزال خفيف على بلد عربي، فيدمّر مدينة عن بكرة أبيها، ويقضي على الحياة فيها لسنوات عدة. ذلك أنّ الإنسان العربي قدريّ بطبعه، يترك للحياة مهمّة تدبّر أمره، و في الحياة كما في الحبّ لا يرى أبعد من يومه. وهو جاهز تمامًا لأن يموت ضحيّة الكوارث الطبيعيّة أو الكوارث العشقيّة، لأنّه يحمل في تكوينه جينات التضحيات الغبيّة للوطن و للحاكم المستبد.. و للعائلة و الأصدقاء و للحبيب .
و تصمد جزر اليابان يوميًّا في وجه أقوى الزلازل. كلّ مرة تخرج أبراجها واقفة و أبناؤها سالمين. عندهم يعاد إصلاح أضرار الزلازل في بضعة أيام. و تعدّ الخسائر البشرية بأرقام مقياس ريختر.. لا بقوّته. فقلّما تجاوز الضحايا عدد أصابع اليد .
صنعت اليابان معجزاتها بعقلها، و صنعنا كوارثنا جميعها بعواطفنا.
ماذا لو أعلنّا الحبّ كارثة طبيعيّة بمرتبة إعصار أو زلزال أو حرائق موسميّة. لو جرّبنا الاستعداد لدمار الفراق بتقوية عضلة قلبنا الذي صَنعَتْ سذاجته و هشاشته الأغاني العاطفيّة و الأفلام المصرية التي تربّينا عليها.
كما المباني اليابانيّة المدروس عمارها ليتحرّك مع كلّ هزّة علينا أن نكتسب مرونة التأقلم مع كلّ طارئ عشقيّ. و التكيّف مع الهزّات العاطفيّة و ارتجاجات جدران القلب التي تنهار بها تلك الأشياء التي أثّثنا بها أحاسيسنا. و اعتقدنا أنّها ثابتة و مسمّرة إلى جدران القلب إلى الأبد.
علينا أن نربّي قلبنا مع كلّ حبّ على توقّع احتمال الفراق. و التأقلم مع فكرة الفراق قبل التأقلم مع واقعه. ذلك أنّ في الفكرة يكمن شقاؤنا.
ماذا لو جرّبنا الاستعداد للحبّ بشيء من العقل ؟ لو قمنا بتقوية عضلة القلب بتمارين يوميّة على الصبر على من نحبّ. أن نقاوم السقوط في فخاخ الذاكرة العاطفيّة التي فيها قصاصنا المستقبلي. أن ندخل الحبّ بقلب من " تيفال "، لا يعلق بجدرانه شيء من الماضي. أن نذهب إلى الحبّ كما نغادره دون جراح، دون أسًى، لأنّنا مصفّحين ضدّ الأوهام العاطفيّة. ماذا لو تعلّمنا ألّا نحبّ دفعة واحدة، و ألّا نعطي أنفسنا بالكامل، وأن نتعامل مع هذا الغريب لا كحبيب، بل كمحتل لقلبنا وجسدنا وحواسنا، ألّا يغادرنا احتمال أن يتحوّل اسمه الذي تنتشي لسماعه حواسنا، إلى اسم لزلزال أو إعصار يكون على يده حتفنا و هلاكنا ؟
أيّتها العاشقات الساذّجات، الطيّبات، الغبيّات.. ضعن هذا القول نصب أعينكن: "ويل لخلّ لم ير في خله عدوًّا".
ليشهد الأدب أنّني بلّغت !

***
الاستيقاظ الموجع من الخدر العشقي

لا توقظو المرأة التي تحب .. دعوها في أحلامها حتى لا تبكي عندما تعود الى الواقع المر .
مارك توين


صباح الخير.. إنّها التاسعة بتوقيت النسيان.
انتهى سباتك الشتوي عزيزتي.
قومي من تحت الردم ..قومي من حزنك قومي . افتحي نوافذ الحياة و إلّا دخل الصقيع إلى قلبك و بقي هناك. كنت غزالة و أصبحت من دببة القطب الشمالي تنامين سبعة أشهر. بأيّة حقنة تمّ تخديرك؟ بالشغف ؟ بالولع ؟ الوله ؟ الهيام ؟ الغرام ؟ الصبابة ؟
تدرين كم للحبّ من اسم ؟ تسعون اسمًا حسب مراتب العشق و جنونه. ستعرفين من مدّة غيبوبتك، في أيّة درجة من العشق كنت حين خلدت إلى النوم على تلك الغيمة القطنيّة البيضاء متوسّدة أحلامك.
ما توقّعتها ستمطر و ترمي بك أرضًا من العلوّ الشاهق للأوهام. لذا ما أخذت معك كما المظليّين ما يضمن نزولك بسلامة. فالسقوط المفاجئ ما كان ضمن حساباتك و الآن قلبك لا يتوقّف عن الإصغاء لصوت ما تهشّم داخلك من أشياء سيصعب عليك ترميمها.
لا تدعي منظر الخراب يشوّه مزاجك. و يشلّ قدرتك على الوقوف." نقع سبع مرات و نقوم ثمانية " يقول اليابانيون. قومي. ما ينتظرك أجمل مما يحيط بك. اشتري أحذية لأحلامك و ستصبح كلّ الطرقات إلى الفرح سالكة.
سدًى تنتظرين.
لا الحبّ يستطيع من أجلك شيئًا و لا النسيان. لا زوارق في الأفق.. غادري مرفأ الانتظار.
هو لن يعود طالما أنت في انتظاره.
أنت لن تكسبيه إلّا بفقدانه لك. و لن تحافظي عليه إلّا بحرمانه منك.
ثمّة رجال لا تكسبينهم إلّا بالخسارة. عندما ستنسينه حقًّا، سيتذكّرك. ذلك أنّنا لا ننسى خساراتنا !

***
كما ينسى الرجال
"أفضل ما يمكن توقّعه من الرجال هو النسيان"
( فرانسوا مورياك)

"ما عاد بإمكاننا أن نتحدّث مع من نحبّ و ليس هذا بالصمت"
( رينيه شار )

إن كان سلاح المرأة دموعها. أو هكذا يقول الرجال الذين ما استطاعوا الدفاع عن أنفسهم بمجاراتها في البكاء. فقد عثر الرجل على سلاح ليس ضمن ترسانة المرأة. و لا تعرف كيف تواجهه لأنّها ليست مهيّأة له في تكوينها النفسي. لذا عندما يشهره الرجل في وجهها يتلخبط جهاز الالتقاط لديها و يتعطّل رادارها. إنّها تصاب بعمى الأنوثة أمام الضوء الساطع لرجل اختار أن يقف في عتمة الصمت.
لا امرأة تستطيع تفسير صمت رجل. و لا الجزم بأنّها تعرف تماماً محتوى الرسالة التي أراد إيصالها إليها. خاصة إن كانت تحبّه. فالحبّ عمًى آخر في حدّ ذاته. ( أمّا عندما تكفّ عن حبّه فلا صمته و لا كلامه يعنيانها و هنا قد يخطئ الرجل في مواصلة إشهار سلاحه خارج ساحة المعركة على امرأة هو نفسه ما عاد موجودًا في مجال رؤيتها ! ) كما أنّ بعض من يعاني من ازدواجيّة المشاعر يغدو الصمت عنده سوطًا يريد به جلدك فيجلد به نفسه.
تكمن قوة الصمت الرجالي في كونه سلاح تضليلي. إنه حالة التباس كتلك البدلة المرقطة التي يرتديها الجنود كي يتسنّى لهم التلاشي في أيّة ساحة للقتال. إنّهم يأخذون لون أيّ فضاء يتحرّكون فيه.

نصيحه ..

تعلّمي أن تميّزي بين صمت الكبار و الصمت الكبير. فصمت الكبار يقاس بوقعه، و الصمت الكبير بمدّته.
الكبار يقولون في صمتهم بين جملتين أو في صمتهم أثناء عشاء حميم ما لا يقوله غيرهم خلال أشهر من الصمت. ذلك أنّ الصمت يحتاج في لحظة ما أن يكسره الكلام ليكون صمتًا.
أمّا الصمت المفتوح على مزيد من الصمت، فهو يشي بضعف أو خلل عاطفيّ ما يخفيه صاحبه خلف قناع الصمت خوفًا من المواجهة. وحده الذي يتقن متى يجب كسر الصمت. و ينتقي كجوهرجي كلماته بين صمتين يليق به صمت الكبار.
تعلّمي الإصغاء إلى صمت من تحبّين، لا إلى كلامه فقط. فوحده الصمت يكشف معدن الرجال.

سماح الشعراوى 01-10-2010 08:44 PM

>> أمين الريحاني >>
من كتاب وصية الريحاني


لم تكن حياتي حياة القديسين والأولياء، والحمد لله، ولا حياة أولى الثروة والسيادة، والحمد ثم الحمد لله؛ إن ما فاتني الحياة اللامعة غربته خلال الحياة الدامعة تأبطت كتاب الآلام ثلاثين سنة، حملت في جيبي كتاب الوحشة على الدوام، وحاولت أن أحرق كتاب الإثم، وأمزق كتاب الحاجة فأخفقت، وما استسلمت.
أوصى إليكم إخواني في الإنسانية : البيض والصفر والسود على السواء شرقا وغربا:
إن حق الشعب في تقرير مصيره لحق مقدس، فأوصيكم بالجهاد في سبيله، أينما كان.
إن الأمة الصغيرة وهي على حق لأعظم من الأمة الكبيرة وهي على باطل.
إن الأمة القوية الحرة لا تستحق حريتها وقوتها مازال في العالم أمم مستضعفة مقيدة .

سماح الشعراوى 01-10-2010 08:45 PM

>> أمين الريحاني >>

من وصيّة الريحاني





لم تكن حياتي حياة القديسين والأولياء، والحمد لله، ولا حياة أولى الثروة والسيادة، والحمد ثم الحمد لله؛ إن ما فاتني الحياة اللامعة غربته خلال الحياة الدامعة تأبطت كتاب الآلام ثلاثين سنة، حملت في جيبي كتاب الوحشة على الدوام، وحاولت أن أحرق كتاب الإثم، وأمزق كتاب الحاجة فأخفقت، وما استسلمت.
أوصى إليكم إخواني في الإنسانية : البيض والصفر والسود على السواء شرقا وغربا:
إن حق الشعب في تقرير مصيره لحق مقدس، فأوصيكم بالجهاد في سبيله، أينما كان.
إن الأمة الصغيرة وهي على حق لأعظم من الأمة الكبيرة وهي على باطل.
إن الأمة القوية الحرة لا تستحق حريتها وقوتها مازال في العالم أمم مستضعفة مقيدة.

سماح الشعراوى 01-10-2010 08:47 PM

أمين الريحاني >>


من كتاب: تاريخ نجد الحديث




بسم الله الرحمن الرحيم

http://ia331402.us.archive.org/0/items/tnhwm/tnhwm.pdf

في وادي حنيفة ظهر مسيلمة الذي حارب النبيّ والإسلام فكان مدحوراً، قتله خالدُ بن الوليد في وقعة الروضة. وفي وادي حنيفة ، بعد ألف ومئة سنة، ظهر محمد بن عبد الوهاب الذي كافح البدع والخرافات فكان من الفائزين. قبل ظهور هذا المصلح النجدي كان العرب في نجد، بل في الشطر الشرقيّ من شبه الجزيرة، منغمسين في عقائد وعبادات جاءتهم من النجف ومن الأهواز، أو بالحري من بلاد فارس. فكان لا يزالُ لإباحات القرامطة أثر في الإحساء، وكانت للقبور شفاعة لا شفاعة فوقها، فحلها الناس المحل الأعلى في العبادة والتوسل. والحق يقال أن هذه البدع أو هذه الخرافات القديمة، أبعدت العرب بادية وحاضرة عن حقيقة الدين الكبرى وجوهرة الأزليّ الحيّ.
أبعدتهم عن الإسلام الذي جاء يبطل عبادة الأوثانِ وكلّ ما فيه رائحة العبودية لغير الله. فعادوا إلى ما كان فيه أجدادهم وأمعنوا أكثر منهم في الخزعبلات والأضاليل، فلم يتوسلوا فقط إلى قبور الأولياء بل تعددت القباب فوق القبور، فصارت الشفاعة الكبرى للأحجار. بل كانوا يعبدون حتى الأشجار، فيعلقون على أغصانها الرقاع ويقدمون لها النذور. ومن هذه الأشجارُ شجرة في نجد، خصوصا في كهوف جبل ملويق ووادي حنينة، ما كانت تفوق سواها شهرة، وتمتاز اسماً وفعلاً، في نظر عبادها الذين كانوا يجيشونها من أقصى نواحي الجزيرة مشركين متوسلين.
قلت أن هذه العبادات أبعدت العرب عن الإسلام، بل أنستهم حقائقه وأركانه، فقل من كانوا يقرأون القرآن ويفهمون. قال المؤرخ النجديّ: " أهمل الناس الصلاة والزكاة والحج وكانوا لا يعرفون حتى مركز الكعبة!". وبكلمة أوضح عادوا إلى الوثنية، فجاء ابن عبد الوهاب يعيدهم إلى الإسلام. فكان منذ نشأته إلى يوم وفاته يدعو للرجوع إلى الكاتب والسنة، وقد انتشرت دعوته في نصف قرن بين الحاضرة والبادية، وعمت في عهد سعود الكبير البلاد العربية جمعاء.
نعم قد كان في نجد علماء يتعبون الإمام أحمد بن حنبل في المذهب والأحكام، ولكم علمهم لم يخل مما يشوب طريقه بين المجتهدين والمتصوفين، فكانوا من هذا القبيل يشبهون علماء الكنيسةِ المسيحية في القرون الوسطى.
ومن كبار أولئك العلماء النجديين جد صاحب الترجمة محمد بن سليمان بن علي التميمي. قد كان الشيخ محمد رجلاً فاضلا كريماً. تولى منصب الفتوى في نجد، ودري علمي التفسير والحديث ، وكان لحبه للعلم ينفق على الطلبة من ماله الخاص، ناهيك بأن بيته كان على الدوام مفتوحاً للفقراء والمظلومين اللاجئين إلى بره وإحسانه. .. ....

سماح الشعراوى 01-10-2010 08:50 PM

>> نيفين عز الدين الهوني >> خجل أمنية.


خجل أمنية.





" ألن تأكلي
من هنا كانت البداية ..لم تكن أمسية ككل الأمسيات .استغرق الأمر الليل كله .لإستيعاب اننى لأول مرة اهتم بإنسان
لأول مرة يهزنى الشوق ويحذونى الأمل فى تحقيق أمنية ما فى خاطرى
جلسنا على ذات الطاولة لنمارس طوال العشاء فن المجاملة ونتقن لغة النظرات .أخبرته كل شىء وآبى الا أن يثير فضولى ببعض الجمل التى إنسابت من مآقيه
كان عشاء عمل فرضته الظروف .صنعته الصدفة .تجاذب مع صديقتى أطراف الحديث .ومن ثم غرق فى صمت رهيب
جلست امامه أنتظر فرصةلأنتهزها وأنا التى لم أتعود إقتناص الفرص .ما الذى حدث بعد ذلك .لست ادرى .كل ما أعرفه بأننى أنتظر يوم يصحو الفجر من سباته العميق معلنا أنه لابد لحلمى أن يخترق جدار العاصفة مهما تراكم الصقيع على ثنايا قلبك
قطعا لايمكنك إتهامى بأننى مثل الآخريات ضحلة التفكير ولكنى لا أستطيع الإنكار بأننى ايضا تمنيت "

سماح الشعراوى 01-10-2010 08:51 PM

إبراهيم الكوني بلكاني >>
من رواية : عشب الليل. (1)




1
في فرارها الأول ذهبت للاحتماء ببنيان الحرم.
باتت ليلتها الأولى في دار القرابين، وأطعمتها العرافة مآكل النذور التي يجود بها الواويون على الضريح بسخاء يفوق إنفاقهم على أنفسهم وعلى ذويهم. وفي صباح اليوم التالي أقبل أحد أقيان الجدّ وحاول أن يقنعها بالعودة. جالسها في الركن طويلاً، وحادثها همساً، وظل يتقرفص في الزاوية ، ويهمهم بكلام مبهم حتى بعد أن انسحبت الفتاة وتكرته في عتمة البنيان وحيداً.
وجع القنّ فجاءت الأم.
جاءت مع حلول العتمة، تشد حول وجهها لحافا شديد السواد. ترتدي ثوباً شديد السواد أيضاً، فلا يبدو من وجهها الخاسيّ سوى مقلتين حزينتين.
ولكن سيماء الحسن القديم، الصارم، تجلت في القامة، والمشية، واستواء القدّ. عبرت إلى دار الكاهنة، وجالستها على انفراد أمدا، ثم خرجت لتختلي بالفتاة عند موقد النار. في ضياء اللهب تبدّى في عينيها، إلى جانب الحزن، وجع عميق.
حاورتها الليل كله، حاورتها بصوت مكتوم جلّ الوقت، ولكن الانفعال غليبها مرارا، فأفلت الصوت، وجاهرت بالعبارة المسموعة كثيراً.
في غلس الفجر تسللت عائدة. وراءها بمسافة ، سارت الفتاة.

سماح الشعراوى 01-10-2010 08:53 PM

> إبراهيم الكوني بلكاني >>
من رواية : عشب الليل. (2)




لم يعتد العبيدُ أن يخفوا كراهيتهم للون رأوهُ سبب وقوعهم في الأسر، وأجاز لأناس لا يمتازون عنهم بفضيلة غير قشرة بئسية اسمها البياض، أن يتسلطوا عليهم، ويمتلكوا حياتهم وذريتهم من بعدهم، ولكنم لم يتذللوا للنقيض أيضاً، ولم يروا فيه بهاءً أو جمالاً أو فتنة، بل كانوا يسخرون منه في قرارة أنفسهم وفي خلواتهم التي يغيب عنها أهل البياض، ويتندرون على إعجاب السادة بأنفسهم وبلونهم وببهائهم المزعوم. وما إن ابتدأ المولى بدعته ودأب على تحقير لونه ولو أبناء قبيلته، حتى ابتهج المماليك، ولكنهم أخفوا فرحتهم أمدا ارتيابا. ذلك أن السياط علمت الأشقياء أن يرتابوا في كل شيء، ولا يصدقوا أي شيء، وتعلموا أيضا أن لا يسمعوا ولا يبصروا، وإذا أبصروا قسراً كذبوا، في الحال، ما أبصروا، وإذا سمعوا عفوا نسوا في الحال، ما سمعوا. ولأنهم جربوا دهاء السادة، وخبث ملكتهم الأقدار لأيديهم، فقد صنعوا لأنفسهم ناموساً يقضي بألاً يصدقوا ما برى ولا يؤمنوا بما يسمع، ويحترسوا من الحيلة، لأن الحيلة لم تكن وسيلة السادة للحياة، ولكنها في الحياة نفسها. ولولا الحيلة، لولا هذه التميمة الخفية، لما امتلكهم هؤلاء الدهاة يوماً واحداً برغم بلية اللون.

سماح الشعراوى 01-10-2010 08:54 PM

>> إبراهيم الكوني بلكاني >>

من كتاب: من أساطير الصحراء




الجبل
-1-
بدأت الرحلةُ في القماط. تسلى بالسماء فرأى الأنواء. رقعة ظلماء موشاة بعيون لامعة، تومئ ولا تتوقف عن مشاكسته بوميضها الغامض. يغيب في زحمة العيون كل ليلة. ولم يكفّ عن أسفاره حتى بلغ "آشيت آهض". دخل بيتاً لم يعد منه أبداً. لاحقته الأم. أغوته بحيل الساحرات. استبدلت في يده صرة الشيح. أخذت الصرة القديمة وأحرقتها في موقد النار. أعدت صرة جديدة وثبتتها في معصمه الأيمن. ذهبت إلى الساحر وجاءت له بتميمة جديدة. نحرت فوق رأسه ديكاً أبيض اللون. لوثته بدم الديك، وأعدت لمه من المخّ حساء. اشترت من العرافين العابرين مدية نحاسية جديدة. غرستها فوق رأسه بجوار الركيزة. ولكن الوليد الذي سار وراء"آشي آهض" ليلا، ومضى بعيداً في ساحة الوظن المجهول، لم يعد إلى الوراء نهاراً. وظل يبرطم ويتبسم ويبتدعُ اللغة التي يخاطب بها كوكبة الصبايا طوال الليالي. ولا تنطفئ له عين حتى يفلق القبس المبكر فوق الأفق. يعود إلى الصحراء متعباً فلا يستجيب لمداعبات الأم، يستسلمُ لحلم مبهم، فنرقضص على شفتيه ابتسامة مجهولة يرتجفُ لها قلبُ الأمّ.

سماح الشعراوى 01-10-2010 09:27 PM

> إبراهيم الكوني بلكاني

من رواية : التبر .




-3-
هذه ليست المرة الأولى.
سبق له أن ورّطه في فضائح أفظع .

فقد تعود أن يقوم بغزواته العاطفية الليلة إلى النجوع المجاورة على ظهر الأبلق. يسرجه بعد المغيب وينطلقُ إلى ديار المعشوقات فيصل بعد منتصف الليل. يوثقه بالعقال في أقرب الأودية وتسلل في الظلمات إلة خيم الحسان. يتغازل ويتسامرُ ويختطف القبلات حتى ينفلق أفق الصحراء عن الضوء، فيتسلل إلى الوادي ويقفز فوق السرج وينطلقُ عائداً.
تكررت الغزواتُ حتى اكتشف أن أبلقهُ قد وقع في غرام ناقة حسنا تملكها قبيلة تعودت أن تقضي الربيع في وادي "المغرغر" واعتاد هُوَ أن يزورَ فاتنة من بنات تلك القبيلة النبيلة. يتركه يرتعُ في قاع الوادي مع الإبل، ويذهبُ إلى فتاته في المضارب. ولم يغفل عن مشاعر مهربه العاطفية. فقد لاحظ هيامه بالناقة البيضاء منذ زياراته الأولى. وازداد يقيناً بعدما رأى كيف يطير الأبلقُ إلى "النغرغر" ويحترقُ شوقا للسفر الليليّ. فكان يشاكسه ويقول:
- لماذا تخبئ عني؟ اعترف أنك تطيرُ إلى محبوبتك ولا تطير بي إلى محبوبتي. اعترف أن لا فضلَ لك في العدو هذه المرة! الأنثى هي السبب! هي السبب دوماً !.
فيرد عليه متمايلاً، ينثر الزبد، ويمضغ الرسن في عدوه السعيد :
- أو _ ع _ ع _ ع ....
فيضحكُ أوخيّد، ويستمرّ في مداعباته .

سماح الشعراوى 01-10-2010 09:30 PM

>> علي باكثير >>

من رواية: سيرة شُجاع.




" وأشرق فجر اليوم الرابع فهب الناس في القاهرة وفي الفسطاط على سماع اصوات الصائحين ، وبأيديهم الطبول يدورون في كل حي وكل زقاق ، وقد اختلطت اصواتهم ودقات طبولهم بأصوات المؤذنين لصلاة الفجر وهم يرددون :
بيان للناس في كل مكان .
بأمر أمير المؤمنين العاضد لدين الله .
" شاور " المخدوع قد عزل .
وتقلّد الوزارة أبو الأشبال ضرغام .
الأمان مستتب في كل مكان .
ادعوا لمولانا العاضد بالنصر والتأييد .
العمر المديد السعيد !!!

وطفق أهل القاهرة يعلنون الفرح والاستبشار ، وانطلقت حناجر النساء ترسل الزغاريد ، واستعد كثير من وجهائهم وأعيانهم للسعي إلى دار الوزراء ليرفعوا تهنئتهم إلى الوزير الجديد ثم إلى القصر الشرقي ليعربوا عن ولائهم وإخلاصهم للعرش والجالس عليه .
وكأي من شاعر أخذ يقدح زناد فكره ، وطفق يتصفح أبواب المديح والتهنئة من دواوين الشعراء القدامى ، يحرك بها قريحته ، ويلتمس الوزن الذي يروقه أو القافية التي يستحسنها لينظم قصيدته الجديدة على المنوال الذي يرتضيه ، وهو يمني نفسه بصلة من الخليفة أو منحة من الوزير ، وإن كان لا يُخفي جزعه من أن يكون جزاءه على مديحه الخيبة والحرمان . فقد تغيّر الزمان ، وذهب الملوك والأمراء الذين يهتزون لكريم القول ويجزون عليه ، على أن حسبه - إذا لم يُجز عن شعره - أن يغيظ حساده ومنافسيه من الشعراء ، فما ينبغي أن يتفوق أحدهم عليه ، فيذهب بفخر هذا اليوم المجيد دونه .
هَبّ الجميع هكذا يعلنون الفرح والاستبشار لا عن حب للوزير الجديد أو إيثار له على سلفه الذي غرب نجمه ، ولا عن ولاء للخليفة أو إخلاص له ، ولكن بعضهم يفعلون ذلك جريا على العادة المتبعة في مثل هذه الأحوال من حيث لا يشعرون ، وأكثرهم يقومون بذلك خشية أن يعرف عنهم أنهم من المعادين لصاحب العرش أو الضائقين بأسرته الحاكمة أو المناصبين لمذهبها الاسماعيلي الذي لم يستطع بعد مضي قرنين من الزمان أن يزحزح المذهب السني الذي يتمسك به أهل البلاد عن بصيرة وإيمان .
وليس بوسع هؤلاء الذين يقيمون بقاهرة المعزّ أن يجاهروا بكراهيتهم للعاضد وأسرته ومذهبه ، ماضين في ذلك على سنة آبائهم وأجدادهم الذين كانوا يؤثرون السلامة بمجاملة هذه الأسرة ومداراتها أن يبطش بهم او تتعرض مصالحهم للسوء ، ولا سيما في عهود الأقوياء من خلفائها السالفين الذين كانوا لا يتوانون عن القضاء على من يرتابون في إخلاصه لبيتهم أو يؤنسون لديه أي مناهضة لمذهبهم في السلا بله العلانية .
فكان أحدهم إذا ضاق ذرعا بهذه الحال . ولم يستطع بعد صبرا عليها . انتحل عذرا من الأعذار ، يترك به القاهرة وينتقل بأهله إلى الفسطاط مأزر السنة وملاذها العتيد وحصنها المنيع حيث يستطيع أن يستروح شيئا من نسيم الحرية . وإن كان لا يأمن فيها أيضا أن تمتد إليه يد البطش والاضطهاد ، إذا لم يقصد في إعلان عداوته للبيت الحاكم وسخطه عليه "

سماح الشعراوى 02-10-2010 07:18 AM

أمل دنقل >> البكاء بين يدي زرقاء اليمامة


البكاء بين يدي زرقاء اليمامة




أيتها العرافة المقدَّسةْ ..
جئتُ إليك .. مثخناً بالطعنات والدماءْ
أزحف في معاطف القتلى، وفوق الجثث المكدّسة
منكسر السيف، مغبَّر الجبين والأعضاءْ.
أسأل يا زرقاءْ ..
عن فمكِ الياقوتِ عن، نبوءة العذراء
عن ساعدي المقطوع.. وهو ما يزال ممسكاً بالراية المنكَّسة
عن صور الأطفال في الخوذات.. ملقاةً على الصحراء
عن جاريَ الذي يَهُمُّ بارتشاف الماء..
فيثقب الرصاصُ رأسَه .. في لحظة الملامسة !
عن الفم المحشوِّ بالرمال والدماء !!
أسأل يا زرقاء ..
عن وقفتي العزلاء بين السيف .. والجدارْ !
عن صرخة المرأة بين السَّبي. والفرارْ ؟
كيف حملتُ العار..
ثم مشيتُ ؟ دون أن أقتل نفسي ؟ ! دون أن أنهار ؟ !
ودون أن يسقط لحمي .. من غبار التربة المدنسة ؟ !
تكلَّمي أيتها النبية المقدسة
تكلمي .. باللهِ .. باللعنةِ .. بالشيطانْ
لا تغمضي عينيكِ، فالجرذان ..
تلعق من دمي حساءَها .. ولا أردُّها !
تكلمي ... لشدَّ ما أنا مُهان
لا اللَّيل يُخفي عورتي .. كلا ولا الجدران !
ولا اختبائي في الصحيفة التي أشدُّها ..
ولا احتمائي في سحائب الدخان !
.. تقفز حولي طفلةٌ واسعةُ العينين .. عذبةُ المشاكسة
( - كان يَقُصُّ عنك يا صغيرتي .. ونحن في الخنادْق
فنفتح الأزرار في ستراتنا .. ونسند البنادقْ
وحين مات عَطَشاً في الصحَراء المشمسة ..
رطَّب باسمك الشفاه اليابسة ..
وارتخت العينان !)
فأين أخفي وجهيَ المتَّهمَ المدان ؟
والضحكةَ الطروب : ضحكتهُ..
والوجهُ .. والغمازتانْ ! ؟
* * *
أيتها النبية المقدسة ..
لا تسكتي .. فقد سَكَتُّ سَنَةً فَسَنَةً ..
لكي أنال فضلة الأمانْ
قيل ليَ "اخرسْ .."
فخرستُ .. وعميت .. وائتممتُ بالخصيان !
ظللتُ في عبيد ( عبسِ ) أحرس القطعان
أجتزُّ صوفَها ..
أردُّ نوقها ..
أنام في حظائر النسيان
طعاميَ : الكسرةُ .. والماءُ .. وبعض الثمرات اليابسة .
وها أنا في ساعة الطعانْ
ساعةَ أن تخاذل الكماةُ .. والرماةُ .. والفرسانْ
دُعيت للميدان !
أنا الذي ما ذقتُ لحمَ الضأن ..
أنا الذي لا حولَ لي أو شأن ..
أنا الذي أقصيت عن مجالس الفتيان ،
أدعى إلى الموت .. ولم أدع الى المجالسة !!
تكلمي أيتها النبية المقدسة
تكلمي .. تكلمي ..
فها أنا على التراب سائلٌ دمي
وهو ظمئُ .. يطلب المزيدا .
أسائل الصمتَ الذي يخنقني :
" ما للجمال مشيُها وئيدا .. ؟! "
أجندلاً يحملن أم حديدا .. ؟!"
فمن تُرى يصدُقْني ؟
أسائل الركَّع والسجودا
أسائل القيودا :
" ما للجمال مشيُها وئيدا .. ؟! "
" ما للجمال مشيُها وئيدا .. ؟! "
أيتها العَّرافة المقدسة ..
ماذا تفيد الكلمات البائسة ؟
قلتِ لهم ما قلتِ عن قوافل الغبارْ ..
فاتهموا عينيكِ، يا زرقاء، بالبوار !
قلتِ لهم ما قلتِ عن مسيرة الأشجار ..
فاستضحكوا من وهمكِ الثرثار !
وحين فُوجئوا بحدِّ السيف : قايضوا بنا ..
والتمسوا النجاةَ والفرار !
ونحن جرحى القلبِ ،
جرحى الروحِ والفم .
لم يبق إلا الموتُ ..
والحطامُ ..
والدمارْ ..
وصبيةٌ مشرّدون يعبرون آخرَ الأنهارْ
ونسوةٌ يسقن في سلاسل الأسرِ،
وفي ثياب العارْ
مطأطئات الرأس.. لا يملكن إلا الصرخات الناعسة !
ها أنت يا زرقاءْ
وحيدةٌ ... عمياءْ !
وما تزال أغنياتُ الحبِّ .. والأضواءْ
والعرباتُ الفارهاتُ .. والأزياءْ !
فأين أخفي وجهيَ المُشَوَّها
كي لا أعكِّر الصفاء .. الأبله.. المموَّها.
في أعين الرجال والنساءْ !؟
وأنت يا زرقاء ..
وحيدة .. عمياء !
وحيدة .. عمياء !

سماح الشعراوى 02-10-2010 07:19 AM

أمل دنقل >> شيء يحترق


شيء يحترق




شيء في قلبي يحترق
إذ يمضي الوقت ... فنفترق
و نمدّ الأيدي
يجمعنا حبّ
و تفرّقها .. طرق
***
.. ولأنت جواري ضاجعه
و أنا بجوارك ، مرتفق
و حديثك يغزله مرح
و الوجه .. حديث متّسق
ترخين جفونا
أغرقها سحر
فطفا فيها الغرق
و شبابك حان جبليّ
أرز ، و غدير ينبثق
و نبيذ ذهبيّ و حدي
مصطبح منه و مغتبق
و تغوص بقلبي نشوته
تدفعني فيك .. فتلتصق
و أمدّ يدين معربدتين
فثوبك في كفّي ..
مزّق
و ذراعك يلتفّ
و نهر من أقصى الغابة يندفق
و أضمّك
شفة في شفة
فيغيب الكون ، و ينطبق
...............
و تموت النار
فنرقبها
بجفون حار بها الأرق
خجلى !
و شفاهك ذائبه
و ثمارك نشوى تندلق

سماح الشعراوى 02-10-2010 07:20 AM

أمل دنقل >> الجنوبي


الجنوبي




صورة
هل أنا كنت طفلاً
أم أن الذي كان طفلاً سواي
هذه الصورة العائلية
كان أبي جالساً، وأنا واقفُ .. تتدلى يداي
رفسة من فرس
تركت في جبيني شجاً، وعلَّمت القلب أن يحترس
أتذكر
سال دمي
أتذكر
مات أبي نازفاً
أتذكر
هذا الطريق إلى قبره
أتذكر
أختي الصغيرة ذات الربيعين
لا أتذكر حتى الطريق إلى قبرها
المنطمس
أو كان الصبي الصغير أنا ؟
أم ترى كان غيري ؟
أحدق
لكن تلك الملامح ذات العذوبة
لا تنتمي الآن لي
و العيون التي تترقرق بالطيبة
الآن لا تنتمي لي
صرتُ عني غريباً
ولم يتبق من السنوات الغريبة
الا صدى اسمي
وأسماء من أتذكرهم -فجأة-
بين أعمدة النعي
أولئك الغامضون : رفاق صباي
يقبلون من الصمت وجها فوجها فيجتمع الشمل كل صباح
لكي نأتنس.
وجه
كان يسكن قلبي
وأسكن غرفته
نتقاسم نصف السرير
ونصف الرغيف
ونصف اللفافة
والكتب المستعارة
هجرته حبيبته في الصباح فمزق شريانه في المساء
ولكنه يعد يومين مزق صورتها
واندهش.
خاض حربين بين جنود المظلات
لم ينخدش
واستراح من الحرب
عاد ليسكن بيتاً جديداً
ويكسب قوتاً جديدا
يدخن علبة تبغ بكاملها
ويجادل أصحابه حول أبخرة الشاي
لكنه لا يطيل الزيارة
عندما احتقنت لوزتاه، استشار الطبيب
وفي غرفة العمليات
لم يصطحب أحداً غير خف
وأنبوبة لقياس الحرارة.
فجأة مات !
لم يحتمل قلبه سريان المخدر
وانسحبت من على وجهه سنوات العذابات
عاد كما كان طفلاً
سيشاركني في سريري
وفي كسرة الخبز، والتبغ
لكنه لا يشاركني .. في المرارة.
وجه
ومن أقاصي الجنوب أتى،
عاملاً للبناء
كان يصعد "سقالة" ويغني لهذا الفضاء
كنت أجلس خارج مقهى قريب
وبالأعين الشاردة
كنت أقرأ نصف الصحيفة
والنصف أخفي به وسخ المائدة
لم أجد غير عينين لا تبصران
وخيط الدماء.
وانحنيت عليه أجس يده
قال آخر : لا فائدة
صار نصف الصحيفة كل الغطاء
و أنا ... في العراء
وجه
ليت أسماء تعرف أن أباها صعد
لم يمت
هل يموت الذي كان يحيا
كأن الحياة أبد
وكأن الشراب نفد
و كأن البنات الجميلات يمشين فوق الزبد
عاش منتصباً، بينما
ينحني القلب يبحث عما فقد.
ليت "أسماء"
تعرف أن أباها الذي
حفظ الحب والأصدقاء تصاويره
وهو يضحك
وهو يفكر
وهو يفتش عما يقيم الأود .
ليت "أسماء" تعرف أن البنات الجميلات
خبأنه بين أوراقهن
وعلمنه أن يسير
ولا يلتقي بأحد .
مرآة
-هل تريد قليلاً من البحر ؟
-إن الجنوبي لا يطمئن إلى اثنين يا سيدي
البحر و المرأة الكاذبة.
-سوف آتيك بالرمل منه
وتلاشى به الظل شيئاً فشيئاً
فلم أستبنه.
.
.
-هل تريد قليلاً من الخمر؟
-إن الجنوبي يا سيدي يتهيب شيئين :
قنينة الخمر و الآلة الحاسبة.
-سوف آتيك بالثلج منه
وتلاشى به الظل شيئاً فشيئاً
فلم أستبنه
.
.
بعدما لم أجد صاحبي
لم يعد واحد منهما لي بشيئ
-هل نريد قليلاً من الصبر ؟
-لا ..
فالجنوبي يا سيدي يشتهي أن يكون الذي لم يكنه
يشتهي أن يلاقي اثنتين:
الحقيقة و الأوجه الغائبة.

سماح الشعراوى 02-10-2010 07:34 AM

>> أمل دنقل >> خطاب غير تاريخي


خطاب غير تاريخي




ها أنتَ تَسْترخي أخيراً..
فوداعاً..
يا صَلاحَ الدينْ.
يا أيُها الطَبلُ البِدائيُّ الذي تراقصَ الموتى
على إيقاعِه المجنونِ.
يا قاربَ الفَلِّينِ
للعربِ الغرقى الذين شَتَّتتْهُمْ سُفنُ القراصِنه
وأدركتهم لعنةُ الفراعِنه.
وسنةً.. بعدَ سنه..
صارت لهم "حِطينْ"..
تميمةَ الطِّفِل, وأكسيرَ الغدِ العِنّينْ
(جبل التوباد حياك الحيا)
(وسقى الله ثرانا الأجنبي!)
مرَّتْ خيولُ التُركْ
مَرت خُيولُ الشِّركْ
مرت خُيول الملكِ - النَّسر,
مرتْ خيول التترِ الباقينْ
ونحن - جيلاً بعد جيل - في ميادينِ المراهنه
نموتُ تحتَ الأحصِنه!
وأنتَ في المِذياعِ, في جرائدِ التَّهوينْ
تستوقفُ الفارين
تخطبُ فيهم صائِحاً: "حِطّينْ"..
وترتدي العِقالَ تارةً,
وترتدي مَلابس الفدائييّنْ
وتشربُ الشَّايَ مع الجنود
في المُعسكراتِ الخشِنه
وترفعُ الرايةَ,
حتى تستردَ المدنَ المرتهنَة
وتطلقُ النارَ على جوادِكَ المِسكينْ
حتى سقطتَ - أيها الزَّعيم
واغتالتْك أيدي الكَهَنه!
***
(وطني لو شُغِلتُ بالخلدِ عَنه..)
(نازعتني - لمجلسِ الأمنِ - نَفسي!)
***
نم يا صلاحَ الدين
نم.. تَتَدلى فوقَ قَبرِك الورودُ..
كالمظلِّيين!
ونحنُ ساهرونَ في نافذةِ الحَنينْ
نُقشّر التُفاحَ بالسِّكينْ
ونسألُ اللهَ "القُروضَ الحسَنه"!
فاتحةً:
آمينْ.

سماح الشعراوى 02-10-2010 07:58 AM

أمل دنقل >> صفحات من كتاب الصيف والشتاء


صفحات من كتاب الصيف والشتاء




1 - حمامة
حين سَرَتْ في الشارعِ الضَّوضاءْ
واندفَعَتْ سيارةٌ مَجنونةُ السَّائقْ
تطلقُ صوتَ بُوقِها الزاعقْ
في كبدِ الأَشياءْ:
تَفَزَّعَتْ حمامةٌ بيضاءْ
(كانت على تمثالِ نهضةِ مصرْ..
تَحْلُمُ في استِرخاءْ)
طارتْ, وحطَّتْ فوقَ قُبَّةِ الجامعةِ النُّحاسْ
لاهثةً, تلتقط الأَنفاسْ
وفجأةً: دندنتِ الساعه
ودقتِ الأجراسْ
فحلَّقتْ في الأُفْقِ.. مُرتاعهْ!
أيتُها الحمامةُ التي استقرَّتْ
فوقَ رأسِ الجسرْ
(وعندما أدارَ شُرطيُّ المرورِ يَدَهُ..
ظنتُه ناطوراً.. يصدُّ الطَّيرْ
فامتَلأتْ رعباً!)
أيتها الحمامةُ التَّعبى:
دُوري على قِبابِ هذه المدينةِ الحزينهْ
وأنشِدي للموتِ فيها.. والأسى.. والذُّعرْ
حتى نرى عندَ قُدومِ الفجرْ
جناحَكِ المُلقى..
على قاعدةِ التّمثالِ في المدينهْ
.. وتعرفين راحةَ السَّكينهْ!

سماح الشعراوى 02-10-2010 08:00 AM

أمل دنقل >> الآخرون دائماً


الآخرون دائماً




لا تنظروا لي هكذا ،
إني أخاف..
لست أنا الذي سحقت الخصب في أطفالكم ،
جعلتهم خصيان
لست أن الذي نبشت القبر ،
كي أضاجع الجثمان
لست أنا الذي اختلست ليلة
لدى عشيقة الملك
فلتبحثوا عمن سيدلي باعتراف
الآخــــــــريــــــــن
( 1 )
هذا الصبي في فراشه اضطجع
وفي كتاب أحمر الغلاف
تجمدت عيناه في سطور :
***
((...وفجأة....ساد الظلام ...))
(( غالب لوبين نفسه......))
(( أشهر روجر مسدسة:
هل أطلق الرصاص بوبين ...))
(( ..ومزق الرصاص هدأة السكون ..))
(( صوت ارتطام جسم في الظلام ..))
(( صوت محرك يدور في نهاية الطريق ..))
.....وهب من فراشه يطارد الشبح
فشبح رأسه في قائم السرير..
تحسس الدماء في جبهته،
ثم انبطح
ليطلق الرصاص خلف المجرمين..
( 2 )
صديقتي .. شدت على يدي ،
وقالت: لن أجيء غرفتك
لا بد أن نبقى معا إلى الأبد..
ولم أرد
لأن ثوب العرس في معارض الأزياء
نجمة تدور في سراب
لم أزل أدق بابا بعد باب..
وخطوتي تنهيدة،
وأعيني ضباب..
حتى وصلت غرفتي في آخر المطاف
وهرتي تلد..
مواؤها عذاب أثنى ليلة المخاض
أنثى وحيدة تلد..
وأخلد الجيران للسكون
وقطهم جاف على نافذة بين
يلعق في فروته الناصعة البياض
يلعق عن فروته عذاب هرتى المتحد
.. سعت إليه ذات ليلة،
ولم تسله ثوباً للزفاف
لأن ثوب العرس في معارض الأزياء
نجمة تدور في سراب
(3)
بلقيس ألهبت سليمان الحكيم
أنثى رمت بساطها المضياف للنجوم
لكن سليمان الحكيم..
يقتل غيلة أمير الجند
لأنه يريد أن يبنى بزوجة الأمير
وزوجة الأمير تغتال ابن بلقيس الصغير
لأنها تريد أن يكون طفلها ولي العهد
لكن ولي العهد قال لي
بأنه حين يفع
بلقيس راودته ذات ليلة عن نفسها
لم يستطع
أن يمتنع
..كانت غلالة من الحرير
تهتز فوق مشجب المساء
سألته:
هل تستطيع يا صديقي الإفشاء
عن ابن بلقيس ..أبوه من يكون؟
قال: أنا ما قلت شيئا،
ما فعلت شى
الآخرون.........................
***
لأنني أخاف
لا تنظروا لى هكذا،..فالآخرون
هم الذين يفعلون

سماح الشعراوى 02-10-2010 08:01 AM

أمل دنقل >> الوقوف على قدم واحدة!


الوقوف على قدم واحدة!




كادت تقول لى ((من أنت ؟))
.. .. .. ..
(.. العقرب الأسود كان يلدغ الشمس ..
وعيناه الشّهيتان تلمعان ! )
_أأنت ؟!
لكنّى رددت باب وجهى .. واستكنت
(.. عرفت أنّها ..
تنسى حزام خصرها .
فى العربات الفارهة !
***
أسقط فى أنياب اللحظات الدنسة
أتشاغل بالرشفة من كوب الصمت المكسور
بمطاردة فراش الوهم المخمور
أتلاشى فى الخيط الواهن :
ما بين شروع الخنجر .. والرقبة
ما بين القدم العاربة وبين الصحراء الملتهبة
ما بين الطلّقة .. والعصفور .. والعصفور !
***
يهتزّ قرطها الطويل ..
يراقص ارتعاش ظلّه ..
على تلفّتات العنق الجميل
وعندما تلفظ بذر الفاكهة
وتطفىء التبغة فى المنفضة العتيقة الطراز
تقول عيناها : استرح !
والشفتان .. شوكتان !!
***
(تبقّين أنت : شبحا يفصل بين الأخوين
وعندما يفور كأس الجعة المملوء ..
فى يد الكبير :
يقتلك المقتول مرتين!
أتأذنين لى بمعطفى
أخفى به ..
عورة هذا القمر الغارق فى البحيرة
عورة هذا المتسول الأمير
وهو يحاور الظلال من شجيرة إلى شجيرة
يطالع الكفّ لعصفور مكسّر الساقين
يلقط حبّة العينين
لأنه صدّق _ ذات ليلة مضت _
عطاء فمك الصغير ..
عطاء حلمك القصير ..

سماح الشعراوى 02-10-2010 11:51 AM

عمر أبو ريشة >> في موسم الورد


في موسم الورد




هنــا في موســـم الوردِ
تلاقَيْنــا بـلا وَعْــــدِ
وسِرْنا في جــلال الصمـتِ
فـوق مناكبِ الخُلْـــدِ
وفـي ألحاظنا جــوعٌ
عـلى الحرمـان يستجـــدي!
وأهـوى جيدكِ الــــريان
متكئــاً علــى زِنـــدي
فكُنــا غفـوةً خرســـاء
بيـن الخَدِّ والخَـــــدِّ
مُنـى قلـبي أرى قلبـــكِ
لا يبقـى عــلى عَهْـــدِ
أسـائـلُ عنــكِ أحــلامي
وأُسكتُهـــا عــن الــرَدِّ
أردتِ فنـلتِ مــا أمَّـلتِ
مَن عِـزّي ومـن مجـــدي
فأنــتِ اليــوم ألحانـــي
وألحــان الدُّنـى بَعْـــدي
فمـــا أقصـرَه حُبَّـــا
تـلاشى وهــو في المَهْــدِ
ولـم أبـرحْ هنـا،
فـي ظـل هذا المّلتقى وحدي


جميع الأوقات بتوقيت GMT +2. الساعة الآن 02:59 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.