![]() |
|
الحديث الثالث والعشرون عن أبي مالك الحارث بن عاصم الأشعري رضي الله عنه قال: قال رسول الله http://upload.wikimedia.org/wikisour...%D9%85.svg.png: "الطهور شطر الإيمان، والحمد لله تملأ الميزان، وسبحان الله والحمد لله تملآن أو تملأ بين السماء والأرض، والصلاة نور، والصدقة برهان، والصبر ضياء، والقرآن حجة لك أو عليك. كل الناس يغدو؛ فبائع نفسه، فمعتقها، أو موبقها". (رواه مسلم) شرح وفوائد الحديث قوله http://upload.wikimedia.org/wikisour...%D9%85.svg.png: « الطهور شطر الإيمان » فسر الغزالي الطهور: بطهارة القلب من الغل والحسد والحقد وسائر أمراض القلب. وذلك أن الإيمان الكامل إنما يتم بذلك، فمن أتى بالشهادتين حصل له الشطر، ومن طهر قلبه من بقية الأمراض كمل إيمانه، ومن لم يطهر قلبه فقد نقص إيمانه. قال بعضهم: ومن طهر قلبه وتوضأ واغتسل وصلى، فقد دخل الصلاة بالطهارتين جميعاً، ومن دخل في الصلاة بطهارة الأعضاء خاصة فقد دخل بإحدى الطهارتين، والله سبحانه وتعالى لا ينظر إلا إلى طهارة القلب لقوله http://upload.wikimedia.org/wikisour...%D9%85.svg.png: «إن الله لا ينظر إلى صوركم وأبشاركم ولكن ينظر إلى قلوبكم ». قوله http://upload.wikimedia.org/wikisour...%D9%85.svg.png: « والحمد لله تملأ الميزان، وسبحان الله والحمد لله تملآن أو تملأ ما بين السماء والأرض » وهذا قد يشكل على الحديث الآخر وهو أن موسى عليه الصلاة والسلام قال: « يا رب دلني على عمل يدخلني الجنة؟ قال: يا موسى قل: لا إله إلا الله، فلو وضعت السماوات السبع والأرضون السبع في كفة، ولا إله إلا الله في كفة، لرجحت بهم لا إله إلا الله ». ومعلوم أن السماوات والأرضين أوسع مما بين السماء والأرض، وإذا كانت الحمد لله تملأ الميزان وزيادة، لزم أن تكونا لحمد لله تملأ ما بين السماء والأرض لأن الميزان أوسع مما بين السماء الأرض، والحمد لله تملؤها. والمراد لو كان جسماً لملأ الميزان، أو أن ثواب الحمد لله يملؤها. قوله http://upload.wikimedia.org/wikisour...%D9%85.svg.png: « والصلاة نور » أي ثوابها نور وفي الحديث: « بَشِّر الماشين في الظلم إلى المساجد بالنور التام يوم القيامة ». قوله http://upload.wikimedia.org/wikisour...%D9%85.svg.png: « والصدقة برهان » أي دليل على صحة إيمان صاحبها، وسميت صدقة لأنها دليل على صدق إيمانه، وذلك أن المنافق قد يصلي، ولا تسهل عليه الصدقة غالباً. وقوله http://upload.wikimedia.org/wikisour...%D9%85.svg.png: « والصبر ضياء » أي الصبر المحبوب، وهو الصبر على طاعة الله، والبلاء ومكاره الدنيا، ومعناه: لا يزال صاحبه مستمراً على الصواب. قوله http://upload.wikimedia.org/wikisour...%D9%85.svg.png: « كل الناس يغدو فبائع نفسه » معناه كل إنسان يسعى لنفسه، فمنهم من يبيعها لله بطاعته فيعتقها من العذاب، ومنهم من يبيعها للشيطان والهوى باتباعهما «فيوبقها » أي يهلكها، قال عليه الصلاة والسلام: « من قال حين يصبح أو يمسي: اللهم إني أصبحت أشهدك وأشهد حملة عرشك وملائكتك وأنبياءك وجميع خلقك أنك أنت الله لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك، وأن محمداً عبدك ونبيك، أعتق الله ربعه من النار، فإن قالها مرتين أعتق الله نصفه من النار، فإن قالها ثلاثاُ أعتق الله ثلاثة أرباعه من النار، فإن قالها أربعاً أعتق الله كله من النار ». فإن قيل: المالك إذا أتق بعض عبده سرى العتق إلى باقيه والله تعالى أعتق الربع الأول فلم يسر عليه وكذلك الباقي. فالجواب: إن السراية قهرية، والله تعالى لا تقع عليه الأشياء القهرية بخلاف غيره، ولا يقع في حكمه سبحانه ما لا يريد، قال الله تعالى: {إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأنّ لهمُ الجنةَ يُقاتلون في سبيلِ الله فَيَقتلون ويُقتَلون وعداً عليه حقاً في التوارة والإنجيل والقرآن ومن أوفى بعهده من الله فاستبشروا ببيِعكُم الذي بايعتم به وذلك هو الفوز العظيم }[التوبة: 111]. قال بعض العلماء: لم يقع بيع أشرف من هذا، وذلك أن المشتر ي هو الله، والبائع المؤمنون، والمبيع الأنفس، والثمن الجنة. وفي الآية دليل على أن البائع يجبر أولاً على تسليم السلعة قبل أن يقبض الثمن، وأن المشتري لا يجبر أولاً على تسليم الثمن. وذلك أن الله تعالى أوجب على المؤمنين الجهاد حتى يقتلوا في سبيل الله فأوجب عليهم أن يسلموا الأنفس المبيعة ويأخذوا الجنة. فإن قيل: كيف يشتري السيد من عبيده أنفسهم، والأنفس ملك له؟! قيل: كاتبهم ثم اشترى منهم، والله تعالى أوجب عليهم الصلوات الخمس والصوم وغير ذلك، فإذا أدّوا ذلك فهم أحرار، والله تعالى أعلم. |
|
|
|
الحديث الخامس والعشرون عن أبي ذر رضي الله عنه أيضاً: أن ناساً من أصحاب رسول الله http://upload.wikimedia.org/wikisour...%D9%85.svg.png قالوا للنبي http://upload.wikimedia.org/wikisour...%D9%85.svg.png: يا رسول الله ذهب أهل الدثور بالأجور، يصلّون كما نصلي، ويصومون كما نصوم، ويتصدقون بفضول أموالهم، قال: "أو ليس قد جعل الله لكم ما تصدقون؛ إن بكل تسبيحة صدقة، وكل تكبيرة صدقة، وكل تحميدة صدقة، وكل تهليلة صدقة، وأمر بالمعروف صدقة، ونهي عن منكر صدقة، وفي بضع أحدكم صدقة، قالوا: يا رسول الله! أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر؟ قال: أرأيتم لو وضعها في حرام أكان عليه وزر؟ فكذلك إذا وضعها في الحلال كان له أجر". (رواه مسلم) شرح وفوائد الحديث قوله: قالوا يا رسول الله أيأتي أحدنا شهوته وله فيها أجر؟ قال: « أرأيتم لو وضعها في حرام أكان عليه وزر » اعلم أن شهوة الجماع أحبها الأنبياء والصالحون، قالوا: لما فيها من المصالح الدينية والدنيوية من غضِّ البصر وكسر الشهوة عن الزنا وحصول النسل الذي تتم به عمارة الدنيا وتكثر الأمة إلى يوم القيامة، قالوا: وسائر الشهوات يقسي تعاطيها القلب، إلا هذه فإنها ترقق القلب. |
|
الحديث السادس والعشرون عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله http://upload.wikimedia.org/wikisour...%D9%85.svg.png: "كل سلامى من الناس عليه صدقة، كل يوم تطلع فيه الشمس تعدل بين اثنين صدقة، وتعين الرجل في دابته فتحمله عليها أو ترفع له عليها متاعه صدقة، والكلمة الطيبة صدقة، وبكل خطوة تمشيها صدقة، وتميط الأذى عن الطريق صدقة". (رواه البخاري ومسلم) شرح وفوائد الحديث قوله http://upload.wikimedia.org/wikisour...%D9%85.svg.png: « كل سلامى من الناس عليه صدقة » والسلامى أعضاء الإنسان، وذكر أنها ثلاث مائة وستون عضواً منها صدقة كل يوم، وكل عمل بر من تسبيح أو تهليل أو تكبير أو خطوة يخطوها إلى الصلاة صدقة، فمن أدى هذه في أول يومه فقد أدى زكاة بدنه فيحفظ بقيته. وجاء في الحديث: « أن ركعتين من الضحى تقوم مقام ذلك ». وفي الحديث: « يقول الله تعالى: يا ابن آدم صلِّ لي أربع ركعات في أول اليوم أكفك في أول اليوم وأكفك في آخره ». |
|
الحديث السابع والعشرون عن النواس بن سمعان رضي الله عنهما عن النبي http://upload.wikimedia.org/wikisour...%D9%85.svg.png قال: "البر حسن الخلق، والإثم ما حاك في نفسك وكرهت أن يطلع عليه الناس". (رواه مسلم) وعن وابصة بن معبد رضي الله عنه قال: أتيت رسول الله http://upload.wikimedia.org/wikisour...%D9%85.svg.png فقال: "جئت تسأل عن البر؟ قلت نعم، قال: استفت قلبك، البر ما اطمأنت إليه النفس، واطمأن إليه القلب، والإثم ما حاك في النفس، وتردد في الصدر، وإن أفتاك الناس وأفتوك". (حديث حسن رويناه في مسندي الإمامين: أحمد بن حنبل والدارمي بإسناد حسن) شرح وفوائد الحديث قوله http://upload.wikimedia.org/wikisour...%D9%85.svg.png: « البر حسن الخلق » وقد تقدم الكلام في حسن الخلق، قال ابن عمر: البر أمر هين، وجه طلق ولسان لين. وقد ذكر الله تعالى آية جمعت أنواع البر فقال تعالى: {ولكن البرَّ مَنْ آمَنَ بالله واليومِ الآخر } [البقرة177]. قوله http://upload.wikimedia.org/wikisour...%D9%85.svg.png: « والإثم ما حاك في نفسك » أي اختلج وتردد ولم تطمئن النفس إلىفعله، وفي الحديث دليل على أن الإنسان يراجع قلبه إذا أراد الإقدام على فعل شيء فإن اطمأنت عليه النفس فعله وإن لم تطمئن تركه، وقد تقدم الكلام على الشبهة في حديث « الحلال بين والحرام بين ». ويروى أن آدم عليه الصلاة والسلام أوصى بنيه بوصايا، منها أنه قال: إذا أردتم فعل شيء فإن اضطربت قلوبكم فلا تفعلوه، فإني لما دنوت من أكل الشجرة اضطرب قلبي عند الأكل. ومنها أنه قال: إذا أردتم فعل شيء فانظروا في عاقبته فإني لو نظرت في عاقبة الأكل ما أكلت من الشجرة. ومنها أنه قال: إذا أردتم فعل شيء فاستشيروا الأخيار فإني لو استشرت الملائكة لأشاروا عليّ بترك الأكل من الشجرة. قوله http://upload.wikimedia.org/wikisour...%D9%85.svg.png: « وكرهت أن يطلع عليه الناس » لأن الناس قد يلومون الإنسان على أكل الشبهة وعلى أخذها وعلى نكاح امرأة قد قيل إنها أرضعت معه ولهذا قال http://upload.wikimedia.org/wikisour...%D9%85.svg.png: « كيف وقد قيل ». وكذلك الحرام إذا تعاطاه الشخص يكره أن يطلع عليه الناس، ومثال الحرام الأكل من مال الغير، فإن يجوز إن كان يتحقق رضاه، فإن شك في رضاه حرم الأكل، وكذلك التصرف في الوديعة بغير إذن صاحبها، فإن الناس إذا اطلعوا على ذلك أنكروه عليه، وهو يكره اطلاع الناس على ذلك لأنهم ينكرون عليه. قوله http://upload.wikimedia.org/wikisour...%D9%85.svg.png: « ما حاك في النفس، وإن أفتاك الناس وأفتوك ». مثاله الهدية إذا جاءتك من شخص، غالب ماله حرام، وترددت النفس في حلها، وأفتاك المفتي بحل الأكل فإن الفتوى لاتزيل الشبهة، وكذلك إذا أخبرته امرأة بأنه ارتضع مع فلانة، فإن المفتي إذا أفتاه بجواز نكاحها لعدم استكمال النصاب لا تكون الفتوى مزيلة للشبهة، بل ينبغي الورع وإن أفتاه الناس، والله أعلم. |
|
الحديث الثامن والعشرون عن أبي نجيح العرباض بن سارية رضي الله عنه قال: وعظَنا رسول الله http://upload.wikimedia.org/wikisour...%D9%85.svg.png موعظةً وجلت منها القلوب وذرفت منها العيون، فقلنا: يا رسول الله كأنها موعظة مودّع، فأوصِنا، قال: أوصيكم بتقوى الله عزّ وجلّ، والسمع والطاعة وإن تأمر عليكم عبد، فإنه من يعش منكم فسيرى اختلافاً كثيراً، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين عضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار". (رواه أبو داود والترمذي وقال حديث حسن صحيح) شرح وفوائد الحديث قوله: «وعظنا » الوعظ هو التخويف. قوله: «وذرفت منها العيون » أي بكت ودمعت. قوله http://upload.wikimedia.org/wikisour...%D9%85.svg.png: « عليكم بسنتي »أي عند اختلاف الأمور الزموا سنتي، وعضوا عليها بالنواجذ وهي مؤخر الأضراس وقيل: الأنياب، والإنسان متى عض بنواجذه كأن يجمع أسنانه فيكون مبالغة، فمن العض على السنة الأخذ بها وعدم اتباع آراء أهل الأهواء والبدع، وعضوا: فعل أمر من عض يعض، وهو بفتح العين، وضمها لحن، ولذلك تقول: بر أمك يازيد، لأنه من بر يبر ولا تقول، بر إمك بضم الباء. قوله http://upload.wikimedia.org/wikisour...%D9%85.svg.png: «وسنة الخلفاء الراشدين المهديين » رضي الله عنهم، يريد الأربعة وهم: أبوبكر، وعمر وعثمان، وعلي. |
تســــــــــــــــــــــــــــــــــــلم الايــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــاد ى
|
اقتباس:
|
جهد مشكور على هذا العمل الرائع واكثر الله من امثالك
|
جميع الأوقات بتوقيت GMT +2. الساعة الآن 06:46 AM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.