بوابة الثانوية العامة المصرية

بوابة الثانوية العامة المصرية (https://www.thanwya.com/vb/index.php)
-   حي على الفلاح (https://www.thanwya.com/vb/forumdisplay.php?f=25)
-   -   الإيمان بالله والعمل الصالح (https://www.thanwya.com/vb/showthread.php?t=174042)

محمد رافع 52 06-12-2010 10:57 PM

كل عام وانتم بخير بالعام الهجرى الجديد
الهجرة معناها الانتقال من دار إلي دار أو من مكان إلي مكان ولم تكن هجرة النبي http://www.12allchat.com/forum/image...es/0099999.gif وأصحابه

من أجل منفعة دنيوية

أو من أجل مصلحة شخصية

أو من أجل الخوف علي النفس أو المال

وإنما كانت من أجل إعلاء كلمة الحق

ونشر دين الله تعالي في الأرض. والبحث عن بيئة تزدهر فيها دعوة الإسلام.





لقد مكث النبي http://www.12allchat.com/forum/image...es/0099999.gif في مكة بعد البعثة ثلاثة
عشر عاما
تعرض خلالها لألوان من الترغيب والترهيب ولألوان من المساومة والمقاطعة ولألوان من الإيذاء والاضطهاد
ولم يؤمن معه في تلك الفترة الطويلة من مشركي قريش سوي عدد قليل. فكانت تربة مكة غير كافية لنماء الدعوة الإسلامية
فبحث http://www.12allchat.com/forum/image...es/0099999.gif عن بيئة أخري وعن تربة أخري تكون أكثر ازدهارا للإسلام
وكانت هذه البيئة هي المدينة المنورة التي وصل إليها الإسلام قبل هجرته إليها بثلاث سنوات
وكان في كل يوم يزداد انتشارا حتي إذا ما وصل الرسول http://www.12allchat.com/forum/image...es/0099999.gif إليها كان الإسلام قد بلغ كل بيت من بيوتها واستقبلت المدينة المنورة النبي - صلي الله عليه وسلم - وأصحابه بالبشر والترحاب




ولم تكن الهجرة مقصورة علي فريق دون فريق وإنما كانت عامة وشاملة
فقد هاجر الأغنياء والفقراء وهاجر الأقوياء والضعفاء وهاجر الشباب والشيوخ وهاجر الرجال والنساء


لم تكن علامة ضعف المسلمين حين هاجروا من مكة إلي المدينة
فقد كانت هذه الهجرة لأنهم لم يجدوا مؤمنين بدينهم في مكة يساوون عظمة الرسالة وقدسيتها وإشارتها إلي أنها خاتمة الأديان
وهكذا الأفكار العظيمة يجب أن تقتدي بهذه العقيدة التي شاء الله أن يجعلها خاتمة للرسالات التي بعث بها أنبياءه إلي البشرية

فقد كانت الرسالتان السابقتان عليها وهما اليهودية والنصرانية مقدمة مشتركة للإسلام علي بعد ما بينهما من فترة زمنية حاد الناس فيها عن عقيدة السماء وانحرفوا عن رسالة الله التي بعث بها أنبياءه السابقين



ولذلك فإن رسالة الإسلام كانت ضرورية للبشرية تدعو الناس إلي عبادة الله وحده لا شريك له وهو الإله الواحد الذي لا تشوبه تجزئة في الذات ولا في الفكرة التي بعث بها أنبياءه ليتجه الناس إلي عبادة الله وحده

ومن هنا نفهم ما ينسب إلي الرسول الخاتم http://www.12allchat.com/forum/image...es/0099999.gif في قوله: "أنا دعوة أبي إبراهيم وبشارة أخي عيسي"
وقد ورد في القرآن الكريم ما يشير إلي هذه الدعوة وهذه البشارة معاً وذلك الآية "129" من سورة البقرة
والآية السادسة من سورة الصف
حين يقول الله في الآية الأولي علي لسان سيدنا إبراهيم "ربنا وأبعث فيهم رسولاً منهم يتلو عليهم آياتك ويعلمهم الكتاب والحكمة ويزكيهم..."
ويقول في الآية الثانية: "وإذ قال عيسي بن مريم يا بني إسرائيل إني رسول الله إليكم مصدقاً لما بين يدي من التوراة ومبشراً برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد..."

وأحمد اسم من أسماء الرسول محمد http://www.12allchat.com/forum/image...es/0099999.gif وورد أمر الرسالة الخاتمة في كتب الأنبياء السابقين علي الإسلام دليل علي أنه سيكون هو المرجع الأخير لدين الله الذي أنزله علي رسله جميعاً
وجاء ختامه في رسالة النبي http://www.12allchat.com/forum/image...es/0099999.gif
وكون الإسلام هو ختام دين الله في شتي بقاع الأرض علي السنة مسلمين في كل هذه البقاع


وليست هناك دولة في أية قارة من قارات الأرض إلا وفيها مسلمون يشهدون أنه لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله
وإن أي إحصاء نوعي لهؤلاء الناس يثبت ذلك وقد يكون ذلك
ميسوراً في موسم واحد من مواسم الحج أو في عدد متقارب من مواسمه



ليس غريباً أن تتداعي هذه المعاني علي الأذهان ونحن نعيش ذكري الهجرة من مكة إلي المدينة
والتي لم تكن علامة ضعف للإسلام وإنما كانت علامة قوة
فالمهاجرون وهم أول نوعية في تاريخ البشرية تهاجر بعقيدتها من ديار يلحقهم فيها الأذي إلي ديار ترحب بهم وتنتصر لهم
وكانت مقدمة هذه الهجرة في بيعتين هما بيعة العقبة الأولي وبيعة العقبة الثانية
وهما بيعتان لهما شأن عظيم في قوة الإسلام وهجرة المسلمين من مكة إلي المدينة
ثم في هجرة الرسول http://www.12allchat.com/forum/image...es/0099999.gif بعد أن اطمأن إلي أمر المسلمين في يثرب المدينة
وقد وصفت الهجرة علي ألسنة المؤرخين بأنها كانت نصراً للإسلام عظيماً وليست تعبيراً عن ضعف المسلمين في مكة
وذلك لأن الفتوحات الإسلامية أخذت تتوالي بعد نحو عامين من الهجرة ابتداء بغزوة بدر وما تلاها من الغزوات المحمودة المنتصرة حتي جاء فتح مكة ليضع أوزار الحرب بين المسلمين وقريش التي اعتزت بالإسلام وانتصرت به





هكذا نري أن الهجرة لم تكن من أجل مغنم من المغانم
أو من أجل مطلب من المطالب الدنيوية وإنما كانت من أجل نصرة الدين
من أجل إعلاء كلمة الله ومن أجل انتشار الإسلام في أرض الله الواسعة
من أجل إحقاق الحق وإبطال الباطل من أجل التعاون علي البر والتقوي لا علي الإثم والعدوان


ولنأخذ من هجرة الرسول http://www.12allchat.com/forum/image...es/0099999.gif درس نقتدى به فى حياتنا العامه وتعاملنا مع الاخرين

وكل عام والامه الاسلاميه جميعآ بخير








محمد رافع 52 07-12-2010 09:59 AM


محمد رافع 52 10-12-2010 02:33 PM

فضل صيام يوم عاشوراء


محمد رافع 52 04-03-2011 08:25 AM

الخشية من الله تعالى فضلها وثمارها
الخشية من الله - تعالى - مقام من أعلى المقامات وصفة من أسمى وأعلى الصفات، بل هي شرط من شروط الإيمان قال - تعالى -: (فَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَوْهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) [سورة التوبة: 13].
والخشية خلق لا يتصف بها إلا عباد الله المتقين، وأوليائه المحسنين: قال الله - تعالى -: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ) [سورة الأنفال:2]، قال الإمام الطبري - رحمه الله -: " ليس المؤمن بالذي يخالف الله ورسوله، ويترك إتباع ما أنزله إليه في كتابه من حدوده وفرائضه، والانقياد لحكمه، ولكن المؤمن هو الذي إذا ذكر الله وَجِل قلبه، وانقاد لأمره، وخضع لذكره، خوفًا منه، وفَرَقًا من عقابه" [تفسير الطبري [13/385)].
قال - تعالى -: (اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ) [سورة الزمر:23].
وعَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ؛ أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - دَخَلَ عَلَى شَابٍّ، وَهُوَ فِي الْمَوْتِ، فَقَالَ: كَيْفَ تَجِدُكَ؟ قَالَ: وَاللهِ، يَا رَسُولَ اللهِ، إِنِّي أَرْجُو اللَّهَ، وَإِنِّي أَخَافُ ذُنُوبِي، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -:((لاَ يَجْتَمِعَانِ فِي قَلْبِ عَبْدٍ، فِي مِثْلِ هَذَا الْمَوْطِنِ، إِلاَّ أَعْطَاهُ اللَّهُ مَا يَرْجُو، وَآمَنَهُ مِمَّا يَخَافُ)) [أخرجه ابن ماجة (4261)، والتِّرْمِذِيّ ( 983)، والنَّسائي، في عمل اليوم والليلة (1062)].
ولقد عاب الله - تعالى -على بني إسرائيل ووبخهم وقرعهم على قساوة قلوبهم وعدم خشيتهم له - سبحانه - فقال لهم: (ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الْأَنْهَارُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاءُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ) [سورة البقرة:74].
وضرب لنا - سبحانه - مثلا طيبا في الخشية من الله عند سماع آياته فقال:( لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ) [سورة الحشر:21].
فالخشية من الله - تعالى - هي ميزان الأعمال وزينتها، وهي سداها ولحمتها.

محمد رافع 52 04-03-2011 08:26 AM


- معنى الخشية من الله:
قال ابن القيم - رحمه الله -: " الوجل والخوف والخشية والرهبة ألفاظ متقاربة غير مُترادفـة، وقال: وقيل الخوف هرب القلب من حلول المكروه عند استشعاره والخشية أخصّ من الخوف"[مدارج السالكين (1/512) وما بعدها].
وقال المناوي: " الخشية تألم القلب لتوقع مكروه مستقبلا، يكون تارة بكثرة الجناية من العبد، وتارة بمعرفة جلال الله وهيبته ومنه خشية الأنبياء" [الوقيف على مهمات التعاريف 314].
وبعضهم قيّد الخشية بما كان في حق الله، والخوف في حق الآدميين، قال - تعالى -: (الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلَّا اللَّهَ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا) [سورة الأحزاب:39].
عَنْ أَبِى سَعِيدٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ: ((لاَ يَحْقِرْ أَحَدُكُمْ نَفْسَهُ)) قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ يَحْقِرُ أَحَدُنَا نَفْسَهُ؟ قَالَ: ((يَرَى أَمْرًا لِلَّهِ عَلَيْهِ فِيهِ مَقَالٌ ثُمَّ لاَ يَقُولُ فِيهِ فَيَقُولُ اللَّهُ - عز وجل - لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: مَا مَنَعَكَ أَنْ تَقُولَ فِي كَذَا وَكَذَا، فَيَقُولُ خَشْيَةُ النَّاسِ، فَيَقُولُ فَإِيَّاىَ كُنْتَ أَحَقَّ أَنْ تَخْشَى)) [أخرجه أحمد (3/30)، (11275)، وابن ماجة (4008)].
وقال السمعاني: والخشية والخوف بمعنى واحد.
وقيل الخشية أخص من الخوف، وهي من أعمال القلوب؛ أي من العبادات القلبية، وهي حقٌّ لله - سبحانه وتعالى - لا يجوز أن يُشرك معه فيها غيره، وبعبارة مختصرة هي التقوى ومخالفة الهوى.
قال الشاعر:
خف الله وارجوه لكلِّ عـظـيمةٍ*** ولا تطع النَّفس الّلجوج فتنـدمـا
وكن بين هاتين من الخوف والرَّجا*** وأبشر بعفو الله إن كنت مسلمـا

محمد رافع 52 04-03-2011 08:28 AM


2- فضل الخشية من الله:
الخشية من الله - تعالى - فضلها عظيم ومكانتها عالية وسامقة، فقد وصف الله بها عبادة المؤمنين الصالحين فقال: (وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَإِنْ تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلَى حِمْلِهَا لَا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى إِنَّمَا تُنْذِرُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَمَنْ تَزَكَّى فَإِنَّمَا يَتَزَكَّى لِنَفْسِهِ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ) [سورة فاطر:18].
وقال: (إِنَّ الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَشْيَةِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ بِرَبِّهِمْ لَا يُشْرِكُونَ * وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ *أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ) [سورة المؤمنون:57-61].
ولقد ضرب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أروع الأمثلة في حسن الخشية من الله - تعالى -، وهو الذي خاطبه ربه فقال له: (وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ..)[سورة الأحزاب:37].
وعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: " صَنَعَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أمرا فَتَرَخَّصَ فِيهِ، فَبَلَغَ ذالِكَ نَاسًا مِنْ أصحابه، فكأنهم كَرِهُوهُ وَتَنَزَّهُوا عَنْهُ، فَبَلَغَهُ ذلِكَ، فَقَامَ خَطِيبًا فَقَالَ: ((مَا بَالُ رجالٍ بَلَغَهُمْ عَنِّي أمر تَرَخَصْتُ فِيهِ، فَكَرِهُوهُ وَتَنَزَّهُوا عَنْهُ، فَوَاللَّهِ لانَا أعلمهم بِاللَّهِ وأشدهم لَهُ خَشْيَةً)) [أخرجه أحمد (6/45)، والبُخَارِي(8/31 و9/120)، وفي الأدب المفرد (436)، ومسلم (7/90)].
ولقد كان من خشيته - صلى الله عليه وسلم - استشعاره لعظمة الله ورهبته منه، عَنْ مُطَرِّفٍ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: " أَتَيْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - وَهُوَ يُصَلِّى وَلِصَدْرِهِ أَزِيزٌ كَأَزِيزِ الْمِرْجَلِ" [أخرجه أحمد(4/25)، (16421)، وأبو داود (904)، والتِّرْمِذِيّ في الشمائل(322)].
بل كان يسأل الله - تعالى - الخشية، فعَن قَيْسِ بْنِ عُبَادٍ، قَالَ: " صَلَّى بِنَا عَمَّارٌ صَلاَةً، كَأَنَّهُمْ أَنْكَرُوهَا، فَقِيلَ لَهُ فِي ذَلِكَ؟ فَقَالَ: أَلَمْ أُتِمَّ الرُّكُوعَ وَالسُّجُودَ؟ قَالُوا: بَلَى، قَالَ: فَإِنِّي قَدْ دَعَوْت اللهَ بِدُعَاءٍ سَمِعْته مِنْ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: ((اللَّهُمَّ بِعِلْمِك الْغَيْبَ، وَقُدْرَتِك عَلَى الْخَلْقِ، أَحْيِنِي مَا عَلِمْتَ الْحَيَاةَ خَيْرًا لِي، وَتَوَفَّنِي إِذَا عَلِمْتَ الْوَفَاةَ خَيْرًا لِي، اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُك كَلِمَةَ الإِخْلاَصِ فِي الْغَضَبِ وَالرِّضَى، وَالْقَصْدَ فِي الْغِنَى وَالْفَقْرِ، وَخَشْيَتَك فِي الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ، وَأَسْأَلُك الرِّضَا بِالْقَدَرِ، وَأَسْأَلُك نَعِيمًا لاَ يَنْفَدُ، وَقُرَّةَ عَيْنٍ لاَ تَنْقَطِعُ، وَلَذَّةَ الْعَيْشِ بَعْدَ الْمَوْتِ، وَلَذَّةَ النَّظَرِ إِلَى وَجْهِك، وَشَوْقًا إِلَى لِقَائِك، وَأَعُوذُ بِك مِنْ ضَرَّاءَ مُضِرَّةٍ، وَفِتْنَةٍ مُضِلَّةٍ، اللَّهُمَّ زَيِّنَّا بِزِينَةِ الإِيمَانِ، وَاجْعَلْنَا هُدَاةً مُهْتَدِينَ)) [أخرجه النَّسائي(3/55)، وفي الكبرى(1230)].
وعَنْ نَافِعٍ، قَالَ: " كَانَ ابْنِ عُمَرَ إذا جلس مَجْلِسًا لم يقم حَتَّى يَدْعُوَ لجلسائه بِهَذه الْكَلِمَاتِ، وزعم أن رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كان يدعو بهن لجلسائه: اقْسِمْ لَنَا مِنْ خَشْيَتِكَ مَا تَحُولُ بَيْنَنَا وَبَيْنَ مَعَاصِيكَ، وَمِنْ طَاعَتِكَ مَا تُبَلِّغُنَا بِهِ جَنَّتَكَ، وَمِنَ الْيَقِينِ مَا تُهَوِّنُ بِهِ عَلَيْنَا مُصائب الدُّنْيَا، اللهم أمتعْنَا بِأَسْمَاعِنَا وَأَبْصَارِنَا وَقُوَّتِنَا مَا أَحْيَيْتَنَا، وَاجْعَلْهُ الْوَارِثَ مِنَّا، وَاجْعَلْ ثَأْرَنَا عَلَى مَنْ ظَلَمَنَا، وَانْصُرْنَا عَلَى مَنْ عَادَانَا، وَلاَ تَجْعَلْ مُصِيبَتَنَا فِى دِينِنَا، وَلاَ تَجْعَلِ الدُّنْيَا أَكْبَرَ هَمِّنَا، وَلاَ مَبْلَغَ عِلْمِنَا، وَلاَ تُسَلِّطْ عَلَيْنَا مَنْ لاَ يَرْحَمُنَا".[ أَخْرَجَهُ النسائي في عمل اليوم والليلة (401)].
ولقد ربى النبي - صلى الله عليه وسلم - أصحابه الكرام على هذه المعاني الطيبة،
عنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: " خَطَبَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - خُطْبَةً، مَا سَمِعْتُ مِثْلَهَا قَطُّ، قَالَ: ((لَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ، لَضَحِكْتُمْ قَلِيلاً، وَلَبَكَيْتُمْ كَثِيرًا))، قَالَ: فَغَطَّى أَصْحَابُ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - وُجُوهَهُمْ، لَهُمْ خَنِينٌ، فَقَالَ رَجُلٌ: مَنْ أَبِي؟ قَالَ: ((فُلاَنٌ))، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ: (لاَ تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ)، [أخرجه أحمد (3/206) (13179) والبُخَارِي (6/68)، (4621)، مسلم (7/92)، (6193)].

وهذا صديق هذه الأمة وأفضلها بعد نبيها المبشر بالجنة وعظيم المنة، كان إذا قام إلى الصلاة كأنه عود من خشية الله - تعالى -.
وهذا عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - المبشر بالجنة قرأ سورة الطور حتى إذا بلغ: (إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ لَوَاقِع) ]الطور:7]، بكى واشتدّ بكاؤه حتى مرض وعاده الناس، وكان يقول لابنه وهو في الموت: "ويحك، ضع خدي على الأرض؛ عساه أن يرحمني".
وهذا عثمان - رضي الله عنه - كان إذا وقف على القبر بكى، حتى يبل لحيته - رضي الله عنه -.
وعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ؛أَنَّ مَاعِزَ بْنَ مَالِكٍ الأَسْلَمِيَّ أَتَى رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنِّي قَدْ ظَلَمْتُ نَفْسِي وَزَنَيْتُ، وَإِنِّي أُرِيدُ أَنْ تُطَهِّرَنِي، فَرَدَّهُ، فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ أَتَاهُ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنِّي قَدْ زَنَيْتُ، فَرَدَّهُ الثَّانِيَةَ، فَأَرْسَلَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - إِلَى قَوْمِهِ، فَقَالَ: ((أَتَعْلَمُونَ بِعَقْلِهِ بَأْسًا؟ تُنْكِرُونَ مِنْهُ شَيْئًا؟))، فَقَالُوا: مَا نَعْلَمُهُ إِلاَّ وَفِيَّ الْعَقْلِ، مِنْ صَالِحِينَا، فِيمَا نُرَى، فَأَتَاهُ الثَّالِثَةَ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِمْ أَيْضًا، فَسَأَلَ عَنْهُ، فَأَخْبَرُوهُ أَنَّهُ لاَ بَأْسَ بِهِ، وَلاَ بِعَقْلِهِ، فَلَمَّا كَانَ الرَّابِعَةَ، حَفَرَ لَهُ حُفْرَةً، ثُمَّ أَمَرَ بِهِ فَرُجِمَ، قَالَ: فَجَاءَتِ الْغَامِدِيَّةُ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنِّي قَدْ زَنَيْتُ فَطَهِّرْنِي، وَإِنَّهُ رَدَّهَا، فَلَمَّا كَانَ الْغَدُ قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، لِمَ تَرُدُّنِي؟ لَعَلَّكَ أَنْ تَرُدَّنِي كَمَا رَدَدْتَ مَاعِزًا، فَوَاللهِ إِنِّي لَحُبْلَى، قَالَ: إِمَّا لاَ، فَاذْهَبِي حَتَّى تَلِدِي، فَلَمَّا وَلَدَتْ، أَتَتْهُ بِالصَّبِيِّ فِي خِرْقَةٍ، قَالَتْ: هَذَا قَدْ وَلَدْتُهُ، قَالَ: اذْهَبِي فَأَرْضِعِيهِ حَتَّى تَفْطِمِيهِ، فَلَمَّا فَطَمَتْهُ، أَتَتْهُ بِالصَّبِيِّ فِي يَدِهِ كِسْرَةُ خُبْزٍ، فَقَالَتْ: هَذَا يَا نَبِيَّ اللهِ، قَدْ فَطَمْتُهُ، وَقَدْ أَكَلَ الطَّعَامَ، فَدَفَعَ الصَّبِيَّ إِلَى رَجُلٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، ثُمَّ أَمَرَ بِهَا فَحُفِرَ لَهَا إِلَى صَدْرِهَا، وَأَمَرَ النَّاسَ فَرَجَمُوهَا، فَيُقْبِلُ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ بِحَجَرٍ، فَرَمَى رَأْسَهَا، فَتَنَضَّحَ الدَّمُ عَلَى وَجْهِ خَالِدٍ، فَسَبَّهَا، فَسَمِعَ نَبِيُّ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - سَبَّهُ إِيَّاهَا، فَقَالَ: ((مَهْلاً يَا خَالِدُ، فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَقَدْ تَابَتْ تَوْبَةً، لَوْ تَابَهَا صَاحِبُ مَكْسٍ لَغُفِرَ لَهُ))، ثُمَّ أَمَرَ بِهَا فَصَلَّى عَلَيْهَا وَدُفِنَتْ" [أخرجه أحمد (5/347)، (23330)، ومسلم (5/120)، (4451)، وأبو داود(4442)].
قَالَ عَبْدُ اللهِ بن مسعود - رضي الله عنه -: " الْمُؤْمِنُ يَرَى ذَنْبَهُ كَأَنَّهُ صَخْرَةٌ يَخَافُ أَنْ تَقَعَ عَلَيْهِ، وَالْمُنَافِقُ يَرَى ذَنْبَهُ كَذُبَابٍ وَقَعَ عَلَى أَنْفِهِ فَطَارَ فَذَهَبَ" [مصنف ابن أبي شيبة (13/292)].
وقال أبو الدرداء: " تمامُ التقوى أنْ يتقي الله العبدُ، حتّى يتقيَه مِنْ مثقال ذرَّة، وحتّى يتركَ بعضَ ما يرى أنَّه حلال، خشيةَ أنْ يكون حراماً، حجاباً بينه وبينَ الحرام" [الزهد، لابن المبارك (79)].
قال الحسن البصر- يرحمه الله -: " اعملوا لله بالطاعات، واجتهدوا فيها وخافوا أن ترد عليهم. إن المؤمن جمع إيمانا وخشية، والمنافق جمع إساءة وأمنا".
عن مسروق- رحمه الله - قال: " كفى بالمرء علما أن يخشى الله، وكفى بالمرء جهلا أن يعجب بعمله".
وذكر أبو نعيم " في الحلية (9/220): " أن أحمد بن يحيى ثعلب النحوي قال: كنت أحب أن أرى أحمد بن حنبل فدخلت عليه، فقال لي: فيم تنظر، فقلت: في النحو والعربية والشعر، قال: فأنشدني فأنشدته:
إِذَا مَا خَلَوْتَ الدَّهْرَ يَوْمًا *** فَلَا تَقُلْ خَلَوْتُ وَلَكِنْ قُلْ عَلَيَّ رَقِيبُ
وَلَا تَحْسَبَنَّ اللهَ يَغْفُلُ سَاعَةً *** وَلَا أَنَّ مَا يَخْفَى عَلَيْهِ يَغِيبُ
غَفَلْنَا الْعُمُرَ وَاللهِ حَتَّى تَدَارَكَتْ *** عَلَيْنَا ذُنُوبٌ بَعْدَهُنَّ ذُنُوبُ
فَيَا لَيْتَ أَنَّ اللهَ يَغْفِرُ مَا مَضَى*** وَيَأْذَنُ فِي تَوْبَاتِنَا فَنَتُوبُ
فبكى حتى سمع الجيران بكاءه.
ويقول القاسم بن محمد: " كنا نسافر مع ابن المبارك فكثيراً ما كان يخطر ببالي، فأقول في نفسي: بأي شيء فُضُل هذا الرجل علينا حتى اشتهر في الناس هذه الشهرة؟! إن كان ليصلي إنا لنصلي، ولئن كان يصوم إنا لنصوم، وإن كان يغزو إنا لنغزو، وإن كان يحج إنا لنحج، قال: فكنا في بعض مسيرنا في طريق الشام ليلة نتعشى في بيت إذ انطفأ علينا السراج، فقام بعضنا لإصلاح السراج، فكانت هُنيهة -أي: لحظة من اللحظات- ثم جاء السراج، فنظرت إلى وجهه - رحمه الله تعالى - وقد ابتلت لحيته من كثرة الدموع، فقلت في نفسي: بهذه الخشية فُضِّل هذا الرجل علينا"، ولعله عندما فقد السراج وصار إلى الظلمة ذكر القيامة فتأثر.
وسئل عبدالله بن المبارك عن صفة الخائفين فقال:
إذا ما الليل أظلم كابدوه *** فيسفر عنهم وهم ركوع
أطار الخوف نومهم فقاموا *** وأهل الأمن في الدنيا هجوع
لهم تحت الظلام وهم سجود *** أنين منه تنفرج الضلوع
وخرس بالنهار لطول صمت *** عليهم من سكينتهم خشوع
وسأله رجل: صف لي الوالهين بالله فقال: هم كما أقول لك:
مستوفدين على رحل كأنهم ركب *** يريدون أن يمضوا وينتقلوا
عفّت جوارحهم عن كل فاحشة *** فالصّدق مذهبهم والخوف والوجل
وجاء رجل إلى إبراهيم بن أدهم يقول: " إن نفسي تراودني المعصية ولا أستطيع كبح جماحها، فماذا أفعل؟ قال: إذا وفيت بخمس فاعص الله ما شئت، قال: وما هي؟ قال: إذا أردت أن تعصي الله فلا تأكل من رزقه، ولا تنم في أرضه، ولا تعصه أمام عينيه، قال: وكيف يكون هذا؟ وكل ما في الأرض لله، والأرض ملكه، والسماء سماؤه، وفي أي: ركن أكون منها، فالله - تعالى - يعلم السر وأخفى! قال: أما تستحي أن تأكل من رزقه وتنام على أرضه وتعصه أمام عينيه؟ قال: إذا أردت أن تعصي الله وجاءك ملك الموت فلا تذهب معه، أو جاءتك زبانية العذاب فلا تذهب معهم، قال: وكيف يكون هذا؟ (إذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون)، (عليها ملائكة غلاظ شداد لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون)، قال: فإذا علمت قدر نفسك، لا تستطيع أن ترد ملك الموت، أو زبانية العذاب فلم تعصه؟"، فكانت توبة بعد ذلك نصوحا.
يقول الشاعر:
نوح الحمام على الغصون شجاني *** ورأى العذول صبابتي فبكاني
إن الحمام ينوح من خوف النوى *** وأنا أنوح مخافة الرحمن
فلإن بكيت فلا أُلام على النوى *** ولطالما استغرقتُ في العصيان
يا ربِّ عبدك من عذابك مُشفقٌ *** بك مُستجيرٌ من لظى النيران
فارحم تضرعه إليك وحزنهُ *** وامنن عليه اليوم بالغفران

محمد رافع 52 04-03-2011 08:29 AM

3- ثمار الخشية من الله:
إن ثمارَ هذه الخشية بيِّنة، وإن آثارها ظاهرة، فإنها باعث على إخلاص العمل لله - تعالى - والاستدامة عليه، وطريقٌ إلى العزَّة التي كتبها الله لعباده المؤمنين، وسبيلٌ إلى صيانة النفس عن الذل، وداع إلى التحلي بمحاسن الأخلاق والنفرة من مساوئها، وسببٌ للسعادة في الدارين، وقائدٌ إلى الأمن من الفزع الأكبر وإلى الفوز بالجنة والنجاة من النار.

1- الهداية والصلاح: قال - تعالى -: (إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ) [سورة التوبة:18].
2- الفوز والفلاح: (وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ) [سورة النور:52].
" وحكي أن بشراً كان في زمن لهوه في داره، وعنده رفقاؤه يشربون ويطربون، فاجتاز بهم رجل من الصالحين، فدق الباب، فخرجت إليه جارية، فقال: صاحب هذه الدار حر أو عبد؟ فقالت: بل حر! فقال: صدقت لو كان عبداً لاستعمل أدب العبودية وترك اللهو والطرب، فسمع بشر محاورتهما فسارع إلى الباب حافياً حاسراً، وقد ولى الرجل، فقال للجارية: ويحك! من كلمك على الباب؟ فأخبرته بما جرى، فقال: أي ناحية أخذ هذا الرجل؟ فقالت: كذا، فتبعه بشر حتى لحقه، فقال له: يا سيدي! أنت الذي وقفت بالباب وخاطبت الجارية؟ قال: نعم، قال أعد عليّ الكلام، فأعاده عليه، فمرّغ بشر خديه على الأرض وقال: بل عبد! عبد! عبد!، ثم هام على وجهه حافياً حاسراً حتى عُرف بالحفاء، فقيل له: لمَ لا تلبس نعلاً؟ قال: لأني ما صالحني مولاي إلا وأنا حاف، فلا أزول عن هذه الحال حتى الممات" [ابن قدامة، التوابين (221)].
3- المغفرة والأجر الكبير: قال - تعالى -: (إِنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ) [سورة الملك:12].
وعَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - يُحَدِّثُ حَدِيثًا لَوْ لَمْ أَسْمَعْهُ إِلاَّ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ حَتَّى عَدَّ سَبْعَ مَرَّاتٍ، وَلَكِنِّى سَمِعْتُهُ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: ((كَانَ الْكِفْلُ مِنْ بَنِى إِسْرَائِيلَ لاَ يَتَوَرَّعُ مِنْ ذَنْبٍ عَمِلَهُ، فَأَتَتْهُ امْرَأَةٌ فَأَعْطَاهَا سِتِّينَ دِينَارًا عَلَى أَنْ يَطَأَهَا، فَلَمَّا قَعَدَ مِنْهَا مَقْعَدَ الرَّجُلِ مِنِ امْرَأَتِهِ أُرْعِدَتْ وَبَكَتْ، فَقَالَ: مَا يُبْكِيكِ أَأَكْرَهْتُكِ؟ قَالَتْ: لاَ وَلَكِنَّهُ عَمَلٌ مَا عَمِلْتُهُ قَطُّ، وَمَا حملني عَلَيْهِ إِلاَّ الْحَاجَةُ، فَقَالَ: تَفْعَلِينَ أَنْتِ هَذَا وَمَا فَعَلْتِهِ اذهبي فهي لَكِ، وَقَالَ: لاَ وَاللَّهِ لاَ أَعْصِى اللَّهَ بَعْدَهَا أَبَدًا، فَمَاتَ مِنْ لَيْلَتِهِ فَأَصْبَحَ مَكْتُوبًا عَلَى بَابِهِ إِنَّ اللَّهَ قَدْ غَفَرَ لِلْكِفْلِ)) [أَخْرَجَهُ أحمد (2/23)، (4747)، والترمذي (2496)].
وعَنْ رِبْعِيِّ بْنِ حِرَاشٍ، قَالَ: قَالَ عُقْبَةُ بْنُ عَمْرٍو لِحُذَيْفَةَ: " أَلاَ تُحَدِّثُنَا مَا سَمِعْتَ مِنْ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -؟ قَالَ: إِنِّي سَمِعْتُهُ يَقُولُ: ((إِنَّ رَجُلاً حَضَرَهُ الْمَوْتُ، فَلَمَّا يَئِسَ مِنَ الْحَيَاةِ أَوْصَى أَهْلَهُ: إِذَا أَنَا مُِتُّ، فَاجْمَعُوا لِي حَطَبًا كَثِيرًا، وأَوْقِدُوا فِيهِ نَارًا، حَتَّى إِذَا أَكَلَتْ لَحْمِي، وَخَلَصَتْ إِلَى عَظْمِي، فَامْتَحَشَتُ، فَخُذُوهَا فَاطْحَنُوهَا، ثُمَّ انْظُرُا يَوْمًا رَاحًا، فَاذْرُوهُ فِي الْيَمِّ. فَفَعَلُوا، فَجَمَعَهُ اللَّهُ، فََقَالَ لَهُ: لِمَ فَعَلْتَ ذَلِكَ؟ قَالَ: مِنْ خَشْيَتِكَ، فَغَفَرَ اللَّهُ لَهُ)) [أخرجه أحمد (5/395)، (23745)، و البُخَارِي(4/205)،(3452).

محمد رافع 52 04-03-2011 08:30 AM

4- الفرج والنجاة:
عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ - رضى الله عنهما – قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: ((انْطَلَقَ ثَلاَثَةُ رَهْطٍ مِمَّنْ كَانَ قَبْلَكُمْ حَتَّى أَوَوُا الْمَبِيتَ إِلَى غَارٍ فَدَخَلُوهُ، فَانْحَدَرَتْ صَخْرَةٌ مِنَ الْجَبَلِ فَسَدَّتْ عَلَيْهِمُ الْغَارَ، فَقَالُوا: إِنَّهُ لاَ يُنْجِيكُمْ مِنْ هَذِهِ الصَّخْرَةِ إِلاَّ أَنْ تَدْعُوا اللَّهَ بِصَالِحِ أَعْمَالِكُمْ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنْهُمُ: اللَّهُمَّ كَانَ لي أَبَوَانِ شَيْخَانِ كَبِيرَانِ، وَكُنْتُ لاَ أَغْبِقُ قَبْلَهُمَا أَهْلاً وَلاَ مَالاً، فَنَأَى بِى في طَلَبِ شيء يَوْمًا، فَلَمْ أُرِحْ عَلَيْهِمَا حَتَّى نَامَا، فَحَلَبْتُ لَهُمَا غَبُوقَهُمَا فَوَجَدْتُهُمَا نَائِمَيْنِ وَكَرِهْتُ أَنْ أَغْبِقَ قَبْلَهُمَا أَهْلاً أَوْ مَالاً، فَلَبِثْتُ وَالْقَدَحُ عَلَى يَدَيَّ أَنْتَظِرُ اسْتِيقَاظَهُمَا حَتَّى بَرَقَ الْفَجْرُ، فَاسْتَيْقَظَا فَشَرِبَا غَبُوقَهُمَا، اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتُ فَعَلْتُ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ وَجْهِكَ فَفَرِّجْ عَنَّا مَا نَحْنُ فِيهِ مِنْ هَذِهِ الصَّخْرَةِ، فَانْفَرَجَتْ شَيْئًا لاَ يَسْتَطِيعُونَ الْخُرُوجَ.
قَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: ((وَقَالَ الآخَرُ اللَّهُمَّ كَانَتْ لي بِنْتُ عَمٍّ كَانَتْ أَحَبَّ النَّاسِ إِلَىَّ، فَأَرَدْتُهَا عَنْ نَفْسِهَا، فَامْتَنَعَتْ مِنِّى حَتَّى أَلَمَّتْ بِهَا سَنَةٌ مِنَ السِّنِينَ، فَجَاءَتْنِي فَأَعْطَيْتُهَا عِشْرِينَ وَمِائَةَ دِينَارٍ، عَلَى أَنْ تُخَلِّىَ بَيْنِي وَبَيْنَ نَفْسِهَا، فَفَعَلَتْ حَتَّى إِذَا قَدَرْتُ عَلَيْهَا قَالَتْ: لاَ أُحِلُّ لَكَ أَنْ تَفُضَّ الْخَاتَمَ إِلاَّ بِحَقِّهِ، فَتَحَرَّجْتُ مِنَ الْوُقُوعِ عَلَيْهَا، فَانْصَرَفْتُ عَنْهَا وَهْىَ أَحَبُّ النَّاسِ إِلَيَّ وَتَرَكْتُ الذَّهَبَ الَّذِي أَعْطَيْتُهَا، اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتُ فَعَلْتُ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ وَجْهِكَ فَافْرُجَ عَنَّا مَا نَحْنُ فِيهِ، فَانْفَرَجَتِ الصَّخْرَةُ، غَيْرَ أَنَّهُمْ لاَ يَسْتَطِيعُونَ الْخُرُوجَ مِنْهَا.
قَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: ((وَقَالَ الثَّالِثُ: اللَّهُمَّ إِنِّي اسْتَأْجَرْتُ أُجَرَاءَ فَأَعْطَيْتُهُمْ أَجْرَهُمْ، غَيْرَ رَجُلٍ وَاحِدٍ تَرَكَ الَّذِى لَهُ وَذَهَبَ فَثَمَّرْتُ أَجْرَهُ حَتَّى كَثُرَتْ مِنْهُ الأَمْوَالُ، فَجَاءَنِي بَعْدَ حِينٍ فَقَالَ يَا عَبْدَ اللَّهِ أَدِّ إِلَىَّ أَجْرِى، فَقُلْتُ لَهُ كُلُّ مَا تَرَى مِنْ أَجْرِكَ مِنَ الإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ وَالرَّقِيقِ، فَقَالَ: يَا عَبْدَ اللَّهِ لاَ تَسْتَهْزِئْ بِي، فَقُلْتُ: إِنِّي لاَ أَسْتَهْزِئُ بِكَ، فَأَخَذَهُ كُلَّهُ فَاسْتَاقَهُ فَلَمْ يَتْرُكْ مِنْهُ شَيْئًا، اللَّهُمَّ فَإِنْ كُنْتُ فَعَلْتُ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ وَجْهِكَ فَافْرُجْ عَنَّا مَا نَحْنُ فِيهِ. فَانْفَرَجَتِ الصَّخْرَةُ فَخَرَجُوا يَمْشُونَ)) [أَخْرَجَهُ أحمد (2/116)، (5973)، والبُخَارِي (3/119)، (2272)، ومسلم (8/91)، (7051)، وأبو داود )3387).

محمد رافع 52 04-03-2011 08:31 AM

5- دخول الجنة والنجاة من النار:
قال - تعالى -: (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ * جَزَاؤُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رضي الله عنهم وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ) [سورة البينة:7-8].
وقال - سبحانه -: (مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ وَجَاءَ بِقَلْبٍ مُنِيبٍ * ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُلُودِ * لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ) [سورة ق:33-35].
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: ((عَيْنَانِ لاَ تَمَسُّهُمَا النَّارُ: عَيْنٌ بَكَتْ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ، وَعَيْنٌ بَاتَتْ تَحْرُسُ في سَبِيلِ اللَّهِ)) [أخرجه الترمذي (1639)].
أما من لا يخشى الله - تعالى - ولا يتقه فإن الله - تعالى - يحجب عنه نور العلم والبصيرة قال - سبحانه -: (إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ) [سورة فاطر:28].
روي أن الإمام الشافعي - رحمه الله - لما جلس بين يدي إمام دار الهجرة الإمام مالك - رحمه الله - ورأى عليه مخايل النجابة والذكاء بادية، وأعجبه وفورُ عقله وكمال حفظه قال له ناصحا: إني أرى الله قد ألقى على قلبك نوراً فلا تطفئه بظلمة المعصية.
والشافعي - رحمه الله - هو القائل في الأبيات التي سارت بين طلبة العلم مسير الشمس:
شكوتُ إِلى وكيعٍ سوءَ حِفظي *** فأرشدني إِلى تَرْكِ المعاصي
وأخبرني بأن العلمَ نورٌ *** ونورُ اللّهِ لا يُهدى لعاصي
وكذا حرمان الرزق، عن ابن مسعود - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((ليس من عمل يقرب من الجنة إلا قد أمرتكم به، ولا عمل يقرب من النار إلا وقد نهيتكم عنه، فلا يستبطئن أحد منكم رزقه، فإن جبريل ألقى في روعي أن أحدا منكم لن يخرج من الدنيا حتى يستكمل رزقه، فاتقوا الله أيها الناس وأجملوا في الطلب، فإن استبطأ أحد منكم رزقه فلا يطلبه بمعصية الله، فإن الله لا ينال فضله بمعصيته)) [رواه الحاكم، وقال الألباني: صحيح لغيره، راجع: صحيح الترغيب والترهيب (2/144)].
وكذا الوحشة في القلب والضيق في الصدر، وتعسير الأمور وحرمان الطاعة، ومحق البركة من العمر والرزق والبغض في قلوب الخلق.
اللهم ارزقنا خشيتك في السر والعلانية، واجعل خير أعمالنا خواتيمها، وخير أيامنا يوم أن نلقاك.

محمد رافع 52 16-03-2011 11:31 AM

يقول الله تبارك وتعالى:


"يا عبادى إنى حرمت الظلم على نفسى وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا


يا عبادى كلكم جائع الا من أطعمته فاستطعمونى أطعمكم


يا عبادى كلكم عار الا من كسوته فاستكسونى أكسكم


يا عبادى كلكم ضال الا من هديته فاستهدونى اهدكم


يا عبادى انكم تخطئون بالليل والنهار وأنا أغفر الذنوب جميعا فاستغفرونى اغفر لكم


يا عبادى انكم لن تبلغوا ضرى فتضرونى ولن تبلغوا نفعى فتنفعونى


يا عبادى لو أن أولكم وأخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أتقى قلب رجل واحد ما زاد من ملكى شيئا


يا عبادى لو أن أولكم وأخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أفجر قلب رجل واحد ما نقص من ملكى شيئا


يا عبادى لو أن أولكم وأخركم وإنسكم وجنكم قاموا على صعيد واحد فسألونى فأعطيت كل واحد منهم مسألته ما نقص ذلك مما عندى الا كما ينقص المخيط إذا دخل البحر


جاء فى الحديث إنه عند معصية آدم فى الجنة ناداه الله


"يا آدم لا تجزع من قولى لك "أخرج منها" فلك خلقتها ولكن انزل الى الارض وذل نفسك من أجلى وانكسر فى حبى حتى إذا زاد شوقك الى واليها تعالى لأدخلك اليها مرة أخرى


يا آدم كنت تتمنى ان أعصمك؟ قال آدم نعم


فقال: "يا آدم إذا عصمتك وعصمت بنيك فعلى من أجود برحمتى


وعلى من أتفضل بكرمى، وعلى من أتودد، وعلى من أغفر


يا آدم ذنب تذل به الينا أحب الينا من طاعة تراءى بها علينا


يا آدم أنين المذنبين أحب الينا من تسبيح المرائيين

AMIRA_ALAA 17-03-2011 11:19 PM

السلام عليكم
بارك الله فيكم

شيماء20 17-03-2011 11:36 PM

بارك الله فيك ولك وعليك
جزاك الله عنا خيرا ان شاء الله

محمد رافع 52 18-03-2011 08:52 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة amira_alaa (المشاركة 3231943)
السلام عليكم
بارك الله فيكم

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة شيماء20 (المشاركة 3232005)
بارك الله فيك ولك وعليك
جزاك الله عنا خيرا ان شاء الله

وعليكم ورحمة الله وبركاته
بارك الله فيكم ورضى عنكم

محمد رافع 52 11-04-2011 11:15 PM


"لله الأمر من قبل ومن بعد"
"ثُمَّ أَنزَلَ عَلَيْكُم مِّن بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُّعَاساً يَغْشَى طَآئِفَةً مِّنكُمْ
وَطَآئِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنفُسُهُمْ يَظُنُّونَ بِاللّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ
يَقُولُونَ هَل لَّنَا مِنَ الأَمْرِ مِن شَيْءٍ قُلْ إِنَّ الأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ يُخْفُونَ
فِي أَنفُسِهِم مَّا لاَ يُبْدُونَ لَكَ يَقُولُونَ لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ
مَّا قُتِلْنَا هَاهُنَا قُل لَّوْ كُنتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ
الْقَتْلُ إِلَى مَضَاجِعِهِمْ وَلِيَبْتَلِيَ اللّهُ مَا فِي صُدُورِكُمْ وَلِيُمَحَّصَ مَا
فِي قُلُوبِكُمْ وَاللّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ
[آل عمران : 154]"


محمد رافع 52 11-04-2011 11:19 PM


محمد رافع 52 11-04-2011 11:23 PM

( فى بضع سنين لله الأمر من قبل ومن بعد ويومئذ يفرح المؤمنون )
التفسير : 4 - قبل أن تمضى تسع سنوات - وكان المشركون قد فرحوا بانتصار فارس، وقالوا للمسلمين: سنغلبكم كما غلبت فارس الروم التى هى من أهل الكتاب - قد حقَّق الله وعده، فانتصر الروم على فارس فى الأجل الذى سمَّاه، فكان ذلك آية بينة على صدق محمد صلى الله عليه وسلم فى دعواه وصحة ما جاء به، لله الأمر والقضاء من قبل كل شىء ومن بعد كل شىء، ويوم ينتصر الروم على فارس يفرح المؤمنون بنصر الله الذى يؤيد من يشاء، وهو الغالب على أعدائه، الرحيم بأوليائه.

محمد رافع 52 11-05-2011 06:45 PM

بسم الله الرحمن الرحيم



أقبل رجل إلى إبراهيم بن أدهم .. فقال : يا شيخ .. إن نفسي .. تدفعني إلى

المعاصي .. فعظني موعظة ..

فقال له إبراهيم : إذا دعتك نفسك إلى معصية الله فاعصه .. ولا بأس عليك ..

ولكن لي إليك خمسة شروط ..

قال الرجل : هاتها ..

قال إبراهيم : إذا أردت أن تعصي الله فاختبئ في مكان لا يراك الله فيه ..

فقال الرجل : سبحان الله ..كيف أختفي عنه ..وهو لا تخفى عليه خافية..

فقال إبراهيم : سبحان الله .. أما تستحي أن تعصي الله وهو يراك .. فسكت

الرجل .. ثم قال : زدني ..

فقال إبراهيم : إذا أردت أن تعصي الله .. فلا تعصه فوق أرضه ..

فقال الرجل : سبحان الله .. وأين أذهب .. وكل ما في الكون له ..

فقال إبراهيم : أما تستحي أن تعصي الله .. وتسكن فوق أرضه ؟

قال الرجل : زدني ..

فقال إبراهيم : إذا أردت أن تعصي الله .. فلا تأكل من رزقه ..

فقال الرجل : سبحان الله .. وكيف أعيش .. وكل النعم من عنده ..

فقال إبراهيم : أما تستحي أن تعصي الله .. وهو يطعمك ويسقيك .. ويحفظ عليك

قوتك ؟ قال الرجل : زدني ..

فقال إبراهيم : فإذا عصيت الله .. ثم جاءتك الملائكة لتسوقك إلى النار ..

فلا تذهب معهم ..

فقال الرجل : سبحان الله .. وهل لي قوة عليهم .. إنما يسوقونني سوقاً ..

فقال إبراهيم : فإذا قرأت ذنوبك في صحيفتك .. فأنكر أن تكون فعلتها ..

فقال الرجل : سبحان الله .. فأين الكرام الكاتبون .. والملائكة الحافظون ..

والشهود الناطقون ..

ثم بكى الرجل .. ومضى .. وهو يقول :

أين الكرام الكاتبون .. والملائكة الحافظون .. والشهود الناطقون



محمد رافع 52 11-05-2011 06:49 PM

أثر العمل الصالح في تفريج الكروب
أنواع الكربات
أولا: الكربات النفسية:
وهي تشمل كل الأمراض النفسية والانفعالات العصبية التي
تعصف بالإنسان خارج حدوده الطبيعية وتنزع منه الإرادة لضبط
النفس وتقويم السلوك، وهذه الكروب كثيرة جدًا قد تفردت ﺑﻬا
أبحاث ومحاضرات، إلا أننا يمكن أن نتطرق إلى بعضها التي كثر
انتشارها وتوسعت دائرة المصابين ﺑﻬا، ومنها:
١ - الهم:
وهو زيادة في التفكير المستمر بالأشياء، سواء كانت كبيرة
وعظيمة، أو صغيرة وحقيرة، وكذلك التفكير المستمر في كيفية
حمل أثقال المستقبل ومسئولياته، وهو داء نفسي يدخل إلى النفس
من خلال وساوس الشيطان للإنسان بعظم الأمور التي تحدث حوله
وإن كانت صغيرة، ويعد الهم من الكروب التي يرزح تحت وطأﺗﻬا
الإنسان في فترات من حياته، لاسيما إذا صرف عن دين الله وابتعد
واتبع ما يوسوس إليه عدوه الأول، فعندئذ يبتلي ، عن سنة نبيه
الله تعالى هذا الصنف من الناس بكربة الهم عقوبة لمعصية أو ابتلاء
للرجوع إلى الله تعالى واتباع ﻧﻬجه.
وكان السبيل لتفريج كربة الهم هو أن يقدم الإنسان بين يدي
الله تعالى عم ً لا صا ً لحا خالصًا له عز وجل، أو يترك ما كان عليه من
العصيان والتمرد، ويرجع إلى الله بالتضرع والتوسل إليه، وقراءة
القرآن وكثرة الاستغفار، لعل الله أن يزيل عنه همه وتعود إليه عافيته
شيًئا من علاج هذا الكرب، وسويته، وقد ذكر رسول الله
ووسيلة الخروج منه عند نزوله بالإنسان، فقال عليه الصلاة والسلام
«من لزم الاستغفار جعل الله له من كل ضيق مخرجًا، ومن كل هم فرجًا ورزقه من حيث لا يحتسب» : .(١)
وقد علمنا الرسول الأمين عليه الصلاة والسلام دعاء في لحظات الهم والحزن فقال
ما قال عبد قط إذا أصابه هم وحزن :
«اللهم إني عبدك وابن عبدك وابن أمتك، ناصيتي بيدك، ماض فيَّ
حكمك، عدل فيَّ قضاؤك، أسألك بكل اسم هو لك سميت به
نفسك أو أنزلته في كتابك أو علمته أحدًا من خلقك أو
استأثرت به في علم الغيب عندك، أن تجعل القرآن ربيع قلبي،
ونور صدري، وجلاء حزني، وذهاب همي، إلا أذهب الله عز
وجل همه وأبدله مكان حزنه فرحًا ».(٢)
لذلك كان عليه الصلاة والسلام يتعوذ من الهم كثيرًا ويحث على هذا الدعاء
«اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن، والعجز
والكسل، والجبن والبخل، وضلع الدين وغلبة الرجال» .(٣):
2- الحزن:
وهو ما يسمى الكآبة في علم النفس، ويكون في الغالب
نتيجة حدث معين في الحياة أو مجموعة أحداث من: فقدان عزيز أو
خسارة مالية، أو مرض، أو وضع اجتماعي غير مناسب، وغيرها
من الأسباب التي تؤدي إلى تكوين الحزن لدى الإنسان وهو أمر
طبيعي يعتري كل إنسان، وهو فطرة في النفس كامنة فيها إذا
وجدت أسباﺑﻬا، لا يستطيع أحد التخلص منه إلا بالعلاج القرآني
: والنبوي، وقد قال رسول الله http://www.thanwya.com/vb/images/smilies/salla-icon.gifعند موت ابنه إبراهيم «إن العين تدمع والقلب يحزن ولا نقول إلا ما يرضي ربنا وإنا بفراقك ياإبراهيم لمحزونون»١)، وقبل ذلك اشتكى يعقوب عليه السلام حزنه )
: إلى الله تعالى عندما فقد يوسف عليه السلام، وقال
إنَّمَا َأشْكو بَثِّي وَحُزْني ِإَلى اللَّهِ.[ يوسف: ٨٦ ]
إلا أن هذه الفطرة إذا استمرت لفترات طويلة واستسلم
الإنسان لها في كل أوقاته، وازداد في التفكير على ما أصابه، فإﻧﻬا
تتحول إلى كربة نفسية يجب معالجتها كأي مرض آخر، وحينئذ
تتحول إلى بوابة كبيرة يستطيع الشيطان أن يدخل إلى الإنسان من
خلالها، ويفعل فيه ما يشاء من الوساوس وتزيين المعاصي والمنكرات
له.

محمد رافع 52 11-05-2011 06:50 PM

ودرءًا لمنع وقوع الإنسان في دائرة الحزن الذي يتحول إلى
مرض كانت الأحاديث الكثيرة التي تنهى عن المبالغة في الحزن عند
نزول مصيبة أو غيرها، حتى لا يقع الإنسان في المنكرات، ويجزع
من أمر الله تعالى، وقد علم عليه الصلاة والسلام أصحابه وأمته من
بعده أن لا ينقطعوا عن الأعمال الصالحة التي تقوي من عزيمة
الإنسان وإيمانه، وترضى بقدر الله وقضائه.
فهذا هو نبي الله يعقوب عليه السلام الذي أصابه ما أصاب
من غياب أحب ولده إليه وقرة عينه يوسف عليه السلام، لسنين
طويلة ولا يعرف عنه شيًئا، ومن بعده ابنه الآخر عند سفره مع
إخوته للتجارة إلى مصر، فقد حزن ولكنه لم يصبه الجزع، بل بقي
على عهده مع الله تعالى، واشتد تعلقه بربه، وازداد يقينه بالله وحكمه، وصبر واحتسب، فقال:
(إنَّمَا َأشْكو بَثِّي وَحُزْني ِإَلى اللَّهِ) .[ يوسف: ٨٦ ]
إلى الله وحده لا

إلى معبود آخر غير الله، ولا إلى مخدرات أو مفترات أو منبهات،
فكان ذلك سببًا للفرج العظيم والفرح الذي لا يوصف، عندما
جاءه البشير بقميص يوسف عليه السلام؛ فكان ذلك خروجًا
وعافية من كربته ومعاناته النفسية في فراقه ليوسف وأخيه، ورجع
إليه بصره عليه السلام.

محمد رافع 52 11-05-2011 06:51 PM

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال:
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما بارزا للناس، فأتاه رجل فقال يا رسول الله ما الإيمان؟
قال: "أن تؤمن بالله، وملائكته، وكتابه، ولقائه، ورسله، وتؤمن بالبعث الآخر
قال: يا رسول الله ما الإسلام؟
قال: "الإسلام أن تعبد الله ولا تشرك به شيئا، وتقيم الصلاة المكتوبة، وتؤدي الزكاة المفروضة، وتصوم رمضان".
قال: يا رسول الله ما الإحسان؟
قال: "أن تعبد الله كأنك تراه فإنك إن لا تراه فإنه يراك".
قال: يا رسول الله متى الساعة؟
قال: "ما المسؤول عنها بأعلم من السائل، ولكن سأحدثك عن أشراطها:
إذا ولدت الأمة ربها(1) فذاك من أشراطها، وإذا كانت العراة الحفاة رؤوس الناس فذاك من أشراطها، وإذا تطاول رعاء البهم في البنيان فذاك من أشراطها، في خمس لا يعلمهن إلا الله
ثم تلا صلى الله عليه وسلم:
"إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ" إلى قوله:
"إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ" (لقمان: 34).

محمد رافع 52 11-05-2011 06:52 PM


مصرى انا 12-05-2011 03:18 PM

جزاك الله خيرا

محمد رافع 52 13-05-2011 01:01 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة مصرى انا (المشاركة 3404679)
جزاك الله خيرا


بارك الله فيك ورضى عنك

محمد رافع 52 07-06-2011 11:47 PM

إنّ التّوكّل على اللّه عزّ وجلّ مطلوب في كلّ شئون الحياة، بيد أنّ هناك مواطن كثيرة ورد فيها الحضّ على التّوكّل والأمر به للمصطفى صلى الله عليه وسلم والمؤمنين!

فيا أيها المؤمن!
"1- إن طلبت النّصر والفرج فتوكّل عليه: {إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلا غالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ}
(آل عمران/ 160).
2- إذا أعرضتَ عن أعدائك فليكن رفيقك التّوكّل: {فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفى بِاللَّهِ وَكِيلًا}
(النساء/ 81).
3- إذا أعرضَ عنك الخلقُ، فتوكّل على ربك: {فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ}
(التوبة/ 129).
4- إذا تلي القرآن عليك، أو تلوته فاستند على التّوكّل: {وَإِذا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آياتُهُ زادَتْهُمْ إِيماناً وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ}
(الأنفال/ 2 مدنية).
5- إذا طلبت الصّلح والإصلاح بين قوم لا تتوسّل إلى ذلك إلّا بالتّوكّل: {وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَها وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ}
(الأنفال/ 61).
6- إذا وصلت قوافل القضاء فاستقبلها بالتّوكّل: {قُلْ لَنْ يُصِيبَنا إِلَّا ما كَتَبَ اللَّهُ لَنا هُوَ مَوْلانا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ}
(التوبة/ 51).
7- وإذا نصبت الأعداء حبالات المكر فادخل أنت في أرض التّوكّل: {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ نُوحٍ إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ يا قَوْمِ إِنْ كانَ كَبُرَ عَلَيْكُمْ مَقامِي وَتَذْكِيرِي بِآياتِ اللَّهِ فَعَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْتُ}
(يونس/ 71).
8- وإذا عرفت أنّ مرجع الكلّ إلى اللّه وتقدير الكلّ فيها للّه فوطّن نفسك على فرش التّوكّل: {فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ}
(هود/ 123).
9- وإذا علمت أنّ اللّه هو الواحد على الحقيقة، فلا يكن اتّكالك إلّا عليه: {قُلْ هُوَ رَبِّي لا إِلهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ مَتابِ}
(الرعد/ 30).
10- وإذا كانت الهداية من اللّه، فاستقبلها بالشّكر والتّوكّل: {وَما لَنا أَلَّا نَتَوَكَّلَ عَلَى اللَّهِ وَقَدْ هَدانا سُبُلَنا وَلَنَصْبِرَنَّ عَلى ما آذَيْتُمُونا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ}
(إبراهيم/ 12).
11- وإذا خشيت بأس أعداء اللّه والشّيطان والغدّار فلا تلتجئ إلّا إلى باب اللّه: {إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ}
(النحل/ 99).
12- وإذا أردت أن يكون اللّه وكيلك في كلّ حال، فتمسّك بالتّوكّل في كلّ حال: {وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفى بِاللَّهِ وَكِيلًا}
(النساء/ 81).
13- وإذا أردت أن يكون الفردوس الأعلى منزلك فانزل في مقام التّوكّل: {الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ}
(النحل/ 42).
14- وإن شئت أن تنال محبّة اللّه فانزل أوّلا في مقام التّوكّل: {فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ، إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ}
(آل عمران/ 159).
15- وإذا أردت أن يكون اللّه لك، وتكون للّه خالصا فعليك بالتّوكّل: {وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ }
(الطلاق/ 3)،
{فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّكَ عَلَى الْحَقِّ الْمُبِينِ}
(النمل/ 79).

محمد رافع 52 17-06-2011 04:06 PM

يقول تعالى:
{فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ وَلَا تَطْغَوْا إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (112)
وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ }
[هود: 112، 113].

محمد رافع 52 17-06-2011 04:10 PM

ويقول الله تعالى:
{وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ}
[هود: 114]

محمد رافع 52 25-06-2011 05:26 PM

قال تعالى: http://www.islamdoor.com/k/start-icon.gif قل هو الله أحد الله الصمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحدا http://www.islamdoor.com/k/end-icon.gif [سور الإخلاص].
سورة الإخلاص تعدل ثلث القرآن – كيف لا وفيها صفة الرحمن – وسبب نزولها أن المشركين قالوا للنبي http://www.islamdoor.com/k/salla-icon.gif انسب لنا ربك فأنزل الله http://www.islamdoor.com/k/start-icon.gifقل هو الله أحدhttp://www.islamdoor.com/k/end-icon.gif([1]).
فما الإيمان بالله سبحانه؟ وما دلائل وجوده سبحانه؟ وما هي شبهات الملحدين وما الرد عليها؟ وما حق الله على عباده؟
أما الإيمان بالله: فهو الاعتقاد الجازم بأن الله سبحانه رب كل شيء ومليكه وخالقه – وأنه الذي يستحق وحده أن يفرد بالعبادة: من صلاة وصيام، ودعاء، ورجاء، وخوف، وذل وخضوع – وأنه المتصف بصفات الكمال كلها المنزه عن كل نقص.

محمد رافع 52 25-06-2011 05:30 PM

وينبغي أن تعلم: أن أنواع التوحيد ثلاث – ولا يصح إيمان العبد إلا بها وهي:
توحيد الربوبية: وهو الاعتقاد الجازم بأن الله رب كل شيء ولا رب غيره – تقول العرب: أنا رب الدار أي القائم بشؤونها – والله تعالى هو رب العالمين القائم بشؤون خلقه من خلق ورزق وإحياء وإماتة سبحانه.
توحيد الألوهية: الاعتقاد الجازم بأن الله سبحانه هو الإله الحق ولا إله غيره وإفراده سبحانه بالعبادة، والعرب تقول: أَلِهَ الفصيل إلى أمه من مفزع أفزعه والله تعالى هو الذي يخلص له المؤمن في تعبده وخوفه ورجائه وطاعته وتوكله واحتكامه ودعائه، وهذا هو التوحيد الفارق بين الموحدين والمشركين، وعليه يقع الجزاء والثواب في الأولى والآخرة فمن لم يأت به كان من المشركين. وهو التوحيد الذي جاء به الرسل من عند الله سبحانه: http://www.islamdoor.com/k/start-icon.gif وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون http://www.islamdoor.com/k/end-icon.gif [الأنبياء:25]. والمشركون كانوا يقرون بتوحيد الربوبية وينكرون توحيد الألوهية، فأكثر العباد لا ينكرون الخالق وربوبيته على الخلق ولكن معظم كفره من عبادتهم غير الله عز وجل حيث يكون دعاؤهم واستعانتهم واحتكامهم وطاعتهم لغير الله سبحانه: http://www.islamdoor.com/k/start-icon.gif ولئن سألتهم من خلقهم ليقولن الله فأنى يؤفكون http://www.islamdoor.com/k/end-icon.gif [الزخرف:87]. قال ابن كثير رحمه الله: (أي هم يعترفون أنه الخالق للأشياء جميعا وحده لا شريك له في ذلك ومع هذا يعبدون من لا يملك شيئا ولا يقدر على شيء فهم في ذلك في غاية الجهل والسفاهة وسخافة العقل)([2]) .
ج- توحيد الأسماء والصفات: الاعتقاد الجازم بأن الله عز وجل متصف بجميع صفات الكمال، ومنزه عن جميع صفات النقص – من غير تشبيه فمن شبه الله بخلقه كفر – (فكل ما خطر ببالك فهو على خلاف ذلك) http://www.islamdoor.com/k/start-icon.gif ليس كمثله شيء http://www.islamdoor.com/k/end-icon.gif [الشورى:11].
ومن غير تعطيل أي جحود أو نفي لما وصف الله به نفسه أو وصفه به رسوله فمن فعل ذلك فقد كفر: http://www.islamdoor.com/k/start-icon.gif وهو السميع البصير http://www.islamdoor.com/k/end-icon.gif [الشورى:11] فلا يجوز السؤال عن كيفية الصفات لأن الله سبحانه لا يسأل عن كنهها فكذلك صفاته لا يصح السؤال عن كيفيتها. وعندما سئل الإمام مالك رحمه الله عن قوله سبحانه: http://www.islamdoor.com/k/start-icon.gif الرحمن على العرش استوى http://www.islamdoor.com/k/end-icon.gif [طه:5]. قال: (الاستواء معلوم والكيف مجهول والإيمان به واجب والسؤال عنه بدعة) فلله سمع وبصر ويد وكلام ونزول واستواء يليق بجلاله وذاته العلية سبحانه.
وضرب العلماء لذلك مثالا: تقول للنملة عين ولي عين فلا يلزم أن تكون عيني كعين النملة فللنملة عين تليق بها ولي عين تليق بي ولله المثل الأعلى.

محمد رافع 52 25-06-2011 05:33 PM

والصفات نوعين:
ذاتية: وهي التي لا تنفك عن الله سبحانه كالعلم والحياة والقدرة والسمع.
صفات العمل: فهي ما تعلق بمشيئة الله وقدرته كالنزول والاستواء والسخط والرضى.
وأما دلائل وجوده سبحانه:
الفطرة: http://www.islamdoor.com/k/start-icon.gif فطرة الله التي فطر الناس عليها http://www.islamdoor.com/k/end-icon.gif [الروم:3]. ((ما من مولود إلا ويولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه))([3]). فقد أودع الله معرفته في النفس الإنسانية بالعهد الذي أخذه على الأرواح قال تعالى: http://www.islamdoor.com/k/start-icon.gifوإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى http://www.islamdoor.com/k/end-icon.gif [الأعراف:172].
دقة المصنوع تدل على عظمة الصانع: وفي كتاب الله دعوة إلى النظر والتفكر في بدائع صنع الله سبحانه: http://www.islamdoor.com/k/start-icon.gif وفيأنفسكم أفلا تبصرون http://www.islamdoor.com/k/end-icon.gif [الذاريات:21]. http://www.islamdoor.com/k/start-icon.gif إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب http://www.islamdoor.com/k/end-icon.gif [آل عمران:190]. http://www.islamdoor.com/k/start-icon.gif وانظروا إلى ثمرة إذا أثمر وينعه http://www.islamdoor.com/k/end-icon.gif [الأنعام:99]. http://www.islamdoor.com/k/start-icon.gif وإن لكم في الأنعام لعبرة نسقيكم مما في بطونه من بين فرث ودم لبنا خالصا سائغا للشاربين http://www.islamdoor.com/k/end-icon.gif [النحل:66].
ووضع العلماء فروضا ثلاث:
أ- أن الكون وجد مصادفة والعلماء يقولون: ما جرى مصادفة لا يتكرر حدوثه بانتظام انتظام الكون يدل على أن وراء هذا الكون خالق حكيم.
ب- أن يكون صدور هذا الكون من العدم: وفاقد الشيء لا يعطيه: http://www.islamdoor.com/k/start-icon.gif أم خلقوا من غير شيء أم هم الخالقون http://www.islamdoor.com/k/end-icon.gif [الطور:35]. أي هل وجدوا من غير خالق؟ أم خلقوا أنفسهم بأنفسهم فلا يحتاجون إلى أحد يخلقهم وكل هذا مستحيل.
ج- أن يكون لهذا الكون خالق حكيم وهذا ما قال به العقلاء من قبل ومن بعد؛ يقول سقراط: أي الصناع أولى بالإعجاب، الذي خلق صورا بلا عقل ولا حراك، أم الذي يبدع كائنات ذات عقل وحياة.
انخلاع القلب إلى الله سبحانه عند الشدائد: http://www.islamdoor.com/k/start-icon.gif حتى إذا كنتم في الفلك وجرين بهم بريح طيبة وفرحوا بها جاءتها ريح عاصف وجاءهم الموج من كل مكان وظنوا أنهم أحيط بهم دعوا الله مخلصين له الدين لئن أنجيتنا من هذه لنكونن من الشاكرين http://www.islamdoor.com/k/end-icon.gif [يونس:22]. وعندما سئل أحد العارفين عن دليل وجود الله قال: أرأيت لو كنت في صحراء فسقطت في بئر، ولا تجد من ينجدك فماذا تقول، قال: أقول يا الله يا الله، قال: هذا دليل وجوده، ولكنها مغالطة الملاحدة لفطرتهم وادعائهم للعقلانية ولا عقل.
التقدم في مجالات المعرفة والعلوم: حيث أدركنا أن هنالك عوالم كثيرة لا علم لنا بها وهي موجودة كالجراثيم والبكتريا ولكن قصورنا العلمي جعلنا في جهالة عن معرفتها قرون طوال. ثم المغناطيس والكهرباء حيث ننتفع بها ولا نعلم شيئا من حقيقتها فمعرفة حقائق الأشياء لا يفيدنا شيئا ويكفي أن نعرف من خواصها ما يعود بالفائدة علينا، فما بالك بذات الله سبحانه فهي أكبر من أن يحيط بها إنسان وصدق الله العظيم: http://www.islamdoor.com/k/start-icon.gif فلا أقسم بما تبصرون وما لا تبصرون http://www.islamdoor.com/k/end-icon.gif [الحاقة:38-39].
صدق المخبر يدل على صدق الخبر: فالذي أخبرنا عن الله سبحانه رسل وأنبياء كرام هم صفوة الخلق وأطهرهم قلوبا وأزكاهم نفوسا وأحسنهم خلقا .لذا عندما صدع الرسول http://www.islamdoor.com/k/salla-icon.gif بدعوته ووقف على الصفا ونادى القبائل بأسمائها، فلما اجتمعوا قال: ((أرأيتم لو أخبرتكم أن وراء الجبل خيل تريد أن تغير عليكم أكنتم مصدقي؟ قالوا: بلى ما عرفنا منك كذبا، قال: فإني رسول الله بين يدي عذاب شديد)). فهم أمام الجبل لا يرون ولا يعرفون ما خلف الجبل، فثقتهم بالمخبر وصدقه وأمانته تلزمهم أن يؤمنوا ويصدقوا بالخبر، وكذا تواتر الخبر عبر أجيال مضت ولم يعرف عن أمة الإلحاد منذ بدء الخليقة وإنما كانت نشأته في أوربا بسبب موقف الكنيسة من العلماء التجريبيين والباحثين الذين اكتشفوا حقائق تخالف ما تبنته الكنيسة من خزعبلات فرضتها على الناس قسرا يوم كان للكنيسة سلطان. فصار الناس بين أمرين كلاهما شر. إما أن يؤمنوا بالكنيسة وخرافاتها وإما أن يؤمنوا بالعلم ويكفروا بالكنيسة والتي كانت تمثل الدين كذبا، فلما زال سلطان الكنيسة وجاءت الثورة الصناعية عمت الفوضى في عقائد الناس بل كان شعار المتظاهرين (ليشنق آخر دوق بأمعاء آخر قسيس) فالكنيسة كانت سيفا ظالما بيد الحكام على رقاب الناس فجمعت بين السوءتين الظلم والجهل، فكانت نشأة الإلحاد.

محمد رافع 52 25-06-2011 05:35 PM

موقف المسلم من ربه جل وعلا:
1- التنزه عن الشرك: والشرك شركان:
شرك أكبر: وهو أن يجعل العبد لله ندا ويعبده من حجر أو شمس أو شيخ: http://www.islamdoor.com/k/start-icon.gif إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء http://www.islamdoor.com/k/end-icon.gif [النساء:116]. والشرك في ربوبية الله وأسمائه وصفاته كفر وكذا الشرك في عبادته تعالى إن كان الفاعل عالما مصرا عليه.
الشرك الأصغر: وهو أن يبتغي العبد الدنيا بعمل الآخرة للحديث: ((إن أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر، قالوا: وما الشرك الأصغر يا رسول الله؟ قال: الرياء))([8]).
وذلك لطلب المنافع الدنيوية من سمعة وثناء ورتبة وتقدم وجاه ومنصب ومال.
2- تعظيمه سبحانه والحياء منه: وقد ذكر رب العزة سبحانه علة الكفر، فقال: http://www.islamdoor.com/k/start-icon.gif وما قدروا الله حق قدره والأرض جميعا قبضته يوم القيامة والسماوات مطويات بيمينه سبحانه وتعالى عما يشركون http://www.islamdoor.com/k/end-icon.gif [الزمر:67]. قال السعدي: ما عظموه حق تعظيمه([9])، واستشعار نظر الله إليك: http://www.islamdoor.com/k/start-icon.gif ألم يعلم بأن الله يرى http://www.islamdoor.com/k/end-icon.gif [العلق:14]. وللحديث: ((استحيوا من الله حق الحياء؟ قالوا: وكيف نستحي من الله حق الحياء؟ قال: أن تحفظ الرأس وما وعوى والبطن وما حوى وأن تذكر الموت والبلى فمن فعل ذلك فقد استحيا من الله حق الحياء))([10]).
3- مخافة الله سبحانه والخشية منه: http://www.islamdoor.com/k/start-icon.gif الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا وعلى ربهم يتوكلون http://www.islamdoor.com/k/end-icon.gif [الحج:35]، وللحديث: ((يقول الله عز وجل: أخرجوا من النار من ذكرني يوما أو خافني في مقام))([11])، وأن يكون لهذا الخوف ثمرة وذلك باجتناب المعاصي والآثام للحديث: ((سبعة يظلّلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله ... - وذكر منهم - ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال إني أخاف الله))([12]).
الإكثار من ذكره سبحانه: http://www.islamdoor.com/k/start-icon.gif يا أيها الذين آمنوا اذكروا الله ذكرا كثيرا وسبحوه بكرة وأصيلا http://www.islamdoor.com/k/end-icon.gif [الأحزاب:41-42].
http://www.islamdoor.com/k/start-icon.gifوالذاكرين الله كثيرا والذاكرات أعد الله لهم مغفرة وأجرا عظيما http://www.islamdoor.com/k/end-icon.gif [الأحزاب:35].
وللحديث: ((كلمتان خفيفتان على اللسان، ثقيلتان في الميزان، حبيبتان إلى الرحمن: سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم))([13]).
أن تحسن الظن بالله سبحانه: للحديث: ((يقول الله عز وجل: أنا عند ظن عبدي بي وأنا معه حيث يذكرني))([14])، (فينبغي للعبد أن يجتهد في طاعة ربه موقنا بأن الله يقبله ويغفر له لأنه وعده بذلك، وهو لا يخلف الميعاد، فإن اعتقد خلاف ذلك فهو آيس من رحمة الله، وهو من الكبائر، وأما ظن المغفرة مع الإصرار على المعصية فذلك محض الجهل والغفلة)([15]). يقول ابن القيم رحمه الله: ومن تأمل هذا الموضع حق التأمل على أن حسن الظن بالله هو حسن العمل نفسه فإن العبد إنما يحمله على حسن العمل حسن ظنه بربه أن يجازيه على أعماله ويثيبه عليها ويتقبلها منه وإلا فحسن الظن مع اتباع الهوى عجز([16])، للحديث: ((الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت والعاجز من أتبع نفسه هواها وتمنى على الله))([17]).

محمد رافع 52 03-07-2011 04:23 AM


محمد رافع 52 08-07-2011 01:48 PM


للتذكرة
أركان الإيمان
أركان الإيمان جاء ذكرها في القرآن الكريم، مبيناً أن من لم يؤمن بها ويعمل بها فهو خارج من دين الإسلام، قال عز وجل: {يا أيها الذين آمنوا آمنوا بالله ورسوله والكتاب الذي نزل على رسوله والكتاب الذي أنزل من قبل ومن يكفر بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر فقد ضل ضلالاً بعيدا } [النساء: 136].
‎‎ وقال عز وجل: {آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله لا نفرق بين أحدٍ من رسله وقالوا سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير } [البقرة: 285].
‎‎ وقال عز وجل: {ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر والملائكة والكتاب والنبيين } [البقرة: 177].
‎‎ وهذه الأركان علمها جبريل لصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث جبريل المشهور، الذي رواه عمر بن الخطاب رضي الله عنه، قال: بينما نحن جلوس عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم إذ طلع علينا رجل شديد بياض الثياب، شديد سواد الشعر، لا يرى عليه أثر السفر، ولا يعرفه منا أحد، حتى جلس إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأسند ركبتيه إلى ركبتيه، ووضع كفيه على فخذيه، وقال: يا محمد أخبرني عن الإسلام. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الإسلام: أن تشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلاً ) قال: صدقت، قال: فعجبنا له يسأله ويصدقه، قال: فأخبرني عن الإيمان؟ قال:أن تؤمن بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، وتؤمن بالقدر خيره وشره ، قال:
‎‎ صدقت. قال: فأخبرني عن الإحسان؟ قال: أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك ، قال: صدقت. قال: فأخبرني عن الساعة؟ قال: ما المسئول عنها بأعلم من السائل ، قال: فأخبرني عن أماراتها، قال: أن تلد الأمة ربتها، وأن ترى الحفاة العراة العالة رعاء الشاء يتطاولون في البنيان . ثم انطلق فلبث ملياً، ثم قال: (يا عمر أتدري من السائل ؟) قلت: الله ورسوله أعلم، قال: (هذا جبريل أتاكم يعلمكم دينكم ) رواه مسلم.


محمد رافع 52 08-07-2011 01:50 PM

وهذه الأركان والأصول اتفقت عليها الشرائع كلها ، ونزلت بها جميع الكتب ، وهي:
‎‎ 1.الإيمان بالله. 2. الإيمان بالملائكة. 3. الإيمان بالكتب.
4.الإيمان بالرسل. 5. الإيمان باليوم الآخر. 6. الإيمان بالقدر خيره وشره.


محمد رافع 52 08-07-2011 01:51 PM

مقتضيات الإيمان
أيها الأخ المسلم المؤمن، إذن ثمة إيمان وثمة إسلام، وعنوان الإسلام شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وعنوان الإيمان عليك أن تتعرف عليه، إذ الإيمان محله القلب، والإسلام منطلقه وعنوانه اللسان، فبمجرد أن تقول أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله فأنت مسلم، لكن ما الذي يمكنك أن تقوله لتكون مؤمناً ؟ وما الذي يجب عليك أن تفعله حتى تكون مؤمناً ؟ ربما ظن بعض الناس أنه بمجرد أن تقول آمنت بالله فقد غدوت مؤمناً، لا يا أخي، عندما تقول آمنت بالله فقد غدوتَ مسلماً، لأن قولك آمنتُ بالله يعني كأنك تقول: "أشهد أن لا إله إلا الله"، فالإسلام في الظاهر والإيمان في الداخل، ومن أجل أن تدلّ على إسلامك تقوم بالعبادات، مقتضيات الإسلام عبادات، من أجل أن تدلل على إسلامك تشهد أن لا إله إلا الله، وهذه للدخول في الإسلام، ومن أجل أن تثبت أنك مسلم تصلي وتصوم وتزكي وتحج، فقل لي بربك ما مقتضيات الإيمان، وكيف تثبت بينك وبين نفسك بأنك مؤمن ؟

محمد رافع 52 08-07-2011 01:52 PM

هنا تكمن المشكلة، كلنا يقوم بما يقتضيه إسلامه من عبادات، لكن لا يفكر بالذي يقتضيه ويطلبه منه إيمانه، ما الذي يطلبه منك إيمانك، وما الذي يقتضيه منك إيمانك حتى تدلل بينك وبين الآخرين على إيمانك ؟ أنت مسلم لأني أراك تصلي وتصوم وتحج وتعتمر وتذهب لتشتري الشيء المشروع بطريقة مشروعة، حسناً أنت مسلم، ولكن إن سألتك هل أنت مؤمن ؟ ستقول نعم، دلِّل على هذا الذي تقول. ستقول لي وستخلط بين مقتضيات الإسلام ومقتضيات الإيمان، ستقول لي: أصلي وأصوم وأقرأ القرآن وأذهب إلى الحج والعمرة. أقول لك هذه دلائل الإسلام ومقتضيات الإسلام، هنالك مقتضيات للإيمان نحن في غيابٍ عنها ولا نفكر فيها على أنها مقتضيات الإيمان ودلائل الإيمان، أتريدون أن تعرفوها أيها الإخوة ؟ خذوا أنموذجاً عنها، اسمعوا ما قاله النبي صلى الله عليه وآله وسلم كما جاء في الحديث الصحيح: (لا إيمان لمن لا أمانة له) أتريد أن تعرف فيما إذا كنت مؤمناً أم لا، أنظر أمانتك، هل أنت أمين ؟ إذا كنت أميناً فأنت مؤمن: (لا إيمان لمن لا أمانة له).

محمد رافع 52 08-07-2011 01:53 PM

أتريد أنموذجاً آخر ؟ خذ هذا الحديث الذي يقول فيه صلى الله عليه وآله وسلم: (والله لا يؤمن، والله لا يؤمن، والله لا يؤمن، من لا يأمن جاره بوائقه) أي لا يأمن جاره ما يمكن أن يصدر عنه من أذى.
خذ نموذجاً ثالثاً: (والله لا يؤمن من بات شبعان وجاره إلى جانبه جائع وهو يعلم).
خذ مثالاً رابعاً: رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم تحدَّث عن مقتضيات الإيمان: (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه).
خذ مثالاً خامساً سادساً سابعاً: رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم جاره، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت) مقتضيات الإيمان أخلاق: ﴿إنما يفتري الكذب الذين لا يؤمنون﴾ إذا كذبت فلست بمؤمن، وإذا صدقت فصدقك دليل إيمانك: ﴿إنما يفتري الكذب الذين لا يؤمنون﴾ نحن نُعنى بمقتضيات الإسلام وأحكامها الشرعية المفضلة، يأتيني من يأتيني ويسألني ما حكم الصلاة إذا فعلت كذا أو تركت كذا أو عملت كذا أو قمت بكذا ؟ يجيبه المسؤول فيقول له هنا ارتكبت مكروهاً تحريمياً، فَسَدت صلاتك، صحَّت صلاتك، يلزمك سجود السهو، تحتاج إلى كذا... ماذا عليَّ لو وضعت قطرةً في عيني، هل أفطر ؟ أحكام مقتضيات الإسلام متقنة عندنا، وتُدَرَّسُ عبر التلفاز وفي المساجد والمكاتب، لكن مقتضيات الإيمان لا نتحدث عن أحكامٍ ينبغي أن نطبقها كما نطبق مقتضيات الإسلام شبراً بشبر وذراعاً بذراع. هل تعرف أحكام الصدق التفصيلية كما تعرف أحكام الصلاة ؟ كل الناس يشرع في تدريس الناس أحكام الصلاة وأحكام الزكاة وأحكام الجهاد وأحكام الحج والعمرة، وهذا جميلٌ وجيد، لكن الإيمان أهمّ من الإسلام، هنالك مسلمون غير مؤمنين لا قيمة لإسلامهم، والعبرة للإيمان وليست العبرة للإسلام، أعود لأقرر أمراً ينبغي أن نعرفه جميعاً: هنالك إسلام وإيمان، الأهم بين الأمرين هو الإيمان، مقتضيات الإسلام عبادات، وهي ضرورية، ولكننا في غيابٍ عن مقتضيات الإيمان، ومقتضيات الإيمان أخلاق، الصّدق من مقتضيات الإيمان، إن لم تكن صادقاً فلست بمؤمن، الأمانة من مقتضيات الإيمان، إن لم تكن أميناً فلست بمؤمن، قد تكون مسلماً ولكنك لست مؤمناً.

محمد رافع 52 08-07-2011 01:55 PM

حسن الخلق من مقتضيات الإيمان، فهل عرفتم أو أردتم التعرف على تفاصيل أحكام الإيمان، وأحكام ما يقتضيه الإيمان ؟ إذن فأنت في طريق الإيمان وأنتم من يُطلَق عليكم وتستحقون لقب وصفة مؤمن، وإلا فلا، مُصَلٍّ ويكذب بغضّ النظر عن حجم الكذبة، صغيرة كانت أو كبيرة، المهم أنه خَدَشَ إيمانه كما تبطل الصلاة بقليلٍ من الأفعال المنافية للصلاة، فإن الإيمان يبطل وإن الصدق يبطل أيضاً بقليلٍ من الكذب، كما أن الماء ينجس بقليلٍ من النجاسة فإن الصدق يبطل بقليلٍ من الكذب، سأقول لكم قولاً وجدته للفضيل بن عياض: "لأن يصحبني فاسقٌ حسن الخلق أحبُّ إليَّ من أن يصحبني عابدٌ سيء الخلق". عابدٌ قام بمقتضيات الإسلام لكنه لم يقم بمقتضيات الإيمان، وذاك الفاسق لم يقم بمقتضيات الإسلام، لكنه قام بمقتضيات الإيمان، فإن الفُضيل يقول: لأن يصحبني هذا الذي قام بمقتضيات الإيمان أحب إليَّ، ونحن نطالب المسلم بكلا الأمرين، لكننا تكلمنا كثيراً عن مقتضيات الإسلام وأحكامها الفقهية ولم نتكلم إلا القليل القليلَ على سبيل القصة والخبر لا أكثر ولا أقل، عن مقتضيات الإيمان وأحكامها الشرعية التكليفية، أنت مأمورٌ بالصلاة، لكنك مأمورٌ بالصدق أكثر كما تشعر بفريضة الصلاة وعندما ترى إنساناً لا يصلي تقول عن هذا بأنه ترك ركناً من أركان الإسلام، فإذا ما رأيت إنساناً يكذب فقل عنه وعن نفسك إن كنت ذلك الشخص لقد ترك ركناً من أركان الإيمان، وإذا ما ترك الإنسان ركناً من أركان الإيمان انهارَ الإيمان وانهيار الإيمان أخطر عليك من انهيار الإسلام.

محمد رافع 52 08-07-2011 01:56 PM

جاء في مسند الإمام أحمد يقول فيه النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (أربعٌ إذا كنَّ فيك فلا عليك ما فاتك من الدنيا: حفظ أمانة، وصدق حديث، وحسن خليقة، وعِفةٌ في طعمة) هذه مقتضيات الإيمان، انظر هل هذه الأربع فيك ؟
أربعٌ إذا كنَّ فيك فلا عليك ما فاتك من الدنيا: حفظ أمانة: هل أنت ممن يحفظ الأمانة ؟ وهل أنت أمين على ما ائتُمنت عليه ؟ هل أنت أمينٌ على أولادك ؟ هل أنت أمينٌ على أبيك ؟ هل أنت أمينٌ على محافظتك أيها المحافظ ؟ هل أنت أمينٌ على دولتك أيها الرئيس ؟ هل أنت أمينٌ على دائرتك أيها المدير ؟ هل أنت أمينٌ على وزارتك أيها الوزير ؟ هل أنت أمينٌ على عيادتك أيها الطبيب ؟ هل أنت أمينٌ على طلابك أيها المدرّس ؟ هل أنت أمينٌ على ثكنتك أيها الجندي ؟ وهكذا دواليك... أربعٌ إذا كنَّ فيك فلا عليك ما فاتك من الدنيا: (حفظ أمانة)، (لا إيمان لمن لا أمانة له) هكذا يقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم في الحديث الصحيح.
أربعٌ إذا كنَّ فيك فلا عليك ما فاتك من الدنيا: حفظ أمانة وصدق حديث: يقول صلى الله عليه وآله وسلم: (اصدُقوا إذا حدَّثتم) تأتي مساءً أنت لترى فيما إذا كنت قد صليت الفجر أو الظهر أو العصر أو المغرب أو العشاء، أو صليت الأوقات كلها لكن هل تنظر فيما إذا كنت قد كذبت في يومك هذا في مرة أو مرتين أو ثلاث مرات ؟ نحن أمة تعيش أحياناً على الكذب، الصغير يكذب، والكبير يكذب، والوسط يكذب، وهذا يكذب، والرجل يكذب، والمرأة تكذب، والمدرس يكذب، والطالب يكذب، وهذا يتمارض، وهذا يتظاهر، وهذا يظهر أنه في حالة كذا وليس هو في حالة كذا: (اصدُقوا إذا حدّثتم) بلسانكم أو بحركتكم

محمد رافع 52 08-07-2011 01:57 PM

حفظ أمانة، وصدق حديث، وحسن خليقة: وقلت لكم وأكرر فيما يخص حسن الخليقة، أريد في حسن الخليقة أن تنظروا إلى أمورٍ هي التالي، وقد جاءت عن سيدي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عندما قال: (صِلْ مِن قطعك، واعفُ عمَّن ظلمك، وأحسن إلى من أساء إليك) هذه هي جِماعُ حسن الخليقة، فهل أنت تصل من قطعك، وتعفو عمن ظلمك، وتحسن إلى من أساء إليك حتى تكون مؤمناً ؟ هل تفعل هذا بالله عليك ؟ حدثت من معي وأنا في طريقي إليكم قلت: إننا نعيش اليوم تشاحناً على أبسط وأبخس الأشياء المادية، وبعد ذلك ونحن في هذه المعمعة التي توسم بالشحناء والبغضاء يُؤذّن للظهر فنقوم لنصلي، ونقول الله أكبر، ويقف أحدنا ليكون إماماً، نصلي ونحن مسلمون لكننا نفقد الإيمان لأننا لا نرعى مقتضياته في لقاءاتنا: (صِلْ من قطعك، واعفُ عمَّن ظلمك، وأحسن إلى من أساء إليك).
حفظ أمانة وصدق حديث وحسن خليقة وعفةٌ في طعمة: عفةٌ في طعمة، أتريد أن تكون مؤمناً وتدلل على أنك مؤمن ؟ انظر نظافة يدك، انظر طهارة اللقمة التي تضعها في فمك، اجتهد في أن تكون عفيفاً في طعمتك: (طوبى) كما قال سيدي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كما جاء في الطبراني بسندٍ صحيح (طوبى لمن طابَ كسبُه، وصلحت سريرته، وكرمت علانيته، وعَزَلَ عن الناس شره) هذه مقتضيات الإيمان، عايِروا أنفسكم على أساسها، حفظ أمانة وصدق حديث وحسن خليقة وعفةٌ في طعمة، هذه الأمور التي قال عنها سيدي وسيدك وقائدي وقائدك وملهمي وملهمك ومولاي ومولاك رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (أربعٌ إذا كنَّ فيك فلا عليك ما فاتك من الدنيا: حفظ أمانة، وصدق حديث، وحسن خليقة، وعفةٌ في طعمة) هذه أهم مقتضيات الأخلاق، أنت تصلي لأنك مسلم فلماذا تكذب ؟ ألأنك تريد ألا تكون مؤمناً ؟ أنت تصوم لأنك مسلم فلماذا لا تحفظ الأمانة ألأنك لا تريد أن توسم بالإيمان، وأنت الذي إذا قلت لك هل أنت مؤمن قلت بملء فيك نعم أنا مؤمن، لكني سأجيبك لا، لست مؤمناً، ليس الإيمان كلاماً، وليس الإيمان فكاهة، وليس الإيمان ادّعاءاً، وليس الإيمان حركة لسان، وليس الإيمان خطبة تلقيها على مَنْ أمامك. الإيمان سلوك يصدّقه العمل، والعمل في أعلى صوره خُلق، وحسبي هذه الآية أن تكرروها على مسامعكم: ﴿إنما يفتري الكذب الذين لا يؤمنون﴾ المنافق مسلم بحسب الظاهر، ويُعامَل معاملة المسلم، لكنه أبداً ليس بمؤمن لأنه لم يقم بأهمّ مقتضيات الإيمان، وهو الصدق، المنافق كذاب: (آية المنافق ثلاث: إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا اؤتمن خان) لم يقم بمقتضيات الإيمان، وبالتالي لا يمكن أن يكون مؤمناً قام بمقتضيات الإسلام، شهد أنه لا إله إلا الله، صام وصلى واعتمر وحج وزكى، لكنه لم يقم بمقتضيات الإيمان، ولننتبه لهذه النقطة الهامة جداً، ذهبت إلى دولةٍ فلم أجد مقتضيات الإسلام فيها، وهي دولة مسلمة، لم أجد الصلاة كما أجدها هنا، ولم أجد الازدحام على الصلاة كما أجده هنا، زرت مدينةً هناك تكاد تماثل حلب في عدد سكانها، وتكاد تماثل حلب في مساحتها، بيد أن المساجد التي فيها لا تتجاوز خمسة وثلاثين مسجداً، أتدرون كم عدد المساجد في حلب ؟ عدد المساجد في حلب تتجاوز الألف، مقتضيات الإسلام رائعة في حلب، لكنني وجدت في تلك البلدة مقتضيات الإيمان مُطبّقة، النظام سائد على الجميع، الهدوء، النظافة من الإيمان، وهذا ليس حديثاً لكنه مقوله معتبرة، انظروا شوارعكم هل شوارعنا يمكن أن تعبّر عن إيماننا ؟ هل مساجدنا يمكن أن تعبّر عن إيماننا ؟ وجدت مقتضيات الإيمان، الصدق، وجدت الناس يصدقون في تعاملهم، وجدت الأمانة فيما بينهم، وجدت العلاقات الطيبة، وجدت حسن الخليقة، وجدت حسن التعامل فيما بينهم، وهنا مظاهر الإسلام وتجلياته من أروع ما يكون، وها هو هذا الإنسان صديقي يقول لي ما شاء الله المساجد تمتلئ في حلب.

محمد رافع 52 08-07-2011 01:58 PM

من ثمرات الإيمان بالله
لماذا نؤمن بالله عزوجل عدا عن كون ذلك حقيقة يجب أن نظهرها ، بمعنى آخر قال لي - بغض النظر - عن كونِ الإيمان بالله حقيقةً يجب أن تظهر ، إلا أنني أسأل عن الإيمان بالله وعن حاجتنا نحن إليه وعن ضرورته ؟ قلت له وحدثته بشيءٍ من الاختصار، وشكرته بعد ذلك قائلاً له : سيكون بعون الله هذا السؤال وذاك الجواب موضوع خطبتنا غداً إن شاء الله .
لا شك في أن الواحد حينما يسأل عن حاجته إلى صفة ما نبيلة معينة ، لو سألتني ما حاجتي إلى القوة سأقول لك لأن القوة صفة أساسية لازمة لشخصيتك ، وهذا يساوي لو سألتني ما حاجتك إلى أنفك ، إلى يدك ، من أجل أن تكتمل شخصيتك المادية أنت بحاجة إلى أنف وبحاجة يد وبحاجة إلى أذن من أجل أن تكتمل شخصيتك المادية ، وكذلك أنت بحاجة إلى قوة ، أنت بحاجة الى شجاعة ، أنت بحاجة إلى كل الصفات النبيلة من أجل أن تكتمل شخصيتك المعنوية ، وإذا ما رأيت نفسك في ساعة من الساعات لا تحتاج إلى أنفك ولا تحتاج إلى يدك لأنك لا تمارس بأنفك ولا تمارس بيدك ما يعود عليك بالنفع المباشر فهذا لا يعني أنك لست بحاجة إلى أعضائك هذه التي ذكرنا ، كذلك يا أخي عندما أقول إنك بحاجة إلى قوة ، صحيحٌ أن القوة الآن لا تشعر بضرورتها لأنك تعيش حالاً ضعيفة ، ولأننا نعيش حالاً ضعيفة ونرى القوة الآن لا تلزمنا وإن لزمتنا فإننا سنهرب منها لأن القوة تكلفنا إقداماً وتضحية ، وتكلفنا نتائج قد لا تكون مرضية في الظاهر إلا أن نتيجتها النهائية هي التي ستجعل منا أناساً يستحقون بجدارة أن يكونوا ورَّاث هذه الأرض .


محمد رافع 52 08-07-2011 01:59 PM

الإيمان بالله شرف : أو لست تبحث عن الشرف ! ألستَ بحاجة إلى شرف ! أَوَ ما تريد أن توصَفَ أو توسَمَ بالشرف ! الإيمان بالله شرف ﴿ ولعبد مؤمن خير من مشرك ولو أعجبكم ﴾ البقرة : 221﴿ ولأمة مؤمنة خير من مشركة ولو أعجبتكم ﴾ البقرة : 221 ألا يَصُبُّ كونك شريفاً ، ألا يصب ذلك في قلبك سعادة وسروراً وارتياحاً إذا أخبرك من أخبرك بأنك شريف النسب ! ألا يكون ذلك دافعاً من أجل سرورك ! ألا يكون ذلك مريحاً لك ! إذاً الإيمان بالله شرف وأعظِم به من شرف ، ويوم تؤمن به تشرُف ، يوم تؤمن بالله ترتقي أحاسيسك ويرتقي شعورك بازدياد في كونك أضحيت تتسنَّمُ قمة الشرف وذروة الشرف . الإيمان بالله شرف وقد ذكرنا في خطبة سابقة قول الشافعي :
ومـما زادني شرفاً وتيهاً وكدت بأخمصي أطؤ الثريا
دخولي تحت قولك يا عبادي وأن صيرت أحمد لي نبيا
- الإيمان بالله طمأنينة : إن دواخل شبابنا وشاباتنا ، طلابنا وطالباتنا قلقة مضطربة ، انظر إليهم إذ تراهم في الجامعة ، إذ تراهم في الشارع ، إذ تراهم في المعمل مضطربو الدواخل ، دواخلهم غير مستقرة ، لا تعرف سبباً لهذا حسب الظاهر ، لكنك إن محَّصتَ وفحصتَ ودرستَ ستجد أن ضعف الإيمان وراءَ القلق ، وأن ضعف الإيمان وراء الاضطراب ، وأن ضعف الإيمان وراء هذه التوهيمات الداخلية المزعجة التي تنتاب صغارنا وكبارنا . انظروا تلاميذنا وطلابنا ، انظروا معلمينا وموظفينا لقد ارتسمت على مُحيَّاهم بوادر قلق صدرت من دواخلهم لتكون أشائر على ظواهرهم . الإيمان بالله يُطَمأنك في زمن الاضطراب ، وأنا أطرح الإيمان بالله عزو جل من أجل أن يطمئنك ، فهل تطرح لي شيئاً أخر إذاً أنا على استعداد من أجل أن أسمعك ﴿ الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب ﴾ الرعد : 28 ﴿ لا تحزن إن الله معنا ﴾ التوبة : 40 ، الإيمان بالله يطمئنك ﴿ الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيماناً وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل . فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء واتبعوا رضوان الله ﴾ آل عمران : 173- 174 الإيمان بالله يطمئنك .
- الإيمان بالله يُقوِّيك في ميدان الحياة التي أضحت قاسية ، يقويك على المواجهة لكل صعوبات الحياة ﴿ فأوجس في نفسه خيفةً موسى . قلنا لا تخف إنك أنت الأعلى . وألقِ ما في يمينك تلقف ما صنعوا إنما صنعوا كيد ساحر ﴾ طه : 67 – 69 ذكرت منذ عشر سنوات رواية عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما كما جاء في الطبراني أن ابن عمر كان في طريقه , وإذ به يرى جمعاً من الناس وقد ارتسمت عليهم علامات خوف إذ اعترض طريقهم سبع ، حيوان مفترس لم تذكر الروايات طبيعته وإنما ذكرت رواية الطبراني أن الناس هؤلاء اعترضهم سبع ، حيوان مفترس أخافهم وأرعبهم تقدم ابن عمر رضي الله عنه وحمل بيده حجراً وألقاه على هذا الحيوان ففّر الحيوان منهزماً ثم قال - وهنا بيت القصيد - : سمعت من نبيكم عليه وآله الصلاة والسلام : " يُسَلّط على ابن آدم ما خاف ابن آدم ، ولو أن ابن آدم لم يخف إلا الله لم يُسلَّط عليه سواه " أنت القتيل بأيِّ من تخافه ، أنت أسير من تخاف ، أنت مقهورُ من تخاف " يُسلط على ابن آدم ما خاف ابن آدم ، ولو أن ابن آدم لم يخف إلا الله لم يسلط عليه سواه " من أي شيء تخاف ؟ قيل للعز بن عبد السلام كيف جرأت على أن تخاطب الملك هذا الخطاب الجريء ؟! خطاب العز كان خطاباً جريئاً ولم يكن خطاباً وقحاً ، وهناك فرق كبير بين الجرأة والوقاحة ، الجرأة إعلان حق والوقاحة إبداء نفس وإظهار كبر وإعجاب . كيف جرأت يا هذا على أن تقول هذا الذي قلت للملك ؟ أجابه العز بن عبد السلام بقوله : استحضرت هيبة الله فصار أمامي – أي الملك – كالهر . أيها الأخوة يا أبناء فلسطين : لو لا الإيمان ما قويتم ، ولولا الإيمان ما قاتلتم وعِدتكم قليلة ، لولا الإيمان بالله لما قاتل من قاتل من إخوتنا في فلسطين إسرائيل ومَن وراء إسرائيل ، وكلنا يعلم أن إخواننا في فلسطين لا يقاتلون إسرائيل فحسب وإنما يقاتلون من خلال إسرائيل أمريكا وكل القوى الباغية التي تتعاون مع الصهيونية المجرمة . لولا الإيمان بالله لما قال هذا الذي قال : يا أماه إن نفسي في سبيل الله رخيصة فادعي الله عز وجل أن يجعلني شهيداً . الشهداء أقوياء يا أبناءنا في فلسطين يا أخواتنا يا بناتنا يا نساءنا . الفضل للإيمان بالله في استمراركم ، في انتفاضتكم على عدوكم ، على صهيوني ماكر غادر . بوركت سواعدكم وقوَّى الله الإيمان في قلبكم لتقوى أجسادكم على مقاتلة أعدائنا أعداء الدين أعداء الإنسانية أعداء الفضيلة .

محمد رافع 52 08-07-2011 02:03 PM

الايمان بالله يؤمنك : ويجعلك ذا أمانة وأمان قال عليه وآله الصلاة والسلام كما جاء في صحيح الإمام مسلم : " لا إيمان لمن لا أمانة له ، ولا عهد لمن لا دين له " الإيمان يجعلك أميناً لأنك تراقب ربك والذي يراقب ربه يغدو أميناً ، أَوَلسنا بحاجة إلى أمانة ؟! كلنا في بلادنا العربية يشكو الخيانة ، خيانة موظف وخيانة عسكري وخيانة طالب وخيانة أستاذ وخيانة مسؤول ومن الذي جعل هذه الخيانة تتراكم في محالنا وفي أرضنا ؟ ضعف الإيمان هو الذي جعل الخيانات تنتشر ولو أننا آمنا بالله حقاً لقلت نسبة الخيانة ، بل ربما انعدمت . الإيمان بالله يا أيها الشاب يعطيك الأمانة ، يجعلك أميناً وهل نحن بحاجة إلى أمانة ؟ نعم نحن بحاجة إلى أمانة يا شابنا يا طالبنا يا أيها الإنسان في هذا الوطن . الإيمان بالله يؤمنك ﴿ فأي الفريقين أحق بالأمن ﴾ الأنعام : 81 الإيمان بالله يجعلك في أمان من المصائب في أن تقتلعك من إنسانيتك وفي أمان يوم القيامة حيث الأمان مطلوب ومطلوب جداً ، الإيمان بالله يؤمنك لأنه يؤمن قلبك : " عجباً لأمر المؤمن إن أمره كله له خير ، إن أصابته سراء شكر فكان خيراً له ، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له " وليس ذلك إلا للمؤمن ، الإيمان يؤمننا ، يؤمن قلوبنا : ﴿ قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا ﴾ التوبة : 51 إذا كنا نؤمن بالله فنحن في أمان :
أيَّ يوميَّ من الموت أَفِرّ يوم لا يُقدَرُ أم يوم قدر
يوم يقدر لا أرهبه ومن المقدور لا ينجو الحذر
هكذا قال الإمام علي . نعم الإيمان بالله يؤمننا وعلينا في مقابل ذلك أن نؤمن الآخرين إذا كنا مؤمنين بالله عز وجل ويجب أن ينبثق الإيمان منا أمانة للآخرين . جاء في صحيح الإمام مسلم : " والمؤمن من أمنه الناس على أموالهم وأعراضهم " ولذلك أقول لإخواننا في العراق : قاوموا ولكن بأمان ، أمنّوا الناس وأنتم تقاومون ، لا أريد أن يكون هناك اختطاف لأناس مدنيين ، لأناس يتجلببون بجلباب حتى ولو كانت حقيقتهم غير ذلك ، لأنه من خَدَعنا بالله خُدِعنا ، لا نريد أن تقاوموا بغير أمان ترسلونه للناس ، أمنوا الناس وأنتم تقاومون من قاتلكم قاتلوه أما ذاك الإنسان الذي يعيش حسب رأيه وحسب النظر الظاهر في أمان فلا تختطفوه ولا تجعلوه رهينة ، وإلا وأنا أعلم أن نيتكم طيبة وخالصة لكن هذا سيؤذي العمل العام والقتال العام والجهاد العام ﴿ ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدواً بغير علم ﴾ الأنعام : 108 لا أريدكم أن تصدر عنكم أفعالاً تخالف أحكامَ ديننا وأنا كما قلت لكم أؤمن بأن نيتكم طيبة وأنكم تريدون إصابة الخير ولكن قد يخطئ منا من يخطئ فلا أقل من أن نقدم لهم نصحاً لأننا وإياكم حريصون على أن يعمّ الإسلام الكون كله شرقه وغربه ، شماله وجنوبه ، لأننا حريصون على أن يكون الإسلام مأوى كل المضربين في العالم حتى يطمأنوا ، وملاذ كل الضعفاء في العالم حتى يقووا ، وموئل كل أولئك القلقين في العالم حتى يعيشوا استقراراً في رحاب هذا الدين . يا شبابنا أرُوا الناس أنكم مطمئنون في دينكم حتى تكونوا دعاة في حالكم . حينما أحدث شاباً من طلابنا في الجامعة أو في مكان آخر عليّ أن أريه سعادتي وطمأناني بديني فيسري حالي فيتقبل حاله حالي . يا أحبتي الإيمان بالله نحن بحاجة إليه لأنه سعادة في الدنيا والآخرة ، أو لسنا نبحث عن السعادة ﴿ إن الذين أمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن وداً ﴾ مريم : 96 إذا كنت مؤمناً فأنت ودود ، وإذا كنت ودوداً فأنت سعيد ، وإذا كنت سعيداً فأنت تسعد الآخرين . الإيمان بالله سعادة في الدنيا وفلاح في الآخرة ﴿ إن الذين أمنوا وعملوا الصالحات كانت لهم جنات الفردوس نزلاً . خالدين فيها لا يبغون عنها حولاً ﴾ الكهف : 107 – 108 الإيمان بالله سعادة في الدنيا وفلاح وسعادة ونجاح في الآخرة . أرأيت يا أيها الشاب إلى الإيمان بالله هل تلمست حاجتنا إليه أو ملامح هذه الحاجة ، إنا بحاجة إلى الإيمان بالله إذا كنت في جامعتك فادعُ الآخرين إلى الإيمان بالله من أجل مصلحتهم ، إذا كنت في معملك فادعُ الآخرين إلى الإيمان بالله من أجل مصلحتهم ، حيثما ما كنت فادعُ إلى الإيمان بالله من أجل مصلحة الآخرين كما تدعو إلى صحة الآخرين الجسمية وإلى ما يجعل هذه الصحة في حال جيدة دائماً من خلال ذكر قواعد نافعة فإن دعوتك الناس إلى الإيمان بالله يعني أنك تدعوهم إلى صحة معنوية وإلى شخصية قوية . بارك الله بك وفيك أيها الشاب عندما تسأل عن ثوابت الدين الحنيف عن الإيمان بالله وهذا السؤال ولا أجاملك في ذلك دليل إيمان فبارك الله في إيمانك وزادك إيماناً وزادك يقيناً وزادك اطمئناناً وقوة وشرفاً وعزاً وأماناً وأمانة وزادك سعادة في الدنيا وفلاحاً في الآخرة . اللهم وفق شباب أمتنا للإيمان من أجل كل ذلك ، نعم من يسأل أنت ، ونعم النصير أنت

محمد رافع 52 08-07-2011 02:04 PM


محمد رافع 52 08-07-2011 02:05 PM

الإيمان؛ ما الإيمان؟



نفحة ربانية يقذفها الله في قلوب من يختارهم من أهل هدايته..




ويهيء لهم سبل العمل لمرضاته، ويجعل قلوبهم تتعلق بمحبته، وتأْنَس بقربه..




هو شعور يختلج في الصدر، ويلمع في القلب؛ فتضيء جوانب النفس، ويبعث في القلب الثقة بالله، والأُنس بالله، والطمأنينة بذكر الله..

محمد رافع 52 08-07-2011 02:06 PM

[ أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ]




إنه الشعور بأنك ذرة في كون عظيم هائل متجه إلى الله، يسبِّح لله، ويخضع لله..




ويؤمن بالله: وَإِن من شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدِه..



فالمؤمنون في رياض المحبة، وفي جنان الوصل يرتعون ويمرحون..




أحبهم الله فأحبوه، فاتبعوا نبيه ورضي عنهم فرضوا عنه، تقربوا منه بالصالحات والطاعات..




فدنا منهم بالمغفرة والرحمات..




كما في الحديث القدسي:



{ولا يزال عبدي يتقرب إليَّ بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها
ولئن سألني لأعطينه، ولئن استعاذني لأعيذنه }

محمد رافع 52 08-07-2011 02:08 PM

الإيمان ليس مجرد التصديق القلبي، ولا الكلام اللفظي، دون عملٍ وتطبيق..




فمن زعم أن مجرد التصديق كاف في الإيمان، أو مجرد التسمي والتلفظ دون عمل، كاذب في نفسه مخادع لذاته..





[ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ * يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ [البقرة:8-9].


محمد رافع 52 27-07-2011 10:10 PM


محمد رافع 52 27-07-2011 10:11 PM


محمد رافع 52 27-07-2011 10:12 PM


محمد رافع 52 27-07-2011 10:13 PM



جميع الأوقات بتوقيت GMT +2. الساعة الآن 09:31 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.