![]() |
جهود الصحابة الأئمة والسلف الصالح فى حفظ السُنة المطهرة
جهود الخلفاء و الصحابة الأئمة والسلف في حفظ السنّة (1) جهود الأئمة في حفظ السنّة بلّغ رسول الله -http://forums.ozkorallah.com/images/smilies/sallah.gif- دين الله تعالى أكمل بلاغ وأتمه ، وحرص على تعليم أصحابه وتفهيمهم دلائل الكتاب والسنة ، ولقد تتابع اهتمام السلف الصالح بحفظ السنة ونقلها على الوجه الصحيح منذ عصر الصحابة http://forums.ozkorallah.com/images/smilies/radia.gifم إلى هذا العصر ، حتى إنّ الصحابة http://forums.ozkorallah.com/images/smilies/radia.gifم لاستشعارهم أهـمية هذا الأمر العظيم ، نقلوا لنا كل كبير وصغير من حياة النبي http://forums.ozkorallah.com/images/smilies/sallah.gif ، مما يحتاجه الناس في دينهم ، سواء أكان ذلك في حال إقامته أو سفره ، في سلمه أو حربه ، في رضاه أو غضبه ، حتى في خاصته مع زوجاته أمهات المؤمنين http://forums.ozkorallah.com/images/smilies/radia.gifن ، بل وفي شأنه كله [1] ، ولهذا قال : أبو ذر الغفاري http://forums.ozkorallah.com/images/smilies/radia.gif : تركَنا رسول الله http://forums.ozkorallah.com/images/smilies/sallah.gif وما طائر يقلب جناحيه في الهواء ، إلا وهو يذكر لنا منه علماً ، قال : فقال رسول الله http://forums.ozkorallah.com/images/smilies/sallah.gif : (ما بقي شيء يقرب من الجنة ، ويباعد من النار ، إلا وقد بُيِّن لكم) [2] ، وهذا مصداق قوله : (تركتكم على مثل البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها بعدي إلا هالك) [3] . وعلى الرغم من تتابع القرون ، وتعاقب الأجيال .. وعلى الرغم من كثرة الزنادقة والمفسدين ، إلا أن الله تعالى حفظ سنة نبيه من التبديل والتحريف ، وبذل أئمة الإسلام جهوداً عظيمة جداً في حفظها ورعايتها ، ووقفوا سداً منيعاً في وجوه الزنادقة والعابثين قديماً وحديثاً ، وهذه منّة جليلة على هذه الأمة ، نحمد الله تعالى عليها حمداً كثيراً . وقد تمثلت جهود الأئمة في حفظ السنة في مسائل عديدة ، أذكر منها : أولاً : حفظ السنة وضبطها في عصر النبي http://forums.ozkorallah.com/images/smilies/sallah.gif وعصر الصحابة : حَثّ النبي http://forums.ozkorallah.com/images/smilies/sallah.gif على حفظ السنة ونقلها : حثّ رسول الله http://forums.ozkorallah.com/images/smilies/sallah.gif على رعاية السنة النبوية ونقلها ، فقال : (بلغوا عني ولو آية) [4] ، وكان يقول في مناسبات عدة : (وليبلِّغ الشاهد الغائب) [5] . وكان النبي http://forums.ozkorallah.com/images/smilies/sallah.gif حريصاً أشدّ الحرص على أن يُنقل كلامه نقلاً صحيحاً دقيقاً ، ويتبيّن ذلك في الأمور التالية : أ - ترغيبه في حفظ السنة ونقلها : رغّب رسول الله -http://forums.ozkorallah.com/images/smilies/sallah.gif- في حفظ السنة ، ودعا لنَقَلَةِ الحديث بالنضارة والبهاء ، فقال : (نضّر الله امرءاً سمع منّا حديثاً ، فحفظه حتى يبلغه غيره ، فرُبّ حامل فقه إلى من هو أفقه منه ، وربّ حامل فقه ليس بفقيه) [6] . وكان يقول لأصحابه : (احفظوهنّ وأخبروا بهن مَنْ وراءكم) [7] . وقال لمالك بن الحويرث وأصحابه : ( لو رجعتم إلى بلادكم فعلّمتموهم ) [8] . ب- دعاؤه لأصحابه بالفهم والحفظ : كان رسول الله http://forums.ozkorallah.com/images/smilies/sallah.gif يدعو لبعض أصحابه بالفقه والفهم ، فهو يقول عن ابن عباس http://forums.ozkorallah.com/images/smilies/radia.gifما : (اللهم فقهه في الدين) [9] ، وكان يدعو لبعض أصحابه بالحفظ والضبط ، فها هو ذا يقول لأصحابه يوماً : (من يبسط ثوبه حتى أقضي مقالتي ، ثم يقبضه إليه ، لم ينس شيئاً سمع مني أبداً) ، قال أبو هريرة http://forums.ozkorallah.com/images/smilies/radia.gif : ففعلتُ ، فوالذي بعثه بالحق ما نسيت شيئاً سمعته من [10]. ج - تكراره الحديث حتى يُفهم عنه : عن أنس بن مالك http://forums.ozkorallah.com/images/smilies/radia.gif عن النبي http://forums.ozkorallah.com/images/smilies/sallah.gif : (أنّه كان إذا تكلم بكلمة أعادها ثلاثاً ، حتى تفهم عنه) [11] . د - مراجعته لمحفوظات بعض أصحابه : عن البراء بن عازب http://forums.ozkorallah.com/images/smilies/radia.gif أن رسول الله http://forums.ozkorallah.com/images/smilies/sallah.gif قال : (إذا أخذت مضجعك ، فتوضأ وضوءك للصلاة ، ثم اضطجع على شقك الأيمن ، ثم قل : اللهم أسلمت وجهي إليك ، وفوّضت أمري إليك ، وألجأت ظهري إليك ، رغبة ورهبة إليك ، لا ملجأ ولا منجا منك إلا إليك ، آمنت بكتابك الذي أنزلت وبنبيك الذي أرسلت ، واجعلهن من آخر كلامك ، فإن مت من ليلتك مت وأنت على الفطرة) . قال : فردّدتهن لأستذكرهن ، فقلت : آمنت برسولك الذي أرسلت ، قال : (قل : آمنت بنبيك الذي أرسلت) [12] . هـ ـ تحذيره الشديد من الكذب عليه : حذر النبي http://forums.ozkorallah.com/images/smilies/sallah.gif تحذيراً شديداً من الكذب عليه ، فقال : (من كذب عليّ متعمداً فليتبوأ مقعده من النار) [13] وقال : (من حدث عني بحديث يرى أنه كذب فهو أحد الكاذبين) [14] . وهذا التحذير إنما هو لمن جاء بعد الصحابة http://forums.ozkorallah.com/images/smilies/radia.gifم ، إذ إن الصحابة عدول بتعديل الله تعالى لهم ، (فلا يعرف من الصحابة من تعمد الكذب على رسول الله http://forums.ozkorallah.com/images/smilies/sallah.gif ، وإن كان فيهم من له ذنوب ، لكن هذا الباب ممّا عصمهم الله فيه من تعمد الكذب على نبيهم) [15] . وإذنه للصحابة بكتابة الحديث : كان النبي http://forums.ozkorallah.com/images/smilies/sallah.gif قد نهى أصحابه عن كتابة السنة [16] ، خشية أن تختلط بالقرآن ، أو أن يشتغل الناس بها دون القرآن ، فلما أمن ذلك أذن لأصحابه بكتابة السنة زيادة في الضبط والإتقان ، فعن عبد الله بن عمرو بن العاص http://forums.ozkorallah.com/images/smilies/radia.gifما أنه قال : كنت أكتب كل شيء أسمعه من رسول الله http://forums.ozkorallah.com/images/smilies/sallah.gif أريد حفظه ، فنهتني قريش ، وقالوا : أتكتب كل شيء تسمعه ، ورسول الله http://forums.ozkorallah.com/images/smilies/sallah.gif بشر يتكلم في الغضب والرضا ؟ ! فأمسكت عن الكتاب ، فذكرت ذلك لرسول الله http://forums.ozkorallah.com/images/smilies/sallah.gif ، فأومأ بإصبعه إلى فيه ، فقال : (اكتب ، فوالذي نفسي بيده ما خرج منه إلا حق) [17] . وفي عام الفتح خطب خطبة في مكة ، فجاء رجل من أهل اليمن ، فقال : اكتب لي يا رسول الله ، فقال رسول الله : (اكتبوا لأبي فلان) [18] . ولهذا كان النبي http://forums.ozkorallah.com/images/smilies/sallah.gif يحث أصحابه على هذا ، ويقول : (قيّدوا العلم بالكتاب) [19] . ثانياً : حرص الصحابة http://forums.ozkorallah.com/images/smilies/radia.gifم على حفظ السنة وضبطها : كان الصحابة http://forums.ozkorallah.com/images/smilies/radia.gifم يحرصون على الجلوس عند النبي http://forums.ozkorallah.com/images/smilies/sallah.gif وحفظ حديثه ، وكانوا أخلص الناس في طلب العلم وفهمه ، وأكتفي هنا بالمثالين التاليين : المثال الأول : تناوبهم في الجلوس عند رسول الله http://forums.ozkorallah.com/images/smilies/sallah.gif : عن عمر بن الخطاب http://forums.ozkorallah.com/images/smilies/radia.gif قال : (كنت أنا وجار لي من الأنصار في بني أمية بن زيد وهي من عوالي المدينة ، وكنّا نتناوب النزول على رسول الله -http://forums.ozkorallah.com/images/smilies/sallah.gif- ، ينزل يوماً وأنزل يوماً ، فإذا نزلت جئته بخبر ذلك اليوم من الوحي وغيره ، وإذا نزل فعل مثل ذلك) [20] . المثال الثاني : الرحلة في طلب الحديث : كان الصحابة http://forums.ozkorallah.com/images/smilies/radia.gifم يحرصون على طلب الحديث ، ويبذلون في ذلك جهداً عظيماً ، حتى قال عبد الله بن مسعود http://forums.ozkorallah.com/images/smilies/radia.gif : (والله الذي لا إله غيره ، ما أنزلت سورة من كتاب الله إلا أنا أعلم أين نزلت ، ولا أنزلت آية من كتاب الله إلا أنا أعلم فيمن نزلت ، ولو أعلم أحداً أعلم مني بكتاب الله تبلغه الإبل لركبت إليه) [21] . وقد رحل جابر بن عبد الله http://forums.ozkorallah.com/images/smilies/radia.gif مسيرة شهر ، إلى عبد الله بن أُنيس http://forums.ozkorallah.com/images/smilies/radia.gif في حديث واحد [22] . وعن عطاء : أن أبا أيوب رحل إلى عقبة بن عامر فلما قدم مصر ، أخبروا عقبة فخرج إليه ، قال : حديث سمعته من رسول الله http://forums.ozkorallah.com/images/smilies/sallah.gif في ستر المسلم لم يبق أحد سمعه غيري وغيرك ، قال : سمعت رسول الله http://forums.ozkorallah.com/images/smilies/sallah.gif يقول : (من ستر مؤمناً على خزية ستر الله عليه يوم القيامة) ، قال : فأتى أيوب راحلته فركبها ، وانصرف إلى المدينة ، وما حلّ رحله) [23] . وهذه الأمثلة تدلّ على تفانٍ عظيم في حفظ السنة ، فكانوا قدوة حميدة لمن جاء بعدهم من التابعين وتابعيهم ، ومراجعة كتاب : (الرحلة في طلب الحديث) للخطيب البغدادي تعطي تصوراً واضحاً عن الجهد الكبير الذي بذله أئمتنا في جمع السنة وحفظها . ثالثاً : توقي الصحابة وورعهم في روايتهم عن النبي http://forums.ozkorallah.com/images/smilies/sallah.gif : كان الصحابة http://forums.ozkorallah.com/images/smilies/radia.gifم يتورعون أشد التورع في الرواية عن النبي http://forums.ozkorallah.com/images/smilies/sallah.gif ، فعن عمرو بن ميمون قال : كنت آتي ابن مسعود كل خميس ، فإذا قال : سمعت رسول الله-http://forums.ozkorallah.com/images/smilies/sallah.gif ، انتفخت أوداجه ، ثم قال : (أو دون ذلك ، أو فوق ذلك ، أو قريب ذلك ، أو شبيه ذلك ، أو كما قال) [24] . وعن السائب بن يزيد قال : (صحبت عبد الرحمن بن عوف ، وطلحة بن عبيد الله ، وسعد بن أبي وقاص ، والمقداد بن الأسود ، فلم أسمع أحداً منهم يتحدث عن رسول الله http://forums.ozkorallah.com/images/smilies/sallah.gif ، إلا أني سمعت طلحة بن عبيد الله يتحدث عن يوم أحد) [25] . وعن أبي إدريس : أن أبا الدرداء كان يحدث بالحديث عن رسول الله http://forums.ozkorallah.com/images/smilies/sallah.gif ، فإذا فرغ منه قال : هذا أو نحو هذا ، أو شكله) [26] . وعن حبيب بن عبيد الرجي قال : (إن كان أبو أمامة ليحدثنا الحديث كالرجل الذي عليه أن يؤدي ما سمع) [27] . رابعاً : دقة الصحابة http://forums.ozkorallah.com/images/smilies/radia.gifم في الرواية : كان الصحابة http://forums.ozkorallah.com/images/smilies/radia.gifم يتحرون الدقة في روايتهم عن النبي http://forums.ozkorallah.com/images/smilies/sallah.gif ، ويتورعون في ذلك أشد التورع ؛ فها هو ذا عبد الله بن عمر يسمع عبيد بن عمير يحدث بحديث رسول الله http://forums.ozkorallah.com/images/smilies/sallah.gif : (مثل المنافق كمثل الشاة الرابضة بين الغنمين) ، فقال ابن عمر : ويلكم ، لا تكذبوا على رسول الله http://forums.ozkorallah.com/images/smilies/sallah.gif ، إنما قال رسول الله http://forums.ozkorallah.com/images/smilies/sallah.gif- : (مثل المنافق كمثل الشاة العائرة بين الغنمين) [28] . ولهذا قال محمد بن علي : (كان ابن عمر إذا سمع الحديث لم يزد فيه ، ولم ينقص منه ، ولم يجاوزه ، ولم يقصر عنه) [29] . وكان الأعمش يقول : (كان هذا العلم عند أقوام كان أحدهم لأن يخرّ من السماء أحب إليه من أن يزيد فيه واواً أو ألفاً أو دالاً) [30] . ومن كان من الصحابة يروي بالمعنى ، فإنه يتحرى الدقة في ذلك ، فعن عروة ابن الزبير قال : قالت لي عائشة http://forums.ozkorallah.com/images/smilies/radia.gifا : يا بني يبلغني أنك تكتب عني الحديث ، ثم تعود فتكتبه ، فقلت لها : أسمعه منك على شيء ، ثم أعود فأسمعه على غيره ، فقالت : هل تسمع في المعنى خلافاً ؟ قلت : لا ، قالت : لا بأس بذلك [31] . خامساً : تثبت الصحابة http://forums.ozkorallah.com/images/smilies/radia.gifم في سماع الحديث : إن للرواية عن النبي http://forums.ozkorallah.com/images/smilies/sallah.gif شأناً عظيماً جدّاً ، ولذا كان أصحابه يتثبتون عند السماع ، ويتأكدون من صحة النقل ، ونقل عنهم في ذلك أمثلة كثيرة ، أذكر منها : أ- تثبت أبي بكر الصديق http://forums.ozkorallah.com/images/smilies/radia.gif : جاءت الجَدّة إلى أبي بكر http://forums.ozkorallah.com/images/smilies/radia.gif تسأله عن ميراثها ، فقال لها : ما لك في كتاب الله شيء ، ولا علمت لك في سنة رسول الله http://forums.ozkorallah.com/images/smilies/sallah.gif شيئاً ، فقال المغيرة بن شعبة http://forums.ozkorallah.com/images/smilies/radia.gif : حضرت رسول الله http://forums.ozkorallah.com/images/smilies/sallah.gif أعطاها السدس ، فقال أبو بكر : هل معك غيرك ؟ فقام محمد بن مسلمة الأنصاري ، فقال مثل ما قال المغيرة ، فأنفذ لها أبو بكر [32] . ولهذا قال الذهبي في ترجمة أبي بكر الصديق : (وكان أول من احتاط في قبول الأخبار) [33] . ب- تثبت عمر بن الخطاب http://forums.ozkorallah.com/images/smilies/radia.gif : عن أبي سعيد الخدري قال : (كنا في مجلس عند أبي بن كعب ، فأتى أبو موسى الأشعري مغضباً ، حتى وقف فقال : أنشدكم الله هل سمع أحد منكم رسول الله http://forums.ozkorallah.com/images/smilies/sallah.gif يقول : الاستئذان ثلاث ، فإن أذن لك وإلا فارجع ؟ قال أبيّ : وما ذاك ؟ قال : استأذنت على عمر بن الخطاب ثلاث مرات ، فلم يؤذن لي ، فرجعت ، ثم جئته اليوم فدخلت عليه ، فأخبرته أني جئت بالأمس فسلمت ثلاثاً ، ثم انصرفت ، قال : قد سمعناك ، ونحن حينئذ على شغل ، فلوما استأذنت حتى يؤذن لك ، قال : استأذنت كما سمعت رسول الله http://forums.ozkorallah.com/images/smilies/sallah.gif ، قال : فوالله لأوجعن ظهرك وبطنك ، أو لتأتين بمن يشهد لك على هذا ، فقالوا : لا يشهد لك على هذا إلا أصغرنا ، فقام أبو سعيد فقال : كنا نؤمر بهذا ، فقال عمر : خفي عليّ هذا من أمر رسول الله http://forums.ozkorallah.com/images/smilies/sallah.gif ؛ ألهاني عنه الصفق بالأسواق)[34] وزاد مالك في الموطأ : أن عمر قال لأبي موسى : (أما إني لم تهمك ، ولكني أردت ألاّ يتجرأ الناس على الحديث عن رسول الله http://forums.ozkorallah.com/images/smilies/sallah.gif) [35] . ج- تثبت عائشة بنت أبي بكر http://forums.ozkorallah.com/images/smilies/radia.gifا : عن عروة بن الزبير قال : قالت لي عائشة : يا ابن أختي ، بلغني أن عبد الله بن عمرو مارّ بنا إلى الحج فالقه فسائله ، فإنه قد حمل عن النبي http://forums.ozkorallah.com/images/smilies/sallah.gif علماً كثيراً ، قال : فلقيته ، فسألته عن أشياء يذكرها عن رسول الله http://forums.ozkorallah.com/images/smilies/sallah.gif ، قال عروة : فكان فيما ذكر : أن النبي http://forums.ozkorallah.com/images/smilies/sallah.gif قال : (إن الله لا ينزع العلم من الناس انتزاعاً ، ولكن يقبض العلماء ، فيرفع العلم معهم ، ويبقى في الناس رؤساء جهال يفتونهم بغير علم ، فيضلون ويضلون) ، قال عروة : فلما حدثت عائشة بذلك أعظمت ذلك وأنكرته ، قالت : أحدثك أنه سمع النبي http://forums.ozkorallah.com/images/smilies/sallah.gif يقول هذا ؟ ! قال عروة : حتى إذا كان قابل : قالت له : إن ابن عمرو قد قدم ، فالقه ثم فاتحه حتى تسأله عن الحديث الذي ذكره لك في العلم ، قال : فلقيته فسألته ، فذكره لي نحو ما حدثني به في مرته الأولى . قال عروة : فلما أخبرتها بذلك ، قالت : ما أحسبه إلا قد صدق ، أراه لم يزد فيه شيئاً ولم ينقص شيئاً ، وفي رواية للبخاري أنها قالت : والله لقد حفظ عبد الله بن عمرو [36] . د - تثبت عبد الله بن عباس http://forums.ozkorallah.com/images/smilies/radia.gif : عن مجاهد قال : جاء بشير العدوي إلى ابن عباس ، فجعل يحدِّث ويقول : قال رسول الله http://forums.ozkorallah.com/images/smilies/sallah.gif ، قال رسول الله http://forums.ozkorallah.com/images/smilies/sallah.gif ، فجعل ابن عباس لا يأذن لحديثه ، ولا ينظر إليه ، فقال : يا ابن عباس ! ما لي لا أراك تسمع لحديثي ؟ أُحدثك عن رسول الله http://forums.ozkorallah.com/images/smilies/sallah.gif ولا تسمع ! فقال ابن عباس : (إنا كنا مرة إذا سمعنا رجلاً يقول : قال رسول الله -http://forums.ozkorallah.com/images/smilies/sallah.gif- ، ابتدرته أبصارنا ، وأصغينا إليه بآذاننا ، فلمّا ركب الناس الصعب والذلول ، لم نأخذ من الناس إلا ما نعرف) [37] . ==================== (1) من الأمثلة اللطيفة في دقة الصحابة (http://forums.ozkorallah.com/images/smilies/radia.gifم) في النقل : قول عبد الله بن مسعود : (لقد رأيت رسول الله -http://forums.ozkorallah.com/images/smilies/sallah.gif- ضحك حتى بدت نواجذه) أخرجه مسلم ، ح/ 186 . (2) أخرجه : الطبراني في الكبير ، ح/1647 ، وإسناده صحيح . (3) أخرجه : أحمد ، (4/126) ، وابن ماجة ، ح/43 ، وإسناده صحيح . (4) أخرجه : البخاري (6/496) . (5) أخرجه البخاري ، 1/158 ، 198 ، ح/67 ، 104 . (6) أخرجه أبو داود ، ح/3/438 ، والترمذي ، 4/141 ، وابن ماجة ، 1/ 84 ، وإسناده صحيح . (7) أخرجه البخاري ، ح/1/129 ، 184 ، ح/53 ، 87 . (8) أخرجه البخاري (2/170) . (9) أخرجه البخاري (1/244) . (10) أخرجه البخاري ، ح/1/190 ، 5/21 ، 13/271 ، ومسلم ، ح/4/ 1940 رقم 2492 . (11) أخرجه البخاري ، 1/188 ، رقم 95 . (12) أخرجه مسلم ، 4/2082 ، رقم 2710 . (13) أخرجه البخاري ، ح/1/200 ، ومسلم ، 1/10 . (14) أخرجه مسلم (1/9) . (15) ابن تيمية في الرد على الأخنائي ، ص 103 . (16) ورد ذلك في حديث أبي سعيد الخدري مرفوعاً : (لا تكتبوا عني ، ومن كتب عني غير القرآن فليمحه) ، أخرجه : مسلم ، 4/2298 . (17) أخرجه أحمد ، 2/162 ، 192 ، وأبو داود ، ح/3646 ، وقال ابن حجر في الفتح ، 1/207 : (لهذا طرق يقوي بعضها بعضاً) . (18) أخرجه البخاري ، ح/112 ، 2434 ، 6880 ، ومسلم ، 2/989 ، وفي بعض الروايات : (اكتبوا لأبي شاة) . (19) أخرجه الحاكم ، 1/106 ، وغيره ، وصححه الألباني في صحيح الجامع ، ح/431 . (20) أخرجه البخاري ، 1/185 ، رقم 89 . (21) أخرجه البخاري ، 9/47 ، ومسلم ، 4/1910 1911 . (22) أخرجه البخاري تعليقاً مجزوماً به (1/173) ، وقال ابن حجر : (الإسناد حسن ، وقد اعتضد) . (23) الكامل لابن عدي : 1/32 ، وليس كلام ابن مسعود من باب الشك ، ولكنه من شدة التوقي والحذر . (24) أخرجه أحمد ، 4/153 ، والحميدي ، ح/384 ، وجامع بيان العلم (1/ 392) . (25) المرجع السابق : (1/30) . (26) الكفاية ، ص 241 . (27) الكفاية ، ص 206 . (28) المرجع السابق ، ص 208 . (29) المرجع السابق ، ص 205 . (30) المرجع السابق ، ص 212 . (31) المرجع السابق ، ص 240 . (32) الكفاية ، ص 26 . (33) تذكرة الحفاظ ، (1/2) . (34) أخرجه البخاري رقم (2062 و6245 و 7353) . (35) الموطأ (2/964) . (36) أخرجه البخاري ، ح/ 7307 ، ومسلم ، 4/2059 . (37) أخرجه مسلم ، 1/12 13 . يتبــــــــع |
تحدث الكاتب في الحلقة الأولى عن المعالم التي قادت المسلمين إلى حفظ السنة في صدر الإسلام ، ثم جهود الخلفاء (الأئمة) وكذلك الصحابة الأعلام http://forums.ozkorallah.com/images/smilies/radia.gifم . ويواصل الأخ الكاتب في هذه الحلقة بيان جهود الأئمة من السلف ومن بعدهم ثانياً : جهود السلف في حفظ السنة وضبطها : بذل أئمة الإسلام جهوداً عظيمة في حفظ السنة وتنقيحها ، وحمايتها من تحريف الغالين ، وانتحال المبطلين ، وتأويل الجاهلين ، وقد تمثلت جهودهم في مسائل عديدة ، أذكر منها : 1- حفظ السنّة : اهتم السلف الصالح بحفظ حديث النبي -http://forums.ozkorallah.com/images/smilies/sallah.gif- وإتقانه ، وجعلوا ذلك شرطاً من شروط الرواية ، حتى قال عبد الرحمن بن مهدي : (يحرم على الرجل أن يروي حديثاً في أمر الدين حتى يتقنه ويحفظه كالآية من القرآن ، وكاسم الرجل) [1] . وقد سطر أئمة الحديث أروع الأمثلة في هذا الباب ، وأتوا بما يبهر الإنسان ويعجزه ، ومن علامات ذلك : (أ) غزارة الحفظ : تميّز بعض الأئمة بكثرة محفوظاتهم وتنوعها ، وهناك أمثلة كثيرة جداً على ذلك ، وقد جمع الذهبي تراجم هؤلاء الحفاظ في كتابيه : (سير أعلام النبلاء) و (تذكرة الحفاظ) وذكر عجائب من علومهم وأحوالهم ، ومن أمثلة هذا الباب : المثال الأول : حفظ الإمام أحمد : كان الإمام أحمد واسع الحفظ ، جمع حديثاً كثيراً ، حتى قال أبو زرعة : (كان أحمد بن حنبل يحفظ ألف ألف حديث ، فقيل : ما يدريك ؟ قال : ذاكرته فأخذتُ عليه الأبواب) [2] . المثال الثاني : حفظ الإمام إسحاق بن راهويه : قال أبو داود الخفّاف : (سمعت إسحاق بن راهويه يقول : لكأني أنظر إلى مئة ألف حديث في كتبي ، وثلاثين ألفاً أسردها) . قال : (وأملى علينا إسحاق أحد عشر ألف حديث من حفظه ، ثم قرأها علينا ، فما زاد حرفاً ، ولا نقص حرفاً) [3] . وقال علي بن خشرم : (كان إسحاق بن راهويه يملي سبعين ألف حديث حفظاً) [4] . المثال الثالث : حفظ الإمام عبد الرحمن بن مهدي : قال القواريري : (أملى عليّ عبد الرحمن بن مهدي عشرين ألف حديث حفظاً) [5] . المثال الرابع : حفظ الإمام الحميدي : قال الإمام الشافعي : (ما رأيت صاحب بلغم أحفظ من الحميدي ، كان يحفظ لسفيان بن عيينة عشرة آلاف حديث) [6] . ب- قوة الحفظ ودقته : على الرغم من كثرة محفوظات الأئمة وتنوعها ، إلا أنهم تميزوا بقوة الحافظة ، والرعاية الشديدة لمحفوظاتهم ، حتى قال الأعمش : (كان هذا العلم عند أقوام كانأحدهم لأن يخرّ من السماء أحب إليه من أن يزيد فيه واواً أو ألفاً أو دالاً) [7] . ولهذا كان الإمام مالك يتحفظ من الباء والتاء والثاء ، في حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- [8] . ومن الأمثلة على قوّة الحفظ ودقته : المثال الأول : قوة حفظ الإمام الزهري : جمع الإمام الزهري علماً عظيماً ، واجتمع له ما لم يجتمع لغيره ، مع قوة وإتقان ، فقد قال عن نفسه : (ما استعدت حديثاً قط ، وما شككت في حديث إلا حديثاً واحداً فسألت صاحبي فإذا هو كما حفظت) [9] . وقد أراد هشام بن عبد الملك أن يمتحنه ، فسأله أن يملي على بعض ولده أربعمائة حديث ، وخرج الزهري ، فقال : أين أنتم يا أصحاب الحديث ؟ فحدثهم بتلك الأربعمائة ، ثم لقي هشاماً بعد شهر أو نحوه ، فقال للزهري : إن ذلك الكتاب ضاع ، فدعا بكاتب فأملاها عليه ، ثم قابل بالكتاب الأول فما غادر حرفاً واحداً) [10] . المثال الثاني : قوة حفظ قتادة بن دعامة : قال الإمام أحمد : (كان قتادة أحفظ أهل البصرة ، لا يسمع شيئاً إلا حفظه ، قرئ عليه صحيفة جابر مرة واحدة فحفظها) [11] . وقال معمر : (رأيت قتادة قال لابن أبي عروبة : أمسك عليّ المصحف ، فقرأ البقرة ، فلم يخطئ حرفاً ، فقال : يا أبا النضر ، لأنا لصحيفة جابر أحفظ مني لسورة البقرة) [12] . ولهذا قال قتادة عن نفسه : (ما قلتُ لمحدث قط أَعِدْ عليّ ، وما سمعت أذنا شيئاً إلا وعاه قلبي) [13] . المثال الثالث : قوة حفظ الإمام أحمد : كان الإمام أحمد آية في الحفظ والإتقان ، على الرغم من كثرة محفوظاته ، حتى قال ابن المديني : (ليس في أصحابنا أحفظ من أبي عبد الله أحمد بن حنبل) [14] . ومن شدة إتقانه أنه كان يقول لابنه عبد الله : (خذ أي كتاب شئت من كتب وكيع ، فإن شئت أن تسألني عن الكلام حتى أخبرك بالإسناد ، وإن شئت بالإسناد حتى أخبرك عن الكلام) [15] . المثال الرابع : قوة حفظ ابن أبي شيبة : قال عمرو الفلاس : (ما رأيت أحداً أحفظ للحديث من ابن أبي شيبة ، قدم علينا مع ابن المديني ، فسرد للشيباني أربعمائة حديث حفظاً وقام) [16] . ولهذا قال الخطيب البغدادي : (كان متقنا حافظاً مكثراً) [17] . وقال الذهبي : (كان بحراً من بحور العلم ، وبه يضرب المثل في قوة الحفظ) [18] . المثال الخامس : قوة حفظ الإمام البخاري : قال محمد بن حاتم : (قلت لأبي عبد الله : كيف كان بدء أمرك في طلب الحديث ؟ قال : ألهمتُ حفظ الحديث وأنا في الكُتّاب قال : وكم أتى عليك إذ ذاك ؟ قال : عشر سنين أو أقل ، ثم خرجت من الكُتّاب بعد العشر فجعلت أختلف إلى الداخلي وغيره ، وقال يوماً فيما كان يقرأ للناس : سفيان عن أبي الزبير عن إبراهيم ، فقلت له : يا أبا فلان ، إن أبا الزبير لم يرو عن إبراهيم ، فانتهرني ، فقلت له : ارجع إلى الأصل إن كان عندك ، فدخل ونظر فيه ثم خرج وقال لي : كيف هو يا غلام ؟ قلت : هو الزبير بن عدي عن إبراهيم ، فأخذ القلم مني وأحكم كتابه ، فقال : صدقت ، فقال له بعض أصحابه : ابن كم كنت إذ رددت عليه ؟ قال : ابن إحدى عشرة) [19] . وقصة البخاري لمّا قلبت عليه عشرة أحاديث بأسانيدها ومتونها لامتحانه ، فأعادها عليهم ، ثم ساقها على وجهها الصحيح ، قصة عجيبة تدل على إمامته في هذا العلم ، وقدرته العظيمة على الحفظ والاستيعاب) [20] . 2- جمع السنّة وتدوينها : حرص العلماء على سماع حديث النبي -http://forums.ozkorallah.com/images/smilies/sallah.gif- ، وتلقيه عن أئمته من الصحابة والتابعين ، ثم حرصوا على جمعه وتدوينه وكتابته ، وقد مرّ ذلك بثلاث مراحل : المرحلة الأولى : جمع السنة في أواخر القرن الأول : لعل من أوائل المحاولات لجمع السنة : ما قام به عبد العزيز بن مروان ، حيث كتب إلى كثير بن مرة وكان قد أدرك بحمص سبعين بدرياً من أصحاب رسول الله -http://forums.ozkorallah.com/images/smilies/sallah.gif- : (أن يكتب إليه بما سمع من أصحاب رسول الله - http://forums.ozkorallah.com/images/smilies/sallah.gif - من أحاديثهم ، إلا حديث أبي هريرة ، فإنّه عندنا)[21] . ولما جاء بعده ابنه عمر بن عبد العزيز حرص على جمع السنة ، وسلك في ذلك طريقين : الأول : كتب إلى أبي بكر ابن حزم : (انظر ما كان من حديث رسول الله - http://forums.ozkorallah.com/images/smilies/sallah.gif- فاكتبه ، فإني خفت دروس العلم وذهاب العلماء ، ولا تقبل إلا حديث النبي) [22] . الثاني : أمر الزهري بجمع السنة ، حيث قال الزهري : (أمرنا عمر بن عبد العزيز بجمع السنن ، فكتبناها دفتراً دفتراً ، فبعث إلى كل أرض له عليها سلطان دفتراً) [23] . ولهذا قال الترمذي : (هو واضع علم الحديث بأمر عمر بن عبد العزيز ، مخافة ضياعه بضياع أهله) [24] . المرحلة الثانية : تدوين السنة في منتصف القرن الثاني : قال الذهبي : (لم ينتصف القرن الثاني حتى نشطت حركة تدوين الحديث ، وكان من سبق إليها من رجال هذا القرن : ابن جريج المكي ، وابن إسحاق ،ومعمر ابن راشد ، وسعيد بن أبي عروبة ، وربيع بن صبيح ، وسفيان الثوري ،ومالك بن أنس ، والليث بن سعد ، وابن المبارك ، ثم تتابع الناس ) [25] . وقال ابن حجر : (ثم حدث في أواخر عصر التابعين تدوين الآثار ، وتبويب الأخبار لمّا انتشر العلماء في الأمصار ، وكثر الابتداع من الخوارج والروافض ومنكري الأقدار) [26] . المرحلة الثالثة : تصنيف السنّة في القرن الثالث : في بدايات القرن الثالث أخذ التصنيف دوراً جديداً ، فظهرت المصنفات : كمصنف عبد الرزاق [ت211هـ] وابن أبي شيبة [235هـ] ، والمسانيد : كمسانيد الحميدي [ت219هـ] ، وأحمد [ت241هـ] ، والدارمي [ت هـ] ، والجوامع : كجامع البخاري [ت 256هـ] ، وجامع مسلم [ت261هـ] ، وجامع الترمذي [ت279هـ] ، والسنن : كسنن أبي داود [ت 275هـ] ، وابن ماجه [ت 273هـ] ، والنسائي [ت303 هـ] . وبهذا نتبين أن أئمة السنة بذلوا جهداً عظيماً في جمع السنة وتبويبها ، وتركوا لنا تراثاً غزيراً في عشرات المصنفات والدواوين ، حتى أصبحت هذه الأمة تمتلك بحق أغنى تراث عرفته البشرية ، فاللهم لك الحمد والمنة على هذه النعمة العظيمة . ============= يتبـــــــــــع : |
3- علم الإسناد : لمّا ظهرت الفتن في أواخر الخلافة الراشدة ، بدأ الأئمة في البحث عن الأسانيد ، والنظر في مصادر الروايات ، حتى لا يدخل في هذا العلم من ليس من أهله ، قال ابن سيرين : (لم يكونوا يسألون عن الإسناد ، فلما وقعت الفتنة قالوا : (سموا لنا رجالكم ، فينظر إلى أهل السنة فيؤخذ حديثهم ، وينظر إلى أهل البدع ولا يؤخذ حديثهم) [27] . والإسناد خصّيصة من خصائص هذه الأمة ، تروى به الأحاديث ، وتعرف به الطرق ، ولهذا تتابع اهتمام الأئمة بالأسانيد ، وأصبح الحديث بلا إسناد لا قيمة له ، ولهذا قال عبد الله بن المبارك : (الإسناد من الدين ، ولولا الإسناد لقال من شاء ما شاء) [28] . وقال ابن حبان : (ولو لم يكن الإسناد وطلب هذه الطائفة له ، لظهر في هذه الأمة من تبديل الدين ما ظهر في سائر الأمم ؛ وذاك أنه لم تكن أمة لنبي -http://forums.ozkorallah.com/images/smilies/sallah.gif- قط حفظت عليه الدين عن التبديل ما حفظت هذه الأمة ، حتى لا يتهيأ أن يزاد في سنة من سنن رسول الله -http://forums.ozkorallah.com/images/smilies/sallah.gif- ألف ولا واو ، كما لا يتهيأ زيادة مثله في القرآن . فحفظت هذه الطائفة السنن على المسلمين ، وكثرت عنايتهم بأمر الدين ، ولولاهم لقال من شاء بما شاء) [29] . 4- التفتيش في الأسانيد ومنازل الرواة : كان من ثمرات علم الإسناد : اهتمام العلماء في وقت مبكر جداً بدراسة أحوال الرواة ومراتبهم ، من حيث العدالة والضبط ، ومن حيث صحة طرق التحمل والأداء ، من حيث تواريخهم وأشياخهم وتلاميذهم .... ونحو ذلك ، وسمي هذا العلم فيما بعد بـ : (علم الجرح والتعديل) . وعلم الجرح والتعديل من العلوم الجليلة التي كانت سبباً رئيساً من أسباب حفظ الدين ، والذبّ عن سنة سيد المرسلين ، ولهذا قال ابن خلاد ليحيى القطان : (أما تخشى أن يكون هؤلاء الذين تركت حديثهم خصماءك عند الله يوم القيامة ؟ ! قال يحيى : لأن يكونوا خصماء لي أحب إليّ من أن خصمي المصطفى إذ لم أذبّ عن حديثه وشريعته) . وقد اعتنى أئمة الحديث بعلم الرجال عناية فائقة ، حتى عده ابن المديني : (نصف علم الحديث) [30] . ولهذا صنفت مصنفات خاصة في هذا العلم ، ورتب فيه الرواة من حيث القوة والضعف ، وبين فيه الذي تقبل روايته من الذي ترد ، ولهذا اشترط الأئمة في الناقد المتكلم في الرجال جرحاً وتعديلاً أن يكون بصيراً بأحوال الرجال ، واسع الاطلاع على الأخبار ، خبيراً بالحديث وعلله ، ويجب أن يتحلى بالأمانة والورع ، وبالفطنة والنباهة ، عنده ملكة نقدية راسخة تعينه على تفهم دقائق العلل وخفايا المسائل . 5- إرساء قواعد الرواية وأصولها : لَمّا توسعت الرواية ، وكثر النّقَلَة ، اهتم علماء الحديث بتقعيد قواعد الرواية ، وبيّنوا أصولها و ضوابطها بياناً تفصيلياً ، وسمي هذا العلم فيما بعد ب : (علم مصطلح الحديث) ، وكان من أوائل من كتب فيه : الإمام الشافعي في أجزاء متفرقة من كتبه ، وخاصة كتابه الرسالة ، ثم تلميذه عبد الله الحميدي ، ثم كتب الإمام مسلم شيئاً من قوانين الرواية في مقدمة صحيحه ، وكتابه التمييز ، وكذلك الترمذي في العلل الصغير . وفي منتصف القرن الرابع ألف الرامهرمزي كتابه الجليل : (المحدث الفاصل بين الراوي والواعي) . ثم تتابعت المؤلفات ، وكثرت المصنفات من المطولات والمختصرات . ومن أشهر قواعد الرواية التي سأشير إليها في هذه المقالة : أنّ أئمة الحديث وضعوا شروطاً خمسة للرواية الصحيحة التي يعتمد عليها ، وهي على سبيل الاختصار : الشرط الأول : اتصال الإسناد ، وسلامته من الانقطاع . فكلّ راوٍ لا بد أن يكون قد سمعه ممّن هو فوقه إلى رسول الله http://forums.ozkorallah.com/images/smilies/sallah.gif ويعرف الاتصال عادة بمعرفة تواريخ الرواة ، ومواليدهم ، ووفياتهم ، ورحلاتهم ، وأسماء شيوخهم وتلاميذهم ، ومتى وأين وكيف تم تتلمذهم على بعضهم . وهكذا ، ولهذا قال سفيان الثوري : (لما استعمل الرواة الكذب استعملنا لهم التاريخ) [31] . ومراجعة كتب الجرح والتعديل وتواريخ الرجال والبلدان ، تبين الجهد العظيم الذي بذله الأئمة في تسجيل كل شاردة وواردة في وتواريخ الرجال وسيرهم . الشرط الثاني : عدالة الرواة في جميع طبقات السند . ويعرف المحدثون العدالة بأنها : (ملكة تحمل صاحبها على ملازمة التقوى والمروءة) [32] . والعدل هو : كل مسلم مميّز سليم من أسباب الفسق وخوارم المروءة . ولهذا قال عبد الله بن المبارك : (العدل من كان فيه خمس خصال : يشهد الجماعة ، ولا يشرب هذا الشراب (أي : النبيذ) ، ولا تكون في دينه خربة ، ولا يكذب ، ولا يكون في عقله شيء) [33] . الشرط الثالث : ضبط الرواة في جميع الطبقات : والراوي الضابط : هو الذي يكون متيقظاً غير مغفّل ، حافظاً إن حدّث من حفظه ، ضابطاً لكتابه من التبديل والتغيير إن حدث من كتابه ، عالماً بمداخل المعنى إن روى بالمعنى [34] . ويعرف الراوي بدراسة مروياته ، وعرضها على مرويات الآخرين . ولهذا اهتم الأئمة بتتبع الطرق وجمعها ، ودراسة أحوال الرواة في أزمان مختلفة من أعمارهم ، لمعرفة التغيرات التي قد تطرأ على محفوظاتهم ، وبذلوا في ذلك جهداً عظيماً ، حتى إنهم لذمتهم وشديد عنايتهم يميزون الخطأ اليسير النادر في أحاديث الثقات ، ويعرفون الصحيح النادر في أحاديث الضعفاء . وكان بعض النقاد يمتحن الرواة ويتأكد من محفوظاتهم ، فها هو ذا حماد بن سلمة يقول : (كنت أقلب على ثابت البناني حديثه وكانوا يقولون : القُصّاص لا يحفظون ، وكنت أقول لحديث أنس : كيف حدثك عبد الرحمن بن أبي ليلى ؟ فيقول : لا ، إنما حدثناه أنس ، وأقول لحديث عبد الرحمن بن أبي ليلى : كيف حدثك أنس ؟ فيقول : لا إنما حدثناه عبد الرحمن بن أبي ليلى) ولهذا كان حماد يقول : (قلبت أحاديث على ثابت البناني فلم تنقلب ، وقلبت على أبان بن أبي عياش فانقلبت) [35] . الشرط الرابع : سلامة الرواية من العلة : والعلة : هي سبب غامض خفي قادح في صحة الحديث مع ظهور السلامة منه . ومعرفة الحديث المعل من أدق علوم الحديث وأغمضها ، ولهذا لا يستطيع تمييز العلل إلا الأئمة الجهابذة ، وذلك بجمع الطرق ، وتتبع مخارجها ، وعرضها على بعضها ، واستقراء أحوال الرواة ، وسبر متون الحديث ، ثم تطبيق المعايير النقدية التي وضعها المحدثون . الشرط الخامس : سلامة الرواية من الشذوذ : والشذوذ هو : التفرّد ، والحديث الشاذ هو : ما رواه المقبول مخالفاً من هو أوْلى منه ، لكثرة عدد أو زيادة حفظ . ومعرفة الحديث الشاذ من العلوم الدقيقة جداً ، حتى قال ابن حجر : (وهو أدق من المعلل بكثير فلا يتمكن من الحكم به إلا من مارس الفن غاية الممارسة ، وكان في الذروة من الفهم الثاقب ورسوخ القدم في الصناعة ، ورزقه الله نهاية الملكة) [36] . وتحت كل شرط من هذه الشروط الخمسة توجد تفاصيل وتفريعات كثيرة تراجع في مظانها ، وإنما المقصود الإشارة إلى دقة المحدثين في تمييز المرويات ، وحرصهم على بيان منازل الرواة . وكانت نتيجة ذلك أنهم أصبحوا حصوناً واقية ، ودروعاً حامية ، لا يستطيع عابث أو جاهل أو مفرط أن يُدخِل في سنة النبي - http://forums.ozkorallah.com/images/smilies/sallah.gif- ما ليس منها ، ولهذا قال الإمام الثوري : (لو همّ رجل أن يكذب في الحديث ، وهو في بيت في جوف بيت لأظهر الله عليه) [37] وها هو ذا إسحاق بن راهويه يقول : (أحفظ أربعة آلاف حديث مزوّرة . فقيل له : ما معنى حفظ المزوّرة ؟ ! قال : إذا مرّ بي منها حديث في الأحاديث الصحيحة فليتُهُ منها فَلْياً) [38] . =========================== (1) الكفاية : للخطيب البغدادي . (2) تاريخ بغداد : (4/419) وطبقات الحنابلة : (1/6) . (3) سير أعلام النبلاء : (11/373) . (4) تهذيب تاريخ ابن عساكر : (2/216) وتدريب الرواي : (1/51) . (5) شرح علل الترمذي : (ص 175) . (6) سير أعلام النبلاء : (10/618) وطبقات الشافعية الكبرى : (2/140) . (7) الكفاية : (ص212) . (8) المرجع السابق : (ص 213) . (9) تذكرة الحفاظ : (1/111) . (10) المرجع السابق : (1/111) والإلماع للقاضي عياض : (ص243) . (11) سير أعلام النبلاء : (5/276 277) . (12) الطبقات الكبرى : (7/229) والتاريخ الكبير : (7/182) . (13) تذكرة الحفاظ : (1/123) . (14) تقدمة الجرح والتعديل : (ص : 295) . (15) شرح علل الترمذي : (ص182) . (16) سير أعلام النبلاء : (11/123) وتهذيب : (6/3) . (17) تاريخ بغداد : (10/66) . (18) سير أعلام النبلاء : (11/123) . (19) تاريخ بغداد : (2/7) وطبقات الشافعية : (2/216) . (20) انظر القصة في تاريخ بغداد : (2/15 16) ووفيات الأعيان : (4/ 190) وغيرها . (21) الطبقات الكبرى : (7/448) . (22) أخرجه البخاري تعليقاً مجزوماً به : (1/194) . (23) جامع بيان العلم وفضله لابن عبد البر . (24) مختصر الشمائل المحمدية : (ص125) . (25) تذكرة الحفاظ : (1/229) . (26) هدي الساري مقدمة فتح الباري : (6) . (27) مسلم في مقدمة صحيحه : (1/15) . (28) المرجع السابق . (29) كتاب المجروحين : (1/25) . (30) تهذيب الكمال : (1/165) . (31) مقدمة ابن الصلاح : (ص 282) . (32) نزهة النظر : (ص29) . (33) الكفاية : (ص 79) والخَرَبَة هي : العيب ، كما في النهاية في غريب الحديث : (2/78) . (34) مقدمة ابن الصلاح : (ص94) . (35) الجامع لأخلاق الراوي : (1/135 136) ، وانظر قصة امتحان يحيى بن معين للفضل بن دكين للتأكد من حفظه ، حيث أثقل عليه يحيى ، حتى رفسه فرمى به ، فقال يحيى : (والله لرفسته أحب إلّيّ من سفرتي) سير أعلام النبلاء : (10/ 148 149) . (36) توضيح الأفكار : (1/379) . (37) سير أعلام النبلاء (7 /248) . (38) تاريخ بغداد : (6/352) . ========================= تم بحمــــــد الله .... منقـــــــــــــــول للإفــــــــــــــادة .... من مقالات الأستاذ : أحمد بن عبد الرحمن الصويان جزاه الله خيرا ً نفعنا الله وإياكم بما جاء فيه والله المستعــــــــــــــان |
موضوع رائع جزاكي الله خيرا |
اقتباس:
وجزاكي مثله وشكرا الكترا على مرورك الكريم |
بارك الله فيك و فيه
جعل ما قدمتم فى ميزان حسناتكم مشكورة |
ما شاء الله
بارك الله فيكي وجزاكي كل الخير ونتابع معكي بإذن الله والرجاء تثبيت الموضوع لأهميته |
إن كان تابع أحمد متوهبا****************فأنا المقر بأنني وهابي
أنفي الشريك عن الإله فليس لي************رب سوى المتفرد الوهاب لا قبة ترجى ولا وثن ولا*************قبر له سبب من الأسباب كلا ولاحجر ولا شجر ولا***********عين ولانصب من الأنصاب أيضا ولست معلقا لتميمة************أو حلقة، أو ودعة أو ناب لرجاء نفع أو لدفع بلية***************الله ينفعني ويدفع ما بي والابتداع وكل أمر محدث***********في الدين ينكره أولو الألباب أرجو بأني لا أقاربه ولا***********أرضاه دينا وهو غير صواب وأعوذ من الجهمية عنها عتت************بخلاف كل موؤل مرتاب والاستواء فإن حسبي قدرة*************فيه مقال السادة الأنجاب الشافعي ومالك وأبي حنيـ*********ـفة وابن حنبل التقي الأواب وبعصرنا من جاء معتقدا به*************صاحوا عليه مجسم وهابي جاء الحديث بغربة الإسلام فلـ**********ـيبك المحب لغربة الأحباب فالله يحمينا ويحفظ ديننا*************من شر كل معاند سباب ويؤيد الدين الحنيف بعصبة**************متمسكين بسنة وكتاب لا يأخذون برأيهم وقياسهم***********ولهم إلى الوحيين خير مآب قد أخبر المختار عنهم أنهم**********غرباء بين الأهل والأصحاب سلكوا طريق السالكين إلى الهدى********ومشوا على منها جهم بصواب من أجل ذا أهل الغلو تنافروا***********عنهم فقلنا ليس ذا بعجاب نفر الذين دعاهم خير الورى*************إذ لقبوه بساحر كذاب مع علمهم بأمانة وديانة فيه************ومكرمة وصدق جواب صلى عليه الله ما هب الصبا********وعلى جميع الآل والأصحاب |
اقتباس:
شكرا على المرور الكريم :) |
اقتباس:
وان شاء الله يتثبت ده أمل كبير http://www.thanwya.com/vb/life/icons/icon114.gif |
تم بحمد الله تعالي تثبيت الموضوع وهو مفتوح لكل اللإخوة والأخوات للمشاركة في هذا الموضوع لبيان فضل الصحابة الكرام |
اقتباس:
وجزاك الله خيرا على التثبيت |
اقتباس:
لا داعي أبداً للشكر هذا حق مثل هذه المواضيع علينا ولكن يجب تنشيطة ببيان فضل الصحابة والسلف حتي يستمر الموضوع مثبتاً ولتعم الفائدة |
جزاكِ الله خيرا
لسة مكملتهوش بس هكمله باذن الله بارك الله فيكِ |
اقتباس:
وجزاك الله خيرا |
جميع الأوقات بتوقيت GMT +2. الساعة الآن 11:24 AM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.