![]() |
الفتـــــــــــــــوى والإفتـــــــــــــــاء
الفتـــــــــــــــوى والإفتـــــــــــــــاء لغةً: الفتوى هى الجواب عما يُشكل من المسائل الشرعية أو القانونية، والجمع: فتاوٍ وفتاوى ويقال أفتى فى المسألة: أبان الحكم فيها، فالإفتاء هو إبانة الأحكام فى المسائل الشرعية أو القانونية أو غيرها مما يتعلق بسؤال السائل؛ والمفتى: هو من يتصدر للإفتاء والفتوى بين الناس، وهو فقيه تعينه الدولة ليجيب عما تشكل من المسائل الشرعية والجمع مفتون، ودار الفتوى: هى مكان المفتى، والفتيا هى الفتوى فى المسألة المشكلة (1). شرعاً: لا يختلف المعنى الشرعى للفتوى والإفتاء عن هذه المعانى اللغوية، فالفتوى: هى بيان الحكم الشرعى فى مسألة من المسائل مؤيدا بالدليل من القرآن الكريم أو السنة النبوية أو الاجتهاد. وهى ضرورية للناس لأنهم لا يمكن أن يكونوا جميعا علماء بالأحكام، ولو انقطعوا لتحصيل ذلك حتى يبلغوا مرتبة الاجتهاد، لتعطل العمل وتوقفت الحياة فكان من رحمة الله تعالى بالأمة أن جعل منها علماء ومقلِّدين وأوجب على العامة من المقلدين أن يستفتوا العلماء فيما يجهلونه فقال: }فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون{ (الأنبياء7). وأوجب على العلماء أن يفتوهم ويجيبوهم ويبينوا لهم الأحكام فقال صلى الله عليه وسلم : (من سُئِل عن علم فكتمه ألجمه الله يوم القيامة بلجام من نار) (أخرجه أبو داود والترمذى وابن ماجه) (2) ويجب على العامى أن يتوجه بالسؤال إلى من يثق بعلمه وعدالته فإذا جهل حاله كفاه أن يراه مشهورا بين الناس بذلك، ومع هذا لا تبرأ ذمته بالعمل بفتواه إلا إذا أطمأن قلبه إليها، فإذا كان يعلم أن الأمر فى الواقع على خلاف الفتوى لم يبرأ من الإثم، وإن كان المفتى أعلم العلماء. وعن مكانة المفتى ومسئوليته يقول الشاطبى، رحمه الله (ت-790 هـ ): "المفتى قائم فى الأمة مقام النبى صلى الله عليه وسلم" والدليل على ذلك أمور: أحدها: النقل الشرعى فى الحديث: (إن العلماء ورثة الأنبياء وإن الأنبياء، لم يورثوا دينارا ولا درهما وإنما ورثوا العلم) أخرجه أبو داود والترمذى وابن ماجه)(3) الثانى: أنه نائب عنه فى تبليغ الأحكام، بقوله صلى الله عليه وسلم : (ألا ليبلغ الشاهد منكم الغائب) (4). وقوله: (بلغوا عنى ولو آية) (5). الثالث: أن المفتى شارع من وجه، لأن ما يبلغه من الشريعة إما منقول من صاحبها وإما مستنبط من المنقول: فالأول: يكون فيه مبلغاً، والثانى: يكون فيه قائما مقامه فى إنشاء الأحكام، وإنشاء الأحكام إنما هو للشارع.. وعلى الجملة، فالمفتى مخبر عن الله كالنبى صلى الله عليه وسلموموقع للشريعة على أفعال المكلفين بحسب نظره كالنبى صلى الله عليه وسلم ونافذ أمره فى الأمة بمنشور الخلافة كالنبى صلى الله عليه وسلم ولذلك سُموا أولى الأمر، وقرنت طاعتهم بطاعة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم فى قوله تعالى:} يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولى الأمر منكم { (النساء59) والأدلة على هذا المعنى كثيرة. (6) وتحصل الفتوى من المفتى من جهة القول كأن يسأل فيجيب، ومن جهة الفعل كأن يفعل ويقتدى به، ومن جهة الإقرار كأن يرى عملا من شخص فيقره عليه، ولا تصح الفتيا إذا خالفت مقتضى العلم سواء كانت قولا أم فعلاً أم تقريراً. والمفتى البالغ ذروة الدرجة هو الذى يحمل الناس على المعهود الوسط فيما يليق بالجمهور فلا يذهب بهم مذهب الشدة ولا يميل بهم إلى طرف الانحلال. (7) صفات المفتى: ينبغى أن يتصف المفتى بخمس صفات نقلها ابن القيم عن الإمام أحمد فقال: "لا ينبغى للرجل أن ينصب نفسه للفتيا حتى يكون فيه خمس خصال: أولها أن تكون له نية فإن لم تكن له نية لم يكن عليه نور ولا على كلامه نور، والثانية: أن يكون له علم وحلم ووقار وسكينة، الثالثة: أن يكون قويا على ما هو فيه وعلى معرفته، الرابعة: الكفاية وإلا مضغه الناس، الخامسة: معرفة الناس " (8) فإن هذه الخمسة هى دعائم الفتوى وأى شىء انقضى منها ظهر الخلل فى المفتى بحسبه. واجبات المفتى: يجب على المفتى أمور منها ما أشار إليه ابن القيم فى كتابه "إعلام الموقعين" قال: "ليس للمفتى الفتوى فى حال غضب شديد، أو جوع مفرط، أو هم مقلق، أو خوف مزعج، أو نعاس غالب، أو شغل مسئول عليه، أو حال مدافعة الأخبثين، بل متى أحس من نفسه شيئا من ذلك يخرجه عن حال اعتداله، وكمال تثبته وتبينه أمسك عن الفتوى. (9) ومنها أن يتحرى الحكم بما يرضى ربه، ويجعل نصب عينيه قوله سبحانه: } وأن احكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم واحذرهم أن يفتنوك عن بعض ما أنزل الله إليك{ (المائدة 49) فلا يصح له أن يعتمد فى فتواه على مجرد وجود الحكم بين أقوال الفقهاء، بل يجب عليه أن يتحرى ما هو أرجح منها تبعا لقوة الدليل. (10) ويجوز لمن لم يبلغ درجة الاجتهاد أن يفتى بما حفظه من مذاهب الفقهاء المعروفين إذا فهم أصولهم وأحسن التصرف فى تطبيقها، وتتفق الفتوى مع القضاء فى أنه لابد لكل من القاضى والمفتى من أمرين أولهما: فقه الحادثة التى يريد الإفتاء أو القضاء بها. ثانيهما: فقه الحكم الشرعى لهذه الحادثة. ويفترقان فى أمور: ا- أن الإفتاء أوسع مجالا من القضاء، فيصح الإفتاء من الحر والعبد والرجل والمرأة والبعيد والقريب والأجنبى والصديق، بخلاف القضاء ففيه خلاف فى: 2- أن القضاء ملزم للخصوم، ونافذ فيهم بخلاف الإفتاء. 3- أن القضاء بما يخالف فتوى المفتى نافذ ولا يعد نقضا لقضاء سابق بخلاف القضاء بما يخالف قضاء سابقا فلا ينفذ. 4- المفتى لا يقضى إلا إذا ولى القضاء، ولكن القاضى يفتى بل ويجب عليه الإفتاء إذا تعين له. أ. د/ محمد نبيل غنايم المراجع 1- المعجم الوسيط- مجمع اللغة العربية 2/ 673 2- سنن أبى داود حديث 3658، سنن الترمذى حديث 2651، سنن ابن ماجه حديث 261. 3- سنن الترمذى ح/ 2683، سنن ابى داود ح/ 3641، سنن ابن ماجه ح/ 223. 4- جزء من خطبة الوداع: متفق عليه. 5- رواه البخارى: 6/ 361. 6- الموافقات للشاطبى 4/162- 163. 7- السابق 4/ 163- 174. 8- إعلام الموقعين- لابن القيم 4/ 199. 9- السابق 4/ 227. 10- انظر: أصول التشريع الإسلامى- على حسب الله - ص 112. |
|
المقصود بـجملة " اختلاف الفتوى باختلاف الزمان والمكان " السؤال: هل هناك ما يعرف بـ " اختلاف الفتوى باختلاف الزمان والمكان " , فهل هناك ما يثبت ذلك من الكتاب والسنَّة النبوية ؟ . أفيدونا ، أفادكم الله , وجزاكم الله خيراً . الجواب : الحمد لله مسألة " اختلاف – أو تغيُّر - الفتوى باختلاف الزمان والمكان " : لنا معها وقفات : قال الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله : وحكم الله ورسوله لا يختلف في ذاته باختلاف الأزمان ، وتطور الأحوال ، وتجدد الحوادث ؛ فإنه ما من قضية ، كائنة ما كانت ، إلا وحكمها في كتاب الله تعالى ، وسنَّة رسوله صلى الله عليه وسلم ، نصّاً أو ظاهراً أو استنباطاً أو غير ذلك ، علِم ذلك مَن علمهُ ، وجهله من جهله ، وليس معنى ما ذكره العلماء من " تغير الفتوى بتغير الأحوال " : ما ظنه من قَلَّ نصيبهم - أو عُدم - من معرفة مدارك الأحكام وعِلَلها ، حيث ظنوا أن معنى ذلك بحسب ما يلائم إراداتهم الشهوانية البهيمية ، وأغراضهم الدنيوية ، وتصوراتهم الخاطئة الوبية ، ولهذا تجدهم يحامون عليها ، ويجعلون النصوص تابعة لها ، منقادة إليها ، مهما أمكنهم ، فيحرفون لذلك الكلِم عن مواضعه ، وحينئذ معنى " تغير الفتوى بتغير الأحوال والأزمان " : مراد العلماء منه : ما كان مستصْحَبة فيه الأصول الشرعية ، والعلل المرعية ، والمصالح التي جنسها مراد لله تعالى ، ورسوله صلى الله عليه وسلم . " فتاوى الشيخ محمد بن إبراهيم " ( 12 / 288 ، 289 ) . قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله - : وكنا نتأول كلام هؤلاء على أن مرادهم أن " الإجماع " يدل على نص ناسخ ، فوجدنا من ذُكر عنهم : أنهم يجعلون الإجماع نفسه ناسخاً ! فإن كانوا أرادوا ذلك : فهذا قول يجوِّز تبديل المسلمين دينَهم بعد نبيِّهم ، كما تقول النصارى مِن : أن المسيح سوَّغ لعلمائهم أن يحرِّموا ما رأوا تحريمه مصلحة ، ويحلوا ما رأوا تحليله مصلحة ، وليس هذا دين المسلمين ، ولا كان الصحابة يسوِّغون ذلك لأنفسهم ، ومَن اعتقد في الصحابة أنهم كانوا يستحلون ذلك : فإنه يستتاب ، كما يستتاب أمثاله ، ولكن يجوز أن يجتهد الحاكم ، والمفتي ، فيصيب ، فيكون له أجران ، ويخطئ ، فيكون له أجر واحد . " مجموع الفتاوى " ( 33 / 94 ) . وهذا من أعظم خصائص الشريعة وأحكامها القطعية . قال الإمام الشاطبي رحمه الله في بيان ميزات أحكام التشريع القطعية - : الثبوت من غير زوال ، فلذلك لا تجد فيها بعد كمالها نسخاً ، ولا تخصيصاً لعمومها ، ولا تقييداً لإطلاقها ، ولا رفعاً لحكم من أحكامها ، لا بحسب عموم المكلفين ، ولا بحسب خصوص بعضهم ، ولا بحسب زمان دون زمان ، ولا حال دون حال ، بل ما أثبت سبباً : فهو سبب أبداً لا يرتفع ، وما كان شرطاً : فهو أبداً شرط ، وما كان واجباً : فهو واجب أبداً ، أو مندوباً : فمندوب ، وهكذا جميع الأحكام ، فلا زوال لها ، ولا تبدل ، ولو فُرض بقاء التكليف إلى غير نهاية : لكانت أحكامها كذلك . " الموافقات " ( 1 / 109 ، 110 ) . أ. التغير في الفتوى ، لا في الحكم الشرعي الثابت بدليله . ب. التغير سببه اختلاف الزمان ، والمكان ، والعادات ، من بلد لآخر . وقد جمعهما الإمام ابن القيم رحمه الله في قوله : " فصل ، في تغير الفتوى ، واختلافها ، بحسب تغير الأزمنة ، والأمكنة ، والأحوال ، والنيات ، والعوائد " ، والعوائد : جمع عادة ، وهو فصل نفيس ، ذكر فيه – رحمه الله – أمثلة كثيرة ، فلتنظر في " إعلام الموقعين " ( 3 / 3 فما بعدها ) . ونضرب على ذلك أمثلة ، منها : فالحكم الشرعي ثابت ولا شك ، وهو وجوب زكاة الفطر ، وثابت من حيث المقدار ، ويبقى الاختلاف والتغير في نوع الطعام المُخرَج . والأمثلة كثيرة جدّاً ، في الطلاق ، والنكاح ، والأيمان ، وغيرها من أبواب الشرع . وانظر مثالاً صالحاً لهذا في جوابنا على السؤال رقم ( 125853 ) . قال القرافي رحمه الله : فمهما تجدد في العُرف : اعتبره ، ومهما سقط : أسقطه ، ولا تجمد على المسطور في الكتب طول عمرك ، بل إذا جاءك رجل من غير أهل إقليمك يستفتيك : لا تُجْرِه على عرف بلدك ، واسأله عن عرف بلده ، وأَجْرِه عليه ، وأفته به دون عرف بلدك ، ودون المقرر في كتبك ، فهذا هو الحق الواضح . والجمود على المنقولات أبداً : ضلال في الدِّين ، وجهل بمقاصد علماء المسلمين ، والسلف الماضين ، وعلى هذه القاعدة تتخرج أيمان الطلاق ، والعتاق ، وجميع الصرائح والكنايات ، فقد يصير الصريح كناية فيفتقر إلى النية ، وقد تصير الكناية صريحا فتستغني عن النية . " الفروق " ( 1 / 321 ) . وقد أثنى ابن القيم رحمه الله على هذا الفقه الدقيق فقال – بعد أن نقل ما سبق - : وهذا محض الفقه ، ومَن أفتى الناس بمجرد المنقول في الكتب على اختلاف عُرفهم ، وعوائدهم ، وأزمنتهم ، وأحوالهم ، وقرائن أحوالهم : فقد ضلَّ ، وأضل ، وكانت جنايته على الدِّين أعظم من جناية مَن طبَّب الناس كلهم على اختلاف بلادهم ، وعوائدهم ، وأزمنتهم ، وطبائعهم ، بما في كتابٍ من كتب الطب على أبدانهم ، بل هذا الطبيب الجاهل ، وهذا المفتي الجاهل : أضر ما يكونان على أديان الناس ، وأبدانهم ، والله المستعان . " إعلام الموقعين " ( 3 / 78 ) . ولينظر جواب السؤال رقم : ( 39286 ) . والله أعلم |
2. اتخذ بعض أهل الأهواء من تلك الجملة مطية لهم للعبث بالأحكام الشرعية الثابتة بنصوص الوحي المطهَّر ، ولتمييع الدين من خلال تطبيقها على أحكام قد أجمع أهل العلم على حكمها منذ الصدر الأول ، ولا يسلم لهم الاستدلال بها ، فهي لا تخدم أغراضهم ، وإنما نص الجملة في " الفتوى " ، لا في " الأحكام الشرعية " ، وبينهما فرق كبير ، فالأول في مسائل الاجتهاد ، وما كان بحسب الواقع ، فاختلاف الواقع والزمان له تأثير في الفتوى باحتمال تغيرها . 3. القول بتغير الأحكام الشرعية الثابتة بالوحي يعني تجويز تحريف الدِّين ، وتبديل أحكامه ، والقول بذلك يعني تجويز النسخ بعد كمال التشريع ، ووفاة النبي صلى الله عليه وسلم ، وليُعلم أن الإجماع نفسه لا يمكن أن ينسخ حكماً ثابتاً في الشرع إلا أن يكون مستنده النص ، فإن لم يكن كذلك – وهو غير واقع في حقيقة الأمر - : كان القول به تجويزا لتبديل الشريعة . 4. ضابط فهم هذه العبارة في أمرين : 1. اللُّقَطة ، فإنها تختلف من بلد لآخر ، ومن زمان لآخر ، في تحديد قيمة ما يجوز التقاطه ، وتملكه من غير تعريف ، فيختلف الأمر في البلد نفسه ، فالمدينة غير القرية ، ويختلف باختلاف البلدان ، والأزمنة . 2. زكاة الفطر ، ومن المعلوم أن النبي صلى الله عليه وسلم قد شرعها طعاماً ، بمقدار صاع ، وقد نص الحديث على " الشعير " ، و " التمر " ، و " الإقط " ، وهي الآن ليست أطعمة في كثير من البلدان ، فالشعير صار طعاماً للبهائم ، والتمر صار من الكماليات ، والإقط لا يكاد يأكله إلا القليل ، وعليه : فيفتي العلماء في كل بلد بحسب طعامهم الدارج عندهم ، فبعضهم يفتي بإخراج الأرز ، وآخر يفتي بإخراجها ذرة ، وهكذا . 1. يجب أن يُعلم أن الأحكام الشرعية المبنية على الكتاب والسنَّة : غير قابلة للتغيير ، مهما اختلف الزمان ، والمكان ، فتحريم الخمر ، والزنا ، والربا ، وعقوق الوالدين ، وما يشبه ذلك من الأحكام : لن يكون حلالاً في زمان ، أو في مكان ؛ لثبوت تلك الأحكام الشرعية بنصوص الوحي ، ولاكتمال التشريع بها . |
بسم الله الحمد لله.اختلاف الفتوى يكون ممن هو أهل للفتوى وهم الفقهاء المجتهدون على اختلاف طبقاتهم ومراتبهم ومداركهم والمجتهدون أقسام : الأول:المجتهد المستقل:وهو من يؤصل أصولا ويقعد قواعدا يخرج على أساسها الفروع التي تردعليه ,هذا من جهة ومن جهة أخرى يعتمد أصولا لفهم النصوص من الكتاب والسنة وهذا النوع من المجتهدين قد انتهى بانقراض عصر المذاهب الأربعة لأنهم استقرؤوا جميع الأصول التي يمكن على أساسها ان يفتي المفتي وعلى رأس هؤلاء العظماء والأئمة الأعلام الفيلسوف الرباني وامام فقهاء المحدثين الإمام أبي عبد الله محمد بن ادريس الشافعي عليه سحائب الرحمة والرضوان ,فقد كان مجتهدا مستقلا مطلقا ,ومثله مالك رحمه الله وابو حنيفة واحمد وسفيان الثوري والاوزاعي ومن في عصرهم رضي الله عنهم الثاني:المجتهد المطلق :وهو من احاط علما بأصول الأئمة وابتكر اصولا مرجعها الى الأئمة السابقين الا أنه واءم ووافق بينها وأصبح يخرج فروعا على اصول الأئمة المستقلين وهو في ذلك كله ند لهم وقرين ويأتي بخلاف معتبر ولو خالفهم فيه جميعهم ومن هؤلاء الإمام السيوطي وشيخ الاسلام ابن تيمية رحمهم الله تعالى , الثالث:المجتهد المقيد وهم نوعان : 1-مجتهد قيد نفسه بمذهب من المذاهب,يرجح على اساسه. 2-مجتهد مرجح على اساس المذاهب ووظيفته تكمن في المقارنة بين الأقوال واختيار اقوى هذه الأقوال ولا يمكنه ان يخرج عنها . ومن عدا هؤلاء فهم العامة وهم اهل التقليد ,الذين لاتحل لهم الفتوى . فهؤلاء المجتهدون المفتون يبذلون قصارى جهدهم لتحصيل ظن بحكم ,لاتحصيل قطع ,لإن تحصيل القطع سهل حيث هو المحجة البيضاء التي ليلها كنهارها لايزيغ عنها إلا هالك. والعلم والفقه رزق قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (مثل الذي يتعلم العلم ولا يحدث به كمثل الذي يكنز الكنز ولا ينفق منه)حديث حسن,وقال عليه الصلاة والسلام(من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين)يعني يفهمه مقاصد الدين ,ويعلمه اصوله وقواعده ,فإذاسلمنا بذلك فالناس متفاوتون في ارزاقهم فلا بد ان يتفاوتوا في علمهم وفقههم ومقدار تحصيلهم فلا بد بعد ذلك ان تختلف آراؤهم وفتاواهم ,فهذا دليل عقلي على اختلاف الفقهاء في الفروع الاجتهادية وفي فهمهم للنصوص ,ولكن ماهي الأسباب التفصيلية لختلاف الفقهاء؟ نبين هذه الأسباب فنقول: 1-اختلافهم في ثبوت الحديث ,هل هو صحيح أم ضعيف هل هو مقبول او مردود. فمن أثبت الحديث عمل بما يدل عليه ومن ضعفه لم يعمل بموجبه مثال ذلك :قضية المرأة اذا تزوجت رجلا ومات قبل ان يدخل بها ولم يفرض لها مهرا ماذا لها ؟قال الشافعي لها الميراث وليس عليها عدة ولا مهر لها ,قياسا على المطلقة قبل الدخول التي لم يفرض لها مهرا لقوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن من قبل ان تمسوهن فمالكم عليهن من عدة تعتدونها فمتعوهن وسرحوهن سراحا جميلا)وقال احمد :عليها العدة ولها مهر مثيلاتها ولها الميراث لحديث بروع بنت واشق حيث قال فيها رسول الله صلى الله عليه سلم لها الميراث وعليها العدة ولها مهر مثيلاتها ,وهي امرأة توفي عنها زوجها قبل ان يدخل بها ولم يفرض لها صداقا. قال الشافعي رحمه الله :لو صح حديث بروع بنت واشق قلت به.اي افتيت به ,ولكنه لم يصح عنده ,والحق ان الحديث صحيح واطبق المحدثون على تصحيحه ,بل قال بعضهم :لو كنت في مجلس الشافعي لقلت له :قد صح حديث بروع فقل به .(بفتح الباء واسكان الراء وفتح الواو). والأمثلة كثيرة ,ويكفينا مثال واحد لكل سبب. 2-ان الحديث لم يبلغ المجتهد اصلا وبلغ غيره . مثال ذلك:افتى مالك رحمه الله :بأن صيام الست من شوال بدعة ,وان افراد الجمعة بالصيام مستحب ,ودليل مالك :ولم اراحدا من اهل العلم ببلدنا اي المدينة النبوية يصومها وكانوا يستحبون افراد الجمعة بالصيام ,ولم يبلغ مالكا رحمه الله حديث عمر بن ثابت -وهو من شيوخ مالك-بسنده عن ابي ايوب الانصاري عن النبي صلى الله عليه وسلم (من صام رمضان واتبعه ستا من شوال كان كصيام الدهر) وحديث (لاتصوموا يوم الجمعة الا أن تصوموا يوما قبله أو يوما بعده). <b> 3-اختلافهم في فهم الحديث لكونه محتمل الفهم . مثل حديث (لانكاح الا بولي) هل المراد لانكاح صحيح الا بولي ,ام لانكاح افضل الا بولي فقال بالأول الجمهور ,وقال بالثاني الحنفية والاوزاعي وطائفة</b> <b>وكلاهما محتمل .وكقوله تعالى (فامسحوا برؤسكم وارجلكم)هل المراد مسح جميع الرأس وجوبا أم مسح بعض الرأس ,محتمل .</b> ومثل حديث (لايصلي الرجل في الثوب الواحد ليس على عاتقه منه شئ )هل لو صلى وهو كاشف عن منكبيه صلاته صحيحة على قول عامة اهل العلم أم باطلة على رواية احمد .محتمل . 4-اختلافهم في تطبيق القواعد على النصوص. مثال ذلك :لولم يقرأ المصلي الفاتحة في الصلاة وانما قرأ آيات من القرآن غير الفاتحة فهل تصح صلاته ؟ سلك الجمهور مسلك الحمل ,وسلك الحنفية مسلك الترجيح . فقوله عليه السلام (لاصلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب)مخصص لعموم (فاقرؤوا ما تيسر من القرآن ) والحنفية يقولون .لا.قوله تعالى (فاقرؤوا ما تيسر من القرآن )هذه آيةقرآنية متواترة ,والحديث آحاد ,والآية قطعية والحديث ظني فنقدم القطعي على الظني ونحن لانرد الحديث وإنما نفهمه على ضوء الآية فيكون المراد (لاصلاة كاملة الأجر لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب). بدليل قوله عليه السلام (صلاة لايقرأ فيها بأم الكتاب فهي خداج خداج)والخداج الناقص غير التام ,والنقصان لايدل علىالبطلان بل على الصحة . ومن ذلك :اذا كان على المرأة قضاء من رمضان وتريد صوم الست من شوال فقال الحنابلة ,لايجوز اولا تبدأ بالقضاء ثم بالست لأنه نفل,والواجب مقدم على المستحب,وقال الجمهور :بل يجوز لأن الست مضيق والقضاء موسع والمضيق مقدم على الموسع ,واما الواجب مقدم على النفل فمحل القاعدة عند حصول التزاحم ولا تزاحم هنا. 4-اختلافهم في فهم العلة من النص . مثال ذلك :ان رسول الله صلى الله عليه وسلم ارسل نفرا من اصحابه الى بني قريظة فقال لهم:من كان سامعا مطيعا فلا يصلين العصر إلا في بني قريظة. فلما جاء وقت صلاة العصر اختلفوا فرقتين : فرقة قالت :لن نصلي العصر الا في بني قريظة ولو غربت الشمس لظاهر امر رسول الله . وفرقة قالت:قد علمنا ان العصر لابد ان يصلى في وقته ,والرسول قال ذلك من اجل ان نسرع للتحضيض ولي على ظاهر الأمر . فالفرقة الاولى صلت بعد الغروب في بني قريظة والفرقة الثاني صلت العصر في وقتها ,فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فأقرهم على اجتهادهم ولم يعنف احد من الطائفتين . ومن ذلك حديث (غيروا هذا الشيب وجنبوه السواد) ففهم بعضهم ظاهر الحديث فقال بتحريم صبغ الشعر بالسواد ,وذهب اكثر العلماء الى جواز الصبغ بالسواد لأن العلة من الحديث ان الصبغ لم يكن لائقا بوالد ابي بكر الصديق حيث كان هو المخاطب في هذا الحديث وبأمن التدليس . وحديث (ما اسفل الكعبين من الازار ففي النار)اخذ بعضهم على ظاهره ولم يتبين العلة زذهب اكثر الفقهاء الى ان الحديث في من اسبل خيلاء ,لحديث انا ابا بكر كان معه ازار يجره فكان يتعاهده فقال له رسول الله (يا ابابكر إنك لست ممن يفعله خيلاء),وقد كانت الشهرة فيما مضى في اسبال الثياب والشهرة الآن في تشميرها .وهذا امثلته لاتحصى كثرة. 5-اختلاف الأعراف والبلدان يؤدي الى اختلاف الفتوى . فإن جرى عرف اهل بلد بأن نساء البلد يخدمن ولا يخدمن أفتي بذلك ,وإن كان العكس افتي بذلك ,مالم يخالف نصا . والبلاد التي يكون فيها بين العشاء والفجر ثلاث ساعات يجوز لأهلها الجمع بين المغرب والعشاء في وقت المغرب جمعا في الحضر بخلاف البلاد المعتدلة وعلماء الحنفية يقولون ان كانت المرأة تعيش في بلاد باردة كرهنا لها الختان وان كانت تعيش في بيئة حارة استحب لها الختان -والحكمة واضحة لمن تأمل-. 6-اختلاف حال المستفتي . فإن كان المستفتي جاهلا بالحكم وسأل بعد حصول الواقعة عومل بالتخفيف إن قبلنا منه دعوى الجهل ,وإن كان مكرها كذلك,او كان فقيرا وقال لااقدر في العقيقة الا على شاة واحدة للذكر قبلنا منه ,وان كان غنيا لم نقبل الا شاتين ,وقد راعى النبي صلى الله عليه وآله وسلم احوال من يستفتيه فيأتيه رجل فيقول :اوصني؟فيقول .لاتغضب.ويأتيه آخر فيقول:اوصني ,فيقول :اوصيك الاتكون لعانا .وهكذا ,ويأتيه شاب فيقول :هل اقبل وانا صائم ؟فيقول :لا. فيأتيه شيخ -شيبه-فيقول :هل اقبل وانا صائم ؟فيقول نعم .فقيل له في ذلك :فقال :الشيخ يملك نفسه .حديث صحيح. 7-ويوجد في الفتوى عوامل للتخفيف وعوامل للتشديد وهي لاتخرج عن اقوال الفقهاء ومن هذه العوامل: (النوم,النسيان,الجهل,الاكراه,عموم البلوى,السفر,المرض,التأويل ,الضرورة,الحاجة,تزاحم المفاسد)فهذه العوامل تجعل الفقيه يعدل عن القول الراجح الى القول المرجوح فيكون الراجح مرجوحا والمرجوح راجحا في خصوص الظروف الموضوعية المحيطة بالمسألة ,اوالنازلة او الواقعة . فاعتبار موارد التخفيف من الفقهاء وعدم اعتبارها من فقهاء آخرين يولد اختلافا في الفتوى . 8-ضعف المفتي في علم من العلوم المتعلقة بالواقعة يؤثر. مثال ذلك:هل يعتبر الحساب الفلكي ام لايعتبر في ثبوت الهلال ,فمن درس علم الفلك من الفقهاء تجده يفتي بفتوى تخالف الفقيه الذي لايمتلك تصورا كاملا عن علم الفلك في عصرنا -مثلا-فتجده يقول كما ان اوقات الصلوات مختلفة في الارض فكذلك الأهلة مختلفة !!!وهذا يدل على جهل المتكلم بعلم الفلك والمنازل,او يكون ضعيفا في الحديث ,او في الأصول ,او في علم اللغة ,او في التفسير ,او في المقاصد ,وقد سمعت احدهم سئل عن حلق اللحية هل هو حرام فأفتى بأن حلق اللحية من الكبائر !!!!!!!!!! وهذه فتوى باطلة سببها جهل المفتي بمقاصد الشرعية وبدلالات النصوص وبخلاف العلماء ففي المعتمد من مذهب الشافعي جواز حلقها ,ولو قال بأنه يحرم حلقها لكفى ,اما ان يجعل حلق اللحية في خانة القتل والسحر والزنا وقذف المحصنات فهذا سفه في العقل . 9-الاقتصار على مذهب واحد وتقديم المذهب في صورة ان هذا هو الاسلام اي رسالة المذهب فقط,والصحيح ان علينا مراعاة جميع المذاهب وانها كله قراءات للنصوص,من ذلك : نجد ان بعض الناس ينكر على من يكتفي بحلق او تقصي ثلاث شعرات في التحلل من الحج والعمرة بل يبالغ فيقول لايجوز وانت لازلت محرما ,ويرجح مذهب احمد على مذهب الشافعي في هذه المسألة والصحيح قول الشافعي لأن المحرم لو قص ثلاث شعرات لو جبت الفدية عليه بإجماع العلماء-اثناء الإحرام- فيحصل التحلل بما تجب فيه الفدية لقوله تعالى (ولا تحلقوا رؤسكم حتى يبلغ الهدي محله) يعني ولو بعض شعر رؤسكم ,وقال (محلقين رؤسكم ومقصرين)يعني بعضها ,ولانزاع في الأفضلية اي في تعميم الشعر بالحلق او التقصير . 10-ومن اسباب الاختلاف في الفتوى اختلاف مجتمعات المفتين,فلا شك ان البيئة تؤثر في الإنسان فالفقيه الذي يعيش في بيئة فيها ظل وأشجار وأنهار يختلف عن الفقيه الذي يعيش في الصحاري والقفار ,ومن يعيش في الحواضر سيختلف عن من يعيش في البوادي ,ولما قدم بعض الصحابة من العراق توضوؤا من اكل اللحم فقال بعض اهل المدينة من الصحابة ,اعراقية ؟يعني هذا الفعل من افعال اهل العراق الذين يبالغون في الطهارة والأحكام .؟ وقد قال عليه السلام (من بدا جفا) ,ومن اراد الاستزادة فعليه بكتاب(اعلام الموقعين عن رب العالمين)لابن القيم ,وكتاب(رفع الملام عن الأئمة الأعلام)لابن تيمية,وكتاب(المفتي والمستفتي)لابن الصلاح الشهرزوري,ومقدمة المجموع للنووي. كيف يأخذ المكلف دينه عن المجتهد؟ 1-يجب على المكلف المقلد ان يبحث ويجتهد ليتعرف على الفقيه الجامع للشرائط الذي تبرأ الذمة بتقليده فيبحث عن الأعلم الأورع فإن ظفر به قلده ويلتزم بما يفتي به في الفروع الفقهية التي تعرض له 2-ولايجوز ان يعيش المكلف في حال الفوضى يسأل كل احد ويقلد كل من طالت لحيته وكل من هو امام مسجد وهو لم يستبن علمه وورعه وبلوغه منزلةالاجتهاد فهذه هي الفوضى بعينها . تجده يسأل ماحكم الايجار المنتهي بالتمليك فيسأل عشرين شيخا وهذاا لاينبغي بل هذه تجسد حالة من الفوضى الفكرية ,بل ان بعضهم سألني فقلت له :يا فلان :تعرفني ؟قال :لا .فقلت له لايحل لك ان تسألني ,كيف تثق بعلم وورع من لاتعرفه !! وليس بالضرورة المعرفة الشخصية بل يكفي معرفة العالم من خلال بحوثه وشهادة العلماء له واجتهاده في التحصيل وغير ذلك من الوسائل المعيارية. 3-لايجوز للمقلد ان ينكر على المجتهد اي فتوى لأن المقلد علمه ليس علما الا مجازا فلا يكون علمه حجة على مقلد مثله فضلا عن ان يكون علمه حجة على مجتهد ,. 4-لو خالف مجتهد لاتقلده مجتهدا آخر أن تقلده فلا تلتفت لقول احد الا قول من تقلده لأنك تعرفه ولا تعرف المجتهد الآخر ,نعم لو كنت طالب علم شرعي ورأيت ان المجتهد الآخر اقرب الى الدليل من المجتهد الذي تقلده جاز لك العدول . 5-لك ان تناقش اي مجتهد على سبيل العرض والمباحثة لاعلى سبيل التغليط والمماحكة ,لأنك غير ملم بعلوم العربية والأصول والأسانيد والمنطق والبلاغة ومدارك الاجتهاد ومسالك الفقهاء وخلافهم. 6-مهما تضاربت الفتاوى واختلفت الأقوال بين الفقهاء فالمصيب له اجران والمخطئ له اجر ,فنحب الجميع ونحترم الجميع ,فمن قال بأن الموسيقى كلها حرام فإننا نحترمه ومن قال هي على قسمين منها محرمة ومنها جائزة فإننا نحترمه ايضا . 7-لا يوجد فقيه يأتي بحكم لادليل عليه فعليك ان تسأل عن الدليل .إن اردت الاستيضاح . 8-لايلزم ان يكون الدليل آية أوحديث بل قد يكون اجماعا او قياسا او قول صحابي او استقراء او قراءة شاذة ,او استصحابا او استصلاحا او حديث مرسل وغيرها من الأدلة التي تحدث عنها الأصوليون. 9-لايجوز لك التنقل وتتبع الرخص فمن تتبع الرخص فقد تزندق. 10-أن كانت فتوى العالم الذي تقلده تسبب لك حرجا فيجوز لك العدول الى فتوى عالم آخر لاتسبب لك حرجا ولو كنت لاتقلده كمن سأل عالما عن حكم شراء سيارة بالتقسيط فافتاه بالتحريم وهو محتاج لها وعدم شراؤه لها سيسبب عليه حرجا عظيما وهو لايملك كاش فيجوز له ان يعدل الى فتوى من يرى الجواز . 11-الفتوى التي تسمعها في وسائل الإعلام لاتلزمك وإنما تلزم السائل ,الا اذا كانت قضية عامة وليست قضية خاصة ,او قضية خاصة الا انك تأكدت من انطباقها عليك . 12-لابد ان نفرق بين الحكم الفقهي وبين الفتوى فكل فتوى حكم فقهي وليس كل حكم فقهي فتوى ,فكتب الفقه يستعان بها في الفتوى وليست هي كتب فتوى ,فلا بد من التفريق. 13-المفتي يحل مشكلة للمستفتي لا ان يزيد الأمر تعقيدا بسبب الفصل بين المسألة وبين الظروف الموضوعية المحيطة بهذه المسألة . فلا ينبغي للمفتي ان يفصل بين المسألة وبين الظروف الموضوعية وهذا هوالأساس الذي ينبني عليه فقه الأقليات . هذه إضاءات لو عملنا بها لأرحنا واسترحنا وتخلصنا من الفوضى الفكرية التي تعيشها مجتمعاتنا للأسف الشديد ,وهي واضحة بينة قال علي رضي الله عنه (لاتخلو الأرض من قائم لله بحجة)يعني لاتخلو من فقيه تبرأ الذمة بتقليده ويكون حجة لله عليك فالعلماء ورثة الأنبياء .والله الموفق |
فتاوى العلماء ؟؟؟ . . أسلوبها /تمحيصها /الإجتهاد /البدعة .. ((موجز علمي)) السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد .. فهذا موجز في طريقة إفتاء علماء سلفنا الصالح .. ويليه كلمة عن الإجتهاد في الخلاف , ولمحة عن البدعة وأهلها .... أولا – الإفتاء .. إن أربعة مصادر للتشريع , هي التي اعترف عليها شرعنا القيم , لا بد من تتبعها بدقة , قبل اللجوء إلى الإجتهاد بدون دليل وهي : القرآن .. وهو ما نزل في كتاب القرآن الكريم الذي بين لدينا . الحديث (ويشمل تفسير القرآن , والناسخ والمنسوخ منه) القياس (أي تشبيه الحالة بغيرها).. كتشبيه السيارة بالدابة في الأذكار الإجتهاد (أي الحكم على المسألة , بأن ننظر فيها بنظرة المشرع الإسلامي ,التي خبرناها من خلال تعلم آلاف المسائل المعتادة ) وهذا ترتيب حقيقي للصحة , بالأخذ بأول المصادر فالذي يليه فالذي يليه فالذي يليه .. ولا يكاد المرء يجد تشريعا واحدا من هذه الدنيا , إلا وجد له ضبطا في الشريعة , أو مشابها يقاس عليه , أو مشابها في طريقة الإجتهادج يجتهد به .. وهذا عائد إلى أن النفس البشرية واحدة , فمهما أبدعت فإنها لا تبدع أمور ليس مما يفيد البشر في جانب من جوانب الحياة , وهنا تتصنف جميع هذه الفوائد تحت التشريعات التي سبقتها والتي أتت هذه الجديدة لتحل مكانها .. فالبنطال مكان الثوب مثلا والهاتف في حكم الرسائل مثلا والسيراة في حكم الدابة وهكذا كل جدي , لا بد أنه حل مكان قديم يشابهه في الإستخدام والفائدة ثانيا - تمحيص الفتاوى (تدقيقها والتأكد من صوابها) ومن ثم هناك أربعة خطوات هي ما يحق للمسلم ان يجادل فيها العالم , أو يرد الفتوى إليها حين يتشكك في صوابها .. وهذا للفتاوى الواضحة التي تدور حول ما كان موجودا أيام رسول الله صلى الله عليه وسلم , أو ما شابهه أو حل محله من المستجدات ولتوضيح الخطوات نضرب مثالا هذه المسألة .. لنقل أنك سألت عالما .. - كيف يمسح المسلم رأسه في الوضوء ؟؟؟ فيجيبك المفتي : أولا – بالإجابة الواضحة المفهومة للعقل .. (تبل يديك وتبدأ بوضعهما على مؤخرة الرأس , مقبلا إلى الأمام مع ملامسة الشعر ,وتدبر بهما عائدا ملامسا الشعر ) فتقول .. وهل في ذلك أثر .فيجيبك ب .. ثانيا - مصدر هذا القول .. (نعم ,هذا قول الشافعي وبن حنبل .. ) فتقول .. وهل من دليل .. فيجيبك ب : ثالثا - الدليل النقلي على هذا الفعل (( حدّث عبد الله بن زيد في صفة وضوء النبي صلى الله عليه وسلم وفيه " ثم مسح رأسه بيديه ,فأقبل بهما وأدبر ") فتقول .. وما صحة هذا الدليل .. فيجيبك ب رابعا – إسناد الحديث , أو مصدر الآية , وإن كان اجتهادا أو قياسا , فيخبرك بأي شيء قاسه .. (صحيح البخاري , كتاب الوضوء حديث 38) وهناك خطوات بعد هذا لطلاب العلم فقط .. منهاالسؤال : كيف استدل الشافعي وابن حنبل , من هذا الدليل على هذا التشريع.. فيأتيه بما يسمى (أصول الفقه) وهي الوسائل التي شرعها الرسول صلى الله عليه وسلم وكبار الصحابة والأئمة , لاستنباط التشريع من الدليل , وهذه يحتاج إلى علم بأصول الفقه ,وضوابطه. وليس هذا مكان علم العامة من المؤمنين .. إنما فيه كتب ومؤلفات تبينه .. لكن اورد مثالا وهو أن الشافعي يرى بالعموم أن قول رسول الله صلى الله عليه وسلم غير ملزم مالم يتبين أنه سنة واجبة يأثم تاركها بينما يرى الحنبلي أن قول الرسول صلى الله عليه وسلم , ملزم بالعموم , إلا ما تبين أنه سنة لا يأثم تاركها .. وبين هذين القولين , الكثير من الأحكام , لكن هذه الأحكام , لا تخرج عن الدليل الشرعي , فكلا الإمامين قال مستدلا بالدليل , لكن الأول أخذ بصل من أصول الفقه والثاني أخذ بالأصل الآخر .. فلا يخرج كليهما عن المعنى اللغوي الواضح للدليل الشرعي ,وما ترك الله ورسوله صلى الله عليه وسلم هذا التباين في اليسر والعسر ..إلا رحمةً بالمؤمنين .. وتشجيعا على زيادة الإتباع لهم , فمن عنده صعوبة وعذر , يجد التيسر , ومن عنده شدة في الدين ويعيش حياة إيمانية بالعموم .. ومن يحب الإكثار من الإتباع , يجد أيضا مجالا لذلك . |
ثالثا – الإجتهاد في الخلاف .. وأما عندما نجد أقوالا للعلماء مختلفة , فإننا نبدأ بالترجيح العقلي بينها لنرى أنسبها وأفضلها حكمة .. فإذا كنا ضعافا في المفاضلة بين الفتاوى . فإن لدينا عدة حلول .. أشهرها : الأول – أن نلتزم بمذهب واحد ممن شهد لهم عموم الأمة بالصواب , وهم أربعة (الحنبلية والشافعية والمالكية والحنفية) وهو أسهل الحلول .. الثاني – أن نأخذ بفتوى من نثق به من علماء زماننا , ولا ضرر إن اختلف المفتي من مرة إلى أخرى , على أن يكون دائما ثقة عالما مشهودا له بالعلم .. فنستفتي في كل مسألة ونأخذ بالقول ونعمل به .. الثالثة .. اتباع ترجيح سلفنا من العلماء المحققين , كابن تيمية وابن القيم وغيرهم , ممن حققوا ورجحوا وقارنوا بين أقوال العلماء , وقدموا للعامة ترجيحا معللا واضحا .. فأغنوا المسلم عن عناء الإجتهاد في مفاضلة الفتاوى .. رابعا - ننظر في المذاهب الأربعة في أشدها وأيسرها , وننتهج العمل قدر الإستطاعة , فنطبق كل فريضة بقدر ما نستطيع بين اليسر والشدة .. على أن اتخاذ الأشد منها دائما , يرفع من ثواب المسلم , مادام هذا الأشد عليه دليل شرعي يصححه .. بينما اتباع الأيسر دائما من بين المذاهب يصبح اتباعا للرخص وهو ما يسمى (( الزندقة )) في الدين , فلا يجوز أبدا .. لذلك نطبق من الفريضة ما نستطيع , وما لم نستطع , فلا يكلف الله نفسا إلا وسعها , وهذه المذاهب الأربعة , كلها عليها أدلة شرعية .. وكلها منهجها هو نفس نهج أسلافها الكرام .. سواء الميسر منها كطبيعة الحنفية .. أو الشديد كطبيعة الحنبلية .. والإختلاف بينهم هو فقط في طريقة استخدام الدليل , فالحنبلي مثلا يرى قول الرسول صلى الله عليه وسلم في اللحية , ملزما واجبا .. بينما يرى الشافعي أن الملزم من قوله صلى الله عليه وسلم , هو وجود اللحية , أما طولها فعائد إلى المسلم , إما يطيلها بثواب أكبر .. أو يتركها قصيرة بثواب أقل .. إذا كل هذه المذاهب .. مقيدة بالمصدر والدليل الشرعي نفسه فالفتوى التي لا دليل عليها , مردودة لا يؤخذ بها مهما كانت .. لأن باب الإفتاء في ما كان على زمن محمد صلى الله عليه وسلم , باب موصد لا تغيير فيه ولا تعديل .. فمن احسن قولا من رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي لا ينطق عن الهوى ؟؟؟ *** رابعا - البدعة : يسأل سائل .. هل مكبر الصوت في المسجد بدعة ؟؟؟ حيث أنه اجتهاد في الصلاة وباب الإجتهاد في العبادات مغلق .. أقول : إن البدعة ثلاثة . وفي هذا النوع مذكور في قوله صلى الله عليه وسلم : ((من سن سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة ,ومن سن سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة )) فهي سننه عليه الصلاة والسالم بالمقام الأول سنها المسلم بتنبيه الناس إليها وإقامتها والعمل بها .. وإحداث ما فيه الخير للمؤمنين . بالمقام الثاني .. كتكييف المساجد .. على أن لا يغير ذلك من العبادة لا ظاهرا ولا مضمونا في شيء .. وكل هذا موقوف على فتوى علماء الأمة الأكفاء..أي متوقف عنه ولا يؤخذ به ولا يعمل به , إلا بعد استفتاء أهل العلم ومثاله قيادة المرأة للسيارة , فإن أصله الإباحة , إلا إذا ترتب عليه مفسدة أكبر من نفعه .. فإنه يحرم إلى حين زوال المفسدة .. وفي الشرع قواعد فقهية أساسية للإجتهاد .. منها (درء المفسدة مقدم على جلب المصلحة ) أي أن لو امرأة كانت قيادتها للسيارة فيها مفسدة عليها وعلى أهلها أو على المجتمع .. فإنه يحرم عليها ذلك .. لأن مصلحة قيادة السيارة هامة .. لكن درء مفسدة ملاحقة الشباب الفاسد لها وطمعهم فيها أهم .. وهذا موضع اجتهاد العلماء في المفاضلة بين المصلحة والمفسدة .. ويظهر للقارئ الكريم , أن هذا الدين الذي أقل ما فيه أن الله تعالى وصفه بالكامل .. قد انتهى إلى تحليل كثير من أمور الحياة .. وفتح باب المباحات على مصراعيه وبشكل كبير .. بينما حرم القليل من الأفعال (الخبيثة) ,وأوجب القليل من الأفعال (الزكية) ومن ذلك أن الله تعالى , قد وافق بين الفطرة النقية , والشرائع الزكية .. فلا تجد حكما أو شريعة لله تعالى , إلا ووافقت عندك الفطرة والطبيعة والأخلاق الحميدة .. فلا تجد أمرا بفاحشة أو منكر في شرعنا .. ولا تجد نهيا عن عمل زكي طيب .. فسبحان مسبب الأسباب .. ومشرع الشرائع .. ومع ذلك .. فلا تجد هذه الشريعة القيمة , تسلم من انتقاد المجتمعات الفاقدة للمبادئ .. من مسلمين وكتابيين وكفار .. كل المجتمع ترك دنياه واهتم فقط بوسائل تحريف العقيدة الإسلامية الأصلية .. مؤكدا أن هذه الشريعة باتت بالية ولا بد من تعديلها .. وتلمس هذا في كلماتهم التي تدمي القلب , من جدال بآيات الله وتفسيرها على هواهم ورفض صحة الأحاديث الصحيحة (بإجماع أعلام الأمة) , وانتقاد العلماء وطلبة العلم والدعاة في كل مناسبة .. بينما إذا ما دققت في حديثهم قولا وكتابة .. فلا تجد إسم الله تعالى يمر فيه إلا قليلا .. وهذا والعياذ بالله تعالى من صفات المنافقين كما في صريح التنزيل لقوله تعالى (( ولا يذكرون الله إلا قليلا )) ويبقى هاجس طوائف كثيرة في هذا الدين , أن تغير وتبدل لتتميز عن غيرها .. وهذا لعمري أمر طبيعي .. فإن من اتبع رسول الله في كل صحيح عنه , فأتمر بما أمر واجتنب ما نهى عنه .. ليجدن في هذا الدين التكامل الحقيقي ,وليعلمن الحكمة البالغة عند الله تعالى , في تشريعاته .. فلا يجادل و يلقى رضا زرعه الله تعالى في قلبه عن هذه الشريعة.. مع أنه أحق من غيره بالجدال , لما قدمه من اتباع وقرابين لله تعالى .. فتجد من ينتقد صلاة الجماعة مثلا .. هو آخر المحتاجين لتغيير هذه الفريضة (( حيث أنه امتنع عنها مسبقا , ولم ينتظر نقدها )) ولا تجد محجبة مثلا , تنتقد الحجاب .. وتقول انا لا يعجبني لكني أجيب الله في فريضته فأتحجب .. ما سمعت عن هذا قط تجد دائما من يحارب فريضة من فرائض الإسلام , قد تركها مسبقا , ولا حاجة له بتغيير الشريعة .. لأنها لا تؤثر عليه بالأصل .. فسبحان الله , كيف ينزغ الشيطان بين المؤمنين , ويخرب عليهم حياتهم الدنيا ويسئ لآخرتهم .. ويؤزهم على قول الزور ودفع الأمة للوراء .. __________________ 1- إحداث في العبادات (وهو محرم): و هو التعديل في أصل العبادات , بغير ما كانت عند وفاة محمد صلى الله عليه وسلم ... كالتهليل الجماعي بعد الصلاة , فهذه بدعة في أصل العبادة 2- إحداث في وسائل العبادات (والأصل فيها التحريم) : وهو تعديل شيء يحيط بالعبادة ولا يغيرها , كتحسين المساجد عما كانت عليه , وتكييفها ووضع مكبرات الصوت وغيره .. فهذه لم تغير العبادة , إلا أنها أضافت طريقة لتأديتها , لا تؤثر على أصل العبادة .. وهي موقوفة لا يشرع العمل بها أبدا إلا بفتوى علماء كبار ثقات , وذلك لخطورة موقعها من الدين .. 3- إحداث في عموم الأمر (وهذا الأصل فيه الإباحة(التحليل) ما لم يحرمه العلماء .. بقياس أواجتهاد لجلب مصلحة أو درء مفسدة .. |
فالدليل العام لا يكون دليلا على أمر خاص العمل لا يكون مقبولاً حتى يكون العامِل مُتابِعاً للنبي صلى الله عليه وسلم في ذلك العمل . وقد نص العلماء على أن المتابعة لا تتحقق إلا بستة أمور : الأول : سبب العبادة الثاني : جنس العبادة الثالث : قدر العبادة الرابع : صفة العبادة الخامس : زمان العبادة ( فيما حُدِّد لها زمان ) السادس : مكان العبادة ( فيما قُيّدت بمكان مُعيّن )وهذا التفصيل قال به شيخنا الشيخ ابن عثيمين رحمه الله . |
فإذا كنا ضعافا في المفاضلة بين الفتاوى . فإن لدينا عدة حلول .. أشهرها : الأول – أن نلتزم بمذهب واحد ممن شهد لهم عموم الأمة بالصواب , وهم أربعة (الحنبلية والشافعية والمالكية والحنفية) وهو أسهل الحلول .. الثاني – أن نأخذ بفتوى من نثق به من علماء زماننا , ولا ضرر إن اختلف المفتي من مرة إلى أخرى , على أن يكون دائما ثقة عالما مشهودا له بالعلم .. فنستفتي في كل مسألة ونأخذ بالقول ونعمل به .. الثالثة .. اتباع ترجيح سلفنا من العلماء المحققين , كابن تيمية وابن القيم وغيرهم , ممن حققوا ورجحوا وقارنوا بين أقوال العلماء , وقدموا للعامة ترجيحا معللا واضحا .. فأغنوا المسلم عن عناء الإجتهاد في مفاضلة الفتاوى .. رابعا - ننظر في المذاهب الأربعة في أشدها وأيسرها , وننتهج العمل قدر الإستطاعة , فنطبق كل فريضة بقدر ما نستطيع بين اليسر والشدة .. على أن اتخاذ الأشد منها دائما , يرفع من ثواب المسلم , مادام هذا الأشد عليه دليل شرعي يصححه .. |
هو الرفيع فلا الأبصار تدركه ... سبحانه من مليك نافذ القدر سبحان من هو أنسي إذ خلوت به ... في جوف ليلي، وفي الظلماء والسحر أنت الحبيب وأنت الحب يا أملي ... من لي سواك ومن أرجوه يا ذخري ****** كم قد زللت فلم أذكرك في زللي ... وأنت يا سيدي في الغيب تذكرني كم اكشف الستر جلاً عند معصيتي ... وأنت تلطف بي حقاً وتسترني لأبكين بدمع العين من أسف ... لأبكين بكاء الوله الحزن |
الطهارة معنى الطهارة في اللغة : النظافة والنزاهة عن الأقذار والأوساخ سواء كانت حسية أو معنوية ومن ذلك ما ورد في الصحيح عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا دخل على مريض قال : " لا بأس طهور إن شاء الله " والطهور كفطور المطهر من الذنوب فهو صلى الله عليه وسلم يقول : إن المرض مطهر من الذنوب وهي أقذار معنوية ويقابل الطهارة النجاسة ومعناها كل شيء مستقذر حسيا كان أو معنويا فيقال للآثام : نجاسة وإن كانت معنوية الحنفية الطهارة شرعا النظافة عن حدث . أو خبث النظافة يشمل ما إذا نظفها الشخص أو نظفت وحدها بأن سقط عليها ماء فأزالها عن حدث يشمل الحدث الأصغر وهو ما ينافي الوضوء من ريح ونحوه والحدث الأكبر وهو الجنابة الموجبة للغسل المالكية الطهارة صفة حكمية توجب لموصوفها استباحة الصلاة بثوبه الذي يحمله وفي المكان الذي يصلي فيه والنجاسة صفة تقديرية تارة تقوم بالثوب فتمنع الصلاة به وتارة تقومبالمكان فتمنع بالمكان فتمنع الصلاة فيه وتارة تقوم بالشخص ويقال لها : حدث فتمنعه من الصلاة الشافعية تطلق الطهارة شرعا على معنيين : أحدهما فعل شيءتستباح به الصلاة من وضوء وغسل وتيمم وإزالة نجاسة ومعنى هذا أن وضع الماء على الوجه وسائر الأعضاء بنية الوضوء فلم يترتب عليها استباحة الصلاة لأن الصلاة مستباحة بالوضوء الأول وبدن غسل مسنون لأن الذي يمنع من الصلاة الجنابة والاغتسال منها واجب لا مسنون الحنابلة الطهارة في الشرع هي ارتفاع الحدث وما في معناه وزوال النجس وعندهم الطهارة هو امر تعبدي فهو لم يرفع حدثا مثله الوضوء على الوضوء والغسل المسنون |
اقسام الطهارة أنها تنقسم إلى طهارة من الخبث . وطهارةمن الحدث فما هو النجس ؟؟ النجس ينقسم إلى قسمين : جامد ومائع فمن الجامد جميع أجزاء الأرض ومعادنها كالذهب والفضة . والنحاس . والحديد والرصاص ونحوها ومنه جميع أنواع النبات . ولو كان مخدرا ويقال له : المفسد وهو ما غيب العقل دون الحواس من غير نشوة وطرب كالحشيشة والأفيون أو كان مرقدا . وهو ما غيب العقل والحواس معا كالداتورة والبنج أو كان يضر العقل أو الحواس أو غيرها ومن المائع : المياه . الزيوت . وعسل القصب . وماء الأزهار والطيب والخل فهذه كلهامن الجماد الطاهر ما لم يطرأ عليها ما ينجسها ومنها دمع كل شيءحي وعرقه ولعابه ومخاطه ومنها بيضه الذي لم يفسد ولبنه إذا كان آدميا أو مأكول اللحم أما نفس الحيوان الحي سواء كان إنسانا أو غيره فإنه طاهر بحسب خلقته إلا بعض أشياء مفصلة في المذاهب ومنها البلغم والصفراء والنخامة ومنها مرارة الحيوان المأكول اللحم بعد تذكيته الشرعية والمراد بها الماء الأصفر الذي يكون داخل الجلدة المعروفة فهذا الماء الطاهروكذلك جلدة المرارة لأنها جزء من الحيوان المذكى تابع له في طهارته ومنها ميتة الحيوان البحري ولو طالت حياته في البر كالتمساح والضفدع والسلحفاة البحرية ولو كان على صورة الكلب أوالخنزير أو الآدمي سواء مات في البر أو في البحر وسواء مات حتفأنفه أو بفعل فاعل لقوله صلى الله عليه وسلم : " أحلت لنا ميتتان ودمان : السمكوالجراد . والكبد والطحال " ومنها ميتة الحيوان البري الذي ليس له دم يسيل كالذباب والسوس والجراد والنمل والبرغوث ومنها الشعر والصوف والوبروالريش من حي مأكول أو غير مأكول أو ميتتهما سواء أكانت متصلةأو منفصلة بغير نتف على تفصيل المذاهب الشافعية قالوا بطهارة هذه الأشياء إذا كانت من حيوان طاهر سواء كان مأكولا للحم أو لا وقالوا بطهارة سم الحية والعقرب والخنزير نجس حتى لو كان حيا والكلب نجس حتى لو كان حيا والميت نجس ماعدا الجراد المالكية للعاب هوما يسيل من الفم حال اليقظة أو النوم وهذاطاهر بلا نزاع أما ما يخرج من المعدة إلى الفم فإنه نجس ويعرف بتغير لونه أو ريحه . كأن يكون أصفر . ونتنا فإذا لازم عفي عنه وإلافلا الحنابلة قالوا طهارة الدمع والعرق واللعابوالمخاط سواء كانت منحيوان يؤكل أو من غيره بشرط أن يكون ذلك الغير مثل الهرة أو أقل منها وأن لا يكون متولدا من النجاسة واقروا بنجاسة الكلب والخنزير استثنوا ميت البحر كله طاهر ماعدا التمساح والحية والضفدع الحنفية حكم عرق الحي ولعابه طهارة ونجاسة ليس في الحيوان نجس إلا الخنزير فقط إن حكم مرارة كل حيوان حكم بوله فهي نجسة نجاسة مغلظة في نحو ما لا يؤكل لحمه ومخففة في مأكول اللحم والجلدة تابعة للماءالذي فيها |
أقسام المياه تنقسم المياه التي يصح التطهير بها إلى ثلاثة أقسام : طهور وطاهرغير طهور . ومتنجس فأما تعريف الماء الطهور فهو كل نزل من السماء أو نبع من الأرض ولم يتغيرأحد أوصافه الثلاثة وهي " اللون . والطعم . والريح " .. أما الفرق بين الماء الطهور والماء الطاهر فهو أن الماء الطهوريستعمل فيالعبادات وفي العادات فيجوز الوضوء به والاغتسال من الجنابة والحيض كما يجوزتطهير النجاسة به واستعمال لنظافة البدن والثوب من الأوساخ الظاهرة وغير ذلك.. وبخلاف الماء الطاهر فإنه لايصح استعماله في العبادات من وضوء وغسل جنابةونحوهما كما لايصح تطهير النجاسة به المالكية زادوا في مكروهات المياه أمورا ثلاثة : الأمر الأول : الماءالذي خالطته نجاسة وإنما يكره بشروط خمسة : الشرط الأول : أن لا تغيرالنجاسة أحد أوصافه الثلاثة : الطعم . أو اللونأو الرائحة الشرط الثاني : أن لا يكون جاريا فإن كان جاريا وحلت به نجاسة فإنها لا تنجسه ولكن يكره استعماله الشرط الثالث : أن لا تكون له مادة تزيد فيه كماء البئر فإنه وإن لم يكن جاريا ولكن نظرا لكونه يزيد وينقص الشرط الرابع : أن تكون النجاسة قدر قطرة المطرالمتوسطة فأكثر أما إن كانت أقل من ذلك فإنها لا تضر الشرط الخامس : أن يجد ماء غيره يتوضأ منه وإلا فلا كراهة الأمر الثاني من مكروهات المياه : الماء المستعمل في شيء متوقف على ماء طهور وذلك كالماء المستعمل في الوضوء فإذا توضأ شخص بماء ثم نزل من على أعضائه بعد استعماله فإنه يكره له أن يتوضأ به ثانيا وإنما يكره بشروط : الأول : أن يكون الماء قليلا فإذا توضأ من ماء كثير واختلط به الماءالمنفصل من أعضاءوضوئه فإنه لا يضر الثاني : أن يجد ماء غيره يتوضأ منه وإلا فلا كراهة الثالث : أن يستعمله في وضوء واجب فإذا استعمله في وضوء مندوب كالوضوءللنوم أو نحوه والماء الذي ولغ فيه كلب ولو مرارا ومن ذلك أيضا الماء الذ يشرب منه حيوان لا يتوقى النجاسة كالطير والسبع والدجاج إلا أن يصعب الاحتراز منه كالهرة . والفأرة فإنه لا يكره استعماله في هذه الحالةللمشقةوالحرج الحنفية قالوا : يزداد على ما ذكر في مكروهات المياه ثلاثة أمور الأول : الماء الذي شرب منه شارب الخمر كأن وضع الكوز الذي فيها لماء أوالقلة على فمه وشرب منه بعد أن شرب الخمر وإنما يكره الوضوء من ذلك الماء بشرطواحد وهو : أن يشرب منه بعد زمن يتردد فيه لعابه الذي خالطه الخمر كأن يشرب الخمر ثم يبتلعه أو يبصقه ثم يشرب من الإناء الذي فيه الماء أما إذا شرب باقي الخمر وبقي في فمه ولم يبتلعه أو يبصقه ثم شرب من كوز أو قلة فيها ماء فإن الماء الذي بها ينجس ولا يصح استعماله الأمر الثاني : الماء الذي شربت منه سباع الطير كالحدأة . والغراب ومافي حكمهما كالدجاجة غير المحبوسة الأمر الثالث : سؤر الهرة الأهلية فإذا شربت الهرة الأهلية من ماء قليل فإنه يكره استعماله لأنها لا تتحاشى النجاسة وإنها كان سؤرها مكروها ولم يكن نجسا مع أنهما مما لا يجوز أكله لأن النبي صلى الله عليه وسلم نص على عدم نجاستها فقد قال : " إنها ليست نجسة إنها منالطوافين عليكم والطوافات الشافعية الجامد : مثل الدهن فإذا وضع بجوار الماء دهن جامد فتغير الماء بسب بذلك فإنه يكره استعماله ومثال المجاور المائع : ماء الورد ونحوه فإذا وضع بجوار الماء شيء مائع وتغير به فإنه يكره استعماله ويشترط للكراهة الحنابلة قالوا :الماء الذي يغلب على الظن تنجسه فإنه يكره استعماله الماء المسخن بشيء نجس سواء استعمل في حال سخونته أولا ثالثها : الماء المستعمل في طهارة غير واجبة كالوضوء المندوب فإنه يكره أن يتضوا به رابعها : الماء الذي تغيرت أوصافه بملح منعقد من الماء خامسها : ماء بئرفي أرض مغصوبة أو حفرت غصبا ولوفي أرض مملوكة سادسها : ماء بئر بمقبرة سابعها الماء المسخن بوقود مغصوب فإنه يكره استعماله وقالوا لا كراهة في استعمال الماء المسخن بالشمس على أيحال من شرب وعجن وغير ذلك وأما ما يكره فيه استعمال الماء فأمور : منها أن يكون الماء شديدالحرارة أو البرودة شدة لا تضر البدن وعلةالكراهة أنه في هذه الحالة يصرف المتوضئ عن الخشوع لله ويجعله مشغولا بألم الحر والبرد وربما أسرع في الوضوء أوالغسل فلم يؤدهما على الوجه المطلوب ومنها الماء المسخن بالشمس فإنه يكره استعماله في الوضوء والغسل بشرطين الشرط الأول : أن يكون موضوعا في إناءمن ذهب أو فضة فإنه إذا سخن بالشمس لا يكره الوضوء منه الشرط الثاني : أن يكون ذلك في بلد حار فإذا وضع الماء المطلق في إناء من نحاس " حلة أو دست " ووضع في الشمس حتى سخن فإنه يكره الوضوء منه والاغتسال به كما يكره غسل ثوب به ووضعه على البدن مباشرة وهو رطب |
أصول الفتوى فى المذاهب الأربعة؟؟ بسم الله الرحمن الرحيم الأصول التي بنيت عليها فتاوى الإمام أحمد بن حنبل – رحمه الله تعالى - : الأصل الأول: نصوص الكتاب السنة. الأصل الثاني: فتاوى الصحابة. الأصل الثالث: الاختيار من أقوال الصحابة إذا اختلفوا. الأصل الرابع: الحديث المرسل. الأصل الخامس: القياس للضرورة. انتهى باختصار من كتاب إعلام الموقعين للإمام ابن القيم – رحمه الله تعالى – (1/35-40). وأما الإمام أبو حنيفة النعمان – رحمه الله تعالى – فقد روي عنه أنه قال: { آخذ بكتاب الله ، فما لم أجد فبسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإن لم أجد في كتاب الله ولا سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، أخذت بقول أصحابه، آخذ بقول من شئت منهم، وأدع من شئت منهم ولا أخرج من قولهم إلى قول غيرهم } تاريخ بغداد (13/368). قال الشيخ محمد أبو زهرة في كتابه : (تاريخ المذاهب الإسلامية ) ( 2/ 161-163): { وعلى ذلك يكون المنهاج الذي رسمه أبو حنيفة لنفسه يقوم على أصول سبعة: وأما الإمام مالك بن أنس – رحمه الله تعالى – فقد قال الشيخ أبو زهرة – المصدر السابق 2/213-219- : { ولنشر إلى كل أصل من هذه الأصول بكلمة: أما الإمام الشافعي – رحمه الله تعالى – فذكر الشيخ أبو زهرة – المصدر السابق 2/ 253- 268 - : { مصادر فقه الشافعي: 1- الكتاب. 2- السنة. 3- أقوال الصحابة. 4- القياس. 5- الاستحسان. 6- الإجماع. 7- العرف. } باختصار. 3- عمل أهل المدينة. 4- فتوى الصحابي. 5- القياس، والمصالح المرسلة، والإستحسان. 6- الذرائع.} باختصار. 1- الكتاب والسنة. 2- الإجماع. 3- أقوال الصحابة. 4- القياس. 5- إبطال الإستحسان .} باختصار. 1- الكتاب. 2- السنة. |
نص السؤال : هل يجب على المسلم السير على مذهب واحد فقط من المذاهب الأربعة أم يجوز اختيار ما يناسبه من الفتاوى من المذاهب كلها؟ الجواب : لا يلزم العامي أن يلتزم مذهباً واحداً، ومذهبه مذهب مفتيه، إنما المذهب لطالب العلم. وفي البحر المحيط: هل يجب على العامي التزام تقليد مذهب معين في كل واقعة؟ قال إلكيا: يلزمه. وقال ابن برهان: لا، ورجحه النووي في "أوائل القضاء" وهو الصحيح، فإن الصحابة -رضوان الله عليهم- لم ينكروا على العامة تقليد بعضهم من غير تقليد. وقد رام بعض الخلفاء زمن مالك حَمْلَ الناس في الآفاق على مذهب مالك فمنعه مالك واحتج بأن الله فرق العلم في البلاد بتفريق العلماء فيها، فلم ير الحجر على الناس، وربما نودي: "لا يفتي أحد ومالك بالمدينة"، قال ابن المنير: وهو عندي محمول على أن المراد: لا يفتي أحد حتى يشهد له مالك بالأهلية. وذكر بعض الحنابلة أن هذا مذهب أحمد، فإنه قال لبعض أصحابه: لا تحمل على مذهبك فيُحْرجوا، دعهم يترخصوا بمذاهب الناس، وسئل عن مسألة من الطلاق فقال: يقع يقع، فقال له القائل: فإن أفتاني أحد أنه لا يقع، يجوز؟ قال: نعم، ودله على حلقة المدنيين في الرصافة، فقال: إن أفتوني جاز؟ قال: نعم. وقد كان السلف يقلدون من شاءوا قبل ظهور المذاهب الأربعة، وقد قال النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-: (إن الله يحب أن يؤخذ برخصه كما يحب أن يؤخذ بعزائمه). وحكى الرافعي عن أبي الفتح الهراوي أحد أصحاب الإمام أن مذهب عامة أصحابنا أن العامي لا مذهب له. فلو التزم مذهباً معيناً، كمالك والشافعي، واعتقد رحجانه من حيث الإجمال، فهل يجوز أن يخالف إمامه في بعض المسائل ويأخذ بقول غيره من مجتهد آخر؟ فيه مذاهب: أحدها: المنع، وبه جزم الجيلي في "الإعجاز"، لأن قول كل إمام مستقل بآحاد الوقائع، فلا ضرورة إلى الانتقال إلا التشهيّ، ولما فيه من اتباع الترخّص والتلاعب بالدين. والثاني: يجوز، وهو الأصح في الرافعي، لأن الصحابة لم يوجبوا على العوام تعيين المجتهدين، لأن السبب -وهو أهلية المقلد للتقليد عام بالنسبة إلى أقواله، وعدم أهلية المُقَلِّد مقتضٍ لعموم هذا الجواب، ووجوب الاقتصار على مفتٍٍ واحد بخلاف سيرة الأولين. |
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته المذاهب الأربعة : هي مذاهب فقهية ، وهي مُتّفقة في العقائد في الجملة ، مُختلفة في مسائل الفقه وهي : مذهب أبي حنيفة مذهب مالك مذهب الشافعي مذهب أحمد بن حنبل وهناك علماء لهم مذاهب لكنها اندرست ولم تُنقل .. وهذه المذاهب الباقية ، ببقاء مؤلّفات أصحابها ، هي مذاهب فقهية ، لا يُمكن الاستغناء عنها لِمن أراد فَهْم النصوص . وليس لها عِصمة كما هي عصمة النصوص ، ولكن لها ثقلها وقوّتها ووزنها عند أهل العلم ، خاصة إذا اجتمعت كلمة أصحابها ، أو كان القول هو رأي الأكثر . ومع ذلك لا تُقدَّم على قول النبي صلى الله عليه وسلم ، ولا على أقوال الصحابة رضي الله عنهم . والناس أمام المذاهب طرفان ووسط : فَطَرف ألغاها ! وطرف تعصّب لها ! والوسط : أن يُؤخذ منها الفقه وفَهْم السلف ، دون تعصّب ودون اطِّرَاح لها . |
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته بإذن الله نتناول فقه الطهارة و اراء الائمة الاربعة فى بعض الامور المختلف فيها فى المذاهب الاربعة(الحنابلة , الشافعية , المالكية , الحنفية ) الطهارة تعريفها: هى النظافة والنزاهة عن الأقذار والأوساخ سواء كانت حسية أو معنوية فعن ابن عباس رضى الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل على مريض قال : "لا بأس طهور إن شاء الله" والطهورهو المطهر من الذنوب فهو صلى اللّه عليه وسلم يقول: إن المرض مطهر من الذنوب، وهي أقذار معنوي الحنفية قالوا: الطهارة شرعاً النظافة عن حدَثٍ. أو خَبثٍ، المالكية قالوا: الطهارة صفة حُكمية توجب لموصوفها استباحة الصلاة بثوبه الذي يحمله، وفي المكان الذي يصلي فيه الشافعية قالوا: تطلق الطهارة شرعا على معنيين: أحدهما فعل شيء تستباح به الصلاة من وضوء وغسل وتيمم وإزالة نجاسة، أو فعل ما في معناهما، وعلى صورتهما، كالتيمم والأغسال المسنونة والوضوء على الوضوء الحنابلة قالوا: الطهارة في الشرع هي ارتفاع الحدث وما في معناه، وزوال النَّجَس، أو ارتفاع حكم ذلك |
بســـم الله الرحمن الرحيم من هم الأئمة الأربعـــــة: الإمام أبو حنيفة رحمه الله 80 ـ 150 هـ هو النعمان بن ثابت مولى بني بن ثعلبة تفقه على حماد بن أبي سليمان وغيره . ومن تلامذته : زفر بن الهذيل العنبري، والقاضي أبو يوسف، ونوح بن أبي مريم، وأبو مطيع البلخي، والحسن بن زياد اللؤلؤي، ومحمد بن الحسن الشيباني، وحماد بن أبي حنيفة، وخلق . قال الذهبي رحمه الله : " برع في الرأي، وساد أهل زمانه في التفقه ، وتفريع المسائل، وتصدر للاشتغال، وتخرج به الأصحاب" ثمَّ قال : " وكان معدوداً في الأجواد الأسخياء، والأولياء الأذكياء، مع الدين والعبادة والتهجد وكثرة التلاوة، وقيام الليل رضي الله عنه "(5 ). وقال ابن كثير رحمه الله :" الإمام أبو حنيفة... فقيه العراق، وأحد أئمة الإسلام، والسادة الأعلام، وأحد أركان العلماء، وأحد الأئمة الأربعة؛ أصحاب المذاهب المتبوعة، وهو أقدمهم وفاة " ( 6 ). وقال ابن العماد في " شذرات الذهب ": " وكان من أذكياء بني آدم، جمع الفقه والعبادة، والورع والسخاء، وكان لا يقبل جوائز الدولة؛ بل ينفق ويؤثر من كسبه، له دار كبيرة لعمل الخز وعنده صنَّاع وأجراء رحمه الله تعالى"( 7 ) . وقد أورد الذهبي وابن كثير وابن العماد المقولة المشهورة عن الإمام الشافعي فيه حيث قال :" الناس في الفقه عيال على أبي حنيفة "( 8 ) . وقال سفيان الثوري وابن المبارك : " كان أبو حنيفة أفقه أهل الأرض في زمانه "(9 ). فرحمه الله رحمة واسعة ورضي عنه وأجزل له المثوبة . ------------------------------- الإمام مالك بن أنس ت 179 هـ هو أبو عبد الله مالك بن أنس الحميري الأصبحي ،،، أخذ عن نافع ولازمه، وعن سعيد المقبري، والزهري، وابن المنكدر، ويحي بن سعيد القطَّان، وأيوب السختياني، وأبي الزناد، وربيعة، وخلق . وروى عنه من شيوخه: الزهري، وربيعة، ويحي بن سعيد، وغيرهم . ومن أقرانه : الأوزاعي، والثوري، والليث، وخلق . وروى عنه أيضاً : ابن المبارك، ومحمد بن الحسن، والشافعي، وعبد الرحمن بن مهدي، والقعنبي، وخلائق ( 10 ) . قال الذهبي رحمه الله تعالى :" هو الإمام العلم شيخ الإسلام " ثمَّ قال :" عظيم الجلالة، كثير الوقار" ثمَّ أورد قول ابن سعد في الطبقات فقال : " كان مالك رحمه الله ثقة، ثبتاً، حجة، فقيهاً، عالماً، ورعاً "( 11 ) . قال ابن كثير رحمه الله :" أحد الأئمة الأربعة؛ أصحاب المذاهب المتبوعة" ثمَّ قال : "ومناقبه كثيرة جداً، وثناء الأئمة عليه أكثر من أن يحصر في هذا المكان " ( 12 ) . وقال ابن العماد في" شذرات الذهب ": " إمام دار الهجرة " ثمَّ قال :"شهير الفضل"( 13 ) .وقد أورد العلماء قول الشافعي فيه :" إذا جاء الحديث فمالك النجم" وقال :" من أراد الحديث فهو عيال على مالك " ( 14 ) . فرحمه الله رحمة واسعة، ورضي عنه،وأجزل له المثوبة . ------------------------------------- الإمام الشافعي رحمه الله 150 ـ 204 هـ هو محمد بن إدريس أبو عبد الله الشافعي المكي المطلبي، الفقيه، نسيب رسول الله صلى الله عليه وسلم . تفقه على مسلم بن خالد ( فقيه مكة )، وعبد العزيز بن أبي سلمة الماجشون، ومالك بن أنس، ومحمد بن الحسن، ( الفقيه )، وخلق سواهم . وتفقه به جماعة منهم : الحميدي، والقاسم بن سلام، وأحمد بن حنبل، وأبو ثور، والمزني، والربيع بن سليمان المرادي، والبويطي، وخلق سواهم . قال الذهبي رحمه الله :" الإمام العَلَم،... الفقيه، نسيب رسول الله صلى الله عليه وسلم " وقال:" كان الشافعي - مع عظمته في علم الشريعة وبراعته في العربية - بصيراً في الطلب نقل ذلك غير واحد " ( 15 ) . وقال ابن كثير :" وقد أثنى على الشافعي غير واحد من الأئمة منهم : عبد الله بن مهدي، وقد سأله أن يكتب له كتاباً في الأصول فكتب له الرسالة وكان يدعو له في صلاته، وكذلك أثنى عليه شيخه مالك بن أنس، وقتيبة بن سعيد - وقال هو إمام -، وسفيان بن عيينة، ويحي بن سعيد القطّان -وكان يدعو له أيضاً في صلاته، وأبو عبيد القاسم بن سلام - وقال : ما رأيت أفصح، ولا أعقل، ولا أورع من الشافعي -، ومحمد بن الحسن، وخلق كثير، وكان أحمد بن حنبل يدعو له في صلاته نحواً من أربعين سنة، وكان أحمد يقول إنه مجدد المائة الثانية ... إ.هـ مختصراً (16 ). وقال ابن العماد الحنبلي في "شذرات الذهب" : " فقيه العصر، والإمام الكبير" ( 17 ). وقال إسحاق بن راهويه: لقيني أحمد بن حنبل بمكة، فقال : تعال حتى أريك رجلاً لم تر عيناك مثله . قال: فأقامني على الشافعي ( 18 ) . وقال الإمام أحمد:"ما أحد مسَّ محبرة، ولا قلماً؛ إلاَّ للشافعي في عنقه منة" وقال:" كان من أفصح الناس " ( 19 ). فرحمه الله رحمة واسعة وأجزل له المثوبة ورضي عنه . --------------------------------- الإمام أحمد رحمه الله 164 ـ 241 هـ هو أبو عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل الذهلي الشيباني المروزي ثمَّ البغدادي . من شيوخه : سفيان بن عيينة، والقاضي أبو يوسف، ووكيع، وعبد الرحمن بن مهدي، والشافعي، وخلق كثير . وروى عنه من شيوخه: عبد الرزاق، والشافعي، وخلق . ومن تلاميذه: البخاري، ومسلم، وأبو داود . ومن أقرانه: علي بن المديني، ويحي بن معين، وخلق . وقد ترجم له الذهبي في" تاريخ الإسلام " بترجمة طويلة ومما أورده فيها قول الإمام الشافعي رحمه الله :" خرجت من بغداد، فما خلفت بها رجلاً أفضل ولا أعلم ولا أفقه ولا أتقى من أحمد " وقال:" ما رأيت أعقل من أحمد " . وقال إسحاق بن راهويه:" وما رأى الشافعي مثل أحمد بن حنبل " . وقال ابن معين:" ما رأيت مثل أحمد" ( 20 ) . وقال ابن كثير رحمه الله:" وقد طاف أحمد بن حنبل في البلاد والآفاق، وسمع من مشايخ العصر، وكانوا يجلونه ويحترمونه في حال سماعه منهم " ثمَّ قال:" وقد قال الشافعي لأحمد لمّا اجتمع به في الرحلة الثانية إلى بغداد سنة تسعين ومائة - وعمر أحمد إذ ذاك نيف وثلاثون سنة - قال له:" يا أبا عبد الله، إذا صحَّ عندكم الحديث فأعلمني به أذهب إليه؛ حجازياً كان أو شامياً أو عراقياً أو يمنياً " ثمَّ قال ابن كثير رحمه الله معلقاً على ما تقدم :" وقول الشافعي له هذه المقالة تعظيم لأحمد، وإجلال له، وأنه عنده بهذه المثابة، إذا صحَّ أو ضعف يرجع إليه. وقد كان الإمام بهذه المثابة عند الأئمة والعلماء، كما سيأتي ثناء الأئمة عليه، واعترافهم له بعلو المكانة؛ في العلم والحديث، وقد بدُر صيته في زمانه، واشتهر اسمه في شبيبته في الآفاق " ( 21 ) . ثمَّ ذكر جملة في فضائله وشمائله وثناء الأئمة عليه . فرحمه الله رحمة واسعة، ورضي عنه، وأجزل له المثوبة . ومن لطيف ما ذكر ابن كثير في ترجمته حديث " نسمة المؤمن طائر تعلق في شجر الجنة" فقد رواه الإمام أحمد عن الإمام الشافعي وعن الإمام مالك ثمَّ ساق الإسناد ( 22 ). |
فرائض الوضوء (1) اتفقوا على أن فرائض الوضوء أربعة: غسل الوجه، وغسل اليدين إلى المرفقين، ومسح الرأس، وغسل الرجلين إلى الكعبين. (2) واختلفوا فيما زاد على هذه الأربعة: فقال أبو حنيفة رضي الله عنه: النية والترتيب والموالاة سنة أو مستحب[1]، وليس [سوى الأربعة] بفرض. وقال الشافعي وأحمد رضي الله عنهما: النية والترتيب فرض. وقال مالك رضي الله عنه: النيةوالموالاة؛ [وفي رواية: والدلك]؛ فرض دون الترتيب. (3) واتفقوا على أن مسح الرأس فرض. (4) واختلفوا في مقداره: فقال أبو حنيفة في رواية: الفرض مقدار الناصية، وهو ربع الرأس من أي جانب كان. وفي رواية: مقدار ثلاث أصابع من أصابع اليد. وقال الشافعي: مقدار ما يقع عليه اسم المسح. وقال مالك وأحمد: الاستيعاب فرض. (5) واختلفوا في تكرار المسح [ثلاثا:] فقال أبو حنيفة ومالك وأحمد: لايستحب. وقال الشافعي: يستحب. (6) واختلفوا في المضمضة والاستنشاق: فقال أبو حنيفة: هما سنتان في الوضوء، وفرضان في الغسل. وقال مالك والشافعي: هما سنتان في الوضوء والغسل. وقال أحمد: هما فرضان فيهما. (7) واتفقوا على أن مسح الأذنين سنة. (8) واختلفوا في أنهما يمسحان بماء الرأس، أو يؤخذ لهما ماء جديد؟: فقال أبو حنيفة وأحمد رحمهماالله تعالى: يمسحان بماء الرأس. وقال الشافعي ومالك رحمهما الله تعالى: يؤخذ لهما ماء جديد. (9) [واتفقوا على أن الاستنجاء طهارة مستقلة على المشهور. (10) واختلفوا في ذلك: فقال أبو حنيفة: إذا كان المتجاوز من السبيلين أكثر من قدر درهم يفرض. وقال الباقون: يجب إلا أن يكون يسيرا، أي: قليلا عرفا. (11) واتفقوا على (أن) الاستنجاء بالحجر مع وجود الماء يكفي بشروطه، ولكن الجمع بين الحجر والماء أفضل.] نواقض الوضوء (12) اتفقواعلى أن الخارج من [أحد] السبيلين ينقض الوضوء، [وكذا النوم المستغرق.] ولكن مالك رحمه الله تعالى شرط أن يكون الخارج معتاداً، كالبول والغائط، لا نادراً، كالدود والحصاة. (13) واختلفوا في الخارج من غير السبيلين، كالقيء، والحجامة، والفصد، والرعاف: فقال أبو حنيفة رحمه الله تعالى: الخارج النجس كالدم والقيح والصديد، ينقض الوضوء إذا سال إلى موضع يجب تطهيره، وشرط في القيء أن يكون ملء الفم. وقال مالك والشافعي رحمهما الله تعالى: لا ينقض شيء من ذلك. وقال أحمد رحمه الله: الدم إذا كان كثيرا فاحشاً ينقض الوضوء، وإن كان يسيراً لا ينقض.[2] (14) واختلفوافي انتقاض الوضوء بلمس المرأة: فقال أبوحنيفة رحمه الله تعالى: لا ينقض على الإطلاق، إلا أن يباشرها مباشرة فاحشة؛ [ينقض الوضوء.] وقال مالك: إن كان بشهوة نقض وإلا فلا[3]، إلا القبلة في رواية. وقال الشافعي: إذا لمس المرأة غير ذات رحم محرم من غيرحائل انتقض وضوءه بكل حال، وله في لمس ذوات المحارم قولان، وفي لمس الصغيرةوالكبيرة التي لا تشتهى وجهان. وعن أحمدرحمه الله ثلاث روايات: الأولى: لا ينقض بحال. الثانية: ينقض بكل حال. والثالثة: ينقض إذا كان بشهوة كمذهب مالك رحمه الله تعالى. (15) واتفقواعلى أن من مس فرجه بغير يده أو ساعده من أعضائه؛ لا ينقض وضوءه. (16) واختلفوا فيمن مس فرجه بباطن كفه: فقال أبو حنيفة: لا ينقض وضوءه. وقال مالك: إن وجد لذة نقض، وإلافلا. وقال الشافعي رحمه الله: ينقض وجد لذة أم لا. وعن أحمد روايتان. (17) واختلفوا في القهقهة: فقال أبو حنيفة رحمه الله تعالى: تنقض الوضوء في كل صلاة ذات ركوع وسجود. وقال الباقون: لا تنقض الوضوء. |
الغسل (18) اتفقوا رحمهم الله تعالى على أن الغسل يجب بإنزال المني بشهوة، والتقاء الختانين. (19) واختلفوا في الإنزال بغير شهوة: فقال الشافعي: يجب. وقال الباقون: لايجب. (20) واختلفوا في مني الآدمي: فقال أبو حنيفة: هو نجس، يغسل إن كان رطبا، [ويفرك إن كان يابسا. وقال مالك رحمه الله: هو نجس، يغسل رطبا] ويابسا. وقال الشافعي رحمه الله: هو طاهر، لا يغسل رطبا ولايابسا. وقال أحمد رحمه الله في رواية: هونجس، يغسل رطبه ويفرك يابسه كمذهب أبي حنيفة. وفي رواية: أنه طاهر، كمذهب الشافعي رحمه الله تعالى. |
الماء (21) اتفقوا رحمهم الله تعالى على أنه لا يجوز الوضوء والغسل إلا بالماءالمطلق. (22) واختلفوا في إزالة النجاسة بغير الماء: فقال أبو حنيفة رحمه الله: يجوز بكل مائع مزيل للعين، كالخل وماء الورد، وهو رواية عن أحمد رحمه الله تعالى. وقال الشافعي ومالك وأحمد في رواية: لا يجوز. (23) واختلفوا في الماء الراكد إذا وقعت فيه نجاسة: فقال أبو حنيفة رحمه الله: إذا كان غديرا عظيما لا يتحرك أحد طرفيه بتحرك الطرف الآخر،يجوز الوضوء من الطرف الآخر، وإلا لا يجوز. وقال الشافعي وأحمد في رواية: إذا كان دون القلتين لايجوز، وإذا كان قدر القلتين فصاعدا وهو خمسمئة رطل بالعراقي يجوز ما لم يتغير. وقال مالك وأحمد في رواية: يجوز مالم يتغير، وإن كان دون القلتين. (24) واتفقوا على أنه إذا كان الماء جاريا، ووقعت فيه نجاسة، جاز الوضوء منه، ما لم يرلها أثر. (25) واختلفوا في الماء المستعمل: فقال أبو حنيفة في رواية وعليها الفتوى: أنه طاهر غير مطهر، وهو قول الشافعي وأحمد. وفي رواية أخرى عن أبي حنيفة: أنه نجس نجاسة غليظة أوخفيفة. وقال مالك: وهو طاهر وطهور، ويجوز به الوضوء مرة بعد أخرى، وهو رواية عند أحمد. |
التيمم (30) اتفقواعلى أن جواز التيمم عند عدم الماء والخوف من استعماله لمرض. (31) واختلفوا فيما يجوز به التيمم: فقال أبو حنيفة: يجوز بكل ما كان من جنس الأرض، مما لاينطبع ولا يترمد، كالتراب والرمل والجص والنورة والزرنيخ. وقال مالك: يجوز بكل ما كان من جنس الأرض، وبكل ما اتصلبها كالنبات. وقال الشافعي وأحمد: لا يجوز إلا بالتراب خاصة. (32) واختلفوا في مقداره: فقال أبو حنيفة: التيمم ضربتان: ضربة للوجه، وضربة لليدين إلى المرفقين، وهو قول الشافعي في الصحيح. وقال مالك في رواية وأحمد: قدره ضربة للوجه، وضربة للكفين. (33) وقال أبو حنيفة: إذا تيمم لفريضة يصلي بذلك التيمم ما شاء من الفرائض والنوافل، في الوقت وبعده، ما لم ير الماء. [وقال الشافعي ومالك: لا يجوز بذلك التيمم إلا فرض واحد، ويتيمم لكل فرض. وقال أحمد: يصلي في القوت ما شاء من الفرائض والنوافل، لابعده.] (34) وإذا لم يجد ماء ولا ترابا طاهرا وقد حضرته الصلاة: فقال أبوحنيفة: يمسك عن الصلاة حتى يجد الماء، أو التراب الطاهر، ولا يتشبه بالمصلين. وقال أحمد: يصلي على حسب حاله،ويعيد إذا وجد الماء [قبل الدخول]، وهو مذهب الشافعي في الجديد، ومالك في رواية. وفي الأخرى لأحمد ومالك: يصلي ولا يعيد. (35) واتفقوا على أن المحدث إذا تيمم ثم وجد الماء قبل الدخول في الصلاة، أنه يبطل تيممه، ويلزمه الوضوء. (36) واختلفوا فيما إذا رأى الماء في صلاته: فقال أبوحنيفة وأحمد في رواية: [تبطل صلاته وتيممه. وقال مالك والشافعي وأحمد [في رواية]]: يمضي في صلاته، وهي صحيحة. (37) واتفقوا على أنه إذا رأى الماء بعد فراغه من صلاته لا يعيد الصلاة، وإن كان الوقت باقيا. (38) واختلفوا في طلب الماء: فقال أبو حنيفة: ليس بشرط إذا لم يغلب على ظنه أن يكون بقربه ماء. وقال الشافعي ومالك: هو شرط مطلقا. وعن أحمد روايتان كالمذهبين. (39) واختلفوا فيمن بعض بدنه صحيح والباقي جريح: فقال أبو حنيفة: الاعتبار بالأكثر، [فإن كان الأكثر هو الصحيح غسله، وسقط حكم الجريح،ويستحب مسحه]، وإن كان الأكثر هو الجريح يتيمم فقط. وقال مالك: يغسل الصحيح، ويمسح على الجريح ولايتيمم. وقال الشافعي وأحمد: يغسل الصحيح،ويتيمم عن الجريح. (40) واختلفوا فيمن نسي الماء في رحله، وتيمم وصلى ثم ذكر الماء: فقال أبو حنيفة: لا يعيد. وللشافعي قولان. وعن أحمد روايتان. |
المسح على الخفين (41) اتفقوا رحمهم الله تعالى على جواز المسح على الخفين في السفر والحضر إلا في رواية عن مالك، فإنه لا يجوز في الحضر. (42) واتفقوا على أن مدة المسح في السفر والحضر مؤقتة: فللمسافر ثلاثة أيام بلياليهن،وللمقيم يوم وليلة، إلا مالك فإنه لا توقيت عنده بحال. (43) واختلفوا في مقدار المسح على الخفين: فقال أبو حنيفة: مقدار ثلاثة أصابع [من أصابع] اليد. وقال الشافعي: مقدار ما يقع عليه اسم المسح. وقال مالك: يجب استيعاب المسح في محل الفرض. وقال أحمد: يجب مسح الأكثر. (44) واتفقوا على أن من نزع أحد الخفين [وجب عليه نزع الآخر]، وغسل القدمين. (45) واتفقوا على أن ابتداء مدة المسح من وقت الحدث، لا من وقت المسح، إلا في رواية عن أحمد: أنه من وقت المسح. (46) واتفقوا على أنه إذا انقضت مدة المسح بطلت طهارة الرجلين، إلا على أصل رواية مالك، فإنه لا توقيت عنده. (47) واختلفوا في أنه هل يبطل بقية الوضوء بالخلع أو بالقضاء مدة المسح؟: فقال أبو حنيفة: يغسل رجليه وليس عليه [إكمال الوضوء.] وقال مالك: في الخلع كذلك، فأما انقضاء المدة فلا يتصور عنده، فإنه لا يرى الوقت. وعن الشافعي قولان. وعن أحمد روايتان. |
فى الحيض والنفاس (48) قال أبوحنيفة: اقل مدة الحيض ثلاثة أيام، وأكثره عشرة أيام. وقال الشافعي وأحمد: اقله يوم وليلة، وأكثره خمسة عشر يوما. وعند مالك: أقله لا حد له، فلو رأت دفعة كان حيضا، وأكثره خمسة عشر يوما. (49) وإذا طهرت ولم تغتسل: فقال أبو حنيفة: إذا انقطع الدم لأقل من عشرة أيام لم يجز وطؤها [حتى تغتسل أو يمضي عليها وقت الصلاة، وإن انقطع لعشرة أيام جاز وطؤها] قبل الغسل. وقال الشافعي ومالك وأحمد: لا يجوز وطؤها حتى تغتسل مطلقا. (50) واختلفوا فيما يجوز الاستمتاع به من الحائض: فقال أبو حنيفة ومالك والشافعي: يحل مباشرة ما فوق الإزار، ويحرم عليه ما بين الركبة والسرة. وقال أحمد: يحل له الاستمتاع فيما دون الفرج. (51) واختلفوا في الحامل هل تحيض؟: فقال أبو حنيفة وأحمد: لاتحيض. وقال مالك: تحيض. وعن الشافعي قولان كالمذهبين الأوليين، [والأصح أنها تحيض.] (52) واختلفوا في حد الإياس من الحيض في كبر السن: فقال أبو حنيفة: من خمس وخمسين سنة. [وقال مالك والشافعي: ليس له حد، إنما الرجوع فيه إلى العادات.] (53) واختلفوا في أكثر النفاس: فقال أبو حنيفة وأحمد: أكثره أربعون يوما. وقال الشافعي ومالك رحمهم الله تعالى: ستون يوما. وأقل النفاس لا حد له. |
مسألة حول إيصال الماء إلى البشرة في الغسل السؤال جاء فى كتاب الفقه على المذاهب الاربعة الآتى : إذا كان الشعر غزيرا فان الأئمة الثلاثة قد قالوا إن الواجب هو أن يدخل الماء إلى باطن الشعر، فعليه أن يغسله ظاهرا ويحركه كي يصل إلى باطنه، أما الوصول إلى البشرة ــ الجلد ــ فإنه لا يجب 0000 وقد ذكرتم في بعض الفتاوى أنه يجب وصول الماء إلى منابت الشعر-الجلد- حتى لو كان الشعر غزيرا. فأرجو من فضيلتكم التوضيح ؟ كما أرجو ألا تحيلوني إلى فتاوى أخرى لأنني بصراحة قد لا أجد فيها بغيتي؟ الفتوى الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد: فقد جاء في الكتاب الذي أشرت إليه ما يوافقُ ما نفتي به، وما قرره أهل العلم في كتبهم، جاء في الكتاب المذكور ضمن فرائض الغسل : الفرض الخامس من فرائض الغسل : تخليل الشعر، فأما شعر اللحية فإن كان غزيرا ففي تخليله خلاف، فبعضهم يقول : إنه واجب، وبعضهم يقول : إنه مندوب. وأما شعر البدن فإنه يجب تخليله في الغسل باتفاق سواء كان خفيفا أو غزيرا، ويدخل في ذلك هدب العينين، والحواجب، وشعر الإبط والعانة، وغير ذلك، لا فرق في كل هذا بين الرجل والمرأة، وإذا كان الشعر مضفورا فلا يخلو إما أن يكون بخيوط من خارجه، أو مضفورا بغير خيوط. فإن كان مضفورا بخيوط فإنه لا يجب حله إن كانت هذه الخيوط ثلاثة فأكثر، أما إن كانت هذه الخيوط أقل من ثلاث فإنه لا يجب نقضه إلا إذا اشتد ضفره، وتعذر بسبب ذلك إيصال الماء إلى البشرة، وكذا إذا كان ضفره شديدا يتعذر معه إيصال الماء إلى البشرة وجب نقض الشعر وإلا فلا. انتهى. وأما كلامه الذي أشرت إليه فقد جاء في موضع آخر من الكتاب، حيثُ قال المصنف : واتفقوا على وجوب تخليل الشعر إذا كان خفيفا يصل الماء إلى ما تحته من الجلد، أما إذا كان غزيرا فإن المالكية قالوا: يجب أيضا تخليله وتحريكه حتى يصل الماء إلى ظاهر الجلد، أما الأئمة الثلاثة فقد قالوا : إن الواجب هو أن يدخل الماء إلى باطن الشعر، فعليه أن يغسله ظاهرا ويحركه كي يصل الماء إلى باطنه أما الوصول إلى البشرة - الجلد - فإنه لا يجب. انتهى. ولا شك في أن هذا الكلام يتناقض مع ما قبله، فهو وهمٌ أو سبقُ قلم من المصنف، والصواب ما قرره أولاً. واعلم أن العلماء متفقون على وجوب تخليل الشعر، وإيصال الماء إلى البشرة في غسل الجنابة، بخلاف الوضوء، فإن اللحية الكثيفة يُكتفى بغسل ظاهرها، ولا يجبُ تخليلها. قال النووي في المجموع مبيناً الفرق بين الحدث الأصغر والأكبر في هذه المسألة: وأما النية وإفاضة الماء على جميع البدن شعره، وبشره فواجبان بلا خلاف – أي عند الشافعية - وسواء كان الشعر الذى علي البشرة خفيفا أو كثيفا يجب إيصال الماء إلى جميعه، وجميع البشرة تحته بلا خلاف، بخلاف الكثيف في الوضوء، لأن الوضوء متكرر فيشق غسل بشرة الكثيف، ولهذا وجب غسل جميع البدن في الجنابة دون الحدث الاصغر.انتهى. وقال ابن قدامة مبيناً دليل وجوبِ إيصال الماء إلى البشرة في الغسل : وغسل بشرة الرأس واجب سواء كان الشعر كثيفا أو خفيفا، وكذلك كل ما تحت الشعر كجلد اللحية وغيرها لما روت أسماء أنها سألت النبي صلى الله عليه و سلم عن غسل الجنابة فقال : تأخذ ماء فتطهر فتحسن الطهور أو تبلغ الطهور، ثم تصب على رأسها فتدلكه حتى تبلغ شؤون رأسها، ثم تفيض عليها الماء. عن علي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال: من ترك موضع شعرة من جنابة لم يصبها الماء فعل به من النار كذا وكذا. قال علي: فمن ثم عاديت شعري. قال : وكان يجز شعره. رواه أبو داود. ولأن ما تحت الشعر بشرة أمكن إيصال الماء إليها من غير ضرر فلزمه كسائر بشرته. انتهى. وبهذا تعلم أن ما ذكرناه في فتاوانا يُطابق قول العلماء ولا يُخالفه . وأما إن كنت تعني بكلام صاحب الفقه على المذاهب الأربعة ما ذكره في فرائض الوضوء بقوله : أما تخليل شعر اللحية، فإن الشافعية اتفقوا مع غيرهم من الأئمة على أنه إن كان الشعر خفيفا بحيث يرى الناظر إليه ما تحته من جلد الوجه - البشرة - فإنه يجب تخليله كي يصل الماء إلى البشرة، وإن كان غزيرا فإنه يجب غسل ظاهره فقط ويسن تخليله، إلا أن المالكية قالوا: إن الشعر الغزير وإن كان لا يجب تخليله فإنه يجب تحريكه باليد كي يدخل الماء خلال الشعر وإن لم يصل إلى الجلد، وأما التخليل فهو غير واجب. فالأئمة متفقون على أن تخليل الشعر الخفيف الذي ينفذ منه الماء إلى الجلد لازم. أما الشعر الغزير فثلاثة منهم يكتفون بغسل ظاهره، والمالكية يزيدون تحريكه باليد،لا بقصد إيصال الماء إلى الجلد، بل ليغسل من الشعر ما يمكن غسله بسهولة، وغير ذلك خطأ. انتهى. فاعلم أن تخليل اللحية في الوضوء غير واجب كما ذكر ذلك المصنف، وقد مر بك في كلام النووي السابق وجه التفريق بين الوضوء والغسل في هذا الحكم فتنبه. والله أعلم. |
السؤال بسم الله الرحمن الرحيم من المعلوم أنه على مذهب الحنفية يعفى في الصلاة عن النجاسة المائعة ما دون مقعر الكف، وعن الجامدة ما دون الدرهم, لكنني سبق و كنت جالساً أستمع إلى أحدأهل العلم من الشافعية، وهو يعطي درساً في الفقه, فشدد كثيراً على هذه المسألة حتى قال بما معناه أن الحق مع جمهور الفقهاء في هذه المسألة، وقول الحنفية باطل بدليل ثبوت عذاب القبر في اليسير من البول، وأن لا عبرة للقول بالعفو بمقدار المقعر أو غيره! وبصراحة أصابني تشويشي في هذه المسألة لاسيما وأنني اتبع المذهب الحنفي عموماً, وأن الظروف قد تضطر الشخص أحياناً إلى عدم تطهير اليسير من النجاسة, فما هو قولكم؟ وجزاكم الله خيراً. الفتوى بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وأصحابه أجمعين، والتابعين، ومن تبع هداهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد: فلك أن تتبع المذهب الحنفي في هذه المسألة وغيرها، ولا حرج عليك في ذلك، ولا تلتفت إلى القائلين ببطلان ما هو عليه المذهب الحنفي في هذه المسألة أو غيرها، إلا إذا كنت تظن أنهم أعلم من أئمة المذهب الحنفي، فلكل مذهب اجتهاده وأحكامه، والكل يأخذ من معين واحد، ولقد اتفقت الأمة على أنه لا حرج في اتباع أي من المذاهب الأربعة، ولا ينكر على من عمل بأي منها، فلا حاجة إلى تضييق الواسع، وأسأل الله لك دوام التوفيق. والله تعالى أعلم. |
الاستنجاء وآداب قضاء الحاجة قد عرفت مما قدمناه لك في نواقض الوضوء أن الوضوء ينتقض بالبول والغائط والمذي والودي باتفاق ولا يكفي في خروج شيء من هذه مجرد الوضوء مع تلوث أحد المخرجين به بل لا بد من تجفيف المحل الذي خرج منه ذلك الأذى وتنظيفه فلهذا كان من الحسن أن نضع هذا المبحث عقب نواقض الوضوء لأنه جزء منها وأركان الاستنجاء أربعة : مستنج وهو الشخص ومستنجى منه وهو الخارج النجس الذي يلوث القبل أو الدبر ومستنجى به وهو الماء أو الحجر ومستنجى فيه وهو القبل أو الدبر فهذه هي الأركان التي لا يتحقق الاستنجاء إلا بتحققها وظاهر أن ههنا أمرين : أحدهما : الاستنجاء ثانيهما : قضاء الحاجة فأما الاستنجاء فإنه يتعلق به أمران : الأول : تعريفه الثاني : حكمه وأما قضاء الحاجة من بول أو غائط فإنه يتعلق به ثلاثة أمور : أحدها : حكمه ثانيها : بيان الأماكن التي لا يجوز للإنسان أن يقضي فيها حاجته ثالثها : بيان الأحوال التي ينهى عن قضاء الحاجة عندها وإليك بيانها على هذا الترتيب |
سنن التيمم وأما سننه : فمنها التسمية على تفصيل المذاهب الحنابلة : التسمية واجبة فيبطل التيمم بتركها عمدا . وتسقط سهوا أو جهلا المالكية : التسمية مندوبة لا سنة الشافعية : تسن التسمية ولكن إذا كان المتيمم جنبا لا يجوز له أن يقصد بها التلاوة بل يقصد الذكر أو لا يقصد شيئا الحنفية : تسن التسمية سواء قصد الذكر أو التلاوة أو لم يقصد شيئا ) الترتيب ( الشافعية والحنابلة قالوا : إن الترتيب فرض كما تقدم ) ومنها غير ذلك كما هو مفصل في المذاهب في أسفل الصحيفة ( الحنفية - عدوا سنن التيمم كما يأتي الضرب بباطن كفيه إقبالهما وإدبارهما ونفضهما وتفريج أصابعه والتسمية والترتيب والولاء وتخليل اللحية والأصابع وتحريك الخاتم والتيامن وخصوص الضرب على الصعيد ليدخل التراب خلال الأصابع وأن يكون المسح بالكيفية المخصوصة وهي أن يضرب بيديه على الصعيد ثم ينفضهما ثم يقبل بهما ويدبر ثم يمسح بهما وجهه ويعمه بحيث لا يبقى منه شيء ثم يضرب يديه ثانيا على الصعيد ثم ينفضهما على الوجه السابق فيمسح بهما كفيه وذراعيه . إلى المرفقين والسواك الشافعية : عدوا سنن التيمم كما يأتي التسمية ابتداء على ما سبق والسواك ومحله بعد التسمية وقبل نقل التراب ونفض اليدين أو نفخهما من الغبار إن كثر والتيامن بأن يمسح يده اليمنى قبل اليسرى واستقبال القبلة حال التيمم وأن يبدأ في مسح الوجه من أعلاه وفي مسح يديه من أصابعه فيضع أصابع يده اليسرى سوسى الإبهام على ظهر أصابع اليمنى سوى الإبهام بحيث لا تخرج أنامل اليمنى عن مسبحة اليسرى ويمرها على اليمنى فإذا بلغ الكوع ضم أطراف أصابعه إلى حرف الذراع ويمرها إلى المرفق ثم يدير بطان كفه إلى باطن الذراع ويمرها عليها رافعا إبهامه فإذا بلغ الكوع أمر إبهام اليسرى على ظهر إبهام اليمنى ثم يفعل باليسرى كذلك ثم يمسح إحدى كفيه بالأخرى ندبا والموالاة بين مسح الوجه واليدين إن كان المتيمم سليما فإن كان صاحب عذر وجبت عليه الموالاة في التيمم كالوضوء وتفريج أصابعه أول كل ضربة ونزع خاتمه في الضربة الأولى أما في الضربة الثانية فيجب نزعه وتخليل أصابعه بعد مسح اليدين إذا فرق أصابعه في الضربة الثانية وإلا كان التخليل واجبا والغرة والتحجيل وأن لا يرفع يده على العضو حتى يتم مسحه والذكر المطلوب عند الوجه واليدين والذكر السابق في الوضوء يذكره في آخر التيمم المالكية : عدوا سنن التيمم أربعة : الترتيب بأن يبدأ بالوجه قبل اليدين فإن عكس بأن مسح يديه قبل وجهه . أعاد مسحهما إن لم يصل به فإن صلى به أجزأه ومسح ذراعيه من الكوعين إلى المرفقين وتجديد ضربة ثانية لليدين ونقل ما تعلق بيديه من الغبار إلى العضو الذي يريد مسحه بأن لا يسمح على شيء قبل المسح على وجهه أو يديه الحنابلة : لم يعدوا في سنن التيمم سوى أنه يسن أن يؤخره إلى آخر الوقت المختار إن علم أو ظن وأود [ ورود ؟ ؟ ] الماء في الوقت أو استوى الأمران عنده فإن تيمم أول الوقت وصلى صحت صلاته بدون إعادة ولو وجد الماء في الوقت ) |
مبطلات التيمم وأما مبطلاته فهي مبطلات الوضوء المتقدمة والمتيمم عن حدث أكبر لا يعود محدثا حدثا أكبر الا بما يوجب الغسل وإن اعتبر محدثا حدثا أصغر بنواقض الوضوء فإن تيمم لجنابة ثم انتقض تيممه لم يعد جنبا بل يصير محدثا حدثا أصغر فيجوز له أن يقرأ القرآن ويدل المسجد المالكية : إذا أحدث المتيمم عن جنابة حدثا أصغر انتقض تيممه عن الأصغر والأكبر فنواقض الوضوء وإن كانت لا تبطل الغسل لكن تبطل التيمم الواقع عن الغسل فيحرم عليه ما يحرم على الجنب بعيد التيمم ويمكث فيه وتزيد مبطلات التيمم عن مبطلات الوضوء أمرا آخر وهو زوال العذر المبيح للتيمم كأن يجد الماء بعد فقده المالكية : إن وجود الماء أو القدرة على استعماله لا ينقضان التيمم الا قبل شروعه في الصلاة بشرط أن يتسع الوقت الاختياري لإدراك ركعة بعد استعماله في أعضاء الطهارة فإن وجده بعد الدخول فيها لا ينتقض تيممه بل يجب استمراره في الصلاة ثم تذكر الماء وهو فيها فإنها تبطل إن اتسع الوقت لإدراك ركعة بعد استعمال الماء وإلا فلا أما إن تذكره بعدها فإنه يعيد في الوقت فقط لما عنده من شائبة التفريط . أو يقدر على استعماله بعد عجزه الحنابلة : زادوا في مبطلات التيمم خروج الوقت فإنه يبطل التيمم مطلقا سواء كان عن حدث أكبر أو كان عن نجاسة على بدنه ما لم يكن في صلاة جمعة فلا يبطل إذا خرج وقتها وخلع الخف ونحوه مما يمسح عليه إن تيمم بعد حدثه وهو لابسه سواء مسحه قبل ذلك أو لا الشافعية : زادوا في مبطلات التيمم حصول الردة ولو صورة كردة الصبي وإنما ينتقض تيممه بزوال العذر المبيح للتيمم إذا لم يكمل تكبيرة الإحرام فإذا زال عذره بعد ذلك وكان في صلاة لا تجب إعادتها صحت صلاته وبطل تيممه عقب السلام وإن كان في صلاة تجب إعادتها بطل التيمم والصلاة |
الجبيرة تعريفها الجبيرة في اصطلاح الفقهاء هي الخرقة التي يربط بها العضو المريض أو الدواء الذي يوضع على ذلك العضو ولا يشترط في الرباط أن يكون مشدودا بأعواد من خشب أو جريد أو نحو ذلك كما لا يشترط أن يكون العضو المربوط مكسورا بل المعول في حكم الجبيرة على أن يكون العضو مريضا سواء كان مكسورا أو مرضوضا أو به آلام - روماتزمية - أو نحو ذلك فالجبيرة عند الفقهاء اسم للرباط الذي يربط به العضو المريض : أو الدواء الذي يوضع فوق ذلك العضو شروط المسح على الجبيرة يشترط لصحة المسح على الجبيرة سواء كانت خرقة أو دواء أو نحوهما شرطان الشرط الأول : أن يكون غسل العضو المريض ضارا به . بحيث يخاف من غسله زيادة الألم أو تأخر الشفاء أو نحو ذلك فإن كان العضو المريض عليه دواء بدون رباط ويضره المسح عليه فإنه في هذه الحالة يجب عليه أن يضع عليه رباطا لا يضر ثم يمسح على الرباط كما ذكرنا الشرط الثاني : تعميم الجبيرة بالمسح بمعنى أن يغسل الجزء السليم من المرض ثم يمسح على الجزء المريض جميعه هذا إذا كانت الجبيرة على قدر محل المرض فإن تجاوزت محل المرض لضرورة ربطها فإنه يجب مسحها جميعها ما كان منها على الجزء المريض وما كان منها على الجزء السليم الحنفية لا يشترط تعميم الجبيرة بالمسح بل يكفي مسح أكثرها فإذا كانت الجراحة مثلا في جميع اليد ووضع عليها رباطا فإنه يكفي أن يمسح على ما يزيد على نصفها الموضوع عليه الرباط هذا وإذا كان الرباط زائدا على المحل المريض فلا يخلو إما أن يكون حله ضارا أو غير ضار فإن كان غير ضار وجب حله وغسل ما تحته إن لم يضر الغسل فإن كان الغسل ضارا بالمريض فإنه يجب مسح محل المرض وغسل ما حوله من الأجزاء السليمة فإن كان مسح محل الرباط يضر أيضا فإنه يغسل ما حوله ثم يضع الرباط ويمسح عليه . أما إن كان حل الرباط ضارا فإنه يجب عليه أن يمسح على الرباط ولا يكلف حله ولو كان يستطيع غسل ما تحته أو مسحه . على أ ه يجب في هذه الحالة أن يمسح على ما يستر الصحيح والسليم . بحيث يمسح على أكثر الرباط الحنابلة إن وضع الجبيرة على طهارة فإن جاوزت محل المرض مسح عليها بالماء وتيمم عن الزائد فإن لم توضع على طهارة كأن وضعها قبل أن يتوضأ وجب عليه التيمم فقط ولا يصح منه المسح فإن تعددت الأعضاء المريضة وجب عليه أن يعدد التيمم . الا إذا عمت الجراحة جميع أعضاء الوضوء أو الغسل . فإنه لا يجب عليه الا تيمم واحد . ولا بد من مراعاة الترتيب والولاء في الطهارة من الحدث الأصغر كما تقدم, فإن كان المحل المريض مما يمسح . كالرأس ففيه تفصيل المذاهب المالكية إن عمت الجراحة الرأس فحكمه حكم الأعضاء المغسولة . وإن لم تعم فإن تيسر مسح بعض الرأس مسحه وكمل على العمامة . وإن لم يتيسر فحكمه حكم ما عمته الجراحة الشافعية إن بقي من الرأس جزء سليم وجب المسح عليه . وإلا تيمم بدل مسحها الحنفية إن كان بعض الرأس صحيحا وكان يبلغ قدر ما يجب عليه المسح وهو الربع فرض المسح عليه بدون حاجة للمسح على الجبيرة . وإن عمت الجراحة جميع الرأس كان حكمه كحكم الأعضاء المغسولة . فيجب المسح عليه إن لم يضره فإن ضره مسح على الجبيرة ونحوها الحنابلة إن عمت الجراحة الرأس . ولم يمكنه المسح عليها مسح على العصابة التي عليها وعمها بالمسح ويتيمم إن شدها على غير طهارة كما تقدم . وإن لم تعم مسح على الصحيح منها . وكمل على العصابة . لأن العصابة تنوب عن الرأس في المريض . ويبقى السليم على أصله |
الصلاة ما تقدم من مباحث الطهارة إنما هو وسيلة للصلاة وقد علمت أن هذه الوسائل كلها منافع للمجتمع الإنساني لأن مدارها على نظافة الأبدان وطهارة أماكن العبادة من الأقذار التي تنشأ عنها الأمراض والروائح القذرة نعم إن في بعض الوسائل ما قد يخلو عن هذا المعنى ولكن ذلك لحكمة ظاهرة : وهي أن الغرض من العبادات إنما هو الخشوع لله سبحانه باتباع أوامره واجتناب نواهيه أما الصلاة فهي أهم أركان الدين الإسلامي فقد فرضها الله سبحانه على عباده ليعبدوه وحده ولا يشركوا معه أحدا من خلقه في عبادته قال تعالى : { إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا } أي فرضا محدودا بأوقات لا يجوز الخروج عنها وقال : " خمس صلوات كتبهن الله على العباد فمن جاء بهن ولم يضيع منهن شيئا استخفافا بحقهن كان له عند الله عهد أن يدخله الجنة " وقد وردت أحاديث كثيرة في تعظيم شأن الصلاة والحث على أدائها في أوقاتها : والنهي عن الاستهانة بأمرها والتكاسل عن إقامتها فمن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم : " مثل الصلوات الخمس كمثل نهر عذب غمر بباب أحدكم يقتحم فيه كل يوم خمس مرات فما ترون ذلك يبقى من درنه ؟ قالوا : لا شيء قال صلى الله عليه وسلم : " فإن الصلوات الخمس تذهب الذنوب كما يذهب الماء الدرن " ومعنى ذلك أن الصلوات الخمس تطهر النفوس وتنظفها من الذنوب والآثام كما أن الاغتسال بالماء النقي خمس مرات في اليوم يطهر الأجسام وينظفها من جميع الأقذار حكمة مشروعيتها وسئل رسول الله صلى الله عليه وسلم أي الأعمال أفضل : قال : " الصلاة لمواقيتها " فالصلاة هي أفضل أعمال الإسلام وأجلها قدرا وأعظمها شأنا وكفى بذلك حثا على أدائها في أوقاتها أما ترهيب تاركها وتخويفه فيكفي فيه قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا سهم في الإسلام لمن لا صلاة له " وقوله : " بين الرجل وبين الكفر ترك الصلاة " وفي هذا الحديث زجر شديد للمسلم الذي يتسلط عليه الكسل فيحمله على ترك الصلاة التي يمتاز بها عن الكافر حتى قال بعض أئمة المالكية : إن تارك الصلاة عمدا كافر وعلى كل حال فقد أجتمعوا على أنها ركن من أركان الإسلام فمن تركها فقد هدم ركنا من أقوى أركانه . قال الله في شأنها : { قد أفلح المؤمنون الذين هم في صلاتها خاشعون } فالغرض الحقيقي من الصلاة إنما هو تعظيم الإله فاطر السموات والأرض بالخشوع له والخضوع لعظمته الخالدة وعزته الأبدية . كما قال : { إن الصلاة تنهي عن الفحشاء والمنكر } وبذلك يكون من المسلمين حقا فالصلاة التي تنهي عن الفحشاء والمنكر وهي تلك الصلاة التي يكون العبد فيها معظما ربه خائفا منه راجيا رحمته فحظ كل واحد من صلاته إنما هو بقدر خوفه من الله وتأثر قلبه بخشيته لأن الله سبحانه إنما ينظر إلى قلوب عباده لا إلى صورهم الظاهرة ولذا قال تعالى : { وأقم الصلاة لذكرى } ومن غفل قلبه عن ربه لا يكون ذاكرا له فلا يكون مصليا صلاة حقيقية وقال صلى الله عليه وسلم : " لا ينظر الله إلى صلاة لا يحضر الرجل فيها قلبه مع بدنه " فهذه هي الصلاة في نظر الدين وهي بهذا المعنى لها أحسن الأثر في تهذيب النفوس وتقويم الأخلاق فإن في كل جزء من أجزائها تمرينا على فضيلة من الفضائل الخلقية وتعويدا على صفة من الصفات الحميدة وإليك جملة من أعمال الصلاة وآثارها في تهذيب النفوس : أولا : النية وهي عزم القلب على امتثال أمر الله تعالى بأداء الصلاة كاملة كما أمر بها الله مع الإخلاص له وحده ومن يفعل ذلك في اليوم والليلة خمس مرات فلا ريب في أن الإخلاص ينطبع في نفسه ويصبح صفة منصفاته الفاضلة التي لها أجمل الثر في حياة الأفراد والجماعات فلا شيء أنفع في حياة المجتمع الإنساني من الإخلاص في القول والعمل فلو أن الناس أخلصوا لبعضهم بعضا في أقوالهم وأعمالهم لعاشوا عيشة راضية مرضية وصلحت حالهم في الدنيا والآخرة وكانوا من الفائزين ثانيا : إن القيام بين يدي الله تعالى فالمصلي يقف ببدنه وروحه بين يدي خالقه مطرقا يناجيه وهو أقرب إليه من حبل الوريد يسمع منه ما يقول ويعلم منه قلبه ما ينوي ولا ريب في أن من يفعل ذلك مرات كثيرة في اليوم والليلة فإن قلبه يتأثر بخالقه فيأتمر بما أمره به وينتهي عما نهاه عنه فلا ينتهك للناس حرمة ولا يعتدي لهم على نفس ولا يظلمهم في مال ولا يؤذيهم في دين أو عرض ثالثا : القراءة وسيأتي لك حكمها عند الأئمة ولكن ينبغي لمن يقرأ أن لا يحرك لسانه بالقراءة وقلبه غافل بل ينبغي له أن يتدبر معنى قراءته ليتعظ بما يقول فإذا مر على لسانه ذكر الإله الخالق وجل قلبه خوفا من عظمته وسطوته كما قال تعالى : { إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا } وإذا ذكرت صفات الله تعالى من رحمة وإحسان وجب عليه أن يعلم نفسه كيف تتخلق بتلك الصفات الكريمة لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " تخلقوا بأخلاق الله فهو سبحانه كريم عفو غفور عادل لا يظلم الناس شيئا فالإنسان مكلف بأن يتخلق بهذه الأخلاق فإذا ما قرأ في صلاته الآيات التي تشتمل على صفات الإله الكريمة وعقل معناها وكررها في اليوم والليلة مرات كثيرة . فإن نفسه تتأثر بها لا محالة ومتى تأثرت نفسه بجميل الصفات حبب إليه الاتصاف بها ولذلك أحسن الأثر في تهذيب النفوس والأخلاق رابعا : الركوع والسجود وهما من أمارات التعظيم لمالك الملوك خالق السموات والأرض وما بينهما فالمصلي الذي يركع بين يدي ربه لا يكفيه أن يحنى ظهره بالكيفية المخصوصة بل لا بد أن يشعر قلبه بأنه عبد ذليل ينحني أما عظمة إله عزيز كبير لا حد لقدرته ولا نهاية لعظمته فإذا انطبع ذلكالمعنى في قلب المصلي مرات كثيرة في اليوم والليلة كان قلبه دائما خائفا من ربه فلا يعمل الا ما يرضيه وكذلك المصلي الذي يسجد لخالقه فيضع جبهته على الأرض معلنا عبوديته لخالقه . فإنه إذا استشعر قلبه ذل العبودية وعظمة الرب الخالق فلا بد أن يخافه ويخشاه وبذلك تتهذب نفسه وينتهي عن الفحشاء والمنكر هذا ويتعلق بالصلاة أمور أخرى لها فوائد اجتماعية جليلة الشأن : منها الجماعة فقد شرع الإسلام الجماعة في الصلاة وحث عليها النبي صلى الله عليه وسلم فقال : " صلاة الجماعة أفضل من صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة " ففي الاجتماع لأداء الصلاة بصفوف متراصة متساوية تعارف بين الناس يقرب بين القلوب المتنافرة ويزيل منها الضغائن والأحقاد وذلك من أجل عوامل الوحدة التي أمر الله تعالى بها في كتابه العزيز فقال : { واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا } وفي الاجتماع لأداء الصلاة تذكير بالأخوة التي قال الله عنها : { إنما المؤمنون إخوة } فالمؤمنون الذين يجتمعون لعبادة رب واحد لا ينبغي لهم أن ينسوا أنهم إخوة يجب أن يرحم كبيرهم صغيرهم ويوقر صغيرهم كبيرهم ويواسي غنيهم فقيرهم ويعين قويهم ضعيفهم ويعود صحيحهم مريضهم عملا بقول الرسول صلى الله عليه وسلم : " المسلم أخول المسلم لا يظلمه ولا يثلمه من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته ومن فرج عن مسلم كربة من كرب الدنيا فرج الله بها عنه كربة من كرب يوم القيامة ومن ستر مسلما ستره الله يوم القيامة " . |
فرائض الصلاة بمعنى أركانها
الحنفية : قسموا الركن إلى قسمين : ركن أصلي وركن زائد فالركن الأصلي هو الذي يسقط عند العجز عن فعله سقوطا تاما بحيث لا يطالب المكلف بالإتيان بشيء بدله وذلك معنى قولهم : الركن الأصلي ما يسقط عن المكلف عند العجز عن فعله بلا خلف أما الركن الزائد فهو ما يسقط في بعض الحالات ولو مع القدرة على فعله وذلك كالقراءة فإنها عندهم ركن من أركان الصلاة ومع ذلك فإنها تسقط عن المأموم لأن الشارع نهاه عنها فتحصل من ذلك أن ما يتوقف عليه صحة الصلاة منه ما هو جزء من أجزائها وهي الأربعة المذكورة ويزاد عليه القعود الأخير قدر التشهد فإنه ركن زائد على الراجح ومنه ما هو داخل فيها وليس جزءا منها كإيقاع القراءة في القيام ويقال له : شرط لدوام الصلاة ومنه ما هو خارج عن الصلاة ويقال له شرط لصحة الصلاة فأركان الصلاة المتفق عليها عندهم أربعة سواء كانت أصلية أو زائدة فالأصلية هي القيام والركوع والسجود والركن الزائد عندهم هو القراءة فقط وهذه الأركان الأربعة هي حقيقة الصلاة بحيث لو ترك الشخص واحدا منها عند القدرة فإنه لا يكون قد أتى بالصلاة . فلا يقال له : مصل وهناك أمور تتوقف عليها صحة الصلاة ولكنها خارجه عن حقيقة الصلاة وهذه الأمور تنقسم إلى قمسين : الأول : ما كان خارج ماهية الصلاة وهو الطهارة من الحدث والخبث وستر العورة واستقبال القبلة ودخول الوقت والنية والتحريمة وهي شرائط لصحة الشروع في الصلاة كغيرها مما سبق : والثاني : ما كان داخل الصلاة ولكنه ليس من حقيقتها كإيقاع القراءة في القيام وكون الركوع بعد القيام والسجود بعد الركوع . وهذه شرائط لدوام صحة الصلاة ويقد يعبرون عنها بفرائض الصلاة ويريدون بالفرض الشرط أما القعود الأخير قدر التشهد فهو فرض بإجماعهم ولكنهم اختلفوا في هل هو ركن أصلي أو زائد ورجحوا أنه ركن زائد لأن ماهية الصلاة تتحقق بدونه إذ لو حلف لا يصلي يحنث بالرفع من السجود وإن لم يجلس فتتحقق ماهية الصلاة بدون القعود وأما الخروج من الصلاة بعمل ما ينافيها من سلام أو كلام أو نحو ذلك من مبطلات الصلاة فقد عده بعضهم من الفرائض والصحيح أنه ليس بفرض بل هو واجب المالكية فرائض الصلاة خمسة عشر فرضا وهي : النية وتكبيرة الإحرام والقيام لها في الفرض دون النفل لأنه يصح الإتيان به من قعود ولو كان المصلي قادرا على القيام فتكبيرة الإحرام يصح الإتيان بها من قعود في هذه الحالة وقراءة الفاتحة والقيام لها في صلاة الفرائض أيضا والركوع والرفع منه والسجود والرفع منه والسلام والجلوس بقدره والطمأنينة والاعتدال في كل من الركوع والسجود والرفع منهما وترتيب الأداء ونية اقتداء المأموم ومن هذا تعلم أن المالكية والحنفية اتفقوا في أربعة من هذه الفرائض وهي : القيام للقادر عليه والركوع والسجود أما القراءة فإن الحنفية يقولون : إن المفروض هو مجرد القراءة لا قراءة الفاتحة بخوصها والمالكية يقولون : إن الفرض هو قراءة الفاتحة فلو ترك الفاتحة عمدا فإنه لا يكون مصليا ووافقهم على ذلك الشافعية والحنابلة الشافعية : عدوا فرائض الصلاة ثلاثة عشر فرضا خمسة فرائض قولية وثمانية فرائض فعلية فالخمسة القولية هي : تكبيرة الإحرام وقراءة الفاتحة والتشهد الأخير والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم والتسليمة الأولى : أما الثمانية الفعلية فهي : النية والقيام في الفرض القادر عليه والركوع والاعتدال منه والسجود الأول والثاني والجلوس بينهما . والجلوس الأخير . والترتيب وأما الطمأنينية فهي شرط محقق للركوع والاعتدال والسجود والجلوس فهي لا بد منها وإن كانت ليست ركنا زائدا على الراجح الحنابلة : عدوا فرائض الصلاة أربعة عشر وهي : القيام في الفرض وتكبيرة الإحرام وقراءة الفاتحة والركوع والرفع منه والاعتدال والسجود والرفع منه والجلوس بين السجدتين والتشهد الأخير والجلوس له وللتسليمتين والطمأنينة في كل ركن فعلي وترتيب الفرائض والتسليمتان |
الفرض الأول : النية يتعلق بالنية أمور : أحدها : معناها ثانيها : حكمها في الصلاة المفروضة ثالثها : كيفيتها في الصلاة المفروضة رابعها : حكمها وكيفيتها في الصلاة غير المفروضة خامسها : بيان وقت النية سادسها : حكم استحضار الصلاة المنوية وشروط النية سابعها : نية المأموم الاقتداء بإمامه ونية الإمام الإمامة فأما معنى النية فهي عزم القلب على فعل العبادة تقربا إلى الله وحده وإن شئت قلت : النية هي الإرادة الجازمة بحيث يريد المصلي أن يؤدي الصلاة لله وحده فلو نطق بلسانه بدون أن يقصد الصلاة بقلبه فإنه لا يكون مصليا ومعنى ذلك أن من صلى لغرض دنيوي كأن يمدح عند الناس بحيث لو لم يمدح بترك الصلاة فإن صلاته لا تصح وكذا إذا صلى ليظفر بمال أو جاه أو يحصل على شهوة من الشهوات فإن صلاته تكون باطلة فعلى الناس أن يفهموا هذا المعنى جيدا ويدركوا أن من قصد بصلاته غرضا من الأغراض الدنيوية فإن صلاته تقع باطلة ويعاقب عليها المرائين المجرمين قال تعالى : { وما أمروا الا ليعبدوا الله مخلصين له الدين } الحنفية إن النية ثبتت شرطيتها بالإجماع لقوله تعالى : { وما أمروا الا ليعبدوا الله مخلصين له الدين } لأن المراد بالعبادة في هذه الآية التوحيد ولا بقوله صلى الله عليه وسلم : " وإنما الأعمال بالنيات " لأن المراد ثواب الأعمال أما صحة الأعمال فمسكوت عنها والواقع أن هذه الأدلة تحتمل المعنى الذي قال الحنفية كما تحتمل المعنى الذي قاله غيرهم أما الآية فلأن عبادة الله ليست مقصورة على التوحيد بل المتبادر منها إخلاص النية في عبادة الله مطلقا : لأن بعض المشركين كانوا يشركون مع الله غيره في العبادة خصوصا أهل الكتاب الذين ذكروا مع المشركين في الآية فإنهم كانوا يشركون في العبادة مع الله بعض أنبيائه وأما الحديث فلأن ثواب الأعمال إذا حبط فإنه لا يكون لها أية فائدة ولا معنى لقولهم : إن العمل صحيح مع بطلان ثوابه نعم لهم أن يقولوا : إن فائدته رفع العقاب ولكن هذا لا دليل عليه في الحديث . بل العكس ظاهر الحديث يدل على النية شرط في الثواب وفي الصحة والتخصيص بالثواب تحكم لا دليل عليه ) فمن لم يخلص في إرادة الصلاة ويقصد أن يصلي لله وحده فإنه يكون مخالفا لأمره تعالى فلا تصح صلاته والنية بهذا المعنى متفق عليها أما الخواطر النفسية أثناء الصلاة كأن يصلي وقلبه مشغول بأمر من أمور الدنيا فإنها لا تفسد الصلاة ولكن يجب على المصلي الخاشع لربه أن يحارب هذه الوساوس بكل ما يسطيع ولا يتفكر وهو في الصلاة الا في الخضوع لله تعالى فإن عجز عن ذلك ولم يستطع أن ينزع من نفسه أمور الدنيا وهو واقف بين يدي ربه فإنه لا يؤاخذ . ولكن عليه أن يستمر في محاربه هذه الوساوس الفاسدة ليظفر بأجر العاملين المخلصين والحاصل أن ها هنا أمرين : أحدهما : إرادة الصلاة والعزم على فعلها لله وحده بدون سبب آخر لا يقره الدين ثانيهما : حضور القلب وعدم اشتغاله بتفكر أمر من أمور الدنيا فأما الأمر الأول فإنه لا بد منه في الصلاة وأما الأمر الثاني فإنه ليس شرطا في صحة الصلاة ولكن ينبغي للواقف بين يدي خالقه أن ينزع من نفسه كل شيء لا علاقة له بالصلاة فإن عجز فإن أجر صلاته لا ينقص لأنه قد أتى بما في وسعه ولا يكلفه الله بغير ذلك |
الثاني من فرائض الصلاة : تكبيرة الإحرام حكمها - تعريفها أحدها : حكمها وتعريفها : حكم تكبيرة الإحرام فهي فرض من فرائض الصلاة باتفاق ثلاثة من الأئمة وقال الحنفية : إنها شرط لا فرض وعلى كل حال فإن الصلاة بدونها لا تصح باتفاق الجميع الحنفية إن تكبيرة الإحرام ليست ركنا على الصحيح وإنما هي شرط من شروط صحة الصلاة وقد يقال : إن التكبيرة يشترط لها ما يشترط للصلاة من طهارة وستر عورة الخ . فلو كانت شرطا لم يلزم لها ذلك ألا ترى أن نية الصلاة تصح من غير المتوضئ ومن مكشوف العورة عند من يقول : إنها شرط والجواب على ذلك أن تكبيرة الإحرام متصلة بالقيام الذي هو ركن من أركان الصلاة فلذا اشترط لها ما اشترط للصلاة من طهارة ونحوها وقد عرفت أن هذا فلسفة فقهية لا يترتب عليها فائدة عملية وأما تعريف تكبيرة الإحرام فهو الدخول في حرمات الصلاة بحيث يحرم عليه أن يأتي بعمل ينافي الصلاة يقال : أحرم الرجل إحراما إذا دخل في حرمة لا تهتك فلما دخل الرجل بهذه التكبيرة في الصلاة التي يحرم عليه أن يأتي بغير أعمالها سميت تكبيرة إحرام ويقالها أيضا تكبيرة تحرم وقد اتفق ثلاثة من الأئمة على أن تكبيرة الإحرام هي أن يقول المصلي في افتتاح صلاته : الله أكبر بشرائط خاصة وخالف الحنفية فقالوا : إن تكبيرة الإحرام لا يشترط أن تكون بهذا اللفظ " دليل فرضية تكبيرة الإحرام أجمع المسلمون على أن افتتاح الصلاة بذكر اسم الله تعالى أمر لازم لا بد منه فلا تصح صلاة الا به وقد وردت أحاديث صحيحة تؤيد ذلك الإجماع : منها ما رواه أبو داود والترمذي وابن ماجة من أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " مفتاح الصلاة الطهور وتحريمها التكبير وتحليلها التسليم " وهذا الحديث أصح شيء في هذا الباب وأحسن وقد استدل بعضهم على فرضية تكبيرة الإحرام بقوله تعالى : { وربك فكبر } ووجه الاستدلال أن لفظ : " فكبر " أمر وكل أمر للوجوب ولم يجب التكبير الا في الصلاة بإجماع المسلمين فدل ذلك على أن تكبيرة الإحرام فرض وعلى كل حال فلم يخالف أحد من العلماء المسلمين في أن تكبيرة الإحرام أمر لازم لا تصح الصلاة بدونها سواء كانت فرضا أو شرطا صفة تكبيرة الإحرام قد عرفت أن ثلاثة من الأئمة اتفقوا على أن تكبيرة الإحرام مركبة من لفظين وهما : الله أكبر بخصوصهما بحيث لو افتتح الصلاة بغير هذه الجملة فإنه صلاته لا تصح وخالف الحنفية فانظر مذهبهم الحنفية لا يشترط افتتاح الصلاة بلفظة : الله أكبر إنما الافتتاح بهذا اللفظ واجب لا يترتب على تركه بطلان الصلاة في ذاتها بل يترتب عليه إثم تارك الواجب وقد عرفت أن الواجب عندهم أقل من الفرض وأن تاركه يأثم إثما لا يوجب العذاب بالنار وإنما يوجب الحرمان من شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم يوم القيامة وكفى بذلك زجرا للمؤمنين ومن هذا تعلم أن افتتاح الصلاة بهذه الصفة مطلوب عند الحنفية كما هو مطلوب عند غيرهم الحنفية لا تبطل الصلاة بتركه ولكن تركه يوجب إعادة الصلاة . فإن لم يعدها سقط عنه الفرض وأثم ذلك الإثم الذي لا يوجب العذاب أما الصيغة التي تتوقف عليها صحة الصلاة عندهم فهي الصيغة التي تدل على تعظيم الله تعالى وحده بدون أن تشتمل على دعاء ونحوه فكل صيغة تدل على ذلك يصح افتتاح الصلاة بها كأن يقول : سبحان الله أو يقول : الحمد لله أو لا إله الا الله أو يقول : الله رحيم أو الله كريم . ونحو ذلك من الصيغ التي تدل على تعظيم الإله جل وعز خاصة فلو قال : استغفر الله أو أعوذ بالله أولا حول ولا قوة الا بالله فإن صلاته لا تصح بذلك لأن هذه الكلمات قد اشتملت على شيء آخر سوى التعظيم الخالص وهو طلب المغفرة والاستعاذة ونحو ذلك هذا ولا بد أن يقرن هذه الأوصاف بلفظ الجلالة : فلو قال : كريم أو رحيم أو نحو ذلك فإنه لا يصح ولو ذكر الاسم الدال على الذات دون الصفة كأن يقول : الله أو الرحمن أو الرب ولم يزد عليه شيئا فقال أبو حنيفة : إنه يصح وقال صاحباه : لا . أما الأدلة التي تقدم ذكرها فإنها لا تدل الا على ذلك فقوله تعالى : { وربك فكبر } ليس معناه الإتيان بخصوص التكبير بل معناه : عظم ربك بكل ما يفيد تعظيمه وكذلك التكبير الوارد في الحديث وإنما قلنا : إن الإتيان بخصوص التكبير واجب لأن النبي صلى الله عليه وسلم واظب على الإتيان به ولم يتركه هذا هو رأي الحنفية وقد عرفت أن الأئمة الثلاثة اتفقوا على أن تكون بلفظ : الله أكبر كما هو الظاهر من هذه الأدلة وقد أيده النبي صلى الله عليه وسلم بعمله ) شروط تكبيرة الإحرام الشافعية شروط صحة تكبيرة الإحرام خمسة عشر شرطا إن اختل واحد منها لم تنعقد الصلاة : أحدها : أن تكون باللغة العربية إن كان قادرا عليها فإن عجز عنها ولم يستطع أن يتعلمها فإنه يصح له أن يكبر باللغة التي يقدر عليها ثانيها : أن يأتي بها وهو قائم إن كان في صلاة مفروضة وكان قادرا على القيام أما في صلاة النفل فإن الإحرام يصح من قعود كما تصح الصلاة من قعود فإن أتى بالإحرام في صلاة الفرض حال الانحناء فإن كان إلى القيام أقرب فإنها تصح وإن كان الركوع أقرب فإنها لا تصح وفاقا للحنفية والحنابلة وخلافا للمالكية الذين قالوا : إن الإتيان بها حال الانحناء لا يصح الا في صورة واحدة وهي ما إذا كان مقتديا بإمام سبقه ولكن الشافعية لا يلزم عندهم أن يدرك الإمام حال ركوعه بل لو سبقه الإمام بالركوع ثم كبر المأموم وركع وحده فإنه يصح ثالثها : أن يأتي بلفظ الجلالة ولفظ أكبر رابعها : أن لا يمد همزة لفظ الجلالة فلا يقول : الله أكبر لأن معنى هذا الاستفهام فكأنه يستفهم عن الله خامسها : أن لا يمد الباء من لفظ أكبر فلا يصح أن يقول : الله أكبار فلو قال ذلك لم تصح صلاته سواء فتح همزة أكبار أو كسرها . لأن أكبار - بفتح الهمزة - جمع كبر وهو اسم للطبل الكبير . وإكبار - بكسر الهمزة - اسم للحيض ومن قال ذلك متعمدا فإنه يكون سابا لإلهه فيرتد عن دينه سادسها أن لا يشدد الباء من أكبر فلو قال : الله أكبر لم تنعقد صلاته سابعها : أن لا يزيد واوا ساكنة أو متحركة بين الكلمتين . فلو قال : والله أكبر أو قال : الله وأكبر . لم تنعقد صلاته ثامنها : أن لا يأتي بواو قبل لفظ الجلالة فلو قال : والله أكبر لم تنعقد صلاته تاسعها : أن لا يفصل بين الكلمتين بوقف طويل أو قصير على المعتمد فلو قال : الله ثم سكت قليلا وقال : أكبر . لم تنعقد صلاته ومن باب أولى إذا سكت طويلا ولا يضر إدخال لام التعريف على لفظ : أكبر فلو قال : الله الأكبر صحت وكذا إذا زاد الوصف عن كلمتين فإنه يبطل التكبيرة فإذا قال : الله العظيم الكريم الرحيم أكبر لم تنعقد صلاته ولو فصل بين لفظ الجلالة ولفظ أكبر بضمير أو نداء فإنه لا يصح كما إذا قال : الله هو أكبر أو قال : الله يا رحمن أكبر عاشرها : أن يسمع بها نفسه بحيث لو نطق بها في سره بدون أن يسمعها هو فإنها لا تصح الا إذا كان أخرس أو أصم أو كانت بالمكان جلبة أو ضوضاء فإنه لا يلزم في هذه الحالة أن يسمع نفسه على أن الأخرس ونحوه يجب عليه أن يأتي بما يمكنه . بحيث لو كان الخرس عارضا وأمكنه أن يحرك لسانه أو شفتيه بالتكبير فإنه يجب عليه أن يفعل الحادي عشر : دخول الوقت إن كان يصلي فرضا أو نفلا مؤقتا أو نفلا له سبب كما تقدم الثاني عشر : أن يوقع التكبيرة وهو مستقبل القبلة إن لم يسقط عنه استقبال القبلة الثالث عشر : أن تتأخر التكبيرة عن تكبيرة الإمام إن كان يصلي مقتديا بإمام الرابع عشر : أن يأتي بالتكبير في المكان الذي يصح فيه القراءة الحنفية شروط تكبيرة الإحرام عشرون وإليك بيانها : - 1 - دخول وقت الصلاة المكتوبة وإن كانت التحريمة لها فلو كبر قبل دخول الوقت بطلت تكبيرته - 2 - أن يعتقد المصلي أن الوقت قد دخل أو يترجح عنده دخوله فلو شك في دخوله وكبر للإحرام فإن تكبيرته لا تصح حتى ولو تبين أن الوقت قد دخل - 3 - أن تكون عورته مستورة وقد تقدم بيان العورة في الصلاة فلو كبر عورته مكشوفة ثم سترها فإن صلاته لا تصح - 4 - أن يكون المصلي متطهرا من الحدث الأكبر والأصغر ومتطهرا من النجاسة فلا تصح منه التكبيرة إذا كان على بدنه أو ثوبه أو مكانه نجاسة غير معفو عنها وقد تقدم بيان النجاسة المعفو عنها في مبحث الطهارة فلو كبر وهو يظن أن به نجاسة بطلت تكبيرته ولو تبين له أنه طاهر - 5 - أن يأتي بالتكبيرة وهو قائم إذا كان يصلي فرضا أو واجبا أو سنة فجر أما باقي النوافل فإنه لا يشترط لها القيام بل يصح الإتيان بها وهو قاعد فإن أتى بها منحنيا . فإن كان انحناؤه إلى القيام أقرب فإنه لا يضر وإن كان إلى الركوع أقرب فإنه يضر ومحل ذلك ما إذا كان قادرا على القيام كما هو ظاهر وإذا أدرك الإمام وهو راكع فكبر للإحرام خلفه فإن أتى بالتكبيرة كلها وهو قائم فإنه يصح أما إذا قال : الله وهو قائم وقال : أكبر وهو راكع فإن صلاته لا تصح ولو أدرك الإمام من أول الصلاة فنطق بقول : الله قبل أن يفرغ منها الإمام فإنها لا تصح - 6 - نية أصل الصلاة . كأن ينوي صلاة الفرض - 7 - تعيين الفرض من أنه ظهر أو عصر مثلا فإذا كبر من غير تعيين فإن تكبيرته لا تصح - 8 - تعيين الصلاة الواجبة كركعتي الطواف وصلاة العيدين والوتر والمنذور وقضاء نفل أفسده فإن كل هذا واجب يجب تعيينه عند التكبيرة أما باقي النوافل فإنه لا يجب تعيينها كما تقدم - 9 - أن ينطق بالتكبيرة بحيث يسمع بها نفسه فمن همس بها أو أجراها على قلبه فإنها لا تصح ومثل ذلك جميع أقوال الصلاة من ثناء وتعوذ وبسملة وقراءة وتسبيح وصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وكذا الطلاق واليمين وغير ذلك فإنها لا تعتبر عند الحنفية الا إذا نطق بها وسمعها فلا تصح ولا يترتب عليها أثر إذا همس بها أو أجراها على قلبه - 10 - أن يأتي بجملة ذكر كأن يقول : الله أكبر أو سبحان الله أو الحمد لله فلو أتى بلفظ واحد فإنه لا يصح وقد تقدم بيان ذلك مفصلا في صفة التحريمة قريبا - 11 - أن يكون الذكر خالصا لله فلا تصح تكبيرة الإحرام إذا كان الذكر مشتملا على حاجة للمصلي كاستغفار ونحوه كما تقدم تقريبا - 12 - أن لا يكون الذكر بسملة فلا يصح افتتاح الصلاة بها على الصحيح - 13 - أن لا يحذف الهاء من لفظ الجلالة فإن حذفها بطلت صلاته - 14 - أن يمد اللام الثانية من لفظ الجلالة فإذا لم يمدها اختلف في صحة تكبيرته وفي حال ذبيحته فينبغي الإتيان بذلك المد احتياطا - 15 - أن لا يمد همزة الله وهمزة أكبر فلو قال : الله أكبر بالمد لم تصح صلاته لأن المد معناه الاستفهام ومن يستفهم عن وجود إلهه فلا تصح صلاته . وإن تعمد هذا المعنى يكفر فالذين يذكرون الله - بمد الهمزة - مخطئون خطئا فاحشا لما فيه من الإيهام وإن كان غرضهم النداء أما إذا كان غرضهم الاستفهام فإنهم يرتدون عن الإسلام وعلى كل حال فإن المد في الصلاة مبطلها وقد عرفت أن الشافعية موافقون على هذا - 16 - أن لا يمد باء أكبر فإذا قال : الله أكبار بطلت صلاته لأنه - بفتح الهمزة - جمع كبر وهو الطبل - وبكسرها - اسم للحيض ومن قصد هذا فإنه يكفر وعلى كل حال فهو مبطل للصلاة - 17 - أن لا يفصل بين النية وبين التحريمة بفاصل أجنبي عن الصلاة فلو نوى ثم أتى بعمل خارج عن الصلاة من كلام أو أكل ولو كان بين أسنانه من قبل ( بشرط أن يكون قدر الحمصة ) أو شرب أو تكلم أو تنحنح بلا عذر ثم كبر فلإحرام بعد ذلك بدون نية جديدة فإن صلاته لا تصح أما إذا فصل بين النية وبين التكبيرة بالمشي إلى المسجد بدون كلام أو فعل فإنه يصح كما تقدم في مبحث " النية " قريبا - 18 - أن لا تتقدم التكبيرة على النية فلو كبر ثم نوى الصلاة فإن تكبيرته لا تصح ومتى فسدت تكبيرة الإحرام فقد قسدت الصلاة كلها لما علمت من أنها شرط - 19 - أن يميز الفرض - 20 - أن يعتقد الطهارة من الحدث والخبث . ولم يشترط الحنفية أن تكون تكبيرة الإحرام باللغة العربية فلو نطق بها بلغة أخرى فإن صلاته تصح سواء كان قادرا على النطق بالعربية أو عاجزا الا أنه كان قادرا يكره له تحريما أن ينطق بها بغير العربية المالكية يشترط لتكبيرة الإحرام شروط : أحدها : أن تكون باللغة العربية إذا كان قادرا عليها أما إن عجز بأن كان أعجميا وتعذر عليه النطق بها فإنها لا تجب عليه ويدخل الصلاة بالنية فإن ترجمها باللغة التي يعرفها فلا تبطل صلاته على الأظهر . أما إن كان قادرا على العربية فيتعين عليه أن يأتي بلفظ : الله أكبر بخصوصه ولا يجزئ لفظ آخر بمعناه ولو كان عربيا وبذلك خالفوا الشافعية والحنفية لأن الشافعية أجازوا الفصل بين لفظ : الله ولفظ : أكبر بفاصل كما إذا قال : الله الرحمن أكبر وأجازوا الإتيان بها بغير العربية لغير القادر على النطق بالعربية بخلاف المالكية أما الحنفية فقد أجازوا الإتيان بها بغير العربية لغير القادر على العربية بلا كراهة أما القادر على النطق بالعربية فقالوا إن : صلاته تصح إذا نطق بها بغير العربية مع كراهة التحريم ثانيها : أن يأتي بتكبيرة الإحرام وهو قائم متى كان قادرا على القيام في الفرض فإذا أتى بها حال انحنائه فإنها تبطل لا فرق بين أن يكون الانحناء إلى الركوع أقرب أو إلى القيام أقرب الا في حالة واحدة وهي ما إذا أراد شخص أن يقتدي بإمام سبقه بالقراءة وركع فأراد ذلك الشخص أن يدرك الإمام فكبر منحنيا وركع قبل أن يرفع الإمام فإن تكبيرة ذلك الشخص المأموم تكون صحيحة ولكن لا تحتسب له تلك الركعة وعليه إعادتها بعد سلام الإمام . أما إذا ابتدأ التكبير وهو قائم قبل أن يرفع الإمام ثم أتم التكبير وهو راكع أو حال الانحناء للركوع فإن الركعة تحتسب على أحد قولين راجحين ويشترط في هذه الحالة أن ينوي بالتكبيرة الإحرام وحده أو ينوي الإحرام مع الركوع أما إذا نوى الركوع وحده فإن صلاته لا تنعقد ولكن لا يصح له أن يقطع صلاته بل ينبغي أن يستمر فيها مع الإمام احتراما للإمام ثم يعبدها بعد ذلك ثالثها : أن يقدم لفظ الجلالة على لفظ أكبر فيقول : الله أكبر أما إذا قال : أكبر الله فإنه لا يصح وهذا متفق عليه رابعها : أن لا يمد همزة الله قاصدا بذلك الاستفهام أما إذا لم يقصد الاستفهام بأن قصد النداء أو لم يقصد شيئا فإنه لا يضر عندهم خامسها : أن لا يمد باء أكبر قاصدا به جمع كبر وهو الطبل الكبير ومن يقصد ذلك كان سابا لإلهه أما إذا لم يقصد ذلك فإن مد الباء لا يضر وهذا الأمران قد خالف فيهما المالكية الأئمة الثلاثة لأنهم اتفقوا على أن التكبيرة تبطل بهما سواء قصد معناه اللغوي أو لا كما أوضحناه في مذاهبهم سادسها : أن يمد لفظ الجلالة مدا طبيعيا وهذا متفق عليه في المذاهب سابعها : أن لا يحذف هاء لفظ الجلالة بأن يقول : الله أكبر بدون هاء وهذا متفق عليه أيضا . أما إذا مد الهاء من لفظ الجلالة حتى ينشأ عنها واو فإنه لا يضر عند الحنفية والمالكية وخالف الشافعية والحنابلة فقال الشافعية : إذا كان المصلي عاميا فإنه يغتفر له ذلك أما غير العامي فإنه لا يغتفر له ولو فعله تبطل التكبيرة أما الحنابلة قالوا : إن ذلك يضر وتبطل به التكبيرة على أي حال ثامنها : أن لا يفصل بين لفظ الجلالة ولفظ أكبر بسكوت بأن يقول : الله ثم يسكت ويقول : أكبر بشرط أن يكون هذا السكوت طويلا في العرف أما إذا كان قصيرا عرفا فإنه لا يضر وقد اتفقت المذاهب على أن الفصل بين لفظ الجلالة ولفظ أكبر ضار الا إذا كان يسيرا فأما المالكية فقد وكلوا تقدير اليسير للعرف وأما الشافعية فقد قالوا : اليسير الذي يغتفر هو ما كان بقدر سكتة التنفس أو سكتة العي وأما الحنفية والحنابلة قالوا : إن السكوت الذي يضر هو السكوت الذي يمكنه أن يتكلم فيه ولو بكلام يسير تاسعها : أن لا يفصل بين الله وبين أكبر بكلام قليلا كان أو كثيرا حتى ولو كان الفصل بحرف فلو قال الله أكبر فإنه لا يصح وهذا الحكم متفق عليه بين الحنابلة والمالكية أما الحنفية فقد أجازوا الفصل بأل فلو قال : الله الأكبر : أو قال : الله الكبير فإنه يصح كما يصح إذ قال : الله كبير وأما الشافعية فقد عرفت أنهم أجازوا الفصل بوصف من أوصاف الله تعالى بشرط أن لا يزيد على كلمتين فلو قال : الله الرحمن الرحيم أكبر فإنه يصح كما تقدم موضحا في مذهبهم عاشرها : أن يحرك لسانه بالتكبيرة فلو أتى بها في نفسه بدون أن يحرك لسانه فإنه لا تصح أما النطق بها بصوت يسمعه فإنه ليس بشرط عندهم فإن كان أخرس فإن التكبيرة تسقط عنه ويكتفي منه بالنية وقد خالف في ذلك المذاهب الثلاثة فقد اشترطوا النطق بها بصوت يمسعه فلو حرك بها لسانه فقط فإن صلاته تكون باطلة الا إذا كان أخرس فإنه يعفى عنه عند الحنابلة والحنفية أما الشافعية قالوا : يأتي بما يمكنه من تحريك لسانه وشفتيه هذا وكل ما كان شرطا لصحة الصلاة من استقبال القبلة وستر العورة والطهارة ونحو ذلك مما تقدم فهو شرط للتكبيرة الحنابلة يشترط لتكبيرة الإحرام شروط : أحدها : أن تكون مركبة من لفظ الجلالة ولفظ أكبر : الله أكبر فلو قال غير ذلك فإن صلاته تبطل فالحنابلة والمالكية متفقون على أن الإحرام لا يحصل الا بهذا اللفظ المترتب فلو قال : أكبر الله أو قال : الله الأكبر أو الله الكبير أو الجليل أو غير ذلك من ألفاظ التعظيم بطلت تحريمته وكذا لو قال : الله فقط أما إذا قال : الله أكبكر ثم زاد عليه صفة من صفات الله كأن قال : الله أكبر وأعظم أو الله أكبر وأجل فإن صلاته تصح مع الكراهة ومثل ذلك ما إذا قال : الله أكبر كبيرا وقد عرفت أن الشافعية قالوا : إن الفصل بين الله وأكبر بكلمة أو كلمتين من أوصاف الله نحو الله الرحمن الرحيم أكبر فإنه لا يضر وأن الحنفية قالوا : إن الفصل بأل لا يضر كما إذا قال الله الأكبر وكذا إذا قال : الله كبير فإنه لا يضر عند الحنفية ثانيها : أن يأتي بتكبيرة الإحرام وهو قائم متى كان قادرا على القيام ولا يشترط أن تكون قامته منتصبة حال التكبير فلو كبر منحنيا فإن تكبيرته تصح الا إذا كان إلى الركوع أقرب فإن أتى بالتكبير كله راكعا أو قاعدا أو أتى ببعضه من قيام . وبالبعض الآخر من قعود أو ركوع فإن صلاته تنعقد نفلا فيصليها على أنها نفل إن اتسع الوقت وإلا وجب أن يقطع الصلاة ويستأنف التكبيرة من قيام وقد عرفت رأي المذاهب في ذلك قبل هذا ثالثها : أن لا يمد همزة الله رابعها : أن لا يمد باء أكبر فيقول : أكبار وقد عرفت معنى هذا والخلاف فيه في مذهب المالكية خامسها : أن تكون بالعربية فإن عجز عن تعلمها كبر باللغة التي يعرفها كما قال الشافعية ولو ترك التكبير باللغة التي يعرفها لم تصح صلاته لأنه ترك ما هو مطلوب منه خلافا للمالكية فإن عجز عن التكبير بالعربية وغيرها من اللغات فإن تكبيرة الإحرام تسقط عنه كما تسقط عن الأخرس وإذا أمكنه أن ينطق بلفظ الله دون أكبر أو بلفظ أكبر دون الله فإنه يأتي بما يستطيع ولا يجب على الأخر أن يحرك لسانه لأن الشارع لم يكلفه بذلك فتكون محاولته عبثا خلافا للشافعية سادسها : أن لا يشبع هاء الله حتى يتولد منها واو فإن فعل ذلك بطلت تكبيرته سابعها : أن لا يحذف هاء الله . فلا يقول : الله أكبر ثامنها : أن لا يأتي بواو بين الكلمتين بأن يقول : الله وأكبر فإن فعل ذلك لا تصح تكبيرته تاسعها : أن لا يفصل بين الكلمتين بسكوت يسع كلاما . ولو يسيرا . وكذا يشترط للتكبيرة كل ما يشترط للصلاة : من استقبال وستر عورة وطهارة وغير ذلك |
المحافظة على الصلاة؟ السؤال: كيف استطيع ان احافظ على الصلاة ؟? الإجابة: استعن بالله دائما ، واطلب منه عز وجل أن يحقق لك هذه المحافظة ، وأن يجعل قلبك معلقاً بالمساجد ، وأن تجد راحتك وسعادة روحك فى الصلاة. هذا ... ونصيحتى لك : أن تحسن أختيار أصدقائك على أن يكونوا من أهل الصلاة ، وكن على وضوء دائماً استعدادا لأداء الصلاة. |
إدراك الركعة الأخيرة مع الأمام السؤال: السلام عليكم اذا ادركت صلاة المغرب بالركعة الاخيرة مع الامام فتكون الاولى معك هل تؤدي الثانية سرا او جهرا وجزاكم الله خير ?? الإجابة: الأخ الكريم شكرا لك على هذه الثقة التى نعتز بها . وبالنسبة لإجابة سؤالك : فإنه من بدأ الصلاة مأموماً يكملها مأموماً ولو فى جميع الركعات. ولذا : فالمطلوب منه القراءة السرية |
صلاة المسبوق السؤال: كيف يمكن قضاء الصلاة لمن لم يدرك ركعة أو اثنين أو ثلاثة من صلاة جهرية مثل العشاء وهل يأثم الانسان لو أدى ما فاته سرا من الصلاة الجهرية أرجو الإفادة بالتفصيل وجزاكم الله خيرا ?? الإجابة: حكم صلاة المؤتم صلاة المسبوق لها نفس حكم صلاة غير المسبوق ، ولذلك علي المسبوق أن يتم ما فاته مع الإمام وكأنه معه ، دون أن يجهر في الركعات الجهرية التي فاتته ولا شيء عليه ، وتقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال . |
تارك الصلاة السؤال: ماذا افعل زوجي لم يعد يلتزم بالصلاة وبدأ يبتعد عنا ويحب الخروج والسهر مع الاصدقاء واذا لم يخرج يجلس امام الانترنت ولايتعلم انما يدخل الشات وعندما اطالبة بتحمل بعض المسؤليات معي يتهرب اويضايقني لكي لا اطلب منة مرة اخرى ويحملني مسئولية اي شئي يحصل حتى لو لم تكن لي يدفي الموضوع مثل ضياعة لاشياءة او مرض الاطفال وللعلم لدي طفلان فقط وايضا يسهر طوال اليل حتي قبل الفجر وينام في النهار حتي العصر اوالساعه الواحدة وفوق كل هذا اهلةمنذدخولي عند زوجي وهم لايدعوناوطلبون منا فلوس فوق طاقتنا واطر وابيع ذهبي علشان نسدد ديوننا وننام مرتاحين ولكن فترة بسيطة ونعود من جديد وارجع اشتغل فترة علشان نسدد ديون جديدة وهكذا اربع سنوات ولكن في البدايه كان زوجي مثال للزوج الصالح المتعاون بكل ماللكلمة من معاني وتغيرالان ولا اعرف ماذا افعل هل استمر اجارية واهلة الى مالانهاية ام اجعلة يغرق في الديون ولااهتم علما بان اهله عبارة عن ام واب واخ لة زوجة وخمسة اطفال ولايشتغل ولا يعرف ان يتحمل مسؤلية اسرتة علما بان اهلة مزارعين وماشاء الله يحصلو واجد ولكن الفلوس التي تاتي تضيع من غير اي تدبير لانهم معتمدين على زوجي الذي لاي الإجابة: أصلح الله حالك ، وأراح بالك ، وصرف عنك وعن أولادك وزوجك السوء ، إنه ولى ذلك والقادر عليه. ثم هذا اختبار لك من الله ليزداد معه صبرك ، فيعظم أجرك. ولا تبتئسى .. !! ففرج الله قريب ، ونعمه الأخرى علينا وفيرة. ولكن .. إبدئى بكل هدوء فى محاولة إعادة زوجك إلى سيرته الأولى من ا لصلاح والإستقامة، وفق الله مسعاك، وحقق رجاك. ولا تتركى زوجك لضياع أكثر ، وفساد أشد. وبالنسبة لموقفكم مع أهله : فاعلمى أنه { لا يكلف الله نفسا إلا وسعها} كما أنه " لا طاعة لمخلوق فى معصية الخالق" و ملامة ـ شرعية ـ عليكم فى عدم الاستجابة لطلباتهم الكثيرة المرهقة لكم ، غبر العادلة. أصلح الله أموركم ، ويسر أحوالكم ، وأسعد أيامكم. |
تعريف الزكاة وحكمتها وفرضيتها وعقاب مانع الزكاة أولاً ـ تعريف الزكاة: الزكاة لغة: النمو والزيادة يقال: زكا الزرع: إذا نما وزاد، وزكت النفقة: إذا بورك فيها، وقد تطلق بمعنى الطهارة، قال تعالى: {قد أفلح من زكاها} [الشمس:9/91] أي طهرها عن الأدناس، ومثله قوله سبحانه: {قد أفلح من تزكى} [الأعلى:14/87]، وتطلق أيضاً على المدح، قال تعالى: {فلا تزكوا أنفسكم} [النجم:32/53] وعلى الصلاح، يقال: رجل زكيّ، أي زائد الخير، من قوم أزكياء، وزكّى القاضي الشهود: إذا بين زيادتهم في الخير. وسمي المال المخرج في الشرع زكاة؛ لأنه يزيد في المخرج منه، ويقيه الآفات، قال تعالى: {وآتوا الزكاة} [البقرة:43/2]. وتتمثل هذه المعاني اللغوية في قوله سبحانه: {خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها} [التوبة:103/9] فهي تطهر مؤديها من الإثم وتنمي أجره وماله. والزكاة شرعاً : حق يجب في المال. وعرفها المالكية بأنها: إخراج جزء مخصوص من مال بلغ نصاباً، لمستحقه، إن تم الملك، وحول، غير معدن وحرث. وعرفها الحنفية بأنها: تمليك جزء مال مخصوص من مال مخصوص لشخص مخصوص، عينه الشارع لوجه الله تعالى. فقولهم «تمليك» احترز به عن «الإباحة» فلو أطعم يتيماً ناوياًالزكاة، لا يجزيه، إلا إذا دفع إليه المطعوم، كما لو كساه، ولكن بشرط أن يعقل القبض، إلا إذا حكم عليه بنفقة الأيتام. وقولهم «جزء مال» خرج المنفعة، فلو أسكن فقيراً داره سنة، ناوياً الزكاة، لا يجزيه. والجزء المخصوص: هو المقدار الواجب دفعه، والمال المخصوص: هو النصاب المقدر شرعاً، والشخص المخصوص: هم مستحقو الزكاة. وقولهم «عينه الشارع» هو ربع عشر نصاب معين مضى عليه الحول، فأخرج صدقة النافلة والفطرة. وقولهم «لله تعالى» أي بقصد مرضاة الله تعالى. وعرفها الشافعية بأنها اسم لما يخرج عن مال و بدن على وجه مخصوص. وتعريفها عند الحنابلة هو أنها حق واجب في مال مخصوص لطائفة مخصوصة في وقت مخصوص. والطائفة: هم الأصناف الثمانية المشار إليهم بقوله تعالى: {إنما الصدقات للفقراء والمساكين } ـ الآية[التوبة:60/9] والوقت المخصوص: هو تمام الحول في الماشية والنقود (الأثمان) وعروض التجارة، وعند اشتداد الحب في الحبوب، وعند بدو صلاح الثمرة التي تجب فيها الزكاة، وعند حصول ما تجب فيه الزكاة من العسل، واستخراج ما تجب فيه من المعادن، وعند غروب الشمس من ليلة الفطر، لوجوب زكاة الفطر. وخرج بقوله «واجب» الحق المسنون كابتداء السلام واتباع الجنائز. وبقوله «في مال» رد السلام ونحوه، وبقوله «مخصوص» ما يجب في كل الأموال كالديون والنفقات، وبقوله: «لطائفة مخصوصة» نحو الدية؛ لأنها لورثة المقتول، وبقوله «في وقت مخصوص» نحو النذر والكفارة. وبه يتبين أن الزكاة أطلقت في عرف الفقهاء على فعل الإيتاء نفسه، أي أداء الحق الواجب في المال، وأطلقت أيضاً على الجزء المقدر من المال الذي فرضه الله حقاً للفقراء. وتسمى الزكاة صدقة، لدلالتها على صدق العبد في العبودية وطاعة الله تعالى. ثانياً ـ حكمة الزكاة: التفاوت بين الناس في الأرزاق والمواهب وتحصيل المكاسب أمر واقع طارئ يحتاج في شرع الله إلى علاج، قال الله تعالى: {والله فضل بعضكم على بعض في الرزق} [النحل:71/16]أي أن الله تعالى فضل بعضنا على بعض في الرزق، وأوجب على الغني أن يعطي الفقير حقاً واجباً مفروضاً، لا تطوعاً ولا مِنَّة ؛ لقوله تعالى: {وفي أموالهم حق للسائل والمحروم} [الذاريات:19/51]. وفريضة الزكاة أولى الوسائل لعلاج ذلك التفاوت، وتحقيق التكافل أو الضمان الاجتماعي في الإسلام. فهي أولاً ـ تصون المال وتحصنه من تطلع الأعين وامتداد أيدي الآثمين والمجرمين، قال صلّى الله عليه وسلم : «حصِّنوا أموالكم بالزكاة، وداووا مرضاكم بالصدقة، وأعدّوا للبلاء الدعاء» (رواه الطبراني وأبو نعيم في الحلية والخطيب عن ابن مسعود، ورواه أبو داود مرسلاً عن الحسن، وهو ضعيف.) . وهي ثانياً ـ عون للفقراء والمحتاجين، تأخذ بأيديهم لاستئناف العمل والنشاط إن كانوا قادرين، وتساعدهم على ظروف العيش الكريم إن كانوا عاجزين، فتحمي المجتمع من مرض الفقر، والدولة من الإرهاق والضعف. والجماعة مسؤولة بالتضامن عن الفقراء وكفايتهم، فقد روي: «إن الله فرض على أغنياء المسلمين في أموالهم بقدر الذي يسع فقراءهم، ولن يجهد الفقراء إذا جاعوا أوعروا إلا ما يصنع أغنياؤهم، ألا وإن الله يحاسبهم حساباً شديداً ويعذبهم عذاباً أليماً» (رواه الطبراني عن علي، وهو ضعيف) وروي أيضاً «ويل للأغنياء من الفقراء يوم القيامة، يقولون: ربنا ظلمونا حقوقنا التي فرضت لنا عليهم، فيقول الله تعالى: وعزتي وجلالي لأدنينكم ولأباعدنهم، ثم تلا صلّى الله عليه وسلم : واللذين في أموالهم حق معلوم للسائل والمحروم» [المعارج:24/70-25] (رواه الطبراني عن أنس، وهو ضعيف أيضاً) . والمصلحة في أداء الزكاة تعود في النتيجة على أرباب الأموال؛ لأنهم بأدائها يسهمون في تنمية ودعم القوة الشرائية للفقراء، فتنمو بالتالي أموال المزكين ويربحون بكثرة المبادلات. وهي ثالثاً ـ تطهر النفس من داء الشح والبخل، وتعوِّد المؤمن البذل والسخاء، كيلا يقتصر على الزكاة، وإنما يساهم بواجبه الاجتماعي في رفد الدولة بالعطاء عند الحاجة، وتجهيز الجيوش، وصد العدوان، وفي إمداد الفقراء إلى حد الكفاية، إذ عليه أيضاً الوفاء بالنذور، وأداء الكفارات المالية بسبب (الحنث في اليمين، والظهار، والقتل الخطأ، وانتهاك حرمة شهر رمضان). وهناك وصايا الخير والأوقاف، والأضاحي وصدقات الفطر، وصدقات التطوع والهبات ونحوها. وكل ذلك يؤدي إلى تحقيق أصول التكافل الاجتماعي بين الفقراء والأغنياء، ويحقق معاني الأخوة والمحبة بين أبناء المجتمع الواحد، ويسهم في التقريب بين فئات الناس، ويحفظ مستوى الكفاية للجميع. وهي رابعاً ـ وجبت شكراً لنعمة المال، حتى إنها تضاف إليه، فيقال: زكاة المال، والإضافة للسببية كصلاة الظهر وصوم الشهر وحج البيت. ثالثاً ـ فرضية الزكاة: الزكاة ركن من أركان الإسلام الخمسة، وفرض من فروضه، وفرضت في المدينة في شوال السنة الثانية من الهجرة بعد فرض رمضان وزكاة الفطر، ولكن لا تجب على الأنبياء إجماعاً؛ لأن الزكاة طهرة لمن عساه أن يتدنس، والأنبياء مبرؤون منه،ولأن ما في أيديهم ودائع لله ، ولأنهم لا ملك لهم، ولا يُورَثون أيضاً، وقرنت بالصلاة في القرآن الكريم في اثنين وثمانين موضعاً، مما يدل على كمال الاتصال بينهما. وهي واجبة بكتاب الله تعالى، وسنة رسوله صلّى الله عليه وسلم ، وإجماع الأمة. أما الكتاب: فقوله تعالى: {وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة} [البقرة:43/2] وقوله: {خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها} [التوبة:103/9] وقوله سبحانه:{وآتوا حقه يوم حصاده} [الأنعام:141/6] وآي سوى ذلك. وأما السنة: فقوله صلّى الله عليه وسلم : «بني الإسلام على خمس... منها إيتاء الزكاة» وبعث النبي صلّى الله عليه وسلم معاذاً إلى اليمن، فقال: «أعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم، فترد على فقرائهم» ( رواه الجماعة عن ابن عباس) وأخبار أخرى. وأجمع المسلمون في جميع الأعصار على وجوب الزكاة، واتفق الصحابة رضي الله عنهم على قتال مانعيها، فمن أنكر فرضيتها كفر وارتد إن كان مسلماً ناشئاً ببلاد الإسلام بين أهل العلم، وتجري عليه أحكام المرتدين ويستتاب ثلاثاً، فإن تاب وإلا قتل. ومن أنكر وجوبها جهلاً به إما لحداثة عهده بالإسلام، أو لأنه نشأ ببادية نائية عن الأمصار، عُرِّف وجوبها ولا يحكم بكفره؛ لأنه معذور. رابعاً ـ عقاب مانع الزكاة: لمانع الزكاة عقاب في الآخرة وعقاب في الدنيا، أما عقاب الآخرة فهو العذاب الأليم، لقوله تعالى: {والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله ، فبشرهم بعذاب أليم. يوم يحمى عليها في نار جهنم، فتكوى بها جباههم وجنوبهم وظهورهم، هذا ما كنزتم لأنفسكم، فذوقوا ما كنتم تكنزون} [التوبة:34/9-35]. ولقوله صلّى الله عليه وسلم : «من آتاه الله مالاً، فلم يؤد زكاته، مُثِّل له شجاعاً أقرع، له زبيبتان، يطوقه يوم القيامة، يأخذ بلهزمتيه يعني شدقيه، ثم يقول: أنا مالك أنا كنزك» . ثم تلا: {ولا تحسبن الذين يبخلون بما آتاهم الله من فضله هو خيراً لهم، بل هو شر لهم سَيُطَوَّقون ما بخلوا به يوم القيامة، ولله ميراث السموات والأرض والله بما تعملون خبير} » [آل عمران:180/3] (رواه أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي عن أبي هريرة) . وفي رواية: «مامن صاحب ذهب ولا فضة لا يؤدي منها حقها ـ أي زكاتها ـ إلا إذا كان يوم القيامة، صُفِّحت صفائح من نار، فأحمي عليها في نار جهنم، فيكوى بها جنبه وجبينه وظهره، كلما ردت أعيدت له في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة، حتى يقضى بين العباد، فيرى سبيله، إما إلى الجنة، وإما إلى النار» . وأما العقاب الدنيوي للفرد بسبب التقصير والإهمال فهو أخذها منه والتعزير والتغريم المالي وأخذ الحاكم شطر المال قهراً عنه، قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم : «من أعطاها ـ أي الزكاة ـ مؤتجراً فله أجرها، ومن منعها فإنا آخذوها وشطر إبله عَزْمة من عزمات ربنا تبارك وتعالى، لا يحل لآل محمد منها شيء» (رواه أحمد والنسائي، وأبو داود) . فإن كان مانع الزكاة جاحداً لوجوبها فقد كفر، كما تبين، وقتل كما يقتل المرتد؛ لأن وجوب الزكاة معلوم من دين الله عز وجل ضرورة (بداهة)، فمن جحد وجوبها فقد كذَّب الله تعالى، وكذَّب رسوله صلّى الله عليه وسلم ، فحكم بكفره. وتقاتل الجماعة مانعة الزكاة جحوداً، كما فعل الصحابة في عهد الخليفة الأول ـ أبي بكر رضي الله عنهم، قال أبو بكر: «والله لأقاتلن من فرَّق بين الصلاة والزكاة، فإن الزكاة حق المال، والله لو منعوني عَنَاقاً (هو الأنثى من أولاد المعز، وفي الرواية الأخرى: عقالاً، والمراد بالعقال عند جماعة: هو زكاة عام، إذ لايجوز القتال على الحل الذي يعقل به البعير، وقال كثير من المحققين: المراد به الحبل الذي يعقل به البعير، على سبيل المبالغة) كانوا يؤدونها إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلم لقاتلتهم على منعها» (رواه الجماعة إلا ابن ماجه عن أبي هريرة) وفي لفظ مسلم والترمذي وأبي داود : «لو منعوني عقالاً كانوا يؤدونه» وبناء عليه قال العلماء بالاتفاق: إذا منع واحد أو جمع الزكاة وامتنعوا بالقتال، وجب على الإمام قتالهم، وإن منعها جهلاً بوجوبها أو بخلاً بها لم يكفر. |
السلام عليكم ورحمة الله .... أخى الحبيب وأستاذى الفاضل محمد رافع ..... الله الله على هذا الموضوع الرائع وما أجمل طرحه وكم لنا من حاجة إليه خاصة فى هذه الأزمان التى كثُرَ فيها المفتون وما أجمل الخمس خصال التى نقلهم الأمام بن القيم عن إمام أهل السنة الإمام أحمد لوتوافرت فى المفتين لسترحنا من هذا الخلااف .. ........ على كلِِالموضوع رائع أخى الكريم وكم كنت أتمنى أن يكون فى هذا القسم الطيب موضوع للفتوى وتقوم انتخابات ويعين استاذتنا على هذا الموضوع وإن شاء الله سأطرح الموضوع عليهم والله المستعان... .... أسعــــــــــد الله كــــــ أخـــــ الحبيب ىـــــــــ.. ودمــــــــــــــــــ بخيرتــــــــــــ |
اقتباس:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته وعفوه وعافيته ورضاه بارك الله فيك اخى الكريم ورضى عنك وعن والديك وفقنا الله جميعا الى ما يحب ويرضى وهدانا الى الخير ثبتكم الله على طريقه القويم والحمد لله رب العالمين وصلاة وسلاما على الرحمة المهداة |
تارك الصلاة من غير عذر وسئل رحمه الله عن تارك الصلاة من غير عذر، هل هو مسلم في تلك الحال؟ فأجاب: أما تارك الصلاة: فهذا إن لم يكن معتقدًا لوجوبها، فهو كافر بالنص والإجماع، لكن إذا أسلم ولم يعلم أن الله أوجب عليه الصلاة، أو وجوب بعض أركانها: مثل أن يصلي بلا وضوء، فلا يعلم أن الله أوجب عليه الوضوء، أو يصلي مع الجنابة، فلا يعلم أن الله أوجب عليه غسل الجنابة، فهذا ليس بكافر، إذا لم يعلم. لكن إذا علم الوجوب: هل يجب عليه القضاء؟ فيه قولان للعلماء في مذهب أحمد ومالك وغيرهما. قيل: يجب عليه القضاء، وهو المشهور عن أصحاب الشافعي، وكثير من أصحاب أحمد. وقيل: لا يجب عليه القضاء، وهذا هو الظاهر. وعن أحمد في هذا الأصل روايتان منصوصتان فيمن صلى في معاطن الإبل، ولم يكن علم بالنهي، ثم علم، هل يعيد؟ على روايتين. ومن صلى ولم يتوضأ من لحوم الإبل، ولم يكن علم بالنهي، ثم علم. هل يعيد؟ على روايتين منصوصتين. وقيل: عليه الإعادة إذا ترك الصلاة جاهلا بوجوبها في دار الإسلام دون دار الحرب، وهو المشهور من مذهب أبي حنيفة. والصائم إذا فعل ما يفطر به جاهلا بتحريم ذلك: فهل عليه الإعادة؟ على قولين في مذهب أحمد. وكذلك من فعل محظورًا في الحج جاهلا. وأصل هذا: أن حكم الخطاب، هل يثبت في حق المكلف قبل أن يبلغه؟ فيه ثلاثة أقوال في مذهب أحمد وغيره. قيل: يثبت. وقيل: لا يثبت. وقيل: يثبت المبتدأ دون الناسخ. والأظهر أنه لا يجب قضاء شيء من ذلك، ولا يثبت الخطاب إلا بعد البلاغ، لقوله تعالى: { لأُنذِرَكُم بِهِ وَمَن بَلَغَ } [24]، وقوله: { وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولا } [25]، ولقوله: { لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ } [26]، ومثل هذا في القرآن متعدد، بَيَّن سبحانه أنه لا يعاقب أحدًا حتى يبلغه ما جاء به الرسول. ومن علم أن محمدًا رسول الله فآمن بذلك، ولم يعلم كثيرًا مما جاء به لم يعذبه الله على ما لم يبلغه، فإنه إذا لم يعذبه على ترك الإيمان بعد البلوغ، فإنه لا يعذبه على بعض شرائطه إلا بعد البلاغ أولى وأحرى. وهذه سنة رسول الله http://upload.wikimedia.org/wikisour...%D9%85.svg.png فإنه قد ثبت في الصحاح أن طائفة من أصحابه ظنوا أن قوله تعالى: { الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ } [27] هو الحبل الأبيض من الحبل الأسود، فكان أحدهم يربط في رجله حبلا، ثم يأكل حتى يتبين هذا من هذا فبين النبي http://upload.wikimedia.org/wikisour...%D9%85.svg.png: أن المراد بياض النهار، وسواد الليل، ولم يأمرهم بالإعادة. وكذلك عمر بن الخطاب وعمار أجنبا، فلم يصل عمر حتى أدرك الماء، وظن عمار أن التراب يصل إلى حيث يصل الماء فتمرغ كما تمرغ الدابة ولم يأمر واحدًا منهم بالقضاء، وكذلك أبو ذر بقي مدة جنبًا لم يصل، ولم يأمره بالقضاء، بل أمره بالتيمم في المستقبل. وكذلك المستحاضة قالت: إني أُسْتَحَاض حيضة شديدة تمنعني الصلاة والصوم، فأمرها بالصلاة زمن دم الاستحاضة، ولم يأمرها بالقضاء. ولما حرم الكلام في الصلاة تكلم معاوية بن الحكم السلمي في الصلاة بعد التحريم جاهلا بالتحريم، فقال له: (إن صلاتنا هذه لا يصلح فيها شيء من كلام الآدميين)، ولم يأمره بإعادة الصلاة. ولما زيد في صلاة الحضر حين هاجر إلى المدينة، كان من كان بعيدًا عنه مثل من كان بمكة، وبأرض الحبشة يصلون ركعتين، ولم يأمرهم النبي بإعادة الصلاة. ولما فرض شهر رمضان في السنة الثانية من الهجرة، ولم يبلغ الخبر إلى من كان بأرض الحبشة من المسلمين، حتى فات ذلك الشهر، لم يأمرهم بإعادة الصيام. وكان بعض الأنصار لما ذهبوا إلى النبي http://upload.wikimedia.org/wikisour...%D9%85.svg.png من المدينة إلى مكة قبل الهجرة قد صلى إلى الكعبة معتقدًا جواز ذلك قبل أن يؤمر باستقبال الكعبة، وكانوا حينئذ يستقبلون الشام، فلما ذكر ذلك للنبي http://upload.wikimedia.org/wikisour...%D9%85.svg.png، أمره باستقبال الشام، ولم يأمره بإعادة ما كان صلي. وثبت عنه في الصحيحين أنه سئل وهو بالجِعْرَانة عن رجل أحرم بالعمرة، وعليه جبة، وهو متضمخ بالخلوق، فلما نزل عليه الوحي قال له: (انزع عنك جبتك، واغسل عنك أثر الخلوق، واصنع في عمرتك ما كنت صانعًا في حجك). وهذا قد فعل محظورًا في الحج، وهو لبس الجبة، ولم يأمره النبي http://upload.wikimedia.org/wikisour...%D9%85.svg.png على ذلك بدم ولو فعل ذلك مع العلم للزمه دم. وثبت عنه في الصحيحين أنه قال للأعرابي المسيء في صلاته: (صل فإنك لم تصل) مرتين أو ثلاثًا. فقال: والذي بعثك بالحق ما أحسن غير هذا، فعلمني ما يجزيني في الصلاة، فعلمه الصلاة المجزية. ولم يأمره بإعادة ما صلى قبل ذلك. مع قوله ما أحسن غير هذا، وإنما أمره أن يعيد تلك الصلاة؛ لأن وقتها باق، فهو مخاطب بها، والتي صلاها لم تبرأ بها الذمة، ووقت الصلاة باق. ومعلوم أنه لو بلغ صبي، أو أسلم كافر، أو طهرت حائض، أو أفاق مجنون، والوقت باق لزمتهم الصلاة أداء لا قضاء. وإذا كان بعد خروج الوقت فلا إثم عليهم. فهذا المسيء الجاهل إذا علم بوجوب الطمأنينة في أثناء الوقت فوجبت عليه الطمأنينة حينئذ ولم تجب عليه قبل ذلك؛ فلهذا أمره بالطمأنينة في صلاة تلك الوقت، دون ما قبلها. وكذلك أمره لمن صلى خلف الصف أن يعيد، ولمن ترك لمعة من قدمه أن يعيد الوضوء والصلاة. وقوله أولا: (صل فإنك لم تصل) تبين أن ما فعله لم يكن صلاة، ولكن لم يعرف أنه كان جاهلا بوجوب الطمأنينة، فلهذا أمره بالإعادة ابتداء، ثم علمه إياها، لما قال: والذي بعثك بالحق لا أحسن غير هذا. فهذه نصوصه http://upload.wikimedia.org/wikisour...%D9%85.svg.png في محظورات الصلاة والصيام والحج مع الجهل فيمن ترك واجباتها مع الجهل، وأما أمره لمن صلى خلف الصف أن يعيد، فذلك أنه لم يأت بالواجب مع بقاء الوقت. فثبت الوجوب في حقه حين أمره النبي http://upload.wikimedia.org/wikisour...%D9%85.svg.png لبقاء وقت الوجوب، لم يأمره بذلك مع مضي الوقت. وأما أمره لمن ترك لمعة في رجله لم يصبها بالماء بالإعادة، فلأنه كان ناسيًا، فلم يفعل الواجب، كمن نسي الصلاة، وكان الوقت باقيًا، فإنها قضية معينة بشخص لا يمكن أن يكون في الوقت وبعده. أعني أنه رأي في رِجْل رَجُل لمعة لم يصبها الماء فأمره أن يعيد الوضوء والصلاة، رواه أبو داود. وقال أحمد بن حنبل: حديث جيد. وأما قوله: (ويل للأعقاب من النار) ونحوه. فإنما يدل على وجوب تكميل الوضوء ليس في ذلك أمر بإعادة شيء، ومن كان أيضًا يعتقد أن الصلاة تسقط عن العارفين، أو عن المشائخ الواصلين، أو عن بعض أتباعهم، أو أن الشيخ يصلي عنهم، أو أن لله عبادًا أسقط عنهم الصلاة، كما يوجد كثير من ذلك في كثير من المنتسبين إلى الفقر والزهد، وأتباع بعض المشائخ والمعرفة، فهؤلاء يستتابون باتفاق الأئمة، فإن أقروا بالوجوب، وإلا قوتلوا، وإذا أصروا على جحد الوجوب حتى قتلوا، كانوا من المرتدين، ومن تاب منهم وصلى لم يكن عليه إعادة ما ترك قبل ذلك في أظهر قولي العلماء، فإن هؤلاء إما أن يكونوا مرتدين، وإما أن يكونوا مسلمين جاهلين للوجوب. فإن قيل: إنهم مرتدون عن الإسلام، فالمرتد إذا أسلم لا يقضي ما تركه حال الردة عند جمهور العلماء، كما لا يقضي الكافر إذا أسلم ما ترك حال الكفر باتفاق العلماء، ومذهب مالك وأبي حنيفة وأحمد في أظهر الروايتين عنه، والأخري يقضي المرتد، كقول الشافعي والأول أظهر. فإن الذين ارتدوا على عهد رسول الله http://upload.wikimedia.org/wikisour...%D9%85.svg.png كالحارث بن قيس، وطائفة معه أنزل الله فيهم: { كَيْفَ يَهْدِي اللّهُ قَوْمًا كَفَرُواْ بَعْدَ إِيمَانِهِمْ } الآية [28]، والتي بعدها. وكعبد الله بن أبي سرح، والذين خرجوا مع الكفار يوم بدر، وأنزل فيهم: { ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ هَاجَرُواْ مِن بَعْدِ مَا فُتِنُواْ ثُمَّ جَاهَدُواْ وَصَبَرُواْ إِنَّ رَبَّكَ مِن بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ } [29]. فهؤلاء عادوا إلى الإسلام، وعبد الله بن أبي سرح عاد إلى الإسلام عام الفتح، وبايعه النبي http://upload.wikimedia.org/wikisour...%D9%85.svg.png ولم يأمر أحدًا منهم بإعادة ما ترك حال الكفر في الردة، كما لم يكن يأمر سائر الكفار إذا أسلموا. وقد ارتد في حياته خلق كثير اتبعوا الأسود العنسي الذي تنبأ بصنعاء اليمن، ثم قتله الله، وعاد أولئك إلى الإسلام، ولم يؤمرا بالإعادة. وتنبأ مسيلمة الكذاب، واتبعه خلق كثير، قاتلهم الصديق والصحابة بعد موته حتى أعادوا من بقي منهم إلى الإسلام، ولم يأمر أحدًا منهم بالقضاء، وكذلك سائر المرتدين بعد موته. وكان أكثر البوادي قد ارتدوا ثم عادوا إلى الإسلام، ولم يأمر أحدًا منهم بقضاء ما ترك من الصلاة. وقوله تعالى: { قُل لِلَّذِينَ كَفَرُواْ إِن يَنتَهُواْ يُغَفَرْ لَهُم مَّا قَدْ سَلَفَ } [30]، يتناول كل كافر. وإن قيل: إن هؤلاء لم يكونوا مرتدين، بل جهالا بالوجوب، وقد تقدم أن الأظهر في حق هؤلاء أنهم يستأنفون الصلاة على الوجه المأمور، ولا قضاء عليهم. فهذا حكم من تركها غير معتقد لوجوبها. وأما من اعتقد وجوبها مع إصراره على الترك، فقد ذكر عليه المفرِّعون من الفقهاء فروعًا: أحدها هذا، فقيل عند جمهورهم مالك والشافعي وأحمد. وإذا صبر حتى يقتل فهل يقتل كافرًا مرتدًا، أو فاسقًا كفساق المسلمين؟ على قولين مشهورين. حكيا روايتين عن أحمد، وهذه الفروع لم تنقل عن الصحابة، وهي فروع فاسدة، فإن كان مقرًا بالصلاة في الباطن، معتقدًا لوجوبها، يمتنع أن يصر على تركها حتى يقتل، وهو لا يصلي هذا لا يعرف من بني آدم وعادتهم؛ ولهذا لم يقع هذا قط في الإسلام، ولا يعرف أن أحدًا يعتقد وجوبها، ويقال له إن لم تصل وإلا قتلناك، وهو يصر على تركها، مع إقراره بالوجوب، فهذا لم يقع قط في الإسلام. ومتى امتنع الرجل من الصلاة حتى يقتل، لم يكن في الباطن مقرًا بوجوبها، ولا ملتزمًا بفعلها، وهذا كافر باتفاق المسلمين، كما استفاضت الآثار عن الصحابة بكفر هذا، ودلت عليه النصوص الصحيحة. كقوله http://upload.wikimedia.org/wikisour...%D9%85.svg.png: (ليس بين العبد وبين الكفر إلا ترك الصلاة)، رواه مسلم. وقوله: (العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر). وقول عبد الله بن شَقِيق: كان أصحاب محمد لا يرون شيئًا من الأعمال تركه كفر إلا الصلاة، فمن كان مصرًا على تركها حتى يموت لا يسجد لله سجدة قط، فهذا لا يكون قط مسلمًا مقرًا بوجوبها، فإن اعتقاد الوجوب، واعتقاد أن تاركها يستحق القتل، هذا داع تام إلى فعلها، والداعي مع القدرة يوجب وجود المقدور، فإذا كان قادرًا ولم يفعل قط، علم أن الداعي في حقه لم يوجد. والاعتقاد التام لعقاب التارك باعث على الفعل، لكن هذا قد يعارضه أحيانًا أمور توجب تأخيرها وترك بعض واجباتها، وتفويتها أحيانًا. فأما من كان مصرًا على تركها لا يصلي قط، ويموت على هذا الإصرار والترك، فهذا لا يكون مسلمًا، لكن أكثر الناس يصلون تارة، ويتركونها تارة، فهؤلاء ليسوا يحافظون عليها، وهؤلاء تحت الوعيد، وهم الذين جاء فيهم الحديث الذي في السنن حديث عبادة عن النبي http://upload.wikimedia.org/wikisour...%D9%85.svg.png أنه قال: (خمس صلوات كتبهن الله على العباد في إلىوم والليلة من حافظ عليهن كان له عهد عند الله أن يدخله الجنة، ومن لم يحافظ عليهن لم يكن له عهد عند الله، إن شاء عذبه، وإن شاء غفر له). فالمحافظ عليها الذي يصليها في مواقيتها، كما أمر الله تعالى والذي ليس يؤخرها أحيانًا عن وقتها، أو يترك واجباتها، فهذا تحت مشيئة الله تعالى، وقد يكون لهذا نوافل يكمل بها فرائضه، كما جاء في الحديث. |
سئل عمن ترك صلاة واحدة عمدا بنية أنه يفعلها بعد خروج وقتها قضاء وسئل عمن ترك صلاة واحدة عمدًا بنية أنه يفعلها بعد خروج وقتها قضاء، فهل يكون فعله كبيرة من الكبائر؟ فأجاب: الحمد لله، نعم تأخير الصلاة عن غير وقتها الذي يجب فعلها فيه عمدًا من الكبائر، بل قد قال عمر بن الخطاب رضى الله عنه : الجمع بين الصلاتين من غير عذر من الكبائر. وقد رواه الترمذي مرفوعًا عن ابن عباس عن النبي http://upload.wikimedia.org/wikisour...%D9%85.svg.png أنه قال: من جمع بين الصلاتين من غير عذر، فقد أتى بابًا من أبواب الكبائر. ورفع هذا إلى النبي http://upload.wikimedia.org/wikisour...%D9%85.svg.png وإن كان فيه نظر. فإن الترمذي قال: العمل على هذا عند أهل العلم، والأثر معروف، وأهل العلم ذكروا ذلك مقرين له، لا منكرين له. وفى الصحيح عن النبي http://upload.wikimedia.org/wikisour...%D9%85.svg.png قال: من فاتته صلاة العصر، فقد حبط عمله، وحبوط العمل لا يتوعد به إلا على ما هو من أعظم الكبائر، وكذلك تفويت العصر أعظم من تفويت غيرها، فإنها الصلاة الوسطى المخصوصة بالأمر بالمحافظة عليها، وهى التي فرضت على من كان قبلنا فضيعوها، فمن حافظ عليها، فله الأجر مرتين، وهى التي لما فاتت سليمان فعل بالخيل ما فعل. وفى الصحيح عن النبي http://upload.wikimedia.org/wikisour...%D9%85.svg.png أيضًا أنه قال: من فاتته صلاة العصر فكأنما وَتِرَ أهله وماله. والموتور أهله وماله يبقى مسلوبًا ليس له ما ينتفع به من الأهل والمال، وهو بمنزلة الذي حبط عمله. وأيضًا، فإن الله تعالى يقول: { فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ الَّذِينَ هُمْ عَن صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ } [33]، فتوعد بالويل لمن يسهو عن الصلاة حتى يخرج وقتها وإن صلاها بعد ذلك، وكذلك قوله تعالى: { فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا } [34]، وقد سألوا ابن مسعود عن إضاعتها فقال: هو تأخيرها حتى يخرج وقتها، فقالوا: ما كنا نرى ذلك إلا تركها، فقال: لو تركوها لكانوا كفارًا، وقد كان ابن مسعود يقول عن بعض أمراء الكوفة في زمانه: ما فعل خلفكم؟ لكونهم كانوا يؤخرون الصلاة عن وقتها. وقوله: { وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ } يتناول كل من استعمل ما يشتهيه عن المحافظة عليها في وقتها، سواء كان المشتهى من جنس المحرمات، كالمأكول المحرم، والمشروب المحرم، والمنكوح المحرم، والمسموع المحرم أو كان من جنس المباحات لكن الإسراف فيه ينهى عنه، أو غير ذلك، فمن اشتغل عن فعلها في الوقت بلعب أو لهو أو حديث مع أصحابه، أو تنزه في بستانه، أو عمارة عقاره، أو سعى في تجارته، أو غير ذلك، فقد أضاع تلك الصلاة، واتبع ما يشتهيه. وقد قال تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ } [35]، ومن ألهاه ماله وولده عن فعل المكتوبة في وقتها، دخل في ذلك، فيكون خاسرًا. وقال تعالى في ضد هؤلاء: { يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ. رِجَالٌ لَّا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاء الزَّكَاةِ } [36]. فإذا كان سبحانه قد توعد بلقى الغى من يضيع الصلاة عن وقتها ويتبع الشهوات، والمؤخر لها عن وقتها مشتغلا بما يشتهيه هو مضيع لها متبع لشهوته. فدل ذلك على أنه من الكبائر، إذ هذا الوعيد لا يكون إلا على كبيرة، ويؤيد ذلك جعله خاسرًا، والخسران لا يكون بمجرد الصغائر المكفرة باجتناب الكبائر. وأيضًا، فلا... أحدًا من صلى بلا طهارة، أو إلى غير القبلة عمدًا، وترك الركوع والسجود أو القراءة أو غير ذلك متعمدًا، أنه قد فعل بذلك كبيرة، بل قد يتورع في كفره إن لم يستحل ذلك، وأما إذا استحله فهو كافر بلا ريب. ومعلوم أن الوقت للصلاة مقدم على هذه الفروض وغيرها، فإنه لا نزاع بين المسلمين أنه إذا علم المسافر العادم للماء أنه يجده بعد الوقت لم يجز له تأخير الصلاة ليصليها بعد الوقت بوضوء، أو غسل؛ بل ذلك هو الفرض وكذلك العاجز عن الركوع والسجود والقراءة إذا استحله فهو كافر بلا ريب. ومعلوم أنه إن علم أنه بعد الوقت يمكنه أن يصلى بإتمام الركوع والسجود والقراءة، كان الواجب عليه أن يصلى في الوقت لإمكانه. وأما قول بعض أصحابنا: إنه لا يجوز تأخيرها عن وقتها إلا لناوٍ لجمعها أو مشتغل بشرطها، فهذا لم يقله قبله أحد من الأصحاب، بل ولا أحد من سائر طوائف المسلمين، إلا أن يكون بعض أصحاب الشافعي، فهذا أشك فيه. ولا ريب أنه ليس على عمومه وإطلاقه بإجماع المسلمين، وإنما فيه صورة معروفة، كما إذا أمكن الواصل إلى البئر أن يضع حبلا يستقى، ولا يفرغ إلا بعد الوقت، وإذا أمكن العريان أن يخيط له ثوبًا ولا يفرغ إلا بعد الوقت، ونحو هذه الصور. ومع هذا، فالذي قاله في ذلك خلاف المذهب المعروف عن أحمد وأصحابه وخلاف قول جماعة علماء المسلمين من الحنفية والمالكية وغيرهم. وما أعلم من يوافقه على ذلك إلا بعض أصحاب الشافعي، ومن قال ذلك فهو محجوج بإجماع المسلمين على أن مجرد الاشتغال بالشرط لا يبيح تأخير الصلاة عن وقتها المحدود شرعًا، فإنه لو دخل الوقت وأمكنه أن يطلب الماء وهو لا يجده إلا بعد الوقت، لم يجز له التأخير باتفاق المسلمين، وإن كان مشتغلا بالشرط. وكذلك العريان لو أمكنه أن يذهب إلى قرية ليشترى له منها ثوبًا، وهو لا يصل إلا بعد خروج الوقت، لم يجز له التأخير بلا نزاع. والأمي كذلك إذا أمكنه تعلم الفاتحة وهو لا يتعلمها حتى يخرج الوقت، كان عليه أن يصلى في الوقت، وكذلك العاجز عن تعلم التكبير والتشهد إذا ضاق الوقت صلى بحسب الإمكان، ولم ينتظر وكذلك المستحاضة لو كان دمها ينقطع بعد الوقت، لم يجز لها أن تؤخر الصلاة لتصلي بطهارة بعد الوقت، بل تصلي في الوقت بحسب الإمكان. وأما حيث جاز الجمع فالوقت واحد، والمؤخرليس بمؤخر عن الوقت الذي يجوز فعلها فيه، بل في أحد القولين أنه لا يحتاج الجمع إلى النية، كما قال أبو بكر. وكذلك القصر، وهو مذهب الجمهور: كأبى حنيفة ومالك. وكذلك صلاة الخوف تجب في الوقت، مع إمكان أن يؤخرها فلا يستدبر القبلة، ولا يعمل عملا كثيرًا في الصلاة، ولا يتخلف عن الإمام بركعة، ولا يفارق الإمام قبل السلام، ولا يقضى ما سبق به قبل السلام، ونحو ذلك مما يفعل في صلاة الخوف، وليس ذلك إلا لأجل الوقت، وإلا ففعلها بعد الوقت ولو بالليل ممكن على الإكمال. وكذلك من اشتبهت عليه القبلة، وأمكنه تأخير الصلاة إلى أن يأتى مصرًا، يعلم فيه القبلة لم يجز له ذلك، وإنما نازع من نازع إذا أمكنه تعلم دلائل القبلة، ولا يتعلمها حتى يخرج الوقت. وهذا النزاع هو القول المحدث الشاذ الذي تقدم ذكره.وأما النزاع المعروف بين الأئمة في مثل ما إذا استيقظ النائم في آخر الوقت، ولم يمكنه أن يصلى قبل الطلوع بوضوء: هل يصلى بتيمم؟ أو يتوضأ ويصلى بعد الطلوع؟ على قولين مشهورين: الأول: قول مالك، مراعاة للوقت. الثانى: قول الأكثرين كأحمد والشافعي وأبى حنيفة. وهذه المسألة هي التي توهم من توهم أن الشرط مقدم على الوقت، وليس كذلك، فإن الوقت في حق النائم هو من حين يستيقظ. كما ثبت في الصحيح عن النبي http://upload.wikimedia.org/wikisour...%D9%85.svg.png أنه قال: (من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها، فإن ذلك وقتها). فجعل الوقت الذي أوجب الله على العبد فيه هو وقت الذكر والانتباه، وحينئذ، فمن فعلها في هذا الوقت بحسب ما يمكنه من الطهارة الواجبة فقد فعلها في الوقت، وهذا ليس بمفرط ولا مضيع لها. قال النبي http://upload.wikimedia.org/wikisour...%D9%85.svg.png: (ليس في النوم تفريط؛ إنما التفريط في اليقظة). بخلاف المتنبه من أول الوقت فإنه مأمور أن يفعلها في ذلك الوقت، بحيث لو أخرها عنه عمدًا كان مضيعًا مفرطًا، فإذا اشتغل عنها بشرطها وكان قد أخرها عن الوقت الذي أمر أن يفعلها فيه، ولولا أنه مأمور بفعلها في ذلك الوقت، لجاز تأخيرها عن الوقت، إذا كان مشتغلا بتحصيل ماء الطهارة، أو ثوب الاستعارة، بالذهاب إلى مكانه ونحو ذلك، وهذا خلاف إجماع المسلمين. بل المستيقظ في آخر الوقت إنما عليه أن يتوضأ كما يتوضأ المستيقظ في الوقت، فلو أخرها لأنه يجد الماء عند الزوال ونحو ذلك، لم يجز له ذلك. وأيضًا، فقد نص العلماء على أنه إذا جاء وقت الصلاة ولم يصل، فإنه يقتل، وإن قال: أنا أصليها قضاء. كما يقتل إذا قال: أصلى بغير وضوء، أو إلى غير القبلة، وكل فرض من فرائض الصلاة المجمع عليها إذا تركه عمدًا، فإنه يقتل بتركه. كما أنه يقتل بترك الصلاة. فإن قلنا: يقتل بضيق الثانية والرابعة، فالأمر كذلك، وكذلك إذا قلنا: يقتل بضيق الأولى وهو الصحيح أو الثالثة، فإن ذلك مبنى على أنه: هل يقتل بترك صلاة، أو بثلاث؟ على روايتين. وإذا قيل بترك صلاة: فهل يشترط وقت التي بعدها، أو يكفى ضيق وقتها؟ على وجهين. وفيها وجه ثالث: وهو الفرق بين صلاتى الجمع وغيرها. ولا يعارض ما ذكرناه أنه يصح بعد الوقت؛ بخلاف بقية الفرائض؛ لأن الوقت إذا فات لم يمكن استدراكه، فلا يمكنه أن يفعلها إلا فائتة، ويبقى إثم التأخير من باب الكبائر التي تمحوها التوبة ونحوها، وأما بقية الفرائض، فيمكن استدراكها بالقضاء. وأما الأمراء الذين كانوا يؤخرون الصلاة عن وقتها، ونهى النبي http://upload.wikimedia.org/wikisour...%D9%85.svg.png عن قتالهم، فإن قيل: إنهم كانوا يؤخرون الصلاة إلى آخر الوقت، فلا كلام، وإن قيل وهو الصحيح: إنهم كانوا يفوتونها، فقد أمر النبي http://upload.wikimedia.org/wikisour...%D9%85.svg.png الأمة بالصلاة في الوقت. وقال: (اجعلوا صلاتكم معهم نافلة). ونهى عن قتالهم، كما نهى عن قتال الأئمة إذا استأثرو وظلموا الناس حقوقهم، واعتدوا عليهم، وإن كان يقع من الكبائر في أثناء ذلك ما يقع. ومؤخرها عن وقتها فاسق، والأئمة لا يقاتلون بمجرد الفسق، وإن كان الواحد المقدور قد يقتل لبعض أنواع الفسق كالزنا، وغيره فليس كلما جاز فيه القتل، جاز أن يقاتل الأئمة لفعلهم إياه؛ إذ فساد القتال أعظم من فساد كبيرة يرتكبها ولى الأمر. ولهذا نص من نص من أصحاب أحمد وغيره على أن النافلة تصلي خلف الفساق؛ لأن النبي http://upload.wikimedia.org/wikisour...%D9%85.svg.png أمر بالصلاة خلف الأمراء الذين يؤخرون الصلاة حتى يخرج وقتها، وهؤلاء الأئمة فساق، وقد أمر بفعلها خَلْفَهم نافلة. والمقصود أن الفسق بتفويت الصلاة أمر معروف عند الفقهاء. لكن لو قال قائل: الكبيرة تفويتها دائمًا، فإن ذلك إصرار على الصغيرة. قيل له: قد تقدم ما يبين أن الوعيد يلحق بتفويت صلاة واحدة. وأيضًا، فإن الإصرار هو العزم على العود، ومن أتى صغيرة وتاب منها ثم عاد إليها، لم يكن قد أتى كبيرة. وأيضًا، فمن اشترط المداومة على التفويت، محتاج إلى ضابط، فإن أراد بذلك المداومة على طول عمره، لم يكن المذكورون من هذا الباب، وإن أراد مقدارًا محدودًا طولب بدليل عليه. وأيضًا، فالقتل بترك واحدة أبلغ من جعل ذلك كبيرة. والله سبحانه أعلم. |
سئل عن مسلم تارك للصلاة ويصلي الجمعة وسئل عن مسلم تارك للصلاة، ويصلي الجمعة. فهل تجب عليه اللعنة؟ فأجاب: الحمد لله، هذا استوجب العقوبة باتفاق المسلمين، والواجب عند جمهور العلماء كمالك والشافعي وأحمد أن يستتاب، فإن تاب وإلا قتل، ولعن تارك الصلاة على وجه العموم، وأما لعنة المعين فالأولى تركها، لأنه يمكن أن يتوب. والله أعلم. |
الأذان والإقامة سئل عن الأذان هل هو فرض أم سنة وسئل عن الأذان. هل هو فرض أم سنة؟ وهل يستحب الترجيع أم لا؟ وهل التكبير أربع أو اثنتان كمالك؟ وهل الإقامة شفع أو فرد؟ وهل يقول قد قامت الصلاة مرة أو مرتين؟ فأجاب: الصحيح أن الأذان فرض على الكفاية، فليس لأهل مدينة ولا قرية أن يدعوا الأذان والإقامة، وهذا هو المشهور من مذهب أحمد وغيره. وقد أطلق طوائف من العلماء أنه سنة. ثم من هؤلاء من يقول: إنه إذا اتفق أهل بلد على تركه قوتلوا، والنزاع مع هؤلاء قريب من النزاع اللفظي. فإن كثيرًا من العلماء يطلق القول بالسنة على ما يذم تاركه شرعًا، ويعاقب تاركه شرعًا، فالنزاع بين هذا وبين من يقول: إنه واجب، نزاع لفظي، ولهذا نظائر متعددة. وأما من زعم أنه سنة لا إثم على تاركيه ولا عقوبة، فهذا القول خطأ. فإن الأذان هو شعار دار الإسلام، الذي ثبت في الصحيح أن النبي http://upload.wikimedia.org/wikisour...%D9%85.svg.png كان يعلق استحلال أهل الدار بتركه، فكان يصلى الصبح، ثم ينظر فإن سمع مؤذنًا لم يغر، وإلا أغار. وفى السنن لأبي داود والنسائي عن أبي الدرداء قال: سمعت رسول الله http://upload.wikimedia.org/wikisour...%D9%85.svg.png يقول: ما من ثلاثة في قرية لا يؤذن، ولا تقام فيهم الصلاة، إلا استحوذ عليهم الشيطان، فعليك بالجماعة، فإن الذئب يأكل الشاة القاصية. وقد قال تعالى: { اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ فَأَنسَاهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ أُوْلَئِكَ حِزْبُ الشَّيْطَانِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطَانِ هُمُ الْخَاسِرُونَ } [37]. وأما الترجيع وتركه، وتثنية التكبير وتربيعه، وتثنية الإقامة وإفرادها، فقد ثبت في صحيح مسلم والسنن حديث أبي مَحْذُورة الذي علمه النبي http://upload.wikimedia.org/wikisour...%D9%85.svg.png الأذان عام فتح مكة، وكان الأذان فيه وفى ولده بمكة، ثبت أنه علَّمَه الأذان والإقامة، وفيه الترجيع. وروى في حديثه التكبير مرتين كما في صحيح مسلم. وروي أربعًا كما في سنن أبي داود وغيره. وفى حديثه أنه علمه الإقامة شفعًا. وثبت في الصحيح عن أنس بن مالك قال: لما كثر الناس، قال: تذاكروا إن يعلموا وقت الصلاة بشىء يعرفونه فذكروا أن يوروا نارًا، أو يضربوا ناقوسًا، فأمر بلالا أن يشفع الأذان، ويوتر الإقامة. وفى رواية للبخاري: إلا الإقامة. وفى سنن أبي داود وغيره، أن عبد الله بن زيد لما أري الأذان، وأمره النبي http://upload.wikimedia.org/wikisour...%D9%85.svg.png أن يلقيه على بلال، فألقاه عليه، وفيه التكبير أربعًا، بلا ترجيع. وإذا كان كذلك، فالصواب مذهب أهل الحديث، ومن وافقهم، وهو تسويغ كل ما ثبت في ذلك عن النبي http://upload.wikimedia.org/wikisour...%D9%85.svg.png، لا يكرهون شيئًا من ذلك؛ إذ تنوع صفة الأذان والإقامة، كتنوع صفة القراءات والتشهدات، ونحو ذلك. وليس لأحد أن يكره ما سنه رسول الله http://upload.wikimedia.org/wikisour...%D9%85.svg.png لأمته. وأما من بلغ به الحال إلى الاختلاف والتفرق حتى يوالي ويعادي ويقاتل على مثل هذا ونحوه مما سوغه الله تعالى، كما يفعله بعض أهل المشرق، فهؤلاء من الذين فرقوا دينهم، وكانوا شيعًا. وكذلك ما يقوله بعض الأئمة ولا أحب تسميته من كراهة بعضهم للترجيع، وظنهم أن أبا مَحْذُورة غلط في نقله، وأنه كرره ليحفظه، ومن كراهة من خالفهم لشفع الإقامة، مع أنهم يختارون أذان أبي محذورة. هؤلاء يختارون إقامته، ويكرهون أذانه، وهؤلاء يختارون أذانه، ويكرهون إقامته. فكلاهما قولان متقابلان. والوسط أنه لا يكره لا هذا ولا هذا. وإن كان أحمد وغيره من أئمة الحديث يختارون أذان بلال وإقامته؛ لمداومته على ذلك بحضرته، فهذا كما يختار بعض القراءات والتشهدات ونحو ذلك. ومن تمام السنة في مثل هذا: أن يفعل هذا تارة، وهذا تارة، وهذا في مكان، وهذا في مكان؛ لأن هجر ما وردت به السنة، وملازمة غيره، قد يفضى إلى أن يجعل السنة بدعة، والمستحب واجبًا ويفضي ذلك إلى التفرق والاختلاف، إذا فعل آخرون الوجه الآخر. فيجب على المسلم أن يراعي القواعد الكلية، التي فيها الاعتصام بالسنة والجماعة، لاسيما في مثل صلاة الجماعة. وأصح الناس طريقة في ذلك هم علماء الحديث، الذين عرفوا السنة واتبعوها؛ إذ من أئمة الفقه من اعتمد في ذلك على أحاديث ضعيفة، ومنهم من كان عمدته العمل الذي وجده ببلده، وجعل ذلك السنة دون ما خالفه، مع العلم بأن النبي http://upload.wikimedia.org/wikisour...%D9%85.svg.png وربما جعل بعضهم أذان بلال وإقامته ما وجده في بلده: إما بالكوفة، وإما بالشام، وإما بالمدينة. وبلال لم يؤذن بعد النبي http://upload.wikimedia.org/wikisour...%D9%85.svg.png إلا قليلا، وإنما أذن بالمدينة سعد القُرَظِى مؤذن أهل قباء. والترجيع في الأذان اختيار مالك والشافعي؛ لكن مالك يرى التكبير مرتين، والشافعي يراه أربعا، وتركه اختيار أبي حنيفة. وأما أحمد، فعنده كلاهما سنة وتركه أحب إليه؛ لأنه أذان بلال. والإقامة يختار إفرادها مالك والشافعي وأحمد، وهو مع ذلك يقول: إن تثنيتها سنة، والثلاثة أبو حنيفة والشافعي وأحمد يختارون تكرير لفظ الإقامة، دون مالك، والله أعلم. |
سئل عن قوله أفضل الأعمال عند الله الصلاة لوقتها وسئل عن قوله http://upload.wikimedia.org/wikisour...%D9%85.svg.png: (أفضل الأعمال عند الله الصلاة لوقتها) فهل هو الأول أو الثانى؟ فأجاب: الوقت يعم أول الوقت وآخره، والله يقبلها في جميع الوقت، لكن أوله أفضل من آخره، إلا حيث استثناه الشارع كالظهر في شدة الحر، وكالعشاء إذا لم يشق على المأمومين، والله أعلم. |
سئل عن قوله أسفروا بالفجر فإنه أعظم للأجر وسئل: عن قوله http://upload.wikimedia.org/wikisour...%D9%85.svg.png: (أسفروا بالفجر فإنه أعظم للأجر)؟ فأجاب: أما قوله http://upload.wikimedia.org/wikisour...%D9%85.svg.png: (أسفروا بالفجر، فإنه أعظم للأجر)، فإنه حديث صحيح. لكن قد استفاض عن النبي http://upload.wikimedia.org/wikisour...%D9%85.svg.png أنه كان يغلس بالفجر، حتى كانت تنصرف نساء المؤمنات متلفعات بمروطهن ما يعرفهن أحد من الغلس. فلهذا فسروا ذلك الحديث بوجهين: أحدهما: أنه أراد الإسفار بالخروج منها: أي أطيلوا القراءة حتى تخرجوا منها مسفرين، فإن النبي http://upload.wikimedia.org/wikisour...%D9%85.svg.png كان يقرأ فيها بالستين آية إلى مائة آية، نحو نصف حزب. والوجه الثانى: أنه أراد أن يتبين الفجر ويظهر، فلا يصلي مع غلبة الظن، فإن النبي http://upload.wikimedia.org/wikisour...%D9%85.svg.png كان يصلي بعد التبين، إلا يوم مزدلفة فإنه قدمها ذلك اليوم على عادته. والله أعلم. وسئل رحمه الله عن رجل من أهل القبلة ترك الصلاة مدة سنتين، ثم تاب بعد ذلك، وواظب على أدائها. فهل يجب عليه قضاء ما فاته منها أم لا؟ فأجاب: أما من ترك الصلاة، أو فرضًا من فرائضها، فإما أن يكون قد ترك ذلك ناسيًا له بعد علمه بوجوبه، وإما أن يكون جاهلا بوجوبه، وإما أن يكون لعذر يعتقد معه جواز التأخير، وإما أن يتركه عالمًا عمدًا. فأما الناسي للصلاة، فعليه أن يصليها إذا ذكرها بسنة رسول الله http://upload.wikimedia.org/wikisour...%D9%85.svg.png المستفيضة عنه، باتفاق الأئمة. قال http://upload.wikimedia.org/wikisour...%D9%85.svg.png: (من نام عن صلاة أو نسيها، فليصلها إذا ذكرها. لا كفارة لها إلا ذلك) وقد استفاض في الصحيح وغيره: أنه نام هو وأصحابه عن صلاة الفجر في السفر فصلوها بعد ما طلعت الشمس السنة والفريضة بأذان وإقامة . وكذلك من نسي طهارة الحدث، وصلى ناسيًا: فعليه أن يعيد الصلاة بطهارة بلا نزاع، حتى لو كان الناسي إمامًا كان عليه أن يعيد الصلاة، ولا إعادة على المأمومين إذا لم يعلموا عند جمهور العلماء، كمالك والشافعي وأحمد في المنصوص المشهور عنه. كما جرى لعمر وعثمان رضي الله عنهما. وأما من نسى طهارة الخبث، فإنه لا إعادة عليه في مذهب مالك وأحمد في أصح الروايتين عنه، والشافعي في أحد قوليه؛ لأن هذا من باب فعل المنهى عنه، وتلك من باب ترك المأمور به، ومن فعل ما نهى عنه ناسيًا فلا إثم عليه بالكتاب والسنة. كما جاءت به السنة فيمن أكل في رمضان ناسيًا. وهو مذهب أبي حنيفة والشافعي وأحمد. وطرد ذلك فيمن تكلم في الصلاة ناسيًا، ومن تطيب ولبس ناسيًا، كما هو مذهب الشافعي وأحمد في إحدى الروايتين عنه. وكذلك من فعل المحلوف عليه ناسيًا كما هو أحد القولين عن الشافعي وأحمد. وهنا مسائل تنازع العلماء فيها: مثل من نسى الماء في رحله وصلى بالتيمم، وأمثال ذلك ليس هذا موضع تفصيلها. وأما من ترك الصلاة جاهلا بوجوبها مثل من أسلم في دار الحرب، ولم يعلم أن الصلاة واجبة عليه، فهذه المسألة للفقهاء فيها ثلاثة أقوال. وجهان في مذهب أحمد: أحدها: عليه الإعادة مطلقًا. وهو قول الشافعي، وأحد الوجهين في مذهب أحمد. والثانى: عليه الإعادة إذا تركها بدار الإسلام دون دار الحرب. وهو مذهب أبى حنيفة؛ لأن دار الحرب دار جهل، يعذر فيه، بخلاف دار الإسلام. والثالث: لا إعادة عليه مطلقًا. وهو الوجه الثانى في مذهب أحمد، وغيره. وأصل هذين الوجهين: أن حكم الشارع، هل يثبت في حق المكلف قبل بلوغ الخطاب له، فيه ثلاثة أقوال في مذهب أحمد، وغيره: أحدها: يثبت مطلقًا. والثانى: لا يثبت مطلقًا. والثالث: يثبت حكم الخطاب المبتدأ دون الخطاب الناسخ، كقضية أهل قباء، وكالنزاع المعروف في الوكيل إذا عزل. فهل يثبت حكم العزل في حقه قبل العلم. وعلى هذا، لو ترك الطهارة الواجبة لعدم بلوغ النص. مثل أن يأكل لحم الإبل ولا يتوضأ، ثم يبلغه النص، ويتبين له وجوب الوضوء، أو يصلي في أعطان الإبل ثم يبلغه، ويتبين له النص، فهل عليه إعادة ما مضى؟ فيه قولان هما روايتان عن أحمد. ونظيره أن يمس ذكره ويصلي، ثم يتبين له وجوب الوضوء من مس الذكر. والصحيح في جميع هذه المسائل عدم وجوب الإعادة؛ لأن الله عفا عن الخطأ والنسيان، ولأنه قال: { وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولا } [49].فمن لم يبلغه أمر الرسول في شيء معين، لم يثبت حكم وجوبه عليه؛ ولهذا لم يأمر النبي http://upload.wikimedia.org/wikisour...%D9%85.svg.png عمر وعمارًا لما أجنبا فلم يصل عمر، وصلى عمار بالتمرغ أن يعيد واحد منهما، وكذلك لم يأمر أبا ذر بالإعادة لما كان يجنب ويمكث أياما لا يصلي، وكذلك لم يأمر من أكل من الصحابة حتى يتبين له الحبل الأبيض من الحبل الأسود بالقضاء، كما لم يأمر من صلى إلى بيت المقدس قبل بلوغ النسخ لهم بالقضاء. ومن هذا الباب: المستحاضة إذا مكثت مدة لا تصلى لاعتقادها عدم وجوب الصلاة عليها، ففى وجوب القضاء عليها قولان: أحدهما: لا إعادة عليها. كما نقل عن مالك وغيره؛ لأن المستحاضة التي قالت للنبى http://upload.wikimedia.org/wikisour...%D9%85.svg.png: إنى حضت حيضة شديدة كبيرة منكرة منعتنى الصلاة والصيام، أمرها بما يجب في المستقبل، ولم يأمرها بقضاء صلاة الماضى . وقد ثبت عندى بالنقل المتواتر أن في النساء والرجال بالبوادى وغير البوادى من يبلغ ولا يعلم أن الصلاة عليه واجبة، بل إذا قيل للمرأة: صلى، تقول: حتى أكبر وأصير عجوزة، ظانة أنه لا يخاطب بالصلاة إلا المرأة الكبيرة، كالعجوز ونحوها. وفى أتباع الشيوخ طوائف كثيرون لا يعلمون أن الصلاة واجبة عليهم، فهؤلاء لا يجب عليهم في الصحيح قضاء الصلوات، سواء قيل: كانوا كفارًا، أو كانوا معذورين بالجهل. وكذلك من كان منافقًا زنديقًا يظهر الإسلام ويبطن خلافه، وهو لا يصلي، أو يصلي أحيانًا بلا وضوء، أو لا يعتقد وجوب الصلاة، فإنه إذا تاب من نفاقه وصلى، فإنه لا قضاء عليه عند جمهور العلماء. والمرتد الذي كان يعتقد وجوب الصلاة، ثم ارتد عن الإسلام، ثم عاد، لا يجب عليه قضاء ما تركه حال الردة عند جمهور العلماء كمالك وأبي حنيفة وأحمد في ظاهر مذهبه فإن المرتدين الذين ارتدوا على عهد النبي http://upload.wikimedia.org/wikisour...%D9%85.svg.png كعبد الله بن سعد بن أبى سرح، وغيره مكثوا على الكفر مدة ثم أسلموا، ولم يأمر أحدًا منهم بقضاء ما تركوه. وكذلك المرتدون على عهد أبى بكر لم يؤمروا بقضاء صلاة، ولا غيرها. وأما من كان عالمًا بوجوبها وتركها بلا تأويل حتى خرج وقتها الموقت، فهذا يجب عليه القضاء عند الأئمة الأربعة، وذهب طائفة منهم ابن حزم وغيره إلى أن فعلها بعد الوقت لا يصح من هؤلاء، وكذلك قالوا فيمن ترك الصوم متعمدًا. والله سبحانه وتعالى أعلم. |
سئل عمن عليه صلوات كثيرة فاتته هل يصليها بسننها وسئل رحمه الله عن رجل عليه صلوات كثيرة فاتته، هل يصليها بسننها؟ أم الفريضة وحدها؟ وهل تقضى في سائر الأوقات من ليل أو نهار؟ فأجاب: المسارعة إلى قضاء الفوائت الكثيرة أولى من الاشتغال عنها بالنوافل، وأما مع قلة الفوائت فقضاء السنن معها حسن. فإن النبي http://upload.wikimedia.org/wikisour...%D9%85.svg.png لما نام هو وأصحابه عن الصلاة صلاة الفجر عام حنين، قضوا السنة والفريضة. ولما فاتته الصلاة يوم الخندق قضى الفرائض بلا سنن. والفوائت المفروضة تقضى في جميع الأوقات؛ فإن النبي http://upload.wikimedia.org/wikisour...%D9%85.svg.png قال: (من أدرك ركعة من الفجر قبل أن تطلع الشمس فليصل إليها أخرى). والله أعلم. |
سئل أيما أفضل صلاة النافلة أم القضاء وسئل:أيما أفضل صلاة النافلة؟ أم القضاء؟ فأجاب: إذا كان عليه قضاء واجب، فالاشتغال به أولى من الاشتغال بالنوافل التي تشغل عنه. سئل عمن صلى ركعتين من فرض الظهر فسلم ثم لم يذكرها إلا في فرض العصر وسئل شيخ الإسلام: عن رجل صلى ركعتين من فرض الظهر فسلم، ثم لم يذكرها إلا وهو في فرض العصر في ركعتين منها في التحيات. فماذا يصنع؟ فأجاب: إن كان مأموما، فإنه يتم العصر، ثم يقضى الظهر. وفى إعادة العصر قولان للعلماء، فإن هذه المسألة مبنية على أن صلاة الظهر بطلت بطول الفصل، والشروع في غيرها، فيكون بمنزلة من فاتته الظهر، ومن فاتته الظهر وحضرت جماعة العصر، فإنه يصلي العصر، ثم يصلي الظهر، ثم هل يعيد العصر؟ فيه قولان للصحابة والعلماء. أحدهما: يعيدها، وهو مذهب أبى حنيفة، ومالك، والمشهور في مذهب أحمد. والثاني: لا يعيد، وهو قول ابن عباس، ومذهب الشافعي، واختيار جدي. ومتى ذكر الفائتة في أثناء الصلاة كان كما لو ذكر قبل الشروع فيها، ولو لم يذكر الفائتة حتى فرغت الحاضرة، فإن الحاضرة تجزئة عند جمهور العلماء. كأبي حنيفة والشافعي وأحمد. وأما مالك، فغالب ظني أن مذهبه أنها لا تصح. والله أعلم. |
سئل عمن فاتته صلاة العصر ثم وجد المغرب قد أقيمت فهل يصلي الفائتة قبل المغرب وسئل رحمه الله: عن رجل فاتته صلاة العصر: فجاء إلى المسجد فوجد المغرب قد أقيمت، فهل يصلي الفائتة قبل المغرب أم لا؟ فأجاب: الحمد لله رب العالمين، بل يصلي المغرب مع الإمام، ثم يصلي العصر باتفاق الأئمة، ولكن هل يعيد المغرب؟ فيه قولان. أحدهما: يعيد، وهو قول ابن عمر، ومالك، وأبي حنيفة، وأحمد في المشهور عنه. والثاني: لا يعيد المغرب، وهو قول ابن عباس، وقول الشافعي، والقول الآخر في مذهب أحمد. والثاني أصح، فإن الله لم يوجب على العبد أن يصلي الصلاة مرتين، إذا اتقى الله ما استطاع. والله أعلم. |
جميع الأوقات بتوقيت GMT +2. الساعة الآن 03:55 AM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.