بوابة الثانوية العامة المصرية

بوابة الثانوية العامة المصرية (https://www.thanwya.com/vb/index.php)
-   أرشيف المنتدى (https://www.thanwya.com/vb/forumdisplay.php?f=513)
-   -   احلام الشباب .... يوميات فتاه مسلمه (https://www.thanwya.com/vb/showthread.php?t=101895)

ساره الالفي 29-07-2009 12:25 PM


الحــــلقة الثـــــــــــامنة

ـــــــــ*×*ـــ((1))ـــ*×*ـــــــــ



مرت الأيام التي تلت زيارة حسام لبيتنا بصفة عادية جدا في بيتنا... أبي لم يفتح الموضوع معي إطلاقا، و أنا حاولت قدر الإمكان أن أكون تلقائية و أن لا يبدو علي أدنى تأثر من موقفه تجاه الارتباط...

لكنني لاحظت أن أبي صار يطيل النظر إلي كثيرا، و يسرح أثناء الطعام و هو يتابع حركاتي... كأنه يقول في سره : ابنتي كبرت و أنا لا أدري!

أكيد أنه صار ينظر إلي بشكل مختلف... لأنه اكتشف أن هناك من ينظر إلي بطريقة مختلفة... و أنني من الممكن أن أكون مرام أخرى غير مرام الابنة المطيعة، الطالبة المجتهدة و الأخت الكبرى... اكتشف أنني قد يكون لي أدوار أخرى في الحياة غير الذهاب إلى الجامعة، و قراءة الكتب و مشاغبة ماهر و التسوق مع أمي... و طبعا ممارسة الطب في المستقبل...

و بالطبع كان يتساءل عن طبيعة علاقتي بحسام و عن مقدار تعلقي به...
فهو كان يعلم أن حسام جاء إلى منزلنا برضا مني، لكنه كان محتارا لأنني لم أبد أية ردة فعل أمام موقفه الغامض...

و لكنني كنت حزينة في داخلي... هل أنا مخطوبة أم لا؟؟؟
هل يمكن لحسام أن يتصل بي على الهاتف أم لا؟؟؟
هل يمكنه زيارتنا في المنزل؟ هل أستطيع محادثته في الجامعة؟
إنه شيء محير فعلا...

رغم أنه قد مضى على تعارفنا بضعة أشهر إلا أننا لم نتحدث مباشرة إلا مرات معدودات لا تتجاوز عدد أصابع اليد الواحدة... و كل لقاء لا يتعدى بضع جمل مبتورة، و كلمات مبعثرة... لكنها راسخة في ذاكرتي... تدغدغ قلبي في رقة...

لم أره منذ لمحته خلسة من وراء النافذة المواربة... و كنت أهفو إلى سماع أخباره.
لكنه لم يعد يأتي إلى الكلية... حتى دالية لا أراها كثيرا، لأننا ندرس في أقسام مختلفة... فلم أعد على اتصال بعالمه...



كنت أغادر قاعة المحاضرات حين اقتربت مني سهير مبتسمة و ربتت على كتفي قائلة :
ـ كيف حالك يا عروسة؟ و ما أحوال العريس؟!

تضرج وجهي في حرج... عروسة؟؟ عريس؟؟ يا ليتنا كنا مخطوبين فقط!!

ضحكت و أنا أقول :
ـ بعد عمر طويل إن شاء الله!

نظرت إلي في دهشة و هي تقول :
ـ ما بك يا مرام؟ لماذا هذا الكلام؟

ثم عدلت نظاراتها على أنفها و هي تقول في خبث :
ـ لا تقولي أنك مستعجلة على الزواج؟!!!!

لوحت بكفي نافية و هتفت :
ـ و لم العجلة؟ أمامنا الوقت الكافي...

أمسكت بذراعي و هي تقول في فضول ممزوج بلهفة :
ـ هااا... حدثيني... كيف تسير علاقتكما؟

تنهدت و هززت كتفي و قلت :
ـ لا شيء يذكر... لم أره منذ جاء إلى بيتنا الأسبوع الماضي...

ـ أسبوع كامل و لم تتصلا؟!! لا لا لا... حسام مقصر ناحيتك! لم لا يتصل بك على الهاتف إن كان لا يمكنه المجيء إلى الجامعة أو زيارتك في منزلكم؟؟

ـ يتصل بي على الهاتف؟! و لكن يا سهير... نحن لسنا مخطوبين بعد!!

سارعت تقول في إلحاح :
ـ و لكن والديك على علم بعلاقتكما... و أبوك معجب به أيضا... يعني ليس هنالك اعتراض على علاقتكما في حد ذاتها... المسألة برمتها مسألة وقت حتى يتخرج حسام...

سكتت و قد اتضح التردد على وجهي فاستطردت :
ـ اطلبي منه أن يتصل على رقم البيت... هكذا الرقابة موجودة... ما رأيك؟

ـ لكنه لم يقترح علي الأمر... فهل من المعقول أن أكون أنا المبادرة؟؟

ـ أراهن على أنه راغب في الأمر أكثر منك... فهو أيضا يريد أن يتعرف عليك أكثر... لكن الأكيد أنه يخشى إحراجك و يتوقع أن لا توافقي... لذا لم يبادر بالاقتراح، لكن أنت بإمكانك أن تسهلي عليه الأمر...

أجبت متفكرة :
ـ سأنظر في الأمر...


عدت إلى المنزل و الفكرة تلح على ذهني... نعم، لم لا يتصل بي على رقم المنزل؟ لن أكون بمفردي في المنزل... فلا يمكن أن تكون خلوة... كما أن أبي و أمي يعرفان أخلاقه و تدينه... فلا يمكن أن نتجاوز الحدود الشرعية في حديثنا...
كما أنها الطريقة الوحيدة لنتعرف على بعضنا أكثر... فهل سنقطع اتصالنا ببعضنا البعض طيلة السنوات المقبلة، حتى نتمكن من الزواج؟؟ غير معقول! حتى أننا قد ننسى بعضنا البعض بطول المدة...

سارعت باستشارة أمي فوافقت على اتصاله شريطة أن لا نطيل الحديث... كما أنها ستكون في الغرفة المجاورة...

قفزت من الفرحة و سارعت أتصل بدالية :
ـ أين أنت يا فتاة، لم أرك منذ فترة كأننا لسنا في نفس الكلية!!

أجبت ضاحكة :
ـ ممرات الكلية طوييييلة كالسراديب... نتوه فيها بسهولة!

صمتت قليلا فبادرت دالية مداعبة :
ـ أكيد أن مكالمتك ليست لي!! بل تريدين أن تسألي أن أحوال الدكتور!!

قلت متصنعة الغضب :
ـ يعني كأنه هو يهتم بشأني أو يسأل عني كي أسأل عنه!!

ـ اعذريه يا مرام... فهو متعب جدا في التمرين و أمامه امتحانات كثيرة... لكنني أؤكد لك أنك لا تغيبين عن باله لحظة واحدة... فجل الحديث بيننا يدور حولك...

ابتسمت في سعادة و قلت مدارية سروري :
ـ و لكن أخباري لا تصله حتى... و لا يعلم إن كنت مت أو لازلت بين الأحياء!!

ضحكت دالية و قالت :
ـ حاااضر... سأبلغه غضبك منه و غيظك من لامبالاته! و لكن ماذا يمكنه أن يفعل أمام موقف والدك؟؟

ترددت قليلا قبل أن أقول في صوت خافت :
ـ يمكنه أن يتصل بي على رقم المنزل إن شاء... استشرت أمي و هي موافقة...

ـ حسن... سأبلغه ذلك يا حبيبتي...


انتظرت على الجمر مكالمة دالية الموالية، و ما إن رن الهاتف حتى ركضت لأجيب :

ـ يقول أنه سيتصل بك على الساعة السابعة من مساء الغد... هل الوقت مناسب لك؟

ـ نعم... لا بأس...

وضعت السماعة و قد أخذ قلبي يدق في شدة...



ساره الالفي 29-07-2009 12:27 PM

ـــــــــ*×*ـــ((2))ـــ*×*ـــــــــ



استيقظت مبكرة على غير العادة بعد ليلة طويلة مليئة بالأحلام السعيدة...

تطلعت إلى المنبه الذي لم يرن بعد... إنها الساعة الرابعة!!!
ما الذي جعلني أستيقظ في هذا الوقت؟؟ عدت إلى النوم، لكنني لم أستطع أن أغفو ثانية... لبثت تحت الغطاء و الدقائق تمر بطيئة...

لم كل هذا القلق يا مرام؟؟

كان قلبي يخفق بشدة في كل مرة أتذكر فيها المكالمة الموعودة...
كيف سيكون صوته في الهاتف؟ و كيف سأتحدث معه؟
حتى و إن كانت أمي قريبة و دالية إلى جانبه... فإنني أحس أن خط الهاتف الذي يصل كلماته بأذني، يفصلنا عن كل ما حولنا... بل أنه للمرة الأولى سيكون بيننا حوار خاص!!!
فيم سنتحدث يا ترى؟؟
و كيف سأتصرف؟؟
علي أن أكون تلقائية... لكن في نفس الوقت أن أتجنب الضحك و التفكه...
و أن أخفض من صوتي... ليس مثلما أتكلم مع راوية أو دالية!!
هل سأجد الكلمات المناسبة؟ ماذا إن وجدني ثقيلة الظل؟؟ أو خفيفة طائشة؟؟

يا عزيزتي يا مرام... كوني طبيعية... كوني مرام و كفى... فعليه أن يقبلك كما أنت... و إن لم تعجبه شخصيتك فمن الأفضل أن تقف العلاقة في بدايتها...

تنفست بعمق و قد ازداد ارتياحي، ثم قمت فتوضأت و صليت بضع ركعات في ظلمة الليل و جلست أنتظر صلاة الفجر...

يا رب... اكتب لي الخير حيث كان ثم رضني به...

صار ذاك هو دعائي المفضل مذ عرفت دعاء الاستخارة...


كان يوما طويلا علي في الكلية، و كنت أتطلع بين الفينة و الأخرى إلى الساعة... متى تحين الساعة السابعة!!!

كانت المحاضرات تنتهي عند الساعة الخامسة، ثم يبقى لدي الوقت لأعود إلى البيت و أستريح قليلا قبل أن يأتي الموعد...

كنت أهم بمغادرة الكلية صحبة راوية حين اقتربت منا دالية و هي تلهث :
ـ الحمد لله لحقت بك قبل أن تنصرفي... كنت أبحث عنك...

نظرت إليها في قلق في حين هتفت راوية في لهفة :
ـ أكيد لديك رسالة من حسام؟! قولي قولي... هل أنا مخطئة؟

ابتسمت و هي تقول :
ـ نعم بالفعل... فقد اتصل بي ساعة الغداء و طلب مني أن أبلغك شيئا ما...

تطلعنا إليها في ترقب و قالت :
ـ الحقيقة أنه يعتذر لك... لأنه لن يتمكن من الاتصال بك هذا المساء...

خيم علينا الوجوم للحظات قبل أن تسترد دالية أنفاسها و تستطرد قائلة :
ـ لم يذكر السبب، لكنه طلب مني عنوان بريدك الالكتروني... قال أنه سيفسر لك بدقة لأنه لا يستطيع أن يمل علي ما يريد تبليغه لك...

بادرتها في قلق :
ـ دالية... طمئنيني... هل هو بخير؟

ـ لا تقلقي... ليس أمرا متعلقا بصحته أبدا... هو بخير و قد ذهب إلى المستشفى اليوم...

ثم تداركت ضاحكة :
ـ من أجل التمرين و ليس من أجل العلاج طبعا... لكنه لم يملك الوقت الكافي ليشرح لي على الهاتف لذلك قال بأنه سيرسل إليك... لا داعي للقلق!!


عدت إلى البيت مسرعة... و قد صار موعد الساعة السابعة بلا قيمة... و لكن هنالك رسالته منه تنتظرني!!!
دخلت إلى غرفتي على عجل و فتحت الحاسوب، و بدا لي أنه استغرق وقتا أطول من العادة ليفتح!! و أخطأت مرتين و أنا أدخل كلمة السر لحسابي الالكتروني...
و أخيرا فتحت الرسالة...
قرأتها مرتين و أنا مبهورة الأنفاس...

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

آسف لأنني اضطررت إلى إخلاف و عدي الأول لك بخصوص المكالمة الهاتفية... و لكنك إن قرأت رسالتي هذه إلى النهاية ستلتمسين لي العذر و تتفهمين موقفي، بل إنني واثق أنك ستؤيدينه...

بعد أن وافقت البارحة على الاتصال بك، لبثت قلقا لسبب أجهله... ربما لأنني لم أضع المكالمات الهاتفية في حسابي للمرحلة الحالية... لكنني للوهلة الأولى لم أر مانعا طالما أن والدتك موافقة و هي ستكون قريبة منك...
لكن رسولنا الكريم صلى الله عليه و سلم علمنا الاستخارة في كل أمور حياتنا، خاصة تلك التي تبعث القلق في نفوسنا... لذا فقد قررت أن أستخير قبل أن أتخذ أية خطوة...

استخرت البارحة قبل النوم، لكنني لم أر في نومي أية علامة... فتوكلت على الله و قد قررت أن أتصل بك... لكن اليوم حين وصلت إلى المكتب و فتحت الحاسوب، ظهرت أمامي فجأة نافذة من موقع إسلامي فيها تحذير من الحديث بين الشاب و الفتاة على الهاتف و المسنجر... لست أدري لم اقشعر جسمي حين قرأته، مع أنه يتحدث عن كلام الغزل الذي يحدث بين الشباب الطائش و العلاقات التي تبنى دون معرفة الوالدين، لكنني أحسست أنه رسالة إلي من رب العالمين، بل أنه يحمل الجواب على استخارتي!!

مرام أرجو أن تفهميني... ربما ليس حديثنا في حد ذاته من المحرمات، و ربما كنا نجتهد و نجاهد أنفسنا للابتعاد عن المعاصي و نتقصى رضاء الوالدين في كل خطوة... فربما كانت والدتك موافقة لأن الأم بطبعها حنونة و تتجاوز و تخضع لرغبات أبنائها... لكنني لست واثقا من أن والدك سيكون له نفس الموقف!!

كما أننا نرجو من علاقتنا هذه أن تكون طريقنا إلى فراديس الجنان و نبتغي أن تكون في سبيل الله و وسيلة لزيادة طاعته... أملنا أن نبني نهضة الأمة من خلال تكوين بيت مسلم، يبارك لنا الله فيه من أول لحظة، يبارك لنا حتى في نوايانا و في دخائل نفوسنا...
فهل يليق بمن يحمل مثل هدفنا أن ينصاع إلى رغباته و أحاديث نفسه؟ حتى إن كانت لا تتجاوز الحدود الشرعية، فهي مدخل من مداخل الشيطان... و قد تقودنا إلى رغبات أخرى أكبر منها، مثل المكالمات الخاصة دون علم الأهل لأننا ضمننا موافقتهم و من ثم اللقاء...

ألا ترين أن نقنع الآن و نفرح فيما بعد... يوم يباهي بنا الله عباده و ملائكته... و يقول انظرا إلى هذين... كانا يتحريان مرضاتي في كل حركة و سكون... و هل في الدنيا فرحة تساوي فرحة ذاك اليوم؟
لذا فإنني أرى ـ و أظنك توافقينني ـ أن نتجنب كل ما يضعف نفوسنا، خاصة أن للصوت فتنة...

على أمل أن يعجل والدك بالموافقة على الخطبة الرسمية... أتركك في أمان الله

و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته...


كانت ابتسامة سعيدة ترتسم على شفتي... و أنا أعيد قراءة الرسالة للمرة الثالثة... و قد سكنت في عيني نظرة حالمة...
رغم أنني لم أحصل على المكالمة الموعودة، إلا أنني أحسست بأن ما حصلت عليه هو أحلى بكثيييير...
كنت أحس بالصغار أمامه... فأين تفكيري من تفكيره!! أين انسياقي وراء رغباتي من حسن تدبيره؟! أين تسرعي من حكمته؟!

بارك الله لي فيك يا حسام... و حفظك لي من كل سوء... و جمعني بك قريبا على خير...

كان شعور عميق بالاطمئنان يتدفق إلى قلبي في دفء...
سأكون في أيد أمينة معك... إن شاء الله

ساره الالفي 29-07-2009 12:30 PM


ـــــــــ*×*ـــ((3))ـــ*×*ـــــــــ

كان الباب قد أغلق تماما أمام التفكير في المكالمات الهاتفية، فقد كان القرار حاسما حتى أنني لمت نفسي طويلا على جرأتي لتقديمي مثل ذاك الاقتراح... و دعوت الله أن لا يكون حسام قد وجد شيئا في نفسه من تهاوني بالمسألة... أو يكون قد ظن بي الظنون...


لكن تلك الرسالة التي تلقيتها من حسام كانت مفتاحا لطريقة جديدة للتواصل... طريقة عرفت معها متعة كبيرة... هي أرقى و أحلى و أبلغ من كلمات الغزل و الهيام...

فبعد بضعة أيام وجدت رسالة جديدة منه... كانت تبدو في ظاهرها خاطرة إيمانية عامة... لكنني أحسست بأنه يخاطبني بكل كلمة منها... ربما لأنني أحسست أنه كتبها من أجلي و ليذكرنا أن ما يجمعنا ماهو إلا سعينا لإرضاء الله... و أنه لا يجب أن تخالط نيتنا تلك أية نية أخرى تفقدها إشعاعها في قلوبنا

ثم صار يرسل لي يوميا خاطرة إيمانية يتناول فيها مواضيع شتى تلمس شغاف قلبي و تروي ظمأ روحي... فقد اكتشفت أنه ليس فقط ذا ثقافة دينية واسعة بل أنه كاتب متميز أيضا... تصلني أفكاره في أسلوب سلس و بسيط و لكنه ذو معاني عميقة في آن واحد، ما يسمى بالسهل الممتنع!

يحدثني عن الحياء فأجد وجنتي قد أشرقتا بحمرة محببة...
يصف أخلاق الصحابيات و أمهات المسلمين فتهفو نفسي شوقا للاقتداء بهن...
يذكرني بفضل صلاة الضحى فأقوم من فوري إلى سجادتي...
يحثني على قيام الليل و قرآن الفجر... فأتلذذ بمناجاة خالقي في الثلث الأخير من الليل...


صارت أحلى ساعات نهاري تلك التي أجلس فيها أمام الشاشة أقرأ خاطرته ثم أرد عليها بخاطرة أخرى من بنات أفكاري...
و أحلى ساعات ليلي تلك التي أوقظه فيها برنة على هاتفه لندعو الله معا أن يبارك لنا في علاقتنا قبل الزواج و بعده و يجمعنا على الخير و تقوى الله...


صرت أراقب نفسي أكثر و أفكر في كل تصرفاتي بطريقة مختلفة...
أريد أن أماريه في تحريه للحلال و الحرام قبل كل خطوة، أن أكون ندا له... أن أستحق زوجا مثله... و لا أخيب أمله لأنه اختارني من بين كل البنات اللاتي عرفهن... و من بين كل البنات اللاتي يتطلعن إليه...

و أجمل ما في الأمر أنه كان يذكرني في كل مرة بأنه ليس إلا شخصا عاديا له عيوب و مميزات و أنني لا يجب أن أتوقعه كاملا أو إنسانا مثاليا، فيزداد إعجابي به...
و يذكرني بتجديد نيتي في كل مرة لتكون خالصة لله وحده... و يؤكد علي بأن أنسى و أنا في مناجاتي وجوده لأنه لن ينفعني بشيء إن أنا خالطت نيتي أية مشاعر أخرى تفقدها صفاءها... فتتناثر دموعي خاشعة أسأل الله أن يرزقني الإخلاص فيتلاشى خيال حسام من أمام عيني لتبقى خشيتي لله و رجائي استجابته وحدها في قلبي...


و أخيرا قررت أن أبادر!! فقد كنت أتعلم منه طوال الفترة الماضية...
قررت أن أضع برنامجا مشتركا لعباداتنا معا...
فوضعت العبادات التالية و ظننت أنني أحطت بكل شيء و أنه لن يضيف عليها شيئا :
ذكر الله تعالى 500 مرة في اليوم
صلاة الضحى
المواظبة على السنن الرواتب قدر الإمكان
المحافظة على سنة الأحد عشرة ركعة في كل ليلة، بتقسيمها بين فترتي ما بعد العشاء و ما قبل الفجر على أن يكون معظمها في الثلث الأخير من الليل
قراءة جزء من القرآن يوميا لختم القرآن كل شهر
صيام الاثنين و الخميس من كل أسبوع
إخراج صدقة مرة في الأسبوع...

لم أكن قد تعودت على معظم هاته العبادات... لكنني نويت أن ألتزم و أجاهد نفسي قدر الإمكان

و لكنه كالعادة كانت له إضافة إلى البرنامج... إضافة متميزة و غاية في الرومانسية!
فقد اقترح أن

يواظب كل منا على ذكر معين، يذكره كلما خطر الآخر على باله!
فنصنع عبادة حتى من تفكيرنا في بعضنا البعض! و يظل يذكرها حتى ينشغل بأمر آخر!!!

يا الله... كم خفق قلبي و أنا أقرأ رسالته تلك... و يا لها من فكرة مبدعة لنمنع نفوسنا من الإمعان في خيالاتها و مجاراة رغباتها... فنعوضها بذكر الله!


و كلما رأتني أمي أجلس خلف الشاشة، اقتربت مني و على شفتيها ابتسامة فضولية :
ـ هااا... ما الأخبار...
فيتضرج وجهي في حرج و أفسح لها المجال لتقرأ كتاباته... فتهز رأسها في كل مرة إعجابا و تربت على كتفي مداعبة و هي تقول :
ـ يبدو أن السباق الأدبي بينكما متواصل! من سيفوز يا ترى؟!

و الحقيقة أنني كنت جد مسرورة لأنني وجدت شخصا يوافقني ميولاتي و ينافسني في مهاراتي التي كنت أتميز بها بين صديقاتي...
و كان كل شيء بيننا خاضعا لمنطق المنافسة : و في ذلك فليتنافس المتنافسون...

حتى أنه اقترح أن يكون لكل منا دفتر يحاسب فيه نفسه على تقصيره في جدول العبادات... على أن نتحاسب في أول يوم من زواجنا... فيقدم الخاسر هدية للفائز... أو على حد تعبيره : تقدم الخاسرة هدية للفائز!
فقد كانت ثقته في نفس عالية... و قد نجح في تمرير روح التحدي إلي... مع أنه لم يكن يزعجني البتة أن أكون خاسرة أمامه... مادامت المنافسة بيني و بين زوجي المستقبلي... و لا شيء يسعدني أكثر من ارتباطي بشخص يتفوق علي في كل شيء فأكون قد سلمت مفاتيح قلبي لزوج يجيد الحفاظ عليها...


لكنني وجدت نفسي أعيش نوعا من الإدمان! نعم... إدمان على خواطر حسام...
أنتظر كل يوم رسالته بفارغ الصبر... أفتح الحاسوب مرات عديدة في اليوم...
و كلما سنحت الفرصة في الكلية انزويت في ركن ما أخط الخاطرة التي سأرسلها إليه... حتى أن راوية صارت تتنهد في غيظ كلما رأتني أتوجه إلى المكتبة وقت الغداء لأنفرد بخواطري...

أما في البيت فجلوسي على الحاسوب صار أطول من العادة... فكل خاطرة من خواطره تتطلب مني أن أقرأها مرة و اثنتين و ثلاثة... و قد أعود إليها فيما بعد لأستشف معانيها أكثر و أكثر...
و أقلق كثييييرا حين يمر يوم دون أن تصلني منه رسالة على بريدي الالكتروني... فأسارع للاتصال بدالية!!

كنت أعيش أياما سعيدة و أوقاتا ممتعة، أحسست فيها أن إيمانياتي ترتفع... أحسست بأنني أزداد قربا من الله و طاعة له...
لكن في داخلي... كنت أحس ببعض القلق... إحساس غريب كان يعكر علي صفو الاطمئنان الذي كنت أجده في البداية...

إلى أن جاء يوم....


ساره الالفي 29-07-2009 12:31 PM

كفايه كده النهارده ونكمل الباقي بكرررره إن شاء الله

Dr.love ferdos paradise 01-08-2009 03:21 AM

تم تثبيت الموضوع
لمتابعة الحلقات


حلقات جميله اووووي
ومستنين الباقي
اوعي تغيببي عننا تاني
في رعاية الله

المسلمة الرقيقة 05-08-2009 02:19 AM

بجد تحففففففففففففففففففففففففففففففففففففة
جزاك الله خيرا عليها
واتمني ان غيابك ميطولش زي زمان
بالتوفيق باذن الله:d:d:d:d

Eng : Heba 06-08-2009 11:09 PM

اعذريني قرأت اول تلات حلقات
وايه الجمال ده
بجد رووووووووووووووووووعه
معلش مشغوله حاحول اقرأ الباقي
تحياتي

Eng : Heba 08-08-2009 01:41 PM

الحمد لله خلصتهم
بجد روووووووووووووووعه
ايه الجمال ده
كملي ياغاليه الباقي
وربنا يجعل كل البنات مرام
والشباب حسام

زهراء محمد السيد 09-08-2009 11:33 AM

جزاك الله كل خير فييييييييييييييييييييييييييييين الباقى

Dr\heba 09-08-2009 06:09 PM

انا مش قادره اعبر بالكلمات من جمال القصه مفيش كلمات توصف شعورى وانا بقراها من جمالها وحلاوتها بل وفيه عبارات قريتها اكتلر من مره بجد شكراااااااااااااا جزيلا لكى لو فىلا خلاص ملوش لازمه الكلمتين اللى حقولهم

asma22 10-08-2009 08:51 AM

:):):):):)

asma22 10-08-2009 09:05 AM

بجد يا سارة قصة جميلة جدااااااااااا حسستنى انى اد ايه صغيره ادام ايمان الناس دول وثقافتهم العالية فى دينهم نفسى لما اروح الكلية ان شاء الله الاقى صحبه صالحه كده ويكون عندى الهمه العالية لنصرة هذاومساعده اخواتنا المسلمات بجد نفسى اوى اكون مرام فى كل حاجة فى تعاملها مع الناس فى دينها فى ثقافتها نفسى اتغير بجد ان شاء الله تكون الكلية هى بوابه التغيير للاحسن والافضل نفسى ألاقى الصحبه الصالحه ان شاء الله اللى تساعدنى على هذا التغيير كان نفسى ادخل طب عشان حتى اساعد الناس وربنا يعلم ان امنيتى وانا فى الثانوية انى ادخل طب بس عشان اساعد الناس مش لحاجة تانية حاسة انى جايز معرفش اعمل ده من صيدلة يلا ربنا يستعملنا جميعا فى طاعته وعبادته يارب نبقى كلنا مرام وربنا يرزقنا ان شاء الله بحد زى حسام بجد لو ده حصل يبقى الواحد مش ناقصه حاجة شخصية قوية متدينة عارفة ازاى تقدر تخدم دينها وزوج صالح ان شتء الله يعينها على هذه الطاعه ربنا يجزيكى كل خير يا سارة يارب انك حسستنينى انى لازم اثبت واقوى عزيمتى انى ابقى زى مرام ان شاء الله

بس انتى مكلمتناش يا سارة مرام كانت عايشة ازاى بتقضى يومها ازاى عباداتها كانت ازاى عشان نقدر نبقى زيها معلش طولت بس الموضوع يستاهل

ساره الالفي 10-08-2009 12:14 PM

ذجزاكم الله خيرا يا غاليين أسعدني مروركم كتير

ومعاكي حق يا أسماء أنا بردوا حبيت شخصية مرام أوووي ويتمنى أكون زيها وبتمنى كمان الاقي واحد زي حسام ده لإن قلما تلاقي شباب زيه ف قوة إيمانه وحبه لدينهة وغيرته عليه

المهم هكمل دلوقتي ومنتظره تعليقاتكم

asma22 10-08-2009 12:17 PM

بسرعه بقى يا سارة عشان انا متشوقة جااااااااااااااامد

ساره الالفي 10-08-2009 12:18 PM


ـــــــــ*×*ـــ((4))ـــ*×*ـــــــــ


كنت سعيدة للغاية بعلاقتي مع حسام... سعيدة لأنني وجدت فيه الإنسان الذي يحثني على الطاعات و يدفعني بعيدا عن المعاصي...
سعيدة بخصوصية علاقتنا حيث أنها بخلاف كل العلاقات بين الجنسين لا تؤدي بنا إلى فتنة... أو هذا ما ظننته لمدة ليست بقصيرة...

ثم... بدأ شعور بعدم الارتياح يتسلل إلي، و أخذت أتساءل : هل نحن فعلا على صواب؟ هل يجوز لنا حقا أن نتبادل الرسائل بكل حرية؟

كنت أرى أنها رسائل سليمة من كل ما يغضب الله... فهي في معظمها خواطر إيمانية... لكن تتخللها أحيانا سؤال عن أحوال العائلة و الدراسة... و قد يحدثني عن بعض المشاكل التي تعترضه في المستشفى... أو أسأله عن ما يتعسر علي من مواد دراسية... لكنها تبقى أحاديث في حدود الشرع، تراعي الحياء و الخلق الكريم... و لا تتناول المشاعر و الأحاسيس بتصريح أو تلميح...

لكن روحه المرحة كانت تعانق الكلمات و تطل من بين الأسطر و ترسم الابتسامة على شفتي في كل مرة...
و كلما جاء على ذكر علاقتنا المستقبلية، أسسها و شروطها و ما يجب أن تكون عليه... يزداد خفقان قلبي من المعاني الراقية التي أقرؤها...
لكنني في نفس الوقت أحس بوخزة في ضميري... هل تلك الأوقات الحلوة من حقنا؟ فقد كانت متعة حقيقية، و كنت أخشى أننا نأخذ الكثير و نفتح أبوابا جديدة سيكون من العسير إغلاقها أو التراجع دون الولوج منها...

و كان ارتباطي به يزيد يوما عن يوم... فلم يعد لي غنى عن رنته على هاتفي الجوال لتذكيري بالذكر اليومي و لا عن خواطره التي أنتظرها بفارغ الصبر... كما أنني أقضي الكثير من أوقات فراغي أكتب له... و قد أجد نفسي مقصرة في حق صديقاتي علي و أحيانا أتأخر في السهر لأن لدي دروس الطب أيضا لأراجعها! و إن تأخرت عنه في كتابة خاطرتي فإنه يعاتبني عتابا رقيقا، على أن لا أعيد الكرة... فقد بات هو بدوره يعيش نفس الإدمان!

و رويدا رويدا، صرت أعتبر رسائله من "خصوصياتي" فلم أعد أسمح لوالدتي بأن تقرأها كلها... فتقرأ بعضها أو أكتفي بأن أحدثها بنفسي عما ورد فيها... و هي لم تكن تصر على الاطلاع عليها واحدة واحدة لأنها كانت تثق في و باتت أيضا تثق في حسام بعد أن تابعت مراسلاتنا لفترة ليست بالقصيرة...

أما أبي فقد كان على علم بوجود اتصال بيننا... و لم يبد عليه الارتياح لذلك, لكنه لم يعلق يوما و لم يصرح بعدم موافقته... ربما لأنه "يقدّر" نوعا ما "التنازلات" التي أقدمنا عليها مقارنة بشباب عصرنا!!!

لكنني كنت أراوغ... أراوغ نفسي و ضميري و أبعد عنه هاته الأفكار...
كنت أقنع نفسي بأننا لسنا في خلوة و أحاديثنا بعيدة عن الشبهات... بل هي تقربنا من الله تعالى... كما أنها وسيلتنا الوحيدة للتواصل و التعرف على بعضنا دون المرور بقنوات الاتصال المباشرة التي تعتريها الشبهات...
فأغلق باب الهواجس و تعود حياتي إلى سيرها الاعتيادي كأن شيئا لم يكن...

إلى أن كان يوم...


كانت راوية قد بدأت تستاء مني منذ فترة لأنني اعتذرت مرات عديدة عن مرافقتها إلى بعض المتاجر في الوسط المدينة، لأنني بالكاد أملك الوقت الكافي للقيام بالتزاماتي! و الحقيقة فإن وقتي يمر بين قراءة و كتابة و تفكير... فإن لم أكن أقرأ رسالة حسام فأنا أكتب له... و إن لم أكن أكتب إليه فأنا أفكر في ما قاله أو فيما سأقوله في رسالتي المقبلة!!!

نظرت إلي راوية في يأس و هي تقول :
ـ من غير المجدي أن أسألك إن كنت تستطيعين مرافقتي إلى محل الحلويات!

نظرت إليها في اهتمام و خطرت على بالي فكرة :
ـ هل هو المحل الذي يقع قرب مسجد مركز المدينة؟

نظرت إلي غير مصدقة :
ـ نعم هو بعينه... هل ستأتين؟

ابتسمت و أنا أهز رأسي موافقة :
ـ نعم سآتي!

اقتربت مني هامسة :
ـ مرام... هل حصل شيء؟ هل اختلفت مع حسام على شيء ما؟

ضحكت في مرح و أنا أقول :
ـ أبدا يا راوية... ما من خلاف... لكنني تذكرت أن لدي بعض الأعمال في المدينة... ثم نمر للصلاة في المسجد قبل العودة... ما رأيك؟

هتفت راوية و هي تعانقني :
ـ أكيييييد موافقة!

كنت أفكر بشيء ما خطر على بالي فجأة... فرحت أراجع في ذهني كلماتي و أصوغ عباراتي و أستعد للحظة المواجهة... فقد كنت اتخذت قرارا و علي التنفيذ بسرعة قبل أن أتراجع...

نظرت إلى راوية مداعبة :
ـ لم تقولي لي... لم تذهبين إلى محل الحلويات؟ هل من مناسبة سعيدة؟

تضرج وجها فجأة و همست :
ـ سأخبرك فيما بعد...

تملكتني الدهشة للحظات... راوية تخفي شيئا ما!!! لم أر وجهها يحمر هكذا من قبل... و صوتها الذي خفت فجأة... أكيد أن هناك أمرا ما!
لكنني لم أصر على معرفة الخبر و اكتفيت بتسويفها على أن تخبرني فيما بعد، لأنني كنت أصلا منشغلة بموضوع آخر احتل كل تفكيري...


انتهت جولتنا بسرعة و اشترت كل منا ما يلزمها من المتاجر ثم توجهنا إلى المسجد لأداء صلاة العصر...
فرغنا من الصلاة ثم خرجنا مع جملة المصلين... توقفت أمام الباب الخارجي و قلت لراوية و أنا أعود أدراجي :
ـ انتظريني هنا... سأعود حالا!

هتفت في تساؤل و هي ترقبني أبتعد مسرعة :
ـ هل نسيت شيئا ما؟

لكنني لم ألتفت و دخلت باحة المسجد من جديد... لكنني توجهت إلى مكان صلاة الرجال! كانت القاعة قد خلت تقريبا إلا من الإمام و بعض المصلين المتأخرين. وقفت مترددة أمام الباب فاقترب مني شيخ كان يقوم بجمع المسابح و تنظيم المصاحف في أماكنها، و سألني :
ـ هل تبحثين عن شيء يا ابنتي؟

تورد وجهي في خجل و أنا أهمس :
ـ شكرا لك يا أبتي... كنت أريد الحديث مع إمام المسجد... هل يمكن أن...

ابتسم قبل أن أتم عبارتي و هو يقول :
ـ حسن... انتظري قليلا، سأعلمه بوجودك...

كان الإمام شيخا معروفا بوقاره و عمق درايته العلمية و الفقهية، يقصده أهل المدينة للسؤال عن الفتاوى الإيمانية و الشرعية و مختلف الأحكام الفقهية...
وقفت أنتظر و قد سرت في جسمي قشعريرة... يا إلهي كيف سيكون جوابه؟
و أخيرا رأيته يقترب في خطى وئيدة وقورة و ابتسامة حانية تعلو شفتيه... بعد السلام شرحت له على عجل قصتي مع حسام... كيف تقدم إلي و موقف والدي من مسألة الارتباط... ثم عزوفه عن المكالمات الهاتفية و اللجوء إلى البريد الاكتروني... و شرحت له أيضا حجم التغيير النفسي و الديني الذي صاحب ارتباطنا العاطفي و مساندتنا لبعض البعض في العبادات و الطاعات... و ختمت بقولي :


ـ لكننا نريد أن نرضي الله في كل خطوة... و قد لجأنا إلى البريد الالكتروني و نحن لسنا واثقين بعد إن كان خيرا أم شرا مع أن كلامنا يبقى ضمن الحدود الشرعية...

استمع إلي في اهتمام ثم تنحنح قبل أن يجيبني في ترو :
ـ يا ابنتي... بارك الله فيك و في هذا الشاب لحفاظكما على دينكما في زمن قد تحرر فيه الشباب من قيود الشريعة و صارت كل القيود التي يخشونها هي عيون المجتمع و عينه على هفواتهم في حين يغفلون عن عين الله التي ترقب الحركات و السكنات... و الله إن كلامك قد سرني كثيرا... فالأمة لازالت بخير إن كان فيها شباب مثلكما يتقي الله في نفسه و عرضه... و لكن...

حبست أنفاسي و قد شقت علي كلمة "و لكن" بعد أن كانت السكينة قد عادت إلى قلبي!
أطرق الشيخ للحظات ثم عاد ليستطرد :
ـ و لكن ليس من المفروض أن يكون بينكما قناة اتصال خاصة بكما غير خاضعة لرقابة الولي... لأنها تترك للشيطان مدخلا قد يتسلل منه و يتلاعب بالنوايا...

قاطعته معترضة :
ـ و لكن والدتي على علم بكل ما يقال بيننا!

هز رأسه و هو يقول :
ـ ذلك غير كاف! فوجود مساحة من الحرية هو الخلل الذي قد يؤثر على سير العلاقة... أنا لا أقول يا ابنتي أن تقطعي علاقتك بهذا الشاب تماما، فمن الواضح أن فيه خيرا كثيرا... لكن من الأفضل أن تمر الرسائل ببريد العائلة مثلا... كما يجب أن تكون متباعدة نوعا ما بحيث لا تشغلكما عن الدراسة أو غيرها من الواجبات تجاه النفس و العائلة... فكثرتها تجعل السيطرة على النفس و رغباتها أمرا صعبا، فتتسلل بعض المشاعر ضمن الكلمات دونما أن يستشعر كاتبها تجاوزاته... فإن كنت تريدين أن يبارك الله في هاته العلاقة في كل مراحلها فالأحرى الابتعاد عن الشبهات قدر الإمكان! فلا تكونان ممن خلط عملا صالحا و آخر سيئا...

تنهدت و أنا أقوم شاكرة...
فأردف الشيخ دون أن ينظر إلي :
ـ إن كنت تكبدت عناء السؤال... فالأولى أن تعملي بما علمت... حتى لا يكون حجة عليك يوم القيامة و العياذ بالله! فإن كنت تجدين في نفسك ضعفا و نفورا مما تسألين عنه فالأولى أن لا تسألي!!!

تسارعت دقات قلبي و أنا أغادر القاعة... فقد كان لكلماته الأخيرة وقع غريب...

خرجت لأجد راوية تنتظرني في قلق :
ـ لم تأخرت؟ هل وجدت ما كنت تبحثين عنه؟

هززت رأسي علامة الإيجاب و لم أنبس ببنت كلمة... كنت ساهمة متفكرة في كلام الشيخ... كنت قلقة قبل أن أذهب إليه، و غادرته في قلق أكبر! كنت أنتظر منه أن يطمئنني إلى سلامة تصرفاتنا... فقد صرت متعلقة بمراسلاتنا إلى درجة لا أتخيل معها انقطاعها فجأة تحت أي ظرف من الظروف!
و لكن ما العمل الآن؟! كيف أتصرف؟!
يا إلهي ألهمني الصواب...

نظرت إلى راوية من طرف خفي... كانت هي الأخرى منشغلة عني بحلوياتها التي كانت تمسكها في رفق و اهتمام... و تبادر إلى دهني تساؤل ملحّ... هل يمكن أن...؟؟؟


جميع الأوقات بتوقيت GMT +2. الساعة الآن 02:13 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.