![]() |
أعلام توفوا في شهر الصيام
أعلام توفوا في شهر الصيام (1) عبيدة بن الحارث محمود ثروت أبو الفضل عبيدة بن الحارث بن المطلب بن عبدمناف بن قصي القرشي المطلبي: توفِّي بالصفراء[1] في العَشر الأخير من رمضان، سنة اثنتين - رضي الله عنه - إثر جراحات في غزوة بدر. صحابي جليل، أحد السابقين الأوَّلين، وأُمه من ثَقيف. وهو أسنُّ من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعَشر سنين. هاجَر هو وأخواه الطفيل وحصين. وكان رَبْعَة من الرجال، مليحًا، كبير المنزلة عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقد كان النبي - صلى الله عليه وسلم - أمَّره على ستين راكبًا من المهاجرين، وعقَد له لواء، وكان ذلك في شوال سنة 1 من الهجرة، فكان أول لواء عُقِد في الإسلام. فالتقى قريشًا وعليهم أبو سفيان عند ثَنِيَّة المرَّة، وكان ذاك أوَّل قتال جرى في الإسلام. ويوم بدر خرج عتبة رأس المشركين وأخوه شيبة ابنا ربيعة، ومعهما الوليد بن عتبة وطلبوا المبارزةَ، فخرج إليهم كلٌّ من: عبيدة بن الحارث، وحمزة بن عبدالمطلب، وعلي بن أبي طالب بأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم. ففي سنن أبي داود عن علي - رضي الله عنه -: "قام - يعني عتبة بن ربيعة وابنه وأخاه - فنادى: مُن يُبارِز؟ فانتدب له شبابٌ من الأنصار، [فقال: من أنتم فأخبروه]، فقال: لا حاجة لنا فيكم، إنما أردنا بني عمِّنا، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((قم يا حمزة، قم يا علي، قم يا عبيدة بن الحارث))؛ سنن أبي داود (2665). وذكَر ابن عقبة أنه لما طلب القومُ المبارزةَ، فقام إليهم ثلاثةُ نفرٍ من الأنصار استحيا النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - من ذلك؛ لأنه كان أول قتال التقى فيه المسلمون والمشركون ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - شاهِد معهم، فأحَبَّ النبي - صلى الله عليه وسلم -أن تكون الشَّوكةُ ببني عمِّه، فناداهم: ((أن ارجعوا إلى مصافِّكم، وليَقُم إليهم بنو عمِّهم)). وبارَز عبيدةُ عتبةَ بن ربيعة بداية معركة يوم بدر فاختلفا ضربتين، فأثبت كلٌّ منهما الآخر؛ أي أصابتْ كلاًّ من عبيدة وعتبة جراحاتٌ من تَبادُلهما الضربات. وقَتل حمزةُ شيبة، وقَتل عليٌّ الوليدَ. ولما رأى علي وحمزة هذا شدَّا على عتبة، ف***اه واحتملا عبيدة وبه رَمَق. وكانت هذه المبارزة بداية سيئة للمشركين؛ حيث قُتِل ثلاثة من سادات قريش وخيرة فرسانهم وقادتهم أول المعركة، فأثَّر في نفسياتهم، وكرُّوا على المسلمين وهم في أسوأ حال، ثم لم يَلبَث أن مَنَّ الله بالنصر على رسوله والمسلمين يوم بدر. ومات عبيدة بن الحارث إثر جراحاتِه بعد المعركةِ بالصفراء. أنشدت هند بِنت أُثاثةَ في رثائه: لقد ضُمِّن الصفراء مجدًا وسؤددًا http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif وحِلمًا أصيلاً وافر اللب والعقلِ http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif عبيدةَ فابكيه لأضياف غُرْبة http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif وأرملة تهوي لأشْعَثَ كالجِذلِ http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif وبَكِّيه للأقوام في كلِّ شَتوة http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif إذا احمرَّ آفاق السماء من المَحْل http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif وبَكِّيه للأيتام والرِّيح زفزةٌ http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif وتَشبيب قِدْر طالما أَزبدَت تَغْلي http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif فإن تصبح النيران قد مات ضوءها http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif فقد كان يُذكِيهنَّ بالحَطَب الجَزْل http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif لطارق ليل أو لمُلتَمِس القِرى http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif ومُستَنبِح أضحى لديه على رِسْل http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif [1] الصفراء: قرية كثيرة النخل والمزارع، وماؤها عيون، وهي فوق ينبع مما يلي المدينة، وماؤها يجري إلى ينبع. |
جزاكم الله خيرا وجعلها فى ميزان حسناتكم
|
ولكم بمثل وزيادة رفع الله قدركم فى الدارين |
أعلام توفوا في شهر الصيام صفوان ابن بيضاء محمود ثروت أبو الفضل قال ابن سعد في طبقاته: توفي في رمضان سنة ثمان وثلاثين. صحابي من المهاجرين السابقين، شهد بدرا. وقيل بيضاء هي أمه واسمها دعد بنت جحدم الفهرية. وأبوه هو وهب بن ربيعة بن هلال بن مالك بن ضبة بن الحارث بن فهر بن مالك. قيل في رواية: آخى رسول الله - صلى الله عليه و سلم - بين صفوان بن بيضاء ورافع بن المعلى، و***ا يوم بدر جميعًا. وروى الواقدي، عن محرز بن جعفر عن جعفر بن عمرو قال: *** صفوانَ بن بيضاء طعيمةُ بن عدي. أما ابن سعد فيقول في رواية أخرى: روي لنا أن صفوان بن بيضاء لم ي*** يوم بدر، وأنه شهد المشاهد كلها، وتوفي في رمضان سنة ثمان وثلاثين، وليس له عقب. |
أعلام توفوا في شهر الصيام محمود ثروت أبو الفضل خديجة بنت خويلد - رضي الله عنه - خديجة بنت خويلد أم المؤمنين؛ توفيت في رمضان قبل الهجرة. أم أولاد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأول من آمن به وصدقه قبل كل أحد، وثبتت جأشه، ومضت به إلى ابن عمها ورقة بن نوفل فصدقه خبر الرسالة. قال الشيخ عز الدين بن الأثير؛ المؤرخ صاحب "الكامل": خديجة أول خلق الله أسلم، بإجماع المسلمين. وقال الزهري، وقتادة، وموسى بن عقبة، وابن إسحاق، والواقدي، وسعيد بن يحيى: أول من آمن بالله ورسوله خديجة، وأبو بكر، وعلي، رضي الله عنهم. وهي ممن كمل من النساء؛ كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يثني عليها، ويفضلها على سائر أمهات المؤمنين، ويبالغ في تعظيمها، بحيث إن عائشة - رضي الله عنه - كانت تقول: "ما غرت من امرأة ما غرت من خديجة، من كثرة ذكر النبي - صلى الله عليه وسلم - لها". ومن كرامتها عليه - صلى الله عليه وسلم - أنها لم يتزوج امرأة قبلها، وجاءه منها عدة أولاد، ولم يتزوج عليها قط، ولا تسرى من السراري إلى أن قضت نحبها، فوجد لفقدها. وروي عن جبير بن مطعم: أن عم خديجة، عمرو بن أسد، زوجها بالنبي - صلى الله عليه وسلم -، وأن أباها مات قبل حرب الفجار؛ وهو يوم حرب من أيامهم في الجاهلية كانت بين قريش ومن معها من كنانة، وبين قيس عيلان. كانت خديجة أولًا تحت أبي هالة بن زرارة التميمي، ثم خلف عليها بعده عتيق بن عابد بن عبدالله بن عمر بن مخزوم، ثم تزوجها النبي - صلى الله عليه وسلم -، فبنى بها وله خمس وعشرون سنة. وكانت أسن منه بخمس عشرة سنة. وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتجر لها في بضاعتها بالشام، فأعجبت بجميل أخلاقه، فعرضت نفسها عليه، فتزوجها النبي - رضي الله عنها. قال الزبير بن بكار: كانت خديجة تدعى في الجاهلية "الطاهرة". وأمها هي فاطمة بنت زائدة العامرية. قال مروان بن معاوية، عن وائل بن داود، عن عبدالله البهي، قال: قالت عائشة: "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا ذكر خديجة لم يكد يسام من ثناء عليها واستغفار لها، فذكرها يوما، فحملتني الغيرة، فقلت: لقد عوضك الله من كبيرة السن! قال: فرأيته غضب غضبا.. أسقطت في خلدي، وقلت في نفسي: اللهم إن أذهبت غضب رسولك عني لم أعد أذكرها بسوء. فلما رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - ما لقيت، قال: "كيف قلت؟ والله لقد آمنت بي إذ كذبني الناس، وآوتني إذ رفضني الناس، ورزقت منها الولد وحرمتموه مني" قالت: فغدا وراح علي بها شهرا"؛ إسناده حسن. وأولادها منه: القاسم، والطيب، والطاهر، ماتوا رضعا; ورقية، وزينب، وأم كلثوم، وفاطمة. وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : أتى جبريل النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: "يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هذه خديجة قد أتت معها إناء فيه إدام أو طعام، فإذا أتتك فاقرأ عليها السلام من ربها ومني، وبشرها ببيت في الجنة من قصب، لا صخب فيه ولا نصب" متفق عليه. وعن عبدالله بن جعفر: سمعت عليا يقول: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "خير نسائها خديجة بنت خويلد، وخير نسائها مريم بنت عمران"؛ أخرجه البخاري (7/ 101) في فضائل أصحاب النبي: باب تزويج النبي - صلى الله عليه وسلم - خديجة وفضلها، ومسلم (2430) في فضائل الصحابة: باب فضائل خديجة أم المؤمنين، والترمذي (3887) في المناقب. وعن عائشة: أن خديجة توفيت قبل أن تفرض الصلاة. وقيل: توفيت في رمضان، ودفنت بالحجون (جبل بأعلى مكة عنده مدافن أهلها)، عن خمس وستين سنة. قال الواقدي: خرجوا من شعب بني هاشم قبل الهجرة بثلاث سنين، فتوفي أبو طالب، وقبله خديجة بشهر وخمسة أيام. وقال قتادة: ماتت قبل الهجرة بثلاث سنين، وكذا قال عروة. وقال الحاكم: ماتت بعد أبي طالب بثلاثة. قال ابن إسحاق: تتابعت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المصائب بهلاك أبي طالب وخديجة. وكانت خديجة وزيرة صدق. وعن حماد بن سلمة، عن حميد، عن عبدالله بن عبيدبن عمير، قال: "وجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على خديجة حتى خشي عليه، حتى تزوج عائشة"؛ رجاله ثقات وهو مرسل. |
|
أعلام توفوا في شهر الصيام محمود ثروت أبو الفضل أبو عقبة الجراح بن عبدالله الحكمي الجراح مقدم الجيوش: استشهد في رمضان سنة اثنتي عشرة ومئة. قال الذهبي في سير أعلام النبلاء: فارس الكتائب، أبو عقبة الجراح بن عبدالله الحكمي، ولي البصرة من جهة الحجاج، ثم ولي خراسان، وسجستان لعمر بن عبد العزيز، وكان بطلاً شجاعًا، مهيبًا طوالاً، عابدًا قارئًا، كبير القدر. قال الوليد بن مسلم: كان إذا مر في جامع دمشق يميل رأسه عن القناديل من طوله. روى عن ابن سيرين، وعنه صفوان بن عمرو، ويحيى بن عطية، وربيعة بن فضالة. وقال الجراح يصف ورعه: تركت الذنوب حياء أربعين سنة، ثم أدركني الورع. وقال مجالد: ولي يزيد بن المهلب العراق، فلما سار إلى خراسان، استخلف الجراح على العراق، وعن الحسن الزرقي، قال: كان الجراح بن عبدالله على خراسان كلها حربها وصلاتها ومالها. قال ابن جابر: وفي سنة اثنتي عشرة ومائة غزا الجراح بلاد الترك ورجع، فأدركته الترك، ف*** هو وأصحابه. وقال أبو سفيان الحميري: كان الجراح على أرمينية وكان رجلاً صالحًا، ف***ته الخزر (1)، ففزع الناس ل***ه في البلدان. قال سليم بن عامر: دخلت على الجراح، فرفع يديه، فرفع الأمراء أيديهم، فمكث طويلاً، ثم قال لي: يا أبا يحيى، هل تدري ما كنا فيه؟ قلت: لا، وجدتكم في رغبة، فرفعت يدي معكم، قال: سألنا الله الشهادة، فوالله ما بقي منهم أحد في تلك الغزاة حتى استشهد. قال خليفة: زحف الجراح من برذعة - بلدة بأذربيجان - سنة اثنتي عشرة إلى ابن خاقان، فاقتتلوا قتالا شديدا، ف*** الجراح في رمضان، وغلبت الخزر على أذربيجان، وبلغوا إلى قريب من الموصل. قال الواقدي: كان البلاء بم*** الجراح على المسلمين عظيمًا، بكوا عليه في كل جند. |
أعلام توفوا في شهر الصيام محمود ثروت أبو الفضل أبو الزناد عبدالله بن ذكوان توفي لسبع عشرة خلت من رمضان في سنة ثلاثين ومئة. هو الإمام الفقيه الحافظ المفتي، أبو عبدالرحمن القرشي المدني، من كبار المحدثين الثقات، ويلقب بأبي الزناد، وأبوه مولى رملة بنت شيبة بن ربيعة زوجة الخليفة عثمان، وقيل: مولى عائشة بنت عثمان بن عفان، وقيل: مولى آل عثمان، وقيل: إن ذكوان كان أخا أبي لؤلؤة قاتل عمر. ولد في نحو سنة خمس وستين في حياة ابن عباس. وحدث عن: أنس بن مالك، وأبي أمامة بن سهل، وأبان بن عثمان، وعروة، وابن المسيب، وخارجة بن زيد، وعبيدالله بن عبدالله بن عتبة، وعبيد ابن حنين، وعلي بن الحسين، وأبي سلمة بن عبدالرحمن، والقاسم بن محمد، وعبد الرحمن الأعرج، وهو مكثر عنه، ثبت فيه، وعائشة بنت سعد، ومرقع بن صيفي، ومجالد بن عوف، ومحمد بن حمزة بن عمرو الأسلمي، والشعبي وسليمان بن عبدالرحمن وعدة. وشهد مع عبدالله بن جعفر الهاشمي جنازة، وأرسل عن ابن عمر، وكان من علماء الإسلام، ومن أئمة الاجتهاد. وحدث عنه: ابنه عبدالرحمن، وموسى بن عقبة، وابن أبي مليكة مع تقدمه، وصالح بن كيسان، وهشام بن عروة، وعبدالوهاب بن بخت، ومحمد ابن عبدالله بن حسن، وعبيدالله بن عمر، وابن عجلان، وابن إسحاق، ومالك والليث، وورقاء بن عمر، وسفيان الثوري، وزائدة، وشعيب بن أبي حمزة، والمغيرة بن عبدالرحمن الحزامي، وسعيد بن أبي هلال، وسفيان بن عيينة، وخلق سواهم. وثقه أحمد وابن معين. قال حرب بن إسماعيل، عن أحمد بن حنبل، قال: كان سفيان يسمي أبا الزناد أمير المؤمنين في الحديث. قال أحمد: هو فوق. وقال علي بن المديني: لم يكن بالمدينة بعد كبار التابعين أعلم من ابن شهاب، ويحيى بن سعيد الانصاري، وأبي الزناد، وبكير الأشج. وقال أبو حاتم: ثقة فقيه صالح الحديث، صاحب سنة، وهو ممن تقوم به الحجة إذا روى عنه الثقات. قال البخاري: أصح الأسانيد كلها: مالك، عن نافع، عن ابن عمر وأصح أسانيد أبي هريرة: أبو الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة. قال الليث عن عبدربه بن سعيد: دخل أبو الزناد مسجد النبي - صلى الله عليه وسلم - ومعه من الأتباع يعني: طلبة العلم مثل ما مع السلطان، فمن سائل عن فريضة، ومن سائل عن الحساب، ومن سائل عن الشعر، ومن سائل عن الحديث، ومن سائل عن معضلة. وقال أحمد بن أبي خيثمة، عن مصعب بن عبدالله، قال: كان أبو الزناد فقيه أهل المدينة، وكان صاحب كتاب وحساب، وكان كاتبا لخالد بن عبدالملك بن الحارث بن الحكم بالمدينة، وكان كاتبًا لعبد الحميد بن عبدالرحمن بن زيد بن الخطاب، وفد على هشام بن عبدالملك بحساب ديوان المدينة، فجالس هشامًا مع ابن شهاب، فسأل هشام ابن شهاب: في أي شهر كان عثمان يخرج العطاء لأهل المدينة؟ قال: لا أدري، قال أبو الزناد: كنا نرى أن ابن شهاب لا يسأل عن شيء إلا وجد علمه عنده. فسألني هشام فقلت: في المحرم، فقال هشام لابن شهاب: يا أبا بكر هذا علم أفدته اليوم. فقال: مجلس أمير المؤمنين أهل أن يفاد فيه العلم. قال: وكان أبو الزناد معاديًا لربيعة الرأي، وكانا فقيهي البلد في زمانهما. وقال سليمان بن أبي شيخ: ولى عمر بن عبدالعزيز أبا الزناد بيت مال الكوفة. قال ابن عيينة: قلت للثوري: جالست أبا الزناد ؟ قلت: ما رأيت بالمدينة أميرًا غيره. قال الواقدي: مات أبو الزناد فجأة في مغتسله ليلة الجمعة لسبع عشرة خلت من رمضان، وهو ابن ست وستين سنة في سنة ثلاثين ومئة. وقال ابن سعد: مات في رمضان منها. وقال خليفة وطائفة: سنة ثلاثين. وقال يحيى بن معين، وابن نمير، وعلي بن عبدالله التميمي، وغيرهم: مات سنة إحدى وثلاثين ومائة. |
أعلام توفوا في شهر الصيام محمود ثروت أبو الفضل محمد بن جحادة توفي برمضان سنة إحدى وثلاثين ومائة. محمد بن جحادة الكوفي، أحد الأئمة الثقات. حدث عن أنس بن مالك، من رواية يحيى بن عقبة عنه، وحدث عن أبيه، وأبي صالح السمان، وأبي صالح باذام، وعطاء بن أبي رباح، ورجاء بن حيوة، والحسن، وبكر المزني، وأبي الجوزاء الربعي، وعمرو بن دينار، وأبي الزبير، ونافع وعمرو بن شعيب، وأبي حازم الأشجعي، وعطية العوفي، وسليمان بن بريدة، وطلحة بن مصرف، وجماعة. حدث عنه: شعبة، وزهير بن معاوية، وسفيان بن عيينة، وعبد الوارث، وابنه إسماعيل بن محمد، وأبو حفص الأبار، وزياد البكائي، وداود بن الزبرقان، وشريك، وعبد الحكيم بن منصور، وخلق. ووثقه أحمد بن حنبل، وأبو حاتم الرازي، وكان من الفضلاء الصلحاء. قال عنه ابن حبان في كتاب "مشاهير علماء الأمصار": "محمد بن جحادة الأودي اليامي من عباد أهل الكوفة وقرائهم لم يسمع من أنس ولا من أحد من الصحابة شيئًا". قال محمد بن حميد الرازي عن جرير: رأيته وكان زاهدا يلبس الخلقان يغسلها. وقال في موضع: نظيف الثياب. وقال الآجري عن أبي داود: كان لا يأخذ عن كل أحد وأثنى عليه، وقال النسائي: ثقة. سُألَ يحيى بن معين عن محمد ابن جحادة: ما حاله؟ قال ثقة. قال عنه البخاري في "التاريخ الكبير": "محمد بن جحادة الكوفي عن الحسن والحكم وطلحة ابن مصرف، روى عنه الثوري وشعبة وعبد الوارث، وقال حصين بن نمير: هو الأيامي، سمع أبا صالح بعد ما كبر، قال ابن معين: هو الأودي. قال الإمام الذهبي في "سير أعلام النبلاء": "توفي بطريق مكة في شهر رمضان سنة إحدى وثلاثين ومئة". |
|
أعلام توفوا في شهر الصيام محمود ثروت أبو الفضل ابن أبي ليلى توفي برمضان سنة ثمان وأربعين ومائة. هو محمد بن عبدالرحمن بن أبي ليلى. العلامة، الإمام، مفتي الكوفة وقاضيها، أبو عبدالرحمن الأنصاري، الكوفي. ولد سنة نيف وسبعين. أخذ العلم عن أخيه عيسى، عن أبيه، وأخذ عن الشعبي، ونافع العمري، وعطاء ابن أبي رباح، والقاسم بن عبدالرحمن بن عبدالله بن مسعود، والمنهال ابن عمرو، وعمرو بن مرة، وأبي الزبير المكي، وعطية العوفي، والحكم بن عتيبة، وحميضة بن الشمردل، وإسماعيل بن أمية، وثابت بن عبيد، وأجلح بن عبدالله، وعبدالله بن عطاء، ومحمد بن عبدالرحمن بن سعد بن زرارة، وداود بن علي الامير، وابن أخيه عبدالله بن عيسى، وغيرهم. وحدث عنه: شعبة، وسفيان بن عيينه، وزائدة، والثوري، وقيس بن الربيع، وحمزة الزيات وقرأ عليه. وكان نظيرًا للإمام أبي حنيفة في الفقه. قال أحمد: كان سيء الحفظ، مضطرب الحديث، وكان فقهه أحب إلينا من حديثه. وقال أبو حاتم: محله الصدق، وكان سيئ الحفظ، شغل بالقضاء، فساء حفظه، لا يتهم، إنما ينكر عليه كثرة الخطأ، يكتب حديثه، ولا يحتج به، هو وحجاج بن أرطاة ما أقربهما! وروى أبو حاتم عن أحمد بن يونس قال: ذكر زائدة ابن أبي ليلى فقال: كان أفقه أهل الدنيا. وقال العجلي: كان فقيها، صاحب سنة، صدوقا، جائز الحديث. وكان قارئًا للقرآن، عالمًا به. قرأ عليه حمزة الزيات فكان يقول: إنا تعلمنا جودة القراءة عند ابن أبي ليلى. وكان من أحسب الناس، ومن أنقط الناس للمصحف، وأخطه بقلم. وكان جميلًا نبيلًا. وأول من استقضاه على الكوفة الأمير يوسف بن عمر الثقفي، عامل بني أمية فكان يرزقه في كل شهر مئة درهم. روى: الخريبي، عن سليمان بن سافري، قال: سألت منصورا: من أفقه أهل الكوفة؟ قال: قاضيها ابن أبي ليلى. وقال بشر بن الوليد: سمعت القاضي أبا يوسف يقول: ما ولي القضاء أحد أفقه في دين الله، ولا أقرأ لكتاب الله، ولا أقول حقا بالله، ولا أعف عن الأموال من ابن أبي ليلى. وقال حفص بن غياث: من جلالة ابن أبي ليلى أنه قرأ القرآن على عشرة شيوخ. قال البخاري، وغيره: مات ابن أبي ليلى في سنة ثمان وأربعين ومائة. قال الذهبي: مات في شهر رمضان. |
أعلام توفوا في شهر الصيام محمود ثروت أبو الفضل عبدالله بن عون الخراز مات: لخمسة أيام مضت من رمضان، سنة اثنتين وثلاثين ومائتين. من المحدثين الأجلاء، وكان جده "أبو عون" أمير مصر. قال عنه الذهبي في "سير أعلام النبلاء": "هو ابن الأمير، نائب مصر، أبي عون عبدالملك بن يزيد، الإمام، المحدث، الزاهد، العابد، بركة الوقت، أبو محمد الهلالي، البغدادي، الأدمي، الخراز". وسمع الحديث من: مالك، وشريك، ويوسف بن يعقوب الماجشون، وإسماعيل بن جعفر، وإسماعيل بن عياش، وإبراهيم بن سعد، وعبدالعزيز بن أبي حازم، وعباد بن عباد، وعبد الرحمن بن زيد، وخلق. وحدث عنه: مسلم في (الصحيح)، وأبو زرعة، وعباس الدوري، وابن أبي الدنيا، والمعمري، وموسى بن هارون، ومطين، وأبو بكر أحمد بن علي المروزي، وأبو يعلى، والحسن بن سفيان، وعبد الله بن أحمد، وأبو القاسم البغوي، وخلق كثير. ذُكرَ لأحمد، فقال: ما به بأس، أعرفه قديما، وجعل يقول فيه خيرا. وقال يحيى بن معين، وأبو زرعة، وصالح جزرة، والدارقطني: ثقة. وزاد صالح: مأمون. وكان يقال: إنه من الأبدال أي الأخيار الصالحين. قال أبو القاسم البغوي: حدَّثنا "عبدالله بن عون الخراز" وكان من خيار عباد الله. وقال عبد الله بن أحمد بن حنبل وأبو شعيب الحراني: حدثنا "عبدالله بن عون الخراز" وكان من الثقات. وقيل: مات: لخمسة أيام مضت من رمضان، سنة اثنتين وثلاثين ومائتين. وزاد موسى بن هارون، فقال: في يوم الاثنين - رحمه الله - ببغداد. |
أعلام توفوا في شهر الصيام محمود ثروت أبو الفضل معمر بن راشد مات معمر في رمضان، سنة اثنتين أو ثلاث أو أربع وخمسين ومائة. من كبار المحدثين، الثقات، الحفاظ، ومن أئمة العلم. قال عنه الذهبي في "سير أعلام النبلاء": معمر بن راشد أبو عروة الأزدي، الإمام، الحافظ، شيخ الإسلام، أبو عروة بن أبي عمرو الأزدي مولاهم، البصري، نزيل اليمن. ولد: سنة خمس، أو ست وتسعين ومائة. وشهد جنازة الحسن البصري، وطلب العلم وهو حدث. حدث الحديث عن: قتادة، والزهري، وعمرو بن دينار، وهمام بن منبه، وأبي إسحاق السبيعي، ومحمد بن زياد القرشي، وعمار بن أبي عمار المكي، وعبدالله بن طاووس، ومطر الوراق، وعبدالله أخي الزهري، والجعد أبي عثمان، وسماك بن الفضل، وإسماعيل بن أمية، وعبدالكريم الجزري، وعاصم الأحول، وثابت البناني، وعاصم بن أبي النجود، ويحيى بن أبي كثير، ومنصور بن المعتمر، وسليمان الأعمش، وزيد بن أسلم، وأيوب السختياني، وزياد بن علاقة، ومحمد بن المنكدر، وطبقتهم. وحدث عنه: أيوب، وأبو إسحاق، وعمرو بن دينار، وطائفة من شيوخه، وسعيد بن أبي عروبة، والسفيانان، وابن المبارك، ويزيد بن زريع، وغندر، وابن علية، وعبدالأعلى بن عبدالأعلى، وهشام بن يوسف قاضي صنعاء، وأبو سفيان محمد بن حميد، ومروان بن معاوية، ورباح بن زيد، ومحمد بن عمرو الواقدي، وعبدالرزاق بن همام، ومحمد بن كثير الصنعانيان، ومحمد بن ثور، وخلق سواهم. وكان من أوعية العلم، مع الصدق، والتحري، والورع، والجلالة، وحسن التصنيف. روي عن معمر بن راشد أنه قال: خرجت - وأنا غلام - إلى جنازة الحسن، وطلبت العلم سنة مات الحسن. قال البخاري: وقال محمد بن كثير: عن معمر، قال: سمعت من قتادة، وأنا ابن أربع عشرة سنة، فما شيء سمعت في تلك السنين إلا وكأنه مكتوب في صدري. وقال معمر: جئت الزهري بالرصافة، فجعل يلقي علي. وذكر النسائي في (الكنى): أنبأنا علي بن سعيد، سمعت أحمد يقول: ما أضم أحدا إلى معمر، إلا وجدت معمرا أطلب للحديث منه، هو أول من رحل إلى اليمن. وعن أحمد بن حنبل: سمعت عليا يقول: نظرت في الأصول من الحديث، فإذا هي عند ستة ممن مضى: • من أهل المدينة: الزهري. • ومن أهل مكة: عمرو بن دينار. • ومن أهل البصرة: قتادة، ويحيى بن أبي كثير. • ومن أهل الكوفة: أبو إسحاق، والأعمش. • ثم نظرت، فإذا حديث هؤلاء الستة يصير إلى أحد عشر رجلا: سعيد بن أبي عروبة، وحماد بن سلمة، وشعبة، والثوري، وابن جريج، وأبي عوانة، ومالك، وابن عيينة، وهشيم، ومعمر بن راشد، والأوزاعي. وقال سفيان بن عيينة: قال لي ابن أبي عروبة: روينا عن معمركم، فشرفناه. وقال الحميدي: قيل لابن عيينة: أهذا الحديث مما حفظت عن معمر؟ قال: نعم، رحم الله أبا عروة. وقال أبو حفص الفلاس: معمر من أصدق الناس. قال أحمد بن عبد الله العجلي: معمر: ثقة، رجل صالح، بصري، سكن صنعاء، وتزوج بها، ورحل إليه سفيان الثوري. قال يحيى بن معين: قال هشام بن يوسف: أقام معمر عندنا عشرين سنة، ما رأينا له كتابا - يعني: كان يحدثهم من حفظه. قال ابن معين: بلغني أن أيوب شيع معمرا، وصنع له سفرة. سلمة بن شبيب: حدثنا عبد الرزاق: سمعت ابن المبارك يقول: إني لأكتب الحديث من معمر، وقد سمعته من غيره. قال: وما يحملك على ذلك؟ قال: أما سمعت قول الراجز: قد عرفنا خيركم من شركم ... قال محمد بن عوف الحمصي: حدثنا محمد بن رجاء، أنبأنا عبد الرزاق: سمعت ابن جريج يقول: عليكم بهذا الرجل - يعني: معمرا - فإنه لم يبق في زمانه أعلم منه. قال أحمد العجلي: لما دخل معمر صنعاء، كرهوا أن يخرج من بين أظهرهم، فقال لهم رجل: قيدوه. قال: فزوجوه. قال عثمان بن سعيد: قلت لابن معين: ابن عيينة أحب إليك أو معمر؟ قال: معمر. قلت: فمعمر أم صالح بن كيسان؟ قال: معمر إلي أحب، وصالح ثقة. قلت: فمعمر أو يونس؟ قال: معمر. قلت: فمعمر أو مالك؟ قال: مالك. وعن يعقوب الفسوي: حدثنا زيد بن المبارك، عن محمد بن ثور، عن معمر، قال: سقطت مني صحيفة الأعمش، فإنما أتذكر حديثه، وأحدث من حفظي. وعن أحمد بن شبويه قال: حدثنا عبدالرزاق، قال: أكل معمر من عند أهله فاكهة، ثم سأل، فقيل: هدية من فلانة النواحة. فقام، فتقيأ. وبعث إليه معن - والي اليمن - بذهب، فرده، وقال لأهله: إن علم بهذا غيرنا، لم يجتمع رأسي ورأسك أبدا. قال عبدالرزاق: ما نعلم أحدا عف عن هذا المال، إلا الثوري، ومعمرا. قال ابن سعد: في الطبقة الثالثة من أهل اليمن كان معمر رجلًا له قدر ونبل في نفسه. قال الخليلي: أثنى عليه الشافعي. وقال الفسوي في (تاريخه): سمعت زيد بن المبارك الصنعاني يقول: مات معمر في شهر رمضان، سنة اثنتين وخمسين ومائة. وقال إبراهيم بن خالد الصنعاني فيما رواه عن ابن راهويه: مات معمر في رمضان، سنة ثلاث وخمسين ومائة، فصليت عليه. وكذا أرخه في سنة ثلاث: أحمد، وأبو عبيد، وشباب، والفلاس. وقال أحمد بن أبي خيثمة: سمعت أحمد، وابن معين يقولان: مات سنة أربع وخمسين. وكذا أرخه: الهيثم بن عدي، وعلي بن المديني. قال أحمد بن حنبل: عاش ثمانيًا وخمسين سنة. |
أعلام توفوا في شهر الصيام محمود ثروت أبو الفضل همام بن يحيى بن دينار العوذي المحلمي مات في رمضان، سنة أربع أو خمس وستين ومائة. من كبار المحدثين الثقات الحفاظ، ممن أثبت حديثه. قال عنه الذهبي: "الإمام، الحافظ، الصدوق، الحجة، أبو بكر، وأبو عبد الله العوذي، المحلمي، البصري". وقال الحاكم: ثقة حافظ. حدث الحديث عن: الحسن، وأنس بن سيرين، وعطاء بن أبي رباح، ونافع مولى ابن عمر، ويحيى بن أبي كثير، وأبي جمرة الضبعي، وأبي عمران الجوني، وأبي التياح، وثابت البناني، وعلي بن زيد، وقتادة، وزيد بن أسلم، وإسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة، وابن جحادة، وشقيق أبي ليث، ومطر الوراق، وخلق. وحدث عنه: سفيان الثوري - مع تقدمه - وابن المبارك، وابن علية، ووكيع، ويزيد، وعبد الرحمن بن مهدي، وأبو علي الحنفي، والمقرئ، وعبد الله بن رجاء الغداني، وأبو نعيم، ومحمد بن سنان العوقي، وأبو الوليد الطيالسي، وعفان، وعمرو بن عاصم، وحبان بن هلال، وحجاج بن منهال، وأبو داود، ومسلم بن إبراهيم، وعلي بن الجعد، وأبو سلمة التبوذكي، وشيبان بن فروخ، وهدبة بن خالد، وسهل بن بكار، ومحمد بن كثير العبدي، وأبو عمر الحوضي، وخلق سواهم. ومن الأحاديث التي رواها ما رواه ابن عساكر قال، أنبأنا أبو روح، أنبأنا تميم، أنبأنا أبو سعد، أنبأنا أبو عمرو الحيري، أنبأنا أبو يعلى، حدثنا هدبة، حدثنا همام بن يحيى، حدثنا أبو جمرة الضبعي، عن أبي بكر، عن أبيه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: (من صلى البردين، دخل الجنة). قال يزيد بن هارون: كان همام قويا في الحديث. وروى: صالح بن أحمد بن حنبل، عن أبيه، قال: همام ثبت في كل المشايخ. وعن أبي الوليد، وحبان: أن هماما قال: إني لأستحيي من الله أن أنظر في الكتاب، وأحفظ الحديث لكي أحدث الناس. قال عمرو بن علي: الأثبات من أصحاب قتادة: سعيد، وهشام، وشعبة، وهمام. قال عبد الله بن المبارك: همام ثبت في قتادة. وقال ابن أبي حاتم: سئل أبي عن همام، وأبان، قال: همام أحب إلي ما حدث من كتابه، وإذا حدث من حفظه، تقاربا في الحفظ والغلط. قال عفان: عن همام: إذا رأيتم في حديثي لحنا، فقوموه، فإن قتادة كان لا يلحن. قال الحافظ عبد الله بن عدي: وهمام أشهر وأصدق من أن يذكر له حديث، وأحاديثه مستقيمة عن قتادة، وهو مقدم في يحيى بن أبي كثير. وذكر البخاري في "التاريخ الكبير": "قال موسى، قال همام - بن يحيى -: لا تخاف فإني لا أدلس". قال التبوذكي: سمعت همامًا يقول: ما من أعمال البر شيء إلا وأنا أرجو أن أريد به الله تعالى إلا هذا الحديث. وروى: البخاري، عن محمد بن محبوب: وفاته في سنة ثلاث وستين ومائة. وقال ابن حبان: مات في رمضان، سنة أربع وستين. وقال شريح بن النعمان: قدمت البصرة سنة أربع أو خمس وستين - شك - فقيل لي: مات همام منذ جمعة أو جمعتين. |
أعلام توفوا في شهر الصيام محمود ثروت أبو الفضل روح بن حاتم بن قبيصة بن المهلب بن أبي صفرة المهلبي مات في رمضان، سنة أربع وسبعين ومائة. من الولاة الصالحين، في عهد العباسيين. قال عنه الذهبي في "سير أعلام النبلاء": "الأمير، أبو حاتم، أحد الأجواد والأبطال، ولي ولايات جليلة للسفاح، والمنصور، وغيرهما. ولي السند، ثم البصرة، وكان أخوه يزيد بن حاتم أمير المغرب، فمات، فبعث الرشيد روحًا على المغرب، فقدمها سنة إحدى وسبعين، فوليها ثلاث سنين". وقد ولي روح لخمسة من الخلفاء: أبي العباس السفاح وأبي جعفر المنصور والمهدي والهادي وهارون الرشيد. ويقال أنه لم يتفق مثل هذا إلا لأبي موسى الأشعري، فإنه ولي لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولأبي بكر وعمر وعثمان وعلي. وفي هذا إشارة إلى خبرته وحسن إدارته حتى أقره خمسة خلفاء على ولايته. قال عن ابن خلكان في "وفيات الأعيان": "كان روح من الكرماء الأجوادن وولي لخمسة من الخلفاء: أبي العباس السفاح والمنصور والمهدي والهادي والرشيد". وكان روح والياً على السند، في عهد المهدي بن أبي جعفر المنصور في سنة 159 هـ، وكان قد ولاه في أول خلافته الكوفة، وقيل إنه ولي السند سنة 160 هـ، ثم عزله عن السند سنة 161 هـ، ثم ولاه البصرة. ثم ما لبث أن ولاه توفي أخوه "يزيد" والي إفريقية، فعزله الرشيد عن ولاية السند، وأرسله إفريقية أول رجب سنة 171 هـ، ولم يزل والياً عليها إلى أن توفي بها لإحدى عشرة ليلة بقيت من شهر رمضان سنة 174 هـ، ودفن في قبر أخيه يزيد. |
أعلام توفوا في شهر الصيام محمود ثروت أبو الفضل حماد بن زيد بن درهم الأزدي مات في رمضان، سنة تسع وسبعين ومائة. من كبار المحدثين الثقات، الحفاظ، ومن شيوخ الإسلام. قال عنه الذهبي في "سير أعلام النبلاء": "العلامة، الحافظ، الثبت، محدث الوقت، أبو إسماعيل الأزدي، مولى آل جرير بن حازم البصري، الأزرق، الضرير، أحد الأعلام. أصله من سجستان، سبي جده درهم منها". قال ابن سعد في "الطبقات": "كان ثقة ثبتًا حجة كثير الحديث". قال علي بن المديني: سمعت أبا عبد الرحمن بن مهدي يقول: لم أر أحدا قط أعلم بالسنة، ولا بالحديث الذي يدخل في السنة من حماد بن زيد. وقال عبدالرحمن بن أبي حاتم: سئل أبي عن حماد بن زيد، فَقَالَ: قال عبدالرحمن بن مهدي: ما رأيت بالبصرة أفقه من حماد بن زيد. سمع الحديث من: أنس بن سيرين، وعمرو بن دينار، وأبي عمران الجوني، ومحمد بن زياد القرشي الجمحي، وأبي جمرة الضبعي، وثابت البناني، وبديل بن ميسرة، وأيوب السختياني، وعبدالعزيز بن صهيب، وبشر بن حرب، وسلم بن قيس العلوي، وشعيب بن الحبحاب، وعاصم بن أبي النجود، وعامر بن عبد الواحد الأحول، وعباس بن فروخ الجريري، وعبيدالله بن أبي يزيد المكي، وكثير بن زياد الأزدي، ومحمد بن واسع، ومطر الوراق، وهارون بن رئاب، وواصل مولى أبي عيينة بن المهلب، وأبي التياح الضبعي، ويزيد الرشك، وإسحاق بن سويد، وجميل بن مرة، وحاجب بن المهلب بن أبي صفرة، والزبير بن الخريت، والزبير بن عربي، والصقعب بن زهير، وكثير من شنظير، ومنصور بن المعتمر، وبرد بن سنان، وداود بن أبي هند، ويونس بن عبيد، وأبي حازم الأعرج، وعبيد الله بن أبي بكر بن أنس، وخلق كثير. وروى عنه: إبراهيم بن أبي عبلة، وسفيان، وشعبة - وهم من شيوخه - وعبد الوارث بن سعيد، وعبدالرحمن بن مهدي، وعبد الله بن المبارك، وأبو النعمان عارم، ومسدد، وسليمان بن حرب، وعبيدالله القواريري، ومحمد بن عبيد بن حساب، وعلي بن المديني - وهو أكبر شيخ عنده - وزكريا بن عدي، ومحمد بن عيسى بن الطباع، وقتيبة بن سعيد، وسهل بن عثمان العسكري، وإبراهيم بن يوسف البلخي الفقيه، وداود بن عمرو الضبي، وسنيد بن داود المصيصي، وسليمان بن أيوب صاحب البصري، وخلق كثير. قال يحيى بن معين: ليس أحد أثبت من حماد بن زيد. وقال يحيى بن يحيى النيسابوري: ما رأيت شيخا أحفظ من حماد بن زيد. وقال أحمد بن حنبل: حماد بن زيد من أئمة المسلمين، من أهل الدين، هو أحب إلي من حماد بن سلمة. وقال عَبْداللَّهِ بن أَحْمَد بن حنبل: سمعت أبي يقول: حماد بن زيد أحب إلينا من عبدالوارث، حماد بن زيد من أئمة المسلمين من أهل الدين والإسلام، وهو أحب إلي من حماد بن سلمة. وعن عَبْداللَّهِ بن معاوية الجمحي، سمعت ابن المبارك ينشد: أيها الطالب علما http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif ايت حماد بن زيد http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif فخذ العلم بحلم http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif ثم قيده بقيد http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif ودع البدعة من http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif آثار عمرو بن عبيد http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif وقال عبيدالله بن يوسف الحبيري، عن فطر بن حماد بن واقد: سألت حماد بن زيد قلت: يا أبا إسماعيل، إمام لنا يقول القرآن مخلوق، أصلي خلفه؟ قال: لا ولا كرامة. وجاء في "مشاهير علماء الأمصار" للإمام أبي حاتم محمد بن أحمد بن حبان البستي: "كان من الحفاظ المتقنين وأهل الورع في الدين ممن كان يقرأ حديثه كله حفظا وهو أعمى". وقال أحمد بن سعيد الدارمي: سمعت أبا عاصم النبيل يقول: مات حماد بن زيد يوم مات، ولا أعلم له في الإسلام نظيرا في هيئته ودله. قال الذهبي: تأخر موته عن مالك قليلا، ولذلك قال أبو عاصم ذلك، ولما سمع يزيد بن زريع بموت حماد بن زيد، قال: مات اليوم سيد المسلمين. قال سليمان بن حرب: سمعت حماد بن زيد يقول في قوله: ﴿ لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ ﴾ [الحجرات: 2]. قال: أرى رفع الصوت عليه بعد موته، كرفع الصوت عليه في حياته، إذا قرئ حديثه، وجب عليك أن تنصت له، كما تنصت للقرآن. قال محمد بن وزير الواسطي: سمعت يزيد بن هارون يقول: قلت لحماد بن زيد: هل ذكر الله أصحاب الحديث في القرآن؟ قال: بلى، الله - تعالى - يقول: ﴿ فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ... ﴾ الآية. قال أبو العباس بن مسروق: حدثنا أيوب العطار: سمعت بشر بن الحارث - رحمه الله - يقول: حدثنا حماد بن زيد، ثم قال: أستغفر الله، إن لذكر الإسناد في القلب خيلاء. قال عارم، وأَبُو بكر بن أبي الأسود، وعمرو بن علي مات: سنة تسع وسبعين ومئة. قال عارم: مات يوم الجمعة لعشر ليال خلون من رمضان. وقال عمرو بن علي: يوم الجمعة لتسع عشرة ليلة مضت منه، وصلى عليه إسحاق بن سليمان بن علي الهاشمي، وصليت عليه. وقال أبو حفص الفلاس: مات في يوم الجمعة، تاسع عشر شهر رمضان. |
أعلام توفوا في شهر الصيام محمود ثروت أبو الفضل يزيد بن حاتم بن قبيصة مات في رمضان، سنة سبعين ومائة. من كبار الولاة وأعدلهم في عهد العباسيين، وأخيه روح بن حاتم بن قبيصة كان وليًا عادلًا جوادًا للعباسيين أيضًا. قال عنه الذهبي في "سير أعلام النبلاء": "يزيد بن حاتم بن قبيصة بن المهلب بن أبي صفرة الأزدي. البصري، الأمير. ولي إمرة مصر سنة أربع وأربعين ومائة، فدام سبع سنين، ثم ولي المغرب مدة للمهدي، والهادي، والرشيد، ومهد إفريقية، وذلل البربر، وكان بطلا، شجاعا، مهيبا، شديد البأس". وكان من قواد عسكر أبي جعفر المنصور، ذو رأيٍ ومشورةٍ عنده، وولاه المنصور على مصر ثم إفريقية، وهو من أهل بيتٍ كبيرٍ اجتمع فيه خلقٌ كثيرٌ من الأعيان الفضلاء والنجباء؛ فجَدُه المهلب بن أبي صفرة وأخوه روح بن حاتم، وعم أبيه يزيد بن المهلب، ومن ولده الوزير أبو محمد الحسن بن محمد المهلبي. وقد مدحه كثير من الشعراء؛ ومما قيل فيه لابن المولى: وإذا الفوارس عددت أبطالها http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif عدوك في أبطالهم بالخنصر http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif وعن صفوان بن صفوان أنه قال بداهة في يزيد: لم أدر ما الجود إلا ما سمعت به http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif حتى لقيت يزيدا عصمة الناس http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif لقيت أكرم من يمشي على قدم http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif مفضلا برداء الجود والباس http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif لو نيل بالمجد ملك كنت صاحبه http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif وكنت أولى به من آل عباس http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif وفيه يقول ربيعة بن ثابت: لشتان ما بين اليزيدين في الندى http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif يزيد سليم، والأغر ابن حاتم http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif فهم الفتى الأزدي إتلاف ماله http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif وهم الفتى القيسي جمع الدراهم http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif ولا يحسب التمتام أني هجوته http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif ولكنني فضلت أهل المكارم http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif وفى سنة تولي يزيد بن حاتم مصر ظهرت دعوة محمد النفس الزكية وإبراهيم ابني الحسن بن علي بن أبى طالب - رضي الله عنه - وبايعهما كثيرٌ من الناس، فحصلت معارك بينهم وبين الخليفة أبي جعفر المنصور، وكان الناس بمصر قد أظهروا هياجاً لذلك، وخرج "علي بن محمد" من أحفاد "الحسن بن علي بن أبي طالب" على العباسيين سنة 145هـ في مصر، وتوارى في قرية طوخ الخيل في الصعيد غربي النيل وتُوفي بها مختبئاً، فمنع يزيدُ أهل مصر من الحج، ولم يقصد مكة أحدٌ من الشام ومصر بسبب الاضطرابات الحاصلة في تلك السنة. فلما قُتل إبراهيم وانتهت الفتنة حج يزيد بن حاتم بأهل مصر سنة 147هـ، ولما عاد من الحج أعدَّ جيشاً لغزو الحبشة لظهور الخوارج فيها، فتوجه إليهم في حملة وتحقق النصر له عليهم، فضم له المنصور على إثرها ولاية برقة زيادةً على عمل مصر سنة 149هـ، وبذلك يكون هو أول من جمع له ولاية مصر وبرقة في خلافة المنصور. ثم خرج في أيام يزيد القبط في بعض مصر، فجهز يزيد جيشاً كثيفاً لقتالهم، لكنهم ردوه مهزوماً، فأعفاه الخليفة من ولاية مصر سنة 152هـ. ثم ولاه المنصور ولاية المغرب سنة 154هـ، وأرسله لمقاتلة الإباضيين الذين غلبوا على أفريقية، فشخص إلى إفريقية بعد أن أناخ في مصر برهة، وتحقق له النصر على الخوارج في طرابلس و*** أبا حاتمٍ وأبا عادٍ الإباضيين في ثلاثين ألفاً من أشراف أصحابهم وكبرائهم، وتتبعهم بال*** طلباً لدم ابن عمه الذي *** على أيديهم، ثم دخل مدينة القيروان ونادى في أهلها بالأمان سنة 155هـ، وأرسل من قواده من تتبع فلول البربر وأوقع بهم، وظل كذلك حتى ركدت ريح الخوارج من البربر وافترق جمعهم. وقد أمن في حكمه العباد وصلحت به البلاد إذ مهد طرقها، ورتب أسواقها، وأفرد لكل صناعة مكاناً، وجدد بناء جامعها، وضبط الأمور فيها أحسن ضبط، ولازال بها مقيماً في خلافة أبي جعفر وخلافة المهدي إلى أيام الرشيد حتى وافته المنية فيها بعد أن استخلف ابنه داود عليها، لكن الرشيد عزل داودَ بعد اضطراب الأمور في القيروان لسوء إدارته، وأوكل الأمر إلى روح بن حاتم المهلبي. قيل: كان عادلًا، يحسن حكم الرعية، فأحبه الناس. وقال فيه ربيعة بن ثابت الرقى لمّا عُزل عن إمرة مصر: بكى أهل مصر بالدموع السواجم http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif غداة غدا عنها الأغر ابن حاتم http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif ويُذكر أن أشعب قدم على يزيد بن حاتم مصر، فجلس في مجلسه من الناس، فدعا يزيدُ أحد غلمانه وأسَرَّ له بشيء، فقام أشعب فقبَّل يد يزيد فقال له: ولمَ فعلت هذا؟ قال أشعب: رأيتك أسررت إلى غلامك بشيء! فعلمت أنك قد أمرت لي بِصِلَة. فضحك منه وقال: ما فعلتُ، ولكني أفعل. وأمر له بالعطاء. وقد مات يزيد بن حاتم: بالمغرب، في رمضان، سنة سبعين ومائة، واستخلف ولده داود على المغرب. |
أعلام توفوا في شهر الصيام محمود ثروت أبو الفضل عبدالله بن المبارك مات ابن المبارك، في شهر رمضان، سنة إحدى وثمانين ومائة. قال الإمام الذهبي في أول ترجمته في "سير أعلام النبلاء": "الإمام، شيخ الإسلام، عالم زمانه، وأمير الأتقياء في وقته، أبو عبد الرحمن الحنظلي مولاهم، التركي، ثم المروزي، الحافظ، الغازي، أحد الأعلام، وكانت أمه خوارزمية. مولده: في سنة ثمان عشرة ومائة. فطلب العلم وهو ابن عشرين سنة". نشأ ابن المبارك في أسرة متواضعة؛ فقد كان أبوه أجيرًا بسيطًا يعمل حارسًا لبستان أحد الأثرياء، غير أن والده هذا كان سبب رخائه حيث أورثه المال وافرا مدرارا، وجعله يتفرغ لطلب العلم منذ صباه، فأقدم شيخ لقيه: هو الربيع بن أنس الخراساني، تحيل ودخل إليه إلى السجن، فسمع منه نحوًا من أربعين حديثًا، ثم ارتحل في سنة إحدى وأربعين ومائة، وأخذ عن بقايا التابعين، وأكثر من الترحال والتطواف، إلى أن مات في طلب العلم، وفي الغزو، وفي التجارة، والإنفاق على الإخوان في الله، وتجهيزهم معه إلى الحج. وقد أخذ العلم عن كل من: سليمان التيمي، وعاصم الأحول، وحميد الطويل، وهشام بن عروة، والجريري، وإسماعيل بن أبي خالد، والأعمش، وبريد بن عبدالله بن أبي بردة، وخالد الحذاء، ويحيى بن سعيد الأنصاري، وعبدالله بن عون، وموسى بن عقبة، وأجلح الكندي، وحسين المعلم، وحنظلة السدوسي، وحيوة بن شريح المصري، وكهمس، والأوزاعي، وأبي حنيفة، وابن جريج، ومعمر، والثوري، وشعبة، وابن أبي ذئب، ويونس الأيلي، والحمادين، ومالك، والليث، وابن لهيعة، وهشيم، وإسماعيل بن عياش، وابن عيينة، وبقية بن الوليد، وخلق كثير. حتى بذ أقرانه ونبغ في العلم، وصنف التصانيف النافعة الكثيرة. وحدث عنه الحديث: معمر، والثوري، وأبو إسحاق الفزاري، وطائفة من شيوخه، وبقية، وابن وهب، وابن مهدي، وطائفة من أقرانه، وأبو داود، وعبدالرزاق بن همام، والقطان، وعفان، وابن معين، وحبان بن موسى، وأبو بكر بن أبي شيبة، ويحيى بن آدم، وأبو أسامة، وأبو سلمة المنقري، ومسلم بن إبراهيم، وعبدان، والحسن بن الربيع البوراني، وأحمد بن منيع، وعلي بن حجر، والحسن بن عيسى بن ماسرجس، والحسين بن الحسن المروزي، والحسن بن عرفة، وإبراهيم بن مجشر، ويعقوب الدورقي، وأمم يتعذر إحصاؤهم، ويشق استقصاؤهم. وقد أكثر ابن المبارك من الترحال في طلب العلم، فارتحل إلى: الحرمين، والشام، ومصر، والعراق، والجزيرة، وخراسان، وحدث بأماكن كثيرة. قال أحمد العجلي: ابن المبارك ثقة، ثبت في الحديث، رجل صالح، يقول الشعر، وكان جامعا للعلم. قال العباس بن مصعب: جمع عبدالله الحديث، والفقه، والعربية، وأيام الناس، والشجاعة، والسخاء، والتجارة، والمحبة عند الفرق. وقال محمد بن عبدالوهاب الفراء: ما أخرجت خراسان مثل هؤلاء الثلاثة: ابن المبارك، والنضر بن شميل، ويحيى بن يحيى. وعن عثمان الدارمي قال: سمعت نعيم بن حماد، سمعت يحيى بن آدم يقول: كنت إذا طلبت دقيق المسائل، فلم أجده في كتب ابن المبارك، أيست منه. وقال عثمان بن خرزاذ: حدثنا محمد بن حيان، حدثنا عبدالرحمن بن زيد الجهضمي، قال: قال الأوزاعي: رأيت ابن المبارك؟ قلت: لا. قال: لو رأيته لقرت عينك. قال أبو العباس بن مسروق: حدثنا ابن حميد، قال: عطس رجل عند ابن المبارك، فقال له ابن المبارك: أيش يقول الرجل إذا عطس؟ قال: الحمد لله. فقال له: يرحمك الله. وكان رحمه الله جوادًا كريم النفس في غير من ولا أذى، ومن لطيف حيله ما رواه عبدالله بن أحمد الدورقي قال، سمعت محمد بن علي بن الحسن بن شقيق، سمعت أبي، قال: كان ابن المبارك إذا كان وقت الحج، اجتمع إليه إخوانه من أهل مرو، فيقولون: نصحبك. فيقول: هاتوا نفقاتكم. فيأخذ نفقاتهم، فيجعلها في صندوق، ويقفل عليها، ثم يكتري لهم، ويخرجهم من مرو إلى بغداد، فلا يزال ينفق عليهم، ويطعمهم أطيب الطعام، وأطيب الحلوى، ثم يخرجهم من بغداد بأحسن زي، وأكمل مروءة، حتى يصلوا إلى مدينة الرسول - صلى الله عليه وسلم - فيقول لكل واحد: ما أمرك عيالك أن تشتري لهم من المدينة من طرفها؟ فيقول: كذا وكذا. ثم يخرجهم إلى مكة، فإذا قضوا حجهم، قال لكل واحد منهم: ما أمرك عيالك أن تشتري لهم من متاع مكة؟ فيشتري لهم، ثم يخرجهم من مكة، فلا يزال ينفق عليهم إلى أن يصيروا إلى مرو، فيجصص بيوتهم وأبوابهم، فإذا كان بعد ثلاثة أيام، عمل لهم وليمة وكساهم، فإذا أكلوا وسروا، دعا بالصندوق، ففتحه، ودفع إلى كل رجل منهم صرته عليها اسمه. جاء رجل إلى ابن المبارك، فسأله أن يقضي دينا عليه، فكتب له إلى وكيل له. فلما ورد عليه الكتاب، قال له الوكيل: كم الدين الذي سألته قضاءه؟ قال: سبع مائة درهم. وإذا عبد الله قد كتب له أن يعطيه سبعة آلاف درهم، فراجعه الوكيل، وقال: إن الغلات قد فنيت. فكتب إليه عبد الله: إن كانت الغلات قد فنيت، فإن العمر أيضا قد فني، فأجز له ما سبق به قلمي. قال محمد بن المنذر: حدثني يعقوب بن إسحاق، حدثني محمد بن عيسى، قال: كان ابن المبارك كثير الاختلاف إلى طرسوس، وكان ينزل الرقة في خان، فكان شاب يختلف إليه، ويقوم بحوائجه، ويسمع منه الحديث، فقدم عبد الله مرة، فلم يره، فخرج في النفير مستعجلا، فلما رجع، سأل عن الشاب، فقال: محبوس على عشرة آلاف درهم. فاستدل على الغريم، ووزن له عشرة آلاف، وحلفه ألا يخبر أحدا ما عاش، فأخرج الرجل، وسرى ابن المبارك، فلحقه الفتى على مرحلتين من الرقة، فقال لي: يا فتى أين كنت؟ لم أرك! قال: يا أبا عبدالرحمن! كنت محبوسا بدين. قال: وكيف خلصت؟ قال: جاء رجل فقضى ديني، ولم أدر. قال: فاحمد الله، ولم يعلم الرجل إلا بعد موت عبد الله. وعوتب ابن المبارك فيما يفرق من المال في البلدان دون بلده، قال: إني أعرف مكان قوم لهم فضل وصدق، طلبوا الحديث، فأحسنوا طلبه لحاجة الناس إليهم، احتاجوا، فإن تركناهم، ضاع علمهم، وإن أعناهم، بثوا العلم لأمة محمد - صلى الله عليه وسلم - لا أعلم بعد النبوة أفضل من بث العلم. وروي عن ابن مهدي قال: ما رأيت رجلا أعلم بالحديث من سفيان، ولا أحسن عقلا من مالك، ولا أقشف من شعبة، ولا أنصح للأمة من ابن المبارك. وقال محمد بن أعين: سمعت عبد الرحمن بن مهدي، واجتمع إليه أصحاب الحديث، فقالوا له: جالست الثوري، وسمعت منه، ومن ابن المبارك، فأيهما أرجح؟ قال: لو أن سفيان جهد على أن يكون يوما مثل عبد الله، لم يقدر. وعن محمد بن مخلد: حدثنا عبد الصمد بن حميد، سمعت عبدالوهاب بن عبد الحكم يقول: لما مات ابن المبارك، بلغني أن هارون أمير المؤمنين قال: مات سيد العلماء. قال القاسم بن محمد بن عباد: سمعت سويد بن سعيد يقول: رأيت ابن المبارك بمكة أتى زمزم، فاستقى شربة، ثم استقبل القبلة، فقال: اللهم إن ابن أبي الموال حدثنا، عن محمد بن المنكدر، عن جابر: عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: (ماء زمزم لما شرب له) وهذا أشربه لعطش القيامة، ثم شربه. قال الفسوي في (تاريخه): سمعت الحسن بن الربيع يقول: شهدت موت ابن المبارك، مات لعشر مضى من رمضان، سنة إحدى وثمانين ومائة، ومات سحرا، ودفناه بهيت. قال عبدان بن عثمان: مات ابن المبارك بهيت وعانات - بلد مشهور بين الرقة وهيت، يعد في أعمال الجزيرة، وهو مشرف على الفرات -، في شهر رمضان، سنة إحدى وثمانين ومائة. • ولما احتضر ابن المبارك، جعل رجل يلقنه، قل: لا إله إلا الله. فأكثر عليه، فقال له: لست تحسن، وأخاف أن تؤذي مسلما بعدي، إذا لقنتني، فقلت: لا إله إلا الله، ثم لم أحدث كلاما بعدها، فدعني، فإذا أحدثت كلاما، فلقني حتى تكون آخر كلامي. • وعن نوفل، قال: رأيت ابن المبارك في النوم، فقلت: ما فعل الله بك؟ قال: غفر لي برحلتي في الحديث، عليك بالقرآن، عليك بالقرآن. |
أعلام توفوا في شهر الصيام محمود ثروت أبو الفضل يزيد بن حاتم بن قبيصة مات في رمضان، سنة سبعين ومائة. من كبار الولاة وأعدلهم في عهد العباسيين، وأخيه روح بن حاتم بن قبيصة كان وليًا عادلًا جوادًا للعباسيين أيضًا. قال عنه الذهبي في "سير أعلام النبلاء": "يزيد بن حاتم بن قبيصة بن المهلب بن أبي صفرة الأزدي. البصري، الأمير. ولي إمرة مصر سنة أربع وأربعين ومائة، فدام سبع سنين، ثم ولي المغرب مدة للمهدي، والهادي، والرشيد، ومهد إفريقية، وذلل البربر، وكان بطلا، شجاعا، مهيبا، شديد البأس". وكان من قواد عسكر أبي جعفر المنصور، ذو رأيٍ ومشورةٍ عنده، وولاه المنصور على مصر ثم إفريقية، وهو من أهل بيتٍ كبيرٍ اجتمع فيه خلقٌ كثيرٌ من الأعيان الفضلاء والنجباء؛ فجَدُه المهلب بن أبي صفرة وأخوه روح بن حاتم، وعم أبيه يزيد بن المهلب، ومن ولده الوزير أبو محمد الحسن بن محمد المهلبي. وقد مدحه كثير من الشعراء؛ ومما قيل فيه لابن المولى: وإذا الفوارس عددت أبطالها http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif عدوك في أبطالهم بالخنصر http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif وعن صفوان بن صفوان أنه قال بداهة في يزيد: لم أدر ما الجود إلا ما سمعت به http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif حتى لقيت يزيدا عصمة الناس http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif لقيت أكرم من يمشي على قدم http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif مفضلا برداء الجود والباس http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif لو نيل بالمجد ملك كنت صاحبه http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif وكنت أولى به من آل عباس http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif وفيه يقول ربيعة بن ثابت: لشتان ما بين اليزيدين في الندى http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif يزيد سليم، والأغر ابن حاتم http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif فهم الفتى الأزدي إتلاف ماله http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif وهم الفتى القيسي جمع الدراهم http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif ولا يحسب التمتام أني هجوته http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif ولكنني فضلت أهل المكارم http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif وفى سنة تولي يزيد بن حاتم مصر ظهرت دعوة محمد النفس الزكية وإبراهيم ابني الحسن بن علي بن أبى طالب - رضي الله عنه - وبايعهما كثيرٌ من الناس، فحصلت معارك بينهم وبين الخليفة أبي جعفر المنصور، وكان الناس بمصر قد أظهروا هياجاً لذلك، وخرج "علي بن محمد" من أحفاد "الحسن بن علي بن أبي طالب" على العباسيين سنة 145هـ في مصر، وتوارى في قرية طوخ الخيل في الصعيد غربي النيل وتُوفي بها مختبئاً، فمنع يزيدُ أهل مصر من الحج، ولم يقصد مكة أحدٌ من الشام ومصر بسبب الاضطرابات الحاصلة في تلك السنة. فلما قُتل إبراهيم وانتهت الفتنة حج يزيد بن حاتم بأهل مصر سنة 147هـ، ولما عاد من الحج أعدَّ جيشاً لغزو الحبشة لظهور الخوارج فيها، فتوجه إليهم في حملة وتحقق النصر له عليهم، فضم له المنصور على إثرها ولاية برقة زيادةً على عمل مصر سنة 149هـ، وبذلك يكون هو أول من جمع له ولاية مصر وبرقة في خلافة المنصور. ثم خرج في أيام يزيد القبط في بعض مصر، فجهز يزيد جيشاً كثيفاً لقتالهم، لكنهم ردوه مهزوماً، فأعفاه الخليفة من ولاية مصر سنة 152هـ. ثم ولاه المنصور ولاية المغرب سنة 154هـ، وأرسله لمقاتلة الإباضيين الذين غلبوا على أفريقية، فشخص إلى إفريقية بعد أن أناخ في مصر برهة، وتحقق له النصر على الخوارج في طرابلس و*** أبا حاتمٍ وأبا عادٍ الإباضيين في ثلاثين ألفاً من أشراف أصحابهم وكبرائهم، وتتبعهم بال*** طلباً لدم ابن عمه الذي *** على أيديهم، ثم دخل مدينة القيروان ونادى في أهلها بالأمان سنة 155هـ، وأرسل من قواده من تتبع فلول البربر وأوقع بهم، وظل كذلك حتى ركدت ريح الخوارج من البربر وافترق جمعهم. وقد أمن في حكمه العباد وصلحت به البلاد إذ مهد طرقها، ورتب أسواقها، وأفرد لكل صناعة مكاناً، وجدد بناء جامعها، وضبط الأمور فيها أحسن ضبط، ولازال بها مقيماً في خلافة أبي جعفر وخلافة المهدي إلى أيام الرشيد حتى وافته المنية فيها بعد أن استخلف ابنه داود عليها، لكن الرشيد عزل داودَ بعد اضطراب الأمور في القيروان لسوء إدارته، وأوكل الأمر إلى روح بن حاتم المهلبي. قيل: كان عادلًا، يحسن حكم الرعية، فأحبه الناس. وقال فيه ربيعة بن ثابت الرقى لمّا عُزل عن إمرة مصر: بكى أهل مصر بالدموع السواجم http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif غداة غدا عنها الأغر ابن حاتم http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif ويُذكر أن أشعب قدم على يزيد بن حاتم مصر، فجلس في مجلسه من الناس، فدعا يزيدُ أحد غلمانه وأسَرَّ له بشيء، فقام أشعب فقبَّل يد يزيد فقال له: ولمَ فعلت هذا؟ قال أشعب: رأيتك أسررت إلى غلامك بشيء! فعلمت أنك قد أمرت لي بِصِلَة. فضحك منه وقال: ما فعلتُ، ولكني أفعل. وأمر له بالعطاء. وقد مات يزيد بن حاتم: بالمغرب، في رمضان، سنة سبعين ومائة، واستخلف ولده داود على المغرب. |
أعلام توفوا في شهر الصيام محمود ثروت أبو الفضل حماد بن زيد بن درهم الأزدي مات في رمضان، سنة تسع وسبعين ومائة. من كبار المحدثين الثقات، الحفاظ، ومن شيوخ الإسلام. قال عنه الذهبي في "سير أعلام النبلاء": "العلامة، الحافظ، الثبت، محدث الوقت، أبو إسماعيل الأزدي، مولى آل جرير بن حازم البصري، الأزرق، الضرير، أحد الأعلام. أصله من سجستان، سبي جده درهم منها". قال ابن سعد في "الطبقات": "كان ثقة ثبتًا حجة كثير الحديث". قال علي بن المديني: سمعت أبا عبد الرحمن بن مهدي يقول: لم أر أحدا قط أعلم بالسنة، ولا بالحديث الذي يدخل في السنة من حماد بن زيد. وقال عبدالرحمن بن أبي حاتم: سئل أبي عن حماد بن زيد، فَقَالَ: قال عبدالرحمن بن مهدي: ما رأيت بالبصرة أفقه من حماد بن زيد. سمع الحديث من: أنس بن سيرين، وعمرو بن دينار، وأبي عمران الجوني، ومحمد بن زياد القرشي الجمحي، وأبي جمرة الضبعي، وثابت البناني، وبديل بن ميسرة، وأيوب السختياني، وعبدالعزيز بن صهيب، وبشر بن حرب، وسلم بن قيس العلوي، وشعيب بن الحبحاب، وعاصم بن أبي النجود، وعامر بن عبد الواحد الأحول، وعباس بن فروخ الجريري، وعبيدالله بن أبي يزيد المكي، وكثير بن زياد الأزدي، ومحمد بن واسع، ومطر الوراق، وهارون بن رئاب، وواصل مولى أبي عيينة بن المهلب، وأبي التياح الضبعي، ويزيد الرشك، وإسحاق بن سويد، وجميل بن مرة، وحاجب بن المهلب بن أبي صفرة، والزبير بن الخريت، والزبير بن عربي، والصقعب بن زهير، وكثير من شنظير، ومنصور بن المعتمر، وبرد بن سنان، وداود بن أبي هند، ويونس بن عبيد، وأبي حازم الأعرج، وعبيد الله بن أبي بكر بن أنس، وخلق كثير. وروى عنه: إبراهيم بن أبي عبلة، وسفيان، وشعبة - وهم من شيوخه - وعبد الوارث بن سعيد، وعبدالرحمن بن مهدي، وعبد الله بن المبارك، وأبو النعمان عارم، ومسدد، وسليمان بن حرب، وعبيدالله القواريري، ومحمد بن عبيد بن حساب، وعلي بن المديني - وهو أكبر شيخ عنده - وزكريا بن عدي، ومحمد بن عيسى بن الطباع، وقتيبة بن سعيد، وسهل بن عثمان العسكري، وإبراهيم بن يوسف البلخي الفقيه، وداود بن عمرو الضبي، وسنيد بن داود المصيصي، وسليمان بن أيوب صاحب البصري، وخلق كثير. قال يحيى بن معين: ليس أحد أثبت من حماد بن زيد. وقال يحيى بن يحيى النيسابوري: ما رأيت شيخا أحفظ من حماد بن زيد. وقال أحمد بن حنبل: حماد بن زيد من أئمة المسلمين، من أهل الدين، هو أحب إلي من حماد بن سلمة. وقال عَبْداللَّهِ بن أَحْمَد بن حنبل: سمعت أبي يقول: حماد بن زيد أحب إلينا من عبدالوارث، حماد بن زيد من أئمة المسلمين من أهل الدين والإسلام، وهو أحب إلي من حماد بن سلمة. وعن عَبْداللَّهِ بن معاوية الجمحي، سمعت ابن المبارك ينشد: أيها الطالب علما http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif ايت حماد بن زيد http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif فخذ العلم بحلم http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif ثم قيده بقيد http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif ودع البدعة من http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif آثار عمرو بن عبيد http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif وقال عبيدالله بن يوسف الحبيري، عن فطر بن حماد بن واقد: سألت حماد بن زيد قلت: يا أبا إسماعيل، إمام لنا يقول القرآن مخلوق، أصلي خلفه؟ قال: لا ولا كرامة. وجاء في "مشاهير علماء الأمصار" للإمام أبي حاتم محمد بن أحمد بن حبان البستي: "كان من الحفاظ المتقنين وأهل الورع في الدين ممن كان يقرأ حديثه كله حفظا وهو أعمى". وقال أحمد بن سعيد الدارمي: سمعت أبا عاصم النبيل يقول: مات حماد بن زيد يوم مات، ولا أعلم له في الإسلام نظيرا في هيئته ودله. قال الذهبي: تأخر موته عن مالك قليلا، ولذلك قال أبو عاصم ذلك، ولما سمع يزيد بن زريع بموت حماد بن زيد، قال: مات اليوم سيد المسلمين. قال سليمان بن حرب: سمعت حماد بن زيد يقول في قوله: ﴿ لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ ﴾ [الحجرات: 2]. قال: أرى رفع الصوت عليه بعد موته، كرفع الصوت عليه في حياته، إذا قرئ حديثه، وجب عليك أن تنصت له، كما تنصت للقرآن. قال محمد بن وزير الواسطي: سمعت يزيد بن هارون يقول: قلت لحماد بن زيد: هل ذكر الله أصحاب الحديث في القرآن؟ قال: بلى، الله - تعالى - يقول: ﴿ فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ... ﴾ الآية. قال أبو العباس بن مسروق: حدثنا أيوب العطار: سمعت بشر بن الحارث - رحمه الله - يقول: حدثنا حماد بن زيد، ثم قال: أستغفر الله، إن لذكر الإسناد في القلب خيلاء. قال عارم، وأَبُو بكر بن أبي الأسود، وعمرو بن علي مات: سنة تسع وسبعين ومئة. قال عارم: مات يوم الجمعة لعشر ليال خلون من رمضان. وقال عمرو بن علي: يوم الجمعة لتسع عشرة ليلة مضت منه، وصلى عليه إسحاق بن سليمان بن علي الهاشمي، وصليت عليه. وقال أبو حفص الفلاس: مات في يوم الجمعة، تاسع عشر شهر رمضان. |
أعلام توفوا في شهر الصيام محمود ثروت أبو الفضل روح بن حاتم بن قبيصة بن المهلب بن أبي صفرة المهلبي مات في رمضان، سنة أربع وسبعين ومائة. من الولاة الصالحين، في عهد العباسيين. قال عنه الذهبي في "سير أعلام النبلاء": "الأمير، أبو حاتم، أحد الأجواد والأبطال، ولي ولايات جليلة للسفاح، والمنصور، وغيرهما. ولي السند، ثم البصرة، وكان أخوه يزيد بن حاتم أمير المغرب، فمات، فبعث الرشيد روحًا على المغرب، فقدمها سنة إحدى وسبعين، فوليها ثلاث سنين". وقد ولي روح لخمسة من الخلفاء: أبي العباس السفاح وأبي جعفر المنصور والمهدي والهادي وهارون الرشيد. ويقال أنه لم يتفق مثل هذا إلا لأبي موسى الأشعري، فإنه ولي لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولأبي بكر وعمر وعثمان وعلي. وفي هذا إشارة إلى خبرته وحسن إدارته حتى أقره خمسة خلفاء على ولايته. قال عن ابن خلكان في "وفيات الأعيان": "كان روح من الكرماء الأجوادن وولي لخمسة من الخلفاء: أبي العباس السفاح والمنصور والمهدي والهادي والرشيد". وكان روح والياً على السند، في عهد المهدي بن أبي جعفر المنصور في سنة 159 هـ، وكان قد ولاه في أول خلافته الكوفة، وقيل إنه ولي السند سنة 160 هـ، ثم عزله عن السند سنة 161 هـ، ثم ولاه البصرة. ثم ما لبث أن ولاه توفي أخوه "يزيد" والي إفريقية، فعزله الرشيد عن ولاية السند، وأرسله إفريقية أول رجب سنة 171 هـ، ولم يزل والياً عليها إلى أن توفي بها لإحدى عشرة ليلة بقيت من شهر رمضان سنة 174 هـ، ودفن في قبر أخيه يزيد. |
أعلام توفوا في شهر الصيام محمود ثروت أبو الفضل همام بن يحيى بن دينار العوذي المحلمي مات في رمضان، سنة أربع أو خمس وستين ومائة. من كبار المحدثين الثقات الحفاظ، ممن أثبت حديثه. قال عنه الذهبي: "الإمام، الحافظ، الصدوق، الحجة، أبو بكر، وأبو عبد الله العوذي، المحلمي، البصري". وقال الحاكم: ثقة حافظ. حدث الحديث عن: الحسن، وأنس بن سيرين، وعطاء بن أبي رباح، ونافع مولى ابن عمر، ويحيى بن أبي كثير، وأبي جمرة الضبعي، وأبي عمران الجوني، وأبي التياح، وثابت البناني، وعلي بن زيد، وقتادة، وزيد بن أسلم، وإسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة، وابن جحادة، وشقيق أبي ليث، ومطر الوراق، وخلق. وحدث عنه: سفيان الثوري - مع تقدمه - وابن المبارك، وابن علية، ووكيع، ويزيد، وعبد الرحمن بن مهدي، وأبو علي الحنفي، والمقرئ، وعبد الله بن رجاء الغداني، وأبو نعيم، ومحمد بن سنان العوقي، وأبو الوليد الطيالسي، وعفان، وعمرو بن عاصم، وحبان بن هلال، وحجاج بن منهال، وأبو داود، ومسلم بن إبراهيم، وعلي بن الجعد، وأبو سلمة التبوذكي، وشيبان بن فروخ، وهدبة بن خالد، وسهل بن بكار، ومحمد بن كثير العبدي، وأبو عمر الحوضي، وخلق سواهم. ومن الأحاديث التي رواها ما رواه ابن عساكر قال، أنبأنا أبو روح، أنبأنا تميم، أنبأنا أبو سعد، أنبأنا أبو عمرو الحيري، أنبأنا أبو يعلى، حدثنا هدبة، حدثنا همام بن يحيى، حدثنا أبو جمرة الضبعي، عن أبي بكر، عن أبيه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: (من صلى البردين، دخل الجنة). قال يزيد بن هارون: كان همام قويا في الحديث. وروى: صالح بن أحمد بن حنبل، عن أبيه، قال: همام ثبت في كل المشايخ. وعن أبي الوليد، وحبان: أن هماما قال: إني لأستحيي من الله أن أنظر في الكتاب، وأحفظ الحديث لكي أحدث الناس. قال عمرو بن علي: الأثبات من أصحاب قتادة: سعيد، وهشام، وشعبة، وهمام. قال عبد الله بن المبارك: همام ثبت في قتادة. وقال ابن أبي حاتم: سئل أبي عن همام، وأبان، قال: همام أحب إلي ما حدث من كتابه، وإذا حدث من حفظه، تقاربا في الحفظ والغلط. قال عفان: عن همام: إذا رأيتم في حديثي لحنا، فقوموه، فإن قتادة كان لا يلحن. قال الحافظ عبد الله بن عدي: وهمام أشهر وأصدق من أن يذكر له حديث، وأحاديثه مستقيمة عن قتادة، وهو مقدم في يحيى بن أبي كثير. وذكر البخاري في "التاريخ الكبير": "قال موسى، قال همام - بن يحيى -: لا تخاف فإني لا أدلس". قال التبوذكي: سمعت همامًا يقول: ما من أعمال البر شيء إلا وأنا أرجو أن أريد به الله تعالى إلا هذا الحديث. وروى: البخاري، عن محمد بن محبوب: وفاته في سنة ثلاث وستين ومائة. وقال ابن حبان: مات في رمضان، سنة أربع وستين. وقال شريح بن النعمان: قدمت البصرة سنة أربع أو خمس وستين - شك - فقيل لي: مات همام منذ جمعة أو جمعتين. |
|
أعلام توفوا في شهر الصيام محمود ثروت أبو الفضل حماد بن زيد بن درهم الأزدي مات في رمضان، سنة تسع وسبعين ومائة. من كبار المحدثين الثقات، الحفاظ، ومن شيوخ الإسلام. قال عنه الذهبي في "سير أعلام النبلاء": "العلامة، الحافظ، الثبت، محدث الوقت، أبو إسماعيل الأزدي، مولى آل جرير بن حازم البصري، الأزرق، الضرير، أحد الأعلام. أصله من سجستان، سبي جده درهم منها". قال ابن سعد في "الطبقات": "كان ثقة ثبتًا حجة كثير الحديث". قال علي بن المديني: سمعت أبا عبد الرحمن بن مهدي يقول: لم أر أحدا قط أعلم بالسنة، ولا بالحديث الذي يدخل في السنة من حماد بن زيد. وقال عبدالرحمن بن أبي حاتم: سئل أبي عن حماد بن زيد، فَقَالَ: قال عبدالرحمن بن مهدي: ما رأيت بالبصرة أفقه من حماد بن زيد. سمع الحديث من: أنس بن سيرين، وعمرو بن دينار، وأبي عمران الجوني، ومحمد بن زياد القرشي الجمحي، وأبي جمرة الضبعي، وثابت البناني، وبديل بن ميسرة، وأيوب السختياني، وعبدالعزيز بن صهيب، وبشر بن حرب، وسلم بن قيس العلوي، وشعيب بن الحبحاب، وعاصم بن أبي النجود، وعامر بن عبد الواحد الأحول، وعباس بن فروخ الجريري، وعبيدالله بن أبي يزيد المكي، وكثير بن زياد الأزدي، ومحمد بن واسع، ومطر الوراق، وهارون بن رئاب، وواصل مولى أبي عيينة بن المهلب، وأبي التياح الضبعي، ويزيد الرشك، وإسحاق بن سويد، وجميل بن مرة، وحاجب بن المهلب بن أبي صفرة، والزبير بن الخريت، والزبير بن عربي، والصقعب بن زهير، وكثير من شنظير، ومنصور بن المعتمر، وبرد بن سنان، وداود بن أبي هند، ويونس بن عبيد، وأبي حازم الأعرج، وعبيد الله بن أبي بكر بن أنس، وخلق كثير. وروى عنه: إبراهيم بن أبي عبلة، وسفيان، وشعبة - وهم من شيوخه - وعبد الوارث بن سعيد، وعبدالرحمن بن مهدي، وعبد الله بن المبارك، وأبو النعمان عارم، ومسدد، وسليمان بن حرب، وعبيدالله القواريري، ومحمد بن عبيد بن حساب، وعلي بن المديني - وهو أكبر شيخ عنده - وزكريا بن عدي، ومحمد بن عيسى بن الطباع، وقتيبة بن سعيد، وسهل بن عثمان العسكري، وإبراهيم بن يوسف البلخي الفقيه، وداود بن عمرو الضبي، وسنيد بن داود المصيصي، وسليمان بن أيوب صاحب البصري، وخلق كثير. قال يحيى بن معين: ليس أحد أثبت من حماد بن زيد. وقال يحيى بن يحيى النيسابوري: ما رأيت شيخا أحفظ من حماد بن زيد. وقال أحمد بن حنبل: حماد بن زيد من أئمة المسلمين، من أهل الدين، هو أحب إلي من حماد بن سلمة. وقال عَبْداللَّهِ بن أَحْمَد بن حنبل: سمعت أبي يقول: حماد بن زيد أحب إلينا من عبدالوارث، حماد بن زيد من أئمة المسلمين من أهل الدين والإسلام، وهو أحب إلي من حماد بن سلمة. وعن عَبْداللَّهِ بن معاوية الجمحي، سمعت ابن المبارك ينشد: أيها الطالب علما http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif ايت حماد بن زيد http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif فخذ العلم بحلم http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif ثم قيده بقيد http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif ودع البدعة من http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif آثار عمرو بن عبيد http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif وقال عبيدالله بن يوسف الحبيري، عن فطر بن حماد بن واقد: سألت حماد بن زيد قلت: يا أبا إسماعيل، إمام لنا يقول القرآن مخلوق، أصلي خلفه؟ قال: لا ولا كرامة. وجاء في "مشاهير علماء الأمصار" للإمام أبي حاتم محمد بن أحمد بن حبان البستي: "كان من الحفاظ المتقنين وأهل الورع في الدين ممن كان يقرأ حديثه كله حفظا وهو أعمى". وقال أحمد بن سعيد الدارمي: سمعت أبا عاصم النبيل يقول: مات حماد بن زيد يوم مات، ولا أعلم له في الإسلام نظيرا في هيئته ودله. قال الذهبي: تأخر موته عن مالك قليلا، ولذلك قال أبو عاصم ذلك، ولما سمع يزيد بن زريع بموت حماد بن زيد، قال: مات اليوم سيد المسلمين. قال سليمان بن حرب: سمعت حماد بن زيد يقول في قوله: ﴿ لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ ﴾ [الحجرات: 2]. قال: أرى رفع الصوت عليه بعد موته، كرفع الصوت عليه في حياته، إذا قرئ حديثه، وجب عليك أن تنصت له، كما تنصت للقرآن. قال محمد بن وزير الواسطي: سمعت يزيد بن هارون يقول: قلت لحماد بن زيد: هل ذكر الله أصحاب الحديث في القرآن؟ قال: بلى، الله - تعالى - يقول: ﴿ فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ... ﴾ الآية. قال أبو العباس بن مسروق: حدثنا أيوب العطار: سمعت بشر بن الحارث - رحمه الله - يقول: حدثنا حماد بن زيد، ثم قال: أستغفر الله، إن لذكر الإسناد في القلب خيلاء. قال عارم، وأَبُو بكر بن أبي الأسود، وعمرو بن علي مات: سنة تسع وسبعين ومئة. قال عارم: مات يوم الجمعة لعشر ليال خلون من رمضان. وقال عمرو بن علي: يوم الجمعة لتسع عشرة ليلة مضت منه، وصلى عليه إسحاق بن سليمان بن علي الهاشمي، وصليت عليه. وقال أبو حفص الفلاس: مات في يوم الجمعة، تاسع عشر شهر رمضان. |
جميع الأوقات بتوقيت GMT +2. الساعة الآن 04:00 AM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.