بوابة الثانوية العامة المصرية

بوابة الثانوية العامة المصرية (https://www.thanwya.com/vb/index.php)
-   قضايا سياسية وأخبار مصرية وعربية وعالمية (https://www.thanwya.com/vb/forumdisplay.php?f=79)
-   -   كل ما تريد معرفته عن الديمقراطية (https://www.thanwya.com/vb/showthread.php?t=512011)

Mr. Ali 1 12-04-2013 08:32 PM

كل ما تريد معرفته عن الديمقراطية
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

منذ قيام ثورة يناير 2011 وكثر استخدام كلمة الديمقراطية من كل القوي السياسية , وكل يُدلي بدلوه وفقاً لما يتوافق مع هواه ومصلحته في غالب الأحيان !!

فنري من يأخذ من الديمقراطية نتيجة صندوق الانتخابات فقط , ويتناسي جاهلاً أو متعمداً تطبيق الديمقراطية بالمفهوم الواسع الشمولي !

ونري من يأخذ منها حرية التعبير عن الرأي فقط !

ونري من يأخذ منها حق التظاهر السلمي للمواطنين دون حتي النظر في أسباب هذه التظاهرات والعمل علي تلبية المطالب المشروعة لهم !!

وغير ذلك من الأمور السطحية التي نتعامل بها مع الديمقراطية والتي لم يعهدها الشعب المصري أو يُمارسها , فيكون من السهل أن يُصدق مزاعم هؤلاء أو ادعاء اولئك !

ولذلك رأيت من الضروري أن يكون هذا الموضوع لنتعرف فيه سوياً علي الديمقراطية بمفهومها الواسع ونري ما نطبقه منها علي أرض الواقع حتي نعلم هل نحن ننعم بالديمقراطية حقاً ونمارسها فعلاً أم لا .

الموضوع هو بحث لـ :

نويل مبيض
أستاذ في الفلسفة السياسية
مونريال- كيبيك- كندا


وسأقوم بوضع الرابط في نهاية الموضوع الذي سيكون علي عدة مشاركات



وأتمني من الجميع الاطلاع علي هذا الموضوع كي لا نتحدث عن الديمقراطية دون فهم لها .


تقديري واحترامي للجميع

Mr. Ali 1 12-04-2013 08:33 PM

مقدمة

يتخبط العالم العربي في مستنقع من المفاهيم والسلوكيات التي لا يمكن أن تساعد على ولادة أي نوع معقول من الديمقراطية.

من هذه المفاهيم : القوة تصنع الشرعية، الدين هو الحل، الدين أساس التشريع، حكم الفقيه، سلطة أهل الحل والعقد، طاعة ولي الأمر خشية الفتنة، العصبية الدينية والقبلية والشعوبية، الرئيس أو الملك أو الأمير الملهم، الأنظمة غير الشرعية التي تكتسب شرعيتها مع التقادم ، رئاسة الدولة حتى الموت، توريث الحكم، الشورى مكان الديمقراطية، رفض الحوار, رفض اختلاف الرأي، الرضوخ للواقع كقدر، الاتكال على الله لحل مشاكلنا...
يعيش هذا العالم تحت نير كثير من الديكتاتوريات السياسية أو الدينية أو الاثنتين معا. لا يعرف كيف الخروج من عالم الظلمات إلى عالم الحريات وعلى أي أساس يجب بناء الدولة الحديثة والمجتمع العادل واحترام حقوق المواطنين. وضعنا اليوم أسوء مما كنا عليه سابقا. اليوم نشاهد هجمة مخططة من الرجعية والأصولية الدينية لكسب الشارع العربي والوصول إلى الحكم لوضع حكومات هدفها ديكتاتورية دينية تمنع الناس من التفكير والتصرف الحر في حياتهم الخاصة والعامّة ووضعهم في قوالب مبرمجة لا سبيل للنقد فيها. الشارع العربي اليوم، تشده الأفكار الأصولية الدينية، هذه التيّارات الإسلامية ليس لها برنامج سياسي معقول وواضح يمكن أن يطوّر الدولة الحديثة ويوسع هامش حريّات المواطنين ولتتعامل بشكل مسالم مع العالم الحديث. هذه التيّارات الإسلامية تأخذنا إلى متاهة التاريخ، تقدم لنا الماضي كأنه ذروة الحضارة، فيه العلم والمعرفة والعدل... ويحمل بشكل سحري كل الحلول لعالمنا الجديد. لقد وضعوا ثوب القدسية على هذا الماضي من الناحية الدينية والثقافية وحتى السياسية وأقفلوا عقول الناس لكي لا تفكر وتجتهد لأن عصر الاجتهاد لا حاجة له. لقد قال وطبق الأسلاف كل ما يلزم. يكفي الأخذ به لنكون "خير أمّة".
تتدخل الحكومات العربية غير الديمقراطية في كل مستويات حياة شعوبها: توجه السياسة والاقتصاد والتعليم والفنون. وتجعل من الدين أداة دعاية لها. لقد حجمت هذه الحكومات التعسفية إرادة الجماهير وجعلت منهم قطعانا يمكن تحريكها بسهولة أكبر. أبعدت الحكومات شعوبها عن المساهمة الفعّالة في السياسية منذ أجيال كثيرة. "فبركت " أجيالا من المسيرين المطيعين لتقديس حكامها والرضوخ لهم دون أي مساءلة.
عدم ممارسة الديمقراطية أوجد فراغا هائلا في ثقافة المواطن العربي. هناك "أميّة سياسية" في عقل المواطن. تداول السلطة وتشكيل أحزاب سياسية مدنية يعتبر في مفهوم سلاطين البلد خروج وتحدي لعبقرية الحاكم. حرية التعبيرونقد الحاكم، كل هذا غير متداول في ممالك العرب.
المجتمع العربي المعاصر هو جزء من العالم الحديث فمن الضروري لتقدمه أن يشاركه قيمه وتطلعاته وهمومه. فموضوع الحرية وحقوق الإنسان والديمقراطية هي تراث البشرية جمعاء. أي حديث عن "خصوصيات" عربية في هذه المجالات الحيوية تبدو حججا واهية، الهدف منه كما تظهر الوقائع، هو تبرير سلوك الحكام ضد المواطنين، بالسيطرة على مصيرهم وعدم إشراكهم فيما يخصهم من حقوق سياسية واجتماعية والإبقاء على مصالح هذه الطبقات الحاكمة وأعوانهم الذين ينهبون خيرات البلاد.
رد فعل الرجعية العربية في السياسة وفي الدين، الرافض لأي رجوع للديمقراطية بحجة أنها "مفهوم غربي"، هو موقف غير معقول، لأنه ينفي عن العرب إمكانية مشاركتهم بالتجربة الإنسانية ويفصلهم عنها وكأن العرب يعيشون في عالم مغلق.
الديمقراطية المطبقة في كثير من الدول برهنت على أنها أفضل من غيرها من الأنظمة الموجودة من حيث احترام حقوق المواطن والتقدم الحضاري وإفساح المجال أمام المواطن لتحقيق ذاته وبناء بلده.
منذ 1970إلى 2008 ارتفع عدد البلاد الديمقراطية من 44 دولة إلى 89، حيث حقوق الإنسان مصونة وحيث توجد تعددية حزبية.
أما الدول غير الديمقراطية فتحولت من 69 الى 42
وتزايد عدد البلدان التي فيها شيء من الحرية من 42 إلى 62.
رغم هذا التقدم تبين أن 46% فقط من سكان العالم يعيشون في بلاد ديمقراطية، ومنذ 10 سنوات ظهر ركود إن لم يكن تقهقر في ميدان حريات الصحافة والمنظمات غير الحكومية والمؤسسات المدنية في أكثر من 30 دولة. الثورات العربية في 2011 مؤشر ايجابي "قد" تدخلنا الى العالم المتحضر الديمقراطي شرط ألّا نقحم الدين في السياسة.
الهدف من هذه الفصول عن الديمقراطية هو إعطاء فكرة أولية وواضحة عن هذا المفهوم وعن أسسه وركائزه. فهي تجيب على تساؤلات المواطنين العرب الواعين بأوضاعهم الشاذة نسبة إلى مواطنين في أنظمة ديمقراطية. وتظهر القيم الإنسانية التي يمكن للدول تأسيس الحكم عليها لتتجاوب مع متطلبات الشعوب العربية الحاضرة والمستقبلية. طرح المواضيع فيها سهل الفهم ومتماسك فهناك علاقة عضوية بين فصل وآخر؛ علاقة توضيح أو تتمة. هذه الفصول المختصرة موجهة إلى عامة المواطنين العرب, خاصة إلى الشبيبة التي لم تعش في أجواء وثقافة وسياسة ديمقراطية سليمة. هذه الفصول المبسطة ليست حلولا جاهزة للعيش في الديمقراطية وفهم السياسية ومداخلاتها الكثيرة. ما يراد هنا هي محاولة ومساهمة في التحول المرجو إلى الديمقراطية في البلاد العربية.
ستبدأ الشعوب العربية تعلم الديمقراطية من بداياتها. فالطريق طويل ولكنه يستحق المجازفة لتخطي "ثقافة" الخوف والرضوخ الأعمى للسلطان من كبيرهم إلى صغيرهم، للدخول في عالم أكثر تحررا، في عالم حقوق المواطن لجعل الشعب مصدر السلطة.هذا التحول سيكون شاقا وصعبا يحتاج إلى عدة أجيال ليتكيف المواطنون مع الثقافة والسلوك الديمقراطي بعقلية منفتحة ونقدية. المسيرة طويلة في درب الديمقراطية سوف تحمل غالبا الكثير من النكسات بسبب المقاومة الشرسة التي سيأتيها من الحكام الحاليين وأصحاب المصالح الاقتصادية والمالية ومن رجال الدين ومن الأحزاب الدينية المستفيدين من هذه الأوضاع. ونكسات ستأتي من العقليات والأجواء الموروثة ذات الجذور الموغلة في القدم. ونكسات أخرى يمكن أن تأتي من التسرع في تطبيق كل أبعاد الديمقراطية بشكل آلي دون تحضير منهجي وبعيد المدى وغير مصاحب لمستوى التطور الثقافي السياسي للمواطنين .
الديمقراطية هي الطريق الوحيد للدخول في الحداثة ولنصبح أمة متحضرة، لشعوبها الحق في تحديد شرعية الحكم وتقرير مصيرها.

Mr. Ali 1 12-04-2013 08:34 PM

تعريف وخصائص ومميزات الديمقراطية



تعريف عام

الديمقراطية نظام سياسي واجتماعي حيث الشعب هو مصدر السيادة والسلطة، فهو يحكم نفسه عن طريق ممثلين عنه.

خصائص

يمكن تلخيص خصائص النظام الديمقراطي بالنقاط التالية:

1. ينتخب الشعب ممثليه عن طريق انتخابات عامة

2. تمارس الأغلبية المنتخبة الحكم، هذه الأغلبية الصادرة عن فئات الشعب المختلفة هي سياسية بالتعريف وليست عرقية أو إثنية أو دينية.

3. تصان حقوق المعارضة

4. تصان الحريات العامة للمجتمع، منها حرية التعبير وحرية العقيدة وحرية الاجتماع وحرية الصحافة

5. وجود دولة القانون التي تحترم وتضمن حقوق المواطنين والمساواة بينهم

6. الحد من اعتباطية سلطة الحاكم عن طريق مؤسسات دائمة وآليات للدفاع عن المواطنين

7. ضمان عدم الجمع بين السلطات الثلاث: التشريعية والتنفيذية والقضائية

8. ترسيخ مبدأ الدستورية. أي أن السلطات والمواطنين يحترمون الدستور ويرجعون إلى القضاء لحل الخلافات .

تعلن هذه الخصائص في دستور ديمقراطي يعتبر بمثابة تعاقد بين المواطنين. تتم مناقشته بشكل علني وبحرية كاملة مع شروحات كافية، ويتم إقراره من قبل جمعية تأسيسية منتخبة من الشعب، ويعرض نص الدستور عليه في استفتاء عام.

ميزات

· للديمقراطية قوة هائلة في تحريك المجتمعات الإنسانية. فهي أرضية خصبة لكي يعي الناس مكانتهم

وحقوقهم وواجباتهم وتحقيق مصيرهم.

· تجعل من الحرية عاملا مشتركا لكافة المواطنين.

· تقوي قناعة المواطنين لتفعيلها والدفاع عنها وإلزام الحكام بها.

· ترفع الخوف عن قلوب الناس بسبب وعيهم بحقوقهم ومراقبتهم للحكام.

· ترسخ كرامة الناس وتنمي استقلاليتهم ونضوج تفكيرهم وسلوكهم الاجتماعي.

· توجد توازنا بين الحكومة والمعارضة.

· تفسح مجالا واسعا للجميع للنقاش الحر والاتجاه إلى العقل لإقناع الآخر .

· تفتح آفاقا جديدة للإبداع في كثير من المجالات لإيجاد حلول أكثر ملاءمة.

· تدير الصراع السياسي والاجتماعي بشكل سلمي.

· تعطي الناس فرصا أكبر للتأثير على مجريات الأحداث وليساهموا بالحياة العامة عن طريق العمل السياسي والمدني

وعن طريق وسائل النشر والاتصالات الحديثة المتاحة في المجتمع.

· توجد آلية واضحة لتطبيق مفهوم السلطة وممارستها في كافة مستويات العلاقات الإنسانية.

· تجعل من الشعب في نفس الوقت حاكم ومحكوم.


الديمقراطية ليست فقط في إشراك المواطنين في الانتخابات، ولكن أيضا في سهرهم على مراقبة النظام السياسي،

في استجوابه ومساءلته. الديمقراطية تعمل في الحركات والمنظمات الاجتماعية كما تعمل في التنظيمات الانتخابية

المواطنون في المجتمعات الديمقراطية تود النقاش والحوار، وعلى السلطات المتعددة مهما كانت، أن تشرح أسباب خياراتها وتقدم حسابات عن أعمالها لهم بشكل شفّاف.

الانتخابات لا تعطي للمنتخَب صلاحيات غير مشروطة.

تعمل الديمقراطية بشكل أفضل عندما تكون نوعية الحياة العامة سليمة، عندما تكون النقاشات العامة جيدة،

عندما يعلو مستوى الحجج والبراهين، عندما يساهم المواطنون ويلتزمون بشكل منتظم في مسؤولياتهم السياسية.
في ظل وعي الجماهير، على الأحزاب السياسية التصنت لها والأخذ بالأفكار النيّرة الصادرة عنها لتلاحم أكبر بين الشعب وقياداته السياسية.

Mr. Ali 1 12-04-2013 08:35 PM

الديمقراطية السياسية والاجتماعية

الديمقراطية السياسية تبقى ناقصة بدون ديمقراطية اجتماعية. الأولى تهتم بمصدر السيادة والسلطة وحقوق المواطن السياسية ومساهمته في الانتخابات وتشكيل الأحزاب وإبداء الرأي ونشره... أما الثانية، والتي لها أولوية على الديمقراطية السياسية، فتهتم بتحسين أوضاع المواطن المادية، عن طريق مبدأ العدالة الاجتماعية من حيث توزيع خيرات البلد على كل المواطنين لأن للمواطن حق شرعي بنصيب عادل منها. فالمساواة بين الأفراد في المجتمعات المنظمة تستند بشكل أساسي على هذه العدالة الاجتماعية. فأفراد الشعب المنبوذين والفقراء وقليلي الثقافة، لا يمكن أن يساهموا بشكل جدي في الحياة السياسية التي تتطلب معرفة بأمور الدولة وتسييرها وأمور السلطة ومداخلاتها. أولويات هؤلاء الناس هي لقمة العيش وليست السياسة.


الحقوق الاجتماعية ضرورية لاعتبار الإنسان غاية في ذاته يجب احترامه ومساعدته على العيش الكريم. لأن هدف التنمية والتقدم في الدولة هو حرية المواطن ورفاهيته. الديمقراطية الاجتماعية تسهل مشاركة المواطنين في العمل السياسي بشكل فعّال لأنها تسد حاجاتهم المادية وتعيد لهم اعتبارهم وكرامتهم وبهذا يصبح للديمقراطية بشطريها معنى واقعيا ومتكاملا. الديمقراطية الواقعية أقل تواضعا من تعريفها التقليدي. تعرّف أولا بالحرية، حرية الشعب بكل فئاته. ليس فقط حرية الاغنياء وأصحاب الامتيازات ولكن حرية كل مكونات الشعب. هذه الحرية تفترض مستوى معين من العيش الكريم والدخل المعقول ومستوى من التربية والتعليم ومساواة اجتماعية.


في حال تأخر الديمقراطية الاجتماعية، من الضروري رغم ذلك تحريك الديمقراطية السياسية ، لأن أي توعية سياسية، ولو كانت في حدود ضيقة، تساعد الناس على معرفة مصالحهم الاقتصادية والاجتماعية. فإشراك الناس في العمل السياسي يحرك كثيرا من طاقات كامنة فيهم للمطالبة بمجتمع أكثر عدالة.

السلطة الاقتصادية في الدول الديمقراطية الرأسمالية وخاصة في الدول النامية، تلعب دورا سلبيا جدا في تطوير الديمقراطية الاجتماعية. لأن هدف الرأسمالية يتناقض أصلا مع هدف العدالة الاجتماعية. هدف الرأسمالية هو الربح الجشع بكافة الوسائل والحصول على امتيازات طبقية تعلو بكثير على حقوق بقية المواطنين. هذه الامتيازات تعطي الرأسماليين سلطة غير شرعية للتدخل في أمور الدولة وتوجيه سياساتها عن طريق الضغوط الاقتصادية والمالية والسياسية والثقافية والإعلامية لمصالحها الخاصة دون أي اعتبار لمصلحة البلاد والمواطنين في الحاضر والمستقبل من حيث التنمية الاقتصادية السليمة لاستغلال خيرات البلاد وتوظيفها بشكل عادل وعقلاني. الانهيار الهائل في الاقتصاد العالمي في نهاية 2008 أكبر برهان على متاهات وبلطجة الرأسمالية. الانهيار الأخير، الذي يذكرنا بانهيار 1929سيعود دوريا إن لم تتغير فلسفة الليبرالية الجديدة التي دشّنها الرئيس ريغان ورئيسة الوزراء البريطانية تاتشر في الثمانينات من القرن العشرين. أسباب الانهيار الاقتصادي العالمي يعود الى خلق مجتمع اقتصادي ومالي مؤسس على المضاربة بلا حدود بعيدا كل البعد عن الاقتصاد الحقيقي والواقعي. هذه المزايدات في سعر السلع لا يمكن أن تتصاعد هرميا بشكل مستمر، سوف تحصل ازمة اقتصادية يذهب ضحيتها بشكل أساسي الناس العاديين الذين دخلوا في لعبة المضاربات وزيادة مداخيل وهمية على الورق، يمكن أن تنهار في أي لحظة. لقد شجعتهم ودفعتهم إليها المؤسسات المالية التي قدمت القروض السهلة لتشجيع الناس على الاستهلاك وشراء البيوت مثلا ثم بيعها ثانية وثالثة... إلى أن ينفجر "البالون" الاصطناعي، لأن البعد صار كبيرا جدا بين السعر الواقعي للأشياء والسعر الذي وصلت إليه هذه المزايدات. أما الادّخار، الذي هو الاحتياطي الأساسي لحماية الناس من الأزمات الحياتية، لم تشجعه المؤسسات المالية ولا حتى الدولة. الفوائد المعروضة على المدخرين ضئيلة غير مشجعة على الادخار. بواسطة الدعاية الدائمة تم غسل دماغ الناس على الاستهلاك بلا وعي .

للخروج من هذه الازمة الاقتصادية، أخذت الدول بتقديم آلاف المليارات من الدولارات لدعم البنوك والشركات. أما ملايين الناس الذي أضاعوا " اقتصادياتهم" في هذه "الطوشة" العالمية فلقد تركوا ليدبروا "رأسهم" !


لا يكفي التبجح بالحريات العامة والمساواة أمام القانون إن لم ترفق بتحسين الاوضاع الاقتصادية للمواطنين ليصبح لهذه المساواة والحرية معنى واقعيا.

Mr. Ali 1 12-04-2013 08:36 PM

الثقافة الديمقراطية

الديمقراطية مفهوم حديث نسبيا في تاريخ البشرية، أخذ به على محمل الجد منذ ثلاثة قرون. الديمقراطية ليست ثوبا يفصله المفكرون لتلبسه الشعوب لتسيير أمورهم السياسية والاجتماعية بشكل آلي. هي ليست شيئا "طبيعيا" ، يأخذ بها الناس للخروج من ظلم الحكام، أو "كموضة" تأخذ من الآخرين لحل مشاكل الحكم في البلاد. الديمقراطية مفهوم, تكوّن من خلال التجارب الانسانية المتعددة، والمتعلقة بمصدر وشرعية السلطة السياسية. هي فلسفة سياسية للتعايش المشترك في المجتمع بشكل سلمي. تتلخص باستقلالية الفرد وحريته وعقلانيته وسلوكه المتحضر مع بقية الافراد في مجتمع منظم . هذه الثقافة الديمقراطية تنمو بشكل تدريجي بالفكر والتجربة والتطبيق والمقارنة مع تجارب شعوب أخرى وصلت إلى مراتب عالية في الحياة الديمقراطية. وبما أنها تجربة إنسانية حققت نجاحات كبيرة، عكست متطلبات الإنسان في هذه العصر الحديث، لذا يمكن الأخذ بها للعيش في مجتمعات أكثر حرية والخروج تدريجيا, وبكثير من الجهد والمثابرة والكفاح, من ظلمات الديكتاتوريات العربية ومن الخضوع للتراث الثقافي - الديني -السياسي للعصور الغابرة وللتقاليد الاستبدادية المتوارثة في مجتمعاتنا العربية ، والخضوع الاعمى للسلطان. هذه الديمقراطية ليست شكلا ما في أسلوب الحكم فقط ولكنها أيضا ثقافة سياسية واجتماعية تؤثر في المؤسسات السياسية والاقتصادية والقضائية والدينية لإرساخ حقوق الإنسان العربي.
الديمقراطية سلوك جماعي يحتاج إلى ركيزة واسعة من المواطنين الواعين لأمورهم ويريدون العيش بحرية وعلنية دون خوف من سلطة تهددهم بشكل اعتباطي. لذا من الضروري أن يقبل الجميع بالديمقراطية كقاعدة أساسية لحل الصراعات بشكل سلمي عن طريق الحوار العقلاني المنفتح، بعيدا عن العصبية والسلطوية رغم كل الخلافات الممكنة والطبيعية في عالمنا الانساني.
السلوك الديمقراطي يظهر في كل مجالات العلاقات الإنسانية أهمها العائلة . فالحوار حول أمور تسيير شؤون البيت هي أول تجربة للديمقراطية شرط أن يكون هناك مساواة كاملة بين الرجل والمرأة ، بدونها تبدو الديمقراطية نفاق لأن السلطة الأبوية وحدها تتحول غالبا إلى تسلط وتعجرف غير معقول. فالنقاش المفتوح بين الزوجين يعطي للأبناء درسا وممارسة سليمة. حتى أن إشراكهم في الحوار مع احترامهم، ينمّي حرية كل فرد ويزيد من قدراته الخلاقة. كذلك الحال في المدرسة حيث يتعلم الطالب عن طريق أساتذة ديمقراطيين، التشبع بالقيم الديمقراطية وكيفية تطبيقها في الواقع. هكذا يتعلم الأطفال مثلا الانفتاح على الآخر ورفض التسلط ونبذ المتسلطين وتنمية عقولهم واستقلاليتهم ليبدعوا معا في جملة نشاطاتهم المشتركة. أما في المحيط الاجتماعي العام، فقبول الأفراد لبعضهم البعض كما هم أمر حيوي لاحترام الذات والشعور بأهمية الفرد وتميزه ضمن الجماعة.
الديمقراطية تظهر في كل ركن من أركان الحياة العامة، كاحترام الرأي الآخر سياسية أو دينية أو ثقافية أو فنيّة أو إلحادية... وقبول سيادة القانون ،كالتقيد مثلا بقوانين السير... هذا السلوك "المتمدن" يعكس نضوجا في الديمقراطية تؤثر ايجابيا على الحياة السياسية لأن نوعية الممارسة واحدة في كلا الطرفين.


Mr. Ali 1 12-04-2013 08:37 PM

نمو وتطور الحياة الديمقراطية

يقال إن العرب لا يمكن أن يصيروا ديمقراطيين. هذا حكم صارم وباطل. فهو يخلط بين الكيان والوجود. كأن كيان العربي كعربي شيء جامد يحمل في تكوينه الداخلي عنصرا سلبيا ينفر من الديمقراطية بشكل دائم. أما الوجود الواقعي للناس بكافة قومياتهم فهو وجود متحرك يتبدل ويتطور في الزمان والمكان.

الديمقراطية بمفهومها الحديث، بعيدة عن مفهومها الأصلي عند اليونان الذين اوجدوا هذا التعبير. الديمقراطية كان يمارسها بشكل مباشر قلة من "المواطنين" في مدن قليلة السكان. أما عند العرب فمفهوم الديمقراطية لم يكن واردا أصلا في تاريخهم. الحكم العربي كان فرديا. يتولى الحاكم حكمه إما عن طريق المبايعة من قبل قلة من الناس، أو عن طريق القوة. سلطته مطلقة يدعي مصدرها من الله مباشرة دون أي مساءلة أمام من بايعوه ومن رضخوا لإرادته. مساءلته أمام الله فقط . أما الشورى، التي يحاول البعض مغالطة، تشبيهها بالديمقراطية، فقد كانت تعني في أحسن الأحوال الأخذ برأي الفقهاء والعلماء وشخصيات لها اعتبارها في المجتمع. لكن هذه الشورى لم تكن ملزمة للحاكم. الشورى كانت بمثابة الاستشارة كما نراها اليوم.

وضع الديمقراطية في الغرب قبل الثورة الفرنسية ،التي فصلت الدين عن الدولة، لم يكن أفضل من وضعها عند العرب. كان الحكام يدّعون هم أيضا بالسلطة الإلهية وعدم المساءلة أمام الناس.

الواقع العربي الحالي ليس بعيدا عن هذا التاريخ القديم. فتراثنا الثقافي والديني وتربيتنا الضحلة في احترام الحريات السياسية والمدنية للأفراد، غير كافية وغير مؤهلة لتطبيق نظام ديمقراطي مع كل ما يتطلبه من مرونة في التفكير والسلوك. مفهوم الدولة في البلاد العربية غير ملائمة للديمقراطية فهي في أغلب هذه الدول إما عائلية أو عشائرية أو فئوية أو دينية أو شعوبية أو شمولية أو خليط من هذا وذاك مع لاعقلانية وعشوائية في التصرف السياسي والاجتماعي والاقتصادي والمالي...



رغم ذلك لا يمكن الجزم بمستقبل العرب في هذا المجال. ففي أعماق كل إنسان نزعة إلى الحرية الفردية للعيش في مجتمع من الأحرار. فالديمقراطية كما نراها في كثير من الدول المتمدنة، تبدو لنا جليا، أفضل وسيلة لتعايش الحريات بعيدا عن ال*** والغوغائية. بتبدل الأوضاع الثقافية والمعيشية للإنسان العربي وإفساح مجال الحريات العامة أمامه، سوف يتقدم في مجال الديمقراطية ككثير من الشعوب التي لم يكن لها تاريخ عريق فيها.

الديمقراطية فكر وسلوك، ثقافة وتنظيم سياسي واجتماعي. تتطور تبعا لمفهوم الناس عنها وتبعا لسلوكهم الجماعي مع بعضهم البعض.الديمقراطية عملية متواصلة تحتاج إلى وعي من المواطنين للحفاظ والدفاع عنها وتطويرها. أول الطريق هو في تربية الأجيال الناشئة على القيم الديمقراطية والسلوك الديمقراطي.

لا ضمانة تلقائية لبقاء الديمقراطية. فالتاريخ يظهر أنها يمكن أن تصعد وتهبط وتضمحل كأي قيمة إنسانية. لا ضمانة حتمية بأن ثورات الشعوب العربية التي بدأت عام 2011 ضد طغيان حكامها سيولد بشكل تلقائي أنظمة ديمقراطية. الظاهر حاليا أن التيارات الدينية هي في طريقها للسيطرة على الحكم في أغلب الدول العربية. سنرى في الفصول القادمة التناقض والتنافر السافر بين مبادئ الديمقراطية وحقوق الإنسان وبين عقلية الإسلاميين.

الديمقراطية التي تطبق استنادا على حقوق الإنسان هي أفضل صيغة للحكم لأنها نظام لشعب راشد أو لشعب يبغي الرشد والنضج ويتحرك ضد انهياره الأخلاقي في السياسة وضد حكم الوصاية عليه.

Mr. Ali 1 12-04-2013 08:38 PM

مؤسسات الدولة والديمقراطية

الدولة العصرية هي الهوية الجماعية للشعب بماضيها وحاضرها ومستقبلها. تبنى الدولة الحديثة على مؤسسات وليس على أفراد أو حزب. الأفراد والأحزاب يزولون أما المؤسسات فتبقى بعدهم ولأجيال كثيرة. الديمومة في الدولة تتجسد في ديمومة مؤسساتها . السياسي الذي يتعامل مع الدولة كملكية خاصة له، كما هو الحال في كثير من الديكتاتوريات العربية وغيرها، يقضي على مقومات بقائها. فزوالها بزوال مالكها. يجب أن تستند سلطة الحاكم على جملة معايير ومفاهيم وقيم وقوانين مجردة عن الفرد أو عن أي هيئة اجتماعية لها نفوذ على مصير الدولة والمواطنين.


السياسي المنتخب هو الموكّل على حسن سير مؤسسات الدولة لتقدم أفضل الخدمات للمواطنين. فهي مستقلة عنه رغم أن له السلطة الشرعية لطلب تعديلها وتغييرها لتتلاءم مع العصر عن طريق المجلس التشريعي، أي مجلس النواب. مسؤولية الحاكم أمام المؤسسات كبيرة جدا. لا يصح له أخلاقيا وديمقراطيا أن "يتلاعب" بتعكير سيرها وتقرير مصير بعضها بخفة وعدم مسؤولية. أي تطاول عليها جريمة في حق الشعب. على الحاكم ألا يتسرع، رغم أغلبيته البرلمانية، بشطب ما فعله الآخرون قبله والرجوع إلى نقطة الصفر في بناء جديد لمؤسسات تعكس رؤيته الخاصة. هذا يؤدي إلى هدر الطاقات والأموال والطعن بثقة الناس فيها. مثلا عندما تتدخل كل حكومة جديدة في تغيير برامج الدراسة لتتلاءم مع عقيدتها السياسية ولتمجيد "قائدها" الجديد، يهدد هذا من جدية التربية ويعرّضها لنزوات السياسي الذي يحتقر ما تم قبله ويسخّر هذه المؤسسة لأغراض ضيقة بعيدة عن المصلحة العامة ومناقضة للديمقراطية. التربية هي العامود الفقري لكل مجتمع. فكل تغيير فيها يحتاج إلى روية ورؤية سياسية بعيدة المدى. ومن الضروري أيضا، للصالح العام، إبعاد الجهاز الإداري للدولة عن النزاعات السياسية الحزبية. بمعنى آخر يجب عدم خلط المسؤولية السياسية بالمسؤولية الإدارية.

لا يمكن عمل الدولة الديمقراطية دون بيروقراطيين وتكنوقراطيين. الإدارة البيروقراطية الحديثة هي أكثر أشكال الإدارة عقلانية. لأنها تتأقلم مع كافة الوظائف بسبب عملها المتواصل والدائم والمنظم رغم تغير الحكام. هذه البيروقراطية/التكنوقراطية تملك كل المعارف المتخصصة. البيروقراطية في النظام الديمقراطي حيادية لأن الموظف فيها يعمل ما عليه دون محاباة. البيروقراطية مفتوحة لكل الأفراد ذوي المؤهلات بدون تمييز عنصري أو طبقي أو ديني أو غيره.

لكن مما يشل أداء المؤسسات أيضا، وجود بيروقراطية سيئة غير فعّالة تحمي المنتفعين من السماسرة وتقبل الرشوة والابتزاز كأمر واقع. بذلك تبتعد المؤسسات عن خدمة المواطنين. من واجب السياسي النظر في تطوير مؤسسات الدولة لتصبح أكثر فعالية لخير المواطنين وترسيخ أخلاقيات جديدة وتحديد المسؤوليات بشكل واضح وبأقل ما يمكن من التعقيدات الإدارية. تمثل مؤسسات الدولة قسما كبيرا من نشاطات الناس ومعاملاتهم مع بعضهم البعض. فهي الرصيد والضامن لمستقبل الشعب. وهي ليست ملكية خاصة للبيروقراطيين. موظفو الدولة هم في خدمة الشعب وليسوا سادة عليه.


هناك أيضا ظاهرة التكنوقراطية وإمكانية تأثيرها السلبي في الحكم الديمقراطي. التكنوقراطية في السياسة هي حكم الخبراء، وبشكل أدق، تأثير الخبراء المتزايد في كافة المستويات السياسية. بسبب خبراتهم الكبيرة يوجهون بشكل مباشر أو غير مباشر القرارات السياسية للحاكم ويلعبون دورا هاما في أمور الدولة. التكنوقراطي يملك المعرفة الواسعة في مجاله. هذه المعارف هي في عصرنا مفتاح الحلول في كثير من الأمور السياسية وغيرها.

تناقض التكنوقراطية مع الديمقراطية ناتج عن تأثير "الخبراء" في القرار السياسي دون أن يكونوا منتخبين. فالعمل السياسي يتحول من يد الحاكم إلى يد أناس يعملون من وراء الستار دون أي شرعية. يزداد تأثير التكنوقراطيين بتزايد صعوبة المشاكل المطروحة أمام السياسي وخاصة إن كان هذا الأخير ضعيفا وقليل الخبرة والثقافة العامة. فهو لا يستطيع مجابهة المختصين ولا يستطيع توضيح الخطط والأطر اللازمة لوضع سياسات واضحة المعالم والأهداف.

من واجب السياسي المفوض من قبل الشعب، أن يكون حذرا من التكنوقراطيين. عليه أن يوسع نطاق الاستشارات للوصول إلى رؤية أوسع للأمور وإيجاد أفضل الحلول وبهذا يضعف من تأثير كبار التكنوقراطيين عليه. من جهة أخرى على التكنوقراطي أن يتحلى بأخلاق عالية لكي لا يتعدى الحدود المرسومة له. فهو "موظف" عند السياسي وليس له تفويض من الشعب للتأثير ولتوجيه القرارات السياسية دون الرجوع الى المسؤولين.



Mr. Ali 1 12-04-2013 08:39 PM

النقابات والديمقراطية

النقابات الحرة، المستقلة عن السلطة السياسية، عنصر أساسي في بنية الديمقراطية السياسية والاجتماعية. فهي ملاذ للعمال في كل مجالات العمل في القطاع الخاص أو العام. تنطق باسمهم وتدافع عن حقوقهم وتحاول تحسين أوضاعهم. إن الغالبية الساحقة من الراشدين هم عمال أو موظفين، يشكلون قطاعا هائلا من المجتمع المدني. وبما أن السياسة تهدف أولا لتحسين أوضاع المواطنين فمن الضروري أن يكون لهم دور سياسي هام.


بدون النقابات يبقى الفرد وحيدا أمام جبروت ورحمة رب العمل. فالنقابة هي قوة تحد من سلطة الدولة وسلطة رأس المال لصالح الأغلبية العاملة.

يمكن تحسين العدالة الاجتماعية بالانتساب إلى النقابات وبهذا تنمو الديمقراطية الاجتماعية التي هي أساس الديمقراطية السياسية. الدول الأكثر عدالة اجتماعية هي التي فيها نسبة عالية من العمال النقابيين (82% في السويد)

المجال المفضل لخلق أجواء ديمقراطية هو العمل النقابي الذي يحدد علاقة رب العمل بالعمال بشكل واضح وسليم في المؤسسة. فمشاركتهم في الإنتاج وتسيير المؤسسات هي ضرورة ديمقراطية وضرورة اقتصادية، أظهرت دراسات متعددة في دول متقدمة أن المنظمات النقابية القوية، تساهم ايجابيا في الانتاجية ورفع مستوى دخل العمال ونمّو أكبر للعدالة الاجتماعية. ولقد بينت التجارب كذلك أن إشراك العمال في إدارة الشركات كما هو الحال في السويد مثلا أدى الى تحسين الانتاجية والى علاقات اجتماعية سليمة. التفاوض بين أرباب العمل والنقابات تساعد على تبادل المعلومات واتخاذ القرارات الملائمة لكل الأطراف شرط أن تدور في أجواء شفافة . هذه التعاملات بين الاطراف تساعد على تخفيف البطالة وإيجاد حلول ملائمة للمؤسسات وللاقتصاد بشكل عام، هذا الحوار الاجتماعي يبني ويضمن نمو وازدهار اقتصادي عادل .
ترى المنظمة العالمية للنقابات أن مفهوم العمل اللائق بالإنسان يعني حصول كل شخص، رجل أو امرأة ،على عمل منتج وفي أجواء من الحرية والعدالة والأمان والكرامة. مفهوم العمل هذا له أربعة ركائز: تشجيع زيادة فرص العمل، ضمان حق العمل، الضمان الاجتماعي والحوار الاجتماعي.

النزعة الديكتاتورية نراها غالبا في مجالات العمل، خاصة في اقتصاديات البلاد النامية. فرب العمل يأمر والعمال ينفذون . فالفرد يعامل كآلة يمكن تحريكها من مكان إلى آخر، أو عزلها تبعا لمشيئة ونزوات المسؤول ومتطلبات العمل والإنتاجية المقررة بأقل ما يمكن من التكلفة.

حق الاضراب في الديمقراطيات المعروفة هي من الحقوق المعترف بها في دساتير هذه الدول. الإضراب هي ظاهرة إجتماعية أساسية وملازمة للديمقراطية. في حال استهتار قوى رأسمال أو الدولة بحقوق العمال والموظفين، من الضروري لهؤلاء أن يحتجوا ويضربوا عن العمل للحصول على حقوقهم وحصصهم المشروعة من الخيرات. بهذا يتولد في المجتمع توازن بين الاطراف. للتقليل من كثرة الاضرابات يجب زيادة نسبة النقابيين وإعطاء فرص أكبر للمفاوضات المباشرة بين أرباب الاعمال أو مدراء المؤسسات والنقابات للوصول الى حلول معقولة.

الحياة النقابية مدرسة ممتازة للتمرس بالديمقراطية عن طريق الحوار واتخاذ القرارات والتصويت الحر واختيار القيادات والدفاع عن مكاسب العمال.

Mr. Ali 1 12-04-2013 08:40 PM

الديمقراطية والمجتمع المدني
للديمقراطية أبعاد اجتماعية عدا أبعادها السياسية. المجتمع المدني بتنظيماته أو جمعياته التي يكونها الناس بعيدا عن السياسة في الدول حديثة العهد مع الديمقراطية، يوجد توازنا بين قوة الدولة وقوة الأفراد، بين القانون في التشريع وبين حق الفرد في التفكير والتعبير الحر. ويخلق كذالك علاقات اجتماعية بين الأفراد تكون بمثابة صمام أمان ضد جبروت الدولة التي قد تسعى الى الشمولية، أي السيطرة على كافة نشاطات المجتمع.

من مصلحة الدولة والمجتمع أن يكون لهذه الجمعيات صوت حر ومسموع لأنها تعكس اهتمامات المواطنين المباشرة في كافة نشاطاتهم العامة. فهم يحملون تجارب وخبرات هائلة يمكن أن تنمي المجتمع وتساعد أيضا الحكومة على اتخاذ قرارات صائبة. على الحكومة أن تأخذ جديا بعين الاعتبار ما يصدر عن المجتمع المدني ليس بالشكل المتسرع وغير المشروط ولكن باختيار أفضل المذكرات المرفوعة إليها لدراستها والاستفادة منها للمصلحة العامة. أما الجمعيات المدنية فعليها واجب بناء "شرعيتها" على مصداقية مشاركتها الجدية لرفع مستوى الحوار وتقديم مساعداتها وخبرتها لخير المصلحة العامة.

لكن المجتمع المدني هو خليط غير منسجم ومتعدد الاتجاهات وقد يتناقض مع بعضه البعض حتى في الأمور المشتركة. فكل طبقة اجتماعية تعتبر مصالحها متطابقة مع المصلحة العامة. إن جمعيات المجتمع المدني تعكس وجهة نظر أعضائها فقط وليس لها أي تفويض عام كما هو الحال في الحكومات الديمقراطية المنتخبة من الشعب والمسؤولة عن تسيير دفة الدولة. تقوية المجتمع المدني يجب ألا يبقى تنفيسا عن مشاكل الشعب وألا ينوب عن العمل السياسي المباشر عن طريق الأحزاب. لأن العمل السياسي هو الوسيلة الأكثر نجاعة والأكثر ديمقراطية لإصلاح شؤون الدولة والمجتمع.



انتشار الجمعيات المدنية في الديمقراطيات الغربية ظاهرة أساسية في الحياة العامة. يوجد في كندا مثلا والتي تحوي نحو33 مليون نسمة، مئات الآلاف من الجمعيات المدنية غير الحكومية. منها الكبيرة ذات النفوذ الواسع كالنقابات وجمعيات رجال الأعمال ومؤسسات عالمية مثل العفو الدولية... إلى جمعيات صغيرة تدافع عن قضايا بيئية أو فنية أو دينية...

نموذج عن تأسيس جمعية مدنية

ليس من السهل تأسيس جمعيات عربية أو العمل فيها تبعا للمفاهيم والقواعد الديمقراطية. المجتمعات العربية تستند غالبا على الزعامات من حيث الحكم والتي تعتبر نفسها مالكة للسلطة. هذه الزعامات العائلية أو العشائرية أو الدينية أو الطائفية... أصبحت كشيء بديهي في التفكير الاجتماعي والسياسي. كيف التوفيق بين العقلية الأولية والعقلية الحديثة في تأسيس الجمعيات العربية؟ ما مصدر السلطة، ما هي حقوق وواجبات الأعضاء، كيف يتخذ القرار، ما هي آلية "طبخ" الأمور لتنضج وتصبح جاهزة، كيف يتحاور الأعضاء مع بعضهم، هل هناك طرقا سليمة وفعالة للحوار..؟

الجمعيات في أي مجتمع ديمقراطي ، ليست ملكية فردية أو ورشة خاصة يتحكم بها الإداري كما يشاء. العمل الجماعي هو من خصائص هذه الجمعيات، وهو من أصعبها، خاصة بالنسبة لأفراد يعملون في المجال الخاص. لأن عقلية العمل الجماعي هي عقلية منفتحة بالضرورة على الآخر. الهدف منها الوصول إلى أفضل الحلول وليس إلى حل مقدم من فلان استنادا إلى مركزه الاجتماعي أو الإداري أو المالي. تلاحم الأفكار والإرادات في العمل الجماعي هو من الضمانات الأساسية للنجاح. والإمعان في الرأي الآخر مفيد جدا، ولو كان مخالفا أو ناقضا أو معدلا لما يقوله البعض. بهذه الطريقة تتطور الأمور. فتناحر الأفكار وحوارها يؤدي، إن تم بشكل سليم، إلى فهم أفضل للأمور من حيث أننا نأخذ بالاعتبار جملة أبعاد الموضوع لتوسيع الرؤية واستنباط حلول أفضل.

السلطة والإدارة ضرورية في تسيير الأمور، ولكن السلطة عوضا عن أن تكون خدمة للناس قد تتحول إلى تسلط بخروجها عن قواعد العمل الجماعي. لذا يجب أن تحدد المسؤولية بشكل واضح في نظام داخلي كي لا يختلط الحابل بالنابل وتميل الأمور إلى صراع على السلطة وتفتح الأبواب أمام الحيل والمناورات الهدامة. فالسلطة هي بمثابة تفويض من أعضاء الجمعية تعطى إلى الإداريين لتسيير الأمور بأفضل ما يمكن حسب تطلعات الأولين. لكن حين تنفصل الإدارة عن قاعدتها وتتحرك دون أي اعتبار لها، تتجه بذلك إلى منزلق خطير قد يطيح بالجمعية ككيان جماعي.

العمل الطوعي في هذه الجمعيات غير النفعية خاصة، هو بمثابة العامود الفقري لها. هذا العمل المجاني يتطلب من إداراتها أن تحس به وتقدره كل التقدير. فشعور المتطوعين بأنهم حققوا شيئا ما لخير الناس هو إحساس يغني النفس. من الضروري تشجيعه لفائدة الجمعية وبقائها ونموها. لكن عندما تدخل في هذه الجمعيات ‍ النيّات النفعية بكافة أشكالها تصبح القضية لا أخلاقية ومكيافيلية لأنه تحايل على المبادئ المعلنة. هذا السلوك يصبح أكثر قبحا عندما يصدر عن الإداريين المنتخبين والحائزين على ثقة الأعضاء. عندها تتسبب الإدارة في انهيار معنويات المتطوعين في العمل الجماعي للأسباب المذكورة. لذا من الضروري على الجمعية العامة، المطالبة في تغيير سلوك الإداريين أو فصلهم في اقرب فرصة وانتخاب أفراد أكثر إحساسا بواقع الأمور وأكثر ديمقراطية، لإنقاذ ما يمكن إنقاذه. من السهل نسبيا تخريب الجمعيات ومن الصعب جدا إعادتها إلى الحياة.

هناك مبدأ هام آخر في السلوك الديمقراطي، من الضروري أخذه على محمل الجد، وهو انه يمكن خسارة معركة انتخابية أو تصويت ما في لجنة أو جمعية عامة أو مجلس إدارة لصالح الآخر دون الخجل من ذلك أو الشعور بالإحباط أو المذلة لأن العملية تمت بشكل واضح وسليم. إن إرادة الأعضاء هي التي تقرر النتائج في النهاية وليس من المشين الرضوخ لإرادة الأغلبية. هذا المبدأ يؤخذ يه كذلك في العمل السياسي يشكل عام.

مبادئ الجمعيات بلا أهداف نفعية

إن تأسيس الجمعيات بلا أهداف نفعية في المجتمعات الحديثة هو من أهم أركان ممارسة الديمقراطية المباشرة. هذه الممارسة تغني المجتمع المدني بأنواع لا تحصى من النشاطات السياسية والاجتماعية والفنية والرياضية... كل الدول الديمقراطية تحيط هذه الجمعيات بقوانين أساسية لكي تمارس فيها النشاطات بحرية سليمة. المبدأ الأساسي في أي جمعية بلا أهداف نفعية هو أن السيادة في إرادة أعضائها. هذه الإرادة تعبر عن نفسها وبشكل رسمي عن طريق اجتماعات الجمعية العامة. وقراراتها تعتبر كقانون لها وهي ملزمة لكل الأعضاء.

من جملة حقوق أعضاء الجمعية العامة:

1. تعديل النظام الأساسي والداخلي.

2. انتخاب الإداريين وعزلهم.

3. قبول أو رفض كل قرارات وأعمال مجلس الإدارة.

4. حل وتصفية الجمعية.

5. الإطلاع على كافة شؤون الجمعية.

6. حق حضور الجمعية العامة والتصويت واتخاذ القرارات الملزمة للجميع.

7. الإطلاع على كافة سجلات الجمعية: محاضر الجمعية العامة، محاضر مجلس الإدارة وخطتها المستقبلية وكل الاتفاقات المعقودة.

8. يحق لعدد محدد من أعضاء الجمعية، مثلا (10 في %) الدعوة إلى جمعية عامة استثنائية.

9. توجيه الجمعية بهدف تحسين إدارتها.

10. دفع الاشتراك السنوي في حال وجوده.

11. الاشتراك بنشاطات الجمعية.

هناك أيضا بعض النقاط التي تحدد، غير ما ذكر أعلاه، العلاقة بين الجمعية العامة ومجلس الإدارة، منها:

1. الجمعية العامة تهتم بالتوجهات الأساسية، أما مجلس الإدارة فيهتم بتسيير أمور الجمعية.

2. رئيس الجمعية هو عضو مثل الآخرين. له الحق في آرائه الخاصة. يسير الجمعية بضمير ونية حسنة وعليه الرضوخ لإرادة الأغلبية.

3. لمجلس الإدارة كل السلطات الواسعة لتسيير شؤون الجمعية.

4. يقع على عاتق مجلس الإدارة دعوة الأعضاء إلى الجمعية العامة.

5. على الإداري التصرف بحذر وجد. وعليه أيضا العمل بنزاهة ووفاء لصالح الجمعية.

تهدف هذه القوانين إلى تقوية ممارسة الديمقراطية دون الوقوع في الغوغائية. لأن الصلاحيات واضحة في الجمعيات ولا تحتاج للرجوع إلى القضاء في حال الخلاف إلا في الأمور المستعصية والتي لم تخطر على بال المشرع. من الواضح أيضا لمشرع هذه القوانين، إن هذه الجمعيات بلا أهداف نفعية لا تملك الإمكانيات المالية اللازمة للدخول في متاهات قضائية تقضي على الأخضر واليابس.

من الضروري أن يكون لهذه الجمعيات الديمقراطية كل الآليات اللازمة لكي لا تتسرب إليها الديكتاتورية. على الجمعية العامة أن يكون لها القدرة المشروعة لإيقاف أي انزلاق في هذا المجال.

الجمعية العامة هي أعلى من سلطة مجلس الإدارة لأن هذا الأخير هو من صنع الأولى. فالإدارة انتخبت لخدمة الجمعية وليس بالعكس.

Mr. Ali 1 12-04-2013 08:42 PM

الديمقراطية ومراقبة الحاكم
لا ديمقراطية دون مؤسسات شفافة تعمل تبعا لمبدأ الرقابة والمساءلة والمحاسبة في عملها. هذه الشفافية تظهر عن طريق سلسلة من المراجعات الدورية والثابتة مثل التفتيش العام لمصاريف الدولة من هيئة مستقلة عن الحكومة لها كل الحصانة الضرورية لعملها. هذه الهيئة تراقب وتراجع وتنتقد مصاريف الحكومة في كافة المجالات وترفع تقريرا سنويا عن ذلك إلى المجلس النيابي وتنشره للمواطنين. هذه الشفافية ضرورة في كافة مستويات الحكومة من وزارات إلى دوائر المحافظات أو المقاطعات...

مراقبة الحاكم من قبل المؤسسات المدنية والهيآت القضائية والهيآت المفوضة قانونيا، كل هذه المراقبة المشددة لازمة لضبط الحكم والابتعاد عن الانتهازية والاستغلال الفردي للدولة.

من المفضل إيجاد منصب في كل وزارة "لوسيط " ombudsman يكون حلقة بين الدولة والمواطن ويدافع عن حقوقه في حال تجاوزات وظلم الحكومة، دون الرجوع إلى تعقيدات المحاكم وتكاليفها.


من الضروري أن تأتي المراقبة أيضا من جهات متعددة للوصول إلى توضيح سياسات الدولة. فالصحفيون والمثقفون والكتاب والمختصون في الشؤون المطروحة للجدال لهم دور أساسي في النقد وطرح أفضل الحلول . كذلك لكل مواطن الحق الشرعي في مراقبة الحكام بشكل دائم واختيارهم بشكل دوري ونقد سياسات الحكومة ورفع مذكرات إلى الجهات المختصة. وحقه بالحصول على جواب جدّي عليها، لأن الشعب هو صاحب السيادة. من الملاحظ أن الشعب يزداد تأثيرا على الحكام كلما زادت ثقافته ووعيه السياسي. هذه الأصول الديمقراطية لمراقبة الحاكم موجودة في كل الديمقراطيات العريقة, لأنه من المعروف أن السلطة قد تفسد صغار النفوس لذا يجب إيجاد آليات فعّالة وقانونية لإيقاف وا***اع الفساد المحتمل في حال وجوده.

Mr. Ali 1 12-04-2013 08:43 PM

الديمقراطية والمواطنة
المواطنة هي العامود الفقري للديمقراطية في العصر الحديث ، على أساسها يمكن البدء بالعمل السياسي المفتوح على كل أفراد البلد. يحصل على المواطنة تلقائيا كل من يولد على أرض الوطن ومن تمنح له ال***ية من الدولة، عن طريق الهجرة مثلا. المواطنة تتضمن نفس الحقوق والواجبات لكل المواطنين دون أي تمييز عنصري أو طائفي أو ***ي أو ديني أو مهني أو فكري أو ثقافي أو اجتماعي أو حزبي أو أي تمييز آخر يعطي الأكثر للبعض ويقلل من حقوق الآخرين.

المواطنة "الواقعية" في أكثر الدول العربية غير مضمونة لجميع المواطنين. لأن المرجعية الاجتماعية والفكرية والأخلاقية وحتى السياسية في هذه البلاد ليست مرجعية وطنية وقومية لكنها في المرتبة الأولى مرجعية دينية تعود الى مفاهيم العصور الوسطى، ترفض عمليا المواطنة وترفض حياد الدولة بالنسبة للمعتقدات. إن كنت من دين الأغلبية فلك امتياز على الآخرين، الذين يشار إليهم بأنهم من "الأقليات الدينية". هذا التعبير الأخير المتداول في المجتمع العربي أفضل دليل على هذه العقلية والمرجعية الدينية الرجعية، نسبة لمفاهيم وحقوق الناس في العصر الحديث. .. حتى رئيس الدولة يجب أن يكون من دين معين!

هناك مرجعيات أخرى تعود إليها المجتمعات العربية منها العائلة والعشيرة والفئة والملّة أو الحزب الواحد. مشكلة كل هذه المرجعيات هي في خلق حدود بين المواطنين وإعطاء إمتيازات ما لجماعات ضد جماعات أخرى. يتم كل هذا التمييز بين المواطنين والجماعات رغم توقيع كل الدول العربية على ميثاق حقوق الإنسان وغيرها من المواثيق الدولية الصادرة عن الأمم المتحدة. هذه المواثيق تعتبر في العرف الدولي "معاهدات" ملزمة لكل الأطراف الموقعة عليها. أما في البلاد العربية ، فأغلب هذه المواثيق تبقى حبر على ورق إذا مسّت مصالح الحاكم وإذا لم "تتأقلم" مع معتقداته الدينية والسياسية المتزمتة.

Mr. Ali 1 12-04-2013 08:44 PM

الديمقراطية وحقوق الإنسان

إن كانت الديمقراطية من حيث الممارسة الفعلية هي حكم الأغلبية وفرض إرادتها على دفة الحكم، فإن إعلان حقوق الإنسان هو الطرف الآخر في معادلة التساوي بين المواطنين والحفاظ على كرامتهم والدفاع عن حقوق الأقليات التي لن تشارك في الحكم. ميثاق حقوق الإنسان يضع حدودا لسيطرة الأغلبية التي قد تجنح إلى التسلط والاستبداد باسم شرعية الأغلبية الدستورية.

الديمقراطية هي أسلوب في الحكم وهي جزء من حقوق الإنسان وليست القيمة الأولى في هذه الحقوق. الديمقراطية ليست غاية في ذاتها بل هي"وسيلة" أفضل من غيرها لتسيير دفة الحكم والعيش بسلام ضمن حدود معقولة. الغاية هي في حياة وكرامة الإنسان وحرياته. الحرية غاية في ذاتها نابعة من وجود الإنسان كانسان. الحرية هي ركيزة كل سياسة وكل نظام إنساني. على الديمقراطية أن تتيح للحريات، مثل حرية العقيدة وحرية الفكر، أجواء واسعة للتعايش مع حرية الآخرين بأقل ما يمكن من الصراعات والتناقضات. طريق الحرية متمم للديمقراطية وهو طريق شاق وصعب من الناحية التطبيقية لشعوب لم يتيسر لها السير فيه. طريق الحرية والديمقراطية هو أطول طريق بين نقطتين لأنه يحتاج إلى وقت ونقاش وتنازلات للوصول إلى حلول معقولة وعادلة لجميع المواطنين.

على كل دولة، كما أوصت هيئة الأمم المتحدة، أن تشرع إعلانا مفصلا لحقوق الإنسان يوضح ما ورد في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وغيرها من الإعلانات العالمية. تلحق هذه المواثيق بالدستور وتصبح جزأ منه، وبهذا يكون المرجع الأول لكل القوانين اللاحقة في الدولة.
لكي تنمو مفاهيم الديمقراطية في عقول الشبيبة يجب تعليمهم، في كل مراحل الدراسة، مواثيق حقوق الإنسان ودراسات مقارنة لأهم الديمقراطيات في تطورها التاريخي، لتكون مرجعا أساسيا في السلوك الاجتماعي للأجيال القادمة في وطننا العربي.

Mr. Ali 1 12-04-2013 08:45 PM

الديمقراطية والأحزاب

الشعب في الأنظمة الديمقراطية هو الذي يملك الأحزاب.
الحزب هو تجمع قسم من المواطنين حول مجموعة من الأفكار تتبلور في برنامج سياسي يشرح تصور الحزبيين في تسيير الدولة في حال وصولهم إلى الحكم عن طريق انتخابات عامة.
يؤدي الحزب في الأنظمة الديمقراطية وظائف هامة أولها إيجاد مكان ملائم ومشترك للحياة السياسية . ثانيا تعبئة المواطنين حول برنامج سياسي موحد للوصول إلى الحكم في حال حصوله على أغلبية برلمانية أو بالاشتراك مع أحزاب أخرى أو بالتأثير على قرارات السلطة الحاكمة. ثالثا العمل الحزبي يقدم للبلاد قادة ذوي خبرة سياسية لاستلام الحكم.
لكي لا يُحتكر الحكم من حزب واحد فقط، تبين لعديد من الشعوب أن الطريق الأفضل للوصول إلى حكم ديمقراطي هو في التعددية الحزبية. تبدو التعددية الحزبية ضرورة أساسية لتطبيق الديمقراطية بشكل أسلم، لأنها تعطي الحق للمواطنين بالانتساب أو لتأييد الحزب الذي يرونه أصلح للحكم أو للمشاركة فيه. فالتعددية مبدأ عام ملزم للجميع يتيح إمكانية تداول السلطة بين الأحزاب عن طريق انتخابات عامة ونزيهة. لذا لا يمكن قبول الأحزاب التي سوف تستغل التعددية الحزبية للوصول إلى الحكم والقضاء عليه تحت شعارات دينية أو بادعاء دور تاريخي قيادي للأخذ بكل مرافق الدولة والتسلط على ضمائر الناس وتحديد مصيرهم، مخالفة بذلك كل مواثيق الديمقراطية السليمة وحقوق الإنسان.
رأي الحزب الواحد يدور مع التقادم في حلقات مفرغة. يبتعد عن الإبداع والتجديد رغم حسن نية القيادات إن وجدت. لأن الحوار ضعيف في الحزب الواحد الذي يصعب عليه قبول النقد من خارج "جدرانه" وحتى من داخله. لأن أغلب الأفكار والقرارات تأتي من قمة الهرم الحزبي. مع ممارسة السلطة الحزبية الديكتاتورية بهذا الشكل تفسَد النفوس وتتكون "طبقة حاكمة" متمسكة بكراسيها ومناهضة للتغيير والتطور.
الأحزاب الديمقراطية تكون مفتوحة لكل المواطنين. أما الأحزاب الدينية أو الطائفية أو القبلية أو الفئوية فهي تولد إشكالية أساسية لأنها تقوم على الانغلاق والإقصاء وتعمل لصالح قسم من المواطنين. هذا التصرف يطعن بالمبدأ الأساسي للديمقراطية أي المساواة في المواطنة للجميع دون أي تمييز. هذا ما نراه مع محاولة الإخوان المسلمين وأنصارهم للسيطرة على الحكم في بعض الدول العربية لأسلمة الدولة لدمج الدين بالسياسة وإقصاء الآخرين. بهذا سوف يتم وأد الديمقراطية وربيعها قصير العمر.
أما عن تمويل الأحزاب الديمقراطية، فمن الضروري أولا أن تتم عن طريق التمويل الشعبي. يحدد القانون مبلغا معقولا لا يجوز تجاوزه، تبعا لمتوسط الدخل الفردي للمواطن. يتبرع به لحزبه، ثانيا من تمويل الدولة بشكل واضح ومحايد تبعا للقانون لإبعاد تسلط رأس المال أو المؤسسات الدينية وغيرها ممن لهم مصلحة خاصة لاستغلال الدولة. يتم هذا تحت إشراف محايد للإدارة العامة للانتخابات.
إن أهم مؤشرات الديمقراطية في الدولة والسلطة، ما يتم داخل الأحزاب من إدارة ديمقراطية من حيث حرية التفكير وحرية النقد والمشاركة الجماعية في اتخاذ أهم القرارات وانتخاب القادة ورقابتهم أو إسقاطهم من القيادة الحزبية. المهم في العمل الحزبي هو الولاء لبرنامج الحزب وأفكاره وليس الولاء للأفراد.
الصراع السياسي في ديمقراطيات الدول المتقدمة تتمحور غالبا حول أحزاب اليمين واليسار. أحزاب اليمين في ممارستها للسلطة ، تميل لإعطاء امتيازات أكبر للطبقة الاجتماعية الميسورة والمقربة من الحزب. أما أحزاب اليسار فهي تهدف لتوسيع مجال العدالة الاجتماعية على أكبر عدد من الناس. تحرك اليمين فئوي طبقي . أما اليسار فهو يهدف لرفع الطبقة الفقيرة لكي تقترب من الطبقة الوسطى. توسع الطبقة الوسطى هو المقياس الأساسي لتقدم أي بلد كما نرى ذلك في الدول الاسكندينافية أو اليابان ... هذه الطبقة هي المحرك الاقتصادي والثقافي والفني والعلمي والديمقراطي في البلد وفي العالم.


Mr. Ali 1 12-04-2013 08:46 PM

الانتخابات في الديمقراطية
حق الانتخاب في الديمقراطية هو حجر الأساس فيها. لأنه الوسيلة التي تمنح الشرعية السياسية للحاكم لإدارة الدولة لخدمة الشعب.

استعمال حق التصويت هو ذروة المساهمة الديمقراطية وأكثرها تأثيرا على مستقبل الحكم. المهم أن يتجه إلى صناديق الاقتراع أكبر نسبة من المواطنين لاختيار من يمثلهم لتسيير دفة الحكم. ولكن "كثرة" الناس غير كافية للمساهمة الديمقراطية، هناك كذلك نوعية التصويت. بما أنه يمكن أن ينتج عن الانتخابات تغييرات جذرية قد تقدم أو تؤخر البلاد. لذا من الحكمة والواجب الوطني الإطّلاع اللازم على البرامج المعروضة من الأحزاب ومرشحيهم لاختيار الأفضل منهم عن معرفة.



الاستخفاف بحق التصويت أو القول المألوف "صوتي الفردي لا يقدم ولا يؤخر"، يفرغ الديمقراطية من ماهيتها الأساسية وهو حكم الشعب بالشعب وللشعب. السذاجة والجهل لن يوصلا إلى الحكم إلاّ المشعوذين الذين يتلاعبون بأكاذيبهم وحيلهم وأموالهم لشراء أصوات الناخبين.

أسلوب وطريقة الانتخابات تشابه كافة أنواع الانتخابات أو الاستفتاءات الشعبية من نقابية واجتماعية. ..الانتخابات تضع على المحك مستوى الوعي الديمقراطي ومدى تطوره. فوجود رقابة جديّة للترشيح والانتخابات من قبل هيئات مستقلة محلية أو دولية تمنح الديمقراطية مصداقية ومكانة مرموقة في قلوب المنتخبين، مما يؤدي بالمواطن باحترام المساهمة السياسية ويقبل شرعية المرشح المنتخب.

في الديمقراطيات المعروفة يتم تشكيل إدارة عامة للانتخابات، منفصلة كليا عن الأحزاب، تضع أصول الانتخابات، منها:

- الدعاية الانتخابية في وسائل الإعلام المتنوعة وبشكل متعادل بين الأحزاب

- وضع ملخص عن أهداف كافة الأحزاب توزع على الناخبين

- تحديد أماكن اللاصقات الإعلانية

- ضمان متعادل للنقاشات العامة لرؤساء الأحزاب

- مساعدة مالية من الدولة لتنقلات رؤساء الأحزاب

- تقديم العون المالي للأحزاب من خزينة الإدارة العامة للانتخابات، بشكل متعادل وحيادي، تبعا لنوع المصروف المحدد، مثل المواصلات والاتصالات وحجز الصالات...

- يجب تحديد الاعتراف الرسمي بالأحزاب في حال ترشيح أعضائه في أكثر من نصف الدوائر الانتخابية في البلد. وحصول كل مرشح على عدد معين من الأفراد المؤيدين،(100 صوت مثلا). كذلك إمكانية الحصول على أكثر من 200 عضو في المؤتمر العام للحزب .ه.

- تأسيس"خزينة ديمقراطية" تحت مسؤولية الإدارة العامة للانتخابات. هدفها تخفيف أعباء الميزانية عليها مما يؤدي إلى تقوية فعالية الحراك الديمقراطي. يساهم في هذه الخزينة كل من يود التبرع من أفراد أو شركات أو مؤسسات أو نقابات... دون أي صفة أو تأثير حزبي.

- من الضروري الاقتناع بأن الانتخابات وسيلة لتبلور إرادة الشعب بشكل شفّاف، وليس هدفا بحد ذاته لصالح الأحزاب. الأحزاب هي في خدمة الشعب، وليس الشعب في خدمة الأحزاب، كما نراها في كثير من دولنا العربية الديكتاتورية، التي تتظاهر وتجاهر "بديمقراطيتها" تحت رعاية ملكها أو أميرها أو رئيسها-الملكي .

لتثبيت أركان الديمقراطية، على الحكومة المنتخبة أن تفي بوعودها التي قدمتها للشعب أثناء الحملة الانتخابية. هذا ينطبق أيضا على كل المؤسسات التي فيها انتخابات. من ضرورات الديمقراطية كذلك الشفافية في تسيير أمور الدولة والحوار الدائم بين الحاكم والمحكوم عن طريق وسائل الإعلام وجملة اتصالات منوّعة مثل حضور النائب أو الوزير بشكل دوري في دائرته الانتخابية ليعي مشاكل الناس في واقعهم اليومي لتكون قراراته وإجراءاته تمس مصلحة الناس الفعلية.

هناك منهجان أساسيان في نوعية الانتخابات النيابية:

1. النظام النسبي الذي يقوم على تناسب عدد النواب مع عدد منتخبيهم، مثلا 3 نواب لكل مليون صوت في ولاية ما أو على مستوى كل البلد. هذا النظام يشجع على تعدد كبير للأحزاب مما يصعُب معه الحصول على أغلبية برلمانية لتحكم بشكل فعّال، ويدخٍل عدم الاستقرار في الحكومة. لكنه يعطي مكانة وصوتا مسموعا للتجمعات الحزبية الصغيرة ويشجع ظهور الشخصيات القوية التي لم تتوفر لها الظروف السياسية لتعمل في النظام الآخر.

2. نظام الأغلبية يقوم على نجاح النائب في دائرته الانتخابية عند حصوله على أغلبية أصوات الناخبين أي 50%+.1 هذا النظام يشجع على التقليل من عدد الأحزاب، وتكون فيه الحكومة أكثر قوة واستقرارا.
يمكن دمج هذين المنهجين بنسب معينة لتحاشي سلبياتهما كما هو مطبق قي ألمانيا مثلا.

Mr. Ali 1 12-04-2013 08:47 PM

فصل السلطات في الديمقراطية

لا يمكن تصور الديمقراطية اليوم دون فصل السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية بما فيها السلطة المعنوية الرابعة أي الإعلام. هذا الفصل هو أفضل الضمانات للنظام الديمقراطي.

السلطة التشريعية

السلطة التشريعية هي أساس السيادة في الدولة. فالمشرع أي المجلس النيابي، ممثل الشعب، له كل الحصانة لكي لا يقع تحت رحمة السلطة الحاكمة. فهو يشرع القوانين ضمن حدود مسؤوليته للقيام بكافة الأبحاث والدراسات والرجوع إلى اجتهادات أصحاب الاختصاص وإلى استطلاعات الرأي والحوارات والنقاشات العامة وأهمها المجالس البرلمانية التي تضم أفرادا من كافة الأحزاب لسماع مذكرات المواطنين. كل هذه الوسائل تصقل العقليات الديمقراطية وتقدم قوانينا وحلولا أكثر نضجا.

السلطة التنفيذية

هي التي تسيّر أمور الدولة ضمن حدود قوانين المشرع، ولها صلاحيات اقتراح مسودة قوانين جديدة لدراستها من قبل المشرع والموافقة عليها. هذه العلاقة بين التشريع والتنفيذ لا يصح بشكله الأفضل إلا في استقلالية الأول عن الثاني.

ولكن حينما تحصل الحكومة على الأغلبية البرلمانية يؤدي هذا الى اندماج مشبوه بين السلطتين، نرى ذلك حتى في كثير من الحكومات الديمقراطية.. هذا الوضع يضعف من مزايا الديمقراطية ومن استقلالية السلطات. للخروج من هذه الإشكالية، يجب تفعيل آليات قانونية لحضور فعلي وقوي للمعارضة لعرض سياستها أمام الرأي العام. ويمكن أيضا إدخال التصويت الحر في البرلمان دون الالتزام بالخط السياسي الحزبي في مواضيع تمس تعديلا دستوريا هاما أو مشكلة أخلاقية أساسية مثل الاستنساخ أو عقوبة الإعدام.

من بديهيات الديمقراطية فصل السلطة السياسية عن "السلطة" العسكرية والأمنية وجعل مراكز القوى هذه تحت سيطرة السلطة الأولى بشكل كامل لأنها هي الوحيدة التي لها شرعية دستورية واضحة.

السلطة القضائية

لا شك في ضرورة استقلالية هذه السلطة لحماية الديمقراطية. على القضاء أن يكون مستقلا في كافة مستوياته عن أي ضغوط سياسية، اجتماعية، مالية، دينية، عقائدية...هدف القضاء الأساسي هو العدل تبعا للقانون.

إن لاختيار القضاة أهمية حيوية في الحياة الديمقراطية. اختيارهم يجب أن يبتعد أكثر ما يمكن عن اللعبة السياسية الضيقة للحفاظ على استقلاليتهم. لذا من الأفضل أن يختار المجلس النيابي أعضاء المحكمة الدستورية العليا عوضا عن الحكومة. أما القضاة الآخرون فيمكن اختيارهم عن طريق أندادهم.

من الأمور الملحة لضمان استقلالية القضاة أيضا هو في رفع مستوى رواتبهم لمزيد من الحصانة.

إن الرجوع إلى السلطة القضائية في الأمور السياسية بشكل متواصل للبت في شرح الدستور والقانون وحل الأمور الشائكة أو المستعصية يضعف السلطة التنفيذية والتشريعية لأننا بذلك نعطي الاعتبار الأول إلى هيئة غير منتخبة مباشرة من المواطنين ونخفف من قيمة السلطة المنتخبة. هذا يؤدي إلى "حكم القضاة" وإضعاف الديمقراطية بشكل عام. لكي نبتعد عن إقحام القضاء في الأمور السياسية، على النواب تحمل مسؤولياتهم كاملة وكتابة قوانين واضحة منسجمة مع بقية القوانين وغير قابلة لتأويلات متعددة.

لحسن إدارة الدولة الديمقراطية الحديثة يجب وضع رقابة قضائية تضاف على الرقابة الإدارية العاديّة على المؤسسات المتعددة في الدولة لكي لا تخالف القوانين وأنظمتها الداخلية.


Mr. Ali 1 12-04-2013 08:48 PM

الصحافة والديمقراطية

لا يمكن ممارسة الديمقراطية دون صحافة حرة ومستقلة، مكتوبة كانت أو مرئية أو مسموعة. الصحافة الحرة هي مدنية وليست حكومية في تكوينها. تعكس بمختلف اتجاهاتها وجهات نظر الناس وتفكيرهم وتطرح عليهم آراء ومواضيع كثيرة للنقاش وتوضح وتشرح مشاكل المجتمع. كل هذا يؤدي إلى توعية كبيرة للمواطنين وتطور للديمقراطية.

المصدر الأهم للثقافة السياسية لأكثر الناس تأتي غالبا من الصحافة. هذه المدرسة الديمقراطية حيوية لشحذ عقول الناس وضمائرهم للدفاع عن حقوقهم أمام جبروت الحكومة وغيرها من أصحاب السلطات المتنوعة من مالية إلى دينية...

يمكن أن تتحول حرية الصحافة من الايجابية إلى السلبية. إن الصحافة غير الملتزمة سياسيا، يمكن أن تعرض الأمور المعالجة لصالح المواطن الحاضرة والمستقبلية دون مواربة وحسابات كسبية وخسارات سياسية . لكن من جهة أخرى عدم الالتزام هذا قد يؤدي إلى إهمال العمل النقدي الجاد، أو متابعة الأحداث بشكل سطحي ومغري للجماهير دون فائدة إعلامية ودون مسؤولية اجتماعية.


الصحافة الحرة تضع فاصلا واضحا بين الصحافيين ومالكي الصحافة. لا دخل للمالك بما ينشر في الصحيفة. المسؤولية المباشرة تعود بالدرجة الأولى إلى الصحفي الذي يكتب تبعا لقناعته. وبما أنه من الصعب الوصول إلى استقلالية كبيرة لكل الصحافيين، فمن المفضّل أن تكون ملكية الصحيفة للصحافيين أنفسهم كما هو الحال مثلا في الجريدة الفرنسية "لوموند". أو أن تكون لهيئة مستقلة عن الدولة كهيئة الإذاعة البريطانية أو راديو كندا. هذه الإذاعات الوطنية مستقلة عن الحكومة والأحزاب السياسية وتوجهاتها.

تعدد مصادر الأخبار والتعليقات والمناقشات ضروري للحصول على معلومات صحيحة وسهلة الفهم. الصعوبة اليوم هو الوصول إلى اقرب مسافة من الحقيقة في بحر من المعلومات المتنوعة من حيث الكمية والنوعية.

وجود وزير للإعلام، كما هو الوضع في كثير من الدول العربية الديكتاتورية هو تعد سافر على حرية الرأي في هذه الدول. لأن "ضمانة" الحرية الأساسية للصحافة لا يمكن وضعها في يد الحاكم!

بزوغ الانترنيت والصحافة العالمية وجملة المحطات التلفزيونية المحلية والفضائية فتحت أمام كافة الشعوب وخاصة المستعبدة منها من قبل حكامها، إمكانيات هائلة لا يمكن التكهن بتأثيرها على مدى بضع سنوات. المواطن في هذه الدول في حال وصوله إلى هذه الوسائل سوف تتبدل نظرته إلى كثير من "بديهيات" سياسات بلاده بمقارنتها مع سياسات دول تحترم مواطنيها وتقدم لهم خدمات وشروط عمل وتتقيد بأخلاقيات تسيير الدولة دون نهبها وتخريبها عن عمد أو جهل,

يستطيع أي مواطن عربي مهما قلت ثقافته، أن يقارن بين حياته وحياة الآخرين والاستماع إلى وجهات نظر مختلفة عن وجهات نظر وزراء الإعلام!

أما الاتصالات الفردية عن طريق الانترنيت، رغم محدوديتها، فهي تحدّ من سيطرة الدولة على ضمائر الناس وغسل أدمغتهم. من الملاحظ عالميا أن نسبة الاشتراك بالانترنيت منخفضة في البلاد الديكتاتورية وهي تحت مراقبة مشددة.

لكل وسيلة حسناتها وسيئاتها. هناك ما ينشر في صحف عالمية أو إذاعات معروفة بموضوعيتها ونزاهتها وجدية عملها واستقلالها عن السياسيين والمنتفعين ماليا أو مذهبيا أو دينيا...ولكن هناك بالمقابل "فضائيات" لم تزل تعيش تحت مظلة رئيسها القائد الملهم أو تحت تأثر رجال الدين تبث جهلها ونفاقها لكل أطراف المعمورة. هناك أيضا زحمة التداخلات والمداخلات الهائلة العدد بالانترنيت. الضياع وإضاعة الوقت في هذه الحالة يؤدي إلى خمول في البحث الجدي والابتعاد عن النقد والتمحيص.

ولكن مع الوقت يمكن للمواطن تحديد الطريق والمواقع والوسائل الأكثر نفعا والاستفادة منها ايجابيا. المهم الانفتاح الفكري دون متاهة ودون تحرك عشوائي أمام الانترنيت وغيرها من وسائل الإعلام.

Mr. Ali 1 12-04-2013 08:49 PM

الشفافية والحوار في الديمقراطية

للإنسان كل الحق في تحكيم عقله دون خوف أو محاسبة عشوائية من الحاكم أو المجتمع. حرية التفكير جوهر العمل الديمقراطية، الحد منه يفرغ الديمقراطية ويجعل منها شكلا دون مضمون.

المجتمع الديمقراطي مجتمع مفتوح. تعرض فيه الأفكار وتناقش علنا من المواطنين تحت حماية القانون. هذه الشفافية وعدم رهبة الحاكم هي عناصر حيوية في مجال الديمقراطية. الإنسان المنفتح والمحاور والمدافع عن حقوقه لا يبقي لنفسه حصيلة أفكاره ومواقفه بل يود نقلها إلى الآخرين لاقتناعه بما يفكر فيه وبما يفعله. إذا دخلت هذه العقلية الانفتاحية في مجالات السياسة والنشر والصحافة والفنون وغيرها، قد تتجلّى صحوة نوعية عند المواطنين يتجاوزون فيها حدود إمكانياتهم الضيقة لإيجاد حلول جماعية أفضل من الحلول "المنزلة" من دماغ السلطان مهما كان قادرا وقديرا. فحصيلة مجموعة الأفكار هائلة بالنسبة لأفكار فرد واحد.

أما السرية وعدم الحوار والانغلاق والصحافة الموجه أو ما يسمى خبثا الصحافة "الملتزمة". واتخاذ القرارات ضمن حدود ضيقة وأقل ما يمكن من النقاش تؤدي إلى سياسات هزيلة لا تخدم المواطنين بل تخدم شلة من الحكام ومن يدور حولهم، كما يحدث غالبا في الأنظمة الديكتاتورية.

الحوار بين أناس أحرار، عامل أساسي لنضجهم الفكري. الحوار هو نقاش مفتوح بين الأفراد تبعا لبعض الأصول لعرض أفكار المشاركين وتجاربهم لتجاوز الانعزالية الفردية. الدخول في حوار مع الآخرين يغذي أفكار الفرد والجماعة معا وتصبح محصلة النقاش والحوار أكثر وأكبر وأعمق من مجموع الأفكار المطروحة قبل نقاشها ومقارنتها.

أثناء الحوار تنمو الأفكار وتتطور بسبب دخولها في مجابهة سلمية ومقصودة مع أفكار مناقضة أو موازية أو متقاربة أو مكملة. هذه الحركة بين الفكرة وغيرها ترفع المتحاورين إلى مستوى أرقى من حيث فهم الأمور المطروحة.

لكي يصل المتحاورون إلى نتائج إيجابية، على كل واحد أن يعرض أفكاره بشكل واضح وبكل حرية، دون أن يقاطع. عليه أن يلتزم في البداية بموقفه مما طرحه دون تغيير مفاجئ لألا يتحول الحوار إلى متاهات لا يعرف الأفراد موقف بعضهم البعض. في حال الاقتناع من وجهة نظر ما. يجب إعلان ذلك ليتفهم الآخرون الموقف الجديد ليتفاعلوا معه.

على المحاور عدم استعمال البلاغة الكلامية أو رفع الصوت أو احتكار الوقت للتأثير على الآخرين. عليه أن يلتزم بحدود اللياقة الكلامية بعرض أفكاره بشكل مترابط ومفهوم. عليه سماع الرأي الآخر بكل انتباه. فالسماع أصعب من الكلام. من المفضل للمحاور كتابة بعض النقاط الشخصية لمساعدة الذاكرة في جولة عامة حول الموضوع.

حقيقة الفرد الواحد المنعزل هي حقيقة هزيلة في عقل صاحبها. أما الحقيقة المطروحة للنقاش والحوار في جلسات ديمقراطية يحترم فيها رأي الجميع، تغني صاحبها والمجتمع. كما يحدث غالبا في المؤتمرات العلمية والفكرية والفنية المحضرة جيدا.

قد لا يخرج المتحاورون باتجاه واحد ولكنهم يخرجون بوعي أكبر للأمور المطروحة وبوعي أوضح لما يجمعهم ويفرقهم.

المهم في الحوار أن يدور حول نقاط محددة دون تشعب كبير كي لا يتحول الحوار إلى متاهة مقصودة أو غير مقصودة تكون أسوأ مما لو لم يبدأ. الأساس في الحوار هو فتح آفاق جديدة لتوضيح الأفكار والتجارب وإغنائها.

Mr. Ali 1 12-04-2013 08:51 PM

النقد في الديمقراطية

النقد عملية عقلية للكشف عن حسنات وسيئات أمر ما. النقد يفتح بابا واسعا لرؤية الموضوع المطروح من كل أوجهه بشكل منهجي أي بشكل منظم وجدي يبدأ بالتحليل والربط بين الأمور دون إغفال. النقد يتطلب الحذر الشديد لكي لا يتحول من العقل إلى العاطفة حيث ينزلق في متاهات وظلمات لا تمس الموضوع المطروح.

النقد عملية صعبة لا ضوابط دقيقة وشاملة لها. فالناقد رغم انفتاحه وحذره ينطلق من مكوناته الثقافية المحددة لكي يحلل الموضوع ويطلق حكما عليه. لذا فالإطلاع الكبير وتنوع النقاد ضرورة أساسية في مجتمع ديمقراطي. فمطالعة وجهات نظر متعددة يساعدنا على تخطي حدودنا الضيقة لفهم أعمق وأوسع وانضج لأي موضوع كان، ويساعد الناس في أكثر الأحيان بالكشف على النقد الأكثر قربا من الحقيقة.
القول أن النقد يجب أن يكون ايجابيا وليس سلبيا كلام يؤدي غالبا ما إلى نبذ النقد. فالنقد السلبي في بعض الأحيان قد يكون أكثر ايجابية لأنه يظهر سيئات مخفية وهذا بحد ذاته عملية ايجابية. هذا القول يشابه بشكل آخر مقولة أن النقد يجب أن يكون بناء وليس هداما. هذه المقولة تصدر غالبا عن جماعة القبول بالأمر الواقع والمحافظين. فالبنّاء أو الهدّام، تصور ذاتي وليس واقعا موضوعيا لا يتبدل. كل نقد يوجه لسياسة ديكتاتورية مثلا يقال عنه من قبل أعوانها أنه هدام، ولكن هدام لمن؟ هو هدام لهذه الديكتاتورية بالذات ولكنه قد يكون عاملا بناء لنظام ديمقراطي. فالسلبية والايجابية، البنّاءة والهدامة هي انطباعات ذاتية تعكس غالبا ما مصالح قائليها.المهم في موضوع النقد أن يستند إلى العقل والصدق والوقائع دون تحجيم وتضخيم.

Mr. Ali 1 12-04-2013 08:52 PM

الديمقراطية وحل الصراعات في المجتمع

ستبقى التناقضات المتعددة موجودة في كل المجتمعات البشرية. تضارب المصالح لفئات الشعب الواحد موجودة حتى في أصغر خلية اجتماعية. لحل هذه الصراعات، إما العودة إلى شريعة الغاب؛ الأكبر والأقوى والأغنى هو الذي ينتصر وله " الحق" لأنه يملك القدرة على السيطرة؛ فالقوة هي التي تصنع الحق. وإما التحول إلى سلوك أسلم يأخذ بالقانون العادل للتحكم في الخلافات الاجتماعية. سيادة القانون هذه لا يمكن تطبيقها إلاّ في الأنظمة الديمقراطية فقط. لأن الجميع سواسية أمام القانون، لا امتياز لأحد على الآخر ولأن هناك آليات لحصول الفرد على حقوقه بشكل مشروع.

إطاعة القانون في الأنظمة الديمقراطية لا تلغي الصراعات بل تحد من عــنــفــها وتقلل من سلبياتها المضرة والعقيمة. لأن الناس يلجأون إلى تحكيم قوة القانون وليس إلى قوة الأفراد.

إطاعة القانون في المجتمع الديمقراطي فضيلة اجتماعية وأخلاقية لأن للقانون قيمة تعلو على الفرد لأنها لمصلحة كل الأفراد في المجتمع. القانون يحدد أصول معاملات الناس ما بينهم وكيفية حل خلافاتهم بشكل سلمي. إطاعة القانون يرفع من قيمة المواطن لأنه يشارك الآخرين في الحفاظ على السلام الاجتماعي وهو دليل قاطع على حسن سير الديمقراطية. فتربية المواطنين على سلوك وأخلاقية ديمقراطية تهذبهم لمعرفة حدودهم في معاملاتهم مع الآخرين.

Mr. Ali 1 12-04-2013 08:53 PM

الديمقراطية والدين

المسلّمات أو المبادئ الأولية للحكم الديمقراطي العلماني والحكم الديني " التيوقراطي" مختلفة كليا. نحن أمام منظومتين مختلفتين من حيث التكوين والشرعية والأهداف. في الحكم الديني، تعتبر الحقائق منزلة، لها الأولوية على التفكير الفلسفي وحتى على الحقائق العلمية. التشريع في التيوقراطية، يستند أساسا على نصوص دينية "مقدسة" لا يمكن تغييرها. كل ما فيها صالح لكل مكان وزمان وحقائقها مطلقة غير قابلة للتأويل أو التحريف.

في الدولة الدينية أي التيوقراطية، الشعب تحت وصاية الله. هذه الوصاية تتم بواسطة الأوصياء على الدين الذين غالبا ما يوكلون أنفسهم بأنفسهم ويشرحون للناس دينهم وجملة حقوقهم وواجبا تهم الخاصة والعامة. لكن في الواقع كل شرح للدين يعكس عقلية وثقافة شارحها واهتماماته وكذلك ثقافة عصره، يفرضها على المواطنين-المؤمنين فرضا دون أي نقاش أو نقد. يحق للناس في التيوقراطية ممارسة نوع محدود جدا من "الديمقراطية" تتعلق بشكليات الحكم وليس في أسسه. أي اجتهاد "ديمقراطي" يجب أن يدور داخل إطار التشريع الإلهي المفترض، لا يمكن قبول أي تشكيك بأصوله أو الخروج عنه.

الحكم الديني يستند الى عقائدية مطلقة وشمولية. يحاول تفسير كل شيء، بماضيه وحاضره ومستقبله ويرى أن "الدين هو الحل" الأمثل لتسيير شؤون العالم. لذا فلا مكان لغيره من الأفكار التي لاتنسجم معه، مما يؤدي حتما إلى صراع دائم مع "الآخرين" وإلى ديكتاتورية وطغيان واستعباد. فكل خلاف معه يصبح كفرا وخروجا عن الصراط المستقيم. هذا الفكر الديني السياسي والشمولي والمتكبر والمتعجرف، يحرّم كل من لا يسير في رحابه. يستعمل الغلو والتزمت والانغلاق ويأمر بالطاعة الكاملة. فهو غير قادر على قبول التعددية لا بالفكر ولا بالسلوك، لا يقبل تداول السلطة بشكل شرعي بين أحزاب متعددة، إلا إذا كانت مرحلية وفي مصلحة وصوله إلى الحكم، ومن ثم القضاء النهائي على التعددية الديمقراطية. فالتعامل مع غير "المؤمنين" به يصبح بحكم المنطق التيوقراطي تعاملا بمعايير غير التي تعامل به جماعاتهم. فالقوانين تصبح مجحفة بحق "الملل" والمذاهب الأخرى والأقليات وغير المؤمنين الكفّار ... وتزول نهائيا المساواة بين المواطنين.

التعنت والتعصب الديني ناتج أيضا عن الصراع على السلطة بين التيوقراطيين الذين يتحركون غالبا ما تبعا لطموحاتهم الخاصة بتسخير الدين لغايات سياسية، مما يؤدي إلى شرذمة في الدين الواحد لظهور مذاهب متعددة وشيع وأحزاب دينية مختلفة والتي تصل في أغلب الأحيان، وهذا هو الخطر الأكبر، إلى صراع وحرب معلنة على بعضها البعض. كل فريق يدعي ملكية "الحقيقة الإلهية" الكاملة لتسيير أمور الناس في هذا العالم وفي العالم الآخر. يرى في الآخرين " خوارج" إن لم يكن كفارا يجب محاربتهم أو على الأقل ضبطهم بالقوة ليعوا الحقيقة. هم يميلون إلى المزايدات في دعوا تهم لدرجة الخروج عن بديهيات العلاقات الإنسانية والتي تؤدي في بعض الظروف إلى جرائم وحشية. كل هذا تحت شعارات دينية. حركة الطالبان وحركة القاعدة وكثير من الحركات الجهادية الدينية المنتشرة في كثير من البلاد العربية والإسلامية وحتى الغربية أطهرت وجها بشعا للدين. وعراق اليوم بعد الغزو الأمريكي مثلا فاضحا لهذا التعصب الناتج خاصة عن اقحام الدين بالسياسة.

المؤشرات الصادرة عن الحكومات العربية ذات الطابع الديني للإخوان المسلمين وغيرهم من الاصوليين، التي وثبت على ثورة الشباب لعام 2011 في تونس وليبيا ومصر والمغرب، بسبب خبرتهم التنظيمية ودعايتهم المدعومة بأموال هائلة من أهل البترول، تبين بشكل واضح أن الربيع العربي الديمقراطي سوف يمرّ في شتاء قارص وجامد لعقود قادمة. يعيد الديكتاتوريات تحت غطاء ديني سيكون أكثر هولا مما سبق. إحياء الربيع الديمقراطي العربي يحتاج حتما الى وعي الشبيبة التي بدأت الثورة. من الضروري تكوين أحزاب سياسية ديمقراطية غير دينية وتوعية الجماهير العربية وخاصة الطبقات الاجتماعية الفقيرة التي يحاول الاخوان وأعوانهم السيطرة عليها بسبب بعض المعونات والخدمات الاجتماعية التي قدموها لهم خارج نطاق الدولة، من أموال الوهابيين ومن بعض دول الخليج ومن حركات اسلامية متزمتة خارج العالم العربي.

الحكم الديني من الناحية السياسية والعملية،بسبب جموده العقائدي، لا يستطيع تسيير أمور الدولة. تعقد مشاكل الدولة الحديثة من سياسية واقتصادية وعلمية وثقافية وعلاقات دولية تحتاج بالأحرى إلى عقليات منفتحة ومرنة للتعامل مع دول وشعوب ذات معتقدات وديانات مختلفة. وتحتاج خاصة إلى أخلاقيات عامة متعارف عليها في القوانين الدولية لتحسين رفاهية الشعب وضمانة استقلاله والعمل لحسن الجوار وللسلام العالمي.

الكلام عن ديمقراطية دينية هو نفاق لأنه غير صحيح، غير ممكن، غير منطقي وغير واقعي. كيف يمكن الكلام عن ديمقراطية "أي حكم الشعب" عندما يصبح الشعب تحت سيطرة رجل الدين-السياسي، أو السياسي الذي يجعل من الدين هوية المواطنة، الذي يحدد ما يجب وما لا يجب فعله في الحياة الخاصة والعامة؟ الانتخابات الإيرانية النيابية (2005) والرئاسية (2009) مثلا أثبتت عن عدم احترام المبادئ الأساسية للديمقراطية. السلطة الدينية اختارت المرشحين تبعا لعقليتها وعقيدتها ورفضت مئات غيرهم وتم تزوير أوراق الانتخابات الرئاسية بشكل فاضح. وجود انتخابات بهذا الشكل لا علاقة له بالديمقراطية ولكنها منسجمة مع الحكم التيوقراطي .لأن أساس السلطة لا تصدر عن الشعب ولكن عن سلطة "غيبية " تعلو عليه، يتحكم بها أوصياء الدين ومن يدور في فلكهم، والذين يدّعون أنهم يمثلون الله على الأرض.

التجارب التيوقراطية في العصور الوسطى في الغرب وفي العصور الحديثة في أفغانستان والسودان والصومال والسعودية وإيران واليمن وباكستان وفي دول يلعب الدين دورا أساسيا في وضع الدساتير والقوانين المدنية، أسفرت كل هذه التجارب عن تعد فاضح على حقوق الإنسان وخاصة حقوق المرأة. وشّلت حركة المجتمع وتطوره وأبقت على عقلية رجعية متزمتة غير متأقلمة مع العصر وغير متطورة ثقافيا وفكريا وإنسانيا. وقد ظهر في هذه الدول حركات إرهابية تربت على كراهية الآخر مهما كان وفي أي مكان كان.

الدولة الدينية تسقط المساواة الكاملة بين الرجل والمرأة وتضع لها قالبا محددا تنسبه للمشروع الإلهي والى "طبيعة" المرأة، لا يجوز الخروج عنه. وتبعد الأخيرة عن المشاركة الفعالة والكاملة في شؤون الدولة والمجتمع فهي تابعة لإرادة الرجل , ولنزواته ال***ية الأنانية. ومصيرها يتم حسب رغباته الرجولية، لأنها "طبيعيا"أدنى منه .

يبين واقع المجتمعات المتقدمة أن الفوارق بين الرجل والمرأة مصطنعة تعود إلى العادات والى التربية وليست إلى "طبيعة المرأة" . هذا التخلف الجذري في عقلية التيوقراطيين "الذكور" ينعكس سلبا على المجتمع ككل. ليس من الأخلاق والمعقولية والفعالية أن يوضع نصف المجتمع (النساء) خارج التقدم الاجتماعي والسياسي دون ضرر عميق بالنساء وبكل الأجيال الحالية والقادمة. تبين دراسة الأمم المتحدة أن تخلف "التنمية الإنسانية العربية" تعود بشكل أساسي إلى عدم إشراك المرأة في المجتمع وعدم مساواتها بالرجل و"حجبها" عن المجتمع الفعاّل.

رغم وعود وآمال الربيع العربي بتحرير المواطن العربي من كافة أنواع العبودية، فإن الواقع بعد عام من ثورة الكرامة العربية لم يتحسن وضع للمرأة في الساحة السياسية بل على عكس ذلك. البرلمانات العربية، حسب تقرير للأمم المتحدة 2012، تحوي 10،7% لمقاعد السيدات. المنطقة العربية هي الوحيدة في العالم التي لم تصل فيها نسبة السيدات كحد أدنى الى 30% من مقاعد المجالس النيابية. تبعا للتقرير الأممي هناك مثلا تحسنا في حالة المملكة المغربية التي حددت نسبة 16،7% للسيدات. بالمقابل خسر البرلمان التونسي لعام 2011 مقعدين لهن. والاغرب من ذلك تدنت نسبتهم في برلمان مصر " أكبر دولة عربية" من 12% قبل الثورة الى 2% ! بينما يلاحظ تقدما عالميا في نسبة النساء في هذه المجالس النيابية. بالمقارنة، نسبة السيدات مثلا في نيكاراكوا، الدولة الصغيرة ذات الدخل القومي المتواضع، هي 40% ، تقترب نسبتهن الى معدلات الدول الاسكندنافية 42%. مما يظهر جليا أن وصول الاحزاب ذات الاتجاهات الدينية تحد من تحرر المرأة وتعيد العالم العربي الى عصور مظلمة وظالمة لهنّ بشكل خاص وللمجتمع بشكل عام.

الخلفية الثقافية- الدينية-السياسية في مجتمعاتنا العربية عميقة الجذور. عقليتنا وتصرفاتنا مرهونة بماضينا. ثقافتنا العربية اليوم اجترار لهذا التراث الماضي، الذي أخذ مع الوقت نوعا من القدسية، غير قابل للنقاش أو للنقد أو للبحث التاريخي العلمي .تراثنا لا يشجع على الاختلاف والرأي الحر. وعينا التاريخي يضعنا بشكل غير عقلاني في صراعات مع ماض لا علاقة له مع حياة الناس في الواقع الحالي. هذه الخلفية الدينية ترفض الاختلاف معها لأن مواقفها صحيحة منذ البداية لأن المقدس لازمني حسب منظريها ، عندهم الحقائق محددة ثابتة وأزلية.

أما الديمقراطية العلمانية فهي تستند إلى فصل الدين عن الدولة وتميز بين الدنيوي والمقدس بشكل واضح. وتجعل من الدولة ومؤسساتها بما فيها معاهد التدريس مؤسسات حيادية بعيدة عن الروابط الطائفية أو الدينية أو الغيبية. الديمقراطية العلمانية ترفض تدخل رجال الدين والحركات الدينية في مصير الدولة وتفسح المجال لحرية الإيمان الديني أو عدم الإيمان دون أي إكراه لآن الدولة لا علاقة لها بمعتقدات الأفراد. هذه الدولة مفتوحة لكل المواطنين ذوي المؤهلات دون تمييز ما.

الجمهورية العلمانية الديمقراطية تريد حلولا لمشاكل المجتمع المعقدة صادرة عن تفكير عقلاني وعلمي وتجريبي. لآن الحلول لا يمكن أن تكون جاهزة سلفا في "الكتب الدينية المقدسة".

في الديمقراطية العلمانية، الفكر البشري هو الذي يولّد الدستور والقوانين ويحدد سير الدولة ومعاملاتها مع المواطنين ومع الدول الأخرى. وحقائقه نسبية تتطور في الزمان والمكان بعقلانية علمية تجريبية. سيادة الدولة تنبثق عن الشعب. حيث النقاش والحوار والنقد مفتوح دون قيود ملزمة ومتحجرة. في الديمقراطية لا يحق للأغلبية إسكات أقلية ما مناقضة ومخالفة للرأي العام. لأن حقيقة الأمور لا تظهر دون حرية الرأي. أهم مقدسات الديمقراطية تكمن في الدرجة الأولى في احترام حقوق الإنسان التي هي غاية الديمقراطية وذروة تطور الحضارة الإنسانية. إعلان حقوق الإنسان تعطي قيمة مطلقة للناس وتحرّم استغلالهم وتدافع عن كرامتهم وحقوقهم في مجتمع أكثر عدلا. في الديمقراطية العلمانية قبول وتسامح لكافة المعتقدات الدينية والعقائدية والمذاهب الاجتماعية.

العلمانية ليست مرادفة للديمقراطية. العلمانية يمكن أن تكون غير ديمقراطية كما هو الحال في بعض ديكتاتوريات الدول النامية. ولكن من الضروري أن تكون الديمقراطية علمانية ومحايدة دينيا وعنصريا حيث المواطنة مفتوحة للجميع دون تمييز.

إن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان (1948) والاتفاقية الدولية المتعلقة بالحقوق المدنية والسياسية (1966) وغيرها من الاتفاقات الدولية التي أقرتها أغلب الدول العربية المنتسبة إلى هيئة الأمم المتحدة، تعبر تعبيرا واضحا عن علمانية الدولة والتزام هذه الدول بتطبيق مبادئها في بلادهم. لكن الدول العربية هي اليوم في مزايدات دينية ، غاياتها سياسية. فكل سياسي يتمسك ظاهريا بالفضيلة وبمظاهر الدين لخداع الناس والحصول على شعبية ما للسيطرة على الحكم.

في المجال العام (الدولة ومؤسساتها)

في المجال الخاص (الأفراد والجمعيات الدينية)





أصبح من الصعب في مجتمع حقوق الإنسان، العمل بمبدأ؛ على الدين أن يسيّر أمور المواطنين في كافة معتقداتهم ونشاطاتهم . الدولة الحديثة أخذت على عاتقها أمور المجتمع لإرضاء حاجات المواطنين المادية والمعنوية. أخذت عن الدين كثيرا من مهام كان يقوم بها رجال الدين من جمع الأموال للمحتاجين إلى رعاية الأطفال والمرضى والتعليم...

للحفاظ على مقومات الدين الأساسية يجب قبوله في مجال الإيمان بالعقيدة وممارسة الشعائر فقط وبشرط ألا يكون إكراها للضمائر. كإكراه الناس على الإيمان بالدين وممارسة طقوسه كما هو الحال في السعودية مثلا وقريبا في كثير من الدول العربية. في الدولة الديمقراطية من الضروري التسامح مع بقية الأديان والمعتقدات ومن غير المؤمنين بالدين واحترام الاستقلالية الأخلاقية للفرد. الإيمان أو عدم الايمان قناعة فردية يعود إلى حرية ضمير الفرد، لا دخل للسياسة والمجتمع فيه. المجتمع الذي يدفع الإنسان للإيمان قسرا أو عن طريق الدعاية المغرية والمغرضة ينزع قيم الدين ويشوه إيمان الفرد. مثل هذا الإيمان السطحي هو إيمان "خارجي" يرضي الآخرين ويدخل في مجال الطقوس و"التمثيل" والتظاهر الاجتماعي.

اجتماع الناس حول عقيدة دينية واحدة لا يعطيهم الحق بفرض إيمانهم على الآخرين أو توجيه سياسة الدولة والمجتمع حسب معتقداتهم. من الملاحظ تاريخيا أن الغرب نهض نهضة جبّارة عندما فصل الدين عن الدولة وحدد حقوق وواجبات المواطن بعيدا عن أوامر رجال الدين الذين كانوا يتدخلون في مجمل حياة الناس. "الطغيان" الديني يؤدي إلى اضطهاد غير المؤمنين بهذا الدين والى عصبية تضر الدولة والدين معا ويولد انقسامات وعداوات بين المواطنين. بهذا تُصبغ الدولة ككل بصبغة دينية ضيقة الأفق ويصبح "الدين-الدولة" ومؤسساته بؤرة لإرهاب الناس والتعدي على ضمائرهم وحرياتهم العامة وحتى على حياتهم.
الديمقراطية دعوة للعيش المشترك استنادا إلى مفاهيم إنسانية محددة بشكل واضح في المواثيق الدولية لحقوق الإنسان. علاقتنا مع الآخر يجب إخراجها من نطاق الدين الضيق، الشبيه بالعنصرية ،الرافض للآخر، وإدخالها في المجال الإنساني الرحب.

Mr. Ali 1 12-04-2013 08:54 PM

دور المثقفين والفنانين في التوعية الديمقراطية
الفلسفة والعلوم الإنسانية والفن تمكّن ممارسيها المستقلين والأحرار، فهم المشاكل الإنسانية فهما متعمقا وجليا ومتعدد الجوانب. هم قادرون على نقل رؤيتهم وتصورهم للأحداث بشكل أكثر وضوحا. دورهم الثقافي هام للغاية لمساعدة مواطنيهم ليخرجوا من انعزالهم المفروض عليهم قسرا في أغلب دولهم ومجتمعاتهم العربية وخاصة في ميدان الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان. حرية المواطنين يجب أن يكون لها القيمة المطلقة في الدولة واعتبارها يتجاوز حدود البلد والسيادة الوطنية.

وجود الانترنيت أعطى للمفكر العربي داخل بلاده إمكانية ممتازة لنشر أفكاره بشكل واسع وطرح أفكار جديدة واستراتيجيات لتغيير ديمقراطي بطرق سلمية. لكن الكلام بحرية داخل الأنظمة الاستبدادية، يحتاج إلى شجاعة كبيرة. لأن "مخابرات" هذه الدول هي دائما "ساهرة" وجاهزة لإسكات الأحرار، بالإرهاب والسجن والــتـعذيــب وحتى القــتــل.

بالنسبة إلى المثقفين والفنانين العرب الذين يعيشون خارج العالم العربي، فهم يستطيعون توعية المواطنين العرب سجناء الأنظمة الاستبدادية، بالكلام والنشر، للدفاع عن الديمقراطية وحقوق الإنسان على كل منبر وفي كل مناسبة. هم أكثر حرية من إخوانهم داخل البلاد العربية ولهم إطلاع وعلم وتجارب واقعية في مجتمعاتهم المتقدمة. شهاداتهم عن ميّزات الديمقراطية لها تأثير كبير على المحرومين منها.

دساتير الديمقراطيات تحمي المفكرين والفنانين العرب فيها من أي تعد على حرية آرائهم. هذا التعدي يظهر فقط من قبل "عملاء" الأنظمة العربية المستبدة المتغلغلين في أوساط الجاليات العربية. من الضروري فضح المخبرين ليكفوا عن تخويف الأحرار. وفي حال الضرورة إطلاع السلطات المختصة في هذه البلاد الديمقراطية لأخذ الإجراءات اللازمة بحقهم. مع العلم أن تجــنـــس المخبرين لا يسعفهم في حال ثبات تهمة العمالة والتآمر على المواطنين. ويمكن في بعض البلدان سحب الجــنــسية عنهم. من الضروري أيضا فضح أي موظف في بعثات الدول الديكتاتورية في تجسسه على المفكرين الأحرار.

Mr. Ali 1 12-04-2013 08:55 PM

العولمة والديمقراطية

العولمة هدف مرموق وأساسي لخير البشر. العولمة "الإنسانية" هي في تقارب الشعوب والدول للعيش في سلام ايجابي يستند إلى انفتاح سياسي واجتماعي واقتصادي وعلمي وثقافي وتكنولوجي وأخلاقي وديني. بهذا المسار للعولمة يمكن القضاء على الجوع والتخلف والجهل والفقر والمرض بتحويل بعض طاقات الدول المتقدمة لمعونة الدول الفقيرة والنامية للخروج من مآزقها ورفع مستوى معيشتها.

لكن العولمة في وضعها الحالي تعمل لترسيخ تسلط المنظمات والشركات المالية الدولية والدول الكبرى لفرض شروطها غير العادلة على الدول والمجتمعات الفقيرة والضعيفة. العولمة الحالية تهدد السيادة الوطنية وحرية القرارات الاقتصادية. الدول التي لا تنصاع لشروط صندوق القرض الدولي مثلا لن تحصل على قروض الأموال اللازمة لتنميتها الذاتية. رغم أن هذا الصندوق هو مؤسسة عامة دولية، من المفروض أنها تعمل لمصلحة مموليها من كل دول العالم بهدف الاستقرار الاقتصادي ورفع مستوى المعيشة للدول النامية . لكن الدول المتقدمة وخاصة الولايات المتحدة الأمريكية، منذ أيّام الرئيس ريغان وبوش والتأثير الدائم لليمين الأمريكي ، حولت العولمة إلى عولمة أمريكية الأهداف. فهي التي تسيّر أمور الصندوق الدولي والبنك الدولي لمصلحتها الذاتية بالدرجة الأولى وتفرض إرادتها على العالم. لقد تبين في التسعينات من القرن العشرين أن سياسات الصندوق الدولي لعب دورا سلبيا في تفقير وإفلاس كثير من الناس في الدول النامية وإدخال الفوضى في المجتمع والسياسة كما حدث مثلا في المكسيك وروسيا وإندونيسيا وتايلاند والأرجنتين.

لقد دفع الصندوق الدولي والبنك الدولي، الدول النامية إلى إدخال الخصخصة بشكل متسرع دون أي تمهيد ملائم وبعقلية عقائدية دون الأخذ بالنتائج السلبية على المواطنين. ومن الملاحظ أن مدراء هذه المؤسسات المالية الدولية هم أوروبيون أو أمريكيون بالصدفة!

الشركات متعددة ال***يات تحاول التحكم بسياسات الدول النامية لاحتكار أسواقها وفرض شروطها لمنافسة البضائع المحلية بشكل غير متعادل من حيث القوة الاقتصادية التي تملكها. فهي تسهل تحرك السلع والخدمات لصالحها وتساهم بتكوين طبقة غنية بشكل فاحش في الدول الفقيرة تكون تحت سيطرتها وعميلة لها، مقابل أغلبية ساحقة من الناس تحت مستوى الفقر بكثير. كذلك الحال في حرية دخول رؤوس الأموال إلى هذه الدول الفقيرة نسبيا وإمكانية الخروج منها بين ليلة وضحاها تبعا لسوق العملات وغيرها من الأسباب دون أي اعتبار لمصلحة البلد. هذه المؤسسات والشركات الدولية تطلب من الدول النامية التلاعب سلبيا بخطط العدالة الاجتماعية وحماية البيئة وحماية العمّال كما حدث في كثير من دول أمريكا الجنوبية. الديمقراطية في كل هذه المعمعة هي الضحية مع هذه الشعوب المستضعفة.

العولمة الإنسانية والمعقولة لخير البشر لا يمكن أن تكون تسلط من قبل دولة أو بعض الدول على مصير بقية شعوب الأرض. هذه العولمة "الإمبريالية" تزيد من متاعب البلاد الضعيفة وتخلق توترات هائلة للسلام العالمي وحقوق الإنسان. فكرامة الناس وعيشهم في عصر الاتصالات والعلم لا يمكن تجاهله. هذه العولمة يصعب قبولها من الشعوب الواعية باستقلالها وكرامتها. إن استغلال الشعوب بشكل متواصل وبهذه الطريقة لن يدوم. فالرد على هذه العولمة الإمبريالية بدأ فعلا في كثير من دول العالم؛ في آسيا وأمريكا الجنوبية مثلا. وسوف يكبر ويشتد بكل الوسائل لتحرير الشعوب من نير القوى الكبرى وخاصة الولايات المتحدة الأمريكية.

أحادية القطب (الأمريكي) ليست من مصلحة الأغلبية الساحقة من الدول. لأن عنجهية السيطرة تؤدي إلى الغرور بالإقدام على أعمال متهورة كحرب العراق مثلا أو استغلال خيرات الدول المادية والإنسانية وبأبخس الأسعار. أحادية السيطرة لن تدوم طويلا لأن تكتلات كبيرة أخرى هي في طور التكوين لتحد من الإمبريالية الأمريكية وتخلق توازنا لخير السلام العالمي؛ كالمجموعة الأوروبية وتكتلات بعض دول أمريكا الجنوبية والآسيوية. هذه السيطرة الأمريكية وأيضا سيطرة الشركات متعددة ال***يات وعملائهم تناقض بشكل فاضح مفهوم الديمقراطية وحقوق الإنسان ومبادئ الأمم المتحدة. لأنها تفرض على الشعوب شروطا سياسية واقتصادية وثقافية غير عادلة تحد من مصالح الآخرين المشروعة. وتأخر بذلك التحول الديمقراطي في هذه الدول.

التشدق بالعولمة والتكهن بنهاية القوميات ،ومنها طبعا القومية العربية، وسقوط الحدود بين الدول وفتح الاسواق بلا رادع وتحرك رؤوس الاموال بحرية كبيرة... كلام يخدم بالدرجة الأولى القوى المسيطرة على الساحة الدولية اقتصاديا وعسكريا وثقافيا وعلميا. وجود الاتصالات والمواصلات السريعة واختصار المسافات والتجمعات الاقليمية لا يوجد مجتمعا أو وطنا جديدا "معولما" على أرض الواقع. البلاد الحقيقية الواقعية هي دول ذات سيادة موجودة على أرض محددة. توفر الاتصالات بين الافراد والجماعات في العالم وخلق علاقات إنسانية متعددة معهم، لا يضمن تقدم المواطنين في بلدهم. التسارع الكبير في الاتصالات الحديثة نبهتنا الى ضرورة تضامن قومي للحفاظ على اللغة والثقافة والهوية الخاصة لمجتمعاتنا. من مظاهر الامبريالية الثقافية مثلا طغيان اللغة الانجليزية على عالم الاتصالات والثقافة المعولمة على حساب باقي اللغات. كل هذه الاتصالات بين الأفراد والجماعات على كافة المستويات يجب تشجيعها وتنميتها فهي وسيلة من وسائل التقدم والنمو نحو مزيد من الديمقراطية.

من جهة أخرى، على المجتمعات المدنية محاربة هذه العولمة الرأسمالية الاحتكارية وجبروت دولها التي تحميها. من الضروري توسيع المنظمات المدنية المستقلة عن الدول للدفاع عن حقوق الانسان واختراق مقاومة الحكومات غير المبالية بهذا الموضوع في أي مكان كان. هذه الحقوق تعلى على سيادة الدولة. فالإنسان وجد قبل خلق الدولة وقبل الكلام عن السيادة.

هناك مواضيع أخرى، لا حصر لها يمكن لهذه المنظمات المدنية الدولية أن تنشطها وتدفعها لتتدخل في نطاق سياسات الدولة لإيجاد حلول لها، مثل نزع السلاح النووي والتلوث والانحباس الحراري أو القضاء على الامراض والفقر... هذا الانفتاح على كل بلاد العالم يخدم التعايش السلمي ويكسر الحواجز النفسية المبنية أساسا عن عدم معرفة الآخر وعن جملة أحكام مسبقة تكونت منذ التاريخ القديم ولم تزل مترسخة في عقول الناس. تجاوز حدود القوميات المتعنتة والمتعصبة بين البشر تساعد الحكومات على تعايش أفضل ما بينها. تدخل الناس في الامور الدولية ضرورة أساسية للجم نزعات بعض الحكام الذين يتعالون على شعوبهم ويحاولون عزلهم عن التفاعل مع المجتمعات المدنية لبقية الشعوب. لكن تحديد السياسات ووضعها موضع التنفيذ لخير المواطنين يعود الى حكومات شرعية ديمقراطية ومسؤولة في دول ذات سيادة.
لا ينتظر من الدول الكبرى مساهمة نزيهة في الدفاع عن الديمقراطية في البلاد العربية. أمريكا مثلا، تتحالف مع دول كالمملكة السعودية، البعيدة كل البعد عن الديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان. هدف أمريكا هو الهيمنة الامبريالية، العسكرية والاقتصادية والسياسية والثقافية، والسيطرة على خيرات العرب وخاصة البترول والبيترو- دولار؛ أي عائدات البترول التي تنفق في السوق الغربية. الكلام عن شرق أوسطي جديد وديمقراطي، لا علاقة له بالديمقراطية، هو يعني كما نراه ، تخريب البلاد العربية بتقسيمها إلى دويلات طائفية ودينية ضعيفة. هذا المخطط يخدم بشكل واضح مصلحة إسرائيل بهيمنتها العسكرية على الشرق الأوسط وبالتلاحم الكامل مع الولايات الأمريكية وتبرير وجودها العنصري كدولة يهودية. ثورات الشعوب العربية ضد الاستبداد التي بدأت في تونس ومصر وليبي وسوريا في عام 2011 هو الطريق الصحيح والمستقل لبدء المسيرة الصعبة والشاقة لبناء دول ديمقراطية حديثة سوف تساعد على تقارب وتضامن عربي رغم السيطرة الحالية للإتجاهات الدينية السياسية على هذه الثورات . المستقبل مفتوح أمام خيارات ديمقراطية أكثر نضجا من التيارات الدينية التي سوف تبرهن مع الوقت محدوديتها في تحرير مجتمعاتنا العربية من التخلف .

Mr. Ali 1 12-04-2013 08:56 PM

بدائل الديمقراطية


ما البديل عن النظام الديمقراطي؟ بديل الديمقراطية نقيضها أي النظام الديكتاتوري الشمولي والسلطوي، علمانيا كان أو دينيا، الذي يملي على الناس في كافة أنشطتهم نوع التفكير والسلوك. هذا النظام يدوم بدوام أصحابه وسلالتهم من عشيرة أو ملّة أو طائفة أو فئة...

رغم كل سلبيات الديمقراطية فهي أرقى من النظام الديكتاتوري وأقرب إلى أماني الشعوب المتعطشة إلى الحرية والحياة الكريمة. سلبيات حكم الفرد والفئة ظاهرة بوضوح، هذا النوع من الحكم يعمل لصالح فئة صغيرة بالدرجة الأولى، ويضع بقية الشعب تحت الوصاية ولا يعتبره راشدا لتسيير أموره وتقرير مصيره. ولكن هذا النظام، عن طريق غسل دماغ المواطنين عن طريق أبواقه الإعلامية، يدعي بهتانا الإصلاح والعمل لخدمة الشعب!

عندما تُستبعد الرقابة على الحاكم يصبح من السهل الانزلاق الى ميدان التعسف وهدر طاقات البلد والعنجهية والسياسات غير المعقولة، كما رأينا في عراق صدّام وفي رومانيا شاوشيسكو وفي كثير من بلادنا العربية وفي بقية العالم الثالث.

الديكتاتورية مكتفية بنفسها ومشبعة من ذاتها تملك الحقيقة والرشد والمؤهلات للحكم المطلق لصالح الشعب! في هذه الاجواء المغلقة يصبح الكذب وتلفيق الحقائق والنفاق والمحسوبية، الثقافة المنتشرة عند الحاكم ومن يدور حوله من المنتفعين.

موضوع التحول إلى الديمقراطية في الأنظمة الديكتاتورية تكمن أساسا في إرادة الناس وشجاعتهم. كل تحول ما، يتطلب مجازفة وتضحيات كبيرة . إرادة التغيير عند شعوب أوروبا "الشرقية" في التسعينات من القرن العشرين مثلا، تمت ونجحت بشكل سلمي، تبعا لإستراتيجية التثقيف الديمقراطي المتواصل والعصيان المدني والمظاهرات والإضرابات.

أما في دول العالم الثالث فالطريق أكثر صعوبة لقلة وضعف الثقافة الديمقراطية. لأن تبديل أو تطوير الفكر والسلوك عملية شاقة وطويلة تحتاج إلى وعي كبير وصمود أكبر. فالقوى الفاشية التي "تملك" البلد وتستفيد من تسلطها السياسي والاقتصادي لن تتنازل عن "مكاسبها" وامتيازاتها بل سوف تقاوم بكل ما تتيحه لها الدولة من جبروت للبقاء و ستحاول القضاء على المطالبين بالتغيير والإصلاح. رغم هذه الصعوبات الجّمة، هناك بوادر ايجابية مساعدة لتسريع الوعي الديمقراطي للشعوب المقهورة. فالإعلام العالمي، بلا حدود، أصبح متوفرا لكافة سكان الارض لمساعدتهم لمقارنة الأنظمة ما بينها وتبيان الفروق الكبيرة في احترام حقوق الإنسان.

العيش في نظام ديمقراطي حديث العهد، لا يعني أن مشاكل البلد سوف تحل تلقائيا وبشكل سحري، بل قد تتحول الامور، في بداياتها غالبا ، إلى صراعات طبقية ودينية... تبعا لمصالح أصحابها. ومن المحتمل أيضا، بسبب سوء الإدارة السياسية والاقتصادية، إلى إحباط الناس من الديمقراطية التي لم تجلب معها تغييرا مرتجى.

الديمقراطية تحتاج إلى عمل متواصل وإلى وقت طويل وصبر أطول. ثمار الديمقراطية لا تجنى على المدى القريب. فهي ثقافة تهذب الفكر والسلوك للعيش مع الآخرين واحترامهم رغم الخلافات العميقة بين طبقات المجتمع سياسيا واجتماعيا. وقبول مبادئ تحول السلطة من فريق إلى آخر بشكل سلمي. تحرر العقول من الخوف يخلق أجواء أكثر ملاءمة لمقاومة إعادة الاستبداد والعمل لإصلاح الامور في الدولة الديمقراطية الفتيّة.

إن كان من الصعب إيجاد حلول شاملة وسريعة في النظام الديمقراطي فإنه من الصعب جدا إن لم يكن من المستحيل، كما يبرهن لنا التاريخ الحديث، إيجاد حلول سليمة ودائمة في ديكتاتوريات سياسية وعسكرية تفرض حكم الأقلية عن طريق الأقلية ولصالح هذه الأقلية.

Mr. Ali 1 12-04-2013 08:57 PM

الديمقراطية بين السياسة والأخلاق

دون رادع أخلاقي، يتحول العمل السياسي غالبا إلى مجابهة للوصول إلى السلطة، إما طمعا بها وإما لغايات فردية أو فئوية. الرادع الأخلاقي العقلاني المستند على قيم العدل والمساواة واحترام حقوق الإنسان يرسم طريقا واضحا للسياسي ليكون عمله منسجما مع مصلحة المواطنين. الأخلاق في السياسة هي الرابطة بين الحاكم والمحكوم. هو"عقد اجتماعي" يستند إلى قيم مشتركة ملزمة للأطراف. التصرف غير الأخلاقي للسياسي، في عدم احترام حقوق المواطنين واستغلال منصبه لغايات شخصية، يفصم العلاقة بينه وبين المواطنين ويضعه في موقع اللاشرعية واللامصداقية. بهذا يصبح التفويض الديمقراطي غير معقول، في حالة تناقض. لا أحد يفوض أحدا للعمل ضد مصلحته. إن عمل السياسي لصالح المواطنين تبعا للدستور المؤسس على مفاهيم العدل والمساواة والمساءلة هو الشيء المعقول والأخلاقي لضرورية العيش في دولة ديمقراطية. لقد انتخب الشعب ممثلين عنه لتنفيذ سياسات عادلة لخير الجميع. فالديمقراطية من حيث أنها آلية حقوقية لحكم الشعب، عن طريق ممثلين عنه، لها علاقة بالقيم الأخلاقية المتعلقة بالتمثيل والعمل السياسي.

الأخلاق هي حجر الزاوية في بناء ديمقراطية قوية وفعّالة. يمكن تلخيصها بالنسبة للسياسي بالنقاط التالية:

· قبول المسؤولية في حال المقدرة

· الاعتراف بالمساواة بين المواطنين والانفتاح على كافة فئات الشعب

· الإخلاص لمبادئ ووعود الحملة الانتخابية المستندة على العدالة وحقوق الإنسان وباقيالشرائع الدولية

· دعم العدالة الاجتماعية

· إدارة الشؤون العامة إدارة عقلانية دون استعمال السلطة لغايات شخصية أو فئوية

· قبول الاعتراف بالخطأ وإفساح المجال للنقد والمساءلة والشفافية

· العمل لسلام ورفاهية المواطنين

· المساهمة الفعّالة لحسن الجوار والسلام دون التضحية بالمصالح الوطنية والقومية والتعاون والتضامن مع الدول الأخرى لخلق عالم أكثرانفتاحا ومساواة بين الأمم.

على المواطنين بدورهم واجب أخلاقي تجاه السياسي المنتخب ديمقراطيا. عليهم احترامه ومساعدته عند المقدرة لأداء واجباته. حكم الشعب يستند هو أيضا على قيم لسلوك أخلاقي متحضّر، مثل التقيّد بالقوانين والعمل تبعا للعدل والمساواة في حدود جماعته السياسية وبقية الجماعات السياسية الأخرى. بين الأغلبية التي ستحكم وبين الأقليات المتعددة المعارضة.

الرادع الأخلاقي يبقى في حدود المبادرة الفردية، من الضروري تشجيعه وتنميته بشكل متواصل بالتربية والمثل الصالح . لكن من السذاجة تصور احترام القوانين والسلوك المهني "الاخلاقي" من قبل كل السياسيين والمسؤولين عن الشؤون العامة ، بشكل اختياري وبعيدا عن المراقبة والمساءلة. يجب وضع قوانين ملزمة للتقيد بهذه الواجبات "الأخلاقية-السياسية" لحسن سير مؤسسات الدولة لخدمة المواطنين. علم الواجبات هذا ليس لائحة ثابتة ودائمة . بل هي لوائح تحتاج الى تعديلات متلاحقة تتأقلم مع تطور المجتمع ومؤسساته الاجتماعية والسياسية.

في ديمقراطيات اليوم، من الصعب الحصول على أغلبية مطلقة في الانتخابات (50%+1) من عدد المواطنين الذين يحق لهم التصويت ، بسبب تعدد الأحزاب وخاصة في الدول ذات الديمقراطيات الحديثة. حتى في الديمقراطيات العريقة، هناك تجاوز ظاهر لثنائية الأحزاب، ذلك يعود إلى تنوع أكبر في الرؤية السياسية للمواطنين وتعدد الجمعيات المدنية التي تحاول التأثير على سياسة الدولة بخلق أحزاب سياسية جديدة وصغيرة مثل الاحزاب التي تدافع عن البيئة مثلا. تعدد الاحزاب السياسية في الدولة يضعف من شرعية الحكومة المنتخبة لأن "أغلبيتها " أغلبية نسبية، اقترانا بعدد المواطنين. لذا فالرادع الأخلاقي والتقيّد بالقوانين حيوي وضروري لكي لا يتحول "حكم الحزب الحاكم" المنتخب إلى ديكتاتورية رافضة للاستماع إلى بقية المواطنين ذات الأغلبية العددية.

Mr. Ali 1 12-04-2013 08:59 PM

متى يتحول الدين إلى مخدر للشعوب





· عندما نضع العقل بين قوسين ليصبح فقط أداة لتبرير أقوال رجال الدين وأعوانهم من العقائديين الذين يقحمون الدين في السياسة للسيطرة على الحكم والتحكم بالناس وتسييرهم حسب عقليتهم.



· عندما يُؤخذ الدين كحل لكل المشاكل الإنسانية وحتى العلمية، مناقضا بذلك واقع الأمور. لأن حلول المشاكل المتنوعة من اجتماعية إلى سياسية وعلمية... لا وجود لها في الماضي، ليست منزلة وجاهزة. الحلول تستنبط بالتفكير المنهجي الجاد، وبالعلم وبالتجارب المتواصلة. هذه الحلول رغم التطور،تبقى في كثير من المجالات، تقريبية يمكن إعادة صياغتها وتركيبها وإجراء أبحاث جديدة. تفكيرنا يتطور ومادة التفكير تتحول والظواهر تتعدل بحيث لا يمكن التكهن سلفا بما سيأتي.



· عندما تدخل روح الإتكالية في عقول الناس: الاتكال على رجال الدين وعلى الحركات الدينية . هؤلاء القيمون على الدين، الذين "يعلمون" ما يجب اعتقاده وعمله في هذه الدنيا للوصول الى الحياة الآخرة! وبما أن الدين كما يدّعون يجب أن يتدخل في كل مرافق الحياة فعليهم واجب إرشاد المؤمنين في الحياة العائلية والاجتماعية وحتى السياسية، وخاصة السياسية، ليسيروا وراءهم، وراء "علمائهم" بانصياع كامل دون جهد أو نقد.

التلفزيونات العربية من شرقها إلى غربها تتحفنا بمداخلات رجال الدين يوميا وعلى مدار الساعة واصلة إلى كل القارّات. هذه التحف والحلول يستنبطها هؤلاء العلماء من تصورات شخصية وغيبية محدودة الفهم تستند إلى مزاجهم وعلومهم المحدودة، وتفسيرات دينية من العصور الخالية يُؤخذ بها كمقدسات لا شك بها ، تحمل كل "الاضاءات " والمعارف اللازمة للعيش في عالمنا الحديث! يتم تفسير النصوص الدينية أكثر مما تتحمل عندما تؤخذ كعلوم اجتماعية أو اقتصادية أو سياسية أو طبيعية وحتى طبية. هذه التفسيرات-التبريرات لا علاقة لها بالدين بقدر ما لها علاقة بأفكار وغايات دعاتها.

التنوع الهائل في تبرير وتفسير النصوص الدينية وإلحاقها بفتاوى خارقة والتي يدعو بعضها إلى الرجوع إلى قرون غابرة كوضع المرأة والجهاد وحتى *** الآخر المخالف، كل هذا نراه في وسائل الإعلام وحتى في مراكز المعرفة من معاهد وجامعات! هذه الأوضاع تدعونا إلى الشك بنوايا هؤلاء المتزمتين دينيا والذين ينصبون أنفسهم "عقلاء" يريدون خير الأمة.

هذه الإتكالية جعلت الناس يتقبلون أي شيء دون نقاش. مثلا مفهوم الأمة لا تحديد واضح لأبعادها، فهي مفهوم مطاطي نضع فيه ما نشاء. هل الأمة هي جماعة المؤمنين؟ أو جماعة المواطنين؟ أين نضع الذي لا يؤمن من هذه الجماعة ؟ أين نضع غير المؤمنين أو الكفّار؟هل تنتمي جماعة المؤمنين إلى عقيدة واحدة؟ أين توجد هذه العقيدة الواحدة؟ هل عقائد الفرق الدينية في نفس الدين متساوية في الحقوق؟ ما هي أهداف هذه الأمة الدينية سياسيا؟ ما علاقة الأمّة بالمواطنة الحديثة؟ هل يمكن أن تكون في الواقع حزبا واحدا أو جبهة واحدة؟ أم أن الواقع يظهر لنا "أحزابا لله" مختلفة جذريا مع بعضها ... حتى التكفير والاقتتال؟

كل حزب ديني يدّعي الحقيقة المطلقة بغية احتكار السلطة دون منازع. عقيدته وحدها الصالحة لخير ما يتصورونه كأمّة. يطلب من أفراده الطاعة العمياء. الأفكار المغايرة تعتبر تحريضا وخروجا عن الجماعة. التفكير محتكر من قبل الموكلين عن هذه الأمّة. أي خروج عنها خيانة والحاد. الصراع العلني أو الخفي بين السنة والشيعة اليوم في العراق وغيرها برهان ساطع ومتوقع ومؤسف لهذه العقلية الدينية الشمولية.

· عندما نضع على تراثنا الديني هالة من القدسية رغم تناقضاته وتبريراته الخرقاء دون أي محاولة للفهم والتنقيح العلمي عما قيل ونقل. عندما نقبل اليوم مثلا عادات الأقدمين عن الحجاب ونصبغه بصبغة دينية غير مبررة. ونضع المرأة تحت سيطرة الرجل القوام على حقوقها ونقبل تعدد الزوجات كشيء "طبيعي"، مقبول شرعا في عصر حقوق الإنسان وتحرر المرأة في كثير من الدول. عندما نبرر الزواج العرفي أو ما يسميه منتقديه بزواج المتعة، الذي هو في واقع الأمر بغاء وأفظع احتقار للمرأة. هل شهوة الرجل أكثر جموحا "بطبيعته" من شهوة المرأة ؟ أم أن النساء العوانس "عليها" أن ترضى برجل متزوج أفضل من أن تبقى عانس وعالة على أهلها؟



· عندما يشتري الحاكم طاعة وولاء "حكماء الدين" ليبرر سياساته. كل المؤسسات الدينية "الرسمية" في العالم العربي تنطق، لا باسم الدين دائما ولكن باسم الدين الذي يرغبه الحاكم. النفاق وتسويف وتسويق قيم الدين لغايات سياسية هي العملة الرائجة اليوم في عالمنا العربي وفي كثير من الدول المتخلفة وذات الديانات المختلفة.



· عندما تبرر المؤسسة الدينية غناء أصحاب السلطة السياسية والاقتصادية والمالية واحتكارهم وسيطرتهم على خيرات شعوبها. وتبقى ساكتة على البذخ والترف وهدر الأموال الهائل لملوك البترول وغيرهم من الذين "رزقهم الله"!

بهذه الثقافة وهذه العقلية وهذا السلوك الديني-السياسي، وعلى مدى سنوات، تتخدر عقول الناس فيقبلون بواقعهم لأن هذا الواقع هو الوحيد الممكن لخيرهم كمواطنين- مؤمنين! واقع يظنون أنهم لا يمكن قهره ، كشيء مقدر عليهم. يتحول الكثيرون منهم إلى عالم الطلاسم والشعوذات و"الاتكال على الله" كليا دون أي تفكير فردي ونقاش عقلي للتغيير ونقد ومقاومة الشذوذ الدينية والسياسية. ميزة هذه المخدرات ، إن كان لها ميّزة! أنها تخفف نفسيا عن الناس وتدخلهم في عالم الأحلام والظلال.
الإنسان في المجتمع المتقدم نسبيا والديمقراطي يستنبط الحلول الملائمة لا من عقول العقائديين الدينيين ولكن من الجهد العقلي الواعي والعمل الفعّال الجماعي لتجاوز المحن وتحسين أوضاع البلد وخلق مجتمع عادل يحترم الإنسان كإنسان دون أي تمييز ديني أو عقائدي.

Mr. Ali 1 12-04-2013 09:00 PM

الديمقراطية بين السياسة الداخلية والخارجية
الديمقراطية التي تعني باختصار أن الشعب هو مصدر السيادة والسلطة في حدود الدولة الواحدة، تبقى معزولة، لا "يحق" لها التدخل للدفاع عن حقوق الإنسان في غيرها من الدول الديمقراطية أو الديكتاتورية.

رغم الانسجام بين الديمقراطيات العريقة بسبب الفلسفات السياسية التي انبثقت عنها، يبقى التدخل في الأمور الداخلية لهذه الديمقراطيات شيء غير مقبول، يترك عند حكامها امتعاضا لأي نقد خارجي لسياساتها الداخلية وكأن هذا تعد على سيادتها "المطلقة ".

أما بالنسبة إلى الدول الديكتاتورية التي تتعدى على شعوبها ولا تحترم حقوق الإنسان بشكل فاضح. فإن النقد الموجه إليها، له حسابات اقتصادية ومالية وإيديولوجية، تحجّم وتخفّف من الدفاع عن حقوق "الآخرين" من البشر. قليل من الدول تنتقد مثلا الصين أو السعودية أمام التعديات الجائرة على حقوق مواطنيهم. أغلب الدول الغربية، وخاصة الولايات المتحدة الأمريكية لا تنتقد مثلا إسرائيل باضطهاد للفلسطينيين أصحاب الأرض الشرعيين وتسكت عن احتلال الجولان السورية، رغم كل قرارات الأمم المتحدة!

كلّما كانت مفاهيم ومعايير الديمقراطية واضحة أمام الشعوب وخاصة المقهورة في حقوقها الإنسانية، كلّما تيسر لها نقد التصرفات غير الديمقراطية لحكامها ولحكام بقية الدول. مع التقدم الهائل للاتصالات أصبح الفكر السياسي للناس في العالم، أكثر وعيا وانفتاحا وتحررا. أصبح عند سكان الأرض رغبة باستجواب السياسيين في كل أنحاء العالم. الرسائل المنشورة على الانترنيت مثلا، أظهرت ولادة وعي عالمي يدخل في معمعة الأفكار واتخاذ المواقف.

لا يوجد حاليا أية نية سياسية دولية لإعطاء سكان الأرض حيزا جماعيا للتأثير الفعلي والشرعي على سياسات الدول والأحداث العالمية للقضاء على الفقر والتخلف والمجاعة والأمراض والصحة والتعلم والتلوث وتوزيع عادل لخيرات الأرض وتحديد أسعار عادلة للمواد الخام والمنتجات الزراعية والصناعية للمجتمعات الفقيرة.

ما العمل عندما يستتب الحكم للطغاة دون منازع؟ ينهبون البلد ويستعبدون المواطنين دون رحمة كما هو الحال في أكثر الدول العربية؟ بكثير من التفاؤل الساذج! يمكن أن نتخيل تحول الأنظمة العربية ولو تدريجيا وجزئيا وعلى مدى عشرات وعشرات السنين، إلى نظام له شيء من المضمون الديمقراطي. من الرائع أن نتخيل رئيسا لدولة عربية وصل إلى الحكم هو وحزبه عن طريق انتخابات نزيهة ديمقراطية، وهو يعمل بكل طاقاته لتحسين معيشة المواطنين دون غايات شخصية!

الشيء الممكن عمليا وواقعيا لتحريك الديمقراطية يكمن أساسا في المجتمع المدني الذي يستعمل العصيان والإضرابات والمظاهرات والمناشير والنقد المتواصل بكافة الوسائل لإحراج السلطات الطاغية ودفعها للتنازل وفتح طريق أوسع لمزيد من الديمقراطية.

من جهة أخرى على الدول والمجتمعات الديمقراطية، العمل بشكل جماعي ضمن المنظمات العالمية والتكتلات السياسية لإحراج الدول الديكتاتورية وتهديدها اقتصاديا ومقاطعتها سياسيا حتى تحترم مواطنيها حسب مواثيق حقوق الإنسان. التصرف العالمي ضد سياسة التفرقة العنصرية في جنوب أفريقيا كان نموذجا ناجعا أدى إلى وصول الأغلبية إلى الحكم بدءا بالرئيس منديلا.

أما العمل الفردي من قبل الدول لتغيير الأنظمة عن طريق التدخل العسكري سيؤول إلى كارثة. غزو العراق وتدميره قوميا واقتصاديا وماديا وثقافيا بشكل هائل ووحشي من قبل الأمريكان برهن على نيّات الغزاة وتلفيقهم للحقائق. لقد فرضت الولايات المتحدة الأمريكية على العراق "ديمقراطية" مطبوخة لصالحها ولصالح إسرائيل. أدخل العراق بشكل رسمي في نظام عشائري-قبلي-شعوبي-عنصري-ديني، بعيد كل البعد عن الديمقراطية والحداثة والشعور الوطني والانتماء العربي. هذا النظام في العراق في تعامله مع أقلياته ومنها مثلا المسيحيين الذين هم مواطنون فيها منذ القدم، يعطي لإسرائيل مبررات لخلق دولة لليهود فقط ! لا يترك للفلسطيين العرب أي حقوق إنسانية وسياسية معقولة.

التدخل الفردي يتم غالبا ما بشكل إنتقائي لغايات لا علاقة لها بتحرير الشعوب ودون أي نية حقيقية لتفعيل الديمقراطية. مشروع الرئيس بوش لإدخال الديمقراطية في منطقة الشرق الأوسط عن طريق التهديد، بما فيه العسكري، خير دليل على هذا الفشل الذريع. الهدف غير المعلن للولايات المتحدة هو السيطرة على سياسات البلاد العربية لضمان البترول لأجيال قادمة واستغلال البترودولار لبيع منتجاتها وخاصة السلاح الذي يضمن بقاء هذه الأنظمة العربية العميلة.

كذلك الحال في تصرف الولايات المتحدة في تحيزها الكامل لإسرائيل، وبأقل مرتبة، للرجعية العربية، فهي تغض الطرف عن جرائم حلفائها وأتباعهم ولا تمنح أي فرصة فعلية وأي مساعدة للشعوب للسير في طريق الديمقراطية. كل هذا لا يخدم ولا يقوي تعاطف الناس لمزيد من الديمقراطية وتحسين أوضاعهم المعيشية وحقوقهم الإنسانية. لأن من يدعون أنهم روّاد الديمقراطية ينحازون للحكام الديكتاتوريين ضد إرادة الشعوب المغلوبة على أمرها.

للعيش في سلام، من الضروري تحديد القيم والسلوكيات الأخلاقية التي يمكن الأخذ بها في العلاقات الدولية لتصحيح المسار لتعاون أكبر وأكثر معقول لتقوية أسس السلام العالمي لمنفعة الجميع. التكتلات الإقليمية مثل الاتحاد الأوروبي ورابطة شرقي آسيا والكومنولث ودول عدم الانحياز ومنظمة الوحدة الأفريقية والجامعة العربية ومنظمة الدول الأمريكية والمنظمة العالمية الفرنكوفونية وخاصة الأمم المتحدة... كل هذه التكتلات توجد توازنا سياسيا يساعد على تدعيم السلام العالمي أفضل مما لو كانت الدول منفصلة عن بعضها البعض ومنطوية على نفسها. كل هذه التحركات الدولية تخلق بيئة عالمية ضاغطة تؤثر أفضل من قبل على اتخاذ القرارات السياسية. الاضواء الكاشفة على سياسات الدول عالميا،عامل ايجابي لسلوكيات أفضل.

Mr. Ali 1 12-04-2013 09:01 PM

وبعد أيها القاريء الكريم

هل نحن نعرف الديمقراطية ونمارسها ونطبقها بالفعل , أم أننا نجهلها ونأخذ منها ما يتوفق مع الأهواء والمصالح الخاصة فقط ؟!

هل الديمقراطية هي هذا المفهوم الضيق جداً جداً جداً الذي نتشدق به , أم أنها أوسع وأشمل بكثير بما يحتاج منا جميعاً إلي أن نعمل ونتضافر علي ارساءها وترسيخها وتأصيلها في نفوس وسلوكيات الشعب المصري بمختلف طبقاته وانتماءاته والمسئولين في الدولة أيضاً بمختلف درجاتهم ؟!

تقديري واحترامي للجميع

الرابط هو :


http://pages.videotron.com/moubayed/introduction.html

aymaan noor 24-04-2016 02:37 PM

موضوع مميز مستر على

جزاك الله خيرا و بارك الله فيك

Mr. Ali 1 12-08-2016 10:23 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة aymaan noor (المشاركة 6417897)
موضوع مميز مستر على

جزاك الله خيرا و بارك الله فيك




وجزاك مثله إن شاء الله تعالي أ/ أيمن

شكراً علي المرور الكريم






محمد محمود بدر 13-08-2016 09:48 AM

جزيل الشكر والتقدير لحضرتك

موضوع متميز

تسجيل متابعة


جزاكم الله خيرا وبارك الله فيكم

Mr. Ali 1 14-08-2016 10:35 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمد محمود بدر (المشاركة 6481871)
جزيل الشكر والتقدير لحضرتك

موضوع متميز

تسجيل متابعة


جزاكم الله خيرا وبارك الله فيكم





وجزاكم مثله إن شاء الله تعالي

شكراً علي مرورك الكريم



جميع الأوقات بتوقيت GMT +2. الساعة الآن 10:29 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.