هذي الطيور تغربت بل هُجرت
في ليلة قد خُربت أكنانها

وتساقطت أوراق أشجار بكت
وتحرقت في غربة أفنانها

وبدت غيوم في السماء تحجرت
وانساب من فرط النحيب عنانها

أرض الإباء كسا الحسومُ رياضها
ما عاد يزهر بالمنى بستانها

وزهورها أضحت بلا عبق على الـ
طرقات قد سكبت دما ألوانها

وبيوتها بين الخراب طلولها
مهجورة قد عافها سكانها

والظلم أضحى من مآثر قومها
وعلى المقاصل أعدمت فرسانها

وبدا النعيقُ على الروابي لحنُها
وبه عيانا قد شدا كروانها

وهن شديد قد أصاب عروقها
فاستسلمت لمصيرها غزلانها

قد خطط الأعداء يوما محوها
عرف الطريقَ إلى الأسى خسرانها

زرع القرود لهم على أملاكها
وطنا به سفك الدما كهانها

الذبح والتقتيل والتخريب والـ
توطين في تلمودها عنوانها

وبنوا لهم على الجماجم هيكلا
في سهوة غدرا علا بنيانها

بالمسجد الأقصى الأسير تمرغوا
والتف حول دثاره ثعبانها

نثروا الدماء على شفا محرابه
وأقام فيه واعظا شيطانها


القدس تبكي ليلها ونهارها
مر السنين تكاثرت أحزانها

لبست ثياب الحزن في أيامنا
عار علينا في الوغى نسيانها

القدس نادت في البيادر والقرى
صاحت وصاخت .. أشعلت نيرانها

أين الجدود ودربهم؟ رسموا لنا
تاريخ أمجاد زها ريحانها

يا قدس قد رحل الجدود وبأسهم
هيهات ليس بعائد فرسانها

ما عاد يجدي في المآقي دمعها
مازال يختزل النفوس جبانها

فتحملي غدر الزمان ومكره
فلربما يأتي غدا رُبّانها

ولربما يعلو السماء نشيدنا
يرخي علينا بالرضا رحمانها

ويجيء فجرك باسما متلألئا
فيه الأغاني عذبة ألحانها


محمد خلف الونيني