| جعفر العدل |
31-05-2015 01:07 AM |
(النيل وترشيد استهلاك مياهه)
النيل .... شريان الحياة للمصريين ، ومصدر الخير فى كل وقت وحين ، طالما تغنَّى به الشعراء وتبارى فى وصفه الأدباء ، هو ساحر الوجود ، وواهب المصريين الخلود. يلتقى الشعراء على ضفتيه فيبدعون ، ويتجمع حوله الأصدقاء فيخلصون ، وينسلُّ إلى سحره العشاق فيهيمون.
ما أروعه وأبدعه! كانت مصر قبله صحراء جرداء ، ومعه تحولت إلى جنة فيحاء.
لا أدرى! أيجرى النيل بين ربوعنا ، أم هو يسكن في ضلوعنا؟ أيَمُدُّنا فقط بالماء ، أم يمنحنا الحياة والبقاء؟ قدسه المصريون القدماء فى أساطير رائعة كانت تجعل للنيل آلهة.
والماء عنصر ضروري للحياة و بدونه لا يمكن العيش للإنسان أو الحيوان أو النبات وهو نعمة من نعم الله عز وجل خلق منها كل شيء كما جاء في القرآن الكريم :
{وجعلنا من الماء كل شيءٍ حي}
وقد حثنا سبحانه وتعالى على الحفاظ على هذه النعمة وعدم إهدارها لأن في وجود المياه حياة للبشرية و في فقدانها هلاكها جميعا.
إن ترشيد استهلاك المياه من المواضيع الحيوية التي تشغل الرأي العام العالمي ،
ولا ينبغي تجاهلها ، وهي مسؤوليتنا جميعًا للحفاظ على الموارد الطبيعية، وممارسة الأساليب الحضارية في التعامل مع المياه ، وتكييف عاداتنا اليومية مع الحلول التي تقدمها الدراسات العملية في هذا المجال .
والترشيد هو الاستخدام الأمثل للمياه بحيث يؤدي إلى الاستفادة منها بأقل كمية وبأرخص التكاليف المالية الممكنة في جميع مجالات النشاط.
و الدعوة إلى ترشيد الاستهلاك لا يقصد بها الحرمان من استخدام المياه بقدر ما يقصد بها العمل على تربية النفس والتوسط وعدم الإسراف ، حيث جاء في قوله تعالى:
{ وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين }
وقد أصبحت مشكلة المياه تتصدر هموم سكان العالم ؛ لأن أكثر من خمس سكان العالم يعانون من أزمة عدم توفر المياه العذبة والنقية ، و أصبحت مسألة المياه تحظى بأهمية كبيرة إقليمياً وعالمياً حيث أن الصراع القادم في العالم سيكون من أجل السيطرة على مصادر المياه ومنابعها ؛ فالمياه كانت ومازالت مصدر النزاعات والأطماع رغم الاتفاقيات المبرمة دولياً.
ولا بد من أن يعرف أفراد الأسرة بأن الإنسان يمكن أن يعيش لمدة شهر بدون غذاء لكنه لا يمكن أن يعيش أكثر من أسبوع بدون مياه ، ويعتبر المصريون القدماء واضعوا أسس حماية البيئة فى العالم سواء حماية عناصر البيئة الثلاثة وهى الماء والتربة والهواء ، أو حماية المواد الغذائية أو البيئة الداخلية ، وكذا المحافظة على الثروات الطبيعية المتجددة وغير المتجددة .
لقد اهتم المصري القديم بعدم تلويث النيل حتى أنه قد تم ترسيخ عقيدة فرعونية أنه لن يدخل الجنة أي شخص لوث النيل ، لذلك حاول جميع المصريين الحفاظ على ماء النيل من التلوث فهم يعلمون جميعاً أن مياه النيل هى سر حياتهم .
وفى النهاية يجب على الدولة أن تبذل جهوداً مضنية للحد من هذا التلوث عن طريق وسائل الإعلام لتوعية الناس للاستخدام الرشيد لمياه النهر ، وعلينا أن نحافظ على ماء النيل وعدم إهداره وتلويثه ؛ فهو منحة من السماء وهبها الله سبحانه وتعالى للمصريين ، وقد عبر أمير الشعراء أحمد شوقى عن هذا المعنى أصدق تعبير بقوله :
من أي عهد فى القرى تتدفق
ومن السماء نزلت أم فُجِّرت
وبأي كف فى المدائن تغدق
من عُليا الجنان جداول تتَرقرقُ
|
