بوابة الثانوية العامة المصرية

بوابة الثانوية العامة المصرية (https://www.thanwya.com/vb/index.php)
-   الجودة والإعتماد التربــــــــــــــــــوى (https://www.thanwya.com/vb/forumdisplay.php?f=369)
-   -   مجموعة مقالات تربوية تهم الجميع (https://www.thanwya.com/vb/showthread.php?t=237865)

عمروعبده 10-08-2010 01:33 PM

مجموعة مقالات تربوية تهم الجميع
 
أقدم لحضراتكم مجموعة مقالات تربوية هامة لا يستغنى عنها كل تربوى للنهوض بأبنائنا
وهو منقول للفائدة

نبدأ باسم الله
المقترحات العشرة في تنمية مواهب الأطفال

اعرف ابنك .. اكتشف كنوزه .. استثمرها
الموهبة والإبداع عطيَّة الله تعالى لجُلِّ الناس ، وبِذرةٌ كامنةٌ مودعة في الأعماق ؛ تنمو وتثمرُ أو تذبل وتموت ، كلٌّ حسب بيئته الثقافية ووسطه الاجتماعي .

ووفقاً لأحدث الدراسات تبيَّن أن نسبة المبدعين الموهوبين من الأطفال من سن الولادة إلى السنة الخامسة من أعمارهم نحو 90% ، وعندما يصل الأطفال إلى سن السابعة تنخفض نسبة المبدعين منهم إلى 10% ، وما إن يصلوا السنة الثامنة حتى تصير النسبة 2% فقط . مما يشير إلى أن أنظمةَ التعليم والأعرافَ الاجتماعيةَ تعمل عملها في إجهاض المواهب وطمس معالمها، مع أنها كانت قادرةً على الحفاظ عليها، بل تطويرها وتنميتها .

فنحن نؤمن أن لكلِّ طفلٍ ميزةً تُميِّزه من الآخرين ، كما نؤمن أن هذا التميُّزَ نتيجةُ تفاعُلٍ ( لا واعٍ ) بين البيئة وعوامل الوراثة .

ومما لاشكَّ فيه أن كل أسرة تحبُّ لأبنائها الإبداع والتفوُّق والتميُّز لتفخر بهم وبإبداعاتهم ، ولكنَّ المحبةَ شيءٌ والإرادة شيءٌ آخر . فالإرادةُ تحتاج إلى معرفة كاشفةٍ، وبصيرة نافذةٍ ، وقدرة واعية ، لتربيةِ الإبداع والتميُّز ، وتعزيز المواهب وترشيدها في حدود الإمكانات المتاحة ، وعدم التقاعس بحجَّة الظروف الاجتماعية والحالة الاقتصادية المالية .. ونحو هذا ، فـرُبَّ كلمـة طيبـةٍ صادقــة ، وابتسامة عذبةٍ رقيقة ، تصنع ( الأعاجيب ) في أحاسيس الطفل ومشاعره ،وتكون سبباً في تفوُّقه وإبداعه .

وهذه الحقيقة يدعمها الواقع ودراساتُ المتخصِّصين ، التي تُجمع على أن معظم العباقرة والمخترعين والقادة الموهوبين نشؤوا وترعرعوا في بيئاتٍ فقيرة وإمكانات متواضعة .

ونلفت نظر السادة المربين إلى مجموعة ( نِقاط ) يحسن التنبُّه لها كمقترحات عملية :
1- ضبط اللسان : ولا سيَّما في ساعات الغضب والانزعاج ، فالأب والمربي قدوة للطفل ، فيحسنُ أن يقوده إلى التأسِّي بأحسن خُلُقٍ وأكرم هَدْيٍ . فإن أحسنَ المربي وتفهَّم وعزَّز سما ، وتبعه الطفل بالسُّمُو ، وإن أساء وأهمل وشتم دنيَ ، وخسر طفلَه وضيَّعه .
2- الضَّبط السلوكي : وقوع الخطأ لا يعني أنَّ الخاطئ أحمقٌ أو مغفَّل ، فـ " كلُّ ابنِ آدمَ خطَّاء "، ولابد أن يقع الطفل في أخطاءٍ عديدة ، لذلك علينا أن نتوجَّه إلى نقد الفعل الخاطئ والسلوك الشاذ ، لا نقدِ الطفل وتحطيم شخصيته . فلو تصرَّف الطفلُ تصرُّفاً سيِّئاً نقول له : هذا الفعل سيِّئ ، وأنت طفل مهذَّب جيِّد لا يحسُنُ بكَ هذا السُّلوك . ولا يجوز أبداً أن نقول له :أنت طفل سيِّئٌ ، غبيٌّ ، أحمق … إلخ .
3- تنظيم المواهب : قد يبدو في الطفل علاماتُ تميُّز مختلِفة ، وكثيرٌ من المواهب والسِّمات ، فيجدُر بالمربِّي التركيز على الأهم والأَوْلى وما يميل إليه الطفل أكثر، لتفعيله وتنشيطه ، من غير تقييده برغبة المربي الخاصة .
4- اللقب الإيجابي : حاول أن تدعم طفلك بلقب يُناسب هوايته وتميُّزه ، ليبقى هذا اللقب علامةً للطفل ، ووسيلةَ تذكيرٍ له ولمربِّيه على خصوصيته التي يجب أن يتعهَّدها دائماً بالتزكية والتطوير ، مثل :
( عبقرينو) – ( نبيه ) – ( دكتور ) – ( النجار الماهر ) – ( مُصلح ) – ( فهيم ) .

5- التأهيل العلمي : لابد من دعم الموهبة بالمعرفة ، وذلك بالإفادة من أصحاب الخبرات والمهن، وبالمطالعة الجادة الواعية ، والتحصيل العلمي المدرسي والجامعي ، وعن طريق الدورات التخصصية .
6- امتهان الهواية : أمر حسن أن يمتهن الطفل مهنة توافق هوايته وميوله في فترات العطل والإجازات ، فإن ذلك أدعى للتفوق فيها والإبداع ، مع صقل الموهبة والارتقاء بها من خلال الممارسة العملية .
7- قصص الموهوبين : من وسائل التعزيز والتحفيز: ذكر قصص السابقين من الموهوبين والمتفوقين، والأسباب التي أوصلتهم إلى العَلياء والقِمَم ، وتحبيب شخصياتهم إلى الطفل ليتَّخذهم مثلاً وقدوة ، وذلك باقتناء الكتب ، أو أشرطة التسجيل السمعية والمرئية و cd ونحوها .
مع الانتباه إلى مسألة مهمة ، وهي : جعلُ هؤلاء القدوة بوابةً نحو مزيد من التقدم والإبداع وإضافة الجديد ، وعدم الاكتفاء بالوقوف عند ما حقَّقوه ووصلوا إليه .

8- المعارض : ومن وسائل التعزيز والتشجيع : الاحتفاءُ بالطفل المبدع وبنتاجه ، وذلك بعرض ما يبدعه في مكانٍ واضحٍ أو بتخصيص مكتبة خاصة لأعماله وإنتاجه ، وكذا بإقامة معرض لإبداعاته يُدعى إليه الأقرباء والأصدقاء في منزل الطفل ، أو في منزل الأسرة الكبيرة ، أو في قاعة المدرسة .
9- التواصل مع المدرسة : يحسُنُ بالمربي التواصل مع مدرسة طفله المبدع المتميِّز ، إدارةً ومدرسين، وتنبيههم على خصائص طفله المبدع ، ليجري التعاون بين المنزل والمدرسة في رعاية مواهبه والسمو بها.
10- المكتبة وخزانة الألعاب : الحرص على اقتناء الكتب المفيدة والقصص النافعة ذات الطابع الابتكاري والتحريضي ، المرفق بدفاتر للتلوين وجداول للعمل ، وكذلك مجموعات اللواصق ونحوها ، مع الحرص على الألعاب ذات الطابع الذهني أو الفكري ، فضلاً عن المكتبة الإلكترونية التي تحوي هذا وذاك ، من غير أن ننسى أهمية المكتبة السمعية والمرئية ، التي باتت أكثر تشويقاً وأرسخ فائدة من غيرها .

عمروعبده 10-08-2010 01:34 PM

30 وسيلة لتأديب الأبناء عند السلف

قال تعالى
{ وَلا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحاً إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ * وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ } (لقمان:19)
ذكر الإمام ابن قدامة المقدسي في كتابه النافع : منهاج القاصدين آداباً نحو الصبي إذا بلغ سن التمييز ومهما بدت من الصبي مخايل التمييز فينبغي أن يحسن مراقبته ومطالعة أحواله فإن قلبه جوهرة ساذجة وهي قابلة لكل نقش ، فإن عُوَّد الخير نشأ عليه وشاركه أبواه ومؤدبه في ثوابه وإن عُوَّد الشر نشأ عليه وكان الوزر في عنق وليه فينبغي أن يصونه ويؤدبه ويهذبه ويعلمه محاسن الأخلاق فإذا ظهرت في وجهه أنوار الحياء وكان يحتشم ويستحي
من بعض الأفعال حتى يراها قبيحة . فهذه هداية من الله تعالى إليه وبشارة تدل على اعتدال الأخلاق وصفاء القلب .
ومَنْ هذه حالة فهو مبشر بكمال العقل عند البلوغ . فينبغي أن لا يهمل عن رعاية الاعتناء في حقه بحسن الأدب .
وجملة ما نشير إليه مما يعامل به من الآداب ما يلي :
الوسيلة الأولى : هو أن الغالب على الأطفال الشره في الطعام فينبغي أن يؤدب فيه فلا يأكل الطعام إلا بيمينه .
ويقول : بسم الله عند أكله وليأكل مما يليه . ولا يبادر إلى الطعام قبل غيره .
قال صلى الله عليه وسلم لعمر بن أبي سلمة عندما كانت يداه تطيش في الصفحة: (( يا غلام سم الله وكل بيمينك وكل مما يليك ))
وقال الشاعر :
وإن مدت الأيدي إلى الزاد لم أكن *** بأعجلهم إذ أجشع القوم أعجل
ولا يحدق إلى الطعام وإلى من يأكله فإن هذه دليل على البخل .

الوسيلة الثانية : يؤمر أن لا يسرع في الأكل ، ويمضغ الطعام مضغاً جيداً ولا يوالي بين الأكلات ويلطف اللقمة ولا يلطخ أثوابه .
الوسيلة الثالثة : يعود أكل الخبز من غير الإدام في بعض الأوقات حتى يصير بحيث لا يرى الإدام حتماً واجباً لأنه ربما فقد .
ويقبح عنده كثرة الأكل بأن يشبه من يكثر الأكل بالبهائم .
ويذم الصبي الذي يكثر الأكل عنده ويمدح الصبي القليل الأكل حتى يقتدي بذلك لئلا يصير شرها لا يهمه إلا بطنه.

الوسيلة الرابعة: يحبب إليه الإيثار بالطعام وقلة المبالاة ، ويمدح عنده الطعام الذي فيه خشونة أي طعام كان بحيث لا يكون مولعاً بالطعام اللين فيصعب عليه مفارقته .
الوسيلة الخامسة : يستحب أن يكون لباسه من الثياب البيض دون الثياب الملونة بالصباغات المزعفرة والمعصفرة وأنواع الديباج والأبريسم .
ويقرر عنده أن ذلك إنما هو من لباس النسوان والرجال الذين لا خير فيهم ولا دين لهم وأن الرجال يستنكفون عن ذلك .

الوسيلة السادسة : أنه مهما رأى على صبي ثوباً من ديباج أو حرير أو أبريسم فينبغي أن ينكر عليه فيذم على لبسه ويزال عنه بكل حال ولا يغتفر له ذلك ويذم عنده إسبال الثياب ليعتاد عدم الإسبال .
الوسيلة السابعة : ينبغي أن يحفظ الصبي عن الصبيان الذين عودوا التنعم والترفه ولبس الثياب الفاخرة وعن مخالطة من يرغب فيما ذكرناه .
فإن الصبي إذا أهمل في أول النشأة خرج في الأغلب ردئ الأخلاق كذاباً حسوداً سروقاً نماماً لجوجاً ذا فضول ومجون ، وإنما يحفظ عن ذلك كله يحسن الأدب .

الوسيلة الثامنة : ثم إنه يستحب أن يشغله في المكتب بتعلم القرآن وتفسيره وأحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم والفقه ويحرص على حفظ القرآن عن ظهر قلب وكذلك الأحاديث الصحيحة كالعمدة وكذلك مختصر المقنع أو دليل الطالب لأن الحفظ هو العلم فمن لم يحفظ لا يقدر على استخراج المسائل غالباً والله أعلم .
ويعتمد في حفظ المواعظ الحسنة وأخبار الأبرار وحكاية أهل الصلاح في الزهد في الدنيا وحسن الرياضة للنفس فينغرس في قلبه حب الصالحين والاقتداء بهم . ويحذر من كتب الأشاعرة والمعتزلة والرافضة وجميع أهل البدع .

الوسيلة التاسعة : ينبغي أن يحفظ عن الأشعار التي فيها ذكر الهجاء والعشاق ويحفظ عن مخالطة من هذه حاله في اتباع الهوى فإن ذاك مهما انغرس في قلوب الصبيان فإنه يبذر الفساد في النفوس .
الوسيلة العاشرة : أن يعَّود كتابة الخط وحفظ الأمثال الشعرية والأشعار الزهدية فإن ذلك صفة كمالٍ وزينةٍ ، وقد قال أمير المؤمنين على بن أبي طالب – رضي الله عنه - ، عليكم بحسن الخط فإنه من مفاتيح الرزق .
الوسيلة الحادية عشرة : إذا ظهر من جهة الصبي فعل جميل وخلق حسن فينبغي أن يكرم عليه ويجازي بما يفرح به ، ويُمدح بين أظهر الناس .
فإن خالف ذلك في بعض الأحوال مرة واحدة فينبغي أن يتغافل عنه ولا يهتك ستره في ملأٍ من الخلق ولا يكاشف في وجهه ويظهر له أن مثل هذا لا يتجاسر عليه أحد لا سيما إذا ستره الصبي وأخفاه .

الوسيلة الثانية عشر : إنه إن عاد إلى ذلك فينبغي أن يعاتب سراً ويعظم عليه الأمر ويقال له إياك أن يُطَّلع عليك في مثل هذا فيفتضح بين الناس .
ولا يكثر عليه العتاب في كل حين فإن ذلك يهون سماع الملامة في حقه ويسقط وقع الكلام في قلبه .

الوسيلة الثالثة عشرة : أن يكون الأب حافظاً لهيبة الكلام معه ولا يوبخه إلا أحياناً ، والأم تخوفه بالأب وتزجره عن القبائح وتظهر له الوعيد بشدة الأب وخوفه منه .
الأم مدرسة إذا أعددتها *** أعددت شعباً طيب الأعراق
الأم روض إن تعهده الحيا *** بالدين أورق أيما إيراق

الوسيلة الرابعة عشر: ينبغي أن يُمنع من النوم نهاراً فإن ذلك يورث الكسل في حقه ولا يمنع من النوم ليلاً لأن منعه من النوم في الليل يورث الملالة والتسخن ويضعف عن مكابدة النوم وشدة النعاس .
الوسيلة الخامسة عشر: ينبغي أن يمنع من استعمال الفرش الوطية حتى تتصلب أعضاؤه ويستخف بدنه فلا يصبر عن التنعم .
بل يُعَّود الخشونة في الملبس والمفرش والمطعم والمشرب. فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( إياكم وفضول المطعم فإنه يسم القلب بالقسوة )) .

الوسيلة السادسة عشر: ينبغي أن يمنع من كل ما يفعله في خفية فإنه لا يخفيه إلا وهو يعتقد أنه قبيح فيدعو ذلـك إلى أنه يتعود فعل كل قبيح .
الوسيلة السابعة عشر : ينبغي أن يُعَّود في بعض النهار المشي في الحركة والرياضة حتى لا يغلب عليه الكسل ويتعود الميل إليه .
وإن كان ممن يعتاد الرمي ويحبه فلا بأس بشغله ، وهكذا الحال في ركوب الخيل فقد قال صلى الله عليه وسلم : (( ثلاثة لا تعد من اللهو ، لهو الإنسان بفرسه ولهوه بقوسه ولهوه بأهله )) .

الوسيلة الثامنة عشر : ينبغي أن يُعَّود أن لا يكشف أطرافه ولا يسرع في المشي ولا يرخي يديه يحركهما وراءه فعل المتبختر .
فقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن هذه المشية،وهكذا حال التمطط عند المشي مكروه أيضاً وقد نهى عنه .

الوسيلة التاسعة عشر : ينبغي أن يُمنع من الافتخار على أقرانه وأمثاله بشيء مما يملكه أبواه أو بشيء من مطاعمه وملابسه ونحو ذلك ويعود التواضع والإكرام لكل من عاشره من الصبيان ويلطف في الكلام معهم .
الوسيلة العشرون : يمنع أن يأخذ من الصبيان أمثاله شيئاً إذا كان من أهل الشرف والرياسة ويقرر في نفسه أن الأخذ لوم وخسة ونزول قدر وأن الإعطاء كرم وشرف.
وإن كان من أولاد الفقراء فيقرر في نفسه أن الأخذ طمع وفي الطمع مهانة ومذلة وأن ذلك من دأب الكلاب فإنه يتذلل في انتظار لقمة .

الوسيلة الحادية والعشرون : ينبغي أن يقبح إلى الأولاد حب الذهب والفضة والطمع فيهما ويحذر منهما أكثر مما يحذر من الحيات والعقارب والسموم .
فإن آفة حب الذهب والفضة والطمع فيهما أكثر من آفة السموم على الصبيان بل على الأكابر من العقلاء ، فإن ضرر السم ينقطع بالموت وضرر حبهما يتجدد بعد الموت.

الوسيلة الثانية والعشرون : ينبغي أن يُعَّود أن لا يبصق في المجلس ولا يتمخط بحضرة غيره ولا يستدبر غيره من المسلمين ولا يكثر التثاؤب .
الوسيلة الثالثة والعشرون : ينبغي أن يُعلمَّ كيفية الجلوس على ركبتيه على الأرض أو ناصباً قدمه اليمين واضع الأخرى على الأرض أو يقعد محتبياً بيديه ، هكذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل في أكثر أحواله .
الوسيلة الرابعة والعشرون : ينبغي أن يمنع من كثرة الكلام إلا من ذكر الله ويبين له أن ذلك من أمارة الوقاحة وأنه عادة أبناء اللئام وأولاد السفلة من الناس لينزجر عن ذلك منه والله أعلم .
الوسيلة الخامسة والعشرون : ينبغي أن يمنع عن الأيمان صدقاً كانت أو كذباً حتى لا يتعود ذلك في حال الصغر .
الوسيلة السادسة والعشرون : يمنع من لغو الكلام وفحشه ومن اللعن والسب ، ومن مخالطة من يجري على لسانه مثل ذلك ، فإن ذلك يسري لا محالة من قرناء السوء ، وأصل تأديب الصبيان الحفظ من قرناء السوء .
الوسيلة السابعة والعشرون : ينبغي أن يتعلم شجاعة القلب والصبر على الشدائد وتمدح هذه الأوصاف بين يديه ولسماعه لها ينغرس في قلبه حسنها ويتعودها .
الوسيلة الثامنة والعشرون : يحسن أن يفسخ له بعد خروجه من المكتب في لعب جميل ليستريح به من تعب التأديب .
الوسيلة التاسعة والعشرون : إذا بلغ سبع سنين أمر بالصلاة ولم يسامح في ترك الطهارة ليتعود ويخوف الكذب والخيانة وإذا قارب البلوغ ألقيت إليه الأمور .
الوسيلة الثلاثون : ينبغي أن يُعلَّم طاعة والديه ومعلمه ومؤدبه وكل من هو أكبر منه سناً من قريب أو بعيد أو أجنبي من المسلمين وأن يكون ناظراً إليهم بعين الجلالة والتعظيم ، وأن يترك اللعب بين أيديهم فهذه الآداب كلها متعلقة بسن التمييز في حالة الصغر قبل البلوغ . إنتهى باختصار .
نسأل الله أن يربي لنا أولادنا وأن يحفظكم من كل سوء وأن يجعلهم هواه مهتدين غير ضارين ولا مضلين .
وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم .


محمد حسن ضبعون 10-08-2010 01:35 PM


عمروعبده 10-08-2010 01:36 PM

أساليب عملية تجعل أولادك يحبون القراءة

يتفق أهل التربية على أهمية غرس حب القراءة فـي نفس الطِفل، وتربيته على حبها،حتى تصبح عادة له يمارسها ويستمتع بها.
وما هذا إلا لمعرفتهم بأهمية القراءة، فقد أثبتت البحوث العلمية (أن هناك ترابطاً مرتفعاً بين القدرة على القراءة والتقدم الدراسي).
وهناك مقولات لعلماء عظام تبين أهمية القراءة أذكر منها:
1- (الإنسان القارئ تصعب هزيمته).
2- (إن قراءتي الحرة علمتني أكثر من تعليمي فـي المدرسة بألف مرة).
3- (من أسباب نجاحي وعبقريتي أنني تعلمت كيف انتزع الكتاب من قلبه).
4- سئل أحد العلماء العباقرة: لماذا تقرأ كثيراً؟ فقال: (لأن حياة واحدة لا تكفيني !!).

أخي الكريم: إن القراءة تفيد الطفل فـي حياته، فهي توسع دائرة خبراته، وتفتح أمامه أبواب الثقافة، وتحقق التسلية والمتعة، وتكسب الطفل حساً لغوياً أفضل، ويتحدث ويكتب بشكل أفضل، كما أن القراءة تعطي الطفل قدرة على التخيل وبعد النظر، وتنمي لدى الطفل ملكة التفكير السليم، وترفع مستوى الفهم، وقراءة الطفل تساعده على بناء نفسه وتعطيه القدرة على حل المشكلات التي تواجهه.
وأشياء كثيرة وجميلة تصنعها القراءة وحب الكتاب فـي نفس الطفل.
إن غرس حب القراءة فـي نفس الطفل ينطلق من البيت الذي يجب عليه أن يغرس هذا الحب فـي نفس الطفل، فإن أنت علمت أولادك كيف يحبون القراءة، فإنك تكون قد وهبتهم هدية سوف تثري حياتهم أكثر من أي شيء آخر!! ولكن كيف السبيل إلى ذلك؟ ولا سيما فـي عصر قد كثرت فيه عناصر الترفيه المشوقة والألعاب الساحرة التي جعلت الطفل يمارسها لساعات متواصلة؟!!
وقبل الإجابة على السؤال اذكر أبياتاً من قصيدة بعنوان (الأم القارئة) وهي قصيدة مترجمة.
قد تكون لديك ثروة حقيقية مخفاة علب جـواهـــر وصنـاديــق ذهــب
لكنـك أغنـى مـني لــن تكــون لأن لــي أمــاً تقـــرأ لــي

أساليب ترغيب القراءة للطفل:
1- القدوة القارئة:
إذا كان البيت عامراً بمكتبة ولو صغيرة، تضم الكتب والمجلات المشوقة، وكان أفراد الأسرة ولا سيما الأب من القارئين والمحبين للقراءة، فإن الطفل سوف يحب القراءة والكتاب. فالطفل عندما يرى أباه وأفراد أسرته يقرأون، ويتعاملون مع الكتاب، فإنه سوف يقلدهم، ويحاول أن يمسك بالكتاب وتبدأ علاقته معه.
وننبه هنا إلى عدم إغفال الأطفال الذين لم يدخلوا المدرسة ونتساءل: هل الطفل ليس فـي حاجة إلى الكتاب إلا بعد دخوله للمدرسة؟
ونقول: إن المتخصصين فـي التربية وسيكولوجية القراءة، يرون تدريب الطفل الذي لم يدخل المدرسة على مسك الكتاب وتصفحه، كما أنه من الضروري أن توفر له الأسرة بعضاً من الكتب الخاصة به، والتي تقترب من الألعاب فـي أشكالها، وتكثر فيها الرسوم والصور.

2- توفير الكتب والمجلات الخاصة للطفل:
هناك مكتبات ودور نشر أصبحت تهتم بقراءة الطفل، وإصدار ما يحتاجه من كتب ومجلات وقصص، وهذا فـي دول العالم المتقدم، أما فـي العالم الثالث، فلا زالت كتب الطفل ومجلاته قليلة، ولكنها تبشر بخير. ولا شك أن لهذه الكتب والمجلات والقصص شروط منها:
أ- أن تحمل المضمون التربوي المناسب للبيئة التي يعيش فيها الطفل.
ب- أن تناسب العمر الزمني والعقلي للطفل.
جـ- أن تلبي احتياجات الطفل القرائية.
د- أن تتميز بالإخراج الجميل والألوان المناسبة والصور الجذابة والأحرف الكبيرة.

ولقد تفننت بعض دور النشر، فأصدرت كتب بالحروف البارزة، وكتب على شكل لعب، وكتب يخرج منها صوت حيوان إذا فتحت هذه كلها تساعد على جذب الطفل للقراءة.

3- تشجيع الطفل على تكوين مكتبة صغيرة له:
تضم الكتب الملونة، والقصص الجذابة، والمجلات المشوقة، ولا تنس اصطحابه للمكتبات التجارية، والشراء من كتبها ومجلاتها، وترك الاختيار له، وعدم إجباره على شراء مجلات أو كتب معينة، فالأب يقدم له العون والاستشارة فقط.
كل هذا يجعل الطفل يعيش فـي جو قرائي جميل، يشعره بأهمية القراءة والكتاب، وتنمو علاقته بالكتاب بشكل فعّال.

4- التدرج مع الطفل في قراءته:
لكي نغرس حب القراءة فـي الطفل ينبغي التدرج معه، فمثلاً كتاب مصور فقط، ثم كتاب مصور يكون فـي الصفحة الواجدة صورة وكلمة فقط، ثم كتاب مصور يكون في الصفحة الواجدة كلمتين، ثم كتاب مصور يكون في الصفحة الواجدة سطر وهكذا.
5- مراعاة رغبات الطفل القرائية:
إن مراعاة رغبات الطفل واحتياجته القرائية، من أهم الأساليب لترغيبه فـي القراءة، فالطفل مثلاً يحب قصص الحيوانات وأساطيرها، ثم بعد فترة، يحب قصص الخيال والمغامرات والبطولات وهكذا. فعليك أن تساهم فـي تلبية رغبات طفلك، وحاجاته القرائية، وعدم إجباره على قراءة موضوعات أو قصص لا يرغبها!!
6- المكان الجيد للقراءة فـي البيت:
خصص مكاناً جيداً ومشجعاً للقراءة فـي بيتك تتوفر فيه الإنارة المناسبة والراحة الكاملة لطفلك، كي يقرأ ويحب المكان الذي يقرأ فيه والبعض يغري طفله بكرسي هزاز للقراءة فقط .
7- خصص لطفلك وقتاً تقرأ له فيه:
عند ما يخصص الأب أو الأم وقتاً يقرأ فيه للطفل القصص المشوقة، والجذابة حتى ولو كان الطفل يعرف القراءة، فإنه بذلك يمارس أفضل الأساليب لغرس حب القراءة فـي نفس طفله.
وهذه بعض التوصيات للقراءة لأطفالك:
أ- اقرأ لأطفالك أي كتاب أو قصة يرغبون بها، حتى ولو كانت تافهة، أو مكررة، وقد تكون أنت مللت من قراءتها، ولكن عليك بالصبر حتى تشعرهم بالمتعة فـي القراءة.
ب- عليك بالقراءة المعبرة، وتمثيل المعنى، واجعلها نوعاً من المتعة، واستعمل أصواتاً مختلفة، واجعل وقت القراءة وقت مرح ومتعة!!
جـ- ناقش أطفالك فيما قرأته لهم، واطرح عليهم بعض الأسئلة، وحاورهم بشكل مبسط.
وحاول أن تكون هذه القراءة بشكل مستمر، كل أسبوع مرتين على الأقل.
ويمكن أن تقرأ القصة على أطفال مجتمعين، ثم يمثلونها ويلعبوا أدوار شخصياتها.
إن جلسات القراءة المسموعة، تجعل الأطفال يعيشون المتعة الموجودة فـي الكتب، كما أنها تساعدهم على تعلم وفهم لغة الكتب.

8- استغلال الفرص والمناسبات:
إن استغلال الفرص والمناسبات، لجعل الطفل محباً للقراءة، من أهم الأمور التي ينبغي على الأب أن يدركها. فالمناسبات والفرص التي تمر بالأسرة كثيرة، ونذكر هنا بعض الأمثلة، لاستغلال الفرص والمناسبات لتنشئة الطفل على حب القراءة.
أ- استغلال الأعياد بتقديم القصص والكتب المناسبة هدية للطفل. وكذلك عندما ينجح أو يتفوق فـي دراسته.
ب- استغلال المناسبات الدينية، مثل الحج والصوم، وعيد الأضحى، ويوم عاشوراء، وغيرها من مناسبات لتقديم القصص والكتيبات الجذابة للطفل حول هذه المناسبات، والقراءة له، وحواره بشكل مبسط والاستماع لأسئلته.
جـ- استغلال الفرص مثل: الرحلات والنزهات والزيارات، كزيارة حديقة الحيوان، وإعطاء الطفل قصصاً عن الحيوانات. وحواره فيها، وما الحيوانات التي يحبها، وتخصيص قصص مشوقة لها، وهناك فرص أخرى مثل المرض وألم الأسنان، يمكن تقديم كتيبات وقصص جذابة ومفيدة حولها.
د- استغلال الإجازة والسفر:
من المهم جداً ألا ينقطع الطفل عن القراءة، حتى فـي الإجازة والسفر، لأننا نسعى إلى جعله ألا يعيش بدونها، فيمكن فـي الإجازة ترغيبه فـي القراءة بشكل أكبر، وعندما تريد الأسرة مثلاً أن تسافر إلى مكة أو المدينة أو أي مدينة أخرى يستغل الأب هذا السفر فـي شراء كتيبات سهلة، وقصص مشوقة عن المدينة التي سوف تسافر الأسرة لها، وتقديمها للطفل أو القراءة له قراءة جهرية، فالقراءة الجهرية ممتعة للأطفال، وتفتح لهم الأبواب، وتدعم الروابط العاطفية بين أفراد الأسرة، وسوف تكون لهم القراءة الممتعة جزءاً من ذكريات طفولتهم.

9- استغلال هوايات الطفل لدعم حب القراءة:
جميع الأطفال لهم هوايات يحبونها، منها مثلاً: الألعاب الإلكترونية، تركيب وفك بعض الألعاب،قيادة الدراجة، الرسم، الحاسب الآلي، كرة القدم، وغيرها من ألعاب. لذا عليك توفير الكتب المناسبة، والمجلات المشوقة، التي تتحدث عن هواياتهم، وثق أنهم سوف يندفعون إلى قراءتها، ويمكن لك أن تحاورهم فيها، وهل يرغبون فـي المزيد منها ؟ ولا تقلق إذا كانت هذه الكتب تافهة، أو لا قيمة لها فـي نظرك. فالمهم هنا هو تعويد الطفل على القراءة، وغرس حبها فـي نفسه.
10- قراءة الطفل والتلفزيون:
إن كثرة أجهزة التلفزيون فـي المنزل. تشجع الطفل على أن يقضي معظم وقته فـي مشاهدة برامجها، وعدم البحث عن وسائل للتسلية، أما مع وجود جهاز تلفزيون واحد، فإن الطفل سوف يلجأ إلى القراءة بالذات حين يكون فرد آخر فـي أسرته يتابع برنامج لا يرغب الطفل فـي متابعته!!.
وإياك أن تضع جهاز تلفزيون فـي غرفة نوم طفلك لأنه سوف ينام وهو يشاهده بدلاً من قراءة كتاب قبل النوم.
وكلما كبر طفلك وازدحمت حياته، وزاد انشغاله، فإن وقت ما قبل النوم، يصبح هو الفرصة الوحيدة للقراءة عنده، لذا أحرص على غرس هذه العادة فـي طفلك!!

11- العب مع أطفالك بعض الألعاب القرائية:
والألعاب التي يمكن أن تلعبها مع طفلك ليحب القراءة كثيرة جداً، ولكن اختر منها الألعاب المشوقة والمثيرة، وهناك ألعاب يمكن أن تبتكرها أنت، مثل: أكتب كلمات معكوسة وهو يقرأها بشكل صحيح، وابدأ بكتابة اسمه هو بشكل معكوس فمثلاً اسمه (سعد) اكتبه له (دعس) واطلب منه أن يقرأه بشكل صحيح وهكذا.
ومن الألعاب: أن تطلب منه أن يقرأ اللوحات المعلقة فـي الشوارع، وبعض علامات المرور، كعلاقة (قف). ومن الألعاب التي يمكن أن تبتكرها لطفلك، يمكنك كتابة قوائم ترغب فـي شرائها من محل التموينات، واجعل طفلك يشطب اسم الشيء الذي تشتريه. ومن الألعاب القرائية: ألصق بعض الأحرف الممغنطة على الثلاجة، واكتب بها بعض الكلمات، واطلب من طفلك قراءتها، ثم دعه هو يكتب الحروف والكلمات وأنت تجيب، وحاول أن تعطيه إجابة خاطئة أحياناً حتى يصححها لك، وتذكر أن الطفل يحب أن يتولى زمام اللعبة خاصة مع أبويه!!

12- المدرسة وقراءة طفلك:
تابع باستمرار كيف يتم تدريس القراءة لأطفالك. زر المدرسة وتعرف على معلم القراءة، وبين له أنك مهتم بقراءة طفلك وبين له أيضاً البرامج التي تقدمها لطفلك ليكون محباً للقراءة. وأسأل معلم القراءة كيف يتم تدريس القراءة لطفلك وأسأله عن الأنشطة القرائية التي يمارسها طفلك فـي المدرسة، وأسأله عن علاقة طفلك بمكتبة المدرسة. وحاوره بشكل لطيف عن أهمية الأنشطة القرائية التي يجب أن يتعود عليها الطفل فـي المدرسة !! ولا تنس أن تقدم خطابات الشكر للمعلم الذي يؤدي درس القراءة بطريقة تنمي حب القراءة لدى الطفل. وأحياناً يخشى المعلم القيام بأنشطة قرائية حرة داخل الصف ويترك المقرر قليلاً، لذا عليك أن تدعم هذا المعلم وترسل له خطابات الشكر هو ومديره، وأشكره على عمله! واعرض عليه التبرع بالقصص المشوقة والكتب المناسبة لمكتبة الفصل! عندما يسمع المعلمون الآخرون عن هذا التشجيع فقد يجدون الشجاعة لعمل الشيء ذاته فـي فصولهم!!
13- طفلك والرحلات المدرسية وأصدقاؤه والقراءة:
إذا شارك طفلك أو لدك فـي رحلة مدرسية، فاحرص على أن تزوده ببعض الكتب والقصص المشوقة! فقد يكون هناك وقت مناسب لكي يقرأ فيها، ويمرر هذه الكتب والقصص المفيدة لأصدقائه! ولكن ينبغي أن يطلع عليها المعلم أولاً. أيضاً يمكن أن تقدم لأصدقاء طفلك بعض الكتب والقصص المشوقة أو يعيرها ولدك لهم. هذا بإذن الله سوف يضمن إنشاء أصدقاء لطفلك يحبون القراءة.
14- السيارة وقراءة طفلك!
احرص على توفير المجلات والقصص المناسبة لطفلك فـي سيارتك. وقدمها لطفلك أثناء القيادة، ولا سيما إذا كان الطفل سيجلس لمدة طويلة فـي السيارة. إن الطفل وقتها سوف ينشغل فـي القراءة ويكف عن الصراخ والمشاجرة وهذه فائدة أخرى!!
ومن الملاحظ أن من الناس من يمضي وقتاً طويلاً، وسيارته واقفة لغسيلها، أو إصلاح المهندس لعطلٍ فيها، أو لأي سبب آخر. ولا يستفيد من هذا الوقت فـي القراءة فـي مجلات أو كتب نافعة. فلا تجعل أطفالك من هذا النوع إذا كبروا!!

15- طفلك والشخصيات التي يحبها والتي يمكن أن تجعله يحبها:
من المهم أن تزود طفلك ببعض الكتب عن الشخصيات التي يحبها، أو التي يمكن أن يحبها، وأن يتعلم المزيد عن الرسول صلى الله عليه وسلم، وحياته ومعجزاته، وصحابته، والشخصيات البطولية فـي التاريخ الإسلامي وهذا كله موجود فـي قصص مشوقة وجذابة، ولا سيما إذا كان طفلك لا يحب قصص الخيال لكنه يحب قصص الخير ضد الشر والمغامرات الواقعية.
16- عود طفلك على قراءة الوصفات!
عندما تشتري دواء، فإن وصفة طريقة تناول الدواء تكون موجودة داخل العلبة. وعندما تشتري لعبة لطفلك تحتاج إلى تركيب، فإن وصفة طريقة التركيب تكون مصاحبة لها. لذا من الضروري أن تطلب من طفلك أن يقرأها أولاً، أو أن تقرأها له بصوت واضح وتشرح له ما لم يفهمه منها.
المهم أن يتعود على قراءة أية وصفة مصاحبة لأي غرض. لأن ذلك سوف يدفعه إلى حب القراءة والتعود عليها.

17- القصص والمجلات المشوقة وملاحقة الأطفال:
لاحق أطفالك بالقصص الجذابة والمشوقة فـي أماكن تواجدهم. ضع القصص بجوار التلفزيون، وأماكن اللعب، وبجوار السرير، ضع قصص جذابة للنوم ولكن لا تكره طفلك على القراءة أبداً!!.
18- أفراد أسرتك والقراءة!!
تحدَّث مع أفراد أسرتك عن المقالات والكتب التي قرأتها. وخصص وقتاً للحوار والنقاش فيها. وليكن ذلك بوجود أطفالك، واسمح لهم بالمشاركة فـي الحوار، وحاورهم فـي قراءتهم، وشجعهم على القراءة! وعلى كتابة ما يعجبهم من القصص فـي دفتر خاص بذلك.
19- الطفل ومسرح القراءة:
إن الأطفال يقرأون بسهولة عندما يفهمون ما يقرأون، لذا اختر الأدوار فـي القصة، واجعل طفلك يصبح إحدى الشخصيات ويقرأ الحوار الذي تنطق به وهذا هو ما يسمى (مسرح القراءة).
وهذا سوف يساعد على المتعة والإثارة أثناء القراءة.

20- قطار القراءة يتجاوز أطفالك:
لا تيأس أبداً فمهما بلغت سن أطفالك ومهما كبروا يمكنهم أن يتعلموا حب القراءة لكن من المهم أن توفر لهم المجلات، والكتب التي تلبي حاجاتهم القرائية، ومن الممكن أن تشترك لهم فـي بعض المجلات المناسبة، ولا سيما إذا كانوا مراهقين عليك أن تشبع حاجاتهم القرائية بشكل أكبر.
راشد بن محمد الشعلان

عمروعبده 10-08-2010 01:40 PM

أفكار دعوية .. مع الأولاد

عودي أولادك الاعتماد على النفس قدر الإمكان وتحمل المسئولية والقدرة على مواجهة الجماهير...
وذلك من خلال الإكثار من حضورهم لمجالس الذكر حتى يتعلموا كيفية الإلقاء وأيضاً تشجيعهم على التحدث أمام الآخرين وإشراكهم في النشاطات العامة وتنمية حب المشاركة في النشاطات المدرسية ونحوها...

ولا تتسببي في إصابتهم بمرض الخجل، لأنك تخجلين، بل اجعليهم ينطلقون في مجالات الحياة الاجتماعية بمسار صحيح بعيداً عن الشعور بالنقص والخجل وعدم الثقة بالنفس حتى تتكون وتغرس فيهم مبادئ الصفات الدعوية التي تصقل وتوجه فيما بعد فيتعودوا على مواجهة الجمهور والجرأة والطلاقة في الحديث، والفضل يعود إليك بعد الله سبحانه وتعالى لأنك أنت المحضن الأول لكل الدعاة في الدنيا...

وردتك الجميلة في المنزل التي تضمينها وتشمينها، ابنتك الصغيرة داعية المستقبل... هل فكرت أن تهديها خماراً وسجادة للصلاة؟ كما أهديتها الكثير من اللعب سابقاً!!

هل اصطحبت أولادك إلى إحدى المكتبات الإسلامية وتركتهم يختاورن أجمل القصص والكتب المفيدة والمسلية ونميت عندهم بذلك حب القراءة التي هي الزاد القوي في طريق السائرين إلى الله.

* اختاري لأولادك بعض الأشرطة الخاصة بالأطفال ودعيهم يتمتعون ويستفيدون منها...
هناك تلاوات أطفال مثلهم وسيعجبهم ذلك..
وهناك أشرطة تعليمية للأطفال..
وهناك الأناشيد والمنوعات... إلخ

واحرصي على أن تحضري لهم كل شهر شريطين وكتابين، مع توجيهاتك الحانية ودعواتك الطاهرة من قلبك الصادق مع الله في هداية أولادك وحفظهم من شرور الدنيا والآخرة ومن شياطين الإنس والجن، وأن يهديهم سبحانه إلى أحسن الأخلاق وأن يصرف عنهم أسوأها.

وأن يجعلهم قرة أعين لوالديهم وللمسلمين وذخراً لأمة محمد صلى الله عليه وسلم

ترى بعد سنة من المداومة على هذا العمل كيف سيكون أولادك بإذن الله؟؟

أترك الإجابة لك...

فكرة لوحه الإعلانات التي سأذكرها في هذا الكتاب لا بأس من عملها أيضاً في غرفة أولادك وتغيير محتوياتها كل شهر مثلا.

كم عدد الصفحات التي يحفظها أولادك أيام الامتحانات ؟
كم مقرر يحفظه الطالب في كل سنة بل في كل فصل دراسي؟

أنا لا أتحدث عن طالب القسم الثانوي أو المتوسط، ولكني أتحدث معك عن المرحلة الابتدائية فقط وقيسي على ذلك، أيعجز أولادك بعد ذلك عن أن يحفظوا كتاب الله أو أجزاء منه على الأقل أم أنك تعجزين عن حثهم ومعاونتهم كما حرصت من قبل وسهرت الليالي معهم حتى يحفظوا (6) مقررات أو (10) مقررات أو (13) مقرراً... بل بذلت ذلك من أعصابك وراحتك حتى لكأنك أنت التي تختبرين لدرجة أنك تقسين عليهم بعض الأحيان ليحققوا أعلى الدرجات في الاختبارات، أسألك بصراحة هل أنت تحبين أبناءك حقاً؟

أعلم أنك ستجيبين فوراً بالطبع نعم، أعود وأسألك:

هل تحبينهم في الله؟

أرجو أن لا تتسرعي في الإجابة، فقد تكون الإجابة في الغالب

مؤلمة جداً وأنت لا تشعرين بذلك.

إن الحب الحقيقي لأولادك، هو أن تبذلي مهجة قلبك حتى ترتفع درجاتهم عند رب العالمين، فيسعدوا بالنتائج النهائية يوم تبيض وجوه وتسود وجوه، الحب الحقيقي لأولادك، أن تنجحي في تحفيظهم كتاب الله بشتى الطرق، كما نجحت في أن يتخطى أبناؤك مقررات طويلة ومتنوعة..

وهذا أكبر دليل على قدرتك على إعانة أبنائك على حفظ كتاب الله تدريجياً وحسبك أنه يحفظهم من الشرور ومن العين والجن وشفاء لهم من الأمراض العضوية والنفسية وتقوية للذاكرة وصفاء للذهن والروح.
ثم من هي الأم التي لا تريد هذا الخير لأبنائها ولا تحرص عليه؟! إنها أغلى هدية تقدمينها في حياتك لأولادك وستسعدين بها في الحياة وبعد الممات ففي الحديث (إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث) وذكر منها ولد صالح يدعو له، أي ولد هذا الذي تتوقعين أن يدعو لك وأنت في قبرك فيخفف عنك بإذن الله أوترفع منزلتك عند الله .

أي ولد هذا ؟
هل هو ولدك الذي يمضي سحابة نهاره أمام أفلام الكرتون وألعاب الكمبيوتر؟

أم هو ولدك الذي يمضي سحابة نهاره في لعب الكرة مع أولاد الحارة؟

أم إنه ذلك الوجه الطاهر، ذلك الابن البار الذي قد تعطرت أنفاسه كل يوم في حلقة المسجد يحفظ ويردد آيات البر بالوالدين فترتفع يداه بالدعاء الصادق لك في كل يوم بل في كل صلاة.

فهنيئاً ثم هنيئاً لكل أم حازت في بيتها خمسة فأكثر من حفظة كتاب الله الكريم، وما أكثرهن والحمد لله حيث تسمع لبيوتهن مثل دوي النحل من تلاوة كتابه الكريم، نسأل الله أن يثبتنا والمسلمين على صراطه المستقيم.

أختي في الله..
أيتها الأم الداعية الحنون..

اجلسي مع أولادك وقتاً ليس أقل من ساعة، ولو في الأسبوع.

دعيهم يتحدثون بحرية وراحة عن كل شيء واعتبريها جلسة (سواليف)، لكن لها هدف كبير لا يخفى على داعية مثلك.

تأكدي عزيزتي الأم أنه من خلال مثل هذه الجلسات وتكرارها عبر الأيام سوف تتعرفين على شخصيات أولادك وهل وصلت إلى النتيجة المرجوة أم إن أهدافك لم تتحقق بعد، ربما لتقصيرك في أمر ظننت أنك أعطيته حقه، وربما لعدم التنويع في الأساليب وربما... إلخ.

المهم أن تطلعي على ذلك وتدركيه قبل فوات الأوان حتى تتمكني من إنقاذ ما يمكن إنقاذه في عقائدهم وأعمالهم، والله يرعاك....

* عزيزتي... إذا كنت تشعرين بالخجل والارتباك الشديد عندما يخطئ طفلك أمام الآخرين أثناء تعلمه مهارة ما وتزجرينه أمامهم، فاعلمي أن ذلك بداية النهاية لقدرات طفلك ومواهبه؛ لأن الطفل غالباً يتعلم عن طريق المحاولة والخطأ، والتوجيهات المستمرة الهادئة من والديه تنفعه كثيراً في التقدم.

ولا بد أن تدركي تماماً الفروق الفردية بين الأطفال، بالتالي تنظري إلى طفلك من خلال قدراته هو لا من خلال قدرات غيره من الأطفال الآخرين.

ومن ثم تسعين إلى تنمية مواهبه ومهاراته وتوجيهها بحيث ينفع نفسه ودينه فيما بعد من خلال شخصيته المتميزة عن غيرها وقدراته الخاصة به.

عزيزتي...
لن تجني الأم من المقارنة بين قدرات طفلها وقدرات الأطفال الآخرين إلا طفلاً محطماً غير واثق من نفسه ومن صحة تصرفاته لأن أمه أرادته نسخة طبق الأصل من طفل آخر أعجبها فعجزت عن ذلك فمسخت بذلك شخصية طفلها الأصلية وقدراته الطبيعية، فأصبحت كالمنبت لا وادياً قطع ولا ظهراً أبقى.

* نعم... جميل جداً حرصك على حضور مجالس الذكر..

ولكن.. هل فكرت باصطحاب بنياتك معك حتى يتعودن على حب حلق الذكر ويألفنها ويكتسبن شيئاً من مهارة الإلقاء من خلال المشاهدة.

أعتقد أن ذلك مهم بالنسبة لك، فأنت أم لداعيات المستقبل... أليس كذلك...؟

عودي أولادك على ...
1- ذكر اسم الله قبل البدء بالطعام حتى لا يشاركهم الشيطان فيه. ثم حمد الله بعد الانتهاء من الطعام، فهذا ينمي عندهم توحيد الربوبية.
وإذا سقطت اللقمة من طفلك، فاطلبي منه أن يمسح ما بها من أذى ويأكلها ولا يدعها للشيطان كما أمرنا صلى الله عليه وسلم.

2- إذا وقع طفلك على الأرض فلا تصرخي بل أسمعيه أول كلمة تقولينها عندئذ وهي "بسم الله " واطلبي منه أن يقولها دائماً عند وقوعه.

3- اغرسي الحياء في نفس أولادك عموماً وبنياتك خصوصاً عن طريق حثهم على ستر عوراتهم عن القريب قبل البعيد وأعطي هذا الموضوع اهتماماً بالغاً وأشعريهم بحرمة العورة ووجوب حفظها.

4- لا تسمحي لأولادك بمناداتك باسمك مجرداً دون كلمة أمي لأن هذا يفقدهم احترامك تدريجاً.

كذلك لا تدعيهم ينادون والدهم باسمه مجرداً من كلمة أبي... ففيه من سوء الأدب الكثير.

5- عوديهم على حب الكتابة والقراءة عن طريق شراء القصص المفيدة والدفاتر وكتب التلوين والألوان والأقلام المناسبة للأطفال، فكثرة مشاهدتهم لهذه الأشياء مع كثرة استعمالها تورث لديهم محبتها وحسن التعامل معها وكيفية الاستفادة منها.

6- عودي طفلك على حب الجمال والظهور بمظهر جميل مرتب، فمهما كان منظر الأم نظيفاً وجميلاً يبقى مظهر طفلها ونظافته الدليل القاطع على نظافتها أو إهمالها.

7- لا تشتكي إلى أحد شقاوة طفلك وهو بجوارك يسمع كلامك لأن هذا يشعره بالانتصار والقوة بأنك عجزت عنه فيدفعه إلى التمرد أكثر، بينما هو في الواقع كان يهاب منك ولو بقدر ضئيل.

8- عودي طفلك على اقتناء دفتر خاص به يكتب فيه المفيد من العبارات والحكم والقصص والأشعار والألغاز واتركي له المجال مفتوحاً للنقل من الصحف والكتب وكلما ملأ 3 صفحات اطلبي منه أن يقرأ عليك ما كتب وثبتي الجيد واطلبي منه إزالة السيئ وبذلك تنمين عنده ملكة عظيمة تنفعه مستقبلاً، كحب القراءة والتأليف وتوسيع الثقافة والاطلاع ومعرفة الجيد والسيء..

كتاب أفكار للداعيات
تأليف : هناء الصنيع

عمروعبده 10-08-2010 01:43 PM

أطفالنا وحب الإسلام
د.أماني زكريا الرمادي

تمهيد
الحمد لله رب العالمين حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه،حمداً يوازي نعمته علينا بالإسلام... إذ أنزل إلينا خير كتبه،وأرسل إلينا أفضل رسله وشرَع لنا أفضل شرائع دينه ،وجعلنا من خير أمة أخرجت للناس...والصلاة والسلام على خير البرية ،وآله وأصحابه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ، وبعد.
فإن طفلك هو هبة الله تعالى لك،هو بضعة منك،وهو ثمرة فؤادك،وفلذة كبدك،ومعقد آمالك،وحلمك الذي لم تحققه بعد...لذا فمن الطبيعي أن تحلم له بكل خير...بالتفوق في الدراسة،والنشاط الذي يمارسه، ثم الوظيفة المرموقة،ثم الزواج السعيد، والرفاء، والبنين...إلخ
ومن أجل ذلك فأنت تبذل كل غال وثمين لتساعده على تحقيق كل هذه الأحلام ،أو بعضها،أو حتى أحدها!
ولكن؛ هل فكرت يوماً في أن إمكانات طفلك قد لا تتناسب مع تحقيق هذه الأحلام؟
ولو فرضنا-جدلاً- أن تلك الأحلام قد تحققت جميعاً ،فماذا لو أصبح المجتمع يكتظ بذوي الوظائف المرموقة؟!
هل تستقيم الحياة بدون المُزارع، والصانع، والخبَّاز ،والنجار، والحداد، وعامل النظافة... وغيرهم من ذوي المهن التي لا تتمناها لطفلك؟!
فما هو الحل في رأيك؟؟؟
إن الله تعالى كما قسَّم الأرزاق،" فقد قسم المواهب وجعلها مختلفة لكي يتكامل الناس، ويتعاونون ،ويحتاج بعضهم إلى بعض حتى يعمروا الكون"(1)،لذلك فإن بداية الحل هي أن تحلم لطفلك أحلاماً لا تتعارض مع مواهبه ،وفي نفس الوقت لا تحتاج لتحقيقها إلى أن تدفعه دفعاً يحطم نفسيته ،ويطمس مواهبه الطبيعية المعبِّرة عن ذاته،ويضعف شخصيته؛فإذا أردت له السعادة ،فدعه يكون نفسه!!! وليس أنت أو أي أحد آخر ممن تُعجب بهم.
وبقية الحل هي أن تهتم بمستقبله في الآخرة ،كما تهتم بمستقبله الدنيوي،بل أكثر!
فكما تخشى عليه من هبَّات النسائم الرقاق في الدنيا ، كذلك يجب أن تخشى عليه من عذاب الله في الآخرة.
مرة أخرى ، كيف؟؟؟
ذلك بأن تحلم له بإيمان قوي، وعقيدة راسخة ، وهمة عالية...فإن ساعدته على تحقيق ذلك أصبح طفلك متفوقاً في كل نواحي حياته ،عزيز النفس ،عالي الهمة،مرموقاً في أي وظيفة يقدرها الله سبحانه له، يعرف كيف يسعد نفسه ويسعد غيره ؛ فيكون لك قرة عين؛ ومن ثم يكون
مسلماً حقاً....فهل يراودك هذا الحلم؟
إذا كانت إجابتك هي "نعم" فتعال معي عبر السطور القادمة لترى محاولة لتحقيق هذا الحلم،عسى الله الكريم أن ينفع بها ...فله الحمد ومنه وحده التوفيق، والمنة ،والفضل .

د.أماني زكريا الرمادي
1- ما هو الإسلام؟
هو أجل وأعظم وأشرف نعم الله على الإنسان.
وهو الاستسلام الكامل لأوامر الله سبحانه ،والانتهاء عن نواهيه؛استسلام الواثق بحكمته ،المعتمد على قدرته؛ الطامع في رحمته .

2- ما هو حب الإسلام؟
هو أن تكره أن تخرج عنه؛ فتعود إلى الكفر، كما تَكره أن تُقذف في النار.
3- لماذا نحب الإسلام وننتمي إليه ؟
أ-
لأنه الدين الخاتم الذي قال عنه سبحانه تعالى في قرآنه المعجز في كل مكان وزمان:" إنَّ الدينَ عندَ اللهِ الإسلام"وقال عمن يتبعون غيره: " ومَن يبتَغِ غيرَ الإسلامِ ديناً فلن يُقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين"
ب- لأنه الدين القيِّم ،كما قال عنه جل وعلا في قرآنه -الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه- في كثير من المواضع ؛ أي الدين الثابت الذي لا عوَج فيه، ولا زيغ ،ولا ضلال.
ج- لأنه دين الحرية الذي حرر الإنسان من العبودية لغير الله ، ومن الخوف إلا مِنْه، ومن الحاجة إلا إليه ومن الذل إلا له،ومن التوكل إلا عليه،فإذا كان مَن نعبده ونخشاه،ونذل له،ونتوكل عليه هو أرحم الراحمين،وأكرم الأكرمين،ومالك الملك،والقادر المقتدر، والعزيز الجبار،وذو الجلال والإكرام،و الحي القيوم،والحفيظ المقيت،فهنيئاً لنا بهذا الدين.
ب- لأنه دين الاعتدال الذي رفع الإصر والأغلال عمن اتبعوه ،بعكس الأمم التي كانت من قبلهم،( يقول العلامة سليمان الندوي: «ما من دين خلا من العبادة لله، لكن الأديان القديمة حسب أتباعها أن الدين يطالبهم بإيذاء أجسامهم و*****ها وأن الغرض من العبادة إدخال الألم على الجوارح وأن الجسم إذا زادت آلامه كان في ذلك طهارة للروح ونزاهة للنفس! وقد جاءت الشريعة الإسلامية برفع هذه الآصار فقد روي عن ابن عباس رضي الله عنه: «إياكم والغلو فإنما اهلك من كان قبلكم الغلو» وهو الغلو الذي نعاه القرآن على أهل الكتاب ونهاهم عنه: «قل يا أهل الكتاب لا تغْلُوا في دينكُم غيرَ الحق ولا تتَّبعوا أهواءَ قومٍ قد ضلوا من قبل وأضَلوا كثيراً وضلُّوا عن سواءِ السبيل».
وقد عُرف الرسول صلى الله عليه وسلم في كتب الأولين بالأوصاف المميزة التالية: «يأمُرُهم بالمعروف وينهاهُم عن المُنكر ويحِلُّ لهمُ الطيباتِ ويحرِّم عليهم الخبائثَ ويضع عنهم إصرَهم والأغلالَ التي كانت عليهم"؛ وقد امتن الله برسوله على الناس فقال: «لقد جاءكم رسولٌ من أنفسكم عزيزٌ عليه ما عنِتُّم حريصٌ عليكم بالمؤمنين رؤوفٌ رحيم»، وقد قال صلوات الله وسلامه عليه: «بُعثت بالحنيفية السمحة"، فهي حنيفية العقيدة، سمحة في التكاليف والأحكام وإنما خصها الله بالسماحة والسهولة واليسر لأنه أرادها رسالة الناس كافة والأقطار جميعا، والأزمان قاطبة... ورسالة هذا شأنها من العموم والخلود لابد أن يجعل الله الحكيم في ثناياها من التيسير والتخفيف والرحمة ما يلائم اختلاف الأجيال وحاجات العصور وشتى البقاع... وهذا واضح في شريعة الإسلام عامة وفي العبادات خاصة ؛يقول الله تعالى في بيان رسالة المسلم في الحياة: «يا أيها الذين آمنوا اركعوا واسجدوا واعبدوا ربَّكم وافعلوا الخيرَ لعلكم تُفلحون، وجاهِدوا في اللهِ حقَّّ جهاده هو اجتَباكم وما جعل عليكم في الدين من حرج»؛ويقول في أعقاب ما ذكره من المحرمات في النكاح وإباحة ما وراء ذلك بشرطه «يريد الله أن يخفف عنكم وخُلق الانسانُ ضعيفا»)(2)

د- لأنه دين التيسير الذي يتناسب مع الفطرة البشرية، فلا يكلف النفس إلا وسعها ،ولا يحمِّلها إلا ما تطيق،بل وينهى عن المغالاة والتنطع والتشدد،خاصة في أمور الدين،يقول المولى جل وعلا:"لا يكلِّف اللهُ نفساً إلا وُسعها"،كما يقول:" يريدُ اللهُ بكم اليسرَ ولا يريد بكم العُسر»؛ ويقول الرسول الكريم:" إن هذا الدين شديدٌ فأوغل فيه برفق"،ويقول:"روِّحوا القلوب فإن القلوب إذا تعبت كلَّت وإذا كَلَّت مَلَّت " ومن أقواله صلى الله عليه وسلم: «ان الدين يسر ولن يشادد الدين أحد إلا غلبه ،فسدِّدوا وقاربوا وأبشروا» ونراه صلى الله عليه وسلم حين بعث معاذاً وأبا موسى الأشعري أميرين الى اليمن كان من وصيته لهما: «يَسِّرا ولا تُعسِّرا، وبشِّرا ولا تُنفِّرا ،وتطاوعا ولا تختلفا». ومن أوصافه عليه الصلاة والسلام أنه ما خُيِّر بين أمرين قط إلا اختار أيسرهما ما لم يكن إثماً .
وإذا كانت وجهة الإسلام هي التيسير فكل مسلم يبغي التشديد والتعنت إنما يعاند روح الإسلام ولهذا وقف الرسول الكريم في وجه المتعنتين والمتشددين وأخبر بهلكتهم ووبالهم فقال:" ألا هلك المتنطعون ،ألا هلك المتنطعون، ألا هلك المتنطعون» ولم يكن يكرر الكلمة ثلاثاً إلا لعظم خطر مضمونها.

ج- لأنه دين العطاء الذي يعطي الأجر الوفير على مساعدة الغير والتخفيف عنهم وإدخال السرور على قلوبهم،وإطعامهم ،وعيادة مريضهم وإعانة ضعيفهم،وكفالة يتيمهم ،وإغاثة ملهوفهم،وتعليم جاهلهم،وتوقير كبيرهم ،والعطف على صغيرهم ،والعفو عن مسيئهم.
د- لأنه دين النظافة، والطهارة الظاهرة والباطنة، والخُلُق الكريم،والرقي والسمو والحضارة بنوعيها : المادية والروحية. فعن عائشة رضي الله عنها قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "عشر من الفطرة: قص الشارب، وإعفاء اللحية، والسواك، واستنشاق الماء، وقص الأظفار، وغسل البراجم، ونتف الإبط، وحلق العانة، وانتقاص الماء ؛قال مصعب: ونسيت العاشرة إلا أن تكون المضمضة"،و قال وكيع: انتقاص الماء يعني الاستنجاء، رواه مسلم.ويقول الله تعالى:" إن الله يحب التَّوَّابين ويحب المتطهرين "
أما الطهارة الباطنة فهي" تطهير النفس من آثار الذنب والمعـصية ، وذلك بالتوبة الصادقة من كل الذنوب والمعاصي ، وتطهير القلب من أقذار الشرك والشك والحسد والحقد والغل والغش والكبر ، والعُجب والرياء والسمعة ، وذلك بالإخلاص واليقين وحب الخير والحلم والصدق والتواضع ، وإرادة وجه الله تعالى بكل النيات والأعمال الصالحة .
وقد قال الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم عن أهمية طهارة القلب :"تُعرض الأعمال في كل اثنين وخميس فيغفر الله عز وجل في ذلك اليوم لكل امرئ لا يشرك بالله شيئا إلا امرأ كانت بينه وبين أخيه شحناء فيقول اتركوا هذين حتى يصطلحا" رواه مسلم. وقد كان المصطفى عليه الصلاة والسلام ينهى أن يبلغه عن أصحابه ما يسوؤه ،فيقول لهم:"لا يبلِّغني أحد منكم عن أصحابي شيئا فإني أحب أن أخرج إليكم وأنا سليم الصدر"رواه أبو داود
هـ- لأنه الدين الوحيد الذي عرف للمرأة قدرها وأعطى لها من الكرامة، والحقوق مالم نر مثله لدى أي دين أو ملة أو عقيدة أخرى(للاستزادة في هذا الموضوع إستمع لدرس مكانة المرأة في الإسلام للأستاذ عمرو خالد)(3)

و-لأنه الدين الوحيد الذي اهتم بأتباع الأديان الأخرى ،وكفل لهم حرية العقيدة،(فقد قال تعالى " لا ينهاكُم الله عن الذين لم يقاتِلوكم في الدين ولم يُخرجوكم من دياركم أن تبَرُّوهم وتُقسطوا إليهم إن اللهَ يحب المقسطين " 8- الممتحنة ،والآية الكريمة ترخص للمؤمنين في البر والصلة قولا وفعلا للذين لم يقاتلوهم لأجل الدين ولم يلحقوا بهم الأذى ولم يُخرجوهم من ديارهم ،وترخص لهم ببرهم والإحسان لمن أحسن منهم والعدل في معاملاتهم وهذا خالد بن الوليد يعاهد أهل الحيرة في زمن أبو بكر رضي الله عنه على ألا يهدم لهم بيعة أو كنيسة وعلى ألا يُمنعوا من نواقيسهم أو إخراج صلبانهم وأن يُعال العاجز هو وأولاده من بيت مال المسلمين ما أقام بدار الإسلام)(4)
كما يسوي الإسلام في الحقوق( بين المسلمين وأتباع الأديان الأخرى؛ فنجد الرسول صلى الله عليه وسلم يقول:" من ظلم معاهدا أو أنقصه حقه أو كلَّفه فوق طاقته أو أخذ منه شيئا بغير طيب نفس فانا خصمه يوم القيامة " لذا نرى عمر بن الخطاب رضي الله عنه يوصى عمرو بن العاص وهو وال على مصر، يقول له " أن معك أهل الذمة والعهد فاحذر يا عمرو أن يكون الرسول الله صلى الله عليه وسلم خصمك " ونراه حين فتح بيت المقدس يعقد معاهدة مع أسقفها جاء فيها: " هذا ما أعطى عمر أهل إيلياء ( بيت المقدس ) من الأمان: أعطاهم أماناً لأنفسهم وأموالهم ولكنائسهم وصلبانهم ولا يُكرهون على دينهم ولا يُضار أحد منهم ...فكان لغير المسلمين في بلاد الإسلام ما للمسلمين من حقوق عامة وعليهم ما على المسلمين كذلك)(5)

ز- لأنه دين الرحمة الذي أوصى بالضعفاء كالأطفال، واليتامى والنساء، وكبار السن، والمساكين ، والخدم ؛ فنرى الرسول صلى الله عليه وسلم يوصي بهم قائلاً:
" ليس منا من لم يرحم صغيرنا ويوقِّر كبيرنا"
"أنا وكافل اليتيم كهاتين في الجنة" مشيراً بإصبعيه السبابة والوسطى .
"خير البيوت بيت فيه يتيم مُكرم"
" من أضحك أنثى كان كمن بكى من خشية الله"
" استوصوا بالنساء خيرا"
" من كان له ثلاث بنات فصبر على لأوائهن، وضرائهن،وسرائهن دخل الجنة" فقال رجل :"وثنتان يارسول الله؟" قال:" وثنتان"،فقال آخر:" وواحدة؟" قال: "وواحدة"
وعن الخدم يقول:" إنهم إخوانكم جعلهم الله تحت أيديكم،فأطعموهم مما تطعمون ،واكسوهم مما تلبسون"...ولك أن تتأمل عظمة الإسلام في كلمة إخوانكم؛ فهو يحترم آدمية وكرامة الخادم لأنه-في النهاية- إنسان له مشاعر وأحاسيس.
كما يعتبر الإسلام أن من زار مريضاً كان كمن زار الله تعالى ، ومن امتنع عن زيارته عاتبه الله! و نراه-صلى الله عليه وسلم- يوصي بحُسن اختيار الزوج والزوجة كأحد حقوق الطفل،ثم بحسن اختيار أسمائهم،وحسن تأديبهم،والتصابي لهم،وإكرامهم والعطف عليهم ؛ثم يجعل من إجلال الله تعالى إكرام ذي الشيبة المسلم!!!! كما نرى الله تعالى يوصي المؤمنين قائلاً:" واعبدوا الله َ و لاتُشركوا به شيئا وبالوالدين إحساناً وذي القربى واليتامى والمساكين"،ونراه صلى الله عليه وسلم يحب المساكين ويحسن إليهم ويدعو ربه أن يحشره في زمرتهم ! فأي دين هذا؟؟!!

ح- لأنه دين المعاملة الحسنة الذي يجعل من الكلمة الطيبة صدقة،و التبسم في وجه الغير صدقة، ومن إماطة الأذى عن الطريق صدقة ويعطي أعظم الأجر على إفشاء السلام، بل ويجعل مما يحط الخطايا عن المسلم : مصافحةأخيه المسلم،والمسح على رأس اليتيم،وإطعام الرجل زوجته في فمها،وتزينه لها كما تتزين له،والحرص على عدم إيذاء الآخرين بالقول أو الإشارة أو الصوت المرتفع،فيقول المولى عز وجل:" وقولوا للناس حُسنا"،ويقول رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم:" المسلم من سلِم المسلمون من لسانه ويده"،بل ويجعل المعاملة الحسنة من أساسيات الدين ،إذ يقول صلى الله عليه وسلم:" الدين المعاملة"!
ط- لأنه الدين الوحيد الذي يعطي أعظم الأجر على أفعال يسيرة يقوم بها المسلم؛منها على سبيل المثال لا الحصر:
التصدق من المال الحلال،فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (من تصدق بعدل تمرة من كسب طيب - ولا يقبل الله إلا الطيب - فإن الله يقبلها بيمينه، ثم يربيها لصاحبها، كما يربى أحدكم فلوه - أي مهره - حتى تكون مثل الجبل) متفق عليه.
وعن أبي مسعود الأنصاري رضي الله عنه قال: جاء رجل بناقة مخطومة فقال: هذه في سبيل الله ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (لك بها يوم القيامة سبعمائة ناقة كلها مخطومة)
قول "لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير" فقد روى البخاري و مسلم في صحيحيهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" من قالها مائة مرة في يوم كانت له عدل عشر رقاب وكتب له مائة حسنة ومحيت عنه مائة سيئة وكانت حرزاً له من الشيطان يومه ذلك حتى يمسي ،ولم يأت أحد بأفضل مما جاء به إلا أحد عمل أكثر من ذلك"
صوم الأيام الست من شوال، فقد قال صلى الله عليه وسلم أن" من صامها كان كمن صام الدهر"
من قرأ سورة الإخلاص ثلاثاً كان كمن قرأ القرآن كله.
ي- لأنه دين الوفاء الذي يعطي للمريض، والمضطر،والمسافر، وأمثالهم من الأجر مثل ما كان يعطي كلاً منهم وهو سليم ،معافي،ومقيم.
ك- لأنه دين الحلم الذي لا يحاسب الإنسان الذي غاب عنه عقله أو وعيه، حتى يفيق أو يعي؛ يقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: " رُفع القلم عن ثلاث: عن الصغير حتى يكبر، وعن النائم حتى يستيقظ، وعن المجنون حتى يفيق " (رواه أحمد وأبو داود والنسائي وابن ماجة والحاكم عن عائشة بإسناد صحيح) ومعنى رفع القلم: امتناع التكليف ؛ أي ليسوا مكلفين.
ل-لأنه دين العلم الذي تميز بمعجزة القرآن، وكان أول ما نزل منه هو كلمة "إقرأ"،كما نرى الرسول صلى الله عليه وسلم يقول في شأن العلم الكثير من الأحاديث منها:
" طلب العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة"
" مداد العلماء أفضل عند الله من دماء الشهداء" !!!
" من سلك طريقا يلتمس فيه علما كان في سبيل الله حتى يرجع"
"إن الله وملائكته والكائنات،حتى الحوت في بطن الماء لتصلي على معلم الناس الخير"
وقد التزم المسلمون الأوائل بهذه التعاليم حتى سادوا العالم بعلمهم و تتلمذ على أيديهم الطلاب الذين كانوا يأتونهم من شتى بقاع الأرض...ولكنهم لما ابتعدوا عن دينهم بتتابع الأجيال بدأت حضارتهم في التدهور،بينما بدأ الغرب في بناء صرح حضارتهم العلميه على أنقاض الحضارة الإسلامية المنصرمة .
م- لأنه دين المودة والترابط الأسري،والاجتماعي الذي يجعل عقوق الوالدين من الكبائر ،ويوصي بهما بعد عبادته تعالى،قائلاً: " واعبدوا اللهَ ولا تُشركوا به شيئا وبالوالدين إحساناً" ،ويحرم الجنة على قاطع الرحم،كما قال صلى الله عليه وسلم:" لا يدخل الجنة قاطع رحم"،ويوصي بالجار؛ قائلاً: "مازال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أن سيورِّثه"،كما يوصي بالصديق،فيقول صلى الله عليه وسلم:" خير الصاحبَين عند الله تعالى خيرهم لصاحبه"،بل ويوصي سبحانه بالصاحب في السفر ، قائلاً:" والصاحب بالجنب"،كما نراه صلى الله عليه وسلم يحض على الجماعة فيقول:" يد الله مع الجماعة"،ويقول:"إنما يأكل الذئب من الغنم القاصية" ،بل ويعطي ثواباً على صلاة الجماعة أكثرمن صلاة الفرد،ويشرع لهم صلاة الجمعة وصلاة العيدين، والحج لكي يلتقون ببعضهم البعض ويتعارفون،فيتعاونون...ويصدق ذلك قوله تعالى :
" وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارَفوا"

م- لأنه دين الرفق بكل الكائنات حتى أنه يُدخل بغياً الجنة لأنها سقت هرة ،بينما يُدخل امرأة أخرى النار لأنها حبست هرة دون أن تطعمها أو تطلق سراحها؛ويُدخل رجلاً الجنة لأنه آثر على نفسه كلبا عطشاناً،فاجتهد ليسقيه قبل أن يشرب ؛(بل أن المسلمين في عهد الدولة الأموية كانوا يخصصون –في دمشق بسوريا- مكاناً لرعاية الحيوانات المسنة حتى تموت)(6)
ويصدق ذلك قول الرسول صلى الله عليه وسلم:" إن الرفق ما كان في شيء إلا زانه وما خلا منه شيء إلا شانه"وقد تجسد هذا الرفق في سلوكه صلى الله عليه وسلم مع الجمل لذي شكا له من صاحبه الذي يجيعه ويجهده ،فقال لصاحبه:" ألا تتقي الله في هذه البهيمة التي أملكك الله إياها؟!"

3- لماذا نحبب الإسلام إلى أطفالنا ؟
أ- لأنهم لن يصبحوا مسلمين حقاً إلا إذا أحبوا الإسلام وعاشوا به، وله.
ب- لأن الأبناء( رعية استرعاهم الله آباءَهم ، ومربيهم وأسرهم ، ومجتمعهم ، وهؤلاء جميعاً ، مسئولون عن هذه الرعية ، ومحاسَبون على التفريط فيها ، كما أنهم مأجورون إن هم أحسنوا إليهم واتقو الله فيهم ) (7)
ج- لأن مرحلةُ الطفولة( مرحلة صفاء وخلو فكر ، فتوجيه الطفل للناحية الدينية يجد فراغاً في قلبه ، ومكانا في فكره ، وقبولاً من عقله .
د- لأن مرحلة الطفولة مرحلة تتوقد فيها ملكات الحفظ والذكاء ، ولعل ذلك بسبب قلة الهموم ، والأشغال التي تشغل القلب في المراحل الأخرى ، فوجب استغلال هذه الملكات وتوجيهها الوجهة الصحيحة
هـ- لأن مرحلة الطفولة مرحلةُ طهر وبراءة ، لم يتلبس الطفل فيها بأفكار هدامة ، ولم تلوث عقلَه الميولُ الفكرية الفاسدة ، التي تصده عن الاهتمام بالناحية الدينية ، بخلاف لو بدأ التوجيه في مراحل متأخرة قليلا ، حين تكون قد تشكلت لديه أفكار تحول دون تقبله لما تمليه الثقافة الدينية الإسلامية ؛ يقول الشاعر:
وينفع الأدب الأحداث في صغر ***وليس ينفع عند الشيبة الأدب
إن الغصون إذا قوَّمتها اعتدلت *** ولن تلين إذا قومتها الخشب
و - لأن العالَم أصبح في ظل العولمة الحديثة ، كالقرية الصغيرة ، والفردُ المسلم تتناوشه الأفكار المتضادة والمختلفة من كل ناحية ، والتي قد تصده عن دينية ، أو تشوش عليه عقيدته ، فوجب تسليح المسلمين بالثقافة الدينية ، ليكونوا على بصيرة من أمرهم ، ويواجهوا هذه الأفكار بعقول واعية... لذا فإن غرس الثقافة الدينية في مرحلة الطفولة يؤثر تأثيرا بالغا في تقويم سلوك الطفل وحسن استقامته في المستقبل ، فينشأ نشأة سليمة ، باراً بوالديه ، وعضواً فعالا في المجتمع ) (8)

عمروعبده 10-08-2010 01:45 PM

4- كيف نحبب الإسلام لأطفالنا ؟
بأن نحب الإسلام أولاً - لأن الطفل يرى بعيون والديه أو مربيه- ثم نراعي ظروف الطفل ،ومشاعره، واحتياجاته، وإمكاناته في كل مرحلة عمرية ؛حتى يصبح –بعون الله -مسلماً سوياً نافعاً لنفسه وأهله ومجتمعه ودينه ، ولنتذكر جيداً أن (التربية النفسية للطفل تعتمد على أنه :
عندما يعيش في ظل النقد المستمر فإنه يتعلم أن يُدين الآخرين
وعندما يعيش في ظل الأمن فإنه يتعلم أن يجد الثقة في نفسه
وعندما يعيش في ظل العداوة فإنه يتعلم الهجوم
وعندما يعيش في ظل من يتقبلونه،فإنه يتعلم الحب
وعندما يعيش في ظل الخوف فإنه يتعلم ترقب الشر
وعندما يعيش في ظل الاعتراف به فإنه يتعلم أن يكون له هدف
وعندما يعيش في ظل الشفقة الزائدة عليه فإنه يتعلم أن يتحسر على نفسه
وعندما يعيش في ظل التأييد له فإنه يتعلم أن يحب نفسه
وعندما يعيش في ظل الغيرة الزائدة،فإنه يتعلم الشعور بالإثم
وعندما يعيش في ظل الصداقة فإنه يتعلم أن العالم مكان جميل)(9)

وفيما يلي نرى مراحل تعليمه حب الإسلام:

مرحلة ما قبل الزواج :
إن أبسط حقوق طفلك عليك أيها الرجل هي أن تختار له أم طائعة لله ،(وأن تختاري له أيتها المرأة أب يعينك على طاعة الله- لكي يسهل عليك طاعته كزوج، فتضمني الجنة بإذن الله-)(1)واستمعا إلى قول الرسـول صلى الله عليه وسـلم لكَ :" ...فاظـفَر بذاتِ الدين ترِبَت يداك"؛ويقول لكِ ولأولي أمرك:" إذا جاءكم مَن ترضون دينه وخُلُقه فزوجوه"
وإنه لمن الحكمة ألا يغامر المرء بسعادته- في حياة تملؤها طاعة الله - أو بمستقبل أولاده ؛على أمل أن يهتدي الزوج أو الزوجة بعد الزواج ،فهي مخاطرة غير مأمونة العواقب لأن الله تعالى يقول:" "إنك لا تهدي مَن أحببت ولكن الله يهدي مَن يشاء"!
وللمقبلين على الزواج تهدي كاتبة هذه السطور كتاب "بيتٌ أُسس على التقوى" لفضيلة الشيخ"عائض القرني" ،عسى أن ينفعهم الله تعالى به.

مرحلة الأجنة:
إن الطفل ليستشعر حب الإسلام وهو لا يزال في رحم أمه ،وذلك من خلال حبها وإخلاصها لدينها، وممارستها لهذا الدين كما أمر الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم؛ودوام استماعها للقرآن الكريم بقلبها قبل أذنيها؛فإن مشاعرها تنتقل إليه –بقدرة الله- لا محالة .
مرحلة ما بعد الولادة وحتى السنة الثانية :
ينبغي أن يكون أول ما يطرق سمع المولود هو الأذان في أذنه اليمنى، والإقامة في اليسرى؛ تطبيقاً لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ،وحماية له من الشيطان.
وفي هذه المرحلة يستطيع الطفل أن يحب دينه من خلال ما يراه في عيون وتصرفات من حوله-خاصة الوالدين- واتجاهاتهم الذهنية نحو الإسلام، فلن يشب مسلماً حقاً إلا إذا كانوا هم هكذا،يقول صلى الله عليه وسلم:" كل مولود يُولد على الفطرة،فأبواه يهوِّدانه وينصِّرانه ويمجِّسانه"…فإذا كان الطفل يسمع دائماً أمثال العبارات التالية:
" الحمد لله على نعمة الإسلام"
"رضيتُ بالله رباً، وبالإسلام ديناً وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبياً ورسولا ً"
" اللهم يا مقلِّب القلوب ثبت قلوبنا على دينك"
"ربنا لا تُزِغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدُنك رحمة إنك أنت الوهاب"
" اللهم أدِم علينا نعمة الإيمان بك وشرف الإسلام لك،واجعلنا مِمَّن عبدك حتى يأتيه اليقين"
وإذا كان يرى والديه يصليان بحب وخشوع؛ وينتشيان بسماع القرآن الكريم؛ويبتهجان بذكر الرسول صلى الله عليه وسلم،ويشتاقان لزيارته وزيارة الكعبة؛ويسعدان بالتصدق على المحتاجين ،ولسان حالهما يقول:" مرحباً بمن جاء يحمل زادَنا إلى الآخرة بدون أجر "(كما كان يقول الحسن البصري رضي الله عنه)؛ويتمنيان لو كانت السنة كلها رمضان؛ويقتصدان من قوتهما لتوفير المال اللازم لأداء فريضة الحج،ويرددان دائماً:" الحمد لله على كل حال"، و"قدََّر الله وما شاء فعل"... فإن هذا الطفل سينشأ إن شاء الله على حب دينه،بل وسيضيف إلى أفعال والديه أو مربيه -بما وهبه الله من إمكانات ومواهب- ما يزيده طاعةً لله وخدمة ً لدينه.

مرحلة الثالثة،وحتى السادسة:
في هذه المرحلة يمكن أن نردد أمامه مثل الأناشيد التالية حتى يحفظها:
"أنا يا قومي مسلم ٌ أنا يا قومي مسلمٌ
إن سألتم عن إلهي فهو رحمن رحيم
أو سألتم عن نبيي فهو ذو خُلقٍُ عظيم
أو سألتم عن كتابي فهو قرآنٌ كريم
أو سألتم عن عدوِّي فهو شيطانٌ رجيم"
*********
"الكتكوت يقوم الصُبح يقوم يسبّح
والعصفور يشوف النور يطير ويفرح
والصلاة يا حلوين هيّ عماد الدين
يا لا بينا نقوم نصلي عشان نفلح
والصوم في رمضان صحة للإنسان
يا لاّ نصوم وندعي ربي علينا يفتح
واللي ماله كتير يعطف عالفقير
ربنا يبارك له رزقه وماله يربح
والحج المبرور ده ذنبه مغفور
يرجع زي يوم ولادته طفل يمرح"(10)

*****
" اللهُ ربي ، محمدٌ نبيي ، وهو أيضاً قدوتي، والإسلامُ ديني ، والكعبةُ قبلتي ، والقرآن كتابي ، والصيام حصني ، والصَدَقة شفائي ، والوضوء طَهوري ، والصلاة قرة عيني ، والإخلاص نِيَّتي ، والصِدق خُلُقي ، والجَنَّةُ أملي ، ورضا الله غايتي "
كما ينبغي أن نوضح لأطفالنا أن( الإنسان دائماً ما يكون بحاجة إلى من يعتمد عليه ويتوكل عليه ،وبحاجة إلى قوة عظمى عادلة تكفل له العيش الكريم، والأمن والاطمئنان ..قوة تعطيه ما يسأل، وتمنع عنه ما يخاف ،وتفصل بينه وبين غيره بالحق،قوة تحقق له أمانيه، وتحفظ روحه وجسده من الهلاك،هذه القوة العظمى هي الله سبحانه وتعالى... ثم نشرح له ببساطة قوله تعالى:" إن ربَّكم اللهُ الذي خلق السماواتِ والأرضَ في ستةِ أيامٍ ثم استوى على العرش يُغشي الليلَ النهارَ يطلبه حثيثا والشمسَ والقمرَ والنجومَ مسخراتٍ بأمره ألا له الخلقُ والأمر،تبارك اللهُ رب العالمين"
كما نخبره أن الإيمان بالله تعالى هو الركن الأول من أركان الإسلام الخمسة أي الأعمدة التي يقوم عليها الإسلام، وقد أمرنا الله تعالى أن نتفكر في مخلوقاته التي تدل على عظمته وقدرته سبحانه وتعالى،فهذه السماء وما فيها من كواكب ونجوم وأفلاك ومجرات وهذه الأرض وما عليها من كائنات ونباتات وما فيها من كنوز ،وهذه البحار وما فيها من عجائب وغرائب كلها من آيات الله المبهرة.وقد سُئل أعرابي عن الدليل على وجود الله تعالى فقال:
" الماء يدل على الغدير وأثر الأقدام يدل على المسير،فسماء ذات أبراج(نجوم وكواكب)،وأرض ذات فِجاج(طرق واسعة)وبحار ذات أمواج...أما تدل على الصانع العليم الحكيم القدير؟)(11)

من الممكن أن نحكي لهم أمثال القصص التالية التي تترك أعظم الأثر في نفوسهم الصغيرة:
ربي موجود
(في يوم من الأيام حضر رجل لا يؤمن بوجود الله تعالى إلى أحد الخلفاء وقال له في ثقة:
" إنني لا أجد أحداً يقنعني بوجود إله وأتحدى أكبر عالم عندكم وإني واثق من النصر عليه،فسكت الخليفة قليلاً،وقال في نفسه:" إن أمرتُ ب***ه فسوف يقول الناس أنني لم أستطع مواجهته بالدليل،ثم نادى وزيره ليستدعي له الإمام أبو حنيفة النعمان،فلما جاءهم طلب منه الخليفة إقناع هذا الرجل بوجود الله تعالى.
قال له الإمام أبو حنيفة :" سوف أثبت له ذلك ولكني أستأذنك لكي أنهي أمراً ضرورياً في القرية المجاورة، ثم أعود سريعاً، فأذن له الخليفة، ولكنه تأخر كثيراً، فأحس الرجل بالغرور والكبر و قال للخليفة : "إئذن لي بالانصراف ، فقد هرب أبو حنيفة لأنه عاجز عن إقناعي"، ولكن أبو حنيفة ما لبث أن عاد،واعتذر عن التأخير،ثم أخبرهم أنه وجد في طريقه نهراً ،ولم يجد قارباً، فجلس ينتظر حضور قارب ،وطال انتظاره ،ثم فجأة رأى أبو حنيفة أمراً عجيباً..رأى أخشاباً تتجمع ومسامير تقف فوق الخشب وظهرت مطرقة وأخذت تدق على المسامير،حتى رأى أمامه قارباً متقن الصنع ، فركبه وحضر.
فأخذ الرجل يضحك وقال :" إن هذا الكلام لا يقوله إلا مجنون، ولا يصدقه أحد، فكيف تطير المسامير والألواح في الهواء ،وتتجمع على الماء ويتكون منها قارب دون أن يصنعه أحد؟!"
وهنا تبسم أبو حنيفة وقال:" إذا كان وجود قارب صغير بدون صانع لا يصدقه عقل، فهل يصدق العقل أن هذا الكون بكل ما فيه من أرض وسماء وشمس وقمر قد وُجد بنفسه دون أن يخلقه خالق؟!!!"
فبهت الرجل ثم قال:" صدقت، فلابد أن يكون لهذا الكون من خالق هو الذي خلقه ونظمه،هو الله) (11)

*****
(كان بعض الزملاء يجلسون معا ً في فصلهم بالمدرسة فدخل عليهم أحد الزملاء ممن لا يؤمنون بوجود الله تعالى ، وقال لهم :" هل تروني؟ قالوا نعم،قال إذن أنا موجود ثم قال : "هل ترون اللوح؟" قالوا: "نعم" قال:" إذن اللوح موجود"،ثم قال :" أترون الكراسي؟" قالوا:" نعم"،قال:" إذن الكراسي موجودة"،ثم قال لهم في مكر:" أترون الله؟" قالوا :"لا "قال:" فأين الله إن لم نكن نراه؟!"
فقام احد التلاميذ الأذكياء وقال لزملائه:" هل ترون عقل زميلنا ؟ فقالوا:"لا"،قال: "إذن فعقله غير موجود!! )(11 "بتصرف" )

ربي رحيم
(كان يعيش في قديم الزمان رجل كثير الذنوب يداوم على معصية الله تعالى واستمر على ذلك حتى حضرته الوفاة، فقال لأبناءه إذا مِتُّ فاحرقوا جثتي ثم اسحقوها حتى تكون رماداً،ثم انفخوا هذا الرماد في الجو في أماكن كثيرة من البحر حتى يذوب رمادي في ماءه وتتناقله الأمواج فلا يكون لي أثر،ثم قال لهم:" فو الله لئن قدر عليَّ ربي ليعذبني عذاباً ما عذبه أحداً"
فلما مات فعلوا ما أمرهم أبوهم ؛فقال الله تعالى للأرض أدِّي ما أخذتِ فتجمعت ذرات الرماد وقام الرجل ماثلاً أمام الله سبحانه فسأله عن السبب الذي من أجله أوصى أولاده بذلك –وهو سبحانه اعلم- فقال الرجل:" خشيتك يارب"؛فغفر الله تعالى له بسبب خشيته له!!! ) (11)

****
(كان تاجر يعيش في زمن بعيد ،فكان يبيع للآخرين ويشتري مهم،وذات يوم تُوفي هذا التاجر ،فاستقبلت الملائكة روحه،وقالوا له:"هل فعلت من الخير شيئا"؟
فقال لهم :" كنت أرسل فتياني إلى مَن لي عليه دين ليجمعوا لي هذه الديون ولكني كنت أوصيهم بأنهم إذا وجدوا أحدا ً مُعسراً (أي لا يستطيع دفع دينه) أن يتجاوزوا عنه ولا يأخذوا منه شيئا وكنت أقول لهم: تجاوزوا عنه لعل الله يتجاوز عنا"فغفر الله تعالى له وتجاوز عنه بسبب تجاوزه عن المعسرين)(11)

ربي قادر
في يوم من الأيام دخل الغني مع صديقه الفقير حديقة الغني الواسعة وقد امتلأت بأشجار العنب والنخيل وفجر الله تعالى في وسطها نهراً، فاغتر الغني باتساع الحديقة وكثرة ثمارها ،فقال لصاحبه:" ما أظن أن تنتهي ثمار هذه الحديقة ،وزاد غروره فادعى أنه لو مات فلن يحرم من خيراتها بعد مماته،فنصحه صديقه الفقير بألا يكفر بالله،وألا يتكبر بنعمه ،وقال له:"أنظر إلي أنا أقل منك في المال والولد،ولكن عسى ربي أن يعطيني خيراً مما أعطاك،فلماذا لا تقول" ما شاء الله ،لاقوة إلا بالله"؟(أي أن كل هذا من فضل الله ولا يستطيع الحفاظ عليه غير الله)لكن الغني لم يستمع لنصيحته وفي الصباح دخل الغني حديقته ليتمتع بما فيه من خيرات وجمال،فوجد مفاجأة قاسية في انتظاره ،فقد وجد حديقته بلا ثمار ولا أوراق ،فقد فسدت ثمارها وتساقطت أوراق أشجارها،فأخذ يضرب كفا بكف من هول المفاجأة وندم على ما قاله لصديقه وقال:" يا ليتني لم أشرك بربي أحدا،وهكذا تكون كل من اغتر بنعمة الله ولم يشكره على نعمه ،ولم يعتمد على ربه ليحفظها له)(11)
ومثل هذه القصة أيضاً قصة "أصحاب الجنة" التي وردت في سورة القلم.

مرحلة السابعة حتى العاشرة
في هذه المرحلة ينبغي أن نحبب إليهم الإسلام من جانبين:
أولاً: كدين له أركان:
1- شهادة التوحيد:
( فإذا عرفوا الله تعالى في وقت مبكر تنامت هذه المعرفة ، وتراكم هذا العلم ، وتعمقت تلك التجربة ، وكلما ازدادوا يوماً في عمرهم ، ازدادوا قرباً من الله عز وجل ، فالذي يشب على طاعة الله شيء ، والذي يتعرف إلى الله في وقت متأخر شيء آخر ، وكُلاًَّ وعد الله الحسنى )(12)
فالله ربنا واحد لا شريك له ولا نظير ولا وزير،فلا يصح أن يكون هناك أكثر من قائد للمجموعة الواحدة و إلا اختلفا وفسد أمر هذه المجموعة ،كما أننا لا نراه بأعيننا لأننا لن نحتمل ذلك،لأن نوره أقوى من أن تتحمله أعيننا،ويمكن أن نحكي لهم قصة موسى عليه السلام والجبل.
ولكننا نستطيع أن نراه سبحانه في الجنة فقط؛ فهذه هي أعظم نعمة يمن بها الله تعالى على عباده المتقين في الجنة.
أما في الدنيا فهو-سبحانه- يرانا ويسمعنا أينما كنا ،ونحن نشعر به ونراه في كل شيء جميل من مخلوقاته، وقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم حين يرى الهلال أول كل شهر ينظر إليه قائلاً:"ربي وربك الله"!!
2- الصلاة: إن الصلاة عماد الدين،بها يقام ،وبدونها يهدم- والعياذ بالله-لذا فإن تعليمهم إياها وترغيبهم فيها من أهم واجبات الوالدين التربوية،وفي تفصيلات هذا الموضوع يتحدث مقال بعنوان "كيف نحبب الصلاة لأبناءنا؟"-وهومنشور على موقع طريق الإسلام www.islamway.com -تحسبه كاتبة هذه السطور نافعاً.
3- الزكاة : في هذه المرحلة يتم تدريب الطفل على الزكاة من خلال تدريبه على الصدقة،فنتصدق أمامه بما تيسر،ونخبره أن الصدقة تطفيء غضب الرب وأن المؤمن في ظل صدقته يوم القيامة، فقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم عن فضلها :
"كل امرئ في ظل صدقته حتى يُفصل بين الناس"
"تصدقوا ولو بتمرة؛ فإنها تسد من الجائع، وتطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار"
"داووا مرضاكم بالصدقة" .
فالمال الذي نملكه هو مال الله عز وجل استودعه لدينا ليختبرنا به،ويرى ماذا سنصنع ؟كما ينبغي أن نشرح له الآية القرآنية:" مَثَلُ الذين يُنفقون أموالَهم في سبيل اللهِ كَمَثَل حبةٍ أنبَتَت سبعَ سنابلَ في كل سنبلةٍ مائةُ حبة ،واللهُ يُضاعفُ لمن يشاء"
و أن نعطيه الصدقة ليعطيها بنفسه للفقير والمحتاج ،ليشاركنا الأجر،ويشعر بحلاوة ذلك ويعتاده.
ونعلِّمه أن التصدق لا يكون بالمال فقط،وإنما بالملابس، والأحذية والكتب ،والحلوى،والآنية، والأدوات المدرسية...وما إلى ذلك من الأغراض التي تزيد عن حاجتنا ،و يمكن أن يحتاجها الفقراء.
وجدير بالذكر أن الطفل في نهاية هذه المرحلة يكون أكثر حرصاً على ممتلكاته،وأشد اهتماماً بأناقته وحسن مظهره من ذي قبل،فإذا رفض التصدق من ملابسه وأحذيته مثلاً،تركناه كما يشاء ،و اقترحنا عليه أن يتصدق من لعبه أو كتبه،أو غير ذلك مما يختاره هو، ولا ينبغي أبداً أن نُكرهه على الصدقة،أو غيرها،ولنتذكر قول الله تعالى : " لا إكراهَ في الدين"
ويمكن أن نخصص في البيت صندوقاً للصدقات يضع فيه الوالدان والأولاد ما هم في غنى عنه أو ما يستطيعون التصدق به،وكلما امتلأ قاموا بترتيب هذه الأغراض وأعطوها لمن يستحقها.
وينبغي أن نخبره بأن الصدقة (تحفظ المال من الآفات والمُهلكات والمفاسد، وتحل فيه البركة، وتكون سبباً في إخلاف الله على صاحبها بما هو أنفع له وأكثر وأطيب ،وقد دلت على ذلك النصوص الثابتة والتجربة المحسوسة؛ فمن النصوص الدالة على أن الصدقة جالبة للرزق قول من لا تنفد خزائنه:" وما أنفقتُم من شيء فهو يُخلفُه وهو خير ُالرازقين" {سبأ: 39)
كما نخبره بأن الأمر لا يقتصر على المجازاة على الصدقة بمثلها؛ بل يتجاوز ذلك إلى حال المتصدق عليه؛ إذ بمقدار إدخالها للسرور عليه، وإزالتها لشدائده، وتفريجها لمضايقه، وإصلاحها لحاله، ومعونتها له وسترها عليه؛ ينال المتصدق أجره من الله من جنس ذلك، يدل على ذلك قوله صلى الله عليه وسلم : "من نفَّس عن مؤمن كُربة من كُرب الدنيا نفَّس الله عنه كُربة من كُرب يوم القيامة، ومن يَسَّر على مُعسر يسَّر الله عليه في الدنيا والآخرة، ومن ستر مسلماً ستره الله في الدنيا والآخرة، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه" ، وقوله صلى الله عليه وسلم : "من يلقَ أخاه المسلم بما يحب لِيَسُرَّه بذلك، سرَّه الله يوم القيامة"
وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بوقوع ذلك فقال صلى الله عليه وسلم : "كان تاجر يداين الناس، فإذا رأى معسراً قال لفتيانه: تجاوزوا عنه، لعل الله أن يتجاوز عنا، فتجاوز الله عنه" )(13)
وينبغي أن نحكي لهم أمثال القصص التالية:
( قوله صلى الله عليه وسلم : " بينا رجل بفلاة من الأرض فسمع صوتاً في سحابة يقول:"إسقِ حديقة فلان، فتنحى ذلك السحاب فأفرغ ماءه في حرة( أرض ذات حجارة سوداء)؛ فإذا شرجة( ساقية ) قد استوعبت ذلك الماء كله، فتتبع الماء فإذا رجل قائم في حديقته يحول الماء بمسحاته، فقال له: يا عبد الله! ما اسمك؟ قال: فلان ـ للاسم الذي سمع في السحابة ـ، فقال له:" يا عبد الله لِمَ تسألني عن اسمي؟" فقال: "إني سمعت صوتاً في السحاب الذي هذا ماؤه يقول: اسق حديقة فلان ـ لاسمك ـ فماذا تصنع فيها؟" قال: "أما إذ قلتَ هذا؛ فإني أنظر إلى ما يخرج منها فأتصدق بثلثه، وآكل أنا وعيالي ثلثه، وأرد فيها ثلثه" وفي رواية: "وأجعل ثلثه في المساكين والسائلين )(13)

***
وقصة الرجل الذي اشترى حُلة،فتصدق بحُلتة القديمة،ثم جاءه مسكين،وفي يده رغيفاً ،فأعطاه كسرة منه، ثم رأى أعمى قد ضل الطريق ، فمشى معه وأرشده حتى وصل إلى غايته؛ فلما لقي ربه ورأى ثواب أعماله تلك؛ قال متحسراً:"يا ليتها كانت الجديدة(أي الحُلة)،يا ليته كان كله(أي رغيف الخبز)، يا ليته كان بعيداً(أي المشوار)
***
وقصة الأبرص ،والأقرع ،والأعمى الذين عافاهم الله تعالى ورزقهم ؛ثم نسوا فضل الله عليهم ولم ينفقوا مما رزقهم،إلا الأعمى فرضي الله عنه وسخط على صاحبيه.
فإذا استقر حب الصدقة في قلب الطفل ونفسه ورأيناه بدأ يتصدق من مصروفه أعلمناه أن الله تعالى فرض على المسلم أن يعطي المحتاجين نسبة قليلة ينبغي حسابها بدقة ،هذه النسبة تعد أقل بكثير من الصدقات التي ننفقها،هذه الفريضة هي الزكاة،ونحن لسنا مُخيَّرين في أن ننفقها وإنما نحن مخيرون في الصدقة فقط !
كما ينبغي أن يعلم الطفل أن زكاة القوة أن نعين الضعفاء،وزكاة العلم أن نعلِّم الجاهلين،وزكاة الصحة أن نعود المرضى ونقضي حوائجهم... وهكذا ؛ فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: ((أن رجلا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال:" يا رسول الله أي الناس أحب إلى الله؟ وأي الأعمال أحب إلى الله؟ فقال صلىالله عليه وسلم:" أحب الناس إلى الله تعالى أنفعهم للناس، وأحب الأعمال إلى الله عز وجل سرور تدخله على مسلم، أو تكشف عنه كُربة، أو تقضي عنه دينا،أو تطرد عنه جوعا ولأن أمشي مع أخي في حاجة أحب إلي من أناعتكف في هذا المسجد (يعني المسجد النبوي) شهرا، ومن كفَّ غضبه ستر الله عورته، ومن كظم غيظه ولو شاء أن يمضيه أمضاه ملأ الله قلبه رجاء يوم القيامة، ومن مشى مع أخيه في حاجة حتى يثبتها له أثبت الله قدمه يومتزول الأقدام، وإن سوء الخلق يفسد العمل، كما يفسد الخل العسل" صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم.
4- الصوم:
لقد فرض الإسلام تعليم الصبي الصلاة منذ السابعة من العمر حتى العاشرة، أما الصيام فهو أشق على النفس من الصلاة...ولكنه أحياناً يكون لدى بعض الأطفال الكسالى - الذين يُعرضون عن الطعام بطبيعتهم- أيسر من الصلاة!!! بينما نجده مشكلة لدى الطفل الأكول،لذا فإنه من واجبنا أن نعلِّمهم حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم:" نحن قومٌ لا نأكل حتى نجوع وإذا أكلنا لا نشبع" ونعينهم على تنفيذه اتباعاً للسنة،وتمهيداً لتيسير الصيام عليهم بالتدريج، ثم صيانةً لهم من الأمراض في المستقبل.
وبشكل عام ، فإن تدريبهم على الصيام ينبغي أن يتم تدريجياً،ووفق الظروف الصحية للطفل ؛ففي شهر رمضان من كل عام، يرى الطفل والديه، و الكبار من الأقارب والجيران والمدرسين يصومون فيشعر بالغيرة والرغبة في تقليدهم،لذا يجب أن نعينه على ذلك وننتهز هذه الفرصة بأن نشجعه و نتركه يصوم لمدة ساعتين مثلاً،ثم نزيد عدد الساعات حسب قدرة الطفل، وإذا رغب في الطعام تركناه حتى يشعر أن هذا أمر يخصه وأنه شيء بينه وبين ربه،ولا ينبغي أبداً أن نخاف عليه من الضعف أو الهزال؛ فشهر رمضان كالعطر يتبخر سريعاً، كما أن الطفل إذا اشتد به الجوع،
فسيكون أمامه أحد أمرين:
إما أن يأكل لأنه لم يعد يتحمل الجوع،وبذلك نطمئن عليه.
وإما أن يحاول أن يتحمل الجوع ويجاهد نفسه ،وبذلك يتعود مجاهدة النفس والصبر على طاعة الله ،فنطمئن عليه أكثر!!!
ولا ينبغي أن ننسى مكافأته على اجتيازه فترة الصوم المحددة بنجاح ،ويكون ذلك بزيادة مصروفه مثلاً،أو أن تقول له الأم مثلاً:"أنا فخورة بك،فقد أصبحت الآن مثل الكبار تستطيع مجاهدة نفسك ومقاومة الشعور بالجوع والعطش"
وإذا جاء شهر رمضان في أيام الدراسة فللطفل الذي لا يزال في مرحلة التدريب أن يختار أن يصوم في فترة وجوده بالمدرسة ،ثم الإفطار بقية اليوم ؛أو العكس...حتى يستطيع أن يتم اليوم،خاصة وأن بعض المدارس تقلل ساعتين من فترة الدوام في رمضان بينما تتوقف الدراسة في هذا الشهر في البعض الآخر .
ولنتذكر أن مستقبل الطفل الحقيقي هو الآخرة،لذا ينبغي أن نعده لها خير إعداد وأن نخاف عليه من مخالفة أوامر الله أكثر مما نخاف عليه من الضعف أو التقصير في الدراسة.
5-الحج
مما يساعد على تهيئة نفس الطفل لحب فريضة الحج والشوق إليها أن نصحبه معنا لأداء العمرة بعد أن نتحدث معه عن مشاعر المسلم هناك و مدى كرم الله تعالى لضيوفه وترحيبه بوفده ،والرحمات التي تحيط بالكعبة ومواطن إجابة الدعاء حولها ، وفضل وحلاوة زيارة قبر الرسول صلى الله عليه وسلم، والبقاء في الروضة الشريفة...والأهم من ذلك أن يرى الوالدين مشتاقين إلى هذه الرحلة ويسمعهما يتحدثان عنها ،ويعدان لها بفرحة .
وبعد ذلك يمكننا أن نخبره بأن الحج -وهو صورة مكبرة من العمرة- فرض على كل مسلم ومسلمة في العمر مرة وأنه واجب على كل مستطيع بالغ عاقل،والاستطاعة تكون بالمال، والصحة، وتوفُّر الأمن حول طريق الحج.
وأن "الحج والعمرة ينفيان الفقر والذنوب"كما قال صلى الله عليه وسلم.
ولفضيلة الشيخ الشعراوي –رحمة الله تعالى عليه- قول في هذا ،وهو أن" المسلم لا ينبغي أن يعيش مرفهاً مترفاً ثم يقول:" أنا لست مستطيعاً من الناحية المادية إذن ليس لي حج" ولهؤلاء أقول أن الاستطاعة المادية تعني أنك لديك ما يفيض عن سد حاجاتك الأساسية ،فإذا كان لديك جهاز تبريد (ثلاجة ) مثلاً،فعليك ببيعها وادخار ثمنها للحج"!!إنتهى حديث فضيلة الشيخ.
ولمثل هؤلاء تقول أيضاً كاتبة هذه السطور: "أن من نوى طاعة ربه أعانه تعالى بقدرته على ذلك،ومن تكاسل وماطل وكَّله الله إلى نفسه"
وقد ثبت بالتجربة أن من يدَّخر من قوته ولو بمقدار جنيه مصري كل يوم بنية تأدية فريضة الحج أو حتى الذهاب للعمرة ؛فإن الله تعالى يبارك له في هذا المال، ويزيده له بما يكفيه لذلك، و بشكل يتناسب مع قدرته تعالى...وصدق الله العظيم القائل:"و من يتَّقِ اللهَ يجعل له مخرجا،ويرزقه من حيث لا يحتسب"
ومثل هذه الأفكار يجب أن يسمعنا أطفالنا ونحن نقولها ونحكيها لغيرنا حتى تترسب في عقولهم الباطنة ويشبَّوا عليها، فيصبحون مسلمين حقاً.

عمروعبده 10-08-2010 01:47 PM

ثانياً: الإسلام كمنهج وسلوكيات:
من الممكن أن نعرِّفهم بآداب وسلوكيات الإسلام في هذه المرحلة عن طريق بعض أشرطة الفيديو من أمثلة:" سلام وفرسان الخير"، وسلسلة "الإبن البار"،ومجلات الأطفال الهادفة مثل "ماجد" ،و"سعد"اللتان تصدران في الإمارات العربية،و"العربي الصغير" الكويتية ،و سلسلة كتب "أخلاقيات من حكايات"التي تنشرها "المصرية للنشر والتوزيع"(*)- وهي سلسلة مفيدة يشرف عليها المركز الفني للطفولة وتحكي قصصاً تغرس القيم ا لدينية في قلوب الأطفال بلطف ،وسلسلة "أخلاق من حكايات"،وسلسلة "من أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم للأطفال" التي تصدر عن "دار الإيمان للنشر والتوزيع" (**) ،وسلسلة كتب سفير،وغير ذلك مما يتيسر.
كما ينبغي أن نبدأ تعليمه ذكر الله تعالى بأن يقول حين يصبح:" أصبحنا وأصبح المُلك لله، والحمد لله"؛وحين يمسي:" أمسينا وأمسى الملك لله، والحمد لله"، و" أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق" كما نعلمه أن يبدأ كل عمل له ببسم الله ،وأن يختمه بالحمد لله،كما نعلِّمه ما يقول حين يدخل الخلاء وحين يخرج منه،وأن يتلو آية الكرسي قبل أن ينام لقوله صلى الله عليه وسلم:" من قرأ آية الكرسي ليلاً لم يزل عليه من الله حافظاً حتى يصبح"
وكما نشجعه على طاعة الله ، فينبغي أن نشجعه أيضاً على اللعب وممارسة الرياضة،ونخبره أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يسابق السيدة عائشة ،وهي صغيرة السن،وكان يأمر صغار الصحابة قائلا:
" إرموا فإن أباكم كان راميا"،و يعقد بينهم السباقات والمبارزات المختلفة،وأن عمر بن الخطاب-أميرالمؤمنين- قال :"علِّموا أولادكم السباحة ،والرماية، وركوب الخيل" .
ومما يعين الوالدين على تحمل الجهد والمشقة من أجل لعب الأولاد وممارستهم الرياضة أن تكون نيتهم من ذلك هي تربية جيل مسلم صحيح النفس والجسد ؛وإدخال السرور على قلوب أبنائهم ،فيهون التعب،وينالا الأجر والثواب على ذلك إن شاء الله.

مرحلة الحادية عشر ة حتى الرابعة عشرة
في هذه المرحلة يكون النصح والإرشاد عقيمين إن لم نتعامل معه كأصدقاء، وإن لم يأخذ الحديث شكل الحوار الهادىء الهادف، بدلاً من إصدار الأوامر والتعليمات ، مع الاستفادة من الجلسات الجماعية التي تضمه مع أصدقاءه أو المقربين إليه… ومن خلال ذلك ينبغي أن نقوم بشرح معاني الأركان الخمسة للإسلام كما يلي:
1- شهادة التوحيد: (فشهادة التوحيد هي بداية الطريق،والاستجابة لله هي معالم هذا الطريق)(14) فينبغي أن نتحدث إليه عن الإيمان بالله الواحد الذي لا شريك له،فهو وحده كل شيء وما عداه لا شيء،(فالإنسان به موجود، وبدونه لا وجود له... أو بعبارة أخرى هو صفر لايساوي شيئاً،والناس كلهم أصفارٌ،مهما كثر عددهم،ولا يكون لهم مدلول إلا إذا وُضعوا عن يمين الواحد القهار!!! فعندئذٍ فقط يصيرون بعونه –تعالى- ذوي قيمة )(15)
كما ينبغي أن يعرف الطفل أن المسلم يؤمن بوجود الملائكة التي هي جند الله ينفذون أوامره ولا يعصونه،يسبحونه ليل نهار ولا يفترون؛
كما يؤمن بالكتب السماوية التي أنزلها على رسله لتمهد لنزول القرآن الكريم ؛الكتاب المعجز الجامع المانع،وأن الرسل كلهم عباد الله إخواناً،أرسلهم الله تعالى ليخرجوا الناس من الظلمات إلى النور.
وأن المسلم لابد أن يرضى بقضاء الله مهما بدا له أنه شر،فعسى أن يكره الإنسان شيئاً وهو خير له،ونضرب له الأمثال على ذلك من حياتنا اليومية؛مع التوضيح بأن الله تعالى يحب الصابرين ويكون معهم ؛وأن هؤلاء الصابرين ينالون أجرهم يوم القيامة بغير حساب!!!
2-الصلاة:
ينبغي أن يعي الطفل أن الصلاة ليست إسباغ الماء على مواضع الوضوء،ثم الإتيان بحركات متكررة وتلاوة بعض الآيات المتكرر بعضها أيضا،لأنهم لو صلوا بهذه الطريقة فسرعان ما يصيبهم الملل؛ فيسأموها والعياذ بالله... بل ينبغي أن يعرفوا أنها لقاء مع رب الأرباب ،مع مالك الملك، مع الغفور الودود ،ذو العرش المجيد، الفعال لما يريد!!!
ومن ثم ينبغي أن يعرفوا مراتب الناس في الصلاة التي صنَّفها الداعية الإسلامي الأستاذ "عمرو خالد" في كتابه"عبادات المؤمن" (16)، ليختاروا المرتبة التي يحبونها لأنفسهم...
وهذه المراتب هي:
1- الذي لا يحافظ على الصلاة، ولا على وقتها، ولا وضوءها ،ولا أركانها الظاهرة من القيام والركوع والسجود والخشوع ...فهذا معاقَب بإجماع العلماء.
2- الذي يحافظ على الوضوء ووقت الصلاة والأركان الظاهرة بلا خشوع ...وهذا محاسَب على صلاته حساباً شديدا.
3- الذي يحافظ على الوقت والوضوء والأركان الظاهرة ،ثم يجاهد شيطانه،فيخشع لبعض الوقت،ويسهو لبعض الوقت؛ فالشيطان يختلس من صلاته ويسرق منها ...فهذا في صلاة وجهاد، فله أجران!!!
4- الذي يحافظ على الوقت ،والوضوء،والأركان الظاهرة والخشوع...فأجره عظيم؛وهو نوع نادر.
5- الذي يحافظ على الوقت والوضوء والأركان الظاهرة ،ولكنه قد خلع قلبه وأسلمه لله عز وجل ...فهذا أعلاهم مرتبة!
الصلاة في المسجد:
من الواجب أن نشرح له معاني الآية الكريمة:: " في بيوتٍ أذِن اللهُ أن تُرفع و يُذكَر فيها اسمُه " سورة النور؛ وأن نوضح له أن من صلى في المسجد فقد زار الله تعالى في بيته ، وحق على المَزور أن يكرم زائره،فإذا كان المَزور هو الكريم، الجواد، خير الرازقين...فما أجملها من زيارة ؛ وما أعظمه من أجر!!!
كما نرغِّبه فيها من خلال أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم عن هذه الصلاة ؛ مثل:" من غدا إلى المسجد أو راح،أعد الله له نُزُلاً في الجنة كلما غدا أو راح"،و" من تطهر في بيته ثم غدا بيتا من بيوت الله ليقضى فريضة من فرائض الله ، كانت خطواته إحداها تحط خطيئة و الأخرى ترفع درجة. "
3- الصوم : في هذه المرحلة يكون الطفل قادراً على إتمام اليوم من حيث تحمل الجوع والعطش، ولذلك يجب أن يتقدم عن المرحلة السابقة بمعرفة روح الصوم وأنه لم يُفرض ل***** المسلمين، وأن أحد أهداف الصوم هو الشعور بجوع الفقراء،وترويض النفس على الصبر وتحمل الشدائد،وتغذية الروح بطاعة ربها مع الإقلال من تغذية الجسد، والوصول بالمسلم إلى تقوى الله في السر،والعلن ، كما ينبغي أن يعرف أن الصوم يعني كف أذى اللسان والجوارح عن الغير،وغض البصر عن محارم الله تعالى ،و أن ثواب الصائمين لا حدود له وأن الله سبحانه هو وحده الذي يقرر مقداره لأن الصوم عبادة إخلاص لله عز وجل ولا يعرف مدى صدقها والإخلاص فيها إلا هو.
4- الزكاة:
في هذه المرحلة ينبغي أن نتلو عليه آية مصارف الزكاة :" إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم ،وفي الرقاب والغارمين، وفي سبيل الله، وابن السبيل "(التوبة-60) ونكررها معه حتى يحفظها،مع شرح معانيها .
وينبغي أن نعرِّفه أن الإنفاق على ذوي الأرحام والجيران أفضل وأعظم أجراً من الإنفاق على غيرهم، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (الصدقة على المسكين صدقة، وعلى ذي الرحم اثنتان: صدقة وصلة)
كما ينبغي أن نوضح له معنى الآية الكريمة:" ولا تيمَّمُوا الخبيثَ منه تنفقون،ولستُم بآخذيهِ إلا أن تُغمضوا فيه" فالصدقة تقع في يد الرحمن قبل يد الفقير، لذا فقد كانت السيدة عائشة رضي الله عنها تعطِّر الدراهم قبل أن تتصدق بها!!!
5- الحج:
في هذه المرحلة يستطيع الطفل أن يفهم الحكمة من الحج،فهو المؤتمر الإسلامي الأكبر الذي يجمع المسلمين من شتى بقاع الأرض ،ومن كل فج عميق ؛على اختلاف ألوانهم وأجناسهم ولغاتهم ،ولا يتبقى لهم لغة إلا لغة التوحيد والإخلاص لله تعالى والتجرد له وحده، دون الأهل والولد والمال ،وغيرهم؛ "ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله على ما رزقهم من بهيمة الأنعام" فيختلطون ويتعارفون ويؤْثرون بعضهم بعضا ويتعاونون، ويعلمون أنهم جميعا في دين الله إخوانا.
(وأنه رحلة الاتجاه إلى الله وحده بالنفس والقلب والحواس،وهي بداية عهد وميثاق جديد مع مالك الملك الغني عن العالمين،وهي رحلة إعلان الرفض للشيطان ،ومناهجه وخطواته،وهي تعبير عملي وإعلان عن بدء حياة جديدة في طريق الحق،وعن الخضوع المطلق لله ...فهي شرف لا يطاوله شرف آخر، فتلبية دعوة الله شرف وتكريم من الله تعالى للحاج،فمن قصد البيت شهد الجدران وكسوة الأركان،ومن قدِم على رب البيت شهد من جلاله ما هو أهل له) (14)
وأن (الحج هو جهاد النساء،فقد سألت عائشة رضي الله عنها قالت:
" يارسول الله ،هل على النساء من جهاد؟"
قال:"عليهن جهاد لا قتال فيه ..الحج والعمرة "
ويقول صلى الله عليه وسلم:" الحُجاج والعُمَّار وفد الله ،إن دعوه أجابهم وإن سألوه أعطاهم،وإن استغفروه غفر لهم"
وفي هذه المرحلة يمكن أن نفهمهم المزيد عن آداب وأخلاقيات الإسلام ،ومنها ما حواه هذا الحديث الشريف من منهاج جامع للمسلم :" إتق الله حيثما كنت وأتبع السيئة الحسنة تمحها،وخالق الناس بخُلقٍ حسن"(فهو يحدد علاقة الإنسان مع ربه أولاً،فيقول له: إجعل بينك وبين عذاب الله تعالى وقاية من خلال خشيته في السر والعلن،فإن كان الخلق لا يرونك في موضع،فالله يراك في كل المواضع؛ثم علاقته مع نفسه قائلاً له : لا تقسُ كثيراً على نفسك إذا وقعت في معصية وإن كبُرَت، فأنت بشر، وكل ابن آدم خطَّاء وخير الخطَّائين التوابون، فإياك أن تتصور أن ذنبك أكبر من عفوه تعالى،إذا عصيته فلا تيأس وإنما سارع بالتوبة والأعمال الصالحة قبل أن يتلقاك الشيطان وأعوانه فيصدوك عن سبيل الله ؛وفي النهاية تعامل مع الناس -كل الناس- باخلاق نبيك الكريم،الذي كان أعداءه يحبونه ويشهدون بحسن خلقه قبل أصدقاءه،ولنا فيه الأسوة الحسنة)(17)
ومن المفيد أن نهدي إليه كتيب يحوي الأدعية الخاصة بالنوم والاستيقاظ وتناول الطعام والدخول للخلاء والخروج منه ودخول البيت والمسجد...إلخ ؛أو نلصق ملصقات بها هذه الأدعية في أماكنها المختلفة بالبيت،حتى يحفظها.

مرحلة الخامسة عشرة حتى الثامنة عشرة
في هذه المرحلة يجب أن نوجه أبناءنا-بالحُسنى- إلى أن:
شهادة التوحيد يجب أن تكون بالقلب واللسان، فالمسلم قد ينطق بالشهادة بلسانه،ولكنه يشرك مع الله تعالى ماله أو وولده،أو زوجته ،أو أهواءه، أو عمله،أو الموضة، أو الناس...إلخ ،وذلك بأن يحب أحد هؤلاء أكثر مما يحب الله عز وجل،أو يفضل ما يمليه عليه هؤلاء على مراد الله وأوامره ونواهيه.فينبغي أن يدرب نفسه –بمساعدة الوالدين أو المربين-على الإخلاص لله في القول والفعل؛و أن يعلم أن مادون الله باطل ،وأنه ينبغي أن يؤْثِر الله الباقي على كل ما هو دونه مما هو فانٍ.
ويمكن أن نناقش معه بعض معاني آية الكرسي-التي جمعت أصول التوحيد كلها على أتم وجه وأبلغ أسلوب في جمل موصولة من غير فاصل بينها بحرف من حروف العطف،فهي موصولة المبنى والمعنى،ويفسر بعضها بعضاً-كما ذكرها الدكتور "محمد بكر إسماعيل" : ( فالله هو المعبود بحق،ولا معبود سواه وهو الحي الباقي بقاءً سرمدياً ،حياة لا يشاركه فيها أحد،وهو مدبر الأمر الذي يسوس المُلك بعلمه المحيط وإرادته التامة،وقدرته المهيمنة،فمن شأن المعبود بحق أن يقوم على حاجات عباده وتصريف شؤونهم!!
ومن المنطقي أن المعبود بحق الذي يدبر الأمر لا تقهره غفلة ولا نوم عن تدبير ملكه،وهذا توكيد على قيامه سبحانه على كل شيء وقيام كل شيء به.
وهو الذي له الملك كله إيجاداً وخلقاً وتقديراً وتدبيراً فهي ملكية لا ينازعه فيها أحد،و من ثم فإن كل ما في ملكه – ولا ملك إلا ملكه- فهو عبد له،ناصيته بيده ماض فيه حكمه،عدل فيه قضاؤه.
وهو المتفرد بأمر العباد ،فلا يشفع أحد لأحد في شيء إلا بإذنه،فالعبيد جميعا يقفون في الحضرة الإلهية موقف العبودية ،وهو موقف الخضوع والخشوع والاعتراف المطلق له بالهيمنة على خلقه...وما يتفاضلون بينهم إلا بالتقوى ؛وفق ميزان الله الدقيق.
وهو العليم الذي لا تَخفى عليه خافية من مكنونات الصدور و مطويات الضمير،بل أنه يعلم من أنفسهم ما لا يعلمون منها...هذا العليم لا يدرك أحد –بعقله القاصر-من علمه تبارك وتعالى إلا بمشيئته وحده وبالوسيلة التي يختارها لهم،فلا يدعي مُكابر أنه قادر على تحصيل شيء من العلم بملكاته الذاتية،أو يُفتتن بما أذن الله له فيه من علمه،سواء كان هذا الذي أذن له فيه علم شيء من نواميس الكون،أو رؤية شيء من غيبه في لحظة عابرة إلى حد معين.
أما كرسيه تعالى فهو من الأخبار التي يحملها السلف الصالح على ظاهرها من غير تأويل فيقولون:" لله كرسي دون العرش ، لا يعلم حقيقته إلا هو جل شأنه"
وهذا الملِك القائم على شؤون خلقه الذي دبر ملكه تدبيرا محكما يخلو من التفاوت والخلل ،لا يُعجزه حفظ السماوات والأرض وما فيهما،فكل ما في ملكه في حيز قدرته التامة.
و بناءً على ما سبق ؛فهو المتفرد بالعلو والعظمة لا ينازعه فيهما أحد، فالكبرياء رداؤه والعظمة إزاره من نازعه أحدهما أصابه الهوان وداسته الأقدام)(15)
كما ينبغي أن نوضح أن الله تعالى يبسط على عباده من رزقه وفضله ورحماته ، في أحيان ،ثم يقبضها عنه في أحيان أخرى...وهكذا يقلبه بين حال وحال،كي لا يغتر بنفسه أو يطيب له البسط فيبتعد عن ربه ويطمئن إلى الدنيا،وفي نفس الوقت كي لا يضيق بحياته إن استمر به القبض طويلاً...فينبغي على المسلم أن يظل عابداً للقابض الباسط وليس للأحوال، وأن يرضى بما قسمه الله له...يقول الإمام الغزالي رحمه الله:" ليس في الإمكان أبدع مما كان ، ولو كُشف الغطاء لاخترتم الواقع،ولو أن كل إنسان انزعج من شيء ساقه الله إليه،ثم كشف الله تعالى له علم الغيب لما تمنى إلا أن يكون كما هو!!!)(18)
كما بمكن إهداؤه كتاب "فاعلم أنه لا إله إلا الله" للشيخ عائض القرني، الذي يشرح بعض جوانب العقيدة من كتاب "التوحيد" للشيخ محمد بن عبد الوهاب.
وأن الصلاة في المسجد سنة مؤكدة للرجال إلا بعذر، أما النساء فعليهن بالصلاة بالمسجد ما استطعن،و إلا فعليهن بالصلاة في أول الوقت(أي لا تؤخرها أكثر من ثلث ساعة بعد الأذان)(19) وأن الزكاة فرض على المسلم-أي أنه لا اختيار له في هذا الأمر-وينبغي أن يحسبها بدقة ، وألا يخلطها بأموال الصدقة،وأن ينفقها في مصارفها التي حددها الله في القرآن.
و أن الزكاة تطهر النفس من البخل ،كما تطهر المال مما قد يختلط به من المال المشبوه ،و تزكِّي المؤمن فتزيد من حالته الإيمانية،وترفع درجاته عند ربه تبارك وتعالى.
كما ينبغي أن يعرف أنواع الزكاة ؛ وأن لكل نوع طريقة في الحساب.
وأن الصوم ليس إمساك عن الشراب والطعام والشهوة فقط،وإنما هو التزام يؤدي على التقوى،وهو عطية غالية من الجواد الكريم، فلا ينبغي أن نضيعها.
ويمكن أن نستمع معه إلى درس يتحدث في ذلك بشمولية وإيجاز وهو درس "كيف تستقبل رمضان" (20)
وأن من يترك أداء فريضة الحج وهو مستطيع فإنما يأتي عملاً من أعمال الكفر ،والدليل قوله تعالى:" وللهِ على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا،ومن كفر فإن الله غنيٌ عن العالمين"(آل عمران-97)(فمناسبة مجيء الكفر بعد ذكر الحج هو أن المسلم الرافض لأداء فريضة الحج يدخل في دائرة خطيرة)(16)؛ فهو يهدم ركناً قوياً من أركان دينه،وعموداً أساسياً من أعمدة إ يمانه.
(يقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه في تاركي الحج :"والله لقد هممت أن أكتب في الأمصار أن من كان غنيا ويجب عليه الحج فافرضوا عليه الجِزية!!"،ويقول سعيد بن جبير –وهو عالم وفقيه من أئمة السلف- لو علمت أن في البلدة التي أعيش فيها غني من الأغنياء كان يستطيع الحج ولم يحج ومات على ذلك ما صليت عليه الجنازة!!
وفي حديث الرسول صلى الله عليه وسلم أن امرأة جاءت له صلى الله عليه وسلم فرفعت صبياً-ما يدل على أنه صغير السن خفيف الوزن-وقالت:" يا رسول الله ألهذا حج؟ قال :" نعم ،ولك الأجر")(16)
(وفي الحج استشعار حقيقي لمشاهد من يوم القيامة حيث الزحام الشديد،والملابس التي تشبه الأكفان،والأذان بالحج يشبه النفخ في الصور،والكل في خشية ووجل من الله تعالى طمعاً في المغفرة والثواب؛وكيف لا ،والله تعالى يقول في مطلع سورة الحج:" ياأيها الناسُ اتقوا ربَّكُم إنَّ زلزلةَ الساعةِ شيءٌ عظيم" ؛ فالحج صورة مصغرة من يوم الزلزلة.
كما أن الحج يدرب المؤمن على الجهاد والمثابرة ابتغاء مرضاة الله، حين يجرده من كل الرفاهية التي يعيشها في بيته وبلده.
وفيه تقوية لأواصر الوحدة بين المسلمين بشتى جنسياتهم واختلاف ألوانهم، وفيه إشارة لوجوب استمرار هذه الوحدة بعد الحج
كما أن الحج تربية أخلاقية عظيمة ،فالحاج لا يرفُث ولا يفسُق ولا يجادل ولا يصخب ولا ينتصر لنفسه،ولا يكذب...إلى آخر الأخلاق الإسلامية الحميدة)(16)
وفي هذه المرحلة ينبغي للطفل أن يعلم فضل أذكار الصباح والمساء المأخوذة عن السنة النبوية الشريفة ،وأنها حصنه من الشيطان والنار،فنهديه كتيب مثل "حصن المسلم من أذكار الكتاب والسنة" لسعيد بن علي بن وهف القحطاني" ونشجعه على أن يهديه لأصحابه ومعارفه لنيل الأجر والثواب.

وبالإضافة إلى تعليم أولادنا أركان الإسلام وتحبيبهم فيها ينبغي أن نعلمهم ما يدعم هذه الأركان ،ومن ذلك ما يلي:
حب الله ورسوله:
(يقول الإمام بن تيمية:" مساكين أهل الدنيا ،خرجوا منها ولم يذوقوا أحلى ما فيها،قيل وما أحلى ما فيها؟ قال:" حب الله عز وجل")(16)
"ومن أمثلة المحبين لله تعالى حقاً وصدقاً ابن القيم –رحمه الله- الذي يقول:" في القلب شعث(تمزق) لا يلُمُّه إلا الإقبال على الله، وفي القلب وحشة لا يزيلها إلا الأُنس بالله وفي القلب خوف وقلق لا يُذهبه إلا الفرار إلى الله ") (16)
ولزرع حب الله تعالى في قلوبهم الصغيرة طرق كثيرة وفي ذلك يمكن قراءة مقالة تتحدث عن "أطفالنا وحب الله عز وجل" على موقع طريق الإسلام.

بر الوالدين
ينبغي أن يعرف الطفل فضل والديه والمراحل التي لم يرها من عمره وهو جنين، ثم وليد، ثم رضيع،من خلال القصص المشوقة،ومن خلال من يراهم ممن حوله من أبناء الأقارب والجيران وغيرهم.
كما ينبغي علينا أن نعينه على برنا كوالدين من خلال برنا به وإعطاءه حقوقه عندنا من الحب ،والاحترام، والتقدير، والعطف،والشعور بالأمان...وغير ذلك؛كما قال صلى الله عليه وسلم:" لاعبه سبعاً ، وأدِّبه سبعاً ،وصاحبه سبعاً".
هذا بالإضافة إلى أن نكون لهم قدوة،فنبر نحن آباءنا ليبرنا أبناءنا!
كما ينبغي أن نعلمهم الدعاء للوالدين في حياتهم وبعد مماتهم.وأن نعلمهم أن رضاهما من رضا الله سبحانه،وأن الإحسان إليهما مقترن بطاعة الله تعالى ،لقوله سبحانه:" واعبدوا اللهَ ولا تُشركوا به شيئاً، وبالوالدين إحسانا"
ويساعد على ذلك أن نحكي لهم من القصص الواقعية التي تبين فضل برهم،ومنه قصة أصحاب الغار الذين حُبسوا فيه بصخرة،ثم ظل كل منهم يدعو الله تعالى أن يخلصهم بفضل عمل صالح قام به ،فكان أولهم يطعم والديه ويسقيهم قبل أولاده وزوجته ،فلما عاد ليلة ووجدهما نائمين كره أن يوقظهما وفي نفس الوقت لم يرد أن يؤثر أولاده عليهما فترك أولاده يصطرخون من الجوع وهو جالس إلى جوارهما يحمل إناء اللبن حتى استيقظا؛فسقاهما ثم سقى أولاده؛فدعا الله قائلاً: اللهم إن كنت قد فعلت ذلك ابتغاء مرضاتك ففرج عنا ما نحن فيه؛ فانفرجت الصخرة قليلاً عن الغار بفضل صنيعه هذا.

ذكر الله
والذكر في هذه المرحلة لا يكون فقط باللسان وإنما بالقلب، والله تعالى يقول:"إذكروني أذكركم"،فهنيئاً لذاكر الله تعالى بالخير والرحمة والبركة والمغفرة،فإن من نسيه الله صار مغموراً ضائعاً لا ذكر له في الأرض ولا في الملأ الأعلى) (14)
ويمكن أن نقول لأولادنا:(لك أن تتخيل أنه إذا ذكرك بالخير مدير المدرسة مثلا أو مدير النادي،أو محافظ البلدة التي نسكن بها، أو رئيس الجمهورية،فماذا يكون شعورك؟ أما إذا ذكرك ملِك الملوك جل شأنه فماذا أيضاً يكون شعورك؟!!!)(21)

مراقبة الله في السر والعلن
وهو أدب يتعلمه الطفل من خلال الصيام، ثم نقوِّيه لديه من خلال رواية بعض القصص الواقعية التي حدثت معنا وآثرنا فيها رضى الله حتى ولو لم يكن أحد يرانا غيره،ومثل قصة بائعة اللبن التي كانت أمها تريدها أن تغش اللبن بالماء،فلما رفضت وقالت لها الأم:" لماذا؟ إن عمر لا يرانا،فردت الإبنة :" إذا كان عمر لا يرانا فإن الله يرانا"،فأُعجب عمر بن الخطاب -الذي سمعهما حين كان يتفقد أحوال الرعية - بقوة إيمانها وحرص على أن يخطبها لابنه ،فكانت ثمرة الزواج هو خامس الخلفاء الراشدين الأمير "عمر بن عبد العزيز"!!!
إخلاص النية في العمل لله:
من المفيد أن يعلم الطفل أنه إذا نوى بكل ما يفعله مرضاة الله تعالى؛ فإنه سينال عظيم الأجر على كل ما يمارسه من أمور حياته:( فيروِّح عن نفسه لكي يقوى على الطاعة؛ ويمارس الألعاب الرياضية ليكون مسلماً قوياً؛ ويأكل باعتدال ليكون مسلما صحيحاً معافى في نفسه وبدنه،ويذهب إلى الأماكن الخلوية والمتنزهات ليتفكر في خلق الله ويَذْكره بين أناس غافلين؛ويتعلم العلم الدنيوي والشرعي ليفيد المسلمين وغيرهم بعلمه ؛ولا يضر نفسه وغيره بجهله،ولأن العلم في الإسلام فريضة على كل مسلم ومسلمة؛ويتعلم اللغات ليأمن مكر أعداءه وليدافع عن دينه،ويدعو إليه،ويستمع إلى الأخبار المحلية والعالمية ليهتم بشؤون غيره من المسلمين ؛ويحاول مساعدتهم ولو بالدعاء، وينوي بالزواج أن يكوِّن أسرة مسلمة تعبد الله وتذكره...وهكذا)(22)
التوكل على الله
كان الرسول صلى الله عليه وسلم يحرص على تعليم الغلمان من أولاد الصحابة كيف يتوكلون على الله حق التوكل،فقد كان يركب وراءه ذات مرة ابن عباس،فقال له:"يا غلام إحفظ الله يحفظك،إحفظ الله تجده تجاهك،واعلم أن الأمة لو اجتمعت لينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك،وأن الأمة لو اجتمعت ليضروك بشيء فلن يضرونك إلا بشيء قد كتبه الله عليك،رُفعت الأقلام وجفت الصحف"...فما أعظمه من حديث ،لذا ينبغي أن يعلق في إطار على الحائط ليراه أهل البيت ويبث فيهم روح اليقين في الله، والرضا بقضاءه،والشجاعة والإقدام وحسن التوكل عليه تعالى،مع أهمية أن نشرح له أن التوكل يعني الأخذ بالأسباب بالجوارح مع التوكل على الله بالقلب،أي التيقن من أن تحقيق الغاية لن يتم إلا بأمر الله؛فإذا لم يكن هناك أسباب يمكن اتخاذها فالأمر لله، وهنا ينبغي التضرع والدعاء له تعالى لتحقيق تلك الغاية، مع الثقة في حكمته وأن كل ما يأتي به الله خير.
ومما يعينه على ذلك أن نحكي له من مثل القصص الواقعية التالية:
لما فتح القائد "عمرو بن العاص" مصر منع عادة عروس النيل التي تقضي بإلقاء فتاة شابة مزينة بالحلي في النيل ليفيض عليهم ،فتوقف النيل عن الجريان لمدة ثلاثة شهور،فأرسل عمرو بن العاص إلى عمر ليستشيره،فأرسل يقول له: حسناً فعلت وأرجو أن تلقي في النيل رسالتي التالية:" هذه رسالة من عمر بن الخطاب إلى نيل مصر أما بعد،فإن كنت تجري من لدن الله فنسأل الله أن يجريك... وإن كنت تجري من لدنك،فلا تجري فلا حاجة لنا فيك"،فجرى النيل وفاض!
ويقول الداعية الإسلامي الأستاذ "عمرو خالد":
كان لي صديق يعمل في إحدى الفنادق الكبيرة بالقاهرة،وكان من ضمن مهام مهنته أن يعد لحفلات يرتكب فيها محرمات،وبينما هو يعد قائمة بالمطلوب لإحدى هذه الحفلات،نظر أمامه فإذا بالشيخ محمد متولي الشعراوي -رحمه الله- يتناول الطعام أمامه في المطعم، فتيقظ ضميره وشعر أنه يأتي مُحرَّماً ،فما كان منه إلا أن ترك ما بيده وذهب إليه يسأله،هل ما أفعله بوظيفتي حلال أم حرام؟ فقال له:" إنه حرام"،فقال له "فماذا أفعل ؟" فقال له:" إتركها"،فرد الشاب "إن لي زوجة وأولاد،فمن أين سنجد قوتنا؟"،فرد عليه الشيخ الجليل:" يابني إنه (من يتق الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب)"،فقال له:" إذن أظل بوظيفتي حتى أجد غيرها ثم أتركها"،فرد الشيخ الشعراوي بحزم:" يا بني إنه يقو ل:من يتق الله (أولاً) يجعل له مخرجاً (بعد ذلك)...فكيف تريده أن يجعل لك مخرجاً وأنت لم تتقه؟"
فظل الشاب يفكر حتى هداه الله تعالى إلى كتابة الاستقالة والتوكل عليه سبحانه،ولكنه قبل أن يتم كتابتها إذا بمدير سلسلة الفنادق التي ينتمي إليها هذا الفندق يتصل به ويقول:"أريد أن أخبرك بشيء،فرد الشاب وأنا أيضاً أريد أن أخبرك بشيء-يعني الاستقالة- ولكن المدير قال له: "سأقول لك أنا أولاً: لدينا وظيفة شاغرة لمدير فرعنا بالمدينة المنورة وقد اخترتك لها،فما رأيك؟!!!"(23)
وهذه قصة واقعية أخرى لمسلم توكل على الله وافتخر بانتماءه للإسلام واعتز بتفضيل مراد الله على مراده:
يقول الدكتور "عبد الله الخاطر" الذي كان يعيش في انجلترا لدراسة الدكتوراه:"إلتقيت بشاب إنجليزي يعيش في جنوب لندن،وقد أسلم حديثاً،وبعد إسلامه بثلاثة أسابيع عثر على وظيفة ، فحاول غيره من الشباب المسلمين أن يحذروه من أن يقول أنه قد أسلم حين يذهب للمقابلة الشخصية،حتى لايكون ذلك سبباً في عدم قبوله،فيتأثر نفسياً فيرتد عن دينه،إلا أن هذا الشاب توكل على ربه ولم يخشهم،فذكر لأصحاب العمل أنه قد أسلم وكان اسمه"رود"، فاصبح "عمر"،وقال لهم أيضاً بفخر:"لقد غيرت ديني واسمي وأريد وظيفة تتيح لي وقتاً للصلاة، فما كان منهم إلا أن قبلوه في تلك الوظيفة!!! وكان الأمر أعجب عندما قالوا له:" إننا نريد في هذه الوظيفة رجلاً عنده القدرة على اتخاذ القرارات وأنت عندك قدرة عظيمة جداً في اتخاذها،فقد غيرت اسمك ودينك وهذا إنجاز كبير!!! (24)
كما يمكن أن نسمع معهم قصصاً أخرى بنفس المعنى في درسي "التوكل" و"اليقين"(ضمن سلسلتي: إصلاح القلوب،ودروس أخرى على موقعه www.forislam.com)
وينبغي أن نحكي لهم عن نماذج مشرفة عرفت الله حق معرفته فارتاحت وقنعت وسارت على الدرب الصحيح من أمثال "حاتم الأصم" الذي تتلمذ على يد "شفيق البلخي" ،(وسأله معلمه يوما:" كم صحبتني؟" فقال له:"منذ ثلاث وثلاثين سنة"،فقال له:" وما تعلمتَ مِنِّي ؟" قال: "ثمان مسائل"،قال شفيق :" إنَّا لله وإنا إليه راجعون ، ذهب عمري معك ولم تتعلم مني إلا ثمان مسائل؟! قال:" يا أستاذ لم أتعلم غيرها و إني لا أحب أن أكذب"،فقال له:" هات ماهي حتى أسمعها"،قال حاتم:
نظرت إلى هذا الخلق فرأيت كل واحد يحب محبوباً فهو مع محبوبه إلى القبر،فإذا وصل إلى القبر فارقه،فجعلت الحسنات محبوبي فإذا دخلت القبر دخل محبوبي معي.
فقال أحسنت يا حاتم فما الثانية؟ قال:
نظرت في قول الله تعالى:" وأما من خاف مقامَ ربه ونَهى النفس عن الهوى،فإن الجنةَ هي المأوى"فعلمت أن قوله تعالى هو الحق،فأجهدت نفسي في دفع الهوى حتى استقرت في طاعة الله تعالى.
الثالثة أني نظرت إلى هذا الخلق فرأيت كل من معه شيء له قيمة ومقدار رفعه وحفظه ثم نظرت إلى قول الله تعالى :" ما عندكم ينفَد وما عند اللهِ باق"فكلما وقع معي شيء له قيمة ومقدار وجهته إلى الله ليبقى عنده محفوظاً.
الرابعة أني نظرت إلى هذا الخلق فرأيت كل واحد منهم يرجع إلى المال والشرف والنسب،فنظرت فيها فإذا هي لا شيء ثم نظرت إلى قوله تعالى :" إن أكرمكم عند الله أتقاكم" فعملت في التقوى حتى أكون عند الله كريما.
الخامسة أني نظرت إلى هذا الخلق وهم يطعن بعضهم في بعض،ويلعن بعضهم بعضاً،وأصلُ هذا كله الحسد ثم نظرت إلى قوله تعالى:" نحن قسمنا بينهم معيشتهم في الحياة الدنيا"فتركت الحسد واجتنبت الخلق وعلمت أن القسمة عند الله فتركت عداوة الخلق عني.
السادسة: نظرت إلى هذا الخلق يظلم بعضهم بعضا فرجعت إلى قوله تعالى:" إن الشيطان لكم عدوٌ فاتَّخِذوهُ عدواً"فعاديته وحده واجتهدت في أخذ حذري منه لأن الله تعالى شهد عليه أنه عدوٌ لي فتركت عداوة الخلق غيره.
السابعة نظرت إلى هذا الخلق فرأيت الواحد منهم يطلب كسرة الخبز فيذل بها نفسه ويدخل فيما لا يحل له ثم نظرت إلى قوله تعالى:"وما من دابَّةٍ في الأرض إلا على اللهِ رزقُها " فعلمت أني واحد من هذه الدواب التي على الله رزقها فاشتغلت بما لله تعالى علي وتركت ما لي عنده.
الثامنة : نظرت إلى هذا الخلق فرأيت منهم متوكلين،على مخلوق،هذا على عقاره وهذا على تجارته،وهذا على صناعته،وهذا على صحة بدنه،فرجعت على قوله تعالى:" ومن يتوكل على اللهِ فهو حسبُه" فتوكلت على الله فهو حسبي.
قال شقيق:" يا حاتم وفقك الله تعالى فإني نظرت في علوم التوراة والإنجيل والزبور،والفرقان العظيم فوجدت جميع أنواع الخير والديانة تدورعلى هذه الثمانية،فمن استعملها فقد استعمل الكتب الأربعة") (25)

عمروعبده 10-08-2010 01:49 PM

مجاهدة النفس
يعد جهاد النفس أقوى واشد من مجاهدة العدو ،ومما يعين عليه أن يحدد الإنسان هدفه،فهل يريد الدنيا الفانية التي لا تساوي عند الله جناح بعوضة؟أم رضا الله والجنة؟ وإذا كان يريد الجنة فعليه أن يعلم أنها سلعة الله الغاليه، ومن أجلها يجب أن يقدم الغالي والنفيس من الأوقات والأموال والجهد؛ ويتنازل عن الهوى والشهوات،ويستعين بالله على نفسه الأمارة بالسوء، ليطوِّعها ويجعل منها نفساً لوامة،وذلك بتربية الضمير لديه ومساعدته على الصبر على الحق والترفع عن الدنايا منذ نعومة أظفاره،كما ينبغي أن نحبب إليه الجميل من الأفعال ونبغِّض إليه القبيح منها.
فإذا عرف هدفه- وهو الفوز برضا الله –وأحبه؛ عاش له وبه ،وأراح والديه وأسرته ومجتمعه واستراح.

دوام الاستغفار:
يجب أن نعلمه أن للاستغفار فوائد أخرى غير ستر الذنوب والخطايا ومحوها،وهي التي جاءت في الآيات( 10-12 )من سورة نوح:" فقلتُ استغفروا ربَّكم إنَّهُ كان غفَّارا ،يرسل السماءَ عليكم مدرارا ،ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارا" .
تجديد التوبة:
يجب أن يذكِّر الوالدين أبناءهم على الدوام بأن اليأس من رحمة الله وعفوه ذنب في حد ذاته لأنه يعطل أسماء كثيرة من أسماء الله الحسنى مثل: العفو، والغفور، والغفار، والغافر، والتواب. كما يذكِّرونهم بأن اليأس مدخل شيطاني يدخل به إبليس على قلب المؤمن ليعود به إلى المعصية ،ثم الكفر – والعياذ بالله-رويداً رويدا،وينبغي أن يقولوا لهم دائما:" لا تيأسوا أبداً من رحمة الله ،إن "الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم"، فالحذر من ارتكاب المعاصي واجب ولكن إن غلبت على الإنسان نفسه فعليه بالمسارعة بالتوبة،ولا ييأس من كثرة ذنوبه،فباب التوبة مفتوح للإنسان مادام لم يغرغر(أي يدخل في مراحل الموت)وأن يلزم باب الكريم ولا يبتعد عنه فينفرد به الشيطان وأعوانه؛كما يجب أن يسمع الأولاد من والديهم قول "ابن القيم":
(لا تسأم من الوقوف على بابه ولو طُردت
ولا تقطع الاعتذار ولو رُددت
فإذا فُتح الباب للمقبولين فادخل دخول المتطفلين
وقل يارب مسكين فتصدق علي فإنما الصدقات للفقراء والمساكين!!!) (16)
كما ينبغي أن يسمعهما يتضرعان إلى الله بمثل هذه الأدعية:
" اللهم إن عظُمت ذنوبي فأنت أعظم وإن كبر تفريطي فأنت أكبر وإن دام بُخلي فأنت أجود"
" اللهم إن مغفرتك أوسع من ذنوبي ورحمتك أرجَى عندي من عملي"
عبادة الدعاء
وهي التوجه لله سبحانه- دون غيره -بطلب ما يحتاجه المؤمن ،وهي الاعتراف العملي بالافتقار إلى الواحد القهار...فهل هناك أحد يعيش بدون مشاكل تؤرقه؟
وهل هناك أحد ليس لديه آمال يحلم بتحقيقها؟
وهل هناك أحد يستطيع أن يستغنى عن ربه؟
أم هل هناك أحد لم يرتكب ذنباً ويخشى أن يؤاخذه لله عليه؟)(16) وإذا علمنا أن الجنة لن يدخلها أحد-حتى رسول الله صلى الله عليه وسلم – بعمله، إلا أن تتداركه رحمة ربه ؛(فهل هناك أحد يستطيع أن يستغنى عن رحمة ربه ؟!!! )(16)
هل هناك أعز من الذل بين يديه والتمسح بأعتابه حتى يرضى؟
وهل هناك أذل ممن يرجون عباد الله فإن شاءوا أعطوهم وإن شاءوا منعوهم؟وإن أعطوهم منُّوا عليهم،وإن أعطوهم مرة أو اثنان فهل يعطونهم الثالثة؟
(فهل يتعلق الغريق بغريق آخر؟وهل يرجو الفقير فقير مثله؟،وهل يلوذ ضعيف بضعيف مثله؟) (16)
وينبغي أن نعلِّمهم حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من لم يسأل الله يغضب عليه"،و قول الشاعر الحكيم :
"لا تسألنَّ بُنيَّ آدم حاجة *** وسَل الذي أبوابه لا تُحجب
فالله يغضب إن تركتَ سؤله *** وبُنيَّ آدم حين يُسأل يغضب!!
كما ينبغي أن نعلمهم آداب الدعاء، ومنها اليقين في الإجابة،وألا يستعجل الإجابة وأن يعلموا أن الدعاء منه ما يجاب ومنه ما يُدفع به البلاء،ومنه ما يُدَّخر ليوضع في ميزان الحسنات يوم القيامة... والمؤمن حيت يرى دعاءه يوضع في ميزان حسناته يوم القيامة يتمنى لو لم تُجب له دعوة في الدنيا!!!
كما ينبغي أن يعرفوا أن الدعاء خيرٌ كله،كما جاء في حديث النبي صلى الله عليه وسلم:" إن الله تعالى حيِيٌ كريم ،يستحي أن يرفع العبد يديه ،ثم يردهما صُفراً خائبتين"
فنذكرهم دائماً بفضيلة الدعاء قائلين:"إن الله الواجد جل شأنه قريب مجيب رحيم ودود ،فادعوه مخلصين له الدين ،وأنتم موقنون بالإجابة ؛فإن من سأله أعطاه ومن توكل عليه كفاه،ومن اعتصم به هداه إلى صراط مستقيم،فهو الواجد الذي لا تنفد خزائنه ،ولا تنتهي نعمه ولا تضيق رحمته بالعالمين"(15)
وما أحلى الدعاء القائل:" اللهم إنا قد جئنا جوارك
وأنخنا مطايانا ببابك
نرجو رحمتك ونخشى عذابك
فلا تبعدنا اللهم عن جنابك
وافتح لرجاءنا رحابك،
ولدعاءنا أبواب السماء
ودعاءه صلى الله عليه وسلم:" اللهم إني أسألك الهُدى والتُّقى والعفاف والغِنى"

من تجارب الأمهات:
فيما يلي قصصا واقعية ترويها الأمهات عن خبرتهن في تحبيب أبنائهن في الإسلام.
في حب الإسلام:
فوجئت الأم بطفلها البالغ من العمر إحدى عشر عاماً يسألها قائلاً:"أنا مسلم ،نعم، ولكن لماذا يوجد أناس آخرين غير مسلمين؟ ولماذا لا أكون أنا أيضا غير مسلم؟" فرأت أن الإجابة المباشرة لن يكون أثرها عميقا كما تريد،فاقترحت عليه أن يحاول البحث بنفسه عن إجابة،وأن يقوموا بعقد مسابقة بينه وبين أقرانه من الأقارب والجيران والأصدقاء للإجابة على سؤال محدد :" ماذا لو لم أكن مسلماً؟" ،ونصحتهم بالاستعانة بمكتبة البيت أو النادي أو المدرسة،وتم تحديد يوم ليعرض كل منهم إجابته،فوجدت الأم إجابات مقنعة ، منها ما قاله الأولاد:
لو لم أكن مسلماً لما وجدت مكاناً محدداً أفزع إليه حين تصيبني مشاكل ، ولما وجدت قوة تحميني حين أواجه مصاعب ..فمن سأنادي إن لم يكن معي أبي أو أمي أو مثلهم من البشر؟
و لسماني أبي أسما قبيحا، ولفرق أبي وأمي بيني وبين إخوتي في الحب والعطاء ،ولاحتقرني الناس وهجروني بسبب شكلي أو لوني أوديني أو فقري أو جهلي ،ولما وجدت من يرحمني حين أكون صغيراً،أوضعيفاً أو مريضاً،ولما احترمني غير ي حين أكون كبير السن ، ولظللنا نعيش بدون أمان يُغير بعضنا على بعض دون ضوابط ،ولظللنا نبيت ي***نا الهم والقلق على رزقنا و حياتنا ومستقبلنا،ولأكلنا الحيوانات الميتة،ولظل الفقير فقيراً يحقد على الغني،ولظل الغني غنياً يحتقر الفقير ويخاف من حسده وحقده ،ولظللت أعيش بلا هوية أو هدف،أعطل عقلي ولا أحترمه، وأتبع أهوائي ولو كان على حساب غيري.
وقالت البنات: لولا الإسلام لوأَدني أبي فور ولادتي ،ولامتُهنت كرامتي، واستُبيحت حرمتي ،ولظللت جاهلة بلا قيمة،ضعيفة بلا حول ولا قوة ،ولتزوجني أخي وعمي وابني، ولفقدت اسمي بعد زواجي،ولما عرف أبنائي قيمتي وحقي عليهم، ولطلقني زوجي دون سبب وفي أي وقت، ولتزوج علي أي عدد من النساء في أي وقت شاء،ولظللت محرومة من حقي في الميراث،ولنسيني أبنائي بعد موتي.
فنظرت الأم في النهاية إلى ابنها فرأت في عينيه أن إجابة سؤاله قد وصلت إلى قلبه قبل عقله،فحمدت الله الهادي.

طفولة العظماء:
رأت الأم أبناءها منبهرين بشخصيات الرسوم المتحركة والمجلات والأفلام الغربية من الأبطال،فعز عليها ذلك وقالت لهم:" إن هؤلاء أبطال غير حقيقيين،فهل أحدثكم عن أبطال حقيقيين؟" فكانت إجابتهم بالفعل هي الإيجاب،فظلت تحكي لهم كل يوم قصة قبل النوم من قصص أبطال المسلمين من الأطفال أمثال:
"علي بن أبي طالب" الذي نام في فراش النبي صلى الله عليه وسلم ليلة الهجرة وهو ابن عشر سنين.
و "الحسن" و"الحسين" الذين رأيا شيخا يتوضأ –وكانا غلامين- فلم يريدا جرح مشاعره بأن يقولا له أنه لا يحسن الوضوء ،فقالا له: يا عماه لقد اختلفت وأخي فيمن يحسن الوضوء منا فهلا حكمت بيننا؟ وأرياه كيف الوضوء الصحيح .
و"عبد الله بن الزبير" الذي عُرف عنه منذ صغره قوة في الحق وصراحة في الكلمة يعترف إذا أخطأ ويتحمل الجزاء إذا دعا الأمر،وقد كان يوما يلعب مع الصبية-وهو لا يزال صبي- وإذا بأمير المؤمنين عمر بن الخطاب يمر بهم،ففروا من أمامه-لأنه كان يسألهم عن صلاتهم فإذا كانوا قد أدوها تركهم وإذا لم يؤدوها أمرهم بأدائها- أما "عبد الله" فوقف مكانه ،فلما سأله "عمر" عن عدم فراره معهم قال:" لَم أرتكب ذنباً فأخافك،وليست الطريق ضيقة فأوسعها لك"، فسأله:" هل أديت فرضك؟" قال " نعم يا أمير المؤمنين،وتلاوة ما عليَّ من قرآن وحديث وأنا الآن أروِّح عن نفسي،فقال له:" جزاك الله خيرا يا ولدي".
و"أسامة بن زيد" الذي علم أن رسول الله صلى الله عليه سلم يتجهز للغزو فأصر – وهو بعد لم يتجاوز العاشرة من عمره- على أن يكون له دور،فذهب يعرض نفسه على النبي صلى الله عليه وسلم،إلا أن الرسول الكريم أجابه بأنه ما يزال صغيرا لم يُفرض عليه القتال ،فعاد باكياً،ولكنه عاود الكرة مرة ثانية وثالثة ،وفي الثالثة طلب منه أن يطيِّب الجرحى من المقاتلين،ففرح فرحاًً شديداً،ولما كبر أوصى النبي صلى الله عليه وسلم أن يتولى أسامة قيادة أحد جيوش المسلمين ،فتم ذلك في عهد أبي بكر رضي الله عنه.
و"معاذ" و"معوِّذ" الغلامان الذين نالا شرف *** "أبي جهل" رأس الكفر الذي طالما آذى الرسول صلى الله عليه وسلم والمسلمين ثم انصرفا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبراه،فقال لهما :"أيكما ***ه؟"،فقال كل منهما :" أنا ***ته" فقال لهما:" هل مسحتما سيفيكما؟" قالا :"لا" فنظر صلى الله عليه وسلم في السيفين وقال:" كِلاكما ***ه"!!!
و"أسماء بنت أبي بكر" التي تشرفت -دون الخلق- بحمل الطعام والشراب لرسول الله صلى الله عليه وسلم وأبيها في مخبأهما أثناء الهجرة،والدفاع عنهما بشجاعة وصلابة أمام أبي جهل الذي لطمها على خدها لطمة أطاحت قرطها.
وأروى بنت الحارث التي قادت كتيبة من النساء وقد عقدت لواءً من خمارها كخدعة حربية،ففعلت من معها من النساء مثلها واندفعت بالكتيبة إلى حيث كان المسلمون يواجهون عدوهم في "ميسان"،فلما رأى الأعداء الرايات مقبلات عن بعد ظنوا أن مدداً للمسلمين في الطريق إلى أرض المعركة ،ففروا مولين الأدبار،وتبعهم المسلمون يطاردونهم حتى ***وا منهم أعدادا ًكبيرة.( (
في التعرف على الدين: لما اقترب أولادي من سن المراهقة إستأذنتهم في أن أضع بعضاً من كتبي في مكتبتهم الخاصة بغرفتهم لأن مكتبتي مكتظة،فلم يعترضوا.فاخترت مجموعة من الكتب مثل :( رأيت الله للدكتور مصطفى محمود، ورياض الصالحين للإمام النووي ،وحياة الصحابة للكاندهلوي ،وفقه السيرة ،والمهذَّب من إحياء علوم الدين للإمام محمد الغزالي، ومنهاج المسلم للشيخ أبو بكر الجزائري، وتفسير القرآن للشيخ الشعراوي رحمه الله ، والحلال والحرام في الإسلام ،والإيمان والحياة للدكتور يوسف القرضاوي،،ولا تحزن لعائض القرني،وعلو الهمة لمحمد أحمد المقدم، وبدائع القصص النبوي الصحيح لمحمد بن جميل زينو)
ولم أتحدث معهم عنها على الإطلاق،بل كنت أراقب الموقف من بعيد ...وما هي إلا أسابيع حتى امتدت أيديهم الغضة إلى تلك الكتب واحداً تلو الآخر وأصبحوا-بحمد الله تعالى - يستفسرون عن بعض ما يقرءونه ويناقشونني فيه.

في الترغيب في الزكاة من خلال الصدقة :
قامت الأم بتخصيص صندوق كبير يضع فيه أفراد الأسرة ما زاد عن حاجتهم ،أوما يريدون التصدق به،ويتركونه حتى يمتلىء فيقومون بترتيب الأغراض ووضعها بشكل لائق،ثم ترسلها الأم مع طفليها إلى المسجد القريب من المنزل الذي ينفقها على مستحقيها؛ وكانت توضح دائماً أن الله يعطي كل منفق خلفا، وأنه يعطيه أفضل مما تصدق به في الدنيا والآخرة...وذات يوم وضع طفلها حذاءه الرياضي القديم في صندوق الصدقة دون أن يخبر أمه،ولما عاد أبوه وجدته الأم يقول لها وهو يكاد يطير فرحا:" أنظري يا أمي لقد رزقني الله بحذاء رياضي جديد أفضل من الذي تصدقت به،حتى قبل أن يصل إلى المسجد؛ أرسله لي صديق أبي الذي عاد من السفر!!!"
في الترغيب في الحج من خلال العمرة:
لم يتيسر الذهاب للمصيف قبل العمرة،وكان الأولاد يتوقون إليه،ولكنهم لما عادوا من العمرة لم يطلبوا الذهاب للمصيف واكتفوا بمزاولة رياضة كل منهم المفضلة، حتى انتهت العطلة الصيفية!!!ثم صاروا يسألون في العطلة التالية عن موعد الذهاب العمرة ويقولون :"نفضلها على المصيف"!!
والعجيب أن الأم فوجئت بأصغر أولادها(سبع سنوات) تسأل عن الحج قائلة: لقد جربنا العمرة وأريد أن أجرب الحج ،متى نحج يا أمي؟!!!

***
وختاماً ، فإن الحديث في هذا الموضوع لا يكتمل إلا بحديث الرسول صلى الله عليه وسلم مع حارثة رضي الله عنه -وكان لا يتجاوز السادسة عشرة من عمره-، يروي حارثة أنه صلى الله عليه وسلم قال له يوماً: (( يا حارثة ، كيف أصبحت؟ قال: أصبحت مؤمنا حقا، فقال له المصطفى: "وما حقيقة إيمانك؟" قال:" أصبحت أرى عرش ربي بارزا، وأصبحت أرى أهل الجنة وهم يتزاورون، وأهل النار وهم يتعاوون(يصطرخون) فقال له : عرفتَ فالزم!!))
***
"سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم" ،
وآخر دعوانا" أن الحمد لله رب العالمين"

عمروعبده 10-08-2010 01:50 PM

الأنماط السلبية في تربية الطفل

تتبع الأسرة عدة أنماط في تربية الطفل والتي تؤثر على تكوين شخصيته وهى :

النمط الأول : الإسراف في تدليل الطفل والإذعان لمطالبة مهما كانت .
أضرار هذا النمط :
1-عدم تحمل الطفل المسئولية
2-
الاعتماد على الغير
3-
عدم تحمل الطفل مواقف الفشل والإحباط في الحياة الخارجية حيث تعود على أن تلبى كافة مطالبه
4-
توقع هذا الإشباع المطلق من المجتمع فيما بعد
5-
نمو نزعات الأنانية وحب التملك للطفل

النمط الثاني : الإسراف في القسوة والصرامة والشدة مع الطفل وإنزال العقاب فيه بصورة مستمرة وصده وزجره كلما أراد أن يعبر عن نفسه
أضرار هذا النمط :
1- قد يؤدى بالطفل إلى الانطواء أو الانزواء أو انسحاب فى معترك الحياة الاجتماعية
2-
يؤدى لشعور الطفل بالنقص وعدم الثقة في نفسه
3-
صعوبة تكوين شخصية مستقلة نتيجة منعه من التعبير عن نفسه
4-
شعوره الحاد بالذنب
5-
كره السلطة الوالية وقد يمتد هذا الشعور إلى معارضة السلطة الخارجية في المجتمع
6-
قد ينتهج هو نفسه منهج الصرامة والشدة في حياته المستقبلية عن طريق عمليتي التقليد أو التقمص لشخصية أحد الوالدين أو كلاهما

النمط الثالث : النمط المتذبذب بين الشدة واللين ، حيث يعاقب الطفل مرة في موقف ويثاب مرة أخرى من نفس الموقف مثلا

أضرار هذا النمط :
1- يجد صعوبة في معرفة الصواب والخطاء
2-
ينشأ على التردد وعدم الحسم في الأمور
3-
ممكن أن يكف عن التعبير الصريح عن التعبير عن أرائه ومشاعره

النمط الرابع : الإعجاب الزائد بالطفل حيث يعبر الآباء والأمهات بصورة مبالغ فيها عن إعجابهم بالطفل وحبة ومدحه والمباهاه به
أضرار هذا النمط :
1- شعور الطفل بالغرور الزائد والثقة الزائدة بالنفس
2-
كثرة مطالب الطفل
3-
تضخيم من صورة الفرد عن ذاته ويؤدى هذا إلى إصابته بعد ذلك بالإحباط والفشل عندما يصطدم مع غيرة من الناس الذين لا يمنحونه نفس القدر من الإعجاب

النمط الخامس :
فرض الحماية الزائدة على الطفل وإخضاعه لكثير من القيود ومن أساليب الرعاية الزائدة الخوف الزائد على الطفل وتوقع تعرضه للأخطار من أي نشاط .
أضرار هذا النمط :
1- يخلق مثل هذا النمط من التربية شخصا هيابا يخشى اقتحام المواقف الجديدة
2-
عدم الاعتماد على الذات

النمط السادس : اختلاف وجهات النظر في تربية الطفل بين الأم والأب كأن يؤمن الأب بالصرامة والشدة بينما تؤمن الأم باللين وتدليل الطفل أو يؤمن أحدهما بالطريقة الحديثة والأخر بالطريقة التقليدية
أضرار هذا النمط :
1- قد يكره الطفل والده ويميل إلى الأم وقد يحدث العكس بأن يتقمص صفات الخشونة من والدة
2-
ويجد مثل هذا الطفل صعوبة في التميز بين الصح والخطاء أو الحلال والحرام كما يعانى من ضعف الولاء لأحدهما أو كلاهما .
3-
وقد يؤدى ميله وارتباطه بأمه إلى تقمص صفات الأنثوية
من كتاب ( مشكلات الطفولة والمراهقة )
تأليف .الدكتور عبدالرحمن العيسوى


عمروعبده 10-08-2010 01:51 PM

التربية بالمداعبة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ، ثم أما بعد :-

إن الإسلام لا يقتصر في تربيته لأتباعه على أساليب معينة وجوانب محددة .. ومن خلال اطلاعي على عدد من الكتب التي تتناول أساليب وطرق التربية و الدعوة إلى الله ، استوقفني شيء مهم ، وهو أن أغلب هذه الكتب ركز أصحابها على عدد من الجوانب ، وفي المقابل أهملوا جوانب أخرى لاتقل أهمية عن تلك التي تناولوها بالدراسة والبحث ؛ فعلى سبيل المثال : فإن بعض الكتب تناولت جانب التربية بالقدوة – وهي ما نفتقد إليه اليوم إلا من رحم الله حتى بين المربين - ، أو التربية بضرب الأمثال ، أو التربية عن طريق القصة – وهي المنتشرة والمشهورة لدى أغلب المربين ، وقد يبلغ الأمر في بعض الأحيان إلى الكذب وتأليف القصص الخيالية ، والغاية – كما يزعمون – كسب قلوب الشباب - ، أو التربية عن طريق الترغيب والترهيب – وهي من الطرق التي تتشبث بها بعض الجماعات الدعوية على الساحة الإسلامية ، وهي مهمة في ذاتها ؛ لكن أن يتعدى الأمر بالاعتماد على الأحاديث الموضوعة والضعيفة ، فإن هذا لن يؤتي ثمرته المرجوة إذ البناء إذا لم يكن على أسس متينة سرعان ما ينهار على صاحبه - ، أو أن تكون التربية عن طريق الأحداث ، أي ما يقع في المجتمع وربطه بحدث معين من سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم أو سير الصحابة الكرام والتابعين لهم بإحسان ، مع استخلاص العبر والدروس منها بما يخدم المصلحة الدعوية – وهو ما نفتقده اليوم ، وما أكثر الأحداث التي تحتاج منا إلى وقفة متأنية - ، أو أن تكون التربية عن طريق المداعبة – وهذا الأسلوب وللإسف فُسِّرَ على غير مراده واتُخذ مطية تمتطيه بعض الجماعات في الساحة الدعوية ، وقد بولغ فيه وتجاوز الحد ووصل الأمر في بعض الأحيان إلى الإسفاف وقلة الذوق والأدب مع ما يصاحبه من مخالفات شرعية في بعض الأحيان كالتشبه بالكفار في الملبس و الكلام ، أو التشبه بالمخنثين مع تقليد حركاتهم وترديد بعض العبارات السوقية أو كلمات لبعض الأغنيات.. وهكذا ، ولم يفهم المراد من هذا الأسلوب ولم يطلع على حال الرسول صلى الله عليه وسلم وسيرته مع أصحابه حينما كان يمازحهم ، ولم يفهم المغزى من هذه المداعبة ، وهو ما سأسعى إلى بيانه في هذا البحث بإذن الله تعالى - .

ولا يعني أن الأساليب التي ذكرت لآنفاً لا تؤدي الغرض والهدف المنشود ، بل على العكس ، لكن إن أحسن المربي استخدامها .. وما كان تركيزي في هذا البحث على جانب المزاح والمداعبة إلا لما وجدت من أنها من أنجح أساليب التربية أحياناً ، إذ القصد من ورائه التحبيب إلى النفوس في جو من الأنس والسرور الذي يبهج الصدور ، فيسهل على القلب استقبال التربية والتوجيه بانشراح كبير ..

ومن هذا المنطلق وبكوني أعمل في مجال التربية والتعليم ، وقفت على هذه الفجوة وعايشتها ، وكنت أتسائل لماذا لا يقدم الشباب على الالتزام والسير في ركاب الصالحين ، وقد كانت أغلب الإجابات الافتقاد إلى القدوة ، أو عدم مسايرة الواقع – مع التنبيه على عدم التنازل عن أمور ومبادئ أساسية في الشرع - ، أو عدم فهم نفسيات الشباب ، أو التجهم والعبوس من قبل بعض المربين ، أو التشدد في بعض الأمور حتى المباح منها ، وقد كانت بعض الإجابات تنناول موضوع بحثنا هذا وهي أن المربي أو هذا الداعية لايعرف للمداعبة سبيل ولا يعيرها أدنى اهتمام .. الخ .

لهذا السبب كتبت في هذا الموضوع عله يسد ولو ثغرة بسيطة .. ويكون لبنة على الطريق ..

وأثناء قراءتي لبعض الكتب التربوية والدعوية كنت أدون ما أقف عليه من أثار ومواقف للرسول صلى الله عليه وسلم ولأصحابه وللسلف رضوان الله عليهم أجميعن ، تتعلق بمبدأ التربية بالمداعبة ، وأنقل ما يتعلق بها من أمور وما اشتملت عليه من فوائد وحكم ، حتى نصل في نهاية الأمر إلى الأسلوب الأمثل في التربية بهذا الأسلوب ( التربية بالمداعبة ) ..

وإذا كانت المداعبة تحمل في طياتها كل ما ذكرت ، فإنه لابد من أن نقف في هذا البحث على عدد من المحاور الأساسية ، منها على سبيل المثال : مفهوم المداعبة ، أقسامها ، منهج الإسلام في تقريرها ، أمثلة على مداعبة الرسول صلى الله عليه وسلم لأهله ، و لأصحابه ، مداعبة الصحابة رضوان الله عليهم بعضهم لبعض ، مداعبة السلف الصالح بعضهم لبعض ، الآثار المترتبة على التربية بالمداعبة ، خاتمة البحث ..

والله أسأل التوفيق والسداد والعون الرشاد والحمد لله رب العالمين ..

والآن إلى المضوع ..

مفهوم المداعبة :-
ذكر ابن منظور في لسان العرب ( 1/ 375 – 376 ) في مادة دَعَبَ قوله : داعبه مداعبة : مازحه ، والاسم الدعابة ، و المداعبة : الممازحة ، وقال : الدعابة : المزاح ، والدُّعْبُبُ : المَّزّاح ، وأدْعَبَ الرجل : أي قال كلمة مليحة ، .. وقال الليث : فأما المداعبة فعلى الاشتراك كالممازحة ، اشترك فيه اثنان فأكثر .

وأما في الاصطلاح فالمداعبة كما عرفها ابن حجر في الفتح (10/526 ) : هي الملاطفة في القول بالمزاح وغيره .

والمداعبة والمزاح شيء واحد ، فهو كلام يراد به المباسطة بحيث لا يفضي إلى أذى ، فإن بلغ به الأذى فهوسخرية ..

وخلاصة القول في مفهوم المداعبة : هي استغلال بعض المواقف بقول أو فعل يدخل السرور على الآخرين ، دون جرح للمشاعر أو إهدار للكرامات ، وإذا اشتملت على مواقف تربوية كانت أكثر فائدة ، وأعظم أثرا .

أقسام المداعبة
يرى بعض الباحثين أن المداعبة تنقسم – من حيث الجواز وعدمه – إلى قسمين :-
الأول : ماكان مباحاً لا يوقع في معصية ، ولا يشغل عن طاعة ، على ألا يكثر منه المسلم ، فيطغى على الجدية التي هي الأصل في حياته ، وقد يكون المازح مأجور على مزاحه إذا أحسن النية ، وكان مقصده من مزاحه مصلحة شرعية .

يقول ابن حجر في الفتح (10/527 ) : فإذا صادف مصلحة مثل تطييب نفس المخاطب ، ومؤانسته ، فهو مستحب .

ومن هذا الباب كان مزاحه صلى الله عليه وسلم ، وكان مزاح صحابته من بعده ، وإن كان الصحابة رضوان الله عليهم قد تجاوزوا المزاح بالقول إلى الفعل ، فقد علل الأستاذ العودة في كتابه الترويح التربوي ( ص 91 ) بقوله : ويستفاد من ذلك أن المربي القائد يُلزَم بما لايُلزَم به سائر الأفراد حفاظاً على مكانته أن تبتذل بمزاح مضاد ، وحفاظاً على أفراده في أن يتسبب في إحراجهم بأفعال يصعب الاعتذار منها .

الثاني : ما كان منه محرماً ، يخدش الحياء ويجرح الكرامة ويثير الحفيظة – وما أكثره اليوم - ، وهو المعني بحديث الرسول صلى الله عليه وسلم الذي قال فيه : ( لايأخذن أحدكم متاع أخيه لاعباً ولا جاداً ) صحيح سنن أبي داود (3/944) .

يقول ابن حجر في الفتح (10/526 ) كلاماً ما معناه : المنهي عنه في المزاح ما كان فيه إفراط أو مداومة ؛ لأنه يشغل عن ذكر الله ، وعن التفكر في مهمات الدين ويقسي القلب ويزرع الحقد ويسقط المهابة والوقار ، ثم نقل عن الغزالي قوله : من الغلط أن يتخذ المزاح حرفة ، وكان هذا رده على من يتخذ مزاحه صلى الله عليه وسلم دليلاً ، ثم يقول معلقاً على ذلك : حال هذا كحال من يدور مع الريح حيث دار .


منهج الإسلام في تقرير مبدأ التربية بالمداعبة :-
لقد اختصت السنة النبوية بتقرير هذا المبدأ ، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو الذي لا ينطق عن الهوى ، ولايقول إلا حقاً ، يداعب أصحابه ويمازحهم ويدخل السرور على أنفسهم ، ولقد حفلت السنة النبوية المطهرة بكثير من الحوادث التي تقر هذا الأسلوب المحبب إلى النفوس – وسيأتي ضرب الأمثلة على ذلك في الحلقة القادمة – ، والذي لا يكاد يخلو من تأديب وتهذيب ، وتلطيف وتلميح ، يزيل الملل ، ويذهب السآمة ، ويعين على الطاعة ويدخل السرور إلى النفس .

على أن هذا المزاح لم يكن به ما يخدش الحياء ، أو يجرح الكرامة ، وإنما كان خالياً من الإثم والتهتك ، بعيداً عن الشتائم والسباب ، لأن الإسلام يهذب من سلوك المسلم حتى في مواطن المزاح .

لقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يداعب أصحابه مابين الفينة والأخرى ، ولعل من أبرز المواقف في ذلك ، ولربما هذا الموقف من أول المواقف التي داعب فيها الرسول صلى الله عليه وسلم أصحابه ، ما رواه الإمام أحمد في مسنده ( 2/ 360 ) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال : قالوا : يارسول الله إنك تداعبنا ! فقال صلى الله عليه وسلم : إني لا اقول إلا حقاً .

لقد تعجب الصحابة رضوان الله عليهم من هذه الممازحة ، وثار في أنفسهم هذا السؤال ، بعد أن عادوا بأذهانهم إلى الجدية التامة في حياته صلى الله عليه وسلم ، ثم عايشوا ممازحته ، فانبعث من نفوسهم هذا السؤال ، فكان جوابه صلى الله عليه وسلم فيه جانب تربوي كبير ، إذ لم يقل صلى الله عليه وسلم : نعم ، وإنما كان جوابه متضمناً الإقرار بجواز الممازحة ، وزاد على ذلك بقوله : إني لا أقول إلا حقاً ، ومعنى هذا أن المزاح بالباطل لا يجوز ؛ لأنه يناقض حينئذ التربية الصحيحة التي هي هدف الإسلام .

على أن مزاحه صلى الله عليه وسلم لم يتعد القول إلى الفعل ، لأنه حينئذ يصل بصاحبه إلى المزاح المذموم الذي نهى عنه الشارع الحكيم ، يقول الأستاذ العودة في كتابه الترويح التربوي ( ص 91 ) : من الملاحظ أن مزاح الرسول صلى الله عليه وسلم كان لا يتعدى القول إلى الفعل كما كان لا يتعدى الصدق إلى غيره .

وإلى لقاء آخر في الحلقة القادمة مع جملة من القصص الطريفة التي مازح فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم أهله وأصحابه وبعض القصص التي مازح السلف فيها بعضهم بعضاً ، وكان لذلك كله أبلغ الأثر في نفوسهم .. وليكن هذا زاداً للمربين في استخدام هذا الأسلوب التربوي المؤثر في دعوتهم بشرط مراعات الضوابط الشرعية في ذلك . والله أعلم ..


عمروعبده 10-08-2010 01:53 PM

مداعبة النبي صلى الله عليه وسلم لأهله ..
لقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم من أحسن الأزواج في معاملة أهله ، كيف لا وهو الذي يقول لأصحابه كما في الحديث الصحيح الذي أورده ابن ماجة في سننه ( 2 / 158 ) من حديث عبد الله بن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : خيركم ، خيركم لأهله ، وأنا خيركم لأهلي .

ولهذا كان صلى الله عليه وسلم يعمل مع أهله في مهنة البيت حتى تحضر الصلاة ، فإذا حضرت الصلاة لم يُقدّم عليها شيئاً ، روى البخاري في صحيحه ( 8 / 17 ) من حديث الأسود قال : سألت عائشة رضي الله عنها ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يصنع في أهله ؟ قالت : كان في مهنة أهله ، فإذا حضرت الصلاة قام إلى الصلاة .

وأيضاً فإن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يمارس هذا النوع من المداعبة في بيته ومع أهله وخاصته ، والقصص في ذلك كثيرة وهي أيضاً ذات جانب تربوي واضح ، كما وأن فيها بث لروح جديدة داخل الأسرة ، والتي تساعد بدورها على استمرار الحياة الزوجية وتدفقها .

بل كان الرسول صلى الله عليه وسلم يأمر اصحابه بزواج البكر ويعلل ذلك بقوله : تلاعبها وتلاعبك ، وتضاحكها وتضاحكك . الإرواء برقم ( 1785 ) .

ومن الأمثلة على حسن معاشرته صلى الله عليه وسلم لأهله ما كان يداعب به زوجاته ، مدخلاً بذلك السرور على أنفسهم .
1- ما أخرج الإمام أحمد في مسنده (6/ 39 ) من حديث عائشة رضي الله عنها قالت : خرجت مع النبي صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره ، وأنا جارية لم أحمل اللحم ولم أبدن – أي لم تسمن - ، فقال للناس : تقدموا فتقدموا ثم قال لي : تعالى حتى أسابقك ، فسابقته فسبقته ، فسكت عن حتى إذا حملت اللحم وبدنت ونسيت ، خرجت معه في بعض أسفاره فقال للناس : تقدموا ، ثم قال : تعالي حتى أسابقك ، فسابقته فسبقني ، فجعل يضحك ويقول : هذه بتلك .

سبحان الله !! إن السفر مجهد مضني ، والنفوس فيه متعبة ، وإدخال السرور على الناس وخاصة الزوجة في مثل هذا الموطن من العشرة الحسنة ، بل هي من كريم الطبع وحسن الخلق .

ونظرة متفحصة إلى واقعنا اليوم و إلى حال الأزواج مع زوجاتهم وخاصة في السفر تجد العجب العجاب ، تجهم و تكشير وعبوس وكأنه أمر بأن يحمل زوجته على رأسه وأن يسافر بها ، ما كأن الطائرة أو السيارة هي التي تحمل وتنقل .. أين التطبيق العملي والاقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم ؟! لا نطلب منك أن تسابق زوجتك ، ولكن الانبساط في الحديث وأن ينفتر الوجه عن ابتسامة حنان كفيلة بأن تدخل السرور على الزوجة والأهل .. وهي بدورها – أي الابتسامة – تريح الأعصاب وتبدل من حال إلى حال .

2 – روى ابن ماجة في سننه ( 2/ 158 ) من حديث عروة بن الزبير رضي الله عنه قال : قالت عائشة : ما علمت حتى دخلت عليّ زينب بغير إذن ، وهي غضبى – أي أنها فوجئت بدخول زينب عليها رضي الله عنها – ، ثم قالت : يا رسول الله ! أحسبُكَ إذا قَلَبَت لك بُنَيَّةُ أبي بكر ذُرَيْعَتَيْها – تصغير الذراع والمقصود ساعِدَيها – ؟ ثم أقْبَلَتْ عليّ فأعْرَضْتُ عنها ، حتى قال النبي صلى الله عليه وسلم : دونك فانتصري ، فأقْبَلْتُ عليها ، حتى رأيتها وقد يبس ريقها في فيها ، ما تَرُدُّ عليّ شيئاً ، فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم يتهلل وجهه .

الذي نفهمه من هذا الموقف العظيم أن النبي صلى الله عليه وسلم لم ي*** زينب لكونها دخلت عليهما دون إذن ، وخاصة لمن كانت له أكثر من زوجة ، وفي المقابل طلب من عائشة أن تتصرف في هذا الموقف لترد على زينب هذا التصرف بأسلوب فيه تربية وإرشاد ، فحصل المطلوب ..

3 – أخرج الإمام أحمد في مسنده ( 4 / 272 ) من حديث النعمان بن بشير رضي الله عنه قال : جاء أبوبكر يستأذن على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فسمع عائشة وهي رافعة صوتها على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فاذن له ودخل فقال : يا ابنة أم رومان ! وتناولها ، أترفعين صوتك على رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قال : فحال النبي صلى الله عليه وسلم بينه وبينها ، قال : فلما خرج أبو بكر جعل النبي صلى الله عليه وسلم يقول لها يترضاها : ألا ترين أني قد حلت بين الرجل وبينك ؟ قال : ثم جاء أبو بكر فاستأذن عليه فوجده يضاحكها ، قال : فأذن له ، فدخل فقال له أبو بكر : يا رسول الله أشركاني في سلمكما كما أشركتماني في حربكما .

موقف عظيم من رجل عظيم ، ألا وهو موقف أبي بكر الصديق رضي الله عنه ، فهو لم يتمالك نفسه أن يرى أحداً يرفع صوته فوق صوت النبي صلى الله عليه وسلم حتى ولو كان هذا الشخص ابنته ، فكان تصرفه من دافع المحبة للرسول صلى الله عليه وسلم ، وفي المقابل كان موقف النبي صلى الله عليه وسلم موقف الصابر الذي يتفهم الأمر ولا يعطيه أكثر من حقه ودن تضخيم لهذا الموقف .. فبمجرد أن تم فض الاشتباك وانصرف الصديق رضي الله عنه عاد النبي صلى الله عليه وسلم إلى مداعبة عائشة و الحديث معها وكأن شيئاً لم يكن ..

4 – روى أبو يعلى في مسنده عن عائشة رضي الله عنها قالت : أتيت النبي صلى الله عليه وسلم بحريرة قد طبختها له – أي أنها أتته بنوع من الطعام - ، فقالت لسودة والنبي صلى الله عليه وسلم بيني وبينهما : كلي ، فأبت ، فقلت : لتأكلين أو لألطخن وجهك ، فأبت ، فوضعت يدي في الحريرة ، فطليت وجهها ، فضحك النبي صلى الله عليه وسلم ، فوضع بيده لها ، وقال لها : إلطخي وجهها - أي أنه وضع من تلك الحريرة في يده لسودة لتلطخ وجه عائشة رضي الله عنها - ، فلطخت وجهي فضحك النبي صلى الله عليه وسلم لها .

وهذا الموقف من النبي صلى الله عليه وسلم يدل على مدى عدله بين زوجاته رضوان الله عليهن أجمعين ، فكما أن عائشة قامت بتلطيخ وجه أم المؤمنين سودة بنت زمعة ، أعان الرسول صلى الله عليه وسلم سودة على تلطيخ وجه عائشة ، بأسلوب لطيف ، وكأنه يقول لها هذه بتلك .. ودون أن يترك هذا التصرف منه صلى الله عليه وسلم في النفوس شيء بين زوجاته ..

5 – أخرج أبو داود في سننه ( 3/ 209 ) من حديث عائشة رضي الله عنها قالت : قَدِمَ رسول الله صلى الله عليه وسلم من غزوة تبوك أو خيبر ، وفي سَهْوَتِها سِتْرٌ ، فهبت ريح فكشفت ناحية الستر عن بنات لي – لُعَبٍ – فقال : ما هذا يا عائشة ؟ قالت : بناتي ! ورأى بينهن فرساً له جناحان من رقاع ، فقال : ما هذا الذي أرى وسطهن ؟ قالت : فرس ! قال : وما هذا الذي عليه ؟ قالت : جناحان ، قال : فرس له جناحان ؟! قالت : أما سمعت أن لسليمان خيلاً لها أجنحة ؟! قالت : فضحك ، حتى رأيت نواجذه .

موقف عظيم .. وتبسط في الحديث .. فهو صلى الله عليه وسلم يرى ويعلم ما في هذا الستر ، لكنه أحب أن يداعب عائشة و يلاطفها .. فسألها سؤال متحبب ..

6 – أخرج البخاري في صحيحه برقم ( 6078 ) من حديث عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إني لأعرف غَضَبكِ من رضاكِ ، قالت : قلت وكيف تعرف ذاك يا رسول الله ؟ قال : إنك إذا كنت راضية قلتِ بلى ورب محمد ، وإذا كنت ساخطة قلت : لا ورب إبراهيم ، قالت : أجل ، لا أهجر إلا اسمك .

هنا النبي صلى الله عليه وسلم أحب أن يداعب عائشة رضي الله عنها .. واحب أن يطلعها على شيء قد تكون هي غير منتبه له .. وهو قسمها أثناء غضبها .. فمن خلال هذا القسم كان صلى الله عليه وسلم يعرف ما إذا كانت غاضبة أم راضية .. وكان جوابها رضوان الله عليها : بأنها لا تهجر إلا اسم النبي صلى الله عليه وسلم وليس شخصه .. وهذا من شدة حبها له رضوان الله عليها ..

7 – وأخرج البخاري في صحيحة برقم ( 5211 ) عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم إذا أراد سفراً أقرع بين نسائه ، فطارت القرعة لعائشة وحفصة ، وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا كان بالليل سار مع عائشة يتحدث ، فقالت حفصة : ألا تركبين الليلة بعيري وأركب بعيرك تنظرين وأنظر ، فقالت : بلى ، فركبت فجاء النبي صلى الله عليه وسلم إلى جمل عائشة وعليه حفصة فسلم عليها ثم سار حتى نزلوا وافتقدته عائشة ، فلما نزلوا جعلت رجليها بين الإذخر وتقول : رب سلط عليّ عقرباً أو حية تلدغني ولا أستطيع أن أقول له شيئاً .

إلى غيرها من المواقف العظيمة في التربية النبوية بالمداعبة ..

مداعبته صلى الله عليه وسلم لأصحابه ..
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ، ثم أما بعد :-

انتهينا في الحلقة الماضية من الحديث عن أحوال النبي صلى الله عليه وسلم مع أهله و تقرير مبدأ التربية بالمداعبة .. واليوم نتناول مداعبة النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه .. يحدونا قوله عليه الصلاة والسلام كما أخرجه ابن أبي الدنيا في قضاء الحوائج وحسنه الألباني رحمه الله في صحيح الجامع ( 1 / 247 ) : إن من أفضل الأعمال أن تدخل على أخيك المؤمن سرورا أو تقضي عنه دينا ، أو تطعمه خبزا .

والآن إلى تلك المواقف التربوية ..
1- كان صهيب الرومي رضي الله عنه كثير المزاح ، فأراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يلاطفه ويدخل السرور على نفسه ، وكان وقتها – أي صهيب - يأكل تمراً وبه رمد ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم له كما روى ذلك ابن ماجة في سننه (2/253 ) : أتأكل التمر وبك رمد ؟! فقال يا رسول الله : إنما أمضغ على الناحية الأخرى !! فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم .

لقد راعى رسول الله صلى الله عليه وسلم الحالة التي كان عليها صهيب رضي الله عنه ، فقد كان مصاباً في عينيه بالرمد ، وهو في حاجة إلى المواساة والملاطفة التي تدخل السرور على نفسه ، فقال له الرسول صلى الله عليه وسلم وهو يأكل التمر : أتأكل التمر وبك رمد ؟! سبحان الله وما دخل أكل التمر بالرمد ؟! وهل الإنسان يأكل بفمه أم بعينه ؟ وليس في سؤاله صلى الله عليه وسلم إلا الحق ، فإنه مجرد استفهام لا يغير الحقيقة ، فكان جواب صهيب وقد كان مزاحاً يحمل دعابة جميلة ، فقال : يا رسول الله إنما أمضغ على الناحية الأخرى !! سبحان الله ، ومادخل المضغ على أحد الجانبين بالرمد في العين ؟! ولكنها سرعة البديهة التي أجابت على قدر السؤال ، فإذا حق لنا أن نقول : ما العلاقة بين أكل التمر وبين الرمد في السؤال ؟ جاز لنا أن نقول : وما العلاقة بين الرمد وبين الأكل على أحد الجانبين من الفم ، على أن صهيباً رضي الله عنه حين قال ما قال ، فإنه لم يقل إلا حقاً فإنه عند الأكل إنما كان يمضغ على أحد جانبيه .

2- كان من بين الصحابة الذين اشتهروا بكثرة المزاح نعيمان البدري رضي الله عنه ، فقد ذكر ابن حجر في الإصابة ( 6 / 367 ) : أن أعرابياً دخل على النبي صلى الله عليه وسلم وأناخ ناقته بفنائه ، فقال بعض الصحابة لنعيمان : لو عقرتها فأكلناها ، فإنا قد قرمنا من اللحم ، فخرج الأعرابي وصاح : واعقراه يا محمد ! فخرج الرسول صلى الله عليه وسلم فقال : من فعل هذا ؟ قالوا : نعيمان ، فأتبعه يسأل عنه حتى وجده قد دخل دار ضباعة بنت الزبير بن عبد المطلب ، واستخفى تحت سرب لها فوقه جريد ، فأشار رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم حيث هو ، فقال : ما حملك على ما صنعت ؟ قال : الذين دلوك لي يا رسول الله هم الذين أمروني بذلك ، فجعل يمسح التراب عن وجهه ويضحك ثم غرمها للأعرابي .

هؤلاء الصحابة رضي الله عنهم يشيرون على نعيمان رضي الله عنه بعقر الناقة ليأكلوا منها ، فلما كُشف أمره دلوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عليه ، فاستخرجه صلى الله عليه وسلم من بين الأعواد ومسح التراب عن وجهه وهو يضحك متعجباً من فعله رضي الله عنه ، وجرأته على ناقة الأعرابي ، وقد عالج صلى الله عليه وسلم الموقف بغرم ناقة الأعرابي من ماله .

3- ذكر ابن حجر في الإصابة (6 /366 ) مزاح أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم معه ، فقال : قال الزبير : وكان نعيمان لا يدخل المدينة طرفة – أي طعاماً – إلا اشترى منها ثم جاء بها إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فيقول ها أهديته لك ، فإذا جاء صاحبها يطلب نعيمان بثمنها ، أحضره إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقال : أعط هذا ثمن متاعه ، فيقول : أولم تهده لي ، فيقول إني والله لم يكن عندي ثمنه ، ولقد أحببت أن تأكله ، فيضحك – أي النبي صلى الله عليه وسلم من هذا الفعل - ، ويأمر لصاحبه بثمنه .

ووقفة متأنية مع نعيمان رضي الله عنه تجعلنا نجل له كل تلك الموقف .. فهو على الرغم من كثرة مزاحة واشتهاره بين الصحابة بذلك .. فقد كان يضفي على جو المدينة شيئاً من الدعابة والمرح يتقبلها الرسول صلى الله عليه وسلم بصدر رحب رغم ما قد تسببه هذه المداعبات من حرج له صلى الله عليه وسلم كما في حادثة ناقة الأعرابي .. ومع هذا نلاحظ أن النبي صلى الله عليه وسلم يتقبل هذه المداعبات منه رضي الله عنه ، ولا يغضب منها بل تدخل البسمة عليه صلى الله عليه وسلم ويتعجب منها .. و على الرغم من كثرة ما روي عنه رضي الله عنه من قصص طريفة ومزاحات طاهرة عفيفة إلا أنه كان فوق ذلك كله صاحب عبادة وجهاد وجد وعمل ، ومن القلائل الذين يسارعون لكل غزوة ومعركة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم .. فقد شهد بدراً وأحد والخندق وبقية المشاهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وتوفي في خلافة معاوية رضي الله عنه انظر الإصابة ( 3 / 540 ) .

4 – ومن المواقف العجيبة في حياته صلى الله عليه وسلم وهو يمازح أصحابه موقفه من العجوز الصالحة الصوامة القوامة ، فقد روى الترمذي في الشمائل ( ص 128 ) أن عجوزاً أتت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت يارسول الله : ادع الله أن يدخلني الجنة ، فقال : يا أم فلان إن الجنة لا تدخلها عجوز ، فولت تبكي ، فقال : أخبروها أنها لا تدخلها وهي عجوز ، إن الله تعالى يقول { إنا أنشأناهن إن شاء فجعلناهن أبكارا عرباً أترابا }[الواقعة/35-36] .

هنا الرسول صلى الله عليه وسلم يمازح هذه العجوز الصالحة قائلاً لها : يا أم فلان ، وهذا من حسن أدبه صلى الله عليه وسلم في إدخال السرور على الناس ، فإن تكنية الإنسان مما يدل على التقدير والاحترام الذي أمر به الإسلام .

ثم إنه صلى الله عليه وسلم أراد أن يقرر حقيقة من حقائق الآخرة ، وهو النعيم الخالد لأهل الجنة ، في إنشاء النساء إنشاء وجعلهن عرباً أترابا .

5- ومن مزاحه عليه الصلاة والسلام أنه كان ينادي أحد الصحابة بـ ( ياذا الأذنين ) ورسول الله صلى الله عليه وسلم صادق في وصفه إياه بذلك .. فمن منا ليس له أذنان ؟!

6- وأتى رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو يعد للجهاد ، فقال له : احملني يارسول الله ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : إنا حاملوك على ولد الناقة ، فقال الرجل : وما أصنع بولد الناقة ؟! فقال النبي صلى الله عليه وسلم : وهل تلد الإبل إلا النوق ؟!

7 – وعن أنس رضي الله عنه قال : إن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليخالطنا حتى يقول لأخ لي صغير : يا أبا عمير ! ما فعل النغير ؟ مختصر الشمائل المحمدية (ص 200) .

ففعل النبي صلى الله عليه وسلم هنا إنما كان من باب التخفيف من حزن الصبي حيث أنه كان له طائر فمات ، فأراد أن يمازحه فساله : يا أبا عمير ما فعل النغير ؟

ومما تقدم نلاحظ أن مزاح النبي صلى الله عليه وسلم كان فيه تعليم وتهذيب وتربية .

8 – وعن أنس رضي الله عنه أن رجلاً من أهل البادية كان اسمه زاهراً .. وكان صلى الله عليه وسلم يحبه وكان رجلاً دميماً ، فأتاه النبي صلى الله عليه وسلم يوماً وهو يبيع متاعه ، فاحتضنه من خلفه وهو لا يبصره فقال : من هذا ؟ أرسلني فالتفت فعرف النبي صلى الله عليه وسلم ، فجعل لا يألو ما ألصق ظهره بصدر النبي صلى الله عليه وسلم حين عرفه ، فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يقول : من يشتري هذا العبد ؟ - وهو بلا شك عبد الله – فقال : يارسول الله إذن والله تجدني كاسداً ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ولكن عند الله لست بكاسد . مختصر الشمائل ( ص 203 ) .

9 – وعن عوف بن مالك الأشجعي رضي الله عنه قال : أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك وهو في قبة من أدم ، فسلمت فرد وقال ادخل ، فقلت : أكلّي يارسول الله ؟ قال : كلك ، فدخلت . سنن أبي داوود ( 3 / 228 ) .

10- أخرج البخاري في صحيحه برقم ( 6084 ) من حديث عائشة رضي الله عنها أن رفاعة القرظي طلّق امرأته فبتّ طلاقها ، فتزوجها بعده عبد الرحمن بن الزبير ، فجاءت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت : يا رسول الله إنها كانت عند رفاعة فطلقها ثلاث تطليقات ، فتزوجها بعده عبد الرحمن بن الزبير ، وإنه والله ما معه يا رسول الله إلا مثل هذه الهدبة – لهدبة أخذتها من جلبابها – قال وأبو بكر جالس عند النبي صلى الله عليه وسلم وابن سعيد بن العاص جالس بباب الحجرة ليؤذن له ، فطفق خالد ينادي أبا بكر ، يا أبا بكر ألا تزجر هذه عما تجهر به عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ وما يزيد رسول الله صلى الله عليه وسلم على التبسم ، ثم قال : لعلك تريدين إن ترجعي إلى رفاعة ؟ لا حتى تذوقي عُسيلته ويذوق عُسيلتك .

11 – وأخرج البخاري في صحيحه برقم ( 6085 ) من حديث محمد بن سعد عن أبيه قال : استأذن عمر بن الخطاب رضي الله عنه على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعنده نسوة من قريش يسألنه ويستكثرنه عالية أصواتهن على صوته ، فلما استأذن عمر تبادرن الحجاب ، فاذن له النبي صلى الله عليه وسلم فدخل والنبي يضحك .. الحديث .

12 – وأخرج البخاري في صحيحه برقم ( 6086 ) من حديث عبد الله بن عمر قال : لما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم بالطائف قال : إنا قافلون غداً إن شاء الله ، فقال ناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لا نبرح أو نفتحها ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم فاغدوا على القتال ، قال : فغدوا فقاتلوهم قتالاً شديداً وكثر فيهم الجراحات ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنا قافلون غداً إن شاء الله ، قال : فسكتوا فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم .

للمزيد من هذه المواقف انظر صحيح البخاري كتاب الأدب باب التبسم والضحك .

وقبل أن أختم أذكر هذه القصة وهذا الموقف التربوي العظيم .. وهي قصة خوات بن حبير مع الرسول صلى الله عليه وسلم والتي يرويها فيقول : نزلت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم مر الظهران ، فخرجت من خبائي فإذا نسوة يتحدثن فأعجنبي ، فرجعت فأخذت حلة لي من حبرة فلبستها ، ثم جلست إليهن .. وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من قبته فقال : يا أبا عبد الله ما يجلسك إليهن ؟ فهبت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت : يارسول الله جمل لي شرود أبتغي له قيداً ..! قال خوات فمضى رسول الله صلى الله عليه وسلم فالقى رداءه ، ودخل الأراك فقضى حاجته وتوضأ ثم جاء فقال : يا أبا عبد الله ما فعل شراد جملك ؟ ثم ارتحلنا فجعل لا يلحقني في منزل إلا قال لي : السلام عليك يا أبا عبد الله ما فعل شراد جملك ؟ .. قال : فتعجلت المدينة ، فتجنبت المسجد ومجالسة رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما طال ذلك تحينت ساعة خلوة المسجد فجعلت أصلي فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من بعض حجره فجاء يصلي فصلى ركعتين خفيفتين ثم جاء فجلس ، وطولت رجاء أن يذهب ويدعني ، فقال صلى الله عليه وسلم : طول يا أبا عبد الله ماشئت فلست بقائم حتى تنصرف .. فقلت : والله لأعتذرن لرسول الله صلى الله عليه وسلم ولأبردن صدره .. قال : فانصرفت فقال : السلام عليك يا أبا عبد الله ما فعل شراد جملك ؟ فقلت : والذي بعثك بالحق ما شرد ذلك منذ أسلمت .. فقال عليه الصلاة والسلام : رحمك الله ( مرتين أو ثلاثاً ) ثم أمسك عني فلم يعد . مجمع الزوائد ( 9 / 401 ) وقال الهيثمي رجالها رجال الصحيح .

في هذه القصة جانب تربوي هام وهو المعاتبة بالمداعبة وتكرار ذلك إلى أن يؤتي ثمرتها ، كما أن فيها جانب من الطرفة لا يخفى .

ومن هنا يخلص الداعية إلى أن أسلوب الممازحة والمداعبة من الأساليب التي قررتها التربية الإسلامية ، وجعلت فيها من الدروس التربوية والتدابير الوقائية ما هو كفيل بصياغة الشخصية الإسلامية صياغة متزنة في كل جانب من جوانب حياتها .

عمروعبده 10-08-2010 01:54 PM

مداعبة الصحابة بعضهم لبعض .. ومداعبة السلف بعضهم لبعض ..
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ، ثم أما بعد :-

انتهينا في الحلقة الماضية من الحديث عن أحوال النبي صلى الله عليه وسلم مع أصحابه و تقرير مبدأ التربية بالمداعبة .. واليوم نتناول مداعبة أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم بعضهم لبعض .. كما نعرج على بعضاً من المواقف الطريفة والتي مارسها السلف الصالح رحمة الله عليهم والهدف منها التربية الإسلامية بالمداعبة ..

فقد كان الصحابة رضي الله عنهم أجمعين يرون في رسول الله صلى الله عليه وسلم روح الدعابة والابتسامة والمرح ، فأخذوا هذا عنه صلى الله عليه وسلم ، فكان بعضهم يلاطف بعضاً ويداعبه ..

* ذكر الهيثمي في المجمع ( 8 / 89 ) وعزاه إلى الطبراني عن قرة قال : قلت لابن سيرين : هل كانوا يتمازحون - يعين أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم – ؟ قال : ما كانوا إلا كالناس .

* وسئل النخعي : هل كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يضحكون ؟ قال : نعم والإيمان في قلوبهم مثل الجبال الرواسي .

وهذه صور من مداعبة بعضهم لبعض ..
1- ذكر ابن حجر رحمه الله في الإصابة ( 3/ 185 ) في ترجمة سُوَيبط بن حَرْملة ، والإمام أحمد في مسنده (6/316 ) عن أم سلمة أن أبا بكر رضي الله عنه خرج تاجراً إلى بصرى ومعه نعيمان و سويبط بن حرملة رضي الله عنهما وكلاهما بدري ، وكان سويبط على الزاد ، فقال له نعيمان : أطعمني ، قال - يعني سويبط - : حتى يجيء أبو بكر .

وكان نعيمان مِضحاكاً مَزّاحاً ، فذهب إلى ناس جلبوا ظَهراً ، فقال : ابتاعوا مني غلاماً عربياً فارهاً .
قالوا : نعم .
قال : إنه ذو لِسَان ، ولعله يقول أنا حُرّ ، فإن كنتم تاركيه لذلك فدعوني ولاتفسدوه عليّ .
فقالوا : بل نبتاعه .
فابتاعوه منه بعشرة قلائص ، فأقبل بها يسوقها ، وقال : دونكم هو هذا .
فقال : سويبط : هو كاذب ، أنا رجل حرّ .
قالوا : قد أخبرنا خَبرك .
فطرحوا الحبل في رقبته وذهبوا به ، فجاء أبو بكر فأُخبر ، فذهب هو وأصحابه إليهم فردوا القلائص وأخذوه ، ثم أخبروا النبي صلى الله عليه وسلم بذلك ، فضحك هو وأصحابه منها حولاً .

2- أخرج الإمام مسلم في صحيحه (6/ 15 – 16 ) من حديث علي رضي الله عنه قال : بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية عليهم علقمة بن مجزز ، وأنا فيهم ، فخرجنا حتى إذا كنا ببعض الطريق ، استأذنه طائفة فأذن لهم ، وأمّر عليهم عبد الله بن حذافة ، وكان من أهل بدر ، وكانت فيه دعابة ، فبينا نحن في الطريق ، فأوقد القوم ناراً يصطلون بها ، ويصنعون عليها صنيعا لهم ، إذ قال : أليس لي عليكم السمع والطاعة ؟ قالوا : بلى . قال : فإني أعزم عليكم بحقي وطاعتي إلا تواثبتم في هذه النار ، فقام ناس فتحجزوا حتى إذا ظن أنهم واقعون فيها ، قال : أمسكوا ، إنما كنت أضحك معكم ، فلما قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكروا ذلك له ، فقال : ( من أمركم بمعصية فلا تطيعوه ) وفي رواية أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( لو دخلتموها لم تزالوا فيها إلى يوم القيامة ) .

3- وإن كانت مداعبة بعضهم لبعض في بعض الفترات تتعدى القول إلى الفعل ، فقد روى البخاري في الأدب المفرد ( ص 99 ) من حديث بكر بن عبد الله قال : كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يتبادحون بالبطيخ ، فإذا كانت الحقائق كانوا هم الرجال .

إن النفوس حين تكون في عظمتها كهذه النفوس فلا مانع أن يتعدى مزاحها القولي إلى الفعل الذي يحقق من ورائه فائدة ، فإن هذا التبادح بالبطيخ فيه فائدة التعود على الرمي الذي أمر به صلى الله عليه وسلم وفسر القرآن به في قول الله تبارك وتعالى { وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم }[الأنفال/60] ، فقد قال صلى الله عليه وسلم في تفسير القوة في هذه الآية كما روى ذلك الإمام مسلم في صحيحه ( 3 / 52 ) فقال : ألا إن القوة الرمي ، ألا إن القوة الرمي ، ألا إن القوة الرمي .

4- وقد كان أبو هريرة رضي الله عنه صحب دعابة كما أخبر بذلك أبو رافع .. وهو ما ذكره الذهبي في السير ( 2 / 614 ) أن مروان بن الحكم استخلف أبا هريرة على المدينة ، فكان أبو هريرة رضي الله عنه يركب حماراً ببرذعة ، وفي رأسه خُلبَة من ليف – أي الحبل الرقيق الصلب من الليف والقطن - ، فيسير ، فيلقى الرجل فيقول : الطريق ! قد جاء الأمير .!!

وربما أتى الصبيان وهم يلعبون بالليل لعبة الأعراب ، فلا يشعرون حتى يلقي بنفسه بينهم ، ويضرب برجليه ، فيفزع الصبيان فيفرون .

وربما دعاني إلى عشائه ، فيقول : دع العُراق – العظم الذي أخذ عنه معظم اللحم - للأمير . فأنظر فإذا هو ثريد بزيت .

5 – وأيضاً ما حدّث به ثعلبة بن أبي مالك القرظي قال : أقبل أبو هريرة في السوق يحمل حزمة حطب ، وهو يومئذ خليفة لمروان ، فقال : أوسع للأمير . السير ( 2 / 614 ) .

6- وري عن أبي الدرداء أنه كان لا يتحدث إلا وهو يبتسم ، فقالت له أم الدرداء : إني أخاف أن يرى الناس أنك أحمق . فقال : ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم حدث حديثاً إلا وهو يبتسم في حديثه . انظر الشباب والمزاح ( ص 26 ) .

7 – خرج عبد الله بن عمر وعبد الله بن عياش من المسجد ، فلما كانا على بابه كشف كل واحد منهما ثيابه حتى بدت ساقه ، وقال لصاحبه : ما عندك خير ، هل لك أن أسابقك . نفس المرجع .

وإذا كان بعض الصحابة قد اشتهر بالمزاح فإن التابعين قد اشتهر بعضهم بالمزاح على جلالة قدرهم ، وعلو منزلتهم .
1- فها هو سفيان الثوري رحمه الله كما ذكر ذلك الذهبي في السير ( 7 /275 ) عن قبيصة قال : كان سفيان مزاحاً ، كنت أتأخر خلفه مخافة أن يحيرني بمزاحه .
وروى الفسوي عن عيسى بن محمد : أن سفيان كان يضحك حتى يستلقي ويمد رجليه .

2 – وكان الإمام الصوري رحمه الله فيه حسن خلق ومزاح وضحك ، ولم يكن وراء ذلك إلا الخير والدين ، ولكنه كان شيئاً جُبل عليه ، ولم يكن في ذلك بالخارق للعادة ، فقرأ يوماً حزءاً على أبي العباس الرازي وعنّ له – أي تذكر – أمراً ضحّكه ، وكان بالحضرة جماعة من أهل بلده ، فأنكروا عليه ، وقالوا : هذا لا يصلح ولا يليق بعلمك وتقدمك أن تقرأ حديث النبي صلى الله عليه وسلم وأنت تضحك . وكثّروا عليه ، وقالوا : شيوخ بلدنا لا يرضون بهذا ، فقال : ما في بلدكم شيخ إلا يجب أن يقعد بين يدي ويقتدي بي ، ودليل ذلك أني قد صرت معكم على غير موعد ، فانظروا إلى أي حديث شئتم من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ، اقرؤوا إسناده لأقرأ متنه ، أو اقرؤوا متنه حتى أخبركم بإسناده . السير ( 17 / 629 ) .

3 - وهذا التابعي الجليل سليمان بن مهران الأعمش رحمه الله ، والذي يقول عنه الذهبي كما في السير (6/ 227 – 228 ) ما خلاصته : هو الإمام شيخ الإسلام ، شيخ المقرئين والمحدثين ، علامة الإسلام ، من كبار العباد ، لم تفته تكبيرة الإحرام قريباً من سبعين سنة ..
كان هذا التابعي الجليل صاحب دعابة لطيفة ، ونكتة خفيفة ، وفي بعضها من الدروس التربوية ما لايخفى ، فمن ذلك :-
أ - أنه قال مرة من المرات وهو يَسْعُل ، بلغني أن الرجل إذا نام حتى يصبح – يعني لم يصل – توركه الشيطان فبال في أذنه ، وأنا أرى أنه قد سلح في حلقي الليلة . السير (6 / 231) .

ب – وأنه ذكر مرة حديث ( ذاك بال الشيطان في أذنه ) فقال : ما أرى عيني عمشت إلا من كثرة ما يبول الشيطان في أذني . السير ( 6 / 232 ) .

ت - خرج الأعمش فإذا بجندي ، فسخره ليخوض به نهراً ، فلما ركب الأعمش – يعني على ظهر الجندي – قال الأعمش : { سبحان الذي سخر لنا هذا } ، فلما توسط به الأعمش قال : { وقل رب أنزلني منزلاً مباركاً وأنت خير المنزلين }[ المؤمنون /29 ] ثم رمى به . السير ( 6 / 238 ) .

ث - سأل أبو داود الحائك ، الأعمش : ما تقول يا أبا محمد في الصلاة خلف الحائك ؟ فقال : لا بأس بها على غير وضوء ، قال : وما تقول في شهادته ؟ قال : تقبل مع عدلين . السير ( 6 / 234 ) .

ج – وكان للأعمش ولد مغفل ، فقال له : اذهب فاشتر لنا حبلاً للغسيل ، فقال : يا أبه : طول كم ؟ قال عشرة أذرع ، قال : في عرض كم ؟ قال : في عرض مصيبتي فيك . السير ( 6 / 239 ) إلى غيرها من المواقف التي تجدها في ترجمته في السير ( 6 / 226 – 248 ) .

4 – قال الربيع : دخلت على الشافعي وهو مريض ، فقلت : قوى الله ضعفك ، فقال : لو قوى ضعفي ***ني ، قلت : والله ما أردت إلا الخير ، قال : أعلم أنك لو شتمتني لم ترد إلا الخير .

5 – دخل الشعبي الحمام فرأى داود الأودي بلامئز ، فغمض عينيه ، فقال له داود : متى عميت يا أبا عمرو ، قال : منذ هتك الله سترك .

6 – ومزح الشعبي في بيته فقيل له : يا أبا عمرو ، وتمزح ؟ قال : قرّاء داخل وقرّاء خارج ، نموت من الغم .

7 – قال أحد الصالحين عن محمد بن سيرين رحمه الله : كان يداعبنا ويضحك حتى يسيل لعابه ، فإذا أردته على شيء من دينه كانت الثريا أقرب إليك من ذلك .

8 – جاء رجل إلى أبي حنيفة فقال له : إذا نزعت ثيابي ودخلت النهر أغتسل ، فإلى القبلة أتوجه أم إلى غيرها ؟ فقال له : الأفضل أن يكون وجهك إلى جهة ثيابك لئلا تسرق .

9 – قيل لأحد السلف : هل نصافح النصارى ؟ فنظر إلى السائل وقال : نعم برجلك ! .

10 – قيل للخليل بن أحمد : إنك تمازح الناس ، فقال : الناس في سجن ما لم يتمازحوا . انظر : الشباب والمزاح ( ص 25 – 28 ) .

لقد كانوا رحمهم الله إلى جانب ما هم عليه من العلم والعبادة والزهد والورع ، على قدر كبير من التودد إلى الناس ، وإدخال السرور عليهم ، متأولين قول الرسول صلى الله عليه وسلم : إن من أفضل الأعمال أن تدخل على أخيك المؤمن سرورا .. الحديث . صحيح الجامع ( 1 / 247 ) .

النتائج التي تترتب على هذا النوع من التربية ، بمعنى آخر : المحصلة النهائية للتربية بالمداعبة ..
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ، ثم أما بعد :-

انتهينا في الحلقات الماضية من الحديث عن أحوال النبي صلى الله عليه وسلم مع أزواجه و أصحابه و تقرير مبدأ التربية بالمداعبة .. ثم عرجنا على مداعبة أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم بعضهم لبعض .. كما تناولنا بعضاً من المواقف الطريفة والتي مارسها السلف الصالح رحمة الله عليهم والهدف منها التربية الإسلامية بالمداعبة ..

واليوم إن شاء الله نتناول النتائج التي تترتب على هذا النوع من التربية ، بمعنى آخر : المحصلة النهائية للتربية بالمداعبة ..

في هذا النوع من التربية ( التربية بالمداعبة ) بعض الجوانب الوقائية والتي تدخل في العملية التربوية والتي لها أثرها في تربية النفوس ، سواء كان ذلك هو المحصلة النهائية من الدعابة ، أو كانت في أحد مواقفها وأحداثها ..

إن النفس – وهي تعافس ضيعات الحياة – يصيبها من الفتور ما يصيبها ، فيبلى الإيمان في صدر العبد كما يبلى الثوب على ظهره ، وفي هذا المعنى يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما : ( إن الإيمان ليخلق في جوف أحدكم كما يخلق الثوب ، فاسألوا الله تعالى أن يجدد الإيمان في قلوبكم ) . صحيح الجامع ( 1 / 330 ) .

بل ربما تنكر للعبد قلبه في فترة من الفترات ، وهذه طبيعة النفوس البشرية ، والعبد ما بين الفينة والأخرى في حاجة إلى أن ينفض عنه غبار الغفلة وصدأ القلب ، بالترويح عن نفسه وعمن حوله ، حملاً للنفس على الخير ، ووقاية لها من الملل .

روى الإمام مسلم في صحيحه ( 8/ 95 ) من حديث حنظلة رضي الله عنه قال : كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فوعظنا فذكر النار ، قال ثم جئت إلى البيت فضاحكت الصبيان ولاعبت المرأة ، قال : فخرجت فقلت : يا أبا بكر فذكرت ذلك له فقال : وأنا قد فعلت ما تذكر ، فلقينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقلت يا رسول الله : نافق حنظلة ، فقال : مه ؟ فحدثت بالحديث فقال أبو بكر : وأنا قد فعلت مثل ما فعل ، فقال : ( يا حنظلة ، ساعة وساعة ، ولو كانت تكون قلوبكم كما تكون عند الذكر لصافحتكم الملائكة حتى تسلم عليكم في الطريق ) .

وقد ذكر النووي في شرحه للحديث ( 17 / 73 ) ما معناه : حنظلة الأسيدي هو أحد كتّاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد خشي على نفسه النفاق بمعافسة الأزواج والأولاد والضيعات ، فقد كان يحصل له الخوف في مجلس النبي صلى الله عليه وسلم وذلك بالمراقبة والفكر والإقبال على الآخرة ، فإذا خرج اشتغل بالزوجة والأولاد ومعاش الدنيا ، وقد خشي أن يكون ذلك نفاقاً فأخبره النبي صلى الله عليه وسلم أنها ساعة وساعة .

وذكر المباركفوري في التحفة ( 7 / 318 ) في بيان معنى الساعة : أي ساعة كذا وساعة كذا ، يعني لا يكون الرجل منافقاً بأن يكون في وقت على الحضور وفي وقت على الفتور ، ففي ساعة الحضور تؤدون حق ربكم ، وفي ساعة الفتور تقضون حظوظ أنفسكم .

إن الساعة الأولى التي حددها رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث : هي ساعة للعبادة يؤدي فيها العبد ما أوجبه الله عليه من الحقوق ، وساعة يمشي في مناكب الأرض يأكل من رزق الله ويبتغي من فضله ، يدل على ذلك حديث حنظلة السابق ، فإنه ذكر أنه يقضي ساعة في المسجد يتعلم بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم شرائع الإسلام ، ثم يقضي الساعة الثانية بين الزوجة والأولاد والضيعات ، وفي هذا رد على الذين يظنون أن الساعة الثانية التي ذكرت في الحديث هي ساعة اللهو المحرم ، والعبث الباطل الذي وردت نصوص الشرع بتحريمه .

ومن حديث حنظلة نخلص إلى أن معافسة الزوجة والأولاد يدخل فيه جانب الدعابة والممازحة ، بتخصيص وقت لهم ، وهو من اللهو المباح الذي نص عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله : ( اللهو في ثلاث ، تأديب فرسك ، ورميك بقوسك ، وملاعبتك أهلك ) . صحيح الجامع ( 2 /965 )

وخلاصة القول : إن النفس في حاجة إلى أن يكون لها فسحة في الحلال ، وفرجة في المباح ، حتى يكون ذلك وقاية لها من الملل والسآمة ، وحفزاً لها على النشاط والحيوية في استقبال أعمال جديدة بها يؤدي العبد حق ربه عليه .

وإذا اشتملت الدعابة على توجيه وتربية ، كانت أعظم أثراً وأكثر فائدة ، وكانت إلى جانب سعادة العبد في الدنيا ، أجراً له عند الله عزوجل في الآخرة .

وفي قصة خوات بن جبير رضي الله عنه كما مر معنا ، ما يجلي هذه الحقيقة . ففي قصة خوات بن جبير رضي الله عنه للمربين دروساً وعبرا ، وذلك بما اشتملت عليه من الجوانب الوقائية العظمية التي لا غنى للمربي الناجح عنها ، ومن ذلك :-
1- في وقاية النفس من الإصرار والعناد ، شرع الإسلام جانب الرفق في النصيحة ، لما له من الأثر الواضح في تغيير السلوك ، وتصحيح الخطأ ، فهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يرى خواتاً بين النساء بعد نزول آية الحجاب بدليل أنه أنكر عليه ذلك ، فلم ي***ه صلى الله عليه وسلم بقول ولا فعل ، وإنما سلم عليه أولاً ، ثم كناه ثانياً ، ثم لاطفه في الحديث الثاثاً ، فكان لهذا الأسلوب أبلغ الأثر في قلب خوات ، الذي لم يعد بعدها إلى مجالسة النساء أبداً ، كما ذكر ذلك الطبراني في معجمه . انظر المجمع للهيثمي ( 9 / 401 ) .

إن على المربين أن يعقلوا حقيقة أن الرفق ما كان في شيء إلى زانه ، ومانزع من شيء إلا شانه ، وأن المربي الناجح هو الذي لا يلجأ إلى الشدة في النصح إلا بعد أن يستنفذ كل ما في جعبته من وسائل الرفق واللين ، وحين لا يجدي ذلك فقد شرع الإسلام العقوبة التي هي إحدى الوسائل التربوية الإسلامية ، وهي وسيلة علاج ناجحة تؤتي ثمارها حين لا يحقق اللين ثماره .

2 – في الوقاية من الكذب شرع الإسلام المعاريض التي يلجأ إليها عند الحاجة الماسة لئلا يقع الإنسان في الكذب المحرم ، فهذا خوات بن جبير رضي الله عنه يعرض بالجمل الذي شرد عليه ، وإنما يقصد نفسه رضي الله عنه ، ذلك أن المرأة قيد للرجل عن الحرام ، قال الله تعالى عن النساء { هن لباس لكم وأنتم لباس لهن }[البقرة/187] .

ولهذا بوب البخاري في صحيحه باباً قال فيه : باب المعاريض مندوحة عن الكذب ، ثم قال ذكر قصة أبي طلحة مع زوجته أم سليم حين سألها : كيف الغلام ؟ قالت : هدأت نفسه ، وأرجو أن يكون قد استراح وظن أنها صادقة . البخاري ( 8 / 57 – 58 ) .

3- في وقاية النفس من تبلد الإحساس ، لم يكثر رسول الله صلى الله عليه وسلم على خوات بن جبير رضي الله عنه من المعاتبة ، لأن كثرة المساس تبطل الإحساس ، ولهذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في تربيته لأصحابه يتخولهم بالموعظة خشية السآمة ، فقد روى البخاري في صحيحه ( 1/ 27 ) من حديث أبي وائل قال : كان عبد الله – يعني ابن مسعود - يُذكر الناس في كل خميس ، فقال له رجل يا أبا عبد الرحمن لوددت أنك ذكرتنا كل يوم ، قال : أما إنه يمنعني من ذلك أني أكره أن أُمِلَّكُم ، وإني أتخولكم بالموعظة ، كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يتخولنا بها مخافة السآمة علينا .

وفي رواية الإمام مسلم ( 8 / 142 ) عن شقيق قال كنا جولس عند باب عبد الله ننتظره فمر بنا يزيد بن معاوية النخعي فقلنا أعلمه بمكاننا ، فدخل عليه فلم يلبث أن خرج علينا عبد الله فقال : إني أخبر بمكانكم فما يمنعني أن أخرج إليكم إلا كراهية أن أُمِلَّكُم ، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يتخولنا بالموعظة في الأيام مخافة السآمة علينا .

ولهاذ كان من الواجب على المربي أن يعي هذه الحقيقة ، فإن الإنسان حين يحدّث كل يوم عن الموت أو النار ، أو حتى عن الجنة وما أعد الله لأهلها ، ربما فقدت النفوس – بكثرة ذلك – الإحساس ، ولكن التخول والاقتصاد يؤتي ثماره ، وهذا ما وعاه السلف رضوان الله عليهم عن نبيهم صلى الله عليه وسلم ، فقد كان عبد الله بن مسعود يعظ الناس ويذكرهم بالله ، وهم يطلبون منه المزيد ، فيمتنع مع أنهم رضي الله عنهم من أبعد الناس عن السآمة والملل من ذكر الله ، ولكنها الوقاية التي تدع ما لا بأس به مخافة ما به بأس .

عمروعبده 10-08-2010 01:56 PM

الآثار التربوية للتربية بالمداعبة ..
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ، ثم أما بعد :-

انتهينا في الحلقة الماضية من الحديث عن النتائج التي تترتب على هذا النوع من التربية ، بمعنى آخر : المحصلة النهائية للتربية بالمداعبة .. واليوم مع الآثار التربوية للتربية بالمداعبة ..

أسلوب المداعبة من أنجع الأساليب التربوية التي لها أبلغ الأثر في تربية النفوس ، كما أنها تعد من حسن الخلق ، وسماحة النفس ، وكرم الطبع ، ولين الجانب ، ومحبة الآخرين ..

إن المربي الناجح هو الذي يسخّر كل طاقاته وإمكانياته لخدمة رسالته التي يحملها ، حتى وهو يداعب غيره ويلاطفه ، حين يستغل هذه الفرصة التي تتهيأ فيها النفوس لاستقبال النصيحة ، وهذا ما أدركه رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يربي أصحابه بآيات الله والحكمة ، فقد كان يداعبهم ويمازحهم ويدخل السرور على أنفسهم ، حتى ثار في أنفسهم العَجب من ممازحته صلى الله عليه وسلم لهم ، فقال قائلهم : إنك تداعبنا يا رسول الله ! فكان الجواب يتضمن تقرير هذا المبدأ ، مع زيادة في الجواب تبين أن صاحب الرسالة وهو يداعب غيره من زوجة وأهل وولد وصديق ، لا يتنازل عن مبادئه التي يحملها ، فلا يكون جاداً في مواطن الجد متهتكاً في مواطن المزاح ، بل إن مواطن المزاح والمداعبة لتستغل في التوجيه والتربية والإصلاح استغلالاً يجعل الحياة كلها لله تعالى ..

إن المحصلة النهائية من الدعابة تكمن فيما يلي :-
1- إدخال السرور على النفس .
2- تزيل الملل الذي ربما يعلق بالنفس نتيجة لما قد يعترض الإنسان في حياته من الهموم والأحزان .
3- تبعث على النشاط والمرح والضحك الذي يغير روتين الحياة .
4- تثير في النفس محبة الناصح والراحة النفسية عند لقائه .
5- تَقَبُّل النصيحة والموعظة والتربية ، بنفسية منشرحة .

على أن القصة التي ترد وفيها من صور المداعبة ما فيها ، تشتمل على جوانب تربوية أخرى ، يحددها طبيعة الشخص والمواقف والملابسات والظروف التي تصنع هذا الحدث ..

وعوداً على بدء .. ففي قصة خوات بن جبير رضي الله عنه ، جوانب تربوية عظيمة ، فبالإضافة إلى أنها أسلوب رائع من الأساليب التي تشرح الصدر وتثير مكامن السرور في النفس ، فإنها قد تضمنت عدد من الأثار :-
1- التعامل مع الإنسان في تربيته على أنه عرضة للوقوع في الخطأ .
2- التعامل مع الإنسان على أنه كائن له غرائز وشهوات .
3- نظرة الإسلام إلى الإنسان على أنه غير معصوم من الخطأ .
4- دعوة المسلم إلى حسن المظهر ، ليكون في وجوه الناس كأنه شامة .
5- الحذر من الكذب الذي يهدي إلى الفجور ، ثم إلى النار .
6- التعريض في الحديث حين لا يريد الإنسان الإدلاء بالحقيقة لمصلحة ما ، فإن في المعاريض لمندوحة عن الكذب .
7- التكرار – المعتدل – في عرض أسلوب التربية والتوجيه لتتحقق الفائدة المرجوة منه .
8- الدعاء للمسلم المخطئ وتكرار ذلك .
9- الحذر من التكرار الممل الذي يبعث السآمة في النفوس ، أو لربما كان سبباً في تبلد الإحساس .

وختاماً :-
من روعة الإسلام في تربيته لأتباعه ، أنه ما جعل طرائق التربية وأساليبها على صورة واحدة ، لأنه ربما تملها النفوس ، وتسأمها القلوب ، وإنما جعل لذلك أساليب متعددة ، وطرائق متجددة ..

- فتارة يربي بالقدوة التي هي من أعظم الأساليب التربوية على الإطلاق – وما أحوجنا إلى القدوات – ؛ لكونها ترسل إلى الغير رسالة صامتة على أن هذا هو الحق وأن تطبيقه ليس بالأمر المستحيل ، بل هو في متناول الجميع ، وفي مقدور كل أحد ، وليست الأمة اليوم في حاجة إلى شيء أكثر من حاجتها إلى قدوات في كل ميدان .

- وتارة يربي بالقصة التي ترسل إلى الآخرين رسالة مؤثرة بما تشتمل عليه من الدروس والعبر والمواقف ، مع ما تشتمل عليه من قوة التأثير ، حين تشد الإنتباه وترحك الوجدان ، وتثير الانفعال وتحدث الإقناع .

- وتارة يربي بضرب الأمثال حين يربط بين معنيين أحدهما غائب عن النفس والآخر حاضر مشاهد ، فتقريب صورة الغائب عن الحس إلى عالم المحسوس المشاهد ، مثيرة للعقل والقلب والعاطفة على حد سواء .

- وتارة يربي بالأحداث ، فيستغل كل حدث يقع ليعطي فيه صورة مؤثرة من التربية والتوجيه ، فتظل تعلق بخفايا النفس فترة طويلة من الزمن .

- وتارة يربي بالترغيب والترهيب في موازنة مدروسة ، لتقارن النفس حين تسمع الخير ونتائجه وآثاره ، ثم تنتقل إلى الجانب الآخر فتسمع الشر ونتائجه وآثاره ، لتقارن بين الحالتين .

- وتارة يربي بالمداعبة التي تدخل السرور إلى النفس وتمهد الطريق للنصح والتوجيه في أسلوب محبب .

- وقد يدعو الإسلام إلى التربية بالعقوبة !! حين تستنفد كل الوسائل التربوية السالفة الذكر ، فجعل للوالد سلطة في ضرب – الغير مبرح - أولاده ، وجعل للزوج سلطة في ضرب زوجته ، وجعل العقوبات والتعازير لكل من تسول له نفسه العدوان على الأفراد أو المجتمعات وكل ذلك بالضوابط الشرعية التي قررها الإسلام .

إلى غير ذلك من الأساليب الكثيرة التي حفلت بها التربية الإسلامية ، وإنما كان السر في ذلك – أي السر في تنوع هذه الأساليب - حسب تصوري حتى لا تمل النفس ويتبلد إحساسها حين يتكرر عليها أسلوب واحد من هذه الأساليب التي ذكرت آنفاً ، فتفقد على أثر ذلك تربيتها الصحيحة .

و الله أعلم والحمد لله رب العالمين ..
أخوكم : أبو عبد الله الذهبي ..

عمروعبده 10-08-2010 01:57 PM

البديل عن مشاهدة التلفاز

أيها الآباء ... إليكم البديل عن مشاهدة التلفاز
ما البديـــــــــل ...
الحمد لله، كاشف الهموم ومجلي الغموم، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء المرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد:

فمع الغزو الإعلامي المكثف تحولت كثير من بيوت المسلمين إلى مرتع مفتوح لدعاة الشر والفساد، وزاد تعلق الناس بالشاشات وما يعرض فيها، حتى أنها دخلت في تنظيم أوقات حياتهم وتربية أفكارهم وتغيير معتقداتهم وتوجيه صغارهم!

وقد يطول زمن الجلوس في بعض البيوت أمام الشاشات إلى ساعات طويلة لو جمعت في عمر الإنسان لكانت أياما وشهورا وسنينا. وهكذا يفقد كثير من الناس ما هو أغلى من الذهب والفضة وأكثر فائدة وأعظم أثرا.. ألا وهو الوقت.

فإن كان المال يستطيع الموفق أن يستثمره وينميه، وأحيانا يأتي من وارث، أو هبة، أو غير ذلك، إلا أن الزمن لا ينمى ولا يوهب ولا يشترى مطلقا!

ومن تحدث عن هذا الأمر وأسهب في مضار ما يعرض يفاجئه سؤال عجيب ألا وهو قول الكثير من الناس: ما البديل إذا؟

أخي المسلم: إن صدقت في السؤال وأحسنت النية فالبدائل كثيرة، وتغيير مسار الحياة سهل. ميسور، وقد سبقك الكثير!

وإني أعجب للرجل العاقل والمرأة الفطنة كيف يجعلان حثالة القوم وسفلة المجتمع من الحاقدين والصليبين والمنافقين والمهرجين يوجهون فكرهما ويربون أولادهما ويغرسون فيهما ما شاءوا من الرذيلة وسيء الخلق!

ولإعانة من أراد التخلص من الشاشة تقربا إلى الله عز وجل وطاعة وامتثالا لأمره، أطرح له بدائل عدة لعل فيها ما يغني عن هراء الممثلين والممثلات وسخف الأغاني الماجنة والمسلسلات الساقطة، وبث السموم والأفكار المخالفة لدين الله عز وجل ومن تلك البدائل:

ا- تحقيق التقوى في النفس والأبناء وعندها يأتي الفرج سعادة للنفس وطمأنينة في القلب. فإن الله تعالى يقول: ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويقول تعالى: إنه من يتق ويصبر فإن الله لا يضيع أجر المحسنين . ومن أعظم أنواع الصبر؛ الصبر على الطاعة والبعد عن الحرام. وأذكر هنا أن امرأة صالحة كانت تلغي كثيرا من ارتباطاتها وزياراتها لبعض من حولها خوفا على أبنائها من متابعه المسلسلات والشغف بالتمثيليات فأكرمها الله عز وجل بأن جعل أبناءها بررة حافظين لكتاب الله عز وجل قرت بهم أعين والديهم. { ومن ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه }.

2- الحرص على العبادة وخاصة الصلاة في أوقاتها والإكثار من نوافل الطاعات من صلاة وصيام وعمرة وصدقة وقراءة للقران. ونرى أن من يحس بالفراغ والوحشة إنما هو ذلك الذي ابتعد عن النوافل وفرط في الطاعات، والكثير من العباد ينظر إلى الوقت وقصره وسرعة انقضائه لأنه استثمره خير استثمار.

3- تحري أوقات الإجابة والتضرع إلى الله عز وجل فإن الشاشات وما يعرض فيها والتعلق بذلك بلاء وشقاء يرفعه الله عز وجل بالدعاء والمجاهدة والصبر.

4- معرفة فتاوى العلماء في حكم هذه الشاشات وما يعرض فيها وغرس البعد عن الحرام في قلوب الصغار وتربيتهم على طاعة الله عز وجل والبعد عن معصيته. خاصة أن الأمر تجاوز مجرد الشهوات إلى إثارة الشبهات حول مسلمات عقدية نؤمن بها وهي من أساس دين الإسلام.

5- قراءة ما يعرض عن الشاشات وخطر ما فيها وهذا يسهل أمر الصبر والمصابرة، فإن في معرفة الأضرار الدينية والطبية - والنفسية سلوى لمن أراد الابتعاد وسعى إلى النجاة. وأنصح بقراءة كتاب (بصمات على ولدي) لطيبة اليحيى. فقد أوردت بالأرقام والإحصاءات ما يجعل المسلم يبتعد عن هذه الشاشات. كما يوجد في المكتبات كتب متميزة خاصة بتربية الصغار تربية إسلامية.

6- الاستفادة من الأوقات للقيام بالواجبات الاجتماعية من بر الوالدين وصلة الأرحام وتفقد الأرامل والمساكين وإعانة أصحاب الحوائج.

7- الاشتغال بطلب العلم وحث أهل البيت على زيادة معلوماتهم الشرعية في ظل تيسر الأمر بوجود أشرطة العلماء السمعية. فيستطيع رب المنزل أن يرتب له ولأسرته درسا يوميا أو أسبوعي.

8- ربط أهل البيت والأطفال بسيرة الرسول ودعوته وصبره وجهاده وقراءة دقائق حياته فإن في ذلك أثرا على تربية النفوس وتهذيبها وربطها بمعالي ا لأمور.

9- وضع دروس يومية منتظمة بجدول ثابت لحفظ آيات من القران الكريم وفي هذا أثر عظيم جدا، ولو رتب أحدنا حفظ بعض الآيات كل يوم لختم القران في سنوات قليلة وفي ذلك خيرا الدنيا والآخرة. وبعض الناس قارب عمره الأربعين سنة ولم يحفظ خمسة أجزاء من كتاب الله عز وجل؟!

10- الاهتمام بإيجاد مكتبة أسرية متنوعة تحوي مختلف العلوم وتكون في متناول الجميع، فإن في ذلك تنمية للمواهب والمدارك عن طريق القراءة حتى يصبح الكتاب - بعد حين – رفيقا لا يمله أهل المنزل.

11- الاستفادة من برامج الحاسوب الآلي المتوفرة بكثرة بما في ذلك المسابقات وبرامج اختبار الذكاء وغيرها.

12- معرفة نعمة الله على الإنسان باستثمار الوقت في عمل صالح فإن تلك نعمة عظيمة قال ابن القيم: "وبالجملة، فالعبد إذا أعرض عن الله واشتغل بالمعاصي ضاعت عليه أيام حياته الحقيقية القي يجد غب إضاعتها يوم يقول: يا لينتي قدمت لحياتي واستشعار قيمة الوقت يدفع إلى الحرص والمحافظة عليه وانفاقه فيما ينفع. والرجل الفطن يلحظ ضياع كثير من الطاعات والقربات وفواتها عليه بسبب جلوسه امام الشاشة وما تضييع الصلوات وخاصة صلاة الفجر إلا دليل على ذلك، كما أن في ضياع صلة الرحم والكسل عن القيام بالواجبات الأسرية دليلا آخر. وفي ضياع الوقت بهذه الصورة مدعاة إلى التوقف والتفكر والمحاسبة!

13- القيام بالنزهات البرية للأماكن الخلوية البعيدة عن أعين الناس والتبسط مع الزوجة والأبناء وإشباع رغباتهم في اللعب والجري وصعود الجبال واللعب بالرمال. وهذه الرحلات من أعظم وسائل ربط الأب بأسرته وهي خير من الذهاب بهم لأماكن اللهو التي تفشو فيها بعض المنكرات ولا يستطيع الأب أن يجلس مع أسرته وأبنائه بحرية تامة.

14- وضع برنامج رياضي للأب والأم والأبناء بمعدل يومي عشر دقائق مثلا حتى وإن اقتصر على التمارين الخفيفة.

15- زيارة الصالحين والأخيار والاستفادة من تجاربهم، والاستئناس بأحاديثهم، وربط الناشئة بهم ليكونوا القدوة بدلا من الممثلين والمهرجين.

16- إشغال الفتيات بأعمال المنزل وتدريبهن على القيام بالواجبات المنزلية وتعويدهن على تحمل مسئولية البيت وتربية الأطفال والقيام بشئونهم.

17- وضع جدول زمني- شهري مثلا - لحضور بعض محاضرات العلماء في المساجد.

18- مشاركة الجهات الخيرية والمؤسسات الإغاثية بالعمل والجهد والمساهمة بالوقت في تخفيف هموم المسلمين ورفع معاناتهم.

19- جعل يوم في الأسبوع يوما مفتوحا في المنزل لإلقاء الكلمات المفيدة وبث الفوائد بين الجميع وطرح الأفكار ورؤية إنتاج المنتجين في الأبناء والصغار.

20- جعل قائمة بالأنشطة والدرجات والتقديرات للأبناء وتحسب نقطة لكل عمل جيد، وأخرى لكل جهد مميز وهكذا في نهاية الأسبوع توضع الجوائز لصاحب أعلى النقاط. بما فيم ذلك الانضباط أيام الأسبوع والمذاكرة وغيرها.

21- تسجيل الأولاد في حلق تحفيظ القرآن الكريم في المساجد، والأم وبناتها في دور الذكر لتحفيظ القرآن الكريم واظهار الفرح بذلك وتثجيعهم على المراجعة مع بعضهم البعض وذكر ما حفطوا كل يوم. وفي هذا ربط لهم مع كتاب الله عز وجل.

22- جعل أيام معينة للأسرة يجتمعون فيها ويكون الحديث مفتوحا، ويركز على قصص التوبة ومآسي المسلمين وقصص من أسلموا حديثا وذكر بعض الطرائف والنكت المحمودة.

23- التأمل الدقيق في بيوت كثير من الأخيار التي تخلو من الشاشات، وكيف هو بفضل الله صلاح أبنائها وإستمرار أهلها وحسن تربيتهم على التقوى والصلاح فإن ذلك يدفع الرجل إلى الحذو حذوهم ويدفع بالأم إلى السير على طريقهم.

24- الإكثار من شكر وحمد الله عز رجل على أن أبدل المعصية بالطاعة والسيئات بالحسنات والفرح بذلك فإن في ذلك ثباتا على الأمر وإشاعة لتحول كبير في الأسرة.

25- القيام بأعمال دعوية أسرية مثل مراسلة هواة المراسلة ودعوتهم إلى الالتزام بهذا الدين وإرسال الكتب إليهم، أو كتابة رسائل توجيه ونصيحة للطلاب والطالبات وغيرها، كل لبني جنسه.

26- اختيار أسر من الأخيار وزيارتهم ومعرفة كيفية استفادتهم من أوقاتهم وكذلك سؤالهم كيف يعيشون سعداء بدون شاشة!

27- كثير من الناس لا يعرف خلجات بناته ولا هوايات أبنائه ولا هموم زوجته لأن وقت الأسرة مليء بالاجتماع على مشاهدة الشاشة فحسب، وبدون الشاشة يكون الحديث مشتركا والتقارب أكثر بإيراد القصص والطرف وتبادل الأحاديث والآراء.

28- الاهتمام بهوايات الأبناء وتوجيهها نحو خدمة الإسلام والمسلمين وتشجيعهم علي المفيد منها.

29- إعداد البحوث علامة على مقدرة الشخص وتمكنه العلمي. ولكل عمر من الأعمار مستوى معين من البحوث وهذا يجعل الأسرة تعيش جوا علميا إذا أرادت ذلك وسعت إليه.

30- كثير من الناس يعتذر بوجود الشاشة لرغبته في معرفة أحداث العالم وأخبار الكون! و مع حرصه هذا فانه غافل عن أخبار الآخرة وأحداث يوم الحسرة والندامة وأحوال البرزخ وأهوال البعث والنشور والسراط وغيرها! وله كفاية بالإذاعة وبعض الصحف لمتابعة الأخبار والأحداث!

31- لو طلب منك شخص أو جهة أن تضع في صالة منزلك خمسة أفراد ما بين رجل وسيم وامرأة فاتنة منهم الفاجر والفاسق ومنهم المهرج ومنهم المنصر، وشرطت عليهم أن لا يتحدثوا ولا يجتمعوا بأبنائك وزوجتك إلا بحضورك! فهل يا ترى تخرج مطمئن الفؤاد إلى هؤلاء وهم في عقر دارك!! إن كان الأمر كذلك وبقية إيمان في قلبك فأخرجهم حتى ولو لم يكن هنالك بديلا.

أخي المسلم، أختي المسلمة:
هناك أمور كثيرة لا يكفي لها الوقت لو ذكرت، إنما الهدف ذكر طرف منها للتخلص من الشرور ودفعها بين يدي المسلم. وفي طاعة الله عز رجل وتقراه خير معين، وهذا البيت الصغير هو مملكتك التي تستطيع أن تجعلها جنة وارفة الظلال بالطاعة والعبادة وحسن الخلق وطيب المعشر.

وكثير جعل هذا المسكن والقرب جحيما بسوء التربية وحلول المعصية وفساد الطباع يخربون بوتهم بأيديهم . وكما أن للطاعة أثرا فإن للمعصية شؤما.

ويا أيها الأب ويا أيتها الأم: المسؤولية عظيمة والحساب شديد والأمانة بين أيديكم، فإياكم وضياع الأولاد وإهمالهم فإنكم مسؤولون ومحاسبون عنهم غدا. يقول الله جل وعلا: يا أيها الذين آمنوا قو أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة .

وأذكركم بقول الرسول : { كلكم راع، وكلكم مسئول عن رعيته، فالإمام راع وهو مسئول عن رعيته، والرجل راع في أهله وهو مسئول عن رعيته } متفق عليه.

وأجزم أن كثيرا من الآباء لو علم أن الشاشات تسبب مرضا معينا لمن يراها ولو لدقائق لما بقي في البيوت شاشات إطلاقا. ولكن لأن هذا مرض عضوي اهتم الآباء به أما مرض القلوب والشهوات فالأمر مختلف. وشتان ما بين زماننا وأهله وصدر الإسلام وأهله. فلما نزلت آية تحريم الخمر ما قال الصحابة: لنا سنوات، ولدينا منها مخزون كبير أو ما هو البديل إذا! بل سالت الشعاب بالخمر المراق طاعة وامتثالا. ولما نزلت آية الحجاب خرج نساء المسلمين وهن كالغربان متشحات بالسواد لا يرى منهن شيئا. وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالا مبينا .

ولأهل الإسلام فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم .

قال ابن كثير: (أي عن أمر رسول الله وهو سبيله ومنهاجه وطريقته وسنته وشريعته) ثم قال رحمه الله في قوله تعالى: تصيبهم فتنة أي في قلوبهم من كفر أو نفا ق أو بدعة.

أقر الله الأعين بصلاح الأولاد وضاعف الأجر والمثوبة للوالدين على حسن التربية والتوجيه لهم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.


عمروعبده 10-08-2010 01:58 PM

الهدي النبوي في تربية الأبناء

( ورقة مقدّمة إلى ندوة : أطفالنا في الغرب التي عقدت في دبلن يوم السبت 9/3/2002م)
الحمد لله رب العالمين ، و الصلاة و السلام على نبيه الأمين ، و آله و صحبه أجمعين ، و بعد ..
فإن الله تعالى امتن علينا بنعمة الذرّية ، و حذّرنا من الافتتان بها فقال : ( إنّ من أموالكم و أولادكم فتنة ) ، و انتدبنا لنأخذ بحُجَز أهلينا عن النار فقال : ( قوا أنفسكم و أهليكم ناراً ) ، و ذلك من حقّ أهلينا علينا ، و تمام رعايتنا لهم ، و كلنا راع و مسؤول عن رعيته كما في الحديث .
و لأداء أمانة الرعاية لا بدّ للأبوين من الحرص و العمل على تعليم الأبناء و تربيتهم ، و لا يفوتنهما أنهما محاسبان على التهاون و التقصير في ذلك .
فقد روى الترمذي و أحمد و غيرهما بإسناد صحيح عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ امْرَأَةً أَتَتْ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَمَعَهَا ابْنَةٌ لَهَا وَفِى يَدِ ابْنَتِهَا مَسَكَتَانِ غَلِيظَتَانِ مِنْ ذَهَبٍ فَقَالَ لَهَا «‏ أَتُعْطِينَ زَكَاةَ هَذَا »‏ .‏ قَالَتْ لاَ .‏ قَالَ «‏ أَيَسُرُّكِ أَنْ يُسَوِّرَكِ اللَّهُ بِهِمَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ سِوَارَيْنِ مِنْ نَارٍ »‏ .‏ قَالَ فَخَلَعَتْهُمَا فَأَلْقَتْهُمَا إِلَى النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم وَقَالَتْ هُمَا لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَلِرَسُولِهِ .
و الشاهد هنا أنّه رتب العقوبة على الأم و ليس على البنت التي لبست المسكتين في يدها ، و لعل هذا لإقرارها على المنكر أو تسببها فيه .
و التربية السليمة تبدأ منذ نعومة الأظفار ، قال الإمام الغزّالي رحمه الله في ( الإحياء ) : ( ممّا يحتاج إليه الطفل أشد الاحتياج الاعتناء بأمر خُلُقه ، فإنّه ينشأ على ما عوّده المربي في صغره من حَرَدٍ و غضب ة لِجاجٍ و عَجلةٍ و خفّةٍ و هوىًَ و طيشٍ و حدّة و جشع ، فيصعب عليه في كِبره تلافي ذلك و تصير هذه الأخلاق صفات و هيئات راسخةٍ له ، فإن لم يتحرّز منها غاية التحرّز فضحته لابدّ يوماً ما ، و لذلك نجد أكثر الناس منحرفةً أخلاقهم ، و ذلك من قِبَل التربية التي نشأ عليها ) .
و قال الشاعر :
و ينشأ ناشئ الفتيان فينا على ما كان عوّده أبوه
و قد قيل : العلم في الصغر كالنقش في الحجر ، و العلم في الكبر كالغرز بالإبر
و حدّث و لا حرج عن هدي النبي صلى الله عليه و سلّم في التربية ، لتر مدرسةً متكاملة المناهج ، راسخة الأصول ، يانعة الثمار ، وافرة الظلال في التربية و التنشئة الصالحة ، حيث اعتنى بهم بنفسه ، و أوصى بهم خيراً في العناية و الرعاية .
و من عنايته صلى الله عليه و سلم بتعليم الأطفال دعاؤه بالعلم النافع لبعضهم كما في مسند أحمد و مستدرك الحاكم بإسناد صححه و وافقه الذهبي عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قال : إَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَضَعَ يَدَهُ عَلَى كَتِفِى -‏ أَوْ عَلَى مَنْكِبِى شَكَّ سَعِيدٌ -‏ ثُمَّ قَالَ «‏ اللَّهُمَّ فَقِّهْهُ فِى الدِّينِ وَعَلِّمْهُ التَّأْوِيلَ »‏ .‏

و من هديه صلى الله عليه و سلم في تربية الأطفال :
تشجيعه على طلب العلم ، و إفساح المجال أمامه لمخالطة من يكبرونه سنّاً في مجالس العلم :
روى الشيخان عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ -‏ رضى الله عنهما -‏ قَالَ بَيْنَا نَحْنُ عِنْدَ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم جُلُوسٌ إِذْ أُتِىَ بِجُمَّارِ نَخْلَةٍ فَقَالَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم «‏ إِنَّ مِنَ الشَّجَرِ لَمَا بَرَكَتُهُ كَبَرَكَةِ الْمُسْلِمِ »‏ .‏ فَظَنَنْتُ أَنَّهُ يَعْنِى النَّخْلَةَ ،‏ فَأَرَدْتُ أَنْ أَقُولَ هِىَ النَّخْلَةُ يَا رَسُولَ اللَّهِ .‏ ثُمَّ الْتَفَتُّ فَإِذَا أَنَا عَاشِرُ عَشَرَةٍ أَنَا أَحْدَثُهُمْ فَسَكَتُّ ،‏ فَقَالَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم «‏ هِىَ النَّخْلَةُ »‏ .‏
و روى البخاري و غيره ‏ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -‏ رضى الله عنهما -‏ قَالَ كَانَ عُمَرُ يُدْخِلُنِى مَعَ أَشْيَاخِ بَدْرٍ ،‏ فَقَالَ بَعْضُهُمْ – قيل إنّه عبد الرحمن بن عوف - : لِمَ تُدْخِلُ هَذَا الْفَتَى مَعَنَا ،‏ وَلَنَا أَبْنَاءٌ مِثْلُهُ فَقَالَ إِنَّهُ مِمَّنْ قَدْ عَلِمْتُمْ .‏ قَالَ فَدَعَاهُمْ ذَاتَ يَوْمٍ ،‏ وَدَعَانِى مَعَهُمْ قَالَ وَمَا رُئِيتُهُ دَعَانِى يَوْمَئِذٍ إِلاَّ لِيُرِيَهُمْ مِنِّى فَقَالَ مَا تَقُولُونَ (‏ إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ * وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ )‏ حَتَّى خَتَمَ السُّورَةَ ،‏ فَقَالَ بَعْضُهُمْ أُمِرْنَا أَنْ نَحْمَدَ اللَّهَ وَنَسْتَغْفِرَهُ ،‏ إِذَا نُصِرْنَا وَفُتِحَ عَلَيْنَا .‏ وَقَالَ بَعْضُهُمْ لاَ نَدْرِى .‏ وْ لَمْ يَقُلْ بَعْضُهُمْ شَيْئاً .‏ فَقَالَ لِى يَا ابْنَ عَبَّاسٍ أَكَذَاكَ تَقُولُ قُلْتُ لاَ .‏ قَالَ فَمَا تَقُولُ قُلْتُ هُوَ أَجَلُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَعْلَمَهُ اللَّهُ لَهُ (‏ إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ )‏ فَتْحُ مَكَّةَ ،‏ فَذَاكَ عَلاَمَةُ أَجَلِكَ (‏ فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّاباً )‏ قَال عُمَرُ مَا أَعْلَمُ مِنْهَا إِلاَّ مَا تَعْلَمُ .‏
و في حضور الناشئ مجالس من يكبرونه سناً و قدراً تكريم له ينبغي ألا يعدِم التأدّب و التخلّق فيه ، و من أدبه في مجلسهم أن لا يُطاولهم أو يتعالم بينهم ، أو يتقدّمهم بحديث أو كلام .
روى مسلم في صحيحه أن سَمُرَةُ بْنُ جُنْدُبٍ رضي الله عنه قال : لَقَدْ كُنْتُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم غُلاَماً فَكُنْتُ أَحْفَظُ عَنْهُ فَمَا يَمْنَعُنِى مِنَ الْقَوْلِ إِلاَّ أَنَّ هَا هُنَا رِجَالاً هُمْ أَسَنُّ مِنِّى .
و في هذا المعنى يرد قول الحسن البصري في وصيّته لابنه رحمهما الله : ( يا بني ! إذا جالست العلماء فكن على السمع أحرص منك على أن تقول ، و تعلّم حسن الاستماع كما تتعلّم حسن الكلام ) .
مع أنّ حسن الإصغاء و الاستماع أدبٌ رفيعٌ في حق الكبار و الصغار جميعاً ، و قد أحسن من قال : المتحدّث حالب ، و المستمع شارب ، فإذا كفيت مؤونة الأولى فأحسن الانتهال منها .

و من هديه صلى الله عليه و سلم في تربية الأطفال :
تهيئته لما ينبغي أن يكون عليه ، أو يصير عليه في كبره كالقيادة و الريادة و الإمامة ، و كفى دليلاً على ذلك تأمير رسول الله صلى الله عليه و سلم أسامة بن زيد ذي السبعة عشر ربيعاً على جيش يغزو الروم في بلاد الشام ، و فيه كبار الصحابة كأبي بكر و عمر رضي الله عنهم أجمعين ، و بعثه معاذ بن جبل رضي الله عنه أميراً على اليمن و هو في التاسعة عشرة من العمر .
و من هذا القبيل ما يدل عليه ما رواه البخاريّ في صحيحه عن عمرو بن سلمة رضي الله عنه أنه قال : َلَمَّا كَانَتْ وَقْعَةُ أَهْلِ الْفَتْحِ بَادَرَ كُلُّ قَوْمٍ بِإِسْلاَمِهِمْ ،‏ وَبَدَرَ أَبِى قَوْمِى بِإِسْلاَمِهِمْ ،‏ فَلَمَّا قَدِمَ قَالَ جِئْتُكُمْ وَاللَّهِ مِنْ عِنْدِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم حَقًّا فَقَالَ «‏ صَلُّوا صَلاَةَ كَذَا فِى حِينِ كَذَا ،‏ وَصَلُّوا كَذَا فِى حِينِ كَذَا ،‏ فَإِذَا حَضَرَتِ الصَّلاَةُ ،‏ فَلْيُؤَذِّنْ أَحَدُكُمْ ،‏ وَلْيَؤُمَّكُمْ أَكْثَرُكُمْ قُرْآناً »‏ .‏ فَنَظَرُوا فَلَمْ يَكُنْ أَحَدٌ أَكْثَرَ قُرْآناً مِنِّى ،‏ لِمَا كُنْتُ أَتَلَقَّى مِنَ الرُّكْبَانِ ،‏ فَقَدَّمُونِى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ ،‏ وَأَنَا ابْنُ سِتٍّ أَوْ سَبْعِ سِنِينَ وَكَانَتْ عَلَىَّ بُرْدَةٌ ،‏ كُنْتُ إِذَا سَجَدْتُ تَقَلَّصَتْ عَنِّى ،‏ فَقَالَتِ امْرَأَةٌ مِنَ الْحَىِّ أَلاَ تُغَطُّوا عَنَّا اسْتَ قَارِئِكُمْ .‏ فَاشْتَرَوْا فَقَطَعُوا لِى قَمِيصاً ،‏ فَمَا فَرِحْتُ بِشَىْءٍ فَرَحِى بِذَلِكَ الْقَمِيصِ .‏
فانظروا رحمكم الله كيف حفظ من أفواه الركبان قسطاً من كتاب الله فاق ما حفظه بنو قومه رغم تلقيهم عن خير الخلق صلى الله عليه و سلّم ، و الأغرب من ذلك أنّه تصدّر لإمامة قومه في الصلاة رغم حداثة سنّه إلى حدّ لا يُعاب عليه فيه انحسار ثوبه عن سوأته .

و من هديه صلى الله عليه و سلم في تربية الأطفال :
المداعبة و التعليم بطريق اللعب ، و هو من الوسائل التي تعتبرها المدارس الغربية في التربية اليوم من أنجع الوسائل و أهمها و أقربها إلى نفس الطفل و أنفعها له ، رغم أن الهدي النبوي سبق إلى ذلك و قرره و شرع فيه صاحبه صلى الله عليه و سلّم بالفعل ، في مواقف كثيرة من أشهرها ما رواه الشيخان و غيرهما من حديث أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ كَانَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم أَحْسَنَ النَّاسِ خُلُقاً ،‏ وَكَانَ لِى أَخٌ يُقَالُ لَهُ أَبُو عُمَيْرٍ -‏ قَالَ أَحْسِبُهُ فَطِيمٌ -‏ وَكَانَ إِذَا جَاءَ قَالَ «‏ يَا أَبَا عُمَيْرٍ مَا فَعَلَ النُّغَيْرُ »‏ .‏ نُغَرٌ كَانَ يَلْعَبُ بِهِ ،‏ فَرُبَّمَا حَضَرَ الصَّلاَةَ وَهُوَ فِى بَيْتِنَا ،‏ فَيَأْمُرُ بِالْبِسَاطِ الَّذِى تَحْتَهُ فَيُكْنَسُ وَيُنْضَحُ ،‏ ثُمَّ يَقُومُ وَنَقُومُ خَلْفَهُ فَيُصَلِّى بِنَا .‏
و مداعبته صلى الله عليه و سلم لأبي عمير رضي الله عنه درسٌ عظيم يرسم منهجاً في تربية الأطفال و تعليمهم و آباءهم بأسلوب التشويق و التودد لهم ، و لذلك اهتم العلماء بهذا الحديث أيّما اهتمام .
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في ( الفتح ) : ( في هذا الحديث عدّة فوائد جمعها أبو العباس الطبري المعروف بابن القاصّ الفقيه الشافعي صاحب التصانيف في جزءِ مفرد ، و ذكر ابن القاصّ في أوّل كتابه أنّ بعض الناس عاب على أهل الحديث أنّهم يروون أشياء لا فائدة فيها ، و مثل ذلك التحديث بحديث أبي عمير هذا ، قال : و ما درى أنّ في هذا الحديث من وجوه الفقه و فنون الأدب و الفائدة ستين وجهاً ثمّ ساقها مبسوطةً ) .

و من هديه صلى الله عليه و سلم في تربية الأطفال :
الضرب و التأديب بالضوابط الشرعيّة في التعليم :
وردت في هذا الباب أحاديث جيادٌ كثيرة منها :
- ما رواه أحمد في مسنده بإسناد حسن عَنْ مُعَاذٍ رضي الله عنه قَالَ أَوْصَانِى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِعَشْرِ كَلِمَاتٍ .‏ قَالَ «‏ لاَ تُشْرِكْ بِاللَّهِ شَيْئاً وَإِنْ قُتِلْتَ وَحُرِّقْتَ وَلاَ تَعُقَّنَّ وَالِدَيْكَ وَإِنْ أَمَرَاكَ أَنْ تَخْرُجَ مِنْ أَهْلِكَ وَمَالِكَ وَلاَ تَتْرُكَنَّ صَلاَةً مَكْتُوبَةً مُتَعَمِّداً فَإِنَّ مَنْ تَرَكَ صَلاَةً مَكْتُوبَةً مُتَعَمِّداً فَقَدْ بَرِئَتْ مِنْهُ ذِمَّةُ اللَّهِ وَلاَ تَشْرَبَنَّ خَمْراً فَإِنَّهُ رَأْسُ كُلِّ فَاحِشَةٍ وَإِيَّاكَ وَالْمَعْصِيَةَ فَإِنَّ بِالْمَعْصِيَةِ حَلَّ سَخَطُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَإِيَّاكَ وَالْفِرَارَ مِنَ الزَّحْفِ وَإِنْ هَلَكَ النَّاسُ وَإِذَا أَصَابَ النَّاسَ مُوتَانٌ وَأَنْتَ فِيهِمْ فَاثْبُتْ وَأَنْفِقْ عَلَى عِيَالِكَ مِنْ طَوْلِكَ وَلاَ تَرْفَعْ عَنْهُمْ عَصَاكَ أَدَباً وَأَخِفْهُمْ فِى اللَّهِ »‏ .‏
- و ما رواه الشيخان عَنْ كُرَيْبٍ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ -‏ رضى الله عنهما -‏ أَنَّهُ بَاتَ عِنْدَ مَيْمُونَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ -‏ رضى الله عنها -‏ وَهْىَ خَالَتُهُ -‏ قَالَ فَاضْطَجَعْتُ عَلَى عَرْضِ الْوِسَادَةِ ،‏ وَاضْطَجَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَهْلُهُ فِى طُولِهَا ،‏ فَنَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى انْتَصَفَ اللَّيْلُ أَوْ قَبْلَهُ بِقَلِيلٍ أَوْ بَعْدَهُ بِقَلِيلٍ ،‏ ثُمَّ اسْتَيْقَظَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَجَلَسَ ،‏ فَمَسَحَ النَّوْمَ عَنْ وَجْهِهِ بِيَدِهِ ،‏ ثُمَّ قَرَأَ الْعَشْرَ آيَاتٍ خَوَاتِيمَ سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ ،‏ ثُمَّ قَامَ إِلَى شَنٍّ مُعَلَّقَةٍ فَتَوَضَّأَ مِنْهَا ،‏ فَأَحْسَنَ وُضُوءَهُ ،‏ ثُمَّ قَامَ يُصَلِّى .‏ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ -‏ رضى الله عنهما -‏ فَقُمْتُ فَصَنَعْتُ مِثْلَ مَا صَنَعَ ،‏ ثُمَّ ذَهَبْتُ فَقُمْتُ إِلَى جَنْبِهِ ،‏ فَوَضَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَدَهُ الْيُمْنَى عَلَى رَأْسِى ،‏ وَأَخَذَ بِأُذُنِى الْيُمْنَى يَفْتِلُهَا بِيَدِهِ ،‏ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ ،‏ ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ ،‏ ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ ،‏ ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ ،‏ ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ ،‏ ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ ،‏ ثُمَّ أَوْتَرَ ،‏ ثُمَّ اضْطَجَعَ حَتَّى جَاءَهُ الْمُؤَذِّنُ ،‏ فَقَامَ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ ،‏ ثُمَّ خَرَجَ فَصَلَّى الصُّبْحَ .

و من هديه صلى الله عليه و سلم في تربية الأطفال :
تعويدهم على فعل الخيرات و منه ارتياد المساجد للصلاة و التعبد :
روي عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قوله : ( حافظوا على أبنائكم في الصلاة ، و عوّدوهم الخير فإنّ الخير عادة ) .
و لهذا القول ما يؤيده في السنّة فقد روى ابن ماجة بإسناد صحيح عن مُعَاوِيَةَ بْنَ أَبِى سُفْيَانَ رضي الله عنه عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ «‏ الْخَيْرُ عَادَةٌ وَالشَّرُّ لَجَاجَةٌ وَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِى الدِّينِ »‏ .‏
و قد ورد في السنّة ما يدل على مشروعية تعويد الصغار على الصيام و صلاة الجماعة و اصطحابهم للحج صغاراً و من ذلك :
- روى الشيخان عَنِ الرُّبَيِّعِ بِنْتِ مُعَوِّذٍ قَالَتْ أَرْسَلَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم غَدَاةَ عَاشُورَاءَ إِلَى قُرَى الأَنْصَارِ «‏ مَنْ أَصْبَحَ مُفْطِراً فَلْيُتِمَّ بَقِيَّةَ يَوْمِهِ ،‏ وَمَنْ أَصْبَحَ صَائِماً فَلْيَصُمْ »‏ .‏ قَالَتْ فَكُنَّا نَصُومُهُ بَعْدُ ،‏ وَنُصَوِّمُ صِبْيَانَنَا ،‏ وَنَجْعَلُ لَهُمُ اللُّعْبَةَ مِنَ الْعِهْنِ ،‏ فَإِذَا بَكَى أَحَدُهُمْ عَلَى الطَّعَامِ أَعْطَيْنَاهُ ذَاكَ ،‏ حَتَّى يَكُونَ عِنْدَ الإِفْطَارِ . قال ابن حجر : ( في الحديث حجة على مشروعيّة تمرين الصبيان على الصيام ) .
- و روى مسلم عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أن النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم لَقِىَ رَكْباً بِالرَّوْحَاءِ فَقَالَ «‏ مَنِ الْقَوْمُ ؟ »‏ .‏ قَالُوا : الْمُسْلِمُونَ .‏ فَقَالُوا : مَنْ أَنْتَ قَالَ : «‏ رَسُولُ اللَّهِ »‏ .‏ فَرَفَعَتْ إِلَيْهِ امْرَأَةٌ صَبِيًّا فَقَالَتْ أَلِهَذَا حَجٌّ قَالَ «‏ نَعَمْ وَلَكِ أَجْرٌ »‏ .‏
- و روى ابن خزيمة في صحيحه و الترمذي و أبو داود بإسناد صحيح عن أنس بن مالك رضي الله عنه أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم دعي إلى طعام ، فأكل منه ثم قال : قوموا فلنصل بكم . قال أنس : فقمت إلى حصير لنا قد اسود من طول ما لبس ، فنصحته بالماء ، فقام عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وصففت عليه أنا واليتيم وراءه ، والعجوز من ورائنا ، فصلى بنا ركعتين ثم انصرف .
و ليس المقصود تعويدهم على صلاة الجماعة في البيت إلا أن يكون ذلك في النوافل ، كالركعتين التين أم النبي صلى الله عليه و سلّم فيهما الغلامين و المرأة ، و هذا هدي نبوي شريف ، و من هديه عليه الصلاة و السلام أيضاً ربط الأبناء بالمساجد و توجيههم إليها ، بل كان يذهب أكثر من ذلك فيتجوز في صلاته مراعاة لحال الصبية الذين تصطحبهم أمهاتهم إلى المسجد .
روى البخاري في صحيحه عَنْ أَبِى قَتَادَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ «‏ إِنِّى لأَقُومُ فِى الصَّلاَةِ أُرِيدُ أَنْ أُطَوِّلَ فِيهَا ،‏ فَأَسْمَعُ بُكَاءَ الصَّبِىِّ ،‏ فَأَتَجَوَّزُ فِى صَلاَتِى كَرَاهِيَةَ أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمِّهِ »‏ .‏
و روى النسائي بإسناد صحيح عن عبد الله بن شدّاد رضي الله عنه قال : بينما رسول الله صلى الله عليه و سلم يصلي بالناس إذ جاءه الحسين فركب عنقه و هو ساجد ، فأطال السجود بين الناس حتى ظنوا أنّه قد حدث أمر فلما قضى صلاته ، سألوه عن ذلك ، فقال عليه الصلاة و السلام : (إن ابني ارتحلني ، فكرهت أن أعجله حتى يقضي حاجته ) .
فالمسجد إذن روضة يجتمع فيها الصغير و الكبير و يرتادها الرجل و المرأة ، و إن كان بيت المرأة خير لها ، و قد كان السلف الصالح رضوان الله عليهم في ارتيادها يستبقون الخيرات فيذكرون ربهم ، و يأخذون العلم عن نبيهم الذي قال : ( من جاء مسجدنا هذا يتعلم خيراً أو يعلمه ، فهو كالمجاهد في سبيل الله ) و هذا حديث حسن بشواهده : أخرجه ابن ماجة و أحمد و ابن حبان في صحيحه و الحاكم في المستدرك ، و قال عنه : هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ؛ فقد احتجا بجميع رواته ، و لم يخرجاه ، و لا أعلم له علة .اهـ .
لذلك كان المسجد المدرسة الأولى ، و الجامعة الأم التي تنشر العلم ، و تشيع المعارف بين الناس ، وهو المكان الأفضل و الأمثل لهذا المقصد العظيم ، و ينبغي أن لا يعدل به شيئٌ في تعليم الناس و الدعوة إلى الله إلا لضرورة .
و ما تنكبت الأمة و لاامتهنت علوم الشريعة ، و لا جفت منابعها إلا بعد أن أغفل دور المسجد في التعليم .
يقول ابن الحاج الفاسي رحمـه الله في ( المدخل ) : ( … و المقصود بالتدريس ، إنما هو التبيين للأمة ، و إرشاد الضال و تعليمه ، و دلالة الخيرات ، و ذلك موجود في المسجد أكثر من المدرسة ضرورة ، وإذا كان المسجد أفضـل ، فينبغي أن يبادر إلى الأفضـل ويترك ماعـداه ، اللهم إلا لضرورة ، و الضرورات لها أحكام أخر ) .
و قبل اصطحاب الطفل إلى المسجد يحسن تعليمه و تأديبه بآداب دخول المساجد .
سئل مالك عن الرجل يأتي بالصبي إلى المسجد أيستحب ذلك ؟ فقال : إن كان قد بلغ مبلغ الأدب و عرف ذلك ، و لا يعبث فلا أرى بأساً ، و إن كان صغيراً لا يقَر فيه ، و يعبث فلا أحبّ ذلك .
و بسط البحث في هذه الآداب و ما يتعلّق بها من أحكام ، لو استرسلنا فيه لتشعب بنا البحث و تفلتت أزمّته منّا ، و هذا يتنافى مع الوقت المتاح لتقديم هذه المقالة .
لذا نكتفي بهذا القدر ، من هديه صلى الله عليه و سلم في تربية الأطفال ، و نكل إتمام البحث إلى عزائمكم و أنتم أهل للبحث و المتابعة كما يظن بكم .
و صلى الله و سلم على نبيّنا محمد و آله و صحبه أجمعين .

و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
كتبه
د . أحمد عبد الكريم نجيب

عمروعبده 10-08-2010 02:01 PM

الكذب لدى الأطفال
محمد بن عبدالله الدويش

الكذب شؤمه معروف ومستقر لدى أصحاب العقول السليمة قبل أن يأتي الشرع بذمه، وليس أدل على ذم الكذب من أن أكذب الناس لا يرضى أن ينسب إليه.
ويتضايق كثير من الآباء والأمهات من كذب أطفالهم لكنهم غالبا ما يصنفون الكذب لدى الطفل في دائرة واحدة، ويتعاملون معه تعاملا واحداً.

أنواع الكذب لدى الأطفال
الكذب الذي يصدر من الطفل ليس واحدا، وله تصنيفات عدة، ومن أشهرها تصنيفه على أساس الغرض الذي يدفع الطفل لممارسته.
1- الكذب الخيالي:
غالباً ما يكون لدى المبدعين أو أصحاب الخيال الواسع. فالطفل قد يتخيل شيئا ويحوله إلى حقيقة.
ومن أمثلة ذلك: أن طفلا عمره ثلاث سنوات أحضر أهله خروفا للعيد له قرنان، فبعد ذلك صار يبكي ويقول إنه رأى كلباً له قرنان.
وهذا اللون لا يعتبر كذبا حقيقاً، ودور الوالدين هنا التوجيه للتفريق بين الخيال والحقيقة بما يتناسب مع نمو الطفل، ومن الخطأ اتهامه هنا بالكذب أو معاقبته عليه.

2- الكذب الالتباسي:
يختلط الخيال بالحقيقة لدى الطفل فلا يستطيع التفريق بينهما لضعف قدراته العقلية، فقد يسمع قصة خرافية فيحكيها على أنها حقيقة ويعدل في أشخاصها وأحداثها حذفا وإضافة وفق نموه العقلي .
وقد يرى رؤيا فيرويها على أنها حقيقة، فأحد الأطفال رأى في المنام أن الخادمة تضربه وتكسر لعبته فأصر على الأمر وقع منها.

3- الكذب الادعائي:
يلجأ إليه للشعور بالنقص أو الحرمان، وفيه يبالغ بالأشياء الكثيرة التي يملكها، فيحدث الأطفال أن يملك ألعابا كثيرة وثمينة، أو يحدثهم عن والده وثروته، أو عن مسكنهم ويبالغ في وصفه.
ومن صور الكذب الادعائي التي تحصل لدى الأطفال كثيراً التظاهر بالمرض عند الذهاب إلى المدرسة.
والذي يدفع الطفل لممارسة الكذب الادعائي أمران:
الأول: المفاخرة والمسايرة لزملائه الذين يحدثونه عن آبائهم أو مساكنهم أو لعبهم.
والثاني: استدرار العطف من الوالدين، ويكثر هذا اللون عند من يشعرون بالتفرقة بينهم وبين إخوانهم أو أخواتهم.
وينبغي للوالدين هنا تفهم الأسباب المؤدية إليه وعلاجها، والتركيز على تلبية الحاجات التي فقدها الطفل فألجأته إلى ممارسة هذا النوع من الكذب، دون التركيز على الكذب نفسه.

4- الكذب الغرضي:
يلجأ إليه الطفل حين يشعر بوقوف الأبوين حائلاً دون تحقيق أهدافه، فقد يطلب نقوداً لغرض غير الغرض الذي يريد.
ومن أمثلة ذلك أن يرغب الطفل بشراء لعبة من اللعب ويرى أن والده لن يوافق على ذلك، فيدعي أن المدرسة طلبت منهم مبلغا من المال فيأخذه من والديه لشراء هذه اللعبة.

5- الكذب الانتقامي:
غالباً ينشأ عند التفريق وعدم العدل بين الأولاد، سواء في المنزل أو في المدرسة، فقد يعمد الطفل إلى تخريب أو إتلاف ثم يتهم أخاه أو زميله، والغالب أن الاتهام هنا يوجه لأولئك الذين يحضون بتقدير واهتمام زائد أكثر من غيرهم.
6- الكذب الوقائي:
يلجأ إليه الطفل نتيجة الخوف من عقاب يخشى أن يقع عليه، سواء أكان العقاب من الوالدين أو من المعلم، وهذا النوع يحدث في مدارس البنين أكثر منه في مدارس البنات.
وهو يحصل غالبا في البيئات التي تتسم بالقسوة في التربية وتكثر من العقوبة.

7- كذب التقليد:
قد يرى الابن أو البنت أحد الوالدين يمارس الكذب على الآخرين فيقلدهم في ذلك، ويصل الأمر في مثل هذه الأحوال إلى أن يمارس الطفل الكذب لغير حاجة بل تقليداً للوالدين.
8- الكذب المرضي أو المزمن:
وهو الكذب الذي يتأصل لدى الطفل، ويصبح عادة مزمنة عنده، ويتسم هؤلاء بالمهارة غالبا في ممارسة الكذب حتى يصعب أنه اكتشاف صدقهم من كذبهم.
أي هذه الأنواع أكثر رواجا؟
دلت أغلب الدراسات التي أجريت على كذب الأطفال أن أكثر هذه الأسباب شيوعا الكذب الوقائي ويمثل 70%. و10% كذب التباسي و20% يعود إلى الغش والخداع والكراهية.
العلاج
الكذب سلوك مكتسب فهو لا ينشأ مع الإنسان إنما يتعلمه ويكتسبه، ومن هنا كان لابد للوالدين من الاعتناء بتربية أولادهم على الصدق، والجد في علاج حالت الكذب التي تنشأ لدى أطفالهم حتى لا تكبر معهم فتصبح جزءاً من سلوكهم يصعب عليهم التخلي عنه أو تركه.
ومن الوسائل المهمة في علاج الكذب لدى الأطفال:
أولاً:
تفهم الأسباب المؤدية للكذب لدى الطفل، وتصنيف الكذب الذي يمارسه، فالتعامل مع الكذب الخيالي والالتباسي يختلف عن التعامل مع الكذب الانتقامي والغرضي أو المرضي المزمن.
ثانياً:
مراعاة سن الطفل، ويتأكد هذا في الكذب التخيلي والالتباسي ، فالطفل في السن المبكرة لا يفرق بين الحقيقة والخيال كما سبق.
ثالثاً:
تلبية حاجات الطفل سواء أكانت جسدية أم نفسية أم اجتماعية، فكثير من مواقف الكذب تنشأ نتيجة فقده لهذه الحاجات وعدم تلبيتها له.
رابعاً:
المرونة والتسامح مع الأطفال، وبناء العلاقة الودية معهم، فإنها تهيء لهم الاطمئنان النفسي، بينما تولد لديهم الأساليب القاسية الاضطراب والخوف، فيسعون للتخلص من العقوبة أو للانتقام أو استدرار العطف الذي يفتقدونه.
خامساً:
البعد عن عقوبة الطفل حين يصدق، والحرص على العفو عن عقوبته أو تخفيفها حتى يعتاد الصدق، وحين يعاقب إذا قال الحقيقة فهذا سيدعوه إلى ممارسة الكذب مستقبلا للتخلص من العقوبة.
سادساً:
البعد عن استحسان الكذب لدى الطفل أو الضحك من ذلك، فقد يبدو في أحد مواقف الطفل التي يكذب فيها ما يثير إعجاب الوالدين أو ضحكهما، فيعزز هذا الاستحسان لدى الطفل الاتجاه نحو الكذب ليحظى بإعجاب الآخرين.
سابعا:
تنفير الطفل من الكذب وتعريفه بشؤمه ومساويه، ومن ذلك ما جاء في كتاب الله من لعن الكذابين، وما ثبت في السنة أنه من صفات المنافقين، وأنه يدعو إلى الفجور...إلخ.
ثامنا:
تنبيه الكفل حينما يكذب، والحزم معه حين يقتضي الموقف الحزم –مع مراعاة دافع الكذب ونوعه- وقد يصل الأمر إلى العقوبة؛ فإنه إذا استحكم الكذب لديه صعب تخليصه منه مستقبلا، وصار ملازما له.
تاسعاً:
القدوة الصالحة؛ بأن يتجنب الوالدان الكذب أمام الطفل أو أمره بذلك، كما يحصل من بعض الوالدين حين يأمره بالاعتذار بأعذار غير صادقة لمن يطرق الباب أو يتصل بالهاتف.
ومما يتأكد في ذلك تجنب الكذب على الطفل نفسه، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك؛ فعن عبد الله بن عامر رضي الله عنه أنه قال: دعتني أمي يوما ورسول الله صلى الله عليه وسلم قاعد في بيتنا، فقالت: ها تعال أعطيك، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم:" وما أردت أن تعطيه؟" قالت: أعطيه تمرا، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم:" أما إنك لو لم تعطه شيئا كتبت عليك كذبة" رواه أحمد وأبو داوود.
عاشرا:
الالتزام بالوفاء لما يوعد به الطفل، فالطفل لا يفرق بين الخبر والإنشاء، وقد لا يقدر عذر الوالدين في عدم وفائهما بما وعداه به ويعد ذلك كذبا منهما.
عن أبي الأحوص عن عبد الله رضي الله عنه قال:"إياكم والروايا روايا الكذب فإن الكذب لا يصلح بالجد والهزل. ولا يعد أحدكم صبيه ثم لا ينجز له".



عمروعبده 10-08-2010 02:02 PM

آداب معلم القرآن ومتعلمه

أول ما ينبغي للمقرئ والقارئ أن يقصدا بذلك رضا الله تعالى قال الله تعالى ( وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة وذلك دين القيمة ) أي الملة المستقيمة . وفي الصحيحين عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل إمرئ ما نوى "
يقول الأستاذ أبي القاسم القشيري رحمه الله تعالى الإخلاص إفراد الحق في الطاعة بالقصد وهو أن يريد بطاعته التقرب إلى الله تعالى دون شئ آخر من تصنع لمخلوق أو اكتساب محمدة عند الناس أو محبة أو مدح من الخلق أو معنى من المعاني سوى التقرب إلى الله تعالى ، قال ويصح أن يقال الإخلاص تصفية الفعل عن ملاحظة المخلوقين .
يقول حذيفة المرعشي رحمه الله تعالى الإخلاص استواء أفعال العبد في الظاهر والباطن .
وعن ذي النون رحمه الله تعالى قال ثلاث من علامات الإخلاص استواء المدح والذم من العامة ونسيان رؤية العمل في الأعمال واقتضاء ثواب الأعمال في الآخرة .
وعن الفضيل بن عياض رضي الله عنه قال ترك العمل لأجل الناس رياء والعمل لأجل الناس شرك والإخلاص أن يعافيك الله منهما وعن السري رضي الله عنه قال لا تعمل للناس شيئا ولا تترك لهم شيئا ولا تغط لهم شيئا ولا تكشف لهم شيئا .

ثانياً وينبغي أن لا يقصد به توصلا إلى غرض من أغراض الدنيا من مال أو رياسة أو وجاهة أو ارتفاع على أقرانه أو ثناء عند الناس أو صرف وجوه الناس إليه أو نحو ذلك ولا يشوب المقرئ إقراءه بطمع في رفق يحصل له من بعض من يقرأ عليه سواء كان الرفق مالاً أو خدمة وإن قل ولو كان على صورة الهدية التي لولا قراءته عليه لما أهداها إليه ، قال تعالى ( من كان يريد حرث الآخرة نزد له في حرثه ومن كان يريد حرث الدنيا نؤته منها وما له في الآخرة من نصيب ) وقال الله تعالى ( من كان يريد العاجلة عجلنا له فيها ما نشاء لمن نريد ) الآية
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " من تعلم علما يبتغي به وجه الله تعالى لا يتعلمه إلا ليصيب به غرضاً من الدنيا لم يجد عرف الجنة يوم القيامة " رواه أبو داود وعن أنس وحذيفة وكعب بن مالك رضي الله عنهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " من طلب العلم ليماري به السفهاء أو يكاثر به العلماء أو يصرف به وجوه الناس إليه فليتبوأ مقعده من النار" رواه الترمذي

ثالثاً وليحذر ثم الحذر من قصده التكثر بكثرة المشتغلين عليه والمختلفين إليه وليحذر من كراهته قراءة أصحابه على غيره ممن ينتفع به وهذه مصيبة يبتلى بها بعض المعلمين الجاهلين وهي دلالة بينة من صاحبها على سوء وفساد طويته بل هي حجة قاطعة على عدم إرادته بتعليمه وجه الله تعالى الكريم فإنه لو أراد الله بتعليمه لما كره ذلك بل قال لنفسه أنا أردت الطاعة بتعليمه وقد قصد بقراءته على غيري زيادة علم فلا عتب عليه .
عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال يا حملة القرآن أو قال يا حملة العلم اعملوا به فإنما العلم من عمل بما علم ووافق علمه عمله وسيكون أقوام يحملون العلم لا يجاوز تراقيهم ، يخالف عملهم علمهم وتخالف سريرتهم علانيتهم يجلسون حلقاً يباهي بعضهم بعضاً ، حتى أن الرجل ليغضب على جليسه أن يجلس إلى غيره ويدعه أولئك لا تصعد أعمالهم في مجالسهم تلك إلى الله تعالى .
وقد صح عن الإمام الشافعي رضي الله عنه أنه قال وددت أن الخلق تعلموا هذا العلم يعني علمه وكتبه أن لا ينسب إلي حرف منه

وينبغي للمعلم أن يتخلق بالمحاسن التي ورد الشرع بها والخصال الحميدة والشيم المرضية التي أرشده الله إليها من الزهادة في الدنيا والتقلل منها وعدم المبالاة بها وبأهلها والسخاء والجود ومكارم الأخلاق وطلاقة الوجه من غير خروج إلى حد الخلاعة والحلم والصبر والتنزه عن دنيء المكاسب وملازمة الورع والخشوع والسكينة والوقار والتواضع والخضوع واجتناب الضحك والإكثار من المزاح وملازمة الوظائف الشرعية كالتنظيف وتقليم بإزالة الأوساخ والشعور التي ورد الشرع بإزالتها كقص الشارب وتقليم الظفر وتسريح اللحية وإزالة الروائح الكريهة والملابس المكروهة وليحذر ثم الحذر من الحسد والرياء والعجب واحتقار غيره وإن كان دونه ، وينبغي أن يستعمل الأحاديث الواردة في التسبيح والتهليل ونحوهما من الأذكار والدعوات ، وأن يراقب الله تعالى في سره وعلانيته ويحافظ على ذلك .
وينبغي له أن يرفق بمن يقرأ عليه وأن يرحب به ويحسن إليه بحسب حاله .
عن أبي هرون العبدي قال كنا نأتي أبا سعيد الخدري رضي الله عنه فيقول مرحباً بوصية رسول الله صلى الله عليه وسلم ، إن النبي صلى الله عليه وسلم قال " إن الناس لكم تبع وإن رجالاً يأتونكم من أقطار الأرض يتفقهون في الدين فإذا أتوكم فاستوصوا بهم خيراً " رواه الترمذي وابن ماجه وغيرهما
وينبغي أن يبذل لهم النصيحة فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " الدين النصيحة لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم " رواه مسلم
ومن النصيحة لله تعالى ولكتابه إكرام قارئه وطالبه وإرشاده إلى مصلحته والرفق به ومساعدته على طلبه بما أمكن وتأليف قلب الطالب وأن يكون سمحاً بتعليمه في رفق متلطفاً به ومحرضاً له على التعلم وينبغي أن يذكره فضيلة ذلك ليكون سبباً في نشاطه وزيادة في رغبته ويزهده في الدنيا ويصرفه عن الركون إليها والاغترار بها ويذكره فضيلة الاشتغال بالقرآن وسائر العلوم الشرعية وهو طريق الحاضرين العارفين وعباد الله الصالحين وأن ذلك رتبة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ، وينبغي أن يشفق على الطالب ويعتني بمصالحه كاعتنائه بمصالح ولده ومصالح نفسه ويجري المتعلم مجرى ولده في الشفقة عليه والصبر على جفائه وسوء أدبه ويعذره في قلة أدبه في بعض الأحيان فإن الإنسان معرض للنقائص لا سيما إن كان صغير السن ، وينبغي أن يحب له ما يحب لنفسه من الخير وأن يكره له ما يكره لنفسه .
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال أكرم الناس علي جليسي الذي يتخطى الناس حتى يجلس إلي لو استطعت أن لا يقع الذباب على وجهه لفعلت ، وفي رواية إن الذباب ليقع عليه فيؤذيني .
وينبغي للمعلم أن لا يتعاظم على المتعلمين بل يلين لهم ويتواضع معهم ، فقد جاء في التواضع لآحاد الناس أشياء كثيرة معروفة فكيف بهؤلاء الذين هم بمنزلة أولاده مع ما هم عليه من الاشتغال بالقرآن مع ما لهم عليه من حق الصحبة وترددهم إليه ، وقد جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال " لينوا لمن تعلمون ولمن تتعلمون منه " وعن أبي أيوب السختياني رحمه الله قال ينبغي للعالم أن يضع التراب على رأسه تواضعاً لله عز وجل .

وينبغي أن يؤدب المتعلم على التدريج بالآداب السنية والشيم المرضية ورياضة نفسه بالدقائق الخفية ويعوده الصيانة في جميع أموره الباطنة والجلية ويحرضه بأقواله وأفعاله المتكررات على الإخلاص والصدق وحسن النيات ومراقبة الله تعالى في جميع اللحظات ويعرفه أن عليه أنوار المعارف وينشرح صدره ويتفجر من قلبه ينابيع الحكم واللطائف ويبارك له في علمه وحاله ويوفق في أفعاله وأقواله .
ويستحب للمعلم أن يكون حريصا على تعليمهم مؤثرا ذلك على مصالح نفسه الدنيوية التي ليست بضرورية وأن يفرغ قلبه في حال جلوسه لإقرائهم من الأسباب الشاغلة كلها وهي كثيرة معروفة ، وأن يكون حريصاً على تفهيمهم وأن يعطي كل إنسان منهم ما يليق به فلا يكثر على من لا يحتمل الإكثار ولا يقصر لمن يحتمل الزيادة ويأخذهم بإعادة محفوظاتهم ويثني على من ظهرت نجابته ما لم يخش عليه فتنة بإعجاب أو غيره ، ومن قصر ***ه تعنيفا لطيفاً ما لم يخش عليه تنفيره ، ولا يحسد أحداً منه لبراعة يجدها منه ولا يستكثر فيه ما أنعم الله به عليه فإن الحسد للأجانب حرام شديد التحريم فكيف للمتعلم الذي هو بمنزلة الولد .
ويقدم في تعليمهم إذا أزدحموا الأول فالأول فإن رضي الأول بتقديم غيره قدمه ، وينبغي أن يظهر لهم البشر وطلاقة الوجه ويتفقد أحوالهم ويسأل عمن غاب منهم .
قال العلماء رضي الله عنهم ولا يمتنع من تعليم أحد لكونه غير صحيح النية ، فقد قال سفيان وغيره طلبهم للعلم نية وقالوا طلبنا العلم لغير الله فأبى أن يكون إلا لله معناه كانت غايته أن صار لله تعالى .
ومن آدابه المتأكدة وما يعتني به أن يصون يديه في حال الإقراء عن العبث وعينيه عن تفريق نظرهما من غير حاجة ويقعد على طهارة مستقبل القبلة ويجلس بوقار وتكون ثيابه بيضاء نظيفة ، وإذا وصل إلى موضع جلوسه صلى ركعتين ، ويجلس متربعاً إن شاء أو غير متربع .
ومن آدابه المتأكدة وما يعتني بحفظه أن لا يذل العلم فيذهب إلى مكان ينسب إلى من يتعلم منه ليتعلم منه فيه وإن كان المتعلم خليفة فمن دونه بل يصون العلم عن ذلك كما صانه عنه السلف رضي الله عنهم .
وينبغي أن يكون مجلسه واسعاً .

جميع ما ذكرناه من آداب المعلم في نفسه آداب للمتعلم ، ومن آدابه أن يجتنب الأسباب الشاغلة عن التحصيل إلا سبباً لا بد منه للحاجة ، وينبغي أن يطهر قلبه من الأدناس ليصلح لقبول القرآن وحفظه واستثماره ، فقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال "ألا إن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب " وقد أحسن القائل بقوله يطيب القلب للعلم كما تطيب الأرض للزراعة .
وينبغي للمتعلم أن يتواضع لمعلمه ويتأدب معه وإن كان أصغر منه سناً وأقل شهرة ونسباً وصلاحاً وغير ذلك ، ويتواضع للعلم فبتواضعه يدركه ، وينبغي أن ينقاد لمعلمه ويشاوره في أموره ويقبل قوله .
ولا يتعلم إلا ممن تكملت أهليته وظهرت ديانته وتحققت معرفته واشتهرت صيانته ، فقد قال محمد بن سيرين ومالك بن أنس وغيرهما من السلف هذا العلم دين فانظروا عمن تأخذون دينكم ، وعليه أن ينظر معلمه بعين الاحترام ويعتقد كمال أهليته ورجحانه على طبقته فإنه أقرب إلى انتفاعه به ، وكان بعض المتقدمين إذا ذهب إلى معلمه تصدق بشيء وقال اللهم استر عيب معلمي عني ولا تذهب بركة علمه مني .
وقال الربيع صاحب الشافعي رحمهما الله ما اجترأت أن أشرب الماء والشافعي ينظر إلي هيبة له ، وعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال من حق المعلم عليك أن تسلم على الناس عامة وتخصه دونهم بتحية وأن تجلس أمامه ولا تشيرن عنده بيدك ولا تغمزن بعينيك ولا تقولن قال فلان خلاف ما تقول ولا تغتابن عنده أحداً ولا تشاور جليسك في مجلسه ولا تأخذ بثوبه إذا قام ولا تلح عليه إذا كسل ولا تعرض أي تشبع من طول .
وينبغي أن يتأدب بهذه الخصال التي أرشد إليها علي رضي الله عنه وأن يرد غيبة شيخه إن قدر فإن تعذر عليه ردها فارق ذلك المجلس .
ويدخل على الشيخ كامل الخصال متصفاً بما ذكرناه في المعلم متطهراً مستعملاً للسواك فارغ القلب من الأمور الشاغلة ، وأن لا يدخل بغير استئذان إذا كان الشيخ في مكان يحتاج فيه إلى استئذان ، وأن يسلم على الحاضرين إذا دخل ويخصه دونهم بالتحية وأن يسلم عليه وعليهم إذا انصرف ، ولا يتخطى رقاب الناس بل يجلس حيث وصل به المجلس إلا أن يأذن له الشيخ في التقدم أو يعلم من حالهم إيثار ذلك ولا يقيم أحداً في موضعه ، فإن آثره غيره لم يقبل إلا أن يكون في تقديمه مصلحة للحاضرين أو أمره الشيخ بذلك ، ولا يجلس في وسط الحلقة إلا لضرورة ولا يجلس بين صاحبين بغير إذنهما وإن فسحا له قعد وضم نفسه .
وينبغي أيضا أن يتأدب مع رفقته وحاضري مجلس الشيخ فإن ذلك تأدب مع الشيخ وصيانة لمجلسه ويقعد بين يدي الشيخ قعدة المتعلمين لا قعدة المعلمين ولا يرفع صوته رفعاً بليغا من غير حاجة ولا يضحك ولا يكثر الكلام من غير حاجة ولا يعبث بيده ولا بغيرها ولا يلتفت يميناً ولا شمالاً من غير حاجة بل يكون متوجهاً إلى الشيخ مصغياً إلى كلامه .
ومما يتأكد الاعتناء به أن لا يقرأ على الشيخ في حال شغل قلب الشيخ وملله وروعه وغمه وفرحه وعطشه ونعاسه وقلقه ونحو ذلك مما يشق عليه من كمال حضور القلب والنشاط ، وأن يغتنم أوقات نشاطه ، ومن آدابه أن يتحمل جفوة الشيخ وسوء خلقه ولا يصده ذلك عن ملازمته واعتقاد كماله ويتأول لأفعاله وأقواله التي ظاهرها الفساد تأويلات صحيحة ، فما يعجز عن ذلك إلا قليل التوفيق أو عديمه ، وإن جفاه الشيخ ابتدأ هو بالإعتذار إلى الشيخ وأظهر أن الذنب له والعتب عليه فذلك أنفع له في الدنيا والآخرة وأنقى لقلب الشيخ ، وقد قالوا من لم يصبر على ذل التعليم بقي عمره في عماية الجهالة ومن صبر عليه آل أمره إلى عز الآخرة والدنيا .
ومن آدابه المتأكدة أن يكون حريصاً على التعلم مواظباً عليه في جميع الأوقات التي يتمكن منه فيها ولا يقنع بالقليل مع تمكنه من الكثير ولا يحمل نفسه ما لا يطيق مخافة من الملل وضياع ما حصل وهذا يختلف باختلاف الناس والأحوال ، وإذا جاء إلى مجلس الشيخ فلم يجده انتظر ولازم بابه ولا يفوت وظيفته إلا أن يخاف كراهة الشيخ لذلك بأن يعلم من حاله الإقراء في وقت بعينه وأنه لا يقرئ في غيره ، وإذا وجد الشيخ نائماً أو مشتغلاً بمهم لم يستأذن عليه بل يصبر إلى استيقاظه أو فراغه أو ينصرف والصبر أولى كما كان ابن عباس رضي الله عنهما وغيره يفعلون ، وينبغي أن يأخذ نفسه بالاجتهاد في التحصيل في وقت الفراغ والنشاط وقوة البدن ونباهة الخاطر وقلة الشاغلات قبل عوارض البطالة وارتفاع المنزلة .
وهذا معنى قول الإمام الشافعي رضي الله عنه تفقه قبل أن ترأس فإذا رأست فلا سبيل إلى التفقه .
وينبغي أن يبكر بقراءته على الشيخ أول النهار لحديث النبي صلى الله عليه وسلم " اللهم بارك لأمتي في بكورها " ، وينبغي أن يحافظ على قراءة محفوظه ، وينبغي أن لا يؤثر بنوبته غيره بخلاف الإيثار بحظوظ النفس فإنه محبوب ، فإن رأى الشيخ المصلحة في الإيثار في بعض الأوقات لمعنى شرعي فأشار عليه بذلك أمتثل أمره ، ومما يجب عليه ويتأكد الوصية به ألا يحسد أحداً من رفقته أو غيرهم على فضيلة رزقه الله إياها وأن لا يعجب بنفسه بما خصه الله ، وهناك طريقه في نفي العجب أن يذكر نفسه أنه لم يحصل ما حصله بحوله وقوته وإنما هو فضل من الله ، ولا ينبغي أن يعجب بشيء لم يخترعه بل أودعه الله تعالى فيه وطريقه في نفي الحسد أن يعلم أن حكمة الله تعالى اقتضت جعل هذه الفضيلة في هذا فينبغي أن لا يعترض عليها ولا يكره حكمة أرادها الله تعالى .

عمروعبده 10-08-2010 02:03 PM

تجـارب دعـويـة

تجربتي في السوق!!!
سأروي لكم تجربتي في السوق:
(دخلته ومعي زوجتي وطفلاي ، ومعي كيس مليئ بالأشرطة (شريط لا تحزن لعائض القرني، وأبواب الخيرات لمحمد المنجد) وقام طفلاي بتوزيعهما على النساء المتبرجات خاصة.. فكانت النتائج والحمد لله تسرُّ الناظر!!!

إنها طريقة لا تعيق تبضعك في السوق، ولا تجعل الفسقة يقولون اشتغل فيما يعنيك، ولا أحدث امرأة ولا أناولها شريطًا؛ بل طفل صغير يسارع إليها ويقول (سَمِّي هذا هدية)!!!
هل يصعب على أحدكم مثل هذا الفعل؟؟؟؟؟؟؟؟

د.كيف
شبكة أنا المسلم

تجربتي على الشاطئ !!!
ذهبت يوما من الأيام مع أهلي إلى شاطئ البحر ومعنا ابننا الصغير الذي يبلغ من العمر 6 سنوات ، فبحثت عن مكان بعيدا عن الضجة والصخب ، وكان ذلك في المساء ، وبينما ألاعب طفلي وأداعبه ، فإذا برجل يأتي بزوجته إلى الشاطئ فيفرش لها فرشة صغيرة ويجلسها قرب الشاطئ ، ثم يفتح لها شريط أغاني غربية صاخبة ، وكان من عادتي أن أحمل في سيارتي بعض الأشرطة للتوزيع بالذات عند علمي بالذهاب لأماكن معينة ، فبحثت عن شريط أبعث به إلى هذه المرأة بواسطة ابني فلم أجد غير شريط واحد وهو تلاوة لأحد المشايخ الكرام فلقد انتهت الأشرطة ولم انتبه لذلك ، فاقترحت على زوجتي أن تضع بعض حبات الرطب في صحن وتكتب رسالة لينة فيها نصيحة لتلك المرأة وزوجها ، ففعلت ، ثم قمت بتغليف ذلك الطبق وأرساله مع الشريط والرسالة لتلك المرأة عن طريق ابني الصغير ......
وما هي إلا لحظات إخواني فإذا بتلك المرأة تغلق شريط الأغاني وتضع شريط القرآن الذي قمنا بإرساله لها , وما أن ينتهي الشريط حتى تقوم بإعادته تلقائيا حتى قمنا وانصرفنا من ذلك المكان ...
ومن هنا إخواني يتضح لنا أنا قادرون على الدعوة إلى الله بأي طريقة ....وفي أي مكان ولسنا معذورون بأي سبب فكلنا قادرون ومكلفون وإن تعددت الأساليب والطرق بل وعلينا أن ننشأ أبنائنا على هذا العمل العظيم ونزرعه في قلوبهم حتى نحقق قول ربنا عز وجل :
< ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون >

غربة السنة
شبكة أنا المسلم

عمروعبده 10-08-2010 02:04 PM

تنمية الثقافة الدينية للطفل

يولد الأطفال وهم كالصفحة البيضاء ، لا يكدر صفاء فكرهم ونقاء اتجاهاتهم شيء ، يحملون جميع معاني الطهر والبراءة ، ويتحمل الآباء والمربون مسؤولية ملء هذه الصفحة بالأفكار السليمة التي تؤهل هؤلاء الأطفال ليكونوا شبابا ذوي إنتاجية فعالة في المجتمع ، وسببا من أسباب تقدمه ورُقيّه ، وتعتبر الثقافة الدينية من أهم ما يتوجب على الآباء والمربين غرسه في نفس الطفل ، لأنها أساس الثقافة ومنبع السلوك القويم .

ما هي الثقافة الدينية المطلوبة ؟
نقصد بالثقافة الدينية للطفل ، غرس مبادئ العقيدة الصحيحة ، ورفع المعاني الإيمانية ، وتبصير الطفل بنعم الله تعالى ، وعجائب قدرته ، وإبداعه في خلقه ، واتصافه بصفات الكمال .
كما تشمل تعليم الطفل مبادئ الأحكام الفقهية ، وتبصيره بالحسن والقبيح من الأعمال والأخلاق ، وتنوير فكره بسيرة الرسول – صلى الله عليه وسلم – وسير الأئمة والصالحين ، بما يتناسب مع مداركه العقلية ، واستعداداته الفكرية .
بالإضافة إلى توعيته بما يدور حوله ، وما يحيط بالمسلمين من أخطار ، ومآس ، وتبصيره بكيد أعداء المسلمين ، وحقدهم على المسلمين ، فاليهود والمجوس وغيرُهم ، لا يألون جهدا في تلقين أطفالهم ، الحقدَ على الإسلام والمسلمين ، وغرس مبادئ أديانهم الضالة في نفوسهم ، فلماذا ينشأ الطفل المسلم في واد وواقع أمته في واد آخر ؟ .
ولا يعني ذلك إبعادُه عن العلوم الدنيوية الضرورية لخدمة المجتمع والأمة ، فإن ذلك من صلب الثقافة الدينية ، ومطلب من مطالب الشريعة .

أهمية غرس الثقافة الدينية في مرحلة الطفولة :
أولا : مرحلةُ الطفولة مرحلة صفاء وخلو فكر ، فتوجيه الطفل للناحية الدينية يجد فراغاً في قلبه ، ومكانا في فكره ، وقبولا من عقله .
ثانيا : مرحلة الطفولة مرحلة تتوقد فيها ملكات الحفظ والذكاء ، ولعل ذلك بسبب قلة الهموم ، والأشغال التي تشغل القلب في المراحل الأخرى ، فوجب استغلال هذه الملكات وتوجيهها الوجهة الصحيحة .
ثالثا : مرحلة الطفولة مرحلةُ طهر وبراءة ، لم يتلبس الطفل فيها بأفكار هدامة ، ولم تلوث عقلَه الميولُ الفكرية الفاسدة ، التي تصده عن الاهتمام بالناحية الدينية ، بخلاف لو بدأ التوجيه في مراحل متأخرة قليلا ، تكون قد تشكلت لديه أفكار تحول دون تقبله لما تمليه الثقافة الدينية .
رابعا : أصبح العالَم في ظل العولمة الحديثة ، كالقرية الصغيرة ، والفردُ المسلم تتناوشه الأفكار المتضادة والمختلفة من كل ناحية ، والتي قد تصده عن دينية ، أو تشوش عليه عقيدته ، فوجب تسليح المسلمين بالثقافة الدينية ، ليكونون على بصيرة من أمرهم ، ويواجهون هذه الأفكار ، بعقول واعية .
خامسا : غرس الثقافة الدينية في هذه المرحلة يؤثر تأثيرا بالغا في تقويم سلوكه وحسن استقامته في المستقبل ، فينشأ نشأة سليمة ، باراً بوالديه ، وعضواً فعالا في المجتمع .
سادسا : الأبناء رعية استرعاهم الله آباءَهم ، ومربييهم وأسرهم ، ومجتمعهم ، وهؤلاء جميعا ، مسئولون عن هذه الرعية ، ومحاسَبون على التفريط فيها ، كما أنهم مأجورون إن هم أحسنوا وأتقنوا .
المؤثرات التي تؤثر على الاتجاهات الثقافية للطفل:
تتأثر الميول الثقافية للطفل بعوامل عدة داخلية وخارجية من أهمها :
(1) الميول الثقافية للوالدين ، فإن ميول الطفل الثقافية تكون تبعاً لميول والديه غالبا ، فإذا اعتنى الوالدان بثقافتهم الدينية ، وجعلا لها جزءا من وقتهما وجهدهما ، فإن ذلك سينعكس بلا شك على اهتمام الطفل بهذه الناحية ، أما إذا كان الوالدان لا يهتمان إلا بالعلوم الدنيوية البحتة ، وتدبير أمور الشهوات والمصالح العاجلة ، وكان حديثهم ليل نهار يدور حول أنواع السيارات والهواتف ، والعمارات والمنشآت ، والقيل والقال ، أو كان اهتمامهما بالأمور التافهة أو المحرمة - والعياذ بالله - ويعيشان في غفلة عن علوم الآخرة ، كما قال تعالى : { يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا وهم عن الآخرة هم غافلون } ، فإن ذلك سيؤثر سلبا على ميل أبناءهما للناحية الدينية ، فكم من أطفال تعلموا الرذائل وقبائح الأخلاق ، رأوها من والديهم في مرحلة الطفولة – ظناً من أولئك الآباء أن الطفل لا يعي مثل هذه الأمور في هذه المرحلة .
(2) إثارة الخلافات العائلية والمشاكل الأسرية أمام الأبناء ، فهذا يعكر صفاء تفكيرهم ، ويشوش صفاء أذهانهم ، وتشتت اهتماماتهم الثقافية ، فيجب إبعاد الطفل عن مثل هذه الأجواء ، بحيث ينفرد الوالدان في مكان خاص لحل المشاكل التي قد تحدث بينهما .
(3) الإعلام ، وبرامج التلفزة المختلفة ، تزرع في نفس الطفل اتجاهات فكرية متعددة ، فيجب إبعاد الطفل عن البرامج التي تشوش فكره الديني ، وتعكر صفاء عقيدته ، وتغرس فيه نواح فكرية مضادة للسلوك الإسلامي القويم بطريق مباشر أو غير مباشر .
(4) الأصدقاء والأصحاب ، حيث يتأثر الطفل باتجاهاتهم الفكرية تأثرا بالغا ، فيجب اختيار القرين العالي الهمة ، وإبعاد الطفل عن مصاحبة ذوي الاهتمامات التافهة ، ومن هنا تأتي أهمية اختيار الجيران الذين يرتضي الإنسان العيش بقربهم ، ويرتضي لأولاده مخالطة أترابهم من تلك الأسر .
(5) الاهتمامات الفكرية السابقة لأوانها ، فينبغي عدم التحدث عن الأمور العاطفية أو الجنسية ، أو قضايا الشباب والمراهقين ، حتى لا تتولد لديه أفكار لم يحن أوانها ، تبعده عن الاهتمام بالثقافة الدينية المطلوبة .
(6) الاهتمام باللهو والغناء ، فلا بد من إبعاد الطفل عن الاستماع للأغاني وآلات اللهو ، التي تورث فيه الميوعة ، وتغرس فيه بذور العشق والغرام ، وتصده عن ذكر الله ، قال تعالى : { ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله } .
وسائل تنمية الثقافة الدينية للأبناء
هناك العديد من الأساليب والوسائل لتوصيل المعلومة الدينية للطفل ، والسمو بمستواه الثقافي في هذا الجانب ، ومن أهمها :
أولا : التلقين المباشر ، ويتمثل في تلقين الطفل ، وتحفيظه سور القرآن الكريم ، إما عن طريق استماع الطفل لترديد الوالدين سور القرآن الكريم ، أو ترديد الطفل خلفهما ، أو الاستعانة بالوسائل الحديثة في ذلك ، كالأشرطة السمعية للقراء الصغار الذين تميل نفوس الأطفال لقراءتهم ، فالقرآن الكريم أو ما ينبغي أن يلقن الطفل ، لقوله – صلى الله عليه وسلم - : ( علموا أولادكم القرآن فإنه أول ما ينبغي أن يتعلم من علم الله هو) .
وقد أثبتت بعض الدراسات الحديثة أن الطفل يلتقط ويحفظ ما يردد عليه في مرحلة مبكرة جدا ، حتى وهو جنين في بطن أمه في أشهر الحمل المتأخرة ، وقد عمدت إحدى الأمهات إلى الاستماع للقرآن الكريم ليل نهار ، أثناء الأشهر المتأخرة من حملها ، فكانت النتيجة ، أن حفظ طفلُها القرآن الكريم في سن مبكرة جدا بفضل الله تعالى .
بالإضافة إلى تلقينه الشهادتين ، وبعض المعلومات العقدية المبسطة ، وتلقينه بعض أحاديث الرسول – صلى الله عليه وسلم – وبعض الآثار القصيرة التي أُثرت عن أهل العلم ، حتى ترسخ في ذهنه وتعلي همته وتهذب سلوكه في المستقبل .

ثانيا : إقامة مكتبة خاصة بالأطفال في المنزل تحتوي على ما يتناسب مع مداركهم وحاجتهم الثقافية ، ويراعى فيها الآتي :
الاهتمام بالناحية القصصية ، وذلك بأن تكون المكتبة محتوية على قصص من سيرة الرسول – صلى الله عليه وسلم – وسير الأئمة والصالحين ، لأن القصص سرعان ما تعلق في ذهن الطفل ، لتكون مواقف أولئك قدوة للطفل في سلوكه في المستقبل .
التنوع والتجديد : فالاهتمام بجانب واحد ، أو إهمال التجديد في المكتبة ، يؤدي إلى ملل الطفل ، وسأمه من القراءة ، فينبغي أن تحتوي المكتبة بالإضافة إلى الناحية القصصية ، كتيبات مبسطة تهتم بتهذيب الناحية الأخلاقية ، وتجدد من وقت لآخر ، حسب حاجة الطفل .
الألوان الجذابة : فلا بد من اختيار الألوان التي تشد انتباه الطفل ، وتثير اهتمامه ، حتى تنفتح نفسيته للقراءة ، وتعطيه انطباعا جيدا عن المكتبة ويحرص على وقتها .
التنظيم : فيوضع كل مجال في رف خاص به ، حتى لا يتشتت ذهن الطفل ، وتختلط عليه المفاهيم ، وليتعود على النظام في كل شيء .
لا بد من احتواء المكتبة على الأشرطة السمعية الخاصة بالأطفال ، كأناشيد الأطفال ( مثل أناشيد أركان الإيمان وأناشيد أركان الإسلام ، وسبح الطير ، وأناشيد حسان ، وأناشيد أروى ) ، وأشرطة القرآن بأصوات القراء المحببة للطفل ، وأشرطة القصص المبسطة ، بالإضافة إلى الأفلام الإسلامية الخاصة بالأطفال .
ينبغي أن تحتوي المكتبة على الوسائل الحديثة لتوصيل المعلومة ، كعلب الفك والتركيب ، وبطاقات المعلومات التي تحتوي على المعلومات الدينية الحديثة ، والمطويات ، وبطاقات الأسئلة المبسطة الخاصة بالأطفال .
تخصيص وقت خاص بالمكتبة ، ويكون اختياره حسب فراغ الطفل ، ووقت تقبله ، ولا يجبر على وقت لا يحب القراءة فيه ، ويتابع يوميا في ما قرأه ، ويناقش فيه ، ليشجع على المزيد والمواصلة .
ينبغي أن تكون المكتبة في غرفة مستقلة يتوفر فيها الهدوء ، والتنظيم ، والجو المناسب ، ووسائل الراحة .

ثالثا : إقامة المسابقات الدينية بين الطفل وإخوانه أو جيرانه ، ويمكن استخدام بطاقات الأسئلة والأجوبة في ذلك ، أو إشراك الطفل في المسابقات العامة ، أو المسابقات الثقافية التي تقيمها الأندية ، والمراكز الصيفية .
رابعا : تعليق لوائح وملصقات تحتوي على آيات قرآنية ، وأحاديث نبوية ، وأقوال مأثورة عن الأئمة والصالحين ، ومعلومات دينية أخرى ، حتى تعلق في ذهن الطفل لكثرة تردده عليها ، وتجدد من وقت لآخر .
خامسا : اصطحاب الطفل لزيارة مشايخ ، وطلبة العلم ، حتى يتعود على مجالسة أهل العلم ، ويتعلم من ثقافاتهم ، ويميل إلى سلوكهم ، ويتعلم حسن الاستماع ، وطرق السؤال والاستفتاء ، وتترسخ الجدية في قلبه ، واصطحابه إلى المساجد ، وحلقات العلم ، ليتعود الاستماع إلى القرآن الكريم والدروس العلمية .
سادسا : تذكير الطفل دائما بفضل العلم ، وعظم أجر العالم وطالب العلم ، ومكانتهم ، والإشادة بمواقف العلماء ، وعظم منزلتهم .
سابعا : التشجيع بنوعيه المادي والمعنوي ، كإطراء الطفل – بدون مبالغة – أمام إخوانه وزملائه ، والإشادة بما حققه في المجالات الثقافية ، وتشجيعه على المواصلة والاستمرار ، أو بالتشجيع المادي كأن يخصص لكل سورة أو حديث أو حكمة يحفظها ، جائزة مادية معينة مشجعة .
ثامنا : محاولة المربي اكتشاف نواحي الإبداع عند الطفل ، وتشجيعه على المحاولة ، وطرق أبواب المحاولة في مختلف الفنون الثقافية ، وتشجيعه على إبداعاته مهما كانت صغيرة.
محمد بن سعيد المسقري

عمروعبده 10-08-2010 02:06 PM

حلقات التحفيظ مشكلاتها ووسائل تطويرها

الحمد الله الذي هو للحمد أهل ، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد بن عبد الله عليه أفضل الصلاة والسلام وأزكى التسليم .
فهذه الورقات التي بين يديك أيها الأخ الكريم إنما هي ثمرة نقاش تم بين بعض معلمين الحلق لمعرفة بعض المشاكل التي تواجههم ووسائل حلها ، وتم نقلها ليتم الاستفادة منها لمن يهمه هذا الأمر ، سائلين المولى جل وعلا أن يوفق الجميع لما يحبه ويرضاه .

وقد تم تقسيم هذا الموضوع إلى ثلاثة عناصر وهي كما يلي :
1) أهداف حلقات القرآن الكريم .
2) مشكلات حلقات التحفيظ.
3) وسائل تطوير الحلق ورفع مستواها.

أولاً : أهداف حلقات القران الكريم
1. تعليم الطلاب القرآن الكريم تلاوة وتجويدا وتدبيرا ، والسعي إلى تحفيظهم له عن ظهر قلب .
2. غرس حب القرآن في نفوس الطلاب ،وتعريفهم بعظمته ،وتربيتهم على تعاليمه وآدابه .
3. حفظ أوقات الطلاب ، والعمل على صرفهم لها فيما يعود عليهم بالنفع ديناً ودنيا.
4. تزويد الطلاب بجملة من أحكام الإسلام وآدابه،وبخاصة مالا يسع المسلم جهله،والقيام بتعليمهم بعض جوانب الثقافة الإسلامية ،وشيئاً من سير الأنبياء والصحابة والعلماء ،وذلك حسب ما يتناسب مع أعمارهم وثقافتهم .
5. عمارة المساجد بتلاوة القرآن الكريم ،وتعليم العلم الشرعي ،وإحياء رسالة المسجد ، وإعادة بعض من مكانته ودوره.
6. تقويم ألسنة الطلاب ، والعمل على إجادتهم النطق السليم للغة العربية ،وإثرائهم بجملة وافرة من مفرداتها وأساليبها .
7. تخريج دفعات من الطلاب مؤهلة لتدريس القرآن الكريم ،وتولي إمامة المصلين في المساجد.
8. إثراء الأمة بجملة من العلماء وطلبة العلم ودلك أن القرآن الكريم هو اللبنة الأولى في طريق طلب العلم كما هو هدي السلف الصالح .

ثانياً : مشكلات حلقات التحفيظ
1.مشكلات خاصة بالمدرسين :
عدم وجود المساعدين الدائمين لمدرسي الحلقة .
الضعف الأصلي بشخصية المدرس .
عدم تفرغ المدرس للحلقة ذهنياً أو زمنياً .
عدم تحديد الأهداف ووضوحها في فكر المدرس .
عدم قيام بعض المدرسين بتثقيف أنفسهم و تطويرها.

2.مشكلات خاصة بالطلاب :
تكليف أولياء الأمور لهم بما يتعارض مع وقت الحلقة .
عدم استشعار الطالب لفضل القران.
عدم قدرة الطالب على القراءة.
إتيان الطالب للحلقة بلا هدف سواء أزجا الوقت .
عدم التوفيق بين الدراسة النظامية والحلقة .

3.مشكلات متعلقة ببيئة الحلقة :
كثرة الطلاب .
تفاوت أعمار الطلبة .
عدم مناسبة زمان ومكان الحلقة .
عدم توفر موارد مالية .
عدم توفر المدرس البديل عند غياب المدرس الأصلي.

ثالثاً : وسائل تطوير الحلق ورفع مستواها
أولاً: المعلمون :
1- ينبغي تشجيع المعلمين وشكرهم والدعاء لهم .
2- ربط المعلم دائما بأمر مهم ألا وهو الإخلاص لله وانتظار الأجر منه سبحانه وتعالى.
3- مخالطة معلم الحلقة والوقوف إلى جانبه في جميع الظروف.
4- يجب على الجهات المشرفة الاستماع إلى شكوى المعلمين من الواقع الذي يعيشون فيه ومحاولة توجيههم التوجيه المناسب .
5- ربط المعلم بمعلمين أكفاء سبق لهم المشاركة في الحلقات وذلك لتبادل الخبرات فيما بينهم .
6- يجب أن يقتنع المعلم أن الوقوع في الخطأ ليس عيباً ولكن العيب الاستمرار فبه .
7- عمل الدورات التثقيفية للمعلمين سواءً من الناحية الإدارية أو التربوية وتقوم بهذه المهمة الجهات المشرفة.
8- تشجيع المعلمين الذين سبق لهم المشاركة في الحلقات بالرجوع إليها ولو على سبيل الإشراف على حلقات الحي الذي يعيش فيه.
9- محاولة الاستفادة من خبرات الحلقات الأخرى في داخل المنطقة وخارجها .
10- بعد المعلم عن العواطف في إدارة الحلقة والانتصار لنفسه .
11- من المجرب أن يكون القائم على الحلقة اثنين على الأقل حتى يكون الرأي واضحاً.
12- يجب على المعلم أن يسعى دائما لتطوير نفسه وتثقيفها علميا وعمليا.
13- يجب على جمعيات تحفيظ القرآن زيادة مرتبات المعلمين ليتسنى لها انتقاء الأكفاء .

ثانياً: الطلاب :
1- التعرف على نفسية الطالب وبيئته كفيلة بإذن الله في معرفة ما ينفعه وتوجيهه الوجهة الصحيحة .
2- تواصل مدرس الحلقة مع المرشد الطلابي في المدرسة ليتكاتفا في توجيه الطالب لما يعود عليه بالخير.
3- أن يعود الطالب على الجدية في الحلقة.
4- فتح المجال للطالب لكي يتحدث مع معلمه فيما يجول في خاطرة .
5- تشجيع الطالب فيما يقوم به من أعمال ولو كانت يسيرة ولكن بحدود.
6- البعد بقدر المستطاع عن فصل أو طرد الطالب عن الحلقة حتى لا يكون سبب إزعاج في الحي .
7- عدم الاقتصار على تحفيظ القرآن فقط بل لابد من ربطه بواقع الطالب وذلك بتفسير بعض الآيات وتبين بعض الأحكام التي تهم الطالب وتوضح أخلاق حامل القرآن وأهمية التحلي بها .

ثالثاً: ولي الأمر:
1- تشجيع أولياء الأمور على ربط أولادهم بهذه الحلقات .
2- متابعة الابن والرفع لولي الأمر بكل ما يحدث لابنه(( إذا كان في ذلك مصلحه ))
3- الاستماع لملحوظات ولي الأمر بصدر رحب.
4- إشعار ولي الأمر بان ما تقوم به الحلقة هو بعد الله نتيجة لدعمهم المادي والمعنوي .
5- دعوة ولي الأمر لزيارة الحلقة في رحلاتها وزياراتها ((بحدود)).
6- البحث مع ولي الأمر في وضع ابنه ومحاولة حل مشكلاته.
7- تثقيف ولي الأمر ببعض الجوانب التربوية وذلك بإيصال بعض الكتب و الأشرطة إليه لتعينه على تفهم بعض القضايا التربوية في جانب تربية الأولاد ووضع بعض الدروس في مسجد الحي للتحدث عن هذا الجانب وتكون هذه الدروس باسم الحلقة.

رابعاً : الحلقة:
1- إيجاد المكان المهيأ.
2- إيجاد وسائل نافعة يستغل الطالب فيها وقته (مكتبه )(صالة للمذاكرة )(مكتبة صوتيه )
3- محاولة إقامة مكان ترفيهي مخصص للحلقة ويكون بجوار المسجد (ملعب) .
4- تقسيم الحلقة إلى حلق حتى تكون الفائدة أكبر وذلك مراعاة للفوارق الفردية بين الطلاب .
5- المتابعة في إقامة الرحلات والزيارات لتكون وسيله من وسائل بقاء الطالب في الحلقة.
6- الإكثار من الجوائز والحوافز قدر المستطاع .
7- البحث عن دخل ثابت للحلقة (وقف).
8- لابد من وضع من هو على قدر المسؤليه في الحلقات حتى لا تتكرر الأخطاء.
9- تبادل الزيارات مع الحلقات الأخرى ووضع المسابقات الثقافية والترفيهية فيما بينهم.
10- يجب أن يدرس جمع حلق الحي الواحد في مسجد واحد وذلك بشكل مدرس قرآنية في الحي وذلك لإشعال روح التنافس بين الطلاب .

وفي الختام نسأل المولى أن يبارك في جهود المخلصين ، وأن يوفق أولئك الرجال الذين نذروا أنفسهم لتعليم كتاب الله الكريم ، والحمد الله رب العالمين .

أخوكم أبو أمل

عمروعبده 10-08-2010 02:08 PM

خطوات التربية الإيجابية
د. مصطفى أبو سعد
‏إن استعمال المربي لاستراتيجيات التربية الإيجابية ولا سيما الأخيرتين والآن ! ثم لماذا ؟ تؤدي إلى تجاوب وتواصل وتفاعل بين المربي والأطفال..وتكتمل قوة هذه الخطوات باستراتيجية الإنصات الفعال..

إن الإنصات الفعال غير الاستماع، ويعني الاستماع باهتمام وبكل الجوارح ومن خلال ملامح الوجه ولغة الجسم والرسائل ا لإيجابية التي يبعثها المنصت الإيجابي للمتكلم ..
الإنصات الفعال يعني اهتماما بما يريد الطفل التعبير عنه.. وتعني اهتماما إيجابيا بالرسائل الخفية للطفل.. وهو طريق لتجاوز الحالات المتوترة بين الوالدين والأبناء.. وكلما مورس الإنصات الفعال كلما عرفت العلاقات الأسرية انحسارا وتقلصا للحالات المتشنجة..

إن مفتاح الإنصات الفعال يكمن في الرسائل غير اللفظية وفي الاتصال غير الشفوي الذي يرسله الأب لابنه.. من خلال الابتسامة ولغة الجسم وملامح الوجه ونبرات الصوت المعبرة عن الحنان والمحبة والود التي تنبعث بين الفينة والأخرى معبرة عن موافقتك وتفهمك لما يقوله الابن..

خمس خطوات للإنصات الفعال:
1- اربط علاقة تواصل بين عينيك وعيني ابنك وتفادى أن تشيح وجهك عن ابنك، فإن ذلك يوحي بقلة اهتمامك بما يقوله وقلة اعتبارك لشخصه..
2- اجعل ثمةعلاقة اتصال واحتكاك جسدي مباشر من خلال لمسة الحنان وتشابك الأيدي والعناق ووضع يدك على كتفيه.. فإن ذلك يوطد العلاقات المبنية على المحبة ويسهل لغة التواصل العاطفي وييسر التفاهم ويفتح لدى الطفل أجهزة الاستقبال للرسائل التربوية الصادرة من الوالدين..
3- علق على ما يقوله ابنك وبشكل سريع دون أن تسحب الكلام منه..مبديا تفهمك لما يقوله من خلال حركة الرأس أو الوشوشة الميمية بنعم أو ما شاء الله.. مما يوحي لابنك أنك تتابعه باهتمام فتزيد طمأنينته..
4- ابتسم باستمرار وأبد ملامح الاطمئنان لما يقوله، والانشراح بالإنصات له مع الحذر من تحسيس الطفل بأنك تتحمل كلامه على مضض أو أنه مضيع لوقتك ولا تنظر للساعة وكأنك تقول له لا وقت لدي لكلامك..
5- متى ما وضحت الفكرة وتفهمت الموقف عبِّر لابنك عن هذا وأعد باختصار وبتعبير أدق ما يود إيصاله لك.. لتعلم ابنك اختصار ما يريد قوله وفن التعبير عن مشاعره وأحاسيسه..والدقة في التعبير..وتقلل بهذا من احتمالات الملل بينكما..
إن الإنصات الفعال لا يكتمل إلا من خلال الاتصال غير اللفظي الذي يطمئن الابن ويعيد له توازنه النفسي..ويقضي بالتالي على مقاومة الطفل للرسائل التربوية الصادرة عن الآباء..
إن الأطفال عادة ما يعاندون ويبدون مقاومة لرغبات الوالدين..والطريق السليم لامتصاص هذه المقاومة هو تخصيص وقت للإنصات الفعال للطفل.. فكلما تحدث الابن ووجد قبولا واهتماما كلما ضعفت المقاومة السلبية لديه وقل عناده..
- خصص وقتاً للإنصات الفعال: إن الإنصات الفعال خطوة ضرورية في التربية الإيجابية لا غنى للمربي عنها..فكما أننا نخصص أوقاتا لشراء ما يحتاجه أبناؤنا، ووقتا للاهتمام بصحة أبدانهم ونظافتها فكذلك نحتاج تخصيص وقت للإنصات لهم مهما قل هذا الوقت..
إن خمس دقائق ينصت فيها الأب لابنه قد تجعله يتفادى تضييع ساعات طويلة في معالجة مشكلات ناجمة عن قلة التواصل أو مناقشة حالة توتر..
- خمس دقائق لا غير !!
خمس دقائق لا أهمية لها عند عامة الناس..وليس صعبا أن يخصصها الأب يوميا لابنه.. خمس دقائق كل يوم تنمي الحوافز الإيجابية لدى ابنك وتغرس لديه الدوافع التي تزود سلوك الإنسان بالعمل الصالح وملء الوقت بما ينفع دنيا وآخرة.. إن خمس دقائق مخصصة للطفل تعني تمتع الأب بوقت كبير لقضاياه الأخرى.
إن تخصيص خمس دقائق للطفل تعني أنك تود التواصل مع ابنك وتحاول فهمه وتفهم حاجاته ورغباته وأنك تشعر به.. وقبل هذا وذاك تعني أنك تتقن فن الأخذ والعطاء.. وتمهد قلوب الأبناء وبصيرتهم للإنصات الفعال.. وبمعنى أوضح أنك تقوي الذكاء الوجداني لديهم المعروف لدينا بالبصيرة..
أنصت لأبنائك ليحسنوا الإنصات لك..
- فن الاستماع : وصفة أخلاقية ومهارة ضرورية..
-المرجع: العادات السبع لأكثر الناس إنتاجية. ستيفن كوفي-.
في حياتنا، ومنذ صغرنا نتعلم كيف نتصل مع الناس الآخرين بالوسائل المتعددة، الحديث والكتابة والقراءة، ويتم التركيز على هذه المهارات في المناهج المدرسية بكثافة، لكن بقيت وسيلة اتصالية لم نعرها أي اهتمام، مع أنها من أهم الوسائل الاتصالية، ألا وهي الاستماع.

لا بد لكل إنسان أن يقضي معظم حياته في هذه الوسائل الاتصالية الأربع، الحديث، الكتابة، القراءة، والاستماع، لأن ظروف الحياة هي التي تفرض هذا الشيء عليه.

والاستماع يعد أهم وسيلة اتصالية، فحتى تفهم الناس من حولك لا بد أن تستمع لهم، وتستمع بكل صدق، لا يكفي فقط أن تستمع وأنت تجهز الرد عليهم أو تحاول إدارة دفة الحديث، فهذا لا يسمى استماعاً على الإطلاق، في كتاب ستيفن كوفي العادات السبع لأكثر الناس إنتاجية، تحدث الكاتب عن أب يجد أن علاقته بابنه ليست على ما يرام، فقال لستيفن: لا أستطيع أن أفهم ابني، فهو لا يريد الاستماع إلي أبداً.
فرد ستيفن: دعني أرتب ما قلته للتو، أنت لا تفهم ابنك لأنه لا يريد الاستماع إليك؟
فرد عليه: -هذا صحيح-.
ستيفن: دعني أجرب مرة أخرى أنت لا تفهم ابنك لأنه -هو- لا يريد الاستماع إليك أنت؟
فرد عليه بصبر نافذ: هذا ما قلته.
ستيفن: أعتقد أنك كي تفهم شخصاً آخر فأنت بحاجة لأن تستمع له.
فقال الأب: أوه -تعبيراً عن صدمته- ثم جاءت فترة صمت طويلة، وقال مرة أخرى: أوه!
إن هذا الأب نموذج صغير للكثير من الناس، الذين يرددون في أنفسهم أو أمامنا: إنني لا أفهمه، إنه لا يستمع لي! والمفروض أنك تستمع له لا أن يستمع لك!
إن عدم معرفتنا بأهمية مهارة الاستماع تؤدي بدورها لحدوث الكثير من سوء الفهم، الذي يؤدي بدوره إلى تضييع الأوقات والجهود والأموال والعلاقات التي كنا نتمنى ازدهارها، ولو لاحظت مثلاً المشكلات الزوجية، عادة ما تنشأ من قصور في مهارة الاستماع لا سيما عند الزوج، وإذا كان هذا القصور مشتركاً بين الزوجين تتأزم العلاقة بينهما كثيراً، لأنهم لا يحسنون الاستماع لبعضهم البعض، فلا يستطيعون فهم بعضهم البعض، الكل يريد الحديث لكي يفهم الطرف الآخر! لكن لا يريد أحدهم الاستماع!!
إن الاستماع ليس مهارة فحسب، بل هي وصفة أخلاقية يجب أن نتعلمها، إننا نستمع لغيرنا لا لأننا نريد مصلحة منهم، لكن لكي نبني علاقات وطيدة معهم.
المصدر:الفرقان
ناصح

عمروعبده 10-08-2010 02:10 PM

كيفية دعوة الأبناء للصلاة
[الأستاذة نيفين السويفي]
أولاً:بالنسبة للسن الصغيرة (الطفولة المبكرة إلى المتوسطة والتي تمتد حتى 9 سنوات)
في هذه المرحلة يكون الأمر سهلاً، فالكلام البسيط اللطيف الهادئ عن نعم الله تعالى وفضله وكرمه (المدعَّم بالعديد من الأمثلة)، وحب الله لعباده ورحمته، يجعل الطفل من تلقاء نفسه يشتاق إلى إرضاء "الله سبحانه وتعالى"؛ ففي هذه المرحلة يكون الاهتمام بكثرة الكلام عن الله سبحانه وتعالى، وقدرته، وأسمائه الحسنى، وفضله، وفي المقابل ضرورة طاعته، وجمال الطاعة، ويسرها، وبساطتها.
في نفس هذا الوقت لا بد من أن يكون هناك قدوة صالحة يراها الصغير أمام عينه؛ فمجرد رؤية الأب والأم، والتزامهما بالصلاة 5 مرات يوميًّا دون ضجر أو ملل يؤثر إيجابيًّا في نظرة الطفل لهذه الطاعة، فيحبّها لحبِّ المحيطين به لها. ويلتزم بها كما يلتزم بأي عادة وسلوك يومي.
ولكن حتى لا تتحول الصلاة إلى عادة، وتبقى في إطار العبادة لا بد من أن يصاحب ذلك شيء من تدريس العقيدة، ومن المناسب هنا سرد قصة "الإسراء والمعراج، وفرض الصلاة"، أو سرد قصص الصحابة الكرام وتعلقهم بالصلاة... إلخ.
ومن المحاذير:
- البُعْد عن النقد الشديد أو أسلوب الترهيب والتهديد، فلابد من التعزيز الإيجابي، بمعنى تشجيع الصغير حتى تصبح الصلاة جزءاً أساسيًّا لحياته.
- مراعاة وجود الماء الدافئ في الشتاء، فقد يهرب الصغير من الصلاة لهروبه من الوضوء بالماء البارد.
هذا عامة وبالنسبة للبنات:
نحبِّب البنات في الصلاة في هذه السن بمراعاة أمور قد تبدو صغيرة تافهة، ولكن لها أبعد الأثر، مثل:
- حياكة طرحة صغيرة مزركشة ملوَّنة.
- توفير سجادة صغيرة خاصة بالطفل.

- وبالنسبة للذكور:
تشجيع الصغير (9 سنوات) على مصاحبة أبيه إلى المسجد، ومراعاة أن يكون هناك حذاء مناسب لذلك (يُستحب البُعْد عن الأحذية ذات الأربطة التي تحتاج إلى وقت ومجهود من الصغير لربطها وصبر وطول بال)، وهذا عادة غير متوفر من المصلين المصطفِّين خلفه ينتظرون الانتهاء من ربط الصغير لحذائه.
ثانياً:بالنسبة للطفولة المتأخرة وسن المراهقة:
بعد سن التاسعة يلحظ بصورة عامة تغير سلوك الأبناء تجاه الصلاة، وعدم التزامهم بها، حتى وإن كان ذلك كان ديدنهم، فيلحظ التكاسل، التهرب، وإبداء التبرم. إنها ببساطة طبيعة المرحلة الجديدة: "مرحلة التمرد، وصعوبة الانقياد والانصياع"، وهنا لا بد من التعامل بحنكة وحكمة مع الأبناء:
- البُعْد عن السؤال المباشر: هل صليت العصر؟
الابن أو الابنة سوف يميل إلى الكذب وادعاء الصلاة للهروب منها، فيكون رد الفعل إما الصياح في وجهه لكذبه، أو إغفال الأمر، بالرغم من إدراك "كذبه". الأَوْلى من هذا وذاك هو التذكير بالصلاة في صيغة تنبيه لا سؤال، مثل"العصر، يا شباب" مرة، مرتين، ثلاثة.
إن لم يصلِّ الشاب يقف الأب أو الأم بجواره –للإحراج- "أنا في الانتظار لشيء ضروري لا بد أن يحدث قبل فوات الأوان"، بطريقة حازمة، ولكن غير قاسية بعيدة عن التهديد.
- التشجيع وبالنسبة للبنات يكفي قول: "هيا سوف أصلي تعالي معي"، فالبنات يملن إلى صلاة الجماعة؛ لأنها أيسر مجهوداً وفيها تشجيع.

أما بالنسبة للشاب يمكن تشجيعه على الصلاة بالمسجد، ويعتبر الشاب هذه فرصة للترويح بعد طول مذاكرة، ولضمان نزوله يمكن ربط النزول بمهمة ثانية: شراء الخبز، السؤال عن الجار... إلخ.

وفي كلا الحالتين -الشاب أو الشابة- لا ننسى التشجيع والتعزيز، وإبراز أنه التزام الصلاة من أفضل ما يعجبنا في شخصياتهم، وأنها ميزة تطغى على باقي المشكلات والعيوب.

عمروعبده 10-08-2010 02:12 PM

رفع الهـمـم إلى القمـم
أنا إن عشت لست أعدم خبزا *** وإذا مت لست أعدم قبرا
همتّي همة الملوك ونفسي *** نفس حر ترى المذلة طفرا
السلام على أهل الهمة ..
فهم صفوة الأمم ...
وأهل المجد والكرم ..
طالت بهم أرواحهم إلى مراقي الصعود ... مطالع السعود ... ومراتب الخلود
ومن أراد المعالي هان عليه كل هم .. لأنه لولا المشقة ساد الناس كلهم ..
ونصوص الوحي تناديك ... سارع ولا تلبث بناديك
وسابق ولا تمكث بواديك ..
أمية بن خلف لما جلس مع الخلف أدركه التلف ...
ولما سمع بلال بن رباح حي على الفلاح .. أصبح من أهل الصلاح
أطلب الأعلى دائما وما عليك ...
فإن موسى لما اختصه الله بالكلام قال : *** رب أرني أنظر إليك ***
المجد لايأتي هبة ... لكنه يحصل بالمناهبة .
فلما حمل الهدهد الرسالة ، ذكر في سورة النمل بالبسالة .
نجحت النملة بالمثابرة ، وطول المصابرة ،
تريد المجد ولا تجدّ ...؟؟؟؟
تخطب المعالي وتناوم الليالي ...؟؟؟
ترجوا الجنة وتفرط في السنة ...؟؟؟
قام رسولنا صلى الله عليه وسلم حتى تفطرت قدماه ...
وربط الحجر على بطنه من الجوع .. وهو العبد الأواه ..
وأدميت عقباه بالحجارة .. وخاض بنفسه كل غارة ..
يدعى أبو بكر من الأبواب الثمانية ، لأن قلبه معلق بربه كل ثانية ..
صرف للدين أقواله ،، وأصلح بالهدى أفعاله ،، وأقام بالحق أحواله ،، وأنفق في سبيل الله أمواله ... وهاجر وترك عياله
لبس عمر المرقع ،، وتأوّه من ذكر الموت وتوجع ،، وأخذ الحيطة لدينه وتوقع ..
عدل وصدق وتهجد ،، وسأل الله أن يستشهد ،، فرزقه الله الشهادة في المسجد ..
عليك الجد إن الأمر جد *** وليس كما ظننت ولا وهمتا
وبادر فالليالي مسرعات *** وأنت بمقلة الحدثان نمت
اخرج من سرداب الأماني ،، يا أسير الأغاني ،،
وانفض غبار الكسل واهجر من عذل ،، فكل من سار على الدرب وصل ..
نسيت الآيات وأخّرت الصلوات ،، وأذهبت عمرك السهرات ،، وتريد الجنات ؟؟؟
ويلك !! والله ما شبع النمل حتى جد في الطلب ..
وما ساد الأسد حتى وثب ..
وما أصاب السهم حتى خرج من القوس ..
وما قطع السيف حتى صار أحد من الموس ..
الحمامة تبيني عشها ..
والحمرة تنقل عشها ..
والعنكبوت تهندس بيتها ..
والضب يحفر مغارة ...
والجرادة تبني عمارة ..
وأنت لك مدة ... ورأسك على المخدة .. في الحديث *** إحرص على ما ينفعك ***
لأن ما ينفعك يرفعك ...
*** المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف ***
بالقوة يبنى القصر المنيف ,, وينال المجد الشريف ..
همة تنطح الثريا وعزم *** نبوي يزعزع الأجبال
صاحب الهمة مايهمه الحرّ ... ولايخيفه القرّ ... ولا يزعجه الضرّ .. ولايقلقله المرّ
لأنه تدرع بالصبر .
صاحب الهمة يسبق الأمة .. إلى القمة ..
*** والسابقون السابقون أولئك المقربون ***
لأنهم على الصالحات مدبون في البر مجرّبون .
عمي بعض المحدثين من كثرة الرواية ،، فما كلّ ولاملّ حتى بلغ النهاية ،،
مشى أحمد بن حنبل من بغداد إلى صنعاء ،، وأنت تفتر في حفظ دعاء .
سافر أحدهم إلى مصر وغدوه شهر ورواحه شهر ،، في طلب حديث واحد ،، ليدرك به المجد الخالد .
ولولا المحنة ، مادعي أحمد إمام االسنة ,, ووصل بالجلد إلى المجد .
ووضع ابن تيمية في الزنزانة ,, فبرز بالعلم زمانه .
واعلم أن الماء الراكد فاسد ،، لأنه لم يسافر ولم يجاهد .
ولما جرى الماء ،، صار مطلب الأحياء .
بقيت على سطح البحر الجيفة ،، لأنها خفيفة ,,
وسافر الدرّ إلى قاع البحر ،، فوضع من التكريم على النحر .
فكن رجلا رجله في الثرى *** وهامة همته في الثريا
ياكثير الرقاد ،، أما لنومك نفاد ؟؟
سوف تدفع الثمن يامن غلبه الوسن ..
تظن الحياة جلسة ,, وكبسة,, ولبسة,, وخلسة ؟؟
بل الحياة شريعة ودمعة ،، وركعة ،، ومحاربة بدعة .
الله أمرتا بالعمل ،،لينظر عملنا وقال ** والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا **
فالحياة عقيدة ،، وجهاد ،، وصبر ،، وجلاد ،، ونضال ،، وكفاح ،، وبر ،، وفلاح .
لامكان في الحياة لأكول كسول ..
ولامقعد في حافلة الدنيا للمخذول ..
ابدأ في طلب الأجر من الفجر ،، بقراءة وذكر ،، ودعاء وشكر ،، لأنها انطلاق الطير من وكورها ،،
ولا تنسى : ** بارك الله لأمتي في بكورها **
العلم في حركة ،، كأنه شركة ،، وقلبك خربة كأنه خشبة .
والطير يغرد ،، والقمري ينشد ،، والماء يتمتم ،، والهواء يهمهم ،، والأسود تصول ،، والبهائم تجول ،، وأنت جثة على الفراش ؟؟ لافي أمر عبادة ، ولا معاش ؟؟
نائم هائم ،، طروب لعوب كسول أكول .
ولاتقل الصبا فيه اتساع *** وفكر كم صبي قد دفنتا
تفرّ من الهجير وتتقيه *** فهلا من جهنم قد فررتا
أنت تفتر والملائكة لايفترون ،، وتسأم العمل والمقربو لايسأمون ،،
بم تدخل الجنة ؟؟
هل طعنت في ذات الله بالألسنة ؟؟
هل أوذيت في نصر السنة ؟؟
فانفض عنك غبار الخمول ,, ياكسول .
فبلال العزيمة ،، أذن في أذنك فهل تسمع ؟؟
وداع الخير دعاك فلماذا لاتسرع ؟؟
*** ياأيها الذين ءامنوا استجيبوا لله ورسوله إذا دعاكم لما يحييكم ***
ولابد للهمم الملتهبة أن تنال مطلوبها ،،
ولابد للعزائم المتوثبة أن تدرك مرغوبها ..
سنة لاتبدل ،، وقضية لاتحوّل ..
سوف تأتيك المعالي إن أتيت *** لاتقل سوف ، عسى ، أين ، وليت
قل للمتخلفين اقعدوا مع الخالفين ،، لأن المنازل العالية والأماني الغالية ،، تحتاج إلى همم موارّة ،، وفتكات جبارة ,, لينال المجد بجدارة
وقل للكسول النائم .. والثقيل الهائم .. امسح النوم من عينيك ،، واطرد الكرى من جفنيك ,, فلن تنال من ماء العزة قطرة ،، ولن ترى من نور العلى خطرة ،، حتى تثب مع من وثب ،، وتفعل مايجب ،، وتأتي بالسبب .
ألا فليهنأ أرباب الهمم ،، بوصول القمم .
وليخسأ العاكغون على غفلاتهم في الحضيض ،، فلن يشفع لهم عند ملوك الفضل نومهم العريض .
وقل لهؤلاء الراقدين : *** إنكم رضيتم بالقعود أول مرة فاقعدوا مع الخالفين ***
فهبوا إلى درجات الكمال ... نساء ورجالا ودرّبوا على الفضيلة أطفالا ..
*** انفروا خفافا وثقالا ***
الشيخ عائض القرني


عمروعبده 10-08-2010 02:14 PM

بسم الله الرحمن الرحيم
علو الهمة
إن الذي يعيش لنفسه قد يعيش مستريحا ، ولكنه يعيش صغيراً ويموت صغيراً ، فأما الكبير الذي يحمل هذا العبء الكبير (( عبء حمل الدعوة )) .
فماله والنوم ؟ وماله والراحة ؟ ماله والفراش الدافئ ، والعيش الهادئ والمتاع المريح ؟
ولقد عرف رسولنا صلى الله عليه وآله وسلم حقيقة الأمر وقدرة ، فقال لأم المؤمنين خديجة رضي الله عنها : (( مضى عهد النوم يا خديجة ))أجل مضى عهد النوم ، وما عاد منذ اليوم إلا السهر والتعب والجهاد الطويل الشاق .

عمروعبده 10-08-2010 02:15 PM

صراخ الأمهات في البيوت !!!!

ظاهرة جديدة تسللت إلى حياتنا وبيوتنا وأصبحت مرضا خطيرا بل وباء مزعجا ينتشر :النار في الهشيم ، الظاهرة الصراخ المستمر للزوجة " الأم" طوال اليوم حتى لا يكاد يخلو منه بيت أو تنجو منه أسرة لديها أطفال في المراحل التعليمية المختلفة .

ففي معظم بيوتنا الآن وبسبب الأعباء المتزايدة على الأم بسبب العمل وصعوبة الحياة وسرعة إيقاعها ومشاكلها الاجتماعية والاقتصادية والضغوط النفسية المتزايدة ، وربما أيضا بسبب طموحات المرآة التي تصطدم غالبا بصخرة الواقع المر والمعاكس ، بالإضافة إلى مسئولية الأم في مساعدة أطفالها في تحصيل وفهم استيعاب دروسهم ودس المعلومات في رؤسهم بعد ان فقدت المدرسة دورها ، الأمر الذي جعل الأم في موقف صعب لا تحسد عليه ، فكيف لها بعد يوم عمل شاق وطويل ومعاناة في العمل وفي الشارع في رحلتي الذهاب والعودة ، وربما بسبب القهر الذي تشعر به من الرجال تجاهها خارج المنزل، وأحيانا داخله ، كيف لها بعد كل ذلك أن تقوم بدورها في تربية وتنشئة أطفالها وتقويم سلوكياتهم وإصلاح " المعوج" منها امام طوفان من التأثيرات السلبية تحيط بهم من كل جانب في زمن القنوات المفتوحة والدش والإنترنت والموبايل والإعلانات الاستفزازية ؟؟

وكيف لها بعد ان تعود إلى بيتها مرهقة ومنهكة وغالبا محبطة ان تدرس الدروس والمعلومات والإرشادات والتوجيهات في عقول أبنائها في برشامة مركزة يصعب عليهم غالبا ابتلاعها !

وهنا ظهر المرض ومعه الكثير من الأمراض المختلفة ، وكثرت الضحايا وامتلأت عيادات الأطباء بأمهات معذبات تجمعهن غالبا ظروف متشابهة وهي انشغال الأب بعمله أو سفره للخارج ، واعتقاده الخاطئ ان دوره يقتصر على توفير الأموال لأسرته واعتماده الكامل على الزوجة في التربية والتنشئة ومساعدة الأطفال في تحصيل دروسهم ..

الأمر الذي شكل عبئا كبيرا على الزوجية وضغطا مستمرا على أعصابها الخطورة هنا أنه مع تطور أعراض المرض والتي تبدأ كالعادة " ذاكر يا ولد .. ذاكري يا بنت أسكت يا ولد حرام عليكم تعبتوني ...الخ

تقوم الأم ذلك بانفعال وحدة ثم بصوت عال ورويدا رويدا تبدأ في الصراخ وتفقد أعصابها تماما وتتحول الحياة في البيت إلى جحيم ..
وهنا يبدأ الأطفال في الاعتياد على الصراخ ويتعايشون معه فهم يصبحون عليه ويمسون عليه " اصحي يا ولد الباص زمانه جاي .. نامي يا بنت عشان تصحي بدري " اطفي التليفزيون يا بني آدم ابقوا قابلوني لو فلحتم الخ المهم في هذا الجو يبدأ كبار الأطفال في التعامل مع أشقائهم الأصغر بأسلوب الصراخ .

( وهنا يزداد صراخ الأم للسيطرة على الموقف .. ولو فكر أحد يوما في أن يستعمل السلم بدلا من المصعد للصعود إلى شقته فسوف يسمع صراخا يصم الأذنين ينبعث من معظم الشقق وعندما يحضر الأب بعد يوم شاق واجه خلاله ضوضاء وصراخا في كل مكان في العمل في الشارع ويكون محملا غالبا بمشاكل وصراعات واحباطات وربما أيضا بصراخ الضمير في زمن أصبح الماسك فيه على دينه ,أمانته ونزاهته واخلاقه كالماسك الجمر بيده أو بكلتا يديه المهم عند عودة الاب يحاول الجميع افتعال الهدوء تجنبا لمواجهات حتمية قد لا تحمد عقباها ، ولكن لان الطبع يغلب التطبع ، لان المرض يكون قد أصاب كل أفراد الأسرة ..

فان الأب يفاجأ بالظاهرة بعد ان أصبحت مرضا مدمرا فيبدأ المناقشة مع زوجته .

ماذا حدث ؟

وما الذي جرى لكم؟

صوتكم واصل للشارع ؟

فــتبكي الزوجة المسكينة وتنهار وتعترض : نعم أنا أصرخ طوال النهار أنا قربت أتجنن ولكنه الأسلوب الوحيد الذي أستطيع التعامل به مع أولادك "

أقعد معانا يوم وجرب بنفسك وهنا ربما يحاول الزوج احتواء الموقف ودعوة زوجته المنهارة للهدوء وربما يطيب خاطرها بكلمة أو كلمتين ولكن - وهذا هو الأغلب حدوثا للآسف – ربما ينحرف الحوار إلى الجهة الأخرى خاصة عندما يؤكد الزوج لزوجته أنه هو الآخر على أخره وتعبان ومحبط وعايز يأكل وينام وهنا قد تصرخ الزوجة حرام عليك حس بيه شويه أتكلم أمتي معاك ؟

ساعدني انا محتاجة لك ويرد الزوج غالبا وأنا محتاج لشوية هدوء حرام عليك أنت وكلمة وكلمتين يجد الزوج نفسه في النهاية يصرخ هو الآخر ، فلا أسلوب يمكن التعامل به مع هؤلاء سوي الصراخ وتفشل محولات بعض العقلاء من الأزواج في احتواء الموقف والتعامل مع الظاهرة " الصارخة " بالحكمة والمنطق والهدوء

ويستمر الجحيم الانهيار

فإلى متى ستظلين تصرخين يا سيدتي ؟
وربما أردت أيضا ان أضع هذه الظاهرة الخطيرة على مائدة البحث والدراسة ، وان استنفر الجميع لمحاولة البحث عن أسبابها وعلاجها ولعل من المناسب ان اطرح سؤالا أخيرا :
ايه اللي جرى للدنيا ؟
أين أمهات الزمن الجميل ؟
هل كانت أمهاتنا يصرخن مهما زاد عدد أفراد الأسرة ؟
وهل فشلن في تربيتنا وتنشئتنا ؟
ولماذا اذن الكثيرون منا رجالا ونساء فاشلون في تربية أطفالهم ورعاية أسرهم ؟
لماذا أصبح الصراخ هو اللغة الوحيدة للحوار ، بل السمة المميزة والمسموعة لبيوتنا ؟

بتصرف
د.احمد فوزي توفيق
أستاذ بكلية طب عين شمس

مشاغبة طفلك .. و عناده !!
بعد إجراء دراسة شملت 110 أًسر أمريكية تضم أطفالاً تتفاوت أعمارهم ما بين ثلاثة و خمسة
أعوام .. أعلن معهد العلوم النفسية في أتلانتا أن هناك علاقة قطعية على وجود علاقة بين شخصية
الطفل المشاغب ، الكثير الحركة ، و بين الأم العصبية التي تصرخ دائماً و تهدد بأعلى صوتها حين
تغضب .
وجاء في الدراسة أيضاً أن المقصود بالطفل المشاغب هو الطفل الذي لا صبر عنده ، والعنيد ، و المتمرد و العدواني نحو الآخرين ..
حتى والديه ، والذي لا يلبث أن يجلس حتى يستعد مرة أخرى للقيام و اللعب أو العراك مع أحد أخوته .

و يعلن الدكتور فرانك ترايبر من الكلية الطبية بجورجيا قائلاً : إن نتائج الدراسة أضافت إلى المعلومات المعروفة حالياً بأن هؤلاء الأطفال قد يدمرون أنفسهم إذا لم تقدم لهم المساعدات منذ صغرهم ، و إن الطفل منهم لا يعرف كيف يوجه طاقته هذه للوصول إلى هدف مفيد0 بل لوحظ أنه يستخدمها ( أي طاقته ) في عراك أو لعب عدواني مع إخوته و أصدقائه .. وربما والديه أيضاً .

و تشير نتائج الدراسة أيضاً إلى أن الأم التي تعبر عن غضبها بالصراخ .. و باستخدام ألفاظ بذيئة ، أو سيئة أمام طفلها ، تدفع بهذا الطفل إلى التحول إلى طفل من هذا النوع المشاغب .
وأكدت الدراسة كذلك أن تأثير غضب الأم أقوى من تأثير غضب الأب على تكوين شخصية الطفل .

هل تأملت ( عزيزتي الأم ) في نتائج هذه الدراسة الهامة ، وهل وجدت كيف أن ما فيها يتلخص في نصيحة في غاية الأهمية ، و يمكن أن نوجزها في هاتين الكلمتين :
( لا تغضبي ) .
وهي نصيحة سبق بها نبي الرحمة دراسات الدارسين و أبحاث الباحثين .. حين أوصى بعدم الغضب .
ولكنك قد تسألين : و كيف لا أغضب ؟ كيف أملك نفسي حين يتكرر خطأ الطفل ؟ كيف يمكنني أن أهدأ و طفلي يرتكب حماقات لا تحتمل ؟

المصدر : مشكلات تربوية في حياة طفلك
محمد رشيد العويد

هذه بعض النصائح التي أرجو أن تساعدك عزيزتي الأم على عدم الغضب :

1- الاستعاذة من الشيطان الرجيم بصورة مستمرة و أنت تشاهدين من طفلك ما يثير فيك الغضب ، سواء أقام بكسر الأشياء في البيت ، أم بضرب أخته أو أخيه الصغير ، أم بالصراخ .. رددي الإستعاذة من الشيطان و أنت تتوجهين إليه لتمنعيه من فعله الخاطئ ، أو لإصلاح ما أفسد ، أو لغير ذلك .

2- انظري إلى طفلك طويلاً حين يكون نائماً ، و تأملي في براءته و ضعفه ، و خاطبي نفسك : هل يستحق هذا المسكين أن أضربه أو أصرخ في وجهه و أثور عليه ؟!
و حين يريد الغضب أن يثور في نفسك على طفلك عندما يرتكب ما يثير فيك هذا الغضب .. تذكري صورته و هو نائم ضعيف ، لا حول له و لا قوة ، و ملامح البراءة مرسومة على وجهه .. و حاولي أن تثبتي هذه الصورة في مخيلتك .. فإن هذا يساعدك كثيراً على كبح جماح غضبك .

3- ضعي نتائج الدراسة السابقة في ذهنك ، و تذكريها حينما تبدأ شعلة الغضب بالإشتعال في نفسك ، و فكري : غضبي لن ينفع في تأديبه0 غضبي سيزيده شغباً و عناداً و تمرداً . اللهم أعني على التحكم في أعصابي0 اللهم اشرح صدري .

4- أشغلي نفسك بأي عمل آخر و أنت تعلنين لطفلك أنك ستحاسبينه على خطئه أو إهماله أو ذنبه .. فيما بعد .. و هذه بعض الأمثلة :
- سأعرف شغلي معك بعد أن أنهي إعداد الطعام .
- فكر كيف ستواجه أباك عندما يعلم بما فعلت .
إن هذا التأجيل يساعد على إطفاء ثورة الغضب في نفسك ، وهو ، في الوقت نفسه ، يشعر الطفل أن خطأه لن يمر دون حساب .


عمروعبده 10-08-2010 02:17 PM

كيف نربي أبنائنا على التطوع و حب الصدقة

أولاً: نذكرهم بالآيات و الأحاديث التي تحث على التطوع و الصدقه

ثانيا: نذكر لهم بعض القصص الموثرة في جزاء المتصدق مثل قصة الأعمى و الأبرص و الأقرع من بني إسرائيل.
فعن أبي هريرة رضي الله عنه أنه سمع النبي صلى الله عليه و سلم يقول: (( إن ثلاثة من بني إسرائيل، أبرص و أقرع و أعمى. أراد الله أن يبتليهم، فبعث الله ملكاً، فأتى الأبرص فقال: أي شيء أحب إليك؟ قال: لون حسن و جلد حسن، و يذهب عني هذا الذي قد قذرني الناسن فمسحه فذهب عنه قذره، و اعطي له لوناً حسناً وجلداً حسناً، ثم قال: فأي المال أحب إليك؟ قال: اِلإبل، أو قال: البقر-شك الراوي- فأعطي ناقة عشراء فقال بارك الله لك فيها. ثم اتى الأقرع فقال: أي شيء أحب إليك؟ قال: شعر حسن، و يذهب عني هذا الذي قد قذرني الناس، فمسحه فذهب عنه و اعطي شعراً حسناً، قال: أي المال أحب إليك؟ قال: البقر، فأعطي بقرة حاملاً وقال: بارك الله لك فيها. ثم أتى الأعمى فقال: أي شيء أحب إليك؟ قال: أن يرد الله إليَ بصري فأبصر الناس، فمسحه فرد الله إليه بصره، قال أي المال أحب إليك؟ قال: الغنم، فاعطي شاة والدة فأنتج هذا وولد هذ، فكان لهذا واد من الإبل، ولهذا واد من البقر، و لهذا واد من الغنم، ثم أتى الأبرص في صورته و هيئته فقال: رجل مسكين قد انقطعت بي الحبال في سفري، فلا بلاغ لي اليوم إلا بالله ثم بك، أسألك باذي أعطاك الون الحسن و الجلد الحسن والمال، بعيراً أتبلغ به في سفري، فقال الحقوق كثيرة، فقال: كأني أعرفك، ألم تكن أبرص يقذرك الناس؟ فقيراً فأعطاك الله، فقال: إنما ورثت هذا المال كابراً عن كابر، فقال: إن كنت كاذباً فصيرك الله إلى ما كنت، و أتى الأقرع في صورته و هيئته فقال له مثل ما قال لهذا، ورد عليه مثل ما رد عليه هذا، فقال: إن كنت كاذباً فصيرك الله إلى ما كنت، و أتى الأعمى في صورته و هيئته فقال: رجل مسكين و ابن سبيل، انقطعت بي السبل في سفري فلا بلاغ لي اليوم إلا بالله ثم بك، أسألك باذي رد عليك بصرك شاة اتبلغ بها في سفري، فقال: قد كنت أعمى فرد الله علي بصري، فخذ ما شئت و دع ما شئت، فوالله لاأجهدك اليوم بشيء أخذته لله عز وجل، فقال أمسك عليك مالك، فإنما ابتليتم، فقد رضي الله عنك و سخط على صاحبيك. (( رواه البخاري))

ثالثاً: نذكر لهم بعضض القصص الواقعية حتى يتأثروا بها و منها القصة التي حدثت في الكويت.
كان رجلاً معروفاً بطيبته و صلاحه و حبه للخير، ولما من الله عليه بالمال أراد ان يشتري له داراً، فذهب يسأل عن السماسرة عن الدور المعروضه للبيع. قال احدهم: إن لك عندي بيتاً يعجبك فهل تريد أن تراه فبل تشتريه؟ قال الرجل: لا مانع عندي، لكن متى نذهب لرؤية البيت؟ قال السمسار: غداً أن شاء الله. و في صباح اليوم التالي ذهب السمسار مع الرجل لكي يشاهد البيت، فإذا امرأة جالسة في زاويه من زواياه وأولادها الصغار حولها وهي تبكي و تدعو الله قائلة : ( حسبي الله على اللي يبي يطلعنا من البيت غصباً علينا) فنظر إليها الرجل ثم خرج مسرعاً و خرج خلفه السمسار قائلاً: هل أعجبك البيت؟ قال الرجل دع عنك وأخبرني ما قصة هذه المرأة وأولادها ؟ قال السمسار: هذه زوجه صاحب البيت وقد توفي زوجها و تركها مع أولادها الصغار، وله أولاد من امرأة اخرى، وهم يريدون بيع البيت حتى يأخذوا نصيبهم من الميراث، وهي في حيرة من امرها، فليس لها بيت غيره ولا تدري ماذا تفعل، والورثه مصرون على بيع البيت، قال الرجل: هذه القصه إذاً .. اسمع لقد اشتريت البيت بالمبلغ المطلوب، وغداً إن شاء الله اسلمك النقود.
و اشترى الرجل البيت وأخذ الورثة المال ووزعوه بينهم كل أخذ نصيبه من الميراث حتى الزوجة الثانية وأولادها أخذوا نصيبهم، ولما استلم كل نصيبه غير منقوص جاء الرجل الطيب إلى المرأة في بيتها، فخافت منه و ظنت انه سيطردها من البيت بعد ان اشتراه، واخذت تبكي، فقال لها الرجل: لا تخافي ولا تحزني، خذي هذا صك البيت وهي وثيقه إمتلاك البيت، وقد سجلت البيت بأسمك فهو ملك لك، فزاد بكاء المرأة من الفرحة، فأخذت تشكره و تدعوا الله عز وجل أن يوفقه و يعوضه خيراً منه، ويرزقه من حيث لا يحتسب.
ولقد من الله عز و جل على هذا الرجل الطيب بالخير الوفير و المال الكثير، وصار بفضل الله من أغنياء البلد، وكذلك صار ابناؤه من بعده، ولا يزال بنعم أولاده و احفاده بما ورثه لهم هذا الرجل الطيب وهل جزاء الإحسان إلا الإحسان.
قال تعالى ((وما تقدموا لأنفسكم من خير تجدوه عند الله هو خيراً و اعظم اجراً))

رابعاً: الحوار معهم في فوائد الصدقه في الدنيا و الآخرة

خامساً: نبين لهم فلسفة المال في الإسلام و كيف انه حارب الفقر وليس الفقراء، و حارب العجز و الكسل و حث على الإنجاز و العمل و الغنى.

سادساً: إذا اراد احد الوالدين ان يتصدق فيعطي الصدقة للابن حتى يوصلها للفقير

سابعاً: عمل مسابقة بين الأبناء ايهم اكثر صدقة

ثامناً: نضع لهم حصاله في البيت فنعودهم على الصدقة اليومية.

عمروعبده 10-08-2010 02:18 PM

كيف نحبب الصلاة لأبنائنا ؟!!
د . أماني زكريا الرمادي
نسخة من الموضوع على ملف وورد

مقدمة:
الحمد لله رب العالمين، حمداً يليق بجلاله وكماله ؛ حمداً كما ينبغي لجلال وجهه وعظيم سلطانه،حمداً يوازي رحمته وعفوه وكرمه ونِعَمِه العظيمة ؛ حمداً على قدر حبه لعباده المؤمنين .
والصلاة والسلام على أكمل خلقه ، وعلى آله وصحبه أجمعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين؛ وبعد.
فهذا كتيب موجه إلى الآباء والأمهات ، وكل من يلي أمر طفل من المسلمين ؛ وقد استعانت كاتبة هذه السطور في إعداده بالله العليم الحكيم ، الذي يحتاج إليه كل عليم؛ فما كان فيه من توفيق ، فهو منه سبحانه ، وما كان فيه من تقصير فمن نفسها والشيطان.
إن أطفالنا أكبادنا تمشي على الأرض، وإن كانوا يولدون على الفطرة، إلا أن الرسول صلى الله تعالى عليه وسلم قال: "فأبَواه يُهوِّدانه وُينَصِّرانه ويُمَجِّسانه"...
وإذا كان أبواه مؤمنَين، فإن البيئة المحيطة ، والمجتمع قادرين على أن يسلبوا الأبوين أو المربين السلطة والسيطرة على تربيته، لذا فإننا نستطيع أن نقول أن المجتمع يمكن أن يهوِّده أو ينصِّره أو يمجِّسه إن لم يتخذ الوالدان الإجراءات والاحتياطيات اللازمة قبل فوات الأوان!!!
وإذا أردنا أن نبدأ من البداية ، فإن رأس الأمر وذروة سنام الدين ، وعماده هو الصلاة؛ فبها يقام الدين، وبدونها يُهدم والعياذ بالله.
وفي هذا الكتيب نرى العديد من الأسئلة، مع إجاباتها العملية؛ منعاً للتطويل، ولتحويل عملية تدريب الطفل على الصلاة إلى متعة للوالدين والأبناء معاً، بدلاً من أن تكون عبئا ثقيلاً ، وواجباً كريهاً ، وحربا مضنية.
والحق أن كاتبة هذه السطور قد عانت من هذا الأمر كثيراً مع ابنها ، ولم تدرك خطورة الأمر إلا عندما قارب على إتمام العشر سنوات الأولى من عمره ؛ أي العمر التي يجب أن يُضرب فيها على ترك الصلاة ، كما جاء في الحديث الصحيح ؛ فظلت تبحث هنا وتسأل هناك وتحاول إنقاذ ما يمكن إنقاذه ، إلا أنها لاحظت أن الضرب والعقاب ربما يؤديان معه إلى نتيجة عكسية ، فرأت أن تحاول بالترغيب عسى الله تعالى أن يوفقها.
ولما بحثت عن كتب أو دروس مسجلة ترغِّب الأطفال ، لم تجد سوى كتيب لم يروِ ظمأها ، ومطوية لم تعالج الموضوع من شتى جوانبه ، فظلت تسأل الأمهات عن تجاربهن ، وتبحث في المواقع الإسلامية على شبكة الإنترنت حتى عثرت لدى موقع"إسلام أون لاين" على استشارات تربوية مختلفة ( في باب:معاً نربي أبناءنا ( بالإضافة إلى مقالة عنوانها : "فنون محبة الصلاة"، فأدركت أن السائلة أمٌ حيرى مثلها، وأدركت أن تدريب الطفل في هذا الزمان يحتاج إلى فن وأسلوب مختلف عن الزمن الماضي، وقد لاحظَت أن السائلة تتلهف لتدريب أطفالها على الصلاة ؛ إلا أن كاتبة هذه السطور تهدف إلى أكثر من ذلك - وهو هدف الكتيب الذي بين أيدينا- وهو جعل الأطفال يحبون الصلاة حتى لا يستطيعون الاستغناء عنها بمرور الوقت ، وحتى لا يتركونها في فترة المراهقة- كما يحدث عادة- فيتحقق قول الله عز جل { إنَّ الصلاةَ تَنهَى عن الفحشاء والمنكر } .
وجدير بالذكر أن الحذر والحرص واجبان عند تطبيق ما جاء بهذا الكتيب من نصائح وإرشادات ؛ لأن هناك فروقاً فردية بين الأشخاص ، كما أن لكل طفل شخصيته وطبيعته التي تختلف عن غيره ، وحتى عن إخوته الذين يعيشون معه نفس الظروف ، وينشأون في نفس البيئة ، فما يفيد مع هذا قد لا يجدي مع ذاك.
ويُترك ذلك إلى تقدير الوالدين أو أقرب الأشخاص إلى الطفل؛ فلا يجب تطبيق النصائح كما هي وإنما بعد التفكير في مدى جدواها للطفل ، بما يتفق مع شخصيته.
واللهَ تعالى أرجو أن ينفع بهذا المقال ، وأن يتقبله خالصاًً لوجهه الكريم.

لماذا يجب علينا أن نسعى؟
أولاً: لأنه أمرٌ من الله تعالى، وطاعة أوامره هي خلاصة إسلامنا، ولعل هذه الخلاصة هي : الاستسلام التام لأوامره ، واجتناب نواهيه سبحانه ؛ ألم يقُل عز وجل { يا أيها الذين آمنوا قُوا أنفسَكم وأهليكم ناراً وقودُها الناس والحجارة } ؟ ثم ألَم يقل جل
شأنه: : { وَأْمُر أهلَك بالصلاة واصْطَبر عليها ، لا نسألك رزقاً نحن نرزقُك } (2).
ثانياً: لأن الرسول صلى الله تعالى عليه وسلم أمرنا بهذا أيضاً في حديث واضح وصريح ؛ يقول فيه ( مُروا أولادكم بالصلاة لسبع سنين واضربوهم عليها لعشر )(2) .
ثالثا: لتبرأ ذمم الآباء أمام الله عز وجل ويخرجون من دائرة الإثم ، فقد قال الإمام ابن تيمية رحمه الله: "من كان عنده صغير مملوك أو يتيم ، أو ولد ؛ فلم يأمُره بالصلاة ، فإنه يعاقب الكبير إذا لم يأمر الصغير، ويُعَــزَّر الكبير على ذلك تعزيراً بليغا، لأنه عصى اللهَ ورسول " (1) .
رابعاً :لأن الصلاة هي الصِّلة بين العبد وربه، وإذا كنا نخاف على أولادنا بعد مماتنا من الشرور والأمراض المختلفة ؛ ونسعى لتأمين حياتهم من شتى الجوانب ، فكيف نأمن عليهم وهم غير موصولين بالله عز وجل ؟! بل كيف تكون راحة قلوبنا وقُرَّة
عيوننا إذا رأيناهم موصولين به تعالى ، متكلين عليه ، معتزين به؟!(1)
خامساً: وإذا كنا نشفق عليهم من مصائب الدنيا ، فكيف لا نشفق عليهم من نار جهنم؟!! أم كيف نتركهم ليكونوا-والعياذ بالله- من أهل سَقَر التي لا تُبقي ولا تَذَر؟!!(1)
سادساً: لأن الصلاة نور ، ولنستمع بقلوبنا قبل آذاننا إلى قول النبي صلى الله تعالى عليه وسلم : ( وجُعلت قرة عيني في الصلاة) ، وقوله: ( رأس الأمر الإسلام و عموده الصلاة ) ، وأنها أول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة من عمله (2).
سابعاً:لأن أولادنا أمانة وهبنا الله تعالى إياها وكم نتمنى جميعا أن يكونوا صالحين ، وأن يوفقهم الله تعالى في حياتهم دينياً ، ودنيوياً(2) .
ثامناً: لأن أولادنا هم الرعية التي استرعانا الله تعالى ، لقوله صلى الله تعالى عليه وسلم: ( كُلُّكم راعٍ وكلكم مسئول عن رعيته ) ولأننا سوف نُسأل عنهم حين نقف بين يدي الله عز وجل. (2)
تاسعاً: لأن الصلاة تُخرج أولادنا إذا شبّْوا وكبروا عن دائرة الكفار و المنافقين ، كما قال صلى الله عليه وسلم: ( العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة ، فمن تركها فقد كفر ) (1)
كيف نتحمل مشقة هذا السعي؟
إن هذا الأمر ليس بالهين، لأنك تتعامل مع نفس بشرية ، وليس مع عجينة -كما يقال- أو صلصال ؛ والمثل الإنجليزي يقول "إذا استطعت أن تُجبر الفرس على أن يصل إلى النهر، فلن تستطيع أبداً أن ترغمه على أن يشرب!"
فالأمر فيه مشقة ، ونصب ، وتعب ، بل هو جهاد في الحقيقة.
أ- ولعل فيما يلي ما يعين على تحمل هذه المشقة ، ومواصلة ذلك الجهاد :
- كلما بدأنا مبكِّرين ، كان هذا الأمر أسهل.
ب- يعد الاهتمام جيداً بالطفل الأول استثماراً لما بعد ذلك، لأن إخوته الصغار يعتبرونه قدوتهم ، وهو أقرب إليهم من الأبوين ، لذا فإنهم يقلدونه تماماً كالببغاء !
ج- احتساب الأجر والثواب من الله تعالى ، لقوله صلى الله عليه وسلم: ( من دعا إلى هُدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه ، لا ينقص من أجورهم شيئا) . (1)
د- لتكن نيتنا الرئيسية هي ابتغاء مرضاة الله تعالى حيث قال: { والذين جاهَدُوا فينا لَنَهْدِينَّهُم سُبُلَنا } ؛ فكلما فترت العزائم عُدنا فاستبشرنا وابتهجنا لأننا في خير طريق . (1)
هـ - الصبر والمصابرة امتثالاً لأمر الله تعالى ، { وأْمُر أهلك بالصلاة واصطبِر عليها، لا نسألُك رزقاً، نحن نرزقُك } ؛ فلا يكون شغلنا الشاغل هو توفير القوت والرزق ، ولتكن الأولوية للدعوة إلى الصلاة ، وعبادة الله عز وجل، فهو المدبر للأرزاق وهو { الرزاق ذو القوة المتين} ؛ ولنتذكر أن ابن آدم لا يموت قبل أن يستوفي أجله ورزقه ، ولتطمئن نفوسنا لأن الرزق يجري وراء ابن آدم - كالموت تماماً-ولو هرب منه لطارده الرزق ؛ بعكس ما نتصور!!
و- التضرع إلى الله جل وعلا بالدعاء : { ربِّ اجعلني مقيمَ الصلاة ومِن ذُرِّيتي ربنا وتقبَّل دُعاء} والاستعانة به عز وجل لأننا لن نبلغ الآمال بمجهودنا وسعينا ، بل بتوفيقه تعالى ؛ فلنلح في الدعاء ولا نيأس ؛ فقد أمرنا رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم قائلا: ( ألِظّْوا-أى أَلِحّْوا- بيا ذا الجلال والإكرام ) والمقصود هو الإلحاح في الدعاء بهذا الاسم من أسماء الله الحسنى ؛ وإذا كان الدعاء بأسماء الله الحسنى سريع الإجابة ، فإن أسرعها في الإجابة يكون- إن شاء الله تعالى- هو هذا الاسم: "ذو الجلال (أي العظمة) والإكرام ( أي الكرم والعطاء ) ".
ز- عدم اليأس أبداً من رحمة الله ، ولنتذكر أن رحمته وفرجه يأتيان من حيث لا ندري، فإذا كان موسى عليه السلام قد استسقى لقومه ، ناظراً إلى السماء الخالية من السحب ، فإن الله تعالى قد قال له: { اضرِبْ بِعَصاكَ الحَجَر، فانفجرَت منْهُ اثنتا عشْرةَ عيناً }، وإذا كان زكريا قد أوتي الولد وهو طاعن في السن وامرأته عاقر، وإذا كان الله تعالى قد أغاث مريم وهي مظلومة مقهورة لا حول لها ولا قوة ، وجعل لها فرجا ومخرجا من أمرها بمعجزة نطق عيسى عليه السلام في المهد ، فليكن لديك اليقين بأن الله عز وجل سوف يأْجُرك على جهادك وأنه بقدرته سوف يرسل لابنك من يكون السبب في هدايته، أو يوقعه في ظرف أو موقف معين يكون السبب في قربه من الله عز وجل ؛ فما عليك إلا الاجتهاد، ثم الثقة في الله تعالى وليس في مجهودك. (3)

عمروعبده 10-08-2010 02:19 PM

لماذا الترغيب وليس الترهيب؟
1. لأن الله تعالى قال في كتابه الكريم : { اُدعُ إلى سبيل ربك بالحكمةِ والموعظةِ الحسَنة } .
2. لأن الرسول الكريم صلى الله تعالى عليه وسلم قال: ( إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه، ولا خلا منه شيء إلا شانه )
3. لأن الهدف الرئيس لنا هو أن نجعلهم يحبون الصلاة ؛ والترهيب لا تكون نتيجته إلا البغض ، فإذا أحبوا الصلاة تسرب حبها إلى عقولهم وقلوبهم ، وجرى مع دماءهم، فلا يستطيعون الاستغناء عنها طوال حياتهم ؛ والعكس صحيح.
4. لأن الترغيب يحمل في طياته الرحمة ، وقد أوصانا رسولنا الحبيب صلى الله عليه وسلم بذلك قائلاً: ( الراحمون يرحمهم الرحمن ) ، وأيضاً (ارحموا مَن في الأرض يرحمكم من في السماء ) ، فليكن شعارنا ونحن في طريقنا للقيام بهذه المهمة هو الرحمة والرفق.
5. لأن الترهيب يخلق في نفوسهم الصغيرة خوفاً ، وإذا خافوا منَّا ، فلن يُصلُّوا إلا أمامنا وفي وجودنا ، وهذا يتنافى مع تعليمهم تقوى الله تعالى وخشيته في السر والعلَن، ولن تكون نتيجة ذلك الخوف إلا العُقد النفسية ، ومن ثمَّ السير في طريق مسدود.
6. لأن الترهيب لا يجعلهم قادرين على تنفيذ ما نطلبه منهم ، بل يجعلهم يبحثون عن طريقة لرد اعتبارهم، وتذكَّر أن المُحِب لمَن يُحب مطيع . (4)
7. لأن المقصود هو استمرارهم في إقامة الصلاة طوال حياتهم...وعلاقة قائمة على البغض و الخوف والنفور-الذين هم نتيجة الترهيب- لا يُكتب لها الاستمرار بأي حال من الأحوال.
كيف نرغِّب أطفالنا في الصلاة؟
منذ البداية يجب أن يكون هناك اتفاق بين الوالدين- أو مَن يقوم برعاية الطفل- على سياسة واضحة ومحددة وثابتة ، حتى لا يحدث تشتت للطفل، وبالتالي ضياع كل الجهود المبذولة هباء ، فلا تكافئه الأم مثلاً على صلاته فيعود الأب بهدية أكبر مما أعطته أمه ، ويعطيها له دون أن يفعل شيئاً يستحق عليه المكافأة ، فذلك يجعل المكافأة التي أخذها على الصلاة صغيرة في عينيه أو بلا قيمة؛ أو أن تقوم الأم بمعاقبته على تقصيره ، فيأتي الأب ويسترضيه بشتى الوسائل خشية عليه.
وفي حالة مكافأته يجب أن تكون المكافأة سريعة حتى يشعر الطفل بأن هناك نتيجة لأفعاله، لأن الطفل ينسى بسرعة ، فإذا أدى الصلوات الخمس مثلاً في يوم ما ، تكون المكافأة بعد صلاة العشاء مباشرة.

أولاً: مرحلة الطفولة المبكرة (ما بين الثالثة و الخامسة) :
إن مرحلة الثالثة من العمر هي مرحلة بداية استقلال الطفل وإحساسه بكيانه وذاتيته ، ولكنها في نفس الوقت مرحلة الرغبة في التقليد ؛ فمن الخطأ أن نقول له إذا وقف بجوارنا ليقلدنا في الصلاة: " لا يا بني من حقك أن تلعب الآن حتى تبلغ السابعة ، فالصلاة ليست مفروضة عليك الآن " ؛ فلندعه على الفطرة يقلد كما يشاء ، ويتصرف بتلقائية ليحقق استقلاليته عنا من خلال فعل ما يختاره ويرغب فيه ، وبدون تدخلنا (اللهم إلا حين يدخل في مرحلة الخطر ) ... " فإذا وقف الطفل بجوار المصلي ثم لم يركع أو يسجد ثم بدأ يصفق مثلاً ويلعب ، فلندعه ولا نعلق على ذلك ، ولنعلم جميعاً أنهم في هذه المرحلة قد يمرون أمام المصلين ، أو يجلسون أمامهم أو يعتلون ظهورهم ، أو قد يبكون ، وفي الحالة الأخيرة لا حرج علينا أن نحملهم في الصلاة في حالة الخوف عليهم أو إذا لم يكن هناك بالبيت مثلاً من يهتم بهم ، كما أننا لا يجب أن ننهرهم في هذه المرحلة عما يحدث منهم من أخطاء بالنسبة للمصلى ..
وفي هذه المرحلة يمكن تحفيظ الطفل سور : الفاتحة ، والإخلاص ، والمعوذتين . (2)

ثانياً: مرحلة الطفولة المتوسطة (ما بين الخامسة والسابعة ):
في هذه المرحلة يمكن بالكلام البسيط اللطيف الهادئ عن نعم الله تعالى وفضله وكرمه (المدعم بالعديد من الأمثلة) ، وعن حب الله تعالى لعباده، ورحمته ؛ يجعل الطفل من تلقاء نفسه يشتاق إلى إرضاء الله ، ففي هذه المرحلة يكون التركيز على كثرة الكلام عن الله تعالى وقدرته وأسمائه الحسنى وفضله ، وفي المقابل ، ضرورة طاعته وجمال الطاعة ويسرها وبساطتها وحلاوتها وأثرها على حياة الإنسان... وفي نفس الوقت لابد من أن يكون هناك قدوة صالحة يراها الصغير أمام عينيه ، فمجرد رؤية الأب والأم والتزامهما بالصلاة خمس مرات يومياً ، دون ضجر ، أو ملل يؤثِّّّّّّر إيجابياً في نظرة الطفل لهذه الطاعة ، فيحبها لحب المحيطين به لها ، ويلتزم بها كما يلتزم بأي عادة وسلوك يومي. ولكن حتى لا تتحول الصلاة إلى عادة وتبقى في إطار العبادة ، لابد من أن يصاحب ذلك شيء من تدريس العقيدة ، ومن المناسب هنا سرد قصة الإسراء والمعراج ، وفرض الصلاة ، أو سرد قصص الصحابة الكرام وتعلقهم بالصلاة ...
ومن المحاذير التي نركِّز عليها دوما الابتعاد عن أسلوب المواعظ والنقد الشديد أو أسلوب الترهيب والتهديد ؛ وغني عن القول أن الضرب في هذه السن غير مباح ، فلابد من التعزيز الإيجابي ، بمعنى التشجيع له حتى تصبح الصلاة جزءاً أساسياً من حياته. (5) ، (2)
ويراعى وجود الماء الدافئ في الشتاء ، فقد يهرب الصغير من الصلاة لهروبه من الماء البارد، هذا بشكل عام ؛ وبالنسبة للبنات ، فنحببهم بأمور قد تبدو صغيرة تافهة ولكن لها أبعد الأثر ، مثل حياكة طرحة صغيرة مزركشة ملونة تشبه طرحة الأم في بيتها ، وتوفير سجادة صغيرة خاصة بالطفلة ..
ويمكن إذا لاحظنا كسل الطفل أن نتركه يصلي ركعتين مثلا حتى يشعر فيما بعد بحلاوة الصلاة ثم نعلمه عدد ركعات الظهر والعصر فيتمها من تلقاء نفسه ، كما يمكن تشجيع الطفل الذي يتكاسل عن الوضوء بعمل طابور خاص بالوضوء يبدأ به الولد الكسول ويكون هو القائد ويضم الطابور كل الأفراد الموجودين بالمنزل في هذا الوقت (6).
ويلاحظ أن تنفيذ سياسة التدريب على الصلاة يكون بالتدريج ، فيبدأ الطفل بصلاة الصبح يومياً ، ثم الصبح والظهر ، وهكذا حتى يتعود بالتدريج إتمام الصلوات الخمس ، وذلك في أي وقت ، وعندما يتعود على ذلك يتم تدريبه على صلاتها في أول الوقت، وبعد أن يتعود ذلك ندربه على السنن ، كلٌ حسب استطاعته وتجاوبه.
ويمكن استخدام التحفيز لذلك ، فنكافئه بشتى أنواع المكافآت ، وليس بالضرورة أن تكون المكافأة مالاً ، بأن نعطيه مكافأة إذا صلى الخمس فروض ولو قضاء ، ثم مكافأة على الفروض الخمس إذا صلاها في وقتها ، ثم مكافأة إذا صلى الفروض الخمس في أول الوقت. (11)
ويجب أن نعلمه أن السعي إلى الصلاة سعي إلى الجنة ، ويمكن استجلاب الخير الموجود بداخله ، بأن نقول له: " أكاد أراك يا حبيبي تطير بجناحين في الجنة ، أو "أنا متيقنة من أن الله تعالى راض عنك و يحبك كثيراً لما تبذله من جهد لأداء الصلاة "، أو :" أتخيلك وأنت تلعب مع الصبيان في الجنة والرسول صلى الله عليه وسلم يلعب معكم بعد أن صليتم جماعة معه"...وهكذا . (10)
أما البنين ، فتشجيعهم على مصاحبة والديهم ( أو من يقوم مقامهم من الثقات) إلى المسجد ، يكون سبب سعادة لهم ؛ أولاً لاصطحاب والديهم ، وثانياً للخروج من المنزل كثيراً ، ويراعى البعد عن الأحذية ذات الأربطة التي تحتاج إلى وقت ومجهود وصبر من
الصغير لربطها أو خلعها...
ويراعى في هذه المرحلة تعليم الطفل بعض أحكام الطهارة البسيطة مثل أهمية التحرز من النجاسة كالبول وغيره ، وكيفية الاستنجاء ، وآداب قضاء الحاجة ، وضرورة المحافظة على نظافة الجسم والملابس ، مع شرح علاقة الطهارة بالصلاة .
و يجب أيضاً تعليم الطفل الوضوء ، وتدريبه على ذلك عملياً ، كما كان الصحابة الكرام يفعلون مع أبنائهم. (2)

ثالثاً: مرحلة الطفولة المتأخرة (ما بين السابعة والعاشرة) :
في هذه المرحلة يلحظ بصورة عامة تغير سلوك الأبناء تجاه الصلاة ، وعدم التزامهم بها ، حتى وإن كانوا قد تعودوا عليها ، فيلحظ التكاسل والتهرب وإبداء التبرم ، إنها ببساطة طبيعة المرحلة الجديدة : مرحلة التمرد وصعوبة الانقياد ، والانصياع وهنا لابد من التعامل بحنكة وحكمة معهم ، فنبتعد عن السؤال المباشر : هل صليت العصر؟ لأنهم سوف يميلون إلى الكذب وادعاء الصلاة للهروب منها ، فيكون رد الفعل إما الصياح في وجهه لكذبه ، أو إغفال الأمر ، بالرغم من إدراك كذبه ، والأولََى من هذا وذاك هو التذكير بالصلاة في صيغة تنبيه لا سؤال ، مثل العصر يا شباب : مرة ، مرتين ثلاثة ، وإن قال مثلاً أنه صلى في حجرته ، فقل لقد استأثرت حجرتك بالبركة ، فتعال نصلي في حجرتي لنباركها؛فالملائكة تهبط بالرحمة والبركة في أماكن الصلاة!! وتحسب تلك الصلاة نافلة ، ولنقل ذلك بتبسم وهدوء حتى لا يكذب مرة أخرى .
إن لم يصلِّ الطفل يقف الأب أو الأم بجواره-للإحراج -ويقول: " أنا في الانتظار لشيء ضروري لابد أن يحدث قبل فوات الأوان " (بطريقة حازمة ولكن غير قاسية بعيدة عن التهديد ) .(2)
كما يجب تشجيعهم، ويكفي للبنات أن نقول :"هيا سوف أصلي تعالى معي"، فالبنات يملن إلى صلاة الجماعة ، لأنها أيسر مجهوداً وفيها تشجيع ، أما الذكور فيمكن تشجيعهم على الصلاة بالمسجد و هي بالنسبة للطفل فرصة للترويح بعد طول المذاكرة ، ولضمان نزوله يمكن ربط النزول بمهمة ثانية ، مثل شراء الخبز ، أو السؤال عن الجار ...إلخ.
وفي كلا الحالتين: الطفل أو الطفلة، يجب أن لا ننسى التشجيع والتعزيز والإشارة إلى أن التزامه بالصلاة من أفضل ما يعجبنا في شخصياتهم ، وأنها ميزة تطغى على باقي المشكلات والعيوب ، وفي هذه السن يمكن أن يتعلم الطفل أحكام الطهارة، وصفة النبي صلى الله عليه وسلم ، وبعض الأدعية الخاصة بالصلاة، ويمكن اعتبار يوم بلوغ الطفل السابعة حدث مهم في حياة الطفل، بل وإقامة احتفال خاص بهذه المناسبة، يدعى إليه المقربون ويزين المنزل بزينة خاصة ، إنها مرحلة بدء المواظبة على الصلاة!!
ولاشك أن هذا يؤثر في نفس الطفل بالإيجاب ، بل يمكن أيضاً الإعلان عن هذه المناسبة داخل البيت قبلها بفترة كشهرين مثلا ، أو شهر حتى يظل الطفل مترقباً لمجيء هذا الحدث الأكبر!! (5)
وفي هذه المرحلة نبدأ بتعويده أداء الخمس صلوات كل يوم ، وإن فاتته إحداهن يقوم بقضائها ، وحين يلتزم بتأديتهن جميعا على ميقاتها ، نبدأ بتعليمه الصلاة فور سماع الأذان وعدم تأخيرها ؛ وحين يتعود أداءها بعد الأذان مباشرة ، يجب تعليمه سنن الصلاة ونذكر له فضلها ، وأنه مخيَّر بين أن يصليها الآن ، أو حين يكبر.

وفيما يلي بعض الأسباب المعينة للطفل في هذه المرحلة على الالتزام بالصلاة :
1. يجب أن يرى الابن دائماً في الأب والأم يقظة الحس نحو الصلاة ، فمثلا إذا أراد الابن أن يستأذن للنوم قبل العشاء ، فليسمع من الوالد ، وبدون تفكير أو تردد: "لم يبق على صلاة العشاء إلا قليلاً نصلي معا ثم تنام بإذن الله ؛ وإذا طلب الأولاد الخروج للنادي مثلاً ، أو زيارة أحد الأقارب ، وقد اقترب وقت المغرب ، فليسمعوا من الوالدين :"نصلي المغرب أولاً ثم نخرج" ؛ ومن وسائل إيقاظ الحس بالصلاة لدى الأولاد أن يسمعوا ارتباط المواعيد بالصلاة ، فمثلاً : "سنقابل فلاناً في صلاة العصر" ، و "سيحضر فلان لزيارتنا بعد صلاة المغرب".
2. إن الإسلام يحث على الرياضة التي تحمي البدن وتقويه ، فالمؤمن القوي خير وأحب إلى الله تعالى من المؤمن الضعيف ، ولكن يجب ألا يأتي حب أو ممارسة الرياضة على حساب تأدية الصلاة في وقتها، فهذا أمر مرفوض.
3. إذا حدث ومرض الصغير ، فيجب أن نعوِّده على أداء الصلاة قدر استطاعته ، حتى ينشأ ويعلم ويتعود أنه لا عذر له في ترك الصلاة ، حتى لو كان مريضاً ، وإذا كنت في سفر فيجب تعليمه رخصة القصر والجمع ، ولفت نظره إلى نعمة الله تعالى في الرخصة، وأن الإسلام تشريع مملوء بالرحمة.
4. اغرس في طفلك الشجاعة في دعوة زملائه للصلاة ، وعدم الشعور بالحرج من إنهاء مكالمة تليفونية أو حديث مع شخص ، أو غير ذلك من أجل أن يلحق بالصلاة جماعة بالمسجد ، وأيضاً اغرس فيه ألا يسخر من زملائه الذين يهملون أداء الصلاة ، بل يدعوهم إلى هذا الخير ، ويحمد الله الذي هداه لهذا.
5. يجب أن نتدرج في تعليم الأولاد النوافل بعد ثباته على الفروض.
و لنستخدم كل الوسائل المباحة شرعاً لنغرس الصلاة في نفوسهم ، ومن ذلك:
المسطرة المرسوم عليها كيفية الوضوء والصلاة .
** تعليمهم الحساب وجدول الضرب بربطهما بالصلاة ، مثل: رجل صلى ركعتين ، ثم صلى الظهر أربع ركعات ، فكم ركعة صلاها؟...وهكذا ، وإذا كان كبيراً ، فمن الأمثلة:" رجل بين بيته والمسجد 500 متر وهو يقطع في الخطوة الواحدة 40 سنتيمتر ، فكم خطوة يخطوها حتى يصل إلى المسجد في الذهاب والعودة ؟ وإذا علمت أن الله تعالى يعطي عشر حسنات على كل خطوة ، فكم حسنة يحصل عليها؟
*** أشرطة الفيديو والكاسيت التي تعلِّم الوضوء والصلاة ، وغير ذلك مما أباحه الله سبحانه . (2)
أما مسألة الضرب عند بلوغه العاشرة وهو لا يصلي، ففي رأي كاتبة هذه السطور أننا إذا قمنا بأداء دورنا كما ينبغي منذ مرحلة الطفولة المبكرة وبتعاون متكامل بين الوالدين ، أو القائمين برعاية الطفل، فإنهم لن يحتاجوا إلى ضربه في العاشرة، وإذ اضطروا إلى ذلك ، فليكن ضرباً غير مبرِّح ، وألا يكون في الأماكن غير المباحة كالوجه ؛ وألا نضربه أمام أحد ، وألا نضربه وقت الغضب...وبشكل عام ، فإن الضرب(كما أمر به الرسول الكريم في هذه المرحلة) غرضه الإصلاح والعلاج ؛ وليس العقاب والإهانة وخلق المشاكل ؛ وإذا رأى المربِّي أن الضرب سوف يخلق مشكلة ، أو سوف يؤدي إلى كره الصغير للصلاة ، فليتوقف عنه تماماً ، وليحاول معه بالبرنامج المتدرج الذي سيلي ذكره...
ولنتذكر أن المواظبة على الصلاة -مثل أي سلوك نود أن نكسبه لأطفالنا- ولكننا نتعامل مع الصلاة بحساسية نتيجة لبعدها الديني ، مع أن الرسول صلى الله تعالى عليه وسلم حين وجهنا لتعليم أولادنا الصلاة راعى هذا الموضوع وقال "علموا أولادكم الصلاة لسبع ، واضربوهم عليها لعشر" ، فكلمة علموهم تتحدث عن خطوات مخططة لفترة زمنية قدرها ثلاث سنوات ، حتى يكتسب الطفل هذه العادة ، ثم يبدأ الحساب عليها ويدخل العقاب كوسيلة من وسائل التربية في نظام اكتساب السلوك ، فعامل الوقت مهم في اكتساب السلوك ، ولا يجب أن نغفله حين نحاول أن نكسبهم أي سلوك ، فمجرد التوجيه لا يكفي ، والأمر يحتاج إلى تخطيط وخطوات وزمن كاف للوصول إلى الهدف، كما أن الدافع إلى إكساب السلوك من الأمور الهامة ، وحتى يتكون ، فإنه يحتاج إلى بداية مبكرة وإلى تراكم القيم والمعاني التي تصل إلى الطفل حتى يكون لديه الدافع النابع من داخله ، نحو اكتساب السلوك الذي نود أن نكسبه إياه ، أما إذا تأخَّر الوالدان في تعويده الصلاة إلى سن العاشرة، فإنهما يحتاجان إلى وقت أطول مما لو بدءا مبكرين ، حيث أن طبيعة التكوين النفسي والعقلي لطفل العاشرة يحتاج إلى مجهود أكبر مما يحتاجه طفل السابعة، من أجل اكتساب السلوك نفسه ، فالأمر في هذه الحالة يحتاج إلى صبر وهدوء وحكمة وليس عصبية وتوتر .. (4)
ففي هذه المرحلة يحتاج الطفل منا أن نتفهم مشاعره ونشعر بمشاكله وهمومه ، ونعينه على حلها ، فلا يرى منا أن كل اهتمامنا هو صلاته وليس الطفل نفسه ، فهو يفكر كثيرا بالعالم حوله ، وبالتغيرات التي بدأ يسمع أنها ستحدث له بعد عام أو عامين ، ويكون للعب أهميته الكبيرة لديه ، لذلك فهو يسهو عن الصلاة ويعاند لأنها أمر مفروض عليه و يسبب له ضغطاً نفسياً...فلا يجب أن نصل بإلحاحنا عليه إلى أن يتوقع منا أن نسأله عن الصلاة كلما وقعت عليه أعيننا!!
ولنتذكر أنه لا يزال تحت سن التكليف ، وأن الأمر بالصلاة في هذه السن للتدريب فقط ، وللاعتياد لا غير!! لذلك فإن سؤالنا عن مشكلة تحزنه ، أو همٍّ، أو خوف يصيبه سوف يقربنا إليه ويوثِّق علاقتنا به ، فتزداد ثقته في أننا سنده الأمين، وصدره الواسع الدافىء ...فإذا ما ركن إلينا ضمنَّا فيما بعد استجابته التدريجية للصلاة ، والعبادات الأخرى ، والحجاب . (7)


عمروعبده 10-08-2010 02:21 PM

رابعا:ً مرحلة المراهقة :
يتسم الأطفال في هذه المرحلة بالعند والرفض ، وصعوبة الانقياد ، والرغبة في إثبات الذات - حتى لو كان ذلك بالمخالفة لمجرد المخالفة- وتضخم الكرامة العمياء ، التي قد تدفع المراهق رغم إيمانه بفداحة ما يصنعه إلى الاستمرار فيه ، إذا حدث أن توقُّفه عن فعله سيشوبه شائبة، أو شبهة من أن يشار إلى أن قراره بالتوقف عن الخطأ ليس نابعاً من ذاته ، وإنما بتأثير أحد من قريب أو بعيد . ولنعلم أن أسلوب الدفع والضغط لن يجدي ، بل سيؤدي للرفض والبعد ، وكما يقولون "لكل فعل رد فعل مساوٍ له في القوة ومضاد له في الاتجاه" لذا يجب أن نتفهم الابن ونستمع إليه إلى أن يتم حديثه ونعامله برفق قدر الإمكان.
وفيما يلي برنامج متدرج ، لأن أسلوب الحث والدفع في التوجيه لن يؤدي إلا إلى الرفض ، والبعد ، فكما يقولون :"إن لكل فعل رد فعل مساوٍ له ومضادٍّ له في الاتجاه".
هذا البرنامج قد يستغرق ثلاثة أشهر، وربما أقل أو أكثر، حسب توفيق الله تعالى وقدره.

المرحلة الأولى:
وتستغرق ثلاثة أسابيع أو أكثر ، ويجب فيها التوقف عن الحديث في هذا الموضوع "الصلاة" تماماً ، فلا نتحدث عنه من قريب أو بعيد ، ولو حتى بتلميح ، مهما بعد.فالأمر يشبه إعطاء الأولاد الدواء الذي يصفه لهم الطبيب ، ولكننا نعطيه لهم رغم عدم درايتنا الكاملة بمكوناته وتأثيراته ، ولكننا تعلمنا من الرسول صلى الله عليه وسلم أن لكل داء دواء ، فالطفل يصاب بالتمرد و العناد في فترة المراهقة ، كما يصاب بالبرد أغلبية الأطفال في الشتاء.
و تذكر أيها المربي أنك تربي ضميراً، وتعالج موضوعاً إذا لم يُعالج في هذه المرحلة ، فالله سبحانه وتعالى وحده هو الذي يعلم إلى أين سينتهي ، فلا مناص من الصبر ، وحسن التوكل على الله تعالى وجميل الثقة به سبحانه.
ونعود مرة أخرى إلى العلاج، ألا وهو التوقف لمدة لا تقل عن ثلاثة أسابيع عن الخوض في موضوع الصلاة ، والهدف من التوقف هو أن ينسى الابن أو الابنة رغبتنا في حثه على الصلاة ، حتى يفصل بين الحديث في هذا الأمر وعلاقتنا به أو بها ، لنصل بهذه العلاقة إلى مرحلة يشعر فيها بالراحة ، وكأنه ليس هناك أي موضوع خلافي بيننا وبينه ، فيستعيد الثقة في علاقتنا به ، وأننا نحبه لشخصه ، وأن الرفض هو للفعال السيئة ، وليس لشخصه.
فالتوتر الحاصل في علاقته بالوالدين بسبب اختلافهما معه أحاطهما بسياج شائك يؤذيه كلما حاول الاقتراب منهما أو حاول الوالدان الاقتراب منه بنصحه، حتى أصبح يحس بالأذى النفسي كلما حاول الكلام معكما ، وما نريد فعله في هذه المرحلة هو محاولة نزع هذا السياج الشائك الذي أصبح يفصل بينه وبين والديه.

المرحلة الثانية:
هي مرحلة الفعل الصامت ، وتستغرق من ثلاثة أسابيع إلى شهر.
في هذه المرحلة لن توجه إليه أي نوع من أنواع الكلام ، وإنما سنقوم بمجموعة من الفعال المقصودة ، فمثلاً "تعمد وضع سجادة الصلاة على كرسيه المفضل في غرفة المعيشة مثلاً ، أو تعمَّد وضع سجادة الصلاة على سريره أو في أي مكان يفضله بالبيت ، ثم يعود الأب لأخذها و هو يفكر بصوت مرتفع :" أين سجادة الصلاة ؟ " أريد أن أصلي ، ياه ... لقد دخل الوقت ، يا إلهي كدت أنسى الصلاة...
ويمكنك بين الفرض والآخر أن تسأله :"حبيبي ، كم الساعة ؟هل أذَّن المؤدِّن؟ كم بقى على الفرض؟ حبيبي هل تذكر أنني صليت؟ آه لقد أصبحت أنسى هذه الأيام ، لكن يا إلهي ، إلا هذا الأمر .... واستمر على هذا المنوال لمدة ثلاثة أسابيع أخرى أو أسبوعين حتى تشعر أن الولد قد ارتاح ، ونسى الضغط الذي كنت تمارسه عليه ؛ وساعتها يمكنك الدخول في المرحلة الثالثة...

المرحلة الثالثة:
قم بدعوته بشكل متقطِّع ، حتى يبدو الأمر طبيعياً ، وتلقائياً للخروج معك ، ومشاركتك بعض الدروس بدعوى أنك تريد مصاحبته ، وليس دعوته لحضور الدرس ، بقولك:"حبيبي أنا متعب وأشعر بشيء من الكسل، ولكِنِّي أريد الذهاب لحضور هذا الدرس ، تعال معي ، أريد أن أستعين بك ، وأستند عليك ، فإذا رفض لا تعلق ولا تُعِد عليه الطلب ، وأعِد المحاولة في مرة ثانية.
ويتوازى مع هذا الأمر أن تشاركه في كل ما تصنعه في أمور التزامك من أول الأمر، وأن تسعى لتقريب العلاقة وتحقيق الاندماج بينكما من خلال طلب رأيه ومشورته بمنتهى الحب والتفاهم ، كأن تقول الأم لابنتها: " حبيبتي تعالي ما رأيك في هذا الحجاب الجديد " ما رأيك في هذه الربطة؟ كل هذا وأنت تقفين أمام المرآة ، وحين تستعدين للخروج مثلا تقولين لها:" تعالى اسمعي معي هذا الشريط "، ما رأيك فيه؟"سأحكي لك ما دار في الدرس هذا اليوم " ثم تأخذين رأيها فيه ، وهكذا بدون قصد أوصليها بالطاعات التي تفعلينها أنت .
اترك ابنك أو ابنتك يتحدثون عن أنفسهم ، وعن رأيهم في الدروس التي نحكي لهم عنها بكل حرية وبإنصات جيد منا ، ولنتركهم حتى يبدأون بالسؤال عن الدين وعن أموره.

ويجب أن نلفت النظر إلى أمور مهمة جدا:
يجب ألا نتعجل الدخول في مرحلة دون نجاح المرحلة السابقة عليها تماما ، فالهدف الأساسي من كل هذا هو نزع فتيل التوتر الحاصل في علاقتكما ، وإعادة وصل الصلة التي انقطعت بين أولادنا وبين أمور الدين ، فهذا الأمر يشبه تماما المضادات الحيوية التي يجب أن تأخذ جرعته بانتظام وحتى نهايتها ، فإذا تعجلت الأمر وأصدرت للولد أو البنت ولو أمراً واحداً خلال الثلاثة أسابيع فيجب أن تتوقف وتبدأ العلاج من البداية.
لا يجب أن نتحدث في موضوع الصلاة أبداً في هذا الوقت فهو أمر يجب أن يصل إليه الابن عن قناعة تامة ، وإذا نجحنا في كل ما سبق- وسننجح بإذن الله ، فنحن قد ربينا نبتة طيبة حسب ما نذكر، كما أننا ملتزمين، وعلى خلق لذلك فسيأتي اليوم الذي يقومون هم بإقامة الصلاة بأنفسهم ، بل قد يأتي اليوم الذي نشتكي فيه من إطالتهم للصلاة وتعطيلنا عن الخروج مثلا!
لا يجب أن نعلق على تقصيره في الصلاة إلا في أضيق الحدود ، ولنتجاوز عن بعض الخطأ في أداء الحركات أو عدم الخشوع مثلا. ولنَـقصُـر الاعتراض واستخدام سلطتنا على الأخطاء التي لا يمكن التجاوز عنها ، كالصلاة بدون وضوء مثلا.
استعن بالله تعالى دائما ، ولا تحزن وادع دائما لابنك وابنتك ولا تدع عليهم أبدا ، وتذكر أن المرء قد يحتاج إلى وقت ، لكنه سينتهي بسلام إن شاء الله ، فالأبناء
في هذه السن ينسون ويتغيرون بسرعة، خاصة إذا تفهمنا طبيعة المرحلة التي يمرون بها وتعامَلنا معهم بمنتهى الهدوء، والتقبل وسعة الصدر والحب. (8)
كيف نكون قدوة صالحة لأولادنا؟
يمكن في هذا المجال الاستعانة بما يلي:
محاولة الوالدين يوم الجمعة أن يجلسا معا للقيام بسنن الجمعة_بعد الاغتسال- بقراءة سورة الكهف ، والإكثار من الاستغفار والصلاة على الرسول صلى الله تعالى عليه وسلم ، لينشأ الصغار وحولهم هذا الخير ، فيشتركون فيه فيما بعد .
حرص الوالدين على أن يحضر الأولاد معهما صلاة العيدين ، فيتعلق أمر الصلاة بقلوبهم الصغيرة .
الترديد أمامهم -من حين لآخر- أننا صلينا صلاة الاستخارة، وسجدنا سجود الشكر ..وغير ذلك . (2)
أطفالنا والمساجد:
كما لا يمكننا أن نتخيل أن تنمو النبتة بلا جذور ، كذلك لا يمكن أن نتوقع النمو العقلي والجسمي للطفل بلا حراك أو نشاط ، إذ لا يمكنه أن يتعرف على الحياة وأسرارها ، واكتشاف عالمه الذي يعيش في أحضانه ، إلا عن طريق التجول والسير في جوانبه وتفحص كل مادي ومعنوي يحتويه ، وحيث أن الله تعالى قد خلق فينا حب الاستطلاع والميل إلى التحليل والتركيب كوسيلة لإدراك كنه هذا الكون ، فإن هذه الميول تكون على أشُدَّها عند الطفل ، لذلك فلا يجب أن نمنع الطفل من دخول المسجد حرصاً على راحة المصلين ، أو حفاظاً على استمرارية الهدوء في المسجد ، ولكننا أيضا يجب ألا نطلق لهم الحبل على الغارب دون أن نوضح لهم آداب المسجد بطريقة مبسطة يفهمونها، فعن طريق التوضيح للهدف من المسجد وقدسيته والفرق بينه وبين غيره من الأماكن الأخرى ، يقتنع الطفل فيمتنع عن إثارة الضوضاء في المسجد احتراماً له ، وليس خوفاً من العقاب...ويا حبذا لو هناك ساحة واسعة مأمونة حول المسجد ليلعبوا فيها وقت صلاة والديهم بالمسجد (9) ، أولو تم إعطاؤهم بعض الحلوى ، أو اللعب البسيطة من وقت لآخر في المسجد ، لعل ذلك يترك في نفوسهم الصغيرة انطباعا جميلا يقربهم إلى المسجد فيما بعد.
فديننا هو دين الوسطية ، كما أنه لم يرد به نصوص تمنع اصطحاب الطفل إلى المسجد، بل على العكس ، فقد ورد الكثير من الأحاديث التي يُستدل منها على جواز إدخال الصبيان(الأطفال) المساجد ، من ذلك ما رواه البخاري عن أبي قتادة: ( خرج علينا النبي صلى الله عليه وسلم وأمامة بنت العاص على عاتقه ، فصلى ، فإذا ركع وضعها ، وإذا رفع رفعها ) كما روى البخاري عن أبي قتادة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم: ( إني لأقوم في الصلاة فأريد أن أطيل فيها ، فأسمع بكاء الصبي ، فأتجوَّز في صلاتي كراهية أن أشُق على أمه ) ، وكذلك ما رواه البخاري عن عبد الله بن عباس قال: ( أقبلت راكباً على حمار أتان، وأنا يومئذٍ قد ناهزت الاحتلام، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي بالناس بمنى إلى غير جدار، فمررت بين يدي بعض الصف، فنزلت وأرسلت الأتان ترتع، ودخلت في الصف، فلم يُنكر ذلك علىّْ ) .
وإذا كانت هذه هي الأدلة النقلية التي تهتف بنا قائلة:"دعوا أطفالكم يدخلون المسجد"، وكفى بها أدلة تجعلنا نبادر بالخضوع والاستجابة لهذا النداء، فهناك أدلة تتبادر إلى عقولنا مؤيدة تلك القضية ، فدخول أطفالنا المسجد يترتب عليه تحقيق الكثير من الأهداف الدينية ، والتربوية ، والاجتماعية ، وغير ذلك.... فهو ينمي فيهم شعيرة دينية هي الحرص على أداء الصلاة في الجماعة، كما أنها تغرس فيهم حب بيوت الله، وإعمارها بالذكر والصلاة ، وهو هدف روحي غاية في الأهمية لكل شخص مسلم . (9)

خير معين بعد بذل الجهد:
لعل أفضل ما نفعله بعد بذل كل ما بوسعنا من جهد وبالطريقة المناسبة لكل مرحلة عمرية ، هو التضرع إلى الله عز وجل بالدعاء ، ومن أمثلة ذلك :
{ رب اجعلني مقيم الصلاة ومن ذريتي ربنا وتقبَّل دعاء } .
" يا حي ياقيوم برحمتك أستغيث أصلح لأولادي شأنهم كله ولا تكلهم إلى أنفسهم طرفة عين ، ولا أقل من ذلك".
"اللهم اهدهم لصالح الأعمال والأهواء والأخلاق ، فإنه لا يهدي لصالحها إلا أنت،
واصرف عنهم سيئها لا يصرف سيئها إلا أنت"
"اللهم إني أسالك لهم الهدى والتقى والعفاف والغِنَى"
"اللهم طهِّر بناتي وبنات المسلمين بما طهَّرت به مريم، واعصِم أولادي وأولاد المسلمين بما عصِمتَ به يوسف"
"اللهم اجعل الصلاة أحب إليهم من الماء البارد على الظمأ، إنك على كل شيء قدير وبالإجابة جدير، يا نعم المولى ونعم النصير"

تجارب الأمهات:
فيما يلي بعض من تجارب الأمهات التي نجحت في ترغيب أطفالهن في الصلاة ، ولكل أم أن تختار ما يتناسب مع شخصية طفلها ، دون أضرار جانبية.
1- قالت لي أم لولدين : لاحظت أن الابن الأصغر مستاءٌ كثيراً لأنه الأصغر وكان يتمنى دائماً أن يكون هو الأكبر، فكنت كلما أردته أن يصلي قلت له:" هل صليت؟"
فيقول "لا"، فأقول" هل أنت صغير، فيقول لا، فأقول:" إن الكبار فقط هم الذين يصلون"، فتكون النتيجة أن يجري إلى الصلاة!
2- وأمٌ أخرى كانت تعطي لولدها ذو الست سنوات جنيها كلما صلى الخمس صلوات كاملة في اليوم ، وكانوا يدخرون المبلغ حتى اشترى بها هدية كبيرة، وظلت هكذا حتى اعتاد الصلاة ونسي المكافأة!! [ ونذكر بضرورة تعليم الطفل أن أجر الله وثوابه على كل صلاة خير له وأبقى من أي شيء آخر ].
3- وأمٌ ثالثة قالت أن والد الطفل رجل أعمال ووقته الذي يقضيه بالبيت محدود ، وكان لا يبذل أي جهد لترغيب ابنه في الصلاة ، ولكن الله تعالى رزقهم بجار كان يكبر الولد قليلا وكان يأخذ الصبية من الجيران معه إلى أقرب مسجد للبيت ، فكانوا يخرجون معا
عند كل صلاة ويلتقون فيمرحون ويضحكون في طريقهم من وإلى المسجد حتى اعتاد ابنها الصلاة!!
4- وأمٌ رابعة تقول أن زوجها كان عند صلاة المغرب والعشاء يدعو أولاده الثلاثة وهم أبناء خمس ، و سبع وثماني سنوات فيصلُّون معه جماعة وبعد الصلاة يجلسون جميعا على سجادة الصلاة يتسامرون ويضحكون بعض الوقت ، وكان لا يقول لمن تخلف عن الصلاة لِمَ تخلفت، وكان يتركهم يجيئون ليصلوا معه بمحض إرادتهم ، حتى استجابت الابنة والتزمت بالصلاة مع والدها في كل الأوقات، ثم تبعها الولدان بعد ذلك بالتدريج، وكان الوالد-بين الحين والآخر- يسأل الابن الأكبر حين بلغ سن الثانية عشرة من عمره :"هل أعطيت ربك حقه عليك؟"
فكان يذكره بالصلاة دون أن يذكر كلمة الصلاة ، إلى أن عقد المسجد الذي يقترب من البيت مسابقة للطلاب جميعا ًلمن يصلي أكثر في المسجد ، وأعطوهم صحيفة يقوم إمام المسجد بالتوقيع فيها أمام كل صلاة يصليها الطالب بالمسجد ، فحرص الابن الأكبر وزملاؤه من الجيران على تأدية كل الصلوات-حتى الفجر- في المسجد حتى اعتاد ذلك فأصبح بعد انتهاء المسابقة يصلي كل الأوقات بالمسجد !!!
5- تقول أم خامسة:"ألحقت أولادي بدار لتحفيظ القرآن، وكانت المعلمة بعد أن تحفِّظهم الجزء المقرر في كل حصة تقوم بحكاية قصة هادفة لهم ، ثم تحدثهم عن فضائل الصلاة وترغِّبهم فيها وحين يأتي موعد الصلاة أثناء الحصة تقول لهم :"هيا نصلي الظهر جماعة ، وليذهب للوضوء مَن يريد " ، حتى أقبل أولادي على الصلاة بنفوس راضية والحمد لله!!!
6- أما الأم السادسة فتقول:" كنت أترك ابنتي تصلي بجواري ولا أنتقدها في أي شيء مخالف تفعله ، سواء صلت بدون وضوء ، أم صلت الظهر ركعتين...حتى كبرت قليلاًً و تعلمت الصلاة الصحيحة في المدرسة، فصارت تحرص على أدائها بالتزام !!!
7- وتقول أم سابعة أن ولدها قال لها أنه لا يريد أن يصلي لأن الصلاة تضيع عليه وقت اللعب ، فطلبت منه أن يجريا تجربة عملية وقالت له أنت تصلي صلاة الصبح وأنا أقوم بتشغيل ساعة الإيقاف الجديدة الخاصة بك (كان الولد فرح جداً بهذه الساعة ، فتحمس لهذا الأمر ) ، فبدأ يصلي وقامت الأم بحساب الوقت الذي استغرقه في هاتين الركعتين ، فوجدا أنهما استغرقتا دقيقة وعدة ثوان!!، فقالت له لقد كنت تصلي ببطء ، وأخذت منك صلاة الصبح هذا الوقت اليسير ، معنى ذلك أن الصلوات الخمس لا يأخذن من وقتك إلا سبعة عشر دقيقة وعدة ثواني كل يوم ، أي حوالي ثلث ساعة فقط من الأربع وعشرين ساعة كل يوم ، فما رأيك؟!!! فنظر الولد إليها متعجباً.
8- وقالت أم ثامنة أنها بعد أن أعدت ابنها إعداداً جيدا منذ نعومة أظفاره ليكون عبدا لله صالحاً ، وذلك من خلال الحديث عن الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم ، ورواية قصص الأنبياء ، وتحفيظه جزء عم ، بعد كل ذلك اضطرت لنقله من مدرسة اللغات التي نشأ بها- بعد أن تغيرت أحوالها للأسوأ من حيث الانضباط الأخلاقي والدراسي- إلى مدرسة لغات أخرى ولكنها إسلامية تضيف منهجا للدين غير المنهج الوزاري كما أن بها مسجداً كبيراً ، ويسود بها جو أكثر احتراما والتزاماً ، إلا أنه ربط بين بعض المشكلات التي واجهها هناك -كازدحام الفصول ، وتشدد بعض المدرسين أكثر من اللازم ، وعدم قدرته على تكوين صداقات بسرعة كما كان يأمل...وغير ذلك- بالدين وعبادة الله تعالى ، فبدأ لا يتقبل الحديث في الدين بالبيت ، وانقطع عن الصلاة، وبدأ يعرض عن الاستماع إلى أي برنامج أو درس ديني بالتلفزيون أو بالنادي أو بأي مكان، ثم بدأ يسخر من الدين ، وينتقد أمه بأنها : "إسلامية" ، ففكرت الأم في اصطحابه لعمرة في الإجازة الصيفية ليرى أن الدين أوسع بكثير من أمه المتدينة ، ومدرسته الإسلامية ، وخشيت الأم أن يصدر منه أي تعليق ساخر أمام الكعبة المشرفة، ولكنها كانت متيقنة من الله تعالى سيسامحه ، فما هو إلا طفل ، فلما رآها انبهر بمنظرها ، وظل يتساءل عن كل هذا النور الذي يحيط بها ، خاصة أنه أول ما رآها كان في الليل، وتركته الأم يفعل ما يشاء : يلعب ، ويتسوق ، ويشاهد أفلام الأطفال بالتلفزيون ، ويذهب إلى الحَرَم باختياره ، ويحضر الندوات الدينية المصاحبة للعمرة باختياره، مصطحباً معه لعبته ، فلما عاد إلى البيت كانت أول كلمة قالها -بحمد الله تعالى- هي: "متى سنذهب للعمرة ثانيةً؟؟" وتغيرت نظرته لله تعالى ، وللدين ، وللصلاة...و تأمل الأم أن يلتزم-بمرور الوقت- بإقامة الصلاة إن شاء الله تعالى

عمروعبده 10-08-2010 02:24 PM

كيف تجعل ابنك مطيعاً
إعداد / عبداللطيف بن يوسف المقرن
رمضان 1423هـ

فضل تأديب الولد
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( لأن يؤدب الرجل ولده خير من أن يتصدق بصاع) الترمذي و قال (ما نحل والد ولداً أفضل من أدب حسن ) الترمذي .
كيف تجعل ابنك مطيعا ً؟
نقصد بالولد/الذكر والأنثى, ومن كان دون الرشد و ليس رضيعاً, و إن كان لكل مرحلة سمات و أساليب في التعامل , لكن الحديث هنا عام بسبب صعوبة التفصيل لكل مرحلة على حدة , و منعاً للإطالة .
ما هي صفات الابن الذي نريد ؟
أن يتصف بصفات فاضلة أجمع العقلاء على استحسانها و جاء الشرع حاظاً عليها و أهمها ما يلي :
أ- الدين
نعني الابن صاحب القلب و الضمير الحي , و الابن موصول القلب بالله و المؤمن حقاً .
قال تعالى: (والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان ألحقنا بهم ذريتهم ) الطور
و قال عليه الصلاة والسلام : (ألا إن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح سائر الجسد إذا فسدت فسد سائر الجسد ألا وهي القلب ), فصلاح القلب بالدين فإذا استقام دين المرء استقامت أحواله كلها .
قال تعالى ( ربنا هب لنا من أزواجنا و ذرياتنا قرة أعين و اجعلنا للمتقين إماماً ) الفرقان

ب- كبر العقل
قال الشاعر:
يزين الفتى في الناس صحة عقله و إن كان محظورا عليه مكاسبه
يشين الفتى في الناس قلة عقله وإن كرمت أعراقه و مناسبه
يعيش الفتى بالعقل في الناس إنه على العقل يجري علمه و تجاربه
و أفضل قسم الله للمرء عقله فليس من الأشياء شيء يقاربه
إذا أكمل الرحمن للمرء عقله فقد كملت أخلاقه و مآربه

وأشد ما يخشاه المرء الحمق, قال الشاعر :
لكل داء دواء يستطب به إلا الحماقة أعيت من يداويها

ج - الطاعة :
أن يستجيب لتوجيهاتك ويعمل ما يعلم أنك ترضاه و يترك ـ ما يريده ـ رغبة في تحقيق رضاك (إنما الطاعة بالمعروف ) وبالقدوة الحسنة يتربى الابن على صفات الأب الحسنه
د- حسن الخلق:
وقال صلى الله عليه وسلم: (إن الرجل ليدرك بحسن خلقه درجة الصائم القائم ) الحديث فالابن الحسن الخلق كثير الطاعة لله و لوالديه .
من الذي يصنع الرجال؟ من يحدد سمات الابن؟
لاشك أنه الأبوان حيث أنه كلما كانا قدوة حسنة لأبنائهم كلما كان صلاح الأبناء أقرب , ففي الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ( ما من مولود الا يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه ) الحديث
و إذا كانا مسلمين كان الولد مسلماً , فصلاح الآباء سبب لصلاح الأبناء قال تعالى: ( وكان أبوهما صالحاً )الكهف .
1 ـ التنشئة المتدرجة :
- تنشئة الطفل شيئاً فشيئاً حتى يرشد قال تعالى (و لكن كونوا ربانيين بما كنتم تعلمون الكتاب و بما كنتم تدرسون) آل عمران.
تربيته و تعاهده حتى يشب و يقوى ساعده و يبلغ أشده مثال ذلك تربية إبراهيم لإسماعيل عليهما السلام , ثم كيف استجاب لطلب والده بتنفيذ رؤياه ب***ه إياه .
فلا بد من التنمية المتدرجة (التعليم للفعل المرغوب) ، التقويم للخطأ و الرد الى الصواب , و ذلك بأن تعمل على تعديل ما تراه من خطأ شيئاً فشيئاً , و لا تعجل فإن الإخفاق في التغيير الشامل ثقيل وله عبء على النفس قد يقعد بها عن السعي بما ينفع ولو كان هذا السعي قليلاً سهلا.

2 - بذل الحقوق للطفل ( اختيار الأم، التسمية الجيدة ، التعويد على الفضائل )
3- حفظ القرآن
فحفظ القرآن الذي به أكبر مخزون من المعارف التي تهذب النفس وتقوم السلوك و تحيي القلب لأنه لا تنقضي عجائبه, فكلما زاد مقدار حفظ الولد للآيات و السور زاد احتمال معرفته بمضامينها التي هي إما عقيدة تقود السلوك أو أمر بخير أو تحذير من شر أو عبر ممن سبق أو وصف لنعيم ( أهل الطاعة أو جحيم أهل المعصية ) .
4- التعليم قبل التوجيه أو التوبيخ :
( حيث أن البناء الجيد في المراحل المبكرة من حياة الطفل تجنبه المز الق وتقلل فرص الانحراف لديه مما يقلل عدد الأوامر الموجهة للطفل فمن الأوامر ما يوافق هواه وخاطره وباله ما يخالف ذلك,تدل الدراسات أن هنالك ما يقارب من 2000 أمر أو نهي يوجه من الجميع للطفل يومياً !! لذا عليك أن تقلل من المراقبة الصارمة له, و من التحذيرات, و من التوجيهات, و من الممنوعات, ومن التوبيخ التلقائي
نعم الطفل يحب مراقبة الكبار له لكنه ليس آلة نديرها حسب ما نريد !! . فلماذا نحرم أنفسنا من رؤية أبنائنا مبدعين ؟؟
و هناك أهمية بالغة في تربية الطفل الأول ليقوم هو بمساعدتك في تربية من بعده , لكن احذر (( كثرة الأوامر له و قلة خبرتك في التعامل مع الصغير لأنها التجربة الأولى لك و لأمه في تربية إنسان !!! )) .

وأنت تتعامل مع أخطاء ابنك تذكر ذلك:
أن الجزء الأفضل من ابنك لمََـا يكتمل بعد , و أن عقله وسلوكه وتعامله لم يكتمل بعد !!
هل فات الوقت المناسب للتربية ؟؟؟
الوقت باقي مادام الإبن دون سن الرشد.
ما الذي يقطع عليك الطريق إلى اكتمال ابنك بالصورة التي ترغب؟
هناك عدة أمور أهمها:
- ترك المبادرة إلى تقويم الأخطاء.
- القدوة السيئة
إذا شاهد الولد الأب أو الأم _ القدوة _ يكذب فلن يصدق الابن أبداً !! .
- إبليس
قال تعالى على لسان إبليس (لأقعدن لهم صراطك المستقيم ثم لأتينهم من بين أيديهم و من خلفهم و عن أيمانهم و عن شمائلهم ولا تجد أكثرهم شاكرين)
- النفس الأمارة بالسوء
((وما أبرئ نفسي إن النفس لأمارة بالسوء إلا ما رحم ربي إن ربي غفور رحيم)) يوسف .
- أصدقاء السو ء
ورد في الحديث ( مثل الجليس الصالح والجليس السوء كحامل المسك و نافخ الكير) هناك الكثير من أصدقاء السوء أوصلوا أصاحبهم إلى المهالك .
إذا سارت الأمور على طريق مختلف
أو تُرك الابن و أهمل و حدث الخلل !!

فما موقفك...؟ عند الخلل في..؟؟؟ فلذة كبدك !!
ابنك من استرعاك الله إياه تذكر أنه صغير – ضعيف - قليل الخبرة – بسيط التجربة- يعايش ظروف تجعله غير مستقر بسبب مرحلته العمرية !
هنا لابد أن تلاحظ مايلي :
1- الأحداث مؤقتة.
2- ليس المهم ما الذي حصل لكن المهم كيف تفكر في الذي حصل
3- حاول أن تقلل التفكير في الإساءات أو الإزعاجات .
4- لا تترك وتتجاهل الأمور التي يفعلها وتزعجك .
5- لا تجعل رضاك متوقفا على أمر واحد .
6- أحذر النقد القاسي للأسرة والأبناء .
7- تذكر الذكريات الإيجابية .
8- لا تركز على صرا عات خاسرة .
9- علمه و لا ت***ه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (علموا ولا ت***وا فإن المعلم خير من الم*** ) الحديث
10- تقبل ابنك مرحلياً بلا شروط .
11- الرضا التام قليل و نادر .
أدرك كل هذا حتى ترى طريق التربية الهادئة بوضوح .

ما لذي يفيد في جعل طاعة الابن لأوامر الأب أكثر ؟
هناك عدة وسائل أهمها :
أولاً: التربية على الاستقامة
مهم تربيته على الفرائض و محبة الخير وأهله و بغض المنكر و أهله , ورد في الحديث ( مروا أولادكم بامتثال الأوامر و اجتناب النواهي , فذلك وقاية لكم و لهم من النار ) .
ثانياً: أدنو منه
عند ما تريد توجيهه فاقترب منه أولاً حتى تلامسه لقول النبي صلى الله عليه وسلم للشاب الذي جاء يستأذنه في الزنى ( أدن مني ثم مسح على صدره ) الحديث .
إذا شعرت بقربك من الآخرين فانك سوف تشعر بالرضا عن نفسك .

ثالثاً : قويٍ العلاقة به
لا بد من بناء العلاقة الجيدة معه وتنميتها و صيانتها مما يعكر صفوها, فالعلاقة القائمة على الرحمة و الشفقة و التقدير و الصفح لها أثر كبير .
عندها ستقول : علاقاتي قربت مني الناس قاطبة !! وسوف تزيد من شبكة العلاقات الطيبة ؟
وجد أن العلاقة السامية لها ميزات كثيرة منها :
سرعة إنجاز العمل ، تسهيل الخدمة دون ضرر ، الاستعداد لأداء العمل برغبة، تذليل المشاكل إن وجدت .
و أن العلاقة العادية لها آثار منها :
تبادل الخبرات، حرارة اللقاء ، اكتساب عدد من الأصدقاء .
و العلاقة المؤقتة لها آثار منها :
إنجاز بطيء ، عدم الاكتراث بالمتكلم, تبادل الخبرات
أما العلاقة السيئة فأضرارها :
عدم أداء الخدمة برغبة, عدد قليل من الأصدقاء ,الترصد الأخطاء ، إنهاء اللقاء بأسرع وقت، عدم بروز العمل الجماعي .
رابعاً: قابله بالابتسامة و بطلاقة وجه :
تبسمك في وجه ابنك صدقة وقربى وتقارب للقلوب , فإن عمل الابتسامة في نفس الابن لا حدود لها في كسبه و استجابته لما تريد منه .
خامساً : مارس طلاقة الوجه
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( لا تحقرن من المعروف شيء و لو أن تلقى أخاك بوجه طلق ) الحديث . تعود على طلاقة الوجه مع أبنائك لأنه كلما كنت سهلا طليق الوجه كلما ازدادت دائرتك الاجتماعية معهم أو مع غيرهم, وكلما كنت فظا منغلقا كلما ضاقت دائرتك حتى تصبح صفراً . قال تعالى ( ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك ) آل عمران
الدور الذي تجنيه عندما تملك مهارة طلاقة الوجه :
1- تبعث هذه المهارة روح التجديد و النشاط . 2- تقضي على التوتر و الضغوط النفسية .
3- ينجذب إليك الناس . 4- تجعلك مقبولا لدى الناس .
5- تذيب السلوكيات غير المرغوبة مثل (الكبر ، الحسد، الحقد و العناد) .
6- تضفي روح التواضع . 7- تشعر عند تمثلك هذه المهارة بسهولة المؤمن و ليونته
8- تعيد روح الود و تبث روح المداعبة . 9- تكسبك الجولة في النقاشات الحادة .
سادساً: امنحه المحبة
المحبة تفعل في النفوس الأعاجيب و رسول الله خير قدوة في ذلك لأنه تحلى بأفضل خلق يتحلى به بشر فأحبه أصحابه محبة لم يشابهها محبة من قبل و لا من بعد , فهل يستطيع أحد أن يجاري فضائل النبي صلى الله عليه وسلم و أخلاقه و سجاياه التي حببته للناس و الدواب حتى الجماد , و يدل على ذلك قصة ثوبان رضي الله عنه ففي الحديث (أن ثوبان رضي الله عنه كان شديد الحب للنبي صلى الله عليه وسلم قليل الصبر عنه أتاه ذات يوم و قد تغير لونه فقال له الرسول صلى الله عليه وسلم ما غير لونك فقال يا رسول الله ما بي من مرض و لا وجع غير أني إذا لم أراك استوحشت وحشة شديدة حتى ألقاك ثم ذكرت الآخرة فأخاف أن لا أراك لأنك ترفع مع النبيين و إني إن دخلت الجنة فإن منزلتي أدنى من منزلتك , و إن لم أدخل الجنة لم أراك أبداً فنزلت الآية : ( و من يطع الله و الرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين و الصديقين و الشهداء و الصالحين و حسن أولئك رفيقاً) النساء .
غريب أمر الحب في حياة الناس فلا أحد يشبع منه , وكل من يحصل عليه يشع بدفئه و صفائه على من حوله .
- ليس هناك أفضل من أن تظهر ذلك التقدير بأن تخبر شخصاًً ما مقدار اهتمامك به لقول النبي صلى الله عليه وسلم للرجل الذي قال : أنه يحب فلاناً " هلاَ أخبرته أنك تحبه " الحديث .
- الدراسات بيَنت أن الذي لا يفعل ذلك قد تكون علاقته مع الآخر تنافسية و أفضل مكافأة للولد هو شعوره أن أمه و أبو يحبانه ويثقان به فعلا !!! عندها سوف يحبهما فعلاً لا لمصلحة ما.
- إذا أحبك الناس فانك بأعينهم كحديقة فيها شتى أنواع الزهور ذات الرائحة الفواحة .
كل طفل يحب أن يكون محبوباً و مُحباً و إلا فإنه سوف يلجأ إلى إزعاج من حوله لتنبيههم لحاجته إلى الحب

سابعاً: عليك بالهدوء
تحلى بالهدوء و الحلم و الرفق ورد في الحديث ( ما كان الرفق في شيء إلا زانه و ما نزع من شي إلا شانه)
لا تجعل جفوة والدك _ أن وجدة _ عليك صغيراً سبباً في تعاسة ابنك مستقبل


عمروعبده 10-08-2010 02:25 PM

ثامناً : عامله بالثقة و التقدير و التقبل.
أشعره بمدى أهميته بالنسبة لك , و بثقتك به , فإن شخصيته تتحدد بحسب ما يسمع منك من أوصاف تصفه بها فإذا كنت تصفه دائما بالذكاء فإنك ستجده ذكياً , و إن كنت تصفه بالبخل فستجده مستقبلاً بخيلاً شحيحاً و هكذا فكن واثقاً من نفسك و اجعل ابنك واثقاً من نفسه حتى يكون لنفسه مفهوماً جيداً و ايجابياً .
فقد ثبت أن الأيمان الراسخ في قدراتنا الذاتية يزيد من الرضا في الحياة بنسبة 30 % و يجعلنا أكثر سعادة ! و أقدر على النجاح , و كن متفائلاً..!ّ و واقعياً في توقعاتك ......... إن السعداء من الناس ...
لا يحصلون على كل ما يريدون !!! و لكنهم يرغبون في كل ما يحصلون عليه
فنظرتك لنفسك سوف تجدها واقعاً بفعل الإيحا النفسي , سواء اعتقدت أنك تستطيع أو لا تستطيع فأنت على حق في كلتا الحلتين فاجعل ابنك واثقاً من نفسه و في قدراته و لا تحطمها _ بقلة الثقة به _ قبل أن يبرزها للوجود .
و لكن لا تكن مفرطا في الثقة !! و اعلم أن التقدير الإيجابي للذات مهم في تربية الرجال ليحققوا ذوات هم على حقيقتها بعيداً عن تحطيم الشخصية الذي قد يمارسه الكبار مع الناشئة .
تاسعا : اجعل لابنك هدفا في الحياة
تشير الدراسات أن من أفضل أدوات التنبؤ بالسعادة هي...... فيما إذا كان الإنسان يعتقد أن هناك هدف في حياته ؟؟؟ , بلا أهداف محددة نجد أن سبعة أشخاص من بين عشرة يشعرون بعدم الاستقرار في حياتهم .
عاشراً: احرص على تماسك أسرتك
فـعبارة _ إنني أعيش مع زوجي من أجل الأطفال _ احذر أن يسمعها ابنك من أمه حتى لا يشعر بمدى التفكك الحاصل بين والديه _أن وجد _ فيضعف بسبب ضعف الأسرة ذلك الركن الذي يركن إليه_ بعد الله _ و يرتاح .
حادي عشر : تعرف على صفات ابنك :
لابنك صفات تختلف عن صفات الكبار أهمها :
1- يميل الصغير دائماً إلى أن يحصل على رضى الكبار المهمين في حياته .
2- الثناء و الثقة و التقدير تؤثر على سلوكه أكثر من التوبيخ و الزجر .
3- عادة ما يستقبل الابن أوامر الوالدين بمنتهى الحب والرغبة في التنفيذ و لكن قد يرتبك عندما يتلقى الأوامر بعصبية أو فتور أو استهجان فيتخيل أنه كائن غير مرغوب فيه أو أن والديه قد قررا التخلي عنه أو أنهما ضاقا ذرعاً به و أنه مصدر إزعاج لهما , و هذا الارتباك قد يؤدي به إلى عدم تنفيذ الأوامر الصادرة عنهما .
4- و الولد يُحبُ أن يقوم هو بالجز الأكبر من العمل فإذا زاد عليه الإلحاح ظهر عليه العناد
5- و يحارب كثير من الأبناء من أجل أن يلعب باللعب المحبب لديه .
6- الكبار عندما يصرخون في وجه الصغير هي دعوة له ليتحدى الكبار _ خاصة إذا كانت الأوامر متناقضة , و أن يستمر في السلوك السيئ ويتمادى فيه ليعرف لأي درجة يمكن أن يصل الصراع بينه وبين الكبار .
7- الطفل يمتلك قدرة هائلة على تحمل والديه فهو أطول منهما نفساً عند العناد و التحدي.
8- الأولاد يحتاجون قدراً من الحرية ليختاروا نوع النشاط الخاص بهم .
9- الولد بحاجة أن تعلمه كل جديد دون أن تكرهه عليه .
10- الطفل يدرك مشاعرك تجاهه ويركز عليها ولا يهتم للتوجيه إذا كانت المشاعر تجاهه سلبية _ وقت لخطأ الذي يرتكبه _ مثل الغضب منه أو الحيرة تجاه سلوكه .
مثال ذلك :-
عند ما يجري أمامك ليفتح الباب ثم تصطدم رجله بإناء فينكسر الإناء إذا كان رد فعلك أن تغضب تنفعل فإنه لن يستقبل أي معلومة أو توجيه . أمَا إذا ضبطت نفسك و حاورته بهدوء ووجهته كيف يجب أن يجري مستقبلاً داخل الصالة فإن الرسالة سوف تصل إليه و معها احترامك له وتقديرك لأخطائه التي لا يجد هو نفسه مبرراً لها. و قد يكون منزعجاً منها ولا يرغب في تكرارها دون أن تحدثه عن الخطأ الذي ارتكبه !!! .
11- يحتاج إلى الرعاية الممزوجة بالثقة فلا تكن مفرطاً في الوقاية له من أخطار ما يتعامل معه من ألعاب أو مهام .
12- الصغار لا يحبون ما يشعرهم بالعجز أمام الكبار , و من ذلك إثارة العواطف عند الحديث معهم كقولك إني أخاف عليك من كذا إني مشفق عليك من كذا , فلا نجني من إثارة العواطف معهم إلا الإعراض أو العناد.
13- الولد تتوسل إليه فيعاندك و تتحدث معه كصديق فيطيعك !!! بسبب المنافسة على قلب الأم و البنت على قلب الأب .
14- يحب الصغار أن تتضمن الأوامر الصادرة من الكبار معنى إمكانية المساعدة منهم له .
15- النفاق مع الابن لا يفيد لأنه قادر على اكتشاف حقيقة الأمر !!! .
16- استجابة الولد تتأثر بالوقت و العبارات , فاختر الوقت المناسب للتوجيه أو النقد... وكذلك العبارات المناسبة .
اعلم !!!
أن هناك من هو أقدر منك على كسب ود ابنك فالجد و الجدة أقدر على التعامل المعقول مع الأبناء بسبب أن الوقت بالنسبة لهم وقت حصاد و لعدم تأثرهم بالانفعالات الناتجة عن تصرف الصغير و لقدرتهم على النزول لمستواه و لوجود الخبرة الكافية لديهما , وعلى أساس أن الصغير عندهما صاحب حق في إجابة رغبته المعقولة , و الآباء و الأمهات ينتابهم الخوف على مستقبل الولد و فيختلط لعبه _ الأب / الأم _ مع الابن برغبته / رغبتها في التوجيه و عدم الصبر و ضيق الوقت فتصدر الأوامر المختلطة بالتهديد , وكذلك الأقارب والغرباء يستطيعون أن يحققوا تواصلاً جيداً في الغالب مع الصغير فيكون مطيعاً لهم فما هو السبب !! تأمل ستجد أن نوع العلاقة التي أنشئت تختلف عن العلاقة التي بينك وبينه غالباً.
لاحظ !!!
أنك لست دائماً على حق و أنت تتعامل مع مشكلات أبنائك , فاجعل عقلك هو ارتكاز السهم !!! .......و ليس عاطفتك ؟ .
ثاني عشر : عوده على الحوار :
تفاهم فالحوار الهادئ هو أساس الامتزاج و الاندماج لا بد أن يُعطي فرصة لسماع ما لديه ثم محاورته بهدوء و بمنطقية و عقلانية , لأنه قد لا يعرف الكثير من المعلومات عن سلبيات الأمر الذي و قع فيه و لا ايجابيات تركه , لأنه لم يخبر من قبل بذلك , أو أنه قد نسي ما تعلم , أو كسل عنه .
حدد ما الذي يجعلك حزيناً أو سعيداً وبلغ به في وقت الهدوء فقط
ابحث عن مراكز القوة لديه و أبرزها له و امتدحه فيها و لا تشعره بالضعف أبداً.
البدء بالثناء عليه و مدحه و التركيز على الأمور التي يتقنها
افتح المجال للحوار و افتعال المواقف لذلك .
ابحث عن السبب الحقيقي لما دفعه لفعل ذلك الأمر ثم وجه أو وبخ أو عالج و قد تلوم نفسك على تقصيرك إذا كنت منـصفاً . مهم إيجاد جو مناسب للحديث عن المخالفات , و ذلك بعد أن تهدأ الأمور لأن الولد لا يدرك سلبيات فعله للصواب ولا إيجابيات تركه للخطأ .
إذا أخطأ لا تركز على إظهار مشاعر السخط أو الضجر, بل ركز على إيضاح التصرف المطلوب منه مستقبلاً في مثل هذا الموقف مع مراعاة أن تكون هادئ وغير منفعل.
مثال:
( سلوك رفع صوته في وجهك متذمراً ) فعل لابد أن تُعرِفه بسلبياته و إيجابياته ثم تناقشه في وقت هدوءه وارتياحه و إقباله , و ابدأ بالثناء عليه يما يستحق الثناء بأي فعل آخر , و طالبه بأن يكون في موضوع احترام الوالدين كما هو في ذلك الأمر ( الممدوح فيه ) لاحظ أنه من الضروري أن يكون إدراكه للموضوع محل الحوار مشابه لإدراكك أنت و أنه فهم منك ما تعنيه فعلاً و أن تركيزه على ما تقول مناسب جداً حتى تستطيع أن تطالبه مستقبلا بتنفيذ ما عرفه منك من صواب في هذا السلوك .
من المفيد أن يسمع حوارا عن المشكلة _ محل النقاش _ من شخص أخر محايد و قد يفيد افتعال موقف يجعله يسمع الحوار على أنه من غير قصد منك , أو أن يشعر أن الحديث ليس موجها إليه هو بالذات .
إذا لا تواجه المشكلات منفرداً فمساهمة أي شخص آخر في معالجة الأمور مهم .
كمخلوق اجتماعي تحتاج إلى أن تناقش مشكلاتك مع أشخاص آخربن ممن يولونك و توليهم اهتماما خاصا , أو ممن مر بنفس المشكلة أو من أصحاب الخبرة .
مستشارو القروض المالية يقولون :
إن الشيء الوحيد الذي يحققه إخفاء مشكلاتك هو ضمان عدم مساعدة غيرك لك في الحل .
اسمع ما لديه أو اجمع معلومات ....... ماذا يدور في خلده ؟ ما هي رؤيته للمشكلة ومن يؤثر عليه ؟ و ما هي المعلومات التي تصل إليه ؟
ثالث عشر: استغل الصداقة.
لماذا الصداقة ....؟ , الصداقة لا بد له منها , وأنت تستفيد منها , كإيصال رسالة لا تستطيعها , و قد تجد عند الصديق الكثير من الدعم و المشاركة للأفراح و الأحزان .الصداقة على التقى تهزم المال , و إذا أردت أن تعرف هل فلان سعيد فلا تسأله عن رصيده في البنك ولكن سله عن علاقته بربه ثم عن عدد أصدقائه الذين يحبهم ويحبونه ؟ .
رابع عشر : أغلق التلفاز
و لكن بحكمة و أوجد بديلاً يساعد على تحقيق أهدافك....!!!
التلفاز ما هو إلا حشوت الكريمة التي تبعدك عن جوهر الطعام , يقطع فرص التواصل الطبيعية , يسرق وقتنا ولا يعيده أبداً , افتحه عندما يكون هناك ما يستحق المشاهدة , إنه يفرض علينا ما نشاهد ولا نختار ما يجب أن نشاهد !! مثل من يدخل السوق و يشتري كل ما يراه أمامه ثم عندما يعود لداره يكتشف ضعف نفسه وقلة عقله .
لا تقبل الصورة التي ينقلها لك التلفاز أو الناس من حولك .
خامس عشر : آخر العلاج الكي
عندما تسير الأمور على خلاف ما تراه ... ! ولم تتيقن الخطأ ..! , لا تفترض أن هناك خطأ كبيراً يستحق العقاب ...! أو أنه فعل ذلك لتحقيق مصلحة شخصية فردية له ...!, أو أنه كان يريد النيل منك... !,
افترض أنه محق....! أو مجتهد معذور ....! , أو مخطئ يحتاج التوجيه.... !
و أحذر العقاب وقت الغضب فلا تجعل كتفه ملعباً تلهو فيه _ بكرة القلق الزائد الموجود لديك , العقاب المثمر هو ما تضمن التالي:
1- تعليم السلوك المرغوب فيه و التحذير من السلوك المرفوض وذلك قبل الوقوع في الخطأ .
2- الاتفاق على العقوبة حال الخطأ , بحيث تكون مناسبة لحجم الخطأ .
3- أن يفهم أن هذا خطأُ يستحق العقوبة عليه .
4- أن يدرك أن العقوبة متجهة للسلوك و ليس لشخصه هو .
وأخيراً تأكد من أنه أدرك خطأه حتى لا يكون للعقوبة أثر سلبي يجلب العناد أو التمرد .
كن حكيماً في عقدك للمقارنات
في الواقع أنه لم يتغير شيء نتيجة للمقارنة ...!!! الاَ أن شعورنا تجاه حياتنا يمكن أن يتغير بشكل كبير بناء على تلك المقارنة , فكثير من حالات الشعور بالرضا أو عدم الرضا تعود إلى كيفية مقارنة أنفسنا بالآخرين من هم أفضل منا أو قل حظاً منا ! في تربية أولادهم .
فوض غيرك ينكر عليه بالأسلوب المناسب إذا وقع في منكر .
عليك أن تبقى دائماً مع الحقيقة و تسعى جاهداً على تحسين الأمور !... كل يحلم بأسرة مثالية ولكن ينجح في تحقيق شيئاً من ذلك الواقعيين منهم !! .
إذا لم تكن متأكداً .... ليكن تخمينك على الأقل ..... إيجابيا انتبه فقد تحصل على ما تريد بأبسط طريق.
افعل ما تقول أنك ستفعله . لا تكن عدوانياً . لا تفكر في مبدأ ( ماذا لو ) . طور اهتماماً مشتركاً مع الابن و لاعبه . اضحك معه ومازحه . لتكن حمامة سلام . لا تساوم على أخلاقياتك . لا تشتري السعادة بالمال فقط .
أخيراً تذكر أن مشوار التربية طويل و البداية الصحيحة تختصره و وتضفي عليه طعماً مختلفاً ,
و اطلب العون من الله و استعن ولا تعجز و لا تقل لو أني فعلت كذا لكان كذا و لكن جدد و و اصل العمل و قل قدر الله و ما شاء فعل ثم ابذل السبب .
و الحمد لله رب العالمين

عمروعبده 12-08-2010 12:29 PM

الإهداء
الإهداء

- إلى من كل من يسهم في خدمة كتاب الله عز وجل بإخلاص .
- إلى كل برعم من براعم الإيمان يعمل جهده لحفظ القرآن الكريم .
- إلى كل من يحفظ كتاب الله عز وجل عن ظهر قلب .
- إلى أئمة الحرمين الشريفين جميعاً وفقهم الله .
أهدي هذا البحث



الإبداع في تعليم القرآن الكريم

مقدمة
الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجا ، والصلاة والسلام على خاتم النبيين محمد الذي علمه ربه القرآن الكريم فعلمه لأصحابه رضوان الله عليهم ، وتوالى حفظه عنهم جيلاً بعد جيل إلى وقتنا هذا ، وأشهد أن لا إله إلا الله الذي أوحى لعبده ونبيه محمد صلى الله عليه وسلم قرآناً تكفل بحفظه بذاته سبحانه فقال : ( إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون ) ([1]) ، وأشهد أن محمداً عبد الله ورسوله ، رغبنا في حفظ القرآن وتعليمه فقال : ( خيركم من تعلم القرآن وعلمه ) ([2]) ، فصلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن سار على نهجه وخطاه إلى يوم الدين .
فقد تشرفت بتدريس القرآن الكريم في قرية وادعة في قلب الصحراء ، أهلها جميعاً عطشى بلهفة وشوق إلى تعلم كتاب الله عز وجل وحفظه ، وقد كلفت مع زملائي المعلمين في محافظة الطائف من قبل الجمعية الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم أن نكتب بحوثاُ نافعة في مواضيع مختلفة فهداني الله عز وجل لاختيار موضوع ( الإبداع في تعليم القرآن الكريم ) فأرجو الله أن يوفقني في كتابته على الوجه الصحيح الذي يحقق بعونه تعالى النفع لكل من يطلع عليه ممن يشتغل في تعليم كتاب الله عز وجل .
منهج الكتابة
لقد سلكت في كتابة هذا البحث بين القديم في أصالته ، والحديث في معاصرته في الأسلوب وأعترف بداية بوجود هفوات هنا وهناك فالكمال لله وحده ، واتبعت في كتابة الخطة التي رأيتها تستوفي أطراف هذا البحث فكانت كما يلي :
خطة البحث
التميهد : ويشتمل على موضوعين :
1- الإبداع في تعليم القرآن الكريم – مقدمة - .
2- الحاجة إلى موضوع الإبداع .
الفصل الأول :
1- مفهوم الإبداع في تعليم القرآن الكريم .
2- مجالات الإبداع في تعليم القرآن الكريم .
3- وسائل وطرق معينة تساعد على الإبداع وهي :
أ – المكان المناسب .
ب – المدرس المناسب .
ج – نظام الحوافز والتشجيع .
د – عقد لقاءات مع أولياء الأمور .
هـ- الاتصال بالمبدعين في علوم القرآن .
و – اتباع طرق جديدة وتجنب الروتين .
ز – بث روح المنافسة الشريفة بين الطلاب .
الفصل الثاني : أنماط وأساليب جديدة للإبداع .
1- الاهتمام أكثر بتحفيظ القرآن الكريم في الإذاعات المسموعة والمرئية .
2- تخصيص قناة تلفازية لعلوم القرآن الكريم .
3- فتح موقع خاص على شبكة المعلومات الدولية ( الإنترنت ) لتعليم القرآن الكريم .
4- تطوير حلقات التحفيظ بشكل مستمر .
الخاتمة :
أثر الإبداع على المستوى العملي للطالب .
وأطلب من الله العون في أن يوفقني لكتابة هذا البحث وإخراجه بالشكل الذي يليق بجمعية تحفيظ القرآن الكريم وبمدرس القرآن الكريم إنه سميع مجيب .
التمهيد
أولاً : الإبداع في تعليم القرآن الكريم
إن من يمعن النظر في أعمال الجمعية الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم سواء في الطائف أم في سائر مدن المملكة يستنتج أنها من الوسائل التي سخرها الله عز وجل لتساعد على حفظ القرآن الكريم ، وأي دارس لحال القائمين على تدريس القرآن الكريم في أقطار العالم الإسلامي يستنتج أن الجمعيات المنتشرة في سائر مدن المملكة تمتاز عن غيرها في تلك الأقطار بوجود جهاز كامل متكامل يقوم على شباب يقضون الكثير من أوقاتهم على تنظيم سير حلقات تحفيظ القرآن الكريم ومتابعة المشرفين عليها ورعاية الطلاب وتشجيعهم وحل كافة المشاكل التي قد تعيق تقدم تلك الحلقات ، لذلك لا نستغرب إذا حققت هذه الحلقات النتائج الطيبة وآتت الثمار المباركة اليانعة وفعلا فقد تخرج من هذه الحلقات مئات إن لم يكن الآلاف من خيرة الحفاظ والحمد لله ، وذلك كله بفضل الله عز وجل ثم بجهود القائمين على تلك الحلقات والجمعيات فجزاهم الله عز وجل خير الجزاء وجعل أعمالهم في موازين حسناتهم بإذن الله .
ثانياً : الحاجة إلى موضوع الإبداع
مما لا شك فيه أن تدريس القرآن الكريم وتعلمه وتعليمه عمل عظيم ، فالأنبياء عليهم وعلى نبينا الصلاة والسلام لم يورثوا الذهب ولا الفضة ولكنهم ورثوا العلم ، وقد أخبرنا المصطفى صلى الله عليه وسلم أن ( العلماء ورثة الأنبياء ) ([3]) ومن هنا فإن تعليم القرآن الكريم وتدريسه يحتاج إلى إبداع مستمر منذ التحاق صاحب الرسالة صلى الله عليه وسلم بالرفيق الأعلى إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها ، وقد ثبت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يعلم أصحابه عشر آيات حتى إذا حفظوها وطبقوها علمهم غيرها ، فما أن أكمل الله دينه عم الإسلام جزيرة العرب حتى كان من بين الصحابة آلاف الحفاظ لكتاب الله الكريم ، فذلك الأسلوب النبوي مع أصحابه الكرام وهم خير من حمل القرآن وبلغ الإسلام بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقد كانت ( طريقة التلقين والتلقي ) هي الوسيلة الوحيدة لتدريس كتاب الله وحفظه ، فلم يكن القرآن مجموعا في ذلك الوقت ، ولكن نقاء نفوسهم وسلامة سليقتهم جعل منهم بإذن الله القادرين على حفظ القرآن الكريم بمجرد السماع والتلقي وصدق الله العظيم القائل : ( الله أعلم حيث يجعل رسالته ) ([4]) فقد جعل الرسالة في بيئة خصبة مناسبة لها من حيث الزمان والمكان ، فسبحانه هو العليم الخبير .
أما وقد تغيرت أحوال الناس وفسدت ألسنتهم وتشعبت فروع العلم فإن الحاجة أصبحت ملحة إلى الإبداع في تعليم القرآن الكريم ، مع التأكيد على أن طريقة الحفظ ( بالتلقي ) من أفواه العلماء مباشرة هي الوسيلة الباقية الصحيحة لتعليم كتاب الله عز وجل ، وأسباب الحاجة إلى الإبداع كثيرة منها :
1- اختلاط العرب بغيرهم من الأمم والأعاجم منذ الفتوحات الإسلامية وحتى عصرنا الحاضر أفسد اللسان العربي القويم كما أفسد السليقة التي كانت تجعل من العربي يحفظ النص بمجرد سماعه .
2- تشعب فروع العلم واختلافها ، فبعد أن كان المسلم في صدر الإسلام وما بعده يصرف همه إلى تعلم القرآن الكريم أو الحديث الشريف أو علم الأصول أو الفقه نجده اليوم يعوم في بحر متلاطم الأمواج من العلوم التي تنتشر في العالم كله بطريقة يصعب اللحاق بكل فروعها ولكن لا بد من قطف بعض ثمارها .
3- انتشار وسائل اللهو المختلفة في هذه الأيام يؤدي إلى صرف الكثير من شباب المسلمين عن حفظ وتعلم كتاب الله وخاصة أن تلك الوسائل تنتشر من خلال وسائل إعلام رسمية وغير رسمية وأكثرها موجهة لصرف الشباب عن الفضائل والانغماس في مجاري اللهو والفساد .
4- ضعف الروابط الأسرية داخل الأسرة الواحدة ، يجعل من الصعب السيطرة على الأبناء وتوجيههم نحو دراسة وحفظ كتاب الله ويعود ذلك الضعف إلى عدة عوامل أهمها :
أ‌- انشغال الأب وهو رب الأسرة في وظيفته أو تجارته وبعده عن الأبناء وعدم صرف الوقت الكافي لرعاية أسرته ومتابعة أبنائه .
ب‌- جهل كثير من الأمهات بالأساليب التربوية الحديثة وعدم الاهتمام بالأبناء بسبب انشغال كثير منهن في سفاسف الأمور مما يؤدي إلى صرف الأبناء عن حفظ القرآن .
ج- اختلاف نمط المعيشة اليومية ، مما أدى إلى عدم اجتماع أفراد الأسرة معا في أوقات معينة كما كان يحدث سابقاً ، وكمثال على ذلك انتشار المطاعم في الأسواق والأحياء جعل الأبناء يتناولون أكثر وجباتهم خارج منازلهم .
فتلك الأسباب وغيرها جعلت الحاجة ماسة وملحة إلى ابتداع وسائل ملائمة وموائمة ومناسبة لمعطيات ومفردات هذه الأيام .
الفصل الأول :
أولاً : مفهوم الإبداع في تعليم القرآن الكريم
الإبداع لغة : هو الخلق ( الايجاد ابتداء علىغير مثال سابق ) انظر قوله تعالى ( بديع السموات والأرض وإذا قضى أمراً فإنما يقول له كن فيكون ) وانظر كذلك تفسير هذه الآية في ( التفسير الميسر ) نشر مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف بالمدينة النبوية .
أما الإبداع اصطلاحاً : فهو ابتكار واستحداث طرق وأساليب جديدة في مجال معين فإبداع المعلم في الحلقات القرآنية يعني ابتكار طرق وأساليب جديدة لتعليم القرآن الكريم بحيث لا تكون مسبوقة بمثلها من الوسائل والطرق وبحيث تتمشى وتنسجم مع مستجدات الأمور ومعطيات العصر الذي يعيشه المعلم من حيث الزمان والمكان .
وحسب نظرتي المتواضعة فإنه مهما تطورت الأزمان والأساليب والأماكن فإن الحلقة هي الأساس وإن طريقة التلقي من الأفواه هي الأصل في تعليم وحفظ القرآن الكريم ، فمن تلك الحلقة قام محمد صلى الله عليه وسلم يعلم أصحابه القرآن الكريم وأمور دينهم ومنها تخرج كبار الصحابة والتابعين وفيها كان أحمد بن حنبل وسائر الأئمة الأعلام يدرسون تلاميذهم ويخرجون العلماء النابغين كأبي يوسف والأوزاعي وحفص وعاصم والترمذي والبخاري والبيهقي فكانوا بحق أعلام هدى لهذه الأمة المباركة .
إذن ، الحلقة هي الأساس ولكن لا بد من الإبداع في إطار المحافظة على هذه الحلقة ، فمثلاً إذا علمنا أن حلقة ما كانت تدرس تحت ظلال الأشجار أو في الخيام في زمن مضى فلا ضير في إعطائها هذه الأيام في قاعة فسيحة مكيفة مفروشة بالفراش الوثير النظيف ، وإذا كان المدرس في سالف الأيام يستخدم عصا طويلة تمتد لتصل جميع التلاميذ في حلقته فلماذا ؟ وما الذي يمنع أن يستخدم هذه الأيام وسيلة مناسبة كقرص أو اسطوانة حاسوب أو لوحة نظيفة يكتب عليها القرآن الكريم وأحكامه فيشار إليها بمؤشر ليزر لبيان مواضع المد والإدغام وغيرها من أحكام القرآن الكريم ؟ .
ومثال آخر على الإبداع في تعليم القرآن الكريم توظيف المدرس المناسب الذي يتمتع بمزايا تليق بوظيفته فقد كان المدرس سابقاً هو هو لا يتغير مهما كان عنده من السلبيات فقد لا يوجد من عنده القدرة على تدريس القرآن الكريم غيره ، وقد يكون ذلك المدرس الوحيد حريصا على عدم إيجاد مدرس آخر قادر على التدريس لأنه يرى في ذلك الآخر مزاحماً له على لقمة عيشه ، أما في هذه الأيام – ولله الحمد – فالمدرسون المتقنون لفن التجويد والمتمتعون بالمزايا التي تليق بمعلم القرآن الكريم كثيرون ، ويستطيع من يقوم على تحفيظ القرآن الكريم أن يختار منهم الأصلح والأفضل .
ومن هنا فالأمثلة على الإبداع في تعليم القرآن الكريم كثيرة كثيرة تتلخص في ابتكار الوسائل والطرق الحديثة التي تلائم الوسائل التربوية والإعلامية المنتشرة في كل مكان ، واستخدام المدرس القادر على مواكبة الأساليب التربوية الحديثة بشرط أن لا تتناقض مع مقتضيات تدريس القرآن الكريم ، وسوف أبين بإذن الله تعالى في فقرة لاحقة بعض الوسائل والطرق التي تساعد على الإبداع في تدريس القرآن الكريم .
ثانياُ : مجالات الإبداع في تعليم القرآن الكريم
بعد أن عرفنا معنى الإبداع لغة واصطلاحاً فإنه يحق لنا أن نسأل : هل الإبداع محصور في مجال واحد أم أن هناك مجالات عديدة ؟
والواقع أن الإبداع في تعليم القرآن الكريم له عدة مجالات يمكن حصرها في ما يلي :
1- مع الطلاب : أ ) داخل الحلقة ، ويتمثل إبداع المعلم هنا في مظاهر مختلفة تكمن في حسن إدارتهم وضبطهم ، فلا يسمح المعلم أن تكون الحلقة مسرحاً للفوضى من بعض الطلاب فإذا ما صادف وجود طالب أو أكثر يؤثر على حسن سير الحلقة فلا بد من معالجة الأمر معالجة حكيمة وبشتى الوسائل التي تعيد أولئك الطلاب إلى جادة الحق وتضعهم في مصاف الطلبة المثاليين في حضورهم وأخلاقهم .
ومن الأمور التي تساعد على إبداع المعلم داخل الحلقة أن تتوافر فيه صفات المعلم القدوة لطلابه في ألفاظه ومعاملته واستعداده .
ب ) خارج الحلقة ، فإذا كان المعلم متواصلاً مع طلابه بشكل جيد في الشارع والمنزل والمدرسة فإن هذا التواصل ولا شك سيكون رافداً هاماً من روافد الإبداع في تعليم القرآن الكريم .
2- وهناك مجال آخر لا يمكن إغفاله أو تجاهله بل قد يكون هو الأهم من مجالات الإبداع ألا وهو التواصل بين المعلم وبين أولياء الأمور حسب إمكانية التواصل معهم ، فمن الطبيعي أن أي طالب يحضر الحلقة بعلم أهله وخاصة والديه و، ومن هنا يجب أن يحاط الوالدان بما يصدر عن أبنائهم سواء من النواحي الإيجابية أو من النواحي السلبية ، وفي كلتا الحالتين سينعكس ذلك بإذن الله على مستوى أولادهم وبالتالي على مستوى الحلقة الي يزيد من فرص الإبداع في تعليم القرآن الكريم .
فكم من ملاحظة قد يبديها أولياء الأمور تؤدي إلى كثير من الخير وإلى رفع مستوى الحلقة وجني الثمار الطيبة المباركة بإذن الله .
3- وجمعية التحفيظ أيضاً لها دور كبير ومجال هام في الإبداع ، فإذا ما حصلت الثقة بين المعلم من طرف والمشرفين والموظفين والرئيس من طرف آخر وحصل بينهم التعامل الحسن والنصح المتبادل والمشورة والاستشارة والاستفادة والإفادة فلا بد من حصول الفوائد العظيمة والنتائج التي تؤدي إلى الإبداع بعون الله تعالى .
4- أما إمام المسجد وجماعته فهم بعون الله تعالى أكبر مؤازر للمعلم في حلقته إذا أحسن هذا المعلم استثمارهم لصالح الحلقة وهنا أسوف تجربة خاصة حدثت في إحدى الحلقات التي أدرسها بالفيضة حيث أن الطلاب أنفسهم أسهموا بتنظيف المسجد وترتيبه ودهانه وتببيضه على نفتهم الخاصة مما كان له الأثر الطيب عند الإمام وجماعته بل عند أهل الحي جميعاً مما زاد من حرص الآباء على حضور أبنائهم ومتابعتهم فكان سبباً في رفع مستوى الطلاب وزيادة حرصهم على الاستغلال وقت حضورهم في ما يجلب لهم العلم والحفظ الجيد والثواب العظيم من الله تعالى .
5- والمعلم المبدع لا بد أن تكون يومياً وقفة بل وقفات مع ذاته ، فلا بد له من محاسبة نفسه أولاً بأول ، ولا بد من مناقشة عطائه وطرق تدريسه في كل يوم ، ويحرص كل الحرص على تطوير ذاته وتحسين مستواه ولا يتم ذلك إلا بنهل العلم من منابعه الصافية ، والمدوامة على تلاوة ومراجعة كتاب الله عز وجل فإذا تم ذلك فإنه سوف يحصل لديه الإبداع في تعليم كتاب الله كل ذلك بإذنه عز وجل .
ثالثاً : وسائل وطريق معينة على الإبداع
إن الوسائل والطرق التي تساعد على الإبداع في تعليم القرآن الكريم كثيرة حسب ما أرى ، وليس المهم بيان تلك الوسائل والطرق ، ولكن المهم هو تطبيقها و إخراجها إلى حيز الوجود إذا حصلت القناعة بها ضمن الإمكانيات المتاحة ، والتي أعتقد أنها متيسرة والحمد لله إذا وجدت النوايا الصادقة لأنها تخدم أولاً وآخراً كتاب الله عز وجل ، ومن تلك الوسائل والطرق الإبداعية :
أولاً : توفير المكان المناسب بحيث تتوفر فيه الشروط التي تساعد على استمرار الحلقات ، ومن الواقع العملي المشاهد أن بعض الحلقات وخاصة في القرى والبحر تعقد في المسجد في وقت شديد الحر ولا تتوفر فيه وسائل التكييف والتبريد بسبب انقطاع التيار الكهربائي الذي يزود به القرية متعهد لفترات محدودة ، فكيف سيكون حال الدارسين ومدرسهم في مثل تلك الظروف ؟ .
ومثل هذا الأمر يعالج في حال توفر النوايا الصادقة عن أهل الخير ، فلا يستهان بمثل تلك الثغرات المشاهدة في القرى فمن يدري فلعل الله عز وجل يخرج من تلك الحلقات خيرة الحفاظ ؟ فإذا وجدت القاعة المتواضعة ، ومولد الكهرباء المناسب ، وأجهزة تبريد الماء وتكييف الهواء فلا شك أن ذلك سينعكس إيجابا على مستوى الحلقة ونتائجها .
ثانياً : توفير وتوظيف المدرس الناجح الذي يتمتع بصفات سنوردها بعد قليل بإذن الله .
ويتم ذلك عن طريق الدقة في التحري والبحث عن سلوكيات المدرس قبل توظيفه ، فلكل شخص أقران وزملاء وجيران وهؤلاء أفضل من يعطي الصورة الصادقة عن سلوكياته ثم يأتي بعد ذلك دور لجان المقابلات الشخصية والاختبارات ، وإليكم أهم تلك الصفات الواجب توفرها في مدرس القرآن الكريم المبدع :
1- مخافة الله قبل كل شيء والإخلاص في العمل ، فالمدرس هو المسؤول المباشر عن سير الحلقة ومتابعة الطلاب حفظا ومراجعة وسلوكا إذ يصعب تواجد الموجهين في كل حلقة في أي وقت فيبقى العبء الأكبر على كاهل المدرس الذي يجب أن يعلم أن الله عز وجل يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور سبحانه .
2- المظهر اللائق من حيث ارتداء الثوب النظيف من غير ابتذال ومن حيث اتباع السنة المطهرة في إطلاق اللحية وبشاشة الوجه بما يرضي الله ورسوله .
3- حسن العشرة والتعامل مع جميع الناس في البيئة التي يدرس بها وخاصة إذا وجد في تلك البيئة من المشكلات التي قد تحدث بين الناس ، فهنا يتجنب الانحياز إلى أي فئة بل يجب عليه أن يعمل على بذر المحبة ونزع الشر من بينهم أي يكون واسع الأفق يتحلى بالصفات التي تليق بمعلم القرآن الكريم .
4- التمكن من أحكام تلاوة كتاب الله عز وجل وحفظه ، وهذا يعتبر من الأساسيات في أي مدرس إذ لا يعقل أن يتم التعاقد مع أي أحد لا يمتلك هذين الشرطين بمعنى آخر يجب أن يكون المعلم المبدع مفيداً لغيره مستفيداً من أسلافه وأقرانه .
5- قوة الشخصية : فهي أيضا من عناصر المعلم الناجح المبدع الذي تكون لديه القدرة على فرض النظام داخل الحلقة من غير تنفير للطلاب ، والمقدرة على تعويد الطلاب على الحضور المبكر وعدم التغيب عنها والصبر على الحضور امتثالاً لقوله تعالى : ( واصبر نفسك مع الذي يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ) ، فلا بد من أن يكون قوي الشخصية بعيد النظر حتى يتسنى له الإبداع في تعليم كتاب الله عز وجل .
ولعل الصفات الخمس المذكورة سالفاً يمكن جمعها في قوله تعالى على لسان ابنة يعقوب : ( يا أبت استأجره إن خير من استأجرت القوي الأمين ) .
ثالثاً : نظام الحوافز والتشجيع : من المعروف أن النفوس جبلت على حب من أحسن إليها والله عز وجل أعد لعباده المؤمنين جنات النعيم التي وصفها في كتابه الكريم وفي سنة المصطفى صلى الله عليه وسلم جزاء لما يعملون في الدنيا ، ومن هنا فإن طالب التحفيظ يفرح عندما تقدم له هدية تقديرا لصفة أو مجموعة من الصفات التي يتمتع بها ، ولذلك يجب اختيار الهدايا والجوائز بناء على خطة مدروسة بحيث تؤتي ثمارها وبالتالي تؤدي إلى الإبداع لدى جميع الطلاب مما يؤدي إلى نتائج أفضل وتخريج حفظة أكثر بعون الله تعالى .
والناظر إلى الجوائز المقدمة للطلاب في حلقاتهم فإنه لا يسعه إلا أن يقول بداية : جزى الله عز وجل كل الخير كل من يساهم في تقديمها ، غير أنه يجب أن ننبه إلى وجوب إمعان النظر دوما في طبيعة تلك الهدايا المقدمة وقيمتها ونفعها للطلاب فنلاحظ قلة الأشرطة المسجل عليها أجزاء من القرآن الكريم بأصوات أئمة الحرمين الشريفين على سبيل المثال ونكرر أنه لا ينبغي الانتقاص من أهمية الجوائز المقدمة حالياً ، ولكن الأمل معقود على تحسينها ومن تلك الوسائل المقترحة :
1- شريط مسجل عليه جزء عم وأجزاء أخرى تتناسب والمستوى الذي وصلت إليه الحلقة .
2- كتيبات أو كتب تعالج قضايا تمس هموم الشباب والطلاب وتعالج مشكلاتهم .
3- أشرطة تسجيل متنوعة لعلماء أجلاء لهم سمعتهم الطيبة داخل المملكة وخارجها بالإضافة إلى ما تقوم به الجمعية مشكورة من توزيع لمثل هذه الأشرطة .
4- هدايا لها خصوصيات معينة ، فهناك طلاب فقراء يعرفهم المشرف على الحلقة ، فما أجمل أن يقدم لأمثالهم هدية يستفيدون منها وذلك مثل ثوب أو عمامة أو غيرها .
رابعاً : عقد لقاءات مع أولياء الأمور :
لا شك أن ولي الأمر هو الطرف الرئيس المهم في حلقات تحفيظ القرآن الكريم وعندما يكون القصد هو الإبداع في طرق التدريس فيجب أن لا يغفل دور ولي الأمر في هذا الموضوع ، لذلك يجب التخطيط لعقد لقاء موسع مرة على الأقل في كل شهر أو في كل شهرين ، بحيث يتم فيه مناقشة مشكلات الأبناء الطلاب مثل الغياب وقلة الحفظ ونسيان ما يحفظ وغيرها من المشكلات ولا بأس أن يصاحب ذلك اللقاء برامج ترفيهية وترويحية للطلاب يتبعها غداء يسهم به الطلاب أنفسهم وتقديم جوائز حتى لو كانت من إسهامات أولياء الأمور .
خامساً : الاتصال بالمبدعين من الحفاظ والمتعلمين :
لعل الاتصال بالمبدعين في علوم القرآن الكريم وخاصة في حفظه وتلاوته وكذلك بالدارسين الذين تكتشف فيهم عناصر الإبداع من أنجح الوسائل التي تنمي الإبداع عند الطلاب ، وفي هذا السياق ليته يصبح عند الحلقات عادة في التواصل فيما بينها وزيارة خاصة لمكة المكرمة والمدينة المنورة من المناطق الأخرى ، بالإضافة إلى ذلك فإن زيارة الحلقات التي يشار إليها بالبنان يؤدي إلى إحياء روح التنافس الشريف بين الدارسين للحصول على فوائد كبيرة .
سادساً : اتباع طرق جديدة بين الحين والآخر تبعد الطلاب عن شبح الروتين ومنها :
1- إبقاء الطلاب في أماكنهم في الحلقة والبدء في التسميع لهم واحدا بعد الآخر .
2- المناداة على الطلاب من واقع كشف الحضور إلى أن ينتهي الجميع من التسميع .
3- استدعاء أحد الطلاب ليجلس أمام المدرس فيتلو حصته من الحفظ مع بقاء الطلاب في أماكنهم يستمعون إلى تلاوته مستفيدين من تقويم المدرس له .
4- تقسيم الطلاب إلى مجموعات ثنائية ( كل مجموعة من طالبين فقط متقاربين في الحفظ ) بحيث يسمع أحدهما للآخر وينادي المدرس على الطلاب ليقوم حفظهم .
5- تقسيم الطلاب إلى مجموعات غير ثنائية ( رباعية أو خماسية ) بحيث يكلف الطالب الأكفأ منهم بالتسميع والمراجعة لما يحفظه طلاب تلك المجموعة تحت إشراف المدرس ومراقبته .

سابعاً : بث روح المنافسة الأخوية الشريفة بين الطلاب :


وهذه بعض الاقتراحات في هذا المجال

أ‌- تقديم جائزة قيمة لكل من يتم حفظ جزء من أجزاء القرآن الكريم هذا بالإضافة إلى الجائزة المقدمة من جمعية تحفيظ القرآن الكريم .
ب‌- إخبار ولي الأمر تباعا بمستوى ابنه بحيث يداوم على تشجيع ابنه وتكريمه ووعده بالمزيد من الهدايا في حال مداومة ابنه على الحفظ وتميزه في الحلقة .
ج- تكريم أي طالب يتم حفظ جزء لزملائه في الحلقة ، وقد شاهدت في طلابي الفرح والسرور عندما يتم أحدهم حفظ جزء فيقدم لهم الحلوى والشراب ، ولعل ذلك يذكرنا بالاحتفال الذي كان يتم لكل من يختم جزء عم مثال حيث كان يحمل على الأكتاف ويطاف به القرية إلى أن ينتهي المطاف إلى المسجد .

الفصل الثاني :
4- أنماط وأساليب جديدة للإبداع
لقد ذكرت حتى هذه الفقرة بعض ما هداني الله إليه من وسائل وطرق تسهم في الإبداع في تعليم القرآن الكريم وتدريسه ، وحيث أن كتاب الله عز وجل هو المعجزة الباقية الخالدة حتى يرث الله الأرض ومن عليها فلا بد من وسائل وأنماط وأساليب جديدة تسهم في الإبداع في تدريسه وحفظه وبحيث تتلاءم مع معطيات هذا العصر الذي نعيشه والعصور التالية .
ولا أدعي الكمال في هذا المجال فالكمال لله وحده ولكني أجتهد فيه معتمدا على الله سبحانه وتعالى وداعيا إياه أن يوفقني إلى إيضاح بعض الأنماط والأساليب الجديدة ومنها :
أولاً : زيادة البرامج المتخصصة بتحفيظ القرآن الكريم وتعليم أحكام تلاوته في إذاعة القرآن الكريم أكثر مما هي عليه الآن ، وبث تلك البرامج في مواعيد مناسبة مع أوقات الطلاب بشكل عام وأوقات راحتهم وإجازاتهم بشكل خاص مع عدم إنكار الدور الكبير الذي تقوم به إذاعة القرآن الكريم ، غير أن مواعيد تلك البرامج غير معروف بالدقة لدى أكثر الطلاب بالإضافة إلى عدم شموليتها .
ثانياً : تخصيص قناة فضائية تلفازية لعلوم القرآن الكريم مع التركيز على التحفيظ وأحكام تلاوته ، وقد أصبح وجود مثل هذه القناة ضروريا أمام ما نشاهده من وفرة هذه المحطات الفضائية التي تبث الكثير من الغث والقليل القليل من السمين وتسهم في صرف شباب المسلمين عن كتاب الله عز وجل .
ومن هنا يجب تنبيه الموسرين وحثهم وكذلك المتخصصين في الإعلام على إنشاء مثل هذه المحطة القرآنية ، لا شك أنها تحتاج إلى جهود إعلامية ضخمة ونفقات مالية كبيرة ولكن كل شيء سيتيسر بإذن الله في حالة وجود النوايا الطيبة والجهود المخلصة وتظافرها .
ثالثاً : فتح موقع خاص بالقرآن الكريم على شبكة المعلومات الدولية ( الإنترنت ) بحيث يختلف عن المواقع الحالية والتي لا تخلو من التحريف كما نسمع ونقرأ عنها وبحيث تتوفر فيه الشروط التالية :
أ‌- أن يقوم ببث المعلومات علماء أجلاء متخصصون في علوم القرآن الكريم .
ب‌- أن ينال الشباب والطلاب الحظ الأوفر من تلك البرامج الموجهة .
ج- أن تكشف ما تقوم به بعض الشبكات من تحريف لكتاب الله عز وجل .
رابعاً : تطوير حلقات تحفيظ القرآن لما فيه الأفضل باستمرار وسوف أركز في هذا الجزء على تلك الحلقات الموجودة في القرى والتي تفتقر إلى وسائل معينة ومن أساليب ذلك التطوير :
أ – تزويد كل حلقة بمكتبة صوتية متخصصة في تدريس القرآن الكريم تحتوي على أشرطة لكامل أجزاء القرآن الكريم وجهاز تسجيل عالي الجودة والتحمل .
ب-تزويد كل حلقة ( حسب الإمكانات ) بجهاز كمبيوتر مع أقراص وأسطوانات خاصة بتعليم القرآن الكريم .
ج- تأمين الحلقات القروية في فترة انقطاع الكهرباء بعد العصر بأجهزة تكييف هواء تعمل على الشحن أثناء انقطاع التيار .
د- تكليف المشرف على الحلقة بكتابة تقرير شهري شامل عن حلقته ومتابعة مثل تلك التقارير .
الخاتمة
5- أثر الإبداع على المستوى العلمي للطالب
إن مثل تلك الوسائل والأنماط والأساليب التي ذكرتها في سطور هذا البحث إذا أتيح لها التطبيق الجيد سوف تؤتي أكلها بإذن الله عز وجل وسوف يكون لها بحول الله الأثر الإيجابي الطيب على الطلاب .
فالطالب في هذه الأيام منشغل بيومه الدراسي وحتى أثناء عطلته بمناهج مدرسية كثيرة وواجبات يومية واختبارات متتالية ، وبعد ذلك تلاحقه قنوات فضائية مزدحمة فلا بد إذن من التفكير الجاد المخلص في كيفية ترغيب الطالب في الحضور إلى حلقات التحفيظ والإقبال على كتاب الله عز وجل .
وأعتقد أن ما سردته في هذا البحث بتوفيق من الله سيؤدي أيضاً بحول الله إلى رفع كفاءة الطالب ورفع مستواه العلمي لما في تلك الأمور من تنمية لمهاراته وتنمية لشخصيته وإثراء لمعلوماته وتوسيع لمداركه .
وفي ختام هذا البحث أسأل الله عز وجل أن يجزي القائمين على هذه الدورة خاصة وكل منتسبي جمعية تحفيظ القرآن الكريم خير الجزاء وأن يجعل أعمالهم هذه في موازين حسناتهم .
كما أدعوه سبحانه أن يهدي شباب المسلمين وطلابهم للإقبال على حفظ كتاب الله عز وجل وأسأله أن يوفق الجميع لما فيه خير الإسلام والمسلمين ولتعليم كتاب الله والحمد لله رب العالمين .
المراجع
1- التفسير الميسر : إعداد نخبة من العلماء ، إصدار مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف بالمدينة النبوية 1419هـ .
2- كتب الحديث النبوية الشريف الصحيحة .
3- من علوم القرآن : عبد الفتاح القاضي ، ط 2 ، إصدار الكليات الأزهرية ، مصر 1396 هـ .
4- كيف تحفظ القرآن الكريم ؟ ، عبد الرب نواب الدين ، إصدار جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية 1408هـ .
5- طلائع البشر في توجيه القراءات العشر ، محمد الصادق قمحاوي ، ط 1 ، الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة
6- المدرس ومهارات التوجيه ، محمد بن عبد الله الدويش ، ط 2 ، دار الوطن بالرياض 1416هـ ز
7- التبيان في آداب حملة القرآن ، النووي ، ط 1 ، 1413هـ ، مكتبة المؤيد ، الطائف ، ومكتبة دار البيان ، دمشق .
8- المدخل إلى علم التجويد ، عبد الودود الزراري ، ط 1 ، 1985م ، الوكالة العربية للتوزيع ، الزرقاء الأردن .

















فهرس الموضوعات
م

الموضوع
الصفحة
1
المقدمة
2
2
الإبداع في تعليم القرآن الكريم ( مقدمة )
4
3
الحاجة إلى الإبداع
4
4
مفهوم الإبداع في تعليم القرآن الكريم
6
5
مجالات الإبداع في تعليم القرآن الكريم
7
6
وسائل وطرق معينة على الإبداع
9
7
أنماط وأساليب جديدة للإبداع
11
8
الخاتمة
13





( [1]) آية 9 من سورة الحجر .

( [2]) صحيح البخاري .

( [3]) حديث صحيح .

( [4]) الأنعام ( 124 ) .

عمروعبده 12-08-2010 12:32 PM

بسم الله الرحمن الرحيم
لمحات في أدب الطفل
إبراهيم بن سعد الحقيل

عرفت البشرية منذ وجودها أدب الطفل ـ وإن لم يكن مكتوباً ـ فهو من أنواع الأدب المختلفة، يعبر عن الأمة: عقيدتها، وهويتها، وآمالها، وأساليب عيشها.

والإسلام ذو عناية بالطفل قبل أن يكون إلى أن يكون، وبعد أن يكون إلى أن يبلغ مرحلة التكليف، وكانت عناية القرآن الكريم بالطفل ظاهرة، واهتمام رسولنا الكريم - صلى الله عليه و سلم - به ساطعة.

وسنلقي الضوء في هذه العجالة على الأدب الخاص بالطفل؛ من منظورنا نحن ـ أهل التوحيد والسنة ـ لا من منظور غيرنا المستعار.

ما أدب الطفل؟
إن أفضل تعريف وأيسره هو: أن كل ما كُتب وصُوِّر وقُرئ ليقرأه ويراه ويسمعه الطفل فهو أدب للطفل.

ونحن ماذا نريد من أدب الطفل؟ إننا نريد منه أن يحقق لنا عدداً من الأهداف الكثيرة التي تدخل تحت أربعة أهداف رئيسة هي:
1 - أهداف عقدية.
2 - أهداف تعليمية.
3 - أهداف تربوية.
4 - أهداف ترفيهية.

وذلك التقسيم لكيلا تتداخل الأفكار، وإلا فكل الأهداف تدخل تحت الهدف العقدي؛ لأننا أمَّةٌ عقيدتنا تشمل جميع شؤون الحياة الكبيرة منها والصغيرة.

1 - الهدف العقدي:
أهل كُل أمَّة كتبوا أدبهم مستمدين ذلك من عقائدهم، فتجد آثار تلك العقائد ظاهرة في آدابهم جليَّة، وبما أن ديننا الإسلام خاتم الأديان والمهيمن عليها وجب علينا أن يكون هذا الأدب معبراً عن تلك الحقيقة، فنجعل عقيدتنا تصل إلى الأطفال عن طريق الربط بينها وبين جميع حواسهم وملاحظاتهم ومداركهم؛ لأنه لا خوف من ذلك؛ فعقيدتنا لا تصطدم بشيءٍ من الحقائق العقلية، فتكون كلمة التوحيد موجودة في ذلك الأدب حتى تنمو معه. ولقد حرص الإسلام على أن يكون أولَ ما يطرق سمع الصبي الشهادتان، وكان سلفنا أول ما يحرصون عليه أن يتكلم الطفل بالشهادة، فتنمو معه ويزداد حبُّه لها.

يقول الغزالي: «اعلم أن ما ذكرناه في ترجمة العقيدة ينبغي أن يقدم إلى الصبي في أول نشوئه ليحفظه حفظاً لا يزال ينكشف له معناه في كِبَرِه شيئاً فشيئاً»(1).

لا بد من ترسيخ حب الله ـ سبحانه وتعالى ـ ومعرفة قدرته، وأنه خالق الإنسان ومسيِّر الكون، وأن المرجع والمآل إليه، فينشأ الطفل غير مشوش التصور وضعيفه، تهزُّه أول كلمة شك، أو ينساق وراء الجهل، فيقع في الشرك أو البدع المهلكة.

وما أجمل تلك الأناشيد التي تمجد الخالق وتحث على التدبر في مخلوقاته، أو تلك القصص والصور التي تزيد الطفل يقيناً بعظمة الخالق وقدرته، فيزداد حباً لربه ويقيناً بعقيدته التي تدعوه إلى التضحية في سبيل الله كما فعل سلفه الصالح.

ومن تلك الأهداف العقدية محبة رسول الله - صلى الله عليه و سلم - والأنبياء والرسل، وذلك عن طريق السيرة النبوية وقصص الأنبياء المستمدة من القرآن الكريم والسنة الكريمة لا من الإسرائيليات، فما أروع تلك القصص عندما تكون تفسيراً مبسطاً لقصص الأنبياء والمرسلين التي وردت في القرآن، فيزداد ارتباطه بالقرآن، ويعلم علم اليقين أنه المصدر السابق لتلك القصص، وأنه لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، فيكون ذلك درعاً للدفاع عندما يصل إليه المشككون، كما يصبح له ذلك طريقاً لتعلم القرآن وقراءته ومحبته والارتباط به. ومن الأهداف كذلك تحبيب الأطفال بالرسول - صلى الله عليه و سلم -، ومعرفة حقه، ووجوب طاعته؛ ففي عرض سيرته مجملة أو مقسمة خير مرسخ لتلك المحبة، والتركيز على صلته بأصحابه وعرض محبتهم له وفدائهم له، وما أكثر تلك المواقف القصصية في سيرته وسيرهم.

كما تعرض لهم علاقته مع أهل بيته، وليكون الطفل على دراية بدور الأم والأب والأولاد، فلا يكون ذلك غرضاً يرمى به عند الأقلام المسمومة.

ولا بد في أدب الطفل من استلهام كل أمرٍ عقدي من القرآن الكريم؛ حتى يعرف الطفل عن طريق تلك الآداب أن القرآن مصدر عقيدته لا يدخله شك ولا شبهة ليكون ذلك خير دفاع في نفسه في وجه تيارات الكفر والضلال، فينشأ الطفل قادراً على التكيف لا تتنازعه الأهواء، ويكون أكثر اتزاناً؛ لأن العقيدة الصحيحـة غُـرسـت في قلبه وفكــره بتمثلهـم لها عـن طـريق تلك الآداب.

يقول الإمام الغزالي: «ويرسل إلى المكتب مبكراً فيتعلم القرآن وأحاديث الأخيار، وحكايات الأبرار ليُغرَس في نفسه حب الصالحين»(2).

وليس الأمر في ذلك بحشو أدب الطفل بتلك الأسس حشواً، بل تكون أسساً يركز عليها ذلك الأدب. فقد تكون القصة أو التلوين أو الفيلم أو الأنشودة في بابها أو تحوي بين ثناياها تلك الأسس لتصل إلى الطفل مقرونة بشيء من المحسوسات؛ لتكون أسرع رسوخاً في ذهن الطفل، مبسطة حتى يمكن لعقل الصغير إدراكها، وفي القرآن الكريم أمثال لذلك من ضرب الأمثال على التوحيد، وعظمة الخالق، وقصص النبيين.

2 - الهدف التعليمي:
لا بد أن يضيف الأدب إلى أهله شيئاً قد يكون مفيداًَ أو ضاراً؛ وأُمَّـةُ الإسلام يجب أن يضيف أدبها ـ أيًّا كان نوعه ـ ما يفيد سوادها ـ ومن ذلك أدب الأطفال الذي يجب أن يستغل حب الأطفال للاستطلاع والمعرفة. يقول عبد الفتاح أبو مِعال(3): «ولما كان الإحساس بالحاجة إلى المعرفة عند الأطفال جزءاً من تكوينهم الفطري لأن غريزة حب الاستطلاع تنشأ مع الطفل وتنمو معه، ومحاولة الطفل التعرف على بيئته تعتبر من العوامل الهامة التي إذا عولجت بحكمة؛ فإن ذلك يؤدي إلى تنمية ما يمكن أن يكون لديه من إمكانات وقدرات».

ومن ذلك أن يكون هذا الأدب يدرب الطفل على قراءة القرآن، وإجادة تلك القراءة مع فهم مبسط لمعاني ما يقرأ لكي يتذوق القرآن ويفهم ما يقرأ. وفي القرآن رصيد ضخم للمعارف بأنواعها مما يفتح عقل الطفل ويزيد تعلقه بكتابه؛ ففي بعض سور القرآن كسورة الفيل، والمسد، والشمس، قصص مبسطة وقصيرة تناسب الأطفال. وكلما تقدم الطفل كان الأدب مراعياً لذلك التقدم، كما يتعلم عن طريق الأدب ما يُقوّم لسانه من لغته العربية، فيزداد تعلقاً بها ومحبة لها، مع مراعاة القاموس اللفظي للطفل، ولذلك لا يستطيع كل أديب الكتابة للأطفال.

وليكن الأدب محفزاً الطفل على اكتشاف كل جديد، ومعرفة خفاياه من علوم دنيوية تحيط به كمكونات جسم الإنسان وآليته، وخلق الحيوانات والأرض والأفلاك وغيرها، ليعرف إبداع الخالق وعظمته مع ربط ذلك بالقرآن الكريم الذي يحوي الكثير منها. كما يعلمه الأدب علوم الإنسان كالتاريخ والجغرافيا والفيزياء والحاسب الآلي والأقمار الصناعية؛ ليشبع في نفسه حب المعرفة ولتنمية ما لديه من هوايات لتصبح مهارات يتميز بها. قال محمد بريغش: «وأدب الطفل يعين على اكتشاف الهوايات والحصول على المهارات الجديدة، ويعمل على تنمية الاهتمامات الشخصية عند الطفل».

ويمكن تشجيعه على استعمال تلك المعارف في حديثه مع غيره، وفي إلقائه ومخاطبته للجمهور، ولنعلم مدى فائدة تلك الآداب للطفل لننظر إلى الأفلام المتحركة المدبلجة أو المنتجة؛ فلغتها الفصحى علمت أكثر الأطفال هذه اللغة المحببة، وأصبح السواد الأعظم من أطفالنا المتابعين لها يعون ويفهمون لغتهم الفصحى وإن لم يستطيعوا الكلام بها بشكل جيد، وظهر أثر ذلك في كتاباتهم، فزادت مفردات الفصحى وأساليبها، وأثَّرت في حديثه وكتابته.

3 - أهداف تربوية:
إن التربية التي يتلقاها الطفل عن طريق الأدب ليست بأقل مما يتلقاها في مدرسته أو على يد والديه أو عن طريق مجتمعه؛ لأن الطفل عندما تكون هذه التربية بالأدب أياً كان نوعه يقرؤها أو يسمعها أو يراها؛ فإنها ترسخ في ذهنه؛ فابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ عندما أوصاه الرسول - صلى الله عليه و سلم - بالوصية الجامعة كان غلاماً، ورغم ذلك طبق تلك النصيحة ونقلها إلى غيره من الناس، وطبعت حياته بطابعها الإيماني.

فالطفل بطبعه ميال إلى تقليد غيره من الكفار بالحسن وبالقبيح؛ فالتربية لا بد أن تراعي ذلك الجانب؛ فإنه عندما يرى فيلماً أو يقرأ أو يسمع قصة يتمثل أو يحاول أن يتمثل دور البطل أو الشخصية التي تناسبه فيها، فيحاول قدر الإمكان تقليدها؛ لذلك وجب علينا أن نستفيد من ذلك وخاصة في الأدب المرئي للطفل؛ لأنه أســهل طريــق للتربية لا يحتاج إلى كبير جهـد وعناء.

إذن يجب أن يكون هذا الأدب مربياً للطفل على الأخلاق الحسنة الفاضلة متصفاً بالتوحيد؛ فما أحسن تلك الأفلام المتحركة أو غيرها التي تصور طفلاً ينشأ على الفطرة الإلهية موحداً متصفاً بأخلاق حسنة وصفات نبيلة يتمثلها الطفل ويعجب بها أيما إعجاب، وما أكثر ما بلينا بتقليد أطفالنا لكل بطل أجنبي بسبب قصور أدب الطفل المرئي لدينا، إن لم نقل انعدامه، فجلب لنا جيلاً منفصلاً عن أمته، بل وعن محيطه الصغير ممن هم أكبر منه سناً، وما أعظم تأثير قصص أبناء الصحابة والصغار الصالحين؛ لأنه سيتمثل تلك المواقف لتصبح جزءاً من تكوينه.

لا بد أن تكون الأهداف التربوية في هذا الأدب أهدافاً سامية منتقاة من تاريخ أمتنا، لا بد أن ننمي فيهم عن طريق أدبهم روح الجهاد وبذل النفس والمال في سبيل ديننا؛ لأن التربية الأنانية وحب الذات قادنا لنكون أمة كغثاء السيل الذي أخبرنا به النبي - صلى الله عليه و سلم -، كما ننمي فيهم روح المبادرة والقيام بالأعمال المفيدة، بل أن ننمي فيهم انتظار المعجزات التي لن تكون، ونربي بهذا الأدب الاعتماد على القرآن والسنة لتصديق أمر ما بدلاً من تحكيم غيرنا الذي قادنا لنؤمن بالخرافات والخزعبلات، فانتشر كثير من المسلمين بين القبور والقباب، وضاعت هممهم بين الأناشيد والأذكار الصوفية، ونجعل هذا الأدب يطبعهم بطابع العزة والأنفة وعدم الانحناء أمام ملذات الدنيا، ويصور لهم أن الحياة خير وشر وسعادة وعناء، حتى نبعدهم عن اليأس والضغوط والتشاؤم، ولا زلنا نتذكر تلك القصص المفزعة عن السحالي والوحوش والعفاريت التي جبلتنا على الخوف والرهبة من كل شيء، فلا بد أن يكون هذا الأدب منمياً لأطفالنا على حب الجهاد وعدم الخوف؛ لأن تلك التربية قادت المسلمين لأن يكونوا أيتاماً على مأدبة اللئام.

4 - الهدف الترفيهي:
لا بد أن يكون هذا الهدف داخلاً في الأهداف السابقة؛ لأن الطفل يحب التسلية والترفيه ويمل من الجد؛ فعندما نقدم له العقيدة والتعليم والتربية عن طريق الترفيه فلا بد أنه سيُقبل عليها وتنغرس في ذهنه أكثر مما لو كانت خالية من التسلية والترفيه. ولا أدل على ذلك من تعلق التلاميذ بالأفلام المتحركة، رغم أهميتها في التعليم والتربية إلا أننا نجعلها للترفيه. قال عبد الفتاح أبو مِعال: «والفيلم المصور المسجل بالصوت والمصاحب للحركة يساعد الأطفال على إيصال المادة التعليمية إلى جميع فئات الأطفال؛ فهذه العناصر: الصوت والصورة والحركة، تقوي سرعة البديهة والذاكرة، وتغرز القدرة على الفهم والحفظ»(4).

لكن طلب تلك التسلية والترفيه للطفل لا يصرف هذا الأدب إليه خاصة بدون نظر إلى الأهداف السابقة؛ لأنها المهمة وهو الوسيلة، لننظر إلى واقعنا حينما صرفنا أطفالنا نحو التسلية؛ فكثير من آداب الطفل نقصد بها التسلية والترفيه لكنها غرست في نفوسهم ما يصادم الدين والأخلاق؛ لأنه لا يوجد أدب ترفيهي منعزل عن الأهداف الأخرى؛ فالطفل عندما يلون قصة أو يشاهد فيلماً أو يقرأ فإنه يستمتع بذلك ويتسلى به، ولكنه يكتسب من تلك التسلية قيماً ومفاهيم إن صيغت بما نريد أفادت، وإن صاغها غيرنا قد تفيد ولكنها تضر أيضاً، فهي كالخمر والميسر حينما قال عنهما الله ـ تعالى ـ: {وَإثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِن نَّفْعِهِمَا} [البقرة: 219].

واقع أدب الطفل:
هل حققنا هذه الأهداف؟ لا شك أننا لم نحقق للطفل تلك الأهداف ما عدا هدفاً واحداً هو الهدف الترفيهي. لماذا؟ لأنه هدف لا يحتاج إلى عمل وعناء وفكر كبير، نقوم بحشو الخيال الكاذب في قصة أو خلافها ثم نعطيه الطفل رغم خطورته. يقول باحث(5) : «هناك فارق بين الخيال من جانب، وبين الكذب وعدم الصدق من جانب؛ فالأطفال يحبون سماع الحكايات التي يعتقدون أنها ممكنة الحدوث وهم لا يرفضون الأحداث الخارقة».

أو نقوم باستيراد ما يطرح لنا من مزابل الأمم الأخرى النصرانية (أمريكا) والوثنية (اليابان) وغيرهما ونسرع به إلى أطفالنا؛ فنحن نقصد به الترفيه، وغيرنا له أهداف أخرى يغرسها فيه.

يقول حازم العظم: «إن معظم ما تنشره دور النشر للأطفال مترجم أو مؤلف بغير خبرة كافية؛ فالأدب الخاص قليل ويمر بأزمة وجود، وهذه الأزمة أتاحت لبعض الناشرين في غيبة الرقابة والنقد: البحث عن مجلات وكتب الأطفال الرائجة [أقول والأفلام المتحركة ولعب الكمبيوتر] فقدموها لأطفالنا مترجمة بالصور نفسها بغير تمحيص، مع أنها تحوي قيماً تربوية غير ملائمة لعقيدتنا وقيمنا الروحية، أو مرفوضة حتى في البلاد التي تصدر عنها»(6).

ويقول عبد التواب يوسف: «والأطفال لدينا اليوم ضاقوا بسذاجة الكتب التي تسمى: (كتب الأطفال)، وضاقوا ببساط الريح وسندريلا وغيرها»(7).

بل بُلينا بمن يكتب قصصاً للأطفال تهدي إلى الخوف والجبن بدل أن تهدي إلى الشجاعة والجهاد، وتدعو إلى الركون إلى الحظ كقصص السحرة والشياطين والعفاريت.

يقول الدكتور محمد شاكر سعيد: «إن كثيراً مما كتب للأطفال في واقعه ليس صالحاً للأطفال لتجاوزه مستويات الأطفال، أو لتجاوزه الجانب التربوي المناسب للأطفال، أو لعدم تضمنه قيماً أخلاقية تسهم في تربية الأطفال وتنشئتهم»(8).

ولاحظ حازم النعيمي في تحليله لقصص مجلة عربية للأطفال فقال: «إن كثيراً من هذه القصص يسيطر عليها اتجاه ينقص دور المرأة في مجتمعنا العربي، كما أن الأفكار الواردة فيها تعبر عن تبني مفاهيم خاطئة عن قدرات المرأة ووظيفتها الاجتماعية وسماتها الشخصية وسلوكها»(9).

وأدب الطفل مجال واسع لنشر التبعية الثقافية والإعلامية؛ إذ يستخدمه الاستعمار لغزوه الثقافي والإعلامي، ويتلقى الطفل المنتوجات الأدبية والفنية الغزيرة في شتى الفنون والوسائط بقصد التأثير على تكوين الناشئة، والترويج للنمط الثقافي التابع.

لذلك أفرز لدينا مفاهيم خاطئة أنتجت انفصالاً بين الطفل وعقيدته ومجتمعه؛ لأنه يرى ما يصادم ما يقال له وفي النهاية يكون عقل الطفل مجالاً للصراع.

كما يركز كثير من كتاب الأطفال على النزعة الفردية التي تسير الحدث دون ذكر للمجتمع المحيط بالبطل؛ مما يجعل الطفل معتزاً بذاته ميالاً للانفراد برأيه مهملاً آراء الآخرين. وكما أن الكتابة موهبة فهي أوضح في الكتابة للصغار؛ لأنك تتعامل مع مصدق لما يراه أو يسمعه أو يقرؤه، ولقد بُلي المسلمون بحفنة من الجشعين الذين لا يحتسبون لله شيئاً مما يعملون، فلم يشجعوا أصحاب المواهب في الكتابة للأطفال، ولم يسمحوا لهم بالنزول إلى الميدان؛ مما جعل الكتاب المتخصصين نادري الوجود. ولكننا نلحظ منذ عقد من الزمن أن جيل الشباب المسلم بدأ بنشر ما كتبه المتخصصون قبل ردح من الزمن وبنشر الجديد مما كان له أطيب الأثر؛ حيث يجد الأب المسلم ما يطلب في كثير من الأحيان لأطفاله، ولا بد أن نعي أننا نصارع عدواً شرساً له باع طويل في التعامل مع أدب الطفل إن لم نشمر ساعد الجد لم نلحق به، ناهيك عن أن نسبقه.

والله ولي التوفيق.

-----------------------
(1) إحياء علوم الدين، ج 1، ص 94.
(2) المصدر السابق، ج 3، ص 57.
(3) مجلة التوثيق التربوي، وزارة المعارف السعودية، عدد 36، ص 86.
(4) المصدر السابق، ص 85.
(5) هو عبد التواب يوسف من أوائل المبرزين في الكتابة للطفل، نقلاً عن أدب الطفل في ضوء الإسلام، لنجيب الكيلاني، ص 166.
(6) الكتابة للأطفال، للدكتور محمد شاكر سعيد، ص 12.
(7) أدب الطفل في ضوء الإسلام، نجيب الكيلاني، ص 165.
(8) المصدر السابق، ص 38.
(9) المصدر السابق، ص 39.

المصدر : مجلة البيان السنة السابعة عشرة * العدد 179

عمروعبده 12-08-2010 12:33 PM

بسم الله الرحمن الرحيم
هذا ما فعله لاعبوا البرازيل بعد انتهاء مباراة كأس العالم

قدّر لي ان أتواجد أثناء أجازتي في مكان ومع أناس كانوا يشاهدون نهائي كاس العالم وبالتالي فقد تسنى لي مشاهدة أجزاء من اللقاء الختامي ثم بعضا من مراسم تتويج بطل العالم .. إلى هنا والأمور طبيعية جدا
ولكن لا ادري هل تابع البعض ما حدث عقب نهاية المباراة فورا أم لا ؟؟؟ هل لاحظتم تلك الفانيلات البرازيلية التي استبدلت بفانيلات بيضاء مكتوب عليها جملا وعبارات باللغة الإنجليزية ربما لم ينتبه إليها البعض وربما لم يفهمها البعض الآخر

ولكن هل تدرون ماذا كانت تقول
we belong to jesus....... Jesus loves you
وغيرها
والعبارات تعني بالعربي " نحن ننتمي للمسيح .. المسيح يحبكم .. "
وغيرها مما لم يتسنى لي رصده في تلك اللقطات العابرة ولكن من المؤكد وجودها حيث كثرت تلك القمصان البيضاء واختلفت الرسومات والكلمات التي فيها
ربما ظن البعض ان ذلك كان حدثا فرديا عابرا لا دلالة فيه أو غاية من ورائه ولكن يخطئ من يظن ذلك وليسوا دعاة النصرانية من على تلك الدرجة من الغباء ..
فهم يعلمون جيدا ان اليابان بلد لا ديني ومعظم سكانها ملحدون وفي نفس الوقت هم يعلمون تعلق الشباب والنشء العالمي بالأداء البرازيلي الكروي الرفيع
ولذلك كانت أحسن فرصة للدعوة إلى النصرانية بإبراز تلك العبارات أمام اليايانيين والعالم أجمع حتى تكون بداية انطلاقة وتفكر ونقطة تحول لكثير ممن تأثر بأحداث المونديال وأيضا لكل من عاش محتارا يبحث عن دين ليجد المسيح يستقبله بكل عبارات الحب والترحيب في الوقت الذي نام المسلمون وانشغلوا إما برغيف خبزهم او بالبحث عن مصارف لشهوتهم او بتفاهات وكماليات لا عد لها ولا حصر وآخرها المتابعة والتصفيق وبحرارة لهؤلاء الدعاة إلى النصرانية أصحاب السامبا والقمصان الصفراء

والى عشاق السامبا والكرة البرازيلية ... والي معاشر الشباب عامة وإلى اللاعبين العرب والمسلمين خاصة نقول ..
هل استوعبتم ما يدور حولكم واستفدتم ؟؟؟ الدعوة إلى النصرانية والدعاة إليها لا يكلون ولا يملون ولا يدعون فرصة أو أنصاف الفرصة إلا ويستغلوها أيما استغلال لدعوة كل ما يمكنهم الوصول إليه من العالم الآخر

أما عربوه .. ولاعبو الكبسة والسلطاااا ( على وزن البن والسامبا ) فهم في العالم الآخر
فكم من أموال ؟؟ وكم من معسكرات وكم من مباريات وكم من سفريات فماذا فعلنا لدين الحق ؟؟؟؟
هل دعونا إليه بآية واحدة أو حديث أو كلمة أو نصيحة أو حتى بإهداء كتيب واحد أو شريط بلغة من نسافر إليهم ونعيش في معاقل ديارهم أياما وليال ؟؟؟ ... ليس المقصود أبدا كتابة آيات أو أحاديث على الفانيلات فديننا الإسلامي ارفع من ذلك بكثير ولكن كما ذكرت في المقال بتوزيع أشرطة وكتيبات بنفس اللغات المسافرين إليها وقبل كل هذا وذاك بالقدوة الحسنة وحسن التعامل وإبراز أخلاق الإسلام ثم الدعوة إليه .

كم كان من الممكن ان يتأثر الشباب بقدواتهم من اللاعبون السابقون الذين لم يبقى شاب إلا ويعرفهم أمثال ......... و......... و....... وغيرهم من الذين انفقوا جهدهم ووقتهم واعتزلوا وتركوا المجال لأجيال من بعدهم ولم يخلفوا إلا ذكريات الأهداف والأقدام ولكن ليتهم خلفوا لنا أثرا وقدواتا يسير عليها شباب المجتمع

لا ننكر أبدا أؤلئك الذين هداهم الله وباتوا يدعون إليه أمثال خالد الدايل وعبد الله عبد ربه ومنصور بشير وغيرهم وأسال الله ان يثبتنا ويثبتهم وان ينفع بجهودهم

ولذلك فعلى كل من يعرف لاعب من لاعبي اليوم إيصال فكرة هذا الموضوع إليه لعله في يوم ما يحمل معه بعض الكتيبات والأشرطة ويوزعها في بلاد بعيدة سافر إليها من اجل إقامة لقاء رياضي

وهذه أمانة علينا جميعا وعلى كل من يسافر القيام بذلك وعلى كل من يعرف لاعب عدم البخل عليه بالتذكير والتنبيه

لا نطالبهم بأن يكونوا علماء أو دعاة ولكن بإمكانهم الدعوة من حيث مهمتهم ومن ثغرهم هذا وعلى نفس الطريقة البرازيلية ولكن بالحق ولدين الحق ؟؟؟!!!!!

واختم الموضوع بقصة يرويها احد الدعاة الذين اعتادوا التجول والسفر في كل أصقاع العالم من اجل رفع كلمة لا اله إلا الله .. حيث يقول عن رحلة قام بها هو ومجموعة معه إلى بلاد بعيدة جدا في داخل روسيا وفي مناطق جبلية وجليدية وعرة جدا لا تصل إليها السيارات ولا يمكنهم الوصول إليها إلا بالأقدام
يقول .. عندما شارفنا على وصول تلك القرية كأنه بدأ يدخلنا شئ من العجب ظنا منا إننا أول من وصل إلى هذا المكان داعين إلى الله ، وظننا ان هناك استقبالا حافلا واستغرابا من أهل القرية لوصول أغراب أليهم .
وما ان وصلنا هناك حتى فؤجئنا بأن شيئا من توقعاتنا لم يحدث وعندما بدأنا الحديث مع أهل القرية ذكر لنا احدهم السبب في عدم إستغرابهم للزيارة حيث قال لنا ما أذهلنا
" وهو أن هذه القرية لا يزال دعاة التنصير يترددون عليها منذ عشرون سنة على فترات متقطعة وان هؤلاء المسلمون لم يكونوا أول من يقدم إليها للدعوة "

اذا ... الدعوة إلى الله في كل مكان وزمان ومع كل الظروف والأحوال والنصارى سبقونا إليها بمراحل .
فهل نحن مستيقظون ومستفيدون ومتحركون والى الله داعون
أسال الله تعالى ان يبرم لأمتنا أمر رشد وان يصلح أحوالنا جميعا

عمروعبده 12-08-2010 12:35 PM

بسم الله الرحمن الرحيم
كيف نعالج الشقاق بين الأطفال؟

غالباً ما يتشاجر الأطفال داخل البيت الواحد وقد تصل المشاحنات بينهم إلى حد الإيذاء أحياناً ما يؤدي إلى حال من الشعور بخيبة الأمل عند الآباء والأمهات، وتصورهم بأن تقويم سلوك الأطفال ونشر عنصر الحب بينهم غدا أمراً مستحيلاً وصعباً ما يؤدي إلى جوٍّ من الكآبة داخل البيت، وهذا الشعور هو شعور خاطئ لأن المشاحنات والشجار بين الأطفال هو حال طبيعية يجب علينا ككبار أن نراقبها ونوجههم باتجاه التصرفات السليمة ونغرس فيهم القيم السامية، وظاهرة الشجار هي حال تظهر في الشارع وفي المدرسة ولا تقتصر على المنزل فقط، ويعتبر بعض علماء النفس والتربية أن الشجار ذو طابع غريزي وفطري لدى الطفل... فإذا زادت الحال عن حدها وتكررت ورافقها *** عندئذ تستدعي القلق والمعالجة النفسية السريعة، وللمشاحنات بين الإخوة جانب إيجابي إذ يتعلمون من خلالها كيفية الدفاع عن النفس، كما يمكن من خلالها التعبير عن المشاعر الكامنة... ومعروف أن الطفل يميل لل*** عادة عندما يكون غاضباً أو خائفاً أو قلقاً أو يشعر بتهديد ما أو نقص في الثقة بنفسه أو بالآخرين وتكون استجاباته العدوانية موازية لردود فعل الآباء

وعلى الأم في حال الشقاق وال*** بين الإخوة أن تعلم أن الأطفال يجب أن يدركوا أن المشاعر العدوانية العنيفة مشاعر طبيعية موجودة داخل كل إنسان وأن عليهم أن يتعلموا كيفية التحكم والسيطرة على هذا الشعور في تعاملهم مع الآخرين ولكن كيف يتم إقناع طفل صغير بهذه الأمور الصعبة والمعقدة؟!.
والجواب على السؤال هو أنه يجب على الأم أن تحافظ على هدوئها لتقنع الطفل أن اعتراضها على ***ه وليس على شخصه وأنها تُحبه، ولكن لا تحب تصرفاته العنيفة، ويجب على الأم أن تصرَّ دائماً على نهيه وتأنيبه على السلوك غير المحبب، وعندما تكون ردود فعله على ذلك قوية وعنيفة يجب على الأم تجاهله تماماً حتى يعود لهدوئه وعند ذلك تضمه لصدرها وتُشْعِره بحبها الشديد له.
كما يجب على الأم لعلاج مشكلة الشقاق وال*** أن تعدل في معاملة الأطفال بكل شيء، وأن تراعي الفوارق الفردية بينهم في أثناء التعامل معهم، وأن تسمع لآرائهم وتناقشهم فيها، وأن تتجاهل النزاعات البسيطة بينهم، وأن توجد جواً من التفاهم من خلال توزيع المسؤوليات والحقوق داخل المنزل.

ليلى عبدالرحمن
مجلة الوعي الإسلامي
المصدر ركن الأخوات

faten forever 12-08-2010 08:58 PM

جزاك الله كل الخير على تلك المقالات الرائعه


وعلى تلك الزمره المختاره من الموضوعات التى تتناول نواحى عديده

عمروعبده 15-08-2010 10:51 AM

المسجد والمدرسة وأثرهما في التربية


الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فلا يخفى على أحد كيف أدى المسجد في عهد النبي صلى الله عليه وسلم دوره في تربية جيل الصحابة رضوان الله عليهم، وكيف اتخذ منه النبي صلى الله عليه وسلم ينبوعاً تتفجر الأرض من خلاله عيوناً وأنهاراً وجداول طالما سُقيت الأمة منها عَللاً بعد نَهَل، وأصبح المسجد مدرسة يتخرج منها العلماء والعباقرة الذين لا يسع التاريخ إلا أن يشيد بهم؛ بما جعلوه في جبينه من غُرةٍ بيضاء لا يزال الناس يرونها إلى اليوم.
ولا زلنا نلمس الآثار التربوية من خلال المسجد وشقيقته المدرسة اللذان تبادلا الجهود لتحقيق هدف الترقي بالعنصر الإنساني من خلال أدوار مختلفة، وهموم مشتركة؛ ليصلا بذلك الطفل إلى الرجولة، وبالجاهل إلى الرسوخ، وبالساذج إلى مدارج الفطن، فهما مصنع الرجال، ومنبع الماء الزلال، ومجمع الكمال، ومرجع السؤَّال، ومطمع الآمال، وهما يؤديان دوراً لا تؤديه الأم بحنانها، ولا الأب بعطفه.
فحين تصحب الأم ابنتها إلى المسجد وهي تتعهدها في كل حين بلمسات الحنان وهمساته؛ تصنع منها أمّاً بصيرة بدورها لتكون مدرسة المستقبل
الأم مدرسة إذا أعددتها أعددت شعباً طيب الأعراقِ
وحين يصحب الأب ولده إلى بيت الله فهو يربيه على الصلاة والطهارة، وارتياد المسجد، وأداء شعائر المسلمين
وينشأ ناشئ الفتيان فينا على ما كان عوَّده أبوهُ
وحين يصل الطفل إلى سن الخامسة من عمره، ويبدأ بالتطلع إلى ما وراء البيت؛ فيكاد لا يتجاوب على الوجه المطلوب مع تعاليم البيت، وتوجيه الوالدين، ويتجه إلى المدرسة ليعرف أناساً كثيرين، وموجهين من غير الأبوين، بل ربما كانت المدرسة اليوم أكبر جهة تهتم تربوياً بالطفل إلى فترة رجولته، فتتعلق روحه بهذا الجو المنعش؛ ليرى كل ما فيها جميلاً، ويشتاق إليها بكرة وأصيلاً؛ حين يجد من المدرِّس أباً ومعلماً ورفيقاً.
وبهذا فإن الناشيء يكتسب من المسجد والمدرسة (لأنهما وجهان لعملة واحدة) الأخلاق الحميدة بصورة تكاملية،
وحين يحرص المسجد والمدرسة كليهما على روادهما وأبنائهما فإنهما يبعثان إلى قلب هذا الطفل شعوراً بالنمو، وإحساساً بضرورة التزود من الآداب والأخلاق، فهو يجد رفق التعامل، ولين القول؛ في تلطف وتبسم، وطلاقة وجه من المدرس وإمام المسجد على السواء.
إن المسجد والمدرسة يمثلان فيما يمثلان الحصن الحقيقي الذي يحوط المسلم صغيراً إلى أن يكبر، ويستمران به إلى أن يموت بما بذرا فيه من أيام الصغر، ولذا فإن دورهما ليس مقتصراً على إلقاء الحب في الطاحون لتهشيمه وإخراجه قابلاً للطبخ فحسب، بل حماية ذلك الحب أيضاً مما يشوبه من أخلاط، ولو أن "صاحب رحا يطحن فيها جيد الحبوب؛ أتاه شخص معه تراب وبعر وفحم وغثاء ليطحنه في طاحونته؛ فإن طرده ولم يُمكِّنه من إلقاء ما معه في الطاحون استمر على طحن ما ينفعه، وإن مكَّنه من إلقاء ذلك في الطاحون أفسد ما فيها من الحب، وخرج الطحين كله فاسداً"1.
وصحَّة الغذاء وحدها لا تكفي في مواجهة الأمراض؛ إذ لا بد من الوقاية، ولا تنفع التحلية إلا بعد التخلية، والثوب الوسخ أحوج إلى الصابون منه إلى البخور.
وبهذا فإن المدرسة والمسجد يحققان أهدافاً سامية تسعى في ترقية ذات المتربي منها:
التربية العقدية والفكرية الصحيحة بما يتناسب مع سن المتربي وعقله وإدراكه، وتصحيح المفاهيم المغلوطة، والعقائد المنحرفة، وصونه عن الشبهات.
الترقية الخُلقية ابتداء من تعاليم التعامل مع الأسرة والناس بجميع فئاتهم، والاهتمام بالفضائل ومكارم الأخلاق، واجتناب العادات السيئة، والأخلاق الرديئة لفظاً وفعلاً، وسلوكيات وذوقيات شاملة.
الترقية الاجتماعية ببناء فهمه لمكانته في المجتمع، وموقعه منه؛ ليتسنى له حسن العلاقة الاجتماعية، فكونه ابناً يتطلب أموراً تختلف عن كونه أخاً، وكونه طالباً أو زميلاً.. إضافة إلى دوره في الواقع حالاً ومآلاً، وما يتعلمه من خلال القدوة الحسنة، والأسوة الحميدة.
وهذه مجالات عظيمة تشمل تفاصيل حياة كريمة رافلة في ثوب التربية الإسلامية بنسيج ناعم اتفقت فيه حبال المدرسة، ومغزل المسجد.
والمسجد يحقق أهدافه من خلال:
- حَلقة التحفيظ.
- حَلقة التحفيز المتصلة بالمتربي.
- دور الإمام الشخصي، ودعوته الفردية والعامة.
- خطبة الجمعة.
- الدروس اليومية عقب الصلوات.
- المحاضرات العامة.
- اللوحة الحائطية.
- توزيع الوسائل الدعوية المقروءة والمسموعة.
- الدورات الصيفية.
وقبل هذا كله: فإن الاهتمام من قبل أولياء الأمور يعطي الأبناء ثقة تدفعهم إلى المسجد.
أما المدرسة فلها في واقع اليوم دور أكبر من دور المسجد، وهي تعد المؤسسة التربوية الثانية لأنها تحتوي الطفل مدةً أطول، وتتيح له فرصة الحصول على أقران.
وحتى تقوم المدرسة بدورها فإنه يجب على الوالد أن يعوِّد أبناءه على احترام المدرسة والمعلّم وتوقيره.
وتستطيع المدرسة أن تحقق أهدافها عبر وسائل عدة منها:
- جماعة التوعية في المدرسة.
- المسابقات الثقافية.
- النصائح المباشرة، والتكاليف العملية ببعض السلوكيات الحميدة.
- تكريم النماذج المتميزة بالفضائل.
- الاستفادة من برامج الإذاعة الصباحية.
- الاستفادة من معلمي التربية الإسلامية وذلك باستقطاع خمس دقائق لطرح بعض المفاهيم.
- اللوحات الوعظية والإرشادية المعلقة داخل ساحة المدرسة.
- تكوين لجنة نصيحة ويكون عملها في الفسحة لمعالجة الأخطاء والسلوكيات المخالفة، وتوجيه الطلاب وإرشادهم.
- الاهتمام بمكتبة المدرسة، وجودة اختيار الكتيبات المفيدة.
- تطبيق بعض الأخلاقيات عملياً كزيارة مريض، أو المساعدات المالية للمحتاجين، أو حل المشكلات، وتنظيف الفناء...إلخ.
- توجيه دعوات إلى أولياء الأمور، وتكريم المهتمين منهم بأولادهم.

وما أجمل أن يقوم الإنسان بالدور الذي قام به النبي صلى الله عليه وسلم؛ ولا نقصد من ذلك شخصاً واحداً فحسب؛ وإنما مجموعة متكاملة تتمثل قوله تعالى: {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ}(فصلت:33)، فمن جنبات المسجد وأركان المدرسة ينشأ الجيل المنشود الذي يحمل المواصفات العليا من العلم والدين بما يحملان من مضامين.

وفق الله أمتنا إلى الخير والهدى، وهداهم إلى سواء السبيل، آمين.

عمروعبده 15-08-2010 10:54 AM

معلمتي .. خذي بيدي !!
هذه أسطر تعبر عن معاناة طالبة .. كتبت بلسان حالها .. تمثل واقعاً يعيشه بعض الطالبات ، وليست هذه الصورة عامة في جميع المجتمعات ..
عفواً معلمتي.. بكل احترام وتقدير أحسبك اليوم من سيأخذ بيدي فإني أحتاج إلى من هو منصت إليَ منصف نحوي.

يوم ضاعت القيم في بيتنا .. فأصبحت لا أرى أمي سوى شكلاً جميلاً يخاف على جسمه من الترهل والتسمن والتنحف والتهزل والتجعد !!!.. وأبي غارق في أسواقه وأعماله وأصدقائه وأمواله وسهراته وسفراته وعقاراته مغلفة بقيثارة من سجائر !!!
وبين إخوة وأخوات تقف تلميذتك هذه حيرى في بيت لا يعرف ركنا لصلاة ولا زاوية لتلاوة قرآن ولا سجدة على الأرض يعظم فيها عظيم ويمجد فيها مجيد .. ولا رطب ولا يابس من حثالة قيم تموج سكرى وتنتحر الفضيلة والأخلاق كما ينتحر اليائس المحبط من قثة خيط رفيع يوشك أن يتهاوى مع أول نسمة هواء على الفلق.
معلمتي .. قرأت أنك بوظيفة الأنبياء والرسل أقرب ...وبينك وبينهم رسالة أطهر .. وهناك جنة تنتظر كل معلم أخلص.
عفوا معلمتي هكذا أنتِ صُورتك في نظري فلا تلوميني إن رأيتك في سمو ورفعة .. فالعالم من حولي امتلأ بزخرف من القول.
معلمتي:
لما رأيتك تبتسمين في وجوهنا داخل الصف في أول حصة دراسية نلتقي فيها بك قلتُ في نفسي ليتها أمي تبتسم في وجهي يوماً!!
ولما سمعت اسمي على لسانك لكي أجيب على سؤالك قلت في نفسي ليتك يا أبي تناديني باسمي إن كنت تتذكر !!
ولما رأيتك تختمين على دفتري بكلمة (ممتازة) كم تمنيت في نفسي أن يختتم بها أعمالي في المطبخ !!!
معلمتي أبحث عن قدوة في واقعي فما وجدتها سواك فأرجوك لا تحسبي أني بالمعلمة صاحبة آخر تقليعة شكلية أنني بها معجبة.

تلميذتك المحبة لكِ.

كتبها:
رابعة المقبالية - مشرفة تربوية

عمروعبده 15-08-2010 11:00 AM

الصفات الأساسية للمربي


القيام بالعمل التربوي هو من أعظم الأعمال التي تنتظرها الأمة من أبنائها الدعاة والعاملين لهذا الدين، والناظر عبر التاريخ إلى الشخصيات الفعالة والمؤثرة يعلم أن هذه الشخصيات قد تربت على يد مربين ناجحين، وفي المقابل نجد أن الشخصيات الناكصة على أعقابها، المهزوزة في مواجهاتها؛ لم تتعرض لمتابعة تربوية ناجحة - هذا في الأغلب وهو الذي يحكم عليه -، ويدفعنا كل ذلك إلى الوقوف مع من يقوم بالعملية التربوية للبحث عن أبرز وأهم الصفات التي لا بد أن يتصف بها المربي، حتى لا نفاجأ بوجود من يطلق عليه اسم "مربي" مع فقدانه للصفات الأساسية للمربي، أو من يقحم في العمل التربوي وليس أهلاً لذلك، ومن يشكو عدم جدوى محاولاته في أعماله التربوية وهو لم يحاول أن يتصف بالصفات التي تكون - بإذن الله - سبباً فيما يصبو إليه من نجاح وتفوق.
ونأتي الآن إلى الصفات الأساسية للمربي:
1- العلم: ويذكر الشيخ محمد الدويش أن هذه الصفة هي أول الصفات العلم فيقول: "والعلم الذي يحتاجه المربي يشمل جوانب عدة منها:
أ- العلم الشرعي: فالتربية في الإسلام إعداد للمرء للعبودية لله - تبارك وتعالى -، وذلك لا يُعرف إلا بالعلم الشرعي، والعلم الشرعي يعطي المرء الوسيلة للإقناع والحوار، ويعطيه القدرة على مراجعة المسائل الشرعية وبحثها، وهو يمنعه من الانزلاق، أو الوقوع في وسائل يمنعها الشرع.
والعلم الشرعي الذي يراد من المربي لا يعني بالضرورة أن يكون عالماً، أو طالب علم مختص؛ لكن أن يملك القدرة على البحث والقراءة، والإعداد للموضوعات الشرعية، وأن يملك قاعدة مناسبة من العلوم الشرعية، ويبقى بعد ذلك التطلع لمزيد من التحصيل لزيادة رصيده من العلم الشرعي.
ب- الثقافة العامة المناسبة، وإدراكه لما يدور في عصره.
ج- العلم بما يحتاج إليه من الدراسات الإنسانية كطبيعة المرحلة التي يتعامل معها (أطفال، مراهقين، رجال….)، وطبيعة الإنسان ودوافعه، وغرائزه واستعداداته، واطلاعه على عدد من الدراسات التي تخص الفئة التي يتعامل معها، وهذا أيضاً لا يلزم منه أن يكون مختصاً بعلم النفس أو التربية؛ لكن أن يملك الأسس العامة، وأن يكون قادراً على فهم الدراسات والبحوث المتخصصة في هذا المجال.
د- المعرفة بالشخص نفسه من حيث قدراته واستعداداته وإمكاناته، ويظهر هذا الأمر لمن يتأمل سيرة النبي - صلى الله عليه وسلّم - ومعرفته لأصحابه، فعن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلّم -: ((أرحم أمتي بأمتي أبو بكر، وأشدهم في أمر الله عمر، وأصدقهم حياء عثمان، وأعلمهم بالحلال والحرام معاذ بن جبل، وأفرضهم زيد بن ثابت، وأقرؤهم أبي، ولكل أمة أمين؛ وأمين هذه الأمة أبو عبيدة بن الجراح))1، وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - أنه قال: قلت: يا رسول الله من أسعد الناس بشفاعتك يوم القيامة؟ قال رسول الله - صلى الله عليه وسلّم -: ((لقد ظننت يا أبا هريرة أن لا يسألني عن هذا الحديث أحد أول منك؛ لما رأيت من حرصك على الحديث، أسعد الناس بشفاعتي يوم القيامة من قال لا إله إلا الله خالصاً من قبل نفسه))2، وأوصى - صلى الله عليه وسلّم - صاحبه أبا ذر - رضي الله عنه - بوصية تنبئ عن معرفته به فعن أبي ذر - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلّم - قال: ((يا أبا ذر إني أراك ضعيفاً، وإني أحب لك ما أحب لنفسي؛ لا تأمرنَّ على اثنين، ولا تولين مال يتيم))3.
هـ- المعرفة بالبيئة التي يعيشها المتربي بصفة عامة؛ إذ هي تترك آثارها الواضحة على شخصيته، ومعرفة المربي بها تعينه على التفسير الصحيح لكثير من المواقف التي يراها"4 أ.هـ.
2- حسن السمت: وهي القدوة الحسنة، وقد تجلت القدوة الحسنة وأثرها في واقعة حدثت للنبي - صلى الله عليه وسلم - في صلح الحديبية "وذلك لما فرغ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من قضية الكتاب (يعني الصلح) قال لأصحابه: ((قوموا فانحروا، ثم احلقوا))؛ فلم يقم منهم رجل، حتى قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذلك ثلاث مرات؛ فلم يقم أحد، فدخل على أم سلمة - رضي الله عنها - فأخبرها الخبر، فقالت له: اخرج ثم لا تكلم أحداً منهم كلمة حتى تنحر بُدْنَكَ، وتدعو حالقك فيحلقك، فخرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلم يكلم منهم أحداً حتى فعل ذلك، فلما رأوا فعله - صلى الله عليه وسلم - قاموا فنحروا، وجعل بعضهم يحلق بعضاً، حتى كاد بعضهم ي*** بعضاً"5، وفي الصورة السابقة نعلم كيف أن القدوة العملية كان لها الأثر العظيم على النفوس، وهكذا يكون الأثر إذا ترجمت الشريعة إلى صورة تطبيق عملي من قبل الصالحين.
ويعدد أحمد فهمي بعض الآثار التربوية للقدوة الحسنة فيقول: "ومن الآثار التربوية المفيدة لتمثل المربي مستوى القدوة الحسنة:
أ‌- توفير الجهد التربوي عن طريق انتقال مفاهيم كثيرة - انتقالاً غير مباشر - بالمحاكاة والتقليد.
ب‌- تكون حال المربي تلك بمثابة المحفز والمنشط للكثيرين لمحاولة الوصول إليها، وبذل الجهد في ذلك؛ فإن النفس كلما اقتربت من الكمال في جانب؛ صارت لها قوة جذب بحسب حالها تشد الناس إليها؛ "فهذا عبد الله بن عون - رحمـه الله - من أعلام السلف؛ كانت حاله نموذجاً يُحفز الكثيرين لمحاكاته، عن معاذ قال: حـدثني غير واحد من أصحاب يونس بن عبيد أنه قال: إني لأعرف رجلاً منذ عشرين سنة يتمنى أن يسلَمَ له يوم من أيام ابن عون، فما يقدر عليه"6، وورد مثل ذلك عن كثير من السلف في محاولتهم التأسي بحال ابن عون.
ت‌- يكون له أثر عام يتعدى من يرتبط بهم من المتربين ارتباطاً مباشراً، فينتفع به آخرون بمراقبته، أو بمعرفة حاله ونحوه؛ فيُسهم ذلك في إيجاد بيئة تربوية راشدة قال يونس بن عبيد: "كان الرجل إذا نظر إلى الحسن انتفع به، وإن لم يرَ عمله، ولم يسمع كلامه"7.
ث‌- اكتساب كلامه وتوجيهاته قوة نفسية مؤثرة بحسب حاله، فقد "كان أبو العباس السرّاج من علماء نيسابور وعُبَّادها، وكان رجلاً تقياً حسن السيرة، وكان الناس يسمعون كلامه، قال الحاكم: سمعت أبي يقول: لما ورد الزعفراني، وأظهر خلق القرآن: سمعت السرّاج يقول: العنوا الزعفراني، فيضجُّ الناس بلعنه، فنزح إلى بُخارى"8.
ولأن سوء سيرة المربي تُذهب بركة علمه وتفقده تأثيره، فقد "كان بعض السلف إذا ذهب إلى شيخه تصدق بشيء، وقال: اللهم استر عيب شيخي عني، ولا تُذهب بركة علمه مني9"10.
3- ومن الصفات المهمة التي لابد للمربي أن يتصف بها الصبر: فكل ما يقوم به المتربي يحتاج إلى صبر، فهو يصبر على المتربين، وعلى الظروف التي يربي فيها، وعلى العوائق التي تقابله أثناء التربية، إلى غير ذلك.
4- متابعة المتربي: وهي أيضاً من أهم الصفات التي يجب أن يتصف بها المربي، فإن الثمرة تضيع إن لم تُتابَع، ولم تُحفَظ، ولم يعرف المستوى الذي وصلت إليه، يقول محمد قطب - رحمه الله تعالى -: "فالتربية عملية مستمرة لا يكفي فيها توجيه عابر - مهما كان مخلصاً، ومهما كان صواباً في ذاته - إنما يحتاج الأمر إلى المتابعة، والتوجيه المستمر"11، ويقول أيضاً: "والشخص الذي لا يجد في نفسه الطاقة على المتابعة والتوجيه المستمر شخص لا يصلح للتربية، ولو كان فيه كل جميل من الخصال، وليس معنى التوجيه المستمر هو المحاسبة على كل هفوة؛ فذلك ينفر ولا يربي، فالمربي الحكيم يتغاضى أحياناً أو كثيراً عن الهفوة وهو كاره لها، لأنه يدرك أن استمرار التنبيه ضار كالإلحاح فيه، وحكمة المربي وخبرته هي التي تدله على الوقت الذي يحسن فيه التغاضي، والوقت الذي يحسن فيه التوجيه، ولكن ينبغي التنبه دائماً من جانب المربي إلى سلوك من يربيه، سواء قرر تنبيهه في هذه المرة، أو التغاضي عما يفعل؛ فالتغاضي شيء، والغفلة عن التنبيه شيء آخر؛ أولهما قد يكون مطلوباً بين الحين والحين، أما الثاني فعيب في التربية خطير"12.
5- وأعظم صفة يتصف بها المربي، وقد أُخِّرت لأهميتها هي: الإخلاص لله - عز وجل -، فبالإخلاص يحصل التوفيق والسداد من رب العالمين، فلا ينظر المربي في عمله التربوي إلى المقابل؛ بل يحتسب ما يقدمه عند الله - تعالى -.
فاللهم أصلحنا وأصلح بنا، واهدنا واهد بنا، وكن معنا ناصراً ومؤيداً ومعيناً، والحمد لله رب العالمين.

------------------------------------------

عمروعبده 15-08-2010 11:02 AM

أخلاق طلاب الحلقات


الحمد لله الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرا، والصلاة والسلام على المبعوث هادياً وبشيراً وداعيا إلى الله بإذنه وسراجاً منيرا نبينا محمد وعلى آله وسلم تسليما كثيراً، أما بعد: فجميل أن يحفظ أبناء المسلمين القرآن الكريم، ورائع أن ينضموا إلى حلقات تحفيظ القرآن المنتشرة في مساجدنا في كل قطر ومصر والحمد لله على ذلك، وجميل أن يتسابقوا ويتنافسوا في حفظ كتاب الله تلاوة وتجويدا، ولكن هل هذا هو المطلوب فقط؟ وهل إقامة حروف القرآن كافية في تنشئة الأجيال على معاني القرآن وحدوده وآدابه؟!
إننا نريد جيلاً متخلقا بآداب القرآن...
نريد أجيالاً تلتزم أخلاق القرآن...
نريد أجيالاً تقف عند حدود القرآن عاملة بأحكامه...
نريد أجيالاً تقيم الحروف والحدود معاً...
لانريد حافظاً لكتاب الله يكذب، أو يغش ، أو يلعن، أو يشتم، أو يسخر، أو يلمز، أو يستهزىء بإخوانه المسلمين، فلا يوقر كبيراً، ولا يرحم صغيرا، ولا يعطي كل ذي حق حقه.
سئلت أم المؤمنين عائشة - رضي الله عنها عن خُلُقِ رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت: ((كان خلقه القرآن))رواه مسلم ...


وحذر الله تعالى عباده من هجر القرآن الكريم فقال :
( وقال الرسول يارب إن قومي اتخذوا هذا القرآن مهجورا ) (الفرقان : 30 )
قال الإمام ابن كثير – رحمه الله - : " وترك الإيمان به وترك تصديقه منهجر انه، وترك العمل به وامتثال أوامره واجتناب زواجره من هجرانه ، والعدول عنه إلى غيره من الشعر أو قول أو لهو أو كلام أو طريقة مأخوذة من غيره من هجرانه "

وقال الإمام ابن القيم رحمه الله - : هجر القرآن أنواع :
أحدها : هجر سماعه والإيمان به ، والإصغاء إليه .
والثاني : هجر العمل به ، والوقوف عند حلاله وحرامه ، وإن قرأه وآمن به .
والثالث : هجر تحكيمه والتحاكم إليه في أصول الدين وفروعه .
والرابع : هجر تدبره وتفهمه ومعرفة ما أراد المتكلم منه.
والخامس : هجر الاستشفاء والتداوي به في جميع أمراض القلوب وأدوائها .
وكل هذا داخل في قوله :
{ وقال الرسول يارب إن قومي اتخذوا هذا القرآن مهجورا }( الفرقان : 30 )

فيا طالب الحلقات ! لا أدعوك للتكاسل عن الحفظ والتلاوة والتنافس مع زملائك في الحلقات، ولكني أدعوك بأن يكون للقرآن أكبر الأثر في حياتك .

ينبغي أن يظهر أثر القرآن الكريم في أخلاقك ..
ينبغي أن يكون للقرآن الكريم أثر في تعاملك مع والديك .
ينبغي أن يكون للقرآن الكريم أثر في تعاملك مع أساتذتك .
ينبغي أن يكون للقرآن الكريم أثر في تعاملك مع زملائك.
ينبغي أن يكون للقرآن الكريم أثر في تعاملك مع جيرانك .

أما إذا كانت أخلاقك في واد وأخلاق القرآن في واد آخر ، فهذا دليل على نقصك وإهمالك لهذا الجانب المهم، وعلامة ٌ على وقوعك في هجر القرآن دون أن تدري ويُخشى عليك يا ولدي أن يتقدم بك السن وتستمر في الإعراض عن التخلق بأخلاق القرآن، فيكون القرآن عند ذلك حجة عليك لا حجة لك ...
قال النبي صلى الله عليه وسلم " أكثر منافقي أمتي قراؤها " ( رواه أحمد وصححه الألباني )

أخلاق طلاب حلقات التحفيظ :-
وإذا سألت – أخي المبارك – عن أخلاق القرآن التي ينبغي أن يتخلق بها طلاب الحلقات فهي كل خلق فاضل ورد في القرآن مدحه أو الأمر به أو الثناء على أهله، وكذلك ما ورد في سنة النبي صلى الله عليه وسام وما أجمعت الأمة على حسنه من الأخلاق الكريمة 0
قال سفيان الثوري – رحمه الله -: لا ينبغي لحامل العلم والقرآن أن يكون جافياً ولا ممارياً، ولا رافعاً صوته بالحديث والعلم 0
ويروى عن الفضيل – رحمه الله – انه قال : حامل القرآن مقامه يجل عن أن يعصى ربه، وكيف يصح له أن يعصى ربه ، وكل حرف من القرآن يناديه : بالله عليك لا تخالف ما أنت حامله مني فلا ينبغي لحامل القرآن أن يغفل مع الغافلين؛ ولا يسئ مع المسيئين، وقد كان مالك بن دينار يقول : يأهل القرآن ماذا زرع القرآن في قلوبكم ؟
فإن القرآن ربيع القلوب، كما أن الغيث ربيع الأرض فمن أخلاق صاحب القرآن:
1- الصدق :
قال تعالى : { يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين } ( التوبة : 119 )
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: " إن الصدق يهدي إلى البر وإن البر يهدي إلى الجنة، وإن الرجل ليصدق حتى يكتب عند الله صديقا، وإن الفجور يهدي إلى النار وإن الرجل ليكذب حتى يكتب عند الله كذابا " (متفق عليه ) .
وقال النبي صلى الله عليه وسلم " آية المنافق ثلاث إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا اؤتمن خان" (متفق عليه )
وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : ألا إن الصدق والبر في الجنة، ألا وإن الكذب والفجور في النار.
وقال الفضيل : مامن مضغة أحب إلى الله تعالى من لسان صدوق، وما من مضغة أبغض إلى الله تعالى من لسان كذوب 0
أخي الطالب :
عود لسانك قول الخير تحظ به
إن اللسان لما عودت معتاد
موكل يتقاضى ما سننت له
فاختر لنفسك وانظر كيف ترتاد
2 – الأمانة :
قال تعالى: { إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها } : ( النساء : 58 )
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: " أد الأمانة إلى من ائتمنك ، ولا تخن من خانك " ( رواه أحمد وصححه الألباني )
وقال النبي صلى الله عليه وسلم : " أول ما تفقدون من دينكم الأمانة " ( رواه الطبراني وصححه الألباني )
• وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: لا تنظروا إلى صلاة أحد ولا صيامه ، وانظروا إلى صدق حديثه إذا حدث وإلى أمانته إذا اؤتمن ، وإلى ورعه إذا أشقى .
• وقال أنس رضي الله عنه : البيت الذي يكون فيه خيانة , لا يكون فيه بركة .
3 – التواضع :
قال تعالى: { واخفض جناحك لمن اتبعك من المؤمنين } ( الشعراء : 215 )
وقال تعالى: { وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هوناً } ( الفرقان : 63 )
وقال تعالى :{ ولا تمش في الأرض مرحا إنك لن تخرق الأرض ولن تبلغ الجبال طولا) ( الشعراء : 3 )
وقال تعالى :{ أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين } ( المائدة : 54)
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ".....وما تواضع أحد لله إلا رفعه الله " ( رواه مسلم )
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: " إن الله أوحى إلي أن تواضعوا حتى لا يفخر أحد على احد، ولا يبغي أحد على أحد" ( رواه مسلم )
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: " لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر"
أخي الحبيب :
إن التواضع من خصال المتقي
وبه التقي إلى المعالي يرتقي

4 – العفو عن المخطئ :-
قال تعالى : { ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك فاعف عنهم } ( آل عمران :159)
وقال تعالى : { حذا لعفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين } ( الأعراف : 199 )
وقال تعالى : { فاعف عنهم واصفح إن الله يحب المحسنين } ( المائدة : 13 )
وقال النبى صلى الله عليه وسلم لعقبةرضى الله عنه: "صل من قطعك, وأعط من حرمك, واعف عمن ظلمك" (رواه أحمد وصححه الألباني )
وقال صلى الله عليه وسلم : " وما زاد الله عبداً بعفو إلا عزا " ( رواه مسلم )
وقال ابن عباس رضى الله عنهما : أمر الله المؤمنين بالصبر عند الغضب , والحلم عند الجهل , والعفو عند الإساءة .
فإذا فعلوا ذلك عصمهم الله من الشيطان , وخضع لهم عدوهم كأنه ولي حميم .
5 – الرفق :-
قال تعالى : { اذهبا إلى فرعون إنه طغى (43) فقولا له قولاً لينا لعله يتذكر أو يخشى }(طه: 44,43 )
وقال تعالى : { فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظاً غليظ القلب لا نفضوا من حولك }(آل عمران : 159 )
وقال النبي صلى الله عليه وسلم :" إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه ولا ينزع من شيءإلا شانه" ( رواه مسلم )
وقال صلى الله عليه وسلم : " إن الله رفيق يحب الرفق ، ويعطي على الرفق مالا يعطي على ال*** , ومالا يعطي على ما سواه " ( رواه مسلم )
وقال عروة بن الزبير : مكتوب في الحكمة : الرفق رأس الحكمة .
وقال قيس بن أبي حازم : من يعط الرفق في الدنيا , نفعه في الآخرة .
6 – الصبر :-
قال تعالى : { إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب } ( الزمر : 10 )
وقال تعالى : { ولمن صبر وغفر إن ذلك لمن عزم الأمور } ( الشورى : 43 )
وقال تعالى : { يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا .......}الآية (آل عمران : 200 )
وقال النبي صلى الله عليه وسلم:" الصبر ضياء " ( رواه مسلم )
وقال صلى الله عليه وسلم : " عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله خير ، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن.
إن أصابته سراء شكر فكان خيراً له ، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له "( رواه مسلم )
وقال النبي صلى الله عليه وسلم : " وما أعطي أحد عطاء خيراً من الصبر " ( رواه مسلم )
قال الشاعر :-
تنكر لي خصمي ولم يدر أنني
أعز وأحداث الزمان تهون
فبات يريني الظلم كيف عتوه
وبت أريه الصبر كيف يكون
7 – الشكر :-
قال تعالى : { فاذكروني أذكركم واشكروا لي ولا تكفرون } ( البقرة : 152 )
وقال تعالى : { وإذ تأذن ربكم لئن شكرتم لأزيدنكم ولئن كفرتم إن عذابي لشديد } (إبراهيم :7 )
وقال تعالى : { واشكروا لله إن كنتم إياه تعبدون } ( البقرة :172 )
وقال النبي صلى الله عليه وسلم : " إن الله ليرضى عن العبد يأكل الأكلة فيحمده عليها ويشرب الشربة فيحمده عليها " ( رواه مسلم )
وكان النبي صلى الله عليه وسلم : إذا أصبح وإذا أمسى قال :" اللهم ما أصبح بي من نعمة، أو بأحدمن خلقك فمنك وحدك , لا شريك لك , فلك الحمد ولك الشكر " وأخبر أن من قالها حين يصبح فقد أدى شكر يومه , ومن قالها حين يمسي فقد أدى شكر ليلته " ( رواه أبو داود وحسنه النووي )
وقال فضيل : كان يقال : من شكر النعمة التحدث بها .
وجلس ليلة هو وابن عيينه يتذاكران النعم الى الصباح



8 - الاستقامة :-
قال تعالى { فاستقم كما أمرت ومن تاب معك} (هود: 112 ) .
وقال تعالى : { إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون } ( فصلت : 30 ) .
وقل النبي صلى الله عليه وسلم : " استقيموا ولن تحصوا، واعلموا أن خير أعمالكم الصلاة، ولا يحافظ على الوضوء إلا مؤمن" ( رواه أحمد بسند صحيح ).
والاستقامة هي : إخلاص التوحيد لله عزوجل‘ ولزوم الأمر، وترك النواهي والثبات على ذلك دون غلو أو تفريط.
9 – الحياء :-
قال تعالى : { ألم يعلم بأن الله يرى } .
وقال النبي صلى الله عليه وسلم " الحياء شعبة من الإيمان " ( متفق عليه ) .
وقال النبي صلى الله عليه ويسلم " استحيوا من الله حق الحياء " . قالوا : إنا نستحيي يا رسول الله . قال: " ليس ذلكم، ولكن من استحيا من الله حق الحياء فليحفظ الرأس وما وعى، وليحفظ البطن وما حوى، وليذكر الموت والبلى، ومن أراد الآخرة ترك زينة الدنيا فمن فعل ذلك فقد استحيا من الله حق الحياء " ( رواه أحمدوالترمذي وحسنه الألباني ) .
وقال الفضيل بن عياض : تغلق بابك ، وترخى سترك ، وتستحيي من الناس ، ولا تستحيي من القرآن الذي في صدرك ، ولا من الجليل الذي لا يخفى عليه خافية ! !
وقال الراغب : الحياء انقباض النفس عن القبائح ، وهو من خصائص الإنسان؛ ليرتدع به عما تنزعه إليه الشهوة من القبائح ، فلا يكون كالبهيمة .
10 – سلامة الصدر:-
قال تعالى{ والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين أمنوا ربنا إنك رءوفٌ رحيم } ( الحشر: 10) .

وقال النبي صلى الله عليه وسلم : " إن الشيطان قد ينس أن يعبده المصلون في جزيرة العرب ، ولكن في التحريش بينهم " . ( رواه مسلم ) .
وقال النبي صلى الله عليه وسلم : " تعرض الأعمال في كل جمعة مرتين : يوم الإثنين ويوم الخميس ، فيغفر لكل عبد مؤمن ، إلا عبد بينه وبين أخيه شحناء ، فيقال : اتركوا هذين حتى يصطلحا " ( رواه مسلم ) .
11 – الرحمة :-
قال تعالى : { وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين } ( الأنبياء 107 ) .
وقال تعالى : { واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا }
( الإسراء : 24 ) .
وقال صلى الله عليه وسلم " من لا يرحم لا يرحم "
وقال النبي صلى الله عليه وسلم : " بينما رجل يمشي بطريق ، اشتد عليه العطش ، فوجد بئرا فنزل بها فشرب ، ثم خرج ، وإذا بكلب يلهث ، يأكل الثرى من العطش فقال الرجل لقد بلغ هذا الكلب من العطش مثل الذي كان بلغ مني ! فنزل البئر ، فملأ خفه ماء ، ثم أمسكه بفيه حتى رقى ، فسقى الكلب ، فشكر الله تعالى له فغفر له "قالوا : يا رسول الله : وإن لنا في البهائم لأجرا ؟! قال : " في كل كبد رطبة أجر " ( متفق عليه ).
هذا أخي الطالب :_
بعض أخلاق القرآن الكريم التي ينبغي عليك التخلق بها، ولو تدبرت كتاب الله عزوجل لوجدت المزيد والمزيد ، فاقرأ ، وتدبر ، وتفهم ، واعمل وارتق ، فإن منزلتك عند آخر آية تقرؤها. قال صلى الله عليه وسلم : " إن الله يرفع بهذا الكتاب أقواما ويضع به آخرين "( رواه مسلم ) .

فاللهم اجعلنا ممن رفعتهم بهذا القرآن ، وممن هديتهم بالقرآن، وممن زكيتهم بالقرآن الكريم
وآخر دعوانا أن الحمد الله رب العالمين

عمروعبده 15-08-2010 11:05 AM

الحوار مطلب تربوي


الحوار في اللغة من (المحاورة) بمعنى المجاوبة، والتحاور: التجاوب. وحاورته أي راجعته الكلام، وهو حسن الحوار، وما أحار جواباً أي ما رجع.

وفي الاصطلاح: هو تفاعل لفظي أو غير لفظي بين اثنين أو أكثر من البشر بهدف التواصل الإنساني وتبادل الأفكار والخبرات وتكاملها للوصول إلى نتائج مفيدة، بعيداً عن الخصومة والتعصب وبطريقة علمية إقناعية.

وقد أولى القرآن الكريم الحوار أهمية بالغة في المواقف التربوية، وجعله وسيلة لتوجيه الناس وإرشادهم وجذب عقولهم، فالحوار في القرآن الكريم يمتاز بالسهولة ويبتعد عن الفلسفات المعقّدة، ويتضمن ألواناً من الأساليب حسب عقول ومقتضيات أحوال المخاطبين الفطرية والاجتماعية، غلّفت بلين الجانب وإحالة الجدل إلى حوار إيجابي يسعى إلى تحقيق الهدف بأحسن الألفاظ وألطف الطرق، قال تعالى: (اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَّيِّنًا لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى)، وقوله تعالى في موقف نوح عليه السلام مع ابنه: (وَهِيَ تَجْرِي بِهِمْ فِي مَوْجٍ كَالْجِبَالِ وَنَادَى نُوحٌ ابْنَهُ وَكَانَ فِي مَعْزِلٍ يَا بُنَيَّ ارْكَب مَّعَنَا وَلاَ تَكُن مَّعَ الْكَافِ>vidرِينَ قَالَ سَآوِي إِلَى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاء قَالَ لاَ عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللّهِ إِلاَّ مَن رَّحِمَ وَحَالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ فَكَانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ).

واستخدم رسولنا صلى الله عليه وسلم أسلوب الحوار في تعامله مع القضايا والملمات التي حدثت أثناء بناء الأمة الإسلامية، وفي دعوته وتربيته وتعليمه لأصحابه رضي الله عنهم، وتميّز هذا الحوار النبوي بالقوة والدقة وحسن الخطاب والصبر، والشمول والتوازن والالتزام بآداب الحوار. وعلى هذا الهدي النبوي سار العلماء المسلمون في تربيتهم وتعليمهم للطلاب والناس، واعتبروا عدم استخدامه أحد أهم أسباب الضعف العلمي والجدل العقيم لدى الطلاب. وتعد المدرسة المؤسسة التربوية الأولى التي تسهم مع الأسرة في بناء الأفراد وتربيتهم وتعليمهم، وباستخدام إدارة المدرسة والمعلمين للحوار التربوي في العملية التربوية والتعليمية تسهم في ترسيخ آداب الحوار في نفوس الطلاب وتحقيق العديد من الأهداف التربوية المنشودة، إذ تعتبر الطريقة الحوارية إحدى أهم طرق التدريس التي تعتمد على قيام المعلم بإدارة حوار تفاعلي خلال الموقف التدريسي، بهدف الوصول إلى حقائق ومفاهيم ومعلومات جديدة. ولذا فإن للحوار التربوي العديد من الفوائد، منها:

- تشجيع الطلاب على المشاركة الفاعلة والإيجابية في عملية التعلم، والتأكيد على الاحترام المتبادل بين الطرفين المتحاورين.

- تنمية أفكار الطلاب، لأنهم بأنفسهم يتوصلون إلى المعلومات بدلاً من أن يدلي بها إليهم المعلم.

- إثارة اهتمام الطلاب بالموضوع عن طريق طرح المشكلات في صورة أسئلة ودعوتهم للتفكير في اقتراح الحلول لها.

- تكوين شخصية سوية للطالب تجعله يعتمد على نفسه في التعبير عن آرائه وأفكاره.

- اكتساب مهارات الاتصال والتواصل والتفاعل مع الآخرين، مثل مهارات: الحديث والكلام والتعبير وإدارة الحوار.

- توثيق الصلة بين المعلم وطلابه، لأن الحوار يعتمد على احترام وتقدير كل طرف للآخر.

- تدرب الطلاب على حسن الاستماع لآراء الآخرين واحترامها.

- تكسب الطلاب اتجاهات سليمة كالموضوعية والقدرة على التكيّف.

- تشجع الطلاب على الجرأة في إبداء الرأي مهما كانت نوعيته وزيادة تفاعلهم الصفي.

- تولّد عند الطلاب مهارة النقد والتفكير، من خلال تحريك قدراتهم العقلية، والربط بين الخبرات والحقائق.

- تساعد على إتقان المحتوى من خلال تشجيع الطلاب على الإدراك النشط لما يتعلمونه في الصف.

أخيراً: الحوار من أساليب التربية التي استخدامها الإسلام في تربية العواطف الربانية والعقل الإنساني، والتفكير المنطقي السليم، والسلوك البشري الرباني السديد المستقيم، لذا سعدت الدنيا بنور الإسلام، وقادت أمم الأرض إلى نور العلم وفضائل الأخلاق، وتحرير العقل من الخرافات والأوهام، وتحرير الإنسان من الظلم إلى العدل. واليوم تزداد حاجة طلابنا للحوار في ظل المتغيرات العالمية التي جعلت العالم كالغرفة الواحدة، ونوّعت أساليب الحصول على المعلومات، ووسعت الأفق للمشارب والاتجاهات الثقافية والفكرية.

د. حمد بن عبدالله القميزي - مدرب معتمد في الحوار

عمروعبده 15-08-2010 11:11 AM

فكرة لبداية رائعــة في التدريس


سواءً بدأنا في التدريس مع طلاب مقررات السنة الأولى, أو مع طلاب مقررات السنوات النهائية فإنه يتوجب علينا أن نبدأ بتدريس المقرر بداية قوية ما أمكننا ذلك. الحماس للعمل في تعليم الطلاب يمكنه أن يعمل تغييرًا كبيرًا في الكيفية التي يستجيبون بها إلى ما يتعلمون وبالتالي في تقييمهم لمقرراتهم ومعلميهم.
القائمة التالية والمكونة من 100 فكرة تقدم عرضًا جيدًا لبداية ممتازة في التدريس. نحن نجزم أن المعلم لا يستطيع تطبيق كامل هذه الأفكار في عملية التدريس, لكنه سيأخذ بالبعض منها وهي بمنزلة وجبة طازجة من شأنها أن تخلق بيئة تعلم إيجابية داخل الفصل.
تكوين جوّ ترحيبي:
٭ ادخل الفصل مبكرًا بدقائق قليلة عن المعتاد وتحاور مع طلابك.
٭ حيّ طلابك في أثناء دخولك باب الفصل.
٭ ابدأ حصصك في وقتها.
٭ قدّم نفسك وطريقة تدريسك عن طريق الشرائح أو العروض التقديمية بالحاسب الآلي.
٭ ناقش تفاصيل توزيع المنهج مع طلابك.
٭ وفر الوسائل التعليمية التي تحتاج إليها.
٭ وضّح الساعات المكتبية وأعلنها لطلابك (خاص بمعلمي الجامعات).
٭ أعلن أسماء الطلاب المشاركين في جماعة النشاط التي ترأسها.
٭ ابحث عن الطالب الذي تلاحظ منه سلوكًا مختلفًا عن زملائه وحاول أن تحصل على معلومات أكثر عنه.
٭ وضح فلسفتك في التدريس لطلابك.
٭ اجعل طلابك يرون حماسك للمادة وحبك للتعلم.
٭ ابذل جهدًا لتحفظ أسماء عدد من طلابك كل يوم.
٭ كن على علم بوظائف طلابك إذا كانوا يعملون، وكم ساعة يعملون في الأسبوع، وما نوع الوظائف التي يعملون بها.
٭ أوجد معلومات أكثر عن طلابك بجعلهم يملؤون بطاقات تعريفية شاملة للمعلومات الشخصية.
٭ أجر استطلاعًا ديموغرافيًا بجعل الطلاب يتحركون إلى الأجزاء المختلفة من الفصل، المدرسة، الريف، المدينة.
٭ شجع طلابك للتواصل مع زملائهم عبر البريد الإلكتروني ليناقشوا الواجبات وأعمال المقرر.
٭ كون مجموعات صغيرة للاطلاع وأعد تشكيل هذه المجموعات مرات عديدة.
٭ نظم مجموعات تعاونية من الطلاب ليساعد بعضهم بعضًا في التعلم.
٭ شجع الطلاب لتكوين مجموعات دراسية تعمل خارج غرفة الصف.
٭ زر مواقع الإنترنت الخاصة بالمعلمين لتقابل طلابك على أرضية صلبة من الخلفية الجيدة عن أساليب التعامل معهم.
تكوين جوّ إيجابي:
٭ اجعل ضمن المحتوى ليس توزيع المنهج فقط بل كثيرًا من التفاصيل من أول يوم تعطي فيه.
٭ تابع حضور الطلاب للفصل من خلال الكشف أو التوقيع على ورقة الأسماء، أو بحصر الكراسي الخالية في غرفة الصف.
٭ اشرح لماذا هذا المقرر ضروري ومهم ومشوق، وأخبر طلابك عن اهتماماتك البحثية في موضوع المقرر.
٭ اجعل الطلاب يكتبون توقعاتهم عن المقرر وما يهدفون إليه من تعلمهم.
٭ ضع عددًا محددًا من الأنظمة الأساسية تأخذ في اعتبارها الغياب، والعمل المتأخر، وإجراءات الاختبارات، والتدرج، والسلوك المتوقع (مثلاً: الشرب، الأكل، استخدام الجوال، الإزعاجات المختلفة) وأكد على تطبيق هذه الأنظمة.
٭ أعط الواجبات من أول يوم واجمعها في اللقاء الذي يليه مباشرة.
٭ ابدأ تجاربك المعملية أو أي تمارين أخرى في أول لقاءات المعمل.
٭ أرسل التنبيهات (المكتوبة والمنطوقة) حول: الذي يجعل التطبيقات المعملية جيدة مثل: إكمال العمل المطلوب إنهاؤه، الإجراءات، التجهيزات، النظافة، الصيانة، الأمان، طلاب الدعم أو المساعدة، الاستخدام الأمثل لوقت المعمل.
٭ أخبر الطلاب كم من الوقت يحتاجون ليدرسوا هذا المقرر.
٭ اشرح كيفية عمل الواجبات التي تعطيها الطلاب، واشرح كيفية تقديرك للأعمال المتوقع الحصول عليها من الطلاب.
٭ ضع عينة من أسئلة الاختبارات ووفر إجاباتها النموذجية لطلابك.
تشجيع التعلم التفاعلي:
٭ تحرّك حول الفصل لتشغل الطلاب وتمنع السلوك غير المرغوب فيه مثل الأحاديث الجانبية بين الطلاب.
٭ استخدم الاتصال العيني مع الطلاب واختر الطلاب بالأسماء للإجابه عن سؤالك، ونبه الآخرين ليكونوا جاهزين للإجابة عن السؤال التالي.
٭ ابدأ المحاضرة بالكلمات المتقاطعة، الأسئلة، العكوس, الصور، اللقطات الكرتونية على شرائح العروض التقديمية لجذب انتباه الطلاب إلى موضوع الدرس. استخدم وسائل متنوعة خلال الحصة: جهاز العرض فوق الرأسي، شريط فيديو, كاسيت، نماذج وعينات لمواد مختلفة.
٭ خذ وقتًا مستقطعًا من الحصة (لا يزيد عن عشرين دقيقة ) تحكي فيه قصة مرتبطة بموضوع الدرس، أو تربط الموضوع بحدث جار يحدث في المجتمع أو العالم.
٭ استخدم طرقًا متنوعة في تقديم الحصة أو الدرس: المحاضرة، التعلم التعاوني في مجموعات صغيرة، المناقشة،..., إلخ.
٭ شجع الطلاب على تقديم آراء مختلفة حول الموضوع الواحد.
٭ إذا كنت تقدم فيلم فيديو، فكر في عمله بطريقة الرواية، مثلًا قم بإعداد أسئلة ووزعها على الطلاب ليفكروا في إجابتها أثناء مشاهدة الفيلم، أوقف الفيلم للمناقشة، استبق نهاية الفيلم بسؤالهم عن توقعاتهم نحوها، وزع أوراقًا على طلابك لانتقاد الفيلم، أعد تشغيل الأجزاء الضرورية من الفيلم.
٭ استخدم لعب الأدوار (التمثيل) لتوضيح نقطة أو مناقشة قضية.
٭ أعط الطلاب الفرصة لطرح الآراء حول موضوع الدرس.
٭ أعط طلابك وقتًا لإجابة الأسئلة، عدّ من واحد إلى عشرة بطريقة صامتة بعد إلقاء السؤال لتمنح طلابك فرصة للتفكير في الإجابة.
٭ اطلب من الطلاب أن يسألوا أسئلة واجعل زملاءهم يجيبون عنها.
٭ اطرح أسئلة لمتابعة الطلاب في الدروس السابقة.
٭ أعط الطلاب بطاقات ملونة يحمل كل لون موضوعًا معينًا، واطلب من الطلاب التصويت لاختيار لون معين لمناقشة ما يحويه من موضوع.
٭ استخدم أسلوب توليد الأفكار أو جلسات العصف الذهني لتوسيع مدارك طلابك.
٭ اعتمد الاختبارات والتمارين المتدرجة في درسك لترفع من مستوى تعلم طلابك.
٭ أعط طلابك أعمالًا جماعية يشترك فيها عدد من الطلاب بعضهم مع بعض.
٭ أعط طلابك مشكلة متعلقة بموضوع الدرس لحلها كواجب منزلي.
٭ اجعل الطلاب يطبقون الموضوع المقرر لحل مشكلة حقيقية.
٭ شجع طلابك على إحضار خبر عن أحداث جارية مرتبطة بموضوع الدرس.
٭ اسأل طلابك عن الذي يحدث في الدولة أو المدينة مما له علاقة بما يدرسون ويمكن أن يكون له تأثير في المستقبل.
٭ اطلب من طلابك كتابة أسئلة على بطاقات لتجمع وتحل في الحصص القادمة.
٭ اطلب من طلابك الاطلاع على الدوريات الأسبوعية المرتبطة بالمادة، أسأل أسئلة ودعهم يجيبون عنها من خلال هذه المنشورات الأسبوعية.
٭ اجعل طلابك ينتقدون أعمال زملائهم، ويوضحون نقاط القوة والضعف لبعضهم البعض.
٭ ضع صندوقًا للمقترحات في آخر غرفة الصف وشجع الطلاب على أن يضعوا فيه ملاحظاتهم المكتوبة
تشجيع الأعمال المبدعة:
٭ أعد التوقعات الجيدة واسأل الطلاب عن رأيهم فيها.
٭ اشرح للطلاب الفرق بين التعاون المشروع أو المسموح به وبين الغش، وضح متى يكون التعاون مناسبًا ومتى يكون ممنوعًا.
٭ ابدأ الدرس بمراجعة سريعة لما سبق، أنهِ كل درس بعرض سريع لما ستقدمه في اللقاءات القادمة.
٭ أثر تساؤلات واهتمامات طلابك في بداية الدرس، واكتبها في قائمة على السبورة لتجيب عنها خلال الدرس.
٭ اجعل الطلاب يدونون ما يرونه مهمًا أو النقاط الرئيسة للدرس الذي ستقدمه.
٭ اجعل طلابك يدونون في نهاية الدرس أهم ثلاث أفكار استفادوها منه.
٭ أعط طلابك اختبارًا قبليًا لتعرف خلفياتهم عن الموضوع الذي ستحدثهم عنه.
٭ حاول إشراك طلابك بالقراءة، والكتابة، والاستماع، والتحدث في كل حصة.
٭ شجع طلابك لينتحلوا دور الخبير في الأنظمة، الفيلسوف، الناقد الأدبي، عالم الأحياء، أو المهندس.
٭ وزّع قائمة من المشكلات التي تحتاج إلى حل واجعل الطلاب يختارون إحدى هذه المشكلات للعمل على حلها.
٭ وضح أهداف التعلم لكل واجب تكلف به طلابك، واشرح شرحًا واضحًا ماذا يتوجب عليهم أن يفعلوا خلال المقرر ككل.
٭ أعط الطلاب قطعتين تتناولان موضوعًا معينًا من وجهتين مختلفتين واطلب منهم المقارنة بين وجهات النظر المختلفة.
٭ ضع الطلاب في مجموعات زوجية (خلايا التعلم) ليختبر بعضهم بعضًا فيما تعلموه من درس اليوم.
٭ أعط دقائق قليلة للطلاب ليشرح بعضهم لبعض موضوع درس اليوم.
٭ أعط دقائق قليلة للطلاب ليشرح بعضهم لبعض موضوع درس اليوم.
٭ أكد على تنقيط وتلخيص موضوعات القراءة الصعبة.
٭ قدم فرصة لعمل «بطاقات استطلاع» عن طريق كتابة ملاحظات على بطاقات مقاس 3x5، واجمعها ثم أعدها لتستخدم في الاختبار.
٭ اعمل مصفوفة ذاكرة (جدول غير مكتمل)، واطلب من الطلاب أن يكملوه بشكل جماعي (اثنين، اثنين)في الفصل.
٭ أعط الطلاب العديد من الفرص للتدريب على الاختبار قبل الاختبار النهائي.
٭ خذ في الاعتبار إعطاء الطلاب مجموعة من الاختبارات لتكون إعدادًا للاختبار.
٭ أعط اختبارًا مبكرًا في بداية الفصل الدراسي، ثم أعد تصحيحه لطلابك وعلق على الأخطاء التي وقعوا فيها بشكل عام.
توفير الدعم:
٭ اجمع أرقام هواتف طلابك (خصوصًا الهواتف النقالة) وأخبرهم أنك ربما تحتاج للتواصل معهم (هذه الفكرة خاصة بمعلمي ما بعد المرحلة الثانوية).
٭ ما أمكن، كن ملمًا بأسماء الطلاب ذوي الغياب المتكرر، اتصل بهم أو بلغ المرشد الطلابي أو الأكاديمي عنهم.
٭ بيّن لطلابك أنك مستعد لمناقشة أي صعوبات تواجههم، خصوصًا الطلاب ذوي الاحتياجات الخاصة.
٭ وجه طلابك للمراكز العلمية المتخصصة التي تساعدهم على اكتساب المهارات الدراسية.
٭ في حالة توفير تعليمات للدعم في مقررك، شجع طلابك على الأخذ بها.
٭ شخص مستوى طلابك وما يحتاجون إليه من فرص تعلم عن طريق توزيع استبيان أو إجراء اختبار قبلي وإعادة التغذية الراجعة لهم في أسرع وقت ممكن.
٭ سلّم أسئلة الدراسة أو دليل الدراسة لكل ممثل مجموعة في المقرر (خاص بمعلمي ما بعد الثانوية).
٭ كرر قراءة العناوين الرئيسة للمادة ثلاث مرات على الأقل.
٭ اسمح لطلابك بالتقدم في عملية التعلم: اختبار سريع على درس اليوم، انطباعات مكتوبة عما قدم في هذا الدرس.
٭ كافئ الطلاب الذين يصدر عنهم السلوك المرغوب بالشكر والتقدير أو بالكتابات الشخصية.
٭ استخدم اللمسات الخفيفة: ابتسم، قل نكتة جيدة، اكسر روتين الاختبارات من خلال إعطاء الطلاب واجبات بديلة.
٭ وفر جدولًا لاستخدام الوسائل التعليمية.
٭ استخدم أمثلة متنوعة لتوضيح النقاط والمفاهيم المهمة.
٭ شجع طلابك على طباعة مواعيد المقررات المهمة على بطاقات.
٭ كن حاضرًا قبل أو بعد الحصة لتلقي ملاحظات طلابك حول موضوع الدر س.
كن فعالًا ومؤثرًا طول الوقت:
٭ استخدم مجموعة من المصادر في تدريسك: المسرحيات، الحفلات، وكالات الدولة أو المنطقة، المؤسسات الأهلية، الجهات المهنية، والرحلات الخارجية.
٭ افحص جدول المدرسة أو الجامعة الخاص بالعروض التقديمية ومدى ملاءمته لمحتوى المقرر.
٭ اتصل بالإنترنت لأخذ قوائم أسماء الطلاب ومعرفة الحذف والإضافة.
٭ استخدم صور الطلاب للتعرف على أسمائهم في الأعمال المكتوبة.
٭ إذا رغب الطلاب التحدث عن الفرص الوظيفية، أرسلهم لمكاتب الإرشاد المهني أو برامج التأهيل المهني.
٭ خذ مقترحات الطلاب حول المصادر الخارجية والضيوف المتحدثين عن موضع المقرر.
٭ أخبر طلابك عن موعد قراءتك للبريد الإلكتروني المتضمن رسائلهم كل يوم.
٭ استخدم الردود التلقائية لكل الطلاب عندما لا تكون موجودًا على التليفون أو على الإنترنت.
٭ احتفظ بملاحظات مختصرة عن توزيع المنهج وما تخطط لعمله كل يوم.
٭ اجمع ملاحظات التغذية الراجعة لواجبات الطلاب في الأسابيع الأولى من الفصل الدراسي لتحسين عملية التدريس والتعلم.
٭ تحدث مع الآخرين في القسم الذي تدرّس فيه حول المقرر الذي تنوي تقديمه للاستفادة من ملاحظاتهم

عمروعبده 15-08-2010 11:13 AM

دور احترام شخصية التلميذ في التواصل


دور احترام شخصية التلميذ في التواصل
الدكتور عبد الرحيم الخلادي أكادير
تتم العملية التواصلية بين الأستاذ و التلميذ بواسطة قنوات متعددة ، أبرزها اللغة و الفكر، وفق محتوى المقرر الدراسي و طبيعته، وما يرتبط به من طرائق التدريس في إطار الديداكتيك الذي تتطلبه كل مادة من المواد ...وما يدعمها من عوامل مساعدة كالصوت و حسن التموقع و التحرك داخل فضاء القسم... و كلها مقومات تستدعي شروطا أخرى كانضباط التلاميذ و احترامهم لأستاذهم ...الخ. لكن رغم ما يمكن أن يحققه كل من جهاز البث لدى الأستاذ و جهاز التلقي لدى التلميذ من درجات الانسجام و التجاوب – في هذا السياق – إلا أن التواصل بين الجهازين لا يمكن أن يكتمل إلا في إطار احترام الأستاذ لشخصية التلميذ و كل ما يتصل بها من مرجعيات.
لا ينجح التواصل داخل القسم إلا انطلاقا من مبادئ أكد عليها علماء التربية الكبار، وهي الانسجام والتبادل المستمر و الفعالية، ولا يتم إلا بتبادل المعلومات و الأحاسيس و المواقف بين أطراف يوجدون في وضعية تواصلية، وبطريقة غير أحادية؛ هكذا يمكن للأستاذ أن ينجز درسا متكاملا من حيث المعارف و الخطوات المنهجية و غيرها، ولكن لا يكفي لتحقيق التواصل الذي يقوم على أساس استجابة الطرف الآخر، و هذه الاستجابة تتم بواسطة قنوات تواصلية عديدة، يشترط فيها التلميذ – ضمنيا- احترام الأستاذ لشخصيته، و إحساسه به و تقديره له. فالعلاقة البيداغوجية (عند مارسيل بوستيك مثلا) لا تكون تربوية إلا بانخراط كل الأطراف فيها، وتنشأ في اللقاء بين هذه الأطراف ظاهرة إنسانية يحس فيها الصغير بأنه يتجه نحو الكبير.
فالتلميذ، خصوصا في مراحل الثانوي التأهيلي، يبدأ في ترسيخ معالم شخصيته و تشكيل وعيه، لذا يحتاج إلى العطف و الإرشاد، ويريد الاعتراف و التقدير، و إعطاءه القيمة التي يحس بالحاجة إليها و معاملته ككيان أو شخص مرغوب فيه؛ مثلما تكون له حساسية كبيرة عند مناقشتك لبعض ما يتعلق بشخصيته أو بمرجعياته؛ ومن ثم يرتبط عنده ما يتلقاه عن أستاذه من معارف بما يتلمسه عنده من مواقف. و سن التلميذ في هذا المستوى، يجعلهم حريصين على إثبات الذات بين أقرانهم، فلا يقبلون بما يمس شخصيتهم بسوء، وهذا (بند) ضمني داخل معاهدة التواصل بينهم و بين أساتذتهم. فللفرد حاجات بيولوجية، وأخرى تواصلية، هذه الأخيرة أرجعها العديد من علماء النفس و التربية ( كشوتز مثلا ) إلى ثلاثة أنواع رئيسية، هي الحاجة إلى الاندماج بواسطة علاقات مريحة مع الآخر، ونافعة، و الحاجة إلى الضبط، وهي تؤدي إلى الإحساس بالمقدرة واحترام الآخرين للذات، ثم الحاجة إلى العطف عبر تعاطف متبادل مع الآخرين.
وتكون للفرد توترات متعددة ناتجة عن حوافز فردية كثيرة مرتبطة بقدراته ومواهبه الشخصية ،و بحبه للحركة و التغيير،و بعقده النفسية; ولا تتقلص هذه التوترات إلا بإشباع الحاجات،وهذا ما يضع الأستاذ في موقف حساس،يتطلب منه أن يكون في مستوى الرسالة التربوية التعليمية،و يدعوه إلى تحسس المكونات السيكولوجية لتلميذه واعتبار شخصيته وكل ما يرتبط بها من أسس و خلفيات;فمثلا، لا ينبغي تحسيسه بحدة بالنقص الكامن في شخصيته -إن وجد- بشكل قاس أو مستفز ،وهذا ما يمثل بالنسبة إليه اعترافا ينتظره بشغف، و عند الاعتراف تمتد قناة التواصل وتتسع أكثر،وهو ما يمكن استغلاله لدفعه إلى التغيير بطرق عقلانية وعلمية و سليمة.و من جهة أخرى،على الأستاذ تشجيع التلاميذ بحسن الإنصات إليهم و الاهتمام بإبداعاتهم و أفكارهم ،ولو كان بعضها متواضعا،وذلك بحسن التوجيه و التأطير و الصقل و التصحيح و التشجيع; وقد حدد "الميثاق الوطني للتربية و التكوين "في محور (الغايات الكبرى للإصلاح) مجموعة من الأهداف المرتبطة بهذه النقطة،منها أنه ينص على جعل المتعلم في قلب الاهتمام،و يدعو إلى توفير شروط صقل ملكاته و الوعي بتطلعاته(رغم تحفظاتنا على بعض محاور هذا الميثاق و مواقفه).هكذا يجب على الأستاذ أن ينظم اهتمامات التلميذ وميولا ته و أن يساير رغبته في التحول من كسب خبرة إلى كسب أخرى،وذلك بتنمية المهارات المتعلقة بالكتابة والتعبير والتحليل، والاستجابة لحوافزه باعتبارها قوى داخلية تدفع الفرد إلى الفعل وتحدد تصرفاته وتوجه سلوكه نحو أهداف معينة تشبع حاجات محددة.
كما يجب على الأستاذ احترام الانتماء العرقي والقلبي للتلميذ، فلا يشعر تلاميذته بأي تمييز أو ميول تجاه عرق أو انتماء، وهذا ما ينطبق أيضا على ضرورة جعل التلاميذ سواسية مهما تكن طبقاتهم الاجتماعية ( ابن فلاح – ابن تاجر – ابن غني – ابن موظف عادي – ابن رجل سلطة – يتيم ... ) ؛ وعليه ألا يجعل القلم الأحمر سيفا لتصفية الحسابات الخارجة عن معايير التقييم والتنقيط الواضحة، وعليه ألا يستعمله أداة للمفاضلة بين التلاميذ بمبررات هامشية، فالتلميذ يراقب كل هذه المواقف المتخذة ويتأثر بها؛ و من خلالها تنتج عدة ردود أفعال سلبية تجاه الأستاذ أو المؤسسة التعليمية أو المنظومة التربوية كاملة؛ وقد نص " الميثاق " على مبدأ المساواة بوضوح عند تحديده لحقوق و واجبات الأفراد والجماعات. وغير بعيد عن هذا ينبغي عدم السخرية من الوضع المادي والشخصي للتلميذ والذي ساهمت فيه الظروف الاجتماعية والثقافية. فإذا كان حسن الهندام – مثلا – أمرا مرغوبا فيه، فإنه على الأستاذ ألا ينتج مواقف غير مسؤولة تحدث تشويشا داخل أجهزة التواصل عندما يرى التلميذ بلباس متسخ و متواضع يرتبط بوضعية الفقر، أو بلباس يساير الموضة العصرية، فالتلميذ كيان ينتظر الاعتراف، و يبحث عن مكان بين الناس، و يريد الاحترام لنفسه و لايقبل السخرية منه ... في حين يمكن أن يستجيب إذا كان الأستاذ ممن
يسعى تدريجيا إلى دفع التلاميذ لجعل هندامهم في مستوى المؤسسة التربوية، لأننا لا يمكن أن نتصور مؤسسة تربوية حقيقية تحتضن أشكالا لا أخلاقية من الهندام، والذي نقصد هو كيفية التأثير في سلوك التلميذ حتى يخرج عن النمط ( الشاذ ) من اللباس إلى النمط المقبول تربويا.
و من جهة أخرى، فإن تعامل الأستاذ مع تلاميذته على أساس أنهم سواء في الخلفيات و المنطلقات و السلوكات أمر خاطئ. بل عليه مراعاة هذا الاختلاف و التمايز، و تحويله إلى ظاهرة صحية تخدم التواصل و تسهم في تنمية فكر التلاميذ و قناعاتهم، مما يجعل الأستاذ أبا روحيا و قدوة حقيقية في مجالات التفكير السليم المنفتح. مثلا، فلبعض، التلاميذ ميولات دينية أو تقدمية، متشددة أو منفتحة، فليس ضروريا أن ينتمي الأستاذ إلى نفس اتجاهاتهم كي يتواصل معهم، كما لا يعني اختلافه معهم أن يعلن الحرب عليهم؛ بل للتواصل هنا مسلك واحد هو معاملتهم بموضوعية، و هذا لا يقوم له قائم إلا بفهم العمق الفكري للتلميذ، ثم العمل على حسن تدبير المنظومات الفكرية المؤطرة لتفكيره و معتقده، لأنه في سن يحتاج إلى مؤطر يصحح الأخطاء بتأن و تعقل و يحول تفكيره من الهشاشة إلى الصلابة، و من التعصب إلى الاعتدال؛ فمن مهام المدرسة تطهير الموروث الثقافي عن طريق تنقيحه من الممارسات السلبية. وقد جاء في " المبادئ الأساسية " للإصلاح : ( يقف المربون و المجتمع برمته تجاه المتعلمين عامة، و الأطفال خاصة، موقفا قوامه التفهم والإرشاد والمساعدة على التقوية التدريجية لسيرورتهم الفكرية و العملية و تنشئتهم على الاندماج الاجتماعي، و استيعاب القيم الدينية و الوطنية و المجتمعية ) الميثاق : بند 6 . كما أن موضوعية الأستاذ في التعامل مع الجميع يراقبها التلميذ باهتمام فائق، و يفيض اثرها باحترام الأستاذ / الأب الروحي، وحبه، ثم حين يتأكد منها فإنه يصير مستعدا لتقبل توجيهاته و انتقاداته بصدر رحب، في جو من الثقة التي تعتبر ركائز التواصل الحقيقي، وقد أوضح ذلك علماء التواصل تحت مفهوم " تصديق الرسالة " الذي يعتبر شرطا مهما ليتم العمل بها.
و من واجب الأستاذ – كذلك – ألا يكثر التحريم و التحليل، و أن يتجنب إصدار الفتاوى القطعية، رغم حاجة التلميذ إلى أن يرى أفكاره تحسم من طرف الأستاذ؛ مثلما توجد أشياء كثيرة لا يمكن أن تقنع التلميذ مما يجعل الصرامة في الدعوة إليها مدعاة إلى التظاهر بالتجاوب معها، في حين سيعمل بعكسها. و على الأستاذ أيضا ألا يمارس مبدأ ( حلال علينا حرام عليكم ) في العديد من المواقف، أبرزها استعمال الهاتف المحمول، فنحن نعرف أن استعمال هذا الجهاز ممنوع على الطرفين داخل المؤسسة، لكن طالما يحمله الجميع في جيبه أو محفظته، فإن البعض ينساه دون إقفال، و الخطأ البشري وارد في كل زمان و مكان، لذا فمن غير المعقول أن يعاقب الأستاذ تلميذه على أي رنة هاتف تفلت، في حين يسمح لنفسه بذلك وأحيانا بأكثر منه كإجراء المكالمات الهاتفية ... الخ. و في هذا مافيه من أثر نفسي على التلاميذ و إحساس بالاحتقار و الميز.
و في مظهر آخر، نشير إلى ما يتعلق بجوانب النطق بالكلمات، ذلك أن العديد من الظواهر تسجل في هذا المستوى، و ترتبط بالمخارج الصوتية لكل تلميذ، و بالاختلاف في نطق بعض الأحرف أو الكلمات حسب المناطق، حيث يتم تخفيف بعضها أو تفخيمه أو نبره ... الخ. و في هذه المواقف، على الأستاذ أن يغلب جانب النضج و المسؤولية، فلا يسخر من أحد أو يطلق عليه سهام التعليقات الجارحة، و لا يسمح لبعض التلاميذ بفعل ذلك؛ و قد يزداد الأمر خطورة إذا سخر الأستاذ من المنطقة أو العرق ... و كل ذلك يعرقل عملية التواصل و يؤدي إلى ردود أفعال متعددة. و هو نفس ما يحصل إذا عامل تلاميذه في مواقف متشابهة بصيغ متناقضة. إضافة إلى أن غلظة الأستاذ الزائدة عن حدها تمنع التواصل مع تلاميذ حرموا من الحرية و أحسوا بالخوف و انعدام الأمان... و ليس أمامهم سوى كراهية أستاذهم، و ربما أثر ذلك على الحصص الموالية. فهنا يتحدد الموقف الذي سيتخذه التلاميذ من الأستاذ بالنظر إلى أن الموقف عبارة عن استعداد سيكولوجي يحدد تصرف الفرد تجاه أشخاص ووضعيات قبل أن يكون أسلوبا فكريا يتخذ بصدد موضوع ما.
هكذا فاحترام شخصية التلميذ لا يعني ترك ماهو قائم، بل التعامل مع الآخر بفهم خصائصه النفسية و تفسير سلوكاته عن وعي و حماية كيانه من كل ما يحرمه من الأمان و الثقة ... الخ و ذلك بوسائل كثيرة و متاحة. و قبل هذا و ذاك على الأستاذ أن يبدأ بنفسه أولا، و ينتج معها تواصلا ايجابيا عن طريق الوعي بالذات و المحيط و بالقدرات وحدود القوة و الضعف؛ و إلا فإنه لن يتقبل هذه الأفكار، مما يجعل مهام رجال التعليم نبيلة و خطيرة كلما كانوا في مستوى التواصل الإيجابي مع التلاميذ. هذا دون إهمال الإشارة، في هذه الخاتمة، إلى ما يعانيه الكثير من الأساتذة من تصرفات لا مسؤولة و لا أخلاقية من طرف العديد من التلاميذ، و هي خارجة عن المظاهر التي قدمنا. و هذا موضوع آخر لا يقل أهمية عما ناقشناه أعلاه.

عمروعبده 15-08-2010 11:17 AM

بناء الأجيال وأي جيل نبني


بناء وتربية الأجيال أمر من الأمور المهمة في الحياة، وهذه التربية لا بد أن تقوم على أساس قوي من المنهج السليم، والعقيدة الصافية التي لا يخالطها أي شائبة؛ لأن التربية قضية من القضايا الجوهرية في الأمة، ولا بد من توفر المربي المتمكن، والناجح الذي يستطيع أن يصنع الأجيال وفق ما تمليه علينا عقيدتنا، ويقرره ديننا.
وتربية الأجيال لها عدة أطراف لا بد من أن تجتمع لتحقق هذا الهدف وهو إخراج الجيل الفريد، وهذه الأطراف هي:
1. الأسرة.
2. المدرسة.
3. المعلم.
فهذه الثلاثة العناصر هي الأركان الأساسية التي تقوم عليها قضية تربية وبناء الأجيال، وإن اختل أحد هذه الأركان، أو ظهر القصور في أحدها؛ أثر ذلك سلباً على عملية بناء وتربية الجيل المسلم.
إن الهدف من تربية الأجيال هو إخراج جيل على منوال السلف الصالح، متمسك بدينه وعقيدته الإسلامية وفق ضوابط ومعايير معينة ليتم إعدادهم الإعداد المناسب الذي يبصرهم بدينهم، ويحميهم من كل مظاهر الغزو الثقافي الذي يسعى الأعداء لنشره في أوساط الجيل بهدف إخراجهم وإبعادهم عن عقيدتهم، ونشر الرذيلة في أوساطهم.
ونحن في هذا المقام لا بد من أن نتطرق لأركان التربية الثلاثة؛ كي نتعرف على الواجبات المناطة على كل ركن من هذه الأركان؛ سعياً منا إلى أن نضع ولو شيئاً يسيراً في هذا الموضوع لننظر إلى الهدف المراد من هذا الموضوع.
أولاً: الأسرة:
الأسرة هي اللبنة الأولى في التربية، والتي تقع عليها المسؤولية العظمى في بناء الأجيال، وتخريجهم إلى الواقع، ولهذا فإن الله أمر على أن يترحم العبد على والديه بسبب تربيتهما له فقال: {وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا}1، وحين تربي الأسرة طفلها فإنها تشكل اتجاهاته وميولاته وفق معايير معينة؛ لتعينهم على تكوين النظرة السليمة للحياة، وهذه التربية مقترنة بالتعليم الذي يصقل ملكات الأفراد، وينمي مواهبهم بهدف تهذيب الأخلاق، وإبعادهم عن كل طرق الانحراف والضياع، وهنا فإن على الأسرة أن تربي الأبناء على عدة أمور منها:
1) على الأسرة أن تربي أبناءها على حب الله - عز وجل -، والأدب معه، ومع كلامه، ومع رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -، ومع كلامه، وغرس ذلك في نفوسهم، وتنشئتهم عليه، وفي هذا امتثال لقول الله - تبارك وتعالى -: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ}2.
2) المحافظة على شعائر الدين الظاهرة والباطنة، وجعلها من الأمور التي لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يقصر عن أدائها، أو يتنازل عنها: كالمحافظة على الجمعة والجماعة، ونحوها من شعائر الدين.
3) الاهتمام بحفظ كتاب الله - عز وجل -، حفظاً متقناً عن ظهر قلب.
4) التربية على العقيدة السليمة التي لا تخالطها البدع والأهواء، وعلى ما كان عليه النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - وأصحابه الكرام - رضي الله عنهم -، وعدم الاستهانة بأمر من أمور العقيدة.
5) التربية على تعظيم حرمات الله - تبارك وتعالى - وشعائره {ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ عِندَ رَبِّهِ}3، {ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ}4.
6) التربية على عقيدة الولاء والبراء، وعدم موالاة أعداء الله من اليهود والنصارى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاء مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ}5، وتعريفه بأن هؤلاء هم أعداء حقيقيون لا يريدون للأمة المسلمة الخير ولا الصلاح {وَلاَ يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّىَ يَرُدُّوكُمْ عَن دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُواْ}6، والكشف له عن مخططات العدو الكافر الاستعمارية سواء كانت عبر الغزو الثقافي، أو الغزو العسكري، وكل وسائل الأعداء.
هذه الأمور من أهم الأمور في تربية الأبناء داخل الأسرة المسلمة، وتنشئتهم عليها، وعلى أن تكون من منهج حياته وسلوكه، حتى إذا كبر ودخل إلى المحضن الثاني من محاضن التربية يكون قد ألمّ بأهم الأمور في حياته الدينية، وهنا ننتقل إلى المحضن الثاني.
ثانياً: المدرسة:
على عاتق القائمين على العملية التربوية في مدارس التحفيظ تقع مسؤولية كبيرة في تربية الأجيال، وبناءها بناءً صحيحاً على المنهج الذي أراده الله - عز وجل -، وأراده رسوله - صلى الله عليه وآله وسلم -، ولا يكمل دور مدرسة التحفيظ إلا بالتواصل مع المحضن الأول والأساس ألا وهو الأسرة، فبالتواصل مع الأسرة توجد لنا عملية تكاملية في التربية، ودور المدرسة مكمل لدور الأسرة، فالمدرسة تعمل على تأكيد المفاهيم الصحيحة التي تربى عليها الناشئة في الأسرة، لأن دور المدرسة لا يقتصر على التعلم فقط بل هو أكبر من ذلك، فدورها يشمل التربية والتعليم، والتثقيف، وتصحيح العقائد... إلخ، ولهذا فإن على المدرس مراعاة كثير من الأمور منها:
1) أن المدرسة هي المحضن الذي يتلقى الطالب فيه العلم والتربية، فهي مكان القدوة، والتزود بالأخلاق، والتجدد في التفكير.
2) أن الطالب في المدرسة أمانة، وعلى القائمين على هذا المكان استشعار حديث عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - حيث يقول: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ((كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته... الحديث))7، وأن على المدرسة غرس المفاهيم الإسلامية الصحيحة، وإزالة البدع التي تنتشر من خلال ما هو سائد في أوساط المجتمع.
3) واجب المدرسة تنمية الأخلاق الحسنة الفاضلة، والقضاء على الأخلاق السيئة الفاسدة، ومعالجة الأخطاء التي تحصل من قبل الطالب بالإقناع، والإرشاد إلى السلوك السليم.
4) ودور المدرسة يتنوع بتنوع المراحل الدراسية التي يمر بها الطالب، وعلى المدرسة متمثلة في القائمين عليها والمدرسين؛ فهم هذه النقطة ليسهل التعامل مع الطلبة، وفهم نفسياتهم، وميولاتهم.
5) إن المدرسة في نظر الطالب تمثل القدوة والأسوة، وهو ينهل منها بدون تفريق بين الغث والسمين، فإذا علم القائمون هذه القضية فعليهم أن يكونوا قدوة حسنة متمثلين الأخلاق الفاضلة، والمعاملة الحسنة، والتدين الذي يجعل من المدرسة مكاناًً يحبه كل طالب، ويتشوق إليه كل تلميذ.
ثالثاً: المعلم أو المربي:
فالمعلم هو الأب الثاني للطالب، وهو المصدر الأول من مصادر تلقي الطالب المعلومات، والأخلاق، والمعاملات، وغيرها من الأمور الهامة في حياة الطالب، بل إن المدرس هو المربي الذي يستطيع أن يوجه سلوك الطالب سلباً أو إيجاباً؛ لأنه قدوة يقتدي به الطالب في السلوك، والأخلاقيات، والتعامل ... إلخ، ولهذا فإن المدرس أو بالأصح المربي تقع عليه مسؤولية عظيمة في بناء الأجيال؛ لأجل هذا كله ينبغي أن يكون المربي ذو صفات لا بد من توافرها فيه من هذه الصفات:
1. "العلم: فالعلم سلاح، وعدَّة المربي في عملية التربية، فلابد أن يكون لديه قدر من العلم الشرعي، إضافة إلى فقه الواقع المعاصر، والثقافة العالية التي تفوق كل تخيلات الطالب؛ حتى إذا أتى سؤال من الطالب عن شيء ما يستطيع المربي أن يجيب، أما المربي الذي تنحصر ثقافته في إطار معين، أو هو محدود الثقافة؛ فإنه يحول بجهله بين تلامذته وبين الحق.
2. الأمانة بشتى صورها ومظاهرها، فمن مظاهر الأمانة أن يكون المربي حريصاً على أداء العبادات، آمراً بها، ملتزماً بالشرع في شكله الظاهر والباطن، فيكون قدوة في بيته ومجتمعه، متحلياً بالأمانة، يسلك في حياته سلوكاً حسناً، وخُلُقاً فاضلاً مع القريب والبعيد في كل حال، وفي كل مكان؛ لأن هذا الخُلُق منبعه الحرص على حمل الأمانة بمعناها الشامل.
3. يحتاج المربي أن يتعلم أساليب التربية الإسلامية، وأن يتعرف على المراحل التي يمر بها الطالب، لأن كل مرحلة لها قدرات واستعدادات نفسية وجسدية، وعلى حسب تلك القدرات يختار المربي وسائل زرع العقيدة والقيم، وحماية الفطرة السليمة، ولذا نجد اختلاف الوسائل التربوية بين الأطفال إذا اختلفت أعمارهم، بل إن الاتفاق في العمر لا يعني تطابق الوسائل التربوية؛ إذ يختلف باختلاف الطبائع، وعلى المربي أن يعرف ما في عصره من مذاهب هدَّامة، وتيارات فكرية منحرفة، فيعرف ما ينتشر بين الشباب والمراهقين من المخالفات الشرعية التي تَفدُ إلينا؛ ليكون أقدر على مواجهتها ومحاربتها، وتربية الأبناء على الآداب الشَرعية.
4. العدل: والعدل أمر مطلوبٌ في المعاملة وفي كل شيء، حتى أن الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - نهى عن تمييز أحد الأولاد بعطاء دون الآخر، إلا أن هناك أسباباً تبيح تمييز بعض الأولاد كاستخدام الحرمان من النفقة عقاباً، وإثابة المحسن بزيادة نفقته، وهذا من الأساليب التربوية للطفل.
5. الحرص: وهو مفهوم تربوي غائبٌ في حياة كثير من الأسر والمربين، فيظنون أن الحرص هو الدلال أو الخوف الزائد عن حده، والملاحقة الدائمة، ومباشرة جميع حاجات الطفل دون الاعتماد عليه، وتلبية جميع رغائبه، والأم التي تمنع ولدها من اللعب خوفاً عليه، وتطعمه بيدها مع قدرته على الاعتماد على نفسه، والأب الذي لا يكلف ولده بأي عمل بحجة أنه صغير؛ كلاهما يفسده، ويجعله اتكالياً، ضعيف الإرادة، عديم التفكير، والدليل المشاهَد هو: الفرق الشاسع بين أبناء القرى والبوادي وبين أبناء المدينة، والحرص الحقيقي المثمر: إحساس متوقد يحمل المربي على تربية ولده، وإن تكبَّد المشاق، أو تألم لذلك الطفل، وله مظاهر منها:
الدعاء: إذ أن الدعوة في ظهر الغيب من الدعوات المستجابة فعن صفوان (وهو ابن عبد الله بن صفوان) وكانت تحته الدرداء قال: قدمت الشام فأتيت أبا الدرداء - رضي الله عنه - في منزله فلم أجده ووجدت أم الدرداء فقالت: أتريد الحج العام؟ فقلت: نعم، قالت: فادع الله لنا بخير فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يقول: ((دعوة المسلم لأخيه بظهر الغيب مستجابة، عند رأسه ملك موكل كلما دعا لأخيه بخير قال الملك الموكل به: آمين ولك بمثل))8.
المتابعة والملازمة: لأن العملية التربوية مستمرة طويلة الأمد، ولا يكفي فيها التوجيه العابر مهما كان خالصاً صحيحاً.
6. الحزم: وبه قوام التربية، والحازم هو الذي يضع الأمور في مواضعها، فلا يتساهل في حال تستوجب الشدة، ولا يتشدد في حال تستوجب اللين والرفق، وضابط الحزم: أن يُلزم المربي الطالب بما يحفظ دينه وعقله، وبدنه وماله، وأن يحول بينه وبين ما يضره في دينه ودنياه، وأن يلزمه التقاليد الاجتماعية المرعيَّة في بلده ما لم تعارض الشرع قال ابن الجوزي - رحمه الله -: "فإنك إن رحمت بكاءه لم تقدر على فطامه، ولم يمكنك تأديبه، فيبلغْ جاهلاً فقيراً"9، وإذا كان المربي غير حازم فإنه يقع أسير حبه للولد فيدلّله، وينفذ جميع رغائبه، ويترك معاقبته عند الخطأ، فينشأ ضعيف الإرادة، منقاداً للهوى، غير مكترث بالحقوق المفروضة عليه.
7. الصلاح: فإن لصلاح الآباء والأمهات والمربين أثر بالغ في نشأة الأطفال على الخير والهداية - بإذن الله -، وقد قال سبحانه: {وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنْزَهُمَا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ذَلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا}10 ففيه دليل على أن الرجل الصالح يُحْفَظ في ذريته، وتشمل بركة عبادته لهم في الدنيا والآخرة بشفاعته فيهم، ودليل آخر هو أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - أخرج جيلاً فريداً هم الصحابة - رضي الله عنهم -.
8. الصدق: وهو التزام الحقيقة قولاً وعملاً، والصدق أمر هام في حياة المربي، فالصادق بعيد عن الرياء في العبادات، والفسق في المعاملات، وإخلاف الوعد، وشهادة الزور، وخيانة الأمانات، ومن مظاهر الصدق ألا يكذب المربي على المتربي مهما كان السبب؛ لأن المربي إذا كان صادقاً اقتدى به المتربين، وإن كان كاذباً ولو مرة واحدة أصبح عمله ونصحه هباء، وعليه الوفاء بالوعد الذي وعده للطفل، فإن لم يستطع فليعتذر إليه.
9. الحكمة: وهي وضع كل شيء في موضع، أو بمعنى آخر: تحكيم العقل، وضبط الانفعال، ولا يكفي أن يكون قادراً على ضبط الانفعال، واتباع الأساليب التربوية الناجحة فحسب، بل لابد من استقرار المنهج التربوي المتبع بين أفراد البيت من أم وأب، وجد وجدة، وإخوان، وبين البيت والمدرسة، والشارع والمسجد وغيرها من الأماكن التي يرتادها؛ لأن التناقض سيعرض الطفل لمشكلات نفسية، وعلى هذا ينبغي تعاون الوالدين واتفاقهما على الأسلوب التربوي المناسب، وتعاونهما مع المربي في المدرسة.
فهذه بعض الصفات التي ينبغي أن تتوافر في المربي، وتكون من الأمور الجبليِّة لديه، وهنا نشير إلى أن المدرسة لفظ شامل يشمل المدرسة، والتحفيظ، والمسجد، وكل الأماكن التي هي منهل للطالب ينهل منها العلم، والمعرفة، وعلى الأب وولي الأمر أن يحبب المسجد إلى نفس الطفل، وأن يشعره بأنه في أمس الحاجة لهذا المكان المبارك"11.
ختاماً:
حين يتوفر في الأمة الأسرة الملتزمة، المتمسكة بتعاليم ربها، ويتوفر المدرسة الناجحة المنضبطة، وفوق كل هذا يأتي القدوة وهو المدرس الناجح، والمربي الذي يستطيع جذب التلاميذ والمتربين إليه (إلى المنهج لا إلى الشخص)، ويستطيع أن يجعل الطالب محباً لمدرسة التحفيظ، والأستاذ بدوره يقوم على محاربة الأخطاء التي تظهر على الطلاب سواء كانت أخلاقية، أو عقدية، أو أي أخطاء كانت، ويعالجها العلاج الصحيح والسليم، ويستطيع أن يسير بالطلاب على المنهج الذي ربى النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - أصحابه؛ هنا نستطيع القول بأنا نبني جيلاً مسلماً فريداً على منهج النبوة، سائراً على طريق الصحابة - رضي الله عنهم -، وحينها فقط تعود للأمة مكانتها، ويعود للأمة هيبتها التي فُقِدت منها بسبب بعدها في منهج التربية عن المنهج التربوي السليم، النابع من كتاب الله - عز وجل -، وسنة نبيه - صلى الله عليه وآله وسلم -.
نسأل الله - عز وجل - أن يهدي شباب الأمة، وأن يوفقنا إلى كل خير، إنه ولي ذلك والقادر عليه، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً، والحمد لله رب العالمين.

عمروعبده 15-08-2010 11:19 AM

حديث المركبة \" أهداف وتوجيهات وأفكار


عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: كان الفضل بن عباس رديف النبي - صلى الله عليه وسلم - من عرفة، فجعل الفتى يلاحظ النساء وينظر إليهن، وجعل النبي - صلى الله عليه وسلم - يصرف وجهه من خلفه، وجعل الفتى يلاحظ إليهن، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: "ابن أخي، إن هذا يوم من ملك فيه سمعه وبصره ولسانه، غفر له" [رواه أحمد].
مقدمة:
في زحمة الأحداث المتتابعة والاستهداف الواضح لفئة الشباب من أقوام نذروا أنفسهم لإضلالهم وتنحيتهم عن طريق الهداية وإقحامهم في زوبعة الشهوات وجحيم الشبهات، وقفت محاضن تربوية برجال صادقين، يصدون الكيد ويفندون الأخطاء من خلال برامج تربوية واعية ومتواكبة مع تطلعات الشاب وطموحاته، ابتداءً بترسيخ العقيدة ومروراً بتهيئته لأن يعيش شاباً صالحاً ينفع أمته ومجتمعه فانتهاء بتعليمه مهارات الحياة التي يعيشها، وفي ظل ذلك كله يتذكر قول حبيبه - صلى الله عليه وسلم -: "الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم خير من الذي لا يخالط الناس ولا يصبر على أذاهم".
وعندما نتأمل وبعمق في المؤثرات الإيجابية التي تلقاها الطالب من بداية توجهه إلى طريق الاستقامة نجد أن المحاضن التربوية كان لها الحظ الأوفر من الإصلاح والتنشئة على الاقتداء بهدي الرسول - صلى الله عليه وسلم - والتربية على الأخلاق القويمة. ذلك أن هذه المحاضن تتسم بكثرة المجالسة والمخالطة الذي كان له أكبر الأثر في التأثير غير المباشر على شخصية الطالب، مما يدفعه إلى الاقتداء بالمربي في أغلب تصرفاته وأقواله. ومما يؤسف ـ وإن كان قليلاً ـ أن بعض المربين ينسى أنه بتصرفاته الخاطئة سواء في البرامج العامة أو حتى في الأحاديث العفوية أو أثناء مرافقة الطالب له بسيارته، يسئ إلى المنظومة التربوية التي يعيش داخلها مما يشغل المربين الآخرين في تعديل الخطأ أو على الأقل تبرير الموقف!
(لهذا الأمر وغيره يتبين لنا أهمية أن تكون برامجنا واضحة ومدروسة، لئلا يتضح لنا بعد فترة عوار ما نقوم به من زلات وهفوات يكون ضحيتها طالب تلقف كل ما جاءه على أنه الصواب الذي لا شك فيه).
وما سنراه في هذه الوريقات البسيطة إنما هو نتاج خبرة إخوان لكم أحبوا أن يضيفوا على الحقل التربوي الأخضر وردة بيضاء تعطر المكان وتبعث الأمل من أجل أن يتخرج جيل يعرف واجباته وينفع أمته.
ومحتوى هذه الوريقات يمثل "مقترحات عملية لبرنامج مرور المربين لطلابهم مدعوماً بضوابط وإرشادات وملاحظات" كبداية لنشجع أنفسنا على العمل المنظم المدروس الذي يعود على المحاضن بالنفع والفائدة.
ومما ينبغي لنا دائماً في أعمالنا أن يكون لنا سند من سنة فعلها حبيبنا - صلى الله عليه وسلم - أو خبرة نفذت في مكان ما لا تعارض منهجاً شرعياً ثابتاً، لتنال الأجر والمثوبة وتحظى بالقبول والتطبيق بين أوساط المربين المخلصين.

ماذا نقصد ب"حديث المركبة"؟
هو البرنامج الذي يدار بين المربي والطلاب أثناء مرور المربي لهم بسيارته من منازلهم إلى المحضن وبالعكس.
ويختلف وقت المرور من محضن لآخر. فالمكتبات يكون فيها المرور شبه يومي وذلك لكثرة البرامج المطروحة يومياً. أما الحلقات فيتركز المرور في الرحلات والبرامج البعيدة عن المسجد لأن أغلب الطلاب قريبون من المسجد، وقد يناسب هذا البرنامج كثيراً من الأسر في سفرهم أو زياراتهم.

من القائد؟
يجب أن تتوافر في الشخص الذي يتعهد مجموعة من الطلاب عدة صفات:
1. أن يكون أميناً حريصاً مواظباً على الحضور.
2. أن يأمنه مشرف المحضن من النواحي الشرعية والأخلاقية والأمنية.
3. أن يكون لديه خلفية ولو بسيطة عن فن التعامل مع الآخرين سواء الطلاب أو أولياء أمورهم.
4. أن يكبر الطلاب الذين معه سناً وعلماً وفهماً.
5. أن يكون قادرا على قيادة السيارة بشكل جيد، متبعاً للأنظمة.

أهداف المرور:
1. اختصار الوقت وضبط الحضور في وقت محدد للجميع.
2. طرح الموضوعات الخاصة والتي لا يناسب طرحها أمام المجموعة كاملة.
3. التأكيد على ما يطرح في الحلقة وتحقيق مبدأ الفروق الفردية.
4. التعرف على بيئة الطالب وتوطيد العلاقة مع ولي أمره.
5. تقوية الروابط الأخوية بين الطلاب أنفسهم.
6. متابعة المربي لنشاط الطالب في المحضن والمدرسة والمنزل.

توجيهات تربوية لقائد المركبة:
قضايا مهمة:
1. كن (وقفاً) لله، فعندما يكون من مهامك الإشراف على الطلاب ومرورهم. لماذا لا تستحضر النية الصادقة وتخلص هذا العمل لله؟ وتحتسب النفقة في السيارة، لتنال الأجر والمثوبة.

2. عندما تكون في محضن تربوي فلا يبتعد عن هاجسك بأن ما تعيشه مع الطلاب أثناء قيادتك للسيارة إنما هو جزء من النسيج التربوي الذي يتلقونه من المحضن كله، وهذا يعني أن المكوث في المركبة ليس للقيادة فقط وإنما هو إكمال لمشروع التربية والتزكية. وليكن شعارك على الدوام "أنا مربٍ، ولست بسائق".
3. لعل من مستلزمات العمل المنظم أن يكون هناك نوع من التريث والتنظيم مع مشرف المحضن في إيصال الطلاب إلى بيوتهم أو إلى أي برنامج آخر.
4. مما يجدر التنبيه عليه أن يهتم المربي بسيارته فيكون سمتها مطابقا لسمته الذي من المفترض أن يكون عليه، فالاعتدال في نظافتها وبمظهرها مطلوب.

5. أيها الكريم أنت لا تمثل نفسك فحسب وإنما تمثل شريحة المستقيمين كلهم أمام المجتمع، فاحرص على الظهور دائما بأبهى حلة من الأخلاق في تعاملك مع الآخرين. ولا نجد داعيا ل(السرعة الجنونية، قطع الإشارة، التشاجر و.....)
6. قد تواجه الطالب صعوبات من جهة ولي أمر الطالب من ناحية رفضه لذهاب ابنه لبرنامج أو رحلة، ومن هنا تكمن أهمية تقوية الأواصر والعلاقة مع أولياء الأمور والدخول معهم ومصارحتهم في أمر ابنهم حتى يثقوا بك ويكونوا عوناً لك. وحين تجد الأبواب مغلقة فلا تتردد في إخبار مشرف المحضن ليتخذ اللازم ويبصرك في الأمر.

7. قد يُظهر أحدهم اهتماماً بشريط قرآن أو محاضرة لديك أو حتى أحد الكتب الخاصة بك، فمن المناسب عند ذلك إهداء نسخة له. ولا شك أن ذلك يدل على اهتمامك به وتحسسك لمشاعره.

ليكن في الحسبان:
1. مشاورة طلابك.
2. اعترف بخطئك إذا أخطأت.
3. مراعاة النفسيات (برنامج السيارة لا بد أن يكون أكثر مرونة من غيره).
4. الاتصاف (بحسن التعامل).
5. اكسب من حولك ولكن "برضا الله - سبحانه وتعالى-".
6. كن على مشورة بأخيك الأكبر منك سناً وخبرة عن أوضاع من معك إما بطرح مشاكل أو غير ذلك.
7. لا تتساهل بصغائر الأخطاء فمنها معظم العطب، ولكن عالجها بالحكمة والرفق.
8. التأني في التربية وعدم العجلة رأس مال الرابحين.
9. التعلق بالحق لا بالأفراد.
10. لا تستنسخ من طلابك نسخاً منك، فكل ميسر لما خلق له.
11. الهدية لها أثر كبير وملموس، فمن المناسب أن يكون لك بين وقت وآخر هدايا تهديها لإخوانك مهما صغرت ، ولتحرص أن تكون خاصة ومميزة عن غيرها.
12. احذر النقد اللاذع خصوصاً لمن هم في المرحلة الثانوية.
13. اجتنب المنة. قال - تعالى -: {ولا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى}.

أخطاء يقع فيها بعض قادة المركبات:
1. توجيه الأسئلة الدقيقة والتي تمس خصوصيات الطالب.
2. طلب الخدمة من الأهل في أمور شخصية.
3. عدم الاهتمام بالمواقف الطارئة والتعليق عليها.
4. عدم الإنكار لبعض المنكرات التي يسوغ لك إنكارها (الصلاة لأصحاب المحلات).
5. الذهاب لأي مكان دون ضابط. أو لأماكن يرتادها شرائح مختلفة. وعدم الذهاب لها فيه "تربية على التميز".
6. كثرة مرور الشاب خارج وقت البرامج.
7. عدم العدل في الاهتمام بالطلاب داخل السيارة.
8. إغفال الواقع الذي نعيشه (مآسي المسلمين وأخبارهم).
9. عدم إعطاء فرصة للطلاب للتحدث.
10. الروتين في البرنامج والاستمرار في نفس الطرح.
11. التشجيع المفرط للطلاب (الاتزان مطلوب).
12. الاهتمام في "الإخراج الفني" للوسائل الدعوية دون المضمون (الأناشيد، الكتب، اللوحات...)

مقترحات عملية لتفعيل "حديث المركبة":
يشتكي بعض المربين من عدم وجود أفكار بإمكانها أن تنعش هذا البرنامج فيصبح برنامجاً رتيباً ومملاً فيصاب الجميع بالجمود.
ولكن المربي الناجح هو الذي لا تحده الحدود ولا تقف أمامه السدود في الابتكار والاستفادة من أي وسيلة بإمكانها أن تفيد طلابه وتنعش سيارته.

ومن الأفكار والمقترحات:
1. الاستفادة من الشريط والكتيب الإسلاميين وذلك إما بالسماع والقراءة أو ترتيب برنامج بين المجموعة (مجموعة السيارة) ليطرح هذا البرنامج بشكل جميل ومفيد.
2. الزيارات فيها مجال واسع للاستفادة وتعليق الطلاب بالقراءة والاطلاع الدائم، فحبذا لو كان هناك زيارة بين الفينة والأخرى لأحد التسجيلات التي تخدمك من ناحية سعة المكان وجودة الإصدارات (أحد، التقوى) أو المكتبات الكبيرة (الرشد، العبيكان، دار الندوة، التدمرية...)

3. تفعيل الاستضافات الخاصة كزيارة شيخ فاضل أو طالب علم أو حضور درس لأحد المشائخ أو محاضرة مناسبة لهم، أو حتى زيارة مكتب الدعوة والتعاون معه وغيرها كثير.
4. انتقاء كتاب ويتم تجزئته بحيث يقرأ على مدار فصل دراسي أو على مدى مجموعة مذاكرة أو عطلة صيفية. وتبتكر طريقة لعرض الكتاب تكون مناسبة للجميع.
5. التعاون على القيام ببعض العبادات كالصلاة (الفجر. صلاة الجمعة) والصوم المستحب والتفطير في رمضان والاعتكاف وتتبع المحتاجين والفقراء.
6. إخراج فكرة دعوية عن طريق السيارة وتوزع على جميع طلاب المكتبة والحلقة. كمطوية أو مجلة صوتية أو درس قيم أو تلخيص شريط وغيرها الكثير.
7. ابتكار برنامج (منوع) وخفيف في السيارة ويكون له جدول واضح، وهذا من شأنه أن يشعل الهمم ويعين على المواظبة في الحضور.
وعندما تطلق العنان لخيال طلابك الأحبة سيأتوا بما لا يخطر على البال، ولا تنس أهمية إشراكهم في تنفيذ وإعداد البرنامج حتى يكون دافعاً لهم للمشاركة الفاعلة وتقديمه بشكل جيد. وفيه أيضاً تعويد لهم على وضع الخطط والبرامج الذاتية لأنفسهم. (مع الأخذ بالاعتبار أن حديث المركبة يجب أن يكون أكثر مرونة وأريحية وعفوية من أي برنامج آخر، ولكن هذا المقترح هو من باب التغيير وكسر الروتين).
8. من الجميل أن تضع في الجيوب الخلفية للمرتبة بعض الكتب أو المجلات المناسبة. فقد تضطر يوما للإنشغال عن طلابك بمكالمة طويلة أو قضاء أمر في مكتبة أو محل فيكون هناك فرصة لأن يطلعوا عليها.
9. إليك أيها الأخ الفاضل باقة من الأفكار التي يمكن الاستفادة منها داخل المركبة:
· برنامج التحدث باللغة العربية.
· برنامج "نريد حلاً".
· مناقشة قضية (داخل أو خارج الحلقة).
· مشاغبات ذهنية (ألغاز عقلية).
· الزيارات الهادفة (مغسلة الموتى - المقابر المستشفيات...)
· الصيام والعبادات عموماً.
· برنامج فنون التعامل (الوالدان الأطفال الزملاء المعلمين....)
· استضافة في السيارة.
· شعارات أسبوعية داخل السيارة.
· يوم مفتوح.
· ضيافة منزلية.
· إهداءات.
· قصص وخواطر.
· سماع إذاعة القرآن الكريم.
· اعرف فائدة ما تأكل "خضار أو فواكه مع التطبيق العملي".
· تطبيق سنة مهجورة.
· تراجم أعلام "سير أعلام النبلاء".
· صحفي السيارة "حسن قطامش".
· سلسة الطريق إلى الصواب (كيف تخسر صديقاً؟).
· الدورات السماعية "أشرطة مهارية يتم سماعها في السيارة".
· فائدة مدرسية "من المدرسة".
· بطاقات الطوارئ "كل شخص يجعل معه بطاقة فيها فوائد يتم استخدامها عند حدوث أي خلل في البرنامج".
· مواقف وعبر "آية وتعليق... ".
· شفاء العي السؤال "فتاوى".
· فوائد تخصصية "كل مشرف يحضر فائدة من تخصصه الذي يدرس فيه".
· تأملات في المحيط الخارجي "تفكر في بعض آيات الله - تعالى -".
· هكذا علمتني الحياة.
· برنامج حول "الرجولة أو المروءة".
· تطبيق حديث أبي بكر رضي الله عنه. (صوم ـ صلاة جنازة ـ صدقة ـ عيادة مريض)
· جديد الساحة "كتب أشرطة أخبار... "
· مراجعة درس علمي سابق.
· رسائل من محب "رسائل تصدرها السيارة إلى المقصرين وغيرهم"
· برنامج "كيف التزمت؟ ".
· قرأت لكم سمعت لكم.
· مسرحية كلامية هادفة.
· "أجمل برنامج" كل طالب يطرح برنامجه ويتم اختيار الأفضل.
وفي آخر المطاف نسأل الله - سبحانه وتعالى- أن يبارك في هذا الجهد البسيط، وتذكر أخي الكريم أنك متى ما صدقت مع الله في تربية هؤلاء الطلاب الذين بين يديك، فإن الله - سبحانه - سوف ييسر على يديك ما تقر به عينك من الخير لهم.
وما كان من صواب فمن الله وحده، وماكان من خطأ فمن أنفسنا والشيطان..
والله أعلم وصلى الله على المربي الأول نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.ـ

عمروعبده 15-08-2010 11:25 AM

مهبط الوحي


بسم الله الرحمن الرحيم
مهبط الوحي ومصدر التأسي ..
كلمات قليلة المباني ، كثيرة المعاني ، تنبئ عن أمور عظيمة . فبما أنها مهبط الوحي إذاً فتعظيمها من تعظيمه ، ومصدر التأسي .. منها خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوتنا وقدوتنا ، فتعظيمها من تعظيمه . وهي كذلك مصدر تأسي القرى ، ولا عجب فهي أم القرى .
وإضافة الوحي إلى مكة إضافة تشريف لها ، كما شُرِّفت بإضافتها إلى الله ،، ففيها بيته وهي مهبط وحيه .
وعلى هذا فلابد من تدبر هذا الوحي الذي يشرف حامله به " أهل القرآن هم أهل الله وخاصته " لماذا ؟ لأنهم حاملوا وحيه .
ويزداد هذا الشرف بقدر تدبر حامله له ، وعمله به ، قال ابن مسعود رضي الله عنه : ( كان الرجل منا إذا تعلم عشر آيات لم يجاوزهن حتى يعرف معانيهن والعمل بهنّ )[1] . وقال الحسن البصري : ( نزل القرآن ليُتَدبَّر ويُعمل به ، فاتخذوا تلاوته عملا ) وذلك لاشك فيه ( كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته ولِيتذكر أولواْ الألباب ) .
ومن لا يتدبر أو يتذكر فليس من أولي الألباب ، بل هو من هاجري القرآن ، قال ابن كثير في قوله تعالى : ( وقال الرسول يا رب إن قومي اتخذوا هذا القرآن مهجورا ) قال : وترك تدبره وتفهمه من هجرانه . يقول ابن مسعود رضي الله عنه : ( إن أقواماً يقرؤون القرآن لا يجاوز حناجرهم ، ولكن إذا وقع في القلب فرسخ فيه نفع )[2] ، ويقول النووي رحمه الله ( ينبغي للقارئ أن يكون شأنه التدبر والخشوع والخضوع فهذا هو المقصود ، وبه تنشرح الصدور وتستنير القلوب )[3] ، ويقول ابن تيمية رحمه الله : ( حاجة الأمة ماسة إلى فهم القرآن ) ، ( فقراءة آية بتفكر وتفهم خير من قراءة ختمة بغير تدبر وتفهم ، وأنفع للقلب ، وأدعى لحصول الإيمان وذوق حلاوة القرآن )[4]
فليست كثرة القراءة ، ولا كثرة الحفظ هما المعيار والمقياس ! بل التدبر ، فهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقيم الليل كله بقوله تعالى : ( إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم ) . وقد كان ذلك التدبر دأب أصحابه الأخيار فكان أحدهم إذا افتتح سورة لا يحب أن يختمها من حلاوة التدبر ولو طُعن بسهم وثانٍ وثالث ، . فهذا أبو بكر الصديق رضي الله عنه كان أفضل الصحابة على الإطلاق مع وجود من هم أحفظ وأكثر تلاوة منه ولكن لسبقه عليهم في العلم بالله وبكتابه وتدبره له وعمله به . فكان إذا قرأ لا تسمع قراءته من بكائه رضي الله عنه . وهذا عمر رضي الله عنه يحفظ سورة البقرة في اثنتي عشرة سنة . وما ذلك إلا ليتدبر القرآن .
وعن عكرمة رحمه الله قال : جئت ابن عباس رضي الله عنهما وهو يبكي وإذا المصحف بين يديه في حجره فأعظمت أن أدنو منه ثم لم أزل على ذلك حتى تقدمت فجلست فقلت : ما يبكيك يا ابن عباس جعلني الله فداك ؟ فقال : هؤلاء الورقات ثم قرأ ابن عباس ( فلما نسوا ما ذُكِّروا به أنجينا الذين ينهون عن السوء وأخذنا الذين ظلموا بعذابٍ بئيسٍ بما كانوا يفسقون )[5] .
فحاجتنا جد ماسة إلى مثل هذا الجيل الفريد ، نريد جيلاً قرآنياً يعيد لنا هذه المُثُل الفريدة ، نحن والحمد لله لا نعدم الحفظة ولكن أين حفظة القرآن من أدب القرآن ؟؟ .
لذا نهيب بأساتذتنا معلمي القرآن أن يعطوا تدبر القرآن وفهمه والتأثر به وأخلاق حملته أولوية قصوى ولو أدى ذلك إلى تأخر الطالب في الحفظ فترة من الزمن . والفرق واضح بين من يتربى على القرآن وبين غيره .
ولنبدأ بأنفسنا فما المانع أن يتأثر المدرس بآية يقرؤها طالب خلال التسميع أو المراجعة ولها من الأثر ما لا يخفى . وما المانع[6] من تخصيص وقت لتعريف الطلاب بمعاني القرآن وعظمته ، أو التعليق على آية حال قراءة الطالب ، أو درس شهري في ذلك ، أو عمل مسابقات لتفسير بعض الآيات أو الأجزاء بين الطلاب ، أو استغلال المناسبات والنوازل والمواقف المؤثرة وربطها بما في القرآن ، أو عن طريق الحوار بين المعلم وطلابه ، أو بعد أن يختم الطالب القرآن ومن خلال المراجعة يُلزم بمدارسة التفسير ، ،، فما المانع من هذا كله وأمثاله ؟!.

كمال بن سيد اليماني

عمروعبده 15-08-2010 11:27 AM

قرآن يمشي


الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد الأولين والآخرين محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين، أما بعد:
إن الشريعة الإسلامية السمحاء أتت لتنمي في النفس البشرية الأخلاق الحسنة، والقيم الفاضلة؛ عبر المنهج الرباني الفريد الذي جاء به القرآن الكريم، والسنة المطهرة، والناظر إلى سيرة المصطفى - صلى الله عليه وسلم - يجد أنها حوت جميع مكارم الأخلاق التي تواطأ عليها فضلاء ونجباء البشر ونبلاؤهم، كيف لا وهو - صلى الله عليه وآله وسلم - القائل: ((إنما بعثت لأتمم صالحي الأخلاق))1، وفي السلسلة الصحيحة ((إنما بعثت لأتمم مكارم (و في رواية صالح) الأخلاق))2.
والمتأمل في أخلاقه - صلى الله عليه وآله وسلم - يجد فيه دماثة الأخلاق، وطيب التعامل، ولهذا جاء في وصفه أنه كان خلقه القرآن فعن قتادة عن زرارة أن سعد بن هشام بن عامر وحكيم بن أفلح دخلا على عائشة - رضي الله عنها - قال: فاستأذنا عليها فأذنت لنا، فدخلنا عليها، فقالت: أحكيم؟ فعرفته، فقال: نعم، فقالت: من معك؟ قال: سعد بن هشام، قالت: من هشام؟ قال: ابن عامر فترحمت عليه، وقالت خيراً، قال قتادة: وكان أصيب يوم أحد، فقلت: يا أم المؤمنين أنبئيني عن خلق رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ قالت: ألست تقرأ القرآن؟ قلت: بلى قالت: فإن خلق نبي الله - صلى الله عليه وسلم - كان القرآن... الحديث.3
وهذا هو الخلق الذي تميز به النبي - صلى الله عليه وآله وسلم -، وكان سمة بارزة له؛ لأن هذه الشهادة صادرة من زوجته - صلى الله عليه وآله وسلم - التي عاشت معه، وخبرت جميع جوانب حياته، والمهم هو: كيف نستطيع أن نوجد من أنفسنا، وأولادنا، ومن نعولهم من هذه صفته؟ وأن نحقق هذه الصفة النبوية واقعاً ملموساً في حياتنا؟ وكيف نجعل من هذه الصفة المحمدية ظاهرة منتشرة في أوساط مجتمعاتنا؟.
وللجواب على هذه التساؤلات نسرد عدة نقاط:
1) أن نعلم أن هذه الصفة هي نتيجة للتربية على المنهج الرباني السليم وفق ما يريده الشرع الحنيف، ولو رجعنا إلى الوراء قليلاً لوجدنا أن هذه الصفة تحققت في الرعيل الأول، فقد اهتم التابعون، وسلفنا الصالح بتربية النفس، ومحاولة زجرها، وردعها لما يشوه فطرتها السليمة التي فطرها الله عليها، والسعي لتحقيق القرآن واقعاً عملياً ملموساً، فقد "قال أبو عبد الرحمن السلمي - رحمه الله -: حدثنا من كانوا يقرئوننا قالوا: كنا نأخذ العشر آيات فلا نتجاوزها إلى غيرها حتى نعمل بما فيها، فتعلمنا العلم والعمل جميعاً"4.
2) حفظ كتاب الله - عز وجل - حفظاً متقناً عن ظهر قلب، وهنا نأتي إلى بداية الطريق إلى الوصول إلى هذه الصفة النبوية، وعلى كل رب أسرة أن يسعى جاهداً إلى إيجاد الجيل الحافظ لكتاب الله - عز وجل - سواء من البنين أو من البنات، وتحبيب الحفظ لدى الناشئة، وتعليمهم الأحكام القرآنية التي تتضمنها الآيات الشريفة.
3) على رب الأسرة إيجاد الجو القرآني داخل المنزل من خلال توفير الإعلام الملتزم، والمصاحف، والكتب التي تهتم بهذا المجال، والتربية على حب الله - عز وجل -، وحب رسوله - صلى الله عليه وآله وسلم -، وحب كتاب الله - تبارك وتعالى -، والسعي لأن يكون هذا الجو هو السائد في البيت، وعدم السماح لما يزيل أو يعكر هذا الجو الروحاني، فإزالة الشوائب التي تعترض هذه المسيرة من إعلام، وثقافات مناقضة لهذه المسيرة هو أمر مهم جداً.
4) ربط الناشئة بالمسجد، وتنمية حب المساجد في النفوس لديهم.
هذا بعض ما ينبغي على رب الأسرة فعله تجاه من يعولهم إذا أردنا أن ننشئ جيلاً قرآنياً، وعلى الجهات المختصة والمسؤولة عن حلقات تحفيظ القرآن أن تختار المدرس ذو الكفاءة، والمهارة الكبيرة؛ حيث يبقى الجانب الآخر والذي تقع عليه المسؤولية الكبيرة في إخراج هذا الجيل، وتحقيق هذه الصفة في الواقع؛ ألا وهو المدرِّس في حلقات التحفيظ، وعلى المدرس أن يعلم أن دوره كبير وهام جداً، فلا يقتصر على التدريس فقط بل عليه:
1) تربية الشباب على المنهج القرآني من خلال غرس المفاهيم، والأخلاق الإسلامية في نفوس الطلاب، وتنميتها لديهم لتكون من الأمور الجبلّية لديهم.
2) أن يعلم أنه في مقام القدوة للطالب، ومن خلال هذا يستطيع أن يربيه بالقدوة.
3) ترغيب الطلاب في حفظ القرآن الكريم، فيحث الطلاب على الحفظ، وتدعيم ذلك بالآيات والأحاديث التي فيها ذكر فضائل تلاوة القرآن وحفظه، وذكر الأجر المترتب عليه، وإيراد هدي السلف في الحفظ والتلاوة بأسلوب متميز رائع وجذاب؛ مما يشحذ الهمم، ويقوي العزائم.
4) احتواء الطالب داخل الحلقة، وإشعاره بأهميته وقيمته فيها مما يؤدي إلى أن الطالب يغلِّب جانب الحلقة في حياته ومعيشته، ويجعله يقدم الحلقة على كثير من مشاغله، والصوارف التي تصرفه، فلا يستطيع رفقاء السوء التأثير عليه، أو انتزاعه من حضن الحلقة؛ لأنها حصن قوي يحمي كل من ينادي إليه.
5) إقامة البرامج الثقافية: كالمسابقات القرآنية والثقافية، والبرامج الاجتماعية، وهي من أهم البرامج التي يمكن أن تقوم بها الحلقة من أجل نزع الروتين والملل من نفوس الطلاب، والترويح عنهم، وإدخال السرور على نفوسهم، وتوثيق أواصر الأخوة بين بعضهم البعض ومع معلمهم بالرحلات، والأنشطة الترفيهية المشجعة.
6) إكساب الطالب القيم الإيجابية النابعة من تعاليم الدين الإسلامي، والعمل على تكوين شخصيته المسلمة المتكاملة، وغرس الآداب التي تزيد أخلاق المسلم، وتكوين الشعور بالمحبة للفضائل والقيم الأخلاقية الحميدة من خلال توعية وتبصير الطلاب، ووقايتهم من الوقوع في بعض المشكلات والأخطاء.
7) الاهتمام بجميع الطلاب على حد سواء، مع مراعاة الفروق الفردية بينهم، وعدم التمييز بين الطالب المتميز والضعيف من ناحية التعامل، وفي نفس الوقت يعمل على تشجيع المتميزين، والسعي للتقدم بهم إلى الأمام، وإلى أفضل مستوى، وتشجيع الضعفاء، وتحفيزهم دون تأنيب أو تجريح، والسعي لتحسين المستوى لديهم.
8) إكساب الطلاب بعض المهارات العملية، وتطويرهم فيها، كتطويرهم في العلوم الحديثة مثل الحاسوب ونحوه من مجالات العلوم الحديثة.
9) السعي لمراجعة الدروس المدرسية للطالب، ومذاكرتها، وتقويتهم فيها، مما يساعد على زيادة الثقة في نفوس التلاميذ في المجال التعليمي، وترسيخ المعلومة في أذهان التلاميذ.
10) غرس حب العلم الشرعي في النفس، وحب الانتماء إلى قافلة طلبة العلم الشرعي، مع مراعاة التطوير الذاتي للطالب في العلوم الحديثة، والسعي للحصول على أعلى الشهادات والمؤهلات.
11) تفعيل التواصل المستمر مع الأسرة، وولي الأمر، وتعريفهم بالمستوى الذي وصل إليه الطالب، وإشراك الأسرة ممثلة في ولي الأمر في الأنشطة المقامة في الحلقة وخارجها؛ لإيجاد الداعم المعنوي للطالب، والهيبة في وقت واحد، وليزداد الطالب وولي أمره تفاعلاً ونشاطاً مما يكون كفيلاً لأن يستمر الطالب في الحلقة، وفي الحفظ، والتقدم إلى الأمام.
12) التجديد في أساليب المدرس مع الطالب، وعدم السير بهم، وبالحلقة بوتيرة واحدة، مما يسبب الملل عند الطالب، ونفرة الطالب من الحلقة، ويجعله يذهب إلى أماكن أخرى.
13) التركيز على قوة الأداء لدى الطالب بالنسبة للحفظ، والمراجعة، والتركيز على الكيف لا الكم، والتركيز على الأداء في التلاوة والأحكام، وتصحيح القراءة، وعدم التغافل عن الأخطاء التي يعتبرها البعض بسيطة، بل على العكس هي خطيرة.
هذه بعض الأفكار التي نستطيع من خلالها ضبط الطالب، وترغيبه في التحفيظ، وضبط الحلقة، وتقديم الأفضل للسعي لإيجاد جيل قرءاني فريد يتمثل القرءان في جميع جوانب حياته العلمية، والعملية، وبهذا نستطيع أن نوجد قرآنا يمشي على الأرض، وشخصاً متصفاً بصفة محمد - صلى الله عليه وآله وسلم - "كان قرآن يمشي على الأرض".
نسأل الله - عز وجل - أن يمكِّن لدينه في الأرض، وأن يرد المسلمين إلى دينهم رداً جميلاً، إنه ولي ذلك والقادر عليه، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم، والحمد لله رب العالمين.

عمروعبده 15-08-2010 11:32 AM

كيف ينامون في البرد أستاذتي


دخلت يوماً قاعتي بعد العصر والجو بارد جداً في تلك الساعة . أخذت أرتب الفصل ثم أشرف على الحضور والغياب وأرى البرد قد أخذ من طالباتي الكثير . حزنت عليهن وتمنيت لوأستطيع أن أقدم لهن شيئاً فكم أُسر لرؤيتهن وقد عدن من العلم الى العلم . وسيعودون إلى حل واجباتهم وكان يومهم كله خير .
وأثناء التسميع قرأت الدرس الجديد وكان حديثنا عن الجنة وكيف يَتكئ أهلها فيها وينعمون . وتنعم وجوههم . وكيف أن أهل النار يحترقون أو يأتيهم من حر جهنم ما يشوي وجوههم وجلودهم .
فقامت صغيرةوقالت عندي سؤال . كيف ينام أطفال فلسطين في البرد ؟
قلت لها : لم تسألين ؟
قالت لي : لأني الآن أعاني من البرد وتعبانه!!
قلت لها :ولم تسالين عنهم ؟
قالت لي: لأني رأيتهم أمس وهم بلا منازل ولا مساكن .
ثم قالت : ولا أمهات ياأستاذة رأيتهم بالأمس يقولون إن أمهاتهم ماتوا .
ثم قالت : كيف يعيشون الآن ؟ وكيف يرجعون إلى منازلهم بعد المدرسة ؟ من يطبخ لهم الطعام ؟ ومن يرتب لهم الملابس والمنزل ؟
ثم سألت أخرى : لو كان إخوانه ماتوا من سيلعب معهم ؟ ومن سيضحك معهم ؟ ومن سيساعده في ترتيب البيت ؟.
ثم سألت أخرى قائلة : طيب والمدرسة متى يذهبون إليها ؟ ومن وين راح يروح للمدرسة بعد ما تهدم بيته؟
سكت لتردف قائلة : أكيد الجنة فيها له كل شيء ألسنا قرأنا عن نعيم أهلها وأنهم مسرورين ووجوهم جميلة ؟.
فأجابتها أخرى قائلة : يمكن يذهب مع أمه وإخوانه هناك في الجنة بدون برد ولاحر ولاخوف . ويجمعهم ربي أحسن ويفرحون من جديد.
لم أستطع أن أوقف الحوار فلقد عُهد على تلك الطالبة ذات الخيال الواسع أن تسأل بأحلامها وخيالها . لكن مثل هذ الجواب أدهشني و لكن مثل هذ الموقف أوقفني فماذا عساي أن أقول ؟
أببركت القرآن تفتح عقل الطلفة لتحمل هم المسلم ؟
أم ببركة أهلها الصالحين نالت فقه الواقع وتعرفت على حال من حولها .
أم أنها إشارة لنا نحن المسلمين أن الأمة ما زالت بخير فلولا أن أهلها عاشوا ألم المسلمين في فلسطين لما نقلته لنا تلك الطفلة .
ولا أريد أن أنسى أننا كل يوم في مجالس علم تحفها الملائكة وتغشاها الرحمة وتتنزل فيها السكينة ومن دعا فيها استجاب الله له . فلنقل يارب الفرج منك ..

عمروعبده 15-08-2010 11:34 AM

كيف نحقق الأهداف التربوية


الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده...أما بعد... فذكرنا فيما مضى مضمون الأهداف التربوية في الحلقات وفوائدها وهانحن نواصل حديثنا عن الأهداف التربوية وكيفية تحقيقها...فبعد وضع الهدف تأتي خطوات تحقيق هذا الهدف متسلسلة متعاقبة حتى يصل مبتغيه إلى الهدف المنشود فيجني ثماره ويخرج حصاده ، فإن تقاعس المتمني فقد خاب وخسر ولن يصل إلى أحلامه أبدا، لأنه آثر الخلود إلى أحضان الراحة والدعة والكسل فيفاجأ بقطار العمر قد مضى سريعا وولى من غير رجعة...أما المشمر فهنيئا له في سعيه فإن جد واجتهد سيصل لهدفه حتما مهما توالت عليه العقبات وصدرت منه الهفوات والزلات وحاد عن الطريق لأنه جاد في طلب محبوبه ولن يثنيه عن ذلك الهدف مثبط ولا متخاذل أو حاسد أو غيور ... بل يصل لهدفه يكل ثقة يمشي بخطوات جريئة حتى يحقق الأمل المنشود.
ولكي نصل إلى الثمرة المرجوة ، ونستطيع أن نحقق أهدافنا التربوية في الحلقات القرآنية ، لا بد أن تتكاتف وتتظافر أربعة أطراف مهمة يسند بعضها بعضاً ، ويأخذ بعضها برقاب بعض: وهي كالآتي: (إدارة الحلقات ،المعلم ، الطالب ، ولي الأمر) أربعة أطراف لها بصماتها المؤثرة في إنجاح الدور التربوي للحلقة القرآنية، فلابد أن تسعى إدارة الحلقات أولاً إلى اختيار المعلم الفذ الناجح الذي يجمع بين الكم العلمي والحس التربوي، وأن يكون الإشراف على الحلقة متكاملاً من كل النواحي ، من الناحية الفنية والشكلية ، وأيضاً من الناحية التربوية والعلمية التي كثيراً ما تتجاهلها إدارة حلقات تحفيظ القرآن الكريم ، وأن تسعى الإدارة المختصة مع المعلم لإقامة منهجا تربويا متكاملا يختص بشؤون الدارسين في الحلقات القرآنية لمعرفة المدخل التربوي لكل مرحلة عمرية ، حتى تؤتي التربية مفعولها.

وأما علاقة الإدارة مع المعلم فينبغي أن يراعى جانب التربية والكيف بالإضافة إلى الكم ، ومن الأهمية بمكان أن يكون من يتابع المعلم أعلى رتبة علمية وتربوية من المعلم ، فيكون قد عمل معلماً للقرآن الكريم مدة زمنية طويلة ، وله باع طويل في العمل في الحلقات القرآنية بحيث يعرف معاناة المعلمين واحتياجاتهم ومشاكل الحلقات وحلولها ، ويأتي بعد ذلك دور المعلم التربوي المباشر في علاقته مع الطالب (الطرف الثالث) بأن يسعى إلى غرس القيم القرآنية والمفاهيم التربوية، والعمل على تربيته تربية صادقة، يشعر فيها الطالب بأن معلم القرآن بمثابة أخ كبير وقدوة حسنة له ، يتابع أحواله برفق ولين ، ويسعى لمصلحته في كل حين.
وأخيرا يأتي دور الطرف الرابع في إتمام المسيرة التربوية ، وهو (ولي الأمر) حيث يسعى ولي الأمر إلى إتمام علاقته مع جميع من سبق بدءاً من ابنه الذي استودعه في الحلقة القرآنية ، وأيضاً مع معلمه وإدارته.
فيراقب ولي الأمر تطور ابنه التربوي ، ويسعى إلى تعزيز القيم والأخلاق الفاضلة التي تلقاها في الحلقة القرآنية ، حتى تتكامل الثمرة وتنضج.
وينبغي أن تسعى إدارة التحفيظ والمعلم إلى التواصل المستمر مع ولي أمر الطالب لمناقشة حال الطالب وإطلاع ولي أمره على المستوى الذي وصل إليه.
فحين تتكامل هذه الأطراف ، ويؤدي كل طرف دوره المنوط به فإنه أدعى لإنضاج الثمرة .
وفي الختام: يجب على كل من حمل على عاتقه تعليم جيل قرآني صالح يتربى على المكارم وفضائل الأعمال أن لا يكتفي بوضع الهدف فقط دون السعي الجاد لتحقيقه ، فتصبح أهدافه سرابا فينتبه بعد مضي الزمن أنها قد تبخرت وتلاشت في وسط حطام يعتصره الألم والحزن والإخفاق فيرجع خائبا خاسرا... مثله كمثل الراقم على الماء فإن جهده يذهب هباء منثورا ولا يجني من تعبه إلا المشقة والنصب...


جميع الأوقات بتوقيت GMT +2. الساعة الآن 11:28 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.