![]() |
ترجمة القصة ارجو الدعاء
استيقظت هذا الصباح ولم أكن أدرى أين أنا . مكثت فى الفراش لحظة أفكر . وبعد بضع ثوان تذكرت . نعم ، لقد عدت إلى منزل فى القاهرة مع والدىّ ووالدتي وأختى سميرة . سمعت فى الخارج تلك الأصوات التي اعتدت سماعها فى الحى الذى نعيش فيه – الأطفال يلعبون فى الشارع ، وبائع الشمام ينادى على سلعته ، والسيارات تهدر عن بعد . سمعت صوت سميرة تقوم بعمل شىء فى المطبخ . ربما كانت تعد القهوة . تنهدت ، فأنا لم أعد فى بيرو ، بل كنت فى منزلى .
نظرت حول الغرفة ، فإذا بصورة توجد على المنضدة المجاورة لفراشى . التقطت الصورة . كانت صورتى . كنت أنظر إلى الكاميرا وأرفع فى يدى تمثالا ذهبيا صغيرا لأحد الحيوانات . استلقيت على الفراش ونظرت إلى الصورة مرة أخرى . تذكرت ذلك اليوم جيدا . فقد كان يوما طيبا . كل شىء كان يسير على ما يرام . وكان الدكتور حافظ – قائد بعثة التنقيب عن الآثار – يشعر بالاثارة حقا. نعم ، لقد كان يوما طيبا . إلا أن بعض الأيام التى تلته لم تكن طيبة بنفس القدر . فعندما تذكرت تلك الأيام شعرت برعشة أسفل ظهرى . أغمضت عينىّ . سرعان ما فتحتهما مرة أخرى . وقلت لنفسى " اهدئى ، فقد انتهى الأمر الآن ، وأنت فى أمان هنا فى القاهرة ..." قد يبدو أن شهرين يمثلان فترة زمنية طويلة . منذ شهرين كنت فى طريقى لبدء أكبر مغامرة فى حياتى . كنت مستقلة سيارتنا مع سميرة. كانت تصحبنى إلى المطار . وكالمعتاد كان طريق المطار مزدحما . ولحسن الحظ كنا قد انطلقنا مبكرين عن موعدنا ، فكان لدينا قدر وافر من الوقت لكى نصل إلى المطار . وسميرة لا تتوقف عن الكلام على الاطلاق . استمعت إليها ، ولم أكن أشعر بالقلق بشأن ازدحام المرور ، ونسيت كم كنت متخوفة من الطيران . قالت سميرة " من المؤكد أن الإثارة تملؤك وأنت ذاهبة إلى بيرو" قلت ، " نعم . بالطبع تملؤنى الاثارة حيث إننى لم أسافر إلى أمريكا الجنوبية من قبل . ولكن – لأصدقك القول – لم يتح لى وقت أشعر فيه بالاثارة حقا . فقد أمضيت معظم الليلة الماضية أحزم أمتعتى . أوه ، أتمنى الأ أكون قد نسيت أى شىء " . قالت سميرة " لا تقلقى فدائما ما ينسى الانسان شيئا ما . إن آخر مرة سافرت فيها نسيت نصف حاجياتى . فلم أستطع أن أفهم لماذا لم تكن أمتعتى أكثر ثقلا! " . ضحكت . كانت سميرة مرحة للغاية . فعندما تكون معها تنسى بسرعة أنك متخوف أو قلق . إننى أختها ولكنى لست مثلها على الاطلاق . فأنا أقلق بشأن كل شىء . استمرت سميرة قائلة " يجب أن تخبر الدكتور حافظ بأن يعتنى بك جيدا . فأنا لا أريدك أن تسقطى من أحد جبال الآنديز ، فأعمال التنقيب التى يقوم بها تتم فى اعالى الجبال ، أليس كذلك ؟ " . قلت : " نعم . إنها على ارتفاع ما يقرب من ألفين وخمسمائة متر . وقد عاش أهل الإنكا على ارتفاعا شاهقة فوق سطح البحر . فمدينة ماتشوبتشا توجد على ارتفاع ثلاثة آلاف متر . وكوزكو- وهى عاصمتهم – تزيد ارتفاعا عن ذلك . حقا كان هؤلاء الناس فى إنكا يتميزون بالخشونة والصلابة . إن ما أنجزوه مثير للدهشة . هل علمت أنه لم يكن لديهم أى كتابات ومع ذلك حكموا إمبراطورية ضخمة ! " نعم أحد ملوك تشيمو . قد غزا أهل الانكا أرض أهل تشيمو الذين كانوا مشهورين بالأعمال الفنية الذهبية والفضية . فمعظم الأعمال الفنية الذهبية لأهل الإنكا مصنوعة بواسطة اهل تشيمو فى واقع الأمر . وإذا ما اكشفنا مقبرة ملك فسوف يكون رائعا أن نجد بعض أعمالهم ، حيث لم توجد الأشياء المصنوعة من الذهب إلا عند الملوك والنبلاء ". قالت سميرة : " يا له من شىء مثير! " واصلت قائلة : " سوف آخذ معى أيضا آلة صغيرة للدكتور حافظ ، وأعطيه تفاصيل أسلوب جديد قام بتطوره قسم الآثار هنا فى القاهرة. فقد اكتشف الباحثون طرقا جديدة لاكتشاف عمر الأشياء المصنوعة من الخشب أو القماش ، ونأمل أن نستخدمها فى الحفريات التى سنقوم بها فى بيرو " . " هل هذا هو أسلوب تحديد التاريخ بالكربون ؟ " . " لا ، فهو يستخدم جهاز ليزر صغيرة ليحدد تاريخ الأشياء . إنه يمثل أحدث تكنولوجيا وجميع ما هو جديد ... " " أهو سر أيضا ؟ " . توقفت وفكرت للحظة . " حسنا . نعم ولا . فقليل من الناس من يعلمونه ، ولذلك نعم ، هو يعتبر سرا . ونحن نريد أن نكون أول من يستفيد منه " . "أسرار أحد قبور إنكا . سوف يكون هذا عنوان جيد لمقال عن حفرياتك ، أليس كذلك ؟ " . ضحكت . إن سميرة تعمل كمراسلة صحفية لإحدى الصحف بالقاهرة وهى دائما تبحث عن مقالات جيدة لصحيفتها . واصلت سميرة قائلة : " من المؤكد أنه سيكون لديك العديد من القصص الشقية . فمثلا " عالمة آثار مصرية تكتشف كنز إنكا " أو شىء من هذا القبيل . إننى لأرى العناوين الرئيسية فى الجرائد الآن " . ضحكت مرة أخرى . إن سميرة رائعة والحماس يملؤها على حد كبير أصدرت السيارة الموجودة خلفنا صوت آلة التنبيه الخاصة بها ، فنظرت إلى أعلى فإذا بإشارة المرور قد تغيرت إلى اللون الأخضر . نظرت سميرة فى مرآتها وانطلقت مسرعة . سرعان ما وصلنا إلى المطار . قدمت أوراقى الخاصة برحلة الطيران إلى مكتب فحص الجوازات . عانقتنى سميرة وقبلتنى على الخد وبدأت تبكى قليلا . تنهدت بحزن قائلة : " إنك ذاهبة بعيدا جدا " . " الأمر هين يا سميرة . أنا ذاهبة لبضع أسابيع فقط " . قالت ودموعها تسيل : " سوف أفتقدك يا أختى الكبيرة " . " وأنا أيضا سوف أفتقدك . إننى لا أحسن مداومة الاتصال عندما أكون فى عملى . إلا اننى سوف أرسل لك بطاقة بريدية – أو ربما رسالة بريد إلكترونى ! " . سألته : " أى أنواع التعدين تقوم به فى بيرو ؟ نحاس أم فضة ؟ " ابتسم وأجاب قائلاً : " وه . هناك الكثير من مناجم النحاس ومناجم الفضة بالفعل فى بيرو . إننى أبحث عن أماكن يوجد بها أشياء أخرى شيقة يمكن الكشف عنها " . تساءلت ماذا كان يقصد بذلك . ربما لم يشأ أن يقول أى شئ محدد عن عمله ، ومع ذلك فقد آثار هذا الموضوع اهتمامى ، وبرغم كل شئ فالتعدين والآثار تجمعهما أشياء مشتركة . كانت لهجته غريبة . ظننت أنه قد يكون المانى الجنسية . فهو لم يكن أمريكيا ، وأنا متأكدة من ذلك . سألته : " هل يتطلب عملك أن تجوب جميع أرجاء بيرو ؟ ". " هذا صحيح ، فأن أعمل فى جميع أنحاء القطر . إن مقر عملى فى الولايات المتحدة ولكنى أقضى بضعة أشهر من كل عام فى بيرو " . كانت الطائرة المتجهة إلى كوزكو كاملة العدد . أقلعنا من ليما وسرعان ما خلفنا وراءنا السحاب الكثيف . نظرت إلى أسفل ورأيت السهل الساحلى . كان يبدو جافاً جداً وذكرنى بصحراء مصر . لكن بعد مرور وقت قصير بدأنا نرتفع فوق الجبال . كانت هذه الجبال خضراء ـ كانت مغطاة بالأشجار والشجيرات . وكانت الجوانب شديدة الانحدار ، ورأيت أنهاراً سريعة التدفق . كانت هناك مجموعة كبيرة من السائحين الألمان على متن الطائرة . لكننى والدكتور حافظ استطعنا أن نجلس معاً . تصفح الأبحاث التى كنت قد أحضرتها معى . وأثناء قراءته كان يومئ لنفسه . قال : " نعم . تماماً مثلما اعتقدت . حسن " . وضع الأبحاث جانباً داخل حقيبة أوراقه . قال : " متأسف يا ليلى ، ولكن كان يجب فقط أن أقرأ هذه الأبحاث التى أحضرتها . فهذه الأبحاث تبين أننا نعمل على نحو صحيح. سألته عن سير الحفريات . قال : " نحن نحفر أحد المواقع بالقرب من كوينكو . إنها تبعد حوالى ثلاث ساعات بالسيارة عن كوزكو . نحن نوقن الآن أن مدينة عظيمة كانت توجد هناك فى ما مضى . " إن هذا لشئ مثير حقاً ، أليس كذلك ؟ " . ابتسم الدكتور حافظ . " نعم إنه مثير . بالطبع يعرف الجميع ماتشوبتشا – مدينة إنكا العظيمة التي فقدت منذ مئات السنين . إن أولئك السائحين الألمان لذاهبون إلى هناك دون شك . ونحن نوقن أن هناك مدنا أخرى تابعة لإنكا ومدنا خاصة بالشعوب التى قهروها . وبعض هذه المدن لم يكتشف بعد . ليس بعد على أى حال " . فهمت أن الدكتور حافظ لديه شىء يريد أن يخبرنى به . فسألته : " ماذا وجدتم ؟". نظر الدكتور حافظ حوله لكن الألمان كانوا يضحكون ويتحدث بعضهم إلى بعض . لم يكن أى أحد يستمع إلى حوارنا . واصل الدكتور حافظ قوله : " لقد أتيت فى توقيت جيد يا ليلى ". ثم قال بصوت خفيض : " منذ يومين وجدنا حائطا فى المدينة . نحن نظن أنه حائط مقبرة . سوف ندخل إلى المقبرة من خلاله هذا الأسبوع". عندئذ شعرت بالاثارة فعلا . قلت : " مقبرة !! ... أى نوع من المقابر ؟". قال : " قد تكون مقبرة أحد الملوك " . " كيف عرفت ؟" . " توجد بعض العلامات على الحائط . وتوجد أيضا صورة لحيوان اللاما . وهذه علامة على أنها قد تكون مقبرة ملكية " . لم أقل شيئا ، بل نظرت إليه وحسب . ضحك الدكتور حافظ . " إنه لأمر عجيب ، أليس كذلك ؟ ها نحن هنا . اثنان من المصريين يحفرون مقابر إنكا القديمة . لكن خبرتنا فى وادى النبلاء مفيدة حقا . إنه لأمر مشوق جدا أن نكتشف أوجه الشبه والاختلاف بين طرق دفن أهل الانكا والقدماء المصريين لموتاهم ". واصل الدكتور حافظ قوله :" على سبيل المثال وضع أهل الانكا والقدماء المصريين أشياء من الذهب والفضة بجوار أجساد ملوكهم ، وألبسوهم ملابس جميلة ، ووضعوا أقنعة ذهبية على وجوههم ، ووضعوا تماثيل ذهبية للحيوانات داخل المقابر ، وكذلك وضعوا الطعام والشراب بجوارهم . كانوا يؤمنون بأن ملوكهم وملكاتهم سوف يحتاجون إلى الطعام والشراب عند دخولهم إلى الآخرة ". " هل قام أهل الإنكا بتحنيط ملوكهم وملكاتهم كمومياوات ؟ " قال الدكتور حافظ : " نعم ، فعلوا ذلك . لقد تم تحنيط ملوك الإنكا . وهناك شىء شيق بالفعل لم يحدث فى مصر . ففى الأعياد الهامة من كل عام كانوا يضعون مومياوات الملوك على محفات ويكسونهم ملابس أنيقة ويمرون بهم عبر الشوارع !" . " إذن كانت هناك بعض الاختلافات بين ما فعله أهل الإنكا وما فعله القدماء المصريون ؟ " . " نعم ، بالطبع . وقد فعل أهل الإنكا شيئا آخر لم يفعله القدماء المصريون على الاطلاق ". سألته : " وما هذا الشىء ؟". وللمرة الثانية نظر الدكتور حافظ حوله وكأنه لم يرغب فى أن يسمع أحد ما كان ينوى قوله . " قتل أهل الإنكا النساء والخدم ودفنوهم مع الملك بغرض أن يتولوا رعاية الملك فى الآخرة " . بعد ذلك لم نتحدث لبضع دقائق . التفت الدكتور حافظ ونظر من النافذة . كنا نطير فوق جبال مرتفعة . كان الجليد يغطيها . قلت : " جبال الأنديز . إنها جميلة . أليس كذلك ؟ لم أر قط مثل هذه الجبال من قبل ". أومأ الدكتور حافظ . " إن بعض قمم الجبل تزيد على ارتفاع ستة آلاف متر . إنه لمن المذهل أن نتصور أننا لسنا بعيدين عن خط الاستواء ومع ذلك يوجد الجليد بصفة دائمة ". ومرة أخرى سكت الدكتور حافظ برهة . ثم التفت إلىّ قائلا : " ليلى . ذلك الرجل الذى قابلناه فى المطار . ألم يكن اسمه ماندر ؟" . " لاندر . مارتن لاندر . قال إنه يعمل لدى شركة التعدين المتحدة " . " أنا متأكد أننى قابلته من قبل . ومع ذلك لم يكن يدعى لاندر . كان يعمل لدى شركة التعدين المتحدة ، إلا أنه تورط مع بعض من الناس الذين كانوا يأخذون أشياء من إنكا إلى الخارج . أعتقد أنه اضطر إلى ترك وظيفته فى شركة التعدين المتحدة . وهذا أمر آخر . إننى لا أعتقد أن التعدين المتحدة تزاول عملها الآن فى بيرو" . " نعم . قد تكونين على صواب . لكن من المؤكد أنك لست شديدة الحرص . أنت لم تخبريه عن أى شىء يخص عملنا فى بيرو ، أليس كذلك ؟". شعرت بوجهى يزداد حرارة ثم. تذكرت الأسئلة التى طرحها علىّ مارتن لاندر . " حسنا . لقد أخبرته القليل عن عملنا . ولكن ليس الكثير ". بدا على الدكتور حافظ جدية الأمر . " يجب أن تكونى حريصة يا ليلى . هناك أناس يأتون إلى بيرو وينقبون عن الآثار فى مدن إنكا القديمة . إنهم ليسوا علماء آثار مثلنا ، ولا يهتمون بالأشياء الخاصة بالماضى . إنهم يقتحمون المقابر ويجدون اشياء من الذهب والفضة ويأخذونها خارج البلاد . يجب أن توضع هذه الأشياء فى المتاحف كى يشاهدها كل شخص . لكن اللصوص يبيعونها إلى هواة جمع المقتنيات الأغنياء ". " ألا يعلم هؤلاء الهواة أن هذه الأشياء مسروقة ؟ ". " بعضهم يعلم وبعضهم لا يعلم . إلا أن معظمهم لا يبالون. لذلك كونى حريصة فى ما تقولين ومع من تتحدثين يا ليلى ". قلت : " نعم يا دكتور حافظ " . " على أية حال أريد قبل أن نهبط أن أتحدث إليك قليلا عن عملنا وكيفية تنظيمنا . هناك فريقان تحت إرادتى . سوف تكونين مسئولة عن فريق واحد يتألف من ثلاث علماء آثار محليين . إننى أرى أنه من الأفضل تكوين فرق صغيرة بدلا من فريق واحد كبير . أنا أحتاج إلى شخص يفهمنى ، شخص يمكننى أن أثق به . لهذا كنت حريصا جدا على أن تأتى إلى بيرو . أرى أنه فى بعض الأحيان يمكن أن يكون الوضع صعبا هنا . فلدى أهل البلد المحليين أفكار مختلفة . وبما أننى لا أتحدث الأسبانية وهم لا يتحدثون العربية فعلينا أن نستخدم اللغة الانجليزية . أحيانا لا افهم لغتهم الانجليزية . أعتقد أن الأمر بحاجة إلى شخص اصغر سنا ". اندهشت فى الحقيقة وقلت : " لكن يادكتور حافظ هل أنت متأكد أنها فكرة صائبة أن أكون مسئولة عن فريق ؟". " نعم ،طبعا . لا تقلقى فكل شىء سوف يكون على ما يرام ". ظهرت علامة ربط أحزمة المقاعد ، وبدأت الطائرة فى الهبوط . وأبلغنا مضيف الرحلة أننا سوف نصل إلى كوزكو خلال عشر دقائق . ربطت حزام مقعدى ولكن يدىّ كانت ترتعشان قليلا . نظر الدكتور حافظ إلىّ . قال : " تبدين شاحبة بعض الشىء . هل أنت بخير ؟ " قلت : " نعم ، بالطبع . إننى لا أحب الهبوط ، وخاصة فى طائرات صغيرة كهذه الطائرة " . لكننى كنت أفكر أيضا فى ما قاله الدكتور حافظ . أنا مسئولة عن علماء آثار محليين ؟ لم أكن أتوقع ذلك . ارتطمنا بالأرض بشدة ولكن خفضت الطائرة فى الحال . وكان الصوت الصاخب المعتاد الذى يخيفنى دائما . ودرجنا بالطائرة على سطح الأرض فى اتجاه صالة وصول مطار كوزكو. سأل الدكتور حافظ : " هل أنت بخير الآن يا ليلى ؟ " حاولت أن أبتسم . " نعم ، شكرا . أنا بخير " . كان مطار كوزكو صغيرا جدا . خرج السائحون الألمان أولا . وكان رجال ونساء من شركتهم السياحية ينتظرونهم بوجوه باسمة . حتى انصرفت جماعة السياحة من الطريق أمامنا . التقطنا حقائب السفر الخاصة بى واتجهنا نحو منفذ الخروج . كان فى انتظارنا امرأة تقاربنى فى السن . كانت مرتدية بنطلونا وقميصا بنيا ومعطفا قصيرا . " ليلى ، أود أن أقدم لك إيماليا جوزمان وهى إحدى علماء الآثار المحليين الذين يعملون معنا فى حفرياتنا . إيماليا ،أقدم لك ليلى القصبى . لقد سافرت جوا من مصر حتى هنا لكى تعمل معنا ". تصافحنا . سألتنى إيماليا : " هل كانت رحلتك طيبة ؟ " . " نعم ، لقد كانت حسنة ، ولكنى أشعر بالتعب بعض الشىء " . قال الدكتور حافظ : " إن ليلى لا تحب الطيران " . قالت إيماليا : "يؤسفنى سماع ذلك " ، نظرت إلى دون اي ابتسامة ، ثم التفتت إلى الدكتور حافظ . قالت إيماليا : " إن سيارة اللاندروفر معى هنا يا دكتور حافظ . دعنى أساعد فى حمل أغراضك " . رفض الدكتور حافظ عرض المساعدة منها . كان معى حقائب سفر أكثر من الدكتور حافظ بكثير ، لكن إيماليا لم تعرض على المساعدة. وبدلاً من ذلك التفتت وسارت أمامنا لتقودنا إلى خارج المطار . فى غضون بضع دقائق كنا داخل اللاندروفر . تولت إيماليا القيادة . تحدثت مع الدكتور حافظ بينما كانت تقود السيارة . كنت أجلس فى الخلف . انطلقنا بالسيارة خارج كوزكو وعلى طريق ترابى . شعرت بإثارة شديدة لوجودى فى بيرو . لم أستطع الانتظار حتى أصل إلى موقع التنقيب لكى أرى ما فعله الدكتور حافظ ، إلا أن هذا سوف يكون مختلفاً . كنت أشعر بالإثارة وشئ من الخوف . هل سأستطيع أن أقوم بالعمل الذى أراد الدكتور حافظ أن أؤديه ، لقد أحضرنى بيرو لإنجاز عمل . تمنيت ألا أخذله . كنت مرهقة جداً عندما وصلنا إلى المعسكر ، فذهبت إلى الفراش مباشرة ، وبالطبع استيقظت فى منتصف الليل ، ولم أستطع أن أواصل النوم مرة أخرى . هذا هو الاحساس بالتعب الشديد بعد رحلة طيران طويلة . سوف يستغرق ألأمر منى بضعة أيام كى أتكيف مع فارق التوقيت والارتفاع عن سطح البحر . فى هذه اللحظة اعتبر جسمى النهار ليل وأن الليل نهار . لذلك عندما حان وقت الاستيقاظ ، كنت لا أزال متعبة . فى اليوم التالى دخلت المقبرة مع الدكتور حافظ والآخرين . كنا جميعاً محبين للاستطلاع . قام رامون والعمال الآخرين بتوسيع فتحة الحائط أكثر مما كانت عليه . وقاموا بوضع سلم داخل الكهف . ليس من السهل النزول إلى أسفل على سلم فى الظلام . كنت أرتدى خوذة بها بطارية كشافة . عندما التفت برأسى سطع ضوء مصباح البطارية على الصخرة المواجهة لى . إلا أن البطارية الكشافة لم تساعدنى أن أجد مكاناً أضع فيه قدمى . شيئا فشيئاً وصلت إلى قاع الكهف . كان الجو بارداً وجافاً بالداخل . لم يدخل الهواء هناك سوى من خلال الفتحة التى فتحناها فى الحائط من قبل . عندما وصلنا نحن الأربعة إلى أسفل عند قاع الكهف بدأنا ننظر فيما حولنا . كان رامون قد قال إنه قد رأى عظاماً بشرية . سرعان ما وجدناها بالقرب من وسط الكهف . كانت بعض هذه العظام مفقودة والبعض يغطيه التراب . إلا أنه كان من الواضح أنها عظام رجل . كان على الأرض فى وضع الجلوس . كانت هناك بعض القطع الصغيرة من القماش التى أصبحت الآن باهتة اللون ، لكن ربما كانت ألأوانها زاهية عندما دفنت هذه الجثة عن قرب . وفجأة ، شهقت شهيقاً مسموعاً . وكذا فعل الآخرون . كانت الجمجمة مكسورة وبها شق كبير من أحد جانبيها إلى الجنب الآخر . قال الدكتور حافظ ببطء : " ربما تم قتله " . تكلم الدكتور حافظ بصوت هامس وكأنه لم يشأ أن يقلق مضجع الرجل المميت . مرحباً يا سميرة ! خمنى ما ألأمر ؟ أختك الكبرى يكتب عنها فى الجرائد ! لقد وجدت شيئاً هاماً قد يثبت أن المقبرة التى نستكشفها مقبرة ملك من عصور إنكا . بالطبع يريد الدكتور حافظ المزيد من الأدلة ، ولكنها إشارة جيدة إلى حد ما . كان اليوم قد أوشك على الانتهاء حيث كنا نواصل العمل بكد حقاً . الجو حار والهواء فاسد فى المقبرة . وبحلول نهاية فترة ما بعد الظهر كنا نشعر بالحرارة والتعب الشديدين . حسن ، انتهينا من العمل ، وكنت قد بدأت لتوى فى جمع أدواتى لوضعها فى الحقيبة . معى مسطرين وفرشاة وبضعة أشياء أخرى أحتفظ بها فى حقيبة . التقطت الحقيبة لأضع ألأدوات بها . أزاحت الحقيبة بعض التراب الموجود تحتها . رأيت شيئاً لامعاً على الأرض . اخرجت فرشاتى مرة أخرى وأزحت المزيد من التراب . كانت تشبه حجراً مستديراً صغيراً . إلا أن لونه كان أصفر باهتاً . أزحت المزيد من التراب . ظهرت رأس حيوان كانت صغيرة جداً ولكن كان بها وجه وأذنان وعينان . شعرت بإثارة شديدة . نظرت فيمن حولي . كان الآخرون جميعاً قد بدأوا فى مغادرة المقبرة . قال الدكتور حافظ : " هيا يا ليلى . حان وقت التوقف عن العمل . لقد فعلتي ما يكفى اليوم " . " يا دكتور حافظ ، أعتقد أننى وجدت شيئاً " . اندفع نحوى . وكذا فعل الآخرون . أطلعتهم على رأس الحيوان . بدأنا جميعا نزيح التراب عن التمثال . حفرنا حول التمثال ببطء وحرص شديدين . أخيراً أزحنا كل التراب بعيداً . رفعه الدكتور حافظ بكلتا يديه ونظر إليه . كان ضئيل الحكم ـ طوله حوالى خمسة سنتيمترات فقط ـ ولكنه حيوان من نوع غير معروف ، له رأس مربع وذيل سميك . رفعه الدكتور حافظ نحو الضوء . قال بصوت هامس : " إنه جميل" . سألت : " ما هذا الحيوان ؟ " . قال : " إنه حيوان اللاما . استخدم أهل إنكا حيوانات اللاما كاستخدامنا للإبل . لم يكونوا قد اخترعوا العجلة وقتئذ فكانوا يحملون كل شئ على ظهور حيوانات اللاما " . قالت إيماليا : " يبدو وكأنه مصنوع من الذهب " . أجاب الدكتورحافظ : " أجل ، أعتقد أنك على صواب " . أدار التمثال فى يديه .لم يستطع أن يتوقف عن النظر إليه . " هل يعنى ذلك أن هذه المقبرة مقبرة ملك ؟ " . توقف الدكتور حافظ قليلاً وقال : " إن ذلك يعنى أنها مقبرة شخص هام . فقد كانوا يتركون تماثيل من الذهب فى مقابر الملوك والنبلاء فقط . هذه اللاما الذهبية تزيد من احتمال أن تكون هذه مقبرة ملكية ، إلا أنها لا تثبت ذلك " . كتبت رسالة البريد الإلكترونى فى المكتب وأرفقت بها الصورة الرقمية . كان الدكتور حافظ والآخرون قد ذهبوا إلى كوينكو . كان بابلو ألأفاريز يشعر بإثارة شديدة بشأن اللاما الذهبية ، وأراد أن يبلغ مكتبه عنها . قررت أنا أن أبقى بالموقع . قلت لنفسى : من المحتمل أن أذهب إلى البلدة فيما بعد . أردت أن أبلغ سميرة باكتشافى . وعندما انتهيت من كتابة البريد الإلكترونى لم أعد أشعر بالتعب . حزنت لأننى لم أذهب مع الآخرين إلى كوينكو . فقد قال الدكتور حافظ إنه سوف يدعوهم جميعاً للغداء فى احسن مطاعم البلدة . تساءلت عما إذا كان من الواجب أن أتصل به بالتليفون المحول الخاص بى وأبلغه أننى سأذهب معهم برغم كل شئ . التقطت التليفون ثم وضعته مرة أخرى فى مكانه . مددت ذراعى وتثاءبت . كنت احتاج إلى بعض الهواء النقى . أغلقت جهاز الكمبيوتر النقال الخاص بى . فتحت باب المكتب وخطوت إلى الخارج . كان الهواء بارداً ونقياً . نظرت إلى أعلى تجاه السماء . كانت مليئة بالنجوم . ففى هواء الجبل الصافى كانت النجوم تبدو ساطعة حقا . إلا أن هذا هو نصف الكرة الأرضية الجنوب فلم أتعرف على النجوم المألوفة التى عرفتها فى مصر . نظرت فى اتجاه الكهف لذى وجدت فيه اللاما ، شعرت بالسرور . كان الدكتور حافظ يشعر بالقلق بأن يكون قد أخط بشأن المقبرة . لكنه الآن قد حدد تاريخ القماش ووجدنا اللاما الذهبية . لقد كان يراعى الحرص ولكنى أعتقد أنه متأكد إلى حد ما أننا اكتشفنا مقبرة ملكية . سمعت ضجة تأتى من فوقى على ارتفاع بعيد وكان أحدهم يفتح باب الكهف الخشبى . ناديت : " أنا هنا فى الأسفل " . " ليلى ، هل أنت بخير ؟ ماذا حدث ؟ " كان هذا صوت الدكتور حافظ . نزل السلم ، وهبط عليه إلى أسفل الدكتور حافظ ورامون إلى داخل الكهف . قلت : " أوه ، دكتور حافظ . أنا مسرورة جدا لوجودك هنا " . واخبرته بما قد حدث . قال الدكتور حافظ : " إذن فقد كان لاندر ، أليس كذلك ؟ ولكن كيف وجد هذا المكان بهذه السهولة ؟ " . قال رامون : " من المؤكد أنه سأل فى كوزكو أو فى كوينكو . فالناس يعلمون عن عملنا " . كوينكو ! هذا هو ما حدث . لقد كان لاندر هو الذى يتحدث إلى ونظرت إليه . راودنا نفس التفكير . قال الدكتور حافظ ببطء : " ليس من الممكن أن تكون إيماليا . فهى لا يمكن أن تفعل شيئا مثل ذلك " . " لكنى رأيتها فى كوينكو تتحدث إليه . أخبرتنى بأنه هو لاندر . كان رجال الشرطة يقتحمون الخزانة . كان الباب المعدنى السميك مفتوحا ولكن القفل لم يكن مكسورا . كان أحد رجال الشرطة يضع نوعا خاصا من المساحيق على الخزانة . أوضح ذلك الدكتور حافظ قائلا : " شخص ما فتح باب الخزانة مستخدما مفتاحا . وربما يكون اللص قد دخل إلى الكوخ من خلال ذلك الشباك . أخشى أنه كان مفتوحا " . سألت : " ولكن كيف يستطيع أى أحد أن يحصل على المفتاح ؟ هل تحدثت مع بابلو ؟ " . أجاب الدكتور حافظ :" ليس بعد . فهو اليوم فى كوينكو حيث يجتمع مع موظفى اليونسكوفهم سعداء عندما سمعوا بذلك " . تقدم رئيس الشرطة نحو الدكتور حافظ وذهب إلى الخارج . كانا يتحدثان بأصوات منخفضة . بعد بضع دقائق رجعا . تحدث الدكتور حافظ إلى الجميع . قال : " أنا آسف لأن رجال الشرطة يريدون أن يحصلوا على بصمات أصابعنا جميعا . إنهم يريدون أن يعرفوا صاحب بصمات الأصابع الموجودة على الخزانة . وهم يريدون أن يفتشوا حاجيات الأصابع ". كان لكل فرد مكان يضع فيه ملابس العمل ليلا وملابسه العادية أثناء النهار . انتظرنا . لم يتحدث أحد . كان الجو مشوبا بشعور بالشك . لم يشعر أحد بالاطمئنان . بعد مرور بعض الوقت رأيت رئيس الشرطة يذهب إلى الدكتور حافظ ويتحدث معه بهدوء . نظر الدكتور حافظ إلى أعلى فجأة فى اتجاهى . كان وجهه شاحبا وبدت عيناه غريبتين . تقدم نحوى . قال بصوت منخفض : " يريد رئيس الشرطة أن يتحدث إليك . تعالى إلى مكتبى " . كنت مندهشة . ظننت أنهم كانوا قد وجهوا إلىّ أسئلة كافية فى اليوم السابق . دخلنا إلى كوخ الدكتور حافظ وأغلق الباب . قال : " يا ليلى . إننى مندهش ومتضايق جدا . لم يجد رجال الشرطة القناع الذهبى ولكنه وجدوا هذا بين ملابس العمل الخاصة بك " . فتح رجل الشرطة يده . كان بها أرنب ذهبى صغير . قلت : " أنا لم أسرق هذا . إننى لم أره من قبل " . " لكنه كان بين أغراضك " . صرخت : " أنا لم أسرقه . أنا لم أسرقه " . كنت أرتعش . كيف يمكن أن يحدث هذا لى ؟ قال الدكتور حافظ : " إننى أصدقك يا ليلى . ولكن للأسف سوف تضطرين للذهاب مع الشرطة الآن . سوف يتعين علىّ أن أكتشف من فعل هذا . من المؤكد أنه ليس لاندر . من المؤكد أن شخصا آخر فعلها . شخص لا يحبك . شخص يريد اعتبارك مسئولة عن سرقة القناع الذهب" أخذونى فى سيارة الشرطة إلى قسم الشرطة المحلى . لم أكن قد دخلت قسم شرطة من قبل فى حياتى . لم تكن هذه تجربة سارة . كنت فى بلد بعيد عن موطنى ولا أتكلم لغتهم . على الأقل كانوا يعاملوننى باحترام إلا أنهم وضعونى فى زنزانة الشرطة وأوصدوا الباب وتركونى . فى هذه اللحظة انفجرت فى البكاء . لماذا أتيت إلى هذا البلد ؟ ولماذا حدث لى ذلك ؟ لماذا ؟ لماذا ؟ لماذا ؟ أسئلة كثيرة جداً وإجابات قليلة جداً. |
الف شكر يا اخى و ربنا يجعلك فى كل حرف كتبته حسنة
|
بارك الله فيك وجعله فى ميزان حسناتك
|
شكرا على المجهود الجبار
ولكن الترجمة غير مكتملة بعد حيث أن تلك الترجمة إلى منتصف الفصل الثامن فقط |
جزاك الله عنا ألف خير |
رائع جداًاًاًاً
|
شكرااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااا اااااااااااااااااااا
|
thank youuuuuuuuuuuuuuuuuuuuuuu
|
بارك الله فيكم وشــــــــــــــــــــــــــــــــــــكرا
|
...................شكرا خالص
|
شكرا على المجهود الجبار
|
بجد ميرسي لاني كنت عوزاها..
|
طب ممكن باقي القصه لان اسلوب حضرتك يامستر سهل وروعه..وميرسي مره تانيه..
|
شكراا جزيلا علي الترجمه
|
thanks
so much |
جميع الأوقات بتوقيت GMT +2. الساعة الآن 06:00 AM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.